You are on page 1of 33

1 sur 33

1
2 sur 33
2
‫الجريمة و اسنادها الى الفاعل اعتمادا على ما قد يخلص إليه الطبيب الشرعي في تقريره‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية الدراسة‬
‫‪3 sur 33‬‬
‫‪3‬‬
‫وتبدو أهمية هذه الدراسة واضحة من الناحيتين العلمية والعملية؛ فمن الناحية العلمية تسلط‬
‫الضوء على واحد من أهم مالمح نظم العدالة الجنائية في العصر الحديث وكيفية استجابته‬
‫وتفاعله مع األبعاد الجديدة للظاهرة اإلجرامية‪ ،‬وخاصة في الجرائم التي أصبحت متجذرة‬
‫في المجتمع وحتى في أصغر خلية فيه أال وهي األسرة‪ .‬أما من الناحية العملية فهي تعتبر‬
‫من أدق المسائل في مجال اإلثبات الجنائي‪ ،‬ألنه يكشف عن الجرائم التي عجزت الطرق‬
‫الكالسيكية عن الكشف عنها‪ ،‬فالنتائج التي يتوصل إليها الطبيب الشرعي في هذا المجال‬
‫تؤثر بصفة مباشرة على تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة وعلى التكييف‬
‫القانوني للوقائع‪،‬‬

‫إشكالية وتساؤالت الدراسة‪.‬‬

‫ويمكن طرح إشكالية الدراسة كاآلتي‪ :‬إلى أي مدى وفق القانون المغربي في بيان‬
‫دور الطب الشرعي وحجية التقرير الصادر عن الطبيب الشرعي في إثبات الجرائم‬
‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية التساؤالت التالية‪:‬‬
‫ماهية الطب الشرعي ومدى مساهمته في اثبات الجرائم الجنائية؟‬ ‫‪‬‬
‫وما هي المستجدات التي جاء بها قانون ‪17.77‬؟‬ ‫‪‬‬
‫وماعالقة الطب الشرعي بجهاز القضاء ؟‬ ‫‪‬‬
‫وما دور المسؤولية التأديبية والجنائية للطبيب الشرعي عند اإلخالل‬ ‫‪‬‬
‫بااللتزامات الموكلة إليه؟‬
‫خطة الدراسة‪:‬‬
‫لقد قسمنا هذه الدراسة إلى مبحثين أساسيين‬
‫‪ :‬المبحث األول ‪ :‬الطب الشرعي و دوره في اآلثبات الجنائي‬
‫المبحث الثاني‪:‬عالقة ال‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية الطب الشرعي‪.‬‬
‫لقد أدى التقدم العلمي إلى تطور العالقة بين الطب والتشريعات الجنائية‪ ،‬ونتج عن‬
‫هذا التطور اختصاص طبي مستقل بذاته أطلق عليه تسمية "الطب الشرعي"‪،‬‬

‫‪4 sur 33‬‬


‫‪4‬‬
‫وسنحاول من خالل هذا المبحث أن نحدد مفهوم الطب الشرعي ونبين مجاالته في‬
‫مطلب أول‪ ،‬ثم نتطرق إلى المركز القانوني للطبيب الشرعي في القانون المغربي‪،‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الطب الشرعي‬

‫أوال‪ :‬تعريف الطب الشرعي‬


‫‪ -‬المقصود بالطب الشرعي‪ :‬الطب الشرعي مصطلح يتكون من شقين هما‪:‬‬
‫بشرطين الطب والشرعي آما الطب فهو العلم الذي يهتم بكل ما له عالقة بجسم‬
‫اإلنسان حيا كان أم ميتا وأما الشرعي فمجاله الفصل بين متنازعين ثبات الحقوق‬
‫بهدف الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة من خاللها‪،‬‬
‫وألن الطب الشرعي اختصاص وسيط بين المهنة الطبية والهيئة االجتماعية‬
‫وباعتباره حلقة وصل بين الطب والقانون‪ ،‬فقد عرفه كل من رجال القانون‬
‫واألطباء معا تعريفات اختلفت طريقة صياغتها‪ ،‬ولكنها اجتمعت في مضمونها فقد‬
‫ذكر بعض الباحثين أن الطب الشرعي هو " العلم الذي يمثل العالقة بين الطب و‬
‫القانون‪ ،‬وترتكز هده العالقة على مايحتاج اليه القانون من الطب ‪ ,‬و الطب‬
‫مايحتاج اليه من القانون كما عرفه البعض بأنه‪:‬‬
‫فرع من فروع الطب الخاص بإيضاح المسائل الطبية التي تنظر أمام رجال‬
‫القانون"ويعرفه البعض اآلخر بأنه‪" :‬فرع من فروع الطب أي اختصاص طبي‬
‫يمارسه الطبيب الشرعي المكلف بأجراء إعمال خبرة أو معاينات لمساعدة القضاء‬
‫الجنائي أوالمدني في البحث عن الحقيقة‪.‬‬
‫كما يعرف بأنه‪ :‬العلم الذي يسخر المعارف الطبية لفائدة اإلجراءات القانونية‪.‬‬
‫ويمكن أن نقول إن الطب الشرعي هو فرع طبي تطبيقي يهدف إلى خدمة العدالة‬
‫من خالل تفسير وايضاح المسائل الطبية موضوع المنازعة القضائية التي تنظر‬
‫أمام رجال القانون‪ ،‬ويساعد القضاء في الكشف عن الغموض الذي يحيط ط‬
‫بالجريمة‪ .‬ويطلق عليه عدة تسميات في اللغة العربية كالطب القضائي والطب‬
‫الجنائي والطب العدلي‪.‬‬
‫‪-‬نشأة الطب الشرعي ‪:‬‬

‫‪5 sur 33‬‬


‫‪5‬‬
‫يعتبر الطب الشرعي من المواد الحديثة نسبيا إذ لم يكن معروفا في المجتمعات‬
‫األولى بسبب سيادة اعتقادات كهنوتية ميتافيزيقية والتي كانت تربط كل ظاهرة‬
‫تعجز عن تفسيرها بنشاط الجن‪ ،‬بما في ذلك الجرائم التي يعجزون عن تحديد‬
‫المسؤول عنها خصوصا الوفيات المفاجئة التي ال يحمل جسم الضحية فيها عالمات‬
‫خارجية‪.‬‬
‫وقد عرف الطب الشرعي كمفهوم عام وليس كعلم طبي حديث تطورا ملحوظا‬
‫باعتباره أحد وسائل اإلثبات هذه األخيرة التي كانت موضع اهتمام الشرائع‬
‫السماوية السيما القرآن الكريم الذي حث على اإلثبات بالبينة آلظهار الحقيقة وعدم‬
‫األخذ‬

‫بالشبهات‪ ،‬وهو ما جاء في قوله تعالى‪َ .﴿ :‬يا َأ ُّي َها الَّذِينَ آ َم ُنوا ِإن َجا َء ُك ْم َفاسِ ٌق ِب َن َبٍإ‬
‫ص ِب ُحوا َع َل ٰى َما َف َع ْل ُت ْم َنا ِدمِينَ ﴾ وكذا ما جاء في‬ ‫َف َت َب َّي ُنوا‪َ D‬أن ُتصِ ي ُبوا َق ْو ًما ِب َج َها َل ٍة َف ُت ْ‬
‫قصة سيدنا يوسف عليه السالم في ادعاء امرأة العزيز عليه ثم تبين باألدلة بعد‬
‫فحص قميصه صدقه هو‪ ،‬وبراءته وكذلك فيما ادعاه أشقاؤه بأن الذئب أكله كما‬
‫جاء ٍب بقوله تعالى‪﴿ :‬وجاؤوا على قميصه بدم كذب﴾ وهو ما أثبت كذب الرواية‬
‫بأكمله‪ .‬ويعود الفضل في وضع اللبنة األولى لمادة الطب الشرعي كمفهوم طبي‬
‫للعرب‬
‫منذ ‪1000‬سنة‪ ،‬حيث نجد دارسات حول الجنون وكيفية معالجتها عند العالم إسحاق‬
‫ابن الجزار القيرواني وبعض المقارنات العلمية لعالج األمراض عند ابن سينا (‬
‫‪980-1037‬م)‬
‫وابتداء من القرن ‪ 01‬م أخذ الطب يساهم في العمل القضائي إذ ثبت أن الطبيب‬
‫العسكري لفرنسوا األول‪ ،‬وبعد مالحظته اصطناع العديد من الجنود لبعض‬
‫األمراض لغرض تفادي المشاركة في الحروب عين عدة أطباء لفحصهم بغية كشف‬
‫المتظاهرين منهم وما ذلك إال عملية طبية شرعية‪ ،‬كما أن فرانسوا األول بموجب‬
‫أمر بتاريخ ‪1536‬م أوجب اللجوء إلى رأي األطباء عند التعسف في الضرب بغض‬
‫النظر عن حدوث الوفاة من عدمها‪ .‬ويعود الفضل في جمع كلمتي الطب ‪ -‬الشرعي‬
‫إلى الطبيب اإليطالي ‪ ZACCHIAS‬عند تعرضه إلى المشاكل البسيكولوجيا وبعض‬
‫أبحاثه في مجال علم السموم وأعطائه توجيهات جديدة لفحص الجروح وأسبابها‪ ،‬و‬
‫ابتداءا من القرن ‪18‬م أخذت تسمية الطب الشرعي تردد في المحيط الطبي إلى أن‬
‫تم تداولها في المؤلفات‪ ،‬فنجد مؤلف جوس سنة ‪ 1771‬م" بحث عن العدالة الجنائية‬
‫‪6 sur 33‬‬
‫‪6‬‬
‫"‪ " justice la de Traite‬يتكلم طويال عن الطب الشرعي و درس كيفية معاينة‬
‫الجرائم و ينصح بضرورة التقرير الطبي في حالة اإلصابة بجروح والموت‬
‫المشكوك فيها وشموليته ووضوحه حتى يفهمه القضاة ‪.‬‬
‫وقد ساهم التطور العلمي الملح‪bb‬وظ وم‪bb‬ا ت‪bb‬رتب عن‪bb‬ه من تغ‪bb‬ير في أس‪bb‬اليب الحي‪bb‬اة في‬
‫توسع عالقة الطبيب الشرعي بجهاز العدالة الذي أصبح في اتصال يومي مع الجهات‬
‫القضائية السيما الجزائية منه‪b‬ا‪ ،‬ومن هن‪b‬ا ظه‪b‬ر الطب الش‪b‬رعي القض‪b‬ائي ال‪b‬ذي يهتم‬
‫بالعالقة ما بين الطب الشرعي والقضاء‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مجالت الطب الشرعي‪.‬‬


‫لقد توسعت مجاالت تدخل الطب الشرعي بسبب التطورات‪ b‬العلمية وما ك‪bb‬ان له‪bb‬ا من‬
‫أثر على الدليل العلمي‪ ،‬باإلضافة إلى ما عرفت‪b‬ه الس‪b‬احة القانوني‪b‬ة من تط‪b‬ور لمفه‪b‬وم‬
‫حقوق األلنسان وحماية حقوق الضحية‪ .‬ويمارس الطبيب الشرعي مهنته فيق‪bb‬وم بع‪bb‬دة‬
‫نشاطات في أطر قانونية محددة‪ ،‬وهذا حسب المج‪b‬االت ال‪b‬تي تتن‪b‬وع بتن‪b‬وع المش‪b‬اكل‬
‫المتعلق‪bb‬ة ب‪bb‬الطب الش‪bb‬رعي فيت‪bb‬دخل الط‪bb‬بيب الش‪bb‬رعي في إط‪bb‬ار اجتم‪bb‬اعي‪ ،‬مه‪bb‬ني أو‬
‫قضائي‬
‫‪ ‬الطب الش‪DD‬رعي االجتم‪DD‬اعي‪ :‬يت‪bb‬دخل الط‪bb‬بيب الش‪bb‬رعي في إط‪bb‬ار اجتم‪bb‬اعي بدراس‪bb‬ة‬
‫العالقة الموجودة بين وقائع طبــية ونص‪bb‬وص ق‪b‬انون العم‪bb‬ل أو الض‪b‬مان االجتم‪bb‬اعي‪،‬‬
‫فهذه القوانين تحتاج في تطبيقها إلى آراء طبي‪bb‬ة ومث‪bb‬ال ذل‪bb‬ك ح‪bb‬ل النزاع‪bb‬ات بين هيئ‪bb‬ة‬
‫الضمان االجتم‪bb‬اعي والمؤم‪bb‬نين اجتماعي‪bb‬ا‪ ،‬كم‪bb‬ا أن ك‪bb‬ل من األطب‪bb‬اء المستش‪bb‬ارين من‬
‫طرف هيئة الضمان االجتماعي أو شركات التأمين يقومون بأعمال لها عالقة ب‪bb‬الطب‬
‫الشرعي خالل القيام بأعمالهم لدى هذه الهيئات‪.‬‬
‫الطب الشرعي المهني‪ :‬وهو يتعلق بمهنة الطبيب ذاته‪b‬ا من حيث تنظيمه‪b‬ا‪ ،‬الممارسة ‪‬‬
‫‪.‬غير القانونية لهذه المهنة‪ ،‬وكذا أخالقيتها والسر الطبي‬
‫‪ ‬الطب الشرعي الجنائي‪ :‬يهتم بدراسة وتشخيص اآلثار التي يتركها الجاني في مسرح‬
‫الجريمة‪ ،‬كما يساهم في الكشف عن هوية الجثة‪ ،‬ودراسة مختلف الجوانب البيولوجية‬
‫واالجتماعية للوفاة وكذلك تشريح الجثة‪ ،‬الرضوض‪ ،‬الكدمات‪ ،‬الج‪bb‬روح‪ ،‬االختناق‪bb‬ات‬
‫الميكانيكي‪bb‬ة‪ ،‬خ‪bb‬برة األض‪bb‬رار الجس‪bb‬مانية‪ ،‬الح‪bb‬روق‪ ،‬الطب الش‪bb‬رعي الجنس‪bb‬ي‪ ،‬قت‪bb‬ل‬
‫األطفال حديثي الوالدة وغيرها من القضايا‪.‬‬

‫‪7 sur 33‬‬


‫‪7‬‬
‫وبطبيعة الحال ما يهمنا في ه‪bb‬ذه الدراس‪bb‬ة ه‪bb‬و الط‪bb‬بي الش‪bb‬رعي الجن‪bb‬ائي باعتب‪bb‬اره ج‪bb‬رائم‬
‫العنف من أكثر الجرائم التي يترك فيها الجاني أو الضحية على مسرح الجريم‪bb‬ة آث‪bb‬ار ق‪bb‬د‬
‫تساهم في الكشف عن الفاعل‪،‬‬
‫الطب الشرعي التسممي‪Toxicologique:‬‬
‫یختص بتشخص حاالت التسمم مهما ان نوعه سواء ان ناتي أو مائي أو‬
‫غذائي أو حیواني وذلك بدراسة تأثیرات السموم على البدن والعوامل التي تحدد‬
‫التأثیرات‬
‫مثل مقدار السم والحاالت الفیزائة التي ون علیهـا صـال‪ ،‬غازـا‪ ،‬ومقـدار تـأثیره علـى‬
‫‪،‬الجسم اإلضافة إلى معرفة طرقة تعاطي السم (الحقن العضلي‪ ،‬البلع عن طريقـ الفـم‬
‫الطب الشرعي العقلي‪M.L Psychiatrique: ‬‬
‫يهتم بفحص الجاني‪ ،‬و يبين مدى أهليته ألن يكون محال للمساءلة الجزائية‪ ،‬ومدى تأثير‬
‫الحالة العقلية للمجرم على الركن المعنوي للجريمة‪،‬‬
‫‪ ‬طب األسنان الشرعي‪ :‬الذي يهتم بدراسة األسنان واستغاللها للتعرف على الجثث‬
‫وتقدير السن وكذا تحديد الجنس‪.‬‬
‫فالطب الشرعي يعمل على مساعدة القضاء من أجل تحقيق العدالة؛ وذلك في شخص‬
‫الطبيب الشرعي‪ .‬الذي يعمل جاهدا بخبراته ومكتسباته العلمية‪،‬‬
‫‪-‬الطب الشرعي القضائي ‪ :‬إن األشخاص الساهرين على تطبيق القانون هم أشد الناس‬
‫حاجة إلى آراء الطبيب الشرعي فالجزء الكبير من أعمال هذا األخير يتم في إطار‬
‫مساعدته لجهاز العدالة‪ ،‬وكلما تدخل الطبيب الشرعي في هذا اإلطار يكون بصدد‬
‫ممارسة الطب الشرعي القضائي‪ " b.‬باإلضافة إلى ذلك فإن جرائم العنف العمدي وغير‬
‫العمدي تحتاج إلى خبرة طبية‪ ،‬وفضال عن ذلك يعود إلى الطبيب الشرعي دور تحديد‬
‫المسؤولية في كل الجرائم التي تحال إلى القضاء‪ ،‬بل أصبح تصرف جهات التحقيق‬
‫الجنائي في الملفات ذات الصلة مرهون بنتائج الخبرة الطبية والتحاليل البيولوجية‬
‫وأصبح حكم القاضي باإلدانة أو البراءة يتحكم فيه رأي الطبيب الشرعي‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫صار التعاون بين الطب والقضاء أمرا حتميا‪.‬‬

‫‪8 sur 33‬‬


‫‪8‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األشخاص المخول لهم مزاولة مهام الطب الشرعي‬

‫يعتبر الطب الشرعي من األجهزة المساعدة للقضاء وقد عمل المشرع المغربي في إطار‬
‫القانون المنظم لمزاولة مهنة الطب الشرعي بتحديد األشخاص الذي يحق لهم مزاولة هذه‬
‫المهنة وذلك من خالل ما نصت عليه المادة الثالثة منه‬
‫إذا من خاللها يمارس مهام الطب الشرعي كل من األطباء المتخصص ن في الطب‬
‫الشرعي المقيدون طبقا للتشريع الجاري به العمل بهذه الصفة في جدول الهيئة الوطنية‬
‫للطيبات واألطباء كما يمكن األطباء العامون بالمكاتب الجماعية لحفظ الصحة والمرافق‬
‫الصحية التابعة لقطاع الصحة والذي حصلوا على شهادة خاصة للتكوين في إحدى مجاالت‬
‫الطب الشرعي وذلك طبقا للمادة ‪ ,37‬كما يمكن لألشخاص االعتبارية العامة أو الخاصة‬
‫التي تم إحداث ها طبقا للتشريع‪، ‬الجاري به العمل ولكن شريطة ان يكون األشخاص‬
‫الممارسون لمهام الطب الشرعي بها من الحاصلين على دبلوم التخصص في الطب‬
‫الشرعي وذلك طبقا للبند األول من هذه المادة‪،  ‬كما األطباء الخبراء الذي يمارسون مهام‬
‫الطب الشرعي يتم تقيدهم في احد جداول الخبراء القضائيين لدى محاكم االستئناف وفي‬
‫الجدول الوطني للخبراء القضائيين بقرار من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل وذلك طبقا‬
‫ألحكام قانون ‪45.00‬المتعلق بالخبراء القضائيين‪. ‬‬
‫إلى جانب ذلك فإن القانون ‪77.17‬نص على مجموعة من الحقوق والواجبات بالنسبة‬
‫للطبيب الممارس لمهام الطب الشرعي وذلك من خالل المادة‪  5‬لكن رغم هذه االستقاللية‬
‫فإنها ال تحول دون مراقبة الجهة القضائية التي انتدبته وذلك عندما يقوم بتقديم جميع‬
‫التوضيحات المطلوبة منه بشأن النتائج والخالصات التي توصل إليها‪،  ‬إلى جانب ذلك البد‬
‫أن يتسم بخاصية الحياد والتجرد والنزاهة ومبادئ الشرف وما تقتضيه أخالقيات المهنة وما‬
‫يمليه عليه الضمير‪ b‬إلبراز الحقيقة والمساهمة في تحقيق العدالة ‪،‬كما يجب عليه االلتزام‬
‫بقواعد السر المهني تحت طائلة المسألة الجنائية أثناء مزاولة المهام التي ينتدب للقيام بها‬
‫من قبل الجهة القضائية المختصة ‪ ،‬أضف إلى ذلك يمنع عليه أن يباشر المهمة المساندة اليه‬
‫اذا كانت لديه مصلحة شخصية أو مهنية تتنافى مع إنجازها‪ ‬كما يحق له االستعانة بذوي‬
‫االختصاص في حالة اذا تعلق األمر بمسائل تقنية أو فنية خارجة عن مجال تخصص الطب‬
‫الشرعي وذلك بعد اذن مسبق من طرف الجهة القضائية التي انتدبته مع اإلشارة إلى ذلك‬
‫في تقرير المنصوص عليه في المادة ‪ 24‬من هذا القانون‪. ‬‬
‫مهام الطبيب الشرعي‪:‬‬
‫‪9 sur 33‬‬
‫‪9‬‬
‫] تتجلى أهمية الطب الشرعي في الفحص والتشخيص الذي يقوم به الطبيب الشرعي في‬
‫إظهار حقيقة االدعاء آت الكاذبة وفي إظهار المساهمين في التعذيب أو التعنيف وبالتالي‬
‫تمكين الجهاز القضائي من تقديم المسؤولين عن االنتهاكات للمسألة الجنائية‪. ‬‬
‫على هذا األساس فإن المشرع المغربي في إطار قانون ‪ 77.17‬المتعلق بتنظيم مهام الطب‬
‫الشرعي حدد االختصاصات التي يزاولها وذلك انطالقا من المادة ‪ 4‬منه وتتجلى في‬
‫الفحص السريري لألشخاص المصابين جسمانيا أو عقليا بغرض وصف اإلصابات وتحدد‬
‫طبيعتها وأسباب ها وتقييم األضرار البدنية الناتجة عنها وتحديد حدوثها وكذا الوسيلة‬
‫المستعملة في إحداثها‪ ،‬وتحرير تقارير أو شهادات طبية حسب الحالة كما يبدي رأيه الفني‬
‫والتقنية في الوقائع التي‪ ‬تعرض علي القضاء والتي تتصل بمجال اختصاصات والسيما فيما‬
‫يتعلق بفحص وتحديد اآلثار المالحظة‪ ‬على أجسام الضحايا الناجمة عن الجرائم‪.‬‬
‫تقدير السن بناء على انتداب الجهات القضائية أو بناء على طلب من كل ذي مصلحة أو في‬
‫األحوال التي ينص عليها القانون الى جانب فحص أو أخذ عينا ألشخاص الموضوعين‪b‬‬
‫رهن الحراسة النظرية أو المحتفظ بهم أو المودعين بمؤسسة لتنفيذ العقوبة وذلك من جل‬
‫تحديد طبيعة اإلصابات الالحق بهم وسببها وتاريخها‪.‬‬
‫كما يقوم بمعاينة وفحص وتشريح الجثث واألشياء لبيان طبيعة الوفاة‪ ،‬وسببها وتاريخها‪ ‬‬
‫ووصف الجروح الالحق بها ومسبباتها‪  ‬وكذا المساعدة عند االقتضاء في تحديد هويته ‪،‬كما‬
‫يحضر لعملية استخراج الجثث اذا تعلق األمر باألشخاص المشتبه فيهم في سبب وفاتهم من‬
‫القبور ومعاينتها‪ ،‬ويقوم أيضا باالنتقال إلجراءات المعاينات‪  ‬واخد العينات المفيدة للبحث‪  ‬‬
‫كما يقوم برفع العينات العضوية على األجسام بما فيها المواد المنوية والدموية والشعر‬
‫والعينات النسيجية وكذا إعطاء التفسير آت الطبيبة الالزمة بناء على المعطيات المتوفرة‬
‫ونتائج الفحوص والتحليالت المنجزة من طرف المختبرات المعتمدة والمنتدبة لمختلف‬
‫العينات العضوية وكذا مختلف المواد كالمخدرات والسموم‬
‫كما يقوم بكل مهمة أخرى يكلف بها من قبل الجهات المختصة المتصلة بطبيعة مهامه‪ ،‬من‬
‫خالل استقراء هذه المادة يتبين أن المشرع المغربي حدد مهام الطب الشرعي على سبيل‬
‫الحصر‪ ،‬إال أن البند العاشر يوحي لنا أن هذه المهام جاءت على سبيل المثال وذلك من‬
‫خالل عبارة القيام بكل مهمة أخرى هذا يعني انه يمكن له مزاولة مهام أخرى غير ما هو‬
‫مشار اليه أعاله‪ ،‬ولكن شريطة ان تكون متصلة بطبيعة مهامه‪.‬‬

‫‪10 sur 33‬‬


‫‪10‬‬
‫فهذا المقتضى مكن السلطة القضائية من أن تطلب من الطبيب الشرعي القيام بمهام أخرى‬
‫غير تلك المحددة‪ .‬بشرط أن تكون مرتبطة ومتصلة بطبيعة المهام المساندة اليه اال تكون‬
‫متعلقة بمهام خارج دائرة اشتغاله‬
‫ال يختلف اثنان ان الطبيب الشرعي يعد من مساعدي القضاء إذا يمارسون مهامهم وفق‬
‫الشروط المنصوص عليها في القانون وكذا بناء على النصوص التنظيمية المتخذة لتطبيقه‬
‫وأيضا النصوص التشريعية والتنظيمية اآلخرى الجاري بها العمل‪]15[ .‬‬
‫والمشرع المغربي حدد كيف يتم انتداب الطبيب الممارس لمهام الطب الشرعي إذا بالرجوع‬
‫للمادة ‪ ]16[ 12‬وباستقراء هذه المادة فإنها حددت الجهة التي تتولى انتداب الطبيب‬
‫الشرعي في‪ ‬كل من قاضي النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو هيئة الحكم كما يحق لها أن‬
‫تنتدب أكثر من طبيب ممارس للطب الشرعي إذا كانت طبيعة المهمة تستوجب ذلك‪.‬‬
‫كما‪ ‬يحق للسلطات القضائية ان تنتدب طبيب ممارس من أجل االنتقال إلى مكان الجريمة‬
‫والقيام بالمعاينات الضرورية واخد العينات‬
‫كما أنه في إطار البحث التمهيدي أو التلبسي يحق لضابط الشرطة القضائية ان يستعين‬
‫بطبيب ممارس للطب الشرعي من أجل االنتقال إلى مكان الجريمة‪ ،‬ولكن شريطة الحصول‬
‫على موافقة من طرف النيابة العامة أو قاضي التحقيق إذا تعلق األمر بحالة التلبس أو إذا‬
‫كانت حالة االستعجال تقتضي ذلك‬
‫لكن لماذا لم يكتف المشرع إذا تعلق األمر بحالة التلبس إشعار النيابة‪   ‬النيابة بخصوص‬
‫استعانة ضابط الشرطة القضائية‪ ‬بالطبيب الشرعي مع العلم ان ضابط الشرطة القضائية في‬
‫حالة التلبس له صالحيات واسعة في هذا اإلطار وهذا ما نص عليه مشروع تنظيم مهنة‬
‫الطب الشرعي الذي اقتصر على االشعار‪ ‬بدل الموافقة‪.‬‬
‫كما أنه يجب توضيح الفرق بين االنتداب مجاله أوسع فهو يتم من طرف الجهات القضائية‬
‫المشار لها في المادة ‪ 12‬بخالف‪  ‬االستعانة التي تتم بناء على طلب يتقدم به ضابط‬
‫الشرطة القضائية المختص بالقضية ويرفعه إلى الجهة المختصة النيابة العامة أو قاضي‬
‫التحقيق‪ ،‬فاألولى أوسع نطاق من االستعانة الن مجالها ضيق فقط بخالف االنتداب‪   ‬إلى‬
‫جانب ذلك ينبغي على الطبيب الممارس لمهام الطب الشرعي االستجابة ال أمر االنتداب‬
‫والطلبات االستعانة الموجهة اليه حسب الحالة من طرف السلطات القضائية أو ضباط‬
‫الشرطة القضائية غير أنه إذا تعذر على الطبيب الممارس لمهام الطب الشرعي انجاز‬
‫المهمة المساندة اليه‪  ‬يتم إشعار بذلك الجهة التي انتدبته وهي اما النيابة العامة أو قاضي‬
‫‪11 sur 33‬‬
‫‪11‬‬
‫التحقيق أو هيئة الحكم أو في إطار االستعانة من طرف ضابط الشرطة القضائية وال يحق‬
‫له التخلي عن أداء مهمته اال بناء على موافقتها‬
‫كذلك يخضع الطبيب الشرعي لمراقبة من طرف السلطة القضائية في شخص النيابة العامة‬
‫بحيث يقوم الوكالء العامون للملك لدى محكمة االستئناف برفع تقارير‬
‫سنوية إلى الوكيل العام للملك بمحكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة حول حصيلة‬
‫العمليات المنجزة من قبل األطباء الممارس ين لمهام الطب الشرعي داخل نفوذ دوائرهم‬
‫القضائية‪.‬‬
‫على هذا األساس يقوم الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بإعداد تقارير سنوي على‬
‫ضوء التقارير التي توجه له من طرف النيابات العامة ويقوم بارفاقه عند االقتضاء‬
‫بالمالحظات التي تأثيرها ممارسة الطب الشرعي ويقوم بتوجيهه إلى السلطة الحكومية‬
‫المكلفة بالعدل وبالصحة[‪]17‬‬
‫كما هذا القانون حدد لنا الحاالت التي يجوز فيها إلزامي التشريح الطبي الشرعي وذلك‬
‫انطالقا من المادة ‪ 18‬والتي من خاللها يجب على السلطات القضائية من نيابة عامة‬
‫وقاضي التحقيق وهيئة الحكم أو في إطار االستعانة إذا تعلق األمر بإجراءات‪ ‬البحث‬
‫التمهيدي وذلك في الحاالت التالية إذا كانت الوفاة ناتجة عن االعتداء الجسدي أو الجنسي أو‬
‫إذا كانت الوفاة ناتجة عن تسمم أو كانت الوفاة قد وقعت في أماكن الوضع تحت الحراسة‬
‫النظرية‪ ،‬أو االحتفاظ‪ ،‬أو االعتقال‪ ،‬أو بمؤسسات تنفيذ العقوبة أو التدابير الوقائية أو مركز‬
‫اإليداع‪ .‬أضف إلى ذلك إذا كانت‬
‫لوفاة الناتج عن الشك في حالة تعذيب أو في حالة االنتحار أو عند الشك فيه‬
‫كما تحث الدورية ‪ 24‬لرئاسة النيابة العامة على التطبيق السليم لمقتضيات هذه المادة‬
‫والزامية تنفيذ مقتضياتها ‪،‬غير أنه نص المشرع كذلك على اختيارية اللجوء للتشريح الطبي‬
‫الشرعي بحيث يمكن للنيابة العامة أو قاضي التحقيق أو هيئة الحكم وذلك كل في حدود‬
‫اختصاصات في حالة الوفاة التي تكون أسبابها مجهولة أو مشكوك فيها او تعذر تحديدها‬
‫بواسطة الفحص الطبي ان يتم انتداب طبيب ممارس إلجراء تشريح أو أخذ العينات‬
‫الضرورية على الجثث أو األشالء لتحليل ها كلما اقتضت ذلك حاجات البحث أو التحقيق أو‬
‫المحاكمة لكن ال يجوز اللجوء إلى التشريح الطبي الشرعي في الحاالت المرضية الوبائي‬
‫اال اذا كان هذا اإلجراء ضروريا الستجالء الحقيقة‪ ‬‬

‫‪12 sur 33‬‬


‫‪12‬‬
‫إن نتاج عمل الطبيب الشرعي هو انجاز تقرير وينبغي ان تتوفر في تقريره مجموعة من‬
‫البيانات تحت طائلة بطالنه وهذه البيانات هي التي تم تحديدها في المادة ‪ 24‬من قانون‬
‫‪ 77.17‬ويقوم الطبيب الشرعي بعد ذلك بالتوقيع على التقرير ويحيله على ثالث نسخ إلى‬
‫الجهة القضائية التي انتدبته ونسخة آخري إلى ضابط الشرطة القضائية‪ ،‬ولكن بإذن من‬
‫النيابة العامة ويتم االحتفاظ بالنسخة بالمصلحة التي يعمل بها الطبيب الشرعي‪ ‬وفي‬
‫حالة إذا تم انتداب أكثر من طبيب ممارس لمهام الطب الشرعي فإن التقرير المنجز يوقع‬
‫من طرف جميع األطباء الممارس ين للطب الشرعي المنتدبين الذين انجزوا هذه المهمة‬
‫وذلك مع مراعاة مقتضيات المادة ‪ 206‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫اال ان االشكال الذي يطرح هو انه لم يتم الحديث عن سجل التقارير بخصوص الطبيب‬
‫الشرعي وهذا على خالف مشروع مهنة تنظيم الطب الشرعي وتكريس رقابة النيابة العامة‬
‫على هذه السجالت‪.‬‬
‫إن تقرير الطبيب الشرعي هو يكتسي طابعا سريا‪ ‬وال يمكن االطالع عليه إال من طرف‬
‫الجهة القضائية التي انتدبته أو ضابط الشرطة القضائية بإذن من الجهة القضائية المختصة‪،‬‬
‫ولكن يمكن أن يتم تسليم نسخة من التقرير المذكور أو أن يسمحا باالطالع عليه من قبل‬
‫الضحية أو ذوي حقوق المتوفى أو الدفاع ما لم يكن لذلك اي ثاتير على حسن سير البحث‬
‫أو التحقيق اال إذا خولت النيابة العامة أو قاضي التحقيق ذلك وهذا حسب مقتضيات المادة‬
‫‪ 28‬‬
‫كما أنه يمكن لجهة االنتداب ان تأمر الطبيب الشرعي بالقيام بما تراه مناسبا إلظهار‬
‫لحقيقة أو أن تنتدب طبيبا اخر أو أكثر للقيام بالمهمة كما يحق لها أن تأمر بإجراء خبرة‬
‫مضادة أو خبرة تكميلية من شان ذلك يساهم في البحث عن الحقيقة بشكل اكثر تعمق‪.‬‬
‫لكن هناك مالحظة يمكن ابدائها بخصوص طلب التوضيحات اذا كان على المشرع المغربي‬
‫ان يوسع من دائرة أصحاب االختصاص في طلب التوضيحات من الطبيب الشرعي بأن‬
‫يمكن من ذلك الجهة التي انتدبته وكذا الجهة الالحقة التي يحال عليها ملف القضية‪ ،‬وال‬
‫سيما قضاء التحقيق والحكم الذي يبقى له امر البث في القضية والفصل فيها‪]23[ ‬‬
‫كذلك المشرع المغربي لم ينص على االعتراض على نتائج‪  ‬التقرير الذي خلص له الطبيب‬
‫الشرعي سواء من طرف الوكيل العام للملك أو وكيل الملك أو قاضي التحقيق أو لمن له‬
‫مصلحة‬

‫‪13 sur 33‬‬


‫‪13‬‬
‫المبحث الثانني ‪ :‬دور الطب الشرعي في كشف الدليل الجنائي‬

‫للطب الشرعي دورا عمليا وفنيا في كشف الدليل الجنائي الموصل الى خيوط الجرائم‬
‫الغامضة عندما يعجز التحقيق عن الكشف عن مالبساتها ومرتكبيها وفي هذه محاور يتم‬
‫البحث والتحري في كشف الدليل وفي منتهى األهمية التي يتوقف عليه إدانة المتهم أو‬
‫تبرئته‪.‬‬
‫المطلب ألول ‪ :‬وسائل و تقنيات البحث عن األدلة الجنائية‬
‫ومن المعروف إن مهمة جمع األدلة والتي هي من اختصاص االجهزه ألتحقيقيه االبتدائية‬
‫والقضائية وبإشراف قاضي التحقيق المختص وبتداخل الطب الشرعي خالل مراحل‬
‫التحقيق وبناء على امر قضائي لتحديد ماهية الدليل الشرعي حصراً باالضافه إلى أدله‬
‫اإلثبات الجزائية وعادتا تخضع جميع المعاير لقانون أصول المحاكمات الجزائية الذي نظم‬
‫إجراءات أحكام الخبرة بالتفصيل بصفة مباشرة أو غير مباشرة بغية إعداد تقارير الطب‬
‫الشرعي ال سيما تقرير تشريح الجثة‪ ،‬وتقارير القحص المادي إضافة إلى الشهادات الطبية‬
‫وتلك المتعلقة بتحديد مدة العجز الذي أشار إليها قانون العقوبات لما تتطلبه القضايا‬
‫الجنائية ‪ .‬باعتبار مهمة الطبيب الشرعي من الناحية الجنائية مرتبطة بفحص وتشخيص‬
‫ومعاينة الضحايا‪ ،‬الذين يتعرضون العتداءات والتي ينتج عنها أفعال جنائية وكذلك حاالت‬
‫قضايا التسمم بفعل فاعل على سبيل المثال إال إن الفحص الطبي يتم في إطار الخبرة‬
‫القضائية وأن يبدي برأي ويسببه علميا وعمليا والثوابت الفنيه وفق قرارات قاضي التحقيق‬
‫وعلى الحاالت التي يطلب فيها إبداء الخبره الجنائية وفقا لمتطلبات التحقيق وألنظمة الطبية‬
‫العدلية والمتعلقة باألدلة الجنائية‪ -‬الكيمياء الطبية الشرعية‪ -‬البصمات وفيما إذ كان هناك‬
‫مطابقة الحامض ‪ DNA‬وكذلك تحديد سبب الوفاة من خالل فحص وتشريح الجثث في‬
‫القضايا الجنائية المتعلقة بالمنوفي للمساعدة في معرفة نوع الوفاة من حيث كونها وفاة‬
‫طبيعية او غير طبيعية وخاصة عندما تكون حاالت الوفاة‪ ،‬جنائية ‪،‬أو عندما يكون سبب‬
‫الوفاة غير معروف‪ ،‬مثل الوفيات بسبب العنف والحوادث المشتبه بها كونها جنائية‬
‫كاإلنتحاراو ناشئة عن التسمم نتيجة تعاطي المخدرات أو الكحول او الوفيات المثيرة للشك‬
‫والريبة‪ .‬أو القتل سواء حدثت الفواة مباشرة‪ -‬نتيجة اإلصابة‪ ،‬أو غير مباشرة‪-‬ولو بعد مرور‬
‫مده طويلة الخ ‪.‬ولترابط‪ b‬العالقة بين الطب الشرعي الذي كشف الغاز جرائم مثيره كونه‬
‫‪14 sur 33‬‬
‫‪14‬‬
‫المساعد في دعم تحقيق العدالة الجنائية وبين التحقيق الجنائي وخاصة وقت ارتكاب‬
‫الجريمة وخاصة نتائج إجراء الفحوصات الطبية على المصابين في القضايا الجنائية‪ ،‬وبيان‬
‫اإلصابة ووصفها وسببها وتاريخ حدوثها‪ ،‬واآللة أو الشيء الذي إستعمل في إحداثها ومدى‬
‫العاهة المستديمة التي الناتجه وخاصة تشريح جثث المتوفين في القضايا الجنائية وفي‬
‫حاالت االشتباه في سبب الوفاة‪ ،‬وكيفية حدوثها‪ ،‬ومدى عالقة الوفاة باإلصابات التي توجد‬
‫بالجثة‪.‬وكذلك عند استخراج جثث المتوفين المشتبه في وفاتهم‪.‬وإبداء اآلراء الفنية ذات‬
‫الطابع العدلي والتي تتعلق بفحص الدم وفصائله والمواد المنوية ومقارنة الشعر وفحص‬
‫العينات المأخوذة من الجثث لمعرفة األمراض‪ ،‬وفحص مخلفات اإلجهاض وعادتا يتشارك‬
‫مجموعه من الخبراء والفنيين‪،‬الذين‪ b‬يتعاونون معه مهنياً‪ -‬كل حسب اختصاصه ووفقا ً لنوع‬
‫الجريمة أو الحادث‪ .‬وعلى ضوء ذلك كال حسب اختصاصه ليطلع الجميع على ظروف‬
‫الواقعة بما فيه إجراءات الشرطة وقرارات قاضي التحقيق وعلى التقارير الصادرة من‬
‫المستشفى‪ ،‬والصور الشعاعية‪ ،‬والتحاليل المخبرية‪ ،‬مع استعراض كامل لحالة‬
‫المتوقي‪،‬شامالً‪ :‬الجنس‪،‬العمر‪ ،‬الجنسية ويتم االستعانه بخبراء األدلة الجنائية‪ ،‬في فحص‬
‫ومعاينة المكان‪ ،‬الذي وجدت فيه الجثة (مسرح الحادث او الجريمة)‪ D.‬ويتم اعداد كتابة‬
‫التقرير النهائي بعد ورود كافة النتائج( نتائج المختبريه‪ D‬واالدله والجنائية)‪-‬وإرساله الى‬
‫سلطة التحقيق‪،‬ويترك االمر لقاضي التحقيق او للمحكمة المختصة ويجوز للقاضي المختص‬
‫استدعاء ايا من الخبراء لإليضاح عن أي حاله وردت بالتقرير تحقيقا للعدالة وهكذا استطاع‬
‫القضاء تثبيت الروابط الوثقيه بواسطة علوم الطب الشرعي وبما يتيح معرفة الجواب‪،‬بوادر‬
‫بعض الجرائم والتي غالبا ما تأخذ وقتا تتطلب من سلطات التحقيق اثبات ومعرفة المجرم‬
‫وخيوط الجريمه ليجد القاضي نفسه أمام جريمة يستدعي اكتشافها خاصة وان اإلجراءات‬
‫ألقانونيه وعلم اإلجرام التسعف التحقيق فمن واجب القاضي تحقيقا للعدالة أن يستعين‬
‫بأرباب االختصاص والمعرفة وذوي الخبرة الستجالء غوامضها والتي ال يمكن‬
‫حصرها‪.‬وقد شاعت بعض جوانب الخبرة العلمية والفنية في مجال التحقيق واإلثبات‬
‫الجنائي‪ ،‬وكثر لجوء المحققين إليها في كشف أسرار الجرائم ‪.‬‬
‫وشهدت اكتشافات علمية تعد بمثابة ثورة في مجال التحقيق الجنائي ومنها ‪:‬‬
‫الخبرة في مجال البصمات ‪:‬‬
‫تندرج البصمات ضمن الخطوط التي تكسو أطراف األصابع وراحة اليد‪ ،‬وهي تختلف‬
‫اختالفا ال حد له حسب اختالف األشخاص‪.‬‬
‫وهذه البصمات إذا ما المست جسما من األجسام‪ ،‬إال وتركت عليها آثارها‪ ،‬وهذا راجع‬
‫أساسا إلى تكوين بشرة الجلد المغطاة بطبقة دهنية خفيفة من إفرازات العرق‪.‬‬
‫‪15 sur 33‬‬
‫‪15‬‬
‫ولمعرفة البصمات في مكان الجريمة‪ ،‬فاألمر يوجب معرفة مكان وكيفية دخول الجاني‬
‫وخرجه‪ ،‬وكذلك فحص جميع األشياء التي من المحتمل أن يكون الجاني قد المسها أو‬
‫نقلها من مكانها األصلي‪.‬‬
‫والبصمات قد تكون ظاهرية‪ ،‬حيث يمكن أ‪ ،‬يراها الخبير بالعين المجردة عند معاينة‬
‫مكان الحادث‪ ،‬أو خفية‪ ،‬والتي ال يمكن إظهارها إال باستعمال مواد كيماوية على شكل‬
‫مسحوق أو سائل‪.‬‬
‫وقد أرشدنا هللا سبحانه وتعالى للبصمة وأهميتها من خالل قوله تعالى ‪( :‬أيحسب اإلنسان‬
‫أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه)‪ D‬صدق موالنا الكريم‪ ،‬والبنان هو‬
‫نهاية األصبع‪ ،‬وتنقسم البصمات إلى عدة أنواع‪  :‬‬
‫بصمة‪ D‬الرائحة‪:‬‬
‫لكل إنسان بصمة الرائحة المميزة له عن سائر البشر‪ ،‬حيث يقول هللا تعالى على لسان‬
‫يعقوب عليه السالم‪( :‬ولما فصلت العير قال أبوهم إني ألجد ريح يوسف لوال أن‬
‫تفندون) صدق هللا العظيم‪.‬‬
‫من هنا تم استغالل هذه البصمة المميزة في تتبع آثار أي شخص معين‪ .‬وأبرز مثال على‬
‫ذلك‪ ،‬الكالب التي تستطيع بعد شم ماليين من البشر أن تخرج الشخص المعين من بين‬
‫آالف البشر‪.‬‬
‫ب – بصمة الشفاه ‪:‬‬
‫وهي تلك العضالت القرمزية التي كثيرا ما تغنى بها الشعراء‪ ،‬وقد ثبت أن لبصمة الشفاه‬
‫صفة مميزة لدرجة أنه ال يختلف اثنان فيها‪ .‬ويتم أخذ بصمة الشفاه بواسطة جهاز به حبر‬
‫غير مرئي‪ ،‬حيث يتم الضغط على شفاه الشخص بعد أن يوضع عليها ورق من نوع‬
‫النحاس فتطبع عليه البصمة‪.‬‬
‫وتعتبر هذه البصمة من وسائل اإلثبات ذات الفعالية الكبرى‪ ،‬وأكبر دليل على ذلك هو‬
‫تمكن الخبراء من التعرف على األشخاص بواسطة عقب سيجارة‪.‬‬
‫ج – بصمة‪ D‬العين‪:‬‬
‫لقد عملت إحدى الشركات األمريكية لصناعة األجهزة الطبية على ابتكار بصمة العين‪،‬‬
‫حيث أكدت الشركة أنه ال توجد عينان متشابهتان في كل شيء‪ ،‬ويتم أخذ هذه البصمة‬
‫عن طريق النظر في عدسة الجهاز الذي يقوم بدوره بالتقاط صورة لشبكة العين‪ ،‬وعند‬
‫االشتباه في أي شخص‪ ،‬يتم الضغط على زر معين بالجهاز‪ ،‬فتتم مقارنة صورته‬
‫بالصورة المختزلة في الجهاز‪.‬‬
‫د – بصمة األذن‪:‬‬
‫‪16 sur 33‬‬
‫‪16‬‬
‫حيث تعد إحدى أهم البصمات التي يتم االعتماد عليها في اإلثبات‪ ،‬لكن بطريقة معقدة‬
‫تستوجب تكنولوجيا عالية‪ ،‬وتتميز هذه البصمة بكونها الوحيدة التي ال تتغير منذ والدة‬
‫اإلنسان وحتى مماته‪.‬‬
‫وعموما فإن المحاكم الجنائية تعمل على األخذ بالبصمات كدليل إثبات قاطع بعد أن يثبت‬
‫لها علميا أن الشك ال يتطرق إليها‪.‬‬
‫لكن تبقى بعض الحاالت يمكن للجاني الفرار من المسؤولية الجنائية‪ ،‬وذلك بالتخلص من‬
‫آثار البصمات بالحرق‪ ،‬هذا فضال عن إمكانية إزالتها عن طريق الجراحة‪.‬‬

‫الخبرة في مجال مخلفات إطالق النار األسلحة النارية و تنقسم‬


‫األسلحة إلى قسمين‪ :‬وهي إما أسلحة ذات المأسورة الطويلة كالبنادق‪ ،‬أو أسلحة ذات‬
‫المأسورة القصيرة‪.‬‬
‫– فاألولى عبارة عن أسلحة أوتوماتيكية تعمر بخرطوش من ظرف نحاس ورصاصة‬
‫مغلقة بغالف نحاس طرفها األمامي مدبدب‪ ،‬لها خزانة تتسع إلى عدة رصاصات حسب‬
‫نوع وطراز البندقية‪ ،‬وهناك نوع آخر يعمر بكمية من البارود‪.‬‬
‫– أما الثانية‪ ،‬فهي عبارة عن أسلحة تطلق رصاصة واحدة في دفعة المسدس أو‬
‫الطبنجات األوتوماتيكية التي تعمل بخرطوش نحاس به رصاصة مغلقة بنيكل أو نحاس‬
‫ومزودة بجزيئية على شكل مشط‪.‬‬
‫تقدير مسافة اإلطالق‪:‬‬
‫لتقدير مسافة اإلطالق‪ ،‬أو التي أطلق منها العيار الناري‪ ،‬يتم فحص فتحة الدخول سواء‬
‫بالمالبس أو بالجسم‪ ،‬حيث يختلف شكلها باختالف المسافة التي أطلق منها العيار‪ ،‬ويتم‬
‫فحص اآللة ونوع البارود المستعمل كذلك‪ ،‬مما يمكن من تقدير تاريخ حدوث اإلصابات‬
‫النارية‪ ،‬وذلك عن طريق مشاهدة الجروح من حيث التهابها وتقيحها والنظر إلى طبيعة‬
‫األجزاء أو األحشاء التي أصيبت‪ ،‬ومعانة النزيف‪ ،‬وبعد ذلك يتم تقدير المدة التي مضت‬
‫من وقت حصول اإلصابة إلى حدوث الوفاة‪.‬‬
‫وللتأكد أكثر يتم تصوير محل اإلصابة بواسطة األشعة تحت الحمراء‪ ،‬فتظهر كمية‬
‫البارود والدخان‪ .‬فتحديد المسافة إذن له أهمية بالغة في الحوادث‪ ،‬خاصة تلك التي يشك‬
‫فيها أنها انتحار‪ .‬فوجود البارود والدخان على يد القتيل بجانب شكل الجرح واتجاه الفلقة‬
‫يشكل دليال قاطعا على أن الضحية قد انتحرت‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬لمعرفة الوقت الذي مضى على استخدام السالح‪ ،‬يتم شم رائحة البارود من‬
‫فوهة مأسورة السالح‪ ،‬فإذا كانت الرائحة قوية‪ ،‬أمكن القول بأن السالح لم يمض على‬
‫‪17 sur 33‬‬
‫‪17‬‬
‫استخدامه إال وقت قصير‪ .‬أما إذا لم يجد أثر لرائحة البارود يتم إجراء اختبار كيميائي‬
‫على محتوى الطلق الناري‪ ،‬وذلك عن طريق تحليل دخان البارود الذي بقي في مأسورة‬
‫البندقية عند خروج الطلق أو داخل الظرف الفارغ‬
‫‪ -3‬الخبرة في مجال فحص آثار اآلالت‪ :‬كثيراً ما تستخدم اآلالت في ارتكاب الجرائم‬
‫كأدوات الخلع والكسر والنشر والثقب والقص وغيرها‪ .‬فهذه جميعها تترك آثارها على‬
‫األجسام والمعادن واألخشاب والورق ويمكن من خالل الخبرة العلمية تحديد هذه األدوات‬
‫على نحو دقيق‪.‬‬
‫‪ -4‬الخبرة في فحص آثار الحرائق‪ :‬أن الخبرة العلمية في فحص مخلفات الحرائق تكشف‬
‫ما إذا استعملت مواد بترولية أو خالفها في إضرام الحرائق‪ ،‬أو ما إذا كانت ناجمة عن‬
‫تماس كهربائي‪ .‬وكل ذلك مفيد في تحديد أسباب الحريق‪ ،‬وفيما إذا كان عرضيا ً أم متعمداً‪.‬‬
‫‪ -5‬الخبرة في مجال المفرقعات والمتفجرات ‪ :‬يقوم الخبراء بالتقاط مخلفات حوادث‬
‫المتفجرات‪ ،‬وفحصها‪ ،‬وتحديد أنواعها‪ ،‬ألهمية ذلك في إثبات الركن المادي لهذه الجرائم‪،‬‬
‫وأسلوب ارتكابها‪.‬‬
‫‪ -6‬الخبرة في مجال المخدرات والمسكرات‪ :‬الخبرة تلعب دوراً هاماً‪ ،‬من خالل تحليل‬
‫المضبوطات‪ ،‬أو عينات الجسم‪ ،‬كالدم‪ ،‬أو البول‪ ،‬أو إفرازات َمعِدية( عينات من المعدة) إذ‬
‫يمكن اكتشاف وجود هذه المواد ونسبتها في الجسم‪ .‬وهذا األمر على غاية من األهمية في‬
‫اكتشاف كثير من جرائم القتل واالنتحار والتسمم وتعاطي المخدرات والمسكرات‪.‬‬
‫‪ -7‬الخبرة في مجال التحاليل البيولوجية‪ :‬تشمل اختبارات سوائل الجسم‪ ،‬كالدم‪ ،‬والعرق‪،‬‬
‫والبول‪ ،‬واللعاب‪ ،‬واختبارات األنسجة‪ ،‬والشعر‪ .‬وهذه جميعها مهمة في اإلثبات الجنائي‪،‬‬
‫وإثبات البنوة والنسب‪ .‬وقد عزز من أهمية هذه االختبارات ما شهده التطور العلمي في‬
‫مجال اختبارات الحامض النووي الرايبوزي منقوص األوكسجين(‪ `)DNA‬إذ أصبح يشكل‬
‫بصمة وراثية تميز األشخاص وأنسابهم على نحو حاسم ‪.‬‬
‫‪ 8-‬الخبرة في مجال الخطوط والمستندات‪ :‬وهذا الجانب العام من جوانب الخبرة العلمية ذو‬
‫أهمية بالغة في إثبات جرائم التزوير‪ ،‬وكثير من الجرائم‪ ،‬من خالل ما يتم من اختبارات‬
‫للوثائق‪ ،‬والمستندات‪ ،‬والخطوط اليدوية واآللية‪ .‬وهكذا أصبحت بتعزز دور الطـب‬
‫الشرعـي قي مفاصل التحقيق الجنائي في اثبات القيمة القانونية للدليل عبر كامل مراحل‬
‫اإلجراءات الجزائية وبما يدل على إثبات وقوع الجريمة‪ ،‬وظروف وقوعها‪ .‬وإثبات نسبتها‬
‫إلى شخص أو نفيها عنه‪ ،‬إضافة إلى تحديد هوية الضحية في بعض الحاالت‪.‬‬
‫‪18 sur 33‬‬
‫‪18‬‬
‫تدخل الطبيب الشرعي في تحديد طبيعة جرائم العنف‪.‬‬
‫إن جرائم العنف هي المجال األوسع لتدخل الطبيب الشرعي في سبيل تحديد طبيعتها‪،‬‬
‫فجرائم العنف تكون مصحوبة غالبا بآثار تساهم في تحديد طبيعتها والكشف عن مرتكبيها‪،‬‬
‫وسنحاول أن نبين أهم جرائم العنف التي يساعد الطب الشرعي في تحديد طبيعتها ويساهم‬
‫في إثباتها‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬جريمة القتل‬
‫جريمة القتل من بين أهم الجرائم التي تحتاج إلى خبرة الطبيب الشرعي‪ ،‬فهي تقتضي‬
‫لقيامها أن يكون هناك إزهاق روح إنسان عمدا‪ ،‬وعليه فنن مهمة الطبيب الشرعي في إطار‬
‫بحثه عن الدليل الجنائي مبدئيا تتمحور في البحث عن مدى توافر األركان المكونة للجريمة‬
‫كما يتطلبها القانون‪ ،‬والبحث عن كل ما من شأنه إسنادها إلى المتهم‪ ،‬واتخاذه دليل لإلدانة‬
‫أو البراءة حسب األحوال‪ .‬والمسائل الطبية التي تهم رجال القانون في جريمة القتل عديدة‬
‫ومتنوعة قد تتعلق بفحص الجثة لمعرفة هل الوفاة عرضية أم جنائية أو انتحارية) تحديد‬
‫طبيعة الموت‪ ،‬والمسببات التي أدت إلى حدوثها) تحديد سبب الوفاة باإلضافة إلى تحديد‬
‫تاريخ وقوعها واألداة المسببة لذلك تحديد سبب الوفاة‪ ،‬وهذه المسائل ال يمكن لغير الطبيب‬
‫الشرعي الوقوف عليها ومعرفتها‪ ،‬وذلك باعتماده التقنيات الطبية المتطورة‪ ،‬وهذا ما سنبينه‬
‫فيما يلي‬
‫أوال‪ :‬تحديد طبيعة الموت‬
‫تحديد طبيعة الوفاة ما إذا كانت طبيعية‪ ،‬إجرامية‪ ،‬أو مشكوك فيها من المسائل التي ال تخلو‬
‫أية خبرة طبية منها‪ ،‬باعتبار ذلك أحد العناصر الرئيسية المشكلة لجريمة القتل في حد ذاتها‪،‬‬
‫فئذا تبين أن الموت كان طبيعيا طبقا للخبرة طبية فجريمة القتل غير قائمة ومصير الدعوى‬
‫هنا سيكون حفظ الملف إذا كان على مستوى النيابة‪ ،‬وانتفاء وجه الدعوى إذا كان على‬
‫مستوى التحقيق‪ ،‬وبراءة المتهم إن كان قد أحيل على إحدى جهات الحكم‪ .‬أما في الحالة‬
‫التي يكون هناك شك حول الطابع اإلجرامي للوفاة فمن هنا تبدأ مرحلة البحث عن الدليل‪،‬‬
‫فئذا التبس القتل باالنتحار وهو الشائع‪ ،‬فهنا تقع مهمة تحديد طبيعة الموت على كل من‬
‫الطبيب الشرعي الذي يفحص الجثة ليبين أسباب الوفاة‪ ،‬والمحقق الذي يتحرى أسباب القتل‬
‫كما هو لو كانت اإلصابة المسبب للوفاة ناتجة عن سالح ناري أو في حاالت الوفيات عن‬
‫طريق الشنق ‪ ،‬ويجب على الطبيب الشرعي في كل هذه الحاالت أن يسجل في التقرير كل‬
‫التفاصيل حتى يتمكن القاضي من أخذ نظرة عن ظروف الجريمة و من ثمة االقتناع‬
‫بالطابع العرضي أو اإلجرامي للوفاة‪.‬‬
‫‪19 sur 33‬‬
‫‪19‬‬
‫ثانيا‪ :‬تحديد سبب الوفاة‪ :‬ا بعد أن تحدد طبيعة الوفاة بأنها جنائية وليست طبيعية يجب على‬
‫الطبيب الشرعي أن يجيب عن السؤال المتعلق بسبب الذي أدى إلى إحداث الوفاة؟ أي إبراز‬
‫الرابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة اإلجرامية وهي الوفاة‪ ،‬فالطبيب الشرعي هو‬
‫الشخص الوحيد المؤهل ليبين للقاضي ما إذا كان فعل الجاني يوجد ضمن األسباب التي‬
‫لعبت دوار مباشرا وفوريا في إحداث الوفاة وتأسيسا على ذلك يكون مسؤوال عنها إذا كان‬
‫فعله اإلجرامي هو السبب األساسي ذو الكفاية والفاعلية في إحداثها ‪ ،‬وهي المسألة ذات‬
‫الطابع الفني الطبي البحت والتي تنأى بطبيعتها عن اختصاص قاضي الموضوع‪.‬‬
‫وعمليا فأن الطبيب الشرعي وفي إطار بحثه عن أسباب الوفاة تعد آثار العنف هم العالمات‬
‫التي ينبغي البحث عنها بمنهجية وبدقة على جميع أعضاء الجسم مع الحرص على وصفها‬
‫بدقة (عددها‪ ،‬شكلها‪ ،‬وأبعادها ومقاساتها‪...‬الخ) وكذلك ضرورة التمييز بين ما إذا كانت‬
‫اإلصابات المعاينة حيوية أم أنها أحدثت بعد الوفاة‪ ،‬وفي هذا الصدد فننه كثي ار ما ساهمت‬
‫تقارير األطباء الشرعيين في براءة متهمين أبرياء كانوا قاب قوسين أو أدنى من اإلدانة و‬
‫بعد أن كانوا هم أنفسهم معترفين و مقتنعين بارتكابهم الجريمة في الوقت الذي كان فيه‬
‫فعلهم الحقا على حدوث الوفاة وال يدخل ضمن األسباب المؤدية إليها وهو ما يبين بحق‬
‫أهمية التقرير الطبي الشرعي في البحث عن أدلة االتهام وأدلة النفي على حد س‬
‫ثالثا‪ :‬تعيين تاريخ الوفاة‪:‬‬
‫ا إن تاريخ الوفاة ال يدخل ضمن أركان الجريمة‪ ،‬غير أنه يشكل أحد العناصر المساعدة في‬
‫البحث عن الدليل الجنائي خصوصا إذا حامت الشكوك حول مشتبه فيه معين‪ ،‬إذ أن تحديد‬
‫الفترة التي حدثت فيها الوفاة من شأنه أن يحصر نطاق البحث عن الدليل الجنائي وعدم‬
‫إفالت المشتبه فيهم من العقاب‪ .‬فمن الضروري‪ b‬على الطبيب الشرعي في جرائم القتل عند‬
‫تشريح الجثة أن يتحرى الدقة قدر اإلمكان بين التاريخ الحقيقي لها والتاريخ المحدد من‬
‫طرفه‪ .‬واضحا حتى ال يكون هناك تباينا يعتمد الطبيب الشرعي في تقديره لهذا التاريخ‬
‫على المعطيات وعمليا المستخلصة من عملية رفع الجثة والتحريات الطبية الشرعية عن‬
‫طريق مالحظة العالمات اإليجابية للموت) برودة‪ ،‬تلون الجسم‪ ،‬تصلب األعضاء ثم يضيف‬
‫إليها مالحظة بعض الظواهر الحيوية والتغيرات‪ b‬التي تطرأ على الجثة كلما طالت مدة‬
‫الوفاة‪ ،‬وكذلك قياس نسبة البوتاسيوم في خاليا العين‪ .‬أما إذا وصلت الجثة إلى درجة كبيرة‬
‫من التعفن فاألمر يقتضي تدخل طبيب خبير في علم الحشرات‬
‫الحاالت التي يجب فيها تشريح الجثة‪:‬‬

‫‪20 sur 33‬‬


‫‪20‬‬
‫الحاالت التي يتم فيها تشريح الجثة هي‪- :‬حاالت المتوفين في حادث جنائي سوآءا كانت‬
‫الجريمة عمدية أو غير عمدية إال إذا أمكن مجرد الكشف الظاهري عن سبب الوفاة ‪.‬‬
‫‪ -‬الحاالت التي يعثر فيها على جثث طافية فوق الماء سوآءا كانت مجهولة الشخصية أو‬
‫معروفة إال إذا دل التحقيق على عدم وجود شبهة في الوفاة وايضا الكشف الظاهري وذلك‪-‬‬
‫حاالت المتوفين حرقا إال إذا ثبت من التحقيق أن الحادث كان انتحارا أو قضاءا وقدرا ولم‬
‫يدل الكشف على الجثة ظاهريا على وجود شبهة جنائية في الوفاة‬
‫الحاالت التي يظهر فيها من التحقيق أو من الكشف على الجثة ظاهريا وجود شبهة جنائية‬
‫في الوفاة‬
‫ب‪-‬الحاالت التي ال محل إلجراء التشريح فيها‪:‬‬
‫‪-‬حاالت األشخاص الذين يدخلون مستشفيات خصوصية كانت أو عمومية أو ينتقلون إليها‬
‫إسعافهم أو لعالجهم أو إلجراء جراحة لهم ويتوفون بالمستشفى طالت هذه المدة أو قصرت ‪.‬‬
‫‪-‬حاالت السقوط من علو ونحوها من حوادث القضاء و القدر ‪.‬‬
‫‪-‬حاالت تصدع المنازل وسقوطها على المتوفى‬
‫‪ - .‬حاالت لدغ العقارب والثعابين وغيرها من الحيوانات وذلك ما لم تكن هناك شبهة جنائية‬
‫حدثت في الوفاة أو اشتبه في وفاة المريض في المستشفى نتيجة إهمال في العالج أو خطأ‬
‫في عملية جراحية أجريت له أو لسبب آخر أو كانت نتيجة خطأ مالك المنزل وغيرها‬
‫‪ .‬ثانيا جريمة‪ D‬التسميم ‪:‬يتناول المشرع المغربي جريمة التسميم في المادة ‪ 398‬من القانون‬
‫الجنائي المغربي‪ ،‬التي تنص على ما يلي ‪» :‬من اعتدى على حياة شخص بواسطة مواد‬
‫من شأنها أن تسبب الموت عاجال أم آجال‪ ،‬أيا كانت الطريقة التي استعملت أو أعطيت بها‬
‫تلك المواد‪ ،‬وأيا كانت النتيجة‪ ،‬يعد مرتكبا لجريمة‪ D‬التسميم ويعاقب باإلعدام«‬
‫وتجدر اإلشارة أن بعض السموم تؤدي إلى الوفاة مباشرة بعد تعاطيها فال تترك أي آثار‬
‫تشريحية ظاهرة باألنسجة و األعضاء ‪ ،‬وفي هذه الحالة يمكن للطبيب معرفة أن سبب‬
‫الوفاة هو التسمم اعتمادا على ظروف عديدة مثل ظروف الحادث و العالمات التي تبدو على‬
‫جسم الضحية و من خالل التحقيقات التي يقوم بها قاضي التحقيق و الخبرة الطبية معا‬
‫فكالهما يكمل اآلخر و بالتالي معرفة هل التسمم انتحاري أو جنائي أو عرضي ‪ ،‬حيث يقوم‬
‫الطبيب أثناء التشريح بفتح البطن و يبحث عن عالمات التآكل و اللتهاب األلوان و الروائح‬
‫الغير عادية بالفم و الحلق و البحث عن التقرحات المعدية و الثقوب مع مالحظة كمية‬
‫المحتويات ونوعها ‪.‬‬
‫‪21 sur 33‬‬
‫‪21‬‬
‫وفيما يلي جدول يبين كيفية التفريق بين التسميم انتحاري والعرضي و الجنائي ‪.‬‬

‫جرائم اعتداء على سالمة الجسم‪:‬‬


‫أوال جريمة الضرب والجرح‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الضرب‬ ‫‪‬‬

‫لم يعرف المشرع المغربي المقصود بالضرب‪ ،‬وإنما عرفه الفقه بأنه كل تأثير راض أو‬
‫كادم يقع على جسم اإلنسان بالضغط أو الصدم‪.‬‬
‫‪  ‬والغالب أن يترك الضرب أثرا خارجيا على جسم الضحية كاحمرار الجلد أو انتفاخ أو‬
‫تورم‪ ،‬وهذا ما يساعد في كثير من األحوال في إثبات الواقعة اإلجرامية‪.‬‬
‫الجرح‬ ‫‪‬‬

‫الجرح هو كل فعل يأتيه الفاعل ويترك أثرا بجسم اإلنسان سواء كان ظاهريا تراه العين‬
‫المجردة (حروق‪ ،‬تسلخ الجلد‪ ،‬قطع بعض األوعية الدموية السطحية)‪ ،‬أو باطنيا ال تراه‬
‫العين المجردة وال يتأتى كشفه إال بعد إجراء تصوير باألشعة السينية أو الجراحة (كسر أحد‬
‫العظام‪ ،‬نزيف دموي داخلي‪.b)...‬‬

‫‪22 sur 33‬‬


‫‪22‬‬
‫‪-‬الجروح من الوجهة القانونية‪ D:‬تنقسم الجروح من الوجهة القانونية إلى ‪:‬‬
‫أ‪-‬الجروح البسيطة‪ :‬وهي تلك التي تشفى في أقل من ‪ 13‬يوما دون أن ينتج عنها عاهة‬
‫مستديمة‬
‫‪ .‬ب‪-‬الجروح الخطيرة‪ :‬وهي تلك الجروح التي تشفى في مدة أكثر من ‪ 13‬يوما أو في مدة‬
‫أقل وتنتج عنها عاهة مستديمة‬
‫‪ .‬ت‪-‬الجروح المميتة ‪ :‬هي تلك التي تؤدي إلى وفاة المصاب وقد تحدث بعد اإلصابة كما في‬
‫حالة جرح المجني عليه في القلب كما تحدث بعد فترة من اإلصابة‬
‫ث‪-‬العاهة المستديمة‪ :D‬هي فقد عضو نافع أو جزء من عضو أو فقد وظيفة هذا العضو‪.‬‬
‫اشتراط أحداث جروح والضرب‪ " b:‬وهو كل تأثير على جسم اإلنسان بواسطة ضغط أو دفع‬
‫دون آثار تستوجب العالج كما يعرف بأنه كل ضغط مادي على الجسم واال يؤدي إلى‬
‫إحداث قطع فيه أو تمزيق ومن قبيل الضرب‪ ،‬الصفع باليد أو الركل بالقدم أو الضرب‬
‫بالعصي وتنتج عن الضرب كدمات‬
‫أ‪-‬الكدمات‪ :‬وهي انسكابات دموية تحدث في األنسجة نتيجة تمزق بعض األوعية منها‬
‫الصغير والمتوسط والكبير وتنتج جراء قوة رضية مثل الضرب بالسياط والعصي‪b‬‬
‫والركالت وقد تكون نتيجة الضغط على الجلد أثناء الخنق‬
‫‪ .‬ب‪-‬أهمية الكدمات في الطب الشرعي ‪:‬وجود كدمات يعني وجود قوة ما أثرت على الجسم‬
‫ويكون أحد دالئل الجريمة فمثال وجود كدمات على الرقبة يعني تعرض للخنق و وجود‬
‫كدمات حول األعضاء التناسلية تعني محاولة اغتصاب كما تعطي شكل اآللة المستعملة و‬
‫المحدثة لها مثل العصي تعطي شكل كدمة طويلة و الر كل يعطي شكل كدمة مستديرة نوعا‬
‫ما ‪،‬كما نستطيع تحديد تاريخ حدوث هذه الكدمات بواسطة التغيرات التي تحدث للجسم‬
‫فالكدمات الحديثة يكون لونها أحمر لمدة ‪ 1‬إلى ‪ 11‬ساعة و تتحول بعد ‪6‬أيام إلى لون‬
‫أحمر داكن و بعد أسبوع تصبح ذات لون أخضر و بعد اسبوعين يصبح أصفرا ‪ .‬وهذا ما‬
‫يساعد على كشف كل ما يتعلق بالجريمة‪.‬‬
‫المعاينة الطبية للجروح واإلصابات‪ :‬مهمة الطبيب تتجه إلى تحديد الصور التالية أثناء‬
‫المعاينة‬
‫مواصفات اإلصابة وتشمل نوعها وعددها وموقع كل منها اتجاه اإلصابة في الجسم واتجاه‬
‫القوة المستعملة ومداها‪ .‬وعمر اإلصابة مع مقارنتها بتاريخ ووقت الحادث‪.‬‬

‫‪23 sur 33‬‬


‫‪23‬‬
‫المضاعفات المتوقعة والمدة الالزمة لتعطيل المصاب عن عمله وإمكانية تخلف عاهة‬
‫دائمة‪.‬‬
‫المعاينة الطبية للجروح واإلصابات‪ :‬مهمة الطبيب تتجه إلى تحديد الصور التالية‬ ‫‪‬‬
‫أثناء المعاينة‪:‬‬
‫‪-‬مواصفات اإلصابة وتشمل نوعها وعددها وإبعاد وموقع كل منها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪-‬اتجاه اإلصابة في الجسم واتجاه القوة المستعملة ومداها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪-‬عمر اإلصابة مع مقارنتها بتاريخ ووقت الحادث‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪-‬مواصفات األداة أو السالح المستعمل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪-‬المضاعفات المتوقعة والمدة الالزمة لتعطيل المصاب عن عمله وإمكانية تخلف‬ ‫‪‬‬
‫عاهة دائمة‪..‬‬
‫في حاالت الوفاة هل وقعت اإلصابات قبل الوفاة أو بعدها و هل تدخلت أسباب أخرى إلى‬
‫االيذاء والقتل‬
‫‪ .‬وفيما يلي جدول يبين الفرق بين الجروح الحيوية و غير الحيوية‬

‫‪24 sur 33‬‬


‫‪24‬‬
‫التعليق على الجدول رقم ‪ : 2‬يوضح لنا هذا الجدول الفرق بين الجروح الحيوية وغير‬
‫الحيوية لمعرفة ما إذا حدثت قبل الوفاة أو بعدها وهو ما يساهم في تحديد الضربات التي‬
‫أدت إلى الوفاة وكشف من تسبب بها خاصة إذا كان الضحية تعرض لالعتداء من مجموعة‬
‫من الجناة‪.‬‬
‫‪-‬داللة البقع الدموية في حالة الجرح ‪ :‬ال يمكن من خالل البقع الدموية ا ستدال على كيفية‬
‫وقوع الجريمة والتجاه الذي سلكه الجاني أو تحديد مسار المجني عليه مما يساهم في إعادة‬
‫تمثيل الجريمة وفهم كيفية وقوعها األمر الذي يعد من المداخل الضرورية والعملية ولكشف‬
‫الجريمة إذ ال يمكن كشفها إال من خالل كيفية وقوعها‪.‬‬
‫المسؤولية القانونية للطبيب الشرعي‪:‬‬
‫إن اي مسؤولية كيفما كانت اال وتنوعت بحسب اعتبارها مسؤولية جنائية عن األفعال‬
‫اإلجرامية أو مسؤولية تأديبية عن األخطاء المهنية أو مسؤولية مدنية ترتب التعويض عن‬
‫األخطاء التقصيرية‪ ،‬لكن تبقى اهم المسؤوليات في مجال الطب الشرعي المسؤولية التأديبية‬
‫والمسؤولية الجنائية‬
‫المطلب األول‪ :‬المسؤولية التأديبية للطبيب الشرعي‬
‫تنص المادة ‪ 31‬من قانون ‪ 77.17‬على أنه يتعرض الطبيب المنتدب للقيام بمهام الطب‬
‫الشرعي الذي يرتكب خطأ مهنيا للمتابعات والعقوبات التأديبية من طرف الهيئات التأديبية‬
‫المختصة وذلك طبقا للتشريع الجاري به العمل بحيث اي إخالل غير مبرر من طرف‬
‫الطبيب الشرعي في تنفيذ االنتدابيات القضائية الموجهة له أو كل تأخير عمدي وغير مبرر‬
‫يشكل ذلك خطأ مهنيا يمكن أن تنشأ عنه مسؤولية التأديبية‪.‬‬
‫على هذا األساس فإن المشرع كرس قانونا وبنص صريح المسؤولية التأديبية للطبيب‬
‫الشرعي عند ارتكابها للخطأ المهني والذي مثل له بكل إخالل غير مبرر في تنفيذ‬
‫االنتدابيات القضائية الموجهة اليه وكذلك بكل تأخير عمدي وغير مبرر في إنجازها‪ ‬‬
‫كما تجدر اإلشارة ان الطبيب الشرعي هو مقيد وذلك طبقا للمادة ‪ 10‬بصفته خبير قضايا‬
‫في أحد جداول الخبراء القضائيين لدى محاكم االستئناف فهو يخضع لقانون ‪ 45.00‬إذا‬
‫يعتبر خبيرا قضايا فهو يختص بالتحقيق في نقطة تقنية وفنية ويمنع عليه ابداء اي رأي في‬
‫الجوانب القانونية وهذا ما ينسجم مع مقتضيات قانون ‪ 77.17‬الذي خول للطبيب الشرعي‬
‫من ابداء الرأي الفني والتقنية في الوقائع المعروضة على القضاء والمتمثلة بمجال‬
‫اختصاصه‪.‬‬
‫‪25 sur 33‬‬
‫‪25‬‬
‫وبالرجوع للمادة ‪ 23‬من قانون ‪ 45.00‬فإن كل تأخير غير مبرر في إنجاز الخبرة يشكل‬
‫مخالفة مهنية تعرض الخبير للعقوبة التأديبية كما تعتبر المادة ‪ 35‬من قانون الخبراء‬
‫القضائيين انه يعد مرتكبا لخطأ مهني إذا لم يقبل القيام بالمهمة المساندة اليه أو لم يؤديها‬
‫داخل اآلجال المقررة بعد توجيه إنذار اليه من طرف المحكمة المعنية وذلك دون عذر‬
‫مقبول‪ ‬‬
‫وحسب المادة ‪ 31‬من قانون ‪ 45.00‬فإنه يتم إجراء المتابعات وتتخذ العقوبات التأديبية‬
‫ضد كل خبير ارتكب مخالفة للنصوص القانونية أو التنظيمية التي تتعلق بالخبرة أو أخل‬
‫بواجباته المهنية أو بخصال المروءة والشرف والنزاهة‪.‬‬
‫ويتولى البحث معه في المنسوب اليه من اخلالت الرئيس األول لمحكمة النقض والوكيل‬
‫العام للملك بمحكمة النقض اللذان ينجزان تقريرها مشتركات بشأن كل إخالل المنصوص‬
‫عليه في المادة ‪ 31‬يتضمن األفعال المنسوب اليه وتصريحاته بشأن ووجهة نظرهما‪  ‬وهذا‬
‫ما نصت عليه المادة ‪ 32‬من قانون الخبراء القضائيين وتتجلى اهم العقوبات التأديبية التي‬
‫يتعرض لها في االنذار والتوبيخ والمنع المؤقت من مزاولة الخبرة القضائية لمدة ال تزيد‬
‫عن سنة أو التشطيب من الجدول ‪ ،‬كما يحق له بموجب المادة ‪ 41‬من قانون ‪45.00‬‬
‫الطعن فيها أمام المحكمة اإلدارية‪ .‬كما أنه تقوم عند خرق المنع المنصوص عليه في المادة‬
‫‪ 9‬من قانون ‪77.17‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية للطبيب الشرعي‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 15‬من قانون المسطرة الجنائية على مبدأ سرية البحث والتحقيق ووجوب‬
‫كتمان السر المهني تحت طائلة المسألة الجنائية المنصوص عليها في الفصل ‪ 446‬من ق‪.‬‬
‫ج‬
‫فهذا الفصل يسري أيضا حتى على الطبيب الشرعي ألنه عندما يتم انتدبته من طرف الجهة‬
‫القضائية أو االستعانة به من طرف ضابط الشرطة القضائية فإنه يكون‪ ‬مساهم في إجراءات‬
‫المسطرة وبتالي يجب عليه االلتزام بقواعد السر المهني وهذا ما تؤكده المادة ‪ 8‬من قانون‬
‫‪ 77.17‬كما يمنع عليه أن يبلغ اي معلومات مستخرج من الملفات أو نشرها مع استثناء من‬
‫هذا المنع الجهة القضائية‪  .‬وإذا أخل الطبيب الشرعي بالسر المهني فإنه يتعرض للعقوبات‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 446‬من مجموعة القانون الجنائي‪ ‬والعقوبة الحبس من شهر‬
‫‪26 sur 33‬‬
‫‪26‬‬
‫إلى ‪ 6‬أشهر وغرامة مالية من ‪ 1200‬إلى ‪ 20000‬درهم وذلك بصرف النظر عن‬
‫العقوبات التأديبية المرتبطة بوظيفته كموظف عمومي‬
‫كما تنص أيضا مقتضيات المادة ‪ 36‬من قانون ‪ 77.17‬انه كل طبيب ممارس للطب‬
‫الشرعي منتدب بمقتضى مقرر قضائي أخل بواجب كتمان السر المهني يعد مرتكبا لجريمة‬
‫إفشاء السر المهني المعاقب عليها في نصوص مجموعة القانون الجنائي‬
‫األكثر من ذلك فإن المسؤولية الجنائية للطبيب الشرعي تقوم عن الجرائم األخرى المرتبطة‬
‫بالقتل الخطأ والجرح الخطأ والرشوة وتزوير الشواهد الطبيبة وذا االمتناع عن عدم تقديم‬
‫مساعدة لشخص في خطر أو تقديم بيانات كاذبة من مرض أو عاهة أو سبب وفاة أو شهادة‬
‫الزور وغيرها من الجرائم‪.‬‬

‫‪27 sur 33‬‬


‫‪27‬‬
‫خاتمة‬

‫ال شك ان موضوع الطب الشرعي يعد من أهم المواضيع التي تشكل صرحا في نظام‬
‫العدالة الجنائية‪ .‬إذا يعد من أهم محاوره وكذا أبرز التخصصات الهامة ويعزى ذلك إلى‬
‫التقاطع وااللتقاء الحاصل بين مختلف التخصصات كالعلوم القانونية باألخص الجنائية‬
‫وحقوق اإلنسان‬
‫لذا فإنه يبقى دوره مهما في تحقيق العدالة الجنائية من خالل المساعدة على اإلدارة الفعالة‬
‫لسير القضايا الزجرية وكذا قدرته على التأثير على األحكام والقرارات القضائية وأيضا‬
‫قدرته على التكييف القانوني للوقائع وهذا ما يؤكد األهمية القصوى التي يؤديها الطب‬
‫الشرعي داخل نظام العدالة الجنائية‬
‫توصلت من خالل دراسة موضوع الطب الشرعي كآلية من آليات التحقيق الجنائي أن‬
‫الكشف عن الجريمة السيما في مرحلة التحقيق الجنائي في الجرائم التي تمس بجسم األنسان‬
‫سواء كانت جرائم عمدية أو غير عمدية يحتاج إلى خبرة طبية شرعية يقوم بها الطبيب‬
‫الشرعي بأمر يتلقاه من جهات التحقيق حيث يعود إلى الطبيب الشرعي الدو ر الفعال في‬
‫توجيه قناعة قاضي التحقيق في اتخاذه القرار فيما يخص الواقعة اإلجرامية حيث أصبح‬
‫تصرف جهات التحقيق الجنائي في القضايا ذات الطابع الفني الطبي مرهون بنتائج الخبرة‬
‫الطبية الشرعية ‪ ،‬وعلى ذلك أصبح التعاون بين الطب و القضاء أمرا حتميا ‪ .‬وقد خلصت‬
‫من خالل هذه الدراسة إلى جملة من النتائج والتوصيات أوجزها فيما يلي‪:‬‬

‫‪28 sur 33‬‬


‫‪28‬‬
‫‪-‬النتائــــج ‪:‬‬

‫أن الطب الشرعي هو ذلك العلم الذي يساعد العدالة عموما وجهات التحقيق‬ ‫‪‬‬
‫خصوصا في كشف مالبسات الجرائم ذات الطابع الفني الطبي‪.‬‬
‫ان مهمة الطبيب الشرعي ال تخرج عن المسائل الفنية البحتة وال يمكنه البت في‬ ‫‪‬‬
‫مسائل ذات طابع قانوني حيث يقوم بمهامه تحت مراقبة قاضي التحقيق‪.‬‬
‫أن الطبيب الشرعي يتصل بجهات التحقيق بموجب أمر بإجراء خبرة طبية شرعية‬ ‫‪‬‬
‫والتي نظم المشرع إجراءات سيرها بموجب قانون‪.‬‬

‫أن جهات التحقيق تلجأ إلى الطب الشرعي كآلية من آليات التحقيق الجنائي للكشف‬ ‫‪‬‬
‫عن جرائم االعتداء على حياة اإلنسان وسالمة جسمه ال سيما ما تعلق بالضرب‬
‫والجرح وغيرها كما يتدخل أيضا في الكشف عن جرائما االعتداء على عرضه‬
‫أيضا‪.‬‬
‫باإلضافة إلى حماية الطبيب الشرعي فإنه يترتب عليه مسؤولية تأديبية عن جرائم‬ ‫‪‬‬
‫عديدة أهمها جريمة إفشاء السر المهني وجريمة الرشوة‪ ،‬يتحمل الطبيب الشرعي‬
‫المسؤولية المدنية إذا أخل بالتزامه وسبب ضررا‪ ،‬وقد استقر الفقه على أنها‬
‫مسؤولية تقصيرية تقوم على أركان‪ .‬هي الخطأ والضرر والعالقة السببية بين الخطأ‬
‫والضرر‬

‫التوصيــــات‪:‬‬
‫إدراج الطب الشرعي كمقياس يدرس لطلبة الحقوق على كل المستويات السيما في‬ ‫‪‬‬
‫كليات الحقوق وفي المعاهد المتخصصة‪ b‬بتكوين الطلبة القضاة ودورات التكوين‬
‫الخاصة بالحصول على شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة حتى يتسنى معرفة المجاالت‬
‫التي يجب فيها اللجوء إلى هذه اآللية ‪.‬‬
‫يستحسن إجراء زيارات ميدانية من قبل القضاة خالل فترة تكوينهم لمصلحة الطب‬ ‫‪‬‬
‫للتعرف عن قرب على عمل الطبيب الشرعي ومعرفة مدى أهمية‪ ،‬الشرعي‬
‫بالمستشفيات عمله في مجال اإلثبات الجنائي‪.‬‬

‫‪29 sur 33‬‬


‫‪29‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫القران الكريم‬

‫الكتب‪:‬‬

‫شافعي عبيدي ‪،‬الطب الشرعي ًواالدلة الجنائية ‪،‬دار الهدى ‪.‬‬

‫محمد عمادة ‪،‬مبادىء الطب الشرعي دار الكتب ‪،‬مصر ‪. 1998‬‬

‫حسين علي شحرور ‪،‬الدليل الطبي الشرعي ومسرح الجريمة الطبعة االولى ‪2006،‬‬

‫حسين عبد السالم جابر ‪،‬التقرير الطبي بإصابة المجني عليه و أتره في اإلثبات الدعوين‬
‫الجنائية و المدنية ‪،‬دار الكتب القانونية ‪.1998‬‬

‫أحمد باعز ‪ ،‬الطب الشرعي ودوره في اإلثبات الجنائي‪ ،‬مذكرة ماجستير‪،‬‬

‫تخصص قانون طبي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‬

‫تلمسان‪ /‬الجزائر‪.‬‬

‫‪30 sur 33‬‬


‫‪30‬‬
‫‪ -‬جمال بارز ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلم القانونية‪،‬‬

‫جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‬

‫بدر بن سرور الحربي‪ ،‬دور الطب الشرعي في تكييف الواقعة الجنائية ( دراسة تطبيقية)‪،‬‬
‫جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ـ كلية الدراسات العليا ‪ /‬قسم السياسة الجنائية‪ ،‬الرياض‬
‫سنة ‪ ،2012‬ص ‪.15‬‬

‫ـ منصور عمر المعايطة‪ ،‬الطب الشرعي في خدمة األمن والقضاء‪.‬‬

‫قانون رقم ‪ 77.17‬يتعلق بتنظيم ممارسة مهام الطب الشرعي‪.‬‬

‫سعيد بوطويل الطب الشرعي قراءة في قانون رقم ‪.77.17‬االصدار األول‪ .‬الجزء األول‪ .‬الطبعة األولى‬

‫‪ 2021‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ..‬دار اآلفاق‪ .‬الدار البيضاء‪ ..‬ص‪.158‬‬

‫‪31 sur 33‬‬


‫‪31‬‬
‫الفهرس‬

‫‪32 sur 33‬‬


‫‪32‬‬

You might also like