You are on page 1of 68

‫صدر من سلسلة املدخل إىل دراسة كتب السلف‬

‫نرش هذا الكتاب بأي وسيلة غري جتارية حق للك مسلم‬


‫للمراسلة يف شؤون ختص الكتاب ىلع ‪islamspedia@gmail.com‬‬
‫الفهرس‬
‫الفهرس ‪3.....................................................‬‬
‫مقدمة التحقيق‪5...............................................‬‬
‫التعريف بابن قدامة المقدسي ‪5 .......................................‬‬

‫أهمية هذا الكتاب ‪7 ......................................................‬‬

‫عملي يف هذا الكتاب ‪8 ...................................................‬‬

‫[كتاب المناظرة يف القرآن]‪9...................................‬‬


‫[مقدمة] ‪9 ................................................................‬‬

‫[الخالف يف القرآن] ‪10 ..................................................‬‬


‫[شبهة تعدد ُّ‬
‫الس َور] ‪12 ...............................................‬‬

‫[شبهة أن الكم اهلل ال يزنل] ‪15 .......................................‬‬


‫َّ‬
‫[شبهة أن كتاب اهلل غري القرآن] ‪17 .................................‬‬

‫[شبهة أن احلروف واألصوات ال خترج إال ِمن خمارج وأدوات] ‪19 ....‬‬

‫[شبهة تعاقب احلروف] ‪22 ...........................................‬‬

‫[بيان َّ‬
‫أن السور التي فيها حروف قرآن] ‪23 .............................‬‬

‫[مخالفة األشعري وأتباعه لإلجماع‪ ،‬وبيان ضاللِهم] ‪29 ..................‬‬


‫[التَّق َّية عند األشعر َّية] ‪31 .............................................‬‬

‫[بيان أن ال ُقرآن ُح ُروف] ‪35 ...........................................‬‬

‫[شبهة اثبات الصوت هلل] ‪41 .........................................‬‬

‫[شبهة أن الصوت حيتاج إىل أدوات] ‪43 ..............................‬‬

‫[مؤسس الطائفة األشعر َّية] ‪52 ...........................................‬‬

‫[خطر هذه البدعة] ‪53 ...................................................‬‬

‫[كثرة أهل البدع] ‪55 ..................................................‬‬


‫‪5‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫مقدمة التحقيق‬
‫التعريف بابن قدامة املقدسي‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫حَ ََ‬ ‫َّ‬ ‫حَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ ْ‬ ‫ح َ َّ َ ْ ح‬
‫ْص‬‫بن ن ٍ‬ ‫بن ِمقدامِ ِ‬ ‫بن قدامة ِ‬ ‫بن ُمم ِد ِ‬ ‫هلل بن أْحد ِ‬ ‫وهو ُمم ٍد عبد ا ِ‬
‫ح َّ‬ ‫يح‪ ،‬احلَ ْن َب ُّ‬ ‫ِق‪َّ ،‬‬ ‫يل‪ ،‬حث َّم ِّ‬
‫ادل َم ْش ِ ُّ‬ ‫ِس‪ ،‬اجلَ َّما ِع ْي ُّ‬ ‫الم ْق ِد ِ ُّ‬
‫َ‬
‫بم َوف ِق ادلين‬ ‫يل‪ .‬املعروف‬ ‫ِ‬
‫الصالِ ُّ‬
‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬
‫املقدِس‪َ .‬كن ََعل ِ َم أه ِل الشامِ ِيف َز َما ِن ِه‪.‬‬ ‫ابن قدامة ِ‬
‫َ ْ َ َ َ َ َ ً ح َّ ً‬ ‫َ‬ ‫جار‪ََ :‬ك َن إ َم َ‬ ‫َ َ‬
‫جة‪،‬‬ ‫ام احلَ َن ِابل ِة ِِبَا ِم ِع ِدمشق‪ ،‬وَكن ثِقة‪ ،‬ح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ابْ حن انلَّ َّ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ً َ َ ح‬ ‫ً‬ ‫َ ً‬ ‫َ ْ‬ ‫ً‬
‫السل ِف‪َ ،‬عل ْي ِه انلُّ ْو حر‬ ‫غزيْ َر الفض ِل‪ ،‬ن ِزها‪َ ،‬و ِرَع‪ََ ،‬ع ِبدا‪َ ،‬ىلع قان ْو ِن‬ ‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫نبيال‬
‫َ ََح‬ ‫ََْ َ ْ‬ ‫الر حجل ح‬‫ح‬ ‫ْ‬
‫ار‪ ،‬يَن ح‬
‫تفع َّ‬ ‫َوا َلوقَ ح‬
‫بر ِؤي ِت ِه قبل أن يسمع الكمه‪.‬‬

‫وقال أْحد ابن تيمية‪« :‬الشيخ اإلمام املتفق ىلع إمامته وعلمه‬
‫[‪]1‬‬ ‫وصالحه وكراماته أبو ُممد موفق ادلين بن قدامة املقدِس»‬
‫َ ْ ْ َ‬ ‫َ ٌ َ ٌ َ ٌ َْ َ ح‬
‫ْص ِه بَل َوال‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫يف‬
‫ِ‬
‫ك ْ‬
‫ن‬ ‫ارع‪ ،‬لم ي‬
‫اسماعيل ابن كثري‪ِ « :‬إمام َعلِم ب ِ‬ ‫وقال‬
‫َ‬
‫َ ْ َ َ ْ ح َّ ْ َ ح ْ ح‬
‫منه» [‪]2‬‬‫قبل ده ِر ِه ِبمد ٍة‪ ،‬أفقه ِ‬

‫[‪ ]1‬الصواعق املرسلة يف الرد ىلع اجلهمية واملعطلة (ج‪4‬ص‪)1291‬‬


‫[‪ ]2‬ابلداية وانلهاية ط هجر (ج‪17‬ص‪)117‬‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪6‬‬

‫من شيوخه‬
‫• أبو املاكرم عبد الواحد بن ّ‬
‫ُممد بن املسلم بن هالل‪.‬‬
‫الرْحن بن صابر ّ‬
‫السلم‪.‬‬ ‫• أبو املعايل عبد اهلل بن عبد ّ‬
‫ّ‬
‫املقدِس‪.‬‬ ‫• أبو زرعة طاهر بن ّ‬
‫ُممد بن طاهر‬

‫من كتبه‪:‬‬
‫• املغين (رشح خمتْص اخلريق)‬
‫• إثبات صفة العلو‪.‬‬
‫ح‬
‫• ملعة االعتقاد‪.‬‬
‫• عمدة الفقه (ىلع مذهب اإلمام أْحد)‬
‫• املقنع (ىلع مذهب اإلمام أْحد)‬
‫• الاكيف (ىلع مذهب اإلمام أْحد)‬
‫• روضة انلاظر وجنة ح‬
‫المناظر (يف أصول الفقه)‬
‫اتل َّوابني‪.‬‬
‫• كتاب َّ‬
‫‪7‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫أهمية هذا الكتاب‬


‫هذا الكتاب أجاب فيه الشيخ عن شبهات الطائفة األشعريَّة بعد‬
‫َّ ح َّ‬
‫يتمّي بأن مؤلفه َعيش األشعريَّة وعرف بدعتهم‬ ‫مناظرته هلم‪ ،‬وهو‬
‫وناظرهم‪ ،‬ورد ىلع بدعتهم وشبهاتهم خاصة‪ ،‬إذ هلم شبهات لم ي ح َ‬
‫سبقوا إيلها‪.‬‬
‫َّ‬
‫وقد تكلم الشيخ ابن قدامة عن هذه الطائفة ومؤسسها وخطر‬
‫بدعتها هذه‪.‬‬

‫وحيتوي هذا الكتاب ىلع قواعد مهمة جدا يف رد شبهاتهم‪ ،‬منها‬


‫االحتجاج باإلمجاع‪ ،‬ومنها االحتجاج باعتقاد السلف‪ ،‬ومنها أن القول يف‬
‫بعض الصفات َكلقول يف غريها‪.‬‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪8‬‬

‫عملي يف هذا الكتاب‬


‫• ضبطت انلص َّ‬
‫ونسقته‪.‬‬
‫• قد أكمل اآلية اليت يذكر املؤلف ً‬
‫جزء منها‪.‬‬
‫• وضعت العناوين للفصول‪ ،‬وجعلتها بني معقوفتني [ ]‬
‫• بيَّنت ما َّ‬
‫تيَّس من األلفاظ والعبارات اليت قد تشلك ىلع القارئ‪.‬‬
‫• عززت بعض ما جاء يف الكتاب بانلقل عنهم ِمن كتبهم‪.‬‬
‫• جعلت أرقام احلوايش منها ما هو إىل األىلع (‪ )1‬وهذا ما فيه رشح‬
‫مفردات أو فوائد‪ ،‬ومنه منخفض [‪ ]1‬وهو ما فيه ختريج أو تنبيه متعلق‬
‫باملخطوط‪.‬‬
‫• وقد اعتمدت ىلع خمطوطة املكتبة الظاهرية ويه ضمن جماميع‬
‫العمرية (‪ )116‬وكذلك خمطوطة جامعة أم القرى (‪)b11489200‬‬
‫إال أن هذه األخرية ناقصة وآخرها الالكم عن أن القرآن حروف‪،‬‬
‫وما ييل ذلك من الكم عن األشعريَّة وتْصيح ِّ‬
‫بذمهم وتبديعهم‬
‫مفقود منها‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫[كتاب املناظرة يف القرآن]‬


‫[مقدمة]‬
‫الر ْْحَن َّ‬
‫الر ِحيم‬ ‫بسم اهلل َّ‬
‫ِ‬
‫ْ َ‬ ‫الش ْيخ اإل َمام الْ َعالم الْ َفقيه موفق ّ‬
‫َ َ َّ‬
‫ادلين‪ ،‬شيخ االسالم مفيت األنام‬ ‫ِ‬ ‫قال‬
‫َ ْ ْ‬
‫قدامة ال َمق ِد ِِس َر ِِض‬
‫حَ‬ ‫ْ‬ ‫حَ‬
‫علماء‪ ،‬أبحو ُم َّمد عبد اهلل بن أْحد بن ُم َّمد بن‬ ‫سيد الْ َ‬
‫ح‬
‫اهلل َعنه وأرضاه‪:‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫حَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫احلمد هلل رب العاملني وصىل اهلل ىلع ُممد انل ِِب و ِآل أمج ِعني‪ ،‬أما بعد‪،‬‬
‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫تكرر حسؤال بعض أ ْ‬ ‫َ َّ ح َ‬
‫ابنا َعن ِحاكيَة مناظرة جرت بيين َو َبني بعض‬ ‫ص َ‬ ‫فإنه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الزيَادة َوانلُّق َصان ف َرأيْت أن أذكر ذلِك‬
‫ْ‬ ‫ِّ َ‬
‫فت من‬ ‫أهل ابل ْد َعة يف الْ حق ْرآن‪ ،‬فَخ ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح‬ ‫ْ‬
‫ادةح يف احلح َ‬ ‫ِّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫واألجوب ِة َعن ش َب ِه ِه ْم‬
‫َ‬ ‫ج ِج‬ ‫ىلع غري س ِبيل احلِاكية‪ ،‬يك ال تكون الزي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ ِّ‬ ‫حْ َ َح‬ ‫ألكث َما جرى إن َش َ‬ ‫ْ‬ ‫ً َ َ َ َ ُّ َ َ‬
‫حانه‪َ ،‬واهلل ال حموف حق‬ ‫اء اهلل سب‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫كذبا‪ ،‬مع تضم ِن ذل ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫عني َو حه َو َحسبح َنا َ‬ ‫والم ح‬
‫ح‬
‫يل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫عم‬‫ن‬
‫ِ‬ ‫و‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪10‬‬

‫[اخلالف يف القرآن]‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ْح ْ َ ََ‬
‫الك ح‬ ‫اخلالف َّأن َنا َ‬
‫نعتق ح‬ ‫َ ح ْ‬ ‫ََح‬
‫هلل َوه َو(‪ )1‬ه ِذه‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫آن‬‫ر‬‫ق‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫وضع ِ ِ‬ ‫فنقول‪ :‬م ِ‬
‫املعوذات‪ ،‬وأنه حس َو ٌر‬
‫رها ِّ‬ ‫َ‬ ‫ورةح الْ َف َ‬
‫ولها حس َ‬‫ورةً‪ ،‬أ َ‬
‫عرشة حس َ‬ ‫ْ ح‬
‫ال ِم َئة واألربع‬
‫اِتة َو ِ‬
‫آخ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ك حت ٌ‬‫ٌ َ ْ‬ ‫ٌ ْح‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وب‪.‬‬ ‫وآيات وحروف ولكمات‪َ ،‬متل ٌو َمسموع م‬
‫ْ ح‬
‫َو ِعندهم‬
‫(‪)2‬‬

‫ح‬
‫عبارة َعنه وحاكية‪.‬‬
‫َ‬ ‫السور واآليات لَيست بقرآن َوإ َّن َما ِ َ‬
‫يه‬ ‫• أن َهذه ُّ‬
‫ِ‬
‫وأنها خملوقة‪.‬‬ ‫•‬
‫اري‪.‬‬ ‫معن يف نفس ْابلَ‬ ‫َوأن الْ حق ْرآن ً‬ ‫•‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َو حه َو َ ْ‬
‫ج َّزأ َوال يَت َب َّعض َوال ي َت َعدد‪.‬‬ ‫يشء َو ِ‬
‫احد ال يت‬ ‫•‬
‫َ َ ح َ َ ْ ح َ َّ ح َ َ ح ْ َ َ َ ح َ ح (‪ َ َ )3‬ح ْ‬
‫ك َت ح‬
‫ب‪.‬‬ ‫وال هو يشء يزنل وال يتىل وال يسمع وال ي‬ ‫•‬

‫(‪ )1‬الضمري يعود إىل القرآن ال إىل الكم اهلل‪.‬‬

‫(‪ )2‬األشعرية‬
‫ً‬ ‫(‪ )3‬يقول األشعري وأتباعه بأنه يمكن أن ي ح َ‬
‫سمع مع أنه ليس صوتا [إحياء علوم ادلين ج‪1‬ص‪ ]91‬وقال‬
‫املاتريدي بعدم إماكنية السماع‪ ،‬ألنه ال يمكن أن يسمع إال الصوت [اتلوحيد للماتريدي ص‪،]59‬‬
‫غري ان األشاعرة واملاتريدية متفقون ىلع اإلنكار والكفر بصوت اهلل تعاىل‪ ،‬وقد بينَّا الرد عليهم‬
‫يف حاشية "فضل علم السلف" ص‪.43‬‬
‫‪11‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬
‫َّ ْ‬ ‫َْ َ‬ ‫َْ َ‬
‫احف إال ال َورق وال ِمداد(‪.)1‬‬
‫• َوأنه ليس ِيف المص ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬
‫َواختلفوا يِف هذيه السور ال يِت يِه القرآن‪.‬‬
‫َّ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ َ ْ َّ َ‬ ‫َح ْ‬ ‫َ‬
‫اَّلي ألف َها بإهلامِ‬
‫ْبيل علي ِه السالم‪ ،‬ه َو ِ‬
‫َ‬
‫فزعم بعضهم أنها عبارة ِج ِ‬
‫َ َ َ َ َ‬
‫اهلل ت َعاىل لح ذلِك(‪.)2‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ ح‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫خلقها ِيف الل ْوح ال َمحفوظ فأخذها‬ ‫َوزعم آخ حرون ِمن حهم أن اهلل ت َعاىل‬
‫ْح‬ ‫جْ‬
‫ْبيل ِمنه(‪.)3‬‬
‫ِ ِ‬

‫(‪ )1‬ال ِمداد‪ :‬احلِْب‪.‬‬

‫(‪ )2‬قال ابلاقالين األشعري‪ « :‬واملزنول به هو اللغة العربية اليت تال بها جْبيل‪ ،‬وحنن نتلوا بها إىل يوم‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫القيامة‪ ،‬لقول تعاىل‪﴿ :‬بلسان عريب مبني﴾ وانلازل ىلع احلقيقة املنتقل من قطر إىل قطر‪ :‬قول جْبيل‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ ح َ َ ْ ح َ ح‬
‫إخبار ِمن اهلل تعاىل بأن‬ ‫يم﴾ ‪ ...‬وهذا‬‫ول ك ِر ٍ‬
‫عليه السالم‪ ،‬يدل ىلع هذا قول تعاىل‪﴿ :‬إنه لقول رس ٍ‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬
‫هلل تعاىل‪ :‬قول جْبيل» [اإلنصاف ص‪]147‬‬ ‫انلظم العريب اَّلي هو قراءة الكمِ ا ِ‬
‫َْ ْ ح‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ح َ َ َ ح َّ َ َ َ َ ْ َّ ح َ َ َ ح َّ‬
‫وظ‪،‬‬ ‫اَّلي أظه َر حه ِيف الل ْو ِح المحف ِ‬ ‫اَّلل تعاىل‪ ،‬بِمع َن أنه تعاىل ه َو ِ‬ ‫(‪ )3‬قال فخر الرازي األشعري‪« :‬فهو الكم ِ‬
‫َ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ ح َ َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َو حه َو َّاَّلي َر َّتبَ حه َو َن َّظ َم ح‬
‫اَّلل تعاىل‪،‬‬ ‫ْبيل الكم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫يل‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫إن‬ ‫ف‬ ‫«‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫]‬ ‫‪40‬‬ ‫احلاقة‪:‬‬ ‫الرازي‪،‬‬ ‫[تفسري‬ ‫»‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫َّح‬ ‫ْ َ ح ْ ح ْ َ ح ْ َ َ ح ْ َ ْ ح َ َّ ح َ َ َ َ ح َ ْ ً َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ ح ح‬
‫ات ِعندكم؟ قلنا حيتمل أن َيلق اَّلل تعاىل ل سمعا لِالك ِم ِه ثم‬ ‫وف َواألص َو ِ‬‫َولَكمه لي َس ِم َن احلح حر ِ‬
‫َْ ْ ح‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ح ح ْ َ ح َ َّ ح َ َ‬ ‫ْ َ َ ح َ َ َ َ ح َ ِّ ح َ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫وظ‬ ‫اَّلل خل َق ِيف الل ْو ِح المحف ِ‬ ‫يم‪ ،‬وَيوز أن يكون‬ ‫أقدره ىلع ِعبار ٍة يعْب ِبها عن ذلِك الالكمِ الق ِد ِ‬
‫َ َ َ ح ْ ح َ َ ْ َّ َ ح َ َ َ ح َ َ ح ح ْ َ ْ ح َ َّ ح ْ ً َ ً‬
‫أص َواتا حمق َّط َعة‬ ‫ْ َْ ْ ح‬ ‫َ ً َ َ‬
‫ْبيل علي ِه السالم فح ِفظه‪ ،‬وَيوز أن َيلق اَّلل‬ ‫وص فقرأه ِج ِ‬ ‫ِكتابَة ِبهذا انلَّظ ِم المخص ِ‬

‫=‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪12‬‬

‫[شبهة تعدد ُّ‬


‫الس َور]‬
‫َ َ َّ ح َّ‬ ‫َّ َ َّ‬ ‫جوا ىلع َكون َهذه ُّ‬ ‫َ ْ‬
‫السور خملوقة ِبأن َها ت َت َعدد‪َ ،‬وال ي َت َعدد إال‬ ‫ِ‬
‫اح َت ُّ‬ ‫و‬
‫ْ ْ ح ح‬
‫ال َمخلوق‪.‬‬
‫ح َ ِّ َ ً ْ‬
‫تعددة؛ ِمن َها‬ ‫ات م‬
‫َ‬ ‫بط حل بص َفات ا َ َ َ َ َّ َ‬ ‫[اجلواب] َو َه َذا يَ ح‬
‫هلل تعاىل فإنها ِصف ٍ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ح َ‬
‫والالكم‪َ ،‬وال خالف ِيف‬
‫ح‬ ‫ح ْح ْ ح‬
‫علم‪ ،‬واإلرادة‪َ ،‬والقد َرة‪ ،‬واحلياة‪،‬‬ ‫ْص‪َ ،‬والْ ح‬ ‫مع‪َ ،‬و ْابلَ َ ح‬
‫الس ح‬
‫ّ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫اىل فَإ َّن َها حم َ‬ ‫َ (‪َ َ َ َ )1‬‬ ‫َّ َ‬
‫تع ِّد َدةٌ‪ ،‬قال اهلل َت َعاىل‪َ ﴿ :‬و َّلِلَ‬ ‫هلل تع‬
‫اء ا ِ‬
‫كأ َ‬
‫سم ح‬ ‫أنها قديمة ‪ .‬وكذل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ْ ه َ أ‬ ‫أ أ َى َ أ‬ ‫أَأ َٓ‬
‫حدون َِفٓ أ أس َمـئَهَۦ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫َين‬ ‫َّل‬ ‫ٱ‬ ‫وا‬‫ر‬‫ذ‬ ‫و‬ ‫اۖ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫وه‬‫ع‬ ‫د‬ ‫ٱ‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫س‬ ‫ۡل‬ ‫ٱ‬ ‫ء‬‫ٱۡلسما‬
‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ أ‬ ‫أ َ‬
‫َسيج َز أون َما َكنوا َيع َملون﴾[األعراف‪َ ]180:‬وقال انلَّ ِِب ﷺ «إن هلل ت َعاىل ت ِ ْس َعة‬
‫ح‬ ‫ْ َّ َ َ َ‬ ‫َ ً َّ‬
‫اح ًدا‪ ،‬من أحصاها دخل اجلنة» فثبت تعدادها‬ ‫وتسعني اسما‪ ،‬مئة إال َو ِ‬
‫ْ‬

‫ع َرْحَه اهلل ىلع أن‬


‫َّ‬
‫الشافِ ُّ‬ ‫ص‬‫ديم ٌة‪َ .‬وقد نَ َّ‬
‫اع‪َ ،‬ويه قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫السنة ْاإل ْمجَ‬
‫بالْكتاب َو ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫غري خملوق ِة‪َ ،‬وقال اْحد َرْحه اهلل «من زعم أن أسماء اهلل‬ ‫اء اهلل تعاىل ح‬ ‫أسم َ‬
‫َ َ‬
‫ت َعاىل خملوقة فقد كفر»‬
‫ه َ َ أ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ََ َ َ َ ح‬
‫تع ِّد َدةٌ‪ ،‬قال اهلل َت َعاىل ﴿قل ل أو َكن ٱۡلَ أحر‬
‫اىل حم َ‬ ‫َك َمات اهلل تع‬
‫وكذل ِك ِ‬

‫َّ‬
‫وريًّا بِأن حه‬ ‫وص َفيَتَلَ َّق َف حه ج ْ ح َ َ ْ َّ َ ح َ َ ْ ح َ َ ح ْ ً َ ح‬ ‫ْ َْ ح‬ ‫ْ َْ ْ ح‬ ‫َ َ‬
‫بِهذا انلَّظ ِم المخص ِ‬
‫ْبيل علي ِه السالم وَيلق ل ِعلما ض ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وص ِيف ِجس ٍم خمص ٍ‬
‫ح َ ْ َ َ ح ْ ح َ ِّ َ ح َ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫يم» [تفسري الرازي‪ ،‬ابلقرة‪]4:‬‬ ‫هو ال ِعبارة المؤدية لِمعن ذلِك الالكمِ الق ِد ِ‬

‫(‪َ )1‬كمة قديمة عندهم بمعن أنها لم ِتدث بعد أن َكنت معدومة‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫َ ٗ ِ َ َى َ ِ ََ َ أَ أ َ أ َ َ َ َ‬
‫نف َد ََك ََمىت َر ِّب َولَوأ‬
‫جئأنَا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت ر َّب َلفَد ٱۡلحر قبل أن ت‬ ‫مَدادا لََك َم َ‬
‫ٌَ‬ ‫ٗ‬ ‫أ‬
‫قديمة‪.‬‬ ‫ب َ َمثلَهَۦ َم َددا‪[﴾١٠٩‬الكهف‪َ ]109:‬و ِيه‬
‫َ َ َ َ َّ َّ ْ َ َ َ ْ ْ َ َ َّ ح َ َ ْ ح ْ َ ح َ ِّ َ ٌ‬ ‫ك حك ح‬ ‫ََ َ َ‬
‫ْنيل والزبور والقرآن متعددة‬ ‫ِ‬ ‫اإل‬‫و‬ ‫اة‬‫ر‬‫و‬‫اتل‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫اىل‬ ‫ع‬‫ت‬ ‫اهلل‬ ‫تب‬ ‫وكذل ِ‬
‫ح َ‬
‫آن‪َ ،‬وه َو قول‬ ‫ْح ْ‬ ‫َ ح‬ ‫غري خملوق ٍة‪َ ،‬وإن قَالحوا‪َ ِ « :‬‬ ‫َو ِيه ح‬
‫لق القر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِب‬
‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫فقد‬ ‫»‬ ‫خملوقة‬ ‫يه‬
‫َْ َ‬ ‫نتمون إ َىل َّ‬
‫َ‬ ‫ال ْ حم ْع ََتلَة‪َ ،‬وقد اتفقنا ىلع ضالهلم(‪َ ،)1‬و َ‬
‫اتفق ح‬
‫السن ِة ىلع أن القائِل‬ ‫الم‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْح ْ َ‬
‫آن َكفِ ٌر(‪ِ ،)2‬من حهم من قال‪« :‬كفر ينقل َعن امللة» َو ِمن حهم من قال‪:‬‬ ‫لق القر ِ‬‫ِِب ِ‬
‫َ َْح ح َْ‬
‫«ال ينقله عن َها»‬
‫َ ح‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْح‬ ‫ََ َ َ ُ‬
‫فمَت قالوا ِِبلق الق ْرآن َوغريه من كتب اهلل ت َعاىل؛ فقد قالوا بقول‬
‫ْ َ‬ ‫ُّ‬
‫أقروا ِبكفر قائِله!‬
‫َ َ ح‬ ‫َ ح َ ِّ َ ٌ‬
‫تعددة فقد َب َطل ق ْول حهم‪.‬‬ ‫أقروا َ‬
‫بها َ‬
‫غري خملوق ٍة و ِيه م‬ ‫َوإن ُّ‬

‫(‪ )1‬أي‪ :‬اتفقنا حنن واألشاعرة واملاتريدية ىلع ضالل املعَتلة‪.‬‬

‫(‪ )2‬قال أبو زرعة وأبو حاتم‪ « :‬أدركنا العلماء يف مجيع األمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فاكن من‬
‫مذهبهم» ‪ ...‬قالوا‪« :‬وم ن زعم أن القرآن خملوق فهو َكفر باهلل العظيم كفرا ينقل عن امللة‪ .‬ومن‬
‫شك يف كفره ممن يفهم فهو َكفر» [رشح أصول أهل السنة ‪]321‬‬

‫وللمزيد مما نقل عن أهل السنة يف هذا؛ انظر‪ :‬السنة لعبد اهلل بن أْحدن يف الفصل األول منه‪،‬‬
‫وانظر‪ :‬رشح أصول أهل السنة لاللاكيئ‪ ،‬فصل‪ :‬سي اق ما روي عن من أفىت يف من قال‪ :‬القرآن خملوق‪.‬‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪14‬‬

‫َ َ‬ ‫َ ْ ٌ َ ٌ ح ح َ ِّ َ‬ ‫َ ُ‬
‫تعددةٍ؛ فقد َكبَروا‪َ ،‬وَيب ىلع هذا أن‬ ‫احد غري م‬ ‫وإن قالوا‪ :‬يه يشء و ِ‬
‫ت َعلَيهْ‬ ‫وَس ملا أحنزلَ ْ‬ ‫َ َّ ْ َ ح َ ْ ح ْ ح َ ْ ْ ح َ َّ ح ح َ ح َ‬
‫ْنيل والزبور‪ ،‬وأن م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تكون اتلوراة ِيه القرآن واإل ِ‬
‫السال حم‪َّ -‬‬ ‫َ‬ ‫بي َنا ‪َ -‬علَ ْيه َّ‬ ‫َ‬
‫ك كتاب هلل َت َعاىل‪ ،‬وأ َّن نَ َّ‬ ‫ح ْ َ َ َ ْ ُّ‬ ‫َّ ح‬
‫لما‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫اتل ْو َراة؛ فقد أن ِزل علي ِه‬
‫ور‪َ ،‬وأ َّن من قَرأَ‬ ‫الز حب ح‬ ‫يل َو َّ‬ ‫ح َ ْ َ َ ْ َّ ْ َ ح َ ْ ْ ح‬ ‫ح َ َ َْ ْح ْ ح‬
‫ْن‬
‫نزلت علي ِه اتلوراة واإل ِ‬ ‫نزل علي ِه القرآن؛ فقد أ ِ‬ ‫أ ِ‬
‫َ ح‬ ‫َ َ ْ ْح‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ح ْ َ َ ْ َ َ َّ‬ ‫ًَ‬
‫هلل ت َعاىل‪َ ،‬ومن ح ِفظ شي ًئا ِمنه؛ فقد َح ِفظه‬ ‫اب ِ‬ ‫ٍ‬
‫كك َ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫أ‬‫ر‬‫ق‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫آن‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫آي‬
‫ح‬ ‫َّ ح ح ح َ‬ ‫ْح ْ‬ ‫َ َ َ َ ح ْ ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫حَكَّ حه‪َ ،‬و ح‬
‫حيصل لح ِحفظ‬ ‫آن؛ ِألنه‬ ‫فظ القر ِ‬ ‫َيب ىلع هذا أن ال يتعب احد ِيف ِح ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ َ َ‬ ‫يكون انلَّ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ك كتاب هلل َت َعاىل ِب ْفظ آيَة م ْن حه‪َ ،‬وَي ح‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ِب ﷺ لما أنزل‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اتل ْو َراةِ َ‬ ‫يع حه َو َمج َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َعلَ ْيه آيَ ًة م َن ال حق ْرآن؛ قد أنْ َزل َعل ْيه َمج َ‬
‫الز حب حو َر‪،‬‬
‫يل َو َّ‬ ‫ْن‬
‫ِ‬ ‫اإل‬ ‫و‬ ‫يع َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬
‫فس ِه‪.‬‬‫َوهذا ِخزي ىلع قائِ ِل ِه‪ ،‬وماكب َرة نلَ ِ‬
‫ح‬ ‫َ ْ ح ح َ َّ ْ َ ْ ْ َ ح‬
‫ات حه َو انلَّ ْ ح‬ ‫َ َ‬
‫ف‪ ،‬و ِق َّصة‬ ‫َيب ىلع هذا أن يكون األمر هو انله‪ ،‬واإلثب‬ ‫َو ح‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ح‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ َ ح ِّ َّ‬ ‫َح‬ ‫َ َّ ح‬
‫ين ه َو اآلخ حر‪َ ،‬وهذا قول من ال‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫الض‬ ‫د‬ ‫ح‬‫أ‬‫و‬ ‫‪،‬‬‫وط‬
‫ٍ‬ ‫قصة هو ٍد ول‬ ‫نوح ِيه‬
‫ٍ‬
‫ح َ َ‬
‫يستحيي‪َ ،‬ويحشبه قول السوفسطائية(‪.)1‬‬
‫َ َح ح َح ْ َ‬ ‫ْح‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫احد ِمنهم يقال ل ابن فورك أنه قيل ل‪« :‬سورة ابلَق َرةِ‬
‫لغين عن َو ِ‬
‫وقد ب ِ‬
‫َ َ‬ ‫ورةح آل َع َ‬
‫يه حس َ‬
‫ِ َ‬
‫مران؟» قال‪« :‬نعم»‬

‫ً‬
‫أشياء حسية‬ ‫(‪ )1‬السوفسطائية‪ :‬مذهب فلسف‪ ،‬وأهله يقدمون أدلة فاسدة موهمة‪ ،‬أحيانا ينكرون بها‬
‫أو يقينية‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫[شبهة أن الكم اهلل ال يزنل]‬


‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫حَ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ح‬
‫ْنيل‬ ‫وإن قالوا‪ :‬إن الكم اهلل عز وجل هو ه ِذه الكتب‪ ،‬وإن اتلوراة واإل ِ‬
‫ك ْن لم يزنل ِم ْن حه َ ْ‬ ‫َّ َ َّ ْ َ ح َ‬ ‫َ َّ ح َ َ ْ ح ْ َ َ َ‬
‫الك ح‬
‫يش ٌء ىلع‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫‪،‬‬‫يم‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫جل‬ ‫و‬ ‫عز‬ ‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫والزبور والقرآن‬
‫ْ ْ َ َ َ ح َ ٌ ح َ ح َ َ ح ْ َ َ َ ح َ ح َ َّ َ َ َ َ َ َ‬
‫ارته‪.‬‬ ‫األن ِبيا ِء‪ ،‬وال هو يش حيفظ وال يتىل وال يسمع‪ ،‬وإنما أنزل ِعب‬
‫َ‬ ‫َ َّ ح َ‬ ‫ح‬ ‫ّ ح‬ ‫ح ح‬ ‫َّ‬
‫خالف بَ َ‬
‫ني‬ ‫السنة وإمجَاع األم ِة؛ فإنه ال‬ ‫[اجلواب] كذ َب َهم القرآن و‬
‫ت ىلع‬ ‫وراةَ أحنزلَ ْ‬ ‫رآن أحنز َل ىلع حُمَ َّم ٍد ﷺ‪ ،‬وأ َّن َّ‬
‫اتل َ‬ ‫َ َّ ح َّ ح َ‬
‫المسلمني َكهم أن الق‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٓ‬ ‫ح َّ َّ َ ح‬ ‫َ حَ‬ ‫الز حب َ‬
‫يس‪ ،‬و َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬
‫عز وجل يقول‪﴿ :‬الرۚ‬ ‫اود‪ ،‬واهلل‬ ‫ور ىلع د‬ ‫ْنيل ىلع ِع‬ ‫موَس‪ ،‬واإل ِ‬
‫نزلأ َنىه ق أرَٰءنًا َع َرب ِٗيا له َعلهكمأ‬‫َ‬ ‫هٓ‬ ‫أ‬ ‫أ َ‬ ‫أ َ َ َ‬
‫أ َ‬ ‫ي ‪ ١‬إَنا‬ ‫ب‬‫م‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ب‬ ‫ى‬ ‫َت‬
‫ك‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬‫ى‬ ‫اي‬ ‫ت َلك ء‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫تعقَلون‪[ ﴾٢‬يح ح‬
‫َأ‬
‫وسف ‪]2-1‬‬

‫َ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫َ َ ح َ َح َ أ َ َ َ َ ه ٓ َ‬


‫[ابلقرة‪]185:‬‬ ‫﴾‬ ‫ان‬‫ء‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫َي‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫نز‬
‫وقال سبحانه ﴿شهر رمضان ٱَّلَي أ َ‬
‫أَ‬ ‫َ َ‬ ‫اىل‪ِ﴿ :‬إَونههۥ ََلَزنيل َر ِب ٱلأ َعىلَ َم َ‬
‫َ َ ََ َ‬
‫ي ‪ ١٩٢‬ن َزل بَهَ ٱ ُّلروح ٱۡلمَي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وقال تع‬
‫َ‬ ‫َ َى َ أ َ َ َ َ أ‬
‫ين‪ُّ ﴾١٩٤‬‬ ‫َر‬‫ذ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫‪ ١٩٣‬لَع قلبَك َلَ كون مَن ٱل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫[الشعراء ‪]194-192‬‬ ‫َ‬
‫أَٗ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ َ ح َ َح ََ َ ه َ َ َ ْ َأَ َِ َ َأ أ‬
‫وقال سبحانه‪﴿ :‬وقال ٱَّلَين كفروا لوَل ن َزل عليهَ ٱلقرءان ُجلة‬
‫َ َٗ‬
‫وىحَدة﴾[الفرقان‪]32:‬‬

‫وقال اهلل عز وجل‪َ ﴿ :‬و َقالوا ْ ل َ أو ََل ن ِز َل َهى َذا ٱلأق أر َءان َ َ ى‬
‫لَع َرج ٖل ِم ََن‬ ‫َ‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪16‬‬

‫﴾‬ ‫‪٣١‬‬‫َيم‬
‫ظ‬ ‫ٱلأ َق أريَتَ أي َ‬
‫ع‬
‫[الزخرف‪]31:‬‬ ‫َ‬
‫َ َٓ‪َ َ ٞ‬أَ‪ٞ‬‬ ‫أ‬ ‫بحانَ حه‪َ ﴿ :‬ون َ ِ‬ ‫َ َ‬
‫زنل م ََن ٱلق أر َءا َن َما هو شَفاء ورۡحة‬
‫َ‬
‫ال حس َ‬ ‫وق‬
‫لَِلأم أؤ َمن َ‬
‫َي﴾‬ ‫[اإلرساء‪]82:‬‬

‫َ أ أَ َ‬ ‫َ َ َ أ َ َ أ َى َ َ أ ٗ ِ َ أ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ‬
‫ان وٱلقرءان‬
‫وقال اهلل تعاىل‪﴿ :‬ولقد ءاتينك سبعا مَن ٱلمث َ‬
‫ٱلأ َعظ َ‬
‫َيم‪﴾٨٧‬‬ ‫[احلجر‪]87:‬‬

‫َى ٌ َ َ أ َى َأ َ َى َ ‪ َِ ٞ‬ه ه ْٓ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫ى‬
‫َلدبروا ءايتَهَۦ﴾[ص‪]29:‬‬ ‫وقال َت َعاىل‪﴿ :‬كَتب أنزلنه إََلك مبرك َ‬
‫َ َ‬ ‫‪ٞ‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ٌ َ َأ‬ ‫َ َ‬
‫ومثل هذا‬ ‫نعام‪ / 92‬األ َ‬
‫نعام ‪]155‬‬ ‫[األ َ‬ ‫وقال‪﴿ :‬وهىذا كَتىب أنزلنه مبارك﴾‬
‫ى‬
‫كثري‪.‬‬

‫ِ‬ ‫َ ٓ َ َ َ ه َ َى َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬


‫اىل ايلَ ح‬ ‫َّ‬
‫كف َ‬
‫َش مَن‬ ‫ٖ‬ ‫ب‬ ‫لَع‬ ‫ّلِل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬ ‫نز‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫وهلم‬‫بق‬ ‫ود‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫اهلل‬ ‫ر‬ ‫وقد‬
‫ب ٱ هَّلَي َ‬ ‫نز َل ٱلأك ََتى َ‬ ‫َ‬
‫وَس نوراٗ‬ ‫جا ٓ َء بَهَۦ م َ ى‬ ‫ثم قَ َال‪﴿ :‬ق أل َم أن أ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ أ‬
‫َشءٖ﴾[األنعام‪]91:‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬


‫ثم قال‪﴿ :‬ق َل ٱّلِلۖ ث هم ذ أره أم َِف خ أوضَ َه أم‬
‫َّ َ َ‬
‫﴾‬ ‫اس‬ ‫َ‬ ‫َوه ٗدى لِ ه‬
‫َلن‬
‫[األنعام‪]91:‬‬

‫يلعبون‪[ )1(﴾٩١‬األ َ‬
‫َأَ َ‬
‫نعام‪]91:‬‬

‫(‪﴿ )1‬قل اهلل﴾ يه جواب‪َ ﴿ :‬من أنزل الكتاب‪﴾...‬‬


‫‪17‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬
‫ه َ‬
‫ب م َف هص ٗٗل َوٱ هَّلَينَ‬ ‫َلكم ٱلأك ََتى َ‬ ‫نز َل إَ َ أ‬ ‫وقَ َال عز وجل‪َ ﴿ :‬وه َو ٱَّل ٓ‬
‫َي أ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َه ‪ ِ ٞ‬هِ َ أ‬ ‫َ َ أ َى أ َى َ َ أ َ َ َه‬
‫ق﴾[األنعام‪]114:‬‬ ‫ءاتينهم ٱلكَتب يعلمون أنهۥ مزنل مَن ربَك ب َٱۡل َ‬
‫ب م أَنه َء َايىت‪ٞ‬‬ ‫ك ٱلأك ََتى َ‬ ‫َ ه ٓ َ ََ َ َأ َ‬ ‫َ َ‬
‫بحانَ حه‪﴿ :‬هو ٱَّلَي أنزل علي‬ ‫ال حس َ‬ ‫وق‬
‫مثل َه َذا ٌ‬ ‫ح‬ ‫ُّ أ َ‬
‫ك َمى ٌ‬
‫كثري‪.‬‬ ‫َ و‬ ‫ت﴾ اآليَة‬
‫[آل عمران ‪]7‬‬ ‫ُّم‬
‫ّ ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َّ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬
‫ال انلَّ‬
‫نزل القرآن ىلع سبعة أحرف»[‪ ]1‬والسنة‬
‫ِ‬ ‫«أ‬ ‫‪-‬‬‫م‬ ‫ال‬ ‫الس‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫‪-‬‬ ‫ِب‬
‫ِ‬ ‫وق‬
‫ح (‪)2‬‬ ‫َ ح ٌَ‬
‫وءة ِمنه‬ ‫ممل‬
‫َّ‬
‫أن كتاب اهلل غري القرآن]‬ ‫[شبهة‬
‫رآن‪.‬‬
‫ح ح‬
‫الق‬ ‫غري‬ ‫هلل‬‫ا‬ ‫فَإن قَالحوا‪ :‬فك ح‬
‫تاب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اع ح‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫رب َ‬ ‫خالفتم َّ‬ ‫ح‬ ‫[اجلواب] قح َ‬
‫المسلمني‪،‬‬ ‫العال ِمني‪ ،‬وخ َرقتم إمج‬ ‫لنا‪:‬‬
‫َ َّ‬ ‫خالف بَني ح‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ ح َ‬ ‫ح‬ ‫ح ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سلمني أن‬ ‫الم‬ ‫ين‪ ،‬فإنه ال‬ ‫لح ِد‬
‫أت ِب ِه احد من الم ِ‬ ‫وجئتم ِبما لم ي ِ‬
‫بني‪،‬‬ ‫يب ح‬
‫م‬ ‫ان َع َر ي‬ ‫س‬ ‫َ‬
‫رسلني بل َ‬ ‫زن حل ىلع سيد ح‬
‫الم‬ ‫الم َ َّ‬
‫يم ح‬ ‫رآن َ‬
‫الع ِظ ح‬ ‫ح ح ح‬
‫هلل هو الق‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كتاب ا ِ‬
‫ى‬ ‫أ َ‬ ‫ى‬ ‫ٓ أ َ َ َ‬ ‫َ ََ َ ح َ َح‬ ‫اىل قد َ َ‬ ‫ح ََ َ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫َت‬‫ك‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬ ‫اي‬ ‫ء‬ ‫ك‬ ‫َل‬ ‫ت‬ ‫ر‬
‫ۚ‬ ‫ال‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫ه‬ ‫ان‬ ‫بح‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬‫بذلك‬ ‫أخْب‬ ‫واهلل تع‬

‫[‪ ]1‬رواه ابلخاري (‪ )2419‬ومسلم (‪)818‬‬

‫(‪ )2‬أي‪ :‬من هذا املعن‪.‬‬


‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪18‬‬

‫ه ٓ َ َ أ َ ى أ ً َ َ ِٗ ه َ ه أ َ أ َ‬ ‫أ‬
‫[يوسف‪]2-1:‬‬ ‫﴾‬ ‫‪٢‬‬‫ون‬ ‫َل‬ ‫ق‬‫ع‬ ‫ت‬ ‫م‬‫ك‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫َٰءن‬‫ر‬ ‫ق‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫ل‬ ‫نز‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫إ‬ ‫‪١‬‬ ‫ي‬
‫ٱل َ َ‬
‫ب‬‫م‬
‫ٗ‬ ‫ً‬ ‫ه َ أ‬ ‫أ‬ ‫َ أ َ‬ ‫َ َ‬
‫ج َعل َنىه ق أرَٰءنا َع َرب َ ِيا‬ ‫ي ‪ ٢‬إَنا‬ ‫ٓ‬
‫وقال‪﴿ :‬حم ‪ ١‬وٱلكَتى َ‬
‫ب ٱلمبَ َ‬
‫هَه أ َأ َ‬
‫[الزخرف ‪]3-1‬‬ ‫﴾‬ ‫‪٣‬‬ ‫ون‬‫لعلكم تعقَل‬
‫َ ‪ٞ‬‬
‫يل ِم ََن ٱ هلرنَٰمۡح ٱ هلرحَيم ‪ ٢‬ك ََتى ‪ٞ‬‬ ‫بحانَ حه‪ٓ ﴿ :‬‬ ‫ال حس َ‬ ‫َ َ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫زن‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫‪١‬‬ ‫حم‬ ‫وق‬
‫أ َ ً َ َ ِٗ ِ َ أ َ أ َ َ‬ ‫ى‬ ‫ِ َ أ َ َ‬
‫[فصلت‪]3-1:‬‬ ‫﴾‬ ‫‪٣‬‬ ‫ون‬ ‫م‬‫ل‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ٖ‬ ‫و‬‫َق‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫ي‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ان‬‫ء‬‫ر‬ ‫ق‬ ‫ۥ‬‫ه‬ ‫ت‬ ‫اي‬ ‫صلت ء‬ ‫ف َ‬
‫َ أ أَ َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أ َ َ أَٓ َأ َ ََ ٗ ِ َ أ‬ ‫َ َ ح َ َح‬
‫ۡل َن يست َمعون ٱلقرءان‬ ‫وقال سبحانه‪ِ﴿ :‬إَوذ َصفنا إََلك نفرا مَن ٱ َ‬
‫َ ْ‬ ‫ُّ‬ ‫أ‬ ‫َ َ ه أ ْ َى َ‬ ‫ه‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫فَلَ هما َ َ‬
‫َ‬
‫نصت ۖوا فلما ق َِض ولوا إََل قومَ َهم منذ ََرين ‪ ٢٩‬قالوا‬ ‫حَضوه قال ٓوا أ َ‬
‫َي‬‫ي يَ َديأهَ َي أهد ٓ‬ ‫وَس م َص ِد َٗقا ل ِ ََما بَ أ َ‬ ‫َي ى َق أو َمنَا ٓ إَنها َس َم أعنَا ك ََتىبًا أنز َل مَ ۢن َب أع َد م َ ى‬
‫َ‬
‫َ َ ح ح ً‬ ‫ِإَوَل َطريق ُّم أستَ‬ ‫َ أَ ِ َ‬
‫موه قرآنا وكتابًا‪.‬‬ ‫حقاف ‪ ]30-29‬فس‬ ‫َ‬
‫َيم‪[﴾٣٠‬األ‬ ‫ٖ‬ ‫ق‬ ‫َ ٖ‬
‫ى‬ ‫إََل ٱۡل َق‬
‫َ َه َه أ َ َ َ َ َ ‪ َ ِ ٞ‬أ ِ َ َ ْٓ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ۡل َن فقالوا‬ ‫وِح إََل أنه ٱستمع نفر مَن ٱ َ‬ ‫وضع آخر‪﴿ :‬قل أ َ‬ ‫وقال ِيف م ِ‬
‫َ َ ُّ أ َ َ ِ َ ٓ‬ ‫ام ه‬‫َي إ ََل ٱ ُّلر أش َد فَـَ َ‬
‫َأ ٓ‬ ‫ً َ َٗ‬ ‫ه َ أَ‬
‫َشك بَربَنا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ۦ‬‫ۖ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫إَنا س َمعنا ق أر َءانا عجبا ‪ ١‬يهد َ‬
‫َّ‬
‫قلبه واضله َعن َسبي ِله‬ ‫اهلل َ‬ ‫ح ٗدا‪ ّ ﴾٢‬و َال َيىف َه َذا إ َّال ىلع من أعىم ح‬ ‫أَ َ‬
‫جلن ‪]2-1‬‬ ‫[ا ِ‬
‫أ َ‬ ‫ه ََ َ‬ ‫أ‬ ‫ََ‬
‫َل ٱّلِل فما لۥ مَن هادٖ‪[﴾٣٣‬الرعد‪]33:‬‬ ‫﴿ومن يضل َ‬
‫‪19‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫[شبهة أن احلروف واألصوات ال خترج إال ِمن خمارج وأدوات]‬


‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫احت ُّ‬
‫و َ‬
‫وأدوات‪ ،‬فال‬
‫ٍ‬ ‫خمارج‬
‫ٍ‬ ‫جوا ايضا ِبأن ه ِذه احلح حروف ال خترج إال من‬
‫ح َ َح‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫بحانه(‪.)1‬‬ ‫َيوز إ َضافة ذلِك إىل اهلل س‬
‫واجلَواب َعن َه َذا من ح‬
‫أوج ٍه‪:‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َّ ح‬
‫وأدوات؟‬
‫ٍ‬ ‫خمارج‬
‫ٍ‬ ‫ادل ِيلل ىلع أن احلح حروف ال تكون اال ِمن‬ ‫أحدها‪ :‬ما‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫قد حر ىلع انلُّ‬‫َ َ‬ ‫َ َ ح‬
‫وأدوات؛ فكذلِك‬ ‫ٍ‬ ‫خمارج‬
‫ٍ‬ ‫بها إال من‬ ‫طق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ألننا‬ ‫‪:‬‬‫وا‬ ‫فإن قال‬
‫ٌ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ح ُّ َ َ ح َ َ َ َ ٌ‬
‫هلل ت َعاىل ىلع خل ِقه‪ ،‬وتشبيه لح ِب ِعبا ِده‪،‬‬ ‫اهلل رب العاملني؛ قلنا‪ :‬هذا ِقياس ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ح‬ ‫َ َ‬ ‫ٌ‬
‫اهلل ت َعاىل‬ ‫فر‪ ،‬وقد اتفقنا أن‬ ‫َ‬
‫وإحلاق لصفاتِ ِهم بصفاتِه‪ ،‬وهذا من أقب ِح الك ِ‬
‫َ‬ ‫َ أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َشء‪َ ٞ‬وه َو ٱ ه‬ ‫ال ي حش َّب حه ِِبَل ِقه وأنه ﴿ليأ َس ك َمثلَهَۦ‬
‫َ‬
‫لس َميع‬ ‫أ ۖ‬
‫أ‬
‫[الشورى‪]11:‬‬ ‫ٱۡلَ َ‬
‫صي‪﴾١١‬‬
‫ح‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫اثلَّان‪ :‬إن َه َذا بَ ِ ٌ َ‬
‫لم ال يكون ِيف‬‫هلل ت َعاىل‪ ،‬فإن ال ِع‬
‫ات ا ِ‬
‫اطل بِسائِ ِر ِصف ِ‬ ‫ي‬

‫اصطاكَكت أجرامٍ‬
‫ِ‬ ‫(‪ )1‬قال الشهرستاين األشعري‪« :‬فإن أثبتوا حروفا يه أصوات مقطعة فال بد هلا من‬
‫حىت يتحقق الصوت‪ »...‬قال‪ « :‬فيلزم ىلع ذلك أن يكون ابلاري جسما متحرَك ذا اصطاكك يف أجزاء‬
‫جسمية‪ ،‬ويتعاىل الرب سبحانه عن ذلك علوا كبريا» نهاية اإلقدام إىل علم الالكم‬

‫وقال اآلمدي األشعري‪ « :‬إذ األصوات ال تكون إال عن اصطاكك أجرام صلبة من قرع‪ ،‬أو‬
‫قلع» أبكار األفاكر ج‪1‬ص‪.386‬‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪20‬‬

‫ح َّ‬ ‫َ َ ح َ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬


‫ْص ال يكون إال‬ ‫اخنراق‪ ،‬وابل‬
‫ٍ‬ ‫من‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫يكون‬ ‫ال‬ ‫والسمع‬ ‫‪،‬‬‫لب‬‫حقنا إال ِب ٍ‬
‫ق‬
‫َ َ ََ ح ََ‬ ‫ََ َ َ ٌ َ ٌ َ ٌ َ ح َ ح‬ ‫َ‬
‫يتم الالك َم‬ ‫وصف بذل ِك‪ ،‬فإن نف‬ ‫من َح َدق ٍة‪ ،‬واهلل تعاىل َعل ِم س ِميع ب ِصري وال ي‬
‫نف َسا ِئر‬ ‫كم ح‬ ‫ََ َ ح ح‬
‫واألدوات فيلزم‬ ‫ج‬ ‫خار‬ ‫الفتقاره ‪-‬يف زعمكم‪ -‬إ َىل َ‬
‫الم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬
‫َ ُّ ح ِّ َ‬ ‫ِّ َ‬
‫األدوات؛ ل ِز َمكم مثل ذلِك ِيف‬‫ِ‬ ‫ونفيتم َعنه‬‫ح‬ ‫ات‬
‫ات‪ ،‬وإن أثبتم ل الصف ِ‬ ‫الصف ِ‬
‫ح‬
‫الفرق بَ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ََ‬
‫ينهما؟!‬ ‫الالكمِ ‪ ،‬وإال ف َما‬
‫َ َّ ح َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أنط َ‬ ‫ََ َ‬
‫اىل َ‬ ‫َّ‬
‫خمارج‪ ،‬فإنه قال‬
‫ٍ‬ ‫ري‬
‫ِ‬ ‫غ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫خملوقا‬ ‫بعض‬ ‫ق‬ ‫ع‬‫ت‬ ‫اهلل‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫‪:‬‬‫يث‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫اثل‬
‫كلَِمنَا ٓ َأيأدَيه أم َوت َ أش َهد أَ أرجلهم بماَ‬
‫أَ أ َ َأ َ َ َ أ َى أ َ َ‬ ‫َ‬
‫َت َعاىل‪﴿ :‬ٱَلوم َنتَم لَع أفوهَهَم وت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ ْ أ‬
‫َكنوا يَكسَبون‪﴾٦٥‬‬
‫[يس‪]65:‬‬

‫وها َشه َد َعلَ أيه أم َس أمعه أم َو َأبأ َصىرهمأ‬


‫َ ه َ َ َٓ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وقال َت َعاىل‪﴿ :‬حَّت إَذا ما جاء‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أ َ َ ُّ أ َ َ أ َ َ ٓ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫َوجلودهم ب َ َما َكنوا َي أع َملون ‪َ ٢٠‬وقالوا َۡللو َدهَم ل َم ش َهدتم عليناۖ قالوا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ ه ه ٓ َ َ َ ه َ أ َ َ َ‬
‫ِإَوَلهَأ‬ ‫خلَ َقك أم أ هو َل َمرة ٖه‬ ‫أنطقنا ٱّلِل ٱَّلَي أنطق ُك َشءٖ ۚ وهو‬
‫أ َ َ‬
‫ترجعون‪[﴾٢١‬سورة فصلت‪]21-20:‬‬

‫َ‬ ‫َّ ح َ َ َ َ ٓ َ َ أ َ َ ٓ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ‬


‫وأخْب عن السماء واألرض أنهما ﴿قاَلا أتينا طائَعَي‪[﴾١١‬فصلت‪]11:‬‬
‫‪21‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫لوأخْب انلَّ ِِب ﷺ أن حجرا َكن يسلم َعلي ِه(‪ ،)1‬وسبح احلَص‬
‫ِيف يَ َدي ِه [ ‪.]2‬‬
‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫سعود « حك َّنا نسمع تسبي َح َّ‬ ‫ال ابن َم ح‬ ‫َ َ‬
‫الط َعام وهو يحؤك»[‪ ]3‬وال خالف‬ ‫وق‬
‫قد حر‬‫َ َ َ‬ ‫َ ِّ ْ َ َ َ‬ ‫ادر ىلع إنطاق احلَ َ‬ ‫اىل قَ ٌ‬‫ََ َ‬
‫ار ٍج‪ ،‬ف ِل َم ال ي ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫خم‬ ‫ري‬‫غ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ص‬‫األ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫ِيف أن اهلل تع‬
‫َ َ‬ ‫َّ َ ُّ َّ‬ ‫ح َ َح‬
‫( ‪)4‬‬
‫ار ِج؟!‬
‫ِ‬ ‫خ‬ ‫الم‬ ‫من‬ ‫ال‬ ‫بحانه ىلع اتلَكم إ‬ ‫س‬

‫َّ َ َ َ ِّ‬
‫ج ًرا ِب َمكة َكن ي ح َسل حم‬ ‫ح َ‬‫«إين َأل ْعر حف َ‬ ‫ح َ َ ْ َ َ َّ َ ِّ‬ ‫َّ‬
‫هلل َصىل اهلل علي ِه وسلم‪:‬‬
‫َ ْ َ ْ َ ح َ َ َ َ َ ح ح‬
‫ِ‬ ‫(‪ )1‬عن ج ِاب ِر ب ِن سم َرة‪ ،‬قال‪ :‬قال َرسول ا ِ‬
‫َ َ َّ َ َ ْ ح َ ِّ َ ْ ح ْ َ‬
‫لَع قبْل أن أبْ َعث إين ألع ِرف حه اآلن» رواه مسلم (‪)2277‬‬
‫َّ‬ ‫ح َ‬ ‫َ َ َ َ َّ ُّ َّ‬
‫اهلل َعليْ ِه َو َسل َم َسبْ َع‬ ‫ِب َصىل‬ ‫[‪[ ]2‬غري ثابت] عن أيب ذر رِض اهلل عنه أن رسول اهلل ﷺ «تناول انل ِ‬
‫ْ‬ ‫ح َصيَ َ َ َّ ْ َ َ َ َّ َ ْ ح َ ح َّ َ ً َ َ‬ ‫أو ت ْس َع َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ني انلَّح ِل» رواه ابن أيب َعصم‬ ‫ات فسبحن ِيف ي ِدهِ حىت س ِمعت لهن حنِينا كحنِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ات ْ ِ‬
‫حصي ٍ‬
‫والزبار (‪ )4040‬والطْباين يف األوسط (‪ )1244‬و(‪ )4097‬والشاميني (‪ )246‬وأسانيد هذا اخلْب‬ ‫َّ‬ ‫(‪)1180‬‬
‫ال تقوى مع شهرته‪ ،‬وقد أورده ابن اجلوزي يف "العلل املتناهية" (‪)326‬‬

‫[‪ ]3‬رواه ابلخاري (‪.)3579‬‬


‫َّ‬
‫ونتعجب من أناس يرددون هذه الشبهة ايلوم وهم يسجلون أصواتهم ويسمعونها‬ ‫(‪ )4‬وإننا نستغرب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مفهومة بدون أن يكون هلا فم وال أسنان‬ ‫بمكْبات الصوت‪ ،‬ويرونها بأعينهم تصدر صوتا ِبروف‬
‫وال حنجرة‪ ،‬ثم يرددون هذه الشبهة أن اهلل ‪-‬حاشاه‪ -‬إذا تكلم فالبد من أن يكون ل فم وأسنان‬
‫وحنجرة‪ ،‬فرتى من يديع العقل وانلظر كيف أنه يردد شبهة قيلت ِبهل قبل أكث من ألف سنة‬
‫دون أن حياول إَعدة انلظر فيها أو تطويرها بعدما علم أن الصوت ليس من رشوطه األسنان والرئتني‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أن هذا سببه ُّ‬
‫تصورهم أن اهلل قد يشابه البرش إذا أثبتنا ل الصفات‪.‬‬ ‫واحلنجرة‪ ،‬إال‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪22‬‬

‫[شبهة تعاقب احلروف]‬


‫عض َها بَ ً‬
‫عضا(‪.)1‬‬ ‫يدخلح َها َّ‬
‫اتل َعاقحب؛ فَيَسب حق بَ َ‬ ‫ح‬ ‫احت ُّ‬
‫جوا بَان احلح حروف‬ ‫و َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ِّ َ ْ َ َ َّ‬ ‫واجلَواب‪ :‬إ َّن َه َذا إ َّن َما َ‬
‫ات‪،‬‬
‫ِ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫واألد‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫ار‬
‫ِ‬ ‫خ‬ ‫بالم‬ ‫م‬ ‫يلز حم ِيف حق من يتَك‬

‫(‪ )1‬هذا االعرتاض كتبه اجلويين األشعري يف «اإلرشاد اىل قواطع االدلة يف أصول االعتقاد» ص‪.149‬‬

‫ومعناه مثال ﴿بسم اهلل﴾ ابلاء قبل السني‪ ،‬والسني بعد ابلاء‪ .‬وهذا َيالف دين اجلهمية من‬
‫جهتني‪:‬‬

‫األوىل ‪ :‬أن هذا يلزم منه أن اهلل عنده زمان‪ ،‬وعنده قبل وبعد‪ ،‬وهذا ينايف دينهم‪.‬‬

‫واثلان ‪ :‬أن هذا احلرف اَّلي جاء بعد غريه فهو قطعا َكن بعد أن يكن‪ ،‬وهذا عندهم خملوق‪،‬‬
‫َ‬
‫ألنه بالنسبة هلم‪ ،‬ك ما َكن بعد أن لم يكن خملوق‪ ،‬وهذا ما يبنون عليه أكث ضالالتهم‪.‬‬

‫وألن جواب الشيخ لم يكن مستوعبًا دحر هذه الشبهة‪ ،‬فأقول‪:‬‬

‫جواب األوىل‪ :‬إن اهلل تعاىل قال ﴿ك يوم هو يف شأن﴾ فوقع احلق وبطل بذلك قوهلم‪ ،‬ثم تيل‬
‫هذه اآلية مجيع ما أثبتناه من أفعال اهلل تعاىل َكالستواء‪ ،‬والزنول‪ ،‬وبسط األدلة يف ذلك يطول‪.‬‬
‫َ‬
‫وأما جواب اثلانيَة‪ :‬فهم بنوا قوهلم ىلع قاعدة «ك حادث خملوق» وهذه القاعدة غري متفق‬
‫عليها إال بينهم وبني إخوانهم الفالسفة‪ ،‬أما حنن فنقول‪ :‬إن اهلل تعاىل يفعل ما شاء كما شاء مىت‬
‫وُممد عليهم صلوات‬ ‫وإبراهيم وموَس وعيس‬ ‫َ‬ ‫ونوح‬
‫ٍ‬ ‫شاء‪ ،‬وشاهد قونلا ما أمجع عليه األنبياء َ‬
‫آدم‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب قبْل حه مثل حه‪َ ،‬ول ْن يغ َض َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب ايلَ ْو َم غ َضبًا ل ْم يغ َض ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫اهلل وسالمه يف قوهلم يوم القيامة‪ « :‬إن َريب قد غض َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬
‫َب ْع َدهح ِمثل حه» [رواه ابلخاري (‪ )4712‬ومسلم (‪ ])194‬فأثبتوا غضب اهلل تعاىل اَّلي يكون يوم القيامة‬
‫أنه َكن بعد أن لم يكن قبله مثله‪ ،‬ولن يكون بعده مثله‪ ،‬وال يقول َعقل أن غضب اهلل خملوق‪،‬‬
‫ً‬
‫فتعلم يقينًا أن ما َكن من صفات اهلل تعاىل وأفعال ال يسىم خملوقا‪ ،‬وال يقاس ىلع غريه‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬
‫َ َ‬ ‫ح َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ح ح َ َح َ ح َ ح‬
‫هلل ت َعاىل بعبا ِده‪،‬‬
‫شبي ِه ا ِ‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ىل‬ ‫إ‬ ‫يعود‬ ‫ا‬‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫بذلك‪َ ،‬‬
‫وىلع‬ ‫ف‬ ‫واهلل سبحانه ال يوص‬
‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫ح‬ ‫َ ِّ َّ َ ح َ َ‬ ‫َّ ح َ ح َ َ‬
‫اطل ِيف نفسه‪.‬‬ ‫وأنه ال يتص َّو حر ِيف حق ِه إال ما يتص َّو حر ِمنهم؛ وهو ب ِ‬

‫[بيان أنَّ السور اليت فيها حروف قرآن]‬


‫ح َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ح ََ‬
‫فإن قالوا فما ديللكم ىلع أن ه ِذه السور المشتملة ىلع احلح حر ِ‬
‫وف‬
‫ح ٌ‬
‫قرآن؟‬
‫ح‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ َ‬ ‫ح َ‬
‫السال حم‪ ،‬وإمجَاع‬ ‫نبي ِه َعلي ِه‬
‫سنة ِّ‬‫هلل ت َعاىل‪ ،‬و‬ ‫ح‬
‫[اجلواب] قلنا‪ :‬كتاب ا ِ‬
‫َّ‬
‫األم ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ََ َ‬
‫بحانَ حه‪َ ﴿ :‬و َما َعل أم َنىه ٱلش أَع َر َو َما يَۢنبَ َِغ‬
‫اىل‪َ :‬ف َقول حس َ‬ ‫هلل تع‬ ‫ح‬
‫أما كتاب ا ِ‬
‫اَّلي َس َّم ح‬
‫وه‬
‫َّ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫‪ٞ ُّ ٞ‬‬ ‫ه أ ‪ٞ‬‬
‫ل ٓۥ إَن ه َو إََل ذَكر َوق أر َءان مبَي‪[﴾٦٩‬يس‪ ]69:‬فأخْب اهلل تعاىل أن ِ‬
‫َ أ‬
‫عرا عند َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫بني‪ ،‬و َما لَ َ ح‬ ‫ً ح ٌ‬
‫رآن حم ٌ‬
‫أح ٍد‪،‬‬ ‫وف ال َيوز أن يكون ِش ً ِ‬‫يس ِِب حر ٍ‬ ‫ِشعرا؛ ق‬
‫ٌ‬ ‫َّ ح ً َّ‬ ‫فَلَ َّما ثَ َ‬
‫عرا؛ دل ىلع أنه حح حروف‪.‬‬‫بت أنهم سموه ِش‬
‫َ أ ُّ َ َ َ َ أ ْ‬ ‫أ‬ ‫اىل‪﴿ :‬قل لهئن ٱ أجتَ َم َ‬ ‫َ َ ح ََ َ‬
‫ۡلن لَع أن يأتوا‬ ‫َ‬ ‫ٱ‬‫و‬ ‫نس‬ ‫ۡل‬
‫َ‬ ‫ٱ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ََ‬ ‫وقال اهلل تع‬
‫ون ب َم أثلَهَۦ َول َ أو ََك َن َب أعضه أم ۡلَ َ أعض َظه ٗ‬ ‫أ‬
‫أ َى َ أ أ َ َ َ َ‬
‫يا‬ ‫َ‬ ‫ٖ‬ ‫َ‬ ‫ب َ َمث َل هذا ٱلقرءا َن َل يأت‬
‫ح‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ار إ َىل َ‬
‫فَأ َش َ‬
‫َيوز اتلحدي‬ ‫باإلتيان ِب ِمث ِل ِه‪ ،‬وال‬
‫ِ‬ ‫اهم‬ ‫وِتد‬ ‫‪،‬‬‫اض‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫‪[﴾٨٨‬اإلرساء‪]88:‬‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪24‬‬

‫ح‬ ‫ب َما َال يحعلَ حم و َال يح َ‬


‫درى َما هو(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫ه َ َ أ أ َ َ َ ُّ َ َ ى َ أ َ َ َ أ َ َ ه‬ ‫َ َ ََ َ‬
‫اىل‪﴿ :‬إَن هىذا ٱلقرءان يقص لَع ب َ ٓ‬
‫ن إَس ءَيل أكَث ٱَّلَي‬ ‫وقال تع‬
‫َأَ َ‬ ‫أ‬
‫هم فَيهَ َيتل َفون‪[﴾٧٦‬انلمل‪]76:‬‬

‫َ َأ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ه َ َ أ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫َ‬
‫ِه أقوم﴾[اإلرساء‪]9:‬‬ ‫وقال َت َعاىل‪﴿ :‬إَن هىذا ٱلق أر َءان َي أهدَي ل َل ََّت َ‬
‫ه َ‬ ‫َأ َ َ أَ َى َ أ أ َ َ‬
‫َ‬
‫جبَ ٖل ل َرأ أيتَهۥ خىش َٗعا‬
‫َ‬ ‫ان َ َ ى‬
‫لَع‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وقال َت َعاىل‪﴿ :‬لو أنزَلا هذا ٱلقرء‬

‫َ‬ ‫ِبج ٍة عليهم‪ ،‬إال إذا َكن السؤال « َما ديللكم ىلع أن َهذه ُّ‬
‫المشتَملة‬
‫السور ح‬
‫ِ‬
‫(‪ )1‬الواقع أن هذا الرد ليس َّ‬
‫ح ٌ‬
‫وف ِه الـقرآن؟» ألن األشاعرة عندهم القرآن قرآنان‪:‬‬ ‫ىلع احلح حر ِ‬

‫قرآن خملوق‪ ،‬وهو ما نقرأه‪ ،‬وهذا اَّلي ِتدى اهلل الكفار أن يأتوا بمثله‪.‬‬
‫َ َ ِّ َ‬ ‫اال ْش ِ َ‬ ‫َّ ْ ح َ ْ ح َ ح‬
‫الصف ِة‬ ‫اك ىلع‬ ‫رت ِ‬ ‫وقرآن غري خملوق وهو علم اهلل‪ ،‬يقول الرازي‪« :‬ان الق ْرآن اس ٌم يقال بِ ِ‬
‫ْ َّ َ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َْ َ َْ َ َ‬
‫َك َما ِت ال حم َركبَة ِم ْن‬
‫ات‪َ ،‬وال نِ َزاع ِيف أن ال ِ‬ ‫وف َواألص َو ِ‬ ‫ات اَّلل تعاىل‪َ ،‬وىلع ه ِذهِ احلح حر ِ‬ ‫الق ِديم ِة القائِم ِة ِبذ ِ‬
‫الص َفة الْ َقد َ‬‫ح ِّدي َّإن َما َو َق َع ب َها َال ب ِّ‬ ‫ْ‬
‫احلح حروف َو ْاأل ْص َوات حُمْ َدثَ ٌة َخمْلحوقَ ٌة‪َ ،‬واتلَّ َ‬ ‫َ‬
‫يم ِة» [تفسري سورة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه ِذهِ‬
‫يونس ‪ 37‬اىل ‪ ]39‬وليس عند هؤالء ديلل ىلع الكمهم إال أنهم أعجبهم الكم املعَتلة‪ ،‬وأعجبهم الكم‬
‫ً‬
‫أهل السنة فحاولوا خلط احلق بابلاطل‪ ،‬فخرجوا بقول ثالث أكث بطالنا ِمن قول املعَتلة‪.‬‬

‫فالبد من االحتجاج عليهم بأن القرآن ليس إال الكم اهلل تعاىل املبدوء بالفاِتة واملختوم‬
‫بانلاس‪ ،‬وهذا فقط هو القرآن‪.‬‬
‫َ َّ‬
‫املحز ِن أن حنتاج إىل أن حنتَ َّج ىلع أناس ِمن أهل ال ِقبلة بأنه ليس عندنا إال قرآن‬
‫ِ‬ ‫وإنه ل ِمن‬
‫َّ‬
‫بلدعة‪.‬‬
‫واحد‪ ،‬وأن هذا القرآن هو ما نقره يف صالتنا‪ ،‬فانظر شؤم ا ِ‬
‫‪25‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫ه‬ ‫َ أ‬
‫[احلرش‪]21:‬‬ ‫ُّمتَ َص ِد َٗٗع ِم أَن خشيَةَ ٱّلِلَ﴾‬

‫ك ِ ََلَ هدبهر ٓوا ْ َء َايىتَهَۦ َو ََلَتَ َذ هكرَ‬ ‫َى ٌ َ َ أ َى َأ َ‬


‫ك م َبى َر ‪ٞ‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وقال َت َعاىل‪﴿ :‬كَتب أنزلنه إََل‬
‫َ‬ ‫ْ ْ أ َأ‬
‫ب‪[﴾٢٩‬ص‪]29:‬‬
‫ى‬
‫أولوا ٱۡللب َ‬
‫َ أ َى َ َ أ أ َ َ َ َ ِ َى َ َ ه َ َ َ أ َ‬ ‫َ َ ََ َ‬
‫ت قال ٱَّلَين َل يرجون‬ ‫وقال تعاىل‪ِ﴿ :‬إَوذا تتَل عليهَم ءاياتنا بيَن ٖ‬
‫ٓ َأ ََِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َ َ أ َى َ ٓ َ أ َ ِ أ أ‬ ‫َ ََٓ أ‬
‫ي هذا أو بدَل قل ما يكون ََل أن أبدَلۥ مَن‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫ان‬ ‫ء‬ ‫ر‬ ‫ق‬‫لَقاءنا ٱئ َ‬
‫ب‬ ‫ت‬
‫َ‬
‫خاف إ أن َع َص أيت َر ِّب َع َذابَ‬ ‫أ َ ٓ َ أ ٓ أ َه ه َ َ َه ِ ٓ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت َلقا ِٕي نف َس إَن أتبَع إََل ما يوِح إََل ۖ إَ َن أ‬
‫َأ َ‬
‫َيم‪[﴾١٥‬يونس‪]15:‬‬ ‫يوم عظ ٖ‬
‫َ ََ ٓ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ أَ َ‬ ‫َ َ‬
‫َل َعل أي َه أم َءايىتنَا قالوا ق أد َس َم أعنَا ل أو نشاء‬
‫بحانَ حه‪ِ﴿ :‬إَوذا تت ى‬
‫ال حس َ‬ ‫وق‬
‫َ أ َ أ َ َى َ ٓ‬
‫لقلنا مَثل هذا﴾[األنفال‪]31:‬‬

‫ِ َ أَ أ ََأ‬ ‫ََ ْ َأَ َِ َ َ أ أ َ ََ‬


‫لَع َ‬
‫ى‬ ‫َ َ ََ َ‬
‫ي‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ق‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫َن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ج‬‫ر‬ ‫ان‬‫ء‬‫ر‬ ‫ق‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬‫اىل‪﴿ :‬وقالوا لوَل ن َزل هى‬ ‫وقال تع‬
‫ٖ‬
‫[الزخرف‪]31:‬‬ ‫َعظَيم‪﴾٣١‬‬
‫َّ ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ح‬ ‫نهم أنهم َط ح‬ ‫ََ َ‬
‫اىل َع ح‬ ‫َ‬
‫ري ِه أو تبديله‪ ،‬ومرة‬
‫ِ ِ‬‫غ‬ ‫ب‬ ‫ان‬ ‫تي‬ ‫اإل‬ ‫نه‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫وا‬‫لب‬ ‫فأخْب اهلل تع‬
‫َ‬ ‫َّ ً َ ح َ َ‬ ‫َ‬ ‫َح ح‬ ‫ح ََ‬ ‫أنهم َ‬
‫نزل ىلع غريه»؛‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫وال‬ ‫ل‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬‫وا‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ة‬‫مر‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ه‬ ‫مثل‬ ‫وا‬ ‫ول‬ ‫ق‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ىلع‬ ‫ادعوا القدرة‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ح‬ ‫َ َّ‬ ‫حع َ َ ً َّ َ َ َ ح‬
‫اَّلي هو حس َو ٌر وآيات وحروف ولكمات‪.‬‬ ‫لم ي ِقينا أنه هذا الموجود عندنا ِ‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪26‬‬

‫ِ َ‬
‫ُك َمث ٖل‬ ‫َن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫ء‬‫اس َِف َهى َذا ٱلأق أر َ‬
‫َ‬ ‫َلن‬ ‫اىل‪َ ﴿ :‬ولَ َق أد َ ه‬
‫َص أفنَا ل ه‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ‬
‫وقال اهلل تع‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ٗ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫َََ َ أ َ‬
‫اس إََل كفورا‪[﴾٨٩‬اإلرساء‪]89:‬‬ ‫فأَب أكَث ٱَل َ‬
‫َ َ أ أَ َه ه ْ‬ ‫وقَ َال‪َ ﴿ :‬ولَ َق أد َ ه‬
‫َص أفنَ‬
‫[اإلرساء‪]41:‬‬ ‫﴾‬ ‫وا‬‫ر‬ ‫ك‬ ‫ذ‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ء‬‫ر‬ ‫ق‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬‫ى‬ ‫ه‬ ‫ِف‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫ِ ََ َ َ‬
‫ل َوَكن‬ ‫َص أفنَا ِف َهى َذا ٱلأق أر َءان ل ه‬
‫وقَ َال ﴿ َولَ َق أد َ ه‬
‫ُك مث ٖ ۚ‬
‫اس مَن َ‬
‫َلن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أ َ َ أ ََ َ أ َ َٗ‬
‫ۡلنسن أكَث َشءٖ جدَل‪[﴾٥٤‬الكهف‪]54:‬‬
‫ٱ َ ى‬

‫ِ ََ‬ ‫َ َ أ‬ ‫َ َ‬
‫َضبأنَا ل ه‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ُك مث ٖل‬ ‫َ‬ ‫أ‬
‫اس َِف هىذا ٱلقرءا َن مَن َ‬ ‫َلن َ‬ ‫وقال َت َعاىل‪َ ﴿ :‬ولق أد‬
‫ه ه‬ ‫ق أر َءانًا َع َرب ًّيا َغ أ َ‬ ‫َ ه َ‬ ‫ه ه‬
‫ي ذَي ع ََو ٖج ل َعله أم‬ ‫َ‬ ‫ل َعله أم َيتَذكرون ‪٢٧‬‬
‫َ ح َّ‬ ‫صفَ ْ‬
‫اَّلي ح ِّ‬‫َّ‬ ‫ارةٌ إ َىل َ‬‫و َهذه إ َش َ‬ ‫َه َ‬
‫ت ِفي ِه األمثال إن َما‬ ‫اض‪ ،‬و ِ‬
‫ٍ‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫]‬ ‫‪28‬‬‫‪-‬‬ ‫‪27‬‬‫‪:‬‬ ‫الزمر‬ ‫[‬ ‫﴾‬ ‫‪٢٨‬‬ ‫ون‬ ‫يتق‬
‫َ‬ ‫ح َ َ ح ح َ َ ُّ َّ‬
‫اس قرآنًا‪ ،‬و َسماهح اهلل َت َعاىل ﴿ َع َرب َ ًّيا﴾‬
‫ح ح َّ ح ح‬
‫يعرفه انل‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫اَّل‬
‫ِ‬ ‫هو هذا القرآن العر ِيب‬
‫عر حف و َال يح َ‬ ‫وف دون َما َال يح َ‬ ‫ح ح ح ٌ‬ ‫َّ ح َّ‬ ‫َ َ َّ َ ح َ ح‬
‫درى َما‬ ‫اَّلي هو حر‬ ‫ظم ِ‬ ‫وصف ِب ِه انل‬ ‫وهذا إنما ي‬
‫ح‬
‫هو‪.‬‬

‫َِ أ‬ ‫ٗ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫صلَ أ‬


‫ت َءايىتهۥ ق أر َءانا َع َرب َ ِيا‬ ‫َ ‪ِ ٞ‬‬
‫عز وجل‪﴿ :‬كَتىب ف َ‬
‫َ َ‬
‫ال َّ‬
‫لَقومٖ‬ ‫وق‬
‫َأَ َ‬
‫يعلمون‪[﴾٣‬فصلت‪]3:‬‬

‫َ َ‬ ‫بحانَ حه‪ِ﴿ :‬إَونههۥ ََلَزنيل َر ِب ٱلأ َعىلَ َم َ‬


‫ي ‪ ١٩٢‬ن َزل ب َ َه ٱ ُّلروح‬
‫َ َ‬
‫ال حس َ‬ ‫وق‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪27‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫َ َى َ أ َ َ َ‬ ‫أَ‬
‫ون م ََن ٱلأمنذَر َ‬
‫ين ‪ ١٩٤‬بَل ََسان َع َرّبِ‬ ‫ٱۡلمَي ‪ ١٩٣‬لَع قلبَك َلَ ك‬
‫َٖ‬ ‫َ‬
‫ُّ‬
‫ي‪[﴾١٩٥‬الش َع َراء ‪]195-192‬‬
‫مبَ ٖ‬
‫ُّ‬

‫َ‬
‫نزلأ َنىه ق أر َءانًا َع َرب ِٗيا َو َ ه‬
‫َص أفنَا فَيهَ مَنَ‬ ‫وقَ َال‪َ ﴿ :‬و َك َذىل ََك أ َ‬
‫َ‬
‫أ‬
‫[طه‪]113:‬‬ ‫ٱل َوعَي َد﴾‬
‫َ َ ه ٓ َ َ أ َ ى أ ً َ َ ِٗ ه َ ه أ َ أ َ‬
‫وقال ﴿إَنا أنزلنه قرَٰءنا عربَيا لعلكم تعقَلون‪[﴾٢‬يوسف‪]2:‬‬

‫ٗ‬ ‫‪ً ِ ٞ‬‬ ‫وقَ َال ﴿ َو َهى َذا ك ََتى ‪ٞ‬‬


‫[األحقاف‪]12:‬‬ ‫ب ُّم َص ِدَق ل ََسانا َع َرب َ ِيا﴾‬
‫ٌ ح ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬
‫تدل بمجمو ِع َها ىلع‬ ‫هلل ت َعاىل كثري‪،‬‬
‫كتاب ا ِ‬
‫ِ‬ ‫وه ِذه اآليَات وأشباه َها ِيف‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َّ ح َ َ َ َّ‬
‫اَّلي هو حس َو ٌر ُمكمات وآيات حمف َّصالت وحروف ولكمات‪،‬‬ ‫أن القرآن؛ هذا ِ‬
‫َ‬ ‫عضها فَ َال َ‬
‫وإن َت َط َّر َق احت َمال إىل بَ َ‬
‫يت َط َّرق إىل جمموعها‪.‬‬ ‫[ ][‪]1‬‬ ‫ِ‬
‫ح‬ ‫حَح‬ ‫َ َ ح‬ ‫َ َ‬
‫فتعلموا ِمن مأدب ِته َما‬ ‫ح‬
‫وقال انلَّ ِِب ﷺ «إن هذا القرآن مأدبة ا ِ‬
‫هلل‬
‫اىل‪ ،‬حهو انلُّور ح‬ ‫ََ َ‬ ‫ح‬ ‫َ َ ح َ ح‬
‫ح‬
‫والشفاء‬ ‫الم ح‬
‫بني‬ ‫عتم‪ ،‬إن هذا القرآن هو َحبل اهلل تع‬ ‫است َط ح‬
‫َ‬
‫ح‬ ‫َ ُّ َ ح َ َّ ح َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ ٌ‬ ‫َّ َ‬ ‫ٌَ‬
‫يزيغ‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫م‬ ‫و‬ ‫ق‬‫ي‬ ‫ف‬ ‫ج‬ ‫يعو‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬‫ه‬ ‫تبع‬ ‫ملن‬ ‫اة‬ ‫ْن‬‫و‬ ‫‪،‬‬‫ه‬‫ِ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫تمس‬ ‫ملن‬ ‫ة‬‫انلافع‪ ،‬عصم‬
‫الرد‪ ،‬فاتلوه فَإن َ‬
‫اهلل‬ ‫ثة َّ‬‫نق ِِض َعجائِ حب حه‪ ،‬و َال ََيلَ حق َعن َك َ‬
‫َ ح َ َ َ‬
‫فيحستعتب‪ ،‬وال ت‬

‫[‪ ] 1‬غري موجودة يف املخطوط‪ ،‬وأضفتها ألن السياق يقتضيها‪.‬‬


‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪28‬‬

‫ٓ‬ ‫ِّ َ ح‬ ‫َ‬ ‫َ ح ح‬


‫عرش َح َس َنات‪ ،‬أما إين ال أقول ﴿ال ٓم﴾‬
‫ح‬ ‫حرف‬
‫ٍ‬
‫ح‬
‫أجركم ىلع ِتالو ِته ِبكل‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ‬
‫كن ِيف األلف عرش‪ ،‬و ِِف الالم عرش‪ ،‬و ِِف ال ِميم عرش»‬
‫حرف‪ ،‬ول ِ‬
‫ّ ح ح ح ٌ‬ ‫ح ً َ‬ ‫و حرو َي ً‬
‫شحونة بذلك‪.‬‬ ‫سعود َموقوفا َعلي ِه(‪ ،)1‬والسنة م‬
‫ايضا َعن ابن َم ح‬
‫ِ‬
‫ح َ َّ َ َ ُّ َّ َ ح‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ح ح ٌَ‬
‫الصالة إال ِب ِه‪،‬‬ ‫اَّلي ال ت ِصح‬ ‫واألمة جم ِمعة ىلع أن هذا هو القرآن؛ ِ‬
‫ب(‪.)2‬‬ ‫قر حأهح َحائ ٌض و َال حج ح‬
‫ن‬ ‫نه‪ ،‬و َال يَ َ‬ ‫ح‬ ‫ح َ ح َّ‬
‫طبة إال ِبآيَ ٍة ِم‬ ‫وال تصح اخل‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِّ ح ح َ َ‬
‫الك ح‬ ‫ح ََ َ ح‬ ‫هل ِّ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ول َ َّ‬
‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫رآن‬ ‫الق‬ ‫‪:‬‬ ‫احلق‬ ‫أهل‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬‫واملعَتلة‬ ‫احلق‬ ‫أ‬ ‫اختلف‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ َ‬ ‫َ ح‬ ‫ح‬ ‫ح َ َح ح َ ح ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ح َ ح‬
‫المعَتلة‪ :‬هو خملوق؛ لم يَك ِن اختالف حهم إال ِيف هذا‬ ‫ت‬‫وق‪ ،‬وقال ِ‬ ‫غري خمل ٍ‬
‫حح‬ ‫َّ َ ح َ َ ح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ح‬
‫نعرفه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫اري ِمما ال يدرى ما هو و‬ ‫الموجو ِد‪ ،‬دون ما ِيف نفس ابل ِ‬
‫َ‬ ‫ِ أ‬ ‫َ َّ َ َ ح َ َ َ‬
‫بحانَ حه ﴿ َو َرت ََل ٱلق أر َءان‬ ‫القرآن بقول حس َ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫برتتيل‬
‫ِ‬ ‫اىل‬ ‫ولما أمر اهلل تع‬
‫َ َ ْ ح ح ح َ َّ َ َ َ ح ح‬ ‫َ ً‬
‫وجود‪.‬‬ ‫ت أرتَيٗل‪[﴾٤‬املزمل‪ ]4:‬لم يفهم ِمنه المسلمون إال هذا الم‬

‫َّ‬ ‫أ َى َ ٓ ه َ أ أ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ال الو ِيل حد ح‬
‫َش‪[﴾٢٥‬املدثر‪ ]25:‬إن َما‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫ل‬ ‫و‬‫ق‬ ‫َل‬‫َ‬ ‫إ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫إ‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫ة‬
‫ِ‬ ‫غري‬ ‫بن ح‬
‫الم َ‬ ‫وملا ق‬

‫(‪ )1‬املوقوف‪ :‬أي من الكم الصحايب‪.‬‬

‫(‪ )2‬القراءة يف اخلطبة وقراءة احلائض‪.‬‬


‫‪29‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬
‫َّ َ َ َ‬
‫عز و َجل فقال‪َ ﴿ :‬سأ أصلَيهَ‬ ‫ح‬
‫اهلل َّ‬ ‫َ‬
‫ظم(‪ ،)1‬ف َت َو َّع َده‬ ‫ار إ َىل َه َذا انلّ‬
‫أ َش َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫َسق َر‪﴾٢٦‬‬ ‫[املدثر‪]26:‬‬

‫ول َ َّما قَالحوا‪﴿ :‬لَن نُّ أؤم ََن ب َهى َذا ٱلأق أر َءان َو ََل بٱ هَّلَي بَ أ َ‬
‫ي يَ َديأهَ﴾[سبأ‪ ]31:‬إن َما‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫أشاروا إيل ِه‪.‬‬

‫س َطي ٱ أۡلَ هول َ‬


‫َي﴾ لم يَعنوا َغ َ‬
‫ريه‪.‬‬
‫ه َ‬
‫ول َ َّما قَالحوا‪﴿ :‬إَ أن َهى َذا ٓ إََلٓ أ َ ى‬

‫َ ح َ َّ َ ح‬ ‫ظم قحرآنًا ل َ َو َج َ‬
‫يك ْن َه َذا انلّ ح‬‫ح‬ ‫َ َ‬
‫الصالة ِب ِه ِألن انلَّ ِِب‬ ‫ب أن تبطل‬ ‫ولو لم‬
‫اس‪ ،‬إ َّن َما ِ َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ح‬ ‫َ َ‬
‫يه‬ ‫ﷺ قال‪« :‬إن صالتنا ه ِذه ال يصل حح ِفيها يش ٌء ِمن الكمِ انلَّ ِ‬
‫ح‬ ‫َ ح‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ح َ َ ح ح‬ ‫َّ‬
‫ولني‪ :‬يكون‬ ‫خذ َ‬ ‫رآن» فعىل قول ه حؤال ِء الم‬ ‫كبري وقِراءة الق ِ‬ ‫سبيح واتل ِ‬
‫ح‬
‫الت ِ‬
‫َّ ح‬
‫بقرآن وإن َما هو‬ ‫يس‬ ‫الص َالةح إ َّال به؛ حمبط ًال ل َ َها ألنَّ حه لَ َ‬‫رآن َّاَّلي َال تَص ُّح َّ‬ ‫ح ح‬
‫الق‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ح‬
‫ْبيل‪ ،‬وه ِذه فضيحة لم ي حسبقوا إيل َها(‪.)2‬‬ ‫عبارة ِ‬
‫ج‬
‫ِ‬

‫[خمالفة األشعري وأتباعه لإلمجاع‪ ،‬وبيان ضاللِهم]‬


‫َّ َ َ َّ َ‬ ‫َ ً َ ح ً‬ ‫ح‬ ‫َّ‬ ‫ح ح َ‬
‫يت َعل حق ه ِذا‬ ‫نسوخا‪ ،‬وإنما‬‫اسخا وم‬
‫رآن ن ِ‬
‫وأمجع المسلمون ىلع أن ِيف الق ِ‬

‫(‪ )1‬انلظم‪ :‬الالكم املنظوم املرتب برتتيب َّ‬


‫معني‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )2‬والفضيحة اثلانية‪ :‬إنهم إن صدقوا بأن الالكم هو ما يف انلَّ ِ‬
‫فس؛ لاكنت الصالة تبطل إذا فكر الشخص‬
‫ينفك ٌ‬‫ُّ‬
‫أحد عنه‪ ،‬وهو غري مبطل للصالة باإلمجاع‪.‬‬ ‫بيشء ِمن األمور‪ ،‬وهذا ال‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪30‬‬

‫فس‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬


‫بانلظم دون ما ِيف انل ِ‬
‫تيان ب َ‬ ‫لخلق؛ عجزوا َعن اإل َ‬ ‫ح ٌ َ‬ ‫ح‬ ‫وأ ح‬
‫رش حس َو ٍر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫عج‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫رآن‬ ‫الق‬ ‫مجعوا ىلع أن‬
‫ح َ َ ح ح َّ‬ ‫َ َ ح‬ ‫َّ َ َ َ َّ ح َ‬ ‫ِمثله‪ ،‬أو حس َ‬
‫اَّلي‬ ‫رآن‪ ،‬وهو هذا القرآن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الق‬ ‫ا‬‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ذ‬ ‫ور ٍة مث ِله‪ ،‬وإنما يتعلق‬ ‫ِ‬
‫وق‪ ،‬و َّ‬ ‫َ ٌ‬‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح ح َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫أقر‬ ‫المعَتلة أنه خمل‬ ‫أمجع علي ِه المسلمون‪ ،‬وكف َر ِب ِه الاكفِ حرون‪ ،‬وزعم ِ‬
‫ت‬
‫يهم‪.‬‬
‫ََ ََ‬
‫ل‬ ‫ع‬ ‫اد‬ ‫ز‬‫ف‬ ‫»‬ ‫بقرآن‬ ‫يس‬ ‫وق ولَ َ‬ ‫َ َّ َ َ َ َ َ ح َ ح ٌ‬
‫ل‬ ‫خم‬ ‫و‬ ‫ه‬‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫د‬ ‫َع‬ ‫ثم‬ ‫ئون‬ ‫ط‬
‫ح‬
‫خم‬ ‫شع ِر ُّي أنهم‬‫األ َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ ً ًَ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ َ َ ً‬ ‫َ‬
‫َك َمة حم َّتفقا‬ ‫وال خالف بني المسلمني أمج ِعني أن من جحد آية أو ِ‬
‫َ َ ح‬
‫ح‬ ‫ال َ ّ‬ ‫َ ٌ َ َ‬ ‫ً َ‬ ‫ً‬ ‫َعلَ َ‬
‫َ‬
‫كفر‬ ‫لَع َر ِِض اهلل َعنه‪َ « :‬من‬ ‫يها أو حرفا حم َّتفقا َعلي ِه؛ أنه َكفِر‪ ،‬وق‬
‫َ َ َ‬ ‫ح‬ ‫َ ح َّ‬ ‫َ ح َّ‬ ‫ح َ‬
‫يس يشء‬ ‫َيح حدهح َكه‪ ،‬ويَقول‪« :‬ل‬ ‫واألشعر ُّي‬
‫ِ‬ ‫]‬‫‪1‬‬‫[‬ ‫»‬ ‫ه‬ ‫رف ِمنه فقد كفر ِب ِه َك‬ ‫ِِب ٍ‬
‫َ‬ ‫ح ح ً َّ َ ح َ َ‬
‫الك ح‬
‫ْبيل»‬ ‫ِ ِ‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ِمنه قرآنا‪ ،‬وإنما هو‬
‫َّ ح َ ح ح َ َ َ ح َ َ‬
‫اهلل كذا» إذا‬ ‫سلمني َك حهم ِيف أنهم يقولون‪« :‬قال‬
‫َ َّ‬ ‫ني ح‬
‫الم‬ ‫و َال خالف بَ َ‬
‫َ ُّ‬ ‫ح‬ ‫َ َ‬ ‫ح‬ ‫ادوا أن حَي ح‬ ‫َ ح‬
‫رآن‪ ،‬ويح ِق ُّرون َكهم‬‫يستشهدوا ِبك ِلم ٍة ِمن الق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْبوا َعن آيَ ٍة‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫أر‬
‫َ‬ ‫َّ َ ح َ ح‬ ‫َ ِّ َ َ َ َ َ ح‬ ‫ول اهلل‪ ،‬و َ‬ ‫َ َ َ ح‬
‫ْبيل‪،‬‬ ‫ِ ِ‬‫ج‬ ‫ول‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ول‬ ‫ق‬ ‫ا‬‫ذ‬ ‫ه‬ ‫يس‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫شع‬ ‫األ‬ ‫عند‬ ‫ِ‬ ‫ِبأن هذا ق‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ح‬ ‫َح ح َ َ َ‬ ‫نبِغ ل َ ح‬‫فَ َاك َن يَ َ‬
‫ْبيل» أو‪« :‬قال انلَّ ِِب ﷺ» إ؛ ِذا َحكوا‬ ‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬‫ون‬ ‫ول‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫نهم‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِ‬

‫[‪ ]1‬صحيح عن ابن مسعود‪ ،‬ولم أجده عن ِّ‬


‫لَع‪ .‬رواه بنحوه عبد الرزاق (‪ )15946‬والطْبي يف اتلفسري‬
‫(ط‪ .‬دار الرتبية ج‪1‬ص‪ )55‬وهو صحيح عن إبراهيم انلخع‪ ،‬وقال إبراهيم عن ابن مسعود‪ ،‬وبينهما‬
‫َّ‬
‫انقطاع‪ ،‬إال أن مراسيل انلخع عن ابن مسعود صحيحة‪ ،‬انظر‪« :‬رشح علل الرتمذي» (ج‪1‬ص‪)542‬‬
‫‪31‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫آيَة‪.‬‬

‫وق‪ ،‬فإذا لم يكن‬


‫َ‬ ‫ح َ ح‬ ‫ح َ ََ ح‬ ‫ثم إ َّن حهم(‪ )1‬قد ُّ‬ ‫َّ‬
‫هلل غري خمل ٍ‬ ‫أقروا أن القرآن الكم ا ِ‬
‫َ ح‬ ‫ح‬ ‫َ َّ ح ح ح ً َ‬ ‫َ َ َ َّ َّ‬ ‫ح ح َ َ‬
‫نده ْم؟ و ِبأ ِّي‬ ‫اهلل قرآنا؛ ف َما القرآن ِع‬ ‫اَّلي سماه‬ ‫يب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫الع‬ ‫الكتاب‬ ‫ا‬‫ذ‬ ‫القرآن ه‬
‫َّ ح َ‬ ‫َ َ َ ح َّ ح ً َ َ َ ح‬ ‫َّ‬ ‫َيش ٍء عل ح‬
‫رآن إن َما تعل حم ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫الق‬ ‫ة‬‫ي‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫ن‬‫إ‬ ‫ف‬ ‫؟‬‫ا‬ ‫رآن‬ ‫ق‬ ‫سىم‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫غري‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ح ً‬
‫هلل قرآنا‪ ،‬و َما ورد‬
‫َ ََ َ‬ ‫َ ح ََ َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫الرش ِع أو انلَّص‪َ ،‬وأما العقل فال يقت ِِض تس ِمية ِصف ِة ا ِ‬
‫األمة قحرآنًا َغ َ‬
‫ح‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ح‬
‫ريه‪،‬‬ ‫ت‬ ‫الكتاب‪ ،‬وال ع َرف ِ‬ ‫ِ‬ ‫انلَّص بتسميت ِه «القرآن» إال َلهذا‬
‫َ‬ ‫َ ي َ َ ي حَ ح‬ ‫َ َ ح ً َ َ ُّ ٌ َ َ‬ ‫ح‬
‫الكتاب‬ ‫قيل ختالف‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫يع‬ ‫ِ‬ ‫رش‬ ‫ل‬
‫ٍ‬ ‫يل‬‫ِ‬ ‫د‬ ‫ري‬
‫ِ‬ ‫غ‬‫ب‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ِت‬ ‫ا‬ ‫رآن‬ ‫ق‬ ‫ه‬ ‫ري‬ ‫غ‬ ‫هم‬ ‫وتسميت‬
‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫السنة وإمجَاع األمة‪.‬‬ ‫و‬
‫عَتلَة(‪ )2‬ولَك ْن أ ُّ‬
‫حبوا‬
‫ح َ‬
‫ووفاق الم‬ ‫رآن‬
‫ح‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ول ِِبلق الق ِ‬‫ومدار القومِ ىلع الق ِ‬
‫حَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫جح َد احلَقا ِئ ِق وخمالفة اإلمجَ ِ‬
‫اع‬ ‫العيان و‬
‫َ َح ح َ َََ‬
‫ة‬‫ر‬ ‫ب‬‫اك‬ ‫م‬ ‫وا‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫فارت‬ ‫؛‬‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫أن َال يحعلَ َ‬
‫م‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ح ح َح ح ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ َ َ ح ح‬ ‫َ‬
‫ور ِهم‪ ،‬والقول بِيش ٍء لم يقله قبلهم مس ِلم وال‬ ‫تاب والسنة وراء ظه ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ونبذ ال ِ‬
‫َ‬
‫َكفِ حر‪.‬‬

‫[التَّقيَّة عند األشعريَّة]‬

‫(‪ )1‬األشاعرة‪.‬‬

‫(‪ )2‬قال اإلييج األشعري‪« :‬فاعلم أن ما يقول املعَتلة وهو خلق األصوات واحلروف‪ ،‬وكونها حادثة‪ ،‬فنحن‬
‫نقول به‪ ،‬وال نزاع بيننا وبينهم يف ذلك» [املواقف ص‪]294‬‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪32‬‬

‫َّ‬ ‫ظهار قَول ِهم و َال َّ‬‫ون ىلع إ َ‬ ‫َ َ ح َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ َ َ‬


‫يح ِب ِه إال‬ ‫ْص ِ‬
‫ِ‬ ‫اتل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ارس‬ ‫يتج‬ ‫ال‬ ‫ب أنهم‬
‫و ِمن العج ِ‬
‫وأرباب ادلولة(‪ ،)2‬وإذا ححكيت َع ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬
‫نهم‬ ‫ات(‪ )1‬ولو أنهم حوالة األمر‬ ‫ِيف اخللو ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ح َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫مقاتلَ حهم ال ِيت يَعت ِقدونها؛ ك ِرهوا ذلِك وأنكروه وَكبَ حروا َعلي ِه‪ ،‬وال ي َتظاه حرون‬
‫الم َصاحف والق َيامِ ل َ َها ع َ‬ ‫القرآن وتبجيل َ‬ ‫ح‬ ‫َّ‬
‫اخللوات‬
‫ِ‬ ‫ند رؤي ِتها‪ ،‬و ِِف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بتعظيم‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫إ‬
‫َ َ ح َّ َ َ‬
‫الزنا ِدق ِة‪.‬‬ ‫يها؟!» وهذا فعل‬ ‫أي َيشء ف َ‬ ‫يها إ َّال الورق والمداد‪ ،‬و ُّ‬ ‫ون « َما ف َ‬ ‫َح ح َ‬
‫يقول‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ َح َ‬ ‫َ َ ْ ح َ ح‬ ‫ح َ َّ‬ ‫ََ‬
‫ينه بعض َما قال‪ ،‬ف حن ِقل‬ ‫الم َناظ َرة بيين وب‬ ‫اَّلي جرت‬ ‫ولقد حكيت عن ِ‬
‫أفص َح يل بمقاتلِه‬‫ب َو َش َّق َعلَيه‪ ،‬و حهو من أكْب حو َالة ابلَ َل‪ .‬و َما َ‬ ‫ك؛ َف َغض َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إيل ِه ذل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ َ َ َ َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ َّ َ َ ح َ َ ح َ َ‬
‫فس‪ ،‬وتقول يل‬ ‫حىت خلوت معه‪ ،‬وقال‪« :‬أ ِريد أن أقول لك أقص ما ِيف ن ِ‬
‫لما أ ح‬ ‫ك َ‬
‫يناهح َع ح‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لزمته‬ ‫نهم‪ ،‬و َّ‬ ‫بمقاتل ِهم ىلع ما ح‬
‫ِ‬ ‫ص َح يل‬ ‫فسك» و َّ‬ ‫أقص ما ِيف ن ِ‬
‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ح‬ ‫َ َ‬ ‫رآن حهو َهذه ُّ‬ ‫ح َ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫السور؛ قال‪« :‬وأنا أقول‪ :‬إن هذا‬ ‫ِ‬ ‫ادلالة ىلع أن الق‬ ‫ات‬‫بعض اآلي ِ‬

‫(‪ )1‬قال ابلاجوري األشعري‪« :‬لكن يمتنع أن يقال‪ :‬القرآن خملوق ويراد به اللفظ اَّلي نقرؤه إال يف مقام‬
‫اتلعليم» [رشح جوهرة اتلوحيد ص‪]94‬‬

‫(‪ )2‬فاألشاعرة َكنوا هم املسيطرون ىلع املناصب ادلينية لقربهم ِمن السالطني‪ ،‬وترى السالطني‬
‫َّ‬
‫يوافقونهم‪ ،‬وهذا موجود إىل زماننا كما ترى يف سوريا ومْص وأكث ابلالد اإلسالمية‪ ،‬ومع ذلك فإنهم‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ح َ َ‬
‫لما َكن صحيًا قويًّا حمصا ِد َما‬ ‫أن مذهب املعَتلة َّ‬
‫ِ‬ ‫عَتل ِة يف إظهار مقاالتهم‪ ،‬إذ أنهم علموا‬ ‫َح‬
‫أجَب ِمن الم ِ‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫ففعلوا‬ ‫أرو حج هلا‪،‬‬
‫وَعمتِهم؛ انكَّس‪ ،‬فع ِلموا أن تغليف ابلدعة باألقوال املو ِهم ِة َ‬
‫ِ‬ ‫لعلماء املسلمني‬
‫راج مذهبح حهم‪.‬‬
‫ذلك‪ ،‬وهلذا َ‬
‫‪33‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬
‫ح ٌ َ ْ َ َ ح ح ح َ‬
‫الق ِد ح‬
‫يم‪.‬‬ ‫كن ليس هو القرآن‬
‫قرآن‪ ،‬ول ِ‬

‫قلت‪ :‬ونلَا قرآنان؟‬


‫َ َ‬ ‫ح‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫أي يش ٍء يكون إذا َكن نلا قرآنان؟‬ ‫قال‪ :‬ن َعم‪ ،‬و‬
‫ح َ َ َ َ‬ ‫َّ َ‬
‫حكيت َعنه هذا القول‪.‬‬
‫ح‬ ‫ثم غ ِضب ملا‬
‫َ َ َّ‬ ‫ح‬ ‫َ َ ح َ ح‬ ‫ح‬ ‫َ َ َ‬
‫وقال لح بعض أصح ِابنا‪ :‬أنتم حوالة األمر وأرباب ادلول ِة؛ فما ِ‬
‫اَّلي‬
‫القول َ‬‫َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ََ َ ح‬ ‫َح ح‬
‫بها‬ ‫ِ‬ ‫اس إىل‬‫اس ودَع ِء انلَّ ِ‬
‫اتلكم لعام ِة انلَّ ِ‬
‫ار مق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظه‬‫إ‬ ‫من‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫يمنع‬
‫ب إ َ َّ‬
‫يل‪.‬‬ ‫ت ولم حَي ْ‬ ‫َ َح ح‬
‫فبه َ‬
‫ِ‬ ‫بينهم؛ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫حح َ‬ ‫ًَ‬ ‫َ َ ح‬
‫ذاهبهم وال يتجارسون‬ ‫ون َم َ‬ ‫ابل َد ِع َطائِفة يكتم‬ ‫ِ ِ‬ ‫أهل‬ ‫يف‬
‫عر ِ‬
‫ف‬ ‫وال ن ِ‬
‫ول ﷺ بإ َ‬ ‫ََ ح ََ َ َح َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ َ َ َ‬
‫ار‬
‫ِ‬ ‫ظه‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫اىل‬ ‫ع‬‫ت‬ ‫اهلل‬ ‫ر‬ ‫م‬‫أ‬ ‫قد‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ة‬ ‫واألشعري‬ ‫ة‬ ‫إظهارها إال الزنا ِدق‬
‫ِ‬ ‫ىلع‬
‫ِأ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ َ‬ ‫ح‬
‫نزل َعلي ِه‪ ،‬فقال َت َعاىل‪﴿ :‬يَـأ ُّي َها ٱ هلرسول بَلَغ‬ ‫َ‬
‫وتبليغ ما أ ِ‬
‫ِ‬ ‫ادل ََع ِء إيله‬
‫ادلين و ُّ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ك ِإَون ل ه أم َت أف َع أل َف َما بَله أغ َ‬ ‫هِ َ‬ ‫َ ٓ َ َأ َ‬
‫ت َر َساَلَهۥ َوٱّلِل‬ ‫َ ۖ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫َن‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫نزل إََل‬‫ما أ َ‬
‫َ‬ ‫أ‬
‫صمك م ََن ٱَله َ‬
‫اس﴾[املائدة‪]67:‬‬ ‫َيع َ‬
‫ودعوا انلَّ َ‬
‫أظهروها َ‬ ‫َ َ َ ح َ َ ُّ َ َّ‬ ‫َ َ َ‬
‫اس‬ ‫ح‬ ‫احلق ف َهال‬ ‫فإن َكنت مقاتلهم كما يزعمون ِيه‬
‫وإيهام َ‬
‫العام‬ ‫ح‬ ‫حح َ‬
‫ِبال ِف َها‬
‫ح‬ ‫َ َ َ َّ َ ح‬ ‫َ َ‬
‫إيلها؟! وكيف حل لهم كتمانها وإخفاؤها واتلظاهر ِ ِ‬
‫َ َ ََ َح ح‬ ‫ُّ َّ‬ ‫واها؟ بل لَو ََكنَت مقاتلحهم ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ول‬ ‫س‬‫ر‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ن‬ ‫َك‬ ‫ي‬ ‫اَّل‬
‫يه احلق ِ‬ ‫اع ِتقاد َما ِس‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪34‬‬

‫َ َ‬ ‫أحد م ح‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫يف ل َ ْم يح‬ ‫َّ ح َّ َ َ ح َ َ‬ ‫ﷺ وأ َ‬


‫نهم‪ ،‬وكيف‬ ‫ِ‬ ‫ظه َرها‬ ‫ِ‬ ‫صحابحه واألئِمة اَّلين بعدهم؛ ك‬
‫ِب ﷺ كتمانحها َعن أم ِته وقد أح ِمرَ‬ ‫للن ِّ‬‫َّ َّ‬
‫حل‬ ‫يف‬
‫َ َ‬
‫تمانِ َها‪ ،‬أم ك‬ ‫تواطأوا ىلع ك َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫بقول‪ِ﴿ :‬إَون ل ه أم َت أف َع أل َفماَ‬ ‫ح‬
‫نزل إيل ِه وتوعد ىلع إخفا ِء يش ٍء ِمنه ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ح‬ ‫َ ح َ َ ح‬
‫بتبليغ ما أ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ َ ِّ َّ ح‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫بَله أغ َ‬
‫ت َر َساَلَهۥ﴾[املائدة‪ ]67:‬أم كيف َو ِس َعه أن يحو ِهم اخللق ِخالف احلق؟‬
‫ح‬
‫ثم هو‬
‫ح‬ ‫َ‬ ‫اهلل َح ًقا ويَ ح‬ ‫أمته ِمن أ ْن حي َعلِّ َم حه ح‬ ‫َّ‬ ‫َ ح‬
‫فيكت حمه‬ ‫أم حره بتبلي ِغه إىل أم ِته‬ ‫ﷺ اشفق ىلع ِ ِ‬
‫حابَ ِة َح َّىت‬ ‫الص َ‬‫كت َم حه َف َمن اَّلي بَلَّ َغه إ َىل َّ‬ ‫ثم إذا َ‬ ‫نه‪َّ .‬‬ ‫َ ح‬
‫يضلوا ع‬ ‫َ ح َ َّ‬
‫عنهم حىت ِ‬
‫ويتواطأوا ىلع ك َ‬ ‫َ‬ ‫صو حر م ح‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫تمانِه‬ ‫ِ‬ ‫نهم أن يدينوا ِب ِه‬ ‫اعتقدوه ودانوا ِب ِه‪ ،‬وكيف يح َّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ح‬ ‫وت َف ُّرقهم يف َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ َ َ‬ ‫نق حل َ‬ ‫َ َّ َ ح َ‬
‫ان‪ ،‬فإن ت حص ِّو َر ذلِك‬ ‫ِ‬ ‫ابلل‬ ‫ِ ِ‬ ‫هم‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫نه‬ ‫م‬
‫ٍ ِ‬ ‫أحد‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫حىت ال ي‬
‫لك َه َذا م َن ح‬ ‫ح َ ُّ‬ ‫عني َح َّ‬ ‫اتلاب َ‬ ‫اَّلي َن َقلَه إ َىل َّ‬ ‫َّ‬ ‫ح َ‬
‫ستحيل‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫وه‬ ‫اعتقد‬ ‫ىت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نهم؛ فمن‬ ‫ِم‬
‫َح َ‬ ‫ب ب َف َساده‪ ،‬ويَ ح َ ً‬ ‫ك ذي لح ي‬ ‫َ ح ُّ‬ ‫َّ‬
‫هلل ﷺ واصحابَه‬ ‫علم ي ِقينا أن رسول ا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫يقط‬ ‫ي‬ ‫اَّل‬
‫ِ‬
‫المسلمني‪ ،‬وأنه‬
‫َ‬
‫اعتقادا سوى اعتقاد ح‬ ‫ً‬ ‫ح‬
‫عت ِق حدون ِيف القرآن‬
‫َ‬ ‫وتابعيهم َما ََكنحوا يَ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫غري َمن‬ ‫ىلع‬ ‫َيىف‬ ‫ال‬
‫َ‬
‫مر‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫ٌ َ َ‬
‫ه‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫وآيات‬ ‫يب َّاَّلي حهو ٌ‬
‫سور‬ ‫الع َر ُّ‬ ‫رآن َ‬ ‫َ َ ح ح‬
‫هذا الق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أضلَّ حه ح‬
‫اهلل‪.‬‬
‫وىلع أ َ‬
‫صح ِابه‬ ‫ف = ىلع َر حسول اهلل ﷺ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫تصور ِيف حع حقول ِ ِهم أن احلق َخ ِ َ‬
‫َ‬ ‫وإن‬
‫واقتدوا ب َسلَفهم‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫ادل َ‬ ‫مهدوا ّ‬ ‫وىلع األئ َّمة َّاَّلين َّ‬
‫بعدهم‪َ ،‬‬ ‫ني َ‬ ‫اتلابع َ‬
‫اقتدوا‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ين‬ ‫ِ ِ‬ ‫و َّ ِ ِ‬
‫يح إ َىل أن َج َ‬
‫اء‬ ‫الصح ح‬
‫ِ‬
‫اب ولم يتَ َب َّني ل َ حه حم َّ‬ ‫الصو ح‬
‫نهم َّ‬ ‫ح‬
‫وغ ِّط َي َع ح‬ ‫بعدهم =‬ ‫بهم َمن َ‬
‫ِِ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫وأوضح َما َخ ِ َ‬ ‫َ ِّ َ َ َّ َ ح‬
‫ِب ﷺ وأم ِته وكشفه؛ ف َه ِذهِ عقول‬ ‫ف ىلع انلَّ ِّ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫األشع ِري فبين‬
‫‪35‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫ح‬
‫وَيدهح‬ ‫احلق َعن انلَّ ِّ‬ ‫يضيع ُّ‬
‫َ‬ ‫حَ َ ح َ ْ‬ ‫ٌ َ ٌَ‬ ‫ٌ‬
‫ِب ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫يه‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫؛‬‫ة‬ ‫يف‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ض‬ ‫وآراء‬ ‫سخيفة‬
‫َ َ َح َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ح َ‬ ‫ك َّ‬ ‫ح َ ح ُّ‬
‫وينت ِبه لح دون حهم‪ ،‬وإن ساغ لهم هذا؛ ساغ‬ ‫األم ِة‪،‬‬ ‫شع ِر ُّي ويغفل عنه‬ ‫األ َ‬

‫اعوا َعن‬ ‫الس َال حم‪ -‬وأ َّمته إ َىل أنَّهم َض ح‬ ‫نلبينا ‪َ -‬علَيه َّ‬ ‫سبتهم ِّ‬ ‫الكفار ن ح‬ ‫َّ‬
‫لسا ِئر‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫َ َ َ حَ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫َّ‬
‫رشيع ِة ُمم ٍد‬ ‫يق‪ ،‬وينب ِِغ ان تكون رشيعتهم غري ِ‬ ‫الصواب وأ ِضلوا عن الط ِر ِ‬
‫َ َ حَ‬ ‫َ ح َّ‬ ‫سالمِ ِأل َّن َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫اء ِب ِه ُم َّمد ﷺ‪،‬‬ ‫اَّلي ج‬‫دين اإلسالمِ هو ِ‬ ‫دين اإل‬ ‫َ‬
‫ﷺ ودينهم غري ِ‬
‫َ‬ ‫واعرتفحوا به؛ َخ ح‬ ‫َ‬ ‫َ ح َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬
‫رجوا َعن اإلسالمِ‬ ‫َ ِِ‬ ‫ضوا هذا‬ ‫شع ِر ُّي‪ ،‬وإن ر‬ ‫اء به األ َ‬
‫وهذا إنما ج َ ِ ِ‬
‫ح ِّ‬
‫ِبالَك َّي ِة‪.‬‬

‫[بيان أن القُرآن حُرُوفٌ]‬


‫كتاب‬ ‫يف‬ ‫د‬‫ر‬
‫ح ح ٌ‬
‫وف‪ ،‬ولم يَ‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫رآن‬
‫ح‬
‫الق‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫[شبهة] فَإن قَالحوا فَكيف قح ح‬
‫لت‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحد من األ ِئ َّمة؟‬ ‫ن‬ ‫و َال سنة و َال َ‬
‫ع‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫رآن حهو َهذه ُّ‬
‫الس ح‬ ‫ح َ‬ ‫لنا‪ :‬قد ثَ َ‬ ‫[اجلواب] قح َ‬
‫واآليات‪ ،‬وال‬
‫ِ‬ ‫ور‬ ‫ِ‬ ‫بت أن الق‬
‫َيتلف‬‫وف‪ ،‬و َال َ‬‫َّ َ ح ح ٌ‬
‫وَكفرهم ِيف أنها حر‬ ‫هم‬ ‫م‬ ‫مسل‬ ‫هم‬
‫ِّ‬
‫َك‬ ‫ء‬
‫ِ‬
‫َ َ َ حََ‬
‫ال‬ ‫ِخالف بني العق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح ََ‬ ‫َ ح ح َ ُّ‬ ‫َ ح‬ ‫َعقالن ِيف أ َّن ﴿ َ‬
‫سلمون َكهم ِيف أن سورة‬ ‫أحرف‪ ،‬واتفق الم‬ ‫ٍ‬ ‫اۡلمد﴾ َخ َسة‬ ‫ِ‬
‫َ َ ٌ‬
‫يه آيَة‬
‫الر ْ َ‬
‫ۡحن ه‬ ‫ْ ه‬
‫اّلِلَ ه‬ ‫ح‬ ‫اِتَة ح‬
‫سبع آيَ‬ ‫َ‬
‫الرحَيم﴾ هل ِ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫﴿‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫وا‬ ‫اختلف‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ات‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف‬
‫وحروف‪.‬‬ ‫ات‬ ‫نها أم َال‪ ،‬و َّات َف حقوا َكُّهم ىلع أ َّن َها َ َ‬‫م َ‬
‫ٍ‬ ‫َكم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح َ ح‬ ‫ََ َ ح ََ َ‬
‫قط َع ِة مثل‪:‬‬
‫الم َّ‬
‫القرآن باحلروف ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫كثري‬ ‫اىل‬ ‫وقد افتتح اهلل تع‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪36‬‬

‫َ َ‬ ‫ون َها حروفًا إ َّال ىلع َسبيل ح‬


‫َ َ ٌ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ٓ‬ ‫﴿ال ٓ ٓ‬
‫الماكبَ َر ِة‪ ،‬وهذا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ك‬ ‫قل‬ ‫َع‬ ‫د‬ ‫َيح‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫﴾‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫﴿‬ ‫و‬ ‫﴾‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫اج َة إ َىل َّ‬
‫ادل ِيل ِل َعلي ِه‪.‬‬ ‫غري َخاف ىلع أحد‪ ،‬فَ َال َح َ‬ ‫مر ح‬ ‫أ ٌ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ح َ َ ً‬ ‫ح‬ ‫َ َ ح َ‬
‫فإن قالوا‪ :‬ال يسوغ لكم أن تقولوا لفظة لم ترد ِيف كتاب وال سن ٍة‬
‫يحا ثَ ً‬
‫ابتا‪.‬‬ ‫اها َصح ً‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫وإن َكن معن‬
‫ِ‬
‫ح َ ٌَ‬ ‫ح ْ حَ َ‬ ‫َّ ح‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ح َ‬ ‫ح َ َ َ َ‬
‫َيوز أن يقال‪« :‬إن القرآن مائة‬ ‫لنا‪ :‬هذا خ َطأ‪ ،‬فإنه ال خالف ِيف أنه‬ ‫ق‬
‫ِّ‬ ‫ٌ َ ح َ‬ ‫ح ََ ََ َ ََ‬ ‫ََ ح َ‬
‫وست وث َمانون آيَة» و ِِف عد آ ِي‬ ‫ان‬
‫وأربع عرشة سورة‪ ،‬وإن سورة ابلقرةِ ِمائت ِ‬
‫ح‬
‫َ‬ ‫لفظ يف َذلك يف ك َ‬‫ٌ‬ ‫ح َ ح‬
‫اب وال‬ ‫ت‬
‫ِ ِ ِ ِ ٍ‬ ‫وأعشاره‪ ،‬ولم يّ ِرد‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫وأسبا ِعه‬ ‫وأحزابه‬
‫ِ‬ ‫رآن‬
‫سو ِر الق ِ‬
‫َّ‬
‫حسن ٍة‪.‬‬
‫ح‬ ‫ح‬
‫وأقوال َّ‬ ‫ُّ َّ ح‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َّ َ‬
‫حابَ ِة وإمجَاع‬
‫الص َ‬ ‫السنة‬ ‫اءت ِب ِه‬ ‫ىلع أن لفظ احلَ ِ‬
‫رف قد ج‬
‫ح‬ ‫َ ح ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫األم ِة؛ فقال انلَّ ِِب ﷺ «من ق َرأ القرآن وأعربه فله ِبكل حرف ِمنه عرش‬
‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ح‬ ‫َ ح ح‬ ‫َ‬
‫َح َس َنات ومن ق َرأهح وحلن ِفي ِه فله ِبكل حرف ِمنه َح َس َنة»[‪ ]1‬وهذا َح ِديث‬

‫[‪ ]1‬قال ُمققو املغين‪« :‬لم ْنده يف الرتمذي بهذا اللفظ وال قريب منه‪ .‬وقد أورد السيويط يف اجلامع الكبري‬
‫حديثا يقاربه يف املعن باختالف األلفاظ صفحة ‪ 817‬وعزاه للبيهِق يف شعب اإليمان»‬

‫وقال ُمقق ملعة االعتقاد‪ « :‬رواه الطْباين يف األوسط عن عبد اهلل بن مسعود رِض اهلل عنه‬
‫بلفظ‪ " :‬من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عرش حسنات‪ ،‬وكفارة عرش سيئات‪ ،‬ورفع عرش‬

‫=‬
‫‪37‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫َصح ٌ‬
‫يح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ون حح حروفه إقَ َ‬
‫ح ح َ‬ ‫ح‬ ‫َ َ‬
‫امة‬ ‫ِب ﷺ‪« :‬اقرأوا القرآن قبل أن يَ ِأِت قوم ي ِقيم‬ ‫ال انلَّ ُّ‬
‫ِ‬ ‫وق‬
‫»‬ ‫تراقيهم‬ ‫اوز‬ ‫السهم َال حَيَ‬
‫[‪]1‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ ََ‬


‫ه السالم‪« :‬أنزل القرآن ىلع سبعة أحرف»[‪]2‬‬
‫وقال علي ِ‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ َ‬
‫عراب القرآن(‪ )3‬أحب إيل َنا‬ ‫عمر َر ِِض اهلل َع ح‬
‫نه َما‪« :‬إ َ‬ ‫ال أبحو بكر و َ‬
‫ٍ‬ ‫وق‬
‫ح‬
‫بعض ح حرو ِ‬
‫فه»[‪]4‬‬ ‫فظ ِ‬ ‫من ِح ِ‬
‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ َ‬
‫ال َ ي‬
‫لَع َر ِِض اهلل َعنه‪« :‬من كفر ِِبرف من القرآن فقد كفر ِب ِه‬ ‫وق‬

‫درجات " وِف سنده نهشل الورداين‪ ،‬وهو مرتوك»‬

‫قلت‪ :‬لكن قد يكون يف نسخة ليست عندنا من سنن الرتمذي‪ ،‬ألن ابن قدامة نسبه‬
‫للرتمذي يف كتابني‪ ،‬وأكد ىلع صحته هنا وِف املغين وِف اللمعة وِف الاكيف‪.‬‬

‫[‪ ]1‬رواه ابن املبارك يف الزهد (‪ )813‬وغريه‪ ،‬وفيه موَس بن عبيدة ضعيف‪.‬‬

‫[‪ ]2‬رواه ابلخاري (‪ )2419‬ومسلم (‪)818‬‬


‫(‪َ )3‬‬
‫َكمة «إعراب» معناها‪ :‬قراءة الَكمة بلسان عريب فصيح‪.‬‬

‫[‪ ]4‬رواه أبو بكر األنباري يف «إيضاح الوقف واالبتداء» (‪ )16‬وابن املقرئ يف «أخبار انلحويني» (ص‪)42‬‬
‫ح‬
‫وإسناده تالف فيه جابر اجلعف ورشيك انلخع‪ ،‬ونقل هذا القول عن الشافع «مناقب الشافع‬
‫للبيهِق» (‪)282 /1‬‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪38‬‬

‫ح‬
‫[‪]1‬‬ ‫َكه»‬
‫ح‬ ‫ً‬ ‫ح‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫نها َح َس َنة‪ ،‬واحلسنة‬‫كل حرف م َ‬
‫ٍ ِ‬
‫يضا‪ « :‬ح‬
‫تعلموا ابلَق َرة‪ ،‬فإن ِب‬ ‫ال أ ً‬ ‫وق‬
‫َ َ َ‬
‫ِبعرش ِة أمثال ِها»[‪]2‬‬

‫َ َ‬ ‫ح‬ ‫َ ح‬ ‫ال عبد اهلل بن َم ح‬ ‫َ َ‬


‫رآن ف َعلي ِه‬
‫ِ‬ ‫الق‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫حلف‬ ‫من‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬‫نه‬ ‫ع‬ ‫اهلل‬ ‫ِض‬ ‫ِ‬ ‫سعود َ‬
‫ر‬ ‫وق‬
‫َ َّ َ‬ ‫ح‬
‫ِبكل حرف كفارة»[‪]3‬‬

‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح َ‬ ‫َ َ‬
‫ثم َر َج َع إىل أهله فليأت‬ ‫َ‬
‫اجت ِه َّ‬
‫وقال ابن عم حر‪« :‬إذا خرج أحدكم ِحلَ ِ‬
‫ح ِّ‬ ‫ح َ‬ ‫ورةً‪ ،‬فَإن َ‬ ‫صحف فيفتحه فيقرا حس َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫َ‬
‫عرش‬ ‫حرف‬
‫ٍ‬ ‫يكتب لح ِبكل‬ ‫اهلل‬ ‫الم‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ٓ‬ ‫ٓ‬ ‫ِّ َ ح‬ ‫َ َ َ‬
‫عرش‪ ،‬وال ِميم‬ ‫عرش‪ ،‬والالم‬ ‫كن األلف‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫﴾‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫﴿‬ ‫ول‬ ‫ات‪ ،‬أما إين ال أق‬ ‫حسن ٍ‬

‫[‪ ]1‬سبق الالكم عنه قبل صفحات‪.‬‬


‫َ َّ‬
‫حديث مرفوع رواه أْحد «ت َعل حموا‬ ‫ٍ‬ ‫لَع رِض اهلل عنه‪ ،‬ولكن «تعلموا ابلقرة» جاء يف‬ ‫[‪ ]2‬لم أجده عن ي‬
‫َ َ حَّ‬ ‫َ‬
‫ََْ َ َ ْ ٌَ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َّ َ ْ َ‬
‫َّسة‪ »...‬و ِذكر احلروف يف أثر عن عبد اهلل بن مسعود « تعلموا‬ ‫ابلَق َر َة؛ ف ِإن أخذ َها بَ َركة‪ ،‬وتركها ح‬
‫َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ِّ َ َ ح ح‬ ‫ك ِّل َ‬
‫ح ْرف َع ْ َ َ َ َ‬ ‫ون فيه ب ح‬ ‫ْ ح ْ َ َ ْ ح ح َ َّ ح ْ ح ْ َ ح َ‬
‫ك ْن أ ِلف‬ ‫ات‪ .‬أما ِإين ال أقول {الم} َول ِ‬
‫رش حسن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫القرآن واتلوه‪ ،‬ف ِإنكم تؤجر ِ ِ ِ‬
‫يم»رواه ابن أيب شيبة (‪ )29932‬و(‪ )29934‬وادلاريم (‪ )3351‬وقال حسني سليم أسد‪ « :‬إسناده‬ ‫َو َال ٌم َو ِم ٌ‬
‫يح َغر ٌ‬
‫يب‬ ‫يث َ‬
‫ح َس ٌن َصح ٌ‬ ‫َ َ َ ٌ‬
‫صحيح وهو موقوف» وروى الرتمذي حنوه مرفوَع (‪ )2910‬وقال «هذا ح ِد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ َ َ ْ‬
‫الوج ِه»‬ ‫ِمن هذا‬

‫[‪ ]3‬صحيح‪ ،‬رواه عبد الرزاق (‪)15946‬‬


‫‪39‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫ٌ‬
‫عرش»‬
‫[‪]1‬‬

‫َ‬ ‫ََ ٌَ‬ ‫َ ُّ ح َّ ح ح‬ ‫َ َ‬


‫فقوم َح ِفظوا حح حروفه‬
‫ٌ‬ ‫رآن ثالثة؛‬
‫ْصي‪« :‬قراء الق ِ‬
‫ِ‬ ‫ابل‬ ‫احلسن‬ ‫ال‬ ‫وق‬
‫َ َّ ح ح ح َ‬
‫وضيعوا حدوده‪]2[»...‬‬

‫صح َف‪ ،‬و َال تَ حر َّد َّن َ َّ‬


‫لَع‬ ‫الم َ‬ ‫يف حة وفَضالَة بن عبيد(‪ « :)3‬حخذ َ َّ‬
‫لَع ح‬ ‫َ َ ح َ َ‬
‫وقال حذ‬
‫ألِ ًفا و َال ً‬
‫واوا»‬
‫[‪]4‬‬

‫َ‬ ‫يد و َغ ح‬
‫ريه من األئ َّمة يف تصانيفهم «بَ ح‬ ‫َ َ ح حَ‬
‫اب اختال ِف ِهم ِيف‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وذك َر أبو عب ٍ‬
‫ح‬ ‫ح‬
‫رآن(‪»)5‬‬ ‫ح حر ِ‬
‫وف الق ِ‬

‫[‪]1‬عن ابن عباس‪ ،‬ولم أجده عن ابن عمر‪ .‬رواه ابن املبارك (‪ )807‬ونقله ابليهِق يف شعب اإليمان (‪)2003‬‬
‫وقال‪« :‬وهذا هو الصحيح»‬

‫[‪ ]2‬رواه ابن أيب ادلنيا يف اهلم واحلزن (‪ )102‬وال يثبت اسناده‬

‫(‪ )3‬صحايب‪.‬‬

‫[‪ ]4‬رواه أبو عبيد يف «فضائل القرآن » (ص‪ )213‬وابن عساكر يف «تاريخ دمشق » (ج‪48‬ص‪ )302‬وإسناده‬
‫ضعيف وفيه أبو مسكينة أو أبو مكينة ولم أعث عليه‪.‬‬
‫ََ‬
‫أنزل اهلل تعاىل‬ ‫قراءات‪ ،‬وك ذلك أنزل اهلل‪ ،‬فقد‬
‫ٍ‬ ‫(‪ )5‬يعين يف اختالف القراءات‪ ،‬فالقرآن الكريم ل عرش‬
‫يف الفاِتة ﴿مالك يوم ادلين﴾ وأنزل ﴿ملك يوم ادلين﴾ وأنزل ﴿صاط اَّلين﴾ وأنزل ﴿رساط‬
‫اَّلين﴾ فلك قارئ اختار نلفسه ما يقرأ به مما أنزل اهلل‪ ،‬فهذا املراد باختالفهم يف حروف القرآن‪.‬‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪40‬‬

‫َ َ َ ح‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫وف‬ ‫اق والشامِ ىلع عدد ح حر ِ‬ ‫از وال ِعر ِ‬ ‫أهل احلِج ِ‬ ‫ار ِمن ِ‬ ‫واتفق أهل األمص ِ‬
‫َ (‪)1‬‬
‫ح َ َ َ َ‬ ‫َ ح‬ ‫َ َ َّ َ ُّ‬ ‫ح‬
‫مْص وقالوا‪َ « :‬ع َددها كذا وكذا»‬ ‫ٍ‬ ‫أهل‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫ع‬‫ف‬ ‫رآن‬ ‫الق‬

‫سباط‪َ :‬ح َّدثَين أبو َ‬ ‫َ‬ ‫سيب بن واضح‪ « :‬ح‬ ‫الم ح‬ ‫ال ح‬ ‫َ َ‬
‫عمر‬ ‫ِ‬ ‫بن أ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يلوسف‬ ‫قلت‬ ‫ٍ‬ ‫وق‬
‫ح َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ح ح َْ‬ ‫اين َح ح‬ ‫نع ِ ُّ‬ ‫الص َ‬ ‫َّ‬
‫رشون‬ ‫رف وأربعة و ِع‬ ‫يَّسة قال‪ :‬القرآن ألفا ألِ ِف ح ٍ‬ ‫فص بن م‬
‫َ‬ ‫َ َ ً‬ ‫ح ِّ‬ ‫ََ ََ ح َ ح‬ ‫َ‬
‫ني‪،‬‬ ‫ح‬ ‫َ‬
‫ور ال ِع ِ‬ ‫حرف زوجة ِمن احل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عطي ِبكل‬ ‫حرف‪ ،‬فمن قرأ القرآن أ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ألف‬
‫َ َ َ َّ َ ح َ َّ ح ح‬ ‫سب ٍ َ ح‬ ‫بن أ َ‬ ‫وس حف ح‬ ‫ال يل يح ح‬ ‫ََ َ‬
‫بان‬ ‫عجبك من ذلِك؟ حدث ِين ُممد بن أ ٍ‬ ‫اط‪ :‬وما ي ِ‬ ‫فق‬
‫يم‪َ ،‬عن أ ِبيه‪َ ،‬عن عبد اهلل بن‬ ‫اتل ِ ّ‬ ‫برا ِهيم َّ‬ ‫عبد األىلع‪َ ،‬ع ْن إ َ‬ ‫العجيل‪ ،‬عن ِ‬
‫ِّ َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ََ ح‬ ‫َ ح َ َ‬
‫ني من احلور العني»[‪]2‬‬ ‫مسعود قال‪« :‬من قرأ القرآن أعطي ِبكل حرف زوجت ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ َ ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اس ال‬ ‫ولم تزل ه ِذه األخبار وه ِذه اللفظة متداولة منقولة بني انلَّ ِ‬
‫َ َ‬
‫شع ِر ُّي فأنكرها وخالف‬ ‫اء األ َ‬ ‫أح ٌد إ َىل أن َج َ‬ ‫يها َ‬ ‫يحنك حرها حمنك ٌر‪ ،‬و َال ََي َتل حف ف َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ح ح‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ح‬‫َّ‬
‫أهل احلق‪ ،‬وال يرتك[‪]3‬‬ ‫ول ِعند ِ‬ ‫ري لق ِ‬ ‫اخللق َكهم؛ مسلمهم وَكفِ َرهم‪ ،‬وال تأثِ‬
‫َ َ ح‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ َ َ‬
‫شع ِر ِّي‪ ،‬إال َمن قد َسل َبه‬ ‫لقول األ َ‬
‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ِ‬ ‫األم‬ ‫اع‬ ‫مج‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫ﷺ‬ ‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ول‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ول َر ح‬ ‫احلقائِق وق‬

‫(‪ )1‬وذلك االختالف سببه اختالف قراءتهم كما سبق‪ ،‬وقد يكون االختالف بسبب طريقة العد‪،‬‬
‫ً‬
‫فمثال‪َ :‬كمة «قالوا» األلف تكتب وال تلفظ‪ ،‬فهل ُّ‬
‫نعدها أم ال‪ ،‬وكذلك «لكن» نقرؤها بألف بعد‬
‫الالم‪ ،‬وال نكتب هذه األلف‪ ،‬فهل ُّ‬
‫نعدها أم ال‪.‬‬

‫[‪ ]2‬ضعيف‪ ،‬ورواه ابن منده يف «الرد ىلع من يقول الم حرف البن منده» (ص‪)61‬‬

‫[‪ ]3‬يف املخطوطة (ترتك) والسياق ال يقتضيها‪.‬‬


‫‪41‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫بصريتَه وأ َضلَّ حه َعن َسوا ِء َّ‬


‫َ‬ ‫اتلوف َ‬ ‫ح‬
‫يل‪.‬‬
‫ِ ِ‬‫ب‬‫الس‬ ‫يق وأعىم‬ ‫اهلل َّ ِ‬

‫[شبهة اثبات الصوت هلل]‬


‫ٌ َ َّ ٌ‬ ‫يت ََكَّم ب َصوت» ولم يَ‬ ‫وقَالحوا أ ً‬
‫يضا‪ :‬قد قح ح‬
‫لتم‪« :‬إن اهلل َ‬
‫كتاب وال حسنة‪.‬‬ ‫أت‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ ح‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫[اجلواب] قح َ‬
‫أهل احلَ ِّق‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اع‬ ‫إمج‬ ‫و‬ ‫السنة‬‫الكتاب و‬ ‫لنا‪ :‬بل قد َو َرد ِب ِه‬

‫كل ٗ‬‫َ ى َ أ‬ ‫َ َه َ ه‬ ‫ََ َ‬ ‫ح ََ ح‬


‫[النساء‪]164:‬‬ ‫﴾‬ ‫‪١٦٤‬‬‫ا‬ ‫َيم‬ ‫ت‬ ‫وَس‬‫م‬ ‫ّلِل‬ ‫ٱ‬ ‫م‬‫َك‬ ‫و‬‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫اىل‬‫الكتاب فقول اهلل تع‬ ‫أما‬

‫َه ه‬ ‫َ‬
‫وقول َت َعاىل‪ِ ﴿ :‬م أَنهم همن َك َم ٱّلِلۖ﴾‬
‫َ‬
‫[ابلقرة‪]253:‬‬

‫أ‬ ‫َ َِ ه ه أً َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫وقَول حس َ‬
‫بحانَ حه‪َ ﴿ :‬وما َكن لَبَش أن يكلَمه ٱّلِل إََل وحيا أو مَن‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َٓ‬
‫ي حَجاب﴾ اآلية [الشورى ‪]51‬‬ ‫ورا ِٕ‬
‫أ َ َ ى َ ُّ َ‬
‫كم َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫[الشعراء‪]10:‬‬ ‫﴾‬‫وَس‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ى‬ ‫اد‬ ‫ن‬ ‫ِإَوذ‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬‫اىل‬ ‫وقول تع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َّ ح َ َ َ َ َ‬
‫الك َ‬ ‫َ‬
‫اس َط ٍة(‪ ،)1‬وال‬
‫ري و ِ‬‫غ‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫هلل ِم َ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫وَس‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ينن‬‫ب‬ ‫خالف‬ ‫ال‬ ‫و‬

‫(‪ )1‬ال خالف بيننا وبني األشعرية يف هذا‪ ،‬ألنهم يقولون إن موَس سمع الالكم انلفس‪ ،‬وهم ينكرون‬
‫صوت اهلل تع اىل مع ذلك‪ ،‬أما املعَتلة واملاتريدية فال يوافقون هذا ويرون قول األشعرية متناقض‪،‬‬
‫ويثبتون الواسطة‪.‬‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪42‬‬

‫وت حهو َما َي َتأ ََّّت َس َم ح‬


‫َّ َ‬ ‫ح َ ح َّ َّ ح َ‬
‫اعه‪.‬‬ ‫الصوت‪ ،‬فإن الص‬ ‫يسمع إال‬
‫َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫وقد َص َّح َعن انلَّ ِِب ﷺ أنه قال «إن اهلل َيمع اخلَالئق فيناديهم ِب َصوت‬
‫َّ‬ ‫َ َح َ‬ ‫ح َ َح َ َ َ‬
‫يسمعه من بعد كما يسمع من قرب {أنا امللك أنا ادليان}»[‪]1‬‬
‫‪.‬‬

‫َ‬
‫قلت‪ :‬يَا أبه‪ ،‬إن اجلَه ِم َّية‬ ‫ت أيب فَ ح‬ ‫ال‪َ :‬سالَ ح‬ ‫َ َ‬
‫وذكر عبد اهلل بن أْحد انه ق‬
‫ح َّ َ ح ح َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ َ َ َّ‬ ‫َ ح َ‬
‫يدون ىلع اتلعطيل»‬ ‫يتَك حم ِب َصو ٍت‪ ،‬فقال‪« :‬كذبوا إنما ي ِر‬ ‫زعمون أن اهلل ال‬ ‫ي‬
‫ح َّ َ ح ح َ َّ ح َ ِّ َ َ َ َ ح َ َ ح ح َ َ‬ ‫ال‪َ :‬ح َّد َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫هران‬ ‫ار ِيب قال‪ :‬حدثنا سليمان بن ِم‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫الم‬ ‫د‬ ‫ٍ‬ ‫م‬ ‫ُم‬ ‫بن‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ْح‬ ‫الر‬ ‫عبد‬ ‫ا‬‫ثن‬ ‫ثم ق‬
‫سعود َر ِِض ح‬ ‫َّسوق‪َ ،‬عن عبد اهلل بن َم ح‬ ‫الض َح‪َ ،‬عن َم ح‬ ‫ُّ‬ ‫عم حش‪َ ،‬‬ ‫األ َ‬
‫اهلل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أيب‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫ال‪« :‬إذا تكلم اهلل بالويح سمع َصوتَه أهل َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ح‬
‫َ‬
‫السماء»‬ ‫ِ‬ ‫َعنه أنه ق‬
‫يس يف حرواته إ َّال إ َم ٌ‬
‫ام‬ ‫ال أبحو نْص السجزي ‪َ -‬رْحَه اهلل‪ -‬و َه َذا اخل َ َْب لَ َ‬ ‫َ َ‬
‫ق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫وَع إىل انلَّ ِّ‬‫ول‪ ،‬وقد حرو َي َمرفح ً‬ ‫َ ح ٌ‬
‫ِب ﷺ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مقب‬

‫وَس﴾‬ ‫الس َال حم ل َ َّما ناداهح ُّ‬


‫ربه‪﴿ :‬يَا م َ‬ ‫وَس َعلَيه َّ‬
‫َّ ح َ‬
‫ثار أن م‬
‫ِ‬ ‫و ِِف بعض اآل ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫جاب َرس ً‬
‫أ َ‬
‫سم حع َصوتك وال أرى‬ ‫ال‪« :‬بليك‪ ،‬أ َ‬ ‫بالصوت‪ ،‬فق‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫استئناسا‬ ‫يعا‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ ح َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫ووراء َك و َعن يَ ِمي ِنك و َعن‬
‫ح‬ ‫وامامك‬ ‫نت»؟ قال‪{ :‬أنا فوقك‬ ‫ماكنك‪ ،‬فأين أ‬
‫َّ َّ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ ح َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ ََ‬
‫عز وجل‪ ،‬قال‪« :‬فكذلِك أنت‬ ‫ِشمال ِك} فع ِل َم أن ه ِذه الصفة ال تنبِغ إال ِ‬
‫هلل‬

‫[‪ ] 1‬صحيح‪ ،‬انظر خترَيه والرد ىلع اعرتاضات من ضعفه يف تعليِق ىلع «فضل علم السلف» (ص‪)43‬‬
‫‪43‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬
‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬‫َ َح‬ ‫ََ‬
‫َح‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ‬‫َ‬
‫يا رب‪ ،‬أفالكمك أسمع أم الكم رسول ِك»؟ قال‪{ :‬بل الكيم} [‪]1‬‬

‫ََ‬ ‫ح ُّ ح‬ ‫الس َالم َّ‬


‫وَس َعلَيه َّ‬
‫َّ ح َ‬ ‫َ‬
‫ربه ث َّم س ِم َع الك َم‬ ‫لما ناجاه‬ ‫ِ‬ ‫آخر أن م‬
‫و ِِف أث ٍر ٍ‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ّ َ ََ‬
‫هلل ت َعاىل‪.‬‬
‫اآلد ِميني؛ مقتهم ل ِما وقر ِيف مسامعه من الكمِ ا ِ‬
‫دع َال يح َ‬
‫لت َف ح‬
‫ت‬
‫ح ح َّ ح َ ٌ‬
‫كره إال مبت‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫لم‬‫و‬ ‫األمة‬
‫َ ٌ‬
‫ه‬ ‫ٌ‬
‫كثري تناوتل‬ ‫ار‬
‫َ‬
‫اآلث‬ ‫يف‬ ‫ه‬
‫ح‬
‫ومثل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫إيل ِه‪.‬‬

‫[شبهة أن الصوت حيتاج إىل أدوات]‬


‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ح َ‬ ‫َ َ ح‬
‫(‪)2‬‬
‫ني‬
‫فإن قالوا‪ :‬فالصوت ال يكون إال ِمن هوا ٍء بني ِجرم ِ‬
‫لنا َه َذا من اهلذيان َّاَّلي أجبنا َعن مثله يف احلَرف وقح َ‬
‫لنا‪:‬‬ ‫[اجلواب] قح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ ِّ َ َ َ َ َ‬ ‫إ َّن َه َذا ق َي ٌ‬
‫ٌ‬
‫حكم‬ ‫ار َك وت َعاىل ىلع خل ِقه‪ ،‬وتشبيه لح بعبا ِده‪ ،‬و‬ ‫اس ِمنهم لربنا تب‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ح ح َّ‬ ‫ح‬ ‫َّ ح َ‬ ‫َ‬
‫كصفات خملوقاتِه‪ ،‬وهذا ضالل بعيد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صفته إال‬ ‫َعلي ِه ِبأنه ال تكون‬
‫َّ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ح َ َ‬ ‫َّ َّ‬
‫ات ىلع َما أسلفناهح‪ ،‬ىلع أن‬ ‫َ َّ‬ ‫ح‬
‫ثم إنه يلزمهم مثل هذا ِيف ب ِقي ِة الصف ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ِّ ح َ ح‬ ‫َّ َّ ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اهلل ت َعاىل ِب َما‬ ‫عز وجل إن َما هو ِاالت َباع‪ ،‬ن ِصف‬ ‫هلل َّ‬‫ات ا ِ‬‫معتمدنا ِيف ِصف ِ‬
‫َّ ح‬ ‫َ َ‬ ‫ح َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ح‬ ‫َ‬
‫نتأول‬ ‫نتجاو حز حه وال‬ ‫فسه ووصفه ِب ِه َر حسول وال ن َت َعدى ذلِك وال‬ ‫َو َصف ِب ِه ن‬

‫[‪« ]1‬تاريخ دمشق البن عساكر» (‪)50 /61‬‬


‫َّ‬
‫املادة‪ ،‬واجلح ح‬
‫رم‪ :‬هو الفعل اخلبيث‪.‬‬ ‫جل ْر حم‪ :‬هو‬
‫(‪ )2‬ا ِ‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪44‬‬

‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ َ‬ ‫اهلل و َر حسولح ي‬‫ال ح‬ ‫َ ح َّ َ َ َ‬ ‫و َال ِّ ح‬


‫حق وصدق‪ ،‬وال نشك ِفي ِه وال‬ ‫نفَّسه‪ ،‬ونعلم أن ما ق‬
‫فنؤمن به ب َ‬
‫الم َ‬ ‫ح‬ ‫معن حهو ب ِه ََع ٌ‬ ‫ول ً‬ ‫َ ح َّ َ َ َ ح َ ح ح‬ ‫ح‬
‫عن‬ ‫ِ ِ‬‫ِ‬ ‫؛‬‫لم‬ ‫ِ‬ ‫نرتاب‪ ،‬ونعلم أن ل ِما قال اهلل ورس‬
‫ال َسلَ حف َنا َّ‬ ‫ح ََ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ح‬ ‫َّ‬
‫وأئمت َنا‬
‫ح‬ ‫الصالِ حح‬ ‫علمه إيل ِه(‪ ،)1‬ونقول كما ق‬ ‫كل‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫و‬ ‫‪،‬‬‫ه‬ ‫راد‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫اَّل‬
‫ِ‬
‫َح‬ ‫ح‬ ‫اَّلل و َما َج َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ح َ‬
‫هلل‬
‫ول ا ِ‬ ‫هلل‪ ،‬وآمنا برس ِ‬ ‫هلل ىلع م َرا ِد ا ِ‬ ‫اء ع ِن ا ِ‬ ‫المقتدى بهم‪« :‬آمنا ِب ِ‬
‫ح‬ ‫َ َ َ‬ ‫ح‬ ‫حَ َح‬ ‫َ َ َ َ َح‬
‫اهلل و َر حسول‬ ‫ال ح‬ ‫هلل»[‪ ]2‬نقول ما ق‬ ‫ول ا ِ‬ ‫هلل ىلع مرا ِد رس ِ‬ ‫ول ا ِ‬
‫وما جاء عن رس ِ‬
‫ح َ َ‬ ‫ح ح َ َّ َ َ َ َّ ح َ َ ح‬
‫اهلل ت َعاىل ِيف ِك َتابه‪،‬‬ ‫نبت ِدع‪ ،‬بذلك أوصانا‬ ‫ونسكت عما وراء ذلِك‪ ،‬نت ِبع وال‬
‫اهلل َع ح‬ ‫سلف َنا َر ِ َ‬ ‫ح‬ ‫َّ‬ ‫َح ح‬
‫نهم‪.‬‬ ‫ِض ح‬ ‫هلل ﷺ ِيف حسن ِت ِه‪ ،‬وأوصانا ِب ِه‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ول‬ ‫وأوصانا رس‬
‫ْ‬ ‫َ َه‬ ‫أ َ ٗ َ ه‬ ‫َه َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫َيما فٱتبَعوه ۖ َوَل تتبَعوا‬ ‫فقال اهلل َت َعاىل ﴿ َوأن هىذا صَ َر ى َط مستق‬
‫أ َ َ‬ ‫ُّ َ َ َ َ ه َ‬
‫ٱلسبل فتفرق بَكم عن سبَيلَهَۦ﴾[األنعام‪]153:‬‬

‫(‪ )1‬هذا الكم غري سليم‪ ،‬فظاهره أن قائله ال يفهم املعين وإنما يكله إىل اهلل‪ ،‬والصواب أن أهل السنّة‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫باحلق‬ ‫اشتد‬ ‫يثبتون املعن ويفهمونه كما يفهمون سائر الالكم العريب‪ .‬والعجب من الشيخ كيف أنه‬
‫َّ‬
‫يف مسألة احلرف والصوت‪ ،‬وَكن فيها صلبًا يصول وَيول ىلع اجلهميَّة األشاعرة‪ ،‬ثم هنا يتوقف فيما‬
‫ال فرق بني إثباته ىلع حقيقته وإثبات الالكم ىلع حقيقته‪ .‬وقد سبق الالكم عن هذه املسألة يف‬
‫ً‬
‫الكتابني السابقني‪ ،‬وسيأِت الحقا فلن أحرش األقوال هنا‪.‬‬
‫أحدا قال من األئمة‪ ،‬إال أنه نحس َ‬
‫ب للشافع رْحه اهلل‪ ،‬ولم أجد َمن نسبه للشافع قبل حيىي‬ ‫[‪ ]2‬لم أجد ً‬
‫ِ‬
‫بن إبراهيم السلماِس «منازل األئمة األربعة» (ص‪ )146‬وهو متوىف َعم (‪550‬ه) ولم أجد ل إسناد‬
‫إيل الشافع رْحه اهلل وال نسبه إيله املتقدمون‪ ،‬وال من نقل عقيدته َكهلروي‪ ،‬وال من ترجم ل َكبن‬
‫أيب حاتم وابليهِق‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫َ َ َ َ َ َ ه ْٓ َ أ َ َ َ ٓ َ َ‬


‫نزل إََلكم مَن ربَكم﴾[الزمر‪]55:‬‬
‫وقال تعاىل ﴿وٱتبَعوا أحسن ما أ َ‬
‫أ ُّ َ ه َ َ ه‬ ‫أ‬ ‫َّ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬
‫ال َلر ح‬
‫ون‬
‫َ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ت‬‫ٱ‬ ‫ف‬ ‫ّلِل‬ ‫ٱ‬ ‫ون‬‫َب‬ ‫ُت‬ ‫م‬‫نت‬‫ك‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫ق‬‫﴿‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫الس‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ول‬ ‫س‬ ‫وق‬
‫ه‬ ‫أ أ‬
‫ُيبَبكم ٱّلِل﴾[آل عمران‪]31:‬‬

‫الراشدين َ‬ ‫َّ‬ ‫حََ‬ ‫ََ ح‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬


‫المهديني‬ ‫ِ‬ ‫اء‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫اخل‬ ‫سنة‬ ‫و‬ ‫سنيت‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫يك‬ ‫ل‬‫«ع‬ ‫‪:‬‬‫ﷺ‬ ‫ِب‬
‫ِ‬ ‫انل‬ ‫ال‬ ‫وق‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫من بعدي‪ ،‬عضوا َعلَ َ‬
‫يها بانلواجذ وإيَّاكم وُمدثات األ حمور فإن ك ُمدثة‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِبدعة وك ِبدعة ضاللة»[‪]1‬‬

‫ح‬ ‫ح َ‬ ‫ال عبد اهلل بن َم ح‬ ‫َ َ‬


‫[‪]2‬‬ ‫»‬ ‫فيتم‬ ‫ك‬ ‫فقد‬ ‫تبتدعوا‬ ‫ال‬ ‫سعود‪« :‬اتبعوا و‬ ‫وق‬
‫ح‬ ‫ْ‬ ‫َ ح َ‬
‫الكما َم َ‬ ‫َ َ‬
‫عناهح‪« :‬قِف َحيث‬ ‫الع ِزيز ‪َ -‬ر ِِض اهلل عنه‪-‬‬ ‫ال عمر بن عبد َ‬ ‫وق‬
‫َ َ ح‬ ‫َ ُّ‬ ‫وم فَإ َّن حهم َع ْن علم َو َق حفوا وب َب َ‬ ‫َ‬ ‫َََ‬
‫فذ كفوا‪ ،‬ول حهم َكنوا ىلع كشفها‬ ‫ْص نا ٍ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الق ح‬ ‫ف‬ ‫وق‬
‫َ َ‬ ‫َّ ح َ ح ح َّ ح َ‬ ‫يها أ َ‬ ‫أقوى‪ ،‬وبالفضل لَو ََك َن ف َ‬
‫الس ِابقون‪ ،‬فلنئ َكن اهلدى‬ ‫حرى وإنهم لهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نتم َعلي ِه؛ لقد سبقتموهم إيل ِه‪ ،‬ول ِنئ قلتم‪« :‬حدث حدث بعدهم» فما‬
‫ح‬ ‫َما أ ح‬
‫ح‬
‫وصفوا ِمنه َما‬ ‫نهم‪ ،‬ولَ َقد َ‬ ‫غري سبيلَهم ورغب ب َنفسه َع ح‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫أحدثَه إ َّال من َّات َب َع َ‬
‫َ َ ح َح ْ ح َ ّ ٌ ََ َْ َ ح ْ حَ ّ ٌ ََ ْ‬ ‫ح َ َ‬ ‫َ َ َّ ح‬ ‫َ‬
‫َّس‪ ،‬لقد‬ ‫كف‪ ،‬وتكلموا ِمنه ِبما يشف‪ ،‬فما دونهم مق ِْص‪ ،‬وال فوقهم ُم ِ‬ ‫ي ِ‬

‫[‪]1‬‬

‫[‪ ]2‬رواه ادلاريم يف سننه (‪ )211‬واسناده قابل للتحسني‪.‬‬


‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪46‬‬

‫َ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َْ َََ‬ ‫َ َّ َ ح َ ح ْ َ ٌ َ َ َ‬
‫جف ْوا‪َ ،‬و َط َم َح آخ حرون عن حه ْم فغل ْوا‪ ،‬وإن حهم ِمن ذلِك ل َعىل‬ ‫قْص دونهم أناس ف‬
‫ح ً ح ْ َ‬
‫يم» [‪]1‬‬
‫هدى مست ِق ٍ‬
‫ك انلَّ ح‬ ‫َ َْ َ َ َ ْ َ ََ َ ْ ََ َ َ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ َ‬
‫اس‪،‬‬ ‫ار من سلف‪ ،‬وإن رفض‬ ‫وقال األوز ِايع رْحه اهلل‪« :‬عليك ِبآث ِ‬
‫ك بالْ َق ْ‬
‫َ ْ َ َْح َ َ‬ ‫آرا ِء ّ َ‬ ‫َوإيَّ َ‬
‫اك َو َ‬
‫ل»[‪]2‬‬‫ِ‬ ‫و‬ ‫ال‪ ،‬وإن زخرفوا ل ِ‬ ‫الرج ِ‬ ‫ِ‬
‫ح‬ ‫اهلل َع ح‬ ‫من َّ‬ ‫لف َّ‬ ‫ّ ح‬
‫نهم‪ -‬واألئِ َّمة‬ ‫ِض ح‬ ‫حابَ ِة ‪َ -‬ر ِ َ‬ ‫الص َ‬ ‫الح َ‬ ‫الص ح‬ ‫يزل الس‬ ‫ولم ِ‬
‫َ َ‬ ‫ََ ح‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ح َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬
‫هلل‬
‫هلل ويتقربون إىل ا ِ‬ ‫بعدهم يعظمون هذا القرآن ويعتقدون أنه الكم ا ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َّ َ ح‬ ‫َ ح‬ ‫ح ح َ َّ‬
‫اءتِ ِه ويَقولون‪« :‬إنه غري خملوق‪ ،‬ومن قال إنه خملوق ف حهو َكفِ ٌر»(‪ )3‬وملا‬ ‫بقر َ‬ ‫َ‬
‫ح‬ ‫القرآن؛ َث َّب َ‬ ‫ح‬ ‫ح َ َح َ َ َ َ‬ ‫تن حة و َظ َ‬
‫وقعت الف َ‬
‫ت أهل‬ ‫ِ‬ ‫لق‬
‫ِ‬ ‫ِب‬
‫ِ‬ ‫ول‬
‫ِ‬ ‫الق‬ ‫ىل‬ ‫إ‬ ‫وا‬‫ع‬ ‫ود‬ ‫ة‬‫ل‬ ‫عَت‬ ‫الم‬ ‫رت‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ ِ‬
‫نهم َمن‬ ‫عض حهم‪ ،‬فَم ح‬ ‫عضهم‪ ،‬و حض َب بَ ح‬ ‫عض حهم‪ ،‬و ححب َس بَ ح‬ ‫لق َح َّىت قحت َل بَ ح‬ ‫احلق اخل َ َ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فسه‬ ‫وبذ َل نَ َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ َ َ َ ح‬
‫إيمانه‬
‫َ‬
‫تقية(‪ )4‬وخوفا ىلع نفسه‪ ،‬و ِمنهم من ق ِوي‬
‫ً‬ ‫َ ح َ َ َ َ َّ ً‬
‫ضعف فأجاب‬

‫[‪ ]1‬رواه أبو داود (‪ )4612‬بنحوه‪ .‬وقال األبلاين‪« :‬صحيح»‬

‫[‪ ]2‬رواه اآلجري يف الرشيعة (‪)127‬‬

‫(‪ )3‬وردت عن السلف ألفاظ كثرية بهذا املعن‪ ،‬نقلها حرب الكرماين‪ ،‬وعبد اهلل بن أْحد‪ ،‬والاللاكيئ‬
‫وغريهم‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫قتل أو ما شابه‪.‬‬
‫(‪ )4‬اتلقية يه إظهار خالف احلق عند الرضورة‪ ،‬يلتِق بذلك ما قد يصيبه ِمن ٍ‬

‫=‬
‫‪47‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫السن ِة إ َىل أن َك َش َف ح‬
‫اهلل‬ ‫يبه يف جنب اهلل‪ ،‬ولم يز َّل عن ُّ‬
‫ح‬ ‫َ َ َ ح‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫هلل واحتسب ما ي ِص ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫أهل ابل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫دع ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تنة وأزال تِلك ال ِمحنة وقمع‬ ‫ت َعاىل تِلك ال ِف‬
‫ح‬ ‫َ‬ ‫ح َ ح‬ ‫الك ح‬‫َّ ح َ َ َ‬ ‫أهل ّ‬ ‫َ َ ً‬
‫وق‪ ،‬ولم يك ِن‬ ‫ٍ‬ ‫ل‬‫خم‬ ‫غري‬ ‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫السنة ىلع أن القرآن‬ ‫واتفق‬
‫ُّ َ َّ َ َّ َ ح ح ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ح ح‬
‫اهلل قرآنا‬ ‫دعوا إىل القول ِِبل ِق ِه ِسوى ه ِذهِ السو ِر ال ِيت سماها‬ ‫القرآن اَّلي‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ح‬ ‫َّ َ ح َ َ َ‬ ‫ََ‬
‫ريها ابلَ َّتة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫غ‬ ‫يف‬‫ِ‬ ‫اخلالف‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫الس‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫بيا‪ ،‬وأنزهلا ىلع َر حسو ِل عل‬ ‫َع َر ًّ‬
‫الة‪ ،‬إ َّال أنه يحر ح‬
‫يد‬
‫ٌَ َ َ ح َ ح ح َ َ َ ََ َ‬
‫ُم‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫عَت‬ ‫الم‬ ‫ول‬ ‫ق‬ ‫ول‬ ‫ق‬‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫خملوق‬ ‫ا‬ ‫شعر ّي أ َّن َ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعند األ ِ‬
‫ح َ َ‬ ‫ثم يح ح‬ ‫أهل احلَ ِّق َّ‬ ‫ً ح ح َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ََح ح‬
‫عَتل ِة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫بقول‬
‫ِ‬ ‫ه‬‫فَّس‬ ‫ق‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ي‬ ‫قوال‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫الظ‬ ‫يف‬ ‫اتللبيس فيق ِ‬
‫ول‬
‫ٌ َّ َ ح ح‬ ‫كت ٌ‬‫وظ َم ح‬ ‫ٌ ٌ َ ح ٌ‬ ‫ح ح‬ ‫َح ح‬ ‫َ َ َ‬
‫ثم يقول‪:‬‬ ‫وب مسموع»‬ ‫ف ِم ْن ذلِك أنه يقول‪« :‬القرآن مقروء متلو ُمف‬
‫ً َ‬ ‫َ‬ ‫ً َ َ‬ ‫َ َ ح‬ ‫َ ٌ‬ ‫نفس ابلَ‬ ‫ح ح‬
‫ات‪ ،‬وال حروفا وال‬ ‫اري قائِم ِب ِه‪ ،‬ليس هو سورا وال آي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف‬
‫ِ‬ ‫رآن‬ ‫«الق‬

‫وع ِّذ َب وافقهم بالقول يلنجوا ِمن ِّ‬


‫رشهم‪.‬‬ ‫اب» يعين وافقهم‪ ،‬أي ذلك اَّلي حسج َن ح‬ ‫وقول «فَ َ‬
‫أج َ‬
‫ِ‬
‫َ ْ َ َ ْ ح‬ ‫ْح ْ ح َ ْ َ‬ ‫َ َّ‬
‫واتلقية أصلها يف الكتاب العزيز‪ ،‬قال اهلل تعاىل ﴿يت ِخ ِذ المؤ ِمنون الاكفِ ِرين أو ِيلاء ِمن د ِ‬
‫ون‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َّ ْ َ َّ ح ْ ح ْ ح َ ً َ ح َ ِّ ح ح ح َّ ح َ ْ‬ ‫ْح ْ َ َ ْ َْ َ ْ َ َ ََْ َ‬
‫َّلل نف َس حه َوإىل‬ ‫َّ‬
‫اَّلل ِيف يش ٍء إال أن تتقوا ِمنهم تقاة وحيذركم ا‬ ‫المؤ ِمنِني َومن يفعل ذلِك فليس ِم َن ِ‬

‫إيل فيها‪ :‬ما رواه ابن أيب شيبة (‪ )33049‬عن حذيفة رِض‬ ‫السلَ ِف َّ‬ ‫أعجب الكم َّ‬ ‫ري﴾ ومن َ‬
‫ِ‬ ‫اَّلل ال ْ َم ِص ح‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫حَ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ح ّح‬ ‫ّ َْ‬
‫ب َك حه» وجاء عن أيب جعفر ُم َّمد بْن‬ ‫يين َب ْع َض حه ِببَ ْع ٍض خمافة أن يذه‬
‫رتي ِد ِ‬ ‫«إين أش ِ‬ ‫اهلل عنه أنه قال‪ِ :‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ َّ ح َ َ حّ‬
‫ِتل ال َميْتَة لِل حمض َط ِّر» فليست اتلقيَّة كما يفعلها الرافضة واألشعرية يف‬ ‫َ‬
‫ِتل إال كما ِ‬ ‫لَع‪« :‬اتل ِقية ال ِ‬
‫َّ‬
‫إخفاء عقائدهم‪ ،‬وإنها ال تبيح أن يفعل صاحبها القتل ورشب اخلمر‪ .‬كذلك فإنها ال تبيح مداهنة‬
‫ح‬
‫أْحد ابن‬ ‫الكفار تلحصيل املصالح ادلنيويَّة‪ ،‬وال تبيح دعوة انلاس إىل باطل‪ ،‬وهلذا‪ ،‬عندما علم‬
‫َّ‬
‫حنبل أن انلاس يتابعونه؛ لم يأخذ باتلقيَّة‪ ،‬ألنه لو أجاب تلابعوه ىلع ذلك القول‪.‬‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪48‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ح ً َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫وكتابته‪.‬‬ ‫وسماعه‬ ‫اءته‬‫ات» فكيف يتصور إذا قِر‬
‫َكم ٍ‬‫ِ‬
‫ون‪« :‬لَ َ‬
‫َّ َ ح ح َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ح َ‬ ‫َح ح َ‬
‫يس‬ ‫هلل ِم َن ا ِ‬
‫هلل» ثم يقول‬ ‫ويقولون‪« :‬إن موَس سمع الكم ا ِ‬
‫وت»‬ ‫َ‬
‫ِبص ٍ‬

‫يها‬ ‫ون‪« :‬لَ َ‬


‫يس ف َ‬ ‫َّ َ ح ح َ‬
‫اح ِف» ثم يقول‬ ‫َ َ‬ ‫َ ح ٌ‬ ‫ح‬ ‫َح ح َ‬
‫ِ‬ ‫ويقولون‪« :‬إن القرآن مكتوب ِيف المص ِ‬
‫ح َّ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫َّ‬
‫طه حرون‪ ،‬و َما‬ ‫ت ك َما َزع حموا؛ ف ِل َم ال ي َم َّس َها اال الم‬ ‫احلْب والورق» فإن َكن‬ ‫ح‬ ‫إال‬
‫َ‬ ‫من حع من ِّ‬ ‫َ‬
‫حدث يح َ‬ ‫َر َ‬
‫أينا ح‬
‫ْب وال َو َر ٍق‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫مس‬ ‫الم‬
‫َ‬ ‫ارةح ىلع احلَالف ح‬ ‫َ ح َ‬
‫الك َّف َ‬
‫صح ِف إذا َحنث؟‬ ‫بالم َ‬
‫ِِ‬ ‫ول ِم جتب‬

‫سويَة بَني‬
‫ح‬ ‫ح َ َ ح َّ‬
‫الت‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫ل‬ ‫رق‬‫و‬ ‫ال‬‫و‬ ‫المصحف إ َّال احلِ ح‬
‫ْب‬ ‫يس يف ح‬ ‫ال إنَّه لَ َ‬‫َ َ َ‬
‫ومن ق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك واحد م ح‬ ‫ْ ح ْ َ َ ِّ‬ ‫َّ ح‬ ‫َّ‬
‫نه َما‬ ‫ِ ٍ ِ‬ ‫اج(‪ِ )1‬ألنه إذا لم يكن بني‬ ‫ان ابن احلَج ِ‬
‫َ‬
‫صحف وبني ِديو ِ‬ ‫ِ‬
‫ح‬
‫الم‬
‫ِّ‬ ‫َ َ‬
‫كم‪ ،‬هذا َم َع رد ِه ْم‬ ‫َ‬ ‫حلْب وال َو َرق؛ فقد ت َ َساويا‪ ،‬فَ ح‬ ‫َغ َ‬
‫تساويهما ِيف احلح ِ‬
‫ِ‬ ‫يجب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ري‬
‫َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ ٓ‬ ‫َ‬ ‫ىلع ا َ َ‬
‫اع األم ِة فإن اهلل تعاىل قال‪﴿ :‬فٗل‬ ‫ول وخرقِ ِهم إلمجَ ِ‬ ‫َ‬
‫هلل تعاىل وىلع َر حس ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ٞ‬‬ ‫ه َ‬ ‫ون َعظ ٌ‬ ‫ه ََ َ ‪ ٞ‬هأ َ أ َ َ‬ ‫أقسَم ب َ َم َوىق َعَ ٱَلُّج َ‬
‫أ‬
‫َيم ‪ ٧٦‬إَنهۥ لق أر َءان‬ ‫وم ‪ِ ٧٥‬إَونهۥ لقسم لو تعلم‬
‫ِ‬ ‫َ ‪ٞ‬‬ ‫ه َ َ ُّ ٓ ه أ َ ه َ‬ ‫ه أ‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫َكر ‪ٞ‬‬
‫زنيل مَن‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫‪٧٩‬‬ ‫ون‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ط‬ ‫م‬‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫َل‬‫َ‬ ‫إ‬ ‫ۥ‬‫ه‬ ‫س‬ ‫م‬‫ي‬ ‫َل‬ ‫‪٧٨‬‬ ‫ن‬
‫ٖ‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ٖ‬ ‫َت‬ ‫ك‬ ‫ِف‬
‫َ‬ ‫‪٧٧‬‬ ‫يم‬ ‫َ‬
‫كتاب‬ ‫يف‬ ‫ٌ‬
‫كريم‬
‫ح َّ َّ َّ ح ح ٌ‬
‫رآن‬ ‫ق‬ ‫ه‬‫ن‬‫أ‬ ‫جل‬ ‫و‬ ‫عز‬ ‫اهلل‬ ‫فأقسم‬ ‫﴾‬ ‫‪٨٠‬‬ ‫ي‬‫هر ِب ٱلأ َعىلَ َم َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫]‬ ‫‪80‬‬‫‪-‬‬ ‫‪75‬‬‫‪:‬‬‫[الواقعة‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬هو احلسني بن أْحد ت‪ 391‬ـهشيع ل ديوان شعري ِّ‬


‫ِسء فاحش‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬
‫َ َ‬ ‫ح َ َ‬ ‫َّ‬ ‫كنون فَ َر ُّدوا َعلَيه وقَالحوا‪َ « :‬‬
‫َم ح‬
‫احلْب والورق» وقال اهلل ت َعاىل‪:‬‬ ‫ح‬ ‫الكتاب إال‬
‫ِ‬ ‫يف‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ى‬ ‫َ َ‬ ‫وقَ َال حس َ‬
‫بحانَ حه‪َ ﴿ :‬وٱ ُّ‬ ‫َأ َ أَ ‪ ٞ‬ه ‪ٞ‬‬
‫ب‬‫ٖ‬ ‫َت‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫‪١‬‬ ‫َ‬ ‫ور‬ ‫لط‬ ‫]‬ ‫‪22‬‬‫‪-‬‬ ‫‪21‬‬‫‪:‬‬‫الْبوج‬ ‫[‬ ‫﴾‬ ‫‪٢١‬‬ ‫يد‬ ‫َّم‬
‫﴿بل هو قرءان َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬
‫هم أسطورٖ ‪َِ ٢‬ف َر ٖق همنشورٖ‪ّ [ ﴾٣‬الطور‪ ]3-1:‬وقال ﷺ‪« :‬‬
‫ح‬
‫رآن إىل‬ ‫ِ‬ ‫الق‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫تسافروا‬ ‫ال‬
‫َ ح ح‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫ح‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫يها القرآن‪.‬‬ ‫احف ال ِيت ِف‬ ‫أرض العدو خمافة أن تنال أيديهم»[‪ ]1‬ي ِريد المص ِ‬
‫َ‬ ‫ون َكُّ حهم ىلع تَعظيم ح‬ ‫َ ح ح َ‬
‫صح ِف وتبجي ِل ِه وِت ِريم َم ّس ِه‬ ‫الم َ‬
‫ِ ِ‬ ‫واتفق المسلم‬
‫ح َ َّ َ ح‬ ‫َ َّ َ ح َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ارة‪ ،‬وال جتب الكفارة‬ ‫حد ِث‪ ،‬وأن َم ْن حلف ِب ِه فحنث ف َعلي ِه الكف‬ ‫ح‬
‫ىلع الم ِ‬
‫َ َّ َ ح‬ ‫َ َّ ح َّ َ َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫باحللف َ‬
‫ارة ىلع احلَالِ ِف‬ ‫بت الكف‬ ‫خلوق‪ ،‬وذك َر بعض املبتدع ِة أنه إنما وج ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلكم ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫من حدل ِن‬ ‫َ‬ ‫هلل‪ ،‬وه ِذ ِه غفلة ِمنه‪ ،‬فإن هذا‬ ‫العتقا ِد العام ِة أن ِفي ِه الكم ا ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫انلَّ ِّ‬
‫جد ِد اآلن‪.‬‬ ‫ِب ﷺ لم يت‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫عت ِق حدون أن ِفي ِه‬ ‫وصحابته ََكنحوا يَ َ‬
‫َ‬ ‫ِب ﷺ‬ ‫أقر أ َّن ََع َّم َة أهل عْص انلَّ ِّ‬ ‫فَإ ْن َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُّ َّ َ‬ ‫حَ‬ ‫َّ‬ ‫وأقرهم َعلَي ِه انلَّ ُّ‬ ‫اىل َّ‬ ‫ََ َ‬ ‫ََ‬
‫الك َ‬
‫اَّلي ال شك‬ ‫وصوبهم ِفي ِه؛ فهو احلق ِ‬ ‫ِب ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫هلل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ ُّ َ ح‬
‫حيل ِخالفه‪.‬‬ ‫ِفي ِه وال ِ‬
‫َ َ‬ ‫ك ول َم يعلَ ْم بهم انلَّ ُّ‬
‫ِب ﷺ‪ ،‬فكيف‬
‫َ َ َّ ح َ ح َ َ ح َ َ َ‬
‫وإن قال إنهم َكنوا يعت ِقدون ذل ِ‬
‫ِ‬
‫ح‬
‫ع ِل َم هو؟!‬

‫[‪ ]1‬رواه مسلم (‪)1869‬‬


‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪50‬‬

‫صحاب َر ح‬‫يف عل َم حهو من أحوال أ َ‬ ‫َ َ‬


‫هلل ﷺ و ِم َن اعتقاداتِهم‬
‫ول ا ِ‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وك‬
‫ح ح ح َ‬ ‫َما َيىف ىلع َر حسول اهلل ‪-‬صىل اهلل عليه‪ -‬و حهو بَني ح‬
‫أظه ِر ِهم وعنه يَأخذون‬ ‫ِ ِ‬
‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يرج حعون و ِبه يقتدون وعنه يصدرون؟!‬
‫وإ ِ ِ‬
‫ه‬‫يل‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ح ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ ح ح‬
‫فقد‬
‫ثم هل َكنوا مصيبني ِيف اع ِتقا ِد ِهم أو خمط ِئني؟ فإن َكنوا خمط ِئني؛ ِ‬
‫أص َ‬
‫اب‬ ‫اب َر حسول اهلل ﷺ ََكنحوا حض َّال ًال و َمن َ‬
‫بعدهم‪ ،‬وأنه حهو َ‬ ‫اعتقد أ َّن أ َ‬
‫صح َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫بمخالف ِتهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َّ ح‬ ‫صح ح‬
‫اب َر ح‬ ‫َ‬
‫يكون أ َ‬ ‫ح‬ ‫َ َ‬
‫هلل ﷺ اتفقوا ىلع اع ِتقا ِد‬ ‫ا‬
‫ِ ِ‬ ‫ول‬ ‫س‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫َيوز‬ ‫يف‬ ‫وك‬
‫َ َ َ ْ‬ ‫هم َمن َ‬‫احلق وتب َع ْ‬
‫والضالل وابلَاطل وأخطأوا َّ‬ ‫َّ‬
‫بعدهم ىلع ذلِك إىل أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اخل َ َطأ‬
‫َ َ َح‬ ‫ََ َ‬ ‫ح‬ ‫َ َ َ َ‬
‫اب وعرف خطأ َمن َكن قبله؟!‬ ‫الصو َ‬
‫رف َّ‬ ‫اء هذا اجلَا ِهل ِب َزع ِم ِه فع‬ ‫ج‬

‫هلل‬ ‫َ َ َح‬ ‫َّ َ َ َ ٌ َّ َ َ َ ح َ ٌ َ َ ٌ َ َ َ‬


‫ول ا ِ‬
‫ثم هذا إقرار ِبأن مقاتله ِبدعة حا ِدثة خالف بها أصحاب رس ِ‬
‫َّ‬ ‫ح َّ َ ح ح‬
‫ول َع ح‬ ‫ﷺ و َّ َ َ‬
‫فيهم‪.‬‬ ‫ه‬‫ي‬
‫ِ [‪ِ ]1‬‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫ي‬‫و‬ ‫م‬‫نه‬ ‫اَّلي يق‬
‫اتل ِاب ِعني بعدهم‪ .‬وهو ِ‬
‫َ َ َ َّ‬ ‫كونحوا يَ َ‬‫َ ح‬ ‫َّ َ‬
‫عت ِق حدون هذا وإن َما‬ ‫ِب ﷺ لم ي‬‫أهل عْص انلَّ ِّ‬
‫ِ ِ‬ ‫وإن زعم أن‬
‫َ َّ َ ح‬ ‫ت َه َذا احلح ح‬ ‫بعد حهم؛ فَل َم ح‬ ‫َ‬
‫حدث َ‬
‫ارة ىلع‬ ‫عْصهم؟ ول ِ َم و َجبت الكف‬
‫ِ‬ ‫يف‬
‫ِ‬ ‫كم‬ ‫يثب ح‬
‫ِ‬

‫[‪ ] 1‬يف املخطوط «بقول عنهم وبدعته» وليست تفهم يف هذا السياق واهلل أعلم‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫ولعل قصده بـ«هو» أي القول بأنهم ضلوا‪.‬‬
‫‪51‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫َ َّ َ َ ح َ َّ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫خالف بَني ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫احللف‬
‫جتب كفارة ِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ه‬‫ن‬ ‫أ‬ ‫سلمني‬ ‫الم‬ ‫ال‬ ‫ْب‪ ،‬و‬
‫احلالِ ِف بالور ِق واحلِ ِ‬
‫َ َ ح‬ ‫ََ َ‬
‫وق؟‬ ‫ْب وال خمل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫بور ٍق و‬
‫َ َّ‬ ‫اد وِف أ ِّي عْص؟ و َما َعل َ‬ ‫َ ح‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫ثم َ‬
‫َّ‬
‫منا احلَا ِدث إال‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫اال‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ث‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫ىت‬ ‫م‬
‫لألمة وللكتاب و ُّ‬
‫السن ِة‪.‬‬ ‫الف َّ‬ ‫َ َ ح َ َ‬
‫خ‬ ‫الم‬ ‫بيث‬ ‫اخل‬ ‫م‬ ‫ه‬‫قَول َ ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ َ ح َ‬ ‫َ ح‬ ‫َ َّ َ َ َ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫َّ َ َ‬
‫زعمون‬ ‫اَّلي ي‬ ‫ثم كيف حيل أن يحوهموا العامة ما يقوى ِب ِه اع ِتقادهم ِ‬
‫بما‬ ‫الظاهر واحرتام َها عند انلَّاس‪ ،‬و حر َ‬ ‫َّ‬
‫للمصاحف ِيف‬ ‫هم‬‫دع ٌة‪ ،‬من تعظيم ْ‬ ‫أنَّه ب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس أن حهم‬
‫َّ َ َّ‬
‫رؤوس ِهم يلحوهموا انل‬ ‫وقبلوها ووضعوها ىلع‬ ‫ند جميئها َّ‬ ‫اموا ع َ‬ ‫قَ ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َّ َ ْ َ َ َ ٌ‬ ‫َ َ ح َ َ ح َ ح َ َ‬
‫كم‬ ‫يعت ِقدون ِفيها القرآن‪ ،‬وربما أمروا من توجبت علي ِه ي ِمني ِيف احلح ِ‬
‫ح‬ ‫رآن َ‬ ‫ح ح ح‬ ‫ح‬ ‫َّ‬ ‫ً َ‬ ‫ح َ‬
‫الكتاب‬ ‫يم و‬ ‫الع ِظ ح‬ ‫اَّلي حي ِلف ِب ِه هو الق‬ ‫احللف بالمصح ِف إيهاما لح أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِب‬
‫ُّ َ‬ ‫َ ٌ َ ٌ َ َ‬ ‫َ ح َ َ‬
‫اطل‪ ،‬فكيف حيل ل حهم أن يتظاهروا ِب ِه‪،‬‬ ‫يم‪ ،‬وهذا ِعندهم اع ِتقاد ب ِ‬ ‫الك ِر‬
‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ ح‬ ‫َ َ ح‬ ‫َ َ َ‬
‫ويحض ِمرون ِخالفه‪ ،‬وهذا هو انلِّفاق ِيف عهد َر حسول اهلل ﷺ‪ ،‬وهو الزندقة‬
‫َ َ َ‬ ‫سلمني يف اع ِت َقا ِد ِهم ويح َ‬ ‫َ‬ ‫اف َق َة ح‬ ‫َ َ ح ْ ح َ ح َ‬
‫ضمر خالف ذلِك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ظهر مو‬ ‫ايلوم‪ ،‬وهو أن ي ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ي َ َّ ح َ‬ ‫ََ ٌَ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ ح َحَ‬
‫ري شك‪ ،‬فإنه ال شك ِيف أن حهم‬ ‫غ‬
‫ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ة‬‫ق‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫ز‬ ‫فهم‬ ‫‪،‬‬ ‫الة‬ ‫ُم‬ ‫ال‬ ‫ومِ‬ ‫الق‬ ‫ء‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫وهذا حال هؤ‬
‫َّ ح‬ ‫َ‬ ‫ً َّ َ ح َ‬ ‫يحظهرون تَعظ َ َ َ‬
‫اط ِن أنه‬ ‫اح ِف إيهاما أن ِفيها القرآن‪ ،‬ويعتقدون ِيف ابلَ ِ‬ ‫يم المص ِ‬ ‫ِ‬
‫لقر َ‬ ‫َ‬
‫وَيتمعون َ‬ ‫َ ح‬ ‫َ َ‬ ‫ح (‪)1‬‬ ‫ح‬ ‫َ َّ‬ ‫لَ َ‬
‫اءتِه‬ ‫رآن‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الق‬ ‫يم‬ ‫عظ‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ويظهرون‬ ‫‪،‬‬ ‫داد‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫وال‬ ‫رق‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫ال‬ ‫إ‬ ‫ا‬‫يه‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫يس‬

‫(‪ )1‬ال ِمداد‪ :‬هو احلِْب‪.‬‬


‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪52‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ح‬


‫ظهرون‬ ‫ِ‬
‫عبارته‪ ،‬ويح‬
‫ِ‬
‫يل و َ‬ ‫ْب‬
‫تأيلف ِج ِ‬
‫ِ‬ ‫املحافل واألع ِزيَ ِة‪ ،‬ويعتقدون أنه ِمن‬‫ِ‬ ‫ِيف‬
‫ح ح َ‬
‫وت‪ ،‬ويَقولون ِيف أذانِهم‬ ‫َّ َ ح ح َ َ َ َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫ح َ‬
‫هلل‪ ،‬ثم يقولون ليس ِبص ٍ‬ ‫هلل ِمن ا ِ‬ ‫أن موَس س ِمع الكم ا ِ‬
‫ََ َ ْ َ َ ح‬ ‫ح َّ ح َ َّ ً َ ح ح‬
‫رساتلحه‬ ‫هلل» ويعتقدون أنه انقطعت‬ ‫وصلوا ِتهم‪« :‬أشهد أن ُممدا رسول ا ِ‬
‫َّ َ َ َ َ ح َ‬ ‫َح َ‬ ‫ح ح َّ ح َ‬
‫هلل ِيف َح َياتِه(‪،)1‬‬ ‫هلل‪ ،‬وإنما َكن رسول ا ِ‬ ‫ونبوته ِبموتِ ِه‪ ،‬وأنه لم يبق رسول ا ِ‬
‫حَ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ َ‬ ‫ذهبهم أنه لَ َ‬
‫َ َح َ َ‬
‫الس َماء إل‪ ،‬وال ِيف األرض قرآن‪ ،‬وال أن ُم َّم ًدا‬ ‫يس يف َّ‬
‫ِ‬ ‫وح ِقيقة م‬
‫عت ِقدهح َغ ح‬‫يتظاهر ِب َالف َما يَ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َر حسول اهلل‪ ،‬ولَ َ‬
‫ريهم‬ ‫ح ِِ ِ‬ ‫يس ِيف أهل ابلدع َكهم من‬
‫َّ َ َ‬
‫الزنا ِدق ِة‪.‬‬ ‫أشبه حهم من‬
‫َ‬ ‫و ح‬
‫غري من‬

‫[مؤسس الطائفة األشعريَّة]‬


‫ََ ٌ ح َْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ (‪َّ )2‬‬
‫بدين‬
‫اَّلي أنشأ ه ِذه ابلِدعة رجل لم يعرف ٍ‬
‫ومن العجب أن إمامهم ِ‬

‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫فليس رسوال‪ ،‬وهذا نسبه‬ ‫ُممدا ﷺ َكن رسوال هلل تعاىل يف حياته‪ ،‬وأما بعد مماته‬ ‫(‪ )1‬املقصود أنهم يرون‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ابن حزمٍ لألشاعرة‪ ،‬فقال‪َ « :‬‬
‫تزعم أن ُم َّمد بن عبد اهلل بن عبد املطلب ﷺ‬ ‫ح ِديث فرقة مبتدعة ْ‬
‫خْبِن حسلَيْ َمان بن خلف ْابلَ ِ ّ‬‫ََ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫اِج ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫لي َس حه َو اآلن َر حسول اهلل ﷺ‪َ ،‬و َهذا قول ذهب ِإيلْ ِه األشعرية‪ ،‬وأ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ حَ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫احلسن بن فورك ْاأل ْصبَ َه ِ ّ‬
‫اين ىلع َه ِذه املسألة قتله بالسم ُم حمود‬
‫ْ‬
‫َو حه َو من مقدميهم ايلَ ْوم‪ -‬أن ُم َّمد بن‬
‫بن سبكتكني» [ال ِف ّصل ج‪1‬ص‪ ]75‬وهنا ابن قدامة ينسبه هلم‪ ،‬ولكنين لم أجد يف كتب القومِ هذا‬
‫الصالح‪ :‬ليس كما زعم بل هو تشنيع عليهم»‬ ‫الصالح‪« :‬ال ابن َّ‬‫الالكم‪ ،‬واهلل أعلم‪ ،‬ونقل عن ابن َّ‬

‫[أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعني يف رجب ص‪]68‬‬


‫ََ‬ ‫ً‬
‫(‪ )2‬يعين‪ :‬أبو احلسن األشعري ت‪ 324‬ـهوَعش معَتيلًّا أربعني سنة من عمره ثم خالف شيخه فانقلب‬

‫=‬
‫‪53‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬
‫َّ‬ ‫َّ َ َ ح ح َ‬ ‫و َال َو َر ٍع و َال َيش ٍء م ْن حعلحومِ َّ َ‬
‫لم إال‬ ‫الرشيع ِة ابلَتة‪ ،‬وال ينسب إيل ِه ِمن ال ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني ََع ًما َّ‬ ‫ربع َ‬‫َ‬ ‫يعرتفون بأنَّ حه أقَ َ‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ ََ‬
‫الالكمِ َ‬
‫ثم‬ ‫عَتال أ ِ‬
‫ِ‬ ‫ام ىلع اال‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫وه‬ ‫‪،‬‬ ‫ذمومِ‬ ‫الم‬ ‫علم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ح َ َّ َ‬ ‫َ َ ُّ ح َ َ ح َ‬
‫دعة‪ ،‬فكيف‬ ‫ابل‬
‫أظهر الرجوع عنه‪ ،‬فلم يظهر ِمنه بعد اتلوب ِة سوى ه ِذه ِ‬
‫َّ َ َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ُُ‬ ‫تَ َ‬
‫عدوه‪ ،‬وَل َيعل اهلدى‬ ‫ملعرفة احلق إَل‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫يوف‬ ‫َل‬ ‫الل‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫و‬‫ق‬ ‫ع‬ ‫ِف‬‫ي‬ ‫صور‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اَلسالم نصيب وَل ِف ّ‬ ‫َ‬
‫يس ُ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ‬
‫ين حظ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ادل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫لم‬
‫ي‬ ‫ع‬
‫ي‬ ‫ِف‬ ‫ي‬ ‫َل‬ ‫إَل مع من ل‬

‫[خطر هذه البدعة]‬


‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ َ ح ح َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫انتشارا‬ ‫قبحها قد انترشت‬ ‫ور فسا ِدها و ِزيادةِ ِ‬‫ابلدعة مع ظه ِ‬ ‫ثم إن ه ِذه ِ‬
‫ح‬
‫تقوم‬ ‫وأخب َثها‪ ،‬و َعلَ َ‬
‫يها‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ابلدع‬ ‫يما‪ ،‬وأظنها َ‬
‫آخر‬ ‫ظهورا َعظ ً‬
‫ً‬ ‫ً َ‬
‫كثريا وظ َهرت‬
‫ِ‬
‫َ َ َ َّ‬ ‫وانتشارا‪ ،‬فَإن نَ َ‬ ‫ح َّ َ َ ً‬ ‫َّ َ ح َّ َ‬
‫أخْبنا أن ِيف آخر‬ ‫بينا ﷺ‬ ‫ً‬ ‫اعة وأن َها ال تزداد إال كثة‬ ‫الس‬
‫ح َّ‬ ‫ُّ َ َ‬ ‫غر حب ّ‬ ‫الس َ ح‬ ‫ح‬
‫ابلدع و َت حموت ّ‬ ‫حح‬
‫نيا ال تزداد إال‬ ‫ادل ح‬
‫ين(‪ ،)1‬وأن ادل‬ ‫نن ويَ ح‬ ‫تكث‬ ‫الز َمان‬
‫َّ‬

‫فحىت انقالبه عليهم لم ح‬ ‫ىلع املعَتلة‪َّ ،‬‬


‫يكن عن ِدراسة‪ ،‬بل عن لكون بدعة «وجوب فعل األصلح‬
‫ىلع اهلل تعاىل» لم توافق عقله‪ .‬ولكنَّه بعد انقالبه عليهم بدأ حال يعتدل شيئًا فشيئًا حىت مات بعد‬
‫َّ‬
‫لكن أتباعه يتبعونه ىلع بدعه‬ ‫أربع وعرشين سنة من تلك احلادثة وحال قريبة من حال أهل السنَّة‪،‬‬
‫ً‬
‫أخريا وىلع مقاالته اليت يف آخر كتاب ألفه وهو «اإلبانة»‪.‬‬ ‫وال يتبعونه ىلع ما استقر عليه حال‬
‫َََ ْ ْ َ ح َ ً َََح ح َ َ َََ َ ً َح َ ْح‬
‫وَب ل ِلغ َربَاءِ»‬‫اإلسالم غ ِريبا‪ ،‬وسيعود كما بدأ غ ِريبا‪ ،‬فط‬
‫(‪ )1‬روى مسلم (‪ )145‬عن رسول اهلل ﷺ‪« :‬بدأ ِ‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪54‬‬

‫أهل ِّ‬ ‫ُّ ح‬ ‫ح َح َ ح ً‬ ‫وف حم ً‬ ‫ح َ ح ح‬ ‫ً َّ ح‬


‫احلق‪،‬‬ ‫عروفا(‪ ،)1‬وأنه ي ِقل‬ ‫نكرا والمنكر م‬ ‫إدبارا وأنه يصري المعر‬
‫ح‬
‫هلل(‪ ،)2‬وأنه يعظ حم‬ ‫يرض حهم َمن َخ َذل َ حهم َح َّىت يَأِت أ ح‬
‫مر ا ِ‬ ‫إ َّال أنهم َم َع قلتهم َال ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أول اب ِت َدا ِئه ِيف‬ ‫ِب ﷺ ّ‬
‫ادل َ‬ ‫أجر حهم(‪ .)3‬وشبه انلَّ ح‬ ‫يكث ح‬ ‫حح‬ ‫ثوابح‬
‫آخر ِه ِب ِ‬
‫ين ِيف ِ‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫هم‬
‫َ‬ ‫ََح ح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫السالم‪« :-‬بدأ ادلين غ ِريبا وسيعود كما بدأ»‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫غربت ِه وقل ِة أه ِله‪ ،‬فقال ‪َ -‬علي ِه‬
‫ح ِّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫َ‬
‫الم َتأخرين‬ ‫ثم فضل‬ ‫ثم مجع بَينهم ِيف أن ل حهم حطوَب‪ ،‬فقال‪« :‬فطوَب للغربا ِ‬
‫ء» [ ‪]4‬‬
‫َّ‬
‫ال يف َحديث‪« :‬يَأِت ىلع انلَّاس َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫زمان يكون للقائمني‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ار فق ِ‬ ‫بعض األخب ِ‬‫ِيف ِ‬
‫نهم»‬ ‫السنة مثل اجر َخسني َشهيدا» قَالحوا‪« :‬يَا َر حسول اهلل منا أو م ح‬ ‫بالكتاب و ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ً‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ح َ َْ ْ‬ ‫َ َ‬
‫ك ْم ِإذا َرأيتح حم ال َم ْع حروف حمنك ًرا‪َ ،‬وال حمنك َر َم ْع حروفا؟» رواه نعيم يف‬ ‫(‪ )1‬جاء عن رسول اهلل ﷺ‪« :‬كيْف ِب‬
‫ْ‬
‫الفنت (‪ )111‬والطْباين يف األوسط (‪ )9325‬وروى ابن وضاح يف ابلدع (‪ )235‬عن ابن مسعود‪« :‬يَأ ِِت‬
‫ً َ َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ح ْ َ‬ ‫ْ ًَ َ ْ ْ ح ً ْ‬ ‫َ َ ٌ َ ح ح ّح َّ ح‬ ‫ََ‬
‫ابلد َعة حسنَّة‪َ ،‬وال َم ْع حروف حمنك ًرا‪َ ،‬وال حمنك حر َم ْع حروفا؛ َوذلِك‬ ‫اس زمان تكون السنة ِفي ِه ِبدعة‪ ،‬و ِ‬ ‫ىلع انلَّ ِ‬
‫الس َالطني يف حدنْيَ ح‬ ‫ْ ح‬ ‫ََْ‬ ‫َ َّ َ ح‬
‫اه ْم» وأسانيدها غري صحيحة‪ ،‬إال أن املعن يوافق‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وك َو َّ‬ ‫ِإذا اتبعوا َواقتد ْوا ِبال حمل ِ‬
‫ً‬
‫أحاديثا أخرى صحيحة‪.‬‬
‫َ َ َ ْ َ ّ َ َ ح ّح ح ْ َ ْ َ َ َ ح ْ َ َّ َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ ح َ َ ٌ ْ ح َّ َ‬
‫هلل َو حه ْم‬
‫ِت أم حر ا ِ‬ ‫(‪ )2‬قال ﷺ‪« :‬ال تزال طائِفة ِمن أم ِيت ظا ِه ِرين ىلع احل ِق‪ ،‬ال يرضهم من خذلهم‪ ،‬حىت يأ ِ‬
‫َ َ َ‬
‫كذلِك» رواه ابلخاري (‪ )3641‬ومسلم (‪)1920‬‬
‫َّ َ ْ ح َ ْ َ َ ح‬ ‫َ َ َْ ْ ْ َ‬ ‫ْب ف َّ َ َ ْ‬ ‫ك ْم أَيَّ َ‬ ‫(‪ )3‬قال ﷺ‪« :‬فَإ َّن َو َر َ‬
‫ني ي ْع َمل‬ ‫الص ْ َ ْ ٌ‬ ‫ام َّ‬ ‫اء ح‬
‫يهن أجر َخ ِس‬ ‫يهن كقب ٍض ىلع اجلم ِر لِلعا ِم ِل ِف ِ‬ ‫ْب ص ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫ِمثل َع َم ِل ِه» رواه أبو داود (‪ )4341‬والرتمذي (‪ )3058‬وابن ماجه (‪ )4014‬وقال احلاكم (‪« :)7912‬هذا‬
‫جاهح» وقال اَّلهِب‪« :‬صحيح»‬ ‫يح ْاإل ْسنَاد َول َ ْم حَيَ ِّر َ‬ ‫َ ٌ َ‬
‫ح ِديث ص ِح ح ِ ِ‬

‫[‪ ]4‬رواه مسلم (‪)145‬‬


‫‪55‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫ح‬ ‫َ َ‬
‫[‪]1‬‬ ‫قال « ِمنكم»‬
‫ٌ َ ٌ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫يم‪ ،‬وذلِك واهلل أعلم لعظم نفعهم وصعوبة األمر‬ ‫وهذا فضل ع ِظ‬
‫يهم وقلة أنصارهم‪.‬‬
‫ِّ َ َ‬
‫ل‬‫ع‬ ‫هم‬‫وتأبل‬ ‫أعدائهم‬ ‫ة‬‫ث‬‫َعلَيهم و َك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح‬ ‫اء يف خْب‪« :‬يَأِت ىلع انلَّاس َ‬ ‫َ َ‬
‫زمان يكون املتمسك ِب ِدي ِن ِه‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وقد ج ِ‬
‫َ ح َ َ‬ ‫َ‬
‫وجبة َّللِك األجر‪ .‬ثبتنا اهلل ىلع‬ ‫َكلقابض ىلع اجلَمر»[‪ ]2‬ف َه ِذهِ الصعوبة ِيه الم‬
‫ِ‬
‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫يه َما‪.‬‬
‫يهما‪ ،‬وحرشنا عل ِ‬
‫يهما‪ ،‬وأماتنا عل ِ‬
‫ّ‬
‫اإلسالمِ والسن ِة‪ ،‬وأحيانا عل ِ‬

‫[كثرة أهل البدع]‬


‫ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫احلق بكثتِهم‬ ‫ابلدع يستدلون ىلع كونِهم أهل‬ ‫ِ‬ ‫العجب أن أهل‬ ‫ِ‬ ‫ومن‬
‫َّ‬ ‫ح َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ح‬ ‫و َك َ‬
‫السن ِة ب ِقل ِة أه ِل َها‬
‫طالن ُّ‬ ‫ويستدلون ىلع ب‬ ‫ِ‬ ‫هورهم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وظ‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫وجا‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ة‬‫ث‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬
‫لون ما جعله انلَّ ُّ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِب ﷺ د ِيلل احلق وعالمة السن ِة؛‬ ‫ِ‬ ‫وغرب ِتهم وضع ِفهم‪ ،‬فيجع‬
‫ان وغرب ِتهم‪،‬‬ ‫الز َ‬
‫م‬ ‫احلق يف آخر َّ‬ ‫ِب ﷺ أخْبنَا بقلَّة أهل ِّ‬ ‫َّ‬ ‫اطل‪ ،‬فَإن انلَّ‬ ‫َد ِيل َل ابلَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ ْ ح َْ َ َ ح َْ‬
‫ني ي ْع َمل ِمثل َع َم ِل ِه» اَّلي‬‫[‪ ]1‬رواه الطْباين يف الكبري (‪ )10394‬وفيه رجل لم أعرفه‪ ،‬وحديث «أجر َخ ِس‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫خرجته سابقا أثبت منه‪ ،‬وأسلم من حيث املعن‪.‬‬

‫[‪ ]2‬رواه الرتمذي (‪ )2260‬وقال األبلاين‪« :‬صحيح»‬


‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪56‬‬

‫َ‬ ‫ح‬ ‫و حظ حهور أهل ابل َد ِع وكثتهم‪ ،‬ولَ ح‬


‫كنهم سلكوا َ‬
‫يل األم ِم ِيف استدالل ِ ِهم ىلع‬ ‫ب‬
‫ِ ِ‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صحاب أنب َيائهم(‪ )1‬بك َ‬
‫أنب َيائهم وأ َ‬
‫ضعف أهل احلق‬ ‫ثةِ أموال ِ ِهم وأوال ِدهم‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫ََ ٗ ِأََ ََ ََ ى َ هََ َ‬ ‫ه‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫ك إَل ٱَّل َ‬
‫َين‬ ‫َ‬ ‫فقال قوم نوح لح‪َ ﴿ :‬ما ن َرىىك إَل بَشا مَثلنا وما نرىك ٱتبع‬
‫َ‬
‫ضل بَ أل َنظ ُّنكمأ‬ ‫َ أ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫أ ََ َ َ َ هأ َ َ ََ ى َ أ َ َ‬
‫هم أراذََلا بادَي ٱلرأ َي وما نرى لكم علينا مَن ف َ ِۭ‬
‫كى َ َ‬‫َ‬
‫ذبَي‪[﴾٢٧‬هود‪]27:‬‬

‫نهم بقول ﴿قَ َال ٱل أ َم َل ٱ هَّل َ‬


‫َين‬ ‫يما أخْب اهلل َع ح‬ ‫ال قوم َصالح ف َ‬
‫ِ‬
‫َ َ‬
‫وق‬
‫ْ َ أ َ َ َ أ أ ََأَ َ َه‬ ‫ه َ أ أ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫أ َ أَ ْ‬
‫ٱستكَبوا مَن قو َمهَۦ ل ََّلَين ٱستضعَفوا ل َمن ءامن مَنهم أتعلمون أن‬
‫ون ‪ ٧٥‬قَ َال ٱ هَّل َ‬
‫َين‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ه ٓ‬ ‫‪ٞ‬‬ ‫َ‬
‫صىل َٗحا ُّم أر َسل ِمَن هربَِهَۦ قال ٓوا إَنا ب َ َما أ أرسَل بَهَۦ مؤمَن‬
‫َى َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٓ‬ ‫أ َ أ َ ْٓ ه ه‬
‫ٱستكَبوا إَنا ب َٱَّلَي ءامنتم بَهَۦ كفَرون‪[﴾٧٦‬األعراف‪]76-75:‬‬

‫َ َ ْ َ أ َ أ َ َ أ َ ى ٗ َ َ أ َى ٗ َ َ َ أ‬ ‫ال قوم نَ َ‬ ‫َ َ‬
‫بينا ﷺ ﴿وقالوا َنن أكَث أموَل وأولدا وما َنن‬ ‫وق‬
‫َ ه َ‬
‫بَمعذبَي‪[﴾٣٥‬سبأ‪]35:‬‬

‫َ أ َِ ْٓ َ َ َ ٓ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫وقال اهلل عز وجل‪َ ﴿ :‬وكذىل َك فتَ هنا َب أعضهم بَبع ٖض ََلقولوا أهـؤَل َء‬
‫َ ه ه َ َأ ِ َأ َٓ‬
‫ن بين َنا﴾[األنعام‪]53:‬‬
‫من ٱّلِل علي َهم َم ۢ‬

‫َّ‬
‫(‪ )1‬يعين يستدلون ىلع أنبيائهم بأنهم خري من هؤالء األنبياء‪ ،‬بأن هلم مال وجاه وأتباع ‪-‬وخسئوا‪-‬‬
‫‪57‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫خأٗ‬ ‫ََ َ ه َ َ َ ْ ه َ َ َ ْ َأ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫يا‬ ‫وقال اهلل عز وجل‪﴿ :‬وقال ٱَّلَين كفروا ل ََّلَين ءامنوا لو َكن‬
‫هما َسبَقونَا ٓ إَ ََلأهَۚ﴾[األحقاف‪ ]11:‬ونسوا قَول اهلل َت َع َاىل‪َ ﴿ :‬وفَرحوا ْ بٱ أ َ‬
‫ۡليَ ىوة َ ٱ ُّدل أنياَ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ۡليَ ىوة ٱ ُّدل أنيَا ِف ٱٓأۡلخ ََرة َ إ هَل َم َتى ‪ٞ‬‬
‫َ‬ ‫ََ أ‬
‫[الرعد‪]26:‬‬ ‫﴾‬ ‫‪٢٦‬‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وما ٱ‬

‫ون َر هبهم بٱلأ َغ َدوة َى‬ ‫َ ح َ َح َ أ أ َأ َ َ َ َ ه َ َأ َ‬


‫َ‬ ‫وقول سبحانه‪﴿ :‬وٱص ََب نفسك مع ٱَّلَين يدع‬
‫أ‬ ‫اك َع أنه أم تريد زينَ َة ٱ أ َ‬
‫ۡليَ ىوة َ ٱ ُّدلنيَاۖ‬ ‫ون َو أج َهه ۖۥ َو ََل َت أعد َع أينَ َ‬ ‫َ‬
‫يد‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ش‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ع‬‫َوٱلأ َ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َ َ أَ‬ ‫َ َ هََ َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫أ َ أ أَ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫وَل ت َطع من أغفلنا قلبهۥ عن ذَكرَنا وٱتبع هوىه وَكن أمرهۥ‬
‫ٗ‬
‫[الكهف‪]28:‬‬ ‫﴾‬ ‫‪٢٨‬‬ ‫ا‬ ‫ط‬ ‫فر‬
‫َ ح َ َح َ أ أ َ ه َٗ ه َأ َ َ أَ َ َ َ َ هَأ‬
‫ي‬
‫ي جعلنا َۡلح َدهَما جنت َ‬ ‫َضب لهم مثٗل رجل َ‬ ‫وقول سبحانه‪﴿ :‬وٱ َ‬
‫َ‬ ‫ٗ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََأَ َ َ أ َ َ َأ‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫أ َ أ‬
‫ب وحففنهما بَنخ ٖل وجعلنا بينهما زرٗع‪[﴾٣٢‬الكهف‪ ]32:‬اآليات‬ ‫مَن أعن ٖ‬
‫َ‬
‫َكها‪.‬‬

‫أ‬ ‫أ‬ ‫ِ‬ ‫ٗ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ك إ َ ىَل َما َم هت أعنَ‬
‫َ َ ه ه َ أَأ َ‬ ‫َ‬
‫[احلجر‪]88:‬‬ ‫﴾‬ ‫م‬ ‫ه‬‫َن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ج‬ ‫ى‬ ‫و‬ ‫ز‬ ‫أ‬ ‫ٓ‬ ‫ۦ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫وقول ﴿َل تمدن عيني َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه ٗ َ َ ٗ هَ َ أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأَ ٓ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وقال َت َعاىل ﴿ َولوَل أن يكون ٱَلاس أمة وحَدة ۡلعلنا ل َمن‬
‫ى‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫ٗ‬ ‫َ أ‬
‫ار َج َعل أي َها‬ ‫ََ َ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ه‬
‫يكفر ب َٱلرنَٰمۡح ۡلَ يوت َ َهم سقفا مَن ف َضةٖ ومع َ‬
‫َ‬ ‫أ‬
‫َيظ َهرون‪﴾٣٣‬‬ ‫[الزخرف‪]33:‬‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪58‬‬

‫َ‬ ‫ُك َذىل ََك ل َ هما َم َتىع ٱ أ َ‬


‫ۡليَ ىوة َ ٱ ُّدل أنيَا َوٱٓأۡلخ ََرة ع َ‬
‫َند َربَِك‬
‫ُّ‬ ‫َ َ‬
‫إىل قول ﴿ِإَون‬
‫َي‪﴾٣٥‬‬ ‫ل َلأم هتق َ‬
‫[الزخرف‪]35:‬‬

‫ح َ َّ ح‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫نهم‪ ،‬فإنه ِحني بلغه‬ ‫الروم وهو َكفِ ٌر أهدى ِم‬ ‫ملك ّ‬ ‫وقد َكن قيْص‬
‫ح‬ ‫ََ َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ َ َ ح‬ ‫ح‬
‫اس أو‬ ‫كتاب انلَّ ِِب ﷺ؛ سأل عنه أبا سفيان‪ ،‬فقال‪« :‬يتبعه ضعفاء انلَّ ِ‬
‫ح‬ ‫َّ‬ ‫َ حح َ َ َ َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫أقوياؤهم» فقال‪« :‬بل حض َعفاؤهم» فاكن هذا ِم َّما استدل ِب ِه ىلع أنه َر حسول اهلل‬
‫ُّ ح‬ ‫َ َ َ َّ ح َ‬
‫ﷺ‪ ،‬فقال‪« :‬إنهم أتباع الرسل ِيف ك عْص وزمان»[‪]1‬‬

‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َّ َ ح َّ َ ح‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬


‫لما َكمه ربه ت َعاىل قال لح‪{ :‬يَا حموَس‬ ‫ار أن حموَس َعلي ِه السالم‬ ‫و ِِف اآلث ِ‬
‫ح‬ ‫ح‬ ‫ون و َال َما حم ِّت َع به‪ ،‬فإنين لَو ش ح‬ ‫َح َ َ‬ ‫َ‬
‫ئت أن أزيِّ َنكما بزين ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ال يغرنكما ِزينة فِرع‬
‫َ‬ ‫ون أن مقد َرتَه َ‬ ‫َ ح َ َ‬
‫ُّ‬
‫أضن‬ ‫تعج حز َعن أقل َما أوتيتما؛ لف َعلت‪ ،‬ولكنين‬ ‫ِ‬ ‫يعلم فِرع‬
‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ َ َ‬ ‫ح‬ ‫َ َ‬ ‫ح‬
‫وقديما َما ِخرت‬ ‫ً‬ ‫وأزويَه عنكما‪ ،‬وكذلِك أفعل بأويلايئ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بكما َعن ذلِك‪،‬‬
‫ح‬ ‫الشفيق إبلَ حه َعن َم َ‬‫ح‬ ‫ح‬ ‫نيا َك َ‬
‫ادل َ‬‫ألذودهم َعن ُّ‬ ‫ح‬ ‫َ ح ِّ‬
‫ار ِك الغ َّرةِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ايع‬‫ِ‬ ‫يذود َّ‬
‫الر‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ين‬ ‫له م إ‬
‫يم َها َك َما حَيَ ِّن ح‬ ‫لو َت َها ونَع َ‬ ‫ح‬
‫وإ ِّين أل َج ِّن َب حهم َس َ‬
‫غنمه َعن َم َراتِ ِع‬ ‫الشفيق َ‬
‫ح‬ ‫ب َّ‬
‫الر ِايع‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫اآلخ َرةِ سال ِ ًما‬‫نصيبهم ِم َن ِ‬
‫َ‬
‫كن ليستك ِملوا ِ‬ ‫لَع‪ ،‬ول ِ‬ ‫الهلك ِة‪ ،‬و َما ذلِك هلوانِ ِهم‬

‫[‪ ]1‬رواه ابلخاري (‪ )7‬ومسلم (‪)1773‬‬


‫‪59‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫َ ح‬
‫[‪]1‬‬ ‫ادل َنيا‪ ،‬ولم يحط ِغه اهلوى}‬
‫مه ُّ‬ ‫حموفرا‪ ،‬لم تك ِل‬
‫ح َ َ ح ََ َ َ ح ح‬
‫اهلل َعنه‪ -‬أنه دخل ىلع انلَّ ِ ِِب ﷺ بمرشبة‬ ‫وقد ر ِوي عن عمر ‪-‬ر ِِض‬
‫َ‬
‫ئ ىلع‬‫ِب ﷺ متك ٌ‬ ‫َلح فَرفع َرأسه ِيف ابلَيت فَلم ير ِفي ِه إ َّال أ َه َب ٍة ثَ َالثَة‪ ،‬وانلَّ ّ‬
‫ِ‬
‫قلت‪« :‬يَا َر حسول اهلل‪،‬‬‫ينه َيش ٌء‪ ،‬قد أثَّ َر يف َجنبه‪ ،‬فَ ح‬ ‫ينه و َب َ‬
‫رمال َحصري‪ ،‬و َما بَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ‬
‫ح َ َ َ ح ح ُّ َ َ َ ََ‬ ‫ح حح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ار حس والروم وهم ال يعبدون اهلل لهم ادلنيا» فجلس‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أنت ىلع ه ِذهِ احلال‪ ،‬وف ِ‬
‫شك أ َ‬ ‫ي‬ ‫ح َّ َ َ‬ ‫ح‬
‫اخلطاب؟! أما ترىض أن‬‫ِ‬
‫نت يَا َ‬
‫ابن‬ ‫يف‬ ‫«أ‬ ‫‪:‬‬‫ال‬ ‫انلَّ ِِب ﷺ ُم َم َّرا وجهه‪ ،‬ثم ق‬
‫َ َ‬
‫اآلخ َرة؟»[‪ ]2‬هذا معن اخل َ َْب‪.‬‬
‫ح‬ ‫َ َ ح ُّ َ‬
‫تكون لهم ادلنيا ونلَا ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬


‫َ‬
‫الكفر وابلدعة‪،‬‬ ‫السنة‪ ،‬وجنبنا‬ ‫سالم و ّ‬ ‫ثبتنا اهلل وإيَّاكم ىلع اإل‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫وزينه يف قحلح َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬
‫الكفر والفسوق‬ ‫كر َه إيل َنا‬ ‫وبنا‪ ،‬و‬ ‫ِ‬
‫ان َ‬ ‫وحبب إيل َنا اإليم‬
‫اش َ‬ ‫لنا من َّ‬ ‫َ‬
‫والعصيان‪ ،‬و َج َع َ‬
‫دين‪.‬‬ ‫الر ِ‬

‫[‪ ]1‬رواه أْحد يف الزهد (‪ ) 342‬عن وهب بن منبه‪ ،‬وَكن ممن يروي األخبار عن كتب أهل الكتاب‪.‬‬

‫[‪ ]2‬رواه ابلخاري (‪ )2468‬بألفاظ قريبة‪.‬‬


‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪60‬‬

‫بكر الطرازي فيهم‪:‬‬ ‫بن أيب‬ ‫لَع ح‬ ‫وقد أنشد ابو احلسن َ ُّ‬
‫ٍ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َد ح‬
‫َو ِم ْن ق ْومٍ ِب َضاع حت حه ْم الك حم‬ ‫يث بَ ِين الل َت ّيا‬ ‫ْ َ‬
‫وِن ِمن ح ِد ِ‬ ‫ع‬
‫إ َذا حذك حروا‪َ ،‬ولَيْ َس ل َ حه ْم إ َمامح‬ ‫َ َ ِ ح ْ َ َ ْ ّ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫ك أو ٍب‬ ‫اريق العصا ِمن ِ‬ ‫تف ِ‬
‫اف حتض َح اللّ َئ ح‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫ْ َ َّ َ ح‬ ‫إ َذا حسئلحوا َ‬
‫ام‬ ‫ِ‬ ‫يل َو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ط‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫اتل‬ ‫ىل‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ار‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫اجل‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رش ك َر ح‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫حْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ ْ ح‬
‫ام‬ ‫يقول ِِبل ِق ِه ب ٌ ِ‬ ‫آن قالوا‪:‬‬ ‫و ِإن س ِئلوا ع ِن القر ِ‬
‫َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ح َّ َ ْ‬
‫َوال ِيف ق ْو ِ ِل أ ِلف َوال حم‬ ‫اَّلل لي َس لح حح حروف‬ ‫الكم ِ‬
‫احلَ َم ح‬ ‫ْ َ َ َ َ ْ‬ ‫ََ ح‬ ‫َ َ ْ َ حّ ح َّ ح َ ْ َ َ َ ْ‬
‫ام‬ ‫لقالوا‪ :‬تِلك طار ِبها‬ ‫ارت؟‬ ‫ولو ِقيل‪ :‬انلبوة كيف ص‬
‫َّ َ‬ ‫َّ ُّ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ح َ‬
‫والسـال حم‬ ‫نبحـ َّوتـ حه‪ ،‬فـديتحـك‬
‫ح ح‬ ‫ِب فك ْيف ت ْبق‬ ‫ِ‬ ‫انل‬ ‫ض‬ ‫ِإذا ق ِب‬
‫َ‬ ‫ََْ َ ََ‬ ‫اعلَ ْم يَق ً‬ ‫ين حه ْم فَ َ‬ ‫َف َه َذا د ح‬
‫ج ِن ِه ْم َمال حم‬ ‫ىلع حم َه َّ‬ ‫وليس‬ ‫ينا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َواألنَ ح‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ح َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ح ْ ح َ ٌ (‪ٌ َ ٌ ْ َ َ )2‬‬
‫ام‬ ‫اإلسالم ذل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َب‬ ‫أ‬ ‫يد‬ ‫لهم زجل وتو ِحيد ج ِد‬
‫اج أ ْو َْحَ ح‬ ‫َ‬ ‫َكأ َّن حه حم َد َج ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ ٌ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ْ ٌ‬
‫ام‬ ‫و‬ ‫َو َزم َز َمة َوه ْي َن َمة َو َطيش‬
‫حم َد ح‬ ‫َوت َ ْشن ٌ‬ ‫َوتَلْق ٌ‬ ‫احلَ ّق حظلْ ً‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ ٌ َْ‬
‫ام‬ ‫يع‬ ‫ِ‬ ‫يب‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ل‬
‫و ِإزراء ِبأ ِ‬
‫ه‬
‫ام‬ ‫اء ابلَ ْيـن(‪ )3‬لَيْ َس َلح ن َظ ح‬ ‫َ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ح‬
‫ع‬ ‫ا‬ ‫ْ‬
‫و‬ ‫َ‬
‫او‬ ‫ع‬ ‫َوقَ ْو حل ال ْ حملْحدين َوإ ْن َت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ َ ِ‬
‫َ‬
‫الظل َم ليْ َس لح َد َو ح‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ حّ‬ ‫ح َرار َص ْ ً‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ َ ًْ َ َ‬
‫ام‬ ‫ف ِإن‬ ‫ْبا‬ ‫فصْبا يا ب ِين األ ِ‬
‫الزور آخ حر حه َغرامح‬ ‫ُّ‬ ‫َ ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ َّ ْ َ َّ َ ْ َ ح َ‬
‫ِ‬ ‫وقول‬ ‫و ِإن احلق أبلج ال يضام‬

‫(‪ )1‬تفاريق العصا‪ :‬قطع العصا عندما تكَّس قطعا صغرية‪ .‬من ك أوب‪ :‬من ك ماكن‪.‬‬
‫(‪ )2‬حز َ‬
‫جل‪ :‬طائفة‪.‬‬
‫(‪ )3‬ابلني‪ :‬لعل املقصود به املوت‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫آخ حره‬
‫ِ‬
‫واحلَمد هلل رب َ‬
‫العاملني‬
‫َ حَ‬
‫وصىل اهلل ىلع سيدنا ُم َّمد‬
‫وآل وسلم تَسل ً‬
‫يما‬ ‫ِ‬

‫‪.‬‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪62‬‬
‫‪63‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫أول خمطوط املناظرة يف القرآن (أم القرى)‬


‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪64‬‬

‫آخر خمطوط املناظرة يف القرآن (أم القرى)‬


‫‪65‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬

‫أول خمطوط املناظرة يف القرآن (املكتبة الظاهرية)‬


‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪66‬‬

‫آخر خمطوط املناظرة يف القرآن (املكتبة الظاهرية)‬


‫‪67‬‬ ‫املناظرة يف القرآن‬
‫املناظرة يف القرآن‬ ‫‪68‬‬

You might also like