You are on page 1of 17

‫المحور األول‪ :‬الطب الشرعي‬

‫تعريف الطب الشرعي ‪:‬‬


‫تعددت التعريف التي تطرقت للطب الشرعي فيعرف بأنه " العلم الذي يسخر المعارف الطبية‬
‫لفائدة االجراءات القانونية"‪.1‬‬
‫و هو أيضا ‪ ":‬العلم الذي يمثل العالقة بين الطب و القانون‪ ،‬و ترتكز هذه العالقة على ما يحتاج‬
‫إليه القانون من الطب‪ ،‬و ما يحتاج إليه الطب من القانون‪ ،‬إذ يختص بإيضاح المسائل العلمية التي‬
‫تنظر أمام القضاء"‪.2‬‬
‫كما يعرف بأنه ‪ ":‬فرع طبي تطبيقي يختص ببحث كافة المعارف و الخبرات الطبية الشرعية و‬
‫تطبيقها بهدف تفسير و إيضاح و حل كل ما يتعلق باألمور الفنية و الطبية الشرعية للقضايا و‬
‫المسائل التي يكون موضوع التحقيق المنازعة القضائية فيها تتعلق بالجسم البشري و ما يقع عليه‬
‫من اعتداء"‪.3‬‬
‫و يعرف كذلك بأنه ‪ ":‬فرع من فروع الطب المتعددة يختص في تطبيق العلوم الطبية خدمة للكثير‬
‫من المسائل القضائية التي ال يستطيع القاضي البث فيها بعيدا عنه"‪.4‬‬
‫و هو أيضا " فرع من الفروع الطبية الذي يهدف إلى إيضاح المسائل الفنية البحتة و إفادة الجهة‬
‫اآلمرة بالخبرة بكل ما من شأنه أن يساهم في توضيح الغموض خاصة بالنسبة للمسائل التي‬
‫يستعصي معرفتها‪ ،‬و هو ما يؤدي إلى الوصول إلى الحقيقة و الكشف عن الجريمة"‪.5‬‬
‫أهداف الطب الشرعي‪:‬‬
‫يعمد الطب الشرعي إلى تحقيق عدة أهداف من بينها إثبات وقوع الجريمة من عدمها‪ ،‬فالهدف من‬
‫االستعانة بالطب الشرعي هو التأكيد بوقوع الجريمة خصوصا في حاالت الوفاة المشتبه فيها‪ ،‬فإذا‬
‫مات شخص ألسباب مجهولة باعثة على الشبهة فإن البينة الطبية القائمة على أساس الكشف الطبي‬
‫الشرعي على الجثة أو تشريحها و إجراء الفحوصات المخبرية الالزمة هي التي تحدد إذا ما كان‬
‫هذا الشخص قد مات نتيجة جريمة قتل أو ألسباب مرضية‪ ،‬و إيجاد العالقة السببية التي يقصد بها‬
‫تلك العالقة القائمة بين الجاني و األداة المستخدمة في الجريمة من جهة‪ ،‬و بينها و بين المجني عليه‬
‫و اإلصابة من جهة أخرى‪ ،‬و كذا بيان مدى مسؤولية المتهم في الجريمة‪ ،‬أي إيجاد العالقة بين‬
‫المتهم و الجريمة من خالل وجود أداة تربط المتهم بالجريمة‪ ،‬إلى جانب ضبط اآلثار المادية و‬
‫األدلة الجنائية‪ ،‬من خالل القيام بعملية المعاينة لمسرح الجريمة أو الكشف على المصاب أو المجني‬
‫عليه في مكان المعاينة‪ ،‬باإلضافة إلى الحصول على التقرير الطبي الشرعي الذي يتضمن إجابة‬

‫‪ - 1‬يحي بن لعلى‪ ،‬الطب الشرعي‪ ،‬المجلس األعلى للغة العربية‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ - 2‬منيرة بشقاوي‪ ،‬الطب الشرعي و دوره في إثبات الجريمة‪ ،‬رسالة ماجستير في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر ‪،1‬‬
‫‪ ،2015/2014‬ص ‪.09‬‬
‫‪ - 3‬منصور عمر المعايطة‪ ،‬الطب الشرعي في خدمة األمن و القضاء‪ ،‬مركز الدراسات و البحوث‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم‬
‫األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،2007 ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ - 4‬حسين علي شحرور‪ ،‬الطب الشرعي ‪ -‬مبادئ و حقائق‪ ،‬بدون د ن ‪ ،‬بدون س ن‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ - 5‬منيرة بشقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪1‬‬
‫عن مختلف التساؤالت التي تهم سلطات التحقيق أو القضاء فيما يتعلق بالواقعة أو الجريمة‬
‫المرتكبة‪.1‬‬
‫مجاالت الطب الشرعي‪:‬‬
‫تتعدد و تتنوع مجاالت الطب الشرعي‪ ،‬نميز من بينها ما يلي‪:2‬‬
‫الطب الشرعي االجتماعي ‪ :‬يتدخل الطب الشرعي هنا في إطار اجتماعي من خالل دراسة العالقة‬
‫الموجودة بين الطب الشرعي و القوانين االجتماعية كقانون العمل‪ ،‬الضمان االجتماعي‪...‬‬
‫الطب الشرعي الوظيفي ‪ :‬بمفهوم الوظيفية‪ ،‬يهتم بالعالقة بين الطبيب الشرعي و وظيفته‪ :‬تنظيمها‪،‬‬
‫الممارسة غير الشرعية‪ ،‬أخالقيات المهنة‪...‬‬
‫الطب الشرعي القضائي ‪ :‬يتعلق بدراسة العالقة ما بين الطب الشرعي و القضاء‪.‬‬
‫الطب الشرعي الخاص ‪ :‬يدرس الجثة و عالمات الموت‪.‬‬
‫الطب الشرعي الجنائي ‪ :‬يهتم بدراسة اآلثار التي يتركها الجاني في مسرح الجريمة‪.‬‬
‫الطب الشرعي التسممي ‪ :‬يتناول الموضوعات و القضايا المتعلقة بالسموم و البحث عن آثارها في‬
‫الجسم‪.‬‬
‫عالقة الطب الشرعي بالعلوم و االختصاصات األخرى ‪:‬‬
‫يرتبط الطب الشرعي بعدة علوم و اختصاصات طبية أخرى‪ ،‬حيث أنه يرتبط بمجاالت علمية كعلم‬
‫االنسان‪ ،‬و علم األسلحة الحديثة‪ ،‬و كذا علم الصيدلة و مواد التجميل‪ ،‬و كذا باختصاصات طبية‬
‫كالجراحة كالعامة و الصدرية و العظمية و التجميلية و غيرها‪ ،‬إلى جانب زراعة األعضاء‪ ،‬مما‬
‫يبرز المهمة المعقدة و المتنوعة للطب الشرعي كونه يمثل مجاال واسعا تتداخل فيه مختلف العلوم‪.‬‬
‫تعريف الطبيب الشرعي‪:‬‬
‫يعرف الطبيب الشرعي بأنه " طبيب مختص متحصل على شهادة في الطب الشرعي‪ ،‬و هو أحد‬
‫المساعدين لجهاز العدالة‪ ،‬يمارس مهامه في إطار قانوني محدد‪ ،‬و يتدخل طبقا لألحكام المنصوص‬
‫عليها في النصوص القانونية المعمول بها السيما القانون ‪ 11-18‬المؤرخ في ‪ 02‬جويلية ‪2018‬‬
‫المتعلق بالصحة المعدل و المتمم‪ ،‬و القانون رقم ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪ 2008‬المتضمن‬
‫قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية المعدل و المتمم‪ ،‬و األمر رقم ‪ 155-66‬المتضمن قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية المعدل و المتمم‪ ،‬و األمر رقم ‪ 156-66‬المتضمن قانون العقوبات المعدل و‬
‫المتمم‪.‬‬
‫يتميز الطبيب الشرعي بعدة مميزات تساعده على أداء مهامه على أكمل وجه كالموضوعية‪ ،‬و‬
‫الحذر‪ ،‬و االستقامة‪ ،‬إلى جانب االلتزام بالسر المهني‪.‬‬

‫‪ - 1‬منصور عمر المعايطة‪ ،‬الطب الشرعي في خدمة األمن و القضاء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.31-29‬‬
‫‪ - 2‬مالك نادي سالم صبارنة‪ ،‬دور الطب الشرعي و الخبرة الفنية في إثبات المسؤولية الجزائية‪ ،‬رسالة ماجستير في القانون‬
‫العام‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ ،2011 ، ،‬ص ص ‪.14-13‬‬
‫‪2‬‬
‫مهام الطبيب الشرعي‪:‬‬
‫تتنوع مهام الطبيب الشرعي‪ ،‬حيث نبرز أهمها كما يلي‪:1‬‬
‫‪ -‬معاينة مكان الجريمة و فحص األشياء المادية الموجودة بمكان وقوع الجريمة أو التي تم العثور‬
‫عليها كبقع الدم‪ ،‬الشعر‪...‬‬
‫‪ -‬فحص جميع المضبوطات من أسلحة نارية و غيرها‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء الفحوصات الطبية على المصابين في قضايا الجنح و الجنايات‪ ،‬مع تبيان وصف اإلصابة‬
‫و نوعها و سببها و تاريخها‪ ،‬مع فحص المعتدى عليه جنسيا‪.‬‬
‫‪ -‬فحص الضحية و تشريح الجثة لتحديد سبب الوفاة و كيفية حدوثها‪ ،‬و كذا معرفة مدى عالقة‬
‫الوفاة باإلصابات الموجودة على الجثة‪.‬‬
‫‪ -‬استخراج الجثة المشتبه في وفاتها بعد دفنها إلعادة تشريحها و فحصها‪.‬‬
‫‪ -‬فحص المتهم لتقدير درجة المسؤولية أثناء الفعل‪ ،‬من خالل فحص حالته العقلية و النفسية و‬
‫معرفة مدى سالمتها‪ ،‬قصد تحديد ما يتوجب تجاه المتهم‪.‬‬
‫شروط اختيار الخبير القضائي‪:‬‬
‫حسب المادة ‪ 2‬من المرسوم التنفيذي ‪ 310-95‬المؤرخ في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1995‬المحدد لشروط‬
‫التسجيل في قوائم الخبراء القضائيين و كيفياته‪ ،‬يتم اختيار الخبير القضائي من بين الخبراء‬
‫المسجلين في ق ائمة الخبراء القضائيين الموافق عليها من قبل وزير العدل في دائرة اختصاص‬
‫المجلس القضائي‪ ،‬كما يمكن تعيينه استثناء لممارسة مهامهم خارج اختصاص المجلس الذي ينتمون‬
‫إليه‪ ،‬غير أنه يجوز للجهة القضائية في إطار اإلجراءات القضائية و في حالة الضرورة تعيين خبير‬
‫ال يوجد اسمه في قوائم الخبراء القضائيين‪.‬‬
‫حسب المادة ‪ 4‬من المرسوم ‪ 310-95‬يجوز أن يسجل في قائمة الخبراء القضائيين أي شخص‬
‫طبيعي توفرت فيه الشروط اآلتي ذكرها ‪:‬‬
‫‪ -‬الجنسية الجزائرية مع مراعاة االتفاقيات الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬الحصول على شهادة جامعية و تأهيل مهني معين في االختصاص الذي يطلب التسجيل فيه‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يكون قد تعرض لعقوبة نهائية بسبب ارتكابه وقائع مخلة باآلداب العامة أو الشرف‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يكون قد تعرض لإلفالس أو التسوية القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يكون ضابطا عموميا وقع خلعه أو عزله أو محاميا شطب اسمه من نقابة المحامين‪،‬‬
‫أو موظفا عزل بمقتضى إجراء تأديبي بسبب ارتكابه وقائع مخلة باآلداب العامة أو الشرف‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يكون قد منع بقرار قضائي من ممارسة المهنة‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون قد مارس هذه المهنة أو هذا النشاط في ظروف سمحت له أن يتحصل على تأهيل‬
‫كاف لمدة ال تقل عن سبع ‪ 7‬سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬أن تعتمده السلطة الوصية في اختصاصه أو يسجل في قائمة تعدها هذه السلطة‪.‬‬

‫‪ - 1‬وردة دالل‪ ،‬الطب الشرعي و دوره في إثبات جرائم العنف في التشريع الجزائري‪ ،‬مجلة القانون و المجتمع‪ ،‬المجلد ‪ ،08‬العدد‬
‫‪ ،2020 ،02‬ص ‪.36‬‬
‫‪3‬‬
‫بعض النصوص القانونية المنظمة لمهنة الطب الشرعي‪:‬‬
‫نظمت العديد من النصوص القانونية مهنة الطب الشرعي‪ ،‬فهناك من أبرزها بوضوح و أفرد لها‬
‫مواد قانونية بمسماها الطب الشرعي‪ ،‬و هناك من النصوص من ذكرها باعتبارها تندرج ضمن‬
‫إطار عمل الخبراء‪ ،‬نبرز بعضها كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬األمر رقم ‪ 20-70‬المؤرخ في ‪ 19‬فيفري ‪ 1970‬المتعلق بالحالة المدنية المعدل و المتمم‪:‬‬
‫نص صراحة في المادة ‪ 82‬منه على أنه " إذا لوحظت عالمات أو آثار تدل على الموت بطرق‬
‫العنف أو بطرق أخرى تثير الشك‪ ،‬فال يمكن إجراء الدفن إال بعد أن يقوم ضابط شرطة بمساعدة‬
‫طبيب بتحرير محضر عن حالة الجثة و الظروف المتعلقة بهذه الوفاة‪ ،‬و كذا المعلومات التي‬
‫استطاع جمعها حول أسماء و لقب الشخص المتوفي‪ ،‬و عمره و مهنته‪ ،‬و مكان والدته‪ ،‬و مسكنه"‪.‬‬
‫‪ -2‬القانون ‪ 11-18‬المؤرخ في ‪ 02‬جويلية ‪ 2018‬المتعلق بالصحة المعدل و المتمم‪:‬‬
‫أفرد القانون ‪ 11-18‬المتعلق بالصحة المعدل و المتمم فصال كامال ‪ -‬الفصل السادس ‪ -‬خاصا‬
‫بممارسة الطب الشرعي تضمن المواد ‪ ،204 - 198‬نوجز بعض أحكامها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬يتعين على مهنيي الصحة عند ممارسة مهامهم إعالم المصالح المعنية بحاالت العنف التي اطلعوا‬
‫عليها‪ ،‬و التي تعرض لها السيما النساء و األطفال‪ ،‬المراهقون القصر‪ ،‬و األشخاص المسنون و‬
‫عديمو األهلية‪ ،‬و كذا األشخاص مسلوبي الحرية طبقا للمادة ‪.198‬‬
‫‪ -‬في حالة استعمال ا لعنف على شخص ما‪ ،‬يتعين على كل طبيب إثبات األضرار و الجروح‪ ،‬و‬
‫إعداد شهادة وصفية‪ ،‬و يحدد نسب العجز و األضرار األخرى طبيب مختص في الطب الشرعي‬
‫حسب ما تضمنته المادة ‪.199‬‬
‫‪ -‬في حالة وفاة مشبوهة أو عنيفة أو وفاة في الشارع‪ ،‬و في حالة وفاة بمرض متنقل يمثل خطرا‬
‫كب يرا على الصحة العمومية‪ ،‬ال يسلم الطبيب المعني إال شهادة إلثبات الوفاة‪ ،‬و يخطر السلطات‬
‫المختصة بذلك للقيام بالفحص الطبي الشرعي للجثة حسب ما تضمنته المادة ‪.200‬‬
‫‪ -‬يقوم بالتشريح الطبي الشرعي في الهياكل االستشفائية العمومية طبيب شرعي تعينه الجهة‬
‫القضائية المختصة حسب ما تضمنته المادة ‪.201‬‬
‫‪ -‬عند القيام بأي نزع على جثة في إطار التشريح الطبي الشرعي يجب أن يتحقق الطبيب الذي قام‬
‫بالنزع من إعادة الجثة بصفة الئقة إلى ما كانت عليه حسب ما تضمنته المادة ‪.202‬‬
‫‪ -‬ال يمكن االحتفاظ بجثمان المتوفي على مستوى مصلحة حفظ الجثث لمؤسسة الصحة أكثر من‬
‫خمسة عشر (‪ ) 15‬يوما‪ ،‬و يمكن للنائب العام المختص إقليميا تمديد هذا األجل بخمسة عشر يوما‪،‬‬
‫و بعد انقضاء هذا األجل يجب عليه أن يقرر بشأن مآل الجثمان وفق الكيفيات المحددة عن طريق‬
‫التنظيم حسب ما تضمنته المادة ‪.203‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -3‬القانون رقم ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪ 2008‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية و‬
‫اإلدارية المعدل و المتمم‪:‬‬
‫تطرق قانون اإلجراءات و المدنية و اإلدارية إلى مهنة الطب الشرعي باعتبارها تندرج ضمن فئة‬
‫الخبراء المساعدين لجهاز ا لقضاء‪ ،‬حيث نظمها في القسم الثامن المعنون بـ‪ " :‬الخبرة " ضمن‬
‫المواد ‪ ،145 – 125‬نوضح بعض أحكامها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬حسب المادة ‪ 125‬فإن الخبرة تهدف إلى توضيح واقعة مادية تقنية أو علمية محضة للقاضي‪.‬‬
‫‪ -‬يجوز للقاضي من تلقاء نفسه‪ ،‬أو بطلب من أحد الخصوم تعيين خبير أو عدة خبراء من نفس‬
‫التخصص أو من تخصصات مختلفة حسب ما تضمنته المادة ‪.126‬‬
‫‪ -‬في حالة تعدد الخبراء المعينين يقومون بأعمال الخبرة معا و يعدون تقريرا واحدا‪ ،‬و عند‬
‫االختالف في الرأي‪ ،‬يجب على كل واحد منهم تسبيب رأيه حسب ما تضمنته المادة ‪.127‬‬
‫‪ -‬حسب ما تضمنته المادة ‪ 128‬يجب أن يتضمن الحكم اآلمر بإجراء الخبرة‬
‫العناصر اآلتي ذكرها ‪:‬‬
‫‪ -‬عرض األسباب التي بررت اللجوء إلى الخبرة‪ ،‬و عند االقتضاء تبرير تعيين عدة خبراء‪.‬‬
‫‪ -‬بيان اسم و لقب و عنوان الخبير أو الخبراء المعينين‪ ،‬مع تحديد االختصاص‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد مهمة الخبير تحديدا دقيقا‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد أجل إيداع تقرير الخبرة بأمانة الضبط‪.‬‬
‫‪ -‬يؤدي الخبير غير المقيد في قائمة الخبراء اليمين أمام القاضي المعين في الحكم اآلمر بالخبرة‪،‬‬
‫و تودع نسخة من محضر أداء اليمين في ملف القضية حسب ما تضمنته المادة ‪.131‬‬
‫‪ -‬إذا رفض الخبير إنجاز المهمة المسندة إليه أو تعذر عليه ذلك استبدل بغيره بموجب أمر على‬
‫عريضة صادر عن القاضي الذي عينه‪ ،‬و إذا قبل الخبير المهمة و لم يقم بها أو لم ينجز تقريره أو‬
‫لم يودعه في اآلجال المحددة جاز الحكم عليه بكل ما تسبب فيه من مصاريف‪ ،‬و عند االقتضاء‬
‫الحكم عليه بالتعويضات المدنية عالوة على استبداله حسب ما تضمنته المادة ‪.132‬‬
‫‪ -‬حسب ما تضمنته المادة ‪ 133‬إذا أراد أحد الخصوم رد الخبير المعين‪ ،‬يقدم عريضة تتضمن‬
‫أسباب الرد توجه للقاضي الذي أمر بالخبرة خالل ثمانية (‪ )08‬أيام من تاريخ تبليغه بهذا التعيين‪،‬‬
‫و يفصل دون تأخير في طلب الرد بأمر غير قابل ألي طعن‪ ،‬و ال يقبل الرد إال بسبب القرابة‬
‫المباشرة أو القرابة غير المباشرة أو ألي سبب جدي آخر‪.‬‬
‫‪ -‬حسب المادة ‪ : 135‬فيما عدا الحاالت التي يستحيل فيها حضور الخصوم بسبب طبيعة الخبرة‪،‬‬
‫يجب على الخبير إخطار الخصوم بيوم و ساعة و مكان إجرائها عن طريق محضر قضائي‪.‬‬
‫‪ -‬حسب المادة ‪ : 136‬يرفع الخبير تقريرا عن جميع اإلشكاالت التي تعترض تنفيذ مهمته‪ ،‬كما‬
‫يمكنه عند الضرورة طلب تمديد المهمة‪ ،‬و يأمر القاضي باتخاذ أي تدبير يراه ضروريا‪.‬‬
‫‪ -‬حسب المادة ‪ :137‬يجوز للخبير أن يطلب من الخصوم تقديم المستندات التي يراها ضرورية‬
‫إلنجاز مهمته دون تأخير‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫يطلع الخبير القاضي على أي إشكال يعترضه‪ ،‬و يمكن للقاضي أن يأمر الخصوم تحت طائلة‬
‫غرامة تهديدية بتقديم المستندات‪.‬‬
‫يجوز للجهة القضائية أن تستخلص اآلثار القانونية المترتبة على امتناع الخصوم عن تقديم‬
‫المستندات‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ :138‬يسجل الخبير في تقريره على الخصوص ‪:‬‬
‫‪ -‬أقوال و مالحظات الخصوم و مستنداتهم‪.‬‬
‫‪ -‬عرض تحليلي عما قام به و عاينه في حدود المهمة المسندة إليه‬
‫‪ -‬نتائج الخبرة‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ : 141‬إذا تبين للقاضي أن العناصر التي بنى عليها الخبير تقريره غير وافية له أن يتخذ‬
‫جميع اإلجراءات الالزمة‪ ،‬كما يجوز له على الخصوص أن يأمر باستكمال التحقيق أو بحضور‬
‫الخبير أمامه ليتلقى منه اإليضاحات و المعلومات الضرورية‪.‬‬
‫‪ -‬األمر رقم ‪ 156-66‬المتضمن قانون العقوبات المعدل و المتمم‪:‬‬
‫أدرج قانون العقوبات عدة أحكام عند إخالل الطبيب الشرعي بواجبه بصفته طبيب و كذا بصفته‬
‫خبير‪ ،‬نبرز بعضها كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أكدت المادة ‪ 226‬على أن كل طبيب قرر كذبا بوجود أو بإخفاء وجود مرض أو عاهة أو حمل‬
‫أو أعطى بيانات كاذبة عن مصدر مرض أو عاهة أو عن سبب لوفاة و ذلك أثناء تأدية أعمال‬
‫وظيفته‪ ،‬و بغرض محاباة أحد األشخاص يعاقب بالحبس لمدة من سنة إلى ثالث سنوات ما لم يكن‬
‫الفعل إحدى الجرائم األشد المنصوص عليها في المواد ‪ 126‬إلى ‪.134‬‬
‫‪ -‬حسب المادة ‪ 238‬فإن الخبير المعين من السلطة القضائية الذي يبدي شفاها أو كتابة رأيا كاذبا‬
‫أو يؤيد وقائع يعلم أنها غير مطابقة للحقيقة‪ ،‬و ذلك في أية حالة كانت عليها اإلجراءات تطبق عليه‬
‫العقوبات المقررة لشهادة الزور‪.‬‬
‫‪ -‬األمر رقم ‪ 155-66‬المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية المعدل و المتمم‪:‬‬
‫عمد قانون اإلجراءات الجزائية إلى التطرق للطب الشرعي في إطار الخبراء المساعدين لجهاز‬
‫القضاء‪ ،‬حيث نظم الخبرة في المواد ‪ ،156 - 143‬نوجز بعض أحكامها كما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬حسب المادة ‪ 143‬فلجهات التحقيق أو الحكم عندما تعرض لها مسألة ذات طابع فني أن تأمر‬
‫بندب خبير إما بناء على طلب النيابة العامة‪ ،‬و إما من تلقاء نفسها‪ ،‬أو من الخصوم‪.‬‬
‫‪ -‬حسب المادة ‪ 144‬يختار الخبراء من الجدول الذي تعده المجالس القضائية بعد استطالع رأي‬
‫النيابة العامة‪ ،‬و يجوز للجهات القضائية استثناء و بقرار مسبب اختيار خبراء ليسوا مقيدين ضمن‬
‫الجدول أعاله‪.‬‬
‫‪ -‬يؤدي الخبير الذي يختار من خارج الجدول قبل مباشرة مهامه اليمين أمام قاضي التحقيق أو‬
‫القاضي المعين من الجهة القضائية حسب ما تضمنته المادة ‪.145‬‬
‫‪ -‬حسب المادة ‪ 146‬يجب أن تحدد في قرار ندب الخبراء مهمتهم التي ال يجوز أن تهدف إال إلى‬
‫فحص مسائل ذات طابع فني‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬يجوز لقاضي التحقيق ندب خبير أو خبراء‪.‬‬
‫‪ -‬تحدد مدة إنجاز الخبرة في قرار ندب الخبير‪ ،‬و يمكن تمديدها بناء على طلب الخبراء إذا اقتضت‬
‫ذلك أسباب خاصة‪ ،‬و يكون ذلك بقرار مسبب يصدره القاضي أو الجهة التي ندبتهم‪ ،‬مع بقائهم‬
‫على اتصال بقاضي التحقيق أو القاضي المنتدب و إحاطته بكل تطورات األعمال التي يقومون بها‪،‬‬
‫و يمكنوه من كل ما يجعله في كل حين قادر على اتخاذ اإلجراءات الالزمة‪ ،‬حسب ما تضمنته‬
‫المادة ‪.148‬‬
‫‪ -‬و حسب نفس المادة ‪ 148‬فإنه إذا لم يودع الخبراء تقريرهم في الميعاد المحدد لهم جاز في الحال‬
‫استبدالهم بخبراء آخرين‪ ،‬مع إلزامية رد جميع األشياء و الوثائق التي تكون قد عهد بها إليهم على‬
‫ذمة إنجاز مهمتهم في ظرف ‪ 48‬ساعة‪ ،‬إضافة إلى إمكانية اتخاذ إجراءات تأديبية ضدهم قد تصل‬
‫إلى شطب أسمائهم من جدول الخبراء‪.‬‬
‫‪ -‬حسب المادة ‪ 149‬إذا طلب الخبراء االستعانة في مسألة خارجة عن اختصاصهم فيجوز للقاضي‬
‫أن يصرح لهم بضم فنيين يعينون بأسمائهم و يكونون على الخصوص مختارين لتخصصهم‪ ،‬و‬
‫يحلفون اليمين و يرفق تقريرهم كامال بتقرير الخبراء‪.‬‬
‫هيكلة الطب الشرعي‪:‬‬
‫تتمثل هيكلة الطب الشرعي في الجزائر فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬اللجنة الطبية الوطنية للطب الشرعي‪ :‬نصبت بموجب قرار وزاري مشترك في ‪ 01‬جويلية‬
‫‪ ، 1996‬تتسم مهامها بالطابع االستشاري لدى وزارة الصحة من خالل تقديم توضيحات حول ما‬
‫يتعلق بالطب الشرعي‪.‬‬
‫‪ -‬مصلحة الطب الشرعي‪ :‬تتواجد مصلحة الطب الشرعي على مستوى المراكز االستشفائية‬
‫الجامعية أو المستشفيات العمومية‪ ،‬و تكلف بضمان تكوين األطباء الذين يدرسون تخصص الطب‬
‫الشرعي و كذا طلبة كلية الطب‪ ،‬تفتح على مستوى المستشفيات العمومية بموجب قرار من وزير‬
‫الصحة‪ ،‬بينما على مستوى المراكز االستشفائية بموجب قرار وزاري مشترك بين وزارة الصحة‬
‫و وزارة التعليم العالي‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وسائل اتصال الطبيب الشرعي بالعدالة‪:‬‬
‫يعتمد الطبيب الشرعي على عدة وسائل لالتصال بجهاز العدالة‪ ،‬نبرزها كما يلي‪:‬‬
‫التسخيرة‪:‬‬
‫عبارة عن أمر صادر إلى طبيب مقيد بجدول الخبراء للقيام بتنفيذ مهمة ذات طابع فني قضائي‬
‫غالبا ما تتسم بالطابع االستعجالي‪ ،‬و هو أمر في غاية األهمية تقتضيه مرحلة التحريات األولية و‬
‫جمع االستدالالت‪ ، 1‬و تكون التسخيرة في عدة وضعيات و حاالت من بينها رفع الجثة و حالة‬
‫األماكن‪ ،‬حالة الضرب و الجرح‪ ،‬حالة االغتصاب‪ ،‬حالة تحديد نسبة الكحول في الدم‪ ،‬حالة فحص‬
‫األشخاص الموقوفين للنظر‪.2‬‬
‫أكدت العديد من النصوص القانونية على وجوب االمتثال للتسخيرة الصادرة من السلطة العمومية‪،‬‬
‫و هذا ما تضمنته المادة ‪ 178‬من القانون رقم ‪ 11-18‬المتعلق بالصحة المعدل و المتمم حيث نصت‬
‫على أنه يتعين على كل مهنيي الصحة االمتثال لتسخيرات السلطة العمومية‪ ،‬طبقا للتشريع و التنظيم‬
‫المعمول بهما‪ ،‬كما أكد ذات القانون في المادة ‪ 418‬منه على معاقبة كل من يرفض االمتثال لطلبات‬
‫التسخيرة الصادرة عن السلطة العمومية‪.‬‬
‫الخبرة الطبية الشرعية‪:‬‬
‫تعتبر الخبرة الطبية الشرعية من بين وسائل اتصال الطبيب الشرعي بجهاز العدالة‪ ،‬و تهدف إلى‬
‫كشف األدلة باالستعانة بالتقنية المتطورة‪ ،‬و تكون بموجب أمر أو حكم بندب خبير من أجل الفحص‬
‫و إبداء الرأي في المسائل الفنية البحتة و التي ال يستطيع القاضي أن يفصل فيها بنفسه‪.3‬‬
‫عرف المرسوم التنفيذي رقم ‪ 276-92‬المتضمن مدونة أخالقيات الطب الخبرة الطبية في المادة‬
‫‪ 95‬منه حيث أكد بأنها عمل يقدم من خالله الطبيب أو جراح األسنان الذي يعينه قاض أو سلطة أو‬
‫هيئة أخرى مساعدته التقنية لتقدير حالة شخص ما الجسدية أو العقلية‪ ،‬ثم القيام عموما بتقييم التبعات‬
‫التي تترتب عليها آثار جنائية أو مدنية‪.‬‬
‫هذا و قد حددت المادة ‪ 143‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجهات التي لها حق ندب خبير‪ ،‬حيث‬
‫نصت على أنه لجهات التحقيق أو الحكم عندما تعرض لها مسألة ذات طابع فني أن تأمر بندب‬
‫خبير إما بن اء على طلب النيابة العامة‪ ،‬و إما من تلقاء نفسها‪ ،‬أو من الخصوم‪ ،‬أي أن الجهات‬
‫المختصة بندب الخبراء تتمثل في جهات التحقيق و جهات الحكم‪.‬‬

‫‪ - 1‬جمال بيراز‪ ،‬الدليل العلمي في اإلثبات الجنائي‪ ،‬رسالة ماجستير في القانون الجنائي و العلوم الجنائية‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،2014-2013 ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪ - 2‬وردة دالل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ - 3‬منيرة بشقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫‪8‬‬
‫الشهادة الطبية‪:‬‬
‫تعتبر من أهم وسائل اتصال الطبيب الشرعي بجهاز العدالة‪ ،‬و تعد سندا مكتوبا مخصص لمعاينة‬
‫أو تفسير وقائع ذات طابع طبي‪ ،‬و بالنظر ألهمية المعلومات المدرجة ضمنها يتوجب على الطبيب‬
‫الشرعي االلتزام بعدة جوانب عند تحريرها كضرورة توخي الدقة في فحص الضحية قبل تحرير‬
‫أي وثيقة‪ ،‬و منح الشهادة الطبية للضحية نفسها‪ ،‬و كذا ضرورة التحلي بالسر المهني‪ ،‬مع االلتزام‬
‫بالحياد عند تحريرها‪.1‬‬
‫التقرير الطبي الشرعي‪:‬‬
‫يعرف التقرير الطبي الشرعي بأنه " شهادة مكتوبة تتعلق بحادث قضائي جنائي‪ ،‬و تعالج أسباب‬
‫ذلك و ظروفه و نتائجه‪ ،‬و يهيئ بناء على طلب السلطات القضائية"‪.2‬‬
‫و يعرف كذلك بأنه " شرح و تفسير يقوم به الطبيب الشرعي بناء على انتداب النيابة أو المحكمة‬
‫لبيان ظروف و نتائج الحادث في حاالت الكشف عن المصابين‪ ،‬أو في حاالت التشريح‪ ،‬أو‬
‫استخراج الجثث بعد دفنها"‪.3‬‬
‫يتضمن التقرير الطبي الشرعي الديباجة أو المقدمة التي تحتوي على شروحات متضمنة اسم‬
‫الطبيب المنتدب و عنوانه و وظيفته و ساعة استالم االنتداب‪ ،‬و كذا مكان و زمان إجراء الكشف‬
‫و اسم المصاب أو المتوفي و عمره و بياناته‪ ،‬و ملخص عن الوقائع مع ذكر جميع األسئلة الموجهة‬
‫إليه في طلب االنتداب‪ ،‬و كذا صلب التقرير أو الشرح‪ ،‬و يشتمل هذا القسم على وصف الحالة التي‬
‫وجد عليها المصاب وصفا كامال و دقيقا‪ ،‬مع الكشف الظاهري و الباطني للمتوفي‪ ،‬مع االقتصار‬
‫هنا فقط على تدوين ما يشاهده فقط من أوصاف‪ ،‬إلى جانب النتيجة التي يذكر فيها الطبيب الشرعي‬
‫سبب اإلصابة و تاريخ حدوثها و اآللة المستخدمة و مدى تأثيرها‪ ،‬و هنا يتوجب أن يدرج الطبيب‬
‫ما قام باستنتاجه و مما شوهد سواء بالمصاب أو بجثة المتوفي من عالمات و إصابات و ما اتصل‬
‫بها من المعلومات و الشهادات عن الحادث‪ ،‬مع إبداء رأيه عن أسباب اإلصابة أو الوفاة و كذا‬
‫اإلجابة على كل األسئلة التي طلبتها الهيئة المنتدبة‪.4‬‬

‫‪ - 1‬منيرة بشقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.77-76‬‬


‫‪ - 2‬أحمد حاتم أبو ليدة‪ ،‬دور الطب الشرعي في الدعوى الجزائية ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير في القانون العام‪ ،‬كلية‬
‫الدراسات العليا‪ ،‬جامعة النجاح الوطني‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪ ،2017 ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ - 3‬عمرو محمد غانم‪ ،‬أثر الطب الشرعي في تحقيق العدالة الجنائية‪ ،‬المجلد ‪ ،08‬العدد ‪ ،31‬حوليات كلية الدراسات اإلسالمية و‬
‫العربية للبنات‪ ، ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪.578‬‬
‫‪ - 4‬أحمد حاتم أبو ليدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪9‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬الشرطة العلمية‬
‫تعريف الشرطة العلمية ‪:‬‬
‫تعددت تعاريف الشرطة العلمية‪ ،‬فتعرف بأنها " مجموعة من العلوم و األساليب التي تهدف إلى‬
‫إقامة الدليل‪ ،‬من خالل الكشف و استغالل اآلثار" و هي أيضا " مجموعة من المبادئ و األساليب‬
‫التقنية في البحث الجنائي‪ ، ،‬إلثبات وقوع الجريمة و مساعدة العدالة على تحديد هوية مرتكبيها و‬
‫أسلوبهم اإلجرامي"‪.1‬‬
‫و من حيث االجراءات تعرف بأنها " مجموعة األعمال التي تجرى في مسرح الجريمة‪ ،‬من أجل‬
‫جمع و حفظ كل العناصر و اآلثار المادية للحادث االجرامي‪ ،‬قصد استغاللها عمليا بتطبيق مختلف‬
‫الفروع و التقنيات العلمية في دراسة هذه اآلثار و تحليلها لتحديد هوية مرتكب الجريمة و أسلوبه‬
‫االجرامي"‪.2‬‬
‫و تعرف أيضا بأنها‪ ":‬مجموعة التقنيات والمناهج العلمية المستخدمة من طرف األجهزة األمنية‬
‫المتخصصة الرامية إلى البحث والتحري عن الجرائم من خالل تجميع و تحليل األشياء و اآلثار و‬
‫الوثائق المأخوذة من مسرح الجريمة و إيجاد الرابطة الحاسمة بين ذات األثر و بين شخصية الجاني‬
‫أو المجني عليه‪ ،‬و تقديم الدليل القادر على تسبيب إدانته بإجراء بحوث و خبرات و فحوص علمية‬
‫تفيد في الكشف عن مرتكبي الجرائم سواء بطريق مباشر أو بطريق االستنتاج و المنطق‪ ،‬وباللجوء‬
‫إلى التكنولوجيا الدقيقة بغرض إقامة األدلة التي تسمح بالتعرف على مرتكبي الجنايات و الجنح"‪.3‬‬
‫الخبراء التقنيون للشرطة العلمية‪:‬‬
‫يقصد بالخبراء التقنيون للشرطة العلمية أفراد الشرطة العلمية الذين نميز منهم خبراء تقتصر مهامهم‬
‫على العمل بمسرح الجريمة من خالل جمع األدلة و البصمات و اآلثار الجنائية الموجودة في مسرح‬
‫الجريمة‪ ،‬و يعرفون باسم خبراء مسرح الجريمة‪ ،‬و فريق ثان تقتصر مهامه داخل المخابر العلمية‬
‫من خالل فحص اآلثار التي تم رفعها من مسرح الجريمة و يسمون بخبراء المخبر الجنائي‪.‬‬
‫خصائص الشرطة العلمية‪:‬‬
‫تختص الشرطة العلمية بعدة مميزات قصد القيام بمهامهم على أكمل وجه من بينها الطابع العلمي‪،‬‬
‫و هذا ما يتبين من تسميتها‪ ،‬فالعلم هو أساس عملها حيث تعتمد في القيام بأعمالها على العلوم‬
‫األساسية و التطبيقية‪ ،‬و عليه يشترط فيها التحكم و السيطرة على مختلف العلوم‪ ،‬فرغم تاريخها‬
‫الحديث فإن نطاقها في توسع و تطور دائم بظهور فروع جديدة كااللكترونيك و اإلعالم اآللي و‬
‫البيولوجية الجزئية و أشعة الليزر و غيرها‪ ،‬ألن هذا التطور العلمي و التقني الذي أحدث تغييرات‬
‫في نمط حياة االنسان من شأنه أن يشكل عامال النبعاث و تفطن خيال المجرمين مما يتطلب معه‬
‫تكيف الشرطة العلمية مع هذه التغيرات و مسايرتها باستمرار من أجل الوصول إلى إقامة دليل‬

‫‪ - 1‬فريدة سعيدي بشيش‪ ،‬هشام معزوز‪ ،‬دراسة سوسيوقانونية لمهام الشرطة العلمية في التحقيقات الجنائية‪ ،‬مجلة الدراسات‬
‫القانونية‪ ،‬المجلد ‪ ،08‬العدد ‪ ،02‬جامعة يحي فارس ‪ ،‬المدية‪ ،‬جوان‪ ،2022 ،‬ص ‪.952‬‬
‫‪ - 2‬مليكة بهلول‪ ،‬دور الشرطة العلمية و التقنية في الكشف عن الجريمة‪ ،‬رسالة دكتوراه في القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،2013 ،1‬ص ‪.181‬‬
‫‪ -3‬منصور عمر المعايطة‪ ،‬األدلة الجنائية و التحقيق الجنائي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬عمان‪،‬األردن‪ ،2000 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪10‬‬
‫علمي فعال و أكيد‪ ،‬إلى جانب خاصية أخرى تتمثل في الحياد و الموضوعية‪ ،‬حيث أن مهمة‬
‫الشرطة العلمية تتمثل في معاينة مسرح الجريمة و استغالل كل مادياته استغالال مفيدا للخروج‬
‫بنتائج تس لمها للقضاء‪ ،‬فهذه المهمة تسمح بتفسير نتائج التحليل تفسيرا موضوعيا من أجل إظهار‬
‫الحقيقة سواء كانت في مصلحة المتهم أو ضده‪.1‬‬
‫مبررات إنشاء جهاز الشرطة العلمية‪:‬‬
‫تتنوع مبررات إنشاء جهاز الشرطة العلمية‪ ،‬نبرز من بينها ما يلي ‪:‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -‬امتداد آثار الجريمة إلى المساس بالدولة و بمؤسساتها‪ ،‬و حتى بالمجتمع الدولي‪ ،‬إذ لم تعد الجريمة‬
‫تضر بالمجني عليه فقط‪ ،‬بل شملت أضرارها مؤسسات الدولة االقتصادية و السياسية‪ ،‬و كذلك‬
‫المجتمع الدولي من خالل جرائم اإلرهاب الدولي و الجريمة العابرة للحدود‪.‬‬
‫‪ -‬قصور الوسائل التقليدية و األساليب القديمة في مواجهة الجريمة المعاصرة‪ ،‬فالمعرفة القانونية و‬
‫الخبرة الميدانية لوحدهما غير كافيتين للتصدي لهذا النوع من الجرائم‪.‬‬
‫‪ -‬خروج المجرم المعاصر عن النمط اإلجرامي التقليدي و دخوله في النمط الحديث الذي يقوم على‬
‫استغالل و استثمار التطور التكنولوجي و العلمي و تسخير التقنيات و الوسائل الفنية المتطورة في‬
‫سبيل تحقيق أهدافه اإلجرامية‪.‬‬
‫‪ -‬تنوع أساليب ارتكاب الجريمة على شكل غير مألوف في الجريمة التقليدية‪ ،‬مما تبعه ظهور‬
‫أنواع جديدة من الجرائم التي لم تكن معروفة في المجتمعات التقليدية‪ ،‬كالجرائم المعلوماتية التي‬
‫تشكل مجاال جديدا لقانون العقوبات و نميز ضمنها نوعين إحداهما جرائم ترتكب مباشرة على‬
‫تكنولوجيات المعلومات و االتصال‪ ،‬و جرائم ترتكب بواسطة هذه التكنولوجيا‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور علم األدلة الجنائية أو التحقيق الجنائي الفني الذي يتضمن مختلف الفروع العلمية المساعدة‬
‫للبحث و التحقيق الجنائيين‪ ،‬و الذي يتطلب وجود مختصين و فنيين و خبراء لتطبيقه واقعيا‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور الدليل المادي العلمي الذي ارتبط وجوده بالمرحلة األخيرة لإلثبات الجنائي(اإلثبات العلمي)‬
‫و الذي يستدعي وجود مختصين في البحث عنه ميدانيا‪ ،‬و في استخالصه مخبريا عن طريق‬
‫الفحص و التحليل‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد القاضي المعاصر على الوسائل الحديثة إذ لم يعد يعتمد أساسا على األساليب القديمة‪ ،‬و لم‬
‫يعد يكتفي باألدلة التقليدية كشهادة الشهود و االعتراف‪ ،‬و إنما أصبح يعتمد أصال على الدليل‬
‫المستخلص من الخبرة العلمية‪.‬‬
‫الشرطة العلمية في الجزائر‪:‬‬
‫يعد أول ظهور للشرطة العلمية في الجزائر في ‪ 22‬جويلية ‪ 1962‬من خالل إنشاء أول مختبر تابع‬
‫لألمن الوطني‪ ،‬كلف بتحليل األثار المادية للجرائم‪ ،‬و نظرا لتطور الجرائم و الوسائل المستعملة‬
‫فيها‪ ،‬وضع هذا المختبر ميكانيزمات و آليات جديدة لمواكبة هذا التطور‪ ،‬و في سنة ‪ 1999‬تم‬
‫تدشينه بصفته المخبر المركزي للشرطة العلمية‪ ،‬و في سنة ‪ 2004‬تم تدشين مخبر البصمة الوراثية‪.‬‬

‫‪ - 1‬مليكة بهلول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.183-182‬‬


‫‪ - 2‬نفس المؤلف‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.184-183‬‬
‫‪11‬‬
‫هياكل و فروع مخابر الشرطة العلمية و التقنية‬

‫المخبر المركزي للشرطة العلمية‬

‫المصلحة المركزية لمخابر الشرطة العلمية‬ ‫المصلحة المركزية لتحقيق الشخصية‬

‫الدائرة العلمية‬ ‫الدائرة التقنية‬ ‫مكتب الدراسات و‬


‫التكوين‬
‫فرع البيولوجيا و‬ ‫فرع الخطوط و‬
‫مكتب المراقبة و تسيير‬
‫البصمة الوراثية‬ ‫الوثائق‬ ‫المراكز‬

‫فرع مراقبة النوعية‬ ‫فرع األسلحة و‬ ‫مكتب المحفوظات‬


‫الغذائية‬ ‫القذائف‬

‫فرع الكيمياء‬ ‫فرع المتفجرات و‬


‫الشرعية و المخدرات‬ ‫الحرائق‬

‫فرع علم التسمم‬ ‫فرع مقارنة‬


‫األصوات‬
‫فرع الطب الشرعي‬

‫المخابر الجهوية‪ :‬تم إنشاء مخبرين جهويين بكل من قسنطينة و وهران‪ ،‬و يتمتعان بنفس صالحيات‬
‫المخبر المركزي كإجراء التحاليل و الفحوصات لآلثار المادية التي يتم جمعها من مسرح الجريمة‪.‬‬

‫المعهد الوطني للبحث في علم التحقيق الجنائي نظمه كل من ‪:‬‬


‫‪ -‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 432-04‬المؤرخ في ‪ 29‬ديسمبر ‪ 2004‬الصادر في الجريدة الرسمية للج ج د‬
‫ش رقم ‪ 84‬بتاريخ ‪ 29‬ديسمبر ‪.2004‬‬
‫‪ -‬القرار الوزاري المشترك المؤرخ في ‪ 14‬أفريل ‪ 2007‬المتعلق بتنظيم األقسام و المصالح و المخابر‬
‫الجهوية للمعهد الوطني للبحث في علم التحقيق الجنائي الصادر في الجريدة الرسمية للج ج ش د رقم ‪36‬‬
‫بتاريخ ‪ 03‬جوان ‪.2007‬‬

‫المعهد الوطني لألدلة الجنائية و علم اإلجرام التابع للدرك الوطني نظمه‪:‬‬
‫‪ -‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 183-04‬المؤرخ في ‪ 26‬جوان ‪ 2004‬الصادر في الجريدة الرسمية للج ج د ش‬
‫رقم ‪ 41‬بتاريخ ‪ 27‬جوان ‪ ،2004‬المعدل و المتمم بالمرسوم الرئاسي رقم ‪ 118-09‬المؤرخ في ‪ 14‬أفريل‬
‫‪ 2009‬الصادر في الجريدة الرسمية للج ج د ش رقم ‪ 24‬بتاريخ ‪ 22‬أفريل ‪.2009‬‬

‫‪12‬‬
‫دور الشرطة في تحليل اآلثار الجنائية‬

‫اآلثار المادية غير البيولوجية‬ ‫اآلثار المادية البيولوجية‬

‫األسلحة النارية‬ ‫آثار بيولوجية أخرى‬ ‫البقع الحيوية‬ ‫البصمات‬

‫آثار الشعر‬ ‫البقع اللعابية‬ ‫األصابع‬


‫اآلالت و المركبات‬

‫البقع الدموية‬ ‫األقدام‬


‫الزجاج و األتربة‬ ‫العرق‬

‫البقع المنوية‬ ‫األذن‬


‫فضالت االنسان‬
‫الشفاه‬
‫البصمة الوراثية‬
‫األسنان‬

‫األظافر‬

‫‪13‬‬
‫البصمة‬ ‫الوراثية‪:‬‬
‫في سياق التطرق للبصمة الوراثية‪ ،‬سنعمد إلى تعريفها و إيضاح خصائصها‪ ،‬مع إبراز شروطها‬
‫و كيفيات استعمالها‪ ،‬كما يلي‪:‬‬
‫تعريف البصمة الوراثية‪:‬‬
‫تعرف البصمة الوراثية على أنها " الهوية الوراثية األصلية الثابتة لكل إنسان‪ ،‬و التي يتم التوصل‬
‫إليها عن طريق التحليل الوراثي"‪.1‬‬
‫و هي أيضا " الصفات الوراثية التي تنتقل من األصول إلى الفروع و التي من شأنها تحديد شخصية‬
‫كل فرد عن طريق تحليل جزء من حمض ‪ ADN‬الذي تحتوي عليه خاليا جسمه"‪.2‬‬
‫و قد عرفها المشرع الجزائري بأنها "تسلسل في المنطقة غير المشفرة من الحمض النووي"‪.3‬‬
‫خصائص البصمة الوراثية‪:‬‬
‫تتنوع خصائص البصمة الوراثية بين خصائص بيولوجية كخصوصية البصمة الوراثية و عدم‬
‫اتفاقها أو تشابهها من شخص آلخر‪ ،‬و كذا تطابقها في جميع خاليا جسم الشخص الواحد‪ ،‬وأخرى‬
‫علمية كدقة النتائج التي تقدمها البصمة الوراثية في تحديد صاحبها‪ ،‬و اعتبارها دليل نفي أو إثبات‪.4‬‬
‫شروط و كيفيات استعمال البصمة الوراثية‪:‬‬
‫أدرج القانون رقم ‪ 03-16‬في مواده من ‪ 03‬إلى ‪ 08‬أحكام تتضمن شروط و كيفيات استعمال‬
‫البصمة الوراثية من بينها ضرورة احترام كرامة األشخاص و حرمة حياتهم الخاصة و حماية‬
‫معطياتهم الشخصية في مختلف مراحل أخذ العينات البيولوجية و استعمال البصمة الوراثية‪ ،‬على‬
‫أن تؤخذ العينات البيولوجية من قبل ضباط و أعوان الشرطة القضائية من ذوي االختصاص‪ ،‬وكذا‬
‫األشخاص المؤهلين لهذا الغرض تحت إشراف ضباط الشرطة القضائية‪ ،‬إلى جانب األشخاص‬
‫المسخرين من طرف السلطة القضائية‪ ،‬باإلضافة إلى إلزامية إجراء التحاليل الوراثية على العينات‬
‫البيولوجية من قبل مخابر و خبراء معتمدين‪ ،‬على أن يكون األمر الصادر بأخذ العينات البيولوجية‬
‫صادر من قبل األشخاص المخولين قانونا و هم وكالء الجمهورية و قضاة التحقيق و قضاة الحكم‪،‬‬
‫و يجوز هنا لضباط الشرطة القضائية في إطار تحرياتهم طلب أخذ عينات بيولوجية و إجراء تحاليل‬
‫وراثية عليها بعد الحصول على إذن مسبق من السلطة القضائية المختصة‪.‬‬
‫هذا و أفرد القانون ‪ 03-16‬المذكور أعاله في المادة ‪ 05‬منه جوازية أخذ العينات البيولوجية‬
‫للحصول على البصمة الوراثية من بعض الفئات من بينهم األشخاص المشتبه في ارتكابهم جنايات‬
‫أو جنح ضد أمن الدولة أو ضد األشخاص أو اآلداب العامة أو األموال أو النظام العمومي أو‬

‫‪ - 1‬كمال بوشنيق‪ ،‬الضمانات العلمية و القانونية الستخدام البصمة الوراثية‪ ،‬مجلة المنار للدراسات و البحوث القانونية و السياسية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،06‬العدد ‪ ، 1‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة يحي فارس‪ ،‬المدية‪ ،‬جوان‪ ،2022 ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ - 2‬عاسية زروقي‪ ،‬طرق اإلثبات في ظل قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬أطروحة دكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة الدكتور موالي الطاهر‪ ،‬سعيدة‪ ،2018/2017 ،‬ص ‪.308‬‬
‫‪ - 3‬المادة األولى من القانون ‪ 03-16‬المؤرخ في ‪ 19‬جوان ‪ 2016‬المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في االجراءات القضائية‬
‫التعرف على األشخاص‪ ،‬الصادر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية رقم ‪ 37‬بتاريخ ‪ 22‬جوان ‪،2016‬‬
‫ص ‪.5‬‬
‫‪ - 4‬كمال بوشنيق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪14‬‬
‫الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة المخدرات أو قانون مكافحة تبييض األموال و تمويل‬
‫اإلرهاب أو أي جناية أو جنحة أخرى إذا رأت الجهة القضائية المختصة ضرورة لذلك‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى األشخاص المشتبه في ارتكابهم اعتداءات على األطفال أو المحكوم عليهم نهائيا من أجل هذه‬
‫األفعال‪ ،‬و كذا ضحايا الجرائم‪ ،‬إلى جانب األشخاص اآلخرين المتواجدين بمكان الجريمة لتمييز‬
‫آثارهم عن آثار المشتبه فيهم‪ ،‬هذا و تجدر اإلشارة هنا إلى أن أخذ العينات البيولوجية من المحبوسين‬
‫المحكوم عليهم نهائيا يكون بإذن من النيابة العامة التي توجد المؤسسة العقابية بدائرة اختصاصها‪،‬‬
‫كما أنه ال يمكن أخذ العينات البيولوجية من الطفل إال بحضور أحد والديه أو وصيه أو الشخص‬
‫الذي يتولى حضانته أو من ينوب عنهم قانونا‪ ،‬و في حالة عدم إمكان ذلك يكون أخذ العينات‬
‫البيولوجية بحضور ممثل النيابة العامة المختصة‪.‬‬
‫مفهوم مسرح الجريمة ‪:‬‬
‫يعرف مسرح الجريمة بأنه مكان ارتكاب الجريمة‪ ،‬و عرفه البعض اآلخر بأنه يمتد إلى األماكن‬
‫المحيطة به و أماكن اإلخفاء‪ ،‬و عرفه آخرون بأنه المكان أو مجموع األماكن التي تشهد مراحل‬
‫الجريمة من إعداد و تحضير و تنفيذ‪ ،‬و الذي تنبثق منه كافة األدلة‪ ،‬كما قد يكون للجريمة الواحدة‬
‫أكثر من مسرح يشتمل على مكان حدوث الجريمة الحقيقي‪ ،‬و مكان حدوث الوفاة‪ ،‬و مكان وجود‬
‫أي أثر مادي يتصل بالجريمة‪ ،‬و أداة نقل الجثة كالسيارة مثال‪ ،‬و منزل المتهم‪ ،‬و كذا المكان الذي‬
‫لجأ إليه المتهم بعد هروبه‪ ،‬غير أنه غالبا ما يستدعى الشرطة إلى مكان وجود الجثة باعتباره‬
‫المفتاح األول لحل لغز الجريمة و لوجود آثار مادية غزيرة بهذا الموقع و التي قد توصل إلى أماكن‬
‫أخرى كمكان وقبوع الجريمة إن لم يكن نفسه‪ ،‬أو مكان تواجد سالح الجريمة‪ ،‬أو حتى مكان تواجد‬
‫الجاني‪ ،‬و بالتالي يمكن اعتبار مسرح الجريمة ملكا مؤقتا لسلطات التحقيق بعد علمها بوقوع‬
‫الجريمة إلشرافها المطلق عليه‪ ،‬و لها أن تتحفظ عليه و تعين عليه الحراسة الالزمة للحفاظ على‬
‫اآلثار الجنائية‪.1‬‬
‫أهمية مسرح الجريمة ‪:‬‬
‫تبرز أهمية مسرح الجريمة في عدة أوجه كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬يعتبر مسرح الجريمة المكان الذي ينطلق منه التحقيق الجنائي لكي يتأكد من خالله حقيقة وقوع‬
‫الفعل‪ ،‬و إذا كان يشكل جريمة جنائية أم ال‪ ،‬و يمكن من خالله التعرف على ظروف الجريمة و‬
‫الباع ث الذي دفع الجاني إلى ارتكابها‪ ،‬كما يمكن من التعرف على كافة مالمح األعمال المكونة‬
‫للسلوك اإلجرامي أو المنظمة للجريمة‪ ،‬إلى جانب استظهار المالمح التفصيلية ألسلوب الجريمة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى أنه يتيح الفرصة للمحقق الجنائي للتعرف على مالمح شخصية المجرم و رصد أسلوبه‬
‫اإلجرامي و تقدير الكيفية التي اقترب بها من مسرح الجريمة و تعامله فيه‪ ،‬و الكيفية التي انسحب‬
‫بها منه‪ ،‬ألن من شأنه تسهيل مهمة المحقق الجنائي في اقتفاء أثر الجاني و تسهيل القبض عليه‪،‬‬
‫إلى جانب إعطاء الباحث انطباعا عن طبيعة و شخصية الجاني و األمراض النفسية و العضوية‬

‫‪ - 1‬بن الدين فاطمة‪ ،‬دور الشرطة العلمية في مسرح الجريمة‪ ،‬مجلة الحقوق و العلوم االنسانية‪ ،‬المجلد ‪ ،15‬العدد ‪،2022 ،4‬‬
‫ص ص ‪.670-669‬‬
‫‪15‬‬
‫التي يعاني منها‪ ،‬و يظهر ذلك من خالل فحص األثار المتخلفة عنه كتقطيع جثة المجني عليه‪ ،‬أو‬
‫تشويهها‪ ،‬أو ترك عالمات بها‪ ،‬أو ما يتخلف عنه من بقع دموية أو منوية‪ ،‬أو عقاب سجائر‪.1‬‬
‫‪ -‬يساعد كذلك مسرح الجريمة على إمداد الباحث باآلثار التي تخلفت عن الجاني ليقوم بفحصها‬
‫معمليا و مضاهاتها و مطابقتها وصوال لتحديد شخصية المجرم‪ ،‬مع توضيح ما إذا كان الجاني قد‬
‫ارتكب جريمته منفردا أم كان له شركاء فيها‪ ،‬بل و األكثر من ذلك قد يحدد دور كل منهم‪.2‬‬
‫إجراءات حماية و تحصين مسرح الجريمة ‪:‬‬
‫بمجرد وقوع جريمة معينة يتم تبليغ الشرطة بحدوثها‪ ،‬و هنا يتوجب على متلقي البالغ الحصول‬
‫على أكبر قدر من المعلومات من الشخص المبلغ كعنوان موقع الجريمة بدقة‪ ،‬و نوع الجريمة‪،‬‬
‫و تحديد وقت وقوعها‪ ،‬إلى جانب كل ما قد يعرفه حول المتهم كاسمه و أوصافه (مالمح الوجه‪،‬‬
‫طوله‪ ،‬مالبسه‪ ،)...‬مع ذكر أوصاف السيارة التي كان يستقلها‪ ،‬علما أنه يتوجب على متلقي البالغ‬
‫االنتباه فقد يكون المتهم هو المبلغ عن الجريمة‪.3‬‬
‫في سياق إجراءات حماية و تحصين مسرح الجريمة تبرز أهمية االنتقال إلى مسرح الجريمة و ما‬
‫يتضمنه من التزامات‪ ،‬وكذا وصف مسرح الجريمة وفق آليات مختلفة فيما يلي‪:‬‬
‫السرعة في االنتقال إلى مسرح الجريمة ‪:‬‬
‫تتضمن كل من إخطار وكيل الجمهورية و االنتقال إلى مسرح الجريمة‪ ،‬إلى جانب الحفاظ على‬
‫مسرح الجريمة‪ ،‬فيما يلي ‪:‬‬
‫إخطار وكيل الجمهورية‪:‬‬
‫يتوجب على ضابط الشرطة القضائية الذي بلغ بجناية سواء تعلق األمر بحالة تلبس أو بمجرد علمه‬
‫بوقوع أفعال تمس بالسالمة الجسدية لألشخاص كجرائم القتل إبالغ وكيل الجمهورية فورا و بكافة‬
‫الوسائل‪ ،‬و نفس اإلجراء يتبع في حالة العثور على جثة شخص و كان سبب الوفاة مجهوال أو‬
‫مشتبه فيها‪ ،‬و سواء كانت الوفاة نتيجة عنف أو بدون عنف‪ ،‬حيث ينتقل بعد ذلك فورا إلى مكان‬
‫وقوع الجناي ة التخاذ جميع التحريات الالزمة‪ ،‬و عليه أن يسهر على المحافظة على اآلثار المادية‬
‫التي يخشى أن تختفي‪ ،‬كما قد ينتقل وكيل الجمهورية إلى المكان إذا رأى ضرورة لذلك و يصطحب‬
‫معه خبراء فنيين منهم الطبيب الشرعي لتحديد سبب الوفاة‪ ،‬و قد ينتدب إلجراء ذلك ضابط شرطة‬
‫قضائية‪.4‬‬
‫االنتقال إلى مسرح الجريمة ‪:‬‬
‫إن أهم إجراء يتم اتخاذه بعد إخطار وكيل الجمهورية بوقوع الجريمة هو تحديد الضباط المتنقلين‬
‫إلى مسرح الجريمة مجهزين باألدوات المطلوبة‪ ،‬على أن يلتزم الجميع بتوخي الحيطة و الحذر و‬
‫عدم ارتكاب أخطاء من شأنها التأثير على قيمة اآلثار المادية‪.5‬‬

‫‪ - 1‬محمد حماد الهيتي‪ ،‬ص ‪.71‬‬


‫‪ - 2‬محمود عبد العزيز محمد‪ ،‬التحريات و مسرح الجريمة‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،2011 ،‬ص ص ‪.273-272‬‬
‫‪ - 3‬بن الدين فاطمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.674‬‬
‫‪ - 4‬مباركي جمال الدين لزرق‪ ،‬إجراءات البحث الفني و التقني للشرطة العلمية بمسرح الجريمة‪ ،‬مجلة متون‪ ،‬جامعة الدكتور‬
‫موالي الطاهر بسعيدة‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية و االنسانية‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬جانفي ‪ ،2017‬ص ص ‪.680-679‬‬
‫‪ - 5‬بن الدين فاطمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.675‬‬
‫‪16‬‬
‫التحفظ على مسرح الجريمة ‪:‬‬
‫عند وصول ضابط الشرطة إلى مسرح الجريمة عليه التحفظ عليه‪ ،‬و يقصد به إبقاء مكان الحادث‬
‫في نفس الظروف المادية التي كان عليها عندما تركه الجاني و مراعاة عدم لمس أو إزالة أو نقل‬
‫أي أثر مادي‪ ،‬و عليه القيام ببعض االجراءات كمنع دخول المتطفلين إلى مسرح الجريمة و العبث‬
‫بمحتوياته و كذا التأكد من ما إذا كان الضحية مزال على قيد الحياة أو توفي‪ ،‬مع إبعاده للصحفيين‬
‫و منعهم من تسجيل معلومات عن أعمال التحقيق األولية التي تم التوصل إليها‪ ،‬و هذا لتفادي‬
‫تسريب أية معلومة كون أن ذلك سيساعد الجاني في أخذ احتياطاته‪ ،‬كما يجب على ضابط الشرطة‬
‫بمجرد وصوله إلى مسرح الجريمة القيام بتأمينه من خالل إحاطته بالشريط األصفر العازل قصد‬
‫عزله عن باقي األماكن‪ ،‬حيث يعد هذا اإلجراء ذو أهمية كبيرة خاصة و أنه يعمل على تطويق‬
‫مسرح الجريمة و كذا الحفاظ على كافة اآلثار المتواجدة به‪.1‬‬
‫وصف مسرح الجريمة ‪:‬‬
‫يبرز وصف مسرح الجريمة في الوصف الكتابي‪ ،‬و تصوير مسرح الجريمة‪ ،‬و كذا الرسم‬
‫التخطيطي لمسرح الجريمة‪ ،‬حيث يعتبر الوصف الكتابي لمسرح الجريمة عن طريق الكتابة من‬
‫أقدم الطرق المتبعة في نقل صورة عن محل الحادث في محضر التحقيق‪ ،‬و هنا بقصد إطالع‬
‫القاضي عليه حتى يتمكن من تصور حالة الجريمة وقت وقوعها و المكان الذي ارتكبت فيه‪ ،‬أما‬
‫تصوير مسرح الجريمة الذي يعد مكمال للوصف الكتابي و هو من أهم إجراءات المعاينة الفنية‬
‫الحديثة لمسرح الجريمة‪ ،‬سواء بواسطة أجهزة التصوير الفوتوغرافي‪ ،‬أو أجهزة الفيديو‪ ،‬حيث‬
‫يظهر األثر الجنائي و كل تفاصيل مسرح الجريمة بصفة مرئية و بشكل يفوق الوصف الكتابي‪ ،‬و‬
‫يمكن الرجوع للصور الفوتوغرافية أو لجهاز الفيديو في إطار التحقيق للكشف عن أمور لم تكن قد‬
‫عاينتها فرقة مسرح الجريمة‪ ،‬كما أن له أهمية بالغة في إعادة تمثيل الجريمة‪ ،2‬بينما الرسم‬
‫التخطيطي لمسرح الجريمة عبارة عن رسم خطي بسيط يشير إلى المظهر األول لمسرح الجريمة‬
‫و كذا موضع وجود الجثة و عالقته بأشياء أخرى ثابتة و هامة في المسرح‪ ،‬و يتم تمثيل كل عنصر‬
‫متواجد بالمكان برسم بسيط متعارف عليه دوليا إلثبات وجوده و ليس إلظهار تفاصيله‪ ،‬ألن هذه‬
‫األخيرة هي مهمة التصوير الفوتوغرافي‪ ،‬و يعد الرسم التخطيطي إضافة جيدة للتقرير المكتوب و‬
‫الصور الفوتوغرافية المأخوذة من مسرح الجريمة‪ ،‬كما تظهر أهميته في جرائم المرور بأنواعها‪،‬‬
‫و حوادث الحريق العمدي‪ ،‬و قضايا القتل و السرقة‪ ،‬على أن يتم تحديد مقياس رسم ثابت أثناء‬
‫الرسم التخطيطي حتى يبين كافة القياسات المأخوذة من مسرح الجريمة‪.3‬‬

‫‪ - 1‬أحمد عبد هللا الفقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬


‫‪ - 2‬بن الدين فاطمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.677‬‬
‫‪ - 3‬مباركي جمال الدين لزرق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.685‬‬
‫‪17‬‬

You might also like