Professional Documents
Culture Documents
).الرتمجة اليواننية ،أثينا1 O. Cullmann, Christ and Time, Philadelphia 1964 (1980
شرا ىف حد ذاته ،بل سيادة اخلطية فيه هي الشر بعينه .فالعامل والتاريخ ال يُلغيان ىف املسيحية بل يتجددان.
ليس هو ا
العامل والزمن هم ىف املسيحية ،خليقة هللا الثالوث ،من العدم .فالعامل والزمن هلما بداية وهناية ومعينني أن يكوان ىف حالة
ملء "ملا جاء ملء الزمان" (غال ،)4:4هلما مسرية َخ ِّطّية طولية وليست دائرية ،مسريهتما ليست هبا حوادث متكررة بل
فريدة وحقيقية ،خالصية "مرة واحدة" .ومركز هذه املسرية الطولية اخلَ ِّطّية هو املسيح ،الذى يعطى لكل حلظة زمنية
أمهية خالصية (2كو" .) 2:6اآلن وقت قبول" "اليوم هو يوم خالص" .مبجيء املسيح بدأت بداية النهاية ،والدخول
إىل األمور األ خروية .يقول األب جورج فلورفسكى [اقرتب ملكوت السموات والنهاية احلامسة ستأتى ىف اجمليء الثاين.
الكلمة املتجسد حاضر ابستمرار يف الكنيسة ويف عبادهتا لكى ّيوجه "جسده" حنو املستقبل ،حنو اآلتى اثنية ابجملد ليدين
األحياء واألموات].2
دائما أخروي أي حنو النهاية ،وموقف الكنيسة جتاه الزمن يستقي حمتواه من هذه إن التطلع املسيحي هو ا
واقعا بال زمن ،بل ستكون جتلياا للعامل احلاضر الذي خلقه هللا "يف البدء" ،أي يف بدء
احلقيقة .فاخلليقة اجلديدة لن تكون ا
متقاطعا مع الزمن
ا الزمن والتاريخ .يف الكنيسة يتم جتاوز املفهوم اخلطي الطويل للزمن ،ألن الزمن الكنسي يصبح فيها
األبدي ،وهكذا أيخذ الزمن بع ادا أمسى ،من فوق .فنحن ال نقود أنفسنا حنو ملكوت هللا ،بل املسيح وملكوته قد أتيا
"من فوق" إلينا ،لقد اقرتب منا ملكوت هللا .املسيح ،كمخلص ،أييت ليقابلنا ىف كل حلظة من حياتنا .لذا فهو جيعل زمننا
يلبس األبدية يف كل حلظة .لقد أتت األبدية "يف املسيح" يف التاريخ .املسيح مبجيئه إىل العامل منح لنا القيامة واحلياة
(يو .)23:11إن ملكوت هللا ميثل معايشة هللا لنا هنا ىف هذه احلياة.
ج ـ الزمن الليتورجى
إن املفهوم الليتورجي للزمن يُعاش كحاضر مستمر وممتد حنو املستقبل ،إنه زمن اخلالص .الزمن ـ ىف اخلربة
التعبدية الكنسية ـ ال يعمل كماضى وحاضر ومستقبل ،لكن كـ"اآلن" وهو "حاضر" خالص ،فالزمن والطبيعة يتجددان
صوره حدث
ىف الكنيسة .فالكنيسة تعيش جتلى اخلليقة واإلنسان ىف املكان والزمان "الليتورجى" .هذا ،ابلضبط ،ما ّ
جتلى املسيح على جبل طابور ،إذ لدينا ىف جتلى املسيح على جبل طابور صورة للزمن الليتورجى .الزمن الليتورجى يُعاش
كإدغام للماضى واحلاضر واملستقبل ،داخل حاضر االشرتاك ىف جمد هللا.
إن االستخدامات املستمرة ،ىف العبادة لصيغة املضارع مثل[ :هذا هو اليوم الذى صنعه الرب فلنفرح ونبتهج
فيه] ،تشري إىل معايشة ملء احلاضر الليتورجى حلوادث التدبري اإلهلي .والكالم هنا ليس على التكرار التارخيى حلوادث
التدبري اإلهلى ،ألهنا حدثت "مرة واحدة" ىف سياق اترخيى معني وال يتكرر .لكن "صريورهتا ىف احلاضر" تعىن أن نعمة هللا
متنح إمكانية للمؤمنني بن حييوا هذه األحداث كما لو كانوا حاضرين وقت حدوث هذه األحداث .هذه احلوادث هلا
فاعلية ليس فقط ىف املستقبل ولكن ألبرار العهد القدمي "ىف املاضى" بنزول املسيح إىل اجلحيم ،وذلك ألن املسيح هو
ضا يُسمع اإلجنيل ىف الكنيسة ويُعاش ابلنعمة
مركز التاريخ وىف الوقت نفسه هو سيد التاريخ ىف كل فرتاته الزمنية .أي ا
موجه للذين يسمعونه ىف احلاضر .إن الزمن الليتورجى
ليس على أساس أنه ُكتب ألُانس ىف املاضى ولكن على أنه ّ
3اخلوالجى املقدس.
4 P.G. 36, 345 B.
وهذا أثر على املفهوم احلقيقى للعيد .والذي ساعد على عدم التكيف هذا ظهور ضرورات تبشريية جديدة ،والت
تتطلب ضرورة إحالل أو استبدال لألعياد األممية جلموع املسيحيني اجلدد .وأصبح كل عيد ُحيتفل به بطريقة خاصة
منفصلة عن املفهوم الليتورجى للسنة الطقسية ككل أي عن وحدة احلياة الليتورجية .هكذا صار كل عيد له "هدف
ذاتى" مل يعد يرتبط حقيقة ابلزمن كملء له ،كدهر جديد وظهور ملء امللكوت يف العامل .أصبحت األعياد تُعاش ،كما
يقول األب ألكسندر مشيمن كمجموعة من ” “break-Throughsأى هى أحداث عاجلة هلا أمهية منفصلة داخل
عامل من نوع آخر ،وذلك كشركة مع واقع ال يرتبط هبذا العامل .5وكنيستنا القبطية الوارثة األمينة للكنيسة األوىل قد
احتفظت ابلفكر األول عن العيد الذي يرتبط بوعى الكنيسة بهنا هى نفسها العيد ،كتحقيق للنهاية أى للبعد األخروى
داخل العامل .إن الوعي األخروي القوي ال يُدمر الزمن العاملي ،بل يُغريه إىل "زمن الكنيسة" إىل "زمن اخلالص" .إن
عبادة الكنيسة مؤسسة على النظرة الالهوتية للزمن ،مبفهوم ارتباط زمن هذا العامل مع زمن امللكوت .لذلك فالكنيسة
ال متيز بني "أًيم مقدسة" و"أًيم عاملية" ،مثل "يوم األحد املقدس" و"يوم العمل الغري مقدس" ،بل على العكس تؤمن
مستمرا من الزمن العاملي
ا خضوعا
ا بن "يوم األحد" يقدس كل أًيم األسبوع ،فكل يوم هو عيد يف الكنيسة .وهذا يعن
لزمن امللكوت .فكما قال بولس الرسول "إن كان أحد يف املسيح فهو خليقة جديدة .األشياء العتيقة قد مضت هوذا
الكل صار جدي ادا" (2كو .)17:5العيد أصبح دعوة للروحانية والنعمة والفرح املستمر" :وكانوا كل يوم يواظبون يف
اهليكل بنفس واحدة .وإذ هم يكسرون اخلبز يف البيوت كانوا يتناولون الطعام اببتهاج وبساطة قلب" (أع .)46:2إن
اإلفخارستيا هى قمة العيد الكنسي ،هي األساس واإلطار الذي نرى فيه العيد ،فهي حتول كل يوم إىل عيد .وهذا يؤدي
بنا إىل احلديث عن أعياد القديسني...
أعياد القديسني
أعياد القديسني اليومية تساهم يف جتلي الزمن العاملى وحتويله إىل زمن مقدس ،مثاالا للدهر اآلتى .وكل يوم
يصري عيد "ذكرى" للقديسني ولألحداث اخلالصية .إهنا معايشة مستمرة حلضور هللا يف العامل وإمكانية تقديس اإلنسان.
لقد نُظمت األعياد الكنسية يف القرن الرابع كما يقول ديكس 6.Dixلكن األعياد الكنسية مل تبتدع يف القرن الرابع،
بل منذ القرن األول ُحددت األعياد املسيحية بتأثري قوى من تقومي األعياد اليهودية .واألعياد الكبرية األوىل للكنيسة
ضا بدرجة كبرية كتعبري عن حقائق اإلميان العظيمة واعرتاف هبا.
مل توضع فقط لذكرى حوادث اترخيية مقدسة ولكن أي ا
إن حمتوى كل عيد هو يف التحليل األخري حمتوى الهويت يشمل "اخلريستولوجيا" أى التعليم عن املسيح،
و"االكلسيولوجيا" أى التعليم عن الكنيسة ،و"االسخاتولوجى" أى الكالم عن األمور املنتظرة الت ستحدث يف النهاية.
ضا يف نصوص التسابيح الت حتتوى على
وهذا احملتوى نستطيع أن نالحظه بوضوح يف الرتتيب الطقسى لكل عيد ،وأي ا
عناصر غنية عقيدية توضح املعىن الالهوتى للعيد .لذلك اُعتربت هذه النصوص مصادر للتقليد العقيدى للكنيسة.