You are on page 1of 7

‫يعد إصالح المنظومة الصحية الوطنية ركيزة أساسية لنجاح ورش تعميم التغطية الطبية والحماية االجتماعية‪  

.‬جاءت الدعوة الملكية لـ " إعادة‬


‫النظر‪ ،‬بشكل جذري‪ ،‬في المنظومة الوطنية للصحة‪ ،‬التي تعرف تفاوتات صارخة‪ ،‬وضعفا في التدبير" خالل الخطاب الملكي بتاريخ ‪ 30‬يوليو‬
‫‪ ، 2018.‬وتم تأكيده في مناسبات أخرى‪ ،‬وأصبح اليوم مهمة مستعجلة من أجل انجاح المشروع األكبر نحو العدالة االجتماعية‬
‫‪.‬المؤشرات الصحية‪ :‬مكاسب يتعين تحسينها‪ ‬‬
‫لقد بذل المغرب جهودا كبيرة في القطاع الصحي مع نتائج مقبولة‪  .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن المؤشرات أقل من التوقعات والطموحات‪ ،‬وقبل دلك هي أقل‬
‫مما كان بإمكان المغرب أن يحققه مقارنة مع اإلمكانيات المتاحة رغم محدوديتها‪ .‬قام المغرب بتحسينـ الوضع الصحي لسكانه‪ ،‬وكذلك مؤشراته‬
‫الصحية على عدة مستويات‪  .‬لقد خفض معدل وفيات األمهات بأكثر من الثلثين (من ‪ 227‬لكل مائة ألف والدة حية إلى ‪ )72.6‬في ظرف ‪15‬‬
‫سنة (من ‪ 2013‬إلى ‪ ،)2018‬وخفض معدل وفيات األطفال دون سن الخامسة بأكثر من النصف (من ‪ 47‬لكل ‪1000‬ألف والدة حية إلى ‪،)22‬‬
‫وحسن متوسط العمر المتوقع لمواطنيه بأكثر من ست سنوات‪ .‬هناك حاجة ملحة لتعزيز وتقوية الموارد المالية والبشرية والتقنية‪ ،‬بالموازاة مع‬
‫إصالح المنظومة الصحية‪ ،‬واالهتمام بالمحددات الصحية األخرى (التغذية‪ ،‬السكن‪ ،‬مستوى الدخل‪ ،‬الرياضة‪ ،‬العمل‪ ،‬إلخ)‪ .‬أظهرت الدراسات أنه‬
‫من أصل ثالثين سنة التي تم ربحها االنسان في متوسط العمر المتوقع خالل القرن الماضي‪ ،‬فان ‪ 8  ‬سنوات فقط تعزى لعامل المنظومة‬
‫الصحية‪ ،‬بينما ال ‪ 22‬سنة الباقية ترجع الى محددات الصحة االخرى‪ .‬المنظومة الصحية تؤثر على الصحة بمعدل ‪ ٪25‬فقط‪ ،‬وال ‪ "75‬الباقية‬
‫‪.‬لباقي المحددات‬
‫‪.‬مجلس أعلى للصحة‪ :‬رؤية استراتيجية‪ ‬‬
‫إن الرؤية االستراتيجية للسياسة الصحية هي أساس اتخاذ القرار السليم والتقييمـ الناجح‪ .‬تستند السياسة الصحية إلى رؤى تتجاوز مدة االنتداب‬
‫الوزاري بل حتى الوالية االنتخابية والحكومية من أجل تحديدـ األهداف والوسائل على المدى الطويل‪ ،‬على عكس البرامج الجزئية والقطاعية‬
‫والقصيرة األمد‪ .‬غياب أو ضعف رؤية استراتيجية هو إهدار للوقت والميزانيات والمؤشرات الصحية وإهدار فرص فعالية المنظومة الصحية‪.‬‬
‫وجود مجلس أعلى للسجة من أجل رؤية استراتيجية وطنية تكون خالصة نقاش مجتمعي ومتعددـ القطاعات‪ ،‬سيمكن من تأطير البرامج‬
‫‪.‬المختلفة‬
‫نظام صحي قائم على الرعاية األولية وطب العائلة‪ ‬‬
‫عدم اعتماد المنظومة الصحية على الرعاية الصحية األولية تستهلك الكثير من الميزانيات والموارد البشرية والبنية التحتية‪ ،‬مع نتائج محدودة‪ .‬‬
‫هناك حاجة ملحة إلعادة توجيه منظومتنا الصحية‪ ،‬على غرار الدول المتقدمة واألقل تقدما‪ ،‬نحو الرعاية األولية‪ ،‬وطب القرب وطب العائلة‪،‬‬
‫والتربية الصحية والوقاية‪ .‬طب وصحة القرب هما العمود الفقري ألنظمة صحية فعالة ومنصفة‪ ،‬تجمع بين الفعالية والكفاءة والنجاعة‪ .‬نتائج‬
‫بعض الدراسات‪" :‬يوفر أطباء األسرة استمرارية أفضل للرعاية الصحية ويؤمنون انخفاض معدالت االستشفاء والوفيات بجميع األسباب"‬
‫"يرتبط كل طبيب عائلة إضافي لكل ‪ 10‬ألف نسمة بانخفاض معدل الوفيات بنسبة ‪ ٪6‬تقري ًبا" " كلما كان توجيه المنظومة الصحية نحو‬
‫ضا على تحسين تكافؤ الخدمات‬ ‫الرعاية األولية‪ ،‬انخفضت تكاليف خدمات الرعاية الصحية الشاملة‪" "  .‬تعمل الرعاية الصحية األولية أي ً‬
‫" ‪. ‬الصحية‪  .‬لذلك فإن أي نظام صحي يقوم على رعاية صحية أولية مستدامة سيكون أكثر إنصا ًفا وفعالية وكفاءة‬
‫تحديان رئيسيان‪ :‬االنتقال الديموغرافي واالنتقال الوبائي‪ ‬‬
‫االنتقال الديموغرافي‪ :‬واحد من كل ‪ 10‬مغاربة يزيد عمره حاليا عن ‪ 60‬سنة‪  .‬في سنة ‪ 2050‬سوف يتضاعف هذا الرقم ثالث مرات‪ .‬كبار‬
‫السن واألمراض المزمنة‪ :‬المزيد من الطلب على الرعاية الصحية والمزيد من النفقات‪ .‬نفقات التامين االجباري عن المرض‪ :‬من هم فوق سن‬
‫الستين يستهلكون ‪ ٪70‬من النفقات‪ ،‬ومن هم أقل من ‪ 60‬سنة يتقاسمون الـ ‪ ٪30‬المتبقية‪ .‬االنتقال الوبائي‪ 3 :‬من أصل ‪ 4‬وفيات في المغرب‬
‫‪.‬حال ًيا لم تعد ُتعزى إلى األمراض المعدية‪ ٪3 .‬من المؤمنين يستهلكون أكثر من ‪ ٪50‬من النفقات بسبب األمراض المزمنة‬
‫‪.‬المسار المنسق للعالج‪ :‬ترشيد الموارد‪ ‬‬
‫أضحى مسار المريض من أجل العالج أكثر تعقي ًداـ بسبب أنظمة صحية بمثابة متاهات من حيث تنظيمها وتنوعها وتخصصاتها المختلفة‪ .‬المسار‬
‫الغير واضح هو مصدر إهدار للوقت والتمويل وإساءة استخدام الموارد البشرية الغير الكافية أصال‪ .‬المسار المنسق للعالج‪:‬ـ لكل مواطن الحق‬
‫في اختيار طبيبه المعالج الذي يوجهه ويرافقه وينسق مساره في المنظومة الصحية‪ ،‬من أجل ترشيد جهود المهنيين الصحيين‪ ،‬واإلنفاق‬
‫‪.‬الصحي‪ ،‬واستخدام البنى التحتية وتحسين جودة الرعاية‬
‫‪.‬الموارد البشرية عجز مزمن يتفاقم‪ ‬‬
‫الموارد البشرية‪ :‬النقص والهجرة وانعدام جاذبية القطاعين العام والخاص‪ .‬المغرب‪ ،‬الذي به ‪ 28‬ألف طبيب‪ ،‬يحتاج إلى ‪ 32‬ألف طبيب آخر‬
‫حسب معايير منظمة الصحة العالمية‪ ،‬بينما يقيم حوالي واحد من كل ثالثة أطباء مغاربة بالخارج‪ .‬تتوفر فرنسا مثال‪ ،‬للمقارنة‪ ،‬على أزيد من‬
‫‪ 250‬ألف طبيب‪ .‬من دروس الجائحة أن نعتمد أساسا على مواردنا من اجل مصلحة منظومتنا وسيادتنا وأمن بلدنا الصحي‪ :‬تكوين مزيد من‬
‫ض ا الحفاظ عليهم‪ ،‬وتشجيع الكفاءات المقيمة بالخارج على العودة إلى البالد‪،‬‬
‫األطباء والمهنيين الصحيين‪ .‬إنتاج المزيد من األطباء‪ ،‬ولكن أي ً‬
‫بخبراتهم وتجاربهم المتنوعة‪ .‬من المرجح في أعقاب جائحة كوفيد ‪ ،19‬أن تتفاقمـ ظاهرة هجرة األطباء من دول الجنوب‪ ،‬بسبب زيادة الطلب‬
‫عليهم وزيادة االغراءات من طرف دول الشمال‪ .‬تحسين الظروف المادية للعاملين الصحيين في القطاع العام وتحسين ظروف عملهم‪ .‬إصالح‬
‫البيئة االجتماعية والقانونية للممارسة الطبية بالقطاع الخاص‪ ،‬والجبايات‪ ،‬ومراجعة االتفاقيات مع صناديق التأمين‪ ،‬لجعل القطاع أكثر جاذبية‪.‬‬
‫القطاع الطبي الحر هو قطاع خاص يقدمـ خدمة عامة‪ ،‬ويجب معاملته على هذا النحو‪ ،‬لتمكين المواطن من التمتع بحق يكفله الدستور‪ :‬الحق في‬
‫‪.‬الصحة‬
‫‪.‬الخريطة الصحية‪ :‬العدالة الترابية واالجتماعية‪ ،‬ترشيد عرض الرعاية الصحية‬
‫التفاوتات بين المناطق‪ :‬يعمل أكثر من ‪ ٪50‬من األطباء في محور الجديدةـ الدار البيضاء الرباط القنيطرة‪ 4 .‬مغاربة من كل ‪ 10‬يقطعون أكثر‬
‫من ‪ 10‬كيلومترات للوصول ألول نقطة صحية‪ .‬التفاوتات االجتماعية‪ .‬الخريطة الصحية مطلب اساسي لضمان العدالة الترابية واالستغالل األمثل‬
‫للموارد البشرية والمالية والبنية التحتية‪ .‬توجيه االستثمارات العمومية والخاصة نحو المناطق االقل تغطية وفق معايير محددةـ في الخريطة‬
‫‪.‬الصحية‪  .‬سياسة الحوافز ضرورية إلنجاح في التحدي‬
‫‪.‬الجهوية المتقدمة‪ ‬‬
‫المركزية التفكير واإلدارة والتدبير والبحث عن الحلول‪  .‬إشراك الفعاليات الجهوية والمحلية لمزيد من النجاعة بفضل استيعاب الخصوصيات‬
‫‪.‬المحلية‬
‫‪.‬التمويل الصحي‪ :‬إعاقة هيكلية‪ ‬‬
‫اإلنفاق الصحي أقل من ‪ ٪6‬من الناتج المحلي اإلجمالي‪ .‬يتم تغطية أكثر من ‪ ٪50‬من هذه النفقات من قبل األسر‪ .‬ميزانية وزارة الصحة أقل من‬
‫أن على المغرب أن يرفع‪ ،‬في أفق ‪ ٪6 OCDE‬من الموازنة العامة‪ .‬إنفاق الفرد على الصحة منخفض‪  .‬تقدر منظمة التجارة والتعاون األوربي‬
‫سنة ‪ ،2030‬مستوى اإلنفاق الصحي بمقدار ‪ 2.5‬نقطة مئوية من الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬ليبلغ ‪ ٪8.2‬من الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬أو ‪107‬‬
‫مليار درهم بما في ذلك ‪ 77‬مليار درهم من الميزانية العامة‪ ،‬من خالل العمل على توسيع التغطية الصحية (التعميم)ـ وتعزيز المساهمات‪،‬‬
‫والمداخيل الجبائية‪ .‬الضرائب الداخلية على استهالك المنتجات الضارة بالصحة (التبغ والكحول والسكر)‪ ،‬وكدلك ربح تأثيرها على سلوك‬
‫‪.‬المستهلك‪ .‬وضع نظام ضريبي بيئي حقيقي من اجل تمويل النفقات الصحية‪ ،‬بجانب دور هده الضرائب في تحسين الصحة العامة‬
‫‪.‬الشراكة بين القطاعين العام والخاص‪ :‬تعزيز المتاح‪ ،‬التوجه نحو المستقبل‪ ‬‬
‫شراكة بين القطاعين العام والخاص لتعبئة الموارد المالية‪ ،‬مع إدماج القطاع الخاص في سياسة الصحة العامة‪ ،‬واالستفادةـ من خدمات الموارد‬
‫البشرية للقطاع الخاص‪ ،‬وبنيته التحتية واستثماراته‪ .‬ترشيد استخدام عروض الرعاية الصحية من خالل دمج الهياكل والخدمات التي يقدمها‬
‫القطاع الخاص‪ ،‬وسد الثغرات في الخدمة العمومية‪ ،‬وتجميع استخدام الموارد البشرية واالستشفائية والتقنية‪ ٪94 .‬من نفقات التامين االجباري‬
‫‪.‬يستقطبها القطاع الخاص‪  .‬ويلجأ أكثر من ‪ 9‬مغاربة من بين كل ‪ 10‬من المؤمنين إلى خدمات القطاع الخاص ‪ AMO‬عن المرض‬
‫‪:‬جعل القطاع الصحي الخاص أكثر جاذبية‪ ‬‬
‫باإلضافة إلى نقص الموارد البشرية‪ ،‬يحتاج قطاع الصحة إلى استثمارات لتحديث القطاع االستشفائي‪ ..‬يوجد في المغرب حوالي ‪ 33‬ألف سرير‬
‫في المستشفيات‪ ،‬ثلثها تقريبا بالقطاع الخاص‪  .‬هذه النسبة التي تقل عن سرير واحد لكل ألف نسمة بالمغرب‪ ،‬هي نصف نظيرتها بجارينا‬
‫بالمغرب الكبير‪ ،‬وتبلغ بفرنسا حوالي ‪ 7‬مرات أكثر‪ ،‬و‪ 14‬مرة أكثر بالبلدان االكثر تفوقا‪ .‬سواء بالنسبة للمهنيين‪ ،‬أو لالستثمار الوطني أو‬
‫والتي تعود إلى اتفاقية ‪ ،2006‬والتي كان ‪ TNR،‬األجنبي‪ ،‬يحتاج القطاع إلى مراجعة شاملة‪ .‬مراجعة االتفاقيات والتعريفة المرجعية الوطنية لـ‬
‫ينبغي مراجعتها كل ثالث سنوات‪ .‬مراجعة مصنف االعمال المهنية الطبية‪ ،‬مدونة للمسؤولية الطبية‪ ،‬حوسبة المنظومة الصحية‪ ،‬حوافز لتشجيع‬
‫‪.‬تطبيب المناطق االقل استفادة من العرض الصحي‬
‫‪: Health Tech.‬االستثمار في الصحة والتقنيات الجديدة‪ ‬‬
‫قطاع الصحة واعد لالستثمار‪  .‬في المغرب‪ ،‬هناك‪ :‬عجز يتعين سدّ ه‪ ،‬وتعميم التأمين الصحي الذي سيولد المزيد من الطلبات على الرعاية‪،‬‬
‫والنمو الديموغرافي‪ ،‬وشيخوخة السكان‪ ،‬وزيادة الطلب المتزايد على الرفاه‪ .‬قطاعات االستثمار الوطني واألجنبي في الصحة‪ - :‬قطاع خدمات‬
‫‪، Health‬الرعاية (االستشفاء‪ ،‬الرفاه‪ ،‬المختبرات‪ ،‬األشعة‪ ،‬إلخ) ‪         -‬صناعة االدوية ‪         -‬معدات طبية ‪ -‬التقنيات الصحية الجديدة‬
‫‪. E-santé‬التكنولوجيا الحيوية ‪ :‬األدوية الحيوية وغيرها ‪. Biotech‬أدوات التشخيص والعالج ‪: MedTech :‬بما في ذلك ‪Tech،‬‬
‫الصحة اإللكترونية‪ :  ‬الرقمنة ‪ ،‬التطبيب عن بعد ‪ ،‬الروبوتات…‪ .‬التقنيات الجديدة (مثل الطب عن بعد)ـ كطريقة لدمقرطة الوصول إلى رعاية‬
‫صحية دات جودة‪ ،‬مع خفض التكاليف وضمان جودة الحياة‪  .‬كلما انخرطنا مبكرا وبشكل قوي في التكنولوجيات الجديدة‪ ،‬كلما زادت هذه‬
‫‪.‬التقنيات من ضمان التكافؤ الفرص والنجاعة بدالً من النخبوية والتفاوتات‬
‫‪.‬التغطية الصحية‪ :‬دور هيكلي‪ ‬‬
‫التغطية الطبية والتأمين الصحي‪ :‬الضعف‪ ،‬وضعف النجاعة والتشتت‪ ،‬تعيقـ الولوج إلى الرعاية الصحية‪ .‬إن المنظومة الصحية مدعوة اآلن‪،‬‬
‫وبشكل متزايد في المستقبل (مع تعميم التغطية الطبية)‪ ،‬لالستجابة للطلب المتزايد على الرعاية الجيدة‪ .‬أكثر من ‪ ٪50‬من اإلنفاق الصحي‬
‫تتحمله األسر بشكل مباشر‪ .‬بالنسبة للمؤمنين أنفسهم‪:‬ـ ‪ 30‬إلى ‪ ٪50‬من النفقات يتحملونها من ميزانياتهم الخاصة عدى االشتراكات الشهرية‬
‫التي يؤدونها ويؤديها عنهم المشغلون‪ ،‬وهي نسبة تزداد ارتفاعا من سنة إلى أخرى بدالً من التراجع‪ .‬هدا العامل يشكل عقبة امام استفادة‬
‫المؤمنين من دوي الدخل البسيط من الرعاية الصحية‪ .‬ترشيد نفقات التامين الصحي‪ :‬مراجعة التعريفة الوطنية وتصنيف االعمال المهنية‬
‫‪.‬الطبية‪ ،‬وبروتوكوالت العالج االطارات المرجعية للرعاية الصحية‬
‫‪.‬تعميم التأمين الصحي‪ :‬الصحة والتنمية والسلم االجتماعي‪ ‬‬
‫‪.‬من أجل ضمان الوصول العادل والمتكافئ للرعاية الصحية‪ ،‬وإعداد المنظومة لمواجهة تحديات االنتقال الديموغرافي والوبائي‬
‫‪:‬حوكمة قطاع الصحة العمومية‬
‫المزيد من الميزانيات ال يحسن بالضرورة وبشكل متناسب العرض الصحي العمومي وال المؤشرات الصحية‪ .‬التحسين والترشيد والنجاعة‬
‫والجاذبية‪ .‬يجب تأهيل المستشفى العمومي بإجراء إصالحات بعيدة المدى حتى يكون أكثر جاذبية ويستقطب نصيبه من مصاريف التغطية‬
‫الصحية‪ ،‬بداًل من ‪ ٪6‬فقط التي يتحصل عليها حال ًي ا‪ .‬يجب تقوية قدرته التنافسية ألجل ضمان استمراريته‪ ،‬وألجل صحة المواطنين‪ ،‬ومن أجل‬
‫‪.‬تنويع وزيادة مصادر تمويله خصوصا مع تعميم التأمين الصحي‬
‫‪:‬برنامج وطني لتدبير األزمات الصحية‬
‫البلدان التي كانت مهيأة لمواجهة األزمات الصحية عانت أقل من الناحية االقتصادية واالجتماعية والصحية من الجائحة الحالية‪ .‬حسب تقرير‬
‫وتقديرات البنك الدولي فبإمكان الدول انشاء برامج ادارة االزمات الصحية بميزانية قدرت كلفتها ب ‪ 1.69‬دوالر أمريكي للفرد‪ ،‬وبالتالي حماية‬
‫‪.‬المنظومة الصحية والحياة االجتماعية والمجتمع واالقتصاد بشكل أفضل‬
‫‪:‬مختلفات‪ ‬‬
‫التشريعات‪ ،‬النظام الجبائي‪ ،‬التكوين الطبي‪ ،‬البحث العلمي‪ ،‬السيادة واالمن الصحي الوطني‪ ،‬جعل المغرب قاعدة للخدمات والمنتجات الصحية‬
‫نحو اروبا (القرب من ا‬
‫‪.‬روبا كعامل الستقطاب لتحويل االستثمارات األوربية من اسيا نحو المغرب)‪ ،‬وتنويع العرض الصحي لفائدة أفريقيا‬
‫اتسمت السياسات االجتماعية بالمغرب خالل العقود الماضية بالطابع التجزيئي والظرفي‪ ،‬بحيث لم تُدرج التدابير المتخذة ضمن استراتيجية‬
‫متكاملة‪ ،‬سواء فيما يتعلق بتحسين مؤشرات الحماية االجتماعية أو فيما يخص توسيع االستفادة من الدعم االجتماعي‪ ،‬األمر الذي أورث تراكم‬
‫‪.‬الخصاص والهشاشة لدى فئات واسعة من السكان إلى درجة التأثير على السلم االجتماعي في بعض الفترات‬
‫للتخفيف من حدة الفجوة االجتماعية التي ازدادت اتساعا عقب جائحة كوفيد ‪ 19‬وبغية مأسسة شبكات األمان االجتماعية شرعت الدولة في‬
‫صياغة تصور جديد للحماية االجتماعية عبر القانون اإلطار رقم ‪ 09.21‬الذي تم التصويت عليه في البرلمان في شهر مارس ‪ 2021‬بهدف‬
‫‪.‬تحسين الولوج لخدمات الضمان االجتماعي‪ ،‬إلى جانب إصالحات أخرى مرتبطة بتقنين التدخل االجتماعي عبر تطوير منظومة االستهداف‬
‫انطالقا من هذه المستجدات‪ ،‬يبدو أن التأثير الظرفي لورش تعميم الحماية االجتماعية يُوحي بعودة دولة الرعاية‪ ،‬من خالل توسيع دائرة‬
‫المستفيدين من هذه البرامج‪ .‬لكن التأثيرات البعيدة المدى تذهب في اتجاه تعميق دولة الحد األدنى عبر توظيف مقاربات جديدة للتمويل‬
‫واالستهداف ستكرس عمليا انسحاب الدولة من المجال االجتماعي‪ .‬ومن هنا تسعى هذه الورقة إلى تحليل ما إذا كان قانون الحماية يُب ِّشر بتقوية‬
‫‪.‬النزعة التدخلية للدولة في حماية الفئات االجتماعية الهشة أم أنه على النقيض من ذلك يُن ِذر بنزع ما تبقى من تمظهرات الدولة الراعية‬
‫‪ ‬‬

‫محدودية برامج الحماية االجتماعية‪1.    ‬‬


‫لم تُسفر البرامج االجتماعية المطبقة منذ االستقالل عن بلورة رؤية مندمجة للحماية االجتماعية في ظل ضعف اإلطار التشريعي ال ُمحدد‬
‫لضمانات الحكامة واالستهداف والنجاعة في تدبير‪ o‬السياسات االجتماعية‪ ،‬ولتجاوز هذا النهج المتذبذب في معالجة المعضلة االجتماعية تم‬
‫‪.‬إصدار القانون اإلطار رقم ‪ 09.21‬المتعلق بالحماية االجتماعية الذي شكل ُمؤشرا داال على مراجعة الدور االجتماعي للدولة‬
‫لقد ظل تعاطي الدولة مع المعضلة االجتماعية خالل العقود الماضية متأرجحا بين سياسات انتقائية تبتغي تصحيح التفاوتات االجتماعية‬
‫والمجالية الناجمة عن سوء توزيع الثروات والخدمات[‪ ، ]1‬وبين سياسات استدراكية للتخفيف من اآلثار السلبية لبرنامج التقويم الهيكلي خالل‬
‫سنوات الثمانينات من القرن الماضي التي عملت على تقليص االستثمار الحكومي في القطاعات االجتماعية‪ ،‬مثل الصحة والتعليم‪ ،‬حيث برز‬
‫جليا ضرورة القطع مع سياسات التخلي‪ ،‬التي ربما َم َّك نت من التحكم نسبيا في التوازنات الماكرواقتصادية‪ ،‬إال أنها أثرت سلبا على التماسك‬
‫‪.‬االجتماعي وشبكات الحماية االجتماعية للسكان[‪]2‬‬
‫مع بداية األلفية سلكت الدولة مسارا جديدا يسعى إلى تحقيق نوع من التكامل بين المساعدة االجتماعية والضمان االجتماعي‪ ،‬ففي المستوى‬
‫األول تم إحداث وكالة التنمية االجتماعية ومؤسسة محمد الخامس للتضامن سنة ‪ ،1999‬وإطالق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة ‪2005‬‬
‫لتحسين الوضع االجتماعي واالقتصادي للفئات الهشة بالمغرب[‪ ،]3‬وفيما يتعلق بالضمان االجتماعي تم وضع مدونة الشغل في ‪،2003‬‬
‫ومدونة التغطية الصحية األساسية التي أحدث بموجبها نظام المساعدة الطبية لفائدة المعوزين الذي تم تعميمه‪ o‬سنة ‪ 2012‬بعد فترة تجريبية‬
‫بجهة تادلة أزيالل منذ ‪ ،2008‬وهو المسار الذي تعزز بتأكيد دستور ‪ 2011‬على دور الدولة في تيسير استفادة جميع المواطنين من الحق في‬
‫الحماية االجتماعية‪ ،‬وبتوقيع المغرب على أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الجمعية العامة لألمم المتحدة في ‪ 2015‬كالتزام مشترك بين‬
‫‪.‬الدول لتعميم الحماية االجتماعية لفائدة الجميع في أفق ‪]4[2030‬‬
‫إال أن نتائج هذه اإلصالحات كان محدودة‪ ،‬بسبب هيمنة القطاع غير المهيكل على االقتصاد وعدم استفادة فئات واسعة من برامج الحماية‬
‫االجتماعية‪ .‬فحصة العاملين في القطاع غير المهيكل بلغت‪  %28.7‬من إجمالي اليد العاملة[‪ ،]5‬وهو وضع يجعل هذه الفئة خارج دائرة‬
‫الحماية االجتماعية‪ ،‬فضال عن محدودية استفادة األجراء من الضمان االجتماعي‪ ،‬حيث ال يتجاوز عدد المستفيدين من التغطية الصحية ‪%40‬‬
‫وال يستفيد من الحق في التقاعد إال حوالي ‪ %42,5‬من الساكنة النشيطة العاملة[‪ ،]6‬وهو الوضع الذي ظهر بشكل أكثر حدة عقب جائحة كوفيد‬
‫‪ ،19‬حيث احتاج حوالي ‪ 62%‬من المواطنين للدعم المباشر الذي قدمته‪ o‬الدولة إبان هذه الفترة عبر صندوق مخصص لذلك‪ ،‬إذ تسببت الجائحة‬
‫في فقدان نحو ‪ 712‬ألفا لوظائفهم في القطاع الرسمي وما ال يقل عن ‪ 4‬ماليين فرصة عمل في القطاع غير الرسمي‪ ،‬مع ارتفاع نسبة‬
‫‪.‬المواطنين في وضعية فقر وهشاشة لتناهز ‪ 19.87%‬سنة ‪ 2020‬مقابل ‪ %17,5‬سنة ‪ 2019‬بزيادة تجاوزت مليون شخص[‪]7‬‬
‫هذه التحديات دفعت الدولة إلى صياغة أجوبة مستعجلة‪ ،‬حيث دعا الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش في يوليوز ‪ 2020‬إلى مراجعة منظومة‬
‫الحماية االجتماعية التي يطبعها التشتت وضعف التغطية والنجاعة[‪ ،]8‬كما دعا الملك بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان في أكتوبر‬
‫ض ِّمنت في القانون اإلطار رقم‬
‫‪  ]9[2020‬إلى توسيع أنظمة الحماية االجتماعية لتشمل خدماتها مختلف شرائح المجتمع‪ ،‬وهي التوجهات التي ُ‬
‫‪ ، 09.21‬الذي نص على تكثيف المجهود العمومي خالل الخمس سنوات المقبلة لتعميم الحماية من المخاطر المرتبطة بالمرض والطفولة‬
‫‪.‬والشيخوخة وفقدان الشغل[‪]10‬‬
‫‪ ‬‬

‫تجليات الدولة االجتماعية في ضوء توجهات القانون اإلطار رقم ‪2.    09.21‬‬


‫في شهر مارس صادق مجلس النواب باإلجماع على القانون اإلطار رقم ‪ 09.21‬المتعلق بالحماية االجتماعية‪ ،‬كورش مهيكل للتدخل العمومي‬
‫في المجال االجتماعي وفقا لتصور جديد يتعامل مع الحماية االجتماعية في مفهومها الشامل كما حددته الوثيقة الدستورية والمواثيق الدولية‬
‫التي صادق عليها المغرب‪ ،‬حيث نصت ديباجة القانون اإلطار على ضرورة تكثيف الجهود من أجل بناء منظومة حماية اجتماعية قادرة على‬
‫الحد من المخاطر االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬في ضوء التداعيات التي أفرزتها جائحة كوفيد‪19-‬‬
‫جاء القانون اإلطار بتصور طموح لتعميم الحماية االجتماعية استنادا على مبادئ جوهرية تتمثل في التضامن واالستباق وعدم التمييز‬
‫والمشاركة‪ ،‬على أن يتم تنزيلها عبر مراجعة التشريعات المتعلقة بالتغطية الصحية والضمان االجتماعي وبالمنظومة الصحية وبعرض‬
‫العالجات‪ ،‬إضافة إلى إصدار النصوص التطبيقية الضرورية لتنفيذ مقتضياته‪ ،‬ويُنتظر في عملية التأطير التشريعي والتنظيمي االنضباط‬
‫للتصور الدستوري ولإلطار المعياري الدولي للحماية االجتماعية‪ ،‬كما أولى القانون عناية خاصة لمتطلبات الحكامة‪ ،‬بالتنصيص على آلية‬
‫تسيير تتمثل في الهيئة الموحدة للتدبير‪ ،‬وعلى آلية قيادة مكلفة بتتبع تنفيذ التدابير المتخذة والتنسيق بين مختلف الفاعلين‪ ،‬األمر الذي يُؤ ِّشر على‬
‫‪.‬وجود إرادة الستعادة الدولة لزمام المبادرة في قيادة السياسات االجتماعية‬
‫يتميز القانون اإلطار كذلك ببعد‪ o‬أولوي واضح بالتنصيص على تنفيذه تدريجيا ضمن أجندة زمنية تمتد‪ o‬طيلة خمس سنوات في أفق ‪،2025‬‬
‫بحيث ُمنحت األسبقية لتعميم نظام التأمين اإلجباري عن المرض ليشمل ‪ 22‬مليون مستفيدا إضافيا على فترات متعاقبة بدءا من هذه السنة‪،‬‬
‫والبالغ عددهم ‪ 800‬ألف تاجر )‪ (CPU‬حيث تم ‪-‬بموجب قانون المالية لسنة ‪ -2021‬إدماج الفئات الخاضعة للمساهمة المهنية الموحدة‬
‫وصانع‪ ،‬على أن يتم دمج ‪ 1.2‬مليون من الفالحين و‪ 500‬ألف صانع تقليدي و‪ 220‬ألفا من حرفيي النقل و‪ 80‬ألفا من أصحاب المهن الحرة‪،‬‬
‫على أن يتم في سنة ‪ 2022‬اإلدماج الكلي للفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية البالغ عددهم ‪ 11‬مليونا‬
‫بخصوص تعميم نظام التعويضات العائلية تم تخصيص ‪ 14.5‬مليار درهم لتغطية المخاطر المرتبطة بالطفولة في أفق ‪ ،2024‬أما الحزام‬
‫الثالث للحماية فيشمل توسيع االستفادة من الحق في التقاعد ليشمل العمال المهنيين‪ o‬وأصحاب المهن الحرة وفق مقاربة جديدة يراهن عليها في‬
‫إدماج خمسة ماليين من الساكنة النشيطة في منظومة التقاعد في أفق ‪ .2025‬وضمن نفس األفق يندرج تعميم االستفادة من التعويض عن فقدان‬
‫الشغل بالنسبة لكل شخص يتوفر على عمل قار‪ ،‬في أفق تجاوز الوضعية السابقة‪ ،‬حيث انحصر عدد المستفيدين من نظام التعويض عن فقدان‬
‫الشغل في ‪ 74‬ألفا خالل الفترة ‪ ، ]12[2020-2016‬وذلك بحكم الشروط المعقدة التي فرضها الظهير المنظم للضمان االجتماعي الذي حصر‬
‫‪ .‬خدمة التعويض عن الشغل في حاالت ضيقة ووفق شروط تعجيزية تجعل االستفادة من هذه الخدمة ضربا من المستحيل[‪]13‬‬
‫تبلغ التكلفة السنوية لتعميم االستفادة من أنظمة الحماية االجتماعية ‪ 51‬مليار درهم‪ ،‬موزعة بين ‪ 28‬مليار درهم تتأتى من آلية االشتراك بالنسبة‬
‫لألشخاص الذين تتوفر لديهم القدرة على المساهمة‪ ،‬و‪ 23‬مليار درهم سيتم تحصيلها في إطار تضامني بالنسبة لألشخاص الذين ال تتوفر لديهم‬
‫هذه القدرة[‪ ،]14‬وهو ما يعني أن حوالي ‪ 45%‬من الوعاء المالي لورش تعميم الحماية االجتماعية سيتأتَّى من مصادر تضامنية‪ ،‬وستطرح‬
‫طبيعة هذا التمويل تداعيات عديدة حول استدامة اإلطار المالي ألنظمة الحماية االجتماعية‪ ،‬وحول اآلفاق المستقبلية لموقع الدولة في تدبير‬
‫‪.‬السياسات االجتماعية‬
‫‪ ‬‬

‫كيف سيتم تدبير وتمويل برنامج الحماية االجتماعية الجديد؟‪3.    ‬‬


‫بالرغم من اإلرادة السياسية التي عبر عنها القانون اإلطار ثمة عدة مؤشرات توحي بتعميق سياسات التخلي‪ ،‬من خالل توسيع مجاالت التمويل‬
‫التضامني لمنظومة الحماية االجتماعية مقابل تفكيك صندوق المقاصة‪ ،‬كما أن وضع السجل االجتماعي الموحد قد يُش ِّكل إطارا مرنا لتجاوز‬
‫فكرة الدولة االجتماعية‪ ،‬بحيث سيتم حصر الدعم العمومي ضمن تدابير “تقنوية” قد ينجم عنها تضييق عدد المستفيدين‪ o‬من البرامج‬
‫‪.‬االجتماعية‬
‫ستطرح المزاوجة بين نظامي االشتراك والتضامن إشكاالت عديدة عند التطبيق‪ ،‬ففي غياب أرضية معيارية صلبة لتحديد‪ o‬مؤشرات الفقر فإن‬
‫التمويل الجبائي للسياسات االجتماعية سيفقد مغزاه وقد يؤدي إلى عكس مبتغاه‪ .‬ونشير على سبيل المثال إلى فرض الحكومة بموجب قانون‬
‫المالية لسنة ‪  ]15[2021‬لمساهمة اجتماعية على األرباح والدخل على كل موظف أو أجير يساوي أو يفوق أجره الشهري ‪ 20‬ألف درهم‬
‫شهريا ً في حدود‪   %1,5‬من األجر الصافي‪ ،‬وقد كان مشروع القانون يذهب في اتجاه فرض هذه المساهمة على كل من يفوق أجره ‪ 10‬ألف‬
‫درهم قبل تعديله بعد موجة من االنتقادات داخل وخارج البرلمان‪ ،‬مما يوحي بغياب تصور مندمج لمبررات ومآالت التمويل التضامني للحماية‬
‫‪.‬االجتماعية‬
‫من المهم أن يكون تمويل تدابير الحماية االجتماعية مدمجا ضمن منظور متكامل للعدالة االجتماعية‪ ،‬بدل أن يظل حبيس نظرة تجزيئية قد‬
‫تسهم في حماية فئات مقابل إفقار أخرى‪ ،‬أو مشجبا لتبرير انسحاب الدولة من المجال االجتماعي‪ ،‬وتكريس سياسات التخلي عبر مدخل إصالح‬
‫صندوق المقاصة[‪  ]16‬من دون إجراءات مصاحبة‪ .‬حيث تعتزم الحكومة توجيه تكاليف صندوق المقاصة نحو آليات مندمجة للحماية‬
‫االجتماعية والسجل االجتماعي الموحد وبشكل خاص لتمويل تكاليف الصحة[‪ ،]17‬وهو ما يعني تخصيص الموارد الناتجة عن السحب‬
‫‪.‬التدريجي لدعم الدولة للمواد الغذائية والطاقية لتمويل تدابير الحماية االجتماعية‪ ،‬مما يعني اإلنهاء التدريجي لصندوق المقاصة‬
‫ولعل هذا ما يفسر دعم البنك الدولي لهذا اإلصالح‪ ،‬حيث التزم بتخصيص ‪ 400‬مليون دوالر لدعم الحكومة في القيام باإلصالحات “المنهجية”‬
‫لنظام الحماية االجتماعية‪ ،‬عبر وضع السجل الوطني للسكان والسجل االجتماعي الموحد وإرساء الوكالة الوطنية للسجالت‪ ،]18[ ‬وهو ما‬
‫يطرح توجسات حول اآلثار الجانبية لهذا المشروع في ضوء مآالت بعض التجارب التي واكبها البنك الدولي‪ ،‬باتخاذ تعميم الحماية االجتماعية‬
‫كمدخل ناعم لتوجيه الميزانية العامة لخدمة شروط االستدانة على حساب األولويات االجتماعية كما حصل في المكسيك‪ ،‬وهو ما بدأت بعض‬
‫تطبيقاته تظهر في التجربة المغربية‪ ،‬في ظل ضعف إعمال التدابير المواكبة للحيلولة دون إضرار بعض اإلصالحات بالقدرة الشرائية‬
‫للمواطنين‪ ،‬كما هو الحال مع برنامج “تيسير” الذي تُغطى ميزانيته من الموارد الناجمة عن حذف دعم المواد الغذائية والطاقية‪ ،‬مما يجعله ال‬
‫‪ .‬يخدم فقط توسيع تغطية الحماية االجتماعية بكل البالد بل إن نتائجه قد تخدم في المقام األول تحقيق توازن الميزانية[‪]19‬‬
‫‪ ‬‬

‫السجل االجتماعي الموحد أداة لالستهداف أم لتقليص الدور االجتماعي للدولة؟‪4.    ‬‬


‫إن التقليص التدريجي للدعم العمومي للمواد األساسية يندرج ضمن تحجيم الدور التدخلي للدولة‪ ،‬وفق منهجية جديدة لالستهداف تتوخى تقليص‬
‫الموارد المرصودة للسياسات االجتماعية‪ ،‬استنادا على السجل االجتماعي الموحد[‪ ]20‬كأداة لتحقيق استهداف أكثر فعالية للفئات االجتماعية‬
‫المستحقة للدعم[‪ ، ]21‬حيث ستسهر الوكالة الوطنية للسجالت على المعالجة اإللكترونية للمعطيات المتعلقة باألسر‪ ،‬وتنقيط هذه األخيرة وفقا‬
‫لمؤشرات اقتصادية واجتماعية تقيس مستوى العيش‪ ،‬ومن ثم إعداد القوائم اإلسمية لألسر متضمنة نتائج التنقيط الخاصة بكل أسرة وكذا‬
‫‪.‬المعطيات المتعلقة بها من أجل االستفادة من برامج الدعم االجتماعي على أساس العتبة المحددة لكل برنامج‬
‫وعلى الرغم من ارتباط عمليات الدعم والحماية االجتماعية بإحداث السجل االجتماعي الموحد‪ ،‬فإن إرساءه بشكل كامل لن يتحقق إال في سنة‬
‫‪ ،2025‬بحيث لم تُ صدر الحكومة إلى حدود اآلن المراسيم المحددة لكيفيات التقييد في السجل والصيغ الحسابية لتحديد شروط االستفادة من‬
‫برامج الدعم‪ ،‬ناهيك عن التأخر الحاصل في وضع النظام المعلوماتي الخاص بتدبير قواعد البيانات االجتماعية والجاري إعداده منذ ‪2018‬‬
‫بالشراكة مع المعهد الدولي لتكنولوجيا المعلومات في إطار نقل التجربة الهندية‪ ،‬على الرغم من كون هذه األخيرة لم تتمكن‪ o‬من تعميم النظام‬
‫ناهيك عن االختالالت التي ال زالت تشوبه‪ ،‬حيث أفضت عمليات التصفية إلى حرمان فئات ‪” (Aadhaar)[22]،‬العام للتعريف “أدهار‬
‫‪ .‬واسعة من المواطنين من التمتع بالحقوق االجتماعية وبالخدمات المجانية المكفولة بموجب الدستور[‪]23‬‬
‫إضافة إلى مخاطر االستهداف غير الدقيق‪ ،‬ثمة منزلقات أخرى تتصل ببناء قواعد بيانات غير قادرة على اإلحاطة بالوضعية االقتصادية‬
‫واالجتماعية لفئات عريضة تشتغل في االقتصاد غير الرسمي‪ ،‬والتي تناهز بحسب تقديرات منظمة العمل الدولية ‪ 60%‬من مجموع القوى‬
‫العاملة[‪ ، ]24‬بمعنى أن عمليات التنقيط ستكون شبه مستحيلة بالنسبة لقطاعات االقتصاد غير المهيكل في غياب شواهد العمل واألداء التي‬
‫تثبت وضعية رب األسرة‪ ،‬كما أن استمرار أنشطة غير ُمهي َكلة ال يسمح بمعرفة حقيقة الوضع االقتصادي واالجتماعي للبالد‪ ،‬وهو ما يحتم‬
‫وضع تدابير تفصيلية إلدماج هذا القطاع في االقتصاد الوطني كمنح بطاقات مهنية تسمح للعاملين به من الولوج إلى التكوين المهني وإلى‬
‫‪.‬بعض الطلبيات العمومية والتسهيالت الجبائية‪ ،‬مقابل توسيع االستفادة من أنظمة الحماية االجتماعية[‪]25‬‬
‫‪ ‬‬

‫خاتمة‬
‫مقابل المكاسب اآلنية المتوقع مراكمتها خالل خمس سنوات المقبلة‪ ،‬يطرح ورش تعميم الحماية االجتماعية تأثيرات بعيدة‪ o‬المدى على موقع‬
‫الدولة في وضع السياسات االجتماعية‪ .‬فمن خالل فرض “تضامن قسري” ستقوم الدولة برفع يدها عن دعم المواد والخدمات العمومية عبر‬
‫تفكيك تدريجي لصندوق المقاصة الذي طالما شكل التعبير األخير للدولة الراعية‪ ،‬وهو ما قد يهدد بتعميق‪ o‬الفجوة االجتماعية‪ ،‬ويسير في اتجاه‬
‫تكريس مدخل ناعما لسياسة التخلي‪ ،‬وهو مسعى ما فتئ يحظى بدعم الهيئات المانحة في سياق التأسيس ل”تقويم هيكلي سلس” وتمكين‬
‫‪.‬استراتيجي لمقاربة أقل ما يمكن من الدولة‬
‫إن التحديات الراهنة تُ ظهر مدى الحاجة إلى استعادة الوظيفة االجتماعية للدولة ضمن رؤية شمولية لنموذج “دولة الرعاية االجتماعية” التي‬
‫يجب أن تسعى إلى ضمان التوزيع العادل للثروة بكيفية تعالج التصحيح التلقائي لمظاهر التفاوت‪ ،‬واستئصال جذور الالحماية بدل االستمرار‬
‫في معالجة األعراض‪ .‬ومن هنا من المفيد وضع مقاربة مندمجة لتمكين‪ o‬المغرب من الوفاء بمتطلبات اإلطار المعياري العالمي وإعمال‬
‫المقتضيات الدستورية والتشريعية المتعلقة بالضمان والمساعدة االجتماعيين[‪ ،]26‬مع توجيه برامج الحماية االجتماعية نحو تحقيق التماسك‬
‫االجتماعي كشرط ضروري لتحقيق االستقرار السياسي والتنمية المندمجة‪ ،‬مع الوعي بمخاطر توظيف التمويل التضامني لتوسيع سياسات‬
‫التخلي ولفرض تحمل العبء على الطبقة المتوسطة‪ ،‬بشكل قد يخل بالتوازن المطلوب بين مختلف الشرائح االجتماعية‪ ،‬وما لذلك من تداعيات‬
‫‪”.‬قد يصعب التحكم فيها في ظل “عالم ما بعد كوفيد ‪19‬‬

‫ال وزير الصحة والحماية االجتماعية‪ ،‬السيد خالد آيت الطالب‪ ،‬إن مشروع القانون اإلطار رقم ‪ 06.22‬المتعلق بالمنظومة‬
‫‪".‬الصحية الوطنية يعتبر "فرصة تاريخية لبناء نظام صحي بشحنة إنسانية قوية‪ ،‬أكثر صالبة وانصافا‬

‫وأوضح الوزير لدى تقديمه اليوم األربعاء مضامين هذا النص أمام لجنة التعليم والشؤون الثقافية واالجتماعية بمجلس‬
‫المستشارين‪ ،‬أن األمر يتعلق بمشروع إصالحي مهيكل‪ ،‬و "ثورة في قطاع الصحة بالمغرب‪ ،‬بالنظر إلى كونه يشكل في‬
‫المقام األول‪ ،‬تجسيدا لإلرادة الملكية السامية الداعية في أكثر من محطة إلى القيام بإصالح جذري للمنظومة الصحية الوطنية‬
‫‪".‬وجعل إصالح قطاع الصحة من المبادرات المستعجلة التي يجب مباشرتها‬

‫وأبرز السيد آيت الطالب أن مشروع القانون اإلطار الذي تمت المصادقة عليه خالل المجلس الوزاري المنعقد يوم األربعاء‬
‫‪ 13‬يوليوز ‪ ، 2022‬برئاسة صاحب الجاللة الملك محمد السادس‪ ،‬يمثل أيضا ترجمة فعلية اللتزام السلطات الحكومية‬
‫المضمن في بنود قانون‪ -‬اإلطار رقم ‪ 21.09‬المعلق بالحماية االجتماعية الذي حدد األهداف األساسية لعمل الدولة في مجال‬
‫‪.‬الحماية االجتماعية‬

‫وأكد في هذا السياق‪ ،‬أن الغايات المتوخى تحقيقها بموجب هذا النص ستشكل‪ ،‬متى تم اإلسراع في مواكبتها من خالل‬
‫النصوص التشريعية والتنظيمية المتخذة لتطبيقها‪ ،‬إطارا متكامال وفعاال لتحقيق اإلصالح المنشود للمنظومة الصحية الوطنية‬
‫بما يضمن االعتناء بصحة المواطنات والمواطنين والرفع من مستوى نظام الر عاية الصحية‪ ،‬ويسهم ‪،‬بالت الي‪ ،‬في جعل‬
‫‪.‬الصحة رافعة أساسية لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية والبيئية‪ ،‬وركيزة أساسية في إنجاح ورش الحماية االجتماعية‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أفاد الوزير أنه يتم وضع اللمسات األخيرة على ‪ 11‬مرسوما و‪ 07‬قرارات ألجرأة اإلصالحات التي‬
‫تضمنها مشروع قانون اإلطار ‪ ،06.22‬باعتباره تكريسا للمسؤولية المشتركة والنهج التشاركي "الذي وحد توجه الدولة‬
‫والجماعات الترابية وباقي الفاعلين والشركاء االجتماعيين لالنخراط الجماعي والمسؤول في جعل المنظومة الصحية الوطنية‬
‫‪".‬تستجيب‪ ،‬على نحو أمثل‪ ،‬لمختلف الت حديات بهدف ضمان إنجاح األوراش الكبرى التي انخرط فيها المغرب‬
‫كما سجل السيد آيت الطالب أن مشروع القانون اإلطار هو خطوة سترفع منسوب الثقة والمصداقية في المنظومة الوطنية‬
‫الصحية "التي تشهد اليوم‪ ،‬رغم إكراهات الظرفية وأوجه القصور والن واقص التي اعترتها على مدى الس نوات الماضية‪،‬‬
‫دينامية كبيرة لتقوية قدراتها على التنظيم والصمود وبلوغ السيادة واألمن الصحيين‪ ،‬واطرادا في البناء وتوخي واستحضار‬
‫‪".‬مبادئ حسن التدبير والحكامة الجيدة واستباق رهانات التعميم واالستدامة لورش الحماية االجتماعية ببالدنا‬

‫وخلص إلى القول إن هذا المسعى سيعود بالنفع على جميع المرتفقين الذين سيشملهم نظام التأمين اإلجباري عن المرض في‬
‫أفق نهاية ‪ ، 2022‬عبر توفير وتقريب الخدمات الصحية وأنسنتها والرفع من جودتها‪ ،‬وكذلك على األطقم الصحية العاملة من‬
‫‪.‬خالل رد االعتبار إليها بصيانة مكتسباتها وتحسين أوضاعها المهنية واالجتماعية‬

‫ويرتكز مشروع هذا القانون‪-‬اإلطار ‪،‬الذي يروم وضع إطار قانوني لألهداف األساسية إلصالح المنظومة الصحية الوطنية‬
‫وإعادة هيكلتها‪ ،‬على أربع دعامات أساسية تهم "إرساء حكامة جديدة" و "تثمين الموارد البشرية"‪ ،‬وتأهيل العرض الصحي"و‬
‫‪"".‬رقمنة المنظومة الصحية‬
‫ومع ‪ 03‬غشت وأوضح وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬الناطق الرسمي باسم الحكومة‪،‬‬
‫السيد السعيد أمزازي‪ ،‬في بالغ تاله خالل لقاء صحافي عقب انعقاد مجلس الحكومة عبر تقنية المناظرة المرئية‪ ،‬برئاسة السيد سعد‬
‫الدين العثماني‪ ،‬أن وزير الصحة أبرز‪ ،‬في عرض قدمه حول ورش ِإصالح المنظومة الصحية الوطنية وتأهيليها‪ ،‬أن ذلك سيتم من‬
‫خالل إحداث هيئات التدبير والحكامة‪ ،‬المتمثلة في الهيئة العليا للتقنين المندمج للصحة‪ ،‬والوكاالت الجهوية للصحة‪ ،‬والمجموعات‬
‫‪.‬الصحية الترابية‬
‫وأشار وزير الصحة إلى أن من أهم معالم المشروع أيضا تثمين الموارد البشرية من خالل رفع المعيقات التي يفرضها القانون رقم‬
‫‪ 131.13‬على مزاولة األطباء األجانب بالمغرب‪ ،‬بسن قواعد جديدة تستند إلى مبدأ المساواة في المعاملة بين األطباء المغاربة‬
‫وزمالئهم األجانب‪ ،‬مبرزا أنه سيؤذن للطبيب األجنبي بمزاولة مهنته وفق نفس الشروط المطبقة على نظرائه المغاربة وعلى‬
‫‪.‬األطباء األجانب الذين يمارسون المهنة حاليا في المغرب‬
‫وقال إن مشروع اإلصالح يهم كذلك تعزيز االستثمار األجنبي وجلب الخبرات والكفاءات الطبية األجنبية‪ ،‬بما يضمن‪ ،‬من جهة‬
‫تطوير البنية التحتية الصحية وتوفير تجهيزات بيوطبية بجودة عالية‪ ،‬ومن جهة أخرى تحفيز الكفاءات الطبية المغربية المقيمة‬
‫بالخارج على العودة ألرض الوطن من أجل العمل به واالستقرار به بشكل دائم‪ ،‬الفتا إلى أنه سيتم أيضا‪ ،‬في نفس اإلطار‪ ،‬إحداث‬
‫وظيفة عمومية صحية تهدف إلى تثمين الرأسمال البشري للقطاع الصحي العمومي‪ o،‬ومالءمة تدبيره مع خصوصيات المهن‬
‫‪.‬الصحية‬
‫وأكد الوزير أن المشروع يستهدف أيضا تأهيل العرض الصحي‪ ،‬من خالل تدعيم البعد الجهوي‪ ،‬بأجرأة البرنامج الطبي الجهوي‪ ،‬‬
‫‪.‬وإقرار إلزامية احترام مسلك العالجات‪ ،‬مع العمل على تأهيل المؤسسات الصحية‬
‫ومن معالم المشروع‪ ،‬يضيف السيد آيت الطالب‪ ،‬إحداث نظام معلوماتي مندمج‪ ،‬يسمح بجمع ومعالجة واستغالل كل المعلومات‪ ‬‬
‫األساسية الخاصة بالمنظومة الصحية بما فيها القطاع الخاص‪ ،‬ويمكن من التتبع الدقيق للمريض وتحديد وتقييم مسار العالجات‬
‫‪.‬الخاص به‪ ،‬وذلك باالعتماد على الملف الطبي المشترك مع تحسين نظام الفوترة بالمؤسسات االستشفائية‬
‫وأبرز وزير الصحة‪ ،‬في بداية تقديمه للعرض‪ ،‬اإلطار العام لورش إصالح المنظومة الصحية‪ ،‬من خالل ثالث عناصر مرجعية؛‪ ‬‬
‫تتمثل في تنزيل التعليمات الملكية السامية الداعية إلى إعادة النظر‪ ،‬بشكل جذري‪ ،‬في المنظومة الوطنية للصحة‪ ،‬وجعل النهوض‬
‫بقطاع الصحة من األوراش الحيوية الكبرى‪ ،‬ومواكبة القانون‪-‬اإلطار رقم ‪ 09.21‬المتعلق بالحماية االجتماعية الذي نص على‬
‫‪.‬ضرورة إصالح المنظومة الصحية الوطنية وتأهيلها‬
‫وأضاف أن هذا اإلطار يشمل أيضا تشخيص أهم مظاهر محدودية المنظومة الصحية الحالية‪ ،‬والمتمثلة باألساس في تعاقب‪ ‬‬
‫مجموعة من اإلصالحات دون إحداث تغيير حقيقي في القطاع والنقص الحاد في الموارد البشرية وغياب التوازن الجهوي في‬
‫توزيعها‪ ،‬وعرض صحي غير متكافئ وال يستجيب لتطلعات المواطنين‪ ،‬وضعف حكامة المنظومة الصحية في غياب استقاللية‬
‫‪.‬المؤسسات الصحية‪ ،‬باإلضافة إلى محدودية تمويل القطاع‬
‫‪ ‬‬
‫‪2022‬‬

You might also like