You are on page 1of 4

‫النموذج التنموي الجديد‪ ..

‬منعطف جديد للحكم بالمغرب‬

‫رشيد الساري ‪ -‬محلل اقتصادي‬

‫العمق المغربي‬

‫أصبح جليا بأن المغرب سيقطع وبشكل صارم مع النظام التنموي‬


‫القديم وذلك من خلال خطابي العرش وثورة الملك والشعب واللذين‬
‫أكدا فيهما ملك البلاد على ضرورة إعتماد نموذج تنموي جديد وذلك‬
‫انطلاقا من إحداث لجنة سوف يوكل لها التفكير مليا في بلورة نموذج‬
‫تنموي جديد يعتمد على ثلاث أسس مهمة‪ :‬تقييمية‪ ،‬استشرافية‬
‫واستباقية وهي في نظرنا الخاص بمثابة خارطة طريق لإنجاح هذا‬
‫الأسلوب الجديد من تسيير البلاد‪.‬‬

‫ولعل التركيز على هذه النقط الثلاث ينم على أن المرحلة السابقة من‬
‫أسلوب التدبير للشأن المغربي بكل تجلياتها السلبية والإيجابية أضحت‬
‫متجاوزة ويجب خلق أسلوب جديد يمكن المغرب من تجاوز مجموعة من‬
‫التحديات والإكراهات‪.‬‬

‫النموذج التنموي الجديد والحاجة لنقد بناء للمرحلة السابقة‬


‫لن تكون حتما مهمة اللجنة المكلفة بإحداث نموذج تنموي جديد سهلة‬
‫خصوصا وأن مجموعة من القطاعات والبرامج والسياسات العامة عرفت‬
‫إما فشلا ذريعا أو تعثرا في التطبيق أو بطئا في التسيير‪.‬‬

‫وضعية التعليم بالمغرب أصبحت تساءلنا جميعا وترتيبنا على المستوى‬


‫الدولي وحتى العربي يحسسنا بالخجل فأين دور الدولة رغم الميزانيات‬
‫المعتمدة برسم قوانين المالية والتي وصلت سنة ‪ 2019‬إلى ‪ 62‬مليار‬
‫درهم‪ ،‬حتى المجلس الأعلى للتربية الذي يشرف عليه عمر عزيمان‬
‫وطاقمه التربوي عجز على إيجاد الوصفة السحرية الوصفة المثالية‬
‫للخروج من ورطة تدهور التعليم بالمغرب وأكتفى بإصدار تقارير دورية‬
‫منتقدة أين دور المدرس المتدمر من مناهج التعليم التي تتغير كل يوم‬
‫بدون حسيب أو رقيب‪ ،‬بل أين دور الأسرة في تربية الأجيال القادمة‪.‬‬

‫وإذا كنا بصدد الحديث اليوم بألم على ما آلت إليه المدرسة العمومية‬
‫بالمغرب فالأمر أكثر مرارة ونحن نتحدث عن قطاع الصحة الذي أصبح‬
‫يتدهور يوما بعد يوم‪ .‬دائما وفي إطار المرحلة التقييمية يجرنا التساؤل‬
‫الملح حول الجهوية المتقدمة التي لا تحمل من التقدم سوى الاسم‬
‫ولنتذكر خطاب الملك للثالث من شهر يناير سنة ‪ 2010‬ودعوته للمجلس‬
‫الاستشاري للجهوية المتقدمة أن تكون الجهوية المعتمدة بطابع مغربي‬
‫وليس باستنساخ لتجربة ما كالتجربة البريطانية التي سبق للراحل الحسن‬
‫الثاني أن طلب اعتمادها سنة ‪ 1984‬لكن المشروع آنذاك لم يعرف النور‪.‬‬

‫دستور ‪ 2011‬وفي أول فصل له يتطرق للجهوية المتقدمة التي بدأ‬


‫الشروع في تطبيق مقتضياتها مباشرة بعد الانتخابات الجماعية لسنة‬
‫‪ 2015‬بشكل محتشم حيث كان الهاجس الأكبر بين الأحزاب التي دخلت‬
‫السباق هو اقتسام كعكة المناصب دون نجاعة تذكر للأسف ولحدود‬
‫كتابة هذه السطور لا شيء تحقق سوى الأجهزة المسيرة والتي تعيبها‬
‫مجموعة من الاختلالات أهمها أن مجموعة من رؤساء الجهات يفتقدون‬
‫للكفاءة والفعالية في التسيير‪.‬‬

‫لا يمكن إغفال حجم الميزانية المخصصة لهذا المشروع في الحكم والتي‬
‫تتجاوز ‪ 9‬مليار درهم وربما تصل إلى ‪ 10‬مليار درهم في أفق سنة ‪2021‬‬
‫لكن للأسف دون فعالية في غياب كذلك حتى التصويت الكلي على‬
‫جميع القوانين التنظيمية‪.‬‬

‫المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في نسختها الثالثة ‪ 2023-2019‬والتي‬


‫تم خصصت لها ميزانية تقدر ب ‪ 43‬مليار درهم انطلاقاتها كانت شهر‬
‫أكتوبر ‪ 2018‬برئاسة فعلية للملك محمد السادس هذه النسخة تضمنت‬
‫برنامجين جديدين من أجل تأهيل وتكوين الكفاءات لولوج سوق الشغل‬
‫بكل يس ر كما أنه يشجع المقاولين الشباب على إنشاء المقاولات من خلال‬
‫الدعم الذي سوف يتم تقديمه‪ ،‬لكن للأسف الشديد هذه المبادرة‬
‫انطلقت بشكل جد محتشم ولا زالت تتخبط في كيفية العمل فهل هناك‬
‫انعدام للكفاءة لدى الطاقم المشرف أم أن الخلل يتعلق بأمور أخرى‬
‫يجهلها المواطن المغربي؟‬

‫نموذج تنموي وضرورة تغييرات جذرية‬


‫التغيرات الاجتماعية والمحيط الإقليمي العربي والإفريقي من جهة‬
‫والعالمي من جهة أخرى خصوصا الحرب الاقتصادية الشرسة بين‬
‫القطبين الأمريكي والصيني تداعياتها بشكل أو آخر سيكون لها التأثيرات‬
‫الكبيرة على الاقتصاد المغربي‪ ،‬لذلك فربما اللجنة المشرفة على‬
‫النموذج التنموي الجديد في إطار النضرة الاستشرافية للمستقبل مدعوة‬
‫لتغييرات مهمة لما لا لربما دستور ‪ 2011‬من المحتمل سيصبح متجاوزا‬
‫في إطار النموذج الجديد‪ ،‬خطاب الملك بمناسبة ثورة الملك والشعب‬
‫دعا لانخراط جميع فعاليات المجتمع المدني والهيئات السياسية والنقابية‬
‫في هذا الورش الوطني بل حتى القطاع الخاص من المقاولات مدعو‬
‫للمساهمة الفعالة لأنه لم يعد هناك مجال للخطأ أو التراجع‪.‬‬

‫التغييرات يجب أن تشمل حتى أسلوب العيش التفكير لدى المواطنين‬


‫المغاربة‪ ،‬يجب إحداث ترسانة من القوانين الزجرية للمفسدين دون تمييز‬
‫أو غض النظر أو استثناءات‪.‬‬

‫اللجنة المشرفة على النموذج التنموي الجديد وانتظارات‬


‫المغاربة‬
‫مما لا شك فيه أن اللجنة المكلفة من طرف الملك محمد السادس أمام‬
‫مهمة تاريخية كبيرة سوف تصل نتائجها الإيجابية للأجيال القادمة إن هي‬
‫قدمت مشروع عملي واضح المعالم وبسيط في التنفيذ‪ ،‬أعضاء اللجنة‬
‫ملزمين بالحيادية والموضوعية في تقييم الوضع الحالي ملزمين كذلك‬
‫بوضع مشروع وتوصيات التي لا تخضع لإملاءات عليا أو صغرى‪.‬‬
‫في الأخير نتمنى صادقين أن ينجح هذا الورش الجديد في تسيير البلاد‬
‫حتى يعيش المغاربة في جو بعيد عن الاحتقان الاجتماعي أو حالة من‬
‫اليأس‪ ،‬نموذج يجب أن يضمن كرامة المواطن المغربي أولا وأخيرا‪،‬‬
‫مواطن يحب العيش في بلده المغربي ولا يفكر في الهجرة للضفة‬
‫الأخرى‪.‬‬

You might also like