You are on page 1of 82

‫الهيئة الوطنية للمحامين بتونس‬

‫الفرع الجهوي بتونس‬

‫محاضرة ختم التمرين‬

‫الحماية القانونية للمدمن على‬


‫تعاطي المخدرات‬

‫األستاذ المحاضر‪ :‬األستاذ إلياس القصير‬


‫األستاذ المشرف على التمرين‪ :‬األستاذ شاكر علوان‬

‫السنة القضائية ‪2020-2019‬‬


‫الـــمـقـدمـة‬

‫كثيرا ما تستعمل كلمة –إدمان‪ -‬بصورة فضفاضة للداللة على ميل الى االنغماس‬
‫ب افراط في أوج ه النش اط الممتع ة طاالدم ان على مش اهدة التلف از اال أن ه ثم ة نوع ا من‬
‫اإلدمان يدخل تحث طائلة اإلدمان المدمر على المدى الطويل رغم أن جوهر هذا اإلدمان‬
‫هو السعي وراء المتعة والبحث عن نشوة ال تستطيع الحياة العادية أن تشعرنا بها‪.‬‬
‫وتتجلى خطورة هذا اإلدمان في عدم الق درة على القيام ب أي عمل يومي بصورة‬
‫طبيعي ة من دون اس تهالك المخ در‪ .‬بحيث يج د الم دمن نفس ه في حاج ة ماس ة الى تك رار‬
‫تناول المخدر مرة بعد أخرى إذ في هذا التكرار والتعود شيئ يجعل الحياة من دون تلك‬
‫الم ادة ناقص ة‪ .‬وق د يحق ق الجس م اإلش باع الكام ل بش كل م ؤقت غ ير أن الط وق إلى مزي د‬
‫تعاطي المخدر سرعان ما يعاوده مما يجعل الحاجة المتزايدة إلى المخدر بكمية أكبر عائقا‬
‫يحول دون القيام بأي عمل ومؤثرا تأثيرا ضارا على طاقة الجسم وخاصة الخاليا العصبية‬
‫بالمخ واإلصابة بأعراض الفشل الكبدي نتيجة تراكم السموم بالكبد ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وعلى ه ذا األس اس أض حت حماي ة الم دمن تكتس ي بع دا قانوني ا عالوة على البع د‬
‫الصحي وذلك للتصدي لظاهرة اإلدمان‪.‬‬

‫وب الوقوف على بعض اإلحص ائيات ‪ ,‬نت بين أن هات ه الظ اهرة تف اقمت واس تفحلت‬
‫‪2‬‬

‫حيث كش فت بعض الدراس ات عن أرق ام من ذرة ب الخطر باعتب ار أن اإلدم ان ص ار يش مل‬


‫الفئات العمرية الشابة واألطفال‪.‬‬

‫‪ 1‬الدكتور ماهر سعد "وراء كل مدمن سر" مجلة طبيبك الخاص عدد ‪ 373‬جانفي ‪2000‬‬
‫‪ 2‬كشفت دراسة حديثة أن نسبة اإلدمان على المخدرات في تونس ارتفعت ب ‪ % 70‬بعد الثورة فیما لوحظ أن ‪ % 30‬من‬
‫الفتیات في تونس يدمن المخدرات‪ .‬كما أن ‪ % 60‬من المدمنین ھم من الفئة العمرية المتراوحة بین ‪ 13‬و‪ 18‬عاما‪.‬‬
‫وأظهرت الدراسة المیدانیة أن ‪ 30‬بالمائة من فتیات تونس مدمنات على مختلف أنواع المخدرات وأن ھذه النسبة ترتفع‬
‫لدى الطالبات بالمعاھد الثانوية وبالجامعات لتبلغ ‪ 40‬في المائة مقابل ‪ 60‬في المائة لدى الذكور كما استنتجت الدراسة أن‬
‫نسبة اإلدمان لدى الشباب بصفة عامة ارتفعت بنسبة ‪ 70‬في المائة منذ ‪2011‬‬
‫‪1‬‬
‫كم ا إنتش رت ظ اهرة اإلدم ان إنتش ارا س ريعا خاص ة م ع ت وفر األرض ية المالئم ة‬
‫ل ذلك من ظ روف نفس ية أو إجتماعي ة أو إقتص ادية أو الرغب ة في اله روب من واق ع معين‬
‫‪1‬‬
‫وهو ما أكدته اإلختبارات والتحاليل النفسية المجراة على بعض المدمنين‪.‬‬

‫وي رى البعض أن ارتف اع ع دد المتع اطين للم واد المخ درة م رده ع دة عناص ر‬
‫موضوعية منها النقص في المتابعة األمنية خاصة لشبكات التهريب وعدم تطور المنظومة‬
‫التش ريعية المتعلق ة بالمخ درات والم واد الس مّية وع دم مالئمته ا للواق ع وذل ك رغم إع داد‬
‫مش روع تع ديل للق انون ع دد ‪ 52‬لس نة ‪ 1992‬المتعل ق بالمخ درات ال ذي لم تتم المص ادقة‬
‫عليه الى تاريخ اليوم من قبل مجلس نواب الشعب وعدم استكمال القانون المتعلق بإعادة‬
‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫تنظيم المواد السمّية‪.‬‬

‫وفي المقابل‪ ،‬الزال التشريع التونسي المتعلق بالمخدرات متميزا بطابعه الردعي‬
‫والزجري وخاصة في جرائم االستهالك والمسك واإلتجار بالمخدرات‪.‬‬

‫وك ان لتط ور الفك ر الق انوني الح ديث األث ر في تغي ير المف اهيم ل دى العدي د من‬
‫التشريعات في العالم في التعاطي مع ظاهرة اإلدمان حيث تغيرت نظرة التشريع والمجتمع‬
‫للمدمن معتبرين إياه مريضا يستحق الحماية والعالج قبل السعي الى حماية المجتمع منه‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد نشير إلى بعض االتفاقيات التي كان لها األثر على توج ه المش رع‬
‫التونسي‬

‫تعددت المعاهدات واالتفاقيات المتعلقة بجرائم المخدرات والتي وقع اعتمادها فيما‬
‫بع د في إط ار االتفاقي ة الوحي دة للمخ درات لس نة ‪ 1961‬المبرم ة ب نيويورك في ‪ 30‬م ارس‬

‫‪ 1‬نادية بن رمضان‪ :‬النظام القانوني لإلدمان على المخدرات في القانون التونسي‪ .‬محاضرة ختم تمرين السنة القضائية‬
‫‪.2017-2016‬‬
‫‪ 2‬ملحق عدد‬
‫‪ 3‬عصام األحمر‪ ،‬المخدرات والمواد السمّية بين القانون وفقه القضاء‪ ،‬ص ‪ ،3‬مركز الدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬تونس‬
‫‪2013‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ 1961‬وال تي أمض تها ت ونس في نفس الت اريخ وص ادقت عليه ا بالق انون ع دد ‪26/64‬‬
‫المؤرخ في ‪ 8‬ماي ‪ 1964‬وقد انصب التركيز في إطار هذه المعاهدة الدولية على ورود‬
‫أحك ام منظم ة للعالج من االدم ان من ذل ك أّن الم ادة ‪ 38‬منه ا تنص على أّن "ال دول‬
‫األطراف تنظر باهتمام خاص في اّتخاذ التدابير الّالزمة لتزويد مدمني المخدرات بالعالج‬
‫الط بّي والعناي ة والتأهي ل كم ا أوص ت نفس الم اّد ة بإنش اء المراف ق الكافي ة لتوف ير العالج‬
‫الناجع والفّع ال"‪.‬‬

‫وج اء في الم اّد ة ‪ 200‬فق رة ‪ 1‬من اّتفاقي ة األمم المّتح دة لمكافح ة االّتج ار غ ير‬
‫المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة ‪ 1988‬في الفقرة الرابعة من المادة الثالثة‬
‫أّن ه "يج وز لل دول األط راف أن تق ّر ر ب دال من العقوب ة ت دابير أخ رى مث ل التوعي ة واع ادة‬
‫التأهي ل وك ذلك عن دما يك ون المج رم م دمنا العالج والرعاي ة الّالحق ة وإ ع ادة االدم اج في‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫وق د س محت االّتفاقي ة العربي ة لمكافح ة االّتج ار غ ير المش روع بالمخ درات‬
‫والمؤثرات العقلية والتي تم التوقيع عليها بتونس بتاريخ ‪ 5‬جانفي ‪ 1994‬وصادقت عليها‬
‫ت ونس في ‪ 3‬فيف ري ‪ ،1997‬لألط راف الموقع ة في الم ادة ‪ 3-2‬التنص يص على اخض اع‬
‫المدمنين والمستهلكين عموما للعالج أو التوعية أو الرعاية الّالحقة أو إعادة التأهيل وذلك‬
‫بصفة مكملة للعقوبة أو بدال لها في بعض الحاالت الخاّص ة‪.‬‬

‫ومن ه ذا المنطل ق‪ ،‬وبم ا أن الق انون جع ل باألس اس لتنظيم المجتم ع والحف اظ على‬
‫توازنات ه فق د تب نى الق انون التونس ي منهج ا حمائي ا من ذ ق انون ‪ 1992‬إذ يعت بر أن الم دمن‬
‫مريض ولكن في نفس الوقت يعاقبه بالسجن دون الوقوف على حالة اإلدمان فكيف نعاقب‬
‫مريضا يستحق العالج؟‬

‫وعلى ه ذا األس اس تب نى المش رع التونس ي مقارب ة نموذجي ة ت وفر حماي ة قانوني ة‬

‫‪3‬‬
‫وص حية للم دمن ع بر تفعي ل آلي ات وت دابير احترازي ة وعالجي ة معت برا أن الم دمن م ريض‬
‫وأن الم ريض ض حية يس تحق العالج مت أثرا ب القوانين الدولي ة ذل ك أن ه أورد بالق انون ع دد‬
‫‪ 69-54‬الم ؤرخ في ‪ 26‬جويلي ة ‪ 1969‬المتعل ق بتنظيم الم واد الس مية في العن وان الس ابع‬
‫في "الكش ف عن الم دمنين ومع الجتهم" خمس ة فص ول تك رس حماي ة قانوني ة للم دمن بش رط‬
‫ثبوت ادانته جزائيا‪.‬‬

‫وقد توسع المشرع في نطاق الحماية صلب خمسة فصول وردت بالباب الرابع من‬
‫الق انون ع دد ‪ 52‬لس نة ‪ 1992‬الم ؤرخ في ‪ 18‬م اي ‪ 1992‬تحت عن وان "وقاي ة وعالج‬
‫الم دمنين على تع اطي المخ درات" ليش مل ك ذلك الم دمن ال ذي لم يق ع تتبع ه أو ثب وت إدانت ه‬
‫واإلجراءات الوقائية والحمائية المتعين اتباعها‪.‬‬

‫وق د تع ّد دت الق وانين المّتص لة باإلدم ان على المخ درات وتط ّو رت دون الوق وف‬
‫على تعريف محّد د لموضوع تدّخ لها‪ ،‬مقتصرة على االشارة إليها بالنصوص القانونّية‪.‬‬

‫ومن المتج ه قب ل الخ وض في دراس تنا توض يح المفه وم اللغ وي للمص طلحات‬
‫المكون ة لعنوانه ا ح تى يتس نى لن ا التط رق إلى تحلي ل مختل ف عناص ر الموض وع وف ق‬
‫المفهوم الحقيقي لتلك المصطلحات‪.‬‬

‫الحماي ة‪ :‬اس م من الفع ل حمى أي منع ه من ش يء أو دفع ه عن ه وحمى الم ريض‬


‫‪1‬‬
‫بمعنى منعه مما يضره‪.‬‬

‫اإلدمان أدمن الشيء‪ :‬أدامه أدمن الشراب وغيره أدامه ولم يقلع عنه ويقال أدمن‬
‫األم ر وعلي ه واظب‪ .‬أدمن على الش يء أدام فعل ه والزم ه ولم يقل ع عن ه والم دمن على‬
‫المخدرات هو المتعاطي لها على الدوام ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ 1‬المعجم الوسيط‪ :‬الطبعة الخامسة منقحة يناير ‪ ،2011‬مكتبة الشروق الدولية‪.‬‬


‫‪ 2‬المعجم الوسيط‪ :‬الطبعة الخامسة منقحة يناير ‪ ،2011‬مكتبة الشروق الدولية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المخ ِّدرات‪ :‬وج اء في لس ان الع رب البن منظ ور‪ :‬ويع ني الخ در من الش راب أو‬
‫الدواء؛ فتور وضعف يعتري الشارب وُيقال‪ :‬خدر العضو إذا استرخى فال يطيق الحركة‪،‬‬
‫وكل ما منع بصرك عن شيء وحجبه عنه‪ ،‬فقد أخدره ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫إن تعريف المخدرات يختلف باختالف النظرة إليها‪ ،‬ولذلك ال يوجد تعريف موحد أو متفق‬
‫عليه للمخدرات‪ ،‬تأتي كلمة مخدر ‪-‬بضم الميم وفتح الخاء وتشديد الدال المكسورة ‪-‬من‬
‫الخدر‪ -‬بكسر الخاء وسكون الدال ‪ -‬وهو الستر ‪ ،‬فيقال المرأة خدرها أهلها بمعنى‬
‫ستروها وصانوها من الممتهن‪ ،‬أي أن الخدر هو ما يستر الجهاز العصبي عن فعله‬
‫ونشاطه المعتاد‪.‬‬

‫فالحماي ة تختل ف تبع ا لطبيع ة الحق وق المحمي ة فحماي ة الم ريض تمنع ه مم ا يض ره‬
‫وذل ك بعالج ه‪ .‬فالحماي ة المقص ودة في دراس تنا تتمث ل في اآللي ات المت وفرة في ق انون‬
‫المخدرات قصد حماية المدمن وذلك عبر عالجه من اإلدمان‪.‬‬

‫الى أي م دى حق ق المش رع حماي ة الم دمن على تع اطي المخ درات في الق انون‬
‫التونسي؟‬

‫‪ 3‬لسان العرب البن منظور الجزء الثالث عشر‬

‫‪5‬‬
‫الجزء األّو ل‪ :‬تحديد نطاق الحماية القانونية للمدمن على تعاطي المخدرات‬

‫الفقرة األولى األشخاص المعنيون بالحماية‬

‫حدد المشرع األشخاص المعنيين بالحماية صلب القانون عدد ‪ 54‬لسنة ‪ 1969‬المؤرخ في‬
‫‪ 26‬جويلية ‪ 1969‬المتعلق بالمواد السمية الذي اشترط ثبوت اإلدانة لدى الشخص‬
‫المتعاطي للمخدرات المعني بالعالج‪ .‬إضافة الى القانون عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 1992‬المؤرخ في‬
‫‪ 18‬ماي ‪ 1992‬الذي تعرض الى وضعيات أخرى قبل ثبوت اإلدانة‪.‬‬

‫اشترط الفصل ‪ 18‬من القانون عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 1992‬توفر شرط اإلدمان لدى الشخص‬ ‫‪1‬‬

‫الذي يرغب في اتباع نظام عالج طبي للتخلص من التسمم بقطع النظر عما اذا كانت‬
‫المادة المخدرة مدرجة بالجداول (أ) أو (ب) أو (ج) المنصوص عليها بقانون ‪1969‬‬

‫‪ 1‬الفصل ‪ " 18‬يمكن لكل شخص أصبح مدمنا على تعاطي المخدرات وقبل اكتشاف األفعال المنسوبة إليه أن يتقدم مرة‬
‫واحدة بطلب كتابي مصحوب بشهادة طبية في الغرض سواء من تلقاء نفسه أو عن طريق القرين أو أحد أصوله أو فروعه‬
‫أو أطبائه إلى اللجنة المنصوص عليها بأحكام الفصل ‪ 118‬من القانون عدد ‪ 54‬لسنة ‪ 1969‬المؤرخ في ‪ 26‬جويلية ‪1969‬‬
‫المتعلق بتنظيم المواد السمية قصد إتباع نظام عالجي طبي للتخلص من التسمم"‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫وهكذا يتبين أن المشرع لم يميز بالفصل ‪ 18‬بين الجداول السمية الواردة بقانون‬
‫المخدرات بل اكتفى بتحقق حالة االنسمام للتمتع بالعالج ويكون بالتالي قد وسع المشرع‬
‫من مجال تطبيق الفصل ‪ 18‬ليشمل كافة حاالت االنسمام ويقحم أكبر عدد ممكن من‬
‫أصناف المدمنين‪ .‬خالفا لما أورده الفصل ‪ 19‬الذي ينسحب على سبيل الحصر على‬
‫‪1‬‬

‫األشخاص الثابتة إدانتهم من أجل استهالك المخدرات المعاقب عليها بالفصل ‪ 4‬من نفس‬
‫القانون وهي المخدرات المدرجة بالجدول ب دون غيرها‪.‬‬

‫ونشير في هذا السياق الى أن المشرع لم يعرف حالة اإلدمان مقتصرا على وجوب تحقق‬
‫هذا الشرط للتعتع بالعالج ويكون بالتالي قد أقصى من إمكانية العالج فئة ال يستهان بها‬
‫متمثلة في األشخاص المسهلكين العرضيين والغير متعودين على تعاطي المخدرات‬
‫باعتبار أن حالتهم لم تصل الى االستفحال أي درجة اإلدمان‪.‬‬

‫وبمقارنة القانون المصري والفرنسي مع القانون التونسي يتضح ان المشرع المصري‬


‫على عكس القانون التونسي قد وسع من نطاق الحماية لمتعاطي المخدرات وذلك بأن وفر‬
‫حماية قانونية لكافة أصناف المستهلكين‬

‫ومعنى ذلك أّن االدمان بمعناه اللغوي هو المداومة أو االستمرار في تعاطي شيء‬
‫معّين أّم ا قانون ا‪ ،‬فلم يع ّر ف التش ريع التونس ي االدم ان على المخ درات مثل ه مث ل الق انون‬
‫الّد ولي بل اّنه اكتفى بإدراج قائمة للمواد المخّد رة‪.‬‬

‫‪ 1‬الفصل ‪ "19‬يمكن للمحكمة المتعهدة بالقضية في صورة الحكم بإدانة المدمن على تعاطي المخدرات وفق مقتضيات‬
‫‪ 4‬من هذا القانون إخضاع المحكوم عليه للعالج من التسمم لفترة يحددها الطبيب المختص‪"...‬‬ ‫الفصل‬
‫‪7‬‬
‫وبالنسبة للمنظمة العالمية للص ّح ة فقد ع ّر فت االدمان على المخدرات سنة ‪1969‬‬
‫بأّنه حالة االفراط في استعمال األدوية ‪.La pharmacodépendance‬‬

‫وال يجب الخلط بين االدمان على المخدرات واألشكال األخرى لالدمان كاالدمان‬
‫على الكحول أو االدمان على التدخين أو االشكال الحديثة لالدمان كاالدمان على االنترنت‬
‫أو األفالم السينمائية أو "ألعاب الفيديو"‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وتج در االش ارة إلى أّن االدم ان على المخ درات يتس ّبب في انعكاس ات س لبّية على‬
‫صّح ة الفرد نفسّيا وعقلّيا وبدنّيا كما يكون للمخّد ر أثر سّي ء على المستوى الخلقي لضحاياه‬

‫كاالجرام ومن ثّم ة كانت عّل ة تحريم استهالك هذه المواد المخ ّد رة في التشريع االسالمّي‬
‫‪2‬‬

‫على أساس ما يترتب عليها من مضار تفقد االنسان القدرة على السيطرة واالّتزان وبالتالي‬
‫يتخّلف االنسان عن عبادة رّبه وتأدية فرائض االسالم‪.‬‬

‫لذلك بني حكم االسالم في تحريم المخدرات بالقياس على تحريم الخمر من حيث‬
‫ما يترتب أيضا من مضار وما تحدثه في العقل من شرود وتخدير وبالتالي اللهو عن ذكر‬
‫اهلل والقي ام بس ائر واجبات ه الديني ة والدنيوي ة الن االنس ان ه و خليف ة اهلل في األرض ق ال‬
‫تع الى ‪" :‬اني جاع ل في األرض خليف ة" وب ذلك ف إن الش ريعة االس المية تح رم المخ درات‬
‫‪3‬‬

‫واالدم ان عليه ا‪ .‬ولق د س بقت الش ريعة االس المية الق وانين الوض عية في ه ذا حينم ا ق ال‬
‫الرس ول الك ريم ص لى اهلل علي ه وس لم "إذا ش رب فاجل دوه‪ ،‬وإ ذا ش رب فاجل دوه وإ ذا ش رب‬
‫فاجلدوه وإ ذا شرب فاقتلوه" وعّلة القتل هي االدمان‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- "On peut rapprocher de ces problèmes, en prenant évidemment alors le terme de drogue dans un autre sens, la‬‬
‫‪"drogue" cinématographique (outre l'effet criminogène de certains films : v. le cinéma dans l'étude des facteurs‬‬
‫‪sociaux de criminalité) ; on parle aussi, à ce sujet, d' "intoxiqués", mais sur le plan psychologique et psychique‬‬
‫‪ou neuropsychique, l'exercés de cinéma peut avoir des effets physiques, et psychologiques".‬‬
‫‪Jean Languier : Criminologie et science pénitentiaire.‬‬
‫‪ -‬يقول علم الدين بن شكر ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫وحرام تحريم غير الحرام‬ ‫حرموه من غير عقل ونقول‬


‫‪ -‬سورة البقرة آية عدد ‪.30‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪8‬‬
‫ومن أجل كل ذلك حاولت التشريعات الدولية مكافحة هذه اآلفة الخطيرة خاصة‬
‫أم ام تطوره ا إذ أص بحت تنظم من ط رف مح ترفين في نط اق ش بكات وعص ابات داخلي ة‬
‫أو من ط رف منظم ات ارهابّي ة عالمي ة‪ ،‬وأهم مم يزات ه ذه العص ابات التنظيم فع ادة م ا‬
‫يكون لها مركز رئيسي في دولة انتاج ومراكز فرعية في دول العبور واالستهالك ومثل‬
‫هذا الوض ع ال يقتص ر على بل د دون آخر بعد أن أص بح االنتق ال من مك ان آلخر ميسورا‬
‫كأّن ه دول ة واح دة‪ ،‬وهك ذا لم تع د ت ونس بعي دة عن ه ذا الوب اء الفت اك خاص ة في الس نوات‬
‫األخيرة بمقتضى موقعها الجغرافي المفتوح على البحر األبيض المتوسط وأصبحت بذلك‬
‫تستعمل كمنطقة عبور العديد من المهربين والعصابات الدولية وقد ساعد التطور الحاصل‬
‫في ب روز ظ اهرة المخ درات به ذا الش كل إلى تس امح التش ريع التونس ي لس نة ‪ 1964‬م ع‬
‫المروجين وأصحاب العصابات وتسليط عقاب بسيط ال يزيد عن خمس سنوات سجنا كحد‬
‫أقص ى في ص ورة ادانتهم من أج ل ارتك ابهم لج رائم خط يرة كم ا ح دا ب األمم المتح دة إلى‬
‫اطالق ص يحة ف زع في ه ذا المج ال نتيج ة للتقري ر الس نوي المق دم له ا من ط رف المنظم ة‬
‫العالمي ة للص حة س نة ‪ 1987‬وال ذي تض من تزاي د ع دد الم دمنين على اس تهالك المخ درات‬
‫بكيفي ة ت دعو إلى الخ وف والهل ع األم ر ال ذي دع ا الهي أة األممي ة إلى عق د اجتماع ات‬
‫ومؤتمرات إقليمية وعالمية لهدف مقاومة استعمال المواد المخدرة واالتجار فيها ون ذكر في‬
‫ه ذا االط ار معاه دة "اله اي" من ذ س نة ‪ 1912‬المعروف ة باالتفاقي ة العالمي ة ح ول "االفي ون"‬
‫والتي أدت إلى إنشاء المجلس االستشاري من قبل عصبة األمم المّتحدة فيما يتعلق باألفيون‬
‫وذل ك س نة ‪ 1920‬بع د ذل ك أمض يت معاه دة ج نيف س نة ‪ 1931‬ألج ل وض ع ح د لص نع‬
‫وترويج المخدرات ولقد أّد ى ذلك إلى اعتماد نظام مراقبة مجرمي المخدرات ‪.‬‬

‫أّم ا بالنس بة للق انون التونس ّي ‪ ،‬فلق د ك ان االهتم ام بمس ألة العالج من االدم ان على‬
‫المخ درات ح ديث نس بّيا‪ ،‬ذل ك أّن حديث ه عن العالج من االدم ان ك ان بمناس بة النظ ر في‬
‫الق انون ع دد ‪ 54/69‬الم ؤرخ في ‪ 26‬جويلي ة ‪ 1969‬والمتعل ق بتنظيم الم واد الس مية غ ير‬

‫‪9‬‬
‫أن حديث ه عن العالج من االدم ان لم يش مل اّال حال ة من ثبتت ادانت ه دون الح ديث عن‬
‫العالج بدون ادانة وهو األمر الذي رّك ز عليه القانون عدد ‪ 52/92‬المؤّر خ في ‪ 18‬ماي‬
‫‪ 1992‬المتعلق بالمخدرات والذي خص الباب الرابع تحت عنوان "وقاية وعالج المدمنين‬
‫على تعاطي المخدرات"‪.‬‬

‫يكتسي موضوع "االدمان على المخدرات" أهمية نظرية وأخرى عملية‪.‬‬

‫يكتس ي موض وع النظ ام الق انوني لإلدم ان على المخ درات في ت ونس أهمي ة بالغ ة‬
‫سواء نظريا أو تطبيقيا وخاصة في هذا التوقيت بالذات وخاصة بالنظر إلى عرض وزارة‬
‫الع دل لمش روع ق انون يتعل ق الوقاي ة من المخ درات وعالج مس تهلكيها وزج ر المتعل ق‬
‫بالمخ درات وذل ك بإلغ اء الق انون إلى تح وير التش ريع المتعل ق بالمخ درات وذل ك بإلغ اء‬
‫القانون عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 1992‬المؤرخ في ‪ 18‬ماي ‪ 1992‬المتعلق بالمخدرات وتعويضه‬
‫بق انون جدي د وق د اث ار مش روع الق انون ج دال واس عا في ص فوف ال رأي لع ام والحقوق يين‬
‫ف رغم تأبي د البعض تغي ير وتع ويض الص بغة الزجري ة والعقوب ة وإ عتم اد مقارب ة إجتماعي ة‬
‫ونفسية برزت إنتقادات عديدة منها إتهامه بأنه مقصر ومنها أنه يفتح األبواب على مزيد‬
‫اإلستهالك‪.‬‬

‫اّن دراس ة موض وع االدم ان على المخ درات يجرن ا إلى البحث عن التس اؤل‬
‫التالي ‪:‬‬

‫ماهو النظام القانوني لإلدمان على المخدرات في تونس؟‬

‫اّن االجاب ة عن ه ذا التس اؤل تف رض أّو ال وقب ل ك ّل ش يء التع ّر ض إلى محت وى‬
‫نظ ام الق انوني لإلدم ان على المخ درات في ت ونس (الج زء األول) ثم الم رور إلى بي ان‬
‫محدودّية هذا النظام والحلول الممكنة (الجزء الثاني)‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المدمن‪:‬‬

‫أم ام فداح ة المض اعفات الص حية ال تي تنتج عن اإلدم ان على المخ درات ي برز‬
‫الخيار الوقائي كضرورة حتمية لمشكل اإلدمان وقد إختلفت المقاربات والنظريات المتعلقة‬
‫بالمعالج ة القانوني ة لظ اهرة اإلدم ان على المخ درات خاص ة م ع تأك د عالق ة ه ذه الظ اهرة‬
‫بعالم الجريمة وكذلك عالقة اإلدمان بإنتشار عديد األمراض خاصة األمراض السارية مما‬
‫دف ع ببعض البل دان خاص ة منه ا فرنس ا إلى تغي ير سياس تها الص حية وإ تخ ذت إج راءين‬
‫ه امين في نهاي ة الثمانين ات من ذل ك أنه ا وبع د ف ترة طويل ة من المن ع أص بحت عملي ة بي ع‬
‫الحقن مح ررة وق د إلتج أ المش رع الفرنس ي إلى عملي ة تق نين بي ع الحقن بع د أن أك دت‬
‫الدراس ات إق تران ظ اهرة اإلدم ان على المخ درات بوب اء الس يدا نظ را لتش ارك م دمني‬
‫المخدرات في الحقن‪.‬‬

‫لقد ظهر إختالف فقهي كبير بين نظريات متعددة في خصوص األساليب والطرق‬
‫الواجب انتهاجها لمكافحة ظاهرة إستهالك المخدرات واإلدمان عليها وبالت الي القض اء على‬
‫اإلتج ار غ ير المش روع فيه ا ففي حين ظه ر إتج اه ين ادي بض رورة المن ع الب ات الس تهالك‬
‫المخ درات قابل ه ش ق آخ ر ينتق د ه ذا التحج ير وي دعو إلى ع دم تق نين ه ذا المج ال وي ترك‬
‫لإلنسان الحرية في إستهالك المخدر من عدمه وبين هذين اإلتجاهين المتعارضين ظهرت‬
‫نظرية التوزيع المراقب للمخدرات‪.‬‬

‫يؤس س أص حاب نظري ة من ع إس تعمال الم واد المخ درة مب دأهم على أس اس من ع‬
‫ع رض المخ درات بتحج ير تواج دها الكلي والمطل ق نظ را لع دة إعتب ارات أخالقي ة‪ ،‬ديني ة‪،‬‬
‫صحية وإ جتماعية ويناصر هذا التيار الفكري ‪ M. Nahas‬بفرنسا ويعتبر أن اإلدم ان على‬

‫‪11‬‬
‫المخدرات هو بمثابة الطاعون الذي ينتشر بطريقة وبائية بين مدمنيها لذلك يجب القضاء‬
‫علي ه في المه د لكن القت ه ذه النظري ة نق دا نظ را لمخلفاته ا الس يئة والض ارة ومن أهمه ا‬
‫إحداث إحتكار إجرامي لتوزيع المخدرات وإ رتفاع ملحوظ لإلجرام واإلنحراف وكذلك آثار‬
‫سيئة على سير القضاء واألجهزة األمنية التابعة له وآثار على الميدان الصحي ومن نتائج‬
‫المنع ارتفاع مخاطر المخدرات وتوجيه اإلستهالك نحو المخدرات الثقيلة وكذلك تهميش‬
‫مدمني المخدرات الذي يقودهم نحو ممارسات صحية كارثية كتبادل الحقن ال ذي يؤدي إلى‬
‫انتش ار األمراض الس ارية‪ .‬وأم ام ه ذه اإلنتق ادات ظهرت أنظمة أكثر تحررا للتخفي ف من‬
‫ش دة نظ ام المن ع بإعتم اد نظ ام تح رري ليب يرالي يرتك ز على فك رة أن لإلنس ان الح ق في‬
‫البحث عن س عادته بكاف ة الط رق وتحدي د بالوس ائل المص طنعة ال تي يح دثها اس تهالك‬
‫المخدرات وينطلق من مبدأ أن الكائن البشري مستقل وأن تجريم مستهلكي المخدرات يمثل‬
‫خطرا للحريات ومخالف لمبدأ حق كل إنسان في جسده و الحق في حماية حياته الخاصة‬
‫عالم النفس الكاليفورني وهو ممثل المذهب‬ ‫‪1‬‬
‫ومن أنصار هذا اإلتجاه ‪Timothy leary‬‬
‫و ‪ weil et Rosen‬و‬ ‫‪3‬‬
‫وس ازس ‪szasy‬‬ ‫‪2‬‬
‫البس يكيديليكي ‪Doctrine psychotique‬‬
‫األس تاذ ‪ Pr. Holsman‬ع الم اإلج رام الهولن دي ومن أص حاب ه ذا اإلتج اه أيض ا ملت ون‬
‫فري دمان المتحص ل على ج ائزة نوب ل في اإلقتص اد وال ذي ي رى أن ه ال يمكن القض اء على‬
‫المخ درات إال إذا وق ع تش ريع بي ع ه ذه الم ادة لكن نظري ة بي ع الم ادة المخ درة القت أيض ا‬
‫‪4‬‬

‫عديد اإلنتقادات مما أدى على ظهور نظرية التوزيع المراقب أي تأطير تجارة المخدرات‬
‫وإ س تهالكها وله ذا الغ رض ف إن ثالث ة تقني ات وق ع إتخاذه ا وهي تتمث ل في تقني ة ع رض‬
‫الم واد المخ درة وتس جيل المتع اطين له ذه الم واد ومبيعاته ا وت دخل الس لط الطبي ة لمنح‬
‫وص فات تمكن ا من الحص ول على الم واد المخ درة لكن وق ع التخلي عن ه ذا النظ ام نظ را‬

‫‪1‬‬
‫‪Francis. Caballero : Droit de la drogue précis. Dalloz 1990n°=2 et S.p2 et5.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Le psychédélisme est un état de rêve éveillé provoqué par certains hallucinogènes, la traduction libre serait‬‬
‫‪« Branche-toi et laisse tout tomber ».‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Szasy. Th « les rituels de la drogue » op.cit p 211 Paris 1976.‬‬
‫فتحي بورخيص‪ ،‬جرائم المخدرات‪ ،‬رسالة تخرج من المعهد األعلى للقضاء السنة الدراسية ‪ ،1993-1992‬ص ‪.8‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪12‬‬
‫الرتفاع عدد مدمني المخدرات‪.‬‬

‫أما بالنسبة للقانون التونسي فإن النظام القانوني لإلدمان على المخدرات يخضع‬
‫للق انون ع دد ‪ 54/69‬الم ؤّر خ في ‪ 26‬جويلي ة ‪ 1969‬والمتعل ق بتنظيم الم واد الس مّية‪ ،‬اّال‬
‫اّن حديثه عن العالج لم يشمل اّال حالة من ثبتت ادانته دون الحديث عن العالج دون إدانة‬
‫وفي هذا االطار يتنّز ل القانون عدد ‪ 52‬المؤرخ في ‪ 18‬ماي ‪ 1992‬والمتعلق بالمخدرات‬
‫والذي أورد جملة من األحكام المتعّلقة بالتدابير االحترازّية والعالجية لمكافحة آفة االدمان‬
‫على المخدرات وتوفير سبل الوقاية منها وبذلك يبرز خيار المش ّر ع التونسي في مواجهة‬
‫ظ اهرة االدم ان على المخ ّد رات من خالل اق راره الح ّل العالجي كخي ار تش ريعي ن ابع عن‬
‫اهتام دولي بهذه الظاهرة االجرامّية‪.‬‬

‫ولم يح د المش ّر ع التونس ي عن ه ذا التوّج ه الع المي اذ تبّنى على الس واء العالج‬
‫السابق للتتّبع الجزائي (الفصل األول) والعالج الّالحق للتبع الجزائي (الفصل الثاني) وهو‬
‫ب ذلك تمّك ن من النس ج على من وال الق وانين المتقّد م ة في مج ال المواجه ة الص حّية لظ اهرة‬
‫االدمان على المخدرات‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬العالج السابق للتتبع ‪:‬‬

‫اش ترط المش ّر ع مجموع ة من الش روط للش خص ال ذي ي رغب في العالج التلق ائي‬
‫من االنسمام الذي يسّببه االدمان على المخدرات (الفرع األول) ورّتب مجموعة من اآلثار‬
‫كنتيجة لهذا التقدم بطلب العالج (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬شروط العالج السابق للتتبع‪:‬‬

‫اّن العالج السابق للتتبع كما تضّم نه قانون ‪ 18‬ماي ‪ 1992‬يتطلب توافر مجموعة‬
‫من الشروط تتعلق باألشخاص الذين يح ّق لهم طلب العالج (الفقرة األولى) وتحديد الهيكل‬
‫المختص بقب ول مطلب العالج (الفق رة الثاني ة) ثّم دراس ة الش روط المتعلق ة بطلب العالج‬
‫(الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬األشخاص الذين يحّق لهم طلب العالج ‪:‬‬

‫اشترط الفصل ‪ 18‬من القانون عدد ‪ 52/92‬المؤّر خ في ‪ 18‬ماي ‪ 1992‬المتعّل ق‬


‫بالمخ درات ت وافر ش رط االدم ان لك ل من ي رغب في التق دم التلق ائي إلى الّلجن ة المكّلف ة‬
‫بالنظر فيها للعالج من التسّم م‪.‬‬

‫ومن خالل هذا الفصل‪ ،‬فإن المشرع اشترط في طالب العالج أن يكون مدمنا على‬
‫تعاطي الماّد ة المخّد رة ولم يمّيز في ذلك بين مختلف جداول المواد السمّية بل اّن ه يكفي ان‬
‫تتحّق ق حال ة االنس مام‪ ،‬فال يهّم ان يك ون س بب ذل ك اس تهالك مخ ّد ر م درج ب اّي ج دول من‬
‫الج داول الس مّية خاّص ة و اّن ه لم ي رد م ا يفي د تخص يص مس تهلكي المخ ّد رات المدرج ة‬
‫بالجدول "ب" فقط وهذا القول يستند الي سببين‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -‬اّن ق انون ‪ 18‬م اي ‪ 1992‬لم يل غ ق انون ‪ 26‬جويلي ة ‪ 1969‬ب ل فق ط االحك ام‬
‫المخالفة له‪ ،‬فكال القانونين مكّم لين لبعضهما‪.‬‬

‫‪ -‬ثّم اّن المشّر ع لو اراد الّتخصيص لذكر صراحة مثلما فعل في الفصل ‪ 19‬حين‬
‫اعطي للمحكم ة امكانّي ة ال زام من ص در ض ّد ه حكم االدان ة من المتع اطين للم واد المخ ّد رة‬
‫بالجدول"ب" بتتّبع نظام عالجّي ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ومن جهة ثانية‪ ،‬اقصي المشّر ع من طالب العالج ان يكون مستهلكا عرضّيا‬

‫‪ -‬وهو ‪ -‬عكس ما ذهب إليه القانون المصري في المادة ‪ 37‬مكرر (أ) ‪ 1‬من أنه‬
‫"ال تقام ال دعوى الجنائي ة على من يتق دم للجن ة من تلق اء نفسه من متع اطي المواد المخدرة‬
‫للعالج ‪"...‬و يك ون ب ذلك المش رع المص ري ق د وّس ع من دائ رة طلب العالج التلق ائي ولم‬
‫يحص ره في االدم ان فق ط ب ل مّك ن المتع اطى من فرص ة التق دم للمعالج ة‪ ،‬والتع اطي ه و‬
‫استخدام أي عقار مخدر بأّي ة صورة من الصور المعروفة في مجتمع ما وذلك للحصول‬
‫على تأثير نفسي أو عضوي معين لذلك‪.‬‬

‫وق د الح ظ البعض أّن ه بإعط اء إمكاني ة العالج لكاف ة مس تعملي المخ درات أم ر‬
‫يتجافى والمنطق ضرورة أن المستهلك العرضي مثال لم تصل حالته إلى االستفحال إذ أن‬
‫مجّر د االقالع كاف لتحقيق النتيجة وال ضرورة الخضاعه للعالج من التسّم م ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫غير أّن هذا التبرير غير وجيه فيما يتعّل ق بمنح امكانية العالج للمدمن فقط دون‬
‫المتعاطي ضرورة أّن هذا األخير (المستهلك العرضي) يحتاج هو أيض ا لعالج طبّي نفسي‬

‫واجتماعي لبحث األسباب والمسّببات التي جعلته ينغمس في دائرة تعاطي المخ درات ولع ّل‬

‫‪ -‬مصطفى اليحياوي ‪ :‬اجراءات التتبع والمحاكمة في ماّد ة المخدرات ‪ :‬الملتقى الوطني حول المخّد رات ص ‪.126‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬أنظر مصطفى اليحياوي ‪ :‬النظام القانوني للعالج من االدمان على استهالك المخدرات ‪ -‬مجّل ة القضاء والتشريع ‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫أفريل ‪ 1997‬ص ‪.17‬‬

‫‪15‬‬
‫عالج المستهلك العرضي واستئصاله من دائرة التعاطي منذ البداية خير من انتظار وقوع ه‬
‫في هّو ة االدمان‪ ،‬كما أّن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل أن الشخص المستهلك والذي لم‬
‫يتوافر فيه شرط االدمان يجب عقابه إذا تقدم تلقائيا بطلب العالج أم أننا نعفيه ؟‬

‫أّم ا بالنس بة للتش ريع المق ارن و تحدي دا الق انون الفرنس ي‪ ،‬فق د نظم مس ألة العالج‬
‫التلقائي صلب الفصل ‪ 3414-1‬جديد من قانون الص ّح ة العمومية (مرسوم عدد ‪-2000‬‬
‫‪ 548‬في ‪ 5‬ج وان ‪ )2000‬ومكن الم دمن على المخ درات من امكانّي ة التق ّد م بص فة تلقائي ة‬
‫لمستوصف أو لمؤسسة استشفائية للعالج‪.‬‬

‫لكن الس ؤال ال ذي ط رح ح ول تط بيق ه ذا الفص ل وم دى ش موله للم دمن المج رم‬
‫وك ذلك للمس تهلك العرض ي ‪ -‬خاص ة وأن الق انون الفرنس ي يف ّر ق بين المس تهلك الع ادي‬
‫وبقية أصناف المستهلكين ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ل ذلك وق ع تأوي ل ه ذا الفص ل على أّن ه حص ر امكاني ة العالج التلق ائّي للمس تهلك‬
‫العادي ووقع تبرير ذلك على أّنه ال يمكن لمرّو ج المخدرات المستهلك التفصي من العقاب‬
‫ومنحه امكانية التقدم التلقائي للعالج‪.‬‬

‫وقد اعتبر الفقيه ‪ Caballero‬العالج التلقائي بكونه الطريق المثلى نح و التخلص من‬
‫االدم ان فه و تت ويج للنظ ام العالجي ال ذي منحت ه الس لطة العام ة األولوي ة على النظ ام‬
‫الردعي ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ومن جهة ثانية‪ ،‬كان المجلس االوروبي واضحا‪ ،‬اذ بّين في دراسة له حول دور‬
‫السياسة الجنائّي ة امام مشكل استهالك المخ ّد رات اّن " التاكيد يدور حول المبدا العاّم الذي‬
‫مفاده اّن كل عالج طبّي يجب ان يقترن برضى المريض وهو ينطبق بصفة خاصة علي‬

‫‪1‬‬
‫‪- Francis Caballero : )514‬‬ ‫المرجع السابق (ص ‪- 489‬‬
‫‪ -‬نفس المرجع ص ‪.509‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪16‬‬
‫تحلي ل نفس ية الم دمن ال فق ط بس بب اح ترام اخالقّي ات المهن ة و لكن ايض ا الس باب تتعل ق‬
‫بفعالّي ة العالج اذ اّن المب ادرة التلقائّي ة للمع ني ب االمر تعت بر ج ّد هاّم ة في محاول ة الفط ام‬
‫الّنفسّي ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الهيكل المختص بقبول مطلب العالج ‪:‬‬

‫ينّص الفص ل ‪ 18‬من ق انون المخ درات أن يق ع تق ديم المطلب إلى الّلجن ة‬
‫المنصوص عليه ا بالفصل ‪ 118‬من الق انون عدد ‪ 54/69‬المؤرخ في ‪ 26‬جويلية ‪1969‬‬
‫المتعل ق بتنظيم الم واد السمّية ولق د أث ارة مس ألة تحدي د اللجن ة اش كاال ذلك أّن الفص ل ‪118‬‬
‫المش ار إلي ه يتعّل ق ب المكتب الق ومي للمخ درات وال ذي تم إحداث ه بالفص ل ‪ 123‬من نفس‬
‫القانون وضبطت اختصاصاته وتركيبته باألمر عدد ‪ 3‬لسنة ‪ 1986‬والمنقح بموجب األمر‬
‫عدد ‪ 2151‬لسنة ‪ 1996‬المؤّر خ في ‪ 6‬نوفمبر ‪ 1996‬وهو مكلف حسب الفصل الثاني‬
‫‪2‬‬

‫من األمر بـ ‪:‬‬

‫‪ -‬دراسة االتفاقيات وااللتزامات الدولية في ميدان المخدرات والمواد المؤّثرة على‬


‫الحالة النفسية واقتراح طرق تطبيقها بكيفية متماشية مع الوضعيات الخاصة بالبالد‪.‬‬

‫‪ -‬الس هر على اس تعمال المخ درات الس امة والس مية الحامل ة على االدم ان أله داف‬
‫طبي ة وعلمي ة بحت ه وعلى مراقب ة االتج ار الش رعي فيه ا خاص ة في مي دان تص نيع األدوي ة‬
‫واقتراح التوصيات الكفيلة بالحّد من االدمان‪.‬‬

‫‪ -‬المش اركة في التثقي ف الص حي ب اقتراح الط رق الوقائي ة والتثقيفي ة للمجموع ات‬
‫الكفيلة بمكافحة هذه الظاهرة وذلك استنادا الى التقارير التي تبلغها له المصالح المختصة‬

‫‪ : Veronique Toulier-laloux -‬المرجع السابق ص ‪.213‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 12( 91‬نوفمبر ‪ )1996‬ص ‪.2575‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪17‬‬
‫ب وزارة الص حة العمومي ة وك ذلك الس لط المكلف ة بمكافح ة االس تعمال غ ير المش روع‬
‫للمخدرات والمؤثرات العقلية‪.‬‬

‫‪ -‬جمع واستغالل المعطيات االحصائية المتعلقة بالوصف واالستهالك المفرطين‬


‫للمخدرات والمؤثرات العقلية التي تبلغها إليه المصالح المختصة بوزارة الصحة العمومية‬
‫وكذلك جمع واستغالل التصاريح واالعالمات التي يقوم بها األطباء لحاالت االدمان التي‬
‫يالحظونها في نطاق ممارستهم لمهنتهم‪.‬‬

‫‪ -‬م ّد لجن ة االدم ان على المخ درات المنص وص عليه ا بالفص ل ‪ 119‬من الق انون‬
‫المش ار إلي ه أعاله عـدد ‪ 54‬لس نة ‪ 1969‬الم ؤرخ في ‪ 26‬جويلي ة ‪ 1969‬بالوث ائق‬
‫واالرشادات الموضوعة على ذمته وبكل االرشادات الخاصة بحاالت االدمان المشبوه فيها‬
‫والتي يمكن أن يتّم إعالمه بها‪.‬‬

‫أّم ا بالنس بة لتركيبت ه‪ ،‬ف إن المكتب الق ومي للمخ درات حس ب فص له الث الث جدي د‬
‫يتركب من ‪ - :‬وزير الصحة العمومية أو من يمثله (كرئيس) أّم ا األعضاء فهم ‪:‬‬

‫‪ -‬المدير العام لألمن الوطني أو من يمثله‬

‫‪ -‬المدير العام آمر الحرس الوطني أو من يمثله‬

‫‪ -‬المدير العام للديوانة أو من يمثله‬

‫‪ -‬مستشار لدى محكمة االستئناف بتونس يعينه وزير العدل‬

‫‪ -‬ممثل عن وزارة الشؤون الخارجية‬

‫‪ -‬ممثل عن وزارة الشباب والطفولة‬

‫‪ -‬ممثل عن وزارة الشؤون االجتماعية‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬ممثل عن وزارة التربية‬

‫‪ -‬ممثل عن وزارة التعليم العالي‬

‫‪ -‬ممثل عن الوزيرة المعتمدة لدى الوزير األول المكلفة بشؤون المرأة واألسرة‬

‫‪ -‬ممثل عن كاتب الدولة لدى الوزير األول المكلف باالعالم‬

‫‪ -‬المدير المكلف بالتفقد الصيدلي بوزارة الصحة العمومية‬

‫‪ -‬المدير المكلف بالتفقدية الطبية بوزارة الصحة العمومية‬

‫‪ -‬مدير مركز االسعاف الطبي االستعجالي‬

‫‪ -‬المكلف بكتابة المكتب القومي للمخدرات‬

‫‪ -‬ط بيب نفس اني وأس تاذ اختصاص ي في علم الص يدلة يعينهم ا وزي ر الص حة‬
‫العمومية‬

‫وب التعمق في اختص اص المكتب الق ومي للمخ درات وفي تركيبت ه نالح ظ ع دم‬
‫امكانيت ه قب ول مط الب العالج من االدم ان ذل ك أّن ه لم يق ع التنص يص ص لب الفص ل الث اني‬
‫جديد من امكانيته قبول مثل هذه المطالب‪ ،‬هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإّن تركيبة‬
‫المكتب في ح ّد ذاته ا ال تس مح ل ه فنّي ا البّت في مط الب العالج ذل ك أّن ه ال يش مل س وى‬
‫طبيب نفساني والحال أّن االدمان مرض يجمع بين الحالة النفسية والجسدّية ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وبالتمعن في اختصاص وتركيبة لجنة االدمان يّتضح أّنها الهيكل الذي يمكنه قبول‬
‫مط الب العالج التلق ائي ‪ -‬وق د أّك د ذل ك الفص ل ‪ 119‬من ق انون ‪ 26‬جويلي ة ‪ 1969‬ال ذي‬
‫ينص على تركيبة لجنة االدمان وهي تتألف كما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬ليلى الطرابلسي ‪ -‬المرجع السابق ص ‪.31‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -‬مستش ار بمحكم ة االس تئناف بت ونس يعين ه ك اتب الدول ة للع دل (وزي ر الع دل)‬
‫ويضطلع بوظائف رئيس اللجنة‪.‬‬

‫‪ -‬ممثل عن كتابة الدولة للداخلية (وزير الداخلية)‪.‬‬

‫‪ -‬الصيدلي المتفقد المركزي‪.‬‬

‫‪ -‬ثالثة أطباء يعينهم كاتب الدولة للصحة العمومية‪.‬‬

‫ويضطلع بوظائف كاتب اللجنة موظف من المكتب القومي للمخدرات وللجنة أن‬
‫تل زم ك ل ش خص ثبت إدمان ه للمخ درات باّتب اع نظ ام عالجي قص د التخلص من التس مم‬
‫بمؤسس ة مختص ة حس ب ش روط يق ع ض بطها بق رار من وزي ر الص حة العمومي ة‪ ،‬وتح دد‬
‫الّلجنة م ّد ة العالج ولها أن تحط منها أو تزيد فيها عند االقتضاء (الفصل ‪ 120‬من قانون‬
‫تنظيم الم واد الس مية) وتس هيال ألعم ال اللجن ة خ ّو ل له ا الفص ل ‪ 119‬أن تطلب االطالع‬
‫على مل ف ك ل قض ية تتعل ق بجريم ة اس تعمال المخ درات‪ ،‬كم ا يم دها المكتب الق ومي‬
‫للمخدرات بالوثائق واالرشادات التي يتحصل عليها ويعلمها بجميع حاالت االدمان التي قد‬
‫تبلغ إلى علمه‪.‬‬

‫ل ذلك فبمقارن ة المه ام المنوط ة للمكتب الق ومي للمخ درات ولجن ة االدم ان ي زداد‬
‫التأكيد على أّن المقصود من الفصل ‪ 18‬هو لجنة االدمان المنصوص عليها بالفصل ‪119‬‬
‫وبالتالي يكون الخطأ المادي الذي تسرب كان في عدد الفصل وال في تسمية الهيكل ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ولم يقتص ر المش رع التونس ي على امكاني ة التق دم ب العالج على الم دمن نفس ه ب ل‬
‫قرن هذا الشرط بمجموعة من الشروط األخرى الواجب احترامها‪.‬‬

‫‪ -‬نفس المرجع ص ‪.32‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪20‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬شروط طلب العالج ‪:‬‬

‫لم يقتصر المشرع صلب الفصل ‪ 18‬على امكانية التقدم بطلب العالج على المدمن‬
‫فقط بل وّس ع من دائرة الطلب إلى القرين أو األصول أو الفروع أو أطبائه وأن يكون ذلك‬
‫للمّر ة األولى بمقتضى طلب كتابي وقّي د تقديم الطلب قبل اكتشاف األفعال المنسوبة إليه‪.‬‬

‫ويس تنتج من ه ذا الفص ل أّن المش ّر ع أراد التش جيع على العالج من االدم ان وذل ك‬
‫ب أن أجاز ألّي من ال زوجين أو األص ول أو الف روع أو األطب اء أن يطلب إلى اللجن ة عالج‬
‫زوج ه أو فرع ه أو أص له أو مريض ه ال ذي ثبت ادمان ه لم واد مخ ّد رة وذل ك لص لة الق ربى‬
‫بينهم‪ ،‬وهو ما ذهب إليه المشّر ع المصري صلب المادة ‪ 37‬مكرر "ب"(‪ )1‬غير أّن ه ألزم‬
‫‪1‬‬

‫اللجنة أن تفصل في مطلب العالج بعد سماع أقوال ذوي الشأن فإذا رأت أن األمر يحتاج‬
‫إلى تحقي ق ولم ت ر من المالئم ة أن تت واله بنفس ها أو بواس طة أح د أعض ائها ك ان له ا أن‬
‫تطلب من النيابة العامة أن تقوم به ثم توافيها بأوراقه مشفوعة بمذّك رة برأيها في الطلب‪.‬‬
‫وإ ذا رأت الّلجن ة بع د ذل ك االي داع أو االل زام ب التردد وواف ق المطل وب عالج ه على ذل ك‬
‫أم رت بم ا رأت ه‪ ،‬ف إن لم يواف ق تعين عليه ا أن ترف ع األم ر ‪ -‬عن طري ق النياب ة العام ة ‪-‬‬
‫إلى محكم ة الجناي ات ال تي يق ع في دائرته ا مح ل اقام ة المطل وب عالجه لت أمر باالي داع أو‬
‫بااللزام بالترّد د إن رأت موجبا لذلك‪.‬‬

‫غ ير أن الق انون التونس ّي ‪ ،‬لم يلتفت إلى حال ة التق دم التلق ائي بواس طة الق رين‬
‫أو غيره بضرورة موافقة الشخص‪ ،‬كما أّن ه لم يتع ّر ض عند رفضه إلى ضرورة الّلجوء‬
‫إلى النيابة العمومّية لتحقيق هذا الّر فض و دواعيه بل اّن ه قصر مسألة رفض المدمن على‬
‫العالج وامكاني ة رف ع األم ر إلى النياب ة العمومي ة ال تي تستص در إذن ا من رئيس المحكم ة‬
‫االبتدائي ة الل زام الم دمن على العالج وذل ك في حال ة إدان ة الم دمن على جريم ة اس تهالك‬
‫المخدرات دون العالج السابق الثارة الدعوى العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬انظر جرائم المخدرات في ضوء الفقه والقضاء ‪ -‬مصطفى مهدي هرجة سنة ‪.1992‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪21‬‬
‫كما سمح نفس الفصل لألطباء المباشرين للشخص الم دمن على تع اطي المخدرات‬
‫بالتق دم بطلب العالج وق د وق ع التس اؤل عن د م داوالت مجلس الن واب عن مع نى كلم ة‬
‫‪1‬‬

‫األطباء وهل أنه من المشروط تقديم المطلب من طرف طبيب واحد أو جمع من األطباء‬
‫وإ ذا كان كذلك فكم عددهم وفي ردها على أسئلة لجنة التشريع العام والتنظيم العام لإلدارة‬
‫أج ابت الحكوم ة أن "المقص ود بعب ارة أطبائ ه ال واردة ب الفقرة األخ يرة من الفص ل الم ذكور‬
‫بص يغة الجم ع ه و أن الجم ع مقص ود بذات ه باعتب ار أن عالج الم دمن ق د يش ارك في ه عدي د‬
‫األطباء كل في اختصاص معين"‪.‬‬

‫أّم ا عن شكل المطلب فال بّد أن يقع تقديمه بمقتضى مطلب كتابّي دون تقييده بأّي‬
‫ش رط ش كلي معّين ويجب أن يك ون ذل ك المطلب مص حوبا بش هادة طبّي ة لكن الق انون لم‬
‫يحدد مصدر الشهادة الطبّية سواء من طرف طبيب عام أو من طب اختصاصي أو طبيب‬
‫صحة عمومّية وبذلك فقد أراد المشرع تشجيع مدمن المخدرات على التقدم التلقائي للعالج‬
‫تسهيال له على المبادرة بالمعالجة‪.‬‬

‫كما لم يشر الفصل إلى مدى أهمية هذه الشهادة وكيفية تعامل لجنة االدمان معها‬
‫فه ل تمنح على أساس ها المتق دم للعالج موافقته ا فق ط أم أّنه ا زي ادة على الش هادة ال تي ي دلي‬
‫بها المدمن فاّنها تخضعه إلى الفحص الطبي من قبل األطباء األعضاء فيها وعندها تأخذ‬
‫قرارها بالّر فض أو بالقبول ؟‬

‫يمكن استنتاج االختيار المتروك للجنة الفصل ‪ ،119‬عند قراءة الفصل ‪ 122‬من‬
‫ق انون ‪ 26‬جويلي ة ‪ 1969‬ال ذي نّص على إمكاني ة الطعن في ق رارات اللجن ة ل دى ك اتب‬
‫الدول ة للص حة العمومي ة (وزي ر الص حة العمومي ة)‪ ،‬ومن ض من قرارته ا قب ول أو رفض‬
‫طلب العالج ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -‬مداوالت مجلس النواب ‪ -‬عدد ‪ 31‬جلسة يوم الثالثاء ‪ 12‬واالربعاء ‪ 13‬ماي ‪ 1992‬ص ‪.41‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ليلى الطرابلسي نفس المرجع ص ‪.37‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪22‬‬
‫وإ ضافة إلى الشهادة الطبّي ة‪ ،‬فقد اشترط المشرع لطالب العالج تق ديم المطلب لمرة‬
‫واحدة فقط وقبل اكتشاف األفعال المنسوبة إليه‪.‬‬

‫وقد ح ّد د المش ّر ع فرص العالج التلقائي وحصره في مرة واحدة مجاريا في ذلك‬
‫المشرع الفرنسي بالفصل ‪ 1-628‬من قانون الصحة العمومية الذي ينّص على ‪:‬‬

‫"ال تم ارس ال دعوى العمومي ة ض د األش خاص ال ذين تقّي دوا ب العالج الط بي ال ذي‬
‫وصف لهم وتابعوه إلى نهايته"‪.‬‬

‫كم ا أن ال دعوى العمومي ة ال تم ارس ض ّد األش خاص ال ذين اس تعملوا المخ درات‬
‫بص ورة غ ير ش رعية إذا ثبت أنهم خض عوا من ذ األفع ال المنس وبة إليهم لف ترة استش فاء من‬
‫االنسمام أو فترة مراقبة طبّية (‪.)...‬‬

‫إن المقتض يات ال واردة ب الفقرة الثاني ة والثالث ة ال تنطب ق إّال على الجريم ة المعاين ة‬
‫للم ّر ة األولى "‪ ،‬إال أّن ه أض اف أن ه" في ص ورة الع ود يق در وكي ل الجمهوري ة م ا إذا ك ان‬
‫يّتجه أو ال يتّج ه ممارسة الدعوى العمومية" وبذلك يكون القانون الفرنسي قد أعطى سلطة‬
‫تقديرية لوكيل الجمهورية في تتبع المدمن العائد وهو تقدير يمكن بمقتضاه التأك د من حس ن‬
‫نوايا المدمن في العالج من عدمه‪.‬‬

‫أّم ا المشّر ع المصري فلم يقّيد فرص التقدم التلقائي للعالج بل ان النص ورد عاما‬
‫مطلقا غير مقيد بمرة واحدة‪.‬‬

‫وق د انتق دت لجن ة التش ريع الع ام والتنظيم الع ام لإلدارة ش ّد ة الفص ل ‪ 18‬الم ذكور‬
‫خاص ة وأن رغب ة المش رع واض حة في عالج الم دمنين غ ير أن ج واب الحكوم ة ك ان في‬
‫اّتجاه مدعم للرأي المتشّد د الذي تبناه المشرع وأجابت الحكومة أن "‪ ...‬هذا الفصل وضع‬
‫خصيصا لتشجيع هؤالء المدمنين ومساعدتهم على التخلص من االنسمام العالق بأجسامهم‬

‫‪23‬‬
‫من ج ّر اء المخ درات وه ذه الفرص ة يجب أن ال تمنح للم دمن إال للم ّر ة األولى فق ط حس ب‬
‫مش روع الق انون باعتب ار أّن ه إذا اّتب ع العالج وتخلص من حال ة االدم ان‪ ،‬علي ه أن ال يع ود‬
‫إلى تعاطي المخدرات من جديد‪ ،‬أّم ا إذا سلك منهج العودة إلى تعاطي المخدرات م ّر ة ثانية‬
‫وثالث ة ثم يتق دم بمطلب إلى اللجن ة المكلف ة ب ذلك لتمنح ه فرص ة العالج من جدي د وال تث ار‬
‫ض ّد ه ال دعوى العمومي ة خاص ة إذا ش عر أّن ه مح ل مراقب ة من ط رف أع وان األمن فإّنن ا‬
‫ن دخل في حلق ة مفرغ ة من ش أنها أن تس اعد الم دمنين على الع ودة من جدي د إلى ع الم‬
‫االدمان على المخّد رات وهو عمل ال نرتضيه" ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫بي د أّن ه ذا الت برير ورغم وجاهت ه وحرص ه على التص دي لظ اهرة اس تهالك‬
‫المخدرات فإّنه يظل منقوصا فيما يتعّل ق بالجانب العالجي‪ ،‬جانبين مختلفين تمكن المشرع‬
‫الفرنس ي بمنح ه لوكي ل الجمهوري ة س لطة تقديري ة في التتب ع من عدم ه من الجم ع بينهم ا‪،‬‬
‫بحيث يق ّر ر حسب الوضعيات المطروحة إن كان المدمن قد تقدم للم ّر ة الثانية رغبة منه‬
‫في العالج أو كان يرمي من وراء ذلك االفالت من التتبعات العدلية ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫كم ا اش ترط نفس الفص ل لط الب العالج أن يتق دم للعالج قب ل اكتش اف األفع ال‬
‫المنسوبة إليه و رّتب آثارا في صورة االمتثال ألحكامه‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آثار طلب العالج التلقائي ‪:‬‬

‫اذا تقّد م المدمن على استهالك المخدرات تلقائيا بطلب العالج قبل اكتشاف األفعال‬
‫المنس وبة إلي ه‪ ،‬فاّن ه يعفى من التتب ع الج زائي (الفق رة األولى) م ع ض رورة حج ز الم واد‬
‫المخّد رة (الفقرة الثانية) وقد ضمن المش ّر ع لطالب العالج التلقائي مجموعة من الضمانات‬

‫‪ -‬مداوالت مجلس النواب (ص ‪.)37‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ليلى الطرابلسي (نفس المرجع ص ‪.)61‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪24‬‬
‫لنجاح العالج تتمّثل في سرّية العالج (الفقرة الثالثة) بيد أّن العالج وان كفل لطالبه الحماي ة‬
‫القانونية اّال أّن ه يبقى محدودا على أساس تحديد فرص طلب العالج (الفقرة الرابعة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬االعفاء من التتبع ‪:‬‬

‫ينّص الفص ل ‪ 20‬من ق انون ‪ 18‬م اي ‪ 1992‬على أّن ه "ال تث ار ال دعوى العمومي ة‬
‫ض ّد من تق دم من تلق اء نفس ه أو عن طري ق الق رين أو أح د أص وله أو فروع ه أو أطبائ ه‬
‫ألّو ل م ّر ة بطلب من الّلجن ة المنص وص عليه ا بالفص ل ‪ 18‬للمعالج ة من االدم ان على‬
‫تع اطي المخ درات" وبالت الي ف إّن متع اطي المخ درات يعفى من التتب ع الج زائي وال تنطب ق‬
‫علي ه أحك ام الفص ل ‪ 4‬من ق انون م اي ‪ 1992‬وه و كم ا ع بر عن ه البعض ن وع من العف و‬
‫‪1‬‬

‫االجتماعي الذي تركه المشرع لمرتكبي بعض الجرائم الذين أظهروا حسن نيتهم وساعدوا‬
‫على تالفي تل ك الج رائم وق د يك ون مب دأ اس تبعاد العق اب ك ذلك رأف ة بالج اني نفس ه وس بيال‬
‫لعالجه وتقويمه‪.‬‬

‫وتتمثل الفكرة من عدم إقامة الدعوى الجنائية في هذه الحالة في تشجيع المتعاطي‬
‫للم ادة المخ درة على التق دم للعالج دون الخش ية من العق اب‪ ،‬غ ير أن ه ذا االعف اء ال يشمل‬
‫إّال التتبع من أجل جنحة االستهالك فقط وال يمكن أن يتعدى غيرها من الجرائم المرتبطة‬
‫باالستهالك كالترويج أو االتجارذلك اّن ه ال يمكن تبرئة هؤالء من التهم المنسوبة اليهم‪.‬‬

‫وقد تميز فقه القضاء الفرنسي بكثير من التحرر فيما يخّص طريقة العالج بحيث‬
‫أقرت الدائرة الجنائية الفرنسية أّن العالج يمكن أن يتّم حتى بالخارج ونقضت بذلك قرارا‬
‫رفض تم تيع زوجين م دمنين من االعف اء من التتب ع ولم تبحث محكم ة التعقيب ان ك ان‬

‫‪ -‬المخت ار الجل ولي اله اني‪ ،‬التوجه ات الحديث ة للسياس ة العقابي ة في ت ونس مجل ة القض اء والتش ريع أكت وبر ‪ 2000‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.76‬‬

‫‪25‬‬
‫العالج في سويس را يض اهي من حيث الض مانات ومن حيث الن وع ذل ك ال ذي يق ع‬
‫بالمستوصفات أو بالمؤسسات االستشفائية الفرنسّية ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وق د تس اءل البعض عن الطبيع ة القانوني ة للعالج المعفى من التتّب ع‪ ،‬وق د اعت بر‬
‫ال دكتور ادوار غ الي ال ذهبي في ه ذا الص دد أّن ه "‪ ...‬ال يع ني ذل ك أّن فع ل المّتهم ين درج‬
‫‪2‬‬

‫تحت أسباب االباحة‪ ،‬فعمله يظل مؤثما غاية ما في األمراّن ه ال تقام الدعوى الجنائّي ة عليه‬
‫ألن دخوله المصحة يحقق هدف الشارع من تشجيع المدمنين على االقبال على العالج أّم ا‬
‫‪3‬‬

‫رؤوف عبيد فقد اعتبر أن "العالج هو نوع من األعذار المعفية من العقاب‪ ،‬إذ كلها تستتبع‬ ‫‪4‬‬

‫بالض رورة ع دم اقام ة ال دعوى الجنائي ة على الج اني م تى ت وافرت أرك ان الع ذر وي ترتب‬
‫عليه ا كله ا االعف اء من العق اب فحس ب‪ ،‬فه و ليس من موان ع المس ؤولية الجنائي ة وال من‬
‫أس باب اباح ة الفع ل ‪ "...‬وق د عارض ه جزئي ا في ذل ك القاض ي مص طفى اليحي اوي في‬
‫خصوص اعتبار العالج عذرا معفّي ا من العقاب ذلك أن المسألة بالنسبة إلى العالج تثار‬
‫على مستوى التتبع ال على مستوى العقاب ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫كما أّنه ال يمكن اعتبار العالج سببا من أسباب انقضاء الدعوى العمومية ذلك أّن‬
‫المش ّر ع حصر أسباب انقضاءها صلب الفصل ‪ 4‬من مجلة االجراءات الجزائية ولم يرد‬
‫من ضمنها العالج كصورة من صورها‪ ،‬كما أن العالج ال يعد من موانع المسؤولية ألّنها‬
‫‪1‬‬
‫‪- Cass -crim du 16 octobre 1975 - B.crim n° 218 p 581.‬‬
‫‪ -‬ادوار غالي الدهبي ‪ -‬جرائم المخدرات ص ‪.150‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه لما كان الث ابت من االطالع على األوراق أن الطاعن تقدم لمكتب‬ ‫‪3‬‬

‫القاهرة التابع الدارة مكافحة المخدرات لعالجه من االدمان وأحيل إلى الكشف الطبي فقرر احالته للمصحة للعالج وقيد‬
‫بسجل المدمنين باالدارة حتى خال محل في المصحة فأحيل إليها ونسب إليه احراز المخدر وقت دخوله اليها‪ .‬ولما كان‬
‫الحكم لم يعن باستظهار حالة االدم ان لدى الط اعن وتقدمه من تلقاء نفسه للعالج‪ ،‬وأثر ذلك على اعفائ ه من المسؤولية‬
‫في حكم الفقرة السادسة من المادة ‪ ،36‬مما يعيبه بالقصور بما يوجب نقضه واالحالة (نقض ‪ 10‬ماي ‪ .1966‬مجموعة‬
‫أحكام النقض‪ ،‬رقم ‪ 108‬ص ‪.)608‬‬
‫‪ -‬رؤوف عبيد ‪ -‬شرح قانون العقوب ات التكميلي في جرائم المخدرات‪ ،‬التشرد‪ ،‬األسلحة والذخائر واالشتباه وتهريب‬ ‫‪4‬‬

‫النقد‪ .‬دار الفكر العربي ‪ 1979‬ص ‪.81‬‬


‫‪ -‬مصطفى اليحياوي ‪ -‬المرجع السابق ص ‪.22‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪26‬‬
‫شخصية مرتبطة بشخص المّتهم وال من أسباب االباحة كالدفاع الشرعي فوجوده ال يمنع‬
‫من اث ارة ال دعوى العمومية وه و أمر يختل ف عن العالج ال ذي ان تق دم طالب ه تلقائيا وقبل‬
‫اث ارة ال دعوى العمومي ة ف إّن نتيج ة ذل ك ه و من ع تحريكه ا‪ ،‬ل ذلك ال يتص ور العالج إال في‬
‫االدمان على تعاطي المخدرات فهو بذلك ذو طبيعة قانونية خاصة ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وإ ضافة لألثر األول المتعلق بانعدام التتبع الجزائي‪ ،‬فقد رتب المشرع أثرا مرتبطا‬
‫باألثر األول يتمثل في حجز المواد المخّد رة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬حجز المواد المخّدرة ‪:‬‬

‫من مه ام النياب ة العمومي ة خالل ف ترة العالج عمال بالفص ل ‪ 20‬في فقرت ه الثاني ة‬
‫من ق انون م اي ‪ 1992‬تلّقى االعالم بمطلب العالج من المكتب الق ومي للمخ درات ويق وم‬
‫حينئ ذ وكي ل الجمهوري ة بحج ز الم واد المخ درة "ال تي بح وزة ط الب العالج وإ حالته ا على‬
‫رئيس المحكم ة االبتدائي ة ال ذي يص در ق رارا ال يقب ل الطعن في استص فائها" وه و نفس‬
‫االج راء ال ذي أق ره المش رع الفرنس ي ص لب الفص ل ‪ 1-628‬من مجل ة الص حة العمومي ة‬
‫‪2‬‬

‫وهو عب ارة عن إجراء وقائي لفائدة متق دم العالج التلقائي إذ أّن ه ليس من المنطقي أن يقع‬
‫السماح له بالمعالجة والحال أّنه ال يزال يحتفظ بمواد مخدرة ‪ -‬ويتمثل األثر الثالث للتقدم‬
‫التلقائي للعالج في ضمان السرية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬سرية العالج ‪:‬‬

‫نص الفص ل ‪ 21‬على أن المعلوم ات الص حية الخاص ة بالم دمنين على تع اطي‬
‫المخ درات ال ذين يتق دمون بطلب العالج من تلق اء أنفس هم إلى اللجن ة المكلف ة بمعالج ة‬
‫المدمنين على تعاطي المخدرات تعتبر من األسرار المهنية التي يمنع افشاؤها وهو نفس‬
‫‪ -‬نفس المرجع ص ‪.22‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- Art 628-1 : "... Dans tous les cas prévus au présent article, la confiscation des plantes et substances saisies sera‬‬
‫‪prononcée, s'il y a lieu par ordonnance du président du tribunal de grande instance sur la réquisition du procureur‬‬
‫‪de la république".‬‬

‫‪27‬‬
‫التنصيص الذي نجده في المادة ‪ 37‬من مكرر (ج) (‪ )1‬من القانون المصري الذي ينص‬
‫على "تع ّد جمي ع البيان ات ال تي تص ل إلى علم الق ائمين بالعم ل في ش ؤون عالج الم دمنين‬
‫أو المتع اطين من األس رار ال تي يع اقب على افش ائها بالعقوب ة المق ّر رة في الم ادة ‪ 310‬من‬
‫قانون العقوبات"‪.‬‬

‫أّم ا القانون الفرنسي فقد نّص على السرية بالفصل ‪ 1-3414‬من قانون الص ّح ة‬
‫العمومية الذي ينّص على ‪:‬‬

‫‪"Ils peuvent, s'ils le demandent expressément, bénéficier de l'anonymat au‬‬


‫"‪moment de l'admission‬‬

‫وه و م ا يع ني أن الس رية ال تي يتمت ع به ا م دمن المخ درات ليس ت آلي ة ذل ك أنه ا‬
‫متوقفة على طلب صريح من طرف طالب العالج في التمتع بها‪.‬‬

‫ويتض ح من منط وق الفص ل ‪ 21‬أّن المش رع أح اط ه ذه العملي ة بالس رية المطلق ة‬


‫محافظ ة على أع راض ه ؤالء الم دمنين ولبث الطمأنين ة في نفوس هم واحترام ا لحي اتهم‬
‫الخاصة وذلك رغبة منه في تشجيعهم على اّتباع طرق العالج العصرية التي تمكنهم من‬
‫الّر جوع إلى حظيرة المجتمع‪.‬‬

‫وق د ح رص النص على تحدي د مج ال الس رّية ال ذي ينص ب على "المعلوم ات‬
‫الص حّية" دون غيره ا من البيان ات كتل ك المتعّلق ة بالبيان ات االجتماعي ة للم ريض وك ان من‬
‫ال واجب ان تعّم المحافظ ة على الس رية ك ل م ا يتعل ق بالموض وع تش جيعا للم دمن وص يانة‬
‫لعرضه وهو ما ذهب اليه القانون المصري الذي توّس ع في ميدان االلتزام بالسرّية وجعله‬
‫واقع ا على "جمي ع البيان ات ال تي تص ل إلى علم الق ائمين بالعم ل في ش ؤون عالج‬
‫المدمنين ‪."...‬‬

‫‪28‬‬
‫غير أّن تط ّر ق المشرع صلب الفصل ‪ 21‬إلى واجب محافظة الطبيب على السر‬
‫المهني‪ ،‬تفرضه طبيعة مهنته بحّج ة تعّلقها بأسرار األفراد وارتباطها بحياة الناس الخاصة‬
‫وق د س بق أن رّس خ مفه وم الس ر الط بي وت وارده األطب اء عن أس اتذتهم في بداي ة األم ر ثم‬
‫تداولت ه مجّل ة واجب ات الط بيب وق د ج اء في األم ر الرئاس ي ع دد ‪ 1155‬لس نة ‪1993‬‬
‫المتعلق بالمجلة التونسية لواجبات الطبيب في الفصل ‪ 8‬منه أّنه ‪:‬‬

‫"يتعّي ن على كل طبيب المحافظة على السر المهني إّال في الحاالت االستثنائية التي‬
‫ينّص عليها القانون"‪.‬‬

‫وه و م ا يع نى أن الط بيب يمن ع من إفش اء أح وال مريض ه وأخالق ه وس يرته عن د‬


‫فحصه له‪ ،‬ذلك أن مهنة الطب تحتاج إلى ثقة من يلجأ إلى خدماتها ومن أجل ضمان هذه‬
‫‪1‬‬

‫الثقة‪ ،‬فإن المشرع فرض جزاءا على األشخاص المسؤولين عن االخالل بواجب المحافظة‬
‫على الس ر المه ني ص لب الفص ل ‪ 21‬فق رة ثاني ة من ق انون م اي ‪ 1992‬إذ نّص على م ا‬
‫ياتى "وكل من يخالف ذلك يكون مستهدفا للعقاب المقرر بالفصل ‪ 254‬من المجلة الجنائية‬
‫الذي جاء فيه ‪:‬‬

‫"إن األطب اء والج راحين وغ يرهم من ض باط الص حة وك ذلك الص يدليين والقواب ل‬
‫وغيرهم من األشخاص المؤتمنين على األسرار التي تودع عندهم نظرا لحالتهم أو حرفتهم‬
‫وال ذين يفش ون هات ه األس رار في غ ير الص ورة ال تي أوجب أو رخص لهم فيه ا الق انون‬
‫بالقيام بالوشاية يعاقبون بالسجن مّد ة سّتة أشهر وبخطية قدرها خمسمائة فرنك"‪.‬‬

‫ويش ير ه ذا الفص ل إلى مؤاخ ذة األمن اء جزائي ا في حال ة ارتك ابهم جريم ة افش اء‬
‫السر المهني ولتحقيقها فال بّد من توافر شروط المؤاخذة‪.‬‬

‫‪ -‬اسماعيل العياري ‪ :‬السر المهني ومسؤولية الطبيب‪ ،‬مجّلة القضاء والتشريع مارس ‪.1988‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ .1‬شروط مؤاخذة جريمة إفشاء السر المهنّي ‪:‬‬

‫إذا ثبتت المس ؤولية الجنائي ة للط بيب‪ ،‬اس تحق العق اب المنص وص علي ه بالفص ل‬
‫‪ 254‬م‪.‬ج‪ .‬وتقوم هذه المسؤولية إذا توافرت أركان جريمة إفشاء السر المهني‪ ،‬والمتمثلة‬
‫في ص فة من أؤتمن على الس ّر (أ) ووج ود الس ّر (ب) ثم فع ل االفش اء (ج) والقص د‬
‫الجنائي (د)‪.‬‬

‫أ‪ -‬صفة من أؤتمن على السّر ‪:‬‬

‫يشترط في هذه الجريمة أن يكون الس ّر قد أودع عند شخص بمقتضى صناعته‬
‫أو وظيفت ه‪ ،‬وم ا ورد ص لب الفص ل ‪ 254‬م‪.‬ج‪ .‬من تع داد لألش خاص ال ذين يق ع إئتم انهم‬
‫على أس رار غ يرهم بحكم وظ ائفهم‪ ،‬انم اهو وارد على س بيل ال ذكر ال الحص ر وتعكس‬
‫‪1‬‬

‫الصيغة العامة للنص الذي عّبر بكلمة"وغيرهم" رغبة المشرع في ادراج جميع األشخاص‬
‫الذين يتدخلون في عالج مدمن المخدرات بصفة مباشرة أو غير مباشرة فهو ينطبق على‬
‫ك ل من فرض ت علي ه ص فته أو ف رض علي ه وظيف ه االحتف اظ بالس ر الواص ل لهم بص فة‬
‫سرية من مدمن المخدرات الذي وضع كامل ثقته في األشخاص الذين سيقومون بعالجه‬
‫من حالة التسمم التي يعانيها‪.‬‬

‫ولكن متى تكّيف الواقعة بكونها سّر ا ؟‬

‫ب‪ -‬وجود السّر ‪:‬‬

‫يجب أن يكون األمر الذي حصل إفشاؤه مّم ا يعتبر س ّر ا ويع ّد س ّر ا ك ّل أمر يكون‬
‫بطبيعته أو بالظروف المحيطة به سّر ا ولو لم يطلب كتمانه صراحة وهو يشمل بذلك كل‬
‫‪2‬‬

‫ما يشاهده الطبيب أو يسمع به أو يستنتجه أثناء ممارسته لمهنته ولكن يحصل أن يكتشف‬

‫‪ -‬جندي عبد الملك ‪ -‬الموسوعة الجنائية ‪ -‬الجزء ‪ - 2‬ص ‪.47‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪30‬‬
‫الط بيب بمناس بة ممارس ته لمهنت ه لج رائم ارتكبه ا م دمن المخ درات فعال أو أن ه يح اول أن‬
‫يرتكبه ا ك أن يبلغ ه أن ه يح اول الحص ول على المخ در من ش خص م ا نظ را ألع راض‬
‫االنسحاب التي يعانيها أو أّن على ملكه أرض يقوم بزراعتها بالنباتات المخدرة أو أنه ك ان‬
‫ينتمي إلى تنظيم جماعي يتعلق نشاطه بالمخدرات فإذا أبلغ عنها أو شهد بما ش اهده فإن ه ال‬
‫يرتكب بذلك جريمة إفشاء السّر ولذلك فإّن واجب الحفاظ على السر الصناعي ليس واجبا‬
‫مطلق ا من ذل ك أن ه يج وز إفش اء الس ّر إذا اقتض ته مص لحة اجتماعي ة كمص لحة القض اء‬
‫أو أملت ه مص لحة علي ا وه و م ا أورده المش رع الفرنس ي بالفص ل ‪ 1-3414‬من مجّل ة‬ ‫‪1‬‬

‫الصّح ة العمومّية وذلك بزوال السرية إذا تعلق األمر بأسباب أخرى غير االستهالك غير‬
‫المشروع للمخّد رات‪.‬‬

‫‪"Cet anonymat ne peut être levé que pour des causes autres que la répression‬‬
‫‪de l'usage illicite de stupéfiants".‬‬

‫ج‪ -‬فعل االفشاء ‪:‬‬

‫لكي يتحّقق االفشاء يكفي مجّر د التلميح أو إفشاء جزء فقط من السّر إلى الغير وال‬
‫يش ترط وج ود ض رر ينتج عن االفش اء والمالح ظ أن ركن العالني ة غ ير مش روط في ه ذه‬
‫‪2‬‬

‫الجريمة إذ يقع االفشاء قانونا ولو لم يكاشف الطبيب بالسر سوى شخص واحد غير أّن ه‬
‫‪3‬‬

‫نظ را لوج ود ع ّد ة اختصاص ات يمكن أن تت داخل لعالج م رض االدم ان فإّن ه يمكن قب ول‬

‫‪ - 2‬محمد صالح بن حسين ‪ :‬المسؤولية الطبّية في القانون التونسي‪ ،‬مجلة القضاء والتشريع ‪ -‬مارس ‪ 1996‬عدد ‪،3‬‬
‫ص ‪.18‬‬
‫‪ -‬نجالء المصمودي المسدي ‪ :‬األسرار الطبية‪ ،‬رسالة تخرج من المعهد األعلى للقضاء ‪ -‬السنة القض ائية ‪ 1990‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.16‬‬
‫‪ - 2‬مديحة سعّيد ‪ :‬س ّر الطبيب والمحامي المهني واالثب ات الجزائّي ‪ :‬مذكرة لني ل شهادة الدراس ات المعّم قة في العلوم‬
‫الجنائية ‪ -‬كلّية الحقوق والعلوم السياسية ‪ -‬تونس ‪ .1993‬ص ‪.93‬‬
‫‪ - 3‬من ير ري اض حن ا ‪ :‬المس ؤولّية الجنائّي ة لألطب اء والص يادلة ‪ -‬دار المطبوع ات الجامعي ة ‪ -‬االس كندرية ‪ 1989‬ص‬
‫‪.161‬‬

‫‪31‬‬
‫افشاء السّر من طبيب إلى آخر في اختصاص آخر قصد الوصول الى ايجاد العالج الن اجع‬
‫للمريض المدمن على المخدرات‪.‬‬

‫فحّتى وإ ن لم يكن قصد االفشاء مباشرا فإن فعل االفشاء يعد جريمة‪.‬‬

‫د‪ -‬قصد االفشاء ‪:‬‬

‫ال يكفي لقي ام المس ؤولية الجزائّي ة أن يص در عن الفاع ل س لوك اج رامي ب ل ال ب ّد‬
‫من توافر الّر كن المعنوي أي أن يقصد األمين إفشاء السّر ‪.‬‬

‫وت ترتب المس ؤولّية الجزائّي ة بت وافر القص د الجن ائي الع ام‪ ،‬وال يش ترط أن يك ون‬
‫االفشاء بنية االضرار‪ ،‬إذ ال عبرة بالبواعث فيما يتعلق بهذه الجريمة‪.‬‬

‫وإ فش اء الس ر المه ني جريم ة قص دية وال ب د للمحكم ة من إثب ات حص ول تعم د‬


‫الطبيب إفشاء السر كّلما قضت بإدانته بحيث إّنه لو وقع إفشاء الس ّر بسبب إهمال الطبيب‬
‫أو ع دم احتياط ه ك أن يتمكن الغ ير من االطالع على وثائق ه ويكش ف الس ر ويذيع ه لع دم‬
‫حفظه في مكان أمين يكون الّر كن المعنوي للجريمة مفقودا‪.‬‬

‫من الواض ح أن التش ريع الج زائي التونس ي ال ي زال محافظ ا على نظرت ه للم دمن‬
‫كشخص مريض لذلك فحتى وإ ن لم يقع تقّد مه للعالج بصفة تلقائية‪ ،‬فإّنه تبقى امكانية تلّقي ه‬
‫لعالج اجباري ممكنة وذلك في صورة تتبعه عدليا مسايرا في ذلك السياسات الحديثة في‬
‫األخ ذ بي د الم ورط في المخ درات باخض اعه للعالج وترغيب ه في الخ روج من أزم ة‬
‫االدمان ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬العالج الالحق للتتّبع ‪:‬‬

‫‪ -‬المختار الجلولي الهاني المرجع السابق ص ‪.77‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪32‬‬
‫منح الفص ل ‪ 19‬من ق انون م اي ‪ 1992‬للمحكم ة في ص ورة الحكم بإدان ة الم دمن‬

‫على تعاطي المخدرات إمكانية االذن بعالجه من التسّم م لفترة يحددها الطبيب المختّص‬

‫(الفرع األول) على أّن ه في صورة تعهد المحكوم عليه بالعالج (الفرع الثانى) ثم‬
‫رفض ه ذل ك‪ ،‬فاّن ه يتم الرج وع إلى الس لطة القض ائية للحص ول على إذن قض ائي يس مح‬
‫بتجاوز معارضته وهو ما يعّبر عنه بـ "االستشفاء الوجوبّي " (الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬العالج المأذون به من طرف المحكمة من تلقاء نفسها ‪:‬‬

‫اّن التعّر ض إلى العالج المأذون به من طرف المحكمة يحّتم علينا ضرورة التأكي د‬
‫بأّن العالج يبقى اختيارا موكوال للمحكمة (الفقرة األولى) مع ضرورة توافر شرط االدمان‬
‫(الفقرة الثانية) ويح ّق التساؤل عن الشكل الذي يّتخذه العالج‪ ،‬فهو تارة يأخذ شكل إجراء‬
‫مكّم ل للعق اب بالّس جن (الفق رة الثالث ة) وط ورا يك ون اج راءا ب ديال عن العق اب بالس جن‬
‫(الفقرة الرابعة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬العالج اختيار موكول للمحكمة ‪:‬‬

‫ينّص الفص ل ‪ 19‬من ق انون م اي ‪ 1992‬على أّن ه "يمكن للمحكم ة المتعه دة‬
‫بالقضية في صورة الحكم بإدانة المدمن على تعاطي المخدرات وفق مقتضيات الفصل ‪4‬‬
‫من هذا القانون إخضاع المحكوم عليه بالعالج من التسّم م لفترة يحّد دها الطبيب المختّص "‪.‬‬

‫ويستنتج من الفصل السابق الذكر‪ ،‬أّن الحكم بهذا التدبير الوقائّي جوازّي للمحكمة‬
‫طالم ا أّن له ا الخي ار في االذن ب العالج من عدم ه وتك ون النتيج ة أّن الق انون ف رق بين‬

‫الم دمنين أنفس هم ‪ :‬م دمنون يس توجب عالجهم وم دمنون ال يس توجب عالجهم طالم ا أّن‬

‫‪33‬‬
‫االختيار موكول للمحكمة ‪ ،‬وهو ما يعني أن المحكمة لها حسب الحاالت أّال تخضع المدمن‬
‫‪1‬‬

‫للعالج والح ال أّن الم دمن م ريض والم ريض يس توجب العالج دائم ا دون أن ي ترك ذل ك‬
‫للس لطة التقديري ة للمحكم ة طالم ا أّن الفص ل ‪ 19‬ت رك للمحكم ة حرّي ة تك وين عقي دتها في‬
‫إخض اع الم دمن للعالج دون الّلج وء إلى رأي الط بيب المختص أو إلى المل ف الط بي‬
‫كأساس لالمر بالعالج‪.‬‬

‫وقد يكون الحل األسلم هو جعل إيداع المدمن بالمصحة وجوبّي ا على القاضي إذ‬
‫أّن ذل ك أج دى للم دمن والمجتم ع مع ا وأن ال يظ ّل اختي ارا متروك ا للمحكم ة وأن يك ون‬
‫العالج ب ديال عن العقوب ة وه و م ا ذهب إلي ه المش ّر ع المص رّي في الم ادة ‪ 37‬من ق انون‬
‫المخدرات الذي نّص على أّنه "يجوز للمحكمة بدال من توقيع العقوبة المنصوص عليها في‬
‫ه ذه الم ادة أن ت أمر بإي داع من ثبت إدمان ه على تع اطي المخ درات إح دى المص ّح ات ال تي‬
‫تنشأ لهذا الغرض ليعالج فيها ‪."...‬‬

‫ونفس االّتج اه تبن اه المش رع الفرنس ي إذ أّن ه منح االختي ار للمحكم ة الخض اع‬
‫الم دمنين لف ترة عالج من التس ّم م وله ا في ه ذه الحال ة أن ال تطب ق العقوب ات المنص وص‬
‫عليه ا بالفص ل ‪ 628‬من ق انون الص ّح ة العمومّي ة وق د نّص على ه ذا االج راء بالفص ل‬
‫‪ 3-628‬من قانون الصّح ة العمومّية الذي جاء فيه أّن ه ‪" :‬يمكن للمحكمة المتعهدة بالبت في‬
‫القض ية أن ت أذن بوض ع األش خاص المعّي نين بالفص ل الس ابق في ف ترة عالج من التس ّم م"‬
‫وأض افت الفق رة الثاني ة من نفس الفص ل أّن ه "إذا م ا طّبقت المقتض يات ال واردة بالفص ل‬
‫‪ 2-628‬وبالفقرة األولى من هذا الفصل فيمكن للمحكمة المتعهدة بأن ال تص ّر ح بالعقوبات‬
‫الواردة بالفصل ‪."628‬‬

‫‪" -‬إي داع الج اني بإح دى وح دات العالج يخض ع لتق دير محكم ة الموض وع" ‪ :‬الطعن رقم ‪ 131‬لس نة ‪ 1966‬جلس ة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 13/4/1996‬الصادر عن محكمة تمييز دبي مجلة القضاء والتشريع لحكومة دبي ‪ -‬الجزء الثاني ‪ :‬قسم جزائي العدد‬
‫‪ 8‬أفريل ‪ - 1999‬ص ‪.94‬‬

‫‪34‬‬
‫ويستنتج من الفصل ‪ ،19‬أّن المشرع التونسي رغم إقراره بالجانب الوقائي للعالج‬
‫من االدم ان على المخ درات‪ ،‬إّال أّن ه م ازال يتص ف بش دته طالم ا أّن ه ال ي زال ي ترّد د بين‬
‫اعتبار المدمن مريضا يستحّق العالج أو مذنبا يستحق العقاب‪ ،‬وقد اقترح في هذا الصدد‬
‫األس تاذ رض ا الم زغّني ك رّد فع ل له ذا ال ترّد د إلى امكاني ة "إخض اع الفاع ل لنظ ام عالجي‬
‫ومراقبته دون أن يمنع ذلك الحكم عند االقتضاء بعقوبة سجنّية مع االسعاف بتأجيل التنفيذ‬
‫وذلك كاف للّر دع" ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ونش ير في ه ذا المج ال إلى إث ارة العدي د من الفقه اء نقط ة هام ة تتعل ق بمس ألة‬
‫اجبارّي ة العالج وذلك لما لها من مساس بالحرية الجسدّية للشخص والمتمثلة في حق كل‬
‫ش خص في جس ده‪ ،‬الح ق في حماي ة الحي اة الخاص ة ‪ ...‬أي بص فة عام ة مجم وع الحري ات‬
‫الفردية في جميع مكوناتها األساسّية‪.‬‬

‫فاألص ل أّن ه ال يج وز إخض اع أّي ك ان ألّي نظ ام عالجّي مهم ا ك ان نوع ه دون‬


‫رض اه لم ا ي ترتب من مقتض يات العالج من هت ك لحري ة ك ّل ش خص في جس ده وق د ذهب‬
‫‪ A.Vitu‬إلى القول "لنفترض إمكانية تصّو ر اجراءات عالجّية بالنسبة لمستهلكي المخدرات‪،‬‬
‫أال نهّد د بذلك حرّية كل شخص في أن يتصّر ف كما شاء بنفسه وجسده‪.‬‬

‫أال يس تطيع المع الج أن يجيب مث ل الم رأة الحام ل ال تي تري د أن تجهض ب دون أن‬
‫تستأذن أّي كان ‪ :‬جسدي ملكي" ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫إّال أن حماي ة الص ّح ة العام ة ووقاي ة المجتم ع من أخط ار م دمن المخ درات وم ا‬
‫يمكن أن يتس ّبب في ه من ج رائم على األش خاص وعلى األم وال وح تى على ذات ه‪ ،‬تقض ي‬

‫‪ -‬رضا المزغني ‪ :‬العقوبات في جرائم المخدرات‪ ،‬الملتقى الوطني المعهد األعلى للقضاء ‪ 12 :‬و‪ 13‬فيفري ‪1993‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ص ‪.113‬‬
‫‪ : André Vitu -‬المرجع السابق ص ‪.1163‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪35‬‬
‫إجب اره للخض وع لفح وص طبي ة وللمعالج ة ول و أّد ى األم ر إلى الني ل من س المته الجس دية‬
‫في سبيل حماية المدمن وحماية الصّح ة العمومية‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فإّن المشّر ع التونسي أيقن بأهمية الحّق في الصّح ة‪ ،‬بل الحق في الحياة‬
‫وأواله أولوي ة على حس اب حرّي ة الف رد تجاوب ا م ع مقتض يات االعالن الع المي لحق وق‬
‫االنسان وكذلك الدستور التونسي لذلك فإّن الحّق في الحياة يعلو وال يعلى عليه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫وه و م ا يعّب ر ويك ّو ن في االن نفس ه حّج ة على من اعت بر اّن إق رار العالج‬
‫االجبارّي يعتبر تدّخ ال تعسفّيا يتعارض مع ح ّق كل فرد في أن يكون ح ّر ا وهو ما يجعله‬
‫متعارضا مع المادتين ‪ 4‬و ‪ 5‬من االعالن العالمي لحقوق االنسان‪.‬‬

‫وعموم ا‪ ،‬فليس غريب ا أن تك ون حماي ة الص ّح ة العام ة إح دى القي ود ال تي تح ّد من‬


‫الحق وق والحري ات ذل ك أّن ه من المنطقي أن يك ون الحف اظ على الم وارد البش رّية وبالت الي‬
‫‪2‬‬

‫على المجتمع البشرّي أولى من الحفاظ على حرّياتهم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬وجوب توافر شرط االدمان ‪:‬‬

‫مّك ن الفصل ‪ 19‬حّق ا للمحكمة في االذن بالعالج االجبارّي متى صدر حكم بإدانة‬
‫المدمن على تعاطي المخدرات وفق مقتضيات الفصل ‪ 4‬من قانون المخّد رات‪.‬‬

‫واقتض ى الفص ل ‪ 4‬من الق انون أّن ه "يع اقب بالس جن من ع ام إلى خمس ة أع وام‬
‫وبخطّية من ألف إلى ثالثة آالف دينار كّل من استهلك أو مسك لغاية االستهالك الشخصي‬
‫نباتا أو مادة مخدرة في غير األحوال المسموح بها قانونا والمحاولة موجبة للعقاب"‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 25‬من االعالن العالمي لحقوق االنسان والمادة ‪ 12‬من العهد الدولي للحقوق االقتصادية واالجتماعّية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 21‬من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪36‬‬
‫ويتّض ح من ذل ك أّن المش رع اش ترط وج وب ت وافر االدم ان في ش خص المحك وم‬
‫عليه ويكون بذلك قد اأقصى حالة المستهلك العادي أو بالصدفة والمستهلك المتعود ال ذي لم‬
‫تصل حالته إلى االدمان وإ ضافة لذلك فقد اشترط في الشخص المدمن أن يكون أدين من‬
‫أج ل ج رائم الفص ل ‪ 4‬من ق انون م اي ‪ 1992‬وهي تل ك الج رائم المتعلق ة باالس تهالك أو‬
‫المس ك بنّي ة االس تهالك مقص يا ب ذلك في االذن ب العالج من ك ان مس تهلكا ومرّو ج ا في اآلن‬
‫ذات ه ومش ترطا في المحك وم علي ه أن يك ون م دمنا على الم ادة المخ درة وهي اح دى الم واد‬
‫المدرجة بالجدول "ب" وفي هذا الباب يرى السّيد الطاهر المنتصر أّنه "يتعّين على القاض ي‬
‫بيان نوع المخدر الواقع محاكمة الجاني من أجله‪ ،‬حتى تتمكن محكمة التعقيب من مراقبة‬
‫ما إذا ك انت المادة من المواد المعتبرة مخدرة والمدرجة بالج دول "ب" أم ال وكلما اّتضح‬
‫أّن تل ك الم ادة لم تكن من ض من م ا دّو ن بتل ك القائم ة‪ ،‬أال وتحتم على القاض ي الحكم بع دم‬
‫سماع الدعوى حتى ولئن ثبت أّن تعاطيها يسّبب االدمان ويلحق الضرر بصّح ة من تناولها‬
‫وكّل حكم غير مركز على هذا األساس كان فاقد التعليل مستهدفا للّنقض" ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ولكن كي ف يق ع التثبت من االدم ان خاص ة وأّن الفص ل ‪ 19‬لم يش ر ال من ق ريب‬


‫وال من بعي د إلى أخ ذ المحكم ة رأي ط بيب مختّص أو إلى رأي لجن ة االدم ان على‬
‫المخ درات‪ .‬وه ل ان الفص ل ‪ 120‬من ق انون تنظيم الم واد الس مية ال زال س اري المفع ول‬
‫خاص ة وأّن نفس الفص ل مكن اللجن ة الم ذكورة أن تل زم ك ل ش خص ثبت إدمان ه على‬
‫المخ درات باّتب اع نظ ام عالجي قص د التخلص من االنس مام وعن د التأك د من ذل ك تص در‬
‫المحكم ة اثره ا حكم ا باإلدان ة ؟ أم اّن نفس الفص ل ألغي بص فة ض منية بم وجب ص دور‬
‫قانون المخدرات خاصة لفصلين ‪ 18‬و‪ 19‬منه وترك الخيار للمحكمة في تكوين عقيدتها‬
‫بش أن ثب وت ش رط االدم ان وفق ا لس لطتها التقديري ة في ذل ك ك أن تعتم د مثال على الس جل‬
‫العدلي للمحكوم عليه او على التحاليل الطبّي ة المجراة على السوائل الحيوية (كالدم والبول‬

‫‪ -‬انظ ر دراس ة ج رائم المخ درات على ض وء الق انون ع دد ‪ 52‬لس نة ‪ 1992‬الم ؤرخ في ‪ 18‬م اي ‪ - 1992‬القض اء‬ ‫‪1‬‬

‫والتشريع عدد ‪ - 1‬جانفي ‪ 1996‬ص ‪.7‬‬

‫‪37‬‬
‫وغيره ا ‪ )...‬ب الرغم من أّنه ا ال تثبت ان ك ان الش خص م دمنا على الم ادة المخ درة أم ال‬
‫ولربم ا أمكن للمحكم ة هن ا االعتم اد على الق رائن األخ رى المكمل ة للتحالي ل الطبي ة مث ل‬
‫‪La muqueuse‬‬ ‫وج ود آث ار اب ر على ال ذراع أو اللس ان أو رف ع عّين ة من الغش اء المخ اطي‬
‫‪ nasale‬لكش ف مستنش ق المخ درات‪ ،‬ونض يف ك ذلك أّن تقني ات التحالي ل تط ّو رت ج ّد ا‬
‫فأص بحت تش مل الش عر ذل ك أن الم واد المخ درة واألدوي ة و المس تقلبات تنتق ل إلى ج ذر‬
‫الش عر عن طري ق ال دورة الدموي ة حيث يق ع امتصاص هم وانتق الهم إلى رحم الك يرتين‬
‫وخزنهم لعدة شهور ومن هذا فإّن الشعر يمّك ن من اكتشاف ان استهلك المظنون فيه مادة‬
‫مخدرة حتى منذ ثالثة أشهر خلت ذلك أّن آثار المادة تبقى بالشعر وبما أّن ه يطول بنسبة‬
‫صنتمتر واحد في الشهر‪ ،‬فمن السهل كذلك تحديد تاريخ االستهالك بدّقة‪.‬‬

‫بي د أن ه ورغم ا من نجاع ة ه ذه التحالي ل‪ ،‬اّال اّن ه لم يق ع االلتج اء إليه ا من ط رف‬


‫المخابر التونسية ذلك أّن الباحث االبتدائي عادة ما يتكفل بأخذ وتجميع العّينات للتأكد من‬
‫اس تهالك الش خص المخ در دون حاج ة الثب ات االدم ان‪ ،‬كم ا أن ط ول م دة انتظ ار نتيج ة‬
‫التحلي ل المج رى على الش عر(‪ 4‬اي ام) ال تتواف ق وض رورة الّس رعة في انج از التحالي ل‬
‫خاصة وأن المظنون فيه في حالة احتفاظ‪.‬‬

‫وكنتيجة لذلك‪ ،‬فإنه يمكن القول إن المحكمة عندما ترغب في تطبيق هذا الفصل‬
‫فإنه عليها تكليف طبيب لفحص المتهم الذي يكون محاال عليها من أجل جرائم الفصل ‪4‬‬
‫من قانون المخدرات وذلك للتأكد من إدمانه إذ أّن الفصل ‪ 19‬يشترط حالة االدمان شأنه‬
‫شأن الفصل ‪ 18‬وعند التأكد من ذلك فإّن ه على الطبيب تحديد م ّد ة العالج وإ ثر ذلك تقوم‬
‫المحكم ة بإص دار حكمه ا باالدان ة وتوقي ع العق اب الب دني والم الي ثم ت أذن باخض اع المّتهم‬
‫باعتباره مدمنا على العالج للفترة التي حّد دها الطبيب ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -‬مصطفى اليحياوي ‪ :‬المرجع السابق ص ‪.24‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪38‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬العالج إجراء مكّم ل للّس جن ‪:‬‬

‫لم يوض ح الفص ل ‪ 19‬من ق انون المخ درات م ا إذا ك ان العالج االجب ارّي يت دّخ ل‬
‫كإجراء مكمل للعقاب بالّس جن والخطية التي سيحكم بها أم أّنه يتدّخ ل كبديل عن العقوبة ؟‬

‫يبدو أّن المشرع يرفض فكرة إقراره العالج كبديل عن العقوبة طالما أّن ه لم ينّص‬
‫ص راحة على ذل ك ص لب ق انون م اي ‪ 1992‬وذل ك على عكس المش رع المص رّي ال ذي‬
‫نّص في الم ادة ‪ 37‬على أّن ه "يج وز للمحكم ة عن د الحكم بالعقوب ة في الج رائم المنص وص‬
‫عليه ا في الفق رة األولى ‪ -‬ب دال من تنفي ذ العقوب ة ‪ -‬أن ت أمر بإي داع من ثبت ادمان ه اح دى‬
‫المصّح ات" وكذلك المادة ‪ 42‬من القانون عدد ‪ 14‬لسنة ‪ 1995‬االماراتي في شأن مكافحة‬
‫المواد المخدرة والمؤثرات العقلية الذي يجيز للمحكمة في غير حالة العود بدال من الحكم‬
‫بالعقوب ات المنص وص عليه ا في ح االت التع اطي واالس تعمال الشخص ي أن تحكم باي داع‬
‫الجاني وحدات عالج االدمان المشار إليها في المادة ‪ 4‬من القانون المذكور‪.‬‬

‫وبصفة عامة‪ ،‬فإن العالج يأخذ شكل عقوبة تكميلية لعقوبة أصلية ودونما حاجة‬
‫إلى تنصيص المحكمة على ذلك صلب الحكم عند نظرها في قضية جزائية‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬العالج اجراء بديل عن الّس جن ‪:‬‬

‫أمام خصوصية الوضعية التي يتمّي ز بها الطفل وبهدف تحقيق المصلحة الفضلى‬
‫له‪ ،‬استحدث المش ّر ع بمقتضى القانون عدد ‪ 94/95‬المؤرخ في ‪ 5‬نوفمبر ‪ 1995‬صلب‬
‫الفص ل ‪ 19‬مك ّر ر آلي ة جدي دة في عق اب الطف ل من أج ل اس تهالك المخ درات ترتك ز على‬
‫االص الح ب دال عن الزج ر وي برز ذل ك جلّي ا خاص ة من خالل م ا نص علي ه الفص ل الث اني‬
‫من مجّل ة حماي ة الطف ل ال ذي ج اء ب ه "أّن المجل ة تض من ح ق الطف ل في التمت ع بمختل ف‬
‫التدابير الوقائية ذات الّص بغة االجتماعية والتعليمية والصحّية"‪ .‬ولم يحد المشرع التونسي‬
‫عن ه ذا التوج ه الوق ائي ذل ك أّن ه نّص ص لب الفص ل ‪ 19‬مك رر أّن ه "للمحكم ة أن تكتفي‬

‫‪39‬‬
‫بإخض اع الطف ل في ج رائم االس تهالك أو المس ك لغاي ة االس تهالك للعالج الط بي ال ذي‬
‫يخّلصه من التسّم م أو للعالج الطبي النفساني الذي يمنعه من الرجوع إلى ميدان المخدرات‬
‫أو للعالج الط بي االجتم اعي أو ألّي من الت دابير المنص وص عليه ا بالفص ل ‪ 59‬من مجّل ة‬
‫حماية الطفل"‪.‬‬

‫ويمكن أن نستنتج من الفصل المذكور أّن المش ّر ع قد توّس ع في حاالت االخضاع‬


‫للعالج من خالل عدم االكتفاء باشتراط حالة االدمان فقط‪ ،‬بل يكفي أن تثبت إدانة الطفل‬
‫باس تهالك المخ در فعال أو بمحاول ة اس تهالكه وذل ك عن د محاكمت ه من أج ل المس ك لغاي ة‬
‫االستهالك‪ .‬ويبّين هذا التوّس ع في الحاالت التي يمكن أن توجب االخضاع للعالج‪ ،‬رغبة‬
‫المش رع في تطوي ق ظ اهرة المخ درات واستئص الها ل دى الطف ل من ذ ب دايتها ودون أن تبل غ‬
‫مرحل ة االدم ان ال تي يستعص ى معه ا العالج‪ ،‬وك ذلك من ع الطف ل من الرج وع إلى مي دان‬
‫المخ درات‪ ،‬وه ذا م ا أّد ى ب دوره إلى تن وع الت دابير العالجّي ة الوقائّي ة والت دابير الوقائّي ة‬
‫البحتة‪.‬‬

‫فأّم ا بالنس بة للت دابير العالجي ة الوقائي ة فهي ته دف إلى تخليص الطف ل من حال ة‬
‫االدم ان ال تي أص بح عليه ا وك ذلك إلى إص الحه وتقويم ه ح تى ال يع ود مج ّد دا إلى مي دان‬
‫المخ درات ويك ون ذل ك بإخض اع الطف ل إلى العالج الط بي ال ذي يرف ع عن ه حال ة التس مم‪،‬‬
‫ويكون االخضاع صادرا عن محكمة األطفال‪ ،‬كما يكون هذا القرار القاضي بالعالج قابال‬
‫لالستئناف حسب مقتضيات الفصل ‪ 104‬من مجلة حماية الطفل الذي نص على استئناف‬
‫قرارات قاضي األطفال ولم يستثن حالة العالج‪.‬‬

‫أّم ا إذا لم يص ل الطف ل إلى حال ة االدم ان س واء اس تهلك المخ درات أو ح اول أن‬

‫يس تهلكها فيمكن إخض اعه حس ب الح االت إّم ا إلى عالج طّبي نفس اني أو إلى عالج ط بّي‬
‫اجتماعّي ومن ذلك الحكم الصادر عن المحكمة االبتدائية بتونس في ‪ 22/10/2002‬تحت‬

‫‪40‬‬
‫ع دد ‪ 59707‬وال ذي في ه "قض ت المحكم ة ابت دائيا حض وريا بثب وت إدان ة الطفل ة (‪)...‬‬
‫واخض اعها للعالج الط بي النفس اني بإيوائه ا بمستش فى ال رازي بقس م "بفل وف" لمواص لة‬
‫العالج تحت إش راف الحكيم ة (‪ )...‬غ داة التص ريح به ذا الحكم إلى نهاي ة العالج م ع م ّد نا‬
‫بتقرير متابعة"‪.‬‬

‫ومن جانب آخر‪ ،‬توسع المشرع في مجموع التدابير المّتخذة ضد الطفل بأن أق ّر‬
‫مجموع ة من الت دابير الوقائي ة البحت ة وال تي ال يخض ع فيه ا الطف ل إلى العالج وق د ع ددها‬
‫الفص ل ‪ 59‬من مجل ة حماي ة الطف ل وال تي أح ال إليه ا الفص ل ‪ 19‬مك رر وهي تتمث ل‬
‫كاآلتي ‪:‬‬

‫‪" -‬ابقاء الطفل لدى عائلته‬

‫‪ -‬ابقاء الطفل لدى عائلته وتكليف مندوب حماية الطفولة بمتابعته ومساعدة العائلة‬

‫وتوجيهها‪.‬‬

‫‪ -‬إخضاع الطفل للمراقبة الطبية والنفسانية‪.‬‬

‫‪ -‬اخض اع الطف ل تحت نظ ام الكفال ة أو ل دى عائل ة اس تقبال أو ل دى مؤّس س ة‬


‫اجتماعّية أو تربوّية مختصة‪.‬‬

‫‪ -‬وضع الطفل بمركز للتكوين والتعليم‪.‬‬

‫ومهما تكن التدابير التي تقرر المحكمة اتخاذها بالنسبة للطفل فاّن فيها نفعا كبيرا‪،‬‬
‫ذل ك أّن وقاي ة الطف ل وعالج ه ح تى ال يع ود إلى المخ درات خ ير من ال زّج ب ه في مراك ز‬
‫اإلصالح مما يبعده عن محيطه العائلي ويحرمه من فرصة التأقلم في الحياة االجتماعّية‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫على تصنيف المستهلكين (مدمنين ‪ -‬مستهلكين عرضيين) ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫الفقرة الخامسة ‪ :‬مّدة العالج ‪:‬‬

‫مّك ن الفص ل ‪ 19‬من ق انون م اي ‪ 1992‬المحكم ة إث ر الحكم بإدان ة المّتهم على‬


‫تعاطي المخدرات من اخضاعه للعالج من التسّم م لفترة يحّد دها الطبيب المختّص ‪.‬‬

‫ومن المنطقي‪ ،‬أن ي ترك المش ّر ع س لطة تحدي د م ّد ة العالج للط بيب المختّص ذل ك‬
‫أّن ه هو وحده الذي بإمكانه تقدير فترة العالج من التسّم م وامتدادها في الزمن وذلك اعتمادا‬
‫على الحالة الجسدّية والنفسية للمدمن المريض‪.‬‬

‫بي د أّن المش رع لم ي بّين ان ك ان العالج يمكن أن يش مل كام ل م ّد ة العق اب أم أّن ه‬

‫يمكن أن يتجاوزها إذا ما قّر رت المصالح الطبية ذلك ؟ وأّنه إذا ما كانت م ّد ة العالج أوق ّل‬
‫من العقاب فهل يعود المريض المعافى من مرضه لقضاء بقّية العقوبة ؟ ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫أّم ا المش رع المص ري فق د بّين بالم ادة ‪ 37‬من ق انون مكافح ة المخ درات على أّن‬
‫اي داع المحك وم علي ه ال ذي ثبت إدمان ه إح دى المص حات ال يج وز أن تق ل مدت ه عن س ّتة‬
‫أشهر وال أن تزيد عن ثالث سنوات أو مّد ة العقوبة المحكوم بها أيهما أّو ل‪.‬‬

‫وبه ذا ف إّن المش ّر ع لم ي بّين الم ّد ة القص وى وال دنيا للعالج‪ ،‬كم ا لم يش ر إلى زمن‬
‫اعالم الط بيب الس لط القض ائّية بم ّد ة العالج فه ل س يكون ذل ك عن د معاينت ه للحال ة الص حية‬
‫للمريض قبل بداية العالج أم اّن ه سيكون مجبرا في كل مرة على إعالم السلطة القضائية‬
‫ط وال معالجت ه للم دمن عن حاجت ه للزي ادة في الم دة نظ را لتعك ر الحال ة الص حّية للم دمن‬
‫وحاجته البقاء تحت فترة مراقبة طبّية ؟‬
‫‪ -‬مصطفى اليحياوي ‪ :‬المرجع السابق ص ‪.35‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ليلى الطرابلسي ‪ :‬المرجع السابق ص ‪.40‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪42‬‬
‫ومن هن ا ي برز ق انون م اي ‪ 1992‬انقط اع العالق ة بين الط بيب والقاض ي من ذل ك‬
‫أّن المشرع أغفل طرح مسألة إلتزام الطبيب بإعالم السلط القضائية بمختلف أط وار العالج‬
‫وذل ك عكس م ا ذهب إلي ه الق انون الفرنس ي في الفص ل ‪ 3-3413‬من ق انون الص ّح ة‬
‫العمومي ة في ص ورة م ا إذا ك انت المب ادرة بعالج م دمن المخ درات ص ادرة عن النياب ة‬
‫العمومّية بعد أخذ رأي المصالح الطبية المختصة وعلى تلك المصالح أن تراقب سيرورة‬
‫العالج وأن تعلم النيابة العمومّية بصفة منتظمة بالحالة الصحّية واالجتماعّية للّش خص‪.‬‬

‫فعالقة القاضي بالمدمن هي عالقة الحاكم بجالده أّم ا عالقة الطبيب بمريضه فهي‬
‫عالق ة انس انية أك ثر منه ا عالق ة نابع ة عن تنفي ذ اذن قض ائي ب العالج ومن هن ا يق ول‬
‫‪ OSTAPTZEFF‬اّن القاضي حريص على احترام الممنوعات وال يبالي بمدمن المخدرات‬
‫بمج ّر د أن يب دأ العالج أو بمج ّر د أن يمتن ع عن تن اول الم ادة غ ير المش روعة أّم ا الط بيب‪،‬‬
‫فب العكس من ذل ك‪ ،‬فه و يهتّم بعالج أولئ ك ال ذين تح ولت طريق ة ادم انهم للمخ درات آلالم‬
‫س واء ارتبطت أو ال باس تهالك الم ادة غ ير المش روعة وأن الم دمن غّي ر المخ در غ ير‬
‫المشروع بمخدر مشروع أو أّنه امتنع عن ذلك ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫رغم ما يخلو به هذا القانون من نقائص‪ ،‬فاّن المشّر ع تالفى هذه العيوب بأن مّك ن‬
‫تعّهد المحكوم عليه الذي فاتته فرصة العالج بطلب عالجه من التسّم م‪.‬‬

‫الف رع الث اني ‪ :‬العالج الم أذون ب ه من ط رف المحكم ة بم وجب تعه د من‬
‫المحكوم عليه ‪:‬‬

‫أعطى المش رع االمكاني ة للمحك وم علي ه الم دمن بتعه ده ب العالج (الفق رة األولى)‬
‫على أن تتم معالجت ه بمؤسس ة استش فائية عمومي ة (الفق رة الثاني ة) دون التنص يص على‬
‫طريقة العالج من التسمم (الفقرة الثالثة)‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- Revue Science Criminelle et droit Pénal Comparé : 3 Juillet - Septembre 1998 - page 618. XXV congrès de‬‬
‫‪l'association Française de criminologie "Réponses aux toxicomanies" (Montpellier, 24 et 25 Mars 1988).‬‬

‫‪43‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬تعهد المحكوم عليه بالعالج ‪:‬‬

‫نّص ت الفق رة الثاني ة من الفص ل ‪ 19‬المتح دث عن ه على م ا يلي ‪" :‬ويمكن تعه د‬
‫المحك وم عليه الم دمن على تع اطي المخ درات في جميع الص ور ب العالج من التس ّم م لفترة‬
‫يحّد دها الطبيب المختص في مؤسسة استشفائية عمومية"‪.‬‬

‫ويستفاد من هذا النص أّن المشرع أراد تعويض األشخاص المحك وم عليهم وال ذين‬
‫يتوافر فيهم شرط االدمان وفاتتهم فرصة المعالجة من امكانية تعهدهم بالعالج من التسمم‬
‫في جميع الصور ليستوي في ذلك أن يكون المحكوم عليه قضى العقاب المحكوم به عليه‬
‫أو قض ى بعض ه وأف رج عن ه نتيج ة لتمّتع ه بالس راح الش رطي أو العف و الخ اص أو ع دم‬
‫قض اءه أّي عق اب بن اءا على ص دور عف و ع ام أو يك ون بص دد قض اء العق اب المحك وم ب ه‬
‫علي ه‪ ،‬فيتعه د تلقائي ا ب العالج من التس مم أو أن يالح ظ ط بيب الس جن ب أّن حالت ه الص حّية‬
‫تستوجب تدّخ ل السلط الصحّية لتخليص ه من االنسمام‪ ،‬فيتعهد المحكوم عليه بذلك العالج‬
‫بعد تعيين الطبيب المختص الفترة التي يحتاجها للمعالجة بمؤسسة استشفائية عمومّية‪.‬‬

‫كم ا اّن ه عن د التأّم ل في ه ذا النص‪ ،‬نج ده ق د أهم ل التع ّر ض لمن يتّم التق دم بطلب‬
‫العالج‪ ،‬لكن يستش ف من س ياق النص اّن التق دم بطلب االستش فاء يك ون للجن ة االدم ان اذ‬
‫هي المكلف ة بتنفي ذ العالج واالش راف علي ه طبق ا للفق رة األخ يرة من الفص ل ‪ 19‬من ق انون‬
‫‪.1992‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مكان العالج ومصاريفه ‪:‬‬

‫أش ار ق انون ‪ 26‬جويلي ة ‪ 1969‬بالفص ل ‪ 120‬من ه أن ض بط الش روط الخاص ة‬


‫بالمؤسسات المختصة بالعالج يكون بقرار من وزير الصّح ة غير أّن هذا القرار لم يصدر‬

‫‪44‬‬
‫بعد ولم يكمل قانون المخدرات كذلك قانون ماي ‪ 1992‬لم يشر بدوره إلى مكان العالج‬
‫‪1‬‬

‫وقد وقع طرح هذا السؤال على الحكومة في تلك الفترة وأجابت بالقول ‪ ..." :‬والمالحظ‬
‫‪2‬‬

‫أّن مش روع ه ذا الق انون لم يض بط ط رق العالج بك ّل دّق ة كم ا لم تتع رض إلى ذك ر‬


‫المصحات المختصة في هذا العالج هل هي عامة أو خاصة وطريقة تمويلها واالقامة بها‬
‫(هل هي اقامة مغلقة أو مفتوحة وم ّد ة ذلك) بل ترك ذلك للجنة التي تعمل حاليا بوزارة‬
‫الص حة العمومي ة على مراجع ة الق انون ع دد ‪ 54‬لس نة ‪ 1969‬الم ؤرخ في ‪ 26‬جويلي ة‬
‫‪ 1969‬والمتعلق ة بتنظيم الم واد الس مية باعتب ار أن ذل ك مي دان اختصاص ها ويرج ع له ا‬
‫بالنظر طبق ما وقع االّتفاق عليه بين وزارتي العدل والصّح ة في هذا المجال" ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وأم ام ت دّفق م دمني المخ درات على المؤّس س ات العمومي ة الص حّية بكام ل ت راب‬
‫الجمهورية وخاصة منها مستشفى الرازي الذي يعتبر المؤسسة الصحّية الوحيدة بمنطقة‬
‫العاص مة ال تي تع نى بمعالج ة م دمني المخ درات‪ ،‬بي د أّن ه ذه المؤسس ة يعوزه ا االط ار‬
‫الص ّح ي المتخّص ص في عالج م دمني المخ درات باالض افة إلى أّنه ا موض وعة أساس ا‬
‫للمصابين باألمراض العقلية وال يحسن أن يجمع بين هؤالء والمدمنين‪.‬‬

‫وبه ذا ي برز بجالء قص ور ق انون ‪ 18‬م اي ‪ 1992‬ذل ك أّن عالج ال يمكن تقس يمه‬
‫بحال إلى عالج طبي بحت أو عالج نفسي أو عالج اجتماعي ألّنه مفهوم متكامل ال يتج ّز أ‬
‫وكان من الالزم وضع مؤسسة خاصة بذلك وإ طار صّح ي متخّص ص أيضا‪.‬‬

‫وت داركا له ذا الوض ع‪ ،‬ج اء بالفص ل األّو ل من األم ر ع دد ‪ 1142‬لس نة ‪1998‬‬


‫الم ؤّر خ في ‪ 18‬م اي ‪ 1998‬قاض يا باح داث مؤسس ة عمومي ة للص ّح ة تس ّم ى "الم ركب‬
‫‪4‬‬

‫‪ -‬مصطفى اليحياوي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.46‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬انظر مداوالت مجلس النواب ص ‪.36‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬مداوالت مجلس النواب ص ‪.37‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 43‬في ‪ 29‬ماي ‪ - 1998‬صفحة ‪.1189-1188‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪45‬‬
‫الص ّح ي بجب ل الوس ط"‪ .‬ويحت وي ه ذا األم ر على ثماني ة فص ول ض بط الفص ل الث اني من ه‬
‫األحكام التشريعية والترتيبّية المنطبقة عليه‪.‬‬

‫أّم ا الفص ل الث الث فتع ّر ض لتركيب ة مجلس االدارة وهي من اإلعض اء اآلتي‬
‫ذكرهم ‪:‬‬

‫‪" -‬ممثل عن وزارة المالية‬

‫‪ -‬ممثل عن وزارة الشؤون االجتماعية‬

‫‪ -‬ممثل عن وزارة الصحة العمومية‬

‫‪ -‬رئيس الّلجنة الفنية للمركب‬

‫‪ -‬ممثل عن ديوان المياه المعدنية‬

‫‪ -‬ثالثة رؤساء أقام طبية بالمركز يعينهم وزير الصحة العمومية من بين رؤساء‬

‫األقسام الطبية بالمركب‬

‫‪ -‬ممثل عن أعوان المؤسسة‬

‫‪ -‬ممثل عن المعهد القومي للصحة العمومية‬

‫‪ -‬ممثل عن مركز االسعاف الطبي االستعجالي‬

‫‪ -‬ممثل عن معهد محمد القصاب للجبر وتقويم األعضاء بقصر السعيد‪"...‬‬

‫وأح دث الفص ل الراب ع من األم ر الس ابق ال ذكر "لجن ة استش ارية يطل ق عليه ا اس م‬
‫"اللجنة الفنّية" تتركب من األعضاء اآلتي ذكرهم ‪:‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ -‬ط بيب ممث ل عن مرك ز االس عاف الط بي االس تعجالي يقترح ه م دير المؤسس ة‬
‫المعنية‪.‬‬

‫‪ -‬ط بيب ممث ل عن معه د محم د القص اب للج بر وتق ويم األعض اء بقص ر الس عيد‬
‫يقترحه المدير العام للمؤسسة المعنية‪.‬‬

‫‪ -‬ممثل عن المعهد القومي للصحة العمومية يقترحه مدير المعهد المذكور‬

‫‪ -‬رؤساء األقسام الطبية بالمركب"‪.‬‬

‫أّم ا الفص ل الخ امس والس ادس فق د ض بط مه ام اللجن ة الفنّي ة وتعل ق الفص ل الس ابع‬
‫بالممتلكات الموضوعة على ذّم ة المركب وهكذا وقع س ّد الفراغ الذي خال منه قانون ماي‬
‫‪ 1992‬إذ بفض ل ه ذه المؤسس ة أص بح الم دمن يع الج في مك ان خ اص ب ه إذ اختالط ه م ع‬
‫مختّلى الم دارك من ش أنه أن ي ؤثر في نفس ه‪ ،‬أّم ا وج وده م ع من هم مثل ه فمن ش أنه أن‬
‫يساعد على برؤه وذلك لتشابه ظروفهم وحالتهم النفس ّية‪ ،‬كما أّن وجودهم بمؤسسة مغلقة‬
‫يح ول دون تس ّر ب العق اقير المخ ّد رة إليهم‪ ،‬لكن بقي ف راغ من الناحي ة التش ريعّية يتمث ل‬
‫أّو ال ‪ :‬في غياب متابعة المدمن الذي تّم عالجه ومبارحته المؤسسة ومساعدته على الشغل‬
‫إذ الفراغ من شأنه أن يؤّد ي إلى العودة إلى االدمان‪ ،‬فيا حّبذا لو تحدث نوادي طبّي ة نفسية‬
‫واجتماعية تقوم على فكرة استمرار الرعاية بعد العالج ويسهل بذلك معرفة من انتكس من‬
‫المرضى ثّم عاد إلى االدمان‪.‬‬

‫ثاني ا ‪ :‬انع دام العي ادة الخارجّي ة للم دمنين ال ذين يرغب ون في العالج الخ ارجّي دون‬
‫االقامة بالمؤّس سة‪.‬‬

‫ثالث ا ‪ :‬انع دام المستش فى النه ارّي أي االقام ة بالمؤسس ة بالّنه ار دون اللي ل إذ في‬
‫ذلك تشجيع للمدمنين على التقدم للعالج دون أن يتفّطن إليهم من طرف المجتمع‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫لكن م ا تج در مالحظت ه أن ه ذا المرك ز ق د تم غلق ه من ذ جويلي ة ‪ 2011‬ألس باب‬
‫مالية وهيكلية حسب ما صرح به المسؤولين على إدارة المركز وتسييره ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬عالج االدمان ‪:‬‬

‫اّن عالج االدم ان ال يمكن تقس يمه بح ال إلى عالج ط بّي بحت أو عالج نفس اني‬
‫أو عالج اجتماعّي ألّنه مفهوم متكامل ال يتجّز أ يفترض المرور بثالث مراحل ‪:‬‬

‫‪Le sevrage‬‬ ‫‪ -‬المرحلة األولى وهي مرحلة الفطام‬

‫‪ -‬المرحلة الثانية ‪ :‬مرحلة العالج النفسي‬

‫‪ -‬المرحلة الثالثة ‪ :‬مرحلة إعادة التأهيل واالدماج‬

‫وب ذلك ف اّن عالج االدم ان على المخ درات يتحق ق ب التوقف عن اس تهالكها ولكن‬
‫أيضا في مساعدة المدمن وتشجيعه على التشبث بالحياة في محيط نفسي سليم وهو يف ترض‬
‫‪ 4‬غايات ثانوّية ‪:‬‬

‫‪ -‬التحسين في صحته الجسدية والنفسية‬

‫‪ -‬استقرار في العالقات االجتماعية والعائلية‬

‫‪ -‬ممارسة نشاط مهني مستمّر‬

‫‪ -‬التخفيض في االجرام‬

‫ويه دف العالج الط بّي لالدم ان (المرحل ة األولى) إلى حرم ان الم دمن من تع اطي‬
‫المخدر إّم ا تدريجّيا أو بصورة مفاجئة وتتمثل طريقة االنقطاع التدريجي في التخفيف من‬
‫‪1‬‬

‫‪ -‬انظر نبيل بن صالح ‪ :‬المرجع السابق ص ‪.68‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪48‬‬
‫كمية المخدر على مدة تتراوح ما بين الخمسة والعشرة أّيام وإ ذا كان المدمن مص ابا ب القلب‬
‫فيك ون التخفي ف لم ّد ة ش هر مثال وتس تعمل في نفس ال وقت المنوم ات وذل ك لتجنب حص ول‬
‫الهبوط في الضغط‪ .‬كما توجد طريقة أخرى تتمثل في استبدال مخدر بمخدر آخر (العالج‬
‫الب ديل) وهي تش مل م دمني األفيون ات فيعت بر عق ار الميت ادون ‪ La Méthadone‬ب ديال ناجع ا‬
‫لعقار األفيون ويعطى مفعوله في ظرف ‪ 24‬ساعة مع وجوبية تناوله يوميا ولم ّد ة سنتين‬
‫ولكن ال يخلو تناول العقار البديل من مساوئ ذلك أّن ه يؤدي إلى ظهور أعراض التحّم ل‬
‫واالدمان‪.‬‬

‫أّم ا بالنس بة لطريق ة االنقط اع الفج ئي فهي تس تعمل عن د الم دمنين األقوي اء ذل ك أن‬
‫الحرم ان من المخ در يس ّبب حال ة ع وز ملح ة م ع ع وارض خط رة ك التقّي ء واالس تفراغ‬
‫واالس هال الش ديد واآلالم المتش عبة م ع خفق ان القلب وهب وط الّض غط وت دفق الع رق والقل ق‬
‫الشديد‪ ،‬وتدوم حالة العوز الملحة هذه مدة خمسة أو س ّتة أّي ام يشفى منها المدمن إذا اّتبع‬
‫إنعاشا صحيحا لذلك ال يجوز معالجة المدمنين إّال تحت المراقبة الطبّية بالمستشفيات‪.‬‬

‫وال تعت بر طريق ة التخلص من االدم ان ناجع ة وفّعال ة إّال إذا ص احبها عالج نفس ّي‬
‫(المرحلة الثانية) ويقوم العالج النفسي على مبدأ التعلم اّال أّن ه تعلم من نوع خاّص ذلك أّن‬
‫الط بيب المع الج يس تهدف أّو ال عن د عالج م دمن المخ درات محاول ة تخليص ه من تعلم ق ديم‬
‫وذلك باستبعاد العادات السلوكية واألساليب الفكرية واالستنتاجات االنفعالّي ة الخاطئة نحو‬
‫تعّلم ايجابي أي باكتساب أساليب وعادات سلوكية واستنتاجات انفعالية جديدة وهو يقتضي‬
‫تع ديل وتغي ير ش امل وكام ل في بن اء الشخص ية بأس ره‪ ،‬في عالق ة الم ريض بعالم ه وبذات ه‬
‫وب اآلخرين وبه ذا ف ان "العالج النفس ي الف ردي" ه و الش كل األساس ي في أش كال العالج‬
‫النفس ي وه و ال ذي يع ّو ل علي ه في تحقي ق أحس ن النت ائج وه و يرتك ز على م ا يطل ق علي ه‬
‫بعملّي ة "الطرح" أي محاولة المعالج الفهم التدريجي ألبعاد موقف المريض من عالمه حيث‬
‫ينق ل إلي ه أس لوب عالقات ه وخ واص ه ذه العالق ات وأبعاده ا بعالم ه و ب اآلخرين وي بّين‬

‫‪49‬‬
‫الم ريض للمع الج طفولت ه المبك رة وعالقات ه أثنائه ا بالشخص يات األساس ية في حيات ه‬
‫كالوالدين واألخوة ومن ثّم ة يقوم العالج النفسي على "االستبصار" فهو أساسه وأساس كل‬
‫أشكال العالج األخرى ويعقب االستبصار شكل آخر من أشكال العالج وهو ما يطلق عليه‬
‫بـ "العالج النفس ي الجم اعي" ومن أب رز ميزات ه اتاح ة الفرص ة لتنمي ة وتط وير العالق ات‬
‫االجتماعي ة ذل ك أن الم دمنين غالب ا م ا يجنح ون إلى االنس حاب المتزاي د والمس تمّر وإ لى‬
‫االنطواء بعيدا عن اآلخرين وبذلك فان في بسطه المشاكل الواقعية للمرضى فيما بينهم أث ر‬
‫مشجع على االرتباط بالواقع ومناقشة المشاكل مناقشة واقعية موضوعية‪.‬‬

‫يبقى بعد ذلك السؤال مطروحا ذلك أّنه إذا كان من الممكن تحقيق االستبصار عن‬

‫طري ق التوس ع في العالج الجمعي ومزج ه ب العالج الف ردي‪ ،‬فه ل يتوق ف العالج عن د ح ّد‬
‫االستبص ار أم أّن ه هن اك خط وات أخ رى اض افية ‪ -‬ان الج واب عن ه ذا الس ؤال ه و‬
‫بااليج اب‪ ،‬فثم ة حاجة الى اّتب اع العالج النفس ي بالتأهي ل النفس ي وإ ع ادة االدم اج (المرحل ة‬
‫الثالثة)‪.‬‬

‫ويس تهدف التأهي ل النفس ي جع ل المتع اطي الس ابق ق ادرا ‪ -‬ب دنيا ومهني ا وعقلي ا ‪-‬‬
‫على أن يحي ا حي اة طبيعي ة كعض و ن افع في المجتم ع وذل ك بتحوي ل م ا ل دى الف رد من‬
‫امكانيات كامنة إلى قدرات ومهارات فعلّية وهنا يأتي دور االخصائي النفسّي الذي يستطيع‬
‫بواسطة االختبارات الموضوعّية التعرف على قدرات ومهارات المريض ورسم الطريق‬
‫الكفي ل بتهيئته ا بالت دريب المناس ب ال ذي تس مح ب ه ق درات الم ريض وامكانيت ه وحالت ه‬
‫الجسمية والصحّية وسنه وذكائه ومستوى تعليمه ‪ ...‬وهنا تصبح أقرب إلى ما يطلق عليه‬
‫باص طالح "العالج بالعم ل" ال ذي يس تهدف تك وين هواي ات جدي دة للم دمن يمكن أن تك ون‬
‫اس تثمارا ل وقت الف راغ وأن تك ون ك ذلك مص درا ل دخل اض افي وهك ذا يمكن أن يتح ول‬
‫العالج بالعم ل بالت دريج إلى وس يلة لرف ع المس توى االجتم اعي واالقتص ادي عن طري ق‬
‫الدخل االضافي من جانب وعن طريق المهارات الجديدة من جانب آخر وال يتحقق ذلك‬

‫‪50‬‬
‫اّال عن طري ق "اع ادة االدم اج" في المجتم ع بوض ع ت دابير من بينه ا توف ير ف رص عم ل أو‬
‫س كن انتق الي ورّبم ا أيض ا تمكين المتع اطي الس ابق من ت رك الوس ط ال ذي ك ان يعيش في ه‬
‫واالنتق ال إلى وس ط اجتم اعي أق ل تش جيعا على إس اءة اس تعمال المخ درات وعلى ه ذا‬
‫األساس يجب أن يكون االهتمام بـ "الرعاية الالحقة" للمدمنين السابقين مستمرا‪.‬‬

‫ه ذا عن أب رز الط رق العالجي ة للتخّلص من االنس مام ال ذي يس ّببه االس تهالك‬


‫المف رط للمخ درات‪ ،‬غ ير أن ه إذا تعه د الم دمن الم ريض باّتب اع العالج ال ذي أذنت ب ه‬
‫المحكم ة‪ ،‬فاّن ه ال يمكن ه أن ي تراجع عن مطلب ه بع د أن أذنت ل ه المحكم ة ب العالج ذل ك أّن ه‬
‫بإمكانه أن يجبر على المعالجة عن طريق إذن من رئيس المحكمة االبتدائّي ة يسمح بتجاوز‬
‫رفضه وهو ما يعّبر عنه باالستشفاء الوجوبّي ‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬االستشفاء الوجوبي ‪:‬‬

‫ينّص الفص ل ‪ 19‬المض اف بم وجب الق انون ع دد ‪ 101‬لس نة ‪ 1998‬الم ؤرخ في‬
‫‪ 30‬نوفم بر ‪ 1998‬على أّن ه "‪ ...‬وفي ص ورة رفض ه العالج المش ار إلي ه يتّم إعالم النياب ة‬
‫العمومية بذلك التي تستصدر إذنا من رئيس المحكمة االبتدائية يقضي بإلزام المحك وم علي ه‬
‫بالخض وع للعالج الم ذكور‪ ،‬ويك ون مطلب االذن مرفوق ا بوثيق ة طبي ة تثبت االدم ان‪،‬‬
‫ويصدر االذن بعد سماع المحكوم عليه‪.‬‬

‫ويتّم تنفي ذ العالج المش ار إلي ه تحت إش راف ورقاب ة لجن ة االدم ان على المخ ّد رات‬
‫المش ار إليه ا بالفص ل ‪ 119‬من الق انون ع دد ‪ 54‬لس نة ‪ 1969‬الم ؤرخ في ‪ 26‬جويلي ة‬
‫‪1969‬‬

‫ومن خالل هذا الفصل نستنتج أّن المش ّر ع أوجب على المحكوم عليه المدمن على‬
‫تع اطي المخ درات المدرج ة بالج دول "ب" في ص ورة تعه ده ب العالج ثم رفض ه مباش رة‬

‫‪51‬‬
‫العالج المش ار إلي ه‪ ،‬أن يق ع استص دار ق رار االستش فاء الوج وبي ض ّد ه به دف إخض اعه‬
‫للعالج وذلك بعد المرور بمجموعة من االجراءات الشكلّية‪.‬‬

‫ويتحص حص من اجراء االستش فاء الوجوبي أّن ه اجراء اس تثنائي (الفقرة ‪ )1‬وهو‬
‫اجراء قضائي (الفقرة ‪ )2‬كما يطرح مسألة التقاضي في االستشفاء الوجوبي (الفقرة ‪.)3‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬االستشفاء الوجوبي اجراء استثنائي ‪:‬‬

‫يتّم اللج وء إلى طريق ة االستش فاء الوج وبي إذا رفض المحك وم علي ه الم دمن على‬
‫تع اطي المخ درات مباش رة العالج من التس ّم م بع د تعّه ده ب ذلك‪ ،‬ل ذلك يتجّلى من خالل ه ذا‬
‫الس لوك أّن االستش فاء الوج وبي ه و إج راء اس تثنائي من خالل محدودي ة ميدان ه وذل ك من‬
‫حيث نوع المرض وسلوك المريض‪.‬‬

‫فمن حيث نوع المرض‪ ،‬فإّن االستشفاء الوجوبي ال يمكن أن يلجأ إليه إّال بالّنسبة‬
‫لمدمن المخدرات المحكوم عليه من أجل استهالك ماّد ة مخدرة مدرجة بالجدول "ب" وهي‬
‫تلك الواردة حصرا صلب القائمة المنصوص عليها بقانون ‪ 18‬ماي ‪ 1992‬وخارج هذه‬
‫القائمة من المواد المخدرة‪ ،‬فاّنه ال يمكن إخضاع أّي مريض مدمن على استهالك م ادة من‬
‫الم واد المدرج ة بالج دول غ ير الج دول "ب" لالستش فاء الوج وبي‪ .‬أّم ا من حيث س لوك‬
‫الم ريض‪ ،‬ف إّن اج راء االستش فاء الوج وبي ال يمكن أن يش مل س وى المحك وم عليهم ال ذين‬
‫رفضوا مباشرة العالج أو متابعته‪ ،‬ولرّبما يبّر ر ح ّق إجبار المدمن على الخضوع للعالج‬
‫بالحال ة االس تعجالية ال تي ه و عليه ا ومن ثّم ة فاالستش فاء الوج وبي يعل و على ح ّق رفض‬
‫المريض المعالجة من التسّم م وبذلك تظهر استثنائية هذا اإلجراء من خالل الهدف المنشود‬
‫وهو حماية الصحة العامة للمدمن من جهة وتقييد التزامه بالعالج من جهة أخرى بحيث‬

‫‪52‬‬
‫اّن ه ل و نك ل عن ه ذا االل تزام فس وف يج بر قض ائيا على العالج وه و م ا يجعل ه ش بيها‬
‫باإلجراءات العقابية المنصوص عليها بالقانون الجنائّي ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وقد ينبثق إشكال في صورة ما إذا رفض المعني باألمر تلّقي العالج ‪ -‬فما عسى‬
‫أن يكون موقف الطبيب المعالج ؟ هل يتجاهل هذا الرفض ويخضع المريض رغما عنه‬
‫إلى العالج وفي هذه الحالة هل توجد إمكانية للقيام ض ّد الطبيب قضائيا واّتهامه بارتكاب‬
‫جريمة العنف إزاء المريض ؟ أو هل يذعن الطبيب المعالج لرغبة المريض فتفشل بالتالي‬
‫مهّم ته في معالجة المدمن المريض ؟‬

‫وإ ض افة إلى الطبيع ة االس تثنائية لالستش فاء الوج وبي‪ ،‬فاّن ه ت برز ك ذلك طبيعت ه‬
‫القضائّية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االستشفاء الوجوبي إجراء قضائي ‪:‬‬

‫أس ند الفص ل ‪ 19‬من ق انون ‪ 18‬م اي ‪ 1992‬إلى رئيس المحكم ة االبتدائي ة‬


‫االختص اص ب النظر في مط الب األذون باالستش فاء الوج وبّي ‪ ،‬بي د أّن الفص ل الم ذكور لم‬

‫ي بّين المحكم ة المختص ة ترابّي ا في إص دار ه ذه األذون‪ ،‬ذل ك أّن مرج ع النظ ر ال ترابّي‬
‫يختلف باختالف مقّر ات األطراف المتداعية في قضايا االستشفاء الوجوبّي ‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة‪ ،‬وتطبيقا ألحكام الفصل ‪ 30‬من مجلة المرافعات المدنية التجارّية‪،‬‬
‫ف اّن المطل وب تل زم محاكمت ه ل دى المحكم ة ال تي ب دائرتها مق ّر ه األص لي أو مق ّر ه المخت ار‬
‫ليكون بذلك قرار االستشفاء الوجوبي صادرا عن المحكمة االبتدائية المختصة ترابّي ا والتي‬
‫بها مقّر المدمن المطلوب اخضاعه لالستشفاء الوجوبّي ‪.‬‬

‫‪ -‬انظر عفاف شعبان ‪ :‬األمراض السارية والقانون ‪ :‬رسالة ختم الدروس بالمعهد األعلى للقضاء ‪ :‬الفوج ‪ 13‬السنة‬ ‫‪1‬‬

‫القضائية ‪ 2002-2001‬ص ‪.37‬‬

‫‪53‬‬
‫كم ا جع ل المش ّر ع من االستش فاء الوج وبّي ‪ ،‬إج راءا ي دخل في اختص اص رئيس‬
‫المحكم ة االبتدائي ة دون س واه وال ذي يق وم باص دار الق رارات القاض ية ب ذلك االستش فاء‪،‬‬
‫ويعتبر تدّخ ل رئيس المحكمة بمناسبة النظر في األذون الخاصة باالستشفاء الوجوبي هو ذا‬
‫ص بغة مزدوج ة‪ ،‬فه و يكتس ي ص بغة عقابّي ة إذ ه و يص در إذن ا ينّف ذ على ش خص الم دمن‬
‫يس لبه حرّيت ه أو يقّي دها وه و من جه ة أخ رى يكتس ي ص بغة عالجّي ة ووقائّي ة إذ الغاي ة من‬
‫اخضاعه لالقامة بالمؤّس سة االستشفائّية هو عالجه من التس ّم م الذي اعتراه نتيجة الدمانه‬
‫باالضافة إلى إقصائه عن الوسط الذي اكتسب منه تلك المادة السّيئة‪ .‬بيد أّن تدخل القاضي‬
‫هن ا ه و ت دّخ ل مح دود المج ال‪ ،‬ذل ك أّن ه ال يت دّخ ل اّال في مرحل ة إص دار ق رار االستش فاء‬
‫الوجوبّي دون قرار وضع حّد له أي إنهاء مّد ته‪.‬‬

‫واالذن الص ادر باالستش فاء الوج وبي يك ون مح ّد د الم ّد ة تبع ا لتقري ر الط بيب‬
‫المختّص وال يجوز بحال للجنة اإلدمان إبقاءه بعد الم ّد ة المأذون بها طالما أّن تلك الّلجنة‬
‫مكّلفة بتنفيذ االذن بالعالج مثله مثل المحكوم عليه بالّس جن عند انتهاء أمد عقابه فاّن ه يطلق‬
‫سبيله فورا‪.‬‬

‫لكن م ا ه و الح ال عن د انته اء الم ّد ة المح ّد دة للعالج ؟ ه ل يتج ّد د طلب االذن‬


‫باخض اع الم دمن من جدي د إلى العالج عن دما يق ّر ر طبيب ه المختّص اّن حالت ه تس توجب‬
‫استمراره تحت العالج‪.‬‬

‫يب دو أن ال م انع في ذل ك م ا دام الم دمن لم يتّم ب رؤه وخّل و جس مه من التس ّم م‬


‫وبالتالي يجوز االلتجاء إلى النيابة العمومية من جديد بعد اإلدالء بشهادة طبّية توّض ح حالة‬
‫المدمن وكونه في حاجة إلى المزيد من العالج‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التقاضي في االستشفاء الوجوبي ‪:‬‬

‫يط رح التقاض ي بش أن الق رارات المتص لة باالستش فاء الوج وبي ثالث مس ائل وهي‬
‫تتعّلق بصفة القيام (‪ )1‬شكل المطلب (‪ )2‬وطرق الطعن فيه (‪.)3‬‬

‫‪ .1‬صفة القيام ‪:‬‬

‫خ ّو ل الفص ل ‪ 19‬من ق انون م اي ‪ ،1992‬الص فة القانوني ة بخص وص االستش فاء‬


‫الوج وبي للنياب ة العمومّي ة بع د إعالمه ا ب ذلك‪ ،‬بي د أّن الفص ل الم ذكور لم يوّض ح من ال ذي‬
‫يعلم النياب ة العام ة به ذا ال ّر فض ‪ :‬أه و الط بيب المختّص المكل ف بعالج الم دمن داخ ل‬
‫المؤّس سة االستشفائية‪ ،‬أم هي لجنة االدمان على المخدرات ؟ وما دام المش ّر ع لم يح ّد د من‬
‫الذي يتوّلى القيام بهذا االعالم‪ ،‬فاّن ه يمكن لك ّل من يهّم ه األمر إعالم النيابة العمومّي ة بما‬
‫ذكر‪.‬‬

‫ويعت بر إس ناد ص فة القي ام للنياب ة العمومي ة دون س واها مّم ن لهم الح ق في التق دم‬
‫بطلب االستش فاء الوجوبّي قائم ا على اعتب ار أّن نياب ة الح ّق الع ام هي الس اهرة على حرّي ة‬

‫األشخاص من جهة والمدافعة عن القانون من جهة أخرى‪ ،‬وعمال بمبدأ مالئمة التتّب ع‪ ،‬فاّن‬
‫ت بّين له ا جدّي ة الطلب‪ ،‬فاّنه ا تس عى في استص دار االذن باالي داع وذل ك بم وجب مطلب في‬
‫الغرض يكون مرفوقا بشهادة طبّية تثبت االدمان‪ ،‬ولم يشترط الفصل ‪ 19‬شرطا معّينا في‬
‫الشهادة الطبّية من حيث تاريخها أو طريقة تحريرها بل اّن ه اكتفى بذكر مضمون الشهادة‬
‫‪1‬‬

‫الطبية من حيث احتواؤها على ثبوت توافر حالة االدمان بالّنسبة للمحكوم عليه الناكل عن‬
‫مباشرة العالج‪.‬‬

‫‪ - 1‬انظر مثال الشروط الشكلّية للّش هادة الطبّية المستوجبة بالّنسبة لاليواء الوجوبّي للمصابين باضطرابات عقلّي ة بموجب‬
‫طلب من الغير‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ .2‬شكل المطلب ‪:‬‬

‫منح الفصل ‪ 19‬النيابة العمومية ح ّق طلب االذن باالستشفاء الوجوبّي لدى رئيس‬
‫المحكم ة االبتدائّي ة‪ ،‬لكن لم ي بّين ش كل ه ذا المطلب معتم دا على القواع د العام ة ال واردة‬
‫بالفص ل ‪ 213‬من مجل ة المرافع ات المدني ة والتجاري ة وم ا بع ده‪ .‬ف إلى ج انب الوظيف ة‬
‫األساسّي ة للمحاكم‪ ،‬وهي الفصل في الخصومات‪ ،‬توجد أعمال كثيرة تقوم بها المحاكم هي‬
‫أقرب إلى االدارة منها إلى القضاء تسّم ى الوظيفة الوالئية‪.‬‬

‫والس ؤال ال ذي يط رح نفس ه ح ول طبيع ة ه ذا االذن القاض ي باالستش فاء الوج وبي‬
‫ه ل ين درج في إط ار العم ل القض ائّي أو التص ّر ف ال والئّي هن اك مع ايير متع ّد دة للتمي يز‬
‫بينهم ا‪ ،‬منه ا فك رة الّن زاع‪ ،‬ذل ك أّن أس اس العم ل القض ائي ه و فّض الخالف ات‪ ،‬ف النزاع‬
‫عنص ر ج وهرّي في العم ل القض ائّي ‪ ،‬ألّن فك رة ت دّخ ل القض اء إّنم ا تع ود إلى أّن التط بيق‬
‫العملّي للقاعدة القانونّي ة قد يثير منازعة بين األفراد‪ ،‬فيتدّخ ل القضاء لحسم ذلك النزاع على‬
‫أس اس القاع دة القانونّي ة‪ ،‬وفي ص ورة الح ال‪ ،‬ف إّن هن اك نزاع ا بين الم دمن وبين النياب ة‬
‫العمومية حول االيداع من عدمه‪ ،‬باالضافة إلى أّن االذن ال يصدر إّال بعد حضور المدمن‬
‫الم راد اخض اعه للعالج وس ماعه أو بع د اس تدعائه كم ا يجب األم ر المفق ود في االذن‬
‫الوالئّي ‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬الطعن في قرارات االستشفاء الوجوبّي ‪:‬‬

‫أهم ل الق انون الم ؤّر خ في ‪ 18‬م اي ‪ 1992‬التع ّر ض للطعن في االذن القاض ي‬
‫باالستشفاء الوجوبّي وطالما لم يمنع الطعن فيه‪ ،‬فاّن ه يبقى خاضعا للمبادئ المق ّر رة بقانون‬
‫المرافعات المدنية والتجارّية وتحديد المبادئ المقّر رة بالمادة ‪ 222‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت الذي نّص ه‬
‫"يمكن للطالب ولألشخاص الذين استعملوا الحّق المنصوص عليه بالفصل ‪ 219‬أن يقوموا‬
‫باالس تئناف" والفص ل ‪ 223‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت القائ ل "تس تأنف األذون الص ادرة من حّك ام‬

‫‪56‬‬
‫النواحي للمحكمة االبتدائية وتسأنف األذون الصادرة من رؤساء المحاكم االبتدائية لمحكمة‬
‫االستئناف أّم ا القرارات الص ادرة من رئيس محكمة االس تئناف فهي غير قابل ة لالستئناف‬
‫واالستئناف ال يوقف التنفيذ"‪.‬‬

‫أّم ا طلب االستئناف فمفتوح أمام النيابة العومية عند رفض المطلب وأمام المدمن‬
‫الم ريض ال ذي أخض ع لق رار االستش فاء الوج وبّي ‪ ،‬غ ير أّن ه ال يمكن ه طلب الّر ج وع في‬
‫االذن لم ذكور طالم ا أّن االذن ال يص در اّال بع د س ماع المع ني ب األمر ويبقى ب ذلك الطعن‬
‫منحص را في االس تئناف فق ط م ع الت ذكير ب أّن االس تئناف ال يوق ف التنفي ذ تنفي ذا ألحك ام‬
‫الفصل ‪ 223‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫الجزء الثاني ‪ :‬محدودية النظام القانوني لإلدمان على المخدرات والحلول‬
‫الممكنة‪:‬‬
‫بعد تسجيل فشل السياسة التشريعية المعتمدة في القانون التونسي لمعالجة ظاهرة‬
‫اإلدم ان (الفص ل األول) وال تي أدت تفش ي ه ذه الظ اهرة وتزاي د ع دد المس تهلكين واكتظ اظ‬
‫الس جون ب رزت عدي د ال دعوات من حقوق يين وناش طين في المجتم ع الم دني لتنقيح ق انون‬
‫‪ 1992‬المتعل ق باإلدم ان مم ا دف ع الحكوم ة إلى ع رض مش روع ق انون يتض من جمل ة من‬
‫اإلصالحات والحلول (الفصل الثاني) ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل األول‪ :‬فشل المقاربة التشريعية المعتمدة لمعالجة اإلدمان‪:‬‬
‫من أهم أس باب فش ل المقارب ة المعتم دة في التش ريع التونس ي لمعالج ة ظ اهرة‬
‫اإلدمان تغليب السياسة العقابية على حساب البعد الوقائي والعالجي (الفرع األول) إضافة‬
‫إلى تجريد القضاء من صالحية تفريد العقوبات (الفرع الثاني) ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تغليب السياسة العقابية على حساب البعد الوقائي والعالجي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬محدودية العالج السابق للتتبع‪:‬‬

‫ينص الفصل ‪ 20‬فقرة ‪ 3‬من قانون ماي ‪ 1992‬على ما يلي " إذا غادر طالب‬
‫العالج المؤسس ة اإلستش فائية أو انقط ع عن ه دون موافق ة أطبائ ه أو اللجن ة الم ذكورة ف إن‬
‫التتبعات القانونية تثار ضّد ه"‪.‬‬

‫وهذا يعني أّن اإلعفاء مرتبط بإتمام العالج أو أّن ه سيكون عرضة إلثارة الدعوى‬
‫العمومّية ضّد ه‪.‬‬

‫وق د انتق دت لجن ة التش ريع الع ام بش ّد ة ه ذا الفص ل باعتب ار أّن ظ اهرة اإلدم ان‬
‫ظ اهرة مرض ّية‪ ،‬وأن ه ذا اإلنس ان ال ذي يف ّر ه و إنس ان م ريض وغ ير مس ؤول وله ذا‬
‫اقترحت أن يق ع استش ارة النيابة العمومي ة واألطب اء للنظر في معرفة هل أّن هذا اإلنس ان‬
‫مازال مريضا أو شفي ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وهنا تظهر بوضوح حدود سلطة النيابة العمومية في تقديرها التتبع من عدمه وهو‬
‫عكس م ا ذهب إلي ه المش رع الفرنس ي ص لب الفص ل ‪ ( 628‬الفق رة ‪ )1‬من مجل ة الص حة‬
‫العمومي ة ال ذي أعطى لوكي ل الجمهوري ة الس لطة التقديري ة الكامل ة في التتب ع من عدم ه في‬
‫حالة العود‪.‬‬

‫مداوالت مجلس النواب ص ‪.4‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪59‬‬
‫وفي ه ذا اإلط ار وعن د مناقش ه أحك ام الفص ل ‪ 20‬من فقرت ه األخيرة اق ترح أح د‬
‫‪1‬‬

‫الن واب أن ه ال يجب ت رك الحري ة للم دمن في المغ ادرة فه و في حال ة إيق اف ومراقبت ه‪،‬‬
‫فمغادرت ه للمستش فى أو إنقطاع ه عن العالج ه و في غ الب األحي ان ي أتي من منط ق‬
‫الالمسؤولّية‪ ،‬فهو غير مسؤول‪ ،‬فمدراكه العقلية ال تمكنه من أن يمّي ز أّن ما يفعله صحيح‬
‫أو غير صحيح وإ قترح النائب أن يقع جلبه في صورة مغادرته للمؤسسة اإلستشفائية من‬
‫قب ل الق وة العام ة وبإجب اره على مالزم ة المستش فى للعالج على غ رار م ا ه و معم ول ب ه‬
‫بالنسبة للمرضى المصابين بخلل عقلي عوضا من إثارة التبعات العدلّية ضّد هم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التفرقة في العالج على أساس السن‪:‬‬

‫ي برز تك ريس المش رع التونس ي لسياس ة جنائي ة حديث ة تعطى للت دابير العالجي ة‬
‫والوقائي ة أهمي ة بالغ ة داخ ل المنظوم ة الجزائي ة الحديث ة‪ .‬إّال أّن ه ذه الض مانات ال ت زال‬
‫قاص رة على تحقي ق الغاي ات المرج ّو ة منه ا طالم ا أّن المش رع اعتم د التفرق ة المبني ة على‬
‫تص نيف المج رمين حس ب الس ن‪ ،‬ف إن ك ان راش دا‪ ،‬فال ب د أن يك ون مس تهلكا م دمنا على‬
‫المخدرات حتى يتم عالجه إلى جانب فرض عقوبة بدنية ومالية عليه‪ ،‬أّم ا إذا كان طفال‪،‬‬
‫فال يش ترط أن يك ون م دمنا ب ل يكفي أن يك ون مس تهلكا إلق رار العالج ك إجراء ب ديل عن‬
‫السجن‪ ،‬ومن هنا تبرز الثغرة التي يعاني منها التشريع الجزائي التونسي ذلك أّن ه ال يجب‬
‫أن ننتظر بلوغ حالة االدمان حتى يتّم العالج وهو عكس التمشي الذي اعتمد في القوانين‬
‫المقارن ة كالق انون المص ري والق انون الفرنس ي ال ذان فّض ال التفرق ة المبني ة على تص نيف‬
‫‪2‬‬

‫المستهلكين (مدمنين – مستهلكين عرضيين ) ‪.‬‬

‫نفس المرجع والصفحة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬انظر القانون المصري الفصل ‪ 37‬مكرر (أ) فقرة ثانية والفصل ‪ 37‬مكرر (ب) فقرة ثالثة ومن خاللها فرق القانون‬ ‫‪2‬‬

‫المذكور ضمنيا بين صنفين من المستهلكين من خالل تفرقته بين طريقتين من العالج األولى البقاء المس تمر ب دور العالج‬
‫والثانية ‪ :‬هي الترّد د على دور العالج‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫ويت بّين من ذل ك أّن المش ّر ع جع ل العالج عقوب ة تكميلي ة بالنس بة للم دمن الراش د‬
‫ولكنه من جهة أخرى جعل العالج اجراءا بديال عن العقوبة البدنية بالنسبة للطفل القاصر‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬عدم إقرار العالج المجاني لإلدمان‪:‬‬

‫يظ ّل النقص قائم ا بالنس بة لمص اريف العالج ذل ك أّن الفص ل ‪ 121‬من ق انون ‪26‬‬
‫جويلي ة ‪ 1969‬نّص على أّن "مص اريف العالج قص د التخّلص من االنس مام محمول ة على‬

‫المع ني ب األمر اّال في ص ورة االعف اء الممن وح من ك اتب الدول ة للص ّح ة عن دما يّتض ح أّن‬
‫م وارد المع ني ب األمر غ ير كافي ة"‪ .‬ويك ون ب ذلك مج ال انطباق ه مقتص را على حال ة العالج‬
‫الوجوبي المأذون من طرف لجنة االدمان دون العالج المأذون من طرف المحكمة (راشد‬
‫‪ -‬طفل) صلب الفصالن ‪ 19‬فقرة ‪ 1‬و‪ 19‬مكرر وكذلك العالج بموجب تعّه د من المحكوم‬
‫عليه صلب الفصل ‪ 19‬مكرر فقرة ‪.2‬‬

‫أّم ا المش ّر ع الفرنس ي فق د نّص على مجاني ة العالج بالنس بة للعالج التلق ائي مثل ه‬
‫‪1‬‬

‫مث ل المش ّر ع المص رّي بي د أّن ه ذا األخ ير أل زم ب دفع نفق ات العالج في ح ال مغ ادرة‬
‫‪2‬‬

‫المريض المصّح ة أو التوقف عن التردد عن دور العالج‪.‬‬

‫وك ان من األحس ن ل و أن المش رع التونس ي نس ج على من وال نظ يره المص ري‬


‫والفرنسي ذلك أّنه في تمكين مدمن المخدرات من العالج المجاني تشجيع له على المبادرة‬
‫الح ّر ة‪ ،‬وق د اق ترح في ه ذا الص دد أح د الن واب بمناس بة مناقش ة ق انون المخ درات إنش اء‬
‫‪3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- L'art 3411-2 : "les dépenses de prévention résultant du présent livre, les dépenses de soins entraînées par‬‬
‫‪l'application des articles L. 3414-1 et L. 3424-2, ainsi que les dépenses d'aménagement des établissements de‬‬
‫‪cure sont prises en charge par l'Etat.‬‬
‫‪Toutefois, lorsque la cure de désintoxication est réalisée avec hébergement dans un établissement de santé, les‬‬
‫‪dépenses afférentes à la cure sont prises en charge par les régimes d'assurance maladie".‬‬
‫‪ - 2‬تنّص المادة ‪ 37‬مكرر (أ) (‪ )1‬الفقرة انه "إذا غادر المريض المصّح ة أو توقف عن ال تردد على دور العالج المش ار‬
‫إليها قبل صدور قرار الّلجنة المذكورة يلزم بدفع نفقات العالج ويجوز تحصيلها منه بطريق الحجز اإلداري"‪.‬‬
‫‪ -‬انظر مداوالت مجلس النواب ص ‪.47‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪61‬‬
‫صندوق وطني يتمّتع بالشخصية المعنوّية وباالستقالل المالي على غرار صندوق الضمان‬ ‫‪1‬‬

‫من ح وادث الطرق ات يختص بمعالج ة االدم ان بي د أّن ه ذا االق تراح لم يج د ص داه أثن اء‬
‫المناقشة‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬عدم مراعاة حالة التأكد التي تفرضها الحالة الصحية للمدمن‪:‬‬

‫المالحظ بالنسبة لمعالجة مدمني المخدرات صحّيا‪ ،‬أن المشرع صلب قانون ماي‬
‫‪ 1992‬لم يراع حالة التأكد واالستعجال التي تفرضها الحالة الصحية للمدمن سواء قبل أو‬
‫بعد النطق بحكم االدانة ولعّل ه يكون من الوجيه لو يقع االذن بعالج المدمن سواء من لدن‬
‫وكي ل الجمهوري ة أو ح اكم التحقي ق أو ح اكم األطف ال مثلم ا ه و الش أن بالنس بة للق انون‬
‫الفرنسي الذي مّك ن حاكم التحقيق ووكيل الجمهورية أو حاكم األطفال من امكانية اخضاع‬
‫المدمن لفترة عالج من التسّم م ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ك ذلك في ح ال إث ارة ال دعوى العمومي ة ض ّد من لم يمتث ل للعالج‪ ،‬ف إّن االش كال‬
‫يطرح في حال معاناته ألعراض االنسحاب عن المخدر وتعكر حالته الصحّية خاص ة وأن‬
‫الفصل ‪ 19‬من قانون ماي ‪ 1992‬ال يأذن بالعالج إّال عند المحاكمة وهنا يبرز بوضوح‬
‫حاج ة التش ريع الج زائي التونسي لمث ل الفص ل ‪ 628‬من ق انون الص ّح ة العمومّي ة الفرنسي‬
‫ال ذي اعطي الح ق في امكاني ة ع دم التتب ع لك ّل من وكي ل الجمهوري ة وقاض ي التحقي ق‬
‫وقاضي األطفال إذ جاء فيه ‪:‬‬

‫"األش خاص المتهم ون بالجريم ة ال تي ج اء به ا الفص ل ‪ 628‬إذا ثبت أّنهم يت ابعون‬


‫عالج ا طبّي ا يمكن إخض اعهم بق رار من قاض ي التحقي ق أو قاض ي األح داث لقض اء ف ترة‬
‫استشفاء من االنسمام مرفوقة بكّل وسائل المراقبة الطبّية ‪"...‬‬

‫‪ -‬انظر المادة ‪ 37‬مكرر (د) (‪ )1‬الذي يقضي بإنشاء صندوق خاص لمكافحة االدمان والتعاطي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬قّر رت السلطة الفرنسية في نوفمبر ‪ 1996‬توزيع العالج البديل المتمثل في الميتادون في السجون‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪62‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تجريد القضاء من صالحية تفريد العقوبات‪:‬‬

‫جسد القانون عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 1992‬المتعلق بالمخدرات سياسة جزائية تقوم على‬
‫فك رة تش ديد العقوب ات في مواجه ة ك ل من ي رتكب ج رائم مخ درات بم ا في ذل ك جريم ة‬
‫اإلستهالك مع تجريد القضاء من صالحية تفريد العقوبات وتحديدا من صالحية تخفيفها‬
‫وإ عم ال ظ روف التخفي ف ال واردة بالفص ل ‪ 53‬من المجل ة الجزائي ة فأص بح دور القاض ي‬
‫يقتصر على النطق بالحكم في جنحة إستهالك المخدرات التي أصبحت األحكام الصادرة‬
‫في بأنه ا مح ددة بالس جن لم دة ع ام وبخطي ة أل ف دين ار وهي العقوب ة المنص وص عليه ا‬
‫بالفصل ‪ 4‬من قانون ‪ 1992‬ال ذي يق ر عقوبة من عام س جن إلى خمسة أع وام وبخطية‬
‫من ألف دينار إلى خمسة أالف دينار ويحجر على القاضي النزول بالعقاب إلى أدناه‪.‬‬

‫وق د أدى تط بيق ه ذا التحج ير إلى انحص ار دور القاض ي في إثب ات اإلدان ة و‬
‫التص ريح بالعقوب ة ال تي ض بط المش رع أدناه ا و أقص اها وه و م ا يمث ل اعت داء على‬
‫صالحيات القضاء يستوجب الدفع بعدم دستورية هذا القانون‪.‬‬

‫واتجه فقه القضاء في المقابل إلى التشدد في إثبات جرائم المخدرات مع القضاء‬
‫بأدنى العقوبة المقررة‪.‬‬

‫انتهت تجرب ة التش دد التش ريعي في مواجه ة اس تهالك المخ درات إلى الفش ل فق د‬
‫تض اعف ع دد المحك وم عليهم في ج رائم المخ درات وتزاي دت ظ اهرة الع ود في ص فوفهم‬
‫وأدى إلى ع دة مآس ي اجتماعي ة خاص ة بالنس بة لمن زلت بهم الق دم ألول م دة في ع الم‬
‫اإلس تهالك وم ا يمكن أن ينج ر عن ه من ض ياع الش باب ج راء دخ ول الس جن ومرافق ة‬
‫المج رمين أثن اء قض اء الم دة الس جنية خاص ة بالنس بة للمبت دئين وال س يما التالمي ذ والطلب ة‬
‫منهم إض افة إلى إكتظ اظ الس جون ب النظر لألع داد المتزاي دة من المس تهلكين مم ا دف ع‬
‫الحكومة إلى التقدم لمجلس نواب الشعب بمشروع القانون األساسي عدد ‪ 79‬لسنة ‪2015‬‬

‫‪63‬‬
‫المتعلق بالمخدرات الذي إنبنى على مقاربة قوامها أن مستهلك أو مدمن المخ درات يع د في‬
‫المق ام األول ض حية للظ اهرة يستحق المس اعدة وأن امتناع ه عن قب ول المساعدة يستدعي‬
‫تس ليط عقوب ة في حق ه تتناس ب م ع األفع ال المنس وبة إلي ه من دون تش دد وذل ك مقاب ل‬
‫المحافظة على تجريد القاضي من صالحية تفريد العقوبة بالنسبة للمروجين ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الحلول القانونية الممكنة لمعالجة ظاهرة اإلدمان‪:‬‬

‫الف رع األول‪ :‬الحل ول المقترح ة على ض وء مش روع القانون ع دد ‪ 79‬لس نة‬


‫‪:2015‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ عالج اإلدمان كبديل عن مالحقته‪:‬‬

‫من أهم م ا ج اء ب ه مش روع الق انون التمي يز بين فئ ة المس تهلكين وفئ ة‬
‫المروجين وغيرهم‪:‬‬

‫فئة المّر وجين‬ ‫‪‬‬

‫م يز مش روع الق انون بش كل واض ح بين المس تهلك والم ّر وج‪ ،‬إذ على خالف مب دأ‬
‫الت درج ومنح الس لطة التقديري ة للقاض ي إزاء المس تهلك ف إن المش رع ح رص على تش ديد‬
‫العقوبة و المحافظة على الطابع الزجري الرادع للجرائم المتصلة باإلتجار غير المشروع‬
‫في المخّد رات التي غالبا ما تكتسي طابعا منّظما وعابًر ا للحدود الوطنية‪.‬‬

‫وقد أخذ المشرع بعين اإلعتبار ارتباطها بجرائم غسل األموال وتمويل اإلرهاب‬
‫ال تي تش كل خط را على النظ ام الع ام االجتم اعي واالقتص ادي ف أقر جمل ة من العقوب ات‬
‫المشّد دة‪.‬‬

‫أّم ا بالنسبة لفئة المستهلكين‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫فق ّد أك د المش رع على مب دأ الت ّد رج في العقوب ة انطالق ا مّم ا ه و ق ائم في عدي د‬


‫األنظم ة المقارن ة في مج ال السياس ات الجزائي ة وال تي تك رّس الوقاي ة قب ل الزج ر وتش جع‬
‫على المبادرة التلقائية بطالب العالج والتداوي وتحّث على استبدال العقوبات السالبة للحرية‬

‫‪65‬‬
‫بعقوبات بديلة تحقق اإلصالح وإ عادة اإلندماج بالنسبة لمستهلكي المخدرات‪.‬‬

‫وهو ما يستدعي اعتماد تمشي جديد يهدف إلى الوقاية والعالج من خالل ‪:‬‬

‫تمت ع مس تهلكي المخ درات ب الحق في العالج الب ديل و التغطي ة اإلجتماعي ة‬ ‫‪-‬‬
‫وفي ه ذا اإلط ار س يتم إح داث لجن ة وطني ة ولج ان جهوي ة للتعه د واإلحاط ة بمس تهلكي‬
‫المخدرات تشرف على تنفيذ العالج والمراقبة لطبية الذي ستتم بمؤسسات صحّية عمومية‬
‫أو خاصة مّر خص لها من الوزير المكّلف بالصحة بناءا على شروط تضبط بأمر حكومي‪.‬‬

‫بخص وص للعقوب ات بالنس بة للمس تهلكين فق د ت نزلت في فص ول مش روع‬ ‫‪-‬‬


‫القانون الجديد على النحو التالي‪:‬‬

‫ال يقع تتبع أو محاكمة من توّر ط ألم ّو ل م ّر ة في استهالك مادة مخ ّد رة في‬ ‫‪-1‬‬
‫صورة موافقته على الخضوع للعالج أو وضعه تحت المراقبة الطبّية‪.‬‬

‫يع اقب بخطي ة من أل ف دين ار إلى ألفي دين ار ك ل من اس تهلك م اّد ة مخ درة‬ ‫‪-2‬‬
‫أو مس كها لغاي ة اإلس تهالك الشخص ي ولم يواف ق على الخض وع لنظ ام عالجي طّبي أو‬
‫نفسي أو إجتماعي أو وضعه تحت المراقبة الطبّية بمؤسسة صحّية‪.‬‬

‫يع اقب بخطّي ة من ألفى دين ار إلى خمس ة أالف دين ار ك ل من إس تهلك م اّد ة‬ ‫‪-3‬‬
‫مخ درة أو مس كها لغاي ة اإلس تهالك الشخص ي م رة ثاني ة من غ ير الح االت المس موح به ا‬
‫قانونا‪.‬‬

‫ه ذا وق د أدرج مش روع الق انون العقوب ة الس جنّية لمس تهلك المخ ّد رات في الم ّر ة‬
‫الثالثة حيث ينص على‪:‬‬

‫‪66‬‬
‫يع اقب بالس جن من س تة أش هر إلى ع ام واح د وبخطّي ة من ألفي دين ار إلى‬ ‫‪-4‬‬
‫خمس ة آالف دين ار ك ل من ك ّر ر إس تهالك م ادة مخ ّد رة أو مس كها لغاي ة اإلس تهالك‬
‫الشخصي‪.‬‬

‫ويمكن للمحكم ة أن تستبدل عقوبة الس جن النافذ المحك وم بها بعقوب ة العمل لفائ دة‬
‫المصلحة العامة ( العقوبات البديلة)‪.‬‬

‫يع اقب بخطي ة من أل ف على ألفى دين ار ك ل من ت ردد على مك ان أع ّد أو‬ ‫‪-5‬‬
‫هيئ لتعاطي المخدرات ويجرى فيه تعاطيها مع علمه بذلك‪.‬‬

‫ويستثنى من ذلك قرين وأصول وفروع وإ خوة من أعد أو هيأ ذلك المكان وكل‬
‫من يقيم معه عادة‪.‬‬

‫يع اقب بالس جن من س ته أش هر إلى ع ام واح د وبخطّي ة من ألفى دين ار إلى‬ ‫‪-6‬‬
‫خمسة أالف دينار كل من يرفض الخضوع لعملية أخذ عّينات بيولوجية الستكشاف مواد‬
‫مخّد رة‪.‬‬

‫كما نص مشروع القانون في فصله التاسع والثالثين على إمكانية أن تقضي‬ ‫‪-‬‬
‫المحكم ة المختص ة إلى ج انب العقوب ات األص لية ببعض العقوب ات التكميلي ة المنص وص‬
‫عليه ا بالفص ل الخ امس من المجل ة الجزائي ة على غ رار س حب رخص الس ياقة أو تعلي ق‬
‫الحصول عليها لمّد ة تصل إلى ثالثة أعوام من تاريخ صيرورة الحكم باتا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التدابير الوقائية والعالجية‪:‬‬

‫في ه ذا اإلط ار أح دث مش روع الق انون هياك ل مختص ة في مج ال الوقاي ة من‬


‫المخّد رات تتمثل في‪:‬‬

‫‪67‬‬
‫إحداث لجنة وطنّية للتعّهد واإلحاطة بمستهلكي المخّد رات ل دى وزارة‬ ‫‪)1‬‬
‫الصحة ولجان جهوية للتعّهد واإلحاطة بمستهلكي المخ ّد رات بكل والّي ة تهدف على‬
‫دعم الجانب الوقائي والعالجي وتسهر على تنفيذ النظام العالجي أو المراقب ة الطبي ة‬
‫والتنسيق مع السلط القضائية المتعهدة‪.‬‬

‫إح داث مرص د وط ني لإلحص اء واإلعالم والتوثي ق والدراس ات‬ ‫‪)2‬‬


‫والبح وث في مج ال المخ درات أطلقت علي ه تس مية المرص د التونس ي لمكافح ة‬
‫المخدرات واإلدمان يكون تحت إشراف رئاسة الحكومة ويكّل ف بتجميع المعطيات‬
‫المتعلقة بالمخّد رات من كافة الجهات المعنية المتعلقة بالوقاية من المخ درات وعالج‬
‫مس تهلكيها ومكافح ة اس تعمالها غ ير المش روع وإ حص ائها وتحليله ا إلح داث قاع دة‬
‫بيان ات به دف إس غاللها في إنج از المه ام الموكول ة ل ه ووض ع إس تراتيجية وطني ة‬
‫لمكافح ة اإلس تعمال غ ير المش روع للمخ درات والتوعي ة والتحس يس من خط ورة‬
‫إستهالكها‪.‬‬

‫كما أّن ه ولئن حافظ مشروع القانون على مبدأ تجريم استهالك المخدرات إّال أنه‬ ‫‪-‬‬
‫أق ّر نظام ا جدي دا يس مح باعتم اد آلي ة العالج س واء قب ل اكتش اف الجريم ة أو‬
‫إثرها‪.‬‬

‫فقبل اكتش اف الجريمة يمكن لكل شخص استهلك مادة مخ ّد رة أن يتق دم تلقائيا‬ ‫‪-‬‬
‫إلى مؤسس ة ص حّية عمومي ة أو خاص ة م رخص له ا للعالج دون أن ي ترتب‬
‫تتبعات عدلية ويمارس هذا الحق في عدد غير محدد من المرات‪.‬‬

‫أّم ا بع د إكتش اف الجريم ة‪ :‬ف إن طلب العالج ي ؤثر على م آل ال دعوى الجزائي ة‬ ‫‪-‬‬
‫في المناسبة األولى فقط إذ يسمح إنهاء البرنامج العالجي من إيقاف التتبعات أو‬
‫المحاكمة‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫وال يمنع تمتع الشخص بهذا اإلجراء من طلب العالج تلقائيا في مرات أخرى لكن‬
‫دون أن يكون للعالج تأثير على الدعوى الجزائية ‪.‬‬

‫وفي الح التين مكن المش رع الط بيب المس ؤول على تنفي ذ النظ ام العالجي من‬
‫وصف أدوية تستعمل كبديل خالل م ّد ة العالج بعد الحصول على ترخيص الّلجنة الوطنية‬
‫بناء على رأي اللجنة الجهوية ‪.‬‬

‫وقد أقر المشرع سلما تصاعديا للعقاب حتى ال يؤول إرساء هذا النظام الجديد‬
‫إلى تشجيع على استهالك المخدرات وذلك عبر‪:‬‬

‫منح إمكانية إيقاف التتبعات أو المحاكمة في مناسبة وحيدة مع عقوبات خفيفة‬ ‫‪-‬‬
‫من صنف الخطايا في المرة األولى‪.‬‬

‫وفي الم رة الثاني ة أق ّر تج ريم جدي د لإلس تهالك المك رر ال ذي يه دف إلى‬ ‫‪-‬‬
‫الردع مع إمكانية التخفيف من العقاب باعتماد الفصل ‪ 53‬من المجلة الجزائية ومكّنه أيضا‬
‫من إمكاني ة إس تبدال العقوب ة الس البة للحرّي ة في ص ورة الحكم به ا بعقوب ة العم ل لفائ دة‬
‫المصلحة العامة‪.‬‬

‫كم ا س يتم تمكين األطف ال الج انحين في قض ايا اس تهالك المخ درات والمس ك‬ ‫‪-‬‬
‫لغاّي ة اإلستهالك من آليات العالج الطبي أو اإلجتماعي أو النفسي للتخلص من اإلدمان و‬
‫التبعّي ة م ع تمكين قاض ي األطف ال باإلكتف اء بآلي ات العالج دون أن يمن ع ذل ك من إتخ اذ‬
‫التدابير المنصوص عليها بمجلة حماية الطفل وفق للمصلحة الفضلى للطفل‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬محدودية المقاربة المقترحة بمشروع القانون لمعالجة ظ اهرة‬
‫اإلدمان‪:‬‬

‫تظهر هذه المحدودية على عدة مستويات‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المحافظة على تغليب السياسة العقابية بالنسبة للمدمن‪:‬‬

‫تظه ر محدودي ة مش روع الق انون خاص ة بالنس بة لمقترح ات تخفي ف العقوب ات‬
‫الخاصة بالمستهلكين في المرتين األولى والثانية إذ ستلغى العقوبة البدنية وتستبدل بعقوبة‬
‫مالية أكبر قيمتها من ألفين إلى خمسة أالف دينار سيدفعها الولي حتما ألن غالبة الشباب‬
‫المدمن عاطل عن العمل أو قاصر‪.‬‬

‫ولكن أخطر تناقض في المشروع الحكومي أنه من جهة قد أورد أنه ال يقع تتبع‬
‫أو محاكم ة من ت ورط ألول م رة في إس تهالك م ادة مخ درة " في ص ورة موافقت ه على‬
‫الخضوع للعالج أو وضعه تحت المراقبة الطبية" ومن جهة أخرى أنه "يعاقب بخطية من‬
‫أل ف دين ار إلى ألفي دين ار‪ ،‬ك ل من اس تهلك م ادة مخ درة أو مس كها لغاي ة اإلس تهالك‬
‫الشخص ي ولم يواف ق على الخض وع لنظ ام عالجي ط بي أو نفس ي أو إجتم اعي أو وض عه‬
‫تحت المراقبة الطبية بمؤسسة صحية" وهو ما جعل مشروع القانون الجديد مح ّل إنتقادات‬
‫عدة إذ يبدو أن السياسة العقابية ال تزال قائمة‪.‬‬

‫وهن ا نالح ظ أن مش روع الق انون ق د إتج ه في عنوان ه وج انب ه ام من أحكام ه‬


‫لإلعتراف بمستهلك المخدرات كضحية يحتاج إلى المساعدة واإلحاطة لكن هذا اإلعتراف‬
‫يبقى حتى اللحظة مجتزءا ورهنا بتوجهات القضاء‪ ،‬فإضافة إلى أن مشروع القانون أبقى‬
‫على العقوب ة الس جنية ول و مخفف ة في ح ق مس تهلكي المخ درات فإن ه ت رك أم ر اإلس تجابة‬
‫لطلب العالج م ع م ا يس تتبعه من إيق اف للمالحق ة لتق دير القاض ي من دون أي ض ابط‬

‫‪70‬‬
‫موض وعي إض افة إلى أن التع ديل المق ترح في ح ال إق راره ي ؤدي إلى إيالء القض اء‬
‫مسؤولية كبيرة في تحديد وجهة التعامل مع األشخاص المدمنين والمقاربة المعتمدة فعليا‬
‫في هذا المجال‪.‬‬

‫فهل يؤدي الفقه القضائي على تكريس مبدأ العالج كبديل عن المالحقة على أساس‬
‫أن المدمن ض حية أو م ريض وأن على المجتمع التدخل لتحريره من ارتهانه للم ادة؟ وفي‬
‫هذه الحالة تصبح المعاقبة مجرد وسيلة للضغط على المدمن لوضعه على سكة العالج من‬
‫دون أن تكون هنالك نية في اللجوء إليها أم يبقى المنطق العقابي سائدا بفعل الممارسات‬
‫المعمول بها طوال العقود الماضية على أساس أن اإلدمان آفة يتعين مكافحتها وردعها من‬
‫دون أي مجال للتسامح‪ ،‬وب الطبع بين هذين اإلحتمالين إحتم االت عدة منها تعدد المواقف‬
‫القضائية من التطبيق وما تتيحه من طبقية وتدخل في العمل القضائي‪.‬‬

‫الفقــرة الثانيــة‪ :‬تجريــد القضــاء من ســلطة تقــدير العقوبــة بالنســبة للمــدمن‬


‫المروج‪:‬‬

‫المالح ظ في ه ذا اإلط ار أن مش روع الق انون ق د من ع القض اء من س لطة تق دير‬


‫العقوب ة في ح ق من تثبت في حقهم تهم ة ت رويج المخ درات‪ ،‬وع دا عن أن ه ذا التوج ه‬
‫يتع ارض م ع م وجب إح ترام إختص اص القض اء وع دم الت دخل في أعمال ه فإن ه يخش ى في‬
‫ال وقت نفس ه أن ي ؤدي لعقوب ات قاس ية في ح ق من يس لمون للغ ير م واد مخ درة على س بيل‬
‫الض يافة من الم دمنين أو ك ذلك ص غار الم روجين من الم دمنين ال ذين ت دفعهم الحاج ة إلى‬
‫تأمين حاجيات من المواد المخدرة بغاية اإلستهالك الشخصي إلى الترويج ويخشى بالتالي‬
‫أن تؤدي هذه القسوة لمآسي مماثلة لما خلفها القانون عدد ‪ 52‬لسنة ‪.1992‬‬

‫‪71‬‬
‫الـــخـــاتـــمـــة‬

‫تخض ع وض عّية م دمن المخ درات في الق انوني التونس ي إلى ق انون ‪ 26‬جويلي ة‬
‫‪ 1969‬وقانون ‪ 18‬ماي ‪ 1992‬وال تي تقوم على فكرة اعتب ار الم دمن مريض ا يحت اج إلى‬
‫العالج أك ثر من ه م ذنبا يس تحق العق اب وهي منبثق ة عن تمش ع المّي رام المش رع تحقيق ه‬
‫‪1‬‬

‫يه دف إلى تك ريس مب ادئ حق وق االنس ان من خالل اعتم اد مفه ومي االص الح والتأهي ل‬
‫واعتمادا على التدابير االحترازية والعالجية للوقاية من الجريمة ومعالجة المنحرفين‪.‬‬

‫لكن وإ ن ك ان التمش ي العالجي دائم ا على اعتب ارات اجتماعي ة وانس انية بي د اّن‬
‫الخيار الزجري الوارد بقانون ماي ‪ 1992‬الذي اعتبر العالج متوازيا مع العقوبة البدنّي ة‬
‫أبرزت قصور الخيار العالجي ونقائصه‪.‬‬

‫وتتمثل نقائص التشريع التونسي في جمود عقوبة استهالك المخدرات وعدم امكان‬
‫تط بيق ظ روف التخفي ف إذ ان المش رع ظ ل محافظ ا على مق دار العقوب ة الجس دية المق ّر رة‬
‫لالستهالك مع غياب التمييز بين أصناف المستهلكين (مستهلك أّو ل م ّر ة ‪ -‬مستهلك متع ّو د‬
‫‪ -‬ومس تهلك م دمن)‪ ،‬كم ا تظه ر من خالل تحدي د ف رص العالج وجعله ا مقتص رة بالّنس بة‬
‫للعالج التلقائي مّر ة واحدة وعدم االلتفات لحالة االنتكاس (‪.)Rechute‬‬

‫وه و مح دود لغي اب مراك ز لتأهي ل الم دمن بع د خروج ه من العالج من التس ّم م‪،‬‬
‫ولوجود اختالف في النظرة بين الطبيب والقاضي بالنسبة للمدمن‪ ،‬ذلك أن هذا األخ ير عن د‬
‫تس ليطه عقوب ة على م دمن المخ درات فه و ال يقاض ي إنس انا وإ نم ا م اّد ة حس ب رأي بعض‬
‫الفقه اء بينم ا الط بيب ينظ ر إلى الم دمن نظ رة إنس انية أك ثر منه ا اتهامّي ة ل ذلك فق د اقتن ع‬ ‫‪2‬‬

‫‪1‬‬
‫"‪- André Vitu "Il faut distinguer le cas des intoxiques véritables malades qu'il faut soigner plutôt que punir‬‬
‫‪Droit pénal spécial - éditions CUJAS 1982 - p 1163.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Charles Henri de Choiseul Praslin "La Drogue : une économie dynamisée par la répression" Marée Blanche -‬‬
‫‪collection sociétés en mouvement - Presses de CNRS 1990.‬‬

‫‪72‬‬
‫األس تاذ ‪ Marcel Colin‬وال دكتور ‪ Jean-Marque Elchardius et Jacques Vedrinne‬أّن‬
‫"المدمن هو قبل كّل شيء شخص مريض ‪ ...‬من القانون" ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ومن ثّم ة كان من المتحّتم تدارك هذا النقص بوجوب التنسيق بين الطبيب المعالج‬
‫والقاضي‪.‬‬

‫وفي ه ذا اإلط ار ب رزت عدي د ال دعوات المنادي ة بتنقيح الق انون ع دد ‪ 52‬لس نة‬
‫‪ 1992‬من طرف حقوقيين وناشطين في المجتمع المدني مما دفع الحكومة التونسية إلى‬
‫التقدم لمجلس نواب الشعب بمشروع القانون األساسي بمشروع القانون األساسي عدد ‪79‬‬
‫لس نة ‪ 2015‬المتعل ق بالوقاي ة من المخ درات وعالج مس تهلكيها وزج ر التعام ل غ ير‬
‫المشروع بها ويهدف مشروع القانون المعروض إلى تحوير التشريع المتعلق بالمخدرات‬
‫وذل ك بإلغ اء الق انون ع دد ‪ 52‬لس نة ‪ 1992‬الم ؤرخ في ‪ 18‬م اي ‪ 1992‬المتعل ق‬
‫بالمخ درات وتعويض ه بق انون جدي د في إط ار مزي د مواءم ة التش ريع التونس ي لإلتفاقي ات‬
‫المصادق عليها وألحكام الدستور الجديد التي تكفل حقوق اإلنسان في كونيتها وشموليتها‬
‫وترابطها وخاصة الحق في الصحة‪.‬‬

‫وإ عتب ارا للتوج ه الجدي د المعتم د في أغلب األنظم ة المقارن ة في مج ال السياس ات‬
‫الجزائي ة ال ذي يك رس الوقاي ة قب ل الزج ر ويش جع على المب ادرة التلقائي ة بطلب العالج‬
‫والت داوي ويحث على إس تبدال العقوب ات الس البة للحري ة بعقوب ات بديل ة تحق ق اإلص الح‬
‫وإ ع ادة اإلن دماج بالنس بة لم دمني المخ درات إقتض ى األم ر إعتم اد تمش ي جدي د يه دف إلى‬
‫الوقاية والعالج بتكريس آليات تمتع مستهلكي ومدمني المخدرات ب الحق في العالج الب ديل‬
‫والتغطي ة اإلجتماعي ة وتم في ه ذا اإلط ار إح داث لجن ة وطني ة ولج ان جهوي ة للتعه د‬
‫واإلحاط ة بمس تهلكي المخ درات تش رف على تنفي ذ العالج والمراقب ة وفي المقاب ل أبقى‬
‫المش روع على الط ابع الزج ري ال رادع للج رائم المتص لة باإلتج ار غ ير المش روع في‬
‫‪1‬‬
‫‪- Revue Science Criminelle et Droit Pénal comparé 3 Juillet - Septembre 1988. p 617.‬‬

‫‪73‬‬
‫المخدرات‪.‬‬

‫لكن ورغم اإلرادة الواض حة في اإلص الح والتغي ير ف إن المقارب ة المقترح ة‬


‫لمعالجة ظاهرة اإلدمان في مشروع القانون الجديد غير كافية ومحدودة مما جعلها عرضة‬
‫لعديد اإلنتقادات من طرف حقوقيين وناشطين في المجتمع المدني ومنظمات تعنى بحقوق‬
‫اإلنس ان مث ل منظم ة "هي ومن رايتس واتش" ( ‪ ) Human Rights Watch‬في تقريره ا‬
‫ح ول مش روع الق انون الجدي د ال تي اعت برت أن تج ريم تع اطي المخ درات بش كل شخص ي‬
‫‪1‬‬

‫يتعارض مع حق الشخص في الخصوصية والمفاهيم األساسية المتعلقة باإلستقاللية الذاتية‬


‫التي تنبني عليها جميع الحقوق ويتسبب فعليا في تقويض الحق في الصحة‪.‬‬

‫وتبرز أهمية محدودية المقاربة التي يتبناها المشرع التونسي أيضا على مستوى‬
‫ض عف البني ة التحتي ة ال تي تمكن من حس ن تط بيق أي إص الح ق انوني في ه ذا المج ال من‬
‫خالل غياب المراكز الطبية المختصة الني من شأنها إستيعاب األعداد الهائلة من المدمنين‬
‫الذين هم بحاجة إلى إحاطة ومعالجة نفسية وصحية لتخليص أبدانهم من السموم الناتجة‬
‫عن إدمان المخدرات وكذلك المعالجة اإلجتماعية لتيسير إعادة إندماجهم في المجتمع من‬
‫جديد وهو ما من شأنه أن يجعل أي تغيير أو إصالح على المستوى التشريعي ال جدوى‬
‫ل ه في ظ ل الوض ع الم تردي ال راهن خاص ة وأن مش روع الق انون إتج ه أساس ا إلى تحدي د‬
‫مؤسسات عالج اإلدمان بشكل شمل المشافي العمومية والمؤسسات الصحية الخاص ة وك ان‬
‫من األجدر البدء أوال بإحداث مراكز عالج طبي ونفسي مختصة في كافة الجهات لمآت‬
‫اآلالف من الم دمنين وق د ن ادى مختص ين في علم النفس واإلجتم اع إلى ض رورة تهيئ ة‬
‫األرضية المناسبة قبل إلغاء القانون الردعي حتى ال يتحول القانون إلى تشريع غير مباش ر‬
‫الستهالك المخدرات وخاصة أن ما يوجد من مراكز حاليا غير مؤهل الستقبال هذا العدد‬

‫منظمة ‪ ( Human Rights watch‬منظمة تعنى بمراقبة حقوق اإلنسان في العالم)‪ .‬تقرير بعنوان " كل هذا بسبب سيجارة‬ ‫‪1‬‬

‫حشيش" قانون المخدرات التونسي القمعي وخارطة الطريق إلصالحه‪.https://www.htw.org/report2016 ،‬‬

‫‪74‬‬
‫من متع اطي المخ درات بع د غل ق المرك ز المختص بجب ل الوس ط من ذ جويلي ة ‪2011‬‬
‫والص عوبات المالي ة ال تي يع اني منه ا المرك ز الت ابع للجمعي ة التونس ية للوقاي ة من تع اطي‬
‫المخدرات بصفاقس وهو مهدد بالغلق وأن المراكز األخرى تحت إشراف جمعيات مدنية‬
‫وغير مؤهلة لتقديم عالج متكامل للمدمنين‪.‬‬

‫ومن حص يلة م ا تق ّد م يتحّتم مالءم ة التش ريع للمف اهيم االجتماعي ة المتغّي رة بحيث‬
‫يك ون منبثق ا من الواق ع االقتص ادي واالجتم اعي التونس ي ال أن يتبّنى تش ريعا مس توردا ال‬
‫يتناسب ومجتمعنا‪.‬‬

‫وأرى أّن المب دأ القائ ل الوقاي ة خ ير من العالج أفض ل وخ ير من العق اب والوقاي ة‬


‫تتمّثل في تشديد الّر قابة على المرّو جين والتّج ار والمنتجين للمخ ّد رات وهو كما عّب ر عنه‬
‫بعض الفقهاء ‪:‬‬

‫"مقاوم ة االدم ان على المخ درات ه و في اآلن نفس ه إج راء ح رب حقيقي ة ض ّد‬
‫االّتجار العالمي‪ ،‬ضمان السالمة المدنية من أّي شكل من أشكال االنحراف‪ ،‬حماي ة الص ّح ة‬
‫العاّم ة من أي مرض‪ ،‬ومعالجة مدمنوا المخ ّد رات بغية االحترام المطلق للحقوق األساس ّية‬
‫للذات البشرّية "‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- C. Trautmann "Lutte contre la toxicomanie et le trafic des stupéfiants" rapport au premier ministre,‬‬
‫‪Documentation française. 1989.‬‬

‫‪75‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫المراجع باللغة العربية‬

‫ادوار غالي الدهبي ‪ -‬جرائم المخدرات ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اسماعيل العياري ‪ :‬السر المهني ومسؤولية الطبيب‪ ،‬مجّلة القضاء والتشريع مارس‬ ‫‪-‬‬
‫‪.1988‬‬

‫المختار الجلولي الهاني‪ ،‬التوجهات الحديثة للسياسة العقابية في تونس مجلة القضاء‬ ‫‪-‬‬
‫والتشريع أكتوبر ‪. 2000‬‬

‫انظ ر عف اف ش عبان ‪ :‬األم راض الس ارية والق انون ‪ :‬رس الة ختم ال دروس بالمعه د‬ ‫‪-‬‬
‫األعلى للقضاء ‪ :‬الفوج ‪ 13‬السنة القضائية ‪. 2002-2001‬‬

‫أنظ ر مص طفى اليحي اوي ‪ :‬النظ ام الق انوني للعالج من االدم ان على اس تهالك‬ ‫‪-‬‬
‫المخدرات ‪ -‬مجّلة القضاء والتشريع ‪ -‬أفريل ‪ 1997‬ص ‪.17‬‬

‫تقرير منظمة ‪ Human Rights watch‬بعنوان " كل هذا بسبب سيجارة حشيش"‬ ‫‪-‬‬
‫الحه‪،‬‬ ‫ق إلص‬ ‫ة الطري‬ ‫ي القمعي وخارط‬ ‫درات التونس‬ ‫انون المخ‬ ‫ق‬
‫‪.https://www.htw.org/report2016‬‬

‫جندي عبد الملك ‪ -‬الموسوعة الجنائية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫دراسة جرائم المخدرات على ضوء القانون عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 1992‬المؤرخ في ‪18‬‬ ‫‪-‬‬
‫ماي ‪ - 1992‬القضاء والتشريع عدد ‪ - 1‬جانفي ‪. 1996‬‬

‫رض ا المزغ ني ‪ :‬العقوب ات في ج رائم المخ درات‪ ،‬الملتقى الوط ني المعه د األعلى‬ ‫‪-‬‬
‫للقضاء ‪ 12 :‬و‪ 13‬فيفري ‪. 1993‬‬

‫رؤوف عبي د ‪ -‬ش رح ق انون العقوب ات التكميلي في ج رائم المخ درات‪ ،‬التش رد‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫األسلحة والذخائر واالشتباه وتهريب النقد‪ .‬دار الفكر العربي ‪. 1979‬‬
‫‪76‬‬
‫عصام األحمر‪ ،‬المخدرات والمواد السمّية بين القانون وفقه القضاء‪ ،‬ص ‪ ،3‬مركز‬ ‫‪-‬‬
‫الدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬تونس ‪. 2013‬‬

‫فتحي بورخيص‪ ،‬جرائم المخدرات‪ ،‬رسالة تخرج من المعهد األعلى للقضاء السنة‬ ‫‪-‬‬
‫الدراسية ‪.1993-1992‬‬

‫م داوالت مجلس الن واب ‪ -‬ع دد ‪ 31‬جلس ة ي وم الثالث اء ‪ 12‬واالربع اء ‪ 13‬م اي‬ ‫‪-‬‬
‫‪.1992‬‬

‫مديحة سعّيد ‪ :‬سّر الطبيب والمحامي المهني واالثبات الجزائّي ‪ :‬مذكرة لنيل ش هادة‬ ‫‪-‬‬
‫الدراسات المعّم قة في العلوم الجنائية ‪ -‬محمد صالح بن حسين ‪ :‬المسؤولية الطبّي ة‬
‫في القانون التونسي‪ ،‬مجلة القضاء والتشريع ‪ -‬مارس ‪. 1996‬‬

‫كلّية الحقوق والعلوم السياسية ‪ -‬تونس ‪.1993‬‬ ‫‪-‬‬

‫مص طفى اليحي اوي ‪ :‬اج راءات التتب ع والمحاكم ة في م اّد ة المخ درات ‪ :‬الملتقى‬ ‫‪-‬‬
‫الوطني حول المخّد رات ص ‪.126‬‬

‫مصطفى مهدي هرجة‪ :‬جرائم المخدرات في ضوء الفقه والقضاء ‪ -‬سنة ‪.1992‬‬ ‫‪-‬‬

‫من ير ري اض حن ا ‪ :‬المس ؤولّية الجنائّي ة لألطب اء والص يادلة ‪ -‬دار المطبوع ات‬ ‫‪-‬‬
‫الجامعية ‪ -‬االسكندرية ‪. 1989‬‬

‫نجالء المص مودي المس دي ‪ :‬األس رار الطبي ة‪ ،‬رس الة تخ رج من المعه د األعلى‬ ‫‪-‬‬
‫للقضاء ‪ -‬السنة القضائية ‪. 1990‬‬

‫المراجع باللغة الفرنسية‬

‫‪77‬‬
- André Vitu " Droit pénal spécial - éditions CUJAS 1982 .

- C. Trautmann "Lutte contre la toxicomanie et le trafic des stupéfiants"


rapport au premier ministre, Documentation française. 1989.

- Cass -crim du 16 octobre 1975 - B.crim n° 218 p 581.

- Charles Henri de Choiseul Praslin "La Drogue : une économie dynamisée


par la répression" Marée Blanche - collection sociétés en mouvement -
Presses de CNRS 1990.

- Francis. Caballero : Droit de la drogue précis. Dalloz 1990 ..

- http : // www.anisajam. 8m.com/drugs1.htm.

- Jean Languier : Criminologie et science pénitentiaire.

- Le psychédélisme est un état de rêve éveillé provoqué par certains


hallucinogènes, la traduction libre serait « Branche-toi et laisse tout
tomber ».

- Revue Science Criminelle et droit Pénal Comparé : 3 Juillet - Septembre


1998 - page 618. XXV congrès de l'association Française de criminologie
"Réponses aux toxicomanies" (Montpellier, 24 et 25 Mars 1988).

- Szasy. Th « les rituels de la drogue » op.cit Paris 1976.

78
‫الفهرس‬
‫الـــمـقـدمـة ‪1.............................................................................‬‬
‫الجزء األّو ل‪ :‬محتوى النظام القانوني ‪8..................................................‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬العالج السابق للتتبع ‪11.............................................. :‬‬
‫الفرع األول‪ :‬شروط العالج السابق للتتبع‪11........................................ :‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬األشخاص الذين يحّق لهم طلب العالج ‪11........................:‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الهيكل المختص بقبول مطلب العالج ‪14...........................:‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬شروط طلب العالج ‪18........................................... :‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬آثار طلب العالج التلقائي ‪22......................................... :‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬االعفاء من التتبع ‪22............................................ :‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬حجز المواد المخّد رة ‪24.......................................... :‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬سرية العالج ‪25.................................................. :‬‬
‫‪ .1‬شروط مؤاخذة جريمة إفشاء السر المهنّي ‪27............................... :‬‬
‫أ‪ -‬صفة من أؤتمن على السّر ‪27............................................ :‬‬
‫ب‪ -‬وجود السّر ‪28.......................................................... :‬‬
‫ج‪ -‬فعل االفشاء ‪28......................................................... :‬‬
‫د‪ -‬قصد االفشاء ‪29......................................................... :‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬العالج الالحق للتتّبع ‪30.............................................. :‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬العالج المأذون به من طرف المحكمة من تلقاء نفسها ‪30............:‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬العالج اختيار موكول للمحكمة ‪30................................:‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬وجوب توافر شرط االدمان ‪33.................................... :‬‬

‫‪79‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬العالج إجراء مكّم ل للّس جن ‪36.................................... :‬‬
‫الفقرة الرابعة ‪ :‬العالج اجراء بديل عن الّس جن ‪36................................:‬‬
‫الفقرة الخامسة ‪ :‬مّد ة العالج ‪39.................................................. :‬‬
‫الف رع الث اني ‪ :‬العالج الم أذون ب ه من ط رف المحكم ة بم وجب تعه د من المحك وم‬
‫عليه ‪40........................................................................... :‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬تعهد المحكوم عليه بالعالج ‪41................................... :‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مكان العالج ومصاريفه ‪41....................................... :‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬عالج االدمان ‪45................................................. :‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬االستشفاء الوجوبي ‪48............................................. :‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬االستشفاء الوجوبي اجراء استثنائي ‪49...........................:‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬االستشفاء الوجوبي إجراء قضائي ‪50............................. :‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التقاضي في االستشفاء الوجوبي ‪51...............................:‬‬
‫‪ .1‬صفة القيام ‪51............................................................. :‬‬
‫‪ .2‬شكل المطلب ‪52........................................................... :‬‬
‫الفقرة الرابعة ‪ :‬الطعن في قرارات االستشفاء الوجوبّي ‪53........................:‬‬
‫الجزء الثاني ‪ :‬محدودية النظام القانوني لإلدمان على المخدرات والحلول الممكنة‪54...:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬فشل المقاربة التشريعية المعتمدة لمعالجة اإلدمان‪55....................:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تغليب السياسة العقابية على حساب البعد الوقائي والعالجي‪55.........:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬محدودية العالج السابق للتتبع‪55...................................:‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التفرقة في العالج على أساس السن‪56..............................:‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬عدم إقرار العالج المجاني لإلدمان‪57...............................:‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬عدم مراعاة حالة التأكد التي تفرضها الحالة الصحية للمدمن‪58....:‬‬

‫‪80‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تجريد القضاء من صالحية تفريد العقوبات‪59.........................:‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الحلول القانونية الممكنة لمعالجة ظاهرة اإلدمان‪61.....................:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الحلول المقترحة على ضوء مشروع القانون عدد ‪ 79‬لسنة ‪61. :2015‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ عالج اإلدمان كبديل عن مالحقته‪61.......................... :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التدابير الوقائية والعالجية‪63....................................... :‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬محدودية المقاربة المقترحة بمشروع القانون لمعالجة ظاهرة اإلدمان‪65:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المحافظة على تغليب السياسة العقابية بالنسبة للمدمن‪65............:‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تجريد القضاء من سلطة تقدير العقوبة بالنسبة للمدمن المروج‪67...:‬‬
‫الـــخـــاتـــمـــة ‪68..........................................................................‬‬
‫قائمة المراجع ‪72.......................................................................‬‬

‫‪81‬‬

You might also like