You are on page 1of 44

‫الكتاب األبيض‬

‫من أجل حكامة جديدة لقطاع الصحة‬

‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬

‫مراكش ‪ 1‬و ‪ 2‬و ‪ 3‬يوليوز ‪2013‬‬


‫الــــــفــــــهــــــــرس‬

‫‪4‬‬ ‫ما هي الدواعي إلصالح املنظومة الصحية باملغرب؟‬


‫املغرب يتغري ‪5 ....................................................................................‬‬
‫حاجيات جديدة ‪6 .................................................................................‬‬
‫منظومة العالجات مل تعد مالئمة للو�ضع الراهن‪10 .............................................‬‬
‫املعطى اجلديد ‪ :‬د�ستور ‪11 .............................................................. 2011‬‬

‫‪14‬‬ ‫أية آفاق إلصالح املنظومة الصحية؟‬


‫املحور ‪ : 1‬اال�شتغال على املحددات االجتماعية لل�صحة وحماية ال�سكان‬
‫من املخاطر املهددة ل�صحتهم وتعزيز كل ما من �ش�أنه �أن ميكن من االرتقاء بها ‪16 .................‬‬

‫الور�ش ‪ : 1‬تعزيز «الوظائف الأ�سا�سية لل�صحة العامة» ‪16 ......................................‬‬


‫الور�ش ‪ : 2‬و�ضع ال�صحة يف قلب ال�سيا�سات العمومية‪ :‬تقييمات الوقع‬
‫من �أجل التحاور مع القطاعات الأخرى‪18 ......................................‬‬
‫الور�ش ‪ : 3‬اال�شتغال املحلي على املحددات االجتماعية لل�صحة ‪21 ...........................‬‬

‫‪2‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫‪ : 2‬نحو التغطية ال�شاملة‪ :‬قرب ‪ ،‬جودة و حماية مالية ‪23 ....................................‬‬ ‫املحور‬
‫الور�ش ‪� : 4‬سيا�سة القرب و الولوج ‪26 .............................................................‬‬
‫الور�ش ‪� : 5‬ضبط جودة العالجات وحماية امل�ستعملني‪28 .........................................‬‬
‫الور�ش ‪ : 6‬خف�ض ن�سبة الإنفاق املبا�رش على العالجات‬
‫وتو�سيع نطاق التغطية ب�آليات الت�ضامن‪30 .............................................‬‬

‫املحور ‪ : 3‬حتديث احلكامة ال�صحية ‪34 .................................................................‬‬

‫الور�ش ‪ : 7‬و�ضع الهياكل و القدرات الالزمة لتحديث احلكامة‬


‫و�إحداث تكامل تعاقدي بني القطاع العام واخلا�ص‪34 ................................‬‬
‫الور�ش ‪ : 8‬و�ضع نظام معلوماتي ذكي ‪38 .........................................................‬‬
‫الور�ش ‪ :9‬مك�سب وحتدي‪ :‬مكانة مهنيي ال�صحة و دورهم يف الإ�صالح‪39 ..................‬‬

‫‪3‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫ما هي الدواعي إلصالح املنظومة الصحية باملغرب؟‬

‫وقد تم في إطار هذا التنظيم الجديد‪ ،‬إحداث‬ ‫تم وضع «المنظومة الوطنية» للصحة وإعمالها‬
‫مديريات على المستوى المركزي خاصة تلك‬ ‫سنة ‪ 1959‬حيث أعلنت الندوة الوطنية األولى‬
‫المتعلقة بالمستشفيات ‪ ،‬وباألدوية‪ ،‬وبالتنظيم‬ ‫حول الصحة‪ ،‬التي انعقدت في شهر أبريل من‬
‫والمنازعات مع خلق بنية تهتم باقتصاديات‬ ‫نفس السنة تحت الرئاسة الفعلية للمغفور له‬
‫الصحة‪ ،‬الشيء الذي يعكس‪ ،‬من جهة‪ ،‬مدى‬ ‫محمد الخامس‪ ،‬عن المبادئ التي ترتكز عليها‬
‫االهتمام البين بإنتاج العالجات خصوصا‬ ‫«المنظومة الوطنية» للصحة خالل نصف قرن‬
‫على مستوى المستشفيات و من جهة ثانية‪،‬‬ ‫من الزمن‪« :‬صحة األم من مسؤولية الدولة‪،‬‬
‫التحكم في تمويل الصحة‪ .‬كل هذه االهتمامات‬ ‫ويتعين على وزارة الصحة العمومية وضع‬
‫أطلقت دينامية جديدة لتطوير «المنظومة‬ ‫تصور لها وإنجازها‪.‬‬
‫الوطنية» للصحة ساعد على إطالق أوراش‬
‫تمت بلورت هذه المبادئ في إطار خمس‬
‫إصالح التغطية الصحية األساسية و إصالح‬
‫مخططات تنموية‪ ،‬منحت فيها األولوية الكبرى‬
‫المستشفيات‪.‬‬
‫لتنظيم عرض العالجات ومحاربة األوبئة‪.‬‬
‫وموازاة مع هذه الدينامية‪ ،‬تمت تجربة مجموعة‬ ‫وعليه‪ ،‬أسس المغرب أولى كلياته الطبية‬
‫من المبادرات بغاية ال تمركز اختصاصات‬ ‫ومدارسه المهنية للتكوين في مجاالت التمريض‬
‫القطاعات على مستوى الجهات ‪ .‬وقد أفضت‬ ‫مع صياغة االستراتيجيات األولى للتغطية‬
‫هذه المبادرات إلى إحداث مديريات جهوية‬ ‫الصحية (المجموعات الصحية المتنقلة‪ ،‬مصلحة‬
‫للصحة على الرغم من محدودية سلطتها‪.‬‬ ‫الوقاية القروية‪ ،‬مصلحة الوقاية الحضرية‪،‬‬
‫ومصالح البنيات الصحية المتنقلة اإلقليمية)‪.‬‬
‫أصبح الوضع الحالي يتسم اليوم بمفارقات‪ ،‬إذ‬
‫بيد أن الميثاق الجماعي لسنة ‪ 1959‬منح‬
‫أن المؤشرات الصحية تبرز مدى نجاعة ضبط‬
‫مسؤولية تكاليف العالج للجماعات المحلية‬
‫الخصوبة واالتساع الكبير لشبكات العالجات‬
‫لكي تقتصر هذه المسؤولية في ميثاق ‪1976‬‬
‫وتراجع وفيات الرضع و األطفال من جهة‪ ،‬و‬
‫على النظافة والتطهير‪.‬‬
‫من جهة أخرى تشهد على تواجد فوارق بينة‬
‫بين األوساط والجهات‪ ،‬ونقص كبير في جودة‬ ‫وتبعا إلعالن «الما أتا»‪ ،‬شكلت سنوات‬
‫العالجات و نقص مقلق في الموارد البشرية‪.‬‬ ‫الثمانينات والتسعينات مرحلة توسيع العالجات‬
‫األساسية وتطوير وإعمال البرامج الصحية‪.‬‬
‫كل هذا يقر بجدوى المجهودات المبذولة في‬
‫وانطالقا من ‪، 1990‬أضحت الحاجة إلى‬
‫مجال الصحة و بنجاعة بعض البرامج ‪ ،‬إال‬
‫إصالح بنيوي تفرض نفسها بإلحاح‪ ،‬الشيء‬
‫أنه يسائل عن مدى مالئمة نموذج المنظومة‬
‫الذي تمت ترجمته أساسا باتخاذ اإلجراءات‬
‫الصحية الذي تم إقراره غداة االستقالل على‬
‫الرامية إلعادة تنظيم وزارة الصحة (‪.)1994‬‬
‫قدرته في رفع التحديات الراهنة والمستقبلية ‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫الموارد‪ ،‬التغطية‪...‬إلخ‪ .‬و األنظمة الصحية‬ ‫المغرب يتغير و يتعين على المنظومة الصحية‬
‫عبر العالم تواجه تحديات متشابهة منذ تحملها‬ ‫أن تتالءم مع محيطها‪.‬‬
‫مسؤولية حماية ساكنتها ‪.‬‬
‫الــمــغـــرب يــتــغـــيـــر‬
‫وإذا كان حجم المشاكل الصحية يختلف من بلد‬
‫إلى آخر‪ ،‬فإن طبيعتها ال تتغير‪ .‬ففي مجموع‬ ‫تغير المغرب بشكل عميق خالل السنوات‬
‫دول المعمور هناك فوارق في الولوج إلى‬ ‫األخيرة‪ ،‬مما ترتب عنه تحول جذري في‬
‫العالجات و في الموارد المخصصة لها‪ .‬ويترجم‬ ‫المشهد الذي يعمل و يتفاعل في إطاره القطاع‬
‫هذا بشكل أو بآخر على نطاق واسع بنقص‬ ‫الصحي‪ .‬والنداءات إلى اإلصالح‪ ،‬جاءت بإيعاز‬
‫في العاملين في المستشفيات و بطول صفوف‬ ‫من التغييرات العميقة لمواصفات الحاجيات في‬
‫االنتظار للولوج إلى العالج و إلى التكنولوجية‬ ‫مجال الصحة‪ ،‬ومن انتظارات الساكنة حيال‬
‫المتقدمة‪ ،‬و بتدني قيمة الرعاية الصحية األولية‪.‬‬ ‫المنظومة الصحية‪ ،‬وكذلك من العجز الظاهر‬
‫و الزالت النقاشات مستمرة حول الخوصصة‬ ‫لنموذج المنظومة القائمة‪ .‬أفضت هذه التغييرات‬
‫و جودة العالجات و التكلفة و الولوج إلى‬ ‫إلى أن طريقة تنظيم القطاع‪ ،‬و إن كانت‬
‫األدوية و إلى التكنولوجيا و العالجات الممنوحة‬ ‫فاعلة في المرحلة السابقة‪ ،‬لم تعد مالئمة أمام‬
‫لألشخاص في وضعية هشاشة وبشكل عام‪،‬‬ ‫التحديات الراهنة والمستقبلية‪ .‬ودستور ‪2011‬‬
‫حول قابلية القدرة على تمويل قطاع الصحة‪.‬‬ ‫الذي ينص على الحق في الولوج إلى العالجات‬
‫الصحية من بين الحقوق األساسية‪ ،‬يعتبر ترجمة‬
‫وإذا كانت االختالالت التي تدفع إلى اإلصالح‬ ‫سياسية لضرورة تحديث قطاع الصحة في بيئة‬
‫متشابهة‪ ،‬فان التوجهات الكبرى متشابهة هي‬ ‫تتصف بالتحول‪.‬‬
‫األخرى‪ .‬وإصالح قطاع الصحة و الذي يطلق‬
‫عليه بشكل عام إصالح الصحة‪ ،‬ينقسم‪ -‬بالنسبة‬ ‫و بهذا يكون الدستور قد رسم ذروة للمنظومة‬
‫على األقل للدول الغنية والدول التي توجد في‬ ‫الوطنية للصحة للسنوات المقبلة‪ .‬و هكذا انخرط‬
‫المرحلة االنتقالية‪ -‬إلى ثالثة أجزاء كبرى‪:‬‬ ‫المغرب في حركية سياسية عميقة على غرار‬
‫األنظمة الصحية عبر العالم‪.‬‬
‫العنصراألول يتطرق إلى المحددات االجتماعية‬
‫للصحة والطريقة التي من خاللها يمكننا أن‬ ‫و ليس المغرب بمفرده الذي قرر إصالح‬
‫ننتظم لحماية الصحة وتجنب المرض‪ .‬وهذا‬ ‫منظومته الصحية‪ ،‬بل و آخرها الواليات‬
‫العنصر من اإلصالح يتجاوز حدود نظام‬ ‫المتحدة و الصين اللتين انخرطتا في مسار‬
‫العالجات ليشمل التغذية و البيئة و الظروف‬ ‫التغطية الشاملة للصحة‪ ،‬بينما تستمر البرازيل‬
‫المعيشية والسكن‪.‬‬ ‫و تايالند وبشكل مكثف ودائم في االستثمار‬
‫المرتبط بالرعاية الصحية األولية وعالجات‬
‫العنصر الثاني من اإلصالح‪ ،‬يتناول تنظيم‬ ‫القرب وذلك في إطار التوجه التدريجي نحو‬
‫العالجات الصحية‪ :‬أي كل ما يتعلق بالعالجات‬ ‫التغطية الشاملة‪.‬‬
‫المتنقلة و بالمستشفيات و بالمصالح المتخصصة‪.‬‬
‫فالمكونات المشتركة لإلصالح‪ ،‬على سبيل‬ ‫إن الترتيبات المؤسساتية لألنظمة الصحية‬
‫المثال في الواليات المتحدة أو في تايالند أوفي‬ ‫تختلف من بلد لآلخر‪ .‬وهناك اختالفات مهمة‬
‫البرازيل‪ ،‬تكمن في األهمية المعطاة للعالجات‬ ‫على مستوى شكل التمويل‪ ،‬الالمركزية‪ ،‬توافر‬

‫‪5‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫يقدر ب ‪ 27‬سنة خالل ‪ 50‬سنة مع فارق‬ ‫األولية‪ -‬عالجات القرب‪ -‬وللتغطية الشاملة‪.‬‬
‫يقدر ب ‪ 5‬إلى ‪ 6‬سنوات بين الوسط الحضري‬
‫والقروي‪.‬‬ ‫النقطة المشتركة بين عنصري اإلصالح‪،‬‬
‫الضرورية إلحراز تقدم ملموس‪ ،‬تستلزم‬
‫وينطبق نفس الشيء على الخصوبة حيث‬ ‫ترسيخ توجه معين‪ .‬ولتحقيق ذلك‪ ،‬يستوجب‬
‫أنخفض المعدل الخام للمواليد من ‪ 31,4‬في‬ ‫على الدولة العمل بشكل مختلف عما دأبت عليه‬
‫األلف سنة ‪ 1987‬إلى ‪ 18,8‬في األلف سنة‬ ‫في الماضي‪« :‬ال ترك كل شيء‪ ،‬وال إرادة فعل‬
‫‪ . 2010‬كما عرف مؤشر الخصوبة اإلجمالي‬ ‫كل شيء»‪.‬‬
‫تراجعا ملموسا منتقال من ‪ 4,5‬أطفال لكل امرأة‬
‫سنة ‪ 1987‬إلى ‪ 2,6‬سنة ‪.2011‬‬ ‫و يتعن أن يرتكز هذان العنصران على عنصر‬
‫ثالث‪ ،‬أال وهو التغيير العميق لطريقة تدبير‬
‫وبخصوص معدل الوفيات الخام فقد سجل هو‬ ‫قطاع الصحة‪.‬‬
‫اآلخر انخفاضا ملحوظا منتقال من ‪ 19‬في‬
‫األلف سنة ‪ 1960‬إلى ‪ 5,6‬في األلف سنة‬ ‫الـــحـــاجـــيــــات الـــجـــديـــدة‬
‫‪ ( 2010‬المسح الوطني الديموغرافي المتعدد‬
‫تتميز الوضعية الصحية بالمغرب بانخفاض‬
‫المراحل ‪ .)2009-2010‬وعلى الرغم من هذا‬
‫مستويات الخصوبة والوفيات ‪ ،‬الشيء الذي‬
‫التراجع‪ ،‬يبقى معدل الوفيات مرتفعا بالوسط‬
‫يعلن عن انتقال ديموغرافي‪ ،‬وتحول في تركيبة‬
‫القروي(‪ 7,2‬في األلف) بالمقارنة مع ما هو‬
‫المراضة ‪ :‬بروز األمراض المزمنة نتيجة‬
‫عليه بالوسط الحضري (‪ 4,4‬في األلف)‪.‬‬
‫االنتقال الوبائي‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬مازال داء السل (ما بين‬
‫لقد عرفت وفيات األطفال انخفاضا ملحوظا‪،‬‬
‫‪ 26000‬و ‪ 30000‬حالة جديدة كل سنة) يعتبر‬
‫حيث انتقلت وفيات األطفال دون السنة من ‪91‬‬
‫مشكل من مشاكل الصحة العامة كما هو شأن‬
‫في األلف سنة ‪ 1979‬إلى ‪ 37‬في األلف سنة‬
‫األمراض المتنقلة جنسيا ‪ /‬وداء فقدان المناعة‬
‫‪ ،1997‬لتصل حاليا إلى ‪ 28,8‬في األلف‪.‬‬
‫المكتسبة و التهاب السحايا و داء اللشمانيات‬
‫وخالل نفس الفترة (‪ ،)1997 – 1979‬انتقلت‬
‫(حيث تحتل اللشمانيا الجلدية طابعا وبائيا في‬
‫على التوالي وفيات األطفال من سنة إلى خمس‬
‫بعض المناطق) و التعفنات التنفسية الحادة و‬
‫سنوات من ‪ 52‬في األلف إلى ‪ 10‬في األلف‬
‫التسممات الغذائية الجماعية‪ ،‬والتهاب الكبد‬
‫لتصل حاليا إلى ‪ 1,7‬في األلف‪.‬‬
‫الفيروسي‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬انتقل المغرب‬
‫مند بضع سنوات من نموذج تقليدي كانت فيه‬ ‫أما مؤشر وفيات األمهات‪ ،‬فقد انتقل من‬
‫األمراض السارية مهيمنة‪ ،‬إلى وضع تتراجع‬ ‫‪ 359‬لكل ‪ 100‬ألف والدة حية سنة ‪1970‬‬
‫فيه هذه األمراض بشكل تدريجي‪ ،‬بموازاة مع‬ ‫إلى ‪ 227‬خالل نهاية التسعينات‪ ،‬في حين‬
‫اتساع نطاق األمراض غير السارية‪.‬‬ ‫يقدر هذا المؤشر حاليا ب ‪ 112‬وفاة لكل‬
‫‪ 100‬ألف والدة حية‪.‬‬
‫كما أظهرت معطيات المسح الوطني حول‬
‫السكان و صحة األسرة المنجز سنة ‪،2011‬‬ ‫أما أمل الحياة عند الوالدة (متوسط العمر‬
‫أن ‪ % 18,2‬من الساكنة المغربية وخاصة‬ ‫المرتقب) فقد انتقل من ‪ 47‬سنة في سنة ‪1962‬‬
‫الفئة المسنة‪ ،‬مصابة على األقل بمرض مزمن‬ ‫إلى ‪ 74,8‬في سنة ‪ 2012‬مسجال بذلك مكسبا‬

‫‪6‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫إن االختيارات االستراتيجية يجب أن تتضمن‬ ‫في حين كانت هذه النسبة ال تتجاوز ‪13,8%‬‬
‫االهتمام بإتمام االنتقال الوبائي عن طريق‬ ‫سنة ‪ .2004‬و قبل ‪ 20‬سنة‪ ،‬كان االهتمام‬
‫تدعيم المكتسبات في مجال الوقاية ومحاربة‬ ‫بإشكالية السرطان ضعيفا في حين تشخص‬
‫األمراض السارية‪ ،‬وبمواجهة بروز تركيبة‬ ‫حاليا ما بين ‪ 30000‬و ‪ 54000‬حالة جديدة‬
‫جديدة للمراضة تغلب عليها األمراض المزمنة‬ ‫كل سنة‪ .‬وتلعب الشيخوخة دورا كبيرا في إبراز‬
‫والسرطانات‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬يتعين أخذ التمدن‬ ‫األمراض المزمنة‪.‬‬
‫السريع بعين االعتبار‪ ،‬والذي سينتقل من ‪59%‬‬
‫سنة ‪ 2013‬إلى ‪ 62%‬سنة ‪ 2020‬ليصل إلى‬ ‫تمثل الساكنة المتراوحة أعمارها من ‪ 60‬سنة‬
‫‪ 65%‬سنة ‪ .2030‬كما أن الفوارق المجالية‬ ‫فما فوق سنة ‪ 2007‬ما يناهز ‪ % 8,1‬أي ‪2,2‬‬
‫«قروي – حضري» ستتسع والمشهد االجتماعي‬ ‫مليون نسمة‪ ،‬في حين تقدر حاليا ب ‪ 3‬ماليين‬
‫و انتظارات الساكنة ستتغير هي األخرى‪.‬‬ ‫لتصل حسب االسقاطات إلى ‪ 4‬ماليين (‪)11%‬‬
‫سنة ‪ .2020‬وتمثل الوفيات بسبب األمراض‬
‫هذه االنتظارات تعني أيضا الوسط الذي تعيش‬ ‫غير السارية ‪ 75%‬من مجموع الحاالت‬
‫فيه الساكنة‪ ،‬وصحتها رهينة بشكل كبير بعوامل‬ ‫المرضية‪ ،‬تليها األمراض السارية وأمراض‬
‫أخرى غير تلك المرتبطة بالعالجات الصحية‪:‬‬ ‫األمومة وامراض الفترة المحيطة بالوالدة‬
‫جودة البيئة‪ ،‬الفئات االجتماعية والعادات المترتبة‬ ‫و األمراض الناجمة عن التغذية (‪،)19%‬‬
‫عنها وكذا ازدهار البلد‪ .‬كل هذه العوامل تصيب‬ ‫والحوادث و اإلصابات (‪.)6%‬‬
‫الميكانيزمات البيولوجية و النفسية والسلوكية‬
‫التي يتكيف من خاللها كل فرد بشكل دائم‬ ‫و يالحظ ثالثة ظواهر متزامنة‪:‬‬
‫وعبر الزمن مع بيئته‪ .‬وتساهم أنظمة العالجات‬ ‫• منحى نحو االنخفاض‪ ،‬إن لم يكن‬
‫في الوقاية أو معالجة مشاكل وقضايا صحة‬ ‫نحو االستئصال الكلي‪ ،‬كحالة األمراض‬
‫األفراد‪ -‬وبصيغة أخرى كل ما من شأنه أن‬ ‫المستهدفة بالتلقيح‪،‬‬
‫يؤدي إلى اضطراب قدراتهم الوظيفية ‪ -‬لكن‬
‫العمل على تحسين الصحة يتطلب تفاعال مع‬ ‫• ومنحى نحو االستقرار‪ ،‬كحالة أمراض‬
‫المحددات االجتماعية للصحة (‪.)1‬‬ ‫السل‪،‬‬

‫مكنت مجموعة من الدراسات الحديثة وخاصة‬ ‫• و منحى ثالث نحو بروز األمراض‬
‫برنامج «إنتظارات» الذي أطلقته وزارة‬ ‫المزمنة والسرطانات‪.‬‬
‫الصحة من حصر تطلعات و إحباطات السكان‬ ‫و يظهر من خالل المشهد الوبائي أن المغرب يواجه‬
‫والمهنيين تجاه المنظومة الصحية المغربية‪.‬‬ ‫ثقال مزدوجا للمراضة ‪ :‬ثقل األمراض الحادة وفي‬
‫غالبيتها أمراض سارية‪ ،‬و ثقل األمراض المزمنة‬
‫وفي غالبيتها أمراض غير سارية‪.‬‬

‫‪ -1‬اهتم المغرب بالعمل على تحسين المحددات اإلجتماعية للصحة‪ .‬وثم اجراء تدابير للتقليص من الفوارق في الصحة‪ .‬وثم تشكيل‬
‫لجنة وطنية تعمل على دراسة وتحليل هذه المحددات‪ ،‬يجتمع داخلها مختلف الفاعلين الحكوميين والمجتمع المدني العاملين في القطاع‬
‫الصحي‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫الذي يزداد حدة كلما ابتعدنا عن الوسط‬ ‫و يستمد هذا البرنامج مشروعيته من الدستور‬
‫الحضري‪ .‬وإذا كانت‪ ،‬التجهيزات الطبية و‬ ‫الجديد الذي ينص على إحداث هيئات للتشاور‬
‫األدوية‪ ،‬تحتل مستوى نسبيا مرضي‪ ،‬فإنها‬ ‫قصد إشراك مختلف الفاعلين االجتماعيين(‪)2‬‬

‫تطرح أكثر من مشكل على مستوى الصيانة‬ ‫والسلطات العمومية في إعداد‪ ،‬وإعمال وتقييم‬
‫و تنظيم المرافق و النظافة والتطهير و األمن‬ ‫السياسات العمومية‪ .‬وقد ساهم في تسريع آليات‬
‫بالمراكز ضعيفة االستقبال‪.‬‬ ‫التشاور بين الحكومة والجهات االجتماعية‬
‫الفاعلة بمشاركة المواطنين والفاعلين‬
‫لقد أظهرت نتائج المقابالت مع المرتفقين مدى‬ ‫الجمعويين حول وضع وتنفيذ وتقييم السياسات‬
‫االكراهات التي تحول دون ولوج المراكز‬ ‫العامة‪ ,‬في افق انعقاد المناظرة الوطنية للصحة‪،‬‬
‫الصحية‪ :‬تكلفة التنقل و صعوبة إيجاد وسائل‬ ‫ولجمع مختلف االنتظارات تم اعتماد ‪ 4‬آليات‪:‬‬
‫التنقل بالمناطق المعزولة (و أحيانا بالمناطق‬ ‫الجلسات اإلذاعية‪ ،‬جلسات االستماع العمومية‪،‬‬
‫الحضرية) و مصاريف مرتبطة بإقامة و تغذية‬ ‫شبكات التواصل االجتماعية وتحليل مضامين‬
‫المرافقين ومصاريف خاصة مرتبطة بالتكلفة‬ ‫المقاالت الصحفية‪ .‬وإذ أكدت مختلف هذه‬
‫الطبية (التحاليل المخبرية‪ ،‬األدوية إلخ‪ .)...‬كما‬ ‫اآلليات على تقدير المجهودات التي يقوم بها‬
‫تواجههم عوائق جديدة مرتبطة باالستقبال والتي‬ ‫العاملون بوزارة الصحة‪ ،‬فهناك سلسلة من‬
‫تؤدي إلى إطالة مدة االنتظار قبل التكفل‪ .‬وهنا‬ ‫المطالب و اإلحباطات و التي تتمحور حول‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن الرشوة والمحسوبية تشكل‬ ‫ثالثة مجاالت أساسية‪:‬‬
‫عوامل تستغل لتسهيل الولوج إلى الخدمات‪ .‬إن‬
‫الهدف المعلن عليه من لدن المقبلين على العالج‬ ‫• النقص في الموارد البشرية والمادية ‪،‬‬
‫هو الوصول إلى الطبيب أو األفضل الوصول‬
‫إلى الطبيب المختص‪ .‬يعتبر طبيب الطب العام‬ ‫• مشاكل الولوج المجالي والمالي إلى‬
‫بالقطاع الخاص بديال يتم اللجوء إليه خاصة‬ ‫الخدمات‪ ،‬وظواهر الفساد المرتبطة بذلك‪،‬‬
‫بالوسط القروي‪.‬‬ ‫• جودة الخدمات ونظافة المرافق الصحية‬
‫ومن بين العوائق التي تحول دون الولوج إلى‬ ‫والقضايا المرتبطة باألمن بداخلها‪.‬‬
‫األدوية‪ ،‬تظل التكلفة و التوافر وسلوك بعض‬ ‫هذه المعاينات تم تأكيدها وتوضيحها بشكل‬
‫مقدمي العالجات بالمراكز الصحية األكثر‬ ‫دقيق من خالل بيانات المسوح(‪ )3‬حول‬
‫انتشارا‪ .‬و نظرا لغياب بعض األدوية بالمراكز‬ ‫االكراهات المرتبطة بالولوج إلى العالجات‬
‫الصحية وأمام أثمنتها المكلفة بالصيدليات‬ ‫و األدوية‪ ،‬والمنجزة سنة ‪ 2011‬في أوساط‬
‫الخاصة‪ ،‬يضطر بعد المرضى إلى انتقاء‬ ‫مستعملي منظومة العالج بكل من عمالة سال و‬
‫األدوية الموصوفة لحالتهم والتفاوض عن‬ ‫إقليم أزيالل وإقليم فكيك‪ .‬وتؤكد هذه الدراسات‬
‫طريق االرتشاء كإمكانية للحصول على الدواء‪.‬‬ ‫مدى المخاوف المرتبطة بالنقص المزمن في‬
‫الموارد البشرية بالمراكز الصحية العمومية‬
‫‪ -2‬المواطنون و المواطنات يعملون من أجل حقوق االنسان‪ ،‬الصحة و التنمية‪ ،‬األكاديميون‪ ،‬الباحثون‪ ،‬الخبراء‪ ،‬الهيئات المهنية و‬
‫النقابات المهنية للصحة للقطاعين العام و الخاص‪.‬‬

‫‪ -3‬المرصد الوطني للتنمية البشرية ‪ :2011‬فوارق الولوج إلى العالجات في المغرب‪ .‬دراسة حالة‪ .‬المغرب‬

‫‪8‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫عبروا عن عدم نجاعة مختلف اإلصالحات‬ ‫وتظهر دراسة حديثة حول انتظارات أطباء‬
‫السابقة واستمرار نموذج غير مالئم لتكوين‬ ‫الطب العام بالقطاعين الخاص والعام‪ ،‬أن‬
‫األطباء العامين ‪ .‬و حسب األطباء الشباب‪ ،‬فإن‬ ‫مختلف الفاعلين متفقون على عدم مالئمة‬
‫وظيفة الطب العام تكمن أساسا في انتقاء و توجيه‬ ‫التكوين للممارسة المهنية وعلى كونه ال‬
‫المرضى نحو األطباء المختصين ويعتبرونها‬ ‫يستجيب إلى حاجيات الساكنة‪ .‬وتشكل إرادة‬
‫اختيار اضطراري باإلضافة إلى معاناتهم نتيجة‬ ‫تغيير ومالئمة المناهج التكوينية للطب العام‬
‫العزلة بالمناطق البعيدة و الظروف الصعبة التي‬ ‫أولوية تحظى بإجماع مختلف الفاعلين الذين‬
‫يمارسون في ظلها‪.‬‬

‫اإلطار ‪:1‬‬
‫«االستشارة لما بعد ‪ - 2015‬المغاربة يعبرون عن المستقبل الذي نطمح إليه‪.‬‬
‫الولوج إلى الخدمات الصحية الجيدة رهان أساسي»‪.‬‬
‫النص أسفله مقتطف من تقرير خالصات المشاورات الذي أنجزه المنسق المقيم لألمم المتحدة بالمغرب والذي يلخص‬
‫إنتظارات المغاربة في مجال الصحة‪:‬‬
‫لقد أظهرت المشاورات ان الولوج الشامل إلى الخدمات الصحية الجيدة رهان أساسي بالنسبة للمغاربة وان هذا‬
‫المفهوم يشمل تعميم العرض و التوسيع الجغرافي و تنمية القرب للمقبلين على العالج بالمناطق المعزولة ( تحسين‬
‫قرب المختبرات الطبية‪ ،‬خلق كليات الطب و الصيدلة و المعاهد العلمية)‪.‬‬
‫إن حاجيات القرب تتمثل كذلك في االنتظارات المتعلقة باستهداف الساكنة ذات الحاجيات الخاصة‪ :‬ويتعلق األمر هنا‬
‫بوضع سياسات صحية مالئمة الفئات الهشة ( المسنون‪ ،‬األشخاص حاملي لفيروس فقدان المناعة‪ ،‬األشخاص دوي‬
‫االحتياجات الخاصة) ‪.‬‬
‫يتوق المغاربة إلى تغطية طبية شاملة ومجانية في حين يتطلع بعضهم إلى نهاية االحتكار في مجال صناعة األدوية‪.‬‬
‫وقد أوصى المشاركون في المشاورات بالزيادة في ميزانية القطاع ‪ ،‬واالهتمام بتقليص وفيات األطفال و األمهات‬
‫و بإنتاج األدوية الجنسية‪ ،‬والتربية و التحسيس بالسيدا‪ ،‬و التكوين الجيد للعاملين بالقطاع‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫نقص الموارد البشرية‪ .‬يعتبر النقص في‬ ‫مــنـظـومـة الـعـالجـــات لــم تــعــد مالئـمــة‬
‫الموارد البشرية من بين السلبيات التي تطبع‬ ‫للـــو�ضـع الـــراهــن‬
‫المنظومة الصحية الوطنية على الرغم من قدم‬
‫هذه اإلشكالية و التحسن المتواضع الذي حظيت‬ ‫بنيات تحتية مدعمة و غير مستغلة بشكل‬
‫به ‪ .‬حيث أن كثافة أطباء القطاع العام والخاص‬ ‫كافي ‪ :‬خالل ‪ 30‬سنة الفارطة تطورت شبكة‬
‫انتقلت من ‪ 0,43‬لكل ‪ 1000‬نسمة سنة‬ ‫العالجات الصحية بالمغرب بشكل قوي‪ .‬حيث‬
‫‪ 1999‬إلى ‪ 0,62‬سنة ‪ ،2012‬كما أن كثافة‬ ‫كانت تتوفر سنة ‪ 1960‬على ‪ 394‬مؤسسة‬
‫األطر التمريضية تقدر ما بين ‪ 0,89‬و‪0,97‬‬ ‫عمومية للعالجات األساسية في حين وصل‬
‫لكل ‪ 1000‬ساكنة‪ .‬ومنذ سنة ‪ 2004‬بدأ عدد‬ ‫عددها حاليا ‪ 2600‬وحدة‪ ،‬منتقلة من ‪0,58‬‬
‫األطباء يتزايد سنويا ب ‪ 4,7%‬و الممرضين‬ ‫مؤسسة لكل ‪ 10000‬نسمة سنة ‪(1980‬أي‬
‫ب ‪ 1,9%‬في السنة‪ .‬وهكذا يتضح أن معدل‬ ‫مؤسسة لكل ‪ 17000‬نسمة) إلى ‪ 0,83‬مؤسسة‬
‫الزيادة المسجلة يبقى غير كافي رغم األهداف‬ ‫لكل ‪ 10000‬نسمة حاليا (أي مؤسسة لكل‬
‫الطموحة المحددة من طرف الحكومة للزيادة‬ ‫‪ 12000‬نسمة)‪ .‬وعلى الرغم من بطء التطور‬
‫في عدد األطباء‪.‬‬ ‫الذي عرفته الشبكة االستشفائية‪ ،‬فقد وصل عدد‬
‫المتشفيات العمومية حاليا إلى ‪ 144‬مستشفى‬
‫هذا فضال على أن ‪ 40%‬من األطباء االخصائيين‬ ‫تقدر طاقتها اإليوائية بأكثر من ‪ 22000‬سريرا‬
‫يشتغلون حصريا بالقطاع الخاص في األوساط‬ ‫و ‪ 373‬مصحة خاصة موفرة ‪ 10300‬سريرا‪.‬‬
‫الحضرية‪ ،‬في حين يشتغل أغلب الباقون في‬ ‫وعلى الرغم من هذه المجهودات‪ ،‬فإن ‪ 20%‬من‬
‫القطاع العام بشكل مزدوج بالقطاعين الخاص‬ ‫الساكنة توجد على بعد ‪ 10‬كلم من اقرب مؤسسة‬
‫والعام على الرغم من التعارض مع القانون‬ ‫صحية‪ .‬ومؤشرات التوافر واستعمال الخدمات‬
‫ومعاناة الوزارة الحتواء المشكلة‪.‬‬ ‫تبقى لصالح الوسط الحضري بشكل بارز‪.‬‬
‫وعلى مستوى تكوين الممرضين والتقنيين‪،‬‬ ‫يبقى معدل استعمال الخدمات العالجية ضعيفا‬
‫يتوفر المغرب على ‪ 23‬مؤسسة عمومية تعمل‬ ‫إذ لم يتجاوز سنويا ‪ 0,6‬حالة جديدة لكل فرد‪.‬‬
‫تحث إشراف وزارة الصحة وتوفر سنويا ما‬ ‫وفي نفس اإلطار‪ ،‬تبرز المعطيات االستشفائية‪،‬‬
‫يناهز ‪ 1400‬حامل شهادة في التمريض‬ ‫أن معدل االستشفاء لم يتجاوز ‪ 5%‬الشيء‬
‫والتقنيات المرتبطة بالصحة‪ .‬كما توجد كذلك‬ ‫الذي يؤكد االستعمال الضعيف نسبيا للمؤسسات‬
‫مجموعة من المدارس الخاصة أنشئت مؤخرا‬ ‫الصحية بالمغرب (‪ .)4‬ويرجع تدني االستعمال‬
‫لتكوين الممرضين والتقنيين لكن وزارة الصحة‬ ‫بشكل كبير إلى إشكالية الموارد البشرية واألدوية‬
‫ال تتوفر على معطيات حول المعايير المتبعة‪،‬‬ ‫وعدم مالئمة العرض الصحي والطلبات الحالية‬
‫وعدد حاملي شواهد هذه المدارس‪ .‬كما أن فتح‬ ‫أي ما يتعلق باألمراض المزمنة‪.‬‬
‫مناصب الشغل بالقطاع العام‪ ،‬وتمكين خريجي‬

‫‪ -4‬ميوجد في حاليا ‪ 5‬كليات للطب (فاس‪ ،‬البيضاء الرباط مراكش وجدة) تنتمي جميعها إلى القطاع العام وتنتج ‪ 1300‬طبيبا كل‬
‫سنة‪ .‬و قد حددت الحكومة لهدف الزيادة في تكوين األطباء وصوال إلى ‪ 3300‬طبيب سنويا في أفق سنة ‪ .2020‬الشيء الذي سيتم‬
‫بمضاعفة عدد الطلب بالكليات المتواجدة ( عدا ما حدث في الرباط) و عن طريق فتح كليات أخرى‬

‫‪10‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫تقدر ب ‪ ( 12,2%‬من ‪ 57,5‬دوالر إلى ‪181‬‬ ‫مدارس القطاع الخاص من اجتياز المباراة‪،‬‬
‫و المغرب يخصص نسبة متزايدة‬ ‫دوالر)‪.‬‬ ‫خلق جوا من التوتر لدى العاملين بالقطاع العام‪.‬‬
‫من الناتج الداخلي الخام للصحة قدر في ‪6,2%‬‬
‫سنة ‪.2010‬‬ ‫إن نقص الموارد البشرية قد تمت اإلشارة إليه‬
‫من طرف المسؤولين المغاربة كأحد التحديات‬
‫إن قطاع الصحة ال يعبئ حاليا سوى ‪7,6%‬‬ ‫الكبرى للنظام الصحي ويتجلى ذلك في ‪ :‬النقص‬
‫من مجموع النفقات العمومية والتي ستبقى بعيدة‬ ‫في أعداد العاملين و الشيخوخة و التوزيع حسب‬
‫عن ‪ 15%‬كنسبة اعتمدها إعالن «أبوجا»‬ ‫مصالح الموظفين بدل حاجيات الساكنة‪ ،‬وإن‬
‫وحدد ‪ 2015‬كسقف لتحقيقها‪ .‬إن نسبة كبيرة‬ ‫توفرت الموارد البشرية‪ ،‬فإن مشكلة مالءمتها‬
‫تفوق نصف النفقات الصحية الوطنية‪ ،‬تأتي عن‬ ‫مع الحاجيات تبقى مطروحة‪ .‬وإذا كان‬
‫طريق المساهمات المباشرة لألسر (‪53,3%‬‬ ‫التكوين غير مالئم مع قضايا ومشاكل الساكنة‬
‫سنة ‪ .)2009‬سيزيد ارتفاع نسبة األداءات‬ ‫المطروحة مند العشرين سنة الفارطة فإنه‬
‫المباشرة من حدة الفوارق و يعرض األسر إلى‬ ‫أضحى اليوم أقل مالءمة خاصة أمام التغير‬
‫التفقير ومخاطر اإلصابة بأزمات مالية‪.‬‬ ‫السريع لمواصفات الحاجيات والطلب‪.‬‬
‫إلى حد اآلن‪ ،‬ال يتوفر المغرب على دراسات‬ ‫غالء األدوية باإلضافة إلى العجز في الموارد‬
‫حقيقية حول أثار هذا النمط لتمويل العالجات‪،‬‬ ‫البشرية‪ ،‬وتدني نسبة استعمال المصالح‬
‫ليس فقط على ميزانيات األسر‪ ،‬وإنما على‬ ‫الصحية‪ ،‬هناك مشكل آخر يتعلق باألدوية‪ .‬إن‬
‫مستوى التحفيزات السلبية غير المنتظرة‬ ‫أثمنة األدوية بالمغرب تضاعفت مرتين أو ثالثة‬
‫واالختالالت في تقديم الخدمات‪.‬‬ ‫مما هو عليه بالدول المجاورة‪ .‬الشيء الذي‬
‫يرجع أساسا إلى تجزئة التموين من األدوية و‬
‫فمن المؤكد أن تعويض االداءات المباشرة‬ ‫غياب المنافسة من خالل األدوية الجنيسة الجيدة‬
‫(‪ 53,3%‬سنة ‪ )2009‬بالنفقات العمومية عن‬ ‫التي ال يتعدى توافرها ‪ .30%‬و تمثل مصاريف‬
‫طريق الموارد الجبائية (‪ 25%‬سنة ‪ )2009‬أو‬ ‫الصيدلية ‪ 32%‬من مجموع مصاريف الصحة‪،‬‬
‫باألداء المسبق و التضامن عبر تقاسم األخطار‬ ‫الشيء الذي ال ينسجم مع مستوى التنمية للبلد‪.‬‬
‫(‪ 22%‬سنة ‪ ،)2009‬يشكل أحد التحديات‬ ‫كما أن التوزيع العمومي والمبيعات الخاصة‬
‫الكبرى بالنسبة لقطاع الصحة‪ .‬إن نسبة مساهمة‬ ‫من األدوية تتسم بسوء التدبير( أعداد كبيرة من‬
‫التامين اإلجباري على المرض ونظام المساعدة‬ ‫الصيادلة‪ ،‬إضافة إلى المبيعات المباشرة من لدن‬
‫الطبية للمعوزين الذي يتزايد بشكل مطلق‬ ‫العيادات الخاصة و األطباء)‪.‬‬
‫وتناسبي ال توفران إال تغطية محدودة تسير‬
‫في اتجاه تغطية ثلثي الساكنة‪ .‬و من السابق‬ ‫الـتـمويـل ما زال رهـيـنـا بالأداء الــمـبـا�شـر‪.‬‬
‫ألوانه‪ ،‬القول إلى أي مدى سيمكن هذا النهج‬
‫من معالجة المشاكل العميقة للنظام الصحي –‬ ‫تزايدت النفقات المالية المخصصة للصحة‬
‫الفوارق و الموارد البشرية و األدوية و المخاطر‬ ‫بالمغرب بشكل تدريجي‪ ،‬حيث انتقلت قيمة‬
‫و االختالالت المترتبة عن األداءات المباشرة‪-‬‬ ‫النفقات اإل جمالية على الصحة من ‪ 18,9‬مليار‬
‫لكن من المؤكد‪ ،‬أنها فرصة سانحة للمستقبل‪.‬‬ ‫درهم (‪ 1,7‬مليار دوالر) سنة ‪ 2001‬إلى‬
‫‪ 47,8‬مليار درهم (‪ 5,8‬مليار دوالر) سنة‬
‫‪ 2010‬أي بزيادة سنوية متوسطة لكل مواطن‬
‫‪11‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫يوضح الفصل ‪ 31‬من الدستور الحالي أن‬ ‫الـمعـطــى الـجـديـد ‪ :‬د�ستور ‪2011‬‬
‫«الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة‪،‬‬ ‫بعد إصدار دستور ‪ ،2011‬ال يمكن لقطاع‬
‫لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات‪،‬‬ ‫الصحة ان يبقى على ما هو عليه‪.‬‬
‫على قدم المساواة‪ ،‬من الحق في‪ :‬العالج‬ ‫القانون ‪ 00-65‬الصادر سنة ‪ 2002‬المتعلق‬
‫والعناية الصحية‪ ،‬والحماية االجتماعية والتغطية‬ ‫بمدونة التغطية الصحية األساسية يؤكد في‬
‫الصحية‪ ،‬والتضامن التعاضدي أو المنظم من‬ ‫ديباجته‪....« :‬تفرض حماية الصحة على الدولة‬
‫لدن الدولة‪ ......،‬الحصول على الماء والعيش‬ ‫التزاما بتوفير الخدمات الصحية الوقائية مجانا‬
‫في بيئة سليمة و التنمية المستدامة»‪.‬‬ ‫لفائدة جميع المواطنين أفرادا و جماعات‪،‬‬
‫كما ينص الفصل ‪ 34‬على أن « السلطات‬ ‫باإلضافة إلى سهرها على تنظيم مجال تقديم‬
‫العمومية تقوم بوضع وتفعيل سياسات موجهة‬ ‫خدمات طبية نوعية موزعة توزيعا متكافئا‬
‫إلى األشخاص والفئات من ذوي االحتياجات‬ ‫في سائر أرجاء التراب الوطني وضمان‬
‫الخاصة‪ .‬ولهذا الغرض‪ ،‬تسهر خصوصا‬ ‫االستفادة من هذه الخدمات لفائدة جميع‬
‫على ما يلي‪ -:‬معالجة األوضاع الهشة لفئات‬ ‫الشرائح االجتماعية عن طريق التكفل الجماعي‬
‫من النساء واألمهات‪ ،‬ولألطفال واألشخاص‬ ‫والتضامني بالنفقات الصحية‪ ......‬لبلورة هذا‬
‫المسنين والوقاية منها ;‪ -‬إعادة تأهيل األشخاص‬ ‫االلتزام الذي يكرس مبدأ الحق في الصحة»‪.‬‬
‫الذين يعانون من إعاقة جسدية‪ ،‬أو حسية حركية‪،‬‬ ‫بعد تسعة سنوات‪ ،‬في ‪ 2011‬صدر القانون‬
‫أو عقلية‪ ،‬وإدماجهم في الحياة االجتماعية‬ ‫اإلطار رقم ‪ 09-34‬المتعلق بالمنظومة‬
‫والمدنية‪ ،‬وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات‬ ‫الصحية وعرض العالجات‪ ،‬وحدد بشكل خاص‬
‫المعترف بها للجميع»‪.‬‬ ‫المبادئ‪ ،‬ومسؤوليات الدولة‪ ،‬و حقوق وواجبات‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬الفصل ‪ ،71‬يؤكد على‬ ‫المنتفعين والمواطنين‪ .‬كما ترجم هذه المبادئ‬
‫اختصاص القانون بالتشريع في الميادين‬ ‫بكون الدولة مسؤولة عن عرض العالجات من‬
‫التالية» مبادئ وقواعد المنظومة الصحية و‬ ‫حيث المخطط الجهوي لعرض العالجات‪.‬‬
‫عالقة الشغل و الضمان االجتماعي و حوادث‬ ‫لكن االعتراف األسمى بالحق في الصحة يرجع‬
‫الشغل و األمراض المهنية‪ ،‬إحداث المؤسسات‬ ‫إلى دستور ‪ 2011‬الذي يمنح أفاقا واعدة‬
‫العمومية وكل شخص اعتباري من أشخاص‬ ‫حول مسؤولية الدولة في هذا المجال ‪ .‬حيث أكد‬
‫القانون العام»‪ .‬بينما الفصل ‪ 154‬ينص‬ ‫على الحق األساسي في الحياة (الفصل ‪)20‬‬
‫على أن «يتم تنظيم المرافق العمومية على‬ ‫و الحق في السالمة (الفصل ‪ )21‬والسالمة‬
‫أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين‬ ‫الجسدية و المعنوية لألشخاص (الفصل ‪)22‬‬
‫في الولوج إليها‪ ،‬واإلنصاف في تغطية التراب‬ ‫و توفير الحماية القانونية لألسرة (الفصل ‪،)32‬‬
‫الوطني‪ ،‬واالستمرارية في أداء الخدمات»‪:‬‬ ‫ومنح السلطات العمومية اتخاذ التدابير المالئمة‬
‫«تخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة‬ ‫لمساعدة الشباب على االندماج في الحياة‬
‫والشفافية والمحاسبة والمسؤولية‪ ،‬وتخضع في‬ ‫النشيطة ( الفصل ‪ ،)33‬ومعالجة الهشاشة‬
‫تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها‬ ‫والوقاية منها (الفصل ‪.)34‬‬
‫الدستور»‪ .‬أما الفصل ‪ 156‬فإنه ينص على أن‬

‫‪12‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫ومبادرة من السلطات العمومية في الميادين‬ ‫«تتلقى المرافق العمومية مالحظات مرتفقيها‪،‬‬
‫االجتماعية واالقتصادية ‪ :‬القانون ‪00-65‬‬ ‫واقتراحاتهم وتظلماتهم‪ ،‬وتؤمن تتبعها»‪« .‬تقدم‬
‫الصادر سنة ‪ 2002‬المتعلق بمدونة التغطية‬ ‫المرافق العمومية الحساب عن تدبيرها لألموال‬
‫الصحية األساسية ‪ ،‬المبادرة الوطنية للتنمية‬ ‫العمومية‪ ،‬طبقا للقوانين الجاري بها العمل‪،‬‬
‫البشرية التي انطلقت سنة ‪ ،2005‬القانون‬ ‫وتخضع في هذا الشأن للمراقبة والتقييم»‪.‬‬
‫اإلطار رقم ‪ 09-34‬المتعلق بالمنظومة الصحية‬ ‫وبحسب الفصل‪« ،157‬يحدد ميثاق للمرافق‬
‫وعرض العالجات لسنة ‪ 2011‬و سنة ‪،2013‬‬ ‫العمومية قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير‬
‫تبعا للدستور الجديد‪ ،‬تعميم التغطية الصحية‬ ‫اإلدارات العمومية والجهات والجماعات‬
‫األساسية و المساعدة الطبية ‪.‬‬ ‫الترابية واألجهزة العمومية»‪.‬‬
‫أن نجعل من االعتراف بالحق في الصحة واقعا‬ ‫لذا‪ ،‬يعترف الدستور بشكل بين وواضح بالحق‬
‫يوميا لدى كل السكان بالمغرب‪ ،‬هو موضوع‬ ‫في الولوج إلى العالجات الصحية وبشكل غير‬
‫اإلصالح المطروح اليوم للنقاش‪ .‬فاألمر يتعلق‬ ‫مباشر الحق في الصحة‪ .‬كما انه من خالل بنود‬
‫برهان كبير إذ تعد القابلية لإلصالح العميق‬ ‫أخرى يؤثر على مجموعة واسعة من المحددات‬
‫لقطاع الصحة اختبارا للديموقراطية و التضامن‪.‬‬ ‫الصحية‪ .‬و كما أنه يوفر ورقة طريق حول‬
‫األسلوب الذي ستدبر به المصالح الصحية‪:‬‬
‫يعرض الجزء الموالي من هذا الكتاب األبيض‬ ‫اإلنصاف‪ ،‬المحاسبة‪ ،‬الشفافية‪ ،‬اإلصغاء‪:‬‬
‫المحاور الكبرى التي يتمحور حولها إصالح‬ ‫المصالح في خدمة المواطن‬
‫منظومة الصحة‪ .‬و يمكن لهذه المسالك أن تساعد‬
‫على الحوار العميق والمنظم مع األطراف‬ ‫االعتراف بالحق في الصحة لجميع المغاربة‪،‬‬
‫المعنية للحصول على الدعم الضروري‬ ‫يعتبر نتيجة منطقية لمطالب المواطنين‬
‫للتغييرات المزمع إعمالها‪.‬‬ ‫المرتبطة بالسياق الجهوي‪ ،‬ويدخل اآلن في‬
‫استمرارية عدد كبير من اإلصالحات بإيعاز‬

‫‪13‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫أية آفاق إلصالح املنظومة الصحية؟‬

‫ولضمان النجاح‪ ،‬يجب تملك إرادة التغيير‬ ‫يرمي هذا اإلصالح الجديد إلى االستجابة بشكل‬
‫وتحديث قطاع الصحة من قبل الفاعلين في‬ ‫متوازن لمختلف المتطلبات‪:‬‬
‫المنظومة الصحية‪ ،‬وأن يكون ذلك موضوع‬
‫توافق اجتماعي بغاية إقناع مقاومة التغيير‬ ‫• تركيز العالجات حول قضايا و انتظارات‬
‫وتدبير المصالح المتضاربة للمتدخلين‪ .‬إن‬ ‫السكان ومحاربة اإلقصاء‪ ،‬واالرتقاء‬
‫اإلصالحات المقترحة ترتكز على ثالثة محاور‬ ‫بالصحة‪،‬‬
‫كبرى لها صدى لدى حركات اإلصالح بأغلب‬ ‫• االستباقية في اإلجابة للتحديات المطروحة‬
‫البلدان سواء الغنية أو متوسطة الدخل‪:‬‬ ‫نتيجة التحوالت المجتمعية بالمغرب‪،‬‬
‫• ضمان حماية السكان‪ :‬التصدي للمخاطر‬ ‫• بناء منظومة دائمة وناجعة‪.‬‬
‫الحديثة و القديمة المهددة لصحة السكان عن‬
‫طريق اعتماد سياسة طوعية حول محددات‬ ‫في قلب هذا اإلصالح‪ ،‬تكمن إرادة إعمال الحق‬
‫الصحة‪،‬‬ ‫في الولوج إلى العالجات و الصحة لجميع‬
‫المغاربة آخذين بعين االعتبار مجموع محددات‬
‫• المضي قدما نحو التغطية الشاملة‪ :‬ضمان‬ ‫الصحة مع بناء منظومة صحية جيدة و فعالة‪،‬‬
‫ولوج الجميع إلى عالجات القرب و إعادة‬ ‫قادرة على ضمان استمرارية التغيير المتوقع‪.‬‬
‫تنظيم التضامن برفع الحواجز المالية‬
‫للولوج وتجنيب األسر مصاريف كارثية‬ ‫و يلخص اإلطار رقم ‪ 2‬أهم خصائص منظومة‬
‫لتمكينها من العالج‪،‬‬ ‫صحية جيدة وخصوصا منظومة العالجات‪.،‬‬

‫• تدبير المنظومة الصحية برمتها (قطاع‬ ‫و الدستور الجديد‪ ،‬يمنح فرصة جديدة إلعداد‬
‫خاص وعام‪ ،‬نظامي وغير نظامي)‪:‬‬ ‫المنظومة الصحية المستقبلية‪ .‬ويتعين على‬
‫االنتقال من مبنية تمركز القرار و المراقبة‬ ‫اإلصالح الجديد تحقيق التالحم وتطوير‬
‫إلى منظومة مبنية على الضبط و التفاوض‪.‬‬ ‫السياسة الجهوية‪ .‬الشيء الذي يستوجب قفزة‬
‫الشيء الذي يفضي إلى االنتقال من التركيز‬ ‫جديدة لتنظيم خدمات القرب و مساهمة السكان‬
‫اإلداري المفرط إلى اعتماد التحفيزات‬ ‫مع التخفيف من التمركز في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫واإلشراك والشفافية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫اإلطار ‪: 2‬‬
‫إلى أين يتجه اإلصالح ؟ خصوصيات منظومة جيدة للصحة بالمغرب‬

‫إن أي منظومة صحية «جيدة» يساهم في‪:‬‬


‫• تحسين الصحة و اإلنصاف في العالج‪،‬‬
‫• خلق توازن بين تلبية الحاجيات و انتظارات السكان في مجال الصحة‪،‬‬

‫لتحقيق ذلك‪ ،‬يتعين على المنظومة الصحية الجيدة امتالك القدرة على ‪:‬‬
‫• ضمان تغطية شاملة‪ ،‬أي الولوج الشامل للعالج الجيد مع حماية مالية للمنتفعين‬
‫• االعتناء بصحة السكان‪ ،‬مع االشتغال على المحددات االجتماعية للصحة و حماية األفراد والجماعات من كل ما‬
‫من شأنه أن يهدد الصحة‪،‬‬
‫• استباق المخاطر المهددة للصحة وتدبير األزمات‪،‬‬
‫• التفاعل مع أولويات الصحة‪ ،‬بمجموعة من التدخالت و األنشطة الوقائية و العالجية المالئمة و الهادفة إلى االرتقاء‬
‫بالصحة و إنعاش الصحة‪،‬‬

‫وتشمل هذه المنظومة الصحية‪ ،‬منظومة عالجات منظمة وناجعة األداء هدفها اإلنسان‪:‬‬
‫• تمكن الكل من ولوج مؤسسات القرب‪،‬‬
‫• ملمة بالساكنة التي من أجلها تتحمل المسؤولية‪،‬‬
‫• يعرفها الناس وتحظى بثقتهم‪،‬‬
‫• قادرة على حل المشاكل وتوجيه المرضى نحو المصالح المختصة كلما دعت الحاجة إلى ذلك‪،‬‬
‫• ضامنة لالستمرارية وشمولية العالج‪،‬‬
‫• موفرة للعالجات المندمجة والفاعلة دون تعريض المريض ألخطار‪،‬‬
‫تتكون هذه المنظومة من شبكات مصالح ( مصالح القرب و المستشفيات و مصالح الوقاية ومصالح مختصة إلخ‪:)...‬‬
‫• تحدد روابط فعلية و واضحة‪ ،‬و شفافة فيما بينها‪،‬‬
‫• تضطلع بالمسؤولية الجماعية لصحة ساكنة محددة‪،‬‬
‫• تضع ميكانيزمات مالئمة وتشاركية للمحاسبة على األداء‪،‬‬

‫المنظومة الصحية الجيدة رهينة بكيفية تنظيم وتدبير التمويل و المعلومة‪ ،‬والموارد البشرية‬
‫على أن يكون‪:‬‬
‫• التمويل و كيفية األداء منظمين بشكل يساعد على تقوية التوجه نحو التغطية الشاملة‪:‬‬
‫• لضمان مستوى كاف من التمويل‪،‬‬
‫• لالرتكاز على االداء القبلي وتقاسم األخطار للقضاء على الحواجز التي تعوق الولوج وتضمن الحماية المالية ضد‬
‫المصاريف الكارثية‪،‬‬

‫‪15‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫• إليجاد التوازن بين التوسيع التدريجي لرزمة الخدمات المقدمة و التوسيع التدريجي للساكنة المغطاة ‪ ،‬والتقليص‬
‫التدريجي لألداء المباشر لألسر‪،‬‬
‫• نظام االعالم والمعرفة منظم بشكل شفاف يسمح بتوفير وتقاسم المعلومات الشفافة المتعلقة بأداء المنظومة وبالضبط‬
‫المعطيات المهمة واإلستراتيجية حول‪:‬‬
‫• مناحي تطور النتائج المرتبطة بالصحة‪،‬‬
‫• مناحي تطور الخدمات المقدمة و جودتها وإنتاجيتها‪،‬‬
‫• مناحي تطور االستعماالت وتوافر الموارد‪،‬‬
‫• منحى تطور الحاجيات و االنتظارات‪،‬‬
‫• جودة المجاالت الحياتية للعمل‪،‬‬
‫• تمثالت الساكنة المستعملة و العاملين في مجال الصحة‪ ،‬حول أداء المنظومة الصحية ‪،‬‬
‫• نظام موارد بشرية يسير بشكل يسمح ب ‪:‬‬
‫• تكوين و توزيع و الحفاظ على قوة عاملة كافية لالستجابة للحاجيات على المستوى المجالي‪،‬‬
‫• ضمان حصول المهنيين على االدوية و التكنولوجية الضرورية لتلبية الحاجيات الصحية للسكان‪،‬‬
‫• التأكد من أن كفاءات المهنيين‪ ،‬تمكن من توفير العالجات الجيدة واالعتناء الفعال بمحددات الصحة‪،‬‬
‫• التأقلم مع التغييرات التي تفرضها تنمية البالد‪.‬‬

‫حاجيات الساكنة التي أصبحت أكثر مطالبة‬ ‫املحور‪ 1-.‬الإ�شتغال على املحددات‬
‫للحماية الصحية‪.‬‬ ‫االجتماعية لل�صحة‪ ،‬وحماية ال�سكان من‬
‫و االشتغال على المحددات االجتماعية للصحة‬ ‫املخاطر املهددة ل�صحتهم وتعزيز كل ما من‬
‫رهين باإلقبال على فتح ثالثة أوراش ‪:‬‬ ‫�ش�أنه �أن ميكن من االرتقاء بها‪.‬‬
‫• إعادة النظر في مجموع السياسات و األعمال‬ ‫يتعين على المغرب الذي يوجد في مرحلة‬
‫التقنية المهمة للتأثير على المحددات االجتماعية‬ ‫االنتقال مواجهة العوامل «القديمة» و»الحديثة»‬
‫للصحة اعتمادا على « الوظائف األساسية‬ ‫المحددة لصحة األفراد والجماعات ‪.‬علما أنه‬
‫للصحة العامة»‪،‬‬ ‫كلما تقدم البلد تزداد حاجاته في مجال الوقاية‬
‫• تعبئة مجموع القطاعات ذات الصلة إليالء‬ ‫و التأهيل الصحي‪.‬‬
‫الصحة مكانة في قراراتها‪.‬‬ ‫إن ضرورة تعزيز االشتغال على المحددات‬
‫• تقوية تدخالت القرب في حقل الصحة‬ ‫االجتماعية للصحة يفضي ال محالة إلى تزايد‬
‫ومساهمة السكان لمواجهة المشاكل المرتبطة‬ ‫في الضغوطات المالية والتنظيمية‪ .‬والطريقة‬
‫بحياة الجماعات وصحتها‪.‬‬ ‫الوحيدة لمواجهتها تكمن في الرفع من مرونة‬
‫المنظومة الصحية و قدرتها على تكييف‬
‫الور�ش‪ 1-.‬تعزيز «الوظائف الأ�سا�سية لل�صحة‬ ‫تدخالتها حسب التنوع الجغرافي و الوبائي و‬
‫العامة»‬ ‫االجتماعي‪ .‬و توفر الجهوية المتقدمة إطارا‬
‫سانحا لهذه المالءمة‪( .‬أنظر اإلطار ‪.)4‬‬
‫االستدالل المنطقي ‪:‬‬
‫فالمغرب مطالب من جهة بمضاعفة الجهود‬
‫من المفروض على البنيات الصحية بالقطاعين‬ ‫التي تستهدف محددات الصحة لتحقيق نتائج‬
‫الخاص والعام‪ ،‬أن تمتلك القدرة و اإلرادة للقيام‬ ‫فعالة و ناجعة‪ ،‬و من جهة باالستجابة إلى‬

‫‪16‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫لقد حقق المغرب في بعض المجاالت‪ ،‬نجاحات‬ ‫بدور أساسي للتأثير على مجموعة القضايا ذات‬
‫باهرة و خاصة ضبط الخصوبة و محاربة الرماد‬ ‫الصحة بالصحة العامة ‪ :‬مراقبة األمراض‬
‫الحبيبي و المالريا و البلهارسيا‪ .‬إال أنه سجل‬ ‫السارية و التكفل باإلعالة و األمراض المرتبطة‬
‫في ميادين أخرى نقائص مهمة ترجع باألساس‬ ‫بكبر السن و السمنة والوقاية من السرطان‬
‫إلى تشتت المسؤولية و ضعف التنسيق ‪ .‬هذه‬ ‫و حماية البيئة و الصحة العقلية والنفسية و‬
‫الوضعية‪ ،‬تضعف بشكل كبير قدرة تدخالت‬ ‫األمراض المزمنة ‪......‬إلخ‪ .‬إن التكفل بهذه‬
‫السلطات الصحية لحماية الصحة‪.‬‬ ‫المشاكل يستلزم ضمان مجموعة من الوظائف‬
‫األساسية للصحة العامة ‪.‬‬
‫يجب خلق الشروط المؤسساتية لتمكين وزارة‬
‫الصحة من توسيع األنشطة المتوافرة مع تغطية‬ ‫أكيد أن وزارة الصحة هي المسؤولة في‬
‫مجموع الوظائف‪ .‬وفي مجال التنسيق بين‬ ‫الحكومة بضمان إنجاز هده الوظائف‪ ،‬إال أن‬
‫وزارة الصحة والقطاعات األخرى‪ ،‬يتضح أن‬ ‫إعمالها يمكن أن يعهد إلى هياكل هذه الوزارة‬
‫بعض األنشطة تتقاسمها الوزارة مع مجموعة‬ ‫نفسها‪ ،‬أو إلى وزارات أخرى ‪ ،‬أو مؤسسات‬
‫من القطاعات‪ .‬بعضها مشتركة مع الجماعات‬ ‫شبه عمومية‪ ،‬أو أكاديمية أو الجماعات الترابية‬
‫الترابية عبر المكاتب الصحية‪ ،‬و مع وزارة‬ ‫أوالمجتمع المدني ‪.‬‬
‫التعليم في مجال الصحة المدرسية والجامعية و‬
‫مع وزارة الفالحة والجماعات الترابية‪ .‬و فرص‬ ‫ما العمل ؟‬
‫التعاون هذه‪ ،‬تمكن من الحصول على نتائج جيدة‬ ‫فضال عن وظيفة الدولة في التنظيم‪ ،‬وضبط‬
‫و سريعة التحقيق و ملموسة‪ .‬لذا يتعين استثمار‬ ‫تقديم العالجات‪ ،‬فإن الالئحة أسفله تلخص‬
‫التجربة المكتسبة وتوسيعها إلى مجاالت أخرى‬ ‫الوظائف األساسية التي يتعين على المنظومة‬
‫مع اقتراح مقاربات خالقة‪.‬‬ ‫الصحية تحقيقها وهي ال تتحملها اآلن إال بشكل‬
‫الشروط المؤسساتية التي يتعين وضعها حيز‬ ‫جزئي و أحيانا تكون متدنية األداء ‪:‬‬
‫التنفيذ‪.‬‬ ‫• الوقاية و الترصد و مراقبة األمراض‬
‫جرت العادة في مجموعة من البلدان على أن‬ ‫السارية وغير السارية‪،‬‬
‫تكون المدارس الوطنية للصحة العمومية هي‬ ‫• ترصد واقع الصحة‪،‬‬
‫المصدر األساسي والمستقل لتوفير الكفاءات‬ ‫• االرتقاء بالصحة‪،‬‬
‫التقنية للقيام بالوظائف الكبرى للصحة ووضع‬ ‫• الصحة في الشغل‪،‬‬
‫سياسات الصحة العامة‪ .‬بعض المؤسسات قادرة‬ ‫• حماية البيئة‪،‬‬
‫على تحقيق نجاحات باهرة كما هو الشأن بالنسبة‬ ‫• التشريع و التنظيم ‪،‬‬
‫ل‪ Fiocrus‬بالبرازيل و ‪Kansanterveys‬‬ ‫• التخطيط و التدبير‪،‬‬
‫بفيالندا و المؤسسة الوطنية للصحة العامة بكبيك‬ ‫• الخدمات النوعية للصحة المدرسية و‬
‫بكندا و مركز التحكم في األمراض ‪CDC‬‬ ‫اإلغاثة في حالة الطوارئ و مختبرات‬
‫بالواليات المتحدة األمريكية‪ .‬و اليوم أصبحت‬ ‫الصحة العامة‪،‬‬
‫و بشكل مسترسل‪ ،‬طاقات هذه المؤسسات غير‬ ‫• صحة الساكنة التي توجد في وضعية‬
‫كافية أمام الطلب المتزايد للسياسات العامة‪.‬‬ ‫الهشاشة و الساكنة األكثر عرضة للمخاطر‪.‬‬
‫و في غالب األحيان تظل مهامها موزعة‪،‬‬
‫‪17‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫والمدرسة الوطنية للصحة العمومية (المعهد‬ ‫وإمكانيات التمويل ضئيلة‪ ،‬ومواردها متفرقة‬
‫الوطني لإلدارة الصحية سابقا) و مدارس‬ ‫و بالتالي تصبح غير قادرة على تـأسيس كتلة‬
‫مهن التمريض و تقنيات الصحة بتكوين‬ ‫نوعية من كفاءات متنوعة و متخصصة‪ ،‬مما‬
‫الموارد البشرية الالزمة‪ .‬وقد كان خريجو‬ ‫يدفعها إلى التخلي عن بعض المهام التي تعود‬
‫هذه المؤسسات يشكلون أقلية من مهنيي‬ ‫إليها أو إهمالها‪.‬‬
‫الصحة‪ ،‬كما كان تكوينها يركز أساسا على‬
‫محاربة األمراض واألوبئة التقليدية‪ .‬و‬ ‫وفي مجموعة من الدول‪ ،‬أصبح هذا المشهد‬
‫يتعين على وزارة الصحة إعطاء دفعة قوية‬ ‫المؤسساتي يتغير‪ ،‬حيث نجد عددا كبيرا من‬
‫لبرنامج جديد في هذا المجال مع ضمان‬ ‫مراكز الكفاءات في غالب األحيان متخصصة‬
‫ضبطه‪.‬‬ ‫يتزايد باإلضافة إلى تنوع األشكال المؤسساتية‬
‫التقليدية للصحة العامة والتوجه نحو العمل في‬
‫• ربط أواصل التعاون بين الدول لتوسيع‬ ‫إطار شبكات مكونة من مجموعة من مراكز‬
‫مجال الخبرة باللجوء إليها كلما دعت‬ ‫البحث والمؤسسات‪ ،‬والجامعات‪ ،‬ومجموعات‬
‫الحاجة إلى ذلك‪.‬‬ ‫التفكير‪ ،‬ومنظمات تقنية و مختلف المبادرات‬
‫ذات الصلة بالموضوع من داخل قطاع الصحة‬
‫الور�ش ‪ 2‬و�ضع ال�صحة يف قلب ال�سيا�سات‬ ‫و قطاعات أخرى‪ .‬و في هذا اإلطار‪ ،‬من‬
‫العمومية‪ :‬تقييمات الوقع من �أجل التحاور‬ ‫المحتمل أن يسير المغرب بدوره في نفس‬
‫مع القطاعات الأخرى‪.‬‬ ‫المنحى‪ .‬كل هذا ستتم ترجمته على شكل شبكات‬
‫من الكفاءات أكثر تعقيدا وانتشارا لكن أيضا‬
‫االستدالل المنطقي‪:‬‬ ‫أكثر ثراء‪ .‬فتعزيز المؤسسات يجب أن يمر‬
‫عبر استراتيجيات يقظة من حيث التخصص و‬
‫ال يمكن اعتبار صحة السكان نتيجة لنشاط‬
‫التكامل مع االنتباه إلى التحدي الذي يطرحه‬
‫قطاع الصحة لوحده‪ ،‬إنما هي محددة و بشكل‬
‫تنسيق هذه الشبكات و قيادتها‪.‬‬
‫كبير‪ ،‬بعوامل مجتمعاتية و اقتصادية‪ .‬و من تم‪،‬‬
‫فصحة السكان مرتبطة بسياسات و أنشطة ال‬ ‫وللسير في هذا االتجاه يتعين القيام بثالث مهام‪:‬‬
‫تدخل ضمن مجال اختصاص قطاع الصحة‪.‬‬
‫• مسح للمشهد المؤسساتي للصحة العامة‬
‫يمكن على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬أن تكون‬ ‫بالمغرب بغية وضع شبكة تؤمن تغطية‬
‫لظروف السكن أو الشغل آثار حاسمة على الصحة‪،‬‬ ‫مجموع الوظائف بشكل فعال وبضمانات‬
‫و في بعض األحيان يتهيأ للسلطات الصحية أن‬ ‫الجودة و ميكانزمات تسمح بربط المسؤولية‬
‫مجالهم ال يمكنه التأثير إال هامشيا على هذه العوامل‪.‬‬ ‫بالمحاسبة‪،‬‬
‫من البديهي أنه ليس بمقدور قطاع الصحة‬ ‫• مالئمة تكوين الموارد البشرية التي تؤدي‬
‫إعادة تحديد العالقات في العمل‪ ،‬أو التأثير على‬ ‫الوظائف األساسية للصحة العامة مع ضمان‬
‫البطالة‪ ،‬أو رفع الرسوم على السجائر‪ ،‬أو فرض‬ ‫التنوع واالختصاص الضروريين التي‬
‫معايير تقنية على العربات ذات محرك‪ ،‬أو ضبط‬ ‫يتطلبها هذا النوع المركب من الشبكات‪.‬‬
‫الهجرة القروية‪ ،‬أو القضاء على دور الصفيح‪،‬‬
‫مع أنه لكل هذه التدابير تأثير على الصحة‪.‬‬ ‫تضطلع كليات الطب في الوقت الراهن‬

‫‪18‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫النقل ‪ )...‬كما تم وضعها بأهدافها و منطقها‬ ‫إال أن هذا ال يعني أن قطاع الصحة ناقص‬
‫الخاص‪ ،‬ليتم تقييم نتائجها على مستوى الصحة‪.‬‬ ‫الوسائل تماما‪ ،‬بل يمكن أن يكون له وقع حقيقي‬
‫بعد ذلك‪ ،‬وبشراكة مع هذا القطاع نعمل على‬ ‫شريطة التعاون مع القطاعات األخرى‪ .‬ويمكنه‬
‫تقييم االثار اإليجابية والسلبية الحالية والمحتملة‬ ‫أن يعمل من اجل اإلقرار بان الصحة هي نتاج‬
‫لسياساته على صحة السكان‪.‬‬ ‫اجتماعي مهم لسياسات القطاعات األخرى‪.‬‬
‫يمكن لسياسات القطاعات األخرى أن تحظى‬ ‫على أن قطاع الصحة سبق له أن سلك أحيانا‬
‫بأهمية متميزة بالنسبة لصحة السكان و ذلك‬ ‫نفس نهج التعاون ولكن بشكل محتشم‪ ،‬و قد‬
‫لسببين‪:‬‬ ‫كانت نتائجه في بعض األحيان جيدة ألنه تمكن‬
‫من إقناع القطاعات األخرى لمساعدة قطاع‬
‫• أن تقدم هذه السياسات مساهمة إيجابية‬ ‫الصحة في تحقيق أهدافه الصحية‪.‬‬
‫للصحة دون أن يكون ذلك هدفها المباشر‪،‬‬
‫وعلى سبيل المثال‪ :‬السياسات في مجال‬ ‫يوجد في المغرب أمثلة كثيرة عن المشاكل‬
‫التربية و المساواة بين الرجل و المرأة‬ ‫الصحية التي استطاعت وزارة الصحة أن‬
‫واإلدماج االجتماعي‪.‬‬ ‫تحصل على تعاون حقيقي و فعال من القطاعات‬
‫األخرى بهدف التأثير على محددات اجتماعية‬
‫و يمكن لهذه السياسات أن تتعزز أكثر إذا‬ ‫و بيئية لمشاكل هامة للصحة العامة ‪ :‬القضاء‬
‫توجهت إلى البحث بشكل إرادي عن هذه‬ ‫على مرض البلهارسيا و التصدي لمرض‬
‫النتائج الصحية االيجابية ‪،‬كما لو كانت هذه‬ ‫الرمد الحبيبي‪ ،‬برامج التلقيح‪ ،‬و حديثا التصدي‬
‫األخيرة جزءا ال يتجزأ منها‪.‬‬ ‫لمرض السرطان‪ .‬في هذه المواقف‪ ،‬كانت‬
‫االعتراف الصريح ووضوح الرؤية حول‬ ‫هناك ريادة واضحة و شفافة لوزارة الصحة و‬
‫النتائج الصحية ال يمكنه اال ان يعزز‬ ‫مساندات عديدة داخل القطاعات األخرى‪ .‬على‬
‫السياسات ويخلق اإللتقائية اإليجابية للسكان‪.‬‬ ‫أن هذا التعاون كان ناجعا بفضل اقتناع كل‬
‫األطراف على ان هنالك ربح حقيقي و واضح‬
‫• كما يمكن أن تكون لسياسات القطاعات‬ ‫على المستوى الصحي للسكان‪.‬‬
‫األخرى عواقب سلبية تظهر غالبا بعد فوات‬
‫األوان‪ .‬كما هو الشأن بالنسبة لآلثار السلبية‬ ‫من أجل وضع «الصحة في جميع السياسات»‪ ‬‬
‫للتلوث الهوائي والصناعي‪.‬‬ ‫يجب المضي قدما و العمل على المدى البعيد‬
‫بغاية الحصول على اإلقرار بأن صحة السكان‬
‫قد ال يدرك أصحاب القرار في القطاعات‬ ‫هي مسؤولية مشتركة بين الجميع‪.‬‬
‫األخرى االنعكاسات الصحية المستقبلية‬
‫الختياراتهم ‪ ،‬والتي تكون في منظورهم مبررة‪.‬‬ ‫في منظور الصحة العامة ننطلق من مشكل‬
‫على أنه غالبا ما يكون باإلمكان توقع هذه النتائج‬ ‫صحي معين نريد حله‪ ،‬و نطلب من القطاعات‬
‫أو رصدها في مرحلة مبكرة‪ ،‬و إيجاد توافق‬ ‫األخرى المساهمة في ذلك‪.‬‬
‫مع القطاع اآلخر من اجل التقليص من اثارها‬ ‫عندما نفكر بمنطق «الصحة في جميع‬
‫السلبية على الصحة‪.‬‬ ‫السياسات» ننطلق من سياسة القطاع اآلخر‬
‫(الفالحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬البيئة‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬السكنى‪،‬‬

‫‪19‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫مراحل تصورها بغاية معرفة إلى أي حد‬ ‫ما العمل؟‬
‫تؤثر هذه السياسات في الصحة سلبا أو إيجابا‪.‬‬
‫هذا الحوار ليس من السهل تحقيقه‪ ،‬غير أننا‬ ‫يصف إعالن «ادياليد» حول إدماج الصحة‬
‫نتوفر حاليا في عدد من البلدان على تجربة ال‬ ‫في جميع السياسات‪ ،‬المحركات من اجل وضع‬
‫يستهان بها مصحوبة بوسائل «لتقييم اآلثار‬ ‫تلك المقاربة‪ ،‬و كذا الدور الجديد لقطاع‬
‫على الصحة»‪.‬‬ ‫الصحة الذي تفرضه هده المقاربة ‪.‬‬

‫باالستعمال المنتظم لهذه الوسائل (أنظر اإلطار‬ ‫المقاربة التقليدية للصحة العامة ‪-‬أي االنطالق‬
‫‪ )3‬سيكون بمقدور المغرب أن يحفز هذا‬ ‫من مشكل صحي معين‪ ،‬وطلب مساعدة‬
‫الحوار‪.‬‬ ‫القطاعات األخرى لحله‪ -‬مجدية و ضرورية‬
‫لكن قدرتها محدودة‪ .‬يجب إذن بدأ الحوار‬
‫انطالقا من سياسات القطاعات األخرى في‬

‫اإلطار رقم ‪:3‬‬


‫كيف يجب تقييم الوقع على الصحة ؟‬
‫«تقييم الوقع على الصحة»‪ ‬هو تمرين يستعمل أكثر فأكثر‪ ،‬خاصة داخل االتحاد األوربي‪ .‬و يستلهم هذا التقييم من‬
‫األساليب المطورة في «تقييم التأثيرات البيئية‪  ‬من أجل تقدير االنعكاسات على مستوى الصحة و السالمة الصحية‬
‫لسياسات ال تمثل الصحة هدفها األساسي‪.‬‬
‫بشكل مثالي نقوم بهذا التمرين عندما يفكر قطاع ما في اعتماد اختيارات سياساته على المدى المتوسط أو البعيد‪.‬‬
‫وتسمح تقنيات الوقع الصحي للسياسات المتبعة باإلجابة بشكل مباشر على عدد من التساؤالت‪ .‬هل السياسة التي تم‬
‫تقييمها ‪:‬‬
‫* تؤثر في صحة و سالمة األفراد و السكان (أمد الحياة و الوفيات و المراضة) من خالل أثارها على البيئة السوسيو‪-‬‬
‫اقتصادية (الدخل و التربية و التشغيل و التغذية) ؟‬
‫* تزيد أو تقلص من احتماالت التعرض ألخطار صحية راجعة لمواد ضارة بالمحيط الطبيعي ؟‬
‫* تؤثر على الصحة و ذلك بتغيير اإلزعاجات الصوتية أو جودة الهواء أو الماء أو التربة في أماكن آهلة بالسكان ؟‬
‫* تؤثر على الصحة بسبب تغيير في استعمال الطاقة أو التخلص من النفايات ؛‬
‫* تؤثر على المحددات االجتماعية للصحة المرتبطة بنمط العيش‪ ،‬كاستهالك التبغ أو الكحول أو التمارين البدنية؟‬
‫* لها تأثيرات معينة على بعض المجموعات المعرضة للخطر (محددة بالسن أو الجنس و اإلعاقة‪ ،‬أو الفئة االجتماعية‬
‫أو الحركية أو الجهة‪ .).....‬؟‬
‫يمكن لهذا التمرين أن يستهدف اآلثار على الولوج إلى منظومة العالجات أو الحماية االجتماعية‪ ،‬أو التكوين‪ ،‬و ذلك‬
‫بتقييم سياسة القطاع المعني من منظور‪:‬‬
‫‪ -‬تأثيره على الخدمات من ناحية الجودة و الولوجية ؟‬
‫‪ -‬تأثيره على التربية و على حركية العمال (الصحة‪ ،‬التربية‪ )...‬؟‬
‫‪ -‬تأثيره على ولوج األشخاص إلى التربية العمومية أو الخاصة أو إلى التكوين المهني المستمر؟‬
‫‪ -‬تقديم الخدمات العابرة للحدود و التوجه من دولة إلى أخرى و كذا التعاون في المناطق الحدودية؟‬
‫‪ -‬تأثيره على تمويل و كيفية تنظيم المنظومات االجتماعية و الصحية و التربوية (بما في ذلك التكوين المهني)؟‬
‫‪ -‬تأثيره على الحرية األكاديمية و االستقاللية المحلية ؟‬

‫‪20‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫الور�ش ‪ :3‬اال�شتغال املحلي على املحددات‬ ‫الشروط المؤسساتية التي يجب وضعها ‪:‬‬
‫االجتماعية املحددة لل�صحة‬ ‫ستكون التمارين التقييمية للوقع الصحي‬
‫االستدالل المنطقي‪:‬‬ ‫قاعدة جيدة للحوار إذا ما تمت إدارتها بشكل‬
‫منتظم وموضوعي وعلمي‪ ،‬وبتعاون وثيق مع‬
‫غالبا ما تشكل الظروف المحلية تهديدا على‬ ‫القطاعات األخرى‪ .‬يجب أن تشكل لجنة وطنية‬
‫الصحة؛ وعلى المستوى المحلي أيضا توجد‬ ‫للمحددات االجتماعية للصحة تعود قيادتها إلى‬
‫فرص من اجل تقليص المخاطر و تحسين‬ ‫أعلى مستوى ممكن‪ ،‬و أن تكون أرضية للتفاعل‬
‫الصحة‪ .‬هذه الفرص ال يمكن التعرف عليها و‬ ‫المتعدد القطاعات أو قيادة آليات كتقييم الوقع‬
‫حلها إال محليا وذلك بإدماج عمل مصالح القرب‬ ‫الصحي‪ .‬لكن بشرط أن تتسلح وزارة الصحة‬
‫ومشاركة السكان‪.‬‬ ‫بالقدرات و الخبرات و المعلومات و التقنيات‪-‬‬
‫الضرورية التي ستمكن من القدرة على الخلق‬
‫يوجد بالمغرب تقليد عريق يكمن في تعبئة‬
‫و بمصداقية لآلليات األخرى للحوار والتعاون‪.‬‬
‫المجتمعات المحلية من أجل تنفيذ برامج الصحة‬
‫العامة مثل التلقيح‪ ،‬أو محاربة الرمد الحبيبي‬ ‫هذا يفترض مجهودات طوعية‪ ،‬هادفة ومتبعة‬
‫أو نشر وسائل منع الحمل‪ .‬وقد سمح هذا‬ ‫على أعلى مستوى‪ ،‬تتم مباشرتها على أرضيتين‪:‬‬
‫بتشكيل رأسمال مهم من الكفاءات و التحفيزات‬
‫التي يجب الحفاظ عليها والعمل على توسيعها‬ ‫• العمل على قبول مبدأ تمارين تقييم الوقع‬
‫‪.‬ومع ذلك الزالت هناك على المستوى المحلي‬ ‫الصحي ووضع عالقة مبنية على الثقة مع‬
‫إمكانات مهمة من العمل على محددات الصحة‬ ‫القطاعات األخرى من أجل المباشرة في‬
‫ضعيفة االستغالل‪.‬‬ ‫القيام بها ‪ ،‬مع الحرص على تسجيل ذلك‬
‫في القانون كشرط مسبق قبل الموافقة على‬
‫الزال بإمكان مصالح القرب باإلضافة إلى‬ ‫المبادرات القطاعية (على غرار التقييم‬
‫السلطات المحلية العمل أكثر من أجل ضمان‬ ‫المسبق لآلثار البيئي الذي أصبح شرطا‬
‫التعاقب في األدوار بين المحلي و الهياكل العليا‪.‬‬ ‫ضروريا في اإلتحاد األوروبي بالمغرب)‪.‬‬
‫على المستوى المحلي لنا تجربة مع إيصال‬ ‫يجب أيضا وضع خارطة طريق للتدابير‬
‫المعلومات و التوجيهات البرامجية من المستوى‬ ‫التي يجب اتخاذها من اجل تسجيل هذا‬
‫األعلى نحو األسفل‪ ،‬و نحو السكان ‪ :‬وهذه‬ ‫االلتزام في القانون ‪.‬‬
‫ممارسة راسخة‪ ،‬لكننا نميل إليها أقل كلما تعلق‬
‫األمر بإيصال المعلومة من األسفل نحو األعلى‬ ‫• خلق القدرة على تحليل و تقييم برامج‬
‫بخصوص مشاكل محلية تم التعرف عليها أو‬ ‫معلوماتية ذكية و متفوقة ‪ -‬بكل الكفاءات‬
‫بخصوص مبادرات محلية واعدة‪ ،‬يتم القيام بها‬ ‫و التقنيات المتطلبة ‪ -‬من أجل القيام بمثل‬
‫من طرف المصالح الصحية أو المجتمع المدني‪،‬‬ ‫هذه التقييمات في أحسن الظروف و بشكل‬
‫و يشكل ذلك فرصا مهدورة للسلطات الجهوية‬ ‫مقنع‪.‬على أن تحليال أكثر عمقا عليه أن يحدد‬
‫و الوطنية من أجل دعم مبادرات محلية بإمكانها‬ ‫إذا ما كانت هذه الكفاءات ستتوفر داخل‬
‫أن تقدم قيمة مضافة للصحة‪.‬‬ ‫القطاع العام أو في مؤسسات شبه عمومية‬
‫أو األكاديمية أو في منظمات أخرى للمجتمع‬
‫على هذا النحو وفرت المبادرة الوطنية للتنمية‬ ‫المدني‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫الواعدة أو التي أبانت عن نتائج مهمة إلى‬ ‫البشرية مجموعة عديدة من الفرص لتقوية العمل‬
‫المستوى الجهوي ؛‬ ‫على المحددات االجتماعية للصحة‪ ،‬حيث مكن‬
‫هذا المشروع الملكي من تعبئة جميع الكفاءات‬
‫• وضع آليات المركزية من أجل دعم مثل‬ ‫و المنظمات المحلية من أجل محاربة الفقر في‬
‫هذه المبادرات بالوسائل والخبرات ولكن‬ ‫إطار منظم و منسق ‪.‬‬
‫كذلك برامج ومبادرات وطنية تدعم مثل‬
‫هذا التطور داخل المجتمعات األكثر فقرا‪.‬‬ ‫ما العمل ؟‬
‫الشروط المؤسساتية ‪:‬‬ ‫هناك أمكانية لتقوية التفاعالت و التنسيقات‬
‫بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومجموع‬
‫يتوقف الكثير على درجة عدم تركيز سلطة القرار‬ ‫القطاعات ذات األنشطة المؤثرة على محددات‬
‫داخل قطاع الصحة‪ ،‬و كذلك على إمكانية وضع‬ ‫الصحة‪ .‬وستدعم الالمركزية بشكل فعال‬
‫آليات للمساءلة على المستوى الجهوي والمحلي‬ ‫االبتكار والمبادرة المحلية عبر تدابير مثل‪:‬‬
‫ترتكز على تقييم موضوعي للدعم المقدم و النتائج‬
‫المحصل عليها‪ .‬واإلطار رقم ‪ 4‬يبين إلى أي‬ ‫• جعل التعاون مع المبادرات الجماعية‪،‬‬
‫حد ستكون الجهوية الموسعة حاسمة‪ ،‬لكنها لن‬ ‫عامال مرجعيا لمؤسسات صحة القرب‬
‫تبلغ الحد الذي سيتخلى معه قطاع الصحة عن‬ ‫وعنصرا لتقييمها المستمر ؛‬
‫مسؤوليته في وضع هياكل القرب و المشاركة و‬
‫نظام معلوماتي جديد المعالم‪ ،‬و كذا تقنيات حديثة‬ ‫• خلق آليات تسمح بإيصال المعلومات حول‬
‫من اجل ضمان الشفافية ‪.‬‬ ‫المبادرات المحلية‪ ،‬التي توصف بالخالقة و‬

‫اإلطار الرابع ‪:‬‬


‫أهمية الالمركزية الموسعة في إصالح قطاع الصحة‬
‫تهدف الجهوية الموسعة إلى تحرير روح المبادرة و الطاقات الخالقة للمواطنات و المواطنين ‪ ،‬ومواجهة و تقليص‬
‫التجاذبات والموانع البيروقراطية و تشجيع القرب ‪ .‬تلح كذلك على التعاون البين القطاعي و توطين السياسات‬
‫العمومية وتدخالت الدولة والجماعات الترابية‪ .‬ومن البديهي أن كل هذا‪ -‬بتأكيده على عالجات القرب‪ -‬و األهمية‬
‫الموكولة إلى العمل المحلي على محددات الصحة يعد على درجة كبرى من األهمية إلصالح قطاع الصحة‪ .‬وستكون‬
‫هاته الالمركزية المتقدمة تجربة ديمقراطية تعطي الجهات اختصاصات موسعة واضحة ‪،‬مع هيمنة للجماعات‬
‫الجهوية في مجال التطور المندمج ‪ .‬ومن بين األشياء التي يجب التفكير فيها‪ ،‬هناك صندوق إلعادة التأهيل‬
‫االجتماعي للجهات بموارد جديدة خاصة بالمجلس الجهوي‪ ،‬و موارد هامة ترصد من طرف الدولة تتماشى مع‬
‫االختصاصات المنقولة ‪.‬‬
‫سيمكن الحد من الرقابة القبلية و رقابة الجدوى و العمل على تعزيز الرقابة البعدية‪ ،‬من الحصول على مرونة اكبر و‬
‫فرص أكثر لإلبداع ‪ .‬و الجهوية الموسعة ستقوي تعميم عقود – البرامج و التسيير و هي أشياء مهمة لنظام معقد‬
‫و متعدد كالنظام الصحي المغربي ‪ .‬من وجهة نظر التخطيط الصحي سيكون التقسيم المقترح من طرف الالمركزية‬
‫المتقدمة حاسما في التفاوض حول توسيع شبكة عالجات القرب وفي إعطاء متانة و استمرارية للخريطة الصحية‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫واالتجاه نحو التغطية الشاملة يضع المغرب‪،‬‬ ‫املحور رقم ‪ :2‬نحو التغطية ال�شاملة‪ :‬قرب‬
‫كما هو الشأن في الدول األخرى‪ ،‬أمام التحدي‬ ‫وجودة و حماية مالية‬
‫المتمثل في إيجاد التوازن الصحيح بين الجهود‬
‫المتطلب القيام بها كي‪:‬‬ ‫من أجل تحقيق و تفعيل الحق للجميع في‬
‫الرعاية الصحية المنصوص عليه في الدستور‪،‬‬
‫‪ -)1‬يجد الناس أين يلجؤون‪ :‬يجب بدل مجهود‬ ‫يجب االنخراط التدريجي و بعزم في إقامة‬
‫كبير لتوسيع العرض الصحي القريب و الذي‬ ‫«التغطية الشاملة»‪ .‬وقد حقق المغرب ذلك‬
‫يشكل البوابة الرئيسية من أجل الولوج إلى‬ ‫عبر القانون رقم ‪ 00-65‬لسنة ‪ 2002‬حول‬
‫الخدمات التي يحتاجونها‪.‬‬ ‫«التغطية الصحية األساسية» و عبر القانون‬
‫‪ -)2‬يجد الناس أجوبة على انتظاراتهم وكذا‬ ‫رقم ‪ 34 09-‬المتعلقة بالمنظومة الصحية و‬
‫حلوال لمشاكلهم عندما يقصدون هذه المرافق ‪:‬‬ ‫عرض العالجات لسنة ‪ 2011‬و عبر المادة‬
‫هناك مجهود كبير يجب بدله من أجل تحسين‬ ‫‪ 31‬من الدستور الجديد‪ .‬و بذلك فإن المغرب‬
‫الجودة و توسيع سلة الخدمات المقدمة‪.‬‬ ‫يلتحق بالعديد من دول العالم التي تصبو إلى‬
‫ضمان ولوج ساكنتها إلى الخدمات الصحية‪ .‬و‬
‫‪ -)3‬يتجنب الناس اإلفالس و هم يتعالجون ‪:‬‬ ‫في الواقع وبنجاح نسبي و بشيء من االقتناع‬
‫من أجل ذلك علينا التخفيض بشكل كبير من‬ ‫و اإلرادة السياسية يشكل المضي نحو التغطية‬
‫نسبة األداء المباشر عن النفقات الصحية و‬ ‫الشاملة التوجه األكثر ثقال عبر العالم‪.‬‬
‫الرفع من نسبة األداء المبني على التضامن‪ ،‬من‬
‫أجل تخفيض معيقات الولوج و تفادي «النفقات‬
‫الكارثية (‪»)6‬‬

‫‪ -6‬النفقات الصحية تسمى كارثية عندما يتحتم على المريض أو على ذويه دفع مبالغ غير متناسبة مع دخلهم من أجل دفع مصاريف‬
‫العالج‪ .‬و هكذا يصبح المبلغ الواجب دفعه من أجل العالج عاليا لدرجة يصبحون معها مجبرين على التخفيض من نفقاتهم المخصصة‬
‫لمواد االحتياجات األولية الضرورية كاألكل و المالبس أو ال يصبح بمقدورهم دفع مصاريف التمدرس ألطفالهم‪ .‬كل سنة نحو ‪44‬‬
‫مليون أسرة عبر العالم أي أكثر من ‪ 150‬مليون شخص يجدون أنفسهم أمام هذه المصاريف الكارثية و نحو ‪ 20‬مليون أسرة ‪-‬أكثر‬
‫من ‪ 100‬مليون شخص‪ -‬في الفقر نتيجة ما يجب عليهم دفعه من أجل العالج‪ .‬على أن النفقات الكارثية من أجل الصحة ال تمس فقط‬
‫الطبقات الضعيفة بل كذلك تلك المتوسطة‪ .‬و يقدر بأنه سنويا في المغرب نحو ‪ %2‬من العائالت تجد نفسها أمام كارثة مالية و ما يناهز‬
‫‪ 1،4 %‬من األسر تجتاز عتبة الفقر بسبب النفقات المباشرة من أجل العالج‬

‫‪23‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫اإلطار الخامس ‪:‬‬
‫التغطية الصحية الشاملة‬
‫ضمان تغطية « صحية شاملة»‪« .‬التغطية الشاملة للصحة» أو اختصارا « التغطية الشاملة» تتمثل في الحرص‬
‫على تمكين كل الساكنة من الولوج إلى الخدمات الوقائية و العالجية والملطفة لآلالم و تلك التي تعيد التأهيل و تعزز‬
‫الصحة و التي تحتاج إليها تلك الساكنة‪،‬‬
‫و الحرص على أن تكون هده الخدمات ذات جودة كافية لتكون ناجعة ودون أن تتسبب تكلفتها في خلق صعوبات‬
‫مالية و ربما كارثية للمرتفقين‪ ،‬هناك إذن ثالثة إبعاد مرتبطة فيما بينها ‪:‬‬
‫* اإلنصاف في الولوج ‪ :‬يجب تمكين كل الذين يحتاجون إلى الخدمات الصحية من الولوج إليها‪ :‬هذا يعني أننا نحتاج‬
‫إلى شبكات مكثفة بما يكفي‪ ،‬مع شغيلة حاضرة و عاملة‪ ،‬و أن نلغي حواجز الولوج خاصة تلك المالية منها ؛‬
‫* سلة عالجات و الجودة ‪ :‬يتعين أن تستجيب العالجات المقدمة لمجموعة من المشاكل المقبولة والموسعة بما يكفي‪،‬‬
‫و أن تتجاوب مع االنتظارات المشروعة للسكان وتكون كافية لتحسين صحة المستفيدين ‪.‬‬
‫* الحماية المالية‪ :‬يجب أن ال يتعرض المرتفقون إلى صعوبات مالية بسبب الثمن المؤدى عن العالجات‪.‬‬
‫تأخذ التغطية الشاملة جذورها من دستور المنظمة العالمية للصحة المصادق عليها سنة ‪ 1948‬و الذي جعل من الصحة‬
‫أحد الحقوق األساسية لكل إنسان‪ ،‬و كذلك من اإلستراتيجية العالمية للصحة للجميع و التي كانت انطالقتها سنة ‪.1979‬‬

‫باستثناء الواليات المتحدة‪ ،‬حققت الدول الصناعية تقدما كبيرا في النصف الثاني من القرن العشرين‪ .‬و ماعدا هذه‬
‫الدول‪ ،‬كان التقدم بطيئا إلى حدود بداية القرن الحالي الذي شهد تسارعا في الدول المنبعثة في أمريكا الالتينية‪ ،‬تايالند‬
‫آو الصين و في دول سائرة في طريق النمو كرواندا‪ .‬أما الواليات المتحدة فقد انخرطت حديثا في نهج التغطية الشاملة‪.‬‬
‫و قد كانت المنظمة العالمية للصحة محركا لهذا التطور‪ .‬و قد جعل التقرير العالمي حول الصحة لسنة ‪ 2008‬من‬
‫التغطية الشاملة واحدا من االستراتيجيات األربع إلعادة تنشيط في العالجات الصحية األولية و قدم تقرير سنة‬
‫‪ 2010‬عرضا تفصيال عن االنعكاسات على مستوى التموين‪ .‬مكن ذلك من أن يتم تبني التغطية الشاملة من طرف‬
‫المجتمع الدولي كشيء يجعل معنى إلدارة الحكامة الشاملة للصحة ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫القروية‪ .‬صحيح أنه ال يمكننا دائما القيام بكل‬ ‫كل دولة غنية أو فقيرة تنخرط في طريق‬
‫شيء في آن واحد‪ ،‬فال مناص من التحكيم‬ ‫التغطية الشاملة عليها أن تعمل على ثالث‬
‫لمعرفة في اي وقت‪ ،‬ما الذي علينا القيام به‬ ‫جبهات (الشكل رقم واحد)‪:‬‬
‫من أجل توسيع العرض لفائدة السكان الغير‬
‫مشمولين و توسيع سلة العالجات و تحسين‬ ‫• توسيع العرض و كذا الولوج الصحي؛‬
‫الجودة أو من أجل تقليص األداءات المباشرة ‪.‬‬ ‫• تحسين الجودة و سلة العالجات ؛‬
‫إدارة كل هذه التحيكمات توجد في قلب حكامة‬
‫القطاع ‪ :‬مع الجهوية المتقدمة ستتدخل الجهات‬ ‫• تقليص االداءات المباشرة و توسيع التضامن ‪.‬‬
‫في الصحة أكثر فأكثر مع تحدي الحفاظ على‬ ‫تحتم هذه الجبهات المذكورة ثالث ورشات‬
‫نفس المسار على المستوى الوطني و التأكد من‬ ‫استراتيجية إلصالح منظومة العالجات‪ .‬علينا‬
‫التضامن بين الجهات ‪.‬‬ ‫دمجها مع مبادرة عرضانية لفائدة الصحة‬
‫شكل رقم ‪ : 1‬األبعاد الثالثة من اجل توسيع التغطية الشاملة ‪ :‬علينا إيجاد التحكيم المناسب بين التقدمات‬
‫التي يجب إحرازها على مستوى هذه الجبهات في كل آن(‪.)7‬‬

‫‪ -7‬المصدر‪ :‬التقرير العالمي حول الصحة لسنة ‪2008‬‬

‫‪25‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫الواحد في السنة بالنسبة للعالجات األولية و‪5%‬‬ ‫الور�ش ‪� : 4‬سيا�سة القرب و الولوج‬
‫من نسبة القبول في المستشفيات العمومية‪.‬‬
‫االستدالل المنطقي ‪:‬‬
‫تبعات هذا الخصاص في الجودة تعد خطيرة‪:‬‬
‫نقص في النتائج و تبذير للموارد بالنسبة للبلد‬ ‫مظاهر عدم الرضا و االضطرابات و االختالالت‬
‫‪ ،‬أما بالنسبة للسكان فهو ولوج غير متكافئ‪،‬‬ ‫التي تشوب خدمات القرب المتنقلة هي مصدر‬
‫وبالنسبة للمنتفعين فهو عدم مالئمة العالجات و‬ ‫جزء كبير من خيبات أمل السكان و ضعف‬
‫في الغالب أغلى مما يجب أن تكون عليه‪.‬‬ ‫نجاعة المنظومة (خاصة أزمة المستشفيات)‪،‬‬
‫كما هو الشأن في معظم الدول الغنية و في جزء‬
‫األسباب متعددة ‪ :‬عرض خدمات غير متكافئ‬ ‫متزايد من الدول المنبعثة‪ ،‬هذا المشكل يضع‬
‫التوزيع‪ ،‬تنضاف إليه تصرفات مقدمي الخدمات‬ ‫المغرب امام تحدي إعادة االستثمار في الرعاية‬
‫التي ال تشجع‪ ،‬زيادة على الحواجز المالية التي‬ ‫الصحية األولية و عالجات القرب(‪.)8‬‬
‫تحول دون االستعمال‪ .‬يعتبر الدواء(‪ )10‬مشكلة‬
‫كبيرة ‪ :‬فهو مكلف و نظام توزيعه سيء‪ .‬وأخيرا فإن‬ ‫تعاني منظومة العالج بالمغرب في آن واحد من‬
‫نقص الموارد البشرية يشكل عائقا حقيقيا‪ .‬و منظومة‬ ‫ثالثة معضالت تمس معظم أنظمة العالج في‬
‫العالجات ينقصها بشكل حاد الموارد البشرية القادرة‬ ‫دول العالم التي توجد في مرحلة انتقالية و هي‪:‬‬
‫على تقديم عالجات القرب ذات جودة‪.‬‬ ‫• التركيز اإلستشفائي عل حساب تطوير‬
‫إن مسألة عالجات القرب ال يمكن حلها بأنشطة‬ ‫عالجات القرب؛‬
‫متفرقة‪ ،‬بل عبر مجموعة من التدخالت‬ ‫• تجزيء الخدمات الصحية األساسية‪ 9‬على‬
‫الموجهة برؤية واضحة حول ما يجب أن تكون‬ ‫حساب تطوير نموذج مندمج للصحة العائلية‬
‫عليه عالجات القرب الناجعة و المرضية في‬ ‫بغية ضمان الرعاية الصحية األولية(‪)9‬؛‬
‫البيئة المغربية‪.‬‬ ‫• التطور العشوائي للقطاع الخاص المنظم‬
‫بشكل سيء وغير المندمج إلى جانب إهمال‬
‫و ال يمكن لهذه الرؤية أن تتحقق إال عبر تغيير‬ ‫الجودة في القطاع العام على حساب حماية‬
‫بنيات عالجات القرب (سواء كان يديرها‬ ‫المنتفعين‪.‬‬
‫ممرض أو طبيب) كما يجب إعادة توجيه‬ ‫في الوقت الراهن وفي تمثالت الساكنة تعتبر‬
‫منظومة العالجات (و الموارد البشرية) من‬ ‫العالجات الصحية بالمغرب بشكل عام ذات‬
‫نظام يرتكز على المستشفى نحو نظام يرتكز‬ ‫جودة متدنية ال ترقى إلى تطلعات السكان‪.‬‬
‫على شبكة من وحدات الصحة األسرية‪.‬‬ ‫و يتجلى ذلك في االنخفاض الواضح لنسبة‬
‫االستعمال ‪ :‬بالكاد ‪ 0,6‬حالة جديدة للشخص‬

‫‪ -8‬تحت تسميات مختلفة ‪ :‬الصحة العائلية ‪ ،‬الرعاية الصحية األولية ‪ ،‬الطب العام ‪ ،‬مراكز صحية مندمجة ‪.‬‬
‫‪ -9‬تعود إلى تقليد قديم هم بشكل عمودي المناطق القروية‪ ،‬أساسا في القطاع العمومي و غالبا ما كان يكلل بالنجاح و لكن بلغ في الوقت‬
‫الحالي مردودية في مستوى في تنازل مستمر‪ .‬توجد قرابة ثالثين برنامج متخصص ‪،‬تجر مشاكل من حيث تقديم الخدمات (االفتقار‬
‫إلى التكامل) و لكن أيضا على مستوى عدم النجاعة و كذا إدارة المعلومات األساسية من أجل تتبع التقدم المحرز على مستوى جميع‬
‫المشاكل الصحية‪.‬بصيغة أوضح يمكن القول على أن النموذج المبني على حزمة من البرامج ) التي من اجل أن تكون مهمة تصبح‬
‫محدودة و غير مالئمة لعالم تعم فيه األمراض المزمنة لساكنة عجوزة و بانتظارات متزايدة( ليس بوصفة للمستقبل‪.‬‬
‫‪ 25% -10‬من االقتراحات أثناء الجلسات العمومية تتعلق باألدوية‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫يمكن لنظام المساعدة الطبية (‪)RAMED‬‬ ‫مــــا العمــل ؟ ‬
‫أن يوفر قاعدة لتطوير مستوى أولي لعالجات‬
‫توسيع العرض بخلق شبكات عالج القرب على‬
‫ذات جودة‪ ،‬و كذا توفير االستنتاج المنطقي من‬
‫مستوى جميع التراب الوطني‪ .‬وللحصول على‬
‫أجل تطوير مجمل الشبكة‪ ،‬سيمكن من اختبار‬
‫ولوج أحسن للعالج يجب البدء بإيجاد شبكة‬
‫و إدخال عوامل الجودة في عالجات ناجعة و‬
‫كثيفة من هياكل عالج القرب (قطاع عام أو‬
‫آمنة‪ ،‬لكنها مندمجة وشمولية ومستمرة‪.‬‬ ‫خاص)‪ :‬عالجات صحية أولية في شكل وحدات‬
‫تبني سياسة في مجال اإلبداع التكنولوجي و‬ ‫صحية للطب األسري بمسؤولية واضحة‬
‫األدوية حيث أن إشاعة التكنولوجيا الحديثة‬ ‫موجهة لساكنة محددة‪ .‬وسيمكن هذا من تجميع‬
‫خصوصا نحو بنيات القرب يمكن هذه من أن‬ ‫المقاربة الطبية بالمقاربة االقتصادية من اجل‬
‫تلعب دورا محددا في إعادة المنظومة الصحية‬ ‫تقييم مشاكل صحة السكان‪ .‬كما أنه ال مناص‬
‫بالمغرب‪ .‬و نعيش في الوقت الحالي أن توسيع‬ ‫من إدماج المؤسسات الخاصة والعامة على‬
‫السواء داخل هذه الشبكة في شكل شراكات‬
‫انتشار التكنولوجيا الحديثة مكن من التكفل األولي‬
‫وتسويات تعاقدية‪.‬‬
‫من المشاكل التي كانت تستلزم سابقا االستشفاء‪،‬‬
‫التكنولوجيا تمكن حاليا وفي المستقبل القريب‬ ‫تقوية المستشفيات والمصالح المرجعية‬
‫من عرض مجموعة من خدمات القرب لم تكن‬ ‫المتخصصة هو شيء ضروري لكن ستكون‬
‫متوقعة بالعهد القريب‪ ،‬أن استعمال االمكانيات‬ ‫غير ذات جدوى في غياب على قاعدة من‬
‫المتاحة كالتطبيب عن بعد والولوج االلكتروني‬ ‫خدمات القرب ناجعة األداء ‪ :‬إن المستقبل لن‬
‫للمعلومة كما أن وسائل التواصل ستمكن و‬ ‫يرتكز على المستشفيات والطب المتخصص كما‬
‫الشك من فك العزلة عن المهنيين العاملين‬ ‫هو الحال اآلن بل سيرتكز على وحدات الطب‬
‫بمؤسسات القرب و تمكنهم من التواصل بكل‬ ‫األسري والسكان الذين تخدمهم‪ ،‬مع مستشفيات‬
‫سهولة مع باقي زمالءهم‪ ،‬لكن هذا سيظل بدون‬ ‫ومصالح متخصصة مرجعية متطورة منظمة‬
‫معنى إن نحن لم نتمكن من تنظيم الولوج الشامل‬ ‫لتصبح سندا للعالجات األولية‪.‬‬
‫إلى األدوية األساسية بأثمان معقولة مع ضمان‬ ‫االستثمار المكثف في الموارد البشرية ‪ :‬إن‬
‫الجودة و الفعالية و السالمة‪.‬‬ ‫تطوير شبكات عالجات القرب على امتداد‬
‫إن نظام توزيع األدوية بالمغرب غير مجدي‬ ‫الوطن يصطدم بمشكل الموارد البشرية ‪:‬‬
‫النقص في األعداد وعدم مالئمتهم مع خدمات‬
‫ويعاني من اختالالت‪ .‬انه قطاع يتعين إعادة‬
‫القرب و توزيعهم و طريقة اشتغالهم‪ .‬كل‬
‫النظر فيه بشكل كلي؛ لكن تحديث سلسلة‬
‫هذه المشاكل سنناقشها فيما بعد‪ ،‬إال أنه يجب‬
‫التموين كليا (خاصة ما يتعلق باألدوية الجنيسة)‬
‫االشتغال بطريقة أخرى حيث أن ضرورة‬
‫و تدبير الدواء في القطاع العمومي أصبحت‬
‫القرب والجودة يفترضان اإلبداع والعمل‬
‫أمرا استعجاليا‪ ،‬ألنه في سياق توقع النمو الكبير‬ ‫الجماعي مع استقاللية أكبر و بمسؤولية الشيء‬
‫للميزانية العمومية المرصودة لألدوية علينا‬ ‫الذي يعني تعزيز استقاللية التنظيمات الصحية‬
‫ضمان مصداقية وعود توسيع عرض العالجات‪.‬‬ ‫خاصة على المستوى الجهوي و خلق التزامات‬
‫تعاقدية ونظام أداء مرتبط بالنتائج سواء في‬
‫القطاع العام أو الخاص‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫القطاع خاص مما ساهم في تعزيز فشل القطاع‬ ‫الشروط المؤسساتية التي يتعين إعمالها ‪:‬‬
‫العام‪.‬‬
‫على المستوى المجالي‪ :‬فبالقدر الذي تتحقق‬
‫في غياب ضبط فعلي وبديل عمومي ذو‬ ‫فيه الجهوية المقتدمة‪ ،‬تصبح المجاالت الترابية‬
‫مصداقية‪ ،‬من الطبيعي أن تصبح العالجات‬ ‫أدوات و فضاءات للتنمية و وحدة لتدبير‬
‫الصحية مجاال «للتبضيع والمتاجرة»‪ :‬حيث‬ ‫المنظومة الصحية‪ ،‬كما تسمح بالعمل على‬
‫يكون لنا االختيار بين شبكة عمومية بجودة جد‬ ‫شكل شبكة لعالجات القرب من خالل استقاللية‬
‫ناقصة وشبكة تجارية تعد بأحسن العالجات‬ ‫كافية تساعد على االبتكار في تفعيل السياسات‬
‫لمن لهم القدرة على األداء‪ .‬وترتبت عن هذا‬ ‫الوطنية في المجال الصحي‪ ،‬إال أن هذا سيطرح‬
‫نتائج سلبية ‪ :‬األثمنة المطبقة في هذا المجال‬ ‫على وزارة الصحة تحدي وجود طرق جديدة‬
‫ال تشجع عددا كبيرا من األشخاص الذين يمكن‬ ‫لالشتغال لصالح وزارة الصحة و في تالءم مع‬
‫أن يستفيدوا‪ .‬القادرون على األداء فيجدون‬ ‫المعطيات الجديدة لالتمركز‪.‬‬
‫أمام مقدمي العالجات غالبا ما يدفعونهم الى‬
‫االستهالك المفرط و دون ضمان الجودة‬ ‫و سيعتمد اإلصالح الجدري لتنظيم العالجات‪،‬‬
‫والفعالية المنتظمة في غياب أليات فعالة لحماية‬ ‫كالتركيز على بنيات القرب‪ ،‬على معلومات‬
‫المستهلك و تدبير المخاطر المرتبطة بأمن‬ ‫مختلفة و ذكية حول عمل منظومة العالجات‬
‫المنتفعين‪ ،‬تزداد الوضعية في المغرب خطورة‪.‬‬ ‫على المستوى الخاص و العام‪ .‬كما ينبغي‬
‫مباشرة خلق مراصد لألداء في مجال تقديم‬
‫تتوفر دول كثيرة كتايالند و بلجيكا و انجلترا‬ ‫العالجات (يمكن البدء بمرصد خاص بتنظيم‬
‫والشيلي على تنظيم محكم وأطباء و ممرضين‬ ‫نظام المساعدة الطبية ‪).RAMED‬‬
‫ومهنيين آخرين يعملون كمقاوالت مستقلة حرة‬
‫مع مساهمة فعلية في تحقيق األهداف الصحية‬ ‫الور�ش ‪� : 5‬ضبط جودة العالجات وحماية‬
‫للدولة‪ .‬هذا دليل على أنه يمكن دمج الديناميكية‬ ‫امل�ستعملني‪.‬‬
‫المقاوالتية والمسؤولية العمومية‪ .‬لكن هذا ال يتم‬
‫بشكل تلقائي‪ .‬فالقطاع الخاص لن يحقق مساهمته‬ ‫االستدالل المنطقي ‪:‬‬
‫المنتظرة إال إذا تمكنا من تنظيم جودة وجدوى‬ ‫أصبحت جودة العالجات داخل المؤسسات‬
‫الخدمات المقدمة وهذا يعني أنه يجب وضع‬ ‫العمومية مشكال بديهيا إذ أن سلة العالجات فيها‬
‫تنظيم محكم لمواجهة تضارب المصالح التي‬ ‫محدودة و غير منظمة‪ .‬كما أن بها تجهيزات‬
‫تصيب القطاع الخاص مع محاربة المزاولة‬ ‫ناقصة الصيانة و نقص في األمن باإلضافة إلى‬
‫المزدوجة ‪ -‬وكل هذا يعتبر من أسباب ضعف‬ ‫احتمال تواجد الرشوة‪ .‬وخدمات من هذا النوع‬
‫جودة العالجات في المؤسسات العمومية‪.‬‬ ‫ال يمكنها إطالقا أن تجذب المنتفعين‪ ،‬وهذا‬
‫لقد أثبتت التجارب أن كل تصور للظبط‬ ‫ما تؤكده بقوة مبادرة «انتظارات»‪ .‬كل هذا‬
‫كشكل إداري محض‪ ،‬يكون مآله الفشل‪ .‬إذن‬ ‫يدفع ذوي االمكانيات المادية إلى التوجه نحو‬
‫البد من دمج المساطر اإلدارية مع التحفيزات‬ ‫القطاع الخاص سواء لتلقي العالجات األولية‬
‫المالية و آليات الظبط الذاتي المهني‪ .‬وال سيما‬ ‫أو االستشفائية‪ .‬و رافق كل هذا‪ ،‬انتشار ظاهرة‬
‫تحت الضغوط االجتماعية للمنتفعين‪ ،‬كل هذه‬ ‫المزاولة المزدوجة للمنتسبين للقطاع العام داخل‬
‫المقاربات المدمجة (خاصة التحفيزات المالية‬
‫‪28‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫هذا إنتاج آليات بما فيها آليات الضبط الذاتي‬ ‫التي تعتبر الجزء الضروري والمهم و لكن غير‬
‫داخل المهن من اجل القضاء على السلوكات‬ ‫الكافي) يجب ان تشكل كل إطارا متفاوض عليه‬
‫الغير مالئمة و مصلحة السكان‪.‬‬ ‫يدفع بممارسة العالجات نحو االتجاه الصحيح‪.‬‬
‫• إلزامية اعتماد الملف الطبي بالقطاعين‬ ‫والهدف هو الحصول على أفضل النتائج مع‬
‫الخاص و العام(‪ ،)12‬إذ يشكل الملف‬ ‫حماية المنتفعين من عالجات غير ضرورية و‬
‫الطبي شرطا للحصول على عالجات‬ ‫من االستغالل المالي‪.‬‬
‫جيدة ويسمح بالعمل داخل فريق متكامل و‬
‫يضمن استمرار تداول المعلومة بين شبكة‬ ‫مـــا العمــل؟‬
‫القرب والمستشفى‪ .‬وهو أساسي للتداول‬ ‫يتعين ‪:‬‬
‫بين الشبكات بالمغرب و في المستقبل على‬
‫المستوى الدولي‪.‬‬ ‫• اختبار مختلف أصناف التعاقد والتشارك‬
‫• إدراج التكنولوجيا الحديثة بشكل تفاعلي‬ ‫مع التزام المؤسسات العمومية والخصوصية‬
‫بما يسمح بتدبير العالقات مع المريض‬ ‫بربط اإلمكانيات بالنتائج‪ .‬ويجب أن يسمح كل‬
‫(الولوج إلى المعلومة‪ ،‬المواعيد‪ ،‬التطبيب‬ ‫هذا بإرساء أشكال األداء التي تضمن مستويات‬
‫عن بعد لتفادي التنقل‪ ،)...‬وبتحسين التدبير‬ ‫من الجودة والحماية للمنتفعين وكذلك تحسين‬
‫التقني لمشاكل المريض (بما فيها التنسيق‬ ‫الولوج في المناطق القروية النائية‪.‬‬
‫ومسالك العالجات)‪ ،‬وبتيسير الولوج‬ ‫• وضع نظام لالعتماد(‪ )11‬أو اإلشهاد و‬
‫األفضل إلى المعلومة‪ .‬زيادة على تحسين‬ ‫خاصة تجديده من اجل ضمان الرفع من‬
‫جودة الخدمات‪ ،‬كل هذا سيسمح أيضا‬ ‫جودة العالجات ومالئمتها مع التطور‬
‫بالرفع من رضى المهنيين وفك العزلة عن‬ ‫المعرفي والتكنولوجي‪.‬‬
‫المؤسسات البعيدة‪.‬‬ ‫• تعزيز منظمات الدفاع عن المستهلك‬
‫الشروط المؤسساتية التي يتعين إعمالها‬ ‫والمنتفعين مع تشييع واسع لدى العموم يتيح‬
‫للمعلومة المتعلقة بالحق في العالج‪ ،‬كما‬
‫• يجب أن يتضح تحسين جودة العالجات من‬ ‫يجب إعطاء الكلمة للمنتفعين لكي يتمكنوا‬
‫خالل ماليين ماليين التفاعالت بين مهنيي‬ ‫من المساهمة في خلق فضاء يتيح تحسن‬
‫الصحة والمنتفعين والجماعات‪ .‬وال يمكن‬ ‫مسترسل للجودة‪ ،‬وهذا يمر كذلك عبر‬
‫تصوره بشكل مستدام دون تعاون الجميع‪.‬‬ ‫وضع نظام فعال المركزي يحظى بثقة‬
‫وبالتالي أصبح من الضروري انخراط كل‬ ‫العموم والمهنيين لتدبير الشكايات‪.‬‬
‫الشركاء االجتماعيين وتمثيليات المهنيين ليس‬ ‫• تنظيم التعاون مع المنظمات المهنية‬
‫فقط في معاينة نقص الجودة‪ ،‬ولكن كذلك في‬ ‫والجمعيات العالمة من اجل اإلرتقاء‬
‫تعريف وتحديد السياسات واالستراتيجيات‬ ‫بأخالقيات المهنة والتغيير الملموس في‬
‫التي تمكن من خلق شروط الجودة وتغيير‬ ‫سلوك أغلب مقدمي العالجات‪ .‬ويترتب عن‬
‫سلوك المهنيين‪.‬‬

‫‪ -11‬بشروط كالتكوين المستمر‬


‫‪ -12‬على سبيل المثال يعد مثل هذا الملف في تيالندا شرطا ضروريا (و ليس بالكافي) كي يتمكن طبيب في القطاع الخاص أن يشارك‬
‫في ميكانيزمات التغطية الشاملة‪ .‬في بلجيكا يعد الملف المذكور شرطا ضروريا للترخيص ‪ homologation‬كطبيب العائلة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫ويشكل هذا اإلنفاق المباشر عائقا كبيرا أمام‬ ‫• بلورة أرضيات للتفاوض مع مختلف‬
‫الولوج إلى الصحة‪ ،‬كما أنه يفرض على األسر‬ ‫األطراف (مثال ‪ :‬مع جمعيات المستهلكين)‬
‫نفقات باهظة ويساهم في تفقيرها ومن ثمة‬ ‫لوضع آليات قياس الجودة وآليات المراقبة‬
‫في تعميق الفوارق مما يؤدي إلى عدم فعالية‬ ‫والوساطة‪.‬‬
‫المنظومة الصحية المغربية‪.‬‬
‫• إحداث قاعدة معطيات حول القطاع‬
‫ويعتبر تخفيض النفقات المباشرة و التوجه نحو‬ ‫الخاص‪(،‬مع اخذ المزاولة المزدوجة بعين‬
‫أنظمة األداءات المسبقة المبنية على التضامن‪،‬‬ ‫االعتبار) داخل فضاء الصحة (وزارة‪،‬‬
‫مع تمديد العرض وتوسيع سلة العالجات‬ ‫كليات‪ ،‬منظمات الحماية االجتماعية‪ ،‬معاهد‬
‫ذات الجودة‪ ،‬أحد األوراش المهمة للوصول‬ ‫البحث) وذلك المستوى الجهوي و تحديد‬
‫إلى التغطية الشاملة‪ .‬وقد اتخذت العديد من‬ ‫مساهمة القطاع الخاص في العالجات ووقعها‬
‫المبادرات إلدخال آليات الحماية االجتماعية‪،‬‬ ‫المادي وعالقتها بالجودة بالنسبة للمنظومة‬
‫غير أنها ال تغطي سوى جزء من الساكنة و‬ ‫الصحية و المرضى‪.‬‬
‫حزمة محدودة من الخدمات مما يعني أن هناك‬
‫الكثير مما ينبغي القيام به‪.‬‬ ‫• إعطاء ما يكفي من االستقاللية للجهات من‬
‫اجل اختيار و تنمية نماذج لمساءلة المؤسسات‬
‫هناك مشاكل أخرى تتعلق بالكيفية التي‬ ‫الصحية (عمومية و خاصة) بإدماجها مع‬
‫ترصد من خاللها الدولة مواردها‪ ،‬وبالكيفية‬ ‫التسويات التعاقدية التي تمكن من تحسين‬
‫التي تشتري بها األنظمة التعاضدية الخدمات‬ ‫جودة العالجات‪.‬‬
‫الصحية‪ ،‬مع العلم أن الدولة تنتج نسبة مهمة‬
‫من هذه األخيرة‪ .‬لذا يجب تحسين االنصاف و‬ ‫الور�ش ‪ :6‬خف�ض ن�سبة الإنفاق املبا�رش على‬
‫نجاعة آليات رصد الموارد من طرف وزارة‬ ‫العالجات وتو�سيع نطاق تغطية ميكانزمات‬
‫الصحة لفائدة الجهات واألقاليم والجماعات‬ ‫الت�ضامن‬
‫ومستويات العالجات‪ .‬كما أن منظومة أجور‬
‫الموظفين ال تتضمن إال قليال من التحفيزات‬ ‫االستدالل المنطقي‬
‫المرتبطة بجودة األداء‪ .‬أما بالنسبة لألنظمة‬
‫تشكل النسبة المرتفعة لإلنفاق المباشر ضمن‬
‫المسؤولة عن المساهمات التعاضدية‪ ،‬فإن عملية‬
‫المصاريف المخصصة للصحة بالمغرب إحدى‬
‫االقتناء تبقى غير متطورة فضال عن مجموعة‬
‫اإلشكاليات الكبرى في منظومة العالجات‪ .‬وقد‬
‫من الخدمات ال تخضع لمعايير والتي تقدم‬
‫لوحظ أن نسبة إنفاق المغرب على الصحة‬
‫بشكل أساسي في مؤسسات القطاع العام أو في‬
‫تضاعفت ثالث مرات خالل العقد األخير و هذا‬
‫حاالت نادرة‪ ،‬عن طريق المناولة من طرف‬
‫محبذ‪ ،‬غير أنه ال زالت هناك اختالالت مهمة‬
‫القطاع الخاص‪.‬‬
‫حيث أن نسبة هائلة و غير عادية لإلنفاق على‬
‫ما العمل؟‬ ‫األدوية وحدها بلغت ‪ 31,7‬بالمائة‪ ،‬في حين‬
‫تبقى حصة اإلنفاق المباشر لألسر من إجمالي‬
‫توسيع الحماية المالية للساكنة غير المغطاة‪:‬‬ ‫اإلنفاق الصحي‪ ،‬مرتفعة إذ بلغت ‪% 53.6‬‬
‫وتبدو األولوية في توسيع تغطية نظام المساعدة‬ ‫سنة ‪.2010‬‬
‫الطبية ليشمل مجموع الساكنة المؤهلة( ‪8.5‬‬

‫‪30‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫• خلق شروط التمويل للتمكن من خفض‬ ‫مليون شخص) وعلى األفراد واألسر غير‬
‫النفقات المباشرة‪ :‬يجب تبني ارتفاع‬ ‫المؤهلة المنتمية للقطاع غير النظامي‪ .‬ولربما‬
‫االعتمادات المرصودة لوزارة الصحة في‬ ‫وجب التفكير في أشكال بديلة لتغطية العاملين‬
‫الميزانية العامة للدولة‪ ،‬أي االنتقال من‬ ‫في القطاع غير النظامي‪ ،‬وغير المؤهلين لنظام‬
‫‪ 7.6‬بالمائة سنة ‪ 2010‬إلى ‪ 15‬بالمائة‬ ‫المساعدة الطبية ‪ ،RAMED‬من خالل إدماجهم‬
‫سنة ‪ ،)13(2020‬من خالل حوار سياسي‬ ‫في األنظمة اإلجبارية الموجودة‪ ،‬مع أنه يستحسن‬
‫مثمر بين وزارة الصحة ووزارة المالية‪،‬‬ ‫أن يتم ذلك تحت المراقبة اإلدارية للصندوق‬
‫مع التأكيد على أن الرفع من الميزانية‬ ‫الوطني للضمان االجتماعي والصندوق الوطني‬
‫سيخصص للتخفيض من النفقات المباشرة‪.‬‬ ‫لمنظمات االحتياط االجتماعي‪ .‬وعلى أية حال‪،‬‬
‫الشروط المؤسساتية التي يتعين إعمالها‪:‬‬ ‫فالهدف يتمثل في تغطية مجموع الساكنة‪،‬‬
‫واالهتمام بالشفافية واإلنصاف‪ ،‬والتوجه نحو‬
‫• مأسسة القدرة على تحليل تمويل‬ ‫انتقائية مختلف األنظمة‪.‬‬
‫الصحة‪ :‬يجب تزويد مجموع الفاعلين في‬
‫مجال الصحة (وزارة الصحة ‪ ،‬هيئات‬ ‫• تخفيض األداء المباشر‪ :‬بموازاة مع توسيع‬
‫التأمين الصحي و الكليات و معاهد البحث‬ ‫الحماية المالية لنسبة كبيرة من الساكنة‪،‬‬
‫العلمي ومنظمات المجتمع المدني) بالخبرة‬ ‫يتعين تخفيض نسبة اإلنفاق المباشر للذين‬
‫التي تمكن من إجراء التحاليل الضرورية‬ ‫يتوفرون على تغطية‪ ،‬وخاصة الجانب‬
‫لإلخبار بالقرارات في مجال تمويل الصحة‪.‬‬ ‫المتعلق باألدوية‪ .‬وهذا يعني تمويل نسبة‬
‫ويجب أن يتضمن ذلك القيام بدراسات‬ ‫كبيرة من طرف الدولة أو آليات أخرى‬
‫دورية للنفقات‪ ،‬ودراسات تقييمية اكتوارية‬ ‫للتضامن مع الحرص على أنها تعويضا‬
‫واقتصادية ودراسات لتقييم اإلنصاف‪،‬‬ ‫للتمويل المباشر وليست مضافة إليه‪.‬‬
‫لتسهيل التقدم والمتابعة‪ .‬ومن األولويات‪،‬‬ ‫• اقتناء وصرف بكيفية أخرى‪ :‬يجب ابتكار‬
‫تحليل بنيات تكلفة إنتاج العالجات في مختلف‬ ‫آليات اإلستراتيجية لالقتناء و طرق مبتكرة‬
‫المؤسسات‪ ،‬وتأثير األداء على العمل الطبي‬ ‫ألداء الخدمات بغرض تدبير آليات التعاقد‬
‫وبدائله‪ .‬كما يجب العمل على مأسسة اإلنتاج‬ ‫بين مقدمي الخدمات ومختلف أنظمة الحماية‬
‫الدوري للحسابات الوطنية حول الصحة من‬ ‫المالية‪ .‬فكما أظهرت تجارب مجموعة‬
‫خالل التعاون مع اإلدارات المختصة في‬ ‫من الدول‪ ،‬يجب التطور في اتجاه أنظمة‬
‫هذا المجال‪ ،‬دون ربطه بالتمويل الخارجي‪.‬‬ ‫النفقات المختلطة والتي يستخلص فيها جزء‬
‫لكل فرد‪ ،‬وجزء آخر تبعا للخدمات المقدمة‬
‫• بنية آليات التدبير‪ :‬بالنظر ألهميته المتنامية‬ ‫وجزء ثالث حسب الحاالت‪ ،‬إلخ‪ .‬غير أنه‬
‫داخل المنظومة‪ ،‬هناك أولوية اصطفاف بنية‬ ‫و قبل وضع طرق النفقات المختلطة‪ ،‬ال بد‬
‫الحكامة ونظام تدبير المساعدة الطبية‪ ،‬مع‬ ‫من معرفة جيدة لبنيات النفقات ووضع عقود‬
‫مجموع األنظمة التدبيرية لتمويل الصحة‬ ‫شراكة مع التفريق الواضح بين مقدمي‬
‫بالبالد‪ ،‬بشكل مستقل عن الوكالة الوطنية‬ ‫ومقتني الخدمات‪.‬‬

‫‪ -13‬للتذكير توقع التزام أبوجا ‪ 15 %‬في أفق ‪2013‬‬

‫‪31‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫بالقطاع غير النظامي في المؤسسات‬ ‫للتأمين الصحي (‪ )ANAM‬والتي تستمر‬
‫القائمة‪ ،‬خاصة صندوق الضمان االجتماعي‬ ‫في مزاولة مهمة الحكامة في انسجام‬
‫(‪ . )CNSS‬هناك مشاورات جارية لوضع‬ ‫مع األنظمة اإلجبارية االخرى للحماية‬
‫نظام مستقل تحت اسم ( التأمين الطبي‬ ‫االجتماعية‪ .‬ويشكل توسيع التغطية لتشمل‬
‫للمستقلين ‪ ،)) AMI‬مع ضرورة التوجه‬ ‫القطاع غير النظامي (ما يقارب ‪10‬‬
‫نحو اإللتقائية لمختلف هذه األنظمة‪.‬‬ ‫مليون فردا) تحديا كبيرا لمستقبل تمويل‬
‫الصحة بالمغرب‪ ،‬وهو ما يفرض إما خلق‬
‫• التوصل إلى إجماع حول خريطة طريق‬ ‫بنية مؤسساتية جديدة شبيهة بالمؤسسات‬
‫إلعمال آليات مالية تسمح بالتطور في اتجاه‬ ‫التي تدبر التأمين اإلجباري األساسي عن‬
‫خفض النفقات المباشرة وتحسين آليات‬ ‫المرض‪ ،‬أو من خالل إدماج العاملين‬
‫التضامن والحماية المالية‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫إطار ‪:6‬‬
‫ورش متعدد القطاعات ‪ :‬إعطاء األولوية للعالم القروي‬
‫إذا كان الهدف هو بناء منظومة صحية و منظومة للعالجات مستدامة ومنصفة‪ ،‬فإن الصحة في العالم القروي‬
‫هي الحتمية العرضانية لكل األوراش السالفة‪ :‬ففي الوسط القروي حيث تبرز قاعدة « قانون الرعاية الصحية‬
‫المعكوس(‪ ،»)14‬والتي تجعل من الساكنة األكثر حاجة هي األقل استفادة من الموارد المعبئة‪ .‬ف ‪ 20‬بالمائة من‬
‫الساكنة المغربية تتواجد على بعد أكثر من ‪ 10‬كيلومترات من أقرب مركز للعالجات األولية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ففي هذه‬
‫الظروف‪ ،‬يكون خطاب القرب لم يتحقق بعد بشكل نهائي‪ .‬و عالوة على ذلك‪ ،‬فإن نوع العرض بهذه المراكز مبنيا‪،‬‬
‫إلى حد كبير‪ ،‬على تجاور برامج وعلى عالجات غالبا ما تكون جودتها موضوع نقاش‪ ،‬بدال من اعتماد المقاربة‬
‫المجالية للخدمات المندمجة في شبكة القرب ومعززة بشبكة المستشفيات‪.‬‬
‫وبالنظر إلى ضعف القدرة الشرائية للساكنة القروية‪ ،‬فإن انعكاسات النفقات المباشرة (بالنسبة لالستشارات‪ ،‬و‬
‫اإلحاالت واألدوية) غالبا ما تكون تناسبيا أكثر خطورة ‪.‬‬
‫وإذا أردنا تجنب بقاء العالم القروي و الساكنة المعزولة وكذلك القاطنة و ضواحي المدن مجاال للمواكبة االجتماعية‬
‫و اللحاق الدائم‪ ،‬فإنه البد من اعتماد مبادرة « البلدوزر» مكثفة (‪ . )15‬إذ يجب أن تركز هذه المبادرة‪ ،‬أكثر من أي‬
‫مكان آخر‪ ،‬على إشكالية الولوج والموارد البشرية‪ ،‬وكذا الحث على طلب العالجات‪ ،‬و االستفادة من انتشار المبادرة‬
‫الوطنية للتنمية البشرية وتعميم نظام المساعدة الطبية‪.‬‬
‫و يجب إذا أردنا أن تستجيب هذه المبادرة حول الصحة القروية للحاجيات المتغيرة واالنتظارات المتنامية‪ ،‬أن تأخذ‬
‫بعين االعتبار خاصيتين‪:‬‬
‫‪ 1-‬ضرورة إزالة الحواجز البرنامج‪ :‬ثمة حاجة إلى سياسة مندمجة بشكل مكثف‪ :‬ففي العالم القروي‪ ،‬أكثر من أي‬
‫مكان آخر‪ ،‬فإن الكيفية التقليدية لعمل القطاع العام‪ ،‬و االشتغال بالبرامج العمودية بشكل موازي راسخ جدا‪ ،‬في حين‬
‫ال يقدم القطاع الخاص سوى بعض البدائل‪.‬‬
‫وسيمكن‪ ،‬االستثمار في شبكة مركزة على الطب االسري مع مكون حول الطب الجماعاتي وربط وثيق بالعمل على‬
‫المحددات االجتماعية للصحة‪ ،‬من تقديم حل حداثي بديل للحلول القديمة‪.‬‬
‫‪ 2-‬سيظل العالم القروي مرتبطا بتطور الفالحة‪ :‬فالعالم القروي يدعو إلى تطلع مستقبلي حقيقي القتصاد واضح‬
‫و منسجم‪ ،‬لن تكون له مصداقية إال بفضل ارتباط مفصلي ذكي مع المدن في إطار رؤى مجالية متفاوض حولها‬
‫ومدعمة من طرف الدولة (‪ .)16‬ويبقى السؤال مفتوحا حول مدى متانة الصلة بين مبادرة الصحة بالعالم القروي و‬
‫بين سياسة تنموية قروية مندمجة تسهل أو تبطئ الحصول على نتائج مستدامة‪ .‬وهذا االختيار هو الرهان المستقبلي‬
‫الذي يتعدى النقاشات التي تجري داخل قطاع الصحة‪.‬‬
‫إن مفتاح هذه المبادرة الخاصة بالصحة بالعالم القروي سيكون من خالل صندوق خاص بالصحة بالعالم القروي إلتمام‬
‫اإلصالحات من خالل إجراءات محددة ومستهدفة مثل توسيع شبكة الخدمات‪ ،‬وابتكارات تهدف إلى تحسين جودة‬
‫العالجات و تشجيع المهنيين للمزاولة بالعالم القروي (مثل التطبيب عن بعد)‪ ،‬أو من خالل الدعم المباشر للساكنة‬
‫للرفع من اللجوء للخدمات‪ .‬و سيمول هذا الصندوق ‪-‬إلى جانب مجاالت أخرى‪ -‬إنتاج وتقديم المعلومات عن المشاكل‬
‫الصحية بالعالم القروي ونشرها‪ ،‬وتحفيز البحث في هذا المجال و الحث على االبتكارات فيما يخص الصحة في العالم‬
‫القروي‪ .‬كما سيساهم في تنسيق األنشطة الجهوية بغرض تجنب االزدواجية في المجهودات‪ .‬و سيسمح بتحديد البرامج‬
‫الحكومية وغير الحكومية المالئمة ذات الصلة بالصحة القروية ومنحها المساعدة التقنية (‪.)17‬‬
‫إال أنه ال يمكن للصندوق الخاص بالعالم القروي أن يحل وحده المشاكل والتأخيرات المتراكمة للساكنة البعيدة‪ ،‬بل‬
‫هو وسيلة لإلسراع في الولوج للعالج( تمييز إيجابي) والذي يجب أن يكمل اإلصالح العميق للمنظومة‪ ،‬للتصدي إلى‬
‫تفاقم الالمساواة وإهمال تطوير خطة استراتيجية لالقتصاد المغربي‪.‬‬

‫‪ -14‬كما هي مثال‬
‫‪-15‬كما هو الشأن مع «البعثة الوطنية للصحة الريفية» في الهند التي انطلقت سنة ‪ :2005‬استثمار مكثف (االستثمار العمومي‬
‫الفدرالي تضاعف ثالث مرات‪ ،‬من ‪ 824‬إلى ‪ $M 2،760‬في السنة في ظرف ‪ 6‬سنوات) أساسا في الموارد البشرية و المراكز‬
‫الصحية و المستشفيات القروية و كذا تحفيز طلبات العالج‪ .‬أدى ذلك إلى نتائج مرضية على مستوى تحسين المؤشرات الصحية‪.‬‬
‫‪ -16‬يمكن حتى وضع شيئا من التمييز اإليجابي لفائدة المناطق القروية التي تتوفر على إمكانيات كبيرة طالما يتم احترام التضامن‬
‫الجهوي و كذا البي جهوي‪.‬‬
‫‪ -17‬يوجد مثل صندوق في الواليات المتحدة األمريكية مثال حيث وقعت «إدارة الموارد الصحية و الخدماتية»‪ HRSA‬التابعة‬
‫للحكومة الفدرالية‪ ،‬منذ ‪ 1991‬نظاما مقارنا للمنح من أجل تدعيم الدول في تطوير أنظمة صحية قروية‬

‫‪33‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫التقنية متوقفين على ما هو‪ ،‬في نفس الوقت‪،‬‬ ‫املحور ‪ :3‬حتديث احلكامة ال�صحية‪:‬‬
‫المورد األساسي و أحد التحديات الكبرى بالنسبة‬
‫للمنظومة الصحة بالمغرب‪ :‬وهي الموارد‬ ‫يرجع التحليل في آخر المطاف إلى السلطات‬
‫البشرية للصحة‪ .‬هناك إذا ثالث أوراش ممكنة‬ ‫العمومية من أجل إعطاء الصيغة النهائية‬
‫لتحديث الطريقة الصحية التي بواسطتها يمكن‬ ‫للمنظومة الصحية(‪ .)18‬إن اإلجماع الحالي‬
‫إدارة المنظومة‪:‬‬ ‫حول طبيعة المنظومة الصحية يفرض على‬
‫السلطات العمومية القيام بدور قوي ومحدد في‬
‫‪ -‬وضع البنيات والقدرات التي تفرضها‬ ‫هذا المجال‪ .‬لكن هذا ال يعني إلزام الدولة بالقيام‬
‫الحداثة والحكامة‪ .‬وهذا يتضمن التعاقد‬ ‫بكل شيء لوحدها‪ ،‬وهو ما يسري أيضا على‬
‫التكاملي بين القطاعين العام والخاص‬ ‫قيادة اإلصالحات الضرورية في الميدان‪.‬‬
‫بغرض الرفع من النجاعة و الفعالية و‬
‫الجودة و االنسجام بين مكونات المنظومة‬ ‫العديد من األطراف الفاعلة المختلفة لديها‬
‫الصحية؛‬ ‫دور تؤديه‪ :‬مسؤولون سياسيون على المستوى‬
‫الوطني واإلدارات المحلية‪ ،‬مهن صحية‬
‫‪ -‬إصالح النظام اإلعالمي لتمكينه من توفير‬ ‫ومنظمات مهنية و أوساط علمية و قطاع خاص‬
‫العناصر االستراتيجية الضرورية لقيادة‬ ‫و منظمات وجمعيات المجتمع المدني‪ .‬لقد‬
‫إصالح المنظومة؛‬ ‫أصبح مهنيو الصحة و الحركات االجتماعية‬
‫والمؤسسات شبه عمومية ومجموعات المرتفقين‬
‫‪ -‬الموارد البشرية‪.‬‬
‫فاعلين سياسيين أساسيين (‪. )27‬وإذا كان‬
‫الور�ش ‪ :7‬و�ضع البنيات والقدرات التي‬ ‫هدفهم هو اشتغال المنظومة‪ ،‬فإنه لكل مجموعة‬
‫هاجس حماية مصالحها‪ .‬فبدون إجراء إصالح‬
‫يفر�ضها حتديث احلكامة‪ ،‬و�إعمال التعاقد‬ ‫تشاركي‪ ،‬ليس هناك امتالك‪ .‬وبدون توافق‬
‫التكاملي بني القطاعني العام واخلا�ص‬ ‫اجتماعي‪ ،‬من الصعب االلتزام مع الشركاء‬
‫االستدالل المنطقي‪:‬‬ ‫نظرا لتضارب مصالحهم‪ ،‬وبدون حوار منظم‪،‬‬
‫من الممكن أن تتعرض العملية للمصادرة من‬
‫تتوفر السلطات العمومية المغربية‪ ،‬كما هو‬ ‫طرف مجموعات الضغط‪.‬‬
‫الشأن في دول أخرى‪ ،‬على مجموعة من‬
‫الروافع لتوجيه سير المنظومة الصحية‪ :‬اإلطار‬ ‫إن تحديث قطاع الصحة هو بامتياز مسألة‬
‫القانوني والتنظيمي و المعايير التقنية و معايير‬ ‫حوار أكثر منه اختيارات تقنية‪ .‬ويجب ترجمة‬
‫الجودة و المحفزات المالية‪ .‬و إلعطاء دفعة‬ ‫الحوار إلى اتفاقات وشراكات ملموسة‪ .‬غير‬
‫جديدة للمنظومة‪ - ،‬لمنح المحددات االجتماعية‬ ‫أنه‪ ،‬وكما هو الشأن بالنسبة لالختيارات التقنية‪،‬‬
‫للصحة االهتمام الذي تستحقه من أجل تسريع‬ ‫يجب االعتماد على المعلومة الذكية واالسس‬
‫العلمية الصلبة‪ .‬ويبقى هذا الحوار واالختيارات‬

‫‪ -18‬منذ القرن ‪ 19‬لم يتوقف دور السلطات العمومية عن التزايد في مجال الصحة خاصة على صعيد التمويل و كذا التنظيم –و‬
‫في المكان الذي انسحبت فيه السلطات العمومية من قطاع الصحة‪ -‬كما كان الشأن مع عدد من البلدان خالل الربع األخير من القرن‬
‫الماضي‪ ،‬بشكل افتراضي في معظم األحيان ألن الدول كانت جد ضعيفة كي تتحمل مسؤولياتها‪ ،‬و في بعض األحيان انطالقا من اختيار‬
‫إديولوجي ‪ -‬عدم االكتراث ذاك انتهى بركود بل حتى بتراجع في المؤشرات الصحية و تفاقم في عدم المساواة في الصحة و قصور‬
‫كبير ناتج عن التركيز االستشفائي و تجزيء و كذا المتاجرة في العالجات الصحية‪ -‬أنظر التقرير العالمي حول الصحة لسنة ‪.2008‬‬

‫‪34‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫الصحة مثال مستعجالت الصحة العمومية أو‬ ‫التقدم نحو تحقيق التغطية الشاملة‪ -‬يجب كذلك‬
‫استئصال بعض األمراض ‪ -‬يمكن أن تتطلب‬ ‫وضع بنيات وممارسات لحكامة تختلف عن‬
‫تدبيرا متمركزا للسلطة‪ ،‬من خالل «التحكم‬ ‫سالفتها‪.‬‬
‫والمراقبة»‪ .‬فاإلشراف على القضايا المركبة‬
‫لمنظومة حديثة هو إذا باألساس مسالة قيادة‬ ‫ويتعن على هذا التحديث األخذ بعين االعتبار‬
‫و حوار‪ :‬نمط « التوجيه والتفاوض»‪ .‬فعلى‬ ‫في البداية تنوع العناصر المكونة للمنظومة‬
‫الدولة‪ ،‬خاصة وزارة الصحة‪ ،‬العمل كرئيس‬ ‫الصحية‪ ،‬والذي هو حاليا نظام مزدوج‪ ،‬وهذا‬
‫«أوركسترا» و كوسيط لعقد اجتماعي حول‬ ‫شيء مستحسن‪ ،‬إال أنه يتعين مالئمة البنيات‬
‫الحق في الصحة‪ ،‬وليس كعون تنفيد رئيسي كما‬ ‫مع الحقائق الجديدة‪ .‬و هذا يعني بالنسبة لوزارة‬
‫كان الحال لمدة خمسين سنة مضت‪.‬‬ ‫الصحة االنتقال من تركيز تقليدي على تدبير‬
‫البنيات والموارد البشرية للقطاع العام فقط‪ ،‬إلى‬
‫وال يمكن تدبير تعددية المنظومة الصحية‬ ‫قيادة وضبط مجموع المنظومة الصحية بشقيها‬
‫بالمغرب إال من خالل االنتقال الى القيادة‬ ‫الخاص والعام‪.‬‬
‫والتحاور‪ ،‬و األخذ بعين االعتبار أهمية الالتركيز‬
‫الترابي الذين يعتبران محددات لصحة القرب ‪.‬‬ ‫ويعني التحديث كذلك االنتقال من التمركز‬
‫القوي الذي ينطلق من تحديد المعايير التقنية إلى‬
‫الحقيقة هي أنه يتواجد بالمغرب‪ ،‬إلى جانب‬ ‫أبسط قرارات تدبير العاملين بالقطاع‪ ،‬إلى رؤية‬
‫القطاع العام‪ ،‬قطاع خاص متنوع ومجزء‪ .‬و‬ ‫تأخذ بعين االعتبار اإلرادة الوطنية لالتمركز‬
‫يمكن التحدي في تنمية شراكات بينهما بهدف‬ ‫بما تحمله من مجاالت لالبتكار والمرونة‪.‬‬
‫تحقيق التكامل عوض المنافسة‪ .‬من جهة أخرى‪،‬‬ ‫ويتعلق االمر هنا‪ ،‬بالنسبة لعدد مهم من مدبري‬
‫هناك تحوالت جارية‪ ،‬منها الفصل بين وظيفتي‬ ‫قطاع الصحة‪ ،‬بثورة عميقة على تقاليد عملهم‪.‬‬
‫الشراء وتقديم الخدمات على سبيل المثال‪ ،‬وهذه‬ ‫كما يتعلق األمر كذلك بإحداث روافع و بنيات‬
‫حقيقة واقعية في إطار نظام المساعدة الطبية‬ ‫للتنسيق بين المستويات المركزية والمجاالت‬
‫والتأمين اإلجباري األساسي عن المرض‪.‬‬ ‫المستقلة الجديدة‪ ،‬مع إعادة تحديد المسؤوليات‬
‫لذى‪ ،‬فاالستجابة للحاجيات واالنتظارات تحتم‪،‬‬ ‫ومتطلبات المسائلة‪.‬‬
‫تدريجيا‪ ،‬إيجاد توازن بين البنيات القديمة‬
‫والجديدة للتمكن‪ ،‬في نفس الوقت‪ ،‬من قيادة‬ ‫و في األخيرهناك بعد ثالث لتحديث حكامة‬
‫اإلصالح وتدبير المنظومة في شموليتها‪.‬‬ ‫الصحة بالمغرب‪ ،‬والذي له كذلك ارتباط‬
‫ببنيات وطرق اشتغال الوزارة‪ .‬فبعض تحديات‬

‫‪35‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫اإلطار ‪:8‬‬
‫مساهمة القطاع الخاص من خالل التعاقد‪ :‬حالة العجز الكلوي الحاد كمثال‪.‬‬
‫اختارت وزارة الصحة‪ ،‬في إطار تقوية روابط التعاون والتكامل الموجودة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬توسيع‬
‫أنشطتها المتعلقة بالتكفل بالعجز الكلوي الحاد من خالل شراء خدمات القطاع الخاص‪.‬‬
‫وتستجيب هذه الشراكة اللتزامات الحكومة الرامية إلى إنجاح نظام المساعدة الطبية وخاصة التكفل بمرضى القصور‬
‫الكلوي الحاد‪ ،‬وإلى قرار الوزارة بمواجهة الطلب المتزايد على التكفل به‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن البنيات العمومية ال تستطيع حاليا تلبية هذا الطلب‪ ،‬وذلك ألسباب مختلفة‪ ،‬منها محدودية قدرات‬
‫مراكز تصفية الدم و عدم كفاية الموارد البشرية والحاجيات‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬ال تبرر استثمارات كبرى‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬وإيمانا منها بالدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في تحسين عرض التكفل بمرضى القصور‬
‫الكلوي المزمن النهائي‪ ،‬فقد تم عقد شراكة مع الجمعية المغربية ألطباء الكلي سنة ‪ .2009‬وترمي هذه الشراكة‪،‬‬
‫األولى من نوعها في قطاع الصحة‪ ،‬إلى التعاون بين الطرفين في مجال تقديم الخدمات الموجهة للمرضى المصابين‬
‫بالقصور الكلوي المزمن النهائي بمراكز تصفية الدم الخاصة‪ .‬ويستفيد من هذه االتفاقية المرضى المسجلون بلوائح‬
‫االنتظار مع إعطاء األولوية للمرضى المستفيدين من نظام المساعدة الطبية‪ .‬وتغطي هذه االتفاقية مجموع الخدمات‪،‬‬
‫خاصة حصص تصفية الدم ونقل المرضى‪ ،‬في حالة االستعجال‪ ،‬إلى مؤسسة للعالجات والمتابعة الطبية وكذا األنشطة‬
‫التوعوية‪.‬‬
‫وقد خصصت وزارة الصحة‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬ستين (‪ )60‬مليون درهم لهذا البرنامج‪ ،‬مما سمح بالتكفل ب‪567‬‬
‫مريضا‪ .‬وعرف هذا المبلغ ارتفاعا تدريجيا ليصل سنة ‪ 2013‬إلى ‪ 200‬مليون درهم تغطي ‪ 2250‬مريضا‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫‪ -‬الفصل بين وظيفتي االقتناء وتقديم‬ ‫ما العمل؟‬
‫الخدمات؛‬
‫‪ -‬الفصل بين الوظائف المعيارية والتدبيرية‪،‬‬ ‫‪ 1‬تغيير طريقة ممارسة السلطة‪ :‬االنتقال من‬
‫درجة التفويض للوكاالت؛‬ ‫نمط ممارسة سلطة فوقية نحو نمط يعتمد‬
‫‪ -‬توزيع مجاالت استعمال السلطتين‬ ‫التوجيه والتفاوض‪ ,‬وهذا يعني تغيير طريقة‬
‫المركزية والجهوية؛‬ ‫العمل وخاصة االستثمار في التشاور مع شركاء‬
‫‪ -‬وضع آليات االلتقائية بين مختلف أنظمة‬ ‫متعددين‪ .‬و تتضمن المهام الواجب القيام بها‪:‬‬
‫التأمين الصحي؛‬ ‫‪ -‬إحداث خريطة للفاعلين ولبنيات التشاور‬
‫‪ -‬وضع نموذج لضبط العالقات المتبادلة بين‬ ‫الموجودة؛‬
‫الممولين ومنتجي الخدمات‪ :‬التحكيم داخل‬ ‫‪ -‬تقييم قوة المناظرات الوطنية كوسيلة‬
‫كل بنية شراء الخدمات الصحية بالوزارة‬ ‫للتشاور ووضع التصور انطالقا من تجربة‬
‫أو بوكالة وطنية لتمويل العالجات مثال‬ ‫المناظرة الوطنية لسنة ‪2013‬؛‬
‫(‪)ANAM‬؛‬ ‫‪ -‬مأسسة المناظرات الوطنية‪ ،‬إن اقتضى‬
‫‪ -‬تحديد مدى استقاللية أجهزة الضبط؛‬ ‫الحال‪ ،‬كهيئة استشارية عليا مع مجموع‬
‫‪ -‬التخطيط التشاركي الجهوي لمنظومة‬ ‫األطراف المعنية‪ .‬وعلى هذه المناظرات‬
‫عرض العالجات بشقيها (العام والخاص)؛‬ ‫إقرار الهيئات االستشارية ذات الطابع‬
‫‪ -‬إحداث آليات االعتماد؛‬ ‫التقني التي سيتم إحداثها‪.‬‬
‫‪ -‬إحداث إطار للحوار الجهوي من أجل‬
‫التكاملية والشراكات بين القطاعين العام‬ ‫‪ 2‬تكوين مجموعة كافية من الموارد البشرية‬
‫و الخاص (عقدة‪-‬إطار‪ ،‬اتفاقيات التدبير و‬ ‫ذات قدرات على القيادة والتفاوض والتعاقد‪:‬‬
‫عقدة‪-‬برنامج)؛‬ ‫وتشمل المهام الواجب القيام بها كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التعاقد بشأن الخدمات من طرف مختلف‬ ‫‪ -‬تكوين مجموعة توجيهية بجانب الكتابة‬
‫البنيات العمومية والخاصة حول نظام‬ ‫العامة للوزارة‪ ،‬محاطة ب « خبراء الفكر‬
‫المساعدة الطبية والتأمين اإلجباري األساسي‬ ‫والرأي»‪ ،‬وشخصيات من المجتمع المدني‬
‫عن المرض في ضوء المخططات الجهوية‬ ‫لتدعيم اإلصالح من خالل عملية التفكير‬
‫لعرض العالجات واالتفاقيات‪-‬اإلطار‪.‬‬ ‫والتبادل على المستويين الوطني والدولي‪.‬‬
‫شروط أولية‪:‬‬ ‫‪ -‬االستثمار‪ ،‬على المدى المتوسط‪ ،‬في خبرة‬
‫التفاوض والتعاقد‪.‬‬
‫‪ -‬تحديث اإلطار القانوني الذي يتعلق بالتعاقد‪،‬‬ ‫‪ -‬االستثمار في ثقافة التبادل و االبتكار‪،‬‬
‫بما فيه مسألة استقاللية بنيات العالجات و‬ ‫خاصة من خالل برنامج محدد للدراسات‬
‫دراسة مختلف الخيارات لوضع الحوافز المالية‬ ‫والبحث والتبادل الدولي‪.‬‬
‫واالجراءات االحترازية لمصلحة الساكنة ‪.‬‬
‫‪ -‬توفير المعلومة الالزمة لتعاقد متوازن (خرائط‬ ‫‪ 3‬إعادة تصميم بنية الحكامة‪ ،‬من خالل ضبط‬
‫جهوية لعرض العالجات وتحليل تكلفة اإلنتاج‬ ‫سلسلة من القرارات بشأن الهياكل التي تؤثر‬
‫بمختلف الشبكات)‪.‬‬ ‫على عمل المنظومة الصحية المغربية‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫• فتح نظام المعلومات الصحية على شريحة‬ ‫الور�ش ‪ :8‬و�ضع نظام معلوماتي ذكي‬
‫عريضة من المستعملين‪:‬‬
‫االستدالل المنطقي‪:‬‬
‫في منظومة صحية حديثة وتعددية‪ ،‬ال‬
‫يخدم نظام المعلومات الصحية وزارة‬ ‫ال يمكن التدبير بدون قواعد علمية وبدون‬
‫الصحة وحدها‪ ،‬وإنما يتم تنظيمه‬ ‫معلومة « ذكية»‪ .‬فالمعلومة الصحيحة والدقيقة‬
‫لتكون المعلومة في خدمة مستعملين‬ ‫تمكن من قيادة المنظومة والقيام باختيارات‬
‫مختلفين ومتعددين‪ ،‬كالفاعلين اآلخرين‬ ‫استراتيجية لتكييفها مع التغييرات المجتمعية‪.‬‬
‫في القطاع دون أن ننسى المرتفقين‬ ‫لكن أنظمة المعلومات الصحية الكالسيكية تصمم‬
‫والمجتمع المدني (‪)19‬‬
‫في الغالب كبنيات إدارية مغلقة‪ ،‬حيث يتم تدفيق‬
‫• االنتقال إلى هندسة شبكية ‪:‬‬ ‫المعطيات من المصالح الخارجية في اتجاه‬
‫وزارة الصحة التي هي «الزبون» الرئيسي‬
‫إن بنية نظام اإلعالم الصحي لمنظومة‬ ‫للمعلومات الممكن استخالصها‪ .‬وتغطي هذه‬
‫صحية حديثة وتعددية ال يمكن أن تكتفي‬ ‫المعلومات باألساس ثالث مجاالت‪ :‬المراضة‬
‫فقط بالمعطيات التي تأتيها من التسلسل‬ ‫وحجم الخدمات المقدمة والموارد المستعملة‪ .‬إال‬
‫الهرمي للبنيات العمومية‪ ،‬وإنما يجب أن‬ ‫أنه من الواضح أن هذه األنظمة ال تستجيب إال‬
‫تأخذ شكل شبكات معارفية منفتحة وذلك‬ ‫جزئيا للطلب المتزايد على المعلومة الصادرة‬
‫بالتعاون مع عدة مؤسسات و مصادر‬ ‫عن عدة فاعلين‪ ،‬وليس فقط عن وزارة الصحة‪.‬‬
‫للمعلومة (‪ .)20‬كما يمكن استعمال‬
‫التكنولوجيات الحديثة كإمكانية لتجاوز‬ ‫فباستثناء بعض المجاالت المتخصصة‪ ،‬كصحة‬
‫الحواجز الحالية وضمان الشفافية‬ ‫األم مثال‪ ،‬فإن المغرب يفتقر للمعطيات الخاصة‬
‫الضرورية لبنية منفتحة‪ .‬باالعتماد‬ ‫باألمراض المزمنة أو بتصورات الساكنة على‬
‫على هذا النظام المعلوماتي «الذكي»‪،‬‬ ‫سبيل المثال‪ .‬وهذا االفتقار للمعطيات يعود‬
‫يمكن تهيئ المشاريع الجهوية للصحة‬ ‫لتصور بيروقراطي إداري مبالغ في التنظيم‬
‫ومشاريع المؤسسات ومختلف االتفاقات‬ ‫واإلدماج واستعمال المعلومة‪.‬‬
‫التي توجد في قلب حركية تعاقد‬ ‫ما العمل؟‬
‫التفويض للمسؤوليات و المساءلة اللتين‬
‫تشكالن مركز الحكامة الجديدة‪.‬‬ ‫للتمكن من تحفيز اإلصالح وتحسين تدبير قطاع‬
‫الصحة‪ ،‬يجب إحداث نقلة نوعية في إنتاج واستعمال‬
‫• التركيز على ما هو استراتيجي للتدبير‪:‬‬ ‫المعلومة‪ ،‬و ذلك من خالل ثالث مجاالت‪:‬‬

‫‪ -19‬تحتاج الجماعات المحلية و كذا األوساط الجمعوية إلى تزويد أحسن بالمعلومات بطرقة يستطيعون معها حماية صحة أعضائهم و‬
‫العمل على تقليص التهميش و كذا تحسين العدالة‪ .‬يحتاج مهنيو الصحة أيضا إلى تزويد أحسن بالمعلومات كي يتمكنوا من تقديم خدمات‬
‫من جودة أحسن و كذا تحسين التعاون و االندماج بين المصالح‪ .‬يحتاج المسؤولون السياسيون إلى معرفة مدى استجابة المنظومة‬
‫الصحية إلى أهداف المجتمع و كذا طريقة استعمال المال العام‪.‬‬
‫‪ -20‬مؤسسات جامعية‪ ،‬منظمات غير حكومية ( ‪ ،)ONG‬مؤسسات التأمين الصحي‪ ،‬معطيات التعداد‪ ،‬الدراسات حول االتفاق‬
‫األسري‪ ،‬استطالعات الرأي‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫وهذا ممكن بفضل التكنولوجية الحديثة‪.‬‬ ‫يجب توسيع نطاق نظام االعالم الصحي‬
‫ليشمل مجاالت أخرى غير المغطاة في‬
‫شروط مؤسساتية‪:‬‬ ‫الوقت الراهن‪ ،‬مع البحث إراديا على انتاج‪:‬‬
‫• وضع خريطة لمصادر المعلومات‬ ‫‪ -‬المعلومة االستراتيجية الضرورية لقيادة‬
‫المتوفرة والثغرات المتواجدة به و تحيينها‬ ‫االصالح‪ ،‬وذلك‪:‬‬
‫• لفهم المشاكل والتحديات؛‬
‫• تنظيم التعاون بين مختلف الهياكل‬ ‫• لمتابعة التقدم في اتجاه منظومة صحية‬
‫والمنظمات المتدخلة‬ ‫«جيدة» (‪)21‬؛‬
‫• تحديد العوائق القانونية والسياسية والتقنية‬ ‫• لجرد إكراهات المنظومة‪.‬‬
‫التي تحول دون وضع الشبكات و الوصول‬ ‫‪ -‬المعلومة التي تحتاجها مختلف بنيات الحكامة‬
‫إلى المعلومة‬ ‫لتدبير المنظومة (بنيات التعاقد‪ ،‬والتنظيم و‬
‫• تقييم الفرصة المتاحة لتفعيل الهيئة المكلفة‬ ‫التخطيط وغيرها)‪.‬‬
‫بالحرص على النظام اإلعالمي الصحي‪.‬‬ ‫‪ -‬المعلومة الضرورية لجودة العالجات‬
‫واستمراريتها‪ .‬فيجب تمكين كل مواطن‪،‬‬
‫الور�ش ‪ :9‬مك�سب وحتدي‪ :‬مكانة مهنيي‬ ‫مستقبال‪ ،‬من الولوج إلى ملفه الطبي‪ ،‬إذ أنه‬
‫ال�صحة و دورهم يف الإ�صالح‬ ‫باستعمال التكنولوجيات المعلوماتية الحالية‪،‬‬
‫يمكن تصميم هذا الملف‪ ،‬منذ البداية‪ ،‬على أساس‬
‫االستدالل المنطقي‪:‬‬
‫استخدامه كذلك لغرض تدبير وقيادة المنظومة‪.‬‬
‫يعتبر تمويل المنظومة الصحية تحديا رائعا‪،‬‬
‫• ملف معلوماتي للفرد ولألسرة سهل الولوج‬
‫لكون التقدم الحاصل في التمويل الصحي في‬
‫وسري لضمان استمرارية العالجات‪:‬‬
‫المغرب‪ ،‬خالل السنوات األخيرة‪ ،‬يدعو إلى‬
‫االرتياح‪ .‬في حين لم يتحقق الشيء الكثير‬ ‫يجب أن يشكل الملف الطبي للفردي ولألسرة‬
‫بالنسبة للموارد البشرية‪ ،‬وهو األمر الذي يشكل‬ ‫ركيزة للنظام المعلوماتي الصحي‪ .‬لذا يجب‬
‫تحديا كبيرا‪ .‬بالنسبة للذين يعرفون جيدا القطاع‬ ‫أن ال يقتصر عمل هذا النظام على مجهودات‬
‫الصحي‪ ،‬فواضح بأن نجاح كل إصالح يتوقف‬ ‫القيادة والتدبير وإنما يجب أن تكون خدمة‬
‫بشكل كبير على الموارد البشرية الصحية‪.‬‬ ‫الساكنة بشكل مباشر في قلب اهتماماته‪.‬‬
‫وبدون تعبئة مهنيي الصحة ال يمكن التطلع‬
‫لتشغيل المنظومة‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬يجب أن يسمح هذا الملف‬
‫بمتابعة مسار العالجات التي يسلكها المريض‪،‬‬
‫لقد تم التطرق إلى التحدي الكبير الذي طرحته‬ ‫و ذلك كوسيلة للمسائلة وتأمين الجودة‪ .‬كما يمكن‬
‫الموارد البشرية‪ ،‬أكثر من مرة‪ ،‬في هذ الكتاب‬ ‫اعتباره موردا فعاال للمعلومات االستراتيجية‬
‫األبيض‪ .‬هناك حاجة إلى عدد أكبر من المهنيين‬ ‫شريطة حماية سريته وإرساء عالقة بينه وبين‬
‫ومن الموظفين من الكفاءات المتنوعة لتقديم‬ ‫المعطيات المالية والمعطيات الصحية للساكنة‬
‫الخبرة الالزمة للتصدي لمحددات الصحة‬ ‫(الصحة العمومية‪ ،‬الحالة المدنية والمعطيات‬
‫(والحالة الصحية غير الجيدة)‪ .‬كما يجب توفير‬ ‫الديمغرافية واإلحصاءات والمسوحات إلخ)‪،‬‬

‫‪39‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫الخاص بالتجمعات السكانية الكبرى إضافة إلى‬ ‫مهنيين من نوع آخر وبكفاءات متنوعة وبعدد‬
‫ذهاب العديد من األطر شبه الطبية إلى الوظائف‬ ‫أكبر لالستماع واالستجابة النتظارات المواطنين‬
‫اإلدارية‪.‬‬ ‫الراغبين في الولوج إلى عالجات تتسم بالجودة‬
‫والقرب و اإلحالة‪ .‬إضافة إلى ضرورة التوفر‬
‫فمثل هذه التعقيدات ليست حتمية ويمكن‬ ‫على أطر بكفاءات جديدة للتفاوض‪ ،‬والقيادة‬
‫إصالحها بفضل قوة اإلبداع واالبتكار‪ ،‬حيث‬ ‫واالستعمال الذكي للمعلومة والمعارف لضمان‬
‫يمكن إدخال اإلطار المتخصص ضمن أنشطة‬ ‫ممارسة الوصاية على المنظومة‪.‬‬
‫التطبيب عن بعد ودعم القرب وبهذا يمكن إعادة‬
‫التكوين‪ ،‬كما يمكن تصور هياكل مهنية مختلفة‬ ‫فالمشكل هو كمي باألساس‪ :‬إذ يجب الرفع من‬
‫عبر بوابات جديدة إضافة إلى إمكانية تعزيز‬ ‫عدد األطباء والممرضين بشكل أكبر من ما‬
‫عمل القرب ماديا واجتماعيا‪.‬‬ ‫هو مخطط له ألن عددهم غير كاف‪ .‬كما أن‬
‫المشكل نوعي كذلك و يرتبط بتكوين المهنيين‬
‫كما يجب‪ ،‬قبل كل شيء‪ ،‬القيام بتشخيص عميق‬ ‫حيث أن برامج التكوين الحالية ال تهيئ المهنيين‬
‫للمشكل استنادا إلى المعلومة الحديثة والمفصلة‬ ‫ال لمواجهة مشاكل الصحة الحالية‪ ،‬وال للعمل‬
‫والدقيقة‪ ،‬وخاصة المعلومة التي تخص القطاع‬ ‫الجماعي وال لالشتغال باآلليات التكنولوجية‬
‫بأكمله وليس فقط مهني القطاع العام‪ .‬فالتوافق‬ ‫والولوج للمعلومة والتطبيب عن بعد‪.‬‬
‫الحاصل بشأن خطورة المشكل يعود لعدم وجود‬
‫معلومات ملموسة وموثوق بها وكاملة‪.‬‬ ‫وهناك مجموعة من التجارب العالمية التي تعتمد‬
‫وسائل التكوين في تهييء األطباء والممرضين‬
‫ما العمل؟‬ ‫ألعمال صحية ترتكز على األشخاص و تشجع‬
‫‪ -1‬هناك مشكلتين حادتين تفرض إجراءات‬ ‫عمل القرب‪ .‬فمن الضروري التسريع في‬
‫تحفظية استعجالية‪:‬‬ ‫جعل هذه المقاربات في قلب برامج ومقررات‬
‫التكوين‪ .‬إذ يجب أن تمكن هذه المقررات من‬
‫• األولى تتعلق بتحديد المناصب و التي‬ ‫اعتماد ممارسة القرب كمهنة مفضلة تفرض‬
‫يجب معالجتها بابتكار آليات إدارية ومالية‬ ‫خبرتها الخاصة وليس كما كان سابقا‪ ،‬مجرد‬
‫( صناديق؟ عقد؟)؛‬ ‫فعل مؤقت‪.‬‬
‫• الثاني يتعلق باإلحالة المقبلة على ما يناهز‬ ‫فإعادة توجيه التكوين نحو عمل القرب أصبح‬
‫‪ 7000‬مهني وزارة الصحة‪.‬‬ ‫أمرا مستعجال يفرض االنخراط الواضح‬
‫وبالرغم من اإلدخال السريع للتكنولوجيات‬ ‫والقوي واإلرادي لمؤسسات التكوين‪ .‬وبالرغم‬
‫الجديدة وبدل المجهودات في مجال التدريب‬ ‫من أن هذا اإلصالح سيواجه مقاومة‪ ،‬فإن‬
‫لن يتم التغلب على هذه المشاكل‪ .‬فمن المستحيل‬ ‫التكنولوجيات والتقنيات المتوفرة‪ ،‬وتجارب‬
‫رفع التحدي على المدى القريب بدون إعادة‬ ‫بعض الدول‪ ،‬كالبرازيل و التايالند و الواليات‬
‫النظر في مقررات ومدة تكوين المهنيين‬ ‫المتحدة وبلجيكا‪ ،‬تبين أن ذلك ممكنا خاصة أن‬
‫الطبيين وشبه الطبيين‪ ،‬وبدون إمكانية اقتراح‬ ‫هناك طلب على ذلك‪ .‬وأكيد أن هناك أخطاء‬
‫على المهنيين‪ ،‬الذين وصلوا سن التقاعد‪ ،‬خيار‬ ‫سجلت في الماضي‪ ،‬كالمبالغة في االستثمار في‬
‫االستمرار في العمل‪.‬‬ ‫تكوين المتخصصين و المتمركزين في القطاع‬

‫‪40‬‬
‫الكتاب األبيض‬
‫المستقبل‪ ،‬األمر الذي يفرض اعتماد عملية‬ ‫‪ -2‬هناك مشكلتين أخريين تتطلبان جمع‬
‫اإلسقاط وسيناريوهات المستقبل من خالل‬ ‫المعلومة االستراتيجية المفقودة‪ :‬ويتعلق األمر‬
‫إشراك الكليات ومراكز التكوين األخرى والتي‬ ‫بشروط إعادة انتشار مهنيي الصحة و الهجرة‪.‬‬
‫بدونها ال نستطيع القول بأن الكفاءات التي تم‬ ‫فليست هناك معرفة دقيقة حول أهمية و مسارات‬
‫تكوينها هي أكثر مالئمة للحاجيات (خاصة‬ ‫وكيفية التأثير على هجرة األدمغة واألطر من‬
‫قدرة أطباء األسرة على العمل مع غيرهم من‬ ‫المغرب إلى الخارج ومن الوسط القروي إلى‬
‫المهنيين) و يمكنها أن تتطور خالل مسيرتها‬ ‫الحضري ومن المدن الصغيرة إلى الكبيرة‪ .‬أو‪،‬‬
‫المهنية‪.‬‬ ‫أيضا من المسالك األولوية بالنسبة للصحة في‬
‫اتجاه مسارات مهنية أقل أهمية‪ .‬لذلك فهناك‬
‫‪ -3‬ثقافة الجودة والخدمة و االكتراث بأخالقيات‬ ‫حاجة للبحث والفهم بواسطة التقنيات المتوفرة‪.‬‬
‫المهنة‪ .‬ال تشجع الهياكل الحالية قط على ثقافة‬
‫الجودة في خدمة الساكنة‪ .‬لكنها ليست بحتمية‪.‬‬ ‫هذا العمل يجب أن يشمل جرد وتقييم المحفزات‬
‫فمعظم مهني الصحة لهم هاجس تقديم عمل ذو‬ ‫( الحالية والمحتملة ‪ ،‬اإليجابية والمنحرفة)‬
‫جودة و قيمة‪ .‬ويمكن االستفادة من هذا االلتزام‬ ‫كمراجعة األنظمة األساسية للمهنيين و‬
‫من خالل إنشاء مجموعة من الحوافز التي‬ ‫االعتراف المؤسساتي بالهوية المهنية للطبيب‬
‫هي مغيبة اآلن‪ ،‬خاصة بالنسبة لتقديم عالجات‬ ‫العام‪ ،‬وأنظمة الحوافز المالية( وتأثير هيمنة‬
‫القرب‪ :‬الحوافز المالية‪ ،‬بالطبع‪ ،‬ولكن أيضا‪،‬‬ ‫التعويض على العمل الطبي) و االستعمال‬
‫وعلى الخصوص التنمية االجتماعية (من‬ ‫الكبير لتكنولوجيات التواصل‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫خالل التركيز على الفرد والجماعة) و التنمية‬
‫المهنية(من خالل ممارسة المسؤولية والعمل‬ ‫• يجب التغلب على معضلة العدد والتخصص‪.‬‬
‫الجماعي وجعل التواصل ممكنا من خالل‬ ‫إضافة إلى التدابير االحترازية الالزمة (تدبير‬
‫التكنولوجيات الجديدة) والتنمية التقنية (من‬ ‫اإلحالة على التقاعد وشيخوخة موظفي الوزارة‪،‬‬
‫خالل التمكين من استغالل التطور التكنلوجي‬ ‫فهم أهمية هجرة األدمغة للتمكن من ضبطها)‪،‬‬
‫الذي يسمح بنقل جملة من أنشطة المستشفيات‬ ‫فإنه يجب القيام بمجهود كبير في مجال التكوين‬
‫المتخصصة في اتجاه عالجات القرب)‪.‬‬ ‫والتربية‪ ،‬بوثيرة تفوق ما هو مخطط له حاليا‪.‬‬
‫ويبقى هذا المجهود خاضع لنتيجة النقاش حول‬
‫‪ -4‬التخفيف من حدة العالقة بين المهنيين‬ ‫الكفاءات المقترحة‪.‬‬
‫والمرتفقين‪ .‬أصبحت العالقة بين المهنيين‬
‫والمرتفقين‪ ،‬في بعض الحاالت‪ ،‬في السنوات‬ ‫كما يجب تكييف الكفاءات مع حاجيات مجتمع‬
‫األخيرة مجاال للصراعات والنعدام الثقة‪ .‬بقدر‬ ‫في طور التحول‪ .‬سواء من حيث محددات‬
‫ما يمكننا أن نتفهم مشاعر اإلحباط لذى الطرفين‬ ‫الصحة و تقديم العالجات أو الحكامة‪ ،‬هناك‬
‫داخل منظومة ذات االختالالت اليومية ال‬ ‫مشاكل الكفاءات وقدرة هذه الكفاءات على‬
‫تسمح برؤية المكتسبات التي تحققت في المجال‬ ‫التكيف مع تحوالت المجتمع‪ .‬فإذا كان المهنيون‬
‫الصحي مما ال يساهم في تحسين الوضع القائم‪.‬‬ ‫المكونون بالمغرب ال يسايرون االحتياجات‬
‫المتغيرة للبالد‪ ،‬فمن الالزم إعادة تحديد مالمح‬
‫يجب أن يسمح المجتمع بحرية التعبير عن‬ ‫هذه الكفاءات‪ .‬ويجب أن تكون مفاهيم القرب‬
‫الشكايات المشروعة مع توفير قنوات تبليغها و‬ ‫والمجالية في قلب هذه المراجعة‪ .‬إذ من الالزم‬
‫اإلجابة عنها‪ .‬فتليين العالقة بين الطرفين تمر‬ ‫التفاعل في مواجهة المشاكل القائمة وتوقع‬
‫‪41‬‬
‫املناظرة الوطنية الثانية للصحة ‪2013‬‬
‫إن تحديث المنظومة الصحية أصبح ضروريا‬ ‫عبر الشفافية والحوار‪ ،‬مع أنه ال يجب االقتصار‬
‫لصحة السكان‪ .‬و إنجازه بشكل جيد سيساعد ال‬ ‫على سماع المرتفقين فقط‪.‬‬
‫محالة من تحسين الحياة المهنية للعاملين‪.‬‬
‫لقد أظهرت تجربة العديد من البلدان وجود‬
‫إال أنه ال يتم تغيير منظومة بواسطة أدوات‬ ‫فجوة كبيرة بين نوايا أولئك الذين يريدون‬
‫قانونية فقط‪ .‬ليس هناك إصالح ممكن دون‬ ‫تنظيم التغيير في المنظومة الصحية وانتظارات‬
‫التفكير القبلي في تملكه من قبل الفاعلين و‬ ‫أولئك الذين يعملون على أرض الواقع‪ .‬و تفسر‬
‫في المقام األول مهنيي الصحة‪ .‬إذ أن التنظيم‬ ‫هذه الفجوة بين النوايا واالنتظارات من خالل‬
‫الهيكلي للمنظومة يحمل في طياته دوافع تحول‬ ‫المصالح الضيقة لفئات مختلفة‪ .‬كما يتعلق األمر‬
‫أحيانا دون االنخراط في اإلصالح‪ .‬و لكن‬ ‫كذلك بتصور الفاعلين الممارسين‪ ،‬وهي الفئة‬
‫في نفس الوقت هناك إرادة قوية لدى العاملين‬ ‫التي ال يتم االستماع إلى آرائها وانتظاراتها‪.‬‬
‫لتخطي الحواجز‪.‬‬ ‫ومن الجيد األخذ بعين االعتبار بشكل منهجي‬
‫من خالل المسوحات والمشاورات والمناقشات‬
‫لتفادي مقاومة التغيير و خاصة لتعبئة قدرة‬
‫مجموع المهنيين على التغيير‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫الكتاب األبيض‬

You might also like