Professional Documents
Culture Documents
كثيرا ما تستعمل كلمة –إدمان -بصورة فضفاضة للداللة على ميل الى االنغماس
ب افراط في أوج ه النش اط الممتع ة طاالدم ان على مش اهدة التلف از اال أن ه ثم ة نوع ا من
اإلدمان يدخل تحث طائلة اإلدمان المدمر على المدى الطويل رغم أن جوهر هذا اإلدمان
هو السعي وراء المتعة والبحث عن نشوة ال تستطيع الحياة العادية أن تشعرنا بها.
وتتجلى خطورة هذا اإلدمان في عدم الق درة على القيام ب أي عمل يومي بصورة
طبيعي ة من دون اس تهالك المخ در .بحيث يج د الم دمن نفس ه في حاج ة ماس ة الى تك رار
تناول المخدر مرة بعد أخرى إذ في هذا التكرار والتعود شيئ يجعل الحياة من دون تلك
الم ادة ناقص ة .وق د يحق ق الجس م اإلش باع الكام ل بش كل م ؤقت غ ير أن الط وق إلى مزي د
تعاطي المخدر سرعان ما يعاوده مما يجعل الحاجة المتزايدة إلى المخدر بكمية أكبر عائقا
يحول دون القيام بأي عمل ومؤثرا تأثيرا ضارا على طاقة الجسم وخاصة الخاليا العصبية
بالمخ واإلصابة بأعراض الفشل الكبدي نتيجة تراكم السموم بالكبد .
1
وعلى ه ذا األس اس أض حت حماي ة الم دمن تكتس ي بع دا قانوني ا عالوة على البع د
الصحي وذلك للتصدي لظاهرة اإلدمان.
وب الوقوف على بعض اإلحص ائيات ,نت بين أن هات ه الظ اهرة تف اقمت واس تفحلت
2
1الدكتور ماهر سعد "وراء كل مدمن سر" مجلة طبيبك الخاص عدد 373جانفي 2000
2كشفت دراسة حديثة أن نسبة اإلدمان على المخدرات في تونس ارتفعت ب % 70بعد الثورة فیما لوحظ أن % 30من
الفتیات في تونس يدمن المخدرات .كما أن % 60من المدمنین ھم من الفئة العمرية المتراوحة بین 13و 18عاما.
وأظهرت الدراسة المیدانیة أن 30بالمائة من فتیات تونس مدمنات على مختلف أنواع المخدرات وأن ھذه النسبة ترتفع
لدى الطالبات بالمعاھد الثانوية وبالجامعات لتبلغ 40في المائة مقابل 60في المائة لدى الذكور كما استنتجت الدراسة أن
نسبة اإلدمان لدى الشباب بصفة عامة ارتفعت بنسبة 70في المائة منذ 2011
1
كم ا إنتش رت ظ اهرة اإلدم ان إنتش ارا س ريعا خاص ة م ع ت وفر األرض ية المالئم ة
ل ذلك من ظ روف نفس ية أو إجتماعي ة أو إقتص ادية أو الرغب ة في اله روب من واق ع معين
1
وهو ما أكدته اإلختبارات والتحاليل النفسية المجراة على بعض المدمنين.
وي رى البعض أن ارتف اع ع دد المتع اطين للم واد المخ درة م رده ع دة عناص ر
موضوعية منها النقص في المتابعة األمنية خاصة لشبكات التهريب وعدم تطور المنظومة
التش ريعية المتعلق ة بالمخ درات والم واد الس مّية وع دم مالئمته ا للواق ع وذل ك رغم إع داد
مش روع تع ديل للق انون ع دد 52لس نة 1992المتعل ق بالمخ درات ال ذي لم تتم المص ادقة
عليه الى تاريخ اليوم من قبل مجلس نواب الشعب وعدم استكمال القانون المتعلق بإعادة
2
3
تنظيم المواد السمّية.
وفي المقابل ،الزال التشريع التونسي المتعلق بالمخدرات متميزا بطابعه الردعي
والزجري وخاصة في جرائم االستهالك والمسك واإلتجار بالمخدرات.
وك ان لتط ور الفك ر الق انوني الح ديث األث ر في تغي ير المف اهيم ل دى العدي د من
التشريعات في العالم في التعاطي مع ظاهرة اإلدمان حيث تغيرت نظرة التشريع والمجتمع
للمدمن معتبرين إياه مريضا يستحق الحماية والعالج قبل السعي الى حماية المجتمع منه.
وفي هذا الصدد نشير إلى بعض االتفاقيات التي كان لها األثر على توج ه المش رع
التونسي
تعددت المعاهدات واالتفاقيات المتعلقة بجرائم المخدرات والتي وقع اعتمادها فيما
بع د في إط ار االتفاقي ة الوحي دة للمخ درات لس نة 1961المبرم ة ب نيويورك في 30م ارس
1نادية بن رمضان :النظام القانوني لإلدمان على المخدرات في القانون التونسي .محاضرة ختم تمرين السنة القضائية
.2017-2016
2ملحق عدد
3عصام األحمر ،المخدرات والمواد السمّية بين القانون وفقه القضاء ،ص ،3مركز الدراسات القانونية والقضائية ،تونس
2013
2
1961وال تي أمض تها ت ونس في نفس الت اريخ وص ادقت عليه ا بالق انون ع دد 26/64
المؤرخ في 8ماي 1964وقد انصب التركيز في إطار هذه المعاهدة الدولية على ورود
أحك ام منظم ة للعالج من االدم ان من ذل ك أّن الم ادة 38منه ا تنص على أّن "ال دول
األطراف تنظر باهتمام خاص في اّتخاذ التدابير الّالزمة لتزويد مدمني المخدرات بالعالج
الط بّي والعناي ة والتأهي ل كم ا أوص ت نفس الم اّد ة بإنش اء المراف ق الكافي ة لتوف ير العالج
الناجع والفّع ال".
وج اء في الم اّد ة 200فق رة 1من اّتفاقي ة األمم المّتح دة لمكافح ة االّتج ار غ ير
المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988في الفقرة الرابعة من المادة الثالثة
أّن ه "يج وز لل دول األط راف أن تق ّر ر ب دال من العقوب ة ت دابير أخ رى مث ل التوعي ة واع ادة
التأهي ل وك ذلك عن دما يك ون المج رم م دمنا العالج والرعاي ة الّالحق ة وإ ع ادة االدم اج في
المجتمع.
وق د س محت االّتفاقي ة العربي ة لمكافح ة االّتج ار غ ير المش روع بالمخ درات
والمؤثرات العقلية والتي تم التوقيع عليها بتونس بتاريخ 5جانفي 1994وصادقت عليها
ت ونس في 3فيف ري ،1997لألط راف الموقع ة في الم ادة 3-2التنص يص على اخض اع
المدمنين والمستهلكين عموما للعالج أو التوعية أو الرعاية الّالحقة أو إعادة التأهيل وذلك
بصفة مكملة للعقوبة أو بدال لها في بعض الحاالت الخاّص ة.
ومن ه ذا المنطل ق ،وبم ا أن الق انون جع ل باألس اس لتنظيم المجتم ع والحف اظ على
توازنات ه فق د تب نى الق انون التونس ي منهج ا حمائي ا من ذ ق انون 1992إذ يعت بر أن الم دمن
مريض ولكن في نفس الوقت يعاقبه بالسجن دون الوقوف على حالة اإلدمان فكيف نعاقب
مريضا يستحق العالج؟
3
وص حية للم دمن ع بر تفعي ل آلي ات وت دابير احترازي ة وعالجي ة معت برا أن الم دمن م ريض
وأن الم ريض ض حية يس تحق العالج مت أثرا ب القوانين الدولي ة ذل ك أن ه أورد بالق انون ع دد
69-54الم ؤرخ في 26جويلي ة 1969المتعل ق بتنظيم الم واد الس مية في العن وان الس ابع
في "الكش ف عن الم دمنين ومع الجتهم" خمس ة فص ول تك رس حماي ة قانوني ة للم دمن بش رط
ثبوت ادانته جزائيا.
وقد توسع المشرع في نطاق الحماية صلب خمسة فصول وردت بالباب الرابع من
الق انون ع دد 52لس نة 1992الم ؤرخ في 18م اي 1992تحت عن وان "وقاي ة وعالج
الم دمنين على تع اطي المخ درات" ليش مل ك ذلك الم دمن ال ذي لم يق ع تتبع ه أو ثب وت إدانت ه
واإلجراءات الوقائية والحمائية المتعين اتباعها.
وق د تع ّد دت الق وانين المّتص لة باإلدم ان على المخ درات وتط ّو رت دون الوق وف
على تعريف محّد د لموضوع تدّخ لها ،مقتصرة على االشارة إليها بالنصوص القانونّية.
ومن المتج ه قب ل الخ وض في دراس تنا توض يح المفه وم اللغ وي للمص طلحات
المكون ة لعنوانه ا ح تى يتس نى لن ا التط رق إلى تحلي ل مختل ف عناص ر الموض وع وف ق
المفهوم الحقيقي لتلك المصطلحات.
اإلدمان أدمن الشيء :أدامه أدمن الشراب وغيره أدامه ولم يقلع عنه ويقال أدمن
األم ر وعلي ه واظب .أدمن على الش يء أدام فعل ه والزم ه ولم يقل ع عن ه والم دمن على
المخدرات هو المتعاطي لها على الدوام .
2
4
المخ ِّدرات :وج اء في لس ان الع رب البن منظ ور :ويع ني الخ در من الش راب أو
الدواء؛ فتور وضعف يعتري الشارب وُيقال :خدر العضو إذا استرخى فال يطيق الحركة،
وكل ما منع بصرك عن شيء وحجبه عنه ،فقد أخدره .
3
إن تعريف المخدرات يختلف باختالف النظرة إليها ،ولذلك ال يوجد تعريف موحد أو متفق
عليه للمخدرات ،تأتي كلمة مخدر -بضم الميم وفتح الخاء وتشديد الدال المكسورة -من
الخدر -بكسر الخاء وسكون الدال -وهو الستر ،فيقال المرأة خدرها أهلها بمعنى
ستروها وصانوها من الممتهن ،أي أن الخدر هو ما يستر الجهاز العصبي عن فعله
ونشاطه المعتاد.
فالحماي ة تختل ف تبع ا لطبيع ة الحق وق المحمي ة فحماي ة الم ريض تمنع ه مم ا يض ره
وذل ك بعالج ه .فالحماي ة المقص ودة في دراس تنا تتمث ل في اآللي ات المت وفرة في ق انون
المخدرات قصد حماية المدمن وذلك عبر عالجه من اإلدمان.
الى أي م دى حق ق المش رع حماي ة الم دمن على تع اطي المخ درات في الق انون
التونسي؟
5
الجزء األّو ل :تحديد نطاق الحماية القانونية للمدمن على تعاطي المخدرات
حدد المشرع األشخاص المعنيين بالحماية صلب القانون عدد 54لسنة 1969المؤرخ في
26جويلية 1969المتعلق بالمواد السمية الذي اشترط ثبوت اإلدانة لدى الشخص
المتعاطي للمخدرات المعني بالعالج .إضافة الى القانون عدد 52لسنة 1992المؤرخ في
18ماي 1992الذي تعرض الى وضعيات أخرى قبل ثبوت اإلدانة.
اشترط الفصل 18من القانون عدد 52لسنة 1992توفر شرط اإلدمان لدى الشخص 1
الذي يرغب في اتباع نظام عالج طبي للتخلص من التسمم بقطع النظر عما اذا كانت
المادة المخدرة مدرجة بالجداول (أ) أو (ب) أو (ج) المنصوص عليها بقانون 1969
1الفصل " 18يمكن لكل شخص أصبح مدمنا على تعاطي المخدرات وقبل اكتشاف األفعال المنسوبة إليه أن يتقدم مرة
واحدة بطلب كتابي مصحوب بشهادة طبية في الغرض سواء من تلقاء نفسه أو عن طريق القرين أو أحد أصوله أو فروعه
أو أطبائه إلى اللجنة المنصوص عليها بأحكام الفصل 118من القانون عدد 54لسنة 1969المؤرخ في 26جويلية 1969
المتعلق بتنظيم المواد السمية قصد إتباع نظام عالجي طبي للتخلص من التسمم".
6
وهكذا يتبين أن المشرع لم يميز بالفصل 18بين الجداول السمية الواردة بقانون
المخدرات بل اكتفى بتحقق حالة االنسمام للتمتع بالعالج ويكون بالتالي قد وسع المشرع
من مجال تطبيق الفصل 18ليشمل كافة حاالت االنسمام ويقحم أكبر عدد ممكن من
أصناف المدمنين .خالفا لما أورده الفصل 19الذي ينسحب على سبيل الحصر على
1
األشخاص الثابتة إدانتهم من أجل استهالك المخدرات المعاقب عليها بالفصل 4من نفس
القانون وهي المخدرات المدرجة بالجدول ب دون غيرها.
ونشير في هذا السياق الى أن المشرع لم يعرف حالة اإلدمان مقتصرا على وجوب تحقق
هذا الشرط للتعتع بالعالج ويكون بالتالي قد أقصى من إمكانية العالج فئة ال يستهان بها
متمثلة في األشخاص المسهلكين العرضيين والغير متعودين على تعاطي المخدرات
باعتبار أن حالتهم لم تصل الى االستفحال أي درجة اإلدمان.
ومعنى ذلك أّن االدمان بمعناه اللغوي هو المداومة أو االستمرار في تعاطي شيء
معّين أّم ا قانون ا ،فلم يع ّر ف التش ريع التونس ي االدم ان على المخ درات مثل ه مث ل الق انون
الّد ولي بل اّنه اكتفى بإدراج قائمة للمواد المخّد رة.
1الفصل "19يمكن للمحكمة المتعهدة بالقضية في صورة الحكم بإدانة المدمن على تعاطي المخدرات وفق مقتضيات
4من هذا القانون إخضاع المحكوم عليه للعالج من التسمم لفترة يحددها الطبيب المختص"... الفصل
7
وبالنسبة للمنظمة العالمية للص ّح ة فقد ع ّر فت االدمان على المخدرات سنة 1969
بأّنه حالة االفراط في استعمال األدوية .La pharmacodépendance
وال يجب الخلط بين االدمان على المخدرات واألشكال األخرى لالدمان كاالدمان
على الكحول أو االدمان على التدخين أو االشكال الحديثة لالدمان كاالدمان على االنترنت
أو األفالم السينمائية أو "ألعاب الفيديو".
1
وتج در االش ارة إلى أّن االدم ان على المخ درات يتس ّبب في انعكاس ات س لبّية على
صّح ة الفرد نفسّيا وعقلّيا وبدنّيا كما يكون للمخّد ر أثر سّي ء على المستوى الخلقي لضحاياه
كاالجرام ومن ثّم ة كانت عّل ة تحريم استهالك هذه المواد المخ ّد رة في التشريع االسالمّي
2
على أساس ما يترتب عليها من مضار تفقد االنسان القدرة على السيطرة واالّتزان وبالتالي
يتخّلف االنسان عن عبادة رّبه وتأدية فرائض االسالم.
لذلك بني حكم االسالم في تحريم المخدرات بالقياس على تحريم الخمر من حيث
ما يترتب أيضا من مضار وما تحدثه في العقل من شرود وتخدير وبالتالي اللهو عن ذكر
اهلل والقي ام بس ائر واجبات ه الديني ة والدنيوي ة الن االنس ان ه و خليف ة اهلل في األرض ق ال
تع الى " :اني جاع ل في األرض خليف ة" وب ذلك ف إن الش ريعة االس المية تح رم المخ درات
3
واالدم ان عليه ا .ولق د س بقت الش ريعة االس المية الق وانين الوض عية في ه ذا حينم ا ق ال
الرس ول الك ريم ص لى اهلل علي ه وس لم "إذا ش رب فاجل دوه ،وإ ذا ش رب فاجل دوه وإ ذا ش رب
فاجلدوه وإ ذا شرب فاقتلوه" وعّلة القتل هي االدمان.
1
- "On peut rapprocher de ces problèmes, en prenant évidemment alors le terme de drogue dans un autre sens, la
"drogue" cinématographique (outre l'effet criminogène de certains films : v. le cinéma dans l'étude des facteurs
sociaux de criminalité) ; on parle aussi, à ce sujet, d' "intoxiqués", mais sur le plan psychologique et psychique
ou neuropsychique, l'exercés de cinéma peut avoir des effets physiques, et psychologiques".
Jean Languier : Criminologie et science pénitentiaire.
-يقول علم الدين بن شكر : 2
8
ومن أجل كل ذلك حاولت التشريعات الدولية مكافحة هذه اآلفة الخطيرة خاصة
أم ام تطوره ا إذ أص بحت تنظم من ط رف مح ترفين في نط اق ش بكات وعص ابات داخلي ة
أو من ط رف منظم ات ارهابّي ة عالمي ة ،وأهم مم يزات ه ذه العص ابات التنظيم فع ادة م ا
يكون لها مركز رئيسي في دولة انتاج ومراكز فرعية في دول العبور واالستهالك ومثل
هذا الوض ع ال يقتص ر على بل د دون آخر بعد أن أص بح االنتق ال من مك ان آلخر ميسورا
كأّن ه دول ة واح دة ،وهك ذا لم تع د ت ونس بعي دة عن ه ذا الوب اء الفت اك خاص ة في الس نوات
األخيرة بمقتضى موقعها الجغرافي المفتوح على البحر األبيض المتوسط وأصبحت بذلك
تستعمل كمنطقة عبور العديد من المهربين والعصابات الدولية وقد ساعد التطور الحاصل
في ب روز ظ اهرة المخ درات به ذا الش كل إلى تس امح التش ريع التونس ي لس نة 1964م ع
المروجين وأصحاب العصابات وتسليط عقاب بسيط ال يزيد عن خمس سنوات سجنا كحد
أقص ى في ص ورة ادانتهم من أج ل ارتك ابهم لج رائم خط يرة كم ا ح دا ب األمم المتح دة إلى
اطالق ص يحة ف زع في ه ذا المج ال نتيج ة للتقري ر الس نوي المق دم له ا من ط رف المنظم ة
العالمي ة للص حة س نة 1987وال ذي تض من تزاي د ع دد الم دمنين على اس تهالك المخ درات
بكيفي ة ت دعو إلى الخ وف والهل ع األم ر ال ذي دع ا الهي أة األممي ة إلى عق د اجتماع ات
ومؤتمرات إقليمية وعالمية لهدف مقاومة استعمال المواد المخدرة واالتجار فيها ون ذكر في
ه ذا االط ار معاه دة "اله اي" من ذ س نة 1912المعروف ة باالتفاقي ة العالمي ة ح ول "االفي ون"
والتي أدت إلى إنشاء المجلس االستشاري من قبل عصبة األمم المّتحدة فيما يتعلق باألفيون
وذل ك س نة 1920بع د ذل ك أمض يت معاه دة ج نيف س نة 1931ألج ل وض ع ح د لص نع
وترويج المخدرات ولقد أّد ى ذلك إلى اعتماد نظام مراقبة مجرمي المخدرات .
أّم ا بالنس بة للق انون التونس ّي ،فلق د ك ان االهتم ام بمس ألة العالج من االدم ان على
المخ درات ح ديث نس بّيا ،ذل ك أّن حديث ه عن العالج من االدم ان ك ان بمناس بة النظ ر في
الق انون ع دد 54/69الم ؤرخ في 26جويلي ة 1969والمتعل ق بتنظيم الم واد الس مية غ ير
9
أن حديث ه عن العالج من االدم ان لم يش مل اّال حال ة من ثبتت ادانت ه دون الح ديث عن
العالج بدون ادانة وهو األمر الذي رّك ز عليه القانون عدد 52/92المؤّر خ في 18ماي
1992المتعلق بالمخدرات والذي خص الباب الرابع تحت عنوان "وقاية وعالج المدمنين
على تعاطي المخدرات".
يكتس ي موض وع النظ ام الق انوني لإلدم ان على المخ درات في ت ونس أهمي ة بالغ ة
سواء نظريا أو تطبيقيا وخاصة في هذا التوقيت بالذات وخاصة بالنظر إلى عرض وزارة
الع دل لمش روع ق انون يتعل ق الوقاي ة من المخ درات وعالج مس تهلكيها وزج ر المتعل ق
بالمخ درات وذل ك بإلغ اء الق انون إلى تح وير التش ريع المتعل ق بالمخ درات وذل ك بإلغ اء
القانون عدد 52لسنة 1992المؤرخ في 18ماي 1992المتعلق بالمخدرات وتعويضه
بق انون جدي د وق د اث ار مش روع الق انون ج دال واس عا في ص فوف ال رأي لع ام والحقوق يين
ف رغم تأبي د البعض تغي ير وتع ويض الص بغة الزجري ة والعقوب ة وإ عتم اد مقارب ة إجتماعي ة
ونفسية برزت إنتقادات عديدة منها إتهامه بأنه مقصر ومنها أنه يفتح األبواب على مزيد
اإلستهالك.
اّن دراس ة موض وع االدم ان على المخ درات يجرن ا إلى البحث عن التس اؤل
التالي :
اّن االجاب ة عن ه ذا التس اؤل تف رض أّو ال وقب ل ك ّل ش يء التع ّر ض إلى محت وى
نظ ام الق انوني لإلدم ان على المخ درات في ت ونس (الج زء األول) ثم الم رور إلى بي ان
محدودّية هذا النظام والحلول الممكنة (الجزء الثاني).
10
المدمن:
أم ام فداح ة المض اعفات الص حية ال تي تنتج عن اإلدم ان على المخ درات ي برز
الخيار الوقائي كضرورة حتمية لمشكل اإلدمان وقد إختلفت المقاربات والنظريات المتعلقة
بالمعالج ة القانوني ة لظ اهرة اإلدم ان على المخ درات خاص ة م ع تأك د عالق ة ه ذه الظ اهرة
بعالم الجريمة وكذلك عالقة اإلدمان بإنتشار عديد األمراض خاصة األمراض السارية مما
دف ع ببعض البل دان خاص ة منه ا فرنس ا إلى تغي ير سياس تها الص حية وإ تخ ذت إج راءين
ه امين في نهاي ة الثمانين ات من ذل ك أنه ا وبع د ف ترة طويل ة من المن ع أص بحت عملي ة بي ع
الحقن مح ررة وق د إلتج أ المش رع الفرنس ي إلى عملي ة تق نين بي ع الحقن بع د أن أك دت
الدراس ات إق تران ظ اهرة اإلدم ان على المخ درات بوب اء الس يدا نظ را لتش ارك م دمني
المخدرات في الحقن.
لقد ظهر إختالف فقهي كبير بين نظريات متعددة في خصوص األساليب والطرق
الواجب انتهاجها لمكافحة ظاهرة إستهالك المخدرات واإلدمان عليها وبالت الي القض اء على
اإلتج ار غ ير المش روع فيه ا ففي حين ظه ر إتج اه ين ادي بض رورة المن ع الب ات الس تهالك
المخ درات قابل ه ش ق آخ ر ينتق د ه ذا التحج ير وي دعو إلى ع دم تق نين ه ذا المج ال وي ترك
لإلنسان الحرية في إستهالك المخدر من عدمه وبين هذين اإلتجاهين المتعارضين ظهرت
نظرية التوزيع المراقب للمخدرات.
يؤس س أص حاب نظري ة من ع إس تعمال الم واد المخ درة مب دأهم على أس اس من ع
ع رض المخ درات بتحج ير تواج دها الكلي والمطل ق نظ را لع دة إعتب ارات أخالقي ة ،ديني ة،
صحية وإ جتماعية ويناصر هذا التيار الفكري M. Nahasبفرنسا ويعتبر أن اإلدم ان على
11
المخدرات هو بمثابة الطاعون الذي ينتشر بطريقة وبائية بين مدمنيها لذلك يجب القضاء
علي ه في المه د لكن القت ه ذه النظري ة نق دا نظ را لمخلفاته ا الس يئة والض ارة ومن أهمه ا
إحداث إحتكار إجرامي لتوزيع المخدرات وإ رتفاع ملحوظ لإلجرام واإلنحراف وكذلك آثار
سيئة على سير القضاء واألجهزة األمنية التابعة له وآثار على الميدان الصحي ومن نتائج
المنع ارتفاع مخاطر المخدرات وتوجيه اإلستهالك نحو المخدرات الثقيلة وكذلك تهميش
مدمني المخدرات الذي يقودهم نحو ممارسات صحية كارثية كتبادل الحقن ال ذي يؤدي إلى
انتش ار األمراض الس ارية .وأم ام ه ذه اإلنتق ادات ظهرت أنظمة أكثر تحررا للتخفي ف من
ش دة نظ ام المن ع بإعتم اد نظ ام تح رري ليب يرالي يرتك ز على فك رة أن لإلنس ان الح ق في
البحث عن س عادته بكاف ة الط رق وتحدي د بالوس ائل المص طنعة ال تي يح دثها اس تهالك
المخدرات وينطلق من مبدأ أن الكائن البشري مستقل وأن تجريم مستهلكي المخدرات يمثل
خطرا للحريات ومخالف لمبدأ حق كل إنسان في جسده و الحق في حماية حياته الخاصة
عالم النفس الكاليفورني وهو ممثل المذهب 1
ومن أنصار هذا اإلتجاه Timothy leary
و weil et Rosenو 3
وس ازس szasy 2
البس يكيديليكي Doctrine psychotique
األس تاذ Pr. Holsmanع الم اإلج رام الهولن دي ومن أص حاب ه ذا اإلتج اه أيض ا ملت ون
فري دمان المتحص ل على ج ائزة نوب ل في اإلقتص اد وال ذي ي رى أن ه ال يمكن القض اء على
المخ درات إال إذا وق ع تش ريع بي ع ه ذه الم ادة لكن نظري ة بي ع الم ادة المخ درة القت أيض ا
4
عديد اإلنتقادات مما أدى على ظهور نظرية التوزيع المراقب أي تأطير تجارة المخدرات
وإ س تهالكها وله ذا الغ رض ف إن ثالث ة تقني ات وق ع إتخاذه ا وهي تتمث ل في تقني ة ع رض
الم واد المخ درة وتس جيل المتع اطين له ذه الم واد ومبيعاته ا وت دخل الس لط الطبي ة لمنح
وص فات تمكن ا من الحص ول على الم واد المخ درة لكن وق ع التخلي عن ه ذا النظ ام نظ را
1
Francis. Caballero : Droit de la drogue précis. Dalloz 1990n°=2 et S.p2 et5.
2
Le psychédélisme est un état de rêve éveillé provoqué par certains hallucinogènes, la traduction libre serait
« Branche-toi et laisse tout tomber ».
3
Szasy. Th « les rituels de la drogue » op.cit p 211 Paris 1976.
فتحي بورخيص ،جرائم المخدرات ،رسالة تخرج من المعهد األعلى للقضاء السنة الدراسية ،1993-1992ص .8 4
12
الرتفاع عدد مدمني المخدرات.
أما بالنسبة للقانون التونسي فإن النظام القانوني لإلدمان على المخدرات يخضع
للق انون ع دد 54/69الم ؤّر خ في 26جويلي ة 1969والمتعل ق بتنظيم الم واد الس مّية ،اّال
اّن حديثه عن العالج لم يشمل اّال حالة من ثبتت ادانته دون الحديث عن العالج دون إدانة
وفي هذا االطار يتنّز ل القانون عدد 52المؤرخ في 18ماي 1992والمتعلق بالمخدرات
والذي أورد جملة من األحكام المتعّلقة بالتدابير االحترازّية والعالجية لمكافحة آفة االدمان
على المخدرات وتوفير سبل الوقاية منها وبذلك يبرز خيار المش ّر ع التونسي في مواجهة
ظ اهرة االدم ان على المخ ّد رات من خالل اق راره الح ّل العالجي كخي ار تش ريعي ن ابع عن
اهتام دولي بهذه الظاهرة االجرامّية.
ولم يح د المش ّر ع التونس ي عن ه ذا التوّج ه الع المي اذ تبّنى على الس واء العالج
السابق للتتّبع الجزائي (الفصل األول) والعالج الّالحق للتبع الجزائي (الفصل الثاني) وهو
ب ذلك تمّك ن من النس ج على من وال الق وانين المتقّد م ة في مج ال المواجه ة الص حّية لظ اهرة
االدمان على المخدرات.
13
الفصل األول :العالج السابق للتتبع :
اش ترط المش ّر ع مجموع ة من الش روط للش خص ال ذي ي رغب في العالج التلق ائي
من االنسمام الذي يسّببه االدمان على المخدرات (الفرع األول) ورّتب مجموعة من اآلثار
كنتيجة لهذا التقدم بطلب العالج (الفرع الثاني).
اّن العالج السابق للتتبع كما تضّم نه قانون 18ماي 1992يتطلب توافر مجموعة
من الشروط تتعلق باألشخاص الذين يح ّق لهم طلب العالج (الفقرة األولى) وتحديد الهيكل
المختص بقب ول مطلب العالج (الفق رة الثاني ة) ثّم دراس ة الش روط المتعلق ة بطلب العالج
(الفقرة الثالثة).
ومن خالل هذا الفصل ،فإن المشرع اشترط في طالب العالج أن يكون مدمنا على
تعاطي الماّد ة المخّد رة ولم يمّيز في ذلك بين مختلف جداول المواد السمّية بل اّن ه يكفي ان
تتحّق ق حال ة االنس مام ،فال يهّم ان يك ون س بب ذل ك اس تهالك مخ ّد ر م درج ب اّي ج دول من
الج داول الس مّية خاّص ة و اّن ه لم ي رد م ا يفي د تخص يص مس تهلكي المخ ّد رات المدرج ة
بالجدول "ب" فقط وهذا القول يستند الي سببين:
14
-اّن ق انون 18م اي 1992لم يل غ ق انون 26جويلي ة 1969ب ل فق ط االحك ام
المخالفة له ،فكال القانونين مكّم لين لبعضهما.
-ثّم اّن المشّر ع لو اراد الّتخصيص لذكر صراحة مثلما فعل في الفصل 19حين
اعطي للمحكم ة امكانّي ة ال زام من ص در ض ّد ه حكم االدان ة من المتع اطين للم واد المخ ّد رة
بالجدول"ب" بتتّبع نظام عالجّي .
1
ومن جهة ثانية ،اقصي المشّر ع من طالب العالج ان يكون مستهلكا عرضّيا
-وهو -عكس ما ذهب إليه القانون المصري في المادة 37مكرر (أ) 1من أنه
"ال تقام ال دعوى الجنائي ة على من يتق دم للجن ة من تلق اء نفسه من متع اطي المواد المخدرة
للعالج "...و يك ون ب ذلك المش رع المص ري ق د وّس ع من دائ رة طلب العالج التلق ائي ولم
يحص ره في االدم ان فق ط ب ل مّك ن المتع اطى من فرص ة التق دم للمعالج ة ،والتع اطي ه و
استخدام أي عقار مخدر بأّي ة صورة من الصور المعروفة في مجتمع ما وذلك للحصول
على تأثير نفسي أو عضوي معين لذلك.
وق د الح ظ البعض أّن ه بإعط اء إمكاني ة العالج لكاف ة مس تعملي المخ درات أم ر
يتجافى والمنطق ضرورة أن المستهلك العرضي مثال لم تصل حالته إلى االستفحال إذ أن
مجّر د االقالع كاف لتحقيق النتيجة وال ضرورة الخضاعه للعالج من التسّم م .
2
غير أّن هذا التبرير غير وجيه فيما يتعّل ق بمنح امكانية العالج للمدمن فقط دون
المتعاطي ضرورة أّن هذا األخير (المستهلك العرضي) يحتاج هو أيض ا لعالج طبّي نفسي
واجتماعي لبحث األسباب والمسّببات التي جعلته ينغمس في دائرة تعاطي المخ درات ولع ّل
-مصطفى اليحياوي :اجراءات التتبع والمحاكمة في ماّد ة المخدرات :الملتقى الوطني حول المخّد رات ص .126 1
-أنظر مصطفى اليحياوي :النظام القانوني للعالج من االدمان على استهالك المخدرات -مجّل ة القضاء والتشريع - 2
15
عالج المستهلك العرضي واستئصاله من دائرة التعاطي منذ البداية خير من انتظار وقوع ه
في هّو ة االدمان ،كما أّن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل أن الشخص المستهلك والذي لم
يتوافر فيه شرط االدمان يجب عقابه إذا تقدم تلقائيا بطلب العالج أم أننا نعفيه ؟
أّم ا بالنس بة للتش ريع المق ارن و تحدي دا الق انون الفرنس ي ،فق د نظم مس ألة العالج
التلقائي صلب الفصل 3414-1جديد من قانون الص ّح ة العمومية (مرسوم عدد -2000
548في 5ج وان )2000ومكن الم دمن على المخ درات من امكانّي ة التق ّد م بص فة تلقائي ة
لمستوصف أو لمؤسسة استشفائية للعالج.
لكن الس ؤال ال ذي ط رح ح ول تط بيق ه ذا الفص ل وم دى ش موله للم دمن المج رم
وك ذلك للمس تهلك العرض ي -خاص ة وأن الق انون الفرنس ي يف ّر ق بين المس تهلك الع ادي
وبقية أصناف المستهلكين .
1
ل ذلك وق ع تأوي ل ه ذا الفص ل على أّن ه حص ر امكاني ة العالج التلق ائّي للمس تهلك
العادي ووقع تبرير ذلك على أّنه ال يمكن لمرّو ج المخدرات المستهلك التفصي من العقاب
ومنحه امكانية التقدم التلقائي للعالج.
وقد اعتبر الفقيه Caballeroالعالج التلقائي بكونه الطريق المثلى نح و التخلص من
االدم ان فه و تت ويج للنظ ام العالجي ال ذي منحت ه الس لطة العام ة األولوي ة على النظ ام
الردعي .
2
ومن جهة ثانية ،كان المجلس االوروبي واضحا ،اذ بّين في دراسة له حول دور
السياسة الجنائّي ة امام مشكل استهالك المخ ّد رات اّن " التاكيد يدور حول المبدا العاّم الذي
مفاده اّن كل عالج طبّي يجب ان يقترن برضى المريض وهو ينطبق بصفة خاصة علي
1
- Francis Caballero : )514 المرجع السابق (ص - 489
-نفس المرجع ص .509 2
16
تحلي ل نفس ية الم دمن ال فق ط بس بب اح ترام اخالقّي ات المهن ة و لكن ايض ا الس باب تتعل ق
بفعالّي ة العالج اذ اّن المب ادرة التلقائّي ة للمع ني ب االمر تعت بر ج ّد هاّم ة في محاول ة الفط ام
الّنفسّي .
1
ينّص الفص ل 18من ق انون المخ درات أن يق ع تق ديم المطلب إلى الّلجن ة
المنصوص عليه ا بالفصل 118من الق انون عدد 54/69المؤرخ في 26جويلية 1969
المتعل ق بتنظيم الم واد السمّية ولق د أث ارة مس ألة تحدي د اللجن ة اش كاال ذلك أّن الفص ل 118
المش ار إلي ه يتعّل ق ب المكتب الق ومي للمخ درات وال ذي تم إحداث ه بالفص ل 123من نفس
القانون وضبطت اختصاصاته وتركيبته باألمر عدد 3لسنة 1986والمنقح بموجب األمر
عدد 2151لسنة 1996المؤّر خ في 6نوفمبر 1996وهو مكلف حسب الفصل الثاني
2
-الس هر على اس تعمال المخ درات الس امة والس مية الحامل ة على االدم ان أله داف
طبي ة وعلمي ة بحت ه وعلى مراقب ة االتج ار الش رعي فيه ا خاص ة في مي دان تص نيع األدوي ة
واقتراح التوصيات الكفيلة بالحّد من االدمان.
-المش اركة في التثقي ف الص حي ب اقتراح الط رق الوقائي ة والتثقيفي ة للمجموع ات
الكفيلة بمكافحة هذه الظاهرة وذلك استنادا الى التقارير التي تبلغها له المصالح المختصة
-الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 12( 91نوفمبر )1996ص .2575 2
17
ب وزارة الص حة العمومي ة وك ذلك الس لط المكلف ة بمكافح ة االس تعمال غ ير المش روع
للمخدرات والمؤثرات العقلية.
-م ّد لجن ة االدم ان على المخ درات المنص وص عليه ا بالفص ل 119من الق انون
المش ار إلي ه أعاله عـدد 54لس نة 1969الم ؤرخ في 26جويلي ة 1969بالوث ائق
واالرشادات الموضوعة على ذمته وبكل االرشادات الخاصة بحاالت االدمان المشبوه فيها
والتي يمكن أن يتّم إعالمه بها.
أّم ا بالنس بة لتركيبت ه ،ف إن المكتب الق ومي للمخ درات حس ب فص له الث الث جدي د
يتركب من - :وزير الصحة العمومية أو من يمثله (كرئيس) أّم ا األعضاء فهم :
18
-ممثل عن وزارة التربية
-ممثل عن الوزيرة المعتمدة لدى الوزير األول المكلفة بشؤون المرأة واألسرة
-ط بيب نفس اني وأس تاذ اختصاص ي في علم الص يدلة يعينهم ا وزي ر الص حة
العمومية
وب التعمق في اختص اص المكتب الق ومي للمخ درات وفي تركيبت ه نالح ظ ع دم
امكانيت ه قب ول مط الب العالج من االدم ان ذل ك أّن ه لم يق ع التنص يص ص لب الفص ل الث اني
جديد من امكانيته قبول مثل هذه المطالب ،هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى ،فإّن تركيبة
المكتب في ح ّد ذاته ا ال تس مح ل ه فنّي ا البّت في مط الب العالج ذل ك أّن ه ال يش مل س وى
طبيب نفساني والحال أّن االدمان مرض يجمع بين الحالة النفسية والجسدّية .
1
وبالتمعن في اختصاص وتركيبة لجنة االدمان يّتضح أّنها الهيكل الذي يمكنه قبول
مط الب العالج التلق ائي -وق د أّك د ذل ك الفص ل 119من ق انون 26جويلي ة 1969ال ذي
ينص على تركيبة لجنة االدمان وهي تتألف كما يلي :
19
-مستش ار بمحكم ة االس تئناف بت ونس يعين ه ك اتب الدول ة للع دل (وزي ر الع دل)
ويضطلع بوظائف رئيس اللجنة.
ويضطلع بوظائف كاتب اللجنة موظف من المكتب القومي للمخدرات وللجنة أن
تل زم ك ل ش خص ثبت إدمان ه للمخ درات باّتب اع نظ ام عالجي قص د التخلص من التس مم
بمؤسس ة مختص ة حس ب ش روط يق ع ض بطها بق رار من وزي ر الص حة العمومي ة ،وتح دد
الّلجنة م ّد ة العالج ولها أن تحط منها أو تزيد فيها عند االقتضاء (الفصل 120من قانون
تنظيم الم واد الس مية) وتس هيال ألعم ال اللجن ة خ ّو ل له ا الفص ل 119أن تطلب االطالع
على مل ف ك ل قض ية تتعل ق بجريم ة اس تعمال المخ درات ،كم ا يم دها المكتب الق ومي
للمخدرات بالوثائق واالرشادات التي يتحصل عليها ويعلمها بجميع حاالت االدمان التي قد
تبلغ إلى علمه.
ل ذلك فبمقارن ة المه ام المنوط ة للمكتب الق ومي للمخ درات ولجن ة االدم ان ي زداد
التأكيد على أّن المقصود من الفصل 18هو لجنة االدمان المنصوص عليها بالفصل 119
وبالتالي يكون الخطأ المادي الذي تسرب كان في عدد الفصل وال في تسمية الهيكل .
1
ولم يقتص ر المش رع التونس ي على امكاني ة التق دم ب العالج على الم دمن نفس ه ب ل
قرن هذا الشرط بمجموعة من الشروط األخرى الواجب احترامها.
20
الفقرة الثالثة :شروط طلب العالج :
لم يقتصر المشرع صلب الفصل 18على امكانية التقدم بطلب العالج على المدمن
فقط بل وّس ع من دائرة الطلب إلى القرين أو األصول أو الفروع أو أطبائه وأن يكون ذلك
للمّر ة األولى بمقتضى طلب كتابي وقّي د تقديم الطلب قبل اكتشاف األفعال المنسوبة إليه.
ويس تنتج من ه ذا الفص ل أّن المش ّر ع أراد التش جيع على العالج من االدم ان وذل ك
ب أن أجاز ألّي من ال زوجين أو األص ول أو الف روع أو األطب اء أن يطلب إلى اللجن ة عالج
زوج ه أو فرع ه أو أص له أو مريض ه ال ذي ثبت ادمان ه لم واد مخ ّد رة وذل ك لص لة الق ربى
بينهم ،وهو ما ذهب إليه المشّر ع المصري صلب المادة 37مكرر "ب"( )1غير أّن ه ألزم
1
اللجنة أن تفصل في مطلب العالج بعد سماع أقوال ذوي الشأن فإذا رأت أن األمر يحتاج
إلى تحقي ق ولم ت ر من المالئم ة أن تت واله بنفس ها أو بواس طة أح د أعض ائها ك ان له ا أن
تطلب من النيابة العامة أن تقوم به ثم توافيها بأوراقه مشفوعة بمذّك رة برأيها في الطلب.
وإ ذا رأت الّلجن ة بع د ذل ك االي داع أو االل زام ب التردد وواف ق المطل وب عالج ه على ذل ك
أم رت بم ا رأت ه ،ف إن لم يواف ق تعين عليه ا أن ترف ع األم ر -عن طري ق النياب ة العام ة -
إلى محكم ة الجناي ات ال تي يق ع في دائرته ا مح ل اقام ة المطل وب عالجه لت أمر باالي داع أو
بااللزام بالترّد د إن رأت موجبا لذلك.
غ ير أن الق انون التونس ّي ،لم يلتفت إلى حال ة التق دم التلق ائي بواس طة الق رين
أو غيره بضرورة موافقة الشخص ،كما أّن ه لم يتع ّر ض عند رفضه إلى ضرورة الّلجوء
إلى النيابة العمومّية لتحقيق هذا الّر فض و دواعيه بل اّن ه قصر مسألة رفض المدمن على
العالج وامكاني ة رف ع األم ر إلى النياب ة العمومي ة ال تي تستص در إذن ا من رئيس المحكم ة
االبتدائي ة الل زام الم دمن على العالج وذل ك في حال ة إدان ة الم دمن على جريم ة اس تهالك
المخدرات دون العالج السابق الثارة الدعوى العمومية.
-انظر جرائم المخدرات في ضوء الفقه والقضاء -مصطفى مهدي هرجة سنة .1992 1
21
كما سمح نفس الفصل لألطباء المباشرين للشخص الم دمن على تع اطي المخدرات
بالتق دم بطلب العالج وق د وق ع التس اؤل عن د م داوالت مجلس الن واب عن مع نى كلم ة
1
األطباء وهل أنه من المشروط تقديم المطلب من طرف طبيب واحد أو جمع من األطباء
وإ ذا كان كذلك فكم عددهم وفي ردها على أسئلة لجنة التشريع العام والتنظيم العام لإلدارة
أج ابت الحكوم ة أن "المقص ود بعب ارة أطبائ ه ال واردة ب الفقرة األخ يرة من الفص ل الم ذكور
بص يغة الجم ع ه و أن الجم ع مقص ود بذات ه باعتب ار أن عالج الم دمن ق د يش ارك في ه عدي د
األطباء كل في اختصاص معين".
أّم ا عن شكل المطلب فال بّد أن يقع تقديمه بمقتضى مطلب كتابّي دون تقييده بأّي
ش رط ش كلي معّين ويجب أن يك ون ذل ك المطلب مص حوبا بش هادة طبّي ة لكن الق انون لم
يحدد مصدر الشهادة الطبّية سواء من طرف طبيب عام أو من طب اختصاصي أو طبيب
صحة عمومّية وبذلك فقد أراد المشرع تشجيع مدمن المخدرات على التقدم التلقائي للعالج
تسهيال له على المبادرة بالمعالجة.
كما لم يشر الفصل إلى مدى أهمية هذه الشهادة وكيفية تعامل لجنة االدمان معها
فه ل تمنح على أساس ها المتق دم للعالج موافقته ا فق ط أم أّنه ا زي ادة على الش هادة ال تي ي دلي
بها المدمن فاّنها تخضعه إلى الفحص الطبي من قبل األطباء األعضاء فيها وعندها تأخذ
قرارها بالّر فض أو بالقبول ؟
يمكن استنتاج االختيار المتروك للجنة الفصل ،119عند قراءة الفصل 122من
ق انون 26جويلي ة 1969ال ذي نّص على إمكاني ة الطعن في ق رارات اللجن ة ل دى ك اتب
الدول ة للص حة العمومي ة (وزي ر الص حة العمومي ة) ،ومن ض من قرارته ا قب ول أو رفض
طلب العالج .
2
-مداوالت مجلس النواب -عدد 31جلسة يوم الثالثاء 12واالربعاء 13ماي 1992ص .41 1
22
وإ ضافة إلى الشهادة الطبّي ة ،فقد اشترط المشرع لطالب العالج تق ديم المطلب لمرة
واحدة فقط وقبل اكتشاف األفعال المنسوبة إليه.
وقد ح ّد د المش ّر ع فرص العالج التلقائي وحصره في مرة واحدة مجاريا في ذلك
المشرع الفرنسي بالفصل 1-628من قانون الصحة العمومية الذي ينّص على :
"ال تم ارس ال دعوى العمومي ة ض د األش خاص ال ذين تقّي دوا ب العالج الط بي ال ذي
وصف لهم وتابعوه إلى نهايته".
كم ا أن ال دعوى العمومي ة ال تم ارس ض ّد األش خاص ال ذين اس تعملوا المخ درات
بص ورة غ ير ش رعية إذا ثبت أنهم خض عوا من ذ األفع ال المنس وبة إليهم لف ترة استش فاء من
االنسمام أو فترة مراقبة طبّية (.)...
إن المقتض يات ال واردة ب الفقرة الثاني ة والثالث ة ال تنطب ق إّال على الجريم ة المعاين ة
للم ّر ة األولى " ،إال أّن ه أض اف أن ه" في ص ورة الع ود يق در وكي ل الجمهوري ة م ا إذا ك ان
يّتجه أو ال يتّج ه ممارسة الدعوى العمومية" وبذلك يكون القانون الفرنسي قد أعطى سلطة
تقديرية لوكيل الجمهورية في تتبع المدمن العائد وهو تقدير يمكن بمقتضاه التأك د من حس ن
نوايا المدمن في العالج من عدمه.
أّم ا المشّر ع المصري فلم يقّيد فرص التقدم التلقائي للعالج بل ان النص ورد عاما
مطلقا غير مقيد بمرة واحدة.
وق د انتق دت لجن ة التش ريع الع ام والتنظيم الع ام لإلدارة ش ّد ة الفص ل 18الم ذكور
خاص ة وأن رغب ة المش رع واض حة في عالج الم دمنين غ ير أن ج واب الحكوم ة ك ان في
اّتجاه مدعم للرأي المتشّد د الذي تبناه المشرع وأجابت الحكومة أن " ...هذا الفصل وضع
خصيصا لتشجيع هؤالء المدمنين ومساعدتهم على التخلص من االنسمام العالق بأجسامهم
23
من ج ّر اء المخ درات وه ذه الفرص ة يجب أن ال تمنح للم دمن إال للم ّر ة األولى فق ط حس ب
مش روع الق انون باعتب ار أّن ه إذا اّتب ع العالج وتخلص من حال ة االدم ان ،علي ه أن ال يع ود
إلى تعاطي المخدرات من جديد ،أّم ا إذا سلك منهج العودة إلى تعاطي المخدرات م ّر ة ثانية
وثالث ة ثم يتق دم بمطلب إلى اللجن ة المكلف ة ب ذلك لتمنح ه فرص ة العالج من جدي د وال تث ار
ض ّد ه ال دعوى العمومي ة خاص ة إذا ش عر أّن ه مح ل مراقب ة من ط رف أع وان األمن فإّنن ا
ن دخل في حلق ة مفرغ ة من ش أنها أن تس اعد الم دمنين على الع ودة من جدي د إلى ع الم
االدمان على المخّد رات وهو عمل ال نرتضيه" .
1
بي د أّن ه ذا الت برير ورغم وجاهت ه وحرص ه على التص دي لظ اهرة اس تهالك
المخدرات فإّنه يظل منقوصا فيما يتعّل ق بالجانب العالجي ،جانبين مختلفين تمكن المشرع
الفرنس ي بمنح ه لوكي ل الجمهوري ة س لطة تقديري ة في التتب ع من عدم ه من الجم ع بينهم ا،
بحيث يق ّر ر حسب الوضعيات المطروحة إن كان المدمن قد تقدم للم ّر ة الثانية رغبة منه
في العالج أو كان يرمي من وراء ذلك االفالت من التتبعات العدلية .
2
كم ا اش ترط نفس الفص ل لط الب العالج أن يتق دم للعالج قب ل اكتش اف األفع ال
المنسوبة إليه و رّتب آثارا في صورة االمتثال ألحكامه.
اذا تقّد م المدمن على استهالك المخدرات تلقائيا بطلب العالج قبل اكتشاف األفعال
المنس وبة إلي ه ،فاّن ه يعفى من التتب ع الج زائي (الفق رة األولى) م ع ض رورة حج ز الم واد
المخّد رة (الفقرة الثانية) وقد ضمن المش ّر ع لطالب العالج التلقائي مجموعة من الضمانات
24
لنجاح العالج تتمّثل في سرّية العالج (الفقرة الثالثة) بيد أّن العالج وان كفل لطالبه الحماي ة
القانونية اّال أّن ه يبقى محدودا على أساس تحديد فرص طلب العالج (الفقرة الرابعة).
ينّص الفص ل 20من ق انون 18م اي 1992على أّن ه "ال تث ار ال دعوى العمومي ة
ض ّد من تق دم من تلق اء نفس ه أو عن طري ق الق رين أو أح د أص وله أو فروع ه أو أطبائ ه
ألّو ل م ّر ة بطلب من الّلجن ة المنص وص عليه ا بالفص ل 18للمعالج ة من االدم ان على
تع اطي المخ درات" وبالت الي ف إّن متع اطي المخ درات يعفى من التتب ع الج زائي وال تنطب ق
علي ه أحك ام الفص ل 4من ق انون م اي 1992وه و كم ا ع بر عن ه البعض ن وع من العف و
1
االجتماعي الذي تركه المشرع لمرتكبي بعض الجرائم الذين أظهروا حسن نيتهم وساعدوا
على تالفي تل ك الج رائم وق د يك ون مب دأ اس تبعاد العق اب ك ذلك رأف ة بالج اني نفس ه وس بيال
لعالجه وتقويمه.
وتتمثل الفكرة من عدم إقامة الدعوى الجنائية في هذه الحالة في تشجيع المتعاطي
للم ادة المخ درة على التق دم للعالج دون الخش ية من العق اب ،غ ير أن ه ذا االعف اء ال يشمل
إّال التتبع من أجل جنحة االستهالك فقط وال يمكن أن يتعدى غيرها من الجرائم المرتبطة
باالستهالك كالترويج أو االتجارذلك اّن ه ال يمكن تبرئة هؤالء من التهم المنسوبة اليهم.
وقد تميز فقه القضاء الفرنسي بكثير من التحرر فيما يخّص طريقة العالج بحيث
أقرت الدائرة الجنائية الفرنسية أّن العالج يمكن أن يتّم حتى بالخارج ونقضت بذلك قرارا
رفض تم تيع زوجين م دمنين من االعف اء من التتب ع ولم تبحث محكم ة التعقيب ان ك ان
-المخت ار الجل ولي اله اني ،التوجه ات الحديث ة للسياس ة العقابي ة في ت ونس مجل ة القض اء والتش ريع أكت وبر 2000ص 1
.76
25
العالج في سويس را يض اهي من حيث الض مانات ومن حيث الن وع ذل ك ال ذي يق ع
بالمستوصفات أو بالمؤسسات االستشفائية الفرنسّية .
1
وق د تس اءل البعض عن الطبيع ة القانوني ة للعالج المعفى من التتّب ع ،وق د اعت بر
ال دكتور ادوار غ الي ال ذهبي في ه ذا الص دد أّن ه " ...ال يع ني ذل ك أّن فع ل المّتهم ين درج
2
تحت أسباب االباحة ،فعمله يظل مؤثما غاية ما في األمراّن ه ال تقام الدعوى الجنائّي ة عليه
ألن دخوله المصحة يحقق هدف الشارع من تشجيع المدمنين على االقبال على العالج أّم ا
3
رؤوف عبيد فقد اعتبر أن "العالج هو نوع من األعذار المعفية من العقاب ،إذ كلها تستتبع 4
بالض رورة ع دم اقام ة ال دعوى الجنائي ة على الج اني م تى ت وافرت أرك ان الع ذر وي ترتب
عليه ا كله ا االعف اء من العق اب فحس ب ،فه و ليس من موان ع المس ؤولية الجنائي ة وال من
أس باب اباح ة الفع ل "...وق د عارض ه جزئي ا في ذل ك القاض ي مص طفى اليحي اوي في
خصوص اعتبار العالج عذرا معفّي ا من العقاب ذلك أن المسألة بالنسبة إلى العالج تثار
على مستوى التتبع ال على مستوى العقاب .
5
كما أّنه ال يمكن اعتبار العالج سببا من أسباب انقضاء الدعوى العمومية ذلك أّن
المش ّر ع حصر أسباب انقضاءها صلب الفصل 4من مجلة االجراءات الجزائية ولم يرد
من ضمنها العالج كصورة من صورها ،كما أن العالج ال يعد من موانع المسؤولية ألّنها
1
- Cass -crim du 16 octobre 1975 - B.crim n° 218 p 581.
-ادوار غالي الدهبي -جرائم المخدرات ص .150 2
-وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه لما كان الث ابت من االطالع على األوراق أن الطاعن تقدم لمكتب 3
القاهرة التابع الدارة مكافحة المخدرات لعالجه من االدمان وأحيل إلى الكشف الطبي فقرر احالته للمصحة للعالج وقيد
بسجل المدمنين باالدارة حتى خال محل في المصحة فأحيل إليها ونسب إليه احراز المخدر وقت دخوله اليها .ولما كان
الحكم لم يعن باستظهار حالة االدم ان لدى الط اعن وتقدمه من تلقاء نفسه للعالج ،وأثر ذلك على اعفائ ه من المسؤولية
في حكم الفقرة السادسة من المادة ،36مما يعيبه بالقصور بما يوجب نقضه واالحالة (نقض 10ماي .1966مجموعة
أحكام النقض ،رقم 108ص .)608
-رؤوف عبيد -شرح قانون العقوب ات التكميلي في جرائم المخدرات ،التشرد ،األسلحة والذخائر واالشتباه وتهريب 4
26
شخصية مرتبطة بشخص المّتهم وال من أسباب االباحة كالدفاع الشرعي فوجوده ال يمنع
من اث ارة ال دعوى العمومية وه و أمر يختل ف عن العالج ال ذي ان تق دم طالب ه تلقائيا وقبل
اث ارة ال دعوى العمومي ة ف إّن نتيج ة ذل ك ه و من ع تحريكه ا ،ل ذلك ال يتص ور العالج إال في
االدمان على تعاطي المخدرات فهو بذلك ذو طبيعة قانونية خاصة .
1
وإ ضافة لألثر األول المتعلق بانعدام التتبع الجزائي ،فقد رتب المشرع أثرا مرتبطا
باألثر األول يتمثل في حجز المواد المخّد رة.
من مه ام النياب ة العمومي ة خالل ف ترة العالج عمال بالفص ل 20في فقرت ه الثاني ة
من ق انون م اي 1992تلّقى االعالم بمطلب العالج من المكتب الق ومي للمخ درات ويق وم
حينئ ذ وكي ل الجمهوري ة بحج ز الم واد المخ درة "ال تي بح وزة ط الب العالج وإ حالته ا على
رئيس المحكم ة االبتدائي ة ال ذي يص در ق رارا ال يقب ل الطعن في استص فائها" وه و نفس
االج راء ال ذي أق ره المش رع الفرنس ي ص لب الفص ل 1-628من مجل ة الص حة العمومي ة
2
وهو عب ارة عن إجراء وقائي لفائدة متق دم العالج التلقائي إذ أّن ه ليس من المنطقي أن يقع
السماح له بالمعالجة والحال أّنه ال يزال يحتفظ بمواد مخدرة -ويتمثل األثر الثالث للتقدم
التلقائي للعالج في ضمان السرية.
نص الفص ل 21على أن المعلوم ات الص حية الخاص ة بالم دمنين على تع اطي
المخ درات ال ذين يتق دمون بطلب العالج من تلق اء أنفس هم إلى اللجن ة المكلف ة بمعالج ة
المدمنين على تعاطي المخدرات تعتبر من األسرار المهنية التي يمنع افشاؤها وهو نفس
-نفس المرجع ص .22 1
2
- Art 628-1 : "... Dans tous les cas prévus au présent article, la confiscation des plantes et substances saisies sera
prononcée, s'il y a lieu par ordonnance du président du tribunal de grande instance sur la réquisition du procureur
de la république".
27
التنصيص الذي نجده في المادة 37من مكرر (ج) ( )1من القانون المصري الذي ينص
على "تع ّد جمي ع البيان ات ال تي تص ل إلى علم الق ائمين بالعم ل في ش ؤون عالج الم دمنين
أو المتع اطين من األس رار ال تي يع اقب على افش ائها بالعقوب ة المق ّر رة في الم ادة 310من
قانون العقوبات".
أّم ا القانون الفرنسي فقد نّص على السرية بالفصل 1-3414من قانون الص ّح ة
العمومية الذي ينّص على :
وه و م ا يع ني أن الس رية ال تي يتمت ع به ا م دمن المخ درات ليس ت آلي ة ذل ك أنه ا
متوقفة على طلب صريح من طرف طالب العالج في التمتع بها.
وق د ح رص النص على تحدي د مج ال الس رّية ال ذي ينص ب على "المعلوم ات
الص حّية" دون غيره ا من البيان ات كتل ك المتعّلق ة بالبيان ات االجتماعي ة للم ريض وك ان من
ال واجب ان تعّم المحافظ ة على الس رية ك ل م ا يتعل ق بالموض وع تش جيعا للم دمن وص يانة
لعرضه وهو ما ذهب اليه القانون المصري الذي توّس ع في ميدان االلتزام بالسرّية وجعله
واقع ا على "جمي ع البيان ات ال تي تص ل إلى علم الق ائمين بالعم ل في ش ؤون عالج
المدمنين ."...
28
غير أّن تط ّر ق المشرع صلب الفصل 21إلى واجب محافظة الطبيب على السر
المهني ،تفرضه طبيعة مهنته بحّج ة تعّلقها بأسرار األفراد وارتباطها بحياة الناس الخاصة
وق د س بق أن رّس خ مفه وم الس ر الط بي وت وارده األطب اء عن أس اتذتهم في بداي ة األم ر ثم
تداولت ه مجّل ة واجب ات الط بيب وق د ج اء في األم ر الرئاس ي ع دد 1155لس نة 1993
المتعلق بالمجلة التونسية لواجبات الطبيب في الفصل 8منه أّنه :
"يتعّي ن على كل طبيب المحافظة على السر المهني إّال في الحاالت االستثنائية التي
ينّص عليها القانون".
الثقة ،فإن المشرع فرض جزاءا على األشخاص المسؤولين عن االخالل بواجب المحافظة
على الس ر المه ني ص لب الفص ل 21فق رة ثاني ة من ق انون م اي 1992إذ نّص على م ا
ياتى "وكل من يخالف ذلك يكون مستهدفا للعقاب المقرر بالفصل 254من المجلة الجنائية
الذي جاء فيه :
"إن األطب اء والج راحين وغ يرهم من ض باط الص حة وك ذلك الص يدليين والقواب ل
وغيرهم من األشخاص المؤتمنين على األسرار التي تودع عندهم نظرا لحالتهم أو حرفتهم
وال ذين يفش ون هات ه األس رار في غ ير الص ورة ال تي أوجب أو رخص لهم فيه ا الق انون
بالقيام بالوشاية يعاقبون بالسجن مّد ة سّتة أشهر وبخطية قدرها خمسمائة فرنك".
ويش ير ه ذا الفص ل إلى مؤاخ ذة األمن اء جزائي ا في حال ة ارتك ابهم جريم ة افش اء
السر المهني ولتحقيقها فال بّد من توافر شروط المؤاخذة.
-اسماعيل العياري :السر المهني ومسؤولية الطبيب ،مجّلة القضاء والتشريع مارس .1988 1
29
.1شروط مؤاخذة جريمة إفشاء السر المهنّي :
إذا ثبتت المس ؤولية الجنائي ة للط بيب ،اس تحق العق اب المنص وص علي ه بالفص ل
254م.ج .وتقوم هذه المسؤولية إذا توافرت أركان جريمة إفشاء السر المهني ،والمتمثلة
في ص فة من أؤتمن على الس ّر (أ) ووج ود الس ّر (ب) ثم فع ل االفش اء (ج) والقص د
الجنائي (د).
يشترط في هذه الجريمة أن يكون الس ّر قد أودع عند شخص بمقتضى صناعته
أو وظيفت ه ،وم ا ورد ص لب الفص ل 254م.ج .من تع داد لألش خاص ال ذين يق ع إئتم انهم
على أس رار غ يرهم بحكم وظ ائفهم ،انم اهو وارد على س بيل ال ذكر ال الحص ر وتعكس
1
الصيغة العامة للنص الذي عّبر بكلمة"وغيرهم" رغبة المشرع في ادراج جميع األشخاص
الذين يتدخلون في عالج مدمن المخدرات بصفة مباشرة أو غير مباشرة فهو ينطبق على
ك ل من فرض ت علي ه ص فته أو ف رض علي ه وظيف ه االحتف اظ بالس ر الواص ل لهم بص فة
سرية من مدمن المخدرات الذي وضع كامل ثقته في األشخاص الذين سيقومون بعالجه
من حالة التسمم التي يعانيها.
يجب أن يكون األمر الذي حصل إفشاؤه مّم ا يعتبر س ّر ا ويع ّد س ّر ا ك ّل أمر يكون
بطبيعته أو بالظروف المحيطة به سّر ا ولو لم يطلب كتمانه صراحة وهو يشمل بذلك كل
2
ما يشاهده الطبيب أو يسمع به أو يستنتجه أثناء ممارسته لمهنته ولكن يحصل أن يكتشف
30
الط بيب بمناس بة ممارس ته لمهنت ه لج رائم ارتكبه ا م دمن المخ درات فعال أو أن ه يح اول أن
يرتكبه ا ك أن يبلغ ه أن ه يح اول الحص ول على المخ در من ش خص م ا نظ را ألع راض
االنسحاب التي يعانيها أو أّن على ملكه أرض يقوم بزراعتها بالنباتات المخدرة أو أنه ك ان
ينتمي إلى تنظيم جماعي يتعلق نشاطه بالمخدرات فإذا أبلغ عنها أو شهد بما ش اهده فإن ه ال
يرتكب بذلك جريمة إفشاء السّر ولذلك فإّن واجب الحفاظ على السر الصناعي ليس واجبا
مطلق ا من ذل ك أن ه يج وز إفش اء الس ّر إذا اقتض ته مص لحة اجتماعي ة كمص لحة القض اء
أو أملت ه مص لحة علي ا وه و م ا أورده المش رع الفرنس ي بالفص ل 1-3414من مجّل ة 1
الصّح ة العمومّية وذلك بزوال السرية إذا تعلق األمر بأسباب أخرى غير االستهالك غير
المشروع للمخّد رات.
"Cet anonymat ne peut être levé que pour des causes autres que la répression
de l'usage illicite de stupéfiants".
لكي يتحّقق االفشاء يكفي مجّر د التلميح أو إفشاء جزء فقط من السّر إلى الغير وال
يش ترط وج ود ض رر ينتج عن االفش اء والمالح ظ أن ركن العالني ة غ ير مش روط في ه ذه
2
الجريمة إذ يقع االفشاء قانونا ولو لم يكاشف الطبيب بالسر سوى شخص واحد غير أّن ه
3
نظ را لوج ود ع ّد ة اختصاص ات يمكن أن تت داخل لعالج م رض االدم ان فإّن ه يمكن قب ول
- 2محمد صالح بن حسين :المسؤولية الطبّية في القانون التونسي ،مجلة القضاء والتشريع -مارس 1996عدد ،3
ص .18
-نجالء المصمودي المسدي :األسرار الطبية ،رسالة تخرج من المعهد األعلى للقضاء -السنة القض ائية 1990ص 1
.16
- 2مديحة سعّيد :س ّر الطبيب والمحامي المهني واالثب ات الجزائّي :مذكرة لني ل شهادة الدراس ات المعّم قة في العلوم
الجنائية -كلّية الحقوق والعلوم السياسية -تونس .1993ص .93
- 3من ير ري اض حن ا :المس ؤولّية الجنائّي ة لألطب اء والص يادلة -دار المطبوع ات الجامعي ة -االس كندرية 1989ص
.161
31
افشاء السّر من طبيب إلى آخر في اختصاص آخر قصد الوصول الى ايجاد العالج الن اجع
للمريض المدمن على المخدرات.
فحّتى وإ ن لم يكن قصد االفشاء مباشرا فإن فعل االفشاء يعد جريمة.
ال يكفي لقي ام المس ؤولية الجزائّي ة أن يص در عن الفاع ل س لوك اج رامي ب ل ال ب ّد
من توافر الّر كن المعنوي أي أن يقصد األمين إفشاء السّر .
وت ترتب المس ؤولّية الجزائّي ة بت وافر القص د الجن ائي الع ام ،وال يش ترط أن يك ون
االفشاء بنية االضرار ،إذ ال عبرة بالبواعث فيما يتعلق بهذه الجريمة.
من الواض ح أن التش ريع الج زائي التونس ي ال ي زال محافظ ا على نظرت ه للم دمن
كشخص مريض لذلك فحتى وإ ن لم يقع تقّد مه للعالج بصفة تلقائية ،فإّنه تبقى امكانية تلّقي ه
لعالج اجباري ممكنة وذلك في صورة تتبعه عدليا مسايرا في ذلك السياسات الحديثة في
األخ ذ بي د الم ورط في المخ درات باخض اعه للعالج وترغيب ه في الخ روج من أزم ة
االدمان .
1
32
منح الفص ل 19من ق انون م اي 1992للمحكم ة في ص ورة الحكم بإدان ة الم دمن
على تعاطي المخدرات إمكانية االذن بعالجه من التسّم م لفترة يحددها الطبيب المختّص
(الفرع األول) على أّن ه في صورة تعهد المحكوم عليه بالعالج (الفرع الثانى) ثم
رفض ه ذل ك ،فاّن ه يتم الرج وع إلى الس لطة القض ائية للحص ول على إذن قض ائي يس مح
بتجاوز معارضته وهو ما يعّبر عنه بـ "االستشفاء الوجوبّي " (الفرع الثالث).
اّن التعّر ض إلى العالج المأذون به من طرف المحكمة يحّتم علينا ضرورة التأكي د
بأّن العالج يبقى اختيارا موكوال للمحكمة (الفقرة األولى) مع ضرورة توافر شرط االدمان
(الفقرة الثانية) ويح ّق التساؤل عن الشكل الذي يّتخذه العالج ،فهو تارة يأخذ شكل إجراء
مكّم ل للعق اب بالّس جن (الفق رة الثالث ة) وط ورا يك ون اج راءا ب ديال عن العق اب بالس جن
(الفقرة الرابعة).
ينّص الفص ل 19من ق انون م اي 1992على أّن ه "يمكن للمحكم ة المتعه دة
بالقضية في صورة الحكم بإدانة المدمن على تعاطي المخدرات وفق مقتضيات الفصل 4
من هذا القانون إخضاع المحكوم عليه بالعالج من التسّم م لفترة يحّد دها الطبيب المختّص ".
ويستنتج من الفصل السابق الذكر ،أّن الحكم بهذا التدبير الوقائّي جوازّي للمحكمة
طالم ا أّن له ا الخي ار في االذن ب العالج من عدم ه وتك ون النتيج ة أّن الق انون ف رق بين
الم دمنين أنفس هم :م دمنون يس توجب عالجهم وم دمنون ال يس توجب عالجهم طالم ا أّن
33
االختيار موكول للمحكمة ،وهو ما يعني أن المحكمة لها حسب الحاالت أّال تخضع المدمن
1
للعالج والح ال أّن الم دمن م ريض والم ريض يس توجب العالج دائم ا دون أن ي ترك ذل ك
للس لطة التقديري ة للمحكم ة طالم ا أّن الفص ل 19ت رك للمحكم ة حرّي ة تك وين عقي دتها في
إخض اع الم دمن للعالج دون الّلج وء إلى رأي الط بيب المختص أو إلى المل ف الط بي
كأساس لالمر بالعالج.
وقد يكون الحل األسلم هو جعل إيداع المدمن بالمصحة وجوبّي ا على القاضي إذ
أّن ذل ك أج دى للم دمن والمجتم ع مع ا وأن ال يظ ّل اختي ارا متروك ا للمحكم ة وأن يك ون
العالج ب ديال عن العقوب ة وه و م ا ذهب إلي ه المش ّر ع المص رّي في الم ادة 37من ق انون
المخدرات الذي نّص على أّنه "يجوز للمحكمة بدال من توقيع العقوبة المنصوص عليها في
ه ذه الم ادة أن ت أمر بإي داع من ثبت إدمان ه على تع اطي المخ درات إح دى المص ّح ات ال تي
تنشأ لهذا الغرض ليعالج فيها ."...
ونفس االّتج اه تبن اه المش رع الفرنس ي إذ أّن ه منح االختي ار للمحكم ة الخض اع
الم دمنين لف ترة عالج من التس ّم م وله ا في ه ذه الحال ة أن ال تطب ق العقوب ات المنص وص
عليه ا بالفص ل 628من ق انون الص ّح ة العمومّي ة وق د نّص على ه ذا االج راء بالفص ل
3-628من قانون الصّح ة العمومّية الذي جاء فيه أّن ه " :يمكن للمحكمة المتعهدة بالبت في
القض ية أن ت أذن بوض ع األش خاص المعّي نين بالفص ل الس ابق في ف ترة عالج من التس ّم م"
وأض افت الفق رة الثاني ة من نفس الفص ل أّن ه "إذا م ا طّبقت المقتض يات ال واردة بالفص ل
2-628وبالفقرة األولى من هذا الفصل فيمكن للمحكمة المتعهدة بأن ال تص ّر ح بالعقوبات
الواردة بالفصل ."628
" -إي داع الج اني بإح دى وح دات العالج يخض ع لتق دير محكم ة الموض وع" :الطعن رقم 131لس نة 1966جلس ة 1
13/4/1996الصادر عن محكمة تمييز دبي مجلة القضاء والتشريع لحكومة دبي -الجزء الثاني :قسم جزائي العدد
8أفريل - 1999ص .94
34
ويستنتج من الفصل ،19أّن المشرع التونسي رغم إقراره بالجانب الوقائي للعالج
من االدم ان على المخ درات ،إّال أّن ه م ازال يتص ف بش دته طالم ا أّن ه ال ي زال ي ترّد د بين
اعتبار المدمن مريضا يستحّق العالج أو مذنبا يستحق العقاب ،وقد اقترح في هذا الصدد
األس تاذ رض ا الم زغّني ك رّد فع ل له ذا ال ترّد د إلى امكاني ة "إخض اع الفاع ل لنظ ام عالجي
ومراقبته دون أن يمنع ذلك الحكم عند االقتضاء بعقوبة سجنّية مع االسعاف بتأجيل التنفيذ
وذلك كاف للّر دع" .
1
ونش ير في ه ذا المج ال إلى إث ارة العدي د من الفقه اء نقط ة هام ة تتعل ق بمس ألة
اجبارّي ة العالج وذلك لما لها من مساس بالحرية الجسدّية للشخص والمتمثلة في حق كل
ش خص في جس ده ،الح ق في حماي ة الحي اة الخاص ة ...أي بص فة عام ة مجم وع الحري ات
الفردية في جميع مكوناتها األساسّية.
أال يس تطيع المع الج أن يجيب مث ل الم رأة الحام ل ال تي تري د أن تجهض ب دون أن
تستأذن أّي كان :جسدي ملكي" .
2
إّال أن حماي ة الص ّح ة العام ة ووقاي ة المجتم ع من أخط ار م دمن المخ درات وم ا
يمكن أن يتس ّبب في ه من ج رائم على األش خاص وعلى األم وال وح تى على ذات ه ،تقض ي
-رضا المزغني :العقوبات في جرائم المخدرات ،الملتقى الوطني المعهد األعلى للقضاء 12 :و 13فيفري 1993 1
-ص .113
: André Vitu -المرجع السابق ص .1163 2
35
إجب اره للخض وع لفح وص طبي ة وللمعالج ة ول و أّد ى األم ر إلى الني ل من س المته الجس دية
في سبيل حماية المدمن وحماية الصّح ة العمومية.
ومن هنا ،فإّن المشّر ع التونسي أيقن بأهمية الحّق في الصّح ة ،بل الحق في الحياة
وأواله أولوي ة على حس اب حرّي ة الف رد تجاوب ا م ع مقتض يات االعالن الع المي لحق وق
االنسان وكذلك الدستور التونسي لذلك فإّن الحّق في الحياة يعلو وال يعلى عليه. 1
وه و م ا يعّب ر ويك ّو ن في االن نفس ه حّج ة على من اعت بر اّن إق رار العالج
االجبارّي يعتبر تدّخ ال تعسفّيا يتعارض مع ح ّق كل فرد في أن يكون ح ّر ا وهو ما يجعله
متعارضا مع المادتين 4و 5من االعالن العالمي لحقوق االنسان.
مّك ن الفصل 19حّق ا للمحكمة في االذن بالعالج االجبارّي متى صدر حكم بإدانة
المدمن على تعاطي المخدرات وفق مقتضيات الفصل 4من قانون المخّد رات.
واقتض ى الفص ل 4من الق انون أّن ه "يع اقب بالس جن من ع ام إلى خمس ة أع وام
وبخطّية من ألف إلى ثالثة آالف دينار كّل من استهلك أو مسك لغاية االستهالك الشخصي
نباتا أو مادة مخدرة في غير األحوال المسموح بها قانونا والمحاولة موجبة للعقاب".
-المادة 25من االعالن العالمي لحقوق االنسان والمادة 12من العهد الدولي للحقوق االقتصادية واالجتماعّية. 1
36
ويتّض ح من ذل ك أّن المش رع اش ترط وج وب ت وافر االدم ان في ش خص المحك وم
عليه ويكون بذلك قد اأقصى حالة المستهلك العادي أو بالصدفة والمستهلك المتعود ال ذي لم
تصل حالته إلى االدمان وإ ضافة لذلك فقد اشترط في الشخص المدمن أن يكون أدين من
أج ل ج رائم الفص ل 4من ق انون م اي 1992وهي تل ك الج رائم المتعلق ة باالس تهالك أو
المس ك بنّي ة االس تهالك مقص يا ب ذلك في االذن ب العالج من ك ان مس تهلكا ومرّو ج ا في اآلن
ذات ه ومش ترطا في المحك وم علي ه أن يك ون م دمنا على الم ادة المخ درة وهي اح دى الم واد
المدرجة بالجدول "ب" وفي هذا الباب يرى السّيد الطاهر المنتصر أّنه "يتعّين على القاض ي
بيان نوع المخدر الواقع محاكمة الجاني من أجله ،حتى تتمكن محكمة التعقيب من مراقبة
ما إذا ك انت المادة من المواد المعتبرة مخدرة والمدرجة بالج دول "ب" أم ال وكلما اّتضح
أّن تل ك الم ادة لم تكن من ض من م ا دّو ن بتل ك القائم ة ،أال وتحتم على القاض ي الحكم بع دم
سماع الدعوى حتى ولئن ثبت أّن تعاطيها يسّبب االدمان ويلحق الضرر بصّح ة من تناولها
وكّل حكم غير مركز على هذا األساس كان فاقد التعليل مستهدفا للّنقض" .
1
-انظ ر دراس ة ج رائم المخ درات على ض وء الق انون ع دد 52لس نة 1992الم ؤرخ في 18م اي - 1992القض اء 1
37
وغيره ا )...ب الرغم من أّنه ا ال تثبت ان ك ان الش خص م دمنا على الم ادة المخ درة أم ال
ولربم ا أمكن للمحكم ة هن ا االعتم اد على الق رائن األخ رى المكمل ة للتحالي ل الطبي ة مث ل
La muqueuse وج ود آث ار اب ر على ال ذراع أو اللس ان أو رف ع عّين ة من الغش اء المخ اطي
nasaleلكش ف مستنش ق المخ درات ،ونض يف ك ذلك أّن تقني ات التحالي ل تط ّو رت ج ّد ا
فأص بحت تش مل الش عر ذل ك أن الم واد المخ درة واألدوي ة و المس تقلبات تنتق ل إلى ج ذر
الش عر عن طري ق ال دورة الدموي ة حيث يق ع امتصاص هم وانتق الهم إلى رحم الك يرتين
وخزنهم لعدة شهور ومن هذا فإّن الشعر يمّك ن من اكتشاف ان استهلك المظنون فيه مادة
مخدرة حتى منذ ثالثة أشهر خلت ذلك أّن آثار المادة تبقى بالشعر وبما أّن ه يطول بنسبة
صنتمتر واحد في الشهر ،فمن السهل كذلك تحديد تاريخ االستهالك بدّقة.
وكنتيجة لذلك ،فإنه يمكن القول إن المحكمة عندما ترغب في تطبيق هذا الفصل
فإنه عليها تكليف طبيب لفحص المتهم الذي يكون محاال عليها من أجل جرائم الفصل 4
من قانون المخدرات وذلك للتأكد من إدمانه إذ أّن الفصل 19يشترط حالة االدمان شأنه
شأن الفصل 18وعند التأكد من ذلك فإّن ه على الطبيب تحديد م ّد ة العالج وإ ثر ذلك تقوم
المحكم ة بإص دار حكمه ا باالدان ة وتوقي ع العق اب الب دني والم الي ثم ت أذن باخض اع المّتهم
باعتباره مدمنا على العالج للفترة التي حّد دها الطبيب .
1
38
الفقرة الثالثة :العالج إجراء مكّم ل للّس جن :
لم يوض ح الفص ل 19من ق انون المخ درات م ا إذا ك ان العالج االجب ارّي يت دّخ ل
كإجراء مكمل للعقاب بالّس جن والخطية التي سيحكم بها أم أّنه يتدّخ ل كبديل عن العقوبة ؟
يبدو أّن المشرع يرفض فكرة إقراره العالج كبديل عن العقوبة طالما أّن ه لم ينّص
ص راحة على ذل ك ص لب ق انون م اي 1992وذل ك على عكس المش رع المص رّي ال ذي
نّص في الم ادة 37على أّن ه "يج وز للمحكم ة عن د الحكم بالعقوب ة في الج رائم المنص وص
عليه ا في الفق رة األولى -ب دال من تنفي ذ العقوب ة -أن ت أمر بإي داع من ثبت ادمان ه اح دى
المصّح ات" وكذلك المادة 42من القانون عدد 14لسنة 1995االماراتي في شأن مكافحة
المواد المخدرة والمؤثرات العقلية الذي يجيز للمحكمة في غير حالة العود بدال من الحكم
بالعقوب ات المنص وص عليه ا في ح االت التع اطي واالس تعمال الشخص ي أن تحكم باي داع
الجاني وحدات عالج االدمان المشار إليها في المادة 4من القانون المذكور.
وبصفة عامة ،فإن العالج يأخذ شكل عقوبة تكميلية لعقوبة أصلية ودونما حاجة
إلى تنصيص المحكمة على ذلك صلب الحكم عند نظرها في قضية جزائية.
أمام خصوصية الوضعية التي يتمّي ز بها الطفل وبهدف تحقيق المصلحة الفضلى
له ،استحدث المش ّر ع بمقتضى القانون عدد 94/95المؤرخ في 5نوفمبر 1995صلب
الفص ل 19مك ّر ر آلي ة جدي دة في عق اب الطف ل من أج ل اس تهالك المخ درات ترتك ز على
االص الح ب دال عن الزج ر وي برز ذل ك جلّي ا خاص ة من خالل م ا نص علي ه الفص ل الث اني
من مجّل ة حماي ة الطف ل ال ذي ج اء ب ه "أّن المجل ة تض من ح ق الطف ل في التمت ع بمختل ف
التدابير الوقائية ذات الّص بغة االجتماعية والتعليمية والصحّية" .ولم يحد المشرع التونسي
عن ه ذا التوج ه الوق ائي ذل ك أّن ه نّص ص لب الفص ل 19مك رر أّن ه "للمحكم ة أن تكتفي
39
بإخض اع الطف ل في ج رائم االس تهالك أو المس ك لغاي ة االس تهالك للعالج الط بي ال ذي
يخّلصه من التسّم م أو للعالج الطبي النفساني الذي يمنعه من الرجوع إلى ميدان المخدرات
أو للعالج الط بي االجتم اعي أو ألّي من الت دابير المنص وص عليه ا بالفص ل 59من مجّل ة
حماية الطفل".
فأّم ا بالنس بة للت دابير العالجي ة الوقائي ة فهي ته دف إلى تخليص الطف ل من حال ة
االدم ان ال تي أص بح عليه ا وك ذلك إلى إص الحه وتقويم ه ح تى ال يع ود مج ّد دا إلى مي دان
المخ درات ويك ون ذل ك بإخض اع الطف ل إلى العالج الط بي ال ذي يرف ع عن ه حال ة التس مم،
ويكون االخضاع صادرا عن محكمة األطفال ،كما يكون هذا القرار القاضي بالعالج قابال
لالستئناف حسب مقتضيات الفصل 104من مجلة حماية الطفل الذي نص على استئناف
قرارات قاضي األطفال ولم يستثن حالة العالج.
أّم ا إذا لم يص ل الطف ل إلى حال ة االدم ان س واء اس تهلك المخ درات أو ح اول أن
يس تهلكها فيمكن إخض اعه حس ب الح االت إّم ا إلى عالج طّبي نفس اني أو إلى عالج ط بّي
اجتماعّي ومن ذلك الحكم الصادر عن المحكمة االبتدائية بتونس في 22/10/2002تحت
40
ع دد 59707وال ذي في ه "قض ت المحكم ة ابت دائيا حض وريا بثب وت إدان ة الطفل ة ()...
واخض اعها للعالج الط بي النفس اني بإيوائه ا بمستش فى ال رازي بقس م "بفل وف" لمواص لة
العالج تحت إش راف الحكيم ة ( )...غ داة التص ريح به ذا الحكم إلى نهاي ة العالج م ع م ّد نا
بتقرير متابعة".
ومن جانب آخر ،توسع المشرع في مجموع التدابير المّتخذة ضد الطفل بأن أق ّر
مجموع ة من الت دابير الوقائي ة البحت ة وال تي ال يخض ع فيه ا الطف ل إلى العالج وق د ع ددها
الفص ل 59من مجل ة حماي ة الطف ل وال تي أح ال إليه ا الفص ل 19مك رر وهي تتمث ل
كاآلتي :
-ابقاء الطفل لدى عائلته وتكليف مندوب حماية الطفولة بمتابعته ومساعدة العائلة
وتوجيهها.
ومهما تكن التدابير التي تقرر المحكمة اتخاذها بالنسبة للطفل فاّن فيها نفعا كبيرا،
ذل ك أّن وقاي ة الطف ل وعالج ه ح تى ال يع ود إلى المخ درات خ ير من ال زّج ب ه في مراك ز
اإلصالح مما يبعده عن محيطه العائلي ويحرمه من فرصة التأقلم في الحياة االجتماعّية.
41
على تصنيف المستهلكين (مدمنين -مستهلكين عرضيين) .
1
ومن المنطقي ،أن ي ترك المش ّر ع س لطة تحدي د م ّد ة العالج للط بيب المختّص ذل ك
أّن ه هو وحده الذي بإمكانه تقدير فترة العالج من التسّم م وامتدادها في الزمن وذلك اعتمادا
على الحالة الجسدّية والنفسية للمدمن المريض.
يمكن أن يتجاوزها إذا ما قّر رت المصالح الطبية ذلك ؟ وأّنه إذا ما كانت م ّد ة العالج أوق ّل
من العقاب فهل يعود المريض المعافى من مرضه لقضاء بقّية العقوبة ؟ .
2
أّم ا المش رع المص ري فق د بّين بالم ادة 37من ق انون مكافح ة المخ درات على أّن
اي داع المحك وم علي ه ال ذي ثبت إدمان ه إح دى المص حات ال يج وز أن تق ل مدت ه عن س ّتة
أشهر وال أن تزيد عن ثالث سنوات أو مّد ة العقوبة المحكوم بها أيهما أّو ل.
وبه ذا ف إّن المش ّر ع لم ي بّين الم ّد ة القص وى وال دنيا للعالج ،كم ا لم يش ر إلى زمن
اعالم الط بيب الس لط القض ائّية بم ّد ة العالج فه ل س يكون ذل ك عن د معاينت ه للحال ة الص حية
للمريض قبل بداية العالج أم اّن ه سيكون مجبرا في كل مرة على إعالم السلطة القضائية
ط وال معالجت ه للم دمن عن حاجت ه للزي ادة في الم دة نظ را لتعك ر الحال ة الص حّية للم دمن
وحاجته البقاء تحت فترة مراقبة طبّية ؟
-مصطفى اليحياوي :المرجع السابق ص .35 1
42
ومن هن ا ي برز ق انون م اي 1992انقط اع العالق ة بين الط بيب والقاض ي من ذل ك
أّن المشرع أغفل طرح مسألة إلتزام الطبيب بإعالم السلط القضائية بمختلف أط وار العالج
وذل ك عكس م ا ذهب إلي ه الق انون الفرنس ي في الفص ل 3-3413من ق انون الص ّح ة
العمومي ة في ص ورة م ا إذا ك انت المب ادرة بعالج م دمن المخ درات ص ادرة عن النياب ة
العمومّية بعد أخذ رأي المصالح الطبية المختصة وعلى تلك المصالح أن تراقب سيرورة
العالج وأن تعلم النيابة العمومّية بصفة منتظمة بالحالة الصحّية واالجتماعّية للّش خص.
فعالقة القاضي بالمدمن هي عالقة الحاكم بجالده أّم ا عالقة الطبيب بمريضه فهي
عالق ة انس انية أك ثر منه ا عالق ة نابع ة عن تنفي ذ اذن قض ائي ب العالج ومن هن ا يق ول
OSTAPTZEFFاّن القاضي حريص على احترام الممنوعات وال يبالي بمدمن المخدرات
بمج ّر د أن يب دأ العالج أو بمج ّر د أن يمتن ع عن تن اول الم ادة غ ير المش روعة أّم ا الط بيب،
فب العكس من ذل ك ،فه و يهتّم بعالج أولئ ك ال ذين تح ولت طريق ة ادم انهم للمخ درات آلالم
س واء ارتبطت أو ال باس تهالك الم ادة غ ير المش روعة وأن الم دمن غّي ر المخ در غ ير
المشروع بمخدر مشروع أو أّنه امتنع عن ذلك .
1
رغم ما يخلو به هذا القانون من نقائص ،فاّن المشّر ع تالفى هذه العيوب بأن مّك ن
تعّهد المحكوم عليه الذي فاتته فرصة العالج بطلب عالجه من التسّم م.
الف رع الث اني :العالج الم أذون ب ه من ط رف المحكم ة بم وجب تعه د من
المحكوم عليه :
أعطى المش رع االمكاني ة للمحك وم علي ه الم دمن بتعه ده ب العالج (الفق رة األولى)
على أن تتم معالجت ه بمؤسس ة استش فائية عمومي ة (الفق رة الثاني ة) دون التنص يص على
طريقة العالج من التسمم (الفقرة الثالثة).
1
- Revue Science Criminelle et droit Pénal Comparé : 3 Juillet - Septembre 1998 - page 618. XXV congrès de
l'association Française de criminologie "Réponses aux toxicomanies" (Montpellier, 24 et 25 Mars 1988).
43
الفقرة األولى :تعهد المحكوم عليه بالعالج :
نّص ت الفق رة الثاني ة من الفص ل 19المتح دث عن ه على م ا يلي " :ويمكن تعه د
المحك وم عليه الم دمن على تع اطي المخ درات في جميع الص ور ب العالج من التس ّم م لفترة
يحّد دها الطبيب المختص في مؤسسة استشفائية عمومية".
ويستفاد من هذا النص أّن المشرع أراد تعويض األشخاص المحك وم عليهم وال ذين
يتوافر فيهم شرط االدمان وفاتتهم فرصة المعالجة من امكانية تعهدهم بالعالج من التسمم
في جميع الصور ليستوي في ذلك أن يكون المحكوم عليه قضى العقاب المحكوم به عليه
أو قض ى بعض ه وأف رج عن ه نتيج ة لتمّتع ه بالس راح الش رطي أو العف و الخ اص أو ع دم
قض اءه أّي عق اب بن اءا على ص دور عف و ع ام أو يك ون بص دد قض اء العق اب المحك وم ب ه
علي ه ،فيتعه د تلقائي ا ب العالج من التس مم أو أن يالح ظ ط بيب الس جن ب أّن حالت ه الص حّية
تستوجب تدّخ ل السلط الصحّية لتخليص ه من االنسمام ،فيتعهد المحكوم عليه بذلك العالج
بعد تعيين الطبيب المختص الفترة التي يحتاجها للمعالجة بمؤسسة استشفائية عمومّية.
كم ا اّن ه عن د التأّم ل في ه ذا النص ،نج ده ق د أهم ل التع ّر ض لمن يتّم التق دم بطلب
العالج ،لكن يستش ف من س ياق النص اّن التق دم بطلب االستش فاء يك ون للجن ة االدم ان اذ
هي المكلف ة بتنفي ذ العالج واالش راف علي ه طبق ا للفق رة األخ يرة من الفص ل 19من ق انون
.1992
44
بعد ولم يكمل قانون المخدرات كذلك قانون ماي 1992لم يشر بدوره إلى مكان العالج
1
وقد وقع طرح هذا السؤال على الحكومة في تلك الفترة وأجابت بالقول ..." :والمالحظ
2
وأم ام ت دّفق م دمني المخ درات على المؤّس س ات العمومي ة الص حّية بكام ل ت راب
الجمهورية وخاصة منها مستشفى الرازي الذي يعتبر المؤسسة الصحّية الوحيدة بمنطقة
العاص مة ال تي تع نى بمعالج ة م دمني المخ درات ،بي د أّن ه ذه المؤسس ة يعوزه ا االط ار
الص ّح ي المتخّص ص في عالج م دمني المخ درات باالض افة إلى أّنه ا موض وعة أساس ا
للمصابين باألمراض العقلية وال يحسن أن يجمع بين هؤالء والمدمنين.
وبه ذا ي برز بجالء قص ور ق انون 18م اي 1992ذل ك أّن عالج ال يمكن تقس يمه
بحال إلى عالج طبي بحت أو عالج نفسي أو عالج اجتماعي ألّنه مفهوم متكامل ال يتج ّز أ
وكان من الالزم وضع مؤسسة خاصة بذلك وإ طار صّح ي متخّص ص أيضا.
-الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 43في 29ماي - 1998صفحة .1189-1188 4
45
الص ّح ي بجب ل الوس ط" .ويحت وي ه ذا األم ر على ثماني ة فص ول ض بط الفص ل الث اني من ه
األحكام التشريعية والترتيبّية المنطبقة عليه.
أّم ا الفص ل الث الث فتع ّر ض لتركيب ة مجلس االدارة وهي من اإلعض اء اآلتي
ذكرهم :
-ثالثة رؤساء أقام طبية بالمركز يعينهم وزير الصحة العمومية من بين رؤساء
وأح دث الفص ل الراب ع من األم ر الس ابق ال ذكر "لجن ة استش ارية يطل ق عليه ا اس م
"اللجنة الفنّية" تتركب من األعضاء اآلتي ذكرهم :
46
-ط بيب ممث ل عن مرك ز االس عاف الط بي االس تعجالي يقترح ه م دير المؤسس ة
المعنية.
-ط بيب ممث ل عن معه د محم د القص اب للج بر وتق ويم األعض اء بقص ر الس عيد
يقترحه المدير العام للمؤسسة المعنية.
أّم ا الفص ل الخ امس والس ادس فق د ض بط مه ام اللجن ة الفنّي ة وتعل ق الفص ل الس ابع
بالممتلكات الموضوعة على ذّم ة المركب وهكذا وقع س ّد الفراغ الذي خال منه قانون ماي
1992إذ بفض ل ه ذه المؤسس ة أص بح الم دمن يع الج في مك ان خ اص ب ه إذ اختالط ه م ع
مختّلى الم دارك من ش أنه أن ي ؤثر في نفس ه ،أّم ا وج وده م ع من هم مثل ه فمن ش أنه أن
يساعد على برؤه وذلك لتشابه ظروفهم وحالتهم النفس ّية ،كما أّن وجودهم بمؤسسة مغلقة
يح ول دون تس ّر ب العق اقير المخ ّد رة إليهم ،لكن بقي ف راغ من الناحي ة التش ريعّية يتمث ل
أّو ال :في غياب متابعة المدمن الذي تّم عالجه ومبارحته المؤسسة ومساعدته على الشغل
إذ الفراغ من شأنه أن يؤّد ي إلى العودة إلى االدمان ،فيا حّبذا لو تحدث نوادي طبّي ة نفسية
واجتماعية تقوم على فكرة استمرار الرعاية بعد العالج ويسهل بذلك معرفة من انتكس من
المرضى ثّم عاد إلى االدمان.
ثاني ا :انع دام العي ادة الخارجّي ة للم دمنين ال ذين يرغب ون في العالج الخ ارجّي دون
االقامة بالمؤّس سة.
ثالث ا :انع دام المستش فى النه ارّي أي االقام ة بالمؤسس ة بالّنه ار دون اللي ل إذ في
ذلك تشجيع للمدمنين على التقدم للعالج دون أن يتفّطن إليهم من طرف المجتمع.
47
لكن م ا تج در مالحظت ه أن ه ذا المرك ز ق د تم غلق ه من ذ جويلي ة 2011ألس باب
مالية وهيكلية حسب ما صرح به المسؤولين على إدارة المركز وتسييره .
اّن عالج االدم ان ال يمكن تقس يمه بح ال إلى عالج ط بّي بحت أو عالج نفس اني
أو عالج اجتماعّي ألّنه مفهوم متكامل ال يتجّز أ يفترض المرور بثالث مراحل :
وب ذلك ف اّن عالج االدم ان على المخ درات يتحق ق ب التوقف عن اس تهالكها ولكن
أيضا في مساعدة المدمن وتشجيعه على التشبث بالحياة في محيط نفسي سليم وهو يف ترض
4غايات ثانوّية :
-التخفيض في االجرام
ويه دف العالج الط بّي لالدم ان (المرحل ة األولى) إلى حرم ان الم دمن من تع اطي
المخدر إّم ا تدريجّيا أو بصورة مفاجئة وتتمثل طريقة االنقطاع التدريجي في التخفيف من
1
48
كمية المخدر على مدة تتراوح ما بين الخمسة والعشرة أّيام وإ ذا كان المدمن مص ابا ب القلب
فيك ون التخفي ف لم ّد ة ش هر مثال وتس تعمل في نفس ال وقت المنوم ات وذل ك لتجنب حص ول
الهبوط في الضغط .كما توجد طريقة أخرى تتمثل في استبدال مخدر بمخدر آخر (العالج
الب ديل) وهي تش مل م دمني األفيون ات فيعت بر عق ار الميت ادون La Méthadoneب ديال ناجع ا
لعقار األفيون ويعطى مفعوله في ظرف 24ساعة مع وجوبية تناوله يوميا ولم ّد ة سنتين
ولكن ال يخلو تناول العقار البديل من مساوئ ذلك أّن ه يؤدي إلى ظهور أعراض التحّم ل
واالدمان.
أّم ا بالنس بة لطريق ة االنقط اع الفج ئي فهي تس تعمل عن د الم دمنين األقوي اء ذل ك أن
الحرم ان من المخ در يس ّبب حال ة ع وز ملح ة م ع ع وارض خط رة ك التقّي ء واالس تفراغ
واالس هال الش ديد واآلالم المتش عبة م ع خفق ان القلب وهب وط الّض غط وت دفق الع رق والقل ق
الشديد ،وتدوم حالة العوز الملحة هذه مدة خمسة أو س ّتة أّي ام يشفى منها المدمن إذا اّتبع
إنعاشا صحيحا لذلك ال يجوز معالجة المدمنين إّال تحت المراقبة الطبّية بالمستشفيات.
وال تعت بر طريق ة التخلص من االدم ان ناجع ة وفّعال ة إّال إذا ص احبها عالج نفس ّي
(المرحلة الثانية) ويقوم العالج النفسي على مبدأ التعلم اّال أّن ه تعلم من نوع خاّص ذلك أّن
الط بيب المع الج يس تهدف أّو ال عن د عالج م دمن المخ درات محاول ة تخليص ه من تعلم ق ديم
وذلك باستبعاد العادات السلوكية واألساليب الفكرية واالستنتاجات االنفعالّي ة الخاطئة نحو
تعّلم ايجابي أي باكتساب أساليب وعادات سلوكية واستنتاجات انفعالية جديدة وهو يقتضي
تع ديل وتغي ير ش امل وكام ل في بن اء الشخص ية بأس ره ،في عالق ة الم ريض بعالم ه وبذات ه
وب اآلخرين وبه ذا ف ان "العالج النفس ي الف ردي" ه و الش كل األساس ي في أش كال العالج
النفس ي وه و ال ذي يع ّو ل علي ه في تحقي ق أحس ن النت ائج وه و يرتك ز على م ا يطل ق علي ه
بعملّي ة "الطرح" أي محاولة المعالج الفهم التدريجي ألبعاد موقف المريض من عالمه حيث
ينق ل إلي ه أس لوب عالقات ه وخ واص ه ذه العالق ات وأبعاده ا بعالم ه و ب اآلخرين وي بّين
49
الم ريض للمع الج طفولت ه المبك رة وعالقات ه أثنائه ا بالشخص يات األساس ية في حيات ه
كالوالدين واألخوة ومن ثّم ة يقوم العالج النفسي على "االستبصار" فهو أساسه وأساس كل
أشكال العالج األخرى ويعقب االستبصار شكل آخر من أشكال العالج وهو ما يطلق عليه
بـ "العالج النفس ي الجم اعي" ومن أب رز ميزات ه اتاح ة الفرص ة لتنمي ة وتط وير العالق ات
االجتماعي ة ذل ك أن الم دمنين غالب ا م ا يجنح ون إلى االنس حاب المتزاي د والمس تمّر وإ لى
االنطواء بعيدا عن اآلخرين وبذلك فان في بسطه المشاكل الواقعية للمرضى فيما بينهم أث ر
مشجع على االرتباط بالواقع ومناقشة المشاكل مناقشة واقعية موضوعية.
يبقى بعد ذلك السؤال مطروحا ذلك أّنه إذا كان من الممكن تحقيق االستبصار عن
طري ق التوس ع في العالج الجمعي ومزج ه ب العالج الف ردي ،فه ل يتوق ف العالج عن د ح ّد
االستبص ار أم أّن ه هن اك خط وات أخ رى اض افية -ان الج واب عن ه ذا الس ؤال ه و
بااليج اب ،فثم ة حاجة الى اّتب اع العالج النفس ي بالتأهي ل النفس ي وإ ع ادة االدم اج (المرحل ة
الثالثة).
ويس تهدف التأهي ل النفس ي جع ل المتع اطي الس ابق ق ادرا -ب دنيا ومهني ا وعقلي ا -
على أن يحي ا حي اة طبيعي ة كعض و ن افع في المجتم ع وذل ك بتحوي ل م ا ل دى الف رد من
امكانيات كامنة إلى قدرات ومهارات فعلّية وهنا يأتي دور االخصائي النفسّي الذي يستطيع
بواسطة االختبارات الموضوعّية التعرف على قدرات ومهارات المريض ورسم الطريق
الكفي ل بتهيئته ا بالت دريب المناس ب ال ذي تس مح ب ه ق درات الم ريض وامكانيت ه وحالت ه
الجسمية والصحّية وسنه وذكائه ومستوى تعليمه ...وهنا تصبح أقرب إلى ما يطلق عليه
باص طالح "العالج بالعم ل" ال ذي يس تهدف تك وين هواي ات جدي دة للم دمن يمكن أن تك ون
اس تثمارا ل وقت الف راغ وأن تك ون ك ذلك مص درا ل دخل اض افي وهك ذا يمكن أن يتح ول
العالج بالعم ل بالت دريج إلى وس يلة لرف ع المس توى االجتم اعي واالقتص ادي عن طري ق
الدخل االضافي من جانب وعن طريق المهارات الجديدة من جانب آخر وال يتحقق ذلك
50
اّال عن طري ق "اع ادة االدم اج" في المجتم ع بوض ع ت دابير من بينه ا توف ير ف رص عم ل أو
س كن انتق الي ورّبم ا أيض ا تمكين المتع اطي الس ابق من ت رك الوس ط ال ذي ك ان يعيش في ه
واالنتق ال إلى وس ط اجتم اعي أق ل تش جيعا على إس اءة اس تعمال المخ درات وعلى ه ذا
األساس يجب أن يكون االهتمام بـ "الرعاية الالحقة" للمدمنين السابقين مستمرا.
ينّص الفص ل 19المض اف بم وجب الق انون ع دد 101لس نة 1998الم ؤرخ في
30نوفم بر 1998على أّن ه " ...وفي ص ورة رفض ه العالج المش ار إلي ه يتّم إعالم النياب ة
العمومية بذلك التي تستصدر إذنا من رئيس المحكمة االبتدائية يقضي بإلزام المحك وم علي ه
بالخض وع للعالج الم ذكور ،ويك ون مطلب االذن مرفوق ا بوثيق ة طبي ة تثبت االدم ان،
ويصدر االذن بعد سماع المحكوم عليه.
ويتّم تنفي ذ العالج المش ار إلي ه تحت إش راف ورقاب ة لجن ة االدم ان على المخ ّد رات
المش ار إليه ا بالفص ل 119من الق انون ع دد 54لس نة 1969الم ؤرخ في 26جويلي ة
1969
ومن خالل هذا الفصل نستنتج أّن المش ّر ع أوجب على المحكوم عليه المدمن على
تع اطي المخ درات المدرج ة بالج دول "ب" في ص ورة تعه ده ب العالج ثم رفض ه مباش رة
51
العالج المش ار إلي ه ،أن يق ع استص دار ق رار االستش فاء الوج وبي ض ّد ه به دف إخض اعه
للعالج وذلك بعد المرور بمجموعة من االجراءات الشكلّية.
ويتحص حص من اجراء االستش فاء الوجوبي أّن ه اجراء اس تثنائي (الفقرة )1وهو
اجراء قضائي (الفقرة )2كما يطرح مسألة التقاضي في االستشفاء الوجوبي (الفقرة .)3
يتّم اللج وء إلى طريق ة االستش فاء الوج وبي إذا رفض المحك وم علي ه الم دمن على
تع اطي المخ درات مباش رة العالج من التس ّم م بع د تعّه ده ب ذلك ،ل ذلك يتجّلى من خالل ه ذا
الس لوك أّن االستش فاء الوج وبي ه و إج راء اس تثنائي من خالل محدودي ة ميدان ه وذل ك من
حيث نوع المرض وسلوك المريض.
فمن حيث نوع المرض ،فإّن االستشفاء الوجوبي ال يمكن أن يلجأ إليه إّال بالّنسبة
لمدمن المخدرات المحكوم عليه من أجل استهالك ماّد ة مخدرة مدرجة بالجدول "ب" وهي
تلك الواردة حصرا صلب القائمة المنصوص عليها بقانون 18ماي 1992وخارج هذه
القائمة من المواد المخدرة ،فاّنه ال يمكن إخضاع أّي مريض مدمن على استهالك م ادة من
الم واد المدرج ة بالج دول غ ير الج دول "ب" لالستش فاء الوج وبي .أّم ا من حيث س لوك
الم ريض ،ف إّن اج راء االستش فاء الوج وبي ال يمكن أن يش مل س وى المحك وم عليهم ال ذين
رفضوا مباشرة العالج أو متابعته ،ولرّبما يبّر ر ح ّق إجبار المدمن على الخضوع للعالج
بالحال ة االس تعجالية ال تي ه و عليه ا ومن ثّم ة فاالستش فاء الوج وبي يعل و على ح ّق رفض
المريض المعالجة من التسّم م وبذلك تظهر استثنائية هذا اإلجراء من خالل الهدف المنشود
وهو حماية الصحة العامة للمدمن من جهة وتقييد التزامه بالعالج من جهة أخرى بحيث
52
اّن ه ل و نك ل عن ه ذا االل تزام فس وف يج بر قض ائيا على العالج وه و م ا يجعل ه ش بيها
باإلجراءات العقابية المنصوص عليها بالقانون الجنائّي .
1
وقد ينبثق إشكال في صورة ما إذا رفض المعني باألمر تلّقي العالج -فما عسى
أن يكون موقف الطبيب المعالج ؟ هل يتجاهل هذا الرفض ويخضع المريض رغما عنه
إلى العالج وفي هذه الحالة هل توجد إمكانية للقيام ض ّد الطبيب قضائيا واّتهامه بارتكاب
جريمة العنف إزاء المريض ؟ أو هل يذعن الطبيب المعالج لرغبة المريض فتفشل بالتالي
مهّم ته في معالجة المدمن المريض ؟
وإ ض افة إلى الطبيع ة االس تثنائية لالستش فاء الوج وبي ،فاّن ه ت برز ك ذلك طبيعت ه
القضائّية.
ي بّين المحكم ة المختص ة ترابّي ا في إص دار ه ذه األذون ،ذل ك أّن مرج ع النظ ر ال ترابّي
يختلف باختالف مقّر ات األطراف المتداعية في قضايا االستشفاء الوجوبّي .
وفي هذه الحالة ،وتطبيقا ألحكام الفصل 30من مجلة المرافعات المدنية التجارّية،
ف اّن المطل وب تل زم محاكمت ه ل دى المحكم ة ال تي ب دائرتها مق ّر ه األص لي أو مق ّر ه المخت ار
ليكون بذلك قرار االستشفاء الوجوبي صادرا عن المحكمة االبتدائية المختصة ترابّي ا والتي
بها مقّر المدمن المطلوب اخضاعه لالستشفاء الوجوبّي .
-انظر عفاف شعبان :األمراض السارية والقانون :رسالة ختم الدروس بالمعهد األعلى للقضاء :الفوج 13السنة 1
53
كم ا جع ل المش ّر ع من االستش فاء الوج وبّي ،إج راءا ي دخل في اختص اص رئيس
المحكم ة االبتدائي ة دون س واه وال ذي يق وم باص دار الق رارات القاض ية ب ذلك االستش فاء،
ويعتبر تدّخ ل رئيس المحكمة بمناسبة النظر في األذون الخاصة باالستشفاء الوجوبي هو ذا
ص بغة مزدوج ة ،فه و يكتس ي ص بغة عقابّي ة إذ ه و يص در إذن ا ينّف ذ على ش خص الم دمن
يس لبه حرّيت ه أو يقّي دها وه و من جه ة أخ رى يكتس ي ص بغة عالجّي ة ووقائّي ة إذ الغاي ة من
اخضاعه لالقامة بالمؤّس سة االستشفائّية هو عالجه من التس ّم م الذي اعتراه نتيجة الدمانه
باالضافة إلى إقصائه عن الوسط الذي اكتسب منه تلك المادة السّيئة .بيد أّن تدخل القاضي
هن ا ه و ت دّخ ل مح دود المج ال ،ذل ك أّن ه ال يت دّخ ل اّال في مرحل ة إص دار ق رار االستش فاء
الوجوبّي دون قرار وضع حّد له أي إنهاء مّد ته.
واالذن الص ادر باالستش فاء الوج وبي يك ون مح ّد د الم ّد ة تبع ا لتقري ر الط بيب
المختّص وال يجوز بحال للجنة اإلدمان إبقاءه بعد الم ّد ة المأذون بها طالما أّن تلك الّلجنة
مكّلفة بتنفيذ االذن بالعالج مثله مثل المحكوم عليه بالّس جن عند انتهاء أمد عقابه فاّن ه يطلق
سبيله فورا.
54
الفقرة الثالثة :التقاضي في االستشفاء الوجوبي :
يط رح التقاض ي بش أن الق رارات المتص لة باالستش فاء الوج وبي ثالث مس ائل وهي
تتعّلق بصفة القيام ( )1شكل المطلب ( )2وطرق الطعن فيه (.)3
ويعت بر إس ناد ص فة القي ام للنياب ة العمومي ة دون س واها مّم ن لهم الح ق في التق دم
بطلب االستش فاء الوجوبّي قائم ا على اعتب ار أّن نياب ة الح ّق الع ام هي الس اهرة على حرّي ة
األشخاص من جهة والمدافعة عن القانون من جهة أخرى ،وعمال بمبدأ مالئمة التتّب ع ،فاّن
ت بّين له ا جدّي ة الطلب ،فاّنه ا تس عى في استص دار االذن باالي داع وذل ك بم وجب مطلب في
الغرض يكون مرفوقا بشهادة طبّية تثبت االدمان ،ولم يشترط الفصل 19شرطا معّينا في
الشهادة الطبّية من حيث تاريخها أو طريقة تحريرها بل اّن ه اكتفى بذكر مضمون الشهادة
1
الطبية من حيث احتواؤها على ثبوت توافر حالة االدمان بالّنسبة للمحكوم عليه الناكل عن
مباشرة العالج.
- 1انظر مثال الشروط الشكلّية للّش هادة الطبّية المستوجبة بالّنسبة لاليواء الوجوبّي للمصابين باضطرابات عقلّي ة بموجب
طلب من الغير.
55
.2شكل المطلب :
منح الفصل 19النيابة العمومية ح ّق طلب االذن باالستشفاء الوجوبّي لدى رئيس
المحكم ة االبتدائّي ة ،لكن لم ي بّين ش كل ه ذا المطلب معتم دا على القواع د العام ة ال واردة
بالفص ل 213من مجل ة المرافع ات المدني ة والتجاري ة وم ا بع ده .ف إلى ج انب الوظيف ة
األساسّي ة للمحاكم ،وهي الفصل في الخصومات ،توجد أعمال كثيرة تقوم بها المحاكم هي
أقرب إلى االدارة منها إلى القضاء تسّم ى الوظيفة الوالئية.
والس ؤال ال ذي يط رح نفس ه ح ول طبيع ة ه ذا االذن القاض ي باالستش فاء الوج وبي
ه ل ين درج في إط ار العم ل القض ائّي أو التص ّر ف ال والئّي هن اك مع ايير متع ّد دة للتمي يز
بينهم ا ،منه ا فك رة الّن زاع ،ذل ك أّن أس اس العم ل القض ائي ه و فّض الخالف ات ،ف النزاع
عنص ر ج وهرّي في العم ل القض ائّي ،ألّن فك رة ت دّخ ل القض اء إّنم ا تع ود إلى أّن التط بيق
العملّي للقاعدة القانونّي ة قد يثير منازعة بين األفراد ،فيتدّخ ل القضاء لحسم ذلك النزاع على
أس اس القاع دة القانونّي ة ،وفي ص ورة الح ال ،ف إّن هن اك نزاع ا بين الم دمن وبين النياب ة
العمومية حول االيداع من عدمه ،باالضافة إلى أّن االذن ال يصدر إّال بعد حضور المدمن
الم راد اخض اعه للعالج وس ماعه أو بع د اس تدعائه كم ا يجب األم ر المفق ود في االذن
الوالئّي .
أهم ل الق انون الم ؤّر خ في 18م اي 1992التع ّر ض للطعن في االذن القاض ي
باالستشفاء الوجوبّي وطالما لم يمنع الطعن فيه ،فاّن ه يبقى خاضعا للمبادئ المق ّر رة بقانون
المرافعات المدنية والتجارّية وتحديد المبادئ المقّر رة بالمادة 222من م.م.م.ت الذي نّص ه
"يمكن للطالب ولألشخاص الذين استعملوا الحّق المنصوص عليه بالفصل 219أن يقوموا
باالس تئناف" والفص ل 223من م.م.م.ت القائ ل "تس تأنف األذون الص ادرة من حّك ام
56
النواحي للمحكمة االبتدائية وتسأنف األذون الصادرة من رؤساء المحاكم االبتدائية لمحكمة
االستئناف أّم ا القرارات الص ادرة من رئيس محكمة االس تئناف فهي غير قابل ة لالستئناف
واالستئناف ال يوقف التنفيذ".
أّم ا طلب االستئناف فمفتوح أمام النيابة العومية عند رفض المطلب وأمام المدمن
الم ريض ال ذي أخض ع لق رار االستش فاء الوج وبّي ،غ ير أّن ه ال يمكن ه طلب الّر ج وع في
االذن لم ذكور طالم ا أّن االذن ال يص در اّال بع د س ماع المع ني ب األمر ويبقى ب ذلك الطعن
منحص را في االس تئناف فق ط م ع الت ذكير ب أّن االس تئناف ال يوق ف التنفي ذ تنفي ذا ألحك ام
الفصل 223م.م.م.ت.
57
الجزء الثاني :محدودية النظام القانوني لإلدمان على المخدرات والحلول
الممكنة:
بعد تسجيل فشل السياسة التشريعية المعتمدة في القانون التونسي لمعالجة ظاهرة
اإلدم ان (الفص ل األول) وال تي أدت تفش ي ه ذه الظ اهرة وتزاي د ع دد المس تهلكين واكتظ اظ
الس جون ب رزت عدي د ال دعوات من حقوق يين وناش طين في المجتم ع الم دني لتنقيح ق انون
1992المتعل ق باإلدم ان مم ا دف ع الحكوم ة إلى ع رض مش روع ق انون يتض من جمل ة من
اإلصالحات والحلول (الفصل الثاني) .
58
الفصل األول :فشل المقاربة التشريعية المعتمدة لمعالجة اإلدمان:
من أهم أس باب فش ل المقارب ة المعتم دة في التش ريع التونس ي لمعالج ة ظ اهرة
اإلدمان تغليب السياسة العقابية على حساب البعد الوقائي والعالجي (الفرع األول) إضافة
إلى تجريد القضاء من صالحية تفريد العقوبات (الفرع الثاني) .
الفرع األول :تغليب السياسة العقابية على حساب البعد الوقائي والعالجي:
ينص الفصل 20فقرة 3من قانون ماي 1992على ما يلي " إذا غادر طالب
العالج المؤسس ة اإلستش فائية أو انقط ع عن ه دون موافق ة أطبائ ه أو اللجن ة الم ذكورة ف إن
التتبعات القانونية تثار ضّد ه".
وهذا يعني أّن اإلعفاء مرتبط بإتمام العالج أو أّن ه سيكون عرضة إلثارة الدعوى
العمومّية ضّد ه.
وق د انتق دت لجن ة التش ريع الع ام بش ّد ة ه ذا الفص ل باعتب ار أّن ظ اهرة اإلدم ان
ظ اهرة مرض ّية ،وأن ه ذا اإلنس ان ال ذي يف ّر ه و إنس ان م ريض وغ ير مس ؤول وله ذا
اقترحت أن يق ع استش ارة النيابة العمومي ة واألطب اء للنظر في معرفة هل أّن هذا اإلنس ان
مازال مريضا أو شفي .
1
وهنا تظهر بوضوح حدود سلطة النيابة العمومية في تقديرها التتبع من عدمه وهو
عكس م ا ذهب إلي ه المش رع الفرنس ي ص لب الفص ل ( 628الفق رة )1من مجل ة الص حة
العمومي ة ال ذي أعطى لوكي ل الجمهوري ة الس لطة التقديري ة الكامل ة في التتب ع من عدم ه في
حالة العود.
59
وفي ه ذا اإلط ار وعن د مناقش ه أحك ام الفص ل 20من فقرت ه األخيرة اق ترح أح د
1
الن واب أن ه ال يجب ت رك الحري ة للم دمن في المغ ادرة فه و في حال ة إيق اف ومراقبت ه،
فمغادرت ه للمستش فى أو إنقطاع ه عن العالج ه و في غ الب األحي ان ي أتي من منط ق
الالمسؤولّية ،فهو غير مسؤول ،فمدراكه العقلية ال تمكنه من أن يمّي ز أّن ما يفعله صحيح
أو غير صحيح وإ قترح النائب أن يقع جلبه في صورة مغادرته للمؤسسة اإلستشفائية من
قب ل الق وة العام ة وبإجب اره على مالزم ة المستش فى للعالج على غ رار م ا ه و معم ول ب ه
بالنسبة للمرضى المصابين بخلل عقلي عوضا من إثارة التبعات العدلّية ضّد هم.
ي برز تك ريس المش رع التونس ي لسياس ة جنائي ة حديث ة تعطى للت دابير العالجي ة
والوقائي ة أهمي ة بالغ ة داخ ل المنظوم ة الجزائي ة الحديث ة .إّال أّن ه ذه الض مانات ال ت زال
قاص رة على تحقي ق الغاي ات المرج ّو ة منه ا طالم ا أّن المش رع اعتم د التفرق ة المبني ة على
تص نيف المج رمين حس ب الس ن ،ف إن ك ان راش دا ،فال ب د أن يك ون مس تهلكا م دمنا على
المخدرات حتى يتم عالجه إلى جانب فرض عقوبة بدنية ومالية عليه ،أّم ا إذا كان طفال،
فال يش ترط أن يك ون م دمنا ب ل يكفي أن يك ون مس تهلكا إلق رار العالج ك إجراء ب ديل عن
السجن ،ومن هنا تبرز الثغرة التي يعاني منها التشريع الجزائي التونسي ذلك أّن ه ال يجب
أن ننتظر بلوغ حالة االدمان حتى يتّم العالج وهو عكس التمشي الذي اعتمد في القوانين
المقارن ة كالق انون المص ري والق انون الفرنس ي ال ذان فّض ال التفرق ة المبني ة على تص نيف
2
-انظر القانون المصري الفصل 37مكرر (أ) فقرة ثانية والفصل 37مكرر (ب) فقرة ثالثة ومن خاللها فرق القانون 2
المذكور ضمنيا بين صنفين من المستهلكين من خالل تفرقته بين طريقتين من العالج األولى البقاء المس تمر ب دور العالج
والثانية :هي الترّد د على دور العالج.
60
ويت بّين من ذل ك أّن المش ّر ع جع ل العالج عقوب ة تكميلي ة بالنس بة للم دمن الراش د
ولكنه من جهة أخرى جعل العالج اجراءا بديال عن العقوبة البدنية بالنسبة للطفل القاصر.
يظ ّل النقص قائم ا بالنس بة لمص اريف العالج ذل ك أّن الفص ل 121من ق انون 26
جويلي ة 1969نّص على أّن "مص اريف العالج قص د التخّلص من االنس مام محمول ة على
المع ني ب األمر اّال في ص ورة االعف اء الممن وح من ك اتب الدول ة للص ّح ة عن دما يّتض ح أّن
م وارد المع ني ب األمر غ ير كافي ة" .ويك ون ب ذلك مج ال انطباق ه مقتص را على حال ة العالج
الوجوبي المأذون من طرف لجنة االدمان دون العالج المأذون من طرف المحكمة (راشد
-طفل) صلب الفصالن 19فقرة 1و 19مكرر وكذلك العالج بموجب تعّه د من المحكوم
عليه صلب الفصل 19مكرر فقرة .2
أّم ا المش ّر ع الفرنس ي فق د نّص على مجاني ة العالج بالنس بة للعالج التلق ائي مثل ه
1
مث ل المش ّر ع المص رّي بي د أّن ه ذا األخ ير أل زم ب دفع نفق ات العالج في ح ال مغ ادرة
2
1
- L'art 3411-2 : "les dépenses de prévention résultant du présent livre, les dépenses de soins entraînées par
l'application des articles L. 3414-1 et L. 3424-2, ainsi que les dépenses d'aménagement des établissements de
cure sont prises en charge par l'Etat.
Toutefois, lorsque la cure de désintoxication est réalisée avec hébergement dans un établissement de santé, les
dépenses afférentes à la cure sont prises en charge par les régimes d'assurance maladie".
- 2تنّص المادة 37مكرر (أ) ( )1الفقرة انه "إذا غادر المريض المصّح ة أو توقف عن ال تردد على دور العالج المش ار
إليها قبل صدور قرار الّلجنة المذكورة يلزم بدفع نفقات العالج ويجوز تحصيلها منه بطريق الحجز اإلداري".
-انظر مداوالت مجلس النواب ص .47 3
61
صندوق وطني يتمّتع بالشخصية المعنوّية وباالستقالل المالي على غرار صندوق الضمان 1
من ح وادث الطرق ات يختص بمعالج ة االدم ان بي د أّن ه ذا االق تراح لم يج د ص داه أثن اء
المناقشة.
الفقرة الرابعة :عدم مراعاة حالة التأكد التي تفرضها الحالة الصحية للمدمن:
المالحظ بالنسبة لمعالجة مدمني المخدرات صحّيا ،أن المشرع صلب قانون ماي
1992لم يراع حالة التأكد واالستعجال التي تفرضها الحالة الصحية للمدمن سواء قبل أو
بعد النطق بحكم االدانة ولعّل ه يكون من الوجيه لو يقع االذن بعالج المدمن سواء من لدن
وكي ل الجمهوري ة أو ح اكم التحقي ق أو ح اكم األطف ال مثلم ا ه و الش أن بالنس بة للق انون
الفرنسي الذي مّك ن حاكم التحقيق ووكيل الجمهورية أو حاكم األطفال من امكانية اخضاع
المدمن لفترة عالج من التسّم م .
2
ك ذلك في ح ال إث ارة ال دعوى العمومي ة ض ّد من لم يمتث ل للعالج ،ف إّن االش كال
يطرح في حال معاناته ألعراض االنسحاب عن المخدر وتعكر حالته الصحّية خاص ة وأن
الفصل 19من قانون ماي 1992ال يأذن بالعالج إّال عند المحاكمة وهنا يبرز بوضوح
حاج ة التش ريع الج زائي التونسي لمث ل الفص ل 628من ق انون الص ّح ة العمومّي ة الفرنسي
ال ذي اعطي الح ق في امكاني ة ع دم التتب ع لك ّل من وكي ل الجمهوري ة وقاض ي التحقي ق
وقاضي األطفال إذ جاء فيه :
-انظر المادة 37مكرر (د) ( )1الذي يقضي بإنشاء صندوق خاص لمكافحة االدمان والتعاطي. 1
-قّر رت السلطة الفرنسية في نوفمبر 1996توزيع العالج البديل المتمثل في الميتادون في السجون. 2
62
الفرع الثاني :تجريد القضاء من صالحية تفريد العقوبات:
جسد القانون عدد 52لسنة 1992المتعلق بالمخدرات سياسة جزائية تقوم على
فك رة تش ديد العقوب ات في مواجه ة ك ل من ي رتكب ج رائم مخ درات بم ا في ذل ك جريم ة
اإلستهالك مع تجريد القضاء من صالحية تفريد العقوبات وتحديدا من صالحية تخفيفها
وإ عم ال ظ روف التخفي ف ال واردة بالفص ل 53من المجل ة الجزائي ة فأص بح دور القاض ي
يقتصر على النطق بالحكم في جنحة إستهالك المخدرات التي أصبحت األحكام الصادرة
في بأنه ا مح ددة بالس جن لم دة ع ام وبخطي ة أل ف دين ار وهي العقوب ة المنص وص عليه ا
بالفصل 4من قانون 1992ال ذي يق ر عقوبة من عام س جن إلى خمسة أع وام وبخطية
من ألف دينار إلى خمسة أالف دينار ويحجر على القاضي النزول بالعقاب إلى أدناه.
وق د أدى تط بيق ه ذا التحج ير إلى انحص ار دور القاض ي في إثب ات اإلدان ة و
التص ريح بالعقوب ة ال تي ض بط المش رع أدناه ا و أقص اها وه و م ا يمث ل اعت داء على
صالحيات القضاء يستوجب الدفع بعدم دستورية هذا القانون.
واتجه فقه القضاء في المقابل إلى التشدد في إثبات جرائم المخدرات مع القضاء
بأدنى العقوبة المقررة.
انتهت تجرب ة التش دد التش ريعي في مواجه ة اس تهالك المخ درات إلى الفش ل فق د
تض اعف ع دد المحك وم عليهم في ج رائم المخ درات وتزاي دت ظ اهرة الع ود في ص فوفهم
وأدى إلى ع دة مآس ي اجتماعي ة خاص ة بالنس بة لمن زلت بهم الق دم ألول م دة في ع الم
اإلس تهالك وم ا يمكن أن ينج ر عن ه من ض ياع الش باب ج راء دخ ول الس جن ومرافق ة
المج رمين أثن اء قض اء الم دة الس جنية خاص ة بالنس بة للمبت دئين وال س يما التالمي ذ والطلب ة
منهم إض افة إلى إكتظ اظ الس جون ب النظر لألع داد المتزاي دة من المس تهلكين مم ا دف ع
الحكومة إلى التقدم لمجلس نواب الشعب بمشروع القانون األساسي عدد 79لسنة 2015
63
المتعلق بالمخدرات الذي إنبنى على مقاربة قوامها أن مستهلك أو مدمن المخ درات يع د في
المق ام األول ض حية للظ اهرة يستحق المس اعدة وأن امتناع ه عن قب ول المساعدة يستدعي
تس ليط عقوب ة في حق ه تتناس ب م ع األفع ال المنس وبة إلي ه من دون تش دد وذل ك مقاب ل
المحافظة على تجريد القاضي من صالحية تفريد العقوبة بالنسبة للمروجين .
64
الفصل الثاني :الحلول القانونية الممكنة لمعالجة ظاهرة اإلدمان:
من أهم م ا ج اء ب ه مش روع الق انون التمي يز بين فئ ة المس تهلكين وفئ ة
المروجين وغيرهم:
م يز مش روع الق انون بش كل واض ح بين المس تهلك والم ّر وج ،إذ على خالف مب دأ
الت درج ومنح الس لطة التقديري ة للقاض ي إزاء المس تهلك ف إن المش رع ح رص على تش ديد
العقوبة و المحافظة على الطابع الزجري الرادع للجرائم المتصلة باإلتجار غير المشروع
في المخّد رات التي غالبا ما تكتسي طابعا منّظما وعابًر ا للحدود الوطنية.
وقد أخذ المشرع بعين اإلعتبار ارتباطها بجرائم غسل األموال وتمويل اإلرهاب
ال تي تش كل خط را على النظ ام الع ام االجتم اعي واالقتص ادي ف أقر جمل ة من العقوب ات
المشّد دة.
65
بعقوبات بديلة تحقق اإلصالح وإ عادة اإلندماج بالنسبة لمستهلكي المخدرات.
وهو ما يستدعي اعتماد تمشي جديد يهدف إلى الوقاية والعالج من خالل :
تمت ع مس تهلكي المخ درات ب الحق في العالج الب ديل و التغطي ة اإلجتماعي ة -
وفي ه ذا اإلط ار س يتم إح داث لجن ة وطني ة ولج ان جهوي ة للتعه د واإلحاط ة بمس تهلكي
المخدرات تشرف على تنفيذ العالج والمراقبة لطبية الذي ستتم بمؤسسات صحّية عمومية
أو خاصة مّر خص لها من الوزير المكّلف بالصحة بناءا على شروط تضبط بأمر حكومي.
ال يقع تتبع أو محاكمة من توّر ط ألم ّو ل م ّر ة في استهالك مادة مخ ّد رة في -1
صورة موافقته على الخضوع للعالج أو وضعه تحت المراقبة الطبّية.
يع اقب بخطي ة من أل ف دين ار إلى ألفي دين ار ك ل من اس تهلك م اّد ة مخ درة -2
أو مس كها لغاي ة اإلس تهالك الشخص ي ولم يواف ق على الخض وع لنظ ام عالجي طّبي أو
نفسي أو إجتماعي أو وضعه تحت المراقبة الطبّية بمؤسسة صحّية.
يع اقب بخطّي ة من ألفى دين ار إلى خمس ة أالف دين ار ك ل من إس تهلك م اّد ة -3
مخ درة أو مس كها لغاي ة اإلس تهالك الشخص ي م رة ثاني ة من غ ير الح االت المس موح به ا
قانونا.
ه ذا وق د أدرج مش روع الق انون العقوب ة الس جنّية لمس تهلك المخ ّد رات في الم ّر ة
الثالثة حيث ينص على:
66
يع اقب بالس جن من س تة أش هر إلى ع ام واح د وبخطّي ة من ألفي دين ار إلى -4
خمس ة آالف دين ار ك ل من ك ّر ر إس تهالك م ادة مخ ّد رة أو مس كها لغاي ة اإلس تهالك
الشخصي.
ويمكن للمحكم ة أن تستبدل عقوبة الس جن النافذ المحك وم بها بعقوب ة العمل لفائ دة
المصلحة العامة ( العقوبات البديلة).
يع اقب بخطي ة من أل ف على ألفى دين ار ك ل من ت ردد على مك ان أع ّد أو -5
هيئ لتعاطي المخدرات ويجرى فيه تعاطيها مع علمه بذلك.
ويستثنى من ذلك قرين وأصول وفروع وإ خوة من أعد أو هيأ ذلك المكان وكل
من يقيم معه عادة.
يع اقب بالس جن من س ته أش هر إلى ع ام واح د وبخطّي ة من ألفى دين ار إلى -6
خمسة أالف دينار كل من يرفض الخضوع لعملية أخذ عّينات بيولوجية الستكشاف مواد
مخّد رة.
كما نص مشروع القانون في فصله التاسع والثالثين على إمكانية أن تقضي -
المحكم ة المختص ة إلى ج انب العقوب ات األص لية ببعض العقوب ات التكميلي ة المنص وص
عليه ا بالفص ل الخ امس من المجل ة الجزائي ة على غ رار س حب رخص الس ياقة أو تعلي ق
الحصول عليها لمّد ة تصل إلى ثالثة أعوام من تاريخ صيرورة الحكم باتا.
67
إحداث لجنة وطنّية للتعّهد واإلحاطة بمستهلكي المخّد رات ل دى وزارة )1
الصحة ولجان جهوية للتعّهد واإلحاطة بمستهلكي المخ ّد رات بكل والّي ة تهدف على
دعم الجانب الوقائي والعالجي وتسهر على تنفيذ النظام العالجي أو المراقب ة الطبي ة
والتنسيق مع السلط القضائية المتعهدة.
كما أّن ه ولئن حافظ مشروع القانون على مبدأ تجريم استهالك المخدرات إّال أنه -
أق ّر نظام ا جدي دا يس مح باعتم اد آلي ة العالج س واء قب ل اكتش اف الجريم ة أو
إثرها.
فقبل اكتش اف الجريمة يمكن لكل شخص استهلك مادة مخ ّد رة أن يتق دم تلقائيا -
إلى مؤسس ة ص حّية عمومي ة أو خاص ة م رخص له ا للعالج دون أن ي ترتب
تتبعات عدلية ويمارس هذا الحق في عدد غير محدد من المرات.
أّم ا بع د إكتش اف الجريم ة :ف إن طلب العالج ي ؤثر على م آل ال دعوى الجزائي ة -
في المناسبة األولى فقط إذ يسمح إنهاء البرنامج العالجي من إيقاف التتبعات أو
المحاكمة.
68
وال يمنع تمتع الشخص بهذا اإلجراء من طلب العالج تلقائيا في مرات أخرى لكن
دون أن يكون للعالج تأثير على الدعوى الجزائية .
وفي الح التين مكن المش رع الط بيب المس ؤول على تنفي ذ النظ ام العالجي من
وصف أدوية تستعمل كبديل خالل م ّد ة العالج بعد الحصول على ترخيص الّلجنة الوطنية
بناء على رأي اللجنة الجهوية .
وقد أقر المشرع سلما تصاعديا للعقاب حتى ال يؤول إرساء هذا النظام الجديد
إلى تشجيع على استهالك المخدرات وذلك عبر:
منح إمكانية إيقاف التتبعات أو المحاكمة في مناسبة وحيدة مع عقوبات خفيفة -
من صنف الخطايا في المرة األولى.
وفي الم رة الثاني ة أق ّر تج ريم جدي د لإلس تهالك المك رر ال ذي يه دف إلى -
الردع مع إمكانية التخفيف من العقاب باعتماد الفصل 53من المجلة الجزائية ومكّنه أيضا
من إمكاني ة إس تبدال العقوب ة الس البة للحرّي ة في ص ورة الحكم به ا بعقوب ة العم ل لفائ دة
المصلحة العامة.
كم ا س يتم تمكين األطف ال الج انحين في قض ايا اس تهالك المخ درات والمس ك -
لغاّي ة اإلستهالك من آليات العالج الطبي أو اإلجتماعي أو النفسي للتخلص من اإلدمان و
التبعّي ة م ع تمكين قاض ي األطف ال باإلكتف اء بآلي ات العالج دون أن يمن ع ذل ك من إتخ اذ
التدابير المنصوص عليها بمجلة حماية الطفل وفق للمصلحة الفضلى للطفل.
69
الفرع الثاني :محدودية المقاربة المقترحة بمشروع القانون لمعالجة ظ اهرة
اإلدمان:
تظه ر محدودي ة مش روع الق انون خاص ة بالنس بة لمقترح ات تخفي ف العقوب ات
الخاصة بالمستهلكين في المرتين األولى والثانية إذ ستلغى العقوبة البدنية وتستبدل بعقوبة
مالية أكبر قيمتها من ألفين إلى خمسة أالف دينار سيدفعها الولي حتما ألن غالبة الشباب
المدمن عاطل عن العمل أو قاصر.
ولكن أخطر تناقض في المشروع الحكومي أنه من جهة قد أورد أنه ال يقع تتبع
أو محاكم ة من ت ورط ألول م رة في إس تهالك م ادة مخ درة " في ص ورة موافقت ه على
الخضوع للعالج أو وضعه تحت المراقبة الطبية" ومن جهة أخرى أنه "يعاقب بخطية من
أل ف دين ار إلى ألفي دين ار ،ك ل من اس تهلك م ادة مخ درة أو مس كها لغاي ة اإلس تهالك
الشخص ي ولم يواف ق على الخض وع لنظ ام عالجي ط بي أو نفس ي أو إجتم اعي أو وض عه
تحت المراقبة الطبية بمؤسسة صحية" وهو ما جعل مشروع القانون الجديد مح ّل إنتقادات
عدة إذ يبدو أن السياسة العقابية ال تزال قائمة.
70
موض وعي إض افة إلى أن التع ديل المق ترح في ح ال إق راره ي ؤدي إلى إيالء القض اء
مسؤولية كبيرة في تحديد وجهة التعامل مع األشخاص المدمنين والمقاربة المعتمدة فعليا
في هذا المجال.
فهل يؤدي الفقه القضائي على تكريس مبدأ العالج كبديل عن المالحقة على أساس
أن المدمن ض حية أو م ريض وأن على المجتمع التدخل لتحريره من ارتهانه للم ادة؟ وفي
هذه الحالة تصبح المعاقبة مجرد وسيلة للضغط على المدمن لوضعه على سكة العالج من
دون أن تكون هنالك نية في اللجوء إليها أم يبقى المنطق العقابي سائدا بفعل الممارسات
المعمول بها طوال العقود الماضية على أساس أن اإلدمان آفة يتعين مكافحتها وردعها من
دون أي مجال للتسامح ،وب الطبع بين هذين اإلحتمالين إحتم االت عدة منها تعدد المواقف
القضائية من التطبيق وما تتيحه من طبقية وتدخل في العمل القضائي.
71
الـــخـــاتـــمـــة
تخض ع وض عّية م دمن المخ درات في الق انوني التونس ي إلى ق انون 26جويلي ة
1969وقانون 18ماي 1992وال تي تقوم على فكرة اعتب ار الم دمن مريض ا يحت اج إلى
العالج أك ثر من ه م ذنبا يس تحق العق اب وهي منبثق ة عن تمش ع المّي رام المش رع تحقيق ه
1
يه دف إلى تك ريس مب ادئ حق وق االنس ان من خالل اعتم اد مفه ومي االص الح والتأهي ل
واعتمادا على التدابير االحترازية والعالجية للوقاية من الجريمة ومعالجة المنحرفين.
لكن وإ ن ك ان التمش ي العالجي دائم ا على اعتب ارات اجتماعي ة وانس انية بي د اّن
الخيار الزجري الوارد بقانون ماي 1992الذي اعتبر العالج متوازيا مع العقوبة البدنّي ة
أبرزت قصور الخيار العالجي ونقائصه.
وتتمثل نقائص التشريع التونسي في جمود عقوبة استهالك المخدرات وعدم امكان
تط بيق ظ روف التخفي ف إذ ان المش رع ظ ل محافظ ا على مق دار العقوب ة الجس دية المق ّر رة
لالستهالك مع غياب التمييز بين أصناف المستهلكين (مستهلك أّو ل م ّر ة -مستهلك متع ّو د
-ومس تهلك م دمن) ،كم ا تظه ر من خالل تحدي د ف رص العالج وجعله ا مقتص رة بالّنس بة
للعالج التلقائي مّر ة واحدة وعدم االلتفات لحالة االنتكاس (.)Rechute
وه و مح دود لغي اب مراك ز لتأهي ل الم دمن بع د خروج ه من العالج من التس ّم م،
ولوجود اختالف في النظرة بين الطبيب والقاضي بالنسبة للمدمن ،ذلك أن هذا األخ ير عن د
تس ليطه عقوب ة على م دمن المخ درات فه و ال يقاض ي إنس انا وإ نم ا م اّد ة حس ب رأي بعض
الفقه اء بينم ا الط بيب ينظ ر إلى الم دمن نظ رة إنس انية أك ثر منه ا اتهامّي ة ل ذلك فق د اقتن ع 2
1
"- André Vitu "Il faut distinguer le cas des intoxiques véritables malades qu'il faut soigner plutôt que punir
Droit pénal spécial - éditions CUJAS 1982 - p 1163.
2
- Charles Henri de Choiseul Praslin "La Drogue : une économie dynamisée par la répression" Marée Blanche -
collection sociétés en mouvement - Presses de CNRS 1990.
72
األس تاذ Marcel Colinوال دكتور Jean-Marque Elchardius et Jacques Vedrinneأّن
"المدمن هو قبل كّل شيء شخص مريض ...من القانون" .
1
ومن ثّم ة كان من المتحّتم تدارك هذا النقص بوجوب التنسيق بين الطبيب المعالج
والقاضي.
وفي ه ذا اإلط ار ب رزت عدي د ال دعوات المنادي ة بتنقيح الق انون ع دد 52لس نة
1992من طرف حقوقيين وناشطين في المجتمع المدني مما دفع الحكومة التونسية إلى
التقدم لمجلس نواب الشعب بمشروع القانون األساسي بمشروع القانون األساسي عدد 79
لس نة 2015المتعل ق بالوقاي ة من المخ درات وعالج مس تهلكيها وزج ر التعام ل غ ير
المشروع بها ويهدف مشروع القانون المعروض إلى تحوير التشريع المتعلق بالمخدرات
وذل ك بإلغ اء الق انون ع دد 52لس نة 1992الم ؤرخ في 18م اي 1992المتعل ق
بالمخ درات وتعويض ه بق انون جدي د في إط ار مزي د مواءم ة التش ريع التونس ي لإلتفاقي ات
المصادق عليها وألحكام الدستور الجديد التي تكفل حقوق اإلنسان في كونيتها وشموليتها
وترابطها وخاصة الحق في الصحة.
وإ عتب ارا للتوج ه الجدي د المعتم د في أغلب األنظم ة المقارن ة في مج ال السياس ات
الجزائي ة ال ذي يك رس الوقاي ة قب ل الزج ر ويش جع على المب ادرة التلقائي ة بطلب العالج
والت داوي ويحث على إس تبدال العقوب ات الس البة للحري ة بعقوب ات بديل ة تحق ق اإلص الح
وإ ع ادة اإلن دماج بالنس بة لم دمني المخ درات إقتض ى األم ر إعتم اد تمش ي جدي د يه دف إلى
الوقاية والعالج بتكريس آليات تمتع مستهلكي ومدمني المخدرات ب الحق في العالج الب ديل
والتغطي ة اإلجتماعي ة وتم في ه ذا اإلط ار إح داث لجن ة وطني ة ولج ان جهوي ة للتعه د
واإلحاط ة بمس تهلكي المخ درات تش رف على تنفي ذ العالج والمراقب ة وفي المقاب ل أبقى
المش روع على الط ابع الزج ري ال رادع للج رائم المتص لة باإلتج ار غ ير المش روع في
1
- Revue Science Criminelle et Droit Pénal comparé 3 Juillet - Septembre 1988. p 617.
73
المخدرات.
وتبرز أهمية محدودية المقاربة التي يتبناها المشرع التونسي أيضا على مستوى
ض عف البني ة التحتي ة ال تي تمكن من حس ن تط بيق أي إص الح ق انوني في ه ذا المج ال من
خالل غياب المراكز الطبية المختصة الني من شأنها إستيعاب األعداد الهائلة من المدمنين
الذين هم بحاجة إلى إحاطة ومعالجة نفسية وصحية لتخليص أبدانهم من السموم الناتجة
عن إدمان المخدرات وكذلك المعالجة اإلجتماعية لتيسير إعادة إندماجهم في المجتمع من
جديد وهو ما من شأنه أن يجعل أي تغيير أو إصالح على المستوى التشريعي ال جدوى
ل ه في ظ ل الوض ع الم تردي ال راهن خاص ة وأن مش روع الق انون إتج ه أساس ا إلى تحدي د
مؤسسات عالج اإلدمان بشكل شمل المشافي العمومية والمؤسسات الصحية الخاص ة وك ان
من األجدر البدء أوال بإحداث مراكز عالج طبي ونفسي مختصة في كافة الجهات لمآت
اآلالف من الم دمنين وق د ن ادى مختص ين في علم النفس واإلجتم اع إلى ض رورة تهيئ ة
األرضية المناسبة قبل إلغاء القانون الردعي حتى ال يتحول القانون إلى تشريع غير مباش ر
الستهالك المخدرات وخاصة أن ما يوجد من مراكز حاليا غير مؤهل الستقبال هذا العدد
منظمة ( Human Rights watchمنظمة تعنى بمراقبة حقوق اإلنسان في العالم) .تقرير بعنوان " كل هذا بسبب سيجارة 1
74
من متع اطي المخ درات بع د غل ق المرك ز المختص بجب ل الوس ط من ذ جويلي ة 2011
والص عوبات المالي ة ال تي يع اني منه ا المرك ز الت ابع للجمعي ة التونس ية للوقاي ة من تع اطي
المخدرات بصفاقس وهو مهدد بالغلق وأن المراكز األخرى تحت إشراف جمعيات مدنية
وغير مؤهلة لتقديم عالج متكامل للمدمنين.
ومن حص يلة م ا تق ّد م يتحّتم مالءم ة التش ريع للمف اهيم االجتماعي ة المتغّي رة بحيث
يك ون منبثق ا من الواق ع االقتص ادي واالجتم اعي التونس ي ال أن يتبّنى تش ريعا مس توردا ال
يتناسب ومجتمعنا.
"مقاوم ة االدم ان على المخ درات ه و في اآلن نفس ه إج راء ح رب حقيقي ة ض ّد
االّتجار العالمي ،ضمان السالمة المدنية من أّي شكل من أشكال االنحراف ،حماي ة الص ّح ة
العاّم ة من أي مرض ،ومعالجة مدمنوا المخ ّد رات بغية االحترام المطلق للحقوق األساس ّية
للذات البشرّية ".
1
1
- C. Trautmann "Lutte contre la toxicomanie et le trafic des stupéfiants" rapport au premier ministre,
Documentation française. 1989.
75
قائمة المراجع
المراجع باللغة العربية
اسماعيل العياري :السر المهني ومسؤولية الطبيب ،مجّلة القضاء والتشريع مارس -
.1988
المختار الجلولي الهاني ،التوجهات الحديثة للسياسة العقابية في تونس مجلة القضاء -
والتشريع أكتوبر . 2000
انظ ر عف اف ش عبان :األم راض الس ارية والق انون :رس الة ختم ال دروس بالمعه د -
األعلى للقضاء :الفوج 13السنة القضائية . 2002-2001
أنظ ر مص طفى اليحي اوي :النظ ام الق انوني للعالج من االدم ان على اس تهالك -
المخدرات -مجّلة القضاء والتشريع -أفريل 1997ص .17
تقرير منظمة Human Rights watchبعنوان " كل هذا بسبب سيجارة حشيش" -
الحه، ق إلص ة الطري ي القمعي وخارط درات التونس انون المخ ق
.https://www.htw.org/report2016
دراسة جرائم المخدرات على ضوء القانون عدد 52لسنة 1992المؤرخ في 18 -
ماي - 1992القضاء والتشريع عدد - 1جانفي . 1996
رض ا المزغ ني :العقوب ات في ج رائم المخ درات ،الملتقى الوط ني المعه د األعلى -
للقضاء 12 :و 13فيفري . 1993
رؤوف عبي د -ش رح ق انون العقوب ات التكميلي في ج رائم المخ درات ،التش رد، -
األسلحة والذخائر واالشتباه وتهريب النقد .دار الفكر العربي . 1979
76
عصام األحمر ،المخدرات والمواد السمّية بين القانون وفقه القضاء ،ص ،3مركز -
الدراسات القانونية والقضائية ،تونس . 2013
فتحي بورخيص ،جرائم المخدرات ،رسالة تخرج من المعهد األعلى للقضاء السنة -
الدراسية .1993-1992
م داوالت مجلس الن واب -ع دد 31جلس ة ي وم الثالث اء 12واالربع اء 13م اي -
.1992
مديحة سعّيد :سّر الطبيب والمحامي المهني واالثبات الجزائّي :مذكرة لنيل ش هادة -
الدراسات المعّم قة في العلوم الجنائية -محمد صالح بن حسين :المسؤولية الطبّي ة
في القانون التونسي ،مجلة القضاء والتشريع -مارس . 1996
مص طفى اليحي اوي :اج راءات التتب ع والمحاكم ة في م اّد ة المخ درات :الملتقى -
الوطني حول المخّد رات ص .126
مصطفى مهدي هرجة :جرائم المخدرات في ضوء الفقه والقضاء -سنة .1992 -
من ير ري اض حن ا :المس ؤولّية الجنائّي ة لألطب اء والص يادلة -دار المطبوع ات -
الجامعية -االسكندرية . 1989
نجالء المص مودي المس دي :األس رار الطبي ة ،رس الة تخ رج من المعه د األعلى -
للقضاء -السنة القضائية . 1990
77
- André Vitu " Droit pénal spécial - éditions CUJAS 1982 .
78
الفهرس
الـــمـقـدمـة 1.............................................................................
الجزء األّو ل :محتوى النظام القانوني 8..................................................
الفصل األول :العالج السابق للتتبع 11.............................................. :
الفرع األول :شروط العالج السابق للتتبع11........................................ :
الفقرة األولى :األشخاص الذين يحّق لهم طلب العالج 11........................:
الفقرة الثانية :الهيكل المختص بقبول مطلب العالج 14...........................:
الفقرة الثالثة :شروط طلب العالج 18........................................... :
الفرع الثاني :آثار طلب العالج التلقائي 22......................................... :
الفقرة األولى :االعفاء من التتبع 22............................................ :
الفقرة الثانية :حجز المواد المخّد رة 24.......................................... :
الفقرة الثالثة :سرية العالج 25.................................................. :
.1شروط مؤاخذة جريمة إفشاء السر المهنّي 27............................... :
أ -صفة من أؤتمن على السّر 27............................................ :
ب -وجود السّر 28.......................................................... :
ج -فعل االفشاء 28......................................................... :
د -قصد االفشاء 29......................................................... :
الفصل الثاني :العالج الالحق للتتّبع 30.............................................. :
الفرع األول :العالج المأذون به من طرف المحكمة من تلقاء نفسها 30............:
الفقرة األولى :العالج اختيار موكول للمحكمة 30................................:
الفقرة الثانية :وجوب توافر شرط االدمان 33.................................... :
79
الفقرة الثالثة :العالج إجراء مكّم ل للّس جن 36.................................... :
الفقرة الرابعة :العالج اجراء بديل عن الّس جن 36................................:
الفقرة الخامسة :مّد ة العالج 39.................................................. :
الف رع الث اني :العالج الم أذون ب ه من ط رف المحكم ة بم وجب تعه د من المحك وم
عليه 40........................................................................... :
الفقرة األولى :تعهد المحكوم عليه بالعالج 41................................... :
الفقرة الثانية :مكان العالج ومصاريفه 41....................................... :
الفقرة الثالثة :عالج االدمان 45................................................. :
الفرع الثالث :االستشفاء الوجوبي 48............................................. :
الفقرة األولى :االستشفاء الوجوبي اجراء استثنائي 49...........................:
الفقرة الثانية :االستشفاء الوجوبي إجراء قضائي 50............................. :
الفقرة الثالثة :التقاضي في االستشفاء الوجوبي 51...............................:
.1صفة القيام 51............................................................. :
.2شكل المطلب 52........................................................... :
الفقرة الرابعة :الطعن في قرارات االستشفاء الوجوبّي 53........................:
الجزء الثاني :محدودية النظام القانوني لإلدمان على المخدرات والحلول الممكنة54...:
الفصل األول :فشل المقاربة التشريعية المعتمدة لمعالجة اإلدمان55....................:
الفرع األول :تغليب السياسة العقابية على حساب البعد الوقائي والعالجي55.........:
الفقرة األولى :محدودية العالج السابق للتتبع55...................................:
الفقرة الثانية :التفرقة في العالج على أساس السن56..............................:
الفقرة الثالثة :عدم إقرار العالج المجاني لإلدمان57...............................:
الفقرة الرابعة :عدم مراعاة حالة التأكد التي تفرضها الحالة الصحية للمدمن58....:
80
الفرع الثاني :تجريد القضاء من صالحية تفريد العقوبات59.........................:
الفصل الثاني :الحلول القانونية الممكنة لمعالجة ظاهرة اإلدمان61.....................:
الفرع األول :الحلول المقترحة على ضوء مشروع القانون عدد 79لسنة 61. :2015
الفقرة األولى :مبدأ عالج اإلدمان كبديل عن مالحقته61.......................... :
الفقرة الثانية :التدابير الوقائية والعالجية63....................................... :
الفرع الثاني :محدودية المقاربة المقترحة بمشروع القانون لمعالجة ظاهرة اإلدمان65:
الفقرة األولى :المحافظة على تغليب السياسة العقابية بالنسبة للمدمن65............:
الفقرة الثانية :تجريد القضاء من سلطة تقدير العقوبة بالنسبة للمدمن المروج67...:
الـــخـــاتـــمـــة 68..........................................................................
قائمة المراجع 72.......................................................................
81