Professional Documents
Culture Documents
ــــــــــــــــــــــــــــــــ :الغش لغة غش ( بالفتح ) صـــــدره غشا ( بالكسر ) انطوى على الحقد
والضغينة وصاحبه غشا زين له غير المصلحة وأظهر له غير ما يضمر والغشش المشرب
الكدر ،والمغشوش غير الخالص يقال لبن مغشوش وذهب مغشوش ــ انظر المعجم الوسيط
فالغش كما يبين تزين لغير المصلحة ،وإظهار لغير المضمر ،وعدم نقاء الشيء وخلوصه ،
فهو في االصطالح قريب من هذا المعني حتى أن شراح القانون المدني يعرفون الغش والخداع
المدني بأنه كل حيلة أو مناورة كالمية يقصد منها فاعليها التأثير على شخص آخر وإيهامه بأن
ما يعرضه عليه من مال أو بضاعة هو في غاية الجودة واإلتقان ــ انظر كتاب النظرية العامة
و من هنا يمكننا أن نخلص إلى أن الغش هو إيهام الغير بغير الحقيقة للتأثير على ركن الرضى
لديه وحمله على التعاقد باستخدام أساليب احتيالية مختلفة ـــ وألن الغش مفسد للرضا ولما تحمله
بعض أنواع الغش من مضار تلحق بالمصلحة العامة فإن المشرع وإن لم يجرم جميع أنواع
الغش تاركا ألصحاب المصلحة أن يلجئوا إلى القضاء المدني إلبطال العقود التي عقودها بناء
على غش أو تدليس أوقعهم فيهم الطرف الثاني من العقد فإنه قد جرم بعض أنواع الغش مراعاة
للمصلحة العامة وإضفاء حماية أكبر على المصالح الخاصة كما فعل في جريمة النصب التي ال
تخرج عن كونها استحواذ على مال الغير بطريق الخداع ـــ وهكذا فعل فيما يتصل بحماية
المستهلك في بعض أصناف البضائع الضرورية لإلنسان كالطعام والدواء
كما اتخذ المشرع بعض اإلجراءات االحترازية حماية للمستهلك فنظم االتجار ببعض السلع
كاألغذية وحضر تداول الغير صالحة لالستهالك اآلدمي أو كانت مغشوشة أو غير مطابقة
للمواصفات المقررة ( المادة 7من القانون الصحي ) وكان الدواء من بين السلع التي لقيت عناية
خاصة من المشرع بحيث جعل لوزارة الصحة حق اإلشراف على تداول األدوية ومزاولة المهن
الطبية والمهن المرتبطة بها إذ نص في
تشرف وزارة الصحة على الصحة العامة ،والصحة الوقائية ،والطب العالجي ،والمؤسسات
العالجية ،والمنشآت الصيدلية ،وتراقب تداول األدوية ،ومزاولة المهن الطبية والمهن المرتبطة
بها.
كما اشترط لتداول أي دواء واستيراده إال بعد الموافقة من وزارة الصحة وفقا لما هو مبين بنص
المادة 100من القانون الصحي التي تقضي بأنه { ال يسمح باستيراد أو دخول النباتات أو
المتحصالت الطبية أو المواد الدوائية وال باإلفراج عنها إال بعد موافقة وزارة الصحة وبشرط
واشتراط تداولها في بلد المنشأ هي زيادة في االحتراز وضمان جودتها وعدم انطوائها على
مخاطر قد ال يكون في مقدور معامل التحليل بليبيا أن تكتشفها.
وزيادة في االحتياط فقد اشترط لتداول الدواء أو أي مستحضر إقراره من قبل لجنة متخصصة
في الطب والصيدلة مانعا من حصول أي تعديل في محتوى المنتج بعد تسجيله إال بموافقة
الوزارة ـــ وهذا من باب سد الذرائع وقفل الباب أمام أي تالعب في المنتج مستقبال لضمان أن
يصل إلى المستهلك بالجودة والنوعية التي أعلن عنها وقت تسجيله كما هو مبين بنص المادة
102من القانون الصحي
كما أعطى بموجب نص المادة 103من نفس القانون الحق في حظر استيراد أو تداول أي
مستحضر طبي يرى أنه ضار بالصحة ويلغى في هذه الحالة تسجيله وتعدم الكميات الموجودة
منه
بحيث جعل ضرورة قيدها في سجالت وزارة الصحة أمرا أوليا إذ ال يجوز استيرادها إال إذا
كانت مسجلة كما قرر ضرورة فحصها من لجنة مختصة قبل القيد وأعطى الحق في حظر
استيرادها وشطبها من السجل إذا تبين أنها ضارة أو لها انعكاسات سلبية قوية متخذا من شرط
تداول الدواء في البلد المنتج كؤشر أولي على جودته وصالحيته
بعد هذا كله قرر المشرع العقاب على مخالفة هذه القواعد من خالل نصوص منها نص المادة
9 * 8 / 138حيث نصت على أن { يعاقب بالحبس مدة ال تزيد على ثالثة أشهر وبغرامة ال
العقوبتين. هاتين بإحدى أو دينار مائة تجاوز
1)……………….
……………………)2
)8كل من استورد أو تداول أو أدخل نباتات أو متحصالت طبية أو مواد دوائية بالمخالفة
ألحكام المادتين ( )100و( )103من هذا القانون.
دون أن تخل هذه العقوبات بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قانون العقوبات ومن هنا تعين
أن نعود إلى قانون العقوبات لتقص النصوص والمواد التي يمكن اللجوء إليها وقت اكتشاف غش
في الدواء
ونظرا ألن الغش كلمة فضفاضة مرنة تصلح لإلطالق على الغش اليسير الذي قد يكون أثره
محدود وقد يكون متسامحا فيه وتصلح لوصف الغش الجسيم الذي من شأنه أن يؤثر تأثيرا
جسيما على الصحة والسالمة العامة لهذا فإنه يمكن مواجهة الغش الدوائي الجسيم بموجب نص
المادة 301عقوبات المعنونة باالعتداء على السالمة العامة والتي نصت على اآلتي
{مع مراعاة أحكام المواد السابقة يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات كل من عرض
للخطر سالمة وسائل النقل العـامة أو أربك المواصالت أو سبب انقطـاعها أو عرقلها أو ارتكب
فعالً ضد صيـانة المنشآت أو الوسـائل األخـرى المعدة لإلنتاج أو توزيع الطاقة الكهربائية أو
العامة. السالمة على خطر الفعل عن نجم إذا الصناعة، أو اإلنارة غاز
وتطبق العقوبة ذاتها على من قام بعمل يرمي لهدم بناء أو جزء منه أو لوقوع كارثة أخرى إذا
نجم عن الفعل خطر على السالمة العامة}
فهذا النص يمكن أن يلجأ إليه القاضي إذا تبين له أن الغش الدوائي قد وصل من الجسامة بحيث
يشكل خطرا على السالمة العامة وكان الفاعل متعمدا لذلك بقصد مباشر أو بقصد احتمالي أي
اتجهت إرادته نحو تحقيق النتيجة أو لم تتجهه ولكن كان يتوقع حدوثها ولم يبالي
وربما هذا النص العقابي هو أشد النصوص التي يمكن أن نلجأ إليه في حالة الغش الدوائي في
الظروف االعتيادية ـــ وأقصد هنا أن لظروف الحرب أو الظروف السياسة أحكامها التي يمكن
أن تطبق على جريمة الغش الدوائي في تلك الظروف كنص المادة 298عقوبات
بالنسبة لغش أو تقليد األدوية الحبس مطلقا أي الحبس من يوم إلى ثالث سنوات
حيث نص على
وتقليدها المستهلكات غش ) 307 ( مادة
يعاقب بالحبس مدة ال تزيد على سنتين كل من أفسد أو غش أو قلد مياها ً أو مواد غذائية أو
غيرها مما هو معد لالستهالك العام قبل سحبها أو توزيعها أو اإلتجار بها فصيرها خطرة على
العامة. الصحة
وتكون العقوبة الحبس إذا وقع الغش أو التقليد على مواد طبية.
كما عاقب على حيازة المواد الدوائية المقلدة او المغشوشة من خالل نص المادة 308التي
تقضي
المقلدة أو المغشوشة أو المسممة بالمواد اإلتجار ) 308 ( مادة
يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادتين 306و 307كـل من حاز للتجارة أو عرض
للبيع أو وزع لالستهـالك مياها ً أو مواد أو أشياء أخـرى كان قد سممها أو غشها أو قلدها غيره
بحيث أصبحت خطرة على الصحة العامة مع علمه بذلك وذلك إذا لم يكن شريكا ً في الجرائم
يعاقب بالحبس مدة ال تزيد على سنتين كل من حاز للتجارة أو عرض للبيع أو وزع لالستهالك
أو أعطى مـواد غذائية خطرة على الصحة العامة دون أن تكـون مقلدة أو مغشوشة مع علمه
بذلك.
وتكون العقوبة الحبس إذا كان محل الجريمة أدوية فاسدة أو معيبة.
التوصية
وبالرغم من كل هذه النصوص إال أن هذه التشريعات النافذة والمنظمة لعملية استيراد األدوية
واالتجار بها تبقى في حاجة للمراجعة والنظر في مدى كفايتها اليوم لمواجهة األساليب المتنوعة
والمتطورة للغش فقد جاءت هذه النصوص في زمن غير هذا الزمن وتعاملت مع شريحة من
الجانحين لو عاشوا بيننا اليوم ربما عددناهم من الفضالء ولهذا ينصح بمراجعة هذه النصوص
والنظر في مدى كفايتها لمواجهة الغش الدوائي من خالل لجنة من الصيادلة واألطباء والتجار
ورجال القانون ليكون في المقدور حصر أنواع وأساليب الغش وتجريمها ليكون بين أيدينا
تشريعا يضمن سالمة وصالحية األدوية المتداولة