You are on page 1of 121

Conseil Economique, Social et Environnemental

‫تقرير المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

2013 4/ ‫�إحالة رقم‬

www.cese.ma
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫�إحالة رقم ‪/‬‬


‫‪2013 4‬‬
‫            وعلى الرغم من �إدراكنا لحجم المعيقات المرتبطة �أ�سا�سا بمحدودية‬
‫الإمكانيات المتاحة‪ ،‬في ظل التزايد المطرد لالنتظارات الم�شروعة للمواطنات‬
‫والمواطنين‪ ،‬ف�إننا على يقين‪� ،‬أن النقا�ش الوا�سع والبناء الذي نتوخاه من مناظرتكم‬
‫الهامة هاته‪ ،‬لكفيل بالم�ساهمة في تحقيق �إجماع عري�ض‪ ،‬حول تحديد التحديات‬
‫الكبرى‪ ،‬والأولويات ال�صحية الرئي�سية ‪،‬ف�ضال عن �إيجاد الإجابات الناجعة‪ ،‬ال�سيما‬
‫للإ�شكاالت المتعلقة بتفعيل الحق الد�ستوري في العالج والعناية‪ ،‬والتغطية ال�صحية‪،‬‬
‫والأمن ال�صحي‪ ،‬واعتماد حكامة �صحية جيدة‪ ،‬والنهو�ض بال�صحة النف�سية والعقلية‬
‫وبالو�ضعية ال�صحية للأ�شخا�ص ذوي االحتياجات الخا�صة وللم�سنين‪ ،‬وا�ستك�شاف‬
‫�أمثل ال�سبل لتوفير التمويالت ال�ضرورية‪ ،‬وطنيا ودوليا‪ ،‬وتطوير النظام التعا�ضدي‪،‬‬
‫والحد من الفوارق المجالية‪ ،‬من �أجل الولوج العادل للعالج‪.‬‬
‫جاللة الملك محمد ال�ساد�س‬

‫مقتطف من الر�سالة ال�سامية الموجهة �إلى الم�شاركين في المناظرة الوطنية الثانية لل�صحة‬
‫مراك�ش‪ ،‬فاتح يوليوز ‪2013‬‬
‫الإيداع القانوني ‪2013 MO 3290 :‬‬
‫ردمك ‪978-9954-9389-2-8 :‬‬
‫ردمد ‪2335-9242 :‬‬

‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬


‫مطبعة �سيباما‬
‫‪2013 4‬‬ ‫�إحالة رقم ‪/‬‬

‫بناء على القانون التنظيمي رقم‪ 60-09‬المتعلق بالمجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي؛‬ ‫•‬

‫ومعمم " �إلى‬


‫ا�ستنادا �إلى قرار مكتب المجل�س ب�إحالة مو�ضوع "الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬ ‫•‬
‫اللجنة الدائمة المكلفة بالق�ضايا االجتماعية والت�ضامن؛‬
‫ومعمم"‬
‫ا�ستنادا �إلى الم�صادقة بالإجماع على التقرير حول "الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬ ‫•‬
‫بتاريخ ‪� 26‬شتنبر ‪.2013‬‬

‫يقدم المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي تقريره‬

‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‬


‫ومعمم‬
‫نحو ولوج من�صف ّ‬

‫تم �إعداد التقرير من طرف‬


‫اللجنة الدائمة المكلفة بالق�ضايا االجتماعية والت�ضامن‬

‫رئي�س اللجنة ‪ .‬ال�سيدمحمد الخادري‬


‫المقررة الرئي�سية ‪ :‬ال�سيدة حكيمة حمي�ش‬
‫المقرر الثاني ‪ :‬ال�سيد جواد �شعيب‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪8‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الفهـــــــــــــر�س‬

‫‪13‬‬ ‫الإحـــــــالة‬
‫‪15‬‬ ‫ ‬ ‫مدخل‬
‫‪15‬‬ ‫‪ .1‬الحق في ال�صحة‪ :‬حق �إن�ساني �أ�سا�سي‬
‫ ‬
‫‪16‬‬ ‫اعتراف بحق في ال�صحةمن قبل المملكة المغربية‬ ‫‪.2‬‬
‫‪17‬‬ ‫التحول الديموغرافي والوبائي‬ ‫‪.3‬‬
‫‪17‬‬ ‫المحددات االجتماعية لل�صحة‬ ‫‪.4‬‬
‫‪18‬‬ ‫ال�صحة‪ :‬محرك �أ�سا�سي للتنمية االقت�صادية‬ ‫‪.5‬‬

‫‪19‬‬ ‫الق�سم الأول‪ .‬مفهوم العالجات ال�صحية الأ�سا�سية والتغطية ال�صحية‬


‫  ‪19‬‬ ‫‪ .1‬العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪/‬العالجات ال�صحية الأولية‬
‫‪19‬‬ ‫‪ .1.1‬العالجات ال�صحية الأولية ح�سب منظمة ال�صحة العالمية‬
‫‪20‬‬ ‫‪ .2.1‬العالجات ال�صحية الأ�سا�سية ح�سب وزارة ال�صحة‬
‫‪21‬‬ ‫   ‬ ‫‪ .2‬التغطية ال�صحية‬
‫‪23‬‬ ‫الق�سم الثاني‪ :‬خا�صيات عر�ض العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‬
‫‪23‬‬ ‫‪ .1‬تنظيم العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‬
‫      ‪23‬‬ ‫‪ .1.1‬قطاع عمومي مهيمن وتراتبي ومغلق على نف�سه‬
‫‪26‬‬ ‫‪ .2.1‬قطاع خا�ص ذو �أهداف مادية‪ ،‬في تطور قوي‬
‫‪28‬‬ ‫ ‬ ‫‪ .3.1‬القطاع التعا�ضدي‬
‫‪29‬‬ ‫‪ .4.1‬قطاع خا�ص ذو �أهداف غير مادية غير محاط ب�شكل جيد‬
‫‪30‬‬ ‫‪ .2‬الموارد الب�شرية والعالجات ال�صحية الأ�سا�سية‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .1.2‬نق�ص حاد في عدد المهنيين من �أطباء وممر�ضين‬
‫‪32‬‬ ‫‪� .2.2‬أوجه تفاوت كبيرة في توزيع المهنيين من �أطباء وممر�ضين‬
‫‪35‬‬ ‫‪ .3.2‬تكوين مهنيي ال�صحة لم يعد مالئما للحاجيات الآنية‬
‫‪9‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪37‬‬ ‫‪ .3‬الحكامة‬
‫‪37‬‬ ‫‪ .1.3‬نظام �صحي ممركز �إلى �أبعد الحدود‬
‫‪39‬‬ ‫‪ .2.3‬تعاون محدود بين القطاعات العمومية والقطاع الخا�ص والمجتمع المدني‬
‫‪40‬‬ ‫‪ .3.3‬المقاربة الجماعية‪ :‬تجربة متوا�ضعة لكن ينبغي تطويرها ‬
‫‪42‬‬ ‫ ‬
‫‪ .4.3‬ال�شراكة بين القطاعين العمومي والخا�ص‪� :‬آلية يتعين دعمها‬
‫‪44‬‬ ‫ ‬ ‫‪ .5.3‬الر�شوة وقد �أ�صبحت "�شيئا عاديا"‬
‫‪47‬‬ ‫الق�سم الثالث‪ :‬تقدير الولوج �إلى الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‬
‫‪47‬‬ ‫ ‬ ‫الولوج �إلى �شبكة م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‬ ‫‪.1‬‬
‫‪47‬‬ ‫ ‬ ‫‪ .1.1‬تفاوت كبير وغياب المالءمة والتكييف‬
‫‪48‬‬ ‫‪ .2.1‬الولوجية الجغرافية‪ :‬معاناة �ساكنة المناطق المعزولة في العالم القروي‬
‫‪49‬‬ ‫‪ .3.1‬الولوجيات الج�سمانية‪ :‬قانون لم يتم تفعيله‬
‫‪49‬‬ ‫   ‬ ‫‪ .4.1‬الولوجية االجتماعية‪-‬الثقافية‪ :‬الأمية تمثل عائقا‬
‫‪50‬‬ ‫‪ .5.1‬عالجات غير مر�ضية‬
‫‪ .6.1‬الولوجية االقت�صادية للعالجات ال�صحية الأ�سا�سية تبقى محدودة جدا‬
‫‪51‬‬ ‫  ‬ ‫بالن�سبة �إلى ال�ساكنة الفقيرة‬
‫‪51‬‬ ‫‪ .2‬ا�ستمرار �أوجه التفاوت في مجال الولوج �إلى الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‬
‫       ‪51‬‬ ‫�أوجه التفاوت المرتبطة بالنوعرة‬ ‫‪.1.2‬‬
‫�أوجه التفاوت في الولوج يعانيها المهاجرون من بلدان جنوب ال�صحراء‬ ‫‪.2.2‬‬
‫‪57‬‬ ‫الذين لي�ست لهم و�ضعية قانونية‬
‫‪58‬‬ ‫‪ .3‬الولوج �إلى الوقاية والتربية ال�صحيةرة‬
‫‪59‬‬ ‫   ‬ ‫‪ .1.3‬نجاح برامج الوقاية من �أغلب الأمرا�ض المنقولة‬
‫‪60‬‬ ‫‪� .2.3‬ضرورة تعزيز الوقاية من الأمرا�ض غير المنقولة‬
‫‪ .3.3‬العمل من �أجل الوقاية من الأمرا�ض غير المنقولة‬
‫‪60‬‬ ‫     ‬ ‫ي�ستدعي �آنيا �أخذ عدد من عوامل الخطر بعين االعتبار‬
‫‪62‬‬ ‫‪ .2.3‬ظروف عمل ال ي�أخذ �أثرها على ال�صحة بعين االعتبار‬

‫‪10‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫‪63‬‬ ‫‪ .4‬ولوجية الأدوية‬


‫‪64‬‬ ‫‪� .1.4‬أدوية ب�أ�سعار بالغة االرتفاع‬
‫‪68‬‬ ‫‪ .2.4‬نظام لتخزين وتوزيع الأدوية غير فعال‬
‫‪ .3.4‬تو�صيف الأدوية على م�ستوى م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‬
‫‪70‬‬ ‫وعقلنة ال منا�ص منها‬
‫‪71‬‬ ‫ ‬‫الق�سم الرابع‪ :‬الم�صاريف ال�صحية وتمويلها‬
‫‪71‬‬ ‫  ‬ ‫ ‬ ‫‪ .1‬الم�صاريف ال�صحية‬
‫  ‪71‬‬ ‫‪ .1.1‬الأ�سر هي التي تتحمل ب�صفة رئي�سة م�صاريف العالج ‬
‫‪72‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ .1.2‬م�صاريف الت�أمين ال�صحي الإجباري‬
‫‪73‬‬ ‫‪ .1.3‬م�صاريف وزارة ال�صحة في مجال العالجات ال�صحية الأ�سا�سية ‬
‫‪73‬‬ ‫ ‬ ‫‪ .2‬تمويل ال�صحة‬
‫‪73‬‬ ‫ ‬ ‫‪ .1.2‬مبادئ تمويل ال�صحة ‬
‫‪75‬‬ ‫ ‬ ‫‪ .2.1‬تمويل ال�صحة في المغرب‬
‫‪81‬‬ ‫الق�سم الخام�س‪ :‬تو�صيات‬
‫ ‬
‫‪87‬‬ ‫مالحق ‬
‫‪89‬‬ ‫الملحق ‪ :1‬منهجية العمل‬
‫‪93‬‬ ‫الملحق ‪ :2‬ك�شف بالم�صطلحات‬
‫   ‪97‬‬ ‫الملحق ‪ :3‬التنظيم والأرقام الهامة المتعلقة بالتغطية ال�صحية الأ�سا�سية‬
‫‪103‬‬ ‫الملحق ‪ :4‬الئحة �أع�ضاء اللجنة الدائمة المكلفة بالق�ضايا االجتماعية والت�ضامن‬
‫‪107‬‬ ‫الملحق ‪ :5‬الئحة مجموعة العمل المتخ�ص�صة المنبثقة عن اللجنة‬
‫الملحق ‪ :6‬الئحة الم�ؤ�س�سات والمنظمات والجمعيات والهي�آت التي تم الإ ن�صات �إليها      ‪111‬‬
‫‪115‬‬ ‫الملحق ‪ :7‬مراجع بيبليوغرافية‬

‫‪11‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪12‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الإحالة‬

‫تلقى المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي �إحالة من قبل رئي�س الحكومة بتاريخ ‪ 28‬نونبر ‪ ،2012‬ليتولى‬
‫المجل�س "تقييم الو�ضعية الحالية لولوج المواطنات والمواطنين للخدمات ال�صحية الأ�سا�سية بالو�سطين‬
‫الح�ضري والقروي ولمدى جودتها‪ ،‬وكلفتها و�سبل تمويلها‪ ،‬وبلورة اقتراحات عملية ب�ش�أنها من �أجل الو�صول‬
‫�إلى تغطية �شاملة نروم من ورائها تو�سيع نطاق التغطية ال�صحية ببالدنا‪".‬‬

‫‪13‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪14‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫مدخل‬

‫الحق في ال�صحة‪ :‬حق �إن�ساني �أ�سا�سي‬ ‫‪1‬‬

‫تع ِّرف منظمة ال�صحة العالمية ال�صحة ب�صفتها" حالة من اكتمال ال�سالمة بدنيا وعقليا واجتماعيا‪ ،‬ال مجرد‬
‫‪1‬‬
‫انعدام المر�ض �أو الإعاقة‪":‬‬
‫والحق في ال�صحة حق تعترف به العديد من المواثيق الدولية‪ ،‬وخ�صو�صا في د�ستور منظمة ال�صحة العالمية‪،‬‬
‫الذي ين�ص على �أن "التوفر على �أف�ضل حال �صحية يمكن للإن�سان بلوغها هو �أمر يعد من بين الحقوق‬
‫الأ�سا�سية لكل كائن ب�شري‪� ،‬أيا كان انتما�ؤه العرقي �أو الديني‪� ،‬أو �آرا�ؤه ال�سيا�سية �أو ظروفه االقت�صادية �أو‬
‫االجتماعية‪ ".‬و�أما الإعالن العالمي لحقوق الإن�سان فيذكر الحق في ال�صحة في مادته الخام�سة والع�شرين‪:‬‬
‫"لكل �شخ�ص الحق في م�ستوى من العي�ش كاف ل�ضمان ال�صحة والرفاه لنف�سه ولأ�سرته‪ ،‬وخ�صو�صا ما يتعلق‬
‫من ذلك بالتغذية والك�ساء وال�سكن والعالجات الطبية‪ ،‬وكذا ما يتعلق بالخدمات االجتماعية الأ�سا�سية‪".‬‬
‫ٍ‬
‫مقت�ضيات ملزمة‬ ‫و تت�ضمن المادة ‪ 12‬من العهد الدولي الخا�ص بالحقوق االقت�صادية واالجتماعية والثقافية‬
‫من الناحية القانونية‪ ،‬قابلة للتطبيق على كل الأ�شخا�ص في كل الدول التي �صادقت عليها‪ ،‬ومن بينها‬
‫المغرب‪ .‬كما �أن هناك �ضمانات �صحية �إ�ضافية‪ ،‬ترمي �إلى حماية الحق في ال�صحة للمجموعات المهم�شة‪،‬‬
‫تم التن�صي�ص عليها في االتفاقات الدولية الموجهة خ�صي�صا لمجموعات معينة‪.‬‬
‫غير �أن االعتراف بالحق في ال�صحة‪ ،‬كما هو قائم في المواثيق الدولية‪ ،‬لم يكف لتج�سيد هذا الحق تج�سيدا‬
‫فعليا‪ .‬ولئن كان قد تم تحقيق خطوات هامة في مجال ال�صحة على الم�ستوى العالمي خالل العقود الثالثة‬
‫المن�صرمة‪� ،‬إال �أن هذه الخطوات كانت �أقل �أهمية في البلدان ال�سائرة في طريق النمو منها في البلدان الأكثر‬
‫تقدما وغنى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Préambule à la Constitution de l'Organisation Mondiale de la Santé, 1946.‬‬

‫‪15‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫االعتراف بالحق في ال�صحة من قبل المملكة المغربية‬ ‫‪2‬‬

‫التزم المغرب بان�ضمامه �إلى �إعالن الألفية للأمم المتحدة بتبني ا�سترتيجيات تمكنه من بلوغ الأهداف‬
‫الثمانية من �أهداف الألفية للأمم المتحدة في �أفق ‪ ،2015‬ثالثة منها تتعلق بال�صحة‪ ،‬وهي الحد من‬
‫وفيات الأطفال‪ ،‬وتح�سين �صحة الأم‪ ،‬ومحاربة فيرو�س فقدان المناعة المكت�سب وحمى الم�ستنقعات‬
‫وغيرها من الأمرا�ض‪.‬‬
‫غير �أن المغرب لم يعترف �صراحة بالحق في ال�صحة �إال من خالل د�ستور يوليوز ‪ .2011‬فهذا الد�ستور‬
‫يعترف ب�سبعة حقوق ترتبط بال�صحة‪ ،‬هي الحق في الحياة (الف�صل ‪ )20‬الذي ي�شمل كذلك محاربة حاالت‬
‫الوفيات الممكن تفاديها‪ ،‬والحق في ال�سالمة وفي حماية ال�صحة (الف�صل ‪ ،)21‬والحق في العالج وفي‬
‫بيئة �سليمة وفي التغطية ال�صحية (الف�صل ‪ ،)31‬والحق في ال�صحة بالن�سبة للأ�شخا�ص والفئات من ذوي‬
‫االحتياجات الخا�صة (الف�صل ‪ ،)34‬والحق في الولوج �إلى عالجات ذات جودة وفي اال�ستمرارية في �أداء‬
‫الخدمات (الف�صل ‪.)154‬‬
‫كما �أ�شار �صاحب الجاللة الملك محمد ال�ساد�س‪ ،‬ن�صره اهلل‪ ،‬في عدد من الخطابات الملكية‪� ،‬إلى �ضرورة‬
‫تمكين المغاربة‪ ،‬وخ�صو�صا منهم الأكثر عوزا‪ ،‬من الولوج �إلى عالجات �صحية ذات جودة‪ .‬وقد �أكد �صاحب‬
‫الجاللة من جديد‪ ،‬في الر�سالة ال�سامية التي وجهها �إلى الم�شاركين في المناظرة الوطنية الثانية حول ال�صحة‬
‫المنعقد في مراك�ش من ‪� 1‬إلى ‪ 3‬يوليوز‪ ،‬الإرادة الملكية الرا�سخة في �إدراج �إنعا�ش قطاع ال�صحة �ضمن‬
‫الأورا�ش الكبرى الرئي�سية بالبالد‪.‬‬
‫وتنتظم اال�ستراتيجية القطاعية لل�صحة ‪ 2016-2012‬حول �سبعة محاور تتفرع �إلى ثمانية وع�شرين برنامج عمل‬
‫خا�ص‪ ،‬تتطرق جلها‪ ،‬ب�صفة غير مبا�شرة وبطريقة �أفقية‪� ،‬إلى مو�ضوع الولوج للخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‪ .‬ولقد‬
‫تم ح�صر المحور (الأول) ‪ ،‬المخ�ص�ص لم�س�ألة "تح�سين الولوج �إلى العالجات وتح�سين تنظيم المرافق"‬
‫‪2‬‬
‫في �سبعة ع�شر �إجراء‪� ،‬أربعة منها تهم الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‪.‬‬
‫و يحيل المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬في تقريره المعنون "من �أجل ميثاق اجتماعي‪:‬‬
‫معايير يتعين احترامها‪ ،‬و�أهداف يتعين التعاقد حولها"‪ ،‬المتبنى في ‪ 26‬نونبر ‪ ،2011‬على الحق في ال�صحة‬
‫الج�سمانية والعقلية‪ ،‬ويحدد ت�سعة �أهداف‪� ،‬أربعة منها تهم الر�أي الذي بين �أيدينا‪ ،‬هي تحقيق �إن�صاف �أكبر‬
‫في الولوج وفي نوعية البنيات والخدمات ال�صحية‪ ،‬وتح�سين �صحة الأم والطفل‪ ،‬وتح�سين الإطار الطبي‬
‫القانوني للإجها�ض‪ ،‬والتقييم والتح�سين الم�ستمر لل�سيا�سات الوطنية والجهوية للوقاية من الأمرا�ض الوبائية‬
‫والم�ستوطنة وعالجها والق�ضاء عليها‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Stratégie Sectorielle de Santé 2012-2016. Ministère de la Santé, 2012‬‬

‫‪16‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫التحول الديموغرافي والوبائي‬ ‫‪3‬‬

‫�شهدت الحالة ال�صحية للمغاربة‪ ،‬منذ بداية الثمانينات من القرن الما�ضي‪ ،‬تح�سنا منتظما ات�ضحت �آثاره في‬
‫انخفا�ض الخ�صوبة والوفيات‪ ،‬معلنة عن حدوث تحول ديموغرافي‪" .‬ف�شيخوخة ال�ساكنة تبدو ظاهرة ال �سبيل‬
‫�إلى تفاديها خالل العقود القادمة‪ ،‬حيث �ستتزايد �أعداد الأ�شخا�ص من �سن ‪� 60‬سنة فما فوق تزايدا منتظما‬
‫بوتيرة معدلها ‪ 3.4‬بالمائة ما بين ‪ 2012‬و‪ ،2050‬لينتقل تعدادهم من ‪ 2.9‬مليون �شخ�ص في ‪� 2012‬إلى ‪10.1‬‬
‫مليون في ‪ ،2050‬وهي ال�سنة التي من المتوقع �أن تمثل فيها هذه الفئة العمرية ما ن�سبته ‪ 24.5‬بالمائة من‬
‫مجموع ال�ساكنة‪ ،‬في حين لم تكن تمثل �سوى ‪ 6.3‬و‪ 8‬بالمائة على التوالي في ‪ 1960‬و‪ 3".2004‬و�إ�ضافة‬
‫�إلى ذلك ف�إن المغرب ي�شهد انتقاال وبائيا‪ ،‬مع انتقال الوفيات الناجمة عن الأمرا�ض المنقولة وعن الم�شاكل‬
‫‪4‬‬
‫التي ت�سبق الوالدة �أو تليها‪ ،‬نحو الأمرا�ض غير المنقولة والحوادث والإ�صابات‪.‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬يتعين على كل �سيا�سة وطنية لل�صحة �أن ت�أخذ بعين االعتبار ما طر�أ من تحوالت على هذين‬
‫الم�ستويين‪.‬‬

‫المحددات االجتماعية لل�صحة‬ ‫‪4‬‬

‫عملت العديد من الإ�صدارات على �إبراز �أوجه التفاعل بين ال�صحة والتنمية‪ 6 5 ،‬وبينت ا�ستحالة تحقيق‬
‫�أي تنمية من�سجمة في غياب تطور الخدمات ال�صحية‪ ،‬وال �أي تنمية م�ستدامة من دون منجزات ومكت�سبات‬
‫في المجال ال�صحي‪ ،‬ف�أهم �أ�سباب الأمرا�ض والإعاقات ترتبط بظواهر اجتماعية بقدر ارتباطها بفيرو�سات‬
‫�أو جراثيم طفيلية �أو ا�ستعداد جيني‪ .‬والو�ضعية االجتماعية‪-‬االقت�صادية للأفراد هي �أهم محدد لحالتهم‬
‫ال�صحية‪ .‬وبالتالي ف�إن الرفع من جودة التربية والتكوين ومحاربة الفقر وحماية البيئة‪ ،‬وخ�صو�صا الولوج �إلى‬
‫ماء ذي جودة‪ ،‬كلها عوامل تف�ضي لي�س فقط للتقدم االجتماعي‪ ،‬ولكن �أي�ضا لتح�سين �صحة الأفراد‪.‬‬
‫وتعود �أوجه التفاوت في مجال ال�صحة‪ ،‬في نظر منظمة ال�صحة العالمية‪� ،‬إلى ظروف عي�ش الأفراد وعملهم‬
‫و�شيخوختهم‪ ،‬و�أي�ضا �إلى الأنظمة العالجية التي ي�ستفيدون منها‪ .‬وهذه الظروف التي تتحكم في عي�ش‬
‫الأفراد وموتهم هي بدورها خا�ضعة لمجموعة من العوامل ال�سيا�سية واالقت�صادية واالجتماعية‪ .‬وقد �شكلت‬

‫‪3‬‬
‫‪Tableau de bord social. Direction des Etudes et des Prévisions Financières du ministère des Finances.‬‬
‫‪Août 2013‬‬
‫‪4‬‬
‫‪D.Bettcher. Transition épidémiologique et nouvelle santé publique. OMS, 2ème conférence nationale sur la‬‬
‫‪santé. Marrakech, Juillet 2013‬‬
‫‪Rapport sur le Développement Humain. PNUD, 2003 5‬‬
‫‪J.D SACHS. Investir dans la santé. Résumé des conclusions de la Commission Macroéconomie et Santé.OMS, 6‬‬
‫‪2004‬‬

‫‪17‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫منظمة ال�صحة العالمية في �سنة ‪ 2005‬لجنة المحددات االجتماعية لل�صحة‪ ،‬التي " تدعو المنظمة كما تدعو‬
‫كل الحكومات في مختلف البلدان �إلى �إيالء عناية خا�صة للمحددات االجتماعية لل�صحة‪ ،‬من �أجل �إقرار‬
‫الإن�صاف في مجال ال�صحة‪ .‬وتعتبر �أنه من ال�ضروري �أن تقوم الحكومات والمجتمع المدني ومنظمة ال�صحة‬
‫العالمية وغيرها من المنظمات العالمية بتوحيد جهودها للعمل من �أجل تح�سين حياة �ساكنة الكوكب‪".‬‬
‫وهناك عوامل متباينة �أ�شد التباين تتحكم في الولوج �إلى العالجات ال�صحية‪ ،‬كنوعية الخدمات المقدمة‪،‬‬
‫والمداخيل‪ ،‬وم�ستوى التربية والتعليم‪ ،‬والو�ضعية االجتماعية بوجه عام‪� ،‬إ�ضافة �إلى محددات مثل النوع‬
‫أوج ًها �أخرى كبيرة من التفاوت في ال�صحة‬
‫ومحل الإقامة‪ .‬و�أوجه التفاوت في توزيع موارد مجتمعنا تنتج � ُ‬
‫‪7‬‬
‫والوفيات بين المجموعات التي تتكون على �أ�سا�س تلك المحددات‪.‬‬

‫ال�صحة‪ :‬محرك �أ�سا�سي للتنمية االقت�صادية‬ ‫‪5‬‬

‫جاء تقرير لجنة الماكرو‪-‬اقت�صاد وال�صحة ال�صادر عن منظمة ال�صحة العالمية‪ ،‬الهادف �أ�سا�سا �إلى �إبراز الدور‬
‫الذي ت�ضطلع به ال�صحة في التنمية االقت�صادية العالمية‪ ،‬ليبين ب�شكل وا�ضح ب�أن تح�سين �صحة المعوزين‬
‫في كل �أنحاء العالم لي�س فح�سب هدفا ذا �أهمية‪ ،‬ولكنه �أي�ضا محرك رئي�سي للتنمية االقت�صادية ومحاربة‬
‫الفقر‪ .‬ومن ثمة ف�إن مجال ال�صحة يمثل رهانا اقت�صاديا و�سيا�سيا واجتماعيا كبيرا ال يمكن �أن ينح�صر تدبيره‬
‫‪8‬‬
‫في مجرد التدبير المحا�سبتي للم�صاريف ال�صحية‪.‬‬
‫و ترمي تو�صيات المجموعة اال�ست�شارية العليا لمنظمة ال�صحة العالمية حول الأزمة المالية العالمية (‪)2009‬‬
‫�إلى "الحيلولة دون تحول الأزمة االقت�صادية �إلى �أزمة اجتماعية و�صحية"‪ .‬ومن �ضمن ما يو�صي به هذا‬
‫التقرير " الحفاظ على النفقات المخ�ص�صة لل�صحة‪ ،‬وتح�سين فعالية ومردود الم�صاريف المخ�ص�صة لل�صحة‪،‬‬
‫مع مواكبة طلب المرافق العمومية الذي من المتوقع �أن يتزايد‪ ،‬و�أخذ حاجيات المجموعات اله�شة بعين‬
‫االعتبار‪ ،‬وتفعيل �إ�صالحات منظومة العالجات ال�صحية الأولية"‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪Les disparités dans l’accès aux soins de santé au Maroc. Etudes de cas. ONDH, 2010.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪.Rapport de la Commission Macroéconomie et Santé. OMS, 2002, mis à jour en 2004‬‬

‫‪18‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الق�سم الأول‪ :‬مفهوم العالجات ال�صحية الأ�سا�سية والتغطية ال�صحية‬

‫العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪/‬العالجات ال�صحية الأولية‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .1.1‬العالجات ال�صحية الأولية ح�سب منظمة ال�صحة العالمية‬

‫ُعرفت العالجات ال�صحية الأولية في م�ؤتمر �ألما �آتا المنعقد �سنة ‪ 1978‬بو�صفها عالجات �أ�سا�سية‬
‫(عالجية ووقائية وت�أهيلية) �أولية‪ .‬تعبر عن طموح �إلى تحقيق العدالة االجتماعية عن طريق �ضمان الولوج‬
‫العام للعالجات ال�صحية وتقديم " خدمات عالجية ووقائية وت�أهيلية"‪ ،9‬وهو التعريف الذي �أكدته منظمة‬
‫ال�صحة العالمية في تقريرها ال�سنوي بر�سم �سنة ‪.2008‬‬
‫وقد جاء تقرير منظمة ال�صحة العالمية حول ال�صحة في العالم‪ ،‬المخ�ص�ص للعالجات ال�صحية الأولية‪،‬‬
‫ليو�ضح �أكثر هذا االتعريف‪ ،‬حيث يقول‪" :‬العالجات ال�صحية الأولية عالجات �صحية �أ�سا�سية ي�ستفيد‬
‫منها الجميع �أفرادا و�أ�سرا داخل جماعاتهم‪ ،‬من خالل و�سائل مقبولة بالن�سبة �إليهم‪ ،‬وبكلفة ت�ستطيع‬
‫تحملها‪ .‬وهي جزء ال يتجز�أ‪� ،‬سواء من المنظومة ال�صحية الوطنية‪ ،‬التي تمثل تلك‬ ‫الجماعات والبالد ُّ‬
‫‪10‬‬
‫العالجات عمادها الأ�سا�سي‪� ،‬أم من التنمية االقت�صادية واالجتماعية العامة للجماعة‪".‬‬
‫وي�شير التقرير �إلى �أن "العولمة ت�ضع التما�سك االجتماعي في العديد من البلدان �أمام امتحان ع�سير‪،‬‬
‫و�أن المنظومات ال�صحية‪ ،‬التي تعد عن�صرا حا�سما في بناء المجتمعات المعا�صرة‪ ،‬ال ت�شتغل في ما يبدو‬
‫بال�شكل الجيد الذي ب�إمكانها‪ ،‬بل ومن المفرو�ض فيها �أن ت�شتغل به‪ .‬وال�ساكنة التي �أح�ست بالتهمي�ش‪،‬‬
‫بد�أ �صبرها ينفد �أمام عجز المرافق ال�صحية عن ت�أمين تغطية وطنية ت�ستجيب لطلبات محددة وللحاجيات‬
‫الجديدة‪ ،‬و�أمام انعدام التال�ؤم بين الخدمات التي تقدمها تلك المرافق وبين حاجياتها الحقيقية‪"...‬‬
‫وتو�صي منظمة ال�صحة العالمية في هذا التقرير بخ�صو�ص العالجات ال�صحية الأولية‪:‬‬
‫• •ب�أن تنبني على �أ�سا�س نتائج البحث الطبي في مجال ال�صحة العمومية؛‬
‫• •و�أن ت�ستهدف مبا�شرة الم�شاكل الرئي�سية لل�صحة العمومية للجماعة؛‬

‫‪9‬‬
‫‪Article VII de la déclaration d’Alma Ata sur les soins de santé primaires.‬‬
‫‪Rapport sur la santé dans le monde. Les Soins de Santé Primaires. Maintenant plus que jamais. OMS, 2008.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪19‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫• •و�أن ت�شمل التربية‪ ،‬والتلقيح‪ ،‬والولوج �إلى الماء ال�صالح لل�شرب‪ ،‬والتغذية‪ ،‬وحماية الأم والطفل‪،‬‬
‫والوقاية‪ ،‬والولوج �إلى العالجات الأ�سا�سية؛‬
‫• •و�أن ُت�شرك بالإ�ضافة �إلى قطاع ال�صحة كل القطاعات والميادين المرتبطة به في مجال التنمية الوطنية‬
‫والجماعية‪ ،‬وعلى الخ�صو�ص الفالحة‪ ،‬وتربية الما�شية‪ ،‬والإنتاج الغذائي‪ ،‬وال�صناعة‪ ،‬والتربية‪ ،‬وال�سكن‪،‬‬
‫والأ�شغال العمومية‪ ،‬والتوا�صل‪ ،‬مع �ضرورة مراعاة االن�سجام والتكامل بين كل هذه العنا�صر؛‬
‫• •و�أن ت�شمل م�شاركة الأفراد المعنيين والمجموعات المعنية في تخطيطِ العالجات ال�صحية الأولية‬
‫وتنظيمها وا�شتغالها ومراقبتها؛‬
‫• •و�أن تندمج في منظومات للولوج �إلى العالجات المفتوحة للجميع‪ ،‬والتي تعطي الأولوية لل�ساكنة الأكثر‬
‫عوزا؛‬
‫• •و�أن ت�ستدعي تدخل مهنيي ال�صحة‪ ،‬من �أطباء وممر�ضين وقابالت وم�ساعدين و�أعوان جماعيين‪،‬‬
‫ح�سب الحالة‪ ،‬وكذا عند االقت�ضاء المعالجين التقليديين‪ ،‬الم�شتغلين في تن�سيق مع الحاجيات‬
‫ال�صحية المعبر عنها من قبل الجماعة‪ ،‬وفي �إطار العمل على اال�ستجابة لتلك الحاجيات‪.‬‬
‫‪ .2.1‬العالجات ال�صحية الأ�سا�سية ح�سب وزارة ال�صحة‬
‫"عرفت العالجات ال�صحية الأولية في المغرب تحت �إ�سم العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ .‬وقد كان‬ ‫ُ‬
‫تبني تعريف العالجات الأ�سا�سية عو�ض العالجات الأولية مق�صودا‪ ،‬والغاية منه جعل ال�سيا�سيين‬
‫يتقبلون المفهوم‪ ،‬تخوفاً مما قد تثيره لفظة "�أولية" في الذهن من ت�أويالت تذهب بها �إلى معاني من قبيل‬
‫‪11‬‬
‫"البدائية" و"المتخلفة‪".‬‬
‫(و) تعتمد وزارة ال�صحة على تعريف منظمة ال�صحة العالمية لمفهوم "العالجات ال�صحية الأولية" كما‬
‫هي معرفة في �إعالن �ألما �أتا‪ ،‬الذي ان�ضمت �إليه في ‪ .1978‬وت�شمل هذه العالجات‪:‬‬
‫• •التربية ال�صحية؛‬
‫• •حماية الأم والطفل‪ ،‬بما في ذلك التخطيط العائلي؛‬
‫• •الحث على توفير ظروف جيدة للغذاء والتغذية؛‬
‫• •التلقيح �ضد الأمرا�ض المعدية؛‬
‫• •الوقاية من الأوبئة المحلية والتحكم فيها؛‬
‫• •عالج الأمرا�ض والإ�صابات العادية؛‬
‫• •توفير الأدوية الأ�سا�سية‪.‬‬

‫‪M Laaziri. Revue du développement de la stratégie des soins de santé primaires et de l’objectif 11‬‬
‫‪S«Santé Pour Tous d’ici l’an 2000 » au Maroc. OMS, 2007.‬‬

‫‪20‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫و"تتمثل مهمة العالجات ال�صحية الأ�سا�سية في توفير عالجات وخدمات من�صفة وذات جودة‪ ،‬من‬
‫�أجل اال�ستجابة للحاجيات الأ�سا�سية في مجال ال�صحة لجماعة محددة على �أ�سا�س جغرافي‪( ".‬جل�سة‬
‫اال�ستماع مع وزير ال�صحة)‪.‬‬
‫وتمثل �شبكة م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬التي �أن�شئت �أ�سا�سا لخدمة ال�شروط ال�صحية‬
‫لل�ساكنة‪ ،‬المنطلق الفعلي الإجرائي لكل عمل �صحي‪ .‬وهي تمثل �أول واجهة تفاعلية بين ال�ساكنة‬
‫والمنظومة العالجية‪ .‬ومن خالل هذه ال�شبكة تتطور ا�ستراتيجية تغطية ال�ساكنة وا�ستفادتها من الخدمات‬
‫ال�صحية الأ�سا�سية (التربية ال�صحية‪ ،‬والوقاية‪ ،‬والعالجات الأ�سا�سية)‪ 12.‬والمركز ال�صحي هو الذي تقدم‬
‫فيه العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪.‬‬

‫التغطية ال�صحية‬ ‫‪2‬‬

‫ومع تزايد الطلب في مختلف بلدان العالم على العالجات المزمنة المرتبطة في ق�سم منها ب�شيخوخة ال�ساكنة‪،‬‬
‫التزمت الدول الأع�ضاء في منظمة ال�صحة العالمية في ‪ 2005‬بتطوير �أنظمتها الخا�صة بتمويل ال�صحة‪ ،‬كي‬
‫ي�ستطيع الجميع الولوج �إلى الخدمات ال�صحية‪ ،‬دون �أن يجدوا �أي �صعوبة عند �أداء ثمن تلك الخدمات‪.‬‬
‫وقد تم اختيار م�صطلح التغطية ال�شاملة للإحالة على هذا الهدف‪ ،‬وي�شار �إليه �أحيانا با�سم "التغطية ال�صحية‬
‫ال�شاملة"‪.‬‬
‫وقد خ�ص�صت منظمة ال�صحة العالمية تقريرها حول ال�صحة في العالم في ‪ ،2010‬لم�س�ألة "تمويل الأنظمة‬
‫ال�صحية‪ .‬الطريق �إلى تغطية �شاملة"‪ .‬وتعر�ض المنظمة في هذا التقرير الخطوط العري�ضة للطريقة التي ينبغي‬
‫للبلدان �أن تغير وفقها �أنظمتها التمويلية‪ ،‬من �أجل التقدم ب�سرعة �أكبر �صوب تغطية �شاملة‪ ،‬والحفاظ بعد ذلك‬
‫‪13‬‬
‫على هذه الإنجازات‪.‬‬
‫ومنذ حوالي عقد من الزمن‪ ،‬تبين من خالل تجارب العديد من البلدان ذات الدخل المتو�سط �أو ال�ضعيف �أن‬
‫االقتراب من و�ضعية التغطية ال�شاملة لي�س حكرا على البلدان ذات الدخل المرتفع‪ ،‬ذلك �أن بلدانا مثل البرازيل‬
‫و�شيلي وال�صين والمك�سيك ورواندا وتايلنديا قد خطت خطوات هامة نحو التغطية ال�صحية ال�شاملة‪.‬‬
‫ولنذكر ب�أن المغرب انخرط‪ ،‬منذ ‪ ،2002‬في �إ�صالح يرمي �إلى التزود بمنظومة للتغطية ال�صحية الأ�سا�سية‪.‬‬
‫هذا الإ�صالح‪ ،‬الذي �أتاح و�ضع نظام الت�أمين ال�صحي الإجباري ونظام الم�ساعدة الطبية‪ ،‬يقوم بالأ�سا�س على‬
‫القانون رقم ‪ ،00-65‬المتعلق ب�سن قانون التغطية ال�صحية الأ�سا�سية‪.‬‬

‫‪L'Offre de soins au Maroc. Ministère de la Santé, 2007.‬‬ ‫‪12‬‬


‫‪Rapport sur la santé dans le monde : le financement des systèmes de santé, le chemin vers une‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪couverture médicale universelle. OMS, 2010.‬‬

‫‪21‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪22‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الق�سم الثاني‪ :‬خا�صيات عر�ض العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‬

‫تنظيم العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‬ ‫‪1‬‬

‫ح�سب تعريف منظمة ال�صحة العالمية‪ ،‬ف�إن منظومة العالجات هي "مجموع الم�ؤ�س�سات والأ�شخا�ص‬
‫والموارد التي ت�ساهم في تقديم العالجات ال�صحية" ‪ .14‬وهي تمثل مع الت�أمين على المر�ض �أهم عن�صرين‬
‫في المنظومة ال�صحية‪.‬‬
‫و يعتمد تنظيم منظومة العالجات بالأ�سا�س على ثالثة قطاعات‪ :‬قطاع عمومي وقطاع خا�ص ذو هدف ربحي‬
‫وقطاع خا�ص ذو هدف غير ربحي‪.‬‬
‫ويمكن على وجه العموم تمييز ثالثة نماذج لتنظيم العالجات ال�صحية الأولية في البلدان المتقدمة ‪:15‬‬
‫• •النموذج المعياري التراتبي‪ ،‬وهو ينتظم حول العالجات ال�صحية الأولية‪ ،‬وتنظمه الدولة (�إ�سبانيا‪/‬‬
‫كاتالونيا‪ ،‬فنلندا‪ ،‬ال�سويد)؛‬
‫• •النموذج المهني غير التراتبي‪ ،‬الذي يقوم فيه تنظيم العالجات ال�صحية الأولية على �أ�سا�س االختيار‬
‫الحر للمري�ض (�ألمانيا‪ ،‬كندا‪ ،‬فرن�سا)؛‬
‫• •النموذج المهني التراتبي‪ ،‬الذي يكون فيه طبيب الطب العام هو محور المنظومة (المملكة المتحدة‪،‬‬
‫هولندا‪� ،‬أ�ستراليا‪ ،‬نيوزيلندا)‪ ،‬وهو المدخل �إلى م�سلك العالجات‪.‬‬
‫�أما النموذج المغربي فهو عبارة عن مزيج بين النموذجين الأولين‪ ،‬مع هيمنة لتنظيم الدولة للقطاع العمومي‪.‬‬
‫والنموذج المتبع في القطاع العمومي تراتبي‪ ،‬لكنه لي�س معياريا بالفعل‪� .‬أما النموذج المتبع في القطاع‬
‫الخا�ص فهو مهني وغير تراتبي وغير منظم من قبل الدولة‪.‬‬
‫‪ .1.1‬قطاع عمومي مهيمن وتراتبي ومغلق على نف�سه‬
‫تتميز منظومة العالجات في المغرب بهيمنة القطاع العمومي‪ .‬فالدولة تقع في قلب المنظومة ال�صحية‪،‬‬
‫جامعة بذلك بذلك بين وظائف التمويل وتوفير الموارد وتقديم العالجات والإدارة العامة‪� .‬أما القطاع‬
‫ق�صى تماما من هذا التنظيم‪.‬‬
‫الخا�ص فهو ُم ً‬

‫‪14‬‬
‫‪Les systèmes de santé: des soins intégrés fondés sur des principes. OMS, 2003.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪Soins de santé primaires : les pratiques professionnelles en France et à l’étranger. IRDES, 2012.‬‬

‫‪23‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫وتخ�ضع منظومة العالجات التابعة لوزارة ال�صحة لتراتبية هرمية تمثل فيها بنيات العالجات ال�صحية‬
‫وتقدم‬
‫الأ�سا�سية (�أي المراكز ال�صحية الح�ضرية والقروية) �أول م�ستوى يلج�أ �إليه المر�ضى بغاية التوجيه‪َّ .‬‬
‫فيها عالجات وقائية وخدمات تقوم على التوعية ال�صحية وعلى العالجات الأ�سا�سية‪ .‬وتعتبر �شبكة‬
‫العالجات ال�صحية الأ�سا�سية بمثابة القاعدة الفعلية للعمل ال�صحي كله ‪� 16‬أما الم�ستويات الأخرى‬
‫فتتكون من المراكز اال�ست�شفائية الإقليمية والجهوية‪ ،‬والمراكز اال�ست�شفائية الجامعية‪.‬‬
‫والمالحظ �أن �شبكة العالجات ال�صحية الأ�سا�سية منف�صلة انف�صاال تاما عن ال�شبكة اال�ست�شفائية‪ ،‬وهي‬
‫تابعة في كل �إقليم‪/‬والية لم�صلحة البنيات التحتية والأعمال المتنقلة الإقليمية‪ .‬وتتكون هته ال�شبكة من‬
‫‪ 2689‬من�ش�أة �صحية �أ�سا�سية توجد ‪ 72‬بالمائة منها في العالم القروي‪( :‬جل�سة اال�ستماع مع وزير ال�صحة)‪.‬‬
‫ولم يتم لحد الآن تفعيل القانون الإطار رقم ‪ ،34-09‬المتعلق بالمنظومة ال�صحية والعر�ض العالجي‪،‬‬
‫ال�صادر في ‪ ،2011‬والذي يحدد �إطارا تنظيميا لتخطيط العر�ض العالجي وتنظيم المنظومة ال�صحية ح�سب‬
‫خريطة �صحية وطنية‪ .‬ومن �ش�أن تفعيل هذا القانون �أن يغير الر�ؤية المتحكمة في مجال التغطية ال�صحية‪،‬‬
‫تلك الر�ؤية التي �أف�ضت �إلى �إن�شاء م�ؤ�س�سات للعالجات ال�صحية الأ�سا�سية في كل الجماعات القروية‬
‫تقريبا‪ ،‬دون �أي اعتبار للنق�ص في مجال الموارد الب�شرية والمالية‪.‬ولقد نجم عن ت�أخير تفعيل هذا القانون‬
‫الإطار �إلى عدم قدرة وزارة ال�صحة على ت�شغيل ‪ 143‬من�ش�أة �صحية �أ�سا�سية مبنية ا�ستكمل بنا�ؤها لكنها‬
‫مغلقة لعدم توفر الموارد الب�شرية الكافية‪.‬‬
‫ِ‬
‫وممر�ضون رئي�سيون‪ ،‬توكل �إليهم‬ ‫ويتكفل بتدبير م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية طبيب رئي�سي‬
‫مهمات التنظيم الإداري وتقديم العالجات في هذه الم�ؤ�س�سات‪ .‬ويتميز تنظيمها بمركزية �شديدة وغياب‬
‫للتن�سيق والتوا�صل الفعلي بين مختلف الم�ستويات العالجية‪ ،‬مما يجعل م�سار المر�ضى �صعبا ومعقدا‪.‬‬
‫فهذا الم�سار منظم نظريا بحيث ي�ستطيع المري�ض االنتقال من م�ستويات تراتبية للم�ؤ�س�سات العالجية �إلى‬
‫م�ستوى �آخر(الم�ستو�صفات‪ ،‬والمراكز ال�صحية‪ ،‬والم�ست�شفيات الإقليمية والجهوية‪ ،‬والمراكز اال�ست�شفائية‬
‫الجامعية)‪ ،‬ح�سب درجة خطورة �أو �صعوبة الحالة‪� .‬أما على �أر�ض الواقع ف�إن هذا التوجه يخت�صر في "بطاقة‬
‫ربط"‪ ،‬والمري�ض يبقى من �أثر ذلك موكال �إلى نف�سه �أو يكاد‪ .‬وبالتالي ف�إن م�سار المر�ضى قد ي�صبح‬
‫طويال جدا ومعقدا ومكلفا‪ ،‬ب�سبب عدم توفر الأدوية‪ ،‬وعدم توفر مهنيين �صحيين م�ؤهلين قادرين على‬
‫التكفل ببع�ض العالجات المعينة‪ ،‬من قبيل العالجات الأ�سا�سية الم�ستعجلة �أو عمليات الوالدة‪ ،‬مما‬
‫يدفع بالعديد من المر�ضى �إلى التوجه مبا�شرة �إلى م�صالح الم�ستعجالت في الم�ست�شفيات‪� ،‬أو اللجوء �إلى‬
‫�شبكات المعارف من �أجل تجاوز عقبات المنظومة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪L’Offre de soins au Maroc. Ministère de la Santé, 2007.‬‬

‫‪24‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫ي�ضاف �إلى هذا‪ ،‬نظا ُم "النقل الطبي" الذي ي�شكو العديد من �أوجه خلله‪ ،‬وخ�صو�صا في العالم القروي‪،‬‬
‫من �سيارات �إ�سعاف غير كافية‪ ،‬ونق�ص في مخ�ص�صات المحروقات‪ ،‬و�صيانة رديئة‪ ،‬مما يف�ضي �إلى حاالت‬
‫عطب متكررة و�إلى عدم جاهزية ال�سيارات لمدة قد تكون في بع�ض الأحيان طويلة جدا‪ ،‬و�سائقين يتبعون‬
‫�أحيانا للجماعات المحلية‪ ،‬مما يجعلهم غير جاهزين في كل وقت‪ ،‬وما �إلى ذلك‪ .‬وقد وقف فريق المجل�س‬
‫االقت�صادي واالجتماعي والبيئي في الميدان على عدد من �أوجه الخلل التي تعانيها هذه المنظومة‪.‬‬
‫وفي ما يتعلق بالعرو�ض العالجية الخا�صة بالتروي�ض الطبي و�إعادة الت�أهيل في القطاع العمومي‪ ،‬تتميز‬
‫الو�ضعية بنق�ص في البنيات المخ�ص�صة لهذا القطاع‪ .‬فبا�ستثناء بع�ض الوحدات التابعة للم�ست�شفيات‪،‬‬
‫ال وجود لبنيات تقدم خدمات من �سل�سلة �إعادة الت�أهيل (خدمات �إعادة الت�أهيل) (الطب الج�سدي‪،‬‬
‫والتدليك الطبي‪ ،‬والعالج بالت�شغيل‪ ،‬وت�صويب النطق‪ ،‬وتكامل الوظائف الحركية والنف�سية‪ ،‬و�أجهزة‬
‫التقويم الحركي)‪.‬‬
‫ويمكن القول �إن التنظيم الحالي ل�شبكة الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية و�صل �إلى الطريق الم�سدود‪� ،‬إذ‬
‫لم يتمكن من تحقيق ولوج من�صف �إلى العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ .‬فعدم تطبيق الخريطة ال�صحية‬
‫وت�شييد بع�ض "المح�سنين" لمراكز �صحية دون الت�أكد من جدواها‪ ،‬وخا�صة عدم توفر الموارد الب�شرية‪ ،‬هو‬
‫ال�سبب في وجود ‪ 143‬مركزا �صحيا مغلقا ال يعمل‪.‬‬
‫ويمكن‪ ،‬توخيا للنجاعة والفعالية‪� ،‬إعادة التفكير في تنظيم هذه ال�شبكة بحيث يتم تجميع الموارد‬
‫الب�شرية والتجهيزات الطبية المتوفرة في المراكز ال�صحية التي ال ت�شهد �إقباال كبيرا‪ ،‬وتنقيلها �إلى مراكز‬
‫�سكنية كبرى ح�ضرية �أو قروية‪ .‬ذلك �أن من �ش�أن مثل هذا التجميع �أن يتيح �إحداث "مراكز �صحية‬
‫مندمجة"‪ ،‬متوفرة على عدد �أكبر من الموارد الب�شرية وو�سائل الت�شخي�ص والعالج‪ .‬ومن الممكن �أي�ضا‬
‫تنظيم عمليات فح�ص متخ�ص�صة مرة �أو مرتين �أ�سبوعيا‪ .‬ومن المتوخى �أن ت�ساهم هذه المراكز في تحقيق‬
‫اال�ستفادة المثلى من الو�سائل‪ ،‬وتح�سين ظروف عمل الأطباء والممر�ضين‪ ،‬والتخفيف من ال�ضغط على‬
‫الم�ست�شفيات‪ ،‬وفوق هذا وذاك‪ ،‬التكفل المنا�سب بحاجيات ال�ساكنة‪ .‬وهذا هو التنظيم المعمول به في‬
‫‪17‬‬
‫عدد من الدول ومنها بلجيكا‪ ،‬حيث ي�سمون هذه المراكز "البيوت الطبية"‪.‬‬
‫ويمكن للمراكز ال�صحية المندمجة هذه‪� ،‬أن تفي بحاجيات الأ�شخا�ص المعاقين‪ ،‬وتمكنهم من العالجات‬
‫ال�صحية التي يحتاجونها‪ ،‬ومن �إعادة الت�أهيل ومن الدعم والم�ساندة‪ .‬كما يمكنها �أن ت�ساهم �أي�ضا في‬
‫تجميع معطيات موثوقة حول ن�شاطها وحول خا�صيات ال�ساكنة التي ترتادها وانتظارات تلك ال�ساكنة‪ ،‬وكذا‬
‫تقديم معطيات موثوقة تفيد في تحقيق �أعمال البحث في مجال ال�صحة العمومية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪http://www.arianet.irisnet.be/legislat/maismed.html‬‬

‫‪25‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫البحث في مجال ال�صحة العمومية‬


‫بالن�سبة لمنظمة ال�صحة العالمية‪ ،‬ف�إن "نتائج بع�ض الدرا�سات والأبحاث يمكن تطبيقها على نطاق وا�سع‪،‬‬
‫غير �أن عددا كبيرا من الم�سائل المتعلقة بالتغطية ال�صحية ال�شاملة تتطلب �أجوبة محلية؛ والم�شاكل‬
‫ال�صحية المحلية تتطلب بدورها حلوال محلية‪ ،‬ولذلك يجب �أن يكون كل بلد منتجا وم�ستهلكا للأبحاث‬
‫في �آن معا‪ 18".‬ولئن كان تقريرنا ال يرمي �إلى اقتراح �أن ي�صبح المهنيون المعالجون في م�ؤ�س�سات العالجات‬
‫ال�صحية الأ�سا�سية كلهم باحثين‪� ،‬إال �أن ا�شتغال م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬وت�صور �أنظمة‬
‫�صحية فعالة‪ ،‬و�أثر التغطية ال�صحية الأ�سا�سية على الحالة ال�صحية لل�ساكنة‪ ،‬و�أنماط تمويلها‪ ،‬كل هذا ينبغي‬
‫�أن يكون مو�ضوعا للبحث‪.‬‬
‫العمل على دعم البحث‪ ،‬ال في‬ ‫وينبغي �أي�ضا‪ ،‬لمد الج�سور بين العمل والنظري والواقع الميداني‪ُ ،‬‬
‫الجامعات فح�سب‪ ،‬بل كذلك على م�ستوى برامج ال�صحة العمومية القريبة من العر�ض والطلب في مجال‬
‫الخدمات ال�صحية‪ .‬ومن ال�ضروري‪ ،‬من �أجل ذلك‪ ،‬العمل على و�ضع برامج معلوماتية تقدم معطيات‬
‫محينة ودقيقة من �أجل اتخاذ القرار‪ ،‬ونظام لتتبع وتقييم الأن�شطة ونتائجها‪ ،‬وكذا �أثرها على �صحة ال�ساكنة‬
‫المحلية‪.‬‬
‫‪ .2.1‬قطاع خا�ص ذو �أهداف مادية‪ ،‬في تطور قوي‬
‫القطاع الطبي الخا�ص‬
‫يتكون القطاع الطبي الخا�ص المعني بالعالجات ال�صحية الأ�سا�سية على وجه الخ�صو�ص من عيادات‬
‫الطب العام وطب الأطفال وطب الن�ساء وطب الأ�سنان وال�صيدليات‪.‬‬
‫ويعد "قطاعا رئي�سيا في مجال العر�ض العالجي بالمغرب‪� ،‬سواء من الناحية الكمية �أم النوعية‪ ...‬وهو في‬
‫تطور متوا�صل منذ خم�سين �سنة‪ ..‬وي�ضم قرابة ن�صف الأطباء‪ ،‬وقرابة ‪ 90‬بالمائة من ال�صيادلة وجراحي‬
‫‪19‬‬
‫طب الأ�سنان‪ ،‬وقرابة ‪ 10‬بالمائة من المهنيين �شبه الطبيين في المغرب‪".‬‬
‫وقد تطور هذا القطاع على الخ�صو�ص في التجمعات ال�سكنية الكبرى والمدن المتو�سطة‪ ،‬تطورا يعود‬
‫بالأ�سا�س �إلى عدم ر�ضا المواطنين عن خدمات القطاع العمومي‪ ،‬ولكن كذلك �إلى نق�ص في اجتذابية‬
‫القطاع العمومي للأطباء‪� ،‬سواء في ما يتعلق بالأجور �أم بظروف العمل‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪Rapport sur la santé dans le monde. Pour une couverture sanitaire universelle. OMS, 2013.‬‬
‫‪19‬‬
‫‪Etude sur l’équité en santé au Maroc. Ministère de la santé/ INISAN. 2012.‬‬

‫‪26‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫وقد بينت درا�سة الحالة التي �أجراها المر�صد الوطني للتنمية الب�شرية �أن المر�ضى الذين تم تم �أخذ‬
‫�آرائهم في مناطق فكيك و�سال و�أزيالل يلج�ؤون‪ ،‬بن�سبة تكاد تكون مت�ساوية‪� ،‬إلى ا�ست�شارة �أطباء من القطاع‬
‫العمومي ومن القطاع الخا�ص‪ ،‬وتالحظ الدرا�سة �أنه "�إذا كان بالإمكان �أن نرى في اللجوء البديل �إلى‬
‫القطاع الخا�ص ما يف�سر جزئيا االرتياد ال�ضعيف لم�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية العمومية‪ ،‬ف�إن‬
‫النق�ص في جودة الخدمات المقدمة‪ ،‬وم�صاعب الولوجية الجغرافية والمالية‪ ،‬تمثل ال�سبب الأهم لهذا‬
‫‪20‬‬
‫الإقبال ال�ضعيف على الخدمات ال�صحية العمومية‪".‬‬
‫ولئن كانت م�ؤ�شرات الإنتاج المتعلقة بالقطاع العمومي �شاملة ن�سبيا‪ ،‬فلي�س الحال كذلك في ما يتعلق‬
‫بمعطيات القطاع الخا�ص‪ ،‬مما يجعل من الم�ستحيل �إجراء تقييم مو�ضوعي للخدمة التي يقدمها هذا القطاع‪.‬‬
‫وهناك �سببان لذلك‪� ،‬أولهما �أن معطيات مختلف منظمات الت�أمين على المر�ض (التامين الإجباري على‬
‫المر�ض‪ ،‬والتعا�ضديات‪ ،‬و�شركات التامين الخا�صة) لي�ست مدققة‪ ،‬والثاني �أن المر�ضى الذين ال يتوفرون على‬
‫�أي ت�أمين �صحي (�أو "الدافعون" كما يعرفون في اللغة المهنية الم�ستخدمة في قطاع ال�صحة) لي�سوا م�شمولين‬
‫بهذه الإح�صاءات القطاعية‪ .‬غير �أن م�ساهمة هذا القطاع في �إنتاج العالجات �أمر ال �شك فيه‪.‬‬
‫وقد ا�ستفاد القطاع الخا�ص‪ ،‬في ‪ ،2012‬من ‪ 80‬بالمائة من م�صاريف ال�صندوق الوطني لمنظمات االحتياط‬
‫االجتماعي ومن ‪ 82‬بالمائة من م�صاريف ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‪ ،‬على حين لم ي�ستفد القطاع‬
‫العمومي �إال من ‪� 5‬إلى ‪ 6‬بالمائة من م�صاريف هذين ال�صندوقين (جل�سات اال�ستماع مع مديري الم�ؤ�س�ستين)‪.‬‬
‫وقد لوحظ منذ �أن تم العمل بنظام الم�ساعدة الطبية ارتفاع �سريع وهام في الطلب على المرافق العمومية‪،‬‬
‫على حين �أن تطوير العر�ض العالجي العمومي ال يمكنه �أن يم�ضي بال�سرعة ذاتها‪ .‬وبالتالي يتعين �أن نتوقع‬
‫في الم�ستقبل ازديادا في االنف�صال بين القطاعين العمومي والخا�ص‪ ،‬حيث �سي�صبح هناك قطاع خا�ص‬
‫يرتاده المر�ضى القادرون على الأداء‪ ،‬وقطاع عمومي للمعوزين‪.‬‬
‫ويتبين لنا‪ ،‬من خالل جل�سات اال�ستماع والزيارات الميدانية التي قامت بها مجموعة العمل‪� ،‬أن القطاع‬
‫ق�صى من عمليات التفكير المتعلقة بت�صور وتفعيل التغطية ال�صحية الأ�سا�سية‪،‬‬ ‫الخا�ص يرى نف�سه ُم ً‬
‫والبرامج التي ت�ضعها وزارة ال�صحة‪ ،‬ولكن �أي�ضا من ت�صور وتفعيل منظومة ال�صحة العمومية‪ ،‬على حين‬
‫�أن "وزارة ال�صحة هي وزارة للأطباء الخوا�ص والعموميين على وجه ال�سواء"‪ .‬وقد قال �أحد �أطباء الطب‬
‫العام خالل جل�سة ا�ستماع في �أغادير‪�" :‬إن �أحد مر�ضاي هو من �أخبرني ب�أن هناك عملية تلقيح جارية"‪.‬‬
‫وتتركز �أهم االنتقادات الموجهة �إلى القطاع الطبي الخا�ص على توزيعه غير المتكافئ‪ .‬فهو ال يكاد يكون‬
‫موجودا �إال في المدن (‪ 30‬بالمائة من الأ�س ّرة والعيادات الطبية توجد في الدار البي�ضاء‪ ،‬وتوجد ‪66‬‬
‫في المائة من مجموعها في خم�س جهات هي الدار البي�ضاء الكبرى‪ ،‬والرباط‪ ،‬وطنجة‪-‬تطوان‪ ،‬والجهة‬
‫ال�شرقية‪ ،‬وجهة �سو�س ما�سة درعة)‪ ،‬ويعاب �أي�ضا على هذا القطاع م�ساهمته ال�ضعيفة جدا في �أعمال الوقاية‬
‫‪20‬‬
‫‪Les disparités dans l’accès aux soins de santé au Maroc. Etudes de cas. ONDH, 2010.‬‬

‫‪27‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫والبرامج ذات الأولوية في مجال ال�صحة العمومية‪ .‬على �أن هذا القطاع يبقى رغم ذلك "مف�ضال" على‬
‫العموم لدى م�ستعملي المرافق ال�صحية بالمغرب‪ 21 .‬ومن �ش�أن تفعيل القانون ‪ ،34-09‬الخا�ص بالمنظومة‬
‫ال�صحية والعر�ض العالجي‪� ،‬أن يتيح تحقيق التكامل بين القطاعين العمومي والخا�ص‪.‬‬
‫كما �أن القانون ‪ ،10-94‬المتعلق بممار�سة مهنة الطب‪ ،‬الجاري العمل على تعديله حاليا‪ ،‬ينطبق على‬
‫القطاع الخا�ص والقطاع العمومي‪ .‬ومن �ش�أن تفعيله �أن يتيح تطوير معايير وموا�صفات يتم فر�ضها على‬
‫القطاعين العمومي والخا�ص‪ ،‬بما ي�ضمن �سالمة المر�ضى في القطاعين معا‪.‬‬
‫�صيدليات توزيع وبيع الأدوية‬
‫ت�ضطلع �صيدليات بيع الأدوية بدور هام في العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ .‬فال�صيدالني‪� ،‬إذ يمثل �آخر حلقة‬
‫في �سل�سلة توزيع الدواء‪ ،‬هو ال�ضامن لجودة الأدوية التي يقوم بتوزيعها‪ .‬وهو بالإ�ضافة �إلى ذلك يقوم بدور‬
‫المر�شد‪ ،‬في�شرح للمري�ض مقادير الدواء و�أوقات تناوله‪ ،‬وي�ضطلع بالتالي بدور رئي�سي في احترام الو�صفة الطبية‪.‬‬
‫و�صيدليات بيع وتوزيع الدواء تمثل كذلك‪ ،‬في كثير من الأحيان‪� ،‬أول من�ش�أة يلتجئ �إليها المري�ض‪.‬‬
‫وقد انتقل عدد �صيدليات بيع وتوزيع الدواء من ‪ 375‬وحدة في ‪� 1975‬إلى ‪ 12.000‬وحدة في ‪ ،2012‬دون‬
‫�أن يف�ضي ذلك �إلى تغطية �أف�ضل للتراب الوطني من قبل �شبكات ال�صيدليات‪� ،‬إذ مازالت الوحدات‬
‫توا�صل تمركزها في المدن الكبرى‪ .‬وفي الآن نف�سه ف�إن �أعدادا متزايدة من ال�صيادلة يعانون �صعوبات‬
‫مالية ويوجدون في و�ضعية عجز عن �أداء الديون �أو و�ضعية �إفال�س‪ ،‬مما من �ش�أنه �أن يدفع بهم �إلى ممار�سة‬
‫‪22‬‬
‫�سلوكيات منافية لأخالقيات مهنة ال�صيدلة‪.‬‬
‫‪ .3.1‬القطاع التعا�ضدي‬
‫ال يزال القطاع "الطبي" التعا�ضدي متعثرا في بالدنا‪ ،‬ون�شاطه مركز بالخ�صو�ص على عالجات الأ�سنان‪،‬‬
‫ومراكز بيع النظارات‪ ،‬والفحو�ص التخ�ص�صية‪ .‬غير �أن ‪ 14‬بالمائة من �أداءات ال�صندوق الوطني لمنظمات‬
‫ال�ضمان االجتماعي تذهب �إلى القطاع التعا�ضدي‬
‫وطبقا لف�صل الأول من الظهير رقم ‪ 187-57-1‬ل�سنة ‪ ،1963‬المتعلق ب�سن قانون التعا�ضديات‪ ،‬ف�إن‬
‫"ال�شركات التعا�ضدية تجمعات ذات هدف غير ربحي‪ )...( ،‬ترمي �إلى القيام (‪ )...‬بعمل الإحتياط‬
‫والت�ضامن والتعاون‪ ،‬غايته تغطية المخاطر التي قد يتعر�ض لها الكائن الب�شري"‪ .‬وطبقا للف�صل ‪،138‬‬
‫يمكن للتعا�ضديات �أن "تبرم اتفاقيات مع �أطباء وجراحي طب الأ�سنان و�صيادلة‪ ،‬وحتى �إحداث �أعمال‬
‫اجتماعية من قبيل الم�ستو�صفات ودور الوالدة‪ ،‬وتقديم فحو�ص الر�ضع لفائدة المنخرطين فيها‪".‬‬

‫‪21‬‬
‫‪Etude sur l’équité en santé au Maroc. Ministère de la santé/ INISAN. 2012.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪Rapport des travaux de la commission consultative du médicament et des produits de santé. Ministère‬‬
‫‪de la Santé, 2013.‬‬

‫‪28‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫وي�أتي م�شروع �إ�صالح قانون التعا�ضديات‪ ،‬الجاري مناق�شته حاليا‪ ،‬ليحدد مجال عمل التعا�ضديات‪،‬‬
‫وذلك في ف�صله الثاني "الأعمال االجتماعية"‪ ،‬المادة ‪ ،144‬التي تن�ص على �أن "للتعا�ضديات �أن تحدث‬
‫وتدبر الأعمال االجتماعية التي ت�ؤمن رعاية الطفولة والأ�سرة والأ�شخا�ص الم�سنين �أو غير الم�ستقلين �أو‬
‫المعاقين‪ ،‬با�ستثناء الم�ؤ�س�سات التي تقدم خدمات ت�شخي�ص �أو عالج �أو ا�ست�شفاء و‪�/‬أو الم�ؤ�س�سات التي‬
‫من وظيفتها التزويد بالأدوية والمعدات والآليات والأجهزة الطبية‪ ،‬وكذا كل عمل ذي طبيعة تجارية �أو‬
‫ربحية �أو متعلق بمهنة منظمة و‪�/‬أو ُم�سيرة طبقا لقانون خا�ص‪".‬‬
‫وعلما ب�أن العر�ض العالجي الحالي‪ ،‬الذي توفره القطاعات جميعا‪ ،‬ال ي�ستجيب بطريقة ُمر�ضية وال كافية‬
‫للحاجيات ال�صحية الأ�سا�سية ف�إنه من ال�ضروري العمل على تطوير وتنظيم القطاع التعاد�ضي‪ ،‬حتى ي�ساهم‬
‫في تح�سين الولوج �إلى الخدمات ال�صحية ببالدنا‪.‬‬
‫‪ .4.1‬قطاع خا�ص ذو �أهداف غير مادية‪ ،‬غير محاط ب�شكل جيد‬
‫يتكون هذا القطاع من العيادات (عيادات طب �أ�سنان على الخ�صو�ص) والم�صحات (التابعة ل�صندوق‪)...‬‬
‫التي يدبرها ال�صندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي وال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‪،‬‬
‫وجمعيات وم�ؤ�س�سات‪ .‬وفي غياب معطيات مدققة تتعلق بهذا القطاع في ما يخ�ص الإنتاج‪ ،‬يبقى من‬
‫ال�صعب تكوين فكرة مو�ضوعية عن الخدمة المقدمة‪ .‬ولكن ال مراء �أن هذا القطاع يقدم خدمة ال �شك‬
‫فيها لعدد كبير من المواطنين المغاربة‪ .‬واعتبارا للحقيقة التي مفادها �أن العر�ض العالجي في بالدنا ال‬
‫يزال غير كاف‪ ،‬يبدو من المنطقي القول �إن هذا القطاع قطاع يكت�سي �أهمية بالغة‪ ،‬ي�ستحق معها كل‬
‫االهتمام والتطوير‪.‬‬
‫الجمعيات المحلية والوطنية العاملة في مجال ال�صحة عديدة‪ ،‬ومجاالت تدخلها وعملها �شديدة التنوع‬
‫(من ال�سكري �إلى داء فقدان المناعة المكت�سب‪ ،‬والأمرا�ض النادرة‪ ،‬ومر�ض ال�سرطان‪ ،‬وعمليات‬
‫التح�سي�س‪ ،‬والمواكبة النف�سية واالجتماعية‪ ،‬والتكوين‪ ،‬فالتربية ال�صحية‪ ،‬فالفح�ص بغاية الك�شف عن‬
‫المر�ض‪ ،‬فالعالجات‪ ،‬فالفحو�ص‪ ،‬فالعمليات الجراحية ومنها الختان على الخ�صو�ص‪ ،‬فعمليات العيون‬
‫لنزع "الجاللة" وغير ذلك)‪ ،‬غير �أن توزيعها الترابي يبقى غير مت�ساوٍ‪ ،‬وكفاءاتها وو�سائلها الب�شرية والمالية‬
‫وكذا نوعية �أعمالها تظل كلها �شديدة التباين‪ .‬وقد �ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية الب�شرية في �إطالق‬
‫عدد كبير من م�شاريع �إحداث ُدور الأمومة‪ ،‬الهادفة �إلى تح�سين ظروف والدة الن�ساء‪ ،‬وخ�صو�صا في العالم‬
‫القروي‪ ،‬وكذا الإيواء قبل وبعد الوالدة‪ ،‬وهي تعد مثاال رائدا في هذا المجال‪.‬‬
‫وفي غياب معطيات مدعمة ومدققة خا�صة بقطاع ال�صحة‪ ،‬ف�إن من الم�ستحيل حاليا �إ�صدار حكم مو�ضوعي‬
‫ب�ش�أن الأثر والفعالية العامة لهذه الأعمال في الحالة ال�صحية لل�ساكنة‪ .‬غير �أن �أعمال الجمعيات تحظى‬
‫بوجه عام بر�ضى ال�ساكنة (جل�سة اال�ستماع مع المر�صد الوطني للتنمية الب�شرية)‪ ،‬التي تعطيها بع�ض‬
‫الم�صداقية وتقدر على وجه الخ�صو�ص ا�ستجابتها لحاجيات مختلفة ال ت�أخذها الدولة بعين االعتبار‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫وخالل جل�سات اال�ستماع والزيارات الميدانية التي قامت بها مجموعة العمل المنبثقة عن اللجنة الدائمة‬
‫المكلفة بالق�ضايا االجتماعية والت�ضامن‪ ،‬لوحظ �أن الجمعيات ال يتم �إ�شراكها بما يكفي من قبل ال�سلطات‬
‫العمومية‪ ،‬ب�صفتها �شركاء حقيقيين‪ ،‬في تفعيل ال�سيا�سة ال�صحية‪ ،‬هذا علما �أن وزارة التنمية االجتماعية‬
‫والأ�سرة والت�ضامن قد �أو�صت‪ ،‬منذ �سنة ‪ ،2005‬ب�أن "القطاعات المعنية بالمو�ضوعات التي لم تطورها‬
‫كاف (كال�صحة والبيئة وال�سكن وغيرها) مدعوة �إلى تفعيل ا�ستراتيجيات نوعية من‬ ‫الجمعيات ب�شكل ٍ‬
‫‪23‬‬
‫�أجل ت�أهيل الجمعيات وت�شجيعها على الم�شاركة في العمل في تلك القطاعات‪".‬‬
‫غير �أنه ال بد من الإ�شارة �إلى �أن بع�ض الجمعيات المحلية توجد في قلب رهانات �سيا�سية �أو مالية‪ ،‬وقد‬
‫تم خلقها بروح انتهازية‪ ،‬وبع�ضها يفتقر �إلى المهنية‪ ،‬مما ينزع الم�صداقية عن العمل الجمعوي‪ ،‬وال ي�شجع‬
‫على ا�ستمرار الم�شاريع بل وال حتى على بقاء الجمعيات نف�سها‪.‬‬
‫وفي ما يخ�ص �إعادة الت�أهيل‪ ،‬ف�إن القطاع الخا�ص ال ي�ؤ ّمن ا�ستمرارية هذه الخدمات‪ ،‬حيث ال توجد �إال‬
‫بع�ض عيادات الأطباء المتخ�ص�صين في التروي�ض و�إعادة الت�أهيل‪ ،‬وبع�ض عيادات المهنيين �شبه الطبيين‬
‫و�شركات الأجهزة التقويمية‪ .‬وي�ساهم القطاع التعا�ضدي والجمعيات بقدر وافر في العر�ض العالجي في‬
‫هذا المجال‪.‬‬

‫الموارد الب�شرية والخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‬ ‫‪2‬‬

‫يواجه العالم نق�صا مزمنا في عدد مهنيي ال�صحة‪ ،‬مما ي�شكل عائقا كبيرا يقف في وجه تحقيق �أهداف ال�صحة‪.‬‬
‫والقطاع في المغرب يعاني من نق�ص حاد جدا في عدد مهنيي ال�صحة‪ ،‬ومن �أوجه تفاوت كبيرة في توزيعهم‬
‫بين الجهات وداخل الجهة الواحدة وبين الو�سطين الح�ضري والقروي‪ .‬وقد �شدد �صاحب الجاللة الملك‬
‫محمد ال�ساد�س‪ ،‬في ر�سالته الملكية ال�سامية �إلى الم�شاركين في المناظرة الوطنية الثانية حول ال�صحة‪ ،‬على‬
‫الدور المركزي للموارد الب�شرية في قطاع ال�صحة‪" :‬من منطلق �إيماننا بالدور المحوري للعن�صر الب�شري في‬
‫�إنجاح الأورا�ش الإ�صالحية‪ ،‬ف�إننا ندعوكم لإيالء م�س�ألة الموارد الب�شرية بهذا القطاع الحيوي ما ت�ستحقه من‬
‫عناية على �أ�سا�س �ضمان جودة تكوينها‪ ،‬بهدف ت�أهيلها ومالءمتها مع التطور العلمي والتكنولوجي في مجال‬
‫العالج والوقاية والتدبير والحكامة ال�صحية وفق المعايير الدولية‪ ،‬عالوة على �ضرورة توفير العدد الكافي منها‬
‫في جميع التخ�ص�صات والمهن ال�صحية‪ ،‬ا�ستجابة للطلب المتزايد على الخدمات ال�صحية‪".‬‬

‫‪23‬‬
‫‪Etude sur les associations marocaines de développement : diagnostic, analyse et perspectives.‬‬
‫‪Ministère du Développement social, de la Famille et de la Solidarité (2005).‬‬

‫‪30‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫‪ .1.2‬نق�ص حاد في عدد المهنيين من �أطباء وممر�ضين‬


‫يعد المغرب واحدا من ‪ 57‬بلدا يعاني من نق�ص حاد في عدد المهنيين ال�صحيين‪ ،‬بح�صة قدرها ‪ 1.86‬لكل‬
‫‪� 1000‬ساكن‪ ،‬وهي ح�صة �أدنى من الح�صة الحرجة المقدرة بنحو ‪ 2.37‬لكل ‪� 1000‬ساكن‪ ،‬التي حددتها‬
‫منظمة ال�صحة العالمية كعتبة لت�أمين تغطية التلقيح عند الأطفال بن�سبة ‪ 80‬بالمائة‪ ،‬و�ضمانِ والدات‬
‫بم�ساعدة مهنيي ال�صحة لن�سبة ‪ 80‬بالمائة من الن�ساء الحوامل‪ ،‬و�ضمان تح�سين م�ستدام لم�ؤ�شرات‬
‫ال�صحة لمجموع ال�ساكنة‪.‬‬
‫وح�سب تقدير وزارة ال�صحة‪ ،‬في خطة عملها للفترة ‪ ،2016-2012‬ف�إن النق�ص في عدد الأطباء يبلغ ‪،6000‬‬
‫�أما في عدد المهنيين �شبه الطبيين ف�إنه ي�صل �إلى ‪ .9000‬وح�سب تقدير �آخر‪ ،‬يحتاج المغرب �إلى حوالي‬
‫‪ 15.000‬ممر�ض �إ�ضافي لكي تكون ن�سبة التغطية لل�ساكنة �أمثل و�أ�شمل ما يمكن‪ 24 .‬فكثافة المهنيين‬
‫�شبه الطبيين المكونين في مجال العالجات المرتبطة بالوالدة ال تبلغ عتبة ‪ 2.28‬لكل �ألف �ساكن‪ ،‬التي‬
‫تعتبرها منظمة ال�صحة العالمية عتبة حرجة‪ .‬و�إن من �ش�أن هذا النق�ص‪� ،‬إذا لم يجر تداركه �سريعا‪� ،‬أن يحول‬
‫دون وفاء المغرب بالتزامه المتعلق بتخفي�ض معدالت الوفيات بين الأمهات �إلى ‪ 83‬لكل ‪ 100.000‬والدة‬
‫حية (الهدف ‪ 5‬من �أهداف الألفية للتنمية)‪.‬‬
‫وهو نق�ص يزيد من حدته ومن تعقيده �أن القطاع الخا�ص ي�شتغل هو �أي�ضا بمهنيين ينتمون �إلى القطاع‬
‫العمومي‪ .‬و�سيزداد هذا النق�ص حدة خالل ال�سنوات الع�شر القادمة‪ ،‬مع بلوغ ‪ 24‬بالمائة من المهنيين �شبه‬
‫‪25‬‬
‫الطبيين �سن التقاعد‪ ،‬وهو ما يمثل قرابة ‪� 7000‬شخ�ص‪.‬‬
‫وقد �شهد تطور �أعداد الأطباء ركودا مقلقا ما بين ‪ 2007‬و‪ ،2011‬وح�صة الأطباء ن�سبة �إلى �أعداد ال�ساكنة‬
‫ال ت�ستجيب لمعايير منظمة ال�صحة العالمية ‪ 26‬حيث ال تتجاوز ‪ 6.2‬لكل ‪� 10.000‬ساكن‪ ،‬وهي ن�سبة ت�ضع‬
‫المغرب بعيدا خلف بلدان كلبنان والأردن وتون�س والجزائر ‪ 27‬وتزداد الح�صة �ضعفا في ما يخ�ص م�ؤ�س�سات‬
‫العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪� ،‬إذ ال تتجاوز ‪ 1‬لكل ‪� 10.000‬ساكن‪ .‬ومن جانب �آخر‪ ،‬يمثل االخت�صا�صيون‬
‫‪ 57‬بالمائة من �أطباء القطاع العمومي‪ ،‬مما يطرح م�شكلة على م�ستوى ا�ستراتيجية العالجات ال�صحية‬
‫الأ�سا�سية‪ ،‬التي يعود فيها الدورالرئي�سي �إلى طبيب الطب العام‪.‬‬
‫وقد دفع النق�ص في الأطباء بالحكومة المغربية �إلى �إطالق مبادرة ‪ 3300‬طبيب في �أفق ‪ ،2020‬التي‬
‫�ستتطلب تطوير العر�ض على م�ستوى الكليات الخم�س الموجودة‪ ،‬و�إحداث خم�س كليات جديدة‪ .‬من‬
‫جانب �آخر‪ ،‬هناك �إ�صالح للتكوين الطبي قيد الدرا�سة حاليا‪ ،‬وهو الإ�صالح الذي قدم خطوطه العري�ضة‬

‫‪Etude sur l’équité en santé au Maroc. Ministère de la santé/ INISAN. 2012.‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪Santé-Vision 2020. Ministère de la Santé, 2007‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪Statistiques mondiales. OMS, 2013.‬‬ ‫‪26‬‬


‫‪27‬‬
‫‪Rapport sur la santé dans le monde. Travailler ensemble pour la santé. OMS, 2006.‬‬

‫‪31‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ال�سيد ر�ضوان المرابط‪ ،‬رئي�س جامعة محمد الخام�س ال�سوي�سي‪ ،‬ومن�سق �شبكة كليات الطب وال�صيدلة‬
‫وكليات طب الأ�سنان‪� ،‬أثناء الم�ؤتمر الوطني الثاني حول ال�صحة‪ ،‬الذي تم عقده في مراك�ش في يوليوز‬
‫‪ .2013‬ومن بين مداخل التجديد هناك عملية تفكير في تق�صير مدة الدرا�سة في الطب‪ ،‬على غرارما يجري‬
‫في �أمريكا ال�شمالية‪ .‬وقد تقدم التفكير خطوات كبيرة في ما يخ�ص �إ�صالح تكوين �أطباء الطب العام‪.‬‬
‫تعود �أهم �أ�سباب هذا النق�ص �إلى‪:‬‬
‫• •غياب ر�ؤية ا�ستراتيجية من�سجمة لتطوير وتدبير الموارد الب�شرية؛‬
‫• •�إغالق عدد كبير من مدار�س الممر�ضين في نهاية الثمانينات من القرن المن�صرم‪ ،‬وهو الإغالق الذي‬
‫جاء نتيجة للإجراءات المت�ضمنة في برنامج التقويم الهيكلي الذي فر�ضه �صندوق النقد الدولي على‬
‫المغرب‪ .‬ولم تتم �إعادة افتتاح هذه المدار�س �إال في بداية العقد الأول من القرن الحالي؛‬
‫• •المغادرة الطوعية للموظفين‪ ،‬التي لج�أت �إليها الحكومة ما بين ‪ 2005‬و‪ ،2006‬وفي �إطارها غادر عدد‬
‫كبير من الأطباء والممر�ضين و�أ�ساتذة كليات الطب �أ�سالك الوظيفة العمومية؛‬
‫هجرة الأطباء والممر�ضين �إلى الخارج‪ ،‬وخ�صو�صا �صوب �أوربا‪ ،‬وهي هجرة ال يمكنها �إال �أن تكون مر�شحة‬
‫للتزايد‪ ،‬نظرا للنق�ص الكبير في مهنيي ال�صحة في بلدان ذات قدرة اجتذابية كبيرة‪ .‬ففي ‪ ،2011‬كان عدد‬
‫المغاربة الم�شتغلين في مجال ال�صحة (من �أطباء وجراحين وجراحي �أ�سنان وغيرهم) في فرن�سا يقدر بما‬
‫يفوق ‪ .5000‬وقد تم في هذا البلد نف�سه‪� ،‬إلى حدود ‪ 1‬يناير ‪ ،2013‬ت�سجيل ‪ 1034‬طبيب مغربي جديد في‬
‫‪28‬‬
‫الئحة هيئة الأطباء‪.‬‬
‫‪� .2.2‬أوجه تفاوت كبيرة في توزيع المهنيين من �أطباء وممر�ضين‬
‫هناك فوارق في مجال العرو�ض العالجية ت�ضاف �إلى �إ�شكالية النق�ص في الموارد الب�شرية‪ .‬فن�سبة الأطباء‬
‫�إلى عدد ال�سكان تختلف بين الجهات اختالفا يجعلها تبلغ طبيبا واحدا لكل ‪� 1916‬ساكن في الدار‬
‫البي�ضاء‪ ،‬مقابل طبيب واحد لكل ‪� 5378‬ساكن في جهة �سو�س‪-‬ما�سة‪-‬درعة‪ ،‬وتبلغ طبيبا واحدا لكل ‪8111‬‬
‫�ساكن في الو�سط الح�ضري‪ ،‬مقابل طبيب واحد لكل ‪� 11345‬ساكن في الو�سط القروي‪.‬‬
‫�أما مهنيو ال�صحة �شبه الطبيين (وعددهم ‪ ،)30.572‬فن�سبة ‪ 85‬بالمائة منهم يعملون في القطاع العمومي‪.‬‬
‫وتوزيع �أعداد المهنيين �شبه الطبيين غير متعادل بين الجهات كذلك‪ ،‬حيث تبلغ ن�سبة ه�ؤالء العاملين‬
‫�إلى عدد ال�سكان ما قدره ‪ 0.54‬لكل ‪� 1000‬ساكن في جهة الغرب‪-‬ال�شراردة‪-‬بني ح�سن‪ ،‬مقابل ‪ 1.7‬لكل‬
‫�ألف في جهة العيون‪-‬ال�ساقية الحمراء‪-‬بوجدور‪.‬‬

‫‪Atlas national de la démographie médicale de France. Conseil national de l’Ordre des médecins, 2013.‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪32‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫وتخطط وزارة ال�صحة لالنتقال من ن�سبة ‪ 1.86‬مهني طبي و�شبه طبي لكل ‪� 1000‬ساكن �إلى ‪ 3‬لكل �ألف‬
‫‪29‬‬
‫في �أفق ‪.2020‬‬

‫التوظيف‬
‫هناك في كل �سنة �أعداد كبيرة من الممر�ضين وعدد من الأطباء ال يتم توظيفهم من قبل وزارة ال�صحة في‬
‫نهاية تكوينهم‪ ،‬ب�سبب نق�ص المنا�صب المالية‪ ،‬مما يجبر الوزارة على تنظيم مباريات �سنوية للتوظيف‪ ،‬في‬
‫ظل ظروف من النق�ص الحاد‪.‬‬
‫فمن �أ�صل الحاجيات التي عبرت عنها وزارة ال�صحة في مجال الموارد الب�شرية‪ ،‬والبالغة ‪ 20.000‬من�صب‬
‫مالي بين ‪ 1993‬و‪ ،2007‬لم يتم تمكين الوزارة �إال من ‪ 13.356‬من�صبا‪ ،‬هذا في حين لم يتم تعوي�ض مغادرة‬
‫‪ 6.621‬ممن بلغوا �سن التقاعد‪.‬‬
‫�أما �شهادات الممر�ضين الم�سلمة من قبل المدار�س الخا�صة فال تحظى بالم�صداقية‪ ،‬وحاملوها مازالوا‬
‫حتى اليوم مق�صين من الوظيفة العمومية‪ .‬وقد ن�شر في ‪ 2012‬مر�سوم يتيح لهم هذه الإمكانية‪ ،‬غير �أنه مازال‬
‫غير مطبق‪ .‬كما �أن وزارة ال�صحة ال تراقب حاليا هذه المدار�س‪ ،‬التي يعود �أمر الترخي�ص لها بالممار�سة �إلى‬
‫وزارة ال�شغل‪ .‬ويمكن �أن يتمثل حل هذا الم�شكل في قيام وزارة ال�صحة بو�ضع نظام يتيح �إعطاء م�صداقية‬
‫للمدار�س الخا�صة‪ ،‬بجعلها خا�ضعة لدفتر تحمالت دقيق‪ ،‬و�ضامنة لبرنامج تكويني في م�ستوى البرامج‬
‫الموفرة في مدار�س تكوين الممر�ضين الحكومية‪ ،‬مع خ�ضوع طلبتها المتحان وطني في نهاية التكوين‪.‬‬
‫وحتى اليوم ف�إن التوظيف يجري بطريقة ممركزة‪ ،‬ودون �إ�شراك مديري الم�ست�شفيات والأطباء الرئي�سيين‬
‫لمختلف الم�ؤ�س�سات ال�صحية‪.‬‬
‫من جانب �آخر‪ ،‬ف�إن عبء المهام الإدارية يقع بكامله على المهنيين المعالجين‪ ،‬الذين يتعين عليهم �أن‬
‫ينقلوا باليد‪ ،‬مرات عديدة متكررة‪ ،‬نف�س المعلومات في �سجالت �أو بطاقات مختلفة‪ ،‬موجهة �إلى كل‬
‫برنامج وكل مديرية مركزية‪ .‬كما يتعين على �أولئك المهنيين �أن يح�ضروا ب�أنف�سهم طلبيات الأدوية والمواد‬
‫الطبية‪ ،‬وتدبير المخزون منها‪ ،‬وبلورة خطط عمل وتقارير �أن�شطة دورية‪ ،‬ال تفيد �أدنى �إفادة في اتخاذ القرار‬
‫على الم�ستوى المحلي‪.‬‬
‫لو ا�ستفاد المهنيون المعالجون من م�ساعدة في المهام الإدارية‪ ،‬فال �شك �أن ذلك �سيتيح لهم تخ�صي�ص‬
‫مزيد من الوقت لمهنتهم الحقيقية‪� ،‬أي الأن�شطة العالجية والوقائية و�أن�شطة التربية ال�صحية‪ .‬ومن الممكن‬
‫�أن تناط تلك المهام ب"�أطر متو�سطة" يمكن لوزارة ال�صحة توظيفها من بين خريجي مختلف معاهد‬
‫التكنولوجيا التطبيقية‪ ،‬التي تكون على الخ�صو�ص تقنيين في الإعالميات‪ ،‬ومحا�سبين‪ ،‬ومدبري مخزونات‬
‫وغير ذلك‪.‬‬
‫‪Santé-Vision 2020. Ministère de la Santé, 2007.‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪33‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫وفي ما يخ�ص ال�صيادلة‪� ،‬صحيح �أنه ال يمكن توظيف �صيدلي في كل مركز �صحي‪ ،‬لكن من الممكن‬
‫�إناطة تدبير الأدوية ب�صيدلي‪ ،‬داخل ما دعوناه "المراكز ال�صحية المندمجة"‪ ،‬حيث ب�إمكان ه�ؤالء ال�صيادلة‬
‫�أن ي�شرفوا على عملية تدبير الأدوية في مراكز �صحية مرتبطة بواحد �أو �أكثر من القطاعات ال�صحية‪.‬‬
‫ت�شجيع مهنيي ال�صحة على العمل في م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية في الو�سط القروي‬
‫�أتاحت الزيارات الميدانية‪ ،‬التي قامت بها مجموعة العمل‪ ،‬الوقوف على مالحظة تتمثل في حركية كبيرة‬
‫جدا لأطباء الطب العام‪ ،‬وخ�صو�صا في الو�سط القروي‪ ،‬حيث يقدم ه�ؤالء الأطباء خدمات �صحية �أ�سا�سية‬
‫ال يكونون دائما م�ستعدين لها نظرا لطبيعة تكوينهم‪ ،‬وذلك في �سياق يتميز بندرة و�سائل الت�شخي�ص‬
‫والعالج‪ ،‬و�شروط عمل رديئة‪ ،‬وفي �أحيان كثيرة في محيط ال يتيح �إال القليل من �آفاق التفتح ال�شخ�صي‬
‫والعائلي‪ .‬وهذه ال�صعوبات تدفع بالكثير منهم �إلى التقدم الجتياز مباريات الولوج �إلى التخ�ص�صات‪،‬‬
‫للتمكن من مغادرة مكان العمل هذا وتح�سين و�ضعيتهم المادية والمهنية‪.‬‬
‫ويعي�ش الممر�ضون كذلك و�ضعية م�شابهة على وجه العموم‪ ،‬غير �أنهم �أكثر تعر�ضا للعدوانية ولمتطلبات‬
‫�أكثر ف�أكثر �إلحاحا من قبل ال�ساكنة التي ترتاد م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪.‬‬
‫من جهة �أخرى ف�إن التعيينات‪ ،‬التي ال تكون �أنماطها ومعاييرها دائما �شفافة‪ ،‬يعي�شها المعنيون في كثير من‬
‫الأحيان وك�أنها ظلم �أو عقاب لي�س له مبرر‪ ،‬مما يجعلها بالن�سبة �إلى الكثيرين منهم م�صدر �إحباط وخيبة‬
‫�أمل‪.‬‬
‫وال �شك �أن �إدماج الأطباء في المنظومة العالجية‪ ،‬وخ�صو�صا في المناطق النائية والمعزولة‪ ،‬ح�سب‬
‫مقاربة ت�شاركية حقيقية‪ ،‬قائم ٍة على التفاو�ض والتحديد الوا�ضح لمهمات محددة في الزمن‪ ،‬وكذا اقتراح‬
‫تدابير تحفيزية‪� ،‬ستكون �أجدى نفعا و�أعم فائدة‪ .‬وت�شدد منظمة ال�صحة العالمية في هذا ال�صدد على‬
‫�أهمية الحوافز المالية‪ ،‬والمهنية على الخ�صو�ص‪ ،‬التي ت�شهد البحوث والإح�صاءات ب�أثرها الإيجابي في‬
‫‪30‬‬
‫الإنتاجية والقدرة على التجاوب‪.‬‬
‫ومن بين العوائق التي تعوق تعيين وا�ستبقاء الأطباء في المناطق القروية النائية‪ ،‬هناك‪ ،‬عن �صواب �أم عن‬
‫خط�أ‪ ،‬ال�شعور بالظلم وتلك القناعة التي مفادها �أن من الممكن الإفالت من تلك الو�ضعية عبر توظيف‬
‫العالقات والمح�سوبية‪ .‬ومن �أجل محاولة التغلب على هذه ال�صعوبة‪� ،‬سيكون من الم�ستح�سن العمل‬
‫على تح�سين معايير التعيين و�أنظمة التنقيط‪.‬‬

‫‪G Dassault. Le développement des ressources humaines en santé, défis et expériences internationales.‬‬ ‫‪30‬‬
‫‪2ème conférence nationale sur la santé. Marrakech, juillet 2013.‬‬

‫‪34‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫‪ .3.2‬تكوين مهنيي ال�صحة لم يعد مالئما للحاجيات الآنية‬


‫مع تطور ال�صفات العامة الديمغرافية والوبائية و�إقرار التغطية ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬ف�إن التكوين الحالي‬
‫للأطباء‪ ،‬وخ�صو�صا منهم �أطباء الطب العام‪ ،‬لم يعد مالئما‪ ،‬والم�س�ؤولون‪� ،‬سواء منهم م�س�ؤولو وزارة‬
‫ال�صحة ‪� 31‬أم م�س�ؤولو كليات الطب‪ 32،‬واعون ب�ضرورة تثمين الطب العام‪ ،‬و�إعادة تعريف دور طبيب الطب‬
‫العام ومراجعة مناهجه التكوينية‪.‬‬
‫تكوين �أطباء الطب العام و�أطباء التوليد‬
‫ُيك َّون �أطباء الطب العام في و�سط ا�ست�شفائي‪ ،‬مع فترة تدريب من �شهر واحد فقط في مركز �صحي‪ ،‬مما ال‬
‫يكفي لإعدادهم لممار�سة الطب في م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ .‬وهذا التفاوت بين التكوين‬
‫الأ�سا�سي والممار�سة ينعك�س �أثره على الكفاءات‪ ،‬وي�ساهم في تكوين هوية مهنية غير وا�ضحة‪ .‬و"يتم‬
‫تعريف الطب العام في كثير من الأحيان ب�صفته طبا غير متخ�ص�ص‪ ،‬وهو ما يف�ضي �إلى �إحباط مهني كبير‬
‫ي�ست�شعره الكثير من �أطباء الطب العام‪ .‬وقد "قامت هيئة ‪ World family doctors‬ب�إعادة �إحياء مفهوم‬
‫الطب العام و‪�/‬أو طب الأ�سرة ب�صفته تخ�ص�صا علميا وجامعيا قائما بذاته" (جل�سة اال�ستماع مع رئي�س‬
‫النقابة الوطنية للطب العام)‪�.‬أما �إمكانات تحقيق م�سار مهني ناجح في مجال الطب العام فلقد �أ�صبحت‬
‫منعدمة في القطاع العمومي‪ ،‬حيث يبقى ال�سبيل الوحيد للترقي هو �سلوك طريق التخ�ص�ص‪.‬‬
‫وبينما تعاني المنظومة الطبية المغربية من نق�ص كبير في عدد �أطباء الطب العام‪" ،‬ال يكاد يكون هناك طالب‬
‫يريد �أن ي�صبح طبيبا للطب العام‪ ،‬كما �أن الكثير من �أطباء الطب العام يريدون �أن ي�صبحوا اخت�صا�صيين‪".‬‬
‫وتكمن �أهم �أ�سباب ذلك في �سيادة انطباع �سلبي عن العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬وعدم االعتراف‬
‫بالطب العام كتخ�ص�ص قائم بذاته‪ ،‬والأجرة والو�ضعية الإدارية اللتين ال تحفزان كثيرا‪ ،‬وغياب "م�شتل"‬
‫جامعي للطب العام‪/‬طب الأ�سرة والطب الجماعي‪ ،‬والولوج المحدود �إلى الأدوية والمعدات التقنية‬
‫‪33‬‬
‫بالمراكز ال�صحية‪ ،‬الم�س�ؤول عن الإحباط الثانوي لدى �أطباء الطب العام‪.‬‬
‫وال يتوفر الجمهور المغربي على معلومات كافية عن مكانة طبيب الطب العام في م�سلك العالجات‪.‬‬
‫والنتيجة �أن "ا�ستهالك" ا�ست�شارات االخت�صا�صيين يعود بكلفة مرتفعة جدا على ال�صندوق الوطني‬
‫لمنظمات االحتياط االجتماعي‪ .‬ويتبين من الإح�صاءات التي تم تقديمها بمنا�سبة جل�سة اال�ستماع مع‬
‫مدير ال�صندوق �أنه تم دفع تعوي�ض عن ‪ 579.129‬ا�ست�شارة للطب العام‪ ،‬مقابل ‪ 1.226.877‬ا�ست�شارة للطب‬
‫الإخت�صا�صي‪ .‬من ثمة �ضرورة القيام بحمالت �إعالمية عمومية حول دور �أطباء الطب العام‪.‬‬

‫‪Forum National sur les Soins de Santé Primaires. Ministère de la Santé, OMS. Rabat, 2009.‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪R Mrabet. Réforme des études médicales et défi de la démographie.2ème conférence nationale sur la santé.‬‬ ‫‪32‬‬
‫‪Marrakech, juillet 2013.‬‬
‫! ‪B. Millette. La valorisation de la médecine générale : nécessité d’une stratégie à plusieurs volets‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪Forum National sur les Soins de Santé Primaires. Ministère de la Santé, OMS. Rabat, 2009.‬‬

‫‪35‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ولنذكر ب�أن فرن�سا‪� ،‬سعيا منها �إلى اقت�صاد النفقات في هذا المجال‪ ،‬فر�ضت على المنخرطين في نظام‬
‫ال�ضمان االجتماعي المرور �أوال عبر الطبيب المعالج (طبيب طب عام) للولوج �إلى المنظومة العالجية‪.‬‬
‫ويجدر التذكير هنا �أنه في �إطار العمل الجاري حول �إ�صالح التكوين الطبي‪ ،‬ف�إن عملية التفكير �أحرزت‬
‫تقدما كبيرا في ما يتعلق بتكوين �أطباء الطب العام‪.‬‬
‫ونظرا �إلى الأعداد غير الكافية من �أطباء طب الن�ساء المو ِّلدين‪ ،‬ومن �أجل الم�ساهمة في ت�سريع تخفي�ض‬
‫ن�سب الوفيات بين الأمهات والر�ضع‪ ،‬قد يكون من المنا�سب �إحداث تخ�ص�ص "�أطباء التوليد"‪ ،‬المكونين‬
‫على مدى �سنتين �أو ثالث‪ ،‬كما فعلت بع�ض البلدان (بلدان �أمريكا الالتينية و�إندوني�سيا)‪ ،‬التي ا�ستطاعت‬
‫بذلك تخفي�ض ن�سب الوفيات بقدر كبير‪ .‬ويبقى تكوين �أطباء طب الن�ساء المولدين كما هو الآن‪ ،‬ممتدا‬
‫على مدى خم�س �سنوات‪ .‬ومن المنا�سب من �أجل ذلك العمل على م�أ�س�سة هذا التخ�ص�ص على المدى‬
‫القريب والمتو�سط‪ ،‬والتخطيط لإ�صالح للتكوين الطبي‪ ،‬من �أجل اال�ستجابة للحاجيات الجديدة للبالد‪،‬‬
‫التي يفر�ضها التحول المزدوج الوبائي والديموغرافي‪.‬‬
‫تكوين مهنيي ال�صحة �شبه الطبيين‬
‫يق�ضي الإ�صالح الأخير لتكوين المهنيين �شبه الطبيين ب�إحداث نظام �إجازة‪-‬ما�ستر‪-‬دكتوراه‪ ،‬مع معادلة‬
‫�أكاديمية لل�شهادات المح�صلة‪ ،‬وكذا �إر�ساء ج�سور مع الجامعة وخ�صو�صا مع كليات الطب‪ .‬هكذا �سي�صبح‬
‫ب�إمكان الحا�صلين على ما�ستر في علوم التمري�ض �أن يجتازوا مباراة تتيح لهم االلتحاق بكلية للطب من‬
‫�أجل �إعداد �أطروحة دكتوراه في علوم الحياة وال�صحة‪.‬‬
‫ومن �ش�أن تو�سيع دور الممر�ضين‪ ،‬كما هو الحال في عدد من البلدان الغربية وبلدان الجنوب‪� ،‬أن يتيح لهم‬
‫اال�ستجابة ب�صفة �أف�ضل لحاجيات ال�ساكنة في الو�سط القروي على الخ�صو�ص‪ .‬ومن �ش�أن هذا �أن يتيح‬
‫تثمين المهنة‪� ،‬شريطة �أن ُي ّعدهم التكوين لال�ضطالع بهذا الدور‪.‬‬
‫من جانب �آخر‪ ،‬ينبغي �أن يظل الممر�ض هو الملج�أ الأول في العالم القروي النائي‪ ،‬مع تمكينه من تكوين‬
‫مالئم ومنا�سب‪ .‬ومنظمة ال�صحة العالمية تو�صي من جهتها بالقيام‪ ،‬كلما كان ذلك ممكنا‪ ،‬ب�إ�سناد بع�ض‬
‫المهمات �إلى مهنيين �صحيين �أقل ت�أهيال لمواجهة النق�ص في العاملين‪ 34.‬فبف�ضل الممر�ضين المتنقلين‪،‬‬
‫الذين مثلوا الركيزة الأ�سا�سية في برنامج الزيارات المنزلية ذات الدوافع المنهجية‪ ،‬ا�ستطاعت البالد‬
‫تح�سين عدد كبير من الم�ؤ�شرات ال�صحية والق�ضاء على عدد من الأمرا�ض‪.‬‬
‫ويتعين �أن ي�ؤخذ بعين االعتبار كذلك‪ ،‬في تحديد �أعداد الممر�ضين الواجب تكوينهم‪ ،‬الطلب المتزايد‬
‫لمنظومة القطاع الخا�ص‪.‬‬

‫‪Rapport sur la santé dans le monde. La recherche pour la couverture sanitaire universelle. OMS, 2013.‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪36‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫في مجال التروي�ض و�إعادة الت�أهيل‪ ،‬تعد الموارد الب�شرية نادرة جدا‪ .‬ف�أطباء الطب الج�سدي والتروي�ض‬
‫العاملون في القطاع العام يعدون على �أ�صابع اليد الواحدة‪ ،‬والقطاع العمومي ي�شكو من نق�ص هام في‬
‫المهنيين �شبه الطبيين المتخ�ص�صين في التروي�ض و�إعادة الت�أهيل‪.‬‬
‫التكوين الم�ستمر �ضرورة لكل فئات مهنيي ال�صحة‬
‫لي�س التكوين الم�ستمر مم�أ�س�سا وال هو �إجباري‪ ،‬وال يم�س جميع فئات المهنيين‪ .‬كما �أنه من جهة �أخرى في‬
‫حاجة �إلى التكيف مع التقنيات الجديدة في مجال الإعالم والتوا�صل‪ ،‬من �أجل تفادي غيابات طويلة عن‬
‫مكان العمل‪ ،‬واال�ستفادة المثلى من كلفة التكوين و�أثره‪ ،‬وتمكين �أعداد �أكبر من المهنيين من اال�ستفادة منه‪.‬‬
‫تكوين �إداريي ومدبري الم�ؤ�س�سات العالجية‬
‫تم م�ؤخرا تحويل المعهد الوطني للإدارة ال�صحية‪ ،‬المكلف بتكوين �أطر وزارة ال�صحة في مجال الإدارة‬
‫والتدبير‪� ،‬إلى مدر�سة وطنية لل�صحة العمومية‪ ،‬بموجب المر�سوم رقم ‪ 2.12.904‬بتاريخ ‪� 8‬أبريل ‪.2013‬‬
‫والمدر�سة مفتوحة في وجه الطلبة القادمين من الم�سارات الطبية و�شبه الطبية‪ .‬ومن بين التخ�ص�صات‬
‫التي يتم تدري�سها فيها‪ ،‬هناك تخ�ص�ص ال�صحة العمومية وتدبير ال�صحة‪ ،‬مع م�سالك عديدة منها �صحة‬
‫الأ�سرة‪/‬ال�صحة الجماعية‪ ،‬التي يمكن �أن تعنى بالعالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ .‬غير �أن الدفعات قد ال‬
‫تتعدى ‪ 20‬خريجا في ال�سنة‪.‬‬

‫الحكامة‬ ‫‪3‬‬

‫‪ .1.3‬نظام �صحي ممركز �إلى �أبعد الحدود‬


‫يظل التنظيم الحالي لوزارة ال�صحة مطبوعا بمركزية �شديدة وتطوير �ضعيف للم�صالح الخارجية التي تم‬
‫تقييم حدود فعاليتها في ‪ 35 .2002‬وقد بذلت بع�ض الجهود الرامية �إلى �إقرار الالتمركز‪ ،‬وتم في هذا الإطار‬
‫�إحداث مديريات جهوية لوزارة ال�صحة‪ .‬وقد حددت مهام هذه المديريات الجهوية بموجب القرار الوزاري‬
‫رقم ‪ 1363.11‬بتاريخ ‪ 6‬ماي ‪ ،2011‬ولكن بطريقة يعوزها �شيء من الدقة في ما يتعلق ب�صالحيات المديرين‬
‫الجهويين وحدود �سلطتهم الحقيقية‪ ،‬وخ�صو�صا في مجال تدبير الموارد الب�شرية‪ .‬فح�سب منطوق القرار‪،‬‬
‫يتمثل دور المدير على الخ�صو�ص في التن�سيق والتخطيط اال�ستراتيجي‪.‬‬
‫من جانب �آخر‪ ،‬لم تتم مواكبة �إحداث المديريات الجهوية لل�صحة بما يكفي من نقل للموارد والكفاءات‪،‬‬
‫ومن ثمة ف�إن الجهة ال�صحية تمثل م�ستوى جديدا‪ ،‬ت�شكل �أحيانا نقطة انح�صار بين الم�ستويين الإقليمي‬

‫‪Audit technique de l’organisation du ministère de la Santé dans la perspective de la mise en place‬‬ ‫‪35‬‬
‫‪des structures régionales de la santé. 2002.‬‬

‫‪37‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫والمركزي‪ ،‬الذي يعود �إليه �أمر اتخاذ كل القرارات‪ .‬ويبقى الم�ستوى الإقليمي في ظل هذا التنظيم‬
‫الجديد م�شتغال على الحال التي كان عليها من قبل‪ ،‬وال ي�ستفيد من �آليات الالتمركز المفرو�ض فيها �أن‬
‫تقرب م�ستوى القرار من ال�ساكنة ومن مهنيي ال�صحة‪.‬‬
‫ويبدو �أن وزارة ال�صحة قد اختارت الحفاظ على الحال الراهنة ريثما يتم تعميم م�سل�سل الجهوية على‬
‫مجموع الم�صالح الالممركزة‪ ،‬وت�صبح الجهة ال�صحية هي كذلك مم�أ�س�سة‪ ،‬قبل ال�شروع في عملية �إعادة‬
‫‪36‬‬
‫الهيكلة هذه‪.‬‬
‫وخالل زيارة �أع�ضاء مجموعة العمل لجهة الح�سيمة‪-‬تازة‪-‬تاونات‪ ،‬ا�شتكى والي الجهة من غياب‬
‫الالتمركز في ا�شتغال وزارة ال�صحة‪" :‬يتعين علينا العودة للم�ستوى المركزي في �ش�أن �أدنى قرار‪،‬‬
‫والموظف الذي يتخذ عنا القرار موظف لي�ست لديه �أدنى فكرة عن الواقع المحلي‪� .‬أما مع وزارة التربية‬
‫الوطنية‪ ،‬فالأمرمختلف" وفي مجال تخطيط وتنظيم العرو�ض العالجية‪ ،‬يرى والي الجهة �أننا "نحتاج �إلى‬
‫خريطة جهوية مع عقد برنامج خما�سي‪ ،‬ي�أخذ بعين االعتبار �إمكانات الجهة وحاجياتها‪ ،‬مع �إ�شراك الجماعة‬
‫لأنها هي الأ�سا�س‪ ،‬وينبغي البداية بها وتمكينها من التعبير‪".‬‬
‫وتمثل الموارد الب�شرية وتدبيرها �أهم �أعمدة ال�سيا�سة ال�صحية‪ .‬وفي هذا ال�ش�أن �أو�صى المجل�س االقت�صادي‬
‫واالجتماعي والبيئي‪ ،‬في تقريره حول مو�ضوع "تدبير وتطوير الكفاءات الب�شرية‪ ،‬رافعة �أ�سا�س لنجاح‬
‫الجهوية المتقدمة"‪ ،‬من بين ما �أو�صى به‪ ،‬بال�شروع في تفعيل التمركز تدبير المهنيين الالممركزين‬
‫على الم�ستوى الجهوي‪ .‬وفي مجال ال�صحة ينبغي تعزيز الالتمركز في مجال تدبير الموارد الب�شرية على‬
‫الم�ستوى الإقليمي‪.‬‬
‫وبالتالي يمكن �أن نعتبر �أن الجهود والوتيرة الحالية في الالتمركز ال تزال غير كافية‪ ،‬على حين �أن من �ش�أن‬
‫تقوية الالتمركز على الم�ستوى الإقليمي‪:‬‬
‫• •�إعطاء �سلطة القرار للفاعلين المحليين‪ ،‬و�إتاحة اال�ستجابة بطريقة �أكثر فعالية و�سرعة لحاجيات‬
‫وانتظارات ال�ساكنة في المجال ال�صحي؛‬
‫• •تح�سين اندماج وتكامل الفاعلين الرئي�سيين في القطاع العمومي والخا�ص؛‬
‫• •تح�سين تنظيم م�سلك العالجات على م�ستوى �شبكة العالجات ال�صحية الأ�سا�سية؛‬
‫• •ت�سريع وتيرة تنمية قدرات وكفاءات الم�صالح الخارجية الالممركزة‪ ،‬التي �ست�صبح عند ذلك م�س�ؤولة‬
‫بالفعل عن قراراتها؛‬
‫• •تعزيز التعاون بين القطاعات‪ ،‬وهو تعاون يمثل �آلية ال غنى عنها للت�أثير بفعالية ونجاعة على المحددات‬
‫االقت�صادية واالجتماعية لل�صحة‪.‬‬

‫‪Revue du développement de la stratégie des soins de santé primaires et de l’objectif‬‬ ‫‪36‬‬


‫‪« Santé Pour Tous d’ici l’an 2000 » au Maroc. M Laaziri. OMS, 2007.‬‬

‫‪38‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫‪ .2.3‬تعاون محدود بين القطاعات العمومية والقطاع الخا�ص والمجتمع المدني‬


‫بالن�سبة �إلى لجنة المحددات االجتماعية لل�صحة‪ ،‬يمثل التقلي�ص من الفوارق في مجال ال�صحة �ضرورة‬
‫�أخالقية تقت�ضي �أن ت�شمل ال�سيا�سات والبرامج كل القطاعات الكبرى‪ ،‬دون االقت�صار على قطاع ال�صحة‬
‫وحده‪ .‬غير�أن على وزارة ال�صحة �أن ت�ضطلع بدور حا�سم في التح�سين الم�ستمر ل�صحة المواطنين‪ .‬وهذا‬
‫يتطلب قطاعا عموميا قويا‪ ،‬وتعزيزا للحكامة‪ ،‬وقطاعا خا�صا م�س�ؤوال‪ ،‬ودعما من المجتمع المدني ومن كل‬
‫‪37‬‬
‫�أفراد المجتمع من �أجل الدفاع عن الم�صلحة الم�شتركة و�إعادة اال�ستثمار في العمل الجماعي‪.‬‬
‫التدخالت القطاعية في محددات ال�صحة‬
‫هناك العديد من الفاعلين المتدخلين مبا�شرة �أو بطريقة غير مبا�شرة في مجال ال�صحة‪ ،‬وهم‪:‬‬
‫• •وزارة ال�صحة‪ ،‬ال�سلطة العمومية المكلفة بالقطاع (الو�صية عليه)‪ ،‬والفاعل الرئي�سي في المنظومة‬
‫ال�صحية؛‬
‫• •قطاعات وزارية �أخرى‪ :‬التربية الوطنية‪ ،‬والتعليم العالي‪ ،‬والداخلية‪ ،‬والتجهيز والنقل‪ ،‬وال�شبيبة‬
‫والريا�ضة‪ ،‬والعدل‪ ،‬والفالحة‪ ،‬وال�شغل‪ ،‬ووزارة الت�ضامن والمر�أة والأ�سرة والتنمية االجتماعية؛‬
‫• •الجماعات المحلية‪ :‬مجال�س الجهات‪ ،‬ومجال�س الواليات‪/‬الأقاليم‪ ،‬والمجال�س الجماعية‪.‬‬
‫و�أدوار ه�ؤالء الفاعلين في مجال محددات ال�صحة غيروا�ضحة في غالب الأحوال‪ ،‬ويمكن �أن تف�ضي‬
‫�إلى حاالت تداخل في االخت�صا�صات‪ .‬وقد �أطلقت وزارة ال�صحة تجارب عديدة للتعاون بين القطاعات‬
‫في مختلف المجاالت‪ ،‬وخ�صو�صا في مجال تفعيل برامج ال�صحة العمومية (حمالت التلقيح‪ ،‬ال�صحة‬
‫المدر�سية‪ ،‬برامج التوعية ال�صحية‪ ،‬وغير ذلك)‪ .‬وهكذا يتم بانتظام �إبرام اتفاقيات �شراكة مع مختلف‬
‫الوزارات‪ ،‬غير �أن النتائج المرجوة من تلك ال�شراكات ال يتم تحقيقها في جميع الحاالت‪� ،‬إذ ال يتم احترام‬
‫االلتزامات دائما‪ ،‬ب�سبب غياب التن�سيق واختالف �أولويات كل فاعل عن �أولويات الآخرين‪ .‬كما �أن‬
‫‪38‬‬
‫االتفاقيات التي يجري �إبرامها ال تليها عملية تقييم منتظمة و�صارمة‪ ،‬وال يتم قيا�س �آثارها‪.‬‬
‫مكن الملتقى الأول حول الحكامة‪ ،‬الذي نظمته وزارة ال�ش�ؤون العامة والحكامة‪ ،‬من �إبراز م�شكلة تعدد‬
‫اال�ستراتيجيات القطاعية العمودية‪ ،‬التي يتم و�ضعها دون منظور من�سجم وال �آليات للتن�سيق ودون تقييم‬
‫لفعاليتها وتكاملها وت�آزرها‪ .‬وقد كان مما اتفقت عليه الآراء خالل هذا الملتقى �أن �ضعف الالمركزية‬
‫والالتمركز يحد من �صالحيات الم�صالح الالممركزة لمختلف الوزارات ومن قدرتها على االندماج‬
‫واالنخراط في ال�ش�ؤون المحلية‪.‬‬

‫‪Rapport de la Commission des Déterminants sociaux de la Santé. OMS, 2008.‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪Rapport des premières assises de la gouvernance et de la synergie des stratégies et des programmes‬‬ ‫‪38‬‬
‫‪sectoriels. Ministère des Affaires Générales et de la Gouvernance, 12-13 février 2013.‬‬

‫‪39‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫وقد �أو�صى الملتقى بتبني مقاربة ترابية‪ ،‬مع م�شاركة الفاعلين المحليين في �إعداد ا�ستراتيجيات وبرامج‬
‫التنمية المحلية‪ ،‬من �أجل �ضمان ت�آزر التدخالت القطاعية وتح�سين الولوج �إلى الخدمات االجتماعية‬
‫الأ�سا�سية‪ ،‬والتربية‪ ،‬والعالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪.‬‬
‫وقد �شدد تقريرالملتقى على �ضرورة �إحداث هيئة �أفقية‪ ،‬تابعة مبا�شرة لرئي�س الحكومة‪ ،‬ت�سهر على تن�سيق‬
‫اال�ستراتيجيات القطاعية وت�أمين الت�آزر بينها‪ ،‬وكذا على الإعداد والتقييم‪ .‬وينبغي �أن تتكون هذه الهيئة من‬
‫ممثلين عن مختلف القطاعات العمومية والقطاع الخا�ص والمجتمع المدني‪ ،‬و�أن ت�شتغل عبر مجموعات‬
‫عمل مو�ضوعاتية‪.‬‬
‫‪ .3.3‬المقاربة الجماعية‪ :‬تجربة متوا�ضعة لكن ينبغي تطويرها‬
‫تتميز ال�صحة الجماعية بخ�صائ�ص �أهمها‪:‬‬
‫• •قاعدة جماعية تتكون من مجموعة من ال�سكان �أو مجموعة من الأفراد‪ ،‬يجمع بينهم م�شكل �أو و�ضعية‬
‫م�شتركة �أو هدف م�شترك؛‬
‫• •تحديد جماعي للم�شاكل والحاجيات والموارد‪ ،‬وذلك هو الت�شخي�ص الجماعي؛‬
‫• •الم�شاركة المفتوحة في وجه كل الفاعلين المعنيين‪ ،‬من م�ستعملين للم�ؤ�س�سات ال�صحية الأ�سا�سية‪،‬‬
‫ومهنيين من مجاالت مختلفة‪ ،‬و�إداريين‪ ،‬و�سيا�سيين‪ ،‬وغيرهم‪ .‬والم�شاركة تفتر�ض �إ�شراك ال�ساكنة في‬
‫‪39‬‬
‫تحديد ما يمثل م�شكلة‪ ،‬وكذا ال�شراكة وتقا�سم المعارف وال�سلطات‪.‬‬
‫وتجدر الإ�شارة �إلى �أن محدودية المنظومات ال�صحية وعجزها عن اال�ستجابة لكل حاجيات ال�ساكنة‬
‫‪40‬‬
‫تجعل من مفهوم ال�صحة الجماعية مفهوما يفر�ض نف�سه حتى في البلدان الغنية ‪.‬‬
‫المقاربات الجماعية في مجال ال�صحة‬
‫تفتر�ض مقاربة ال�صحة �سواء من منظور �صحي �أم من منظور تنموي حق الأفراد والجماعات في الم�شاركة‬
‫وواجبهم في االنخراط في توفير ال�شروط الكفيلة بتح�سين �صحتهم وظروف عملهم‪ .‬ومن �ش�أن هذه‬
‫المقاربة �أن تف�ضي بالجماعات �إلى فهم �أمثل‪ ،‬وبالتالي تحكم �أف�ضل‪ ،‬في محددات ال�صحة التي من‬
‫الممكن العمل عليها من �أجل تح�سين �صحة �أفرادها‪ 41،‬والإ�سهام في �سد �أوجه النق�ص في الخدمات‬
‫داخل المجموعة‪ ،‬وتم ُّلك البرامج ال�صحية‪ .‬ومن التو�صيات التي تقدم في مجال الوقاية والتوعية ال�صحية‬

‫‪Au sujet de la santé communautaire. Institut Théophraste Renaudot, 2003.‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪Proposition d’un modèle de santé communautaire au Maroc. Ministère de la Santé/UNICEF, 2011.‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪A model on delivering PHC services within communities. WHO, 2009.‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪40‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫على �سبيل المثال‪" ،‬ت�شجيع الم�شاركة الفاعلة لكل الفاعلين المعنيين‪ ،‬ال فح�سب المهنيين‪ ،‬بل وكذلك‬
‫ال�ساكنة‪ .‬ويمكن �أن تجري هذه الم�شاركة على م�ستويات عديدة‪ ،‬كالإعالم والتكوين‪ ،‬وتعبير الفاعلين‬
‫عن حاجياتهم وم�شاكلهم وطموحاتهم‪ ،‬و�إ�شراك الفاعلين في اختيار اال�ستراتيجيات‪ ،‬وتفعيل الأعمال‬
‫‪42‬‬
‫وتقييمها‪".‬‬
‫وهناك مبادرتان هامتان في مجال المقاربة الجماعية ت�ستحقان الذكر‪ ،‬تتمثل �أولهما في برنامج الحاجيات‬
‫الأ�سا�سية للتنمية‪ ،‬الذي �أن�ش�أته منظمة ال�صحة العالمية في ‪ 1996‬ثم تم تو�سيعه �إلى ‪ 27‬موقعا‪ ،‬وثانيهما‬
‫المبادرة الوطنية للتنمية الب�شرية‪ ،‬التي تم �إطالقها في ماي ‪ 2005‬من قبل �صاحب الجاللة الملك محمد‬
‫ال�ساد�س‪ .‬والبرنامجان �إذ يلتقيان من حيث فل�سفتهما ومنهجيتهما‪� ،‬إال �أنهما يختلفان على الخ�صو�ص من‬
‫حيث ال�شرائح الم�ستهدفة ومجاالت العمل والتنظيم والو�سائل‪ .‬فبالن�سبة �إلى منظمة ال�صحة العالمية‪،‬‬
‫يمثل انطالق المبادرة الوطنية للتنمية الب�شرية فر�صة لتطوير وتو�سيع المقاربة الجماعية لبرنامج الحاجيات‬
‫الأ�سا�سية للتنمية‪ ،‬الذي ي�ضع ال�صحة في �صميم التنمية الب�شرية‪ .‬وبناء على هذا‪ ،‬وطبقا لتو�صيات منظمة‬
‫ال�صحة العالمية‪ ،‬تم اقتراح �إدماج برنامج الحاجيات الأ�سا�سية للتنمية في دينامية المبادرة الوطنية للتنمية‬
‫‪43‬‬
‫الب�شرية وفي بنياتها التنظيمية‪ ،‬وخ�صو�صا في اللجنة المحلية للتنمية الب�شرية‪ ،‬لمختلف مواقع البرنامج‪.‬‬
‫وقد �أتاح البرنامجان تحقيق خطوات ال جدال فيها‪ ،‬لكنهما يواجهان �صعوبات مرتبطة بو�ضع مقاربة‬
‫ت�شاركية فعلية وفعالة‪ ،‬تتطلب على الخ�صو�ص كفاءات ب�شرية وو�سائل وتقاربا وتن�سيقا‪ ،‬ولكن �أي�ضا مزيدا‬
‫من الالمركزية والالتمركز للم�صالح الخارجية‪ 44 .‬لكن ورغم ذلك ف�إن مكت�سبات هذين البرنامجين يتعين‬
‫دعمها‪ ،‬كما ينبغي للدولة بذل كل الجهد الممكن من �أجل جعل المقاربة الجماعية في �صميم �سيا�ستها‬
‫الوطنية للتنمية الب�شرية و�سيا�ستها الوطنية لل�صحة‪.‬‬
‫�أما مفهوم �إعادة الت�أهيل المبني على القاعدة الجماعية‪ ،‬الذي �أطلقته منظمة ال�صحة العالمية بعد �إعالن‬
‫�ألما �آتا في ‪ ،1978‬والذي تم االرتقاء به �إلى مرتبة اال�ستراتيجية الرامية لتح�سين ولوج الأ�شخا�ص المعاقين‬
‫�إلى خدمات �إعادة الت�أهيل في البلدان ذات الدخل ال�ضعيف والمتو�سط ‪ ،45‬فقد تم اعتماده في المغرب‬
‫�سنة ‪ .1996‬غير�أن تغطيته الجغرافية تظل محدودة جدا (‪ 5‬مدن)‪ ،‬كما بقيت م�ساهمته في �إنعا�ش ال�صحة‬
‫الأ�سا�سية هام�شية جدا‪.‬‬

‫‪Décret du 14 juillet 1997 qui organise la promotion de la santé dans la communauté française de‬‬ ‫‪42‬‬
‫‪Belgique.‬‬
‫‪L’approche des Besoins Essentiels de Développement : une approche communautaire pour mettre l’INDH‬‬ ‫‪43‬‬
‫‪au service de l’amélioration de la santé. Ministère de la Santé/OMS, 2007.‬‬
‫‪Initiative Nationale pour le développement humain : analyse et recommandations, CESE 2013.‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪Disability prevention and rehabilitation: report of the WHO expert committee on disability prevention‬‬ ‫‪45‬‬
‫‪and rehabilitation. Geneva, WHO, 1981.‬‬

‫‪41‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪ .4.3‬ال�شراكة بين القطاعين العمومي والخا�ص‪� :‬آلية يتعين دعمها‬


‫تعتبر ال�شراكة بين القطاعين العمومي والخا�ص بمثابة عقد مبرم بين �شريك من القطاع العمومي و�شريك‬
‫من القطاع الخا�ص‪ ،‬يهدف �إلى و�ضع �أو تدبير م�شروع يرمي �إلى �ضمان خدمة عمومية يتم فيها اقت�سام‬
‫المخاطر والتمويل‪.‬‬
‫بذلك ف�إن ال�شراكة بين القطاعين العمومي والخا�ص تتيح للقطاع العمومي اال�ستعانة بمهارة ال يتوفر عليها‬
‫من �أجل تحقيق اال�ستفادة الأمثل من دورة م�شاريعه والتو�صل ب�سرعة �أكبر �إلى تحقيق �أهدافه‪ .‬وال�سلطة‬
‫العمومية م�س�ؤولة عن �إعداد دفتر التحمالت‪ ،‬وتعيين وتدبير العقد‪ ،‬في حين يكون القطاع الخا�ص م�س�ؤوال‬
‫عن االلتزامات وعن بلوغ الأهداف المر�سومة في �إطار العقد‪.‬‬
‫وقد ينطبق التعاقد على مجاالت متنوعة‪ ،‬ويتطلب تدخل فاعلين من و�ضعيات مختلفة (من جمعيات‪،‬‬
‫وتعا�ضديات‪ ،‬و�أطباء‪ ،‬وممر�ضين‪ ،‬ومكاتب مجموعات‪ ،‬وممونين وغيرهم)‪ .‬وقد يتخذ �صورة ب�سيطة‬
‫(كالعقود العامة) �أو معقدة (كاالتفاقية الإطار)‪� .‬أما في مجال العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬فيمكن‬
‫�أن ينطبق التعاقد على نقل المر�ضى‪ ،‬وكذا على �شراء الخدمات (كالفحو�ص الإ�شعاعية والبيولوجية‪،‬‬
‫و�أعمال الت�شخي�ص‪ ،‬واال�ست�شارات الطبية وما �إلى ذلك)‪� ،‬شريطة �أن يتم و�ضع �إطار تنظيمي يتيح للمندوب‬
‫الإقليمي �شراء خدمات من القطاع الخا�ص و�أداء ثمنها لتلبية حاجيات م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية‬
‫الأ�سا�سية‪ ،‬وذلك ح�سب �أنماط مختلفة (وقت كامل‪ ،‬وقت جزئي‪ ،‬عمل حر‪ ،‬عقد ذو �أجل محدود �أو غير‬
‫محدود‪� ،‬أداء جزافي‪ ،‬بال�ساعة‪ ،‬بالعمل المنجز‪� ،‬إلى غير ذلك)‪.‬‬
‫لكن‪� ،‬أيا كان النمط المتبع في هذه التعاقدات‪ ،‬فال يمكن التفكير فيها بحالٍ دون تنظيم من قبل الدولة‬
‫ودون نظام للمراقبة‪ ،‬و�إال �أف�ضى ذلك �إلى مخاطر االنزالق‪ .‬ويجب �أن يندرج هذا التعاقد في �إطار‬
‫ا�ستراتيجية �صحية (وطنية �أو جهوية) دقيقة‪ ،‬تحدد �أهدافا وا�ضحة‪ .‬كما ينبغي من جهة �أخرى �أن تكون‬
‫الدولة قادرة على التتبع والتقييم المنتظم والمدقق لتنفيذ مقت�ضيات العقود‪.‬‬
‫وهناك م�شروع قانون متعلق بعقود ال�شراكة بين القطاعين العمومي والخا�ص‪ ،‬تم اقتراحه من قبل وزارة‬
‫االقت�صاد والمالية‪ ،‬يدر�س حاليا في البرلمان‪ .‬ويهدف م�شروع القانون هذا �إلى توفير القاعدة القانونية التي‬
‫تتيح التوفيق ما بين اال�ستجابة‪ ،‬في �أف�ضل الآجال‪ ،‬لالنتظارات المتزايدة ب�ش�أن خدمات عمومية فعالة‪،‬‬
‫وتحديد الموارد المالية المتوفرة‪ .‬ومن �ش�أن اللجوء �إلى هذه العقود �أن يتيح اال�ستفادة من قدرات التجديد‬
‫والتمويل التي يتمتع بها القطاع الخا�ص‪ ،‬و�ضمان فعلية الخدمات بطريقة تعاقدية‪ .‬وح�سب منطوق م�شروع‬
‫القانون هذا‪ ،‬ف�إن تطوير ال�شراكة بين القطاعين العمومي والخا�ص �سيتيح‪ ،‬تحت م�س�ؤولية ال�سلطة العمومية‪،‬‬
‫تدعيم عمليات‪:‬‬

‫‪42‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫• •تقديم خدمات وبنيات تحتية اقت�صادية واجتماعية ذات جودة وبكلفة �أقل؛‬
‫• •اقت�سام المخاطر الناتجة عن ذلك مع القطاع الخا�ص؛‬
‫• •تطوير �أنماط جديدة من حكامة الخدمات العمومية في الإدارات العمومية على �أ�سا�س الإنجاز‪� ،‬سواء‬
‫على الم�ستوى المحلي �أم الوطني؛‬
‫• •�إقرار �إجبارية مراقبة وافتحا�ص عقود ال�شراكة‪� ،‬سواء في ما يتعلق ب�شروط و�أنماط الإعداد والمنح‪� ،‬أم‬
‫في التنفيذ‪.‬‬
‫وقد �أفردت ا�ستراتيجية وزارة ال�صحة ‪ 46 2012-2008‬مكانة هامة لل�شراكات بين القطاعين العمومي‬
‫والخا�ص‪ ،‬غير �أن النتائج تبقى متوا�ضعة �إذا لم نعتبر المناولة (التفوي�ض الخارجي) للخدمات العامة‬
‫واللوج�ستيكية‪ ،‬التي ال تم�س قلب المهنة‪( ،‬خ�صو�صا ما يتعلق بالأمن والتنظيف والتغذية)‪ .‬ففي مجال‬
‫�شراء الخدمات‪ ،‬يمكن ذكر مثال واحد‪ ،‬هو مثال ت�صفية الدم‪ ،‬الذي �أتاح التكفل بما يزيد على �ألف‬
‫مري�ض ‪ .47‬كما تم م�ؤخرا �إبرام اتفاقات �شراكة مع جمعية �أطباء الرئة وداء ال�سل للقطاع الحر‪ ،‬ومع النقابة‬
‫الوطنية للطب العام‪.‬‬
‫�أما اال�ستراتيجية القطاعية لل�صحة ‪ 2016-2012‬فلقد خ�ص�صت عملين اثنين لل�شراكة بين القطاعين‬
‫العمومي والخا�ص‪:‬‬
‫• •التدخل ‪ :167‬تعزيز ال�شراكة مع القطاع الخا�ص في مجال الخدمات ال�صحية؛ تحديد �إطار للتعاون‬
‫بين وزارة ال�صحة والجمعيات العاملة في مجال ال�صحة؛ �إعداد ن�ص تنظيمي لت�أطير الممار�سة الطبية‬
‫في الم�ؤ�س�سات العمومية‪ ،‬وذلك من �أجل �سد النق�ص الكبير في الموارد الب�شرية؛‬
‫• •التدخل ‪ :168‬تطوير �أ�شكال جديدة من ال�شراكة بين القطاعين العمومي والخا�ص‪ ،‬وخ�صو�صا‬
‫في مجال اال�ستثمارات ال�صحية (تطوير مبادرات تمويلية من القطاع الخا�ص لفائدة الم�ست�شفيات‬
‫العمومية‪ ،‬وموا�صلة التفاو�ض حول القانون ‪ ،10-94‬في �أفق تعزيز ال�شراكة بين القطاعين العمومي‬
‫والخا�ص)‪.‬‬
‫• •لي�س التعاقد وال�شراكة بين القطاعين العام والخا�ص بالعالج ال�شامل ال�شافي وال هما بالهدف في‬
‫حد ذاته‪ ،‬غير �أن من �ش�أنهما الم�ساهمة بقدر هام في تح�سين العر�ض في مجال العالجات الأ�سا�سية‪.‬‬

‫‪Plan d’action 2008-2012. Ministère de la Santé, 2008.‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪Les disparités dans l’accès aux soins de santé au Maroc. Etudes de cas. ONDH, 2010.‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪43‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪ .5.3‬الر�شوة وقد �أ�صبحت "�شيئا عاديا"‬


‫يعد قطاع ال�صحة من بين القطاعات التي ت�شهد �أكبر انت�شار للظاهرة‪ ،‬ح�سب البارومتر العالمي للر�شوة‪.‬‬
‫ففي مجال ال�شكايات المتعلقة بالر�شوة‪ ،‬يحتل هذا القطاع‪ ،‬بما مجموعه ‪ 17‬بالمائة من ال�شكايات والمرتبة‬
‫الثانية بعد ال�سلطات المحلية والجهوية ‪ .48‬وقد بينت درا�سة قام بها المجل�س االقت�صادي واالجتماعي‬
‫والبيئي في غ�شت و�شتنبر ‪� 2012‬أن ال�صحة لم تح�صل �إال على ‪ 37‬بالمائة من الآراء "الإيجابية �أو الإيجابية‬
‫جدا"‪ ،‬مما يجعلها تحتل مكانا بعيدا خلف الإدارات الأخرى‪ ،‬با�ستثناء التعمير وال�سكنى والعدالة ‪. 49‬‬
‫وتتفق كل هذه الدرا�سات والتقارير على القول ب�أن الظاهرة منت�شرة‪ ،‬و�أنها تالحظ في الم�ست�شفيات‬
‫والمراكز ال�صحية العمومية �أكثر بكثير مما تالحظ في الم�صحات الخا�صة‪ ،‬و�أن الر�شوة قد �أ�صبحت �سلوكا‬
‫عاديا ومعمما‪ ،‬بل وطبيعيا‪.‬‬
‫ويتبين من درا�سة الهيئة المركزية للوقاية من الر�شوة �أن الر�شوة في مجال ال�صحة تكت�سي �شكل "قهوة"‪،‬‬
‫�أو زبونية‪� ،‬أو امتيازات عينية‪ .‬وتمثل ظاهرة "القهوة" والر�شوة ال�صغيرة �أكثر �أ�شكال الر�شوة انت�شارا في‬
‫الم�ؤ�س�سات العالجية‪� .‬أما في المراكز ال�صحية بالعالم القروي‪ ،‬ف�إن الهدايا العينية تمثل �شكال منت�شرا‬
‫ن�سبيا من �أ�شكال الر�شوة‪.‬‬
‫مهني ال�صحة �أن يكون‬ ‫ويقول في هذا ال�صدد �أحد �أطباء الطب العام‪" :‬في العالم القروي‪ ،‬يتعين على ِّ‬
‫جاهزا على مدار ال�ساعة لخدمة �ساكنة الدوار‪ .‬والهدايا العينية التي تقدمها هذه ال�ساكنة للمهني تعتبر في‬
‫نظرها بمثابة تعوي�ض عن الجهد المبذول‪ .‬وبحكم االعتقاد ال�سائد بالو�ضعية "المثيرة لل�شفقة" للمهنيين‬
‫ال�صحيين‪ ،‬ف�إن الهدايا تعتبر �أي�ضا بمثابة محفزات ل�ضمان وفاء ه�ؤالء المهنيين وا�ستدامة �إخال�صهم‬
‫وتفانيهم في العمل"‪.‬‬
‫وتمثل الر�شوة ظاهرة تم�س مجموع �أجهزة التكفل بالمر�ضى‪ ،‬وذلك على م�ستويات مختلفة‪ :‬القبول في‬
‫الم�ست�شفى بن�سبة ‪ 53‬بالمائة‪ ،‬والأدوية بن�سبة ‪ 42‬بالمائة‪ ،‬وال�شهادات بن�سبة ‪ 41‬بالمائة‪ ،‬واال�ست�شارات‬
‫والفحو�ص بن�سبة ‪ 35‬بالمائة‪ ،‬وفي مراكز تحاقن الدم بن�سبة ‪ 37‬بالمائة‪ .‬وهي �أكثر تركيزا في المدن الكبرى‬
‫وفي الم�ست�شفيات‪ .‬وعلى �سبيل المثال‪ ،‬فهي ت�سجل في ما يتعلق بالأدوية ‪ 35‬بالمائة في مركز �صحي‪،‬‬
‫و‪ 46‬بالمائة في الم�ست�شفى‪ ،‬كما ت�سجل بالن�سبة �إلى اال�ست�شارات والفحو�ص ‪ 29‬بالمائة في المركز‬
‫ال�صحي و‪ 41‬بالمائة في الم�ست�شفى‪.‬‬

‫‪Rapport annuel des activités du centre d’appui juridique contre la corruption, Transparency, 2012.‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪La gouvernance des services publics. CESE, 2013.‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪44‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫ومن وجهة نظر المر�ضى‪ ،‬ف�إن تجارب الر�شوة التي يعي�شونها تهم الممر�ضين بالدرجة الأولى‪ ،‬بما قدره ‪63‬‬
‫بالمائة‪ ،‬يليهم الأطباء (‪ 16‬بالمائة) ثم �أعوان الأمن (‪ 8‬بالمائة)‪ .‬وي�ؤكد مهنيو ال�صحة‪ ،‬من �أطباء وممر�ضين‪،‬‬
‫�أن الأ�شخا�ص المعنيين بتلك الممار�سة ال يمثلون �إال �أقلية بالن�سبة �إلى مجموع �أعداد المهنيين‪ .‬وينبغي‬
‫الإ�شارة كذلك �إلى �أنه "�أمام النق�ص في الموارد الب�شرية‪ ،‬ال يتردد المر�ضى في اتهامنا بالتهاون والإهمال‪.‬‬
‫كما �أن عدم جاهزية المهنيين للخدمة يعد في بع�ض الأحيان بمثابة تحفيز على الر�شوة" ‪.50‬‬
‫�إجراءات محاربة الر�شوة التي �أر�ستها وزارة ال�صحة‪ ،‬وتقدير �آثار تلك الإجراءات‬
‫�أخذت وزارة ال�صحة على نف�سها‪ ،‬وعيا منها بحجم الظاهرة‪ ،‬التزاما قويا في مجال الوقاية من الر�شوة‬
‫ومحاربتها داخل الم�ؤ�س�سات ال�صحية‪ ،‬وذلك من خالل خطة عملها ل�سنة ‪ ،2008‬التي كانت محاورها‬
‫الرئي�سية هي دعم �أعمال الإعالم وال�شفافية‪ ،‬وكذا تعميم الولوج �إلى المعلومة (انظر الإطار �أدناه)‪ .‬وقد تم‬
‫�إ�سناد �أمر تتبع الأعمال وتقييمها �إلى لجنة "التخليق وال�شفافية والحكامة في قطاع ال�صحة"‪ ،‬التي �أن�شئت‬
‫لهذا الغر�ض‪ .‬غير �أن نقابات مهنيي ال�صحة لم يتم �إ�شراكها في �إعداد هذه االتفاقية‪ ،‬كما �أن التدابير التي‬
‫تم و�ضعها لم تخ�ضع للتقييم‪.‬‬
‫وقد اعتبر رئي�س الهيئة المركزية للوقاية من الر�شوة‪� ،‬أثناء اال�ستماع �إليه بمقر المجل�س‪� ،‬أن خطة العمل‬
‫هذه ت�شكو من �ضعف على م�ستوى التخطيط اال�ستراتيجي ال�شامل وت�ستدعي الى الأخد بعين الإعتبار‬
‫عددا من المالحظات‪:‬‬
‫• •�ضعف �آليات و�أدوات المراقبة لتتبع الأن�شطة الإجرائية لتدبير ال�صيدليات على م�ستوى الم�ؤ�س�سات‬
‫العالجية ومندوبيات وزارة ال�صحة‪ ،‬وتدبير المختبرات العمومية‪ ،‬وتتبع عمليات نقل الدم؛‬
‫• •غياب التكامل والتعاون بين الم�ؤ�س�سات العالجية و�أجهزة التن�سيق والت�أطير التابعة لوزارة ال�صحة؛‬
‫• •عدم كفاية الو�سائل الب�شرية والمالية لت�أمين تتبع وح�سن ا�ستعمال التجهيزات والمواد الم�ستهلكة‬
‫والعنا�صر الكيميائية الكا�شفة‪ ،‬وكذا ما ي�ؤول �إليه �أمر الأدوية الموزعة على م�ستوى الم�ؤ�س�سات‬
‫العالجية؛‬
‫• •غياب تقييم لأداء الموارد الب�شرية والمرافق التي يمكنها اال�ضطالع بدور �أ�سا�سي في محاربة الر�شوة‬
‫في القطاع‪ .‬فلجنة "التخليق وال�شفافية والحكامة في قطاع ال�صحة" ال تجتمع وال ت�ؤدي دورها كما‬
‫ينبغي‪.‬‬
‫ولقد تم توقيع اتفاقية لل�شراكة بين وزارة ال�صحة والهيئة المركزية للوقاية من الر�شوة‪ ،‬في ‪ 27‬يوليوز ‪،2011‬‬
‫تلتزم وزارة ال�صحة بموجبها ب�أخذ نتائج الدرا�سة بعين االعتبار‪ ،‬و�إدماج المبادرات التي يتبين �صوابها في‬
‫ا�ستراتيجيتها ال�شاملة‪ ،‬وتبني اال�ستراتيجية المقترحة بعد تكييفها‪ ،‬ب�صفتها اال�ستراتيجية الر�سمية للقطاع‬

‫‪Etude sur le phénomène de la corruption dans le secteur de la santé. ICPC, 2011.‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪45‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫من اجل الوقاية من الر�شوة ومحاربتها‪ .‬وهناك خطة عمل مف�صلة تت�ضمن الطرائق العملية لتطبيق هذه‬
‫اال�ستراتيجية‪ .‬كما �أن الم�شاريع المقترحة والمبرمجة على مدى خم�س �سنوات‪ ،‬وعددها ‪ 55‬م�شروعا‪،‬‬
‫مو�ضوعة في بطاقات م�شاريع مف�صلة‪ ،‬مع �أهداف خا�صة وقابلة للقيا�س‪.‬‬

‫الهيئة المركزية للوقاية من الر�شوة و�ضعت خارطة طريق للوقاية من الر�شوة ومحاربتها‬
‫في قطاع ال�صحة‪:‬‬
‫•تر�سيخ قيم المواطنة؛‬ ‫•‬
‫•ا�ستعادة الثقة في الم�صالح ال�صحية؛‬ ‫•‬
‫•تطوير تدبير الموارد الب�شرية داخل الم�ؤ�س�سات؛‬ ‫•‬
‫•تكييف محيط العمل؛‬ ‫•‬
‫•اال�ستفادة المثلى من تدبير التجهيزات والمواد التموينية؛‬ ‫•‬
‫•تدبير وقيادة الأن�شطة (الإنجاز من خالل الأهداف‪ ،‬وم�ؤ�شرات الإنجاز)؛‬ ‫•‬
‫•�إر�ساء قواعد �أ�سا�سية (المراقبة والتنظيم والتتبع والتقييم وما �إليها)‪.‬‬ ‫•‬

‫‪46‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الق�سم الثالث‪ :‬تقدير الولوج �إلى الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‬

‫يتحدد الولوج �إلى الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ح�سب عوامل عديدة ذات طبيعة مختلفة‪ ،‬كالم�سافة‪،‬‬
‫والجغرافيا‪ ،‬والتربية‪ ،‬والم�ستوى االقت�صادي‪-‬االجتماعي والثقافي‪ ،‬والنوع‪ ،‬ومكان الإقامة‪ .‬وهو م�شروط على‬
‫الخ�صو�ص بالتغطية ال�صحية‪.‬‬
‫ويعد دور �شبكة م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية حا�سما في اال�ستراتيجية القطاعية لوزارة ال�صحة‪� ،‬إذ‬
‫تمثل تلك ال�شبكة مدخال للمنظومة العالجية‪ ،‬كما تمثل �آلية للوقاية والمرجعية والمراقبة الوبائية‪.‬‬

‫الولوج �إلى �شبكة م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .1.1‬تفاوت كبير وغياب المالءمة والتكييف‬


‫يبين تحليل ن�سبة تغطية �أعداد م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية لأعداد ال�ساكنة وجود فوارق‬
‫جهوية كبيرة‪ ،‬بن�سب يبلغ بع�ضها خم�سة �أ�ضعاف بع�ض‪ .‬وهناك ت�سع جهات من �أ�صل �ست ع�شرة جهة‪،‬‬
‫ت�سجل في هذا المجال ن�سبة �أدنى من المعدل الوطني‪.51‬‬
‫هذه الفوارق القائمة في وجود م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية ما بين الجهات وداخل الجهة‬
‫الواحدة وبين الو�سطين الح�ضري والقروي‪ ،‬تجد تف�سيرها في �ستة عوامل‪:‬‬
‫• •تخطيط ممركز لهذه البنيات الأ�سا�سية‪ ،‬في انف�صال تام عن التنمية الترابية ال�شاملة؛‬
‫• •غياب ن�صو�ص تطبيقية‪ ،‬وغياب لتفعيل خريطة �صحية ومخططات جهوية للعرو�ض العالجية‪ ،‬وهي‬
‫كلها تمثل الأدوات الرئي�سية في كل تخطيط �صحي‪ ،‬على حين ين�ص عليها القانون‪-‬الإطار ‪،34-09‬‬
‫المتعلق بالمنظومة ال�صحية والعر�ض العالجي‪ ،‬ال�صادر في ‪2011‬؛‬
‫• •نمط ال�سكن القروي‪ ،‬الذي يتميز بم�ساكن �شديدة الت�شتت والتنوع ح�سب الموقع الجغرافي (جبال‬
‫�أم �سهال �أم �صحراء)؛‬
‫• •بناء م�ؤ�س�سات عالجات �صحية �أ�سا�سية من قبل المنتخبين والمح�سنين والجمعيات‪ ،‬دون �أدنى‬
‫ا�ست�شارة مع وزارة ال�صحة‪ ،‬والنتيجة �أن بع�ض تلك الوحدات لم ي�شتغل قط منذ �إن�شائه‪.‬‬

‫‪Etude sur l’équité en santé au Maroc. Ministère de la santé/ INISAN. 2012.‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪47‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن "تكييف المرافق" مع نمط العي�ش المحلي يعد �أي�ضا من بين جوانب جاهزية‬
‫تلك المرافق والخدمات‪ .‬ف�ساعات العمل المعتمدة في المراكز ال�صحية لي�ست متالئمة مع ظروف‬
‫عي�ش ال�ساكنة في الو�سط القروي‪ ،‬حيث ي�ستيقظ النا�س باكرا ويريدون �إجراء الفح�ص قبل الذهاب �إلى‬
‫الحقول‪ .‬وفي كثير من الجماعات القروية ال ترتاد ال�ساكنة م�ؤ�س�سات الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية �إال �أيام‬
‫ال�سوق‪ .‬وقد �صرح طبيب يعمل في جماعة قروية في جهة �سو�س‪-‬ما�سة‪-‬درعة لمجموعة العمل ب�أنه قرر‬
‫العمل �أيام ال�سبت ليتكيف مع عادات ال�ساكنة وي�شجعها على ارتياد المركز ال�صحي‪.‬‬
‫‪ .2.1‬الولوجية الجغرافية‪ :‬معاناة �ساكنة المناطق المعزولة في العالم القروي‬
‫يتعلق الأمر ب�إ�شكالية من �إ�شكاليات العالم القروي على الخ�صو�ص‪ ،‬وتهم المناطق المعزولة (الجبلية‬
‫وال�صحراوية) المرتهنة بمحددات �أخرى من قبيل البنيات التحتية الطرقية والظروف المناخية‪ .‬ويبقى‬
‫الولوج �إلى الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية �شديد ال�صعوبة بالن�سبة �إلى ما يقارب ‪ 24‬بالمائة من ال�ساكنة‪،‬‬
‫ب�سبب �إقامتها على بعد �أكثر من ‪ 10‬كيلومترات عن �أقرب م�ؤ�س�سة عالجية �أ�سا�سية‪ ،‬حيث يتعين الم�شي‬
‫تحمل ركوب بهيمة للولوج �إلى بنية عالجية (جل�سة اال�ستماع مع وزير ال�صحة)‪ .‬وهذه‬ ‫ل�ساعات طوال �أو ُّ‬
‫العوائق جميعها تجعل ال�ساكنة ال تلج�أ �إلى العالجات �إال في الحاالت الق�صوى والم�ستعجلة‪.‬‬
‫و في غياب منظور �شامل لإعداد التراب في الو�سط القروي‪ ،‬وفي غياب تنظيم لعملية التعمير الفو�ضوية‬
‫لبع�ض القرى‪ ،‬ف�إن المدر�سة‪ ،‬ومثلها المركز ال�صحي‪ ،‬قد يبقيان بعيدا عن متناول ق�سم هام من ال�ساكنة‬
‫القروية‪.‬‬
‫�أما تغطية و�إنتاجية اال�ستراتيجية المتنقلة عبر تنقل الممر�ضين والوحدات المتنقلة‪ ،‬التي تم تبنيها كو�سيلة‬
‫لتعوي�ض العجز الناتج عن �صعوبة الولوج الجغرافي �إلى الم�ؤ�س�سات العالجية‪ ،‬ف�إنها تت�آكل مع مرور الزمن‪.‬‬
‫وقد �أبدى تقرير الخم�سينية عن تحفظات �إزاء فعالية هذه اال�ستراتيجية‪� ..." :‬إن �إنجازات هذا النمط‬
‫المتحرك في مجال التغطية والم�ساهمة في العر�ض العالجي �ضعيفة‪ ،‬بحيث يمكن القول �إن ق�سما من‬
‫ال�ساكنة القروية ال يتوفر �إال على ولوج �ضعيف جدا �إلى العالجات‪ .‬وترجع هذه الو�ضعية بالخ�صو�ص �إلى‬
‫تناق�ص �أعداد الممر�ضين (‪ )...‬وعدم كفاية و�سائل النقل‪ ،‬ظروف العمل في الدواوير‪ ،‬و�أوجه اختالل في‬
‫التنظيم والتدبير‪".‬‬
‫و�إلى بعد الم�سافة ت�ضاف م�شاكل النقل‪ .‬فبالن�سبة �إلى الن�ساء الحوامل على و�شك الو�ضع على �سبيل‬
‫المثال‪ ،‬ف�إن هناك �سيارات �إ�سعاف مفرو�ض فيها �أن تكون متوفرة‪ ،‬وهي متوفرة نظريا‪ ،‬ولكن �أثناء الزيارات‬
‫الميدانية واالجتماعات التي عقدتها مجموعة العمل مع مهنيي ال�صحة الذين ي�شتغلون في الو�سط‬
‫القروي‪ ،‬ا�ستطعنا الوقوف على �أن هاته ال�سيارات قد تطول مدة بقائها متوقفة مركونة لأ�شهر متتالية‪ ،‬ب�سبب‬
‫م�شاكل و�أعطاب تقنية �أو لعدم توفر الوقود‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫وقد �صرح الممر�ض الرئي�سي في �أحد المراكز ال�صحية التي تحتوي على وحدة توليد قائال لمجموعة‬
‫العمل‪" :‬بقيت �سيارة الإ�سعاف التابعة لل�صحة ذات مرة متوقفة لمدة �شهرين بعد تعر�ضها لحادثة‪� .‬أما‬
‫بالن�سبة �إلى الأعطاب ال�صغيرة ف�إننا نعمل ما بو�سعنا لإ�صالحها‪ ،‬ولكن حين يتعلق الأمر ب�إ�صالح هام‪ ،‬ف�إن‬
‫ذلك يكون من م�س�ؤولية المندوبية الإقليمية لل�صحة‪ .‬كما �أن هناك نق�صا في المحروق‪� ،‬إذ عندما تت�أخر‬
‫الإدارة في �أداء م�ستحقات �صاحب محطة البنزين‪ ،‬يرف�ض الأخير تزويدنا بالوقود الذي نحتاجه‪".‬‬
‫واللجوء �إلى �سيارات الإ�سعاف التابعة للجماعات ال يمثل حال مقبوال‪ ،‬لما ينتج عن ذلك من ت�أخر قد‬
‫يكون خطيرا على حياة الأم والطفل‪ ،‬حين يتعين انتظار الح�صول على الإذن بمهمة‪� ،‬أو عندما يكون‬
‫ال�سائق غير جاهز‪ .‬من جهة �أخرى‪ ،‬ي�شتكي ر�ؤ�ساء الجماعات من كونهم متى و�ضعوا �سيارة الإ�سعاف رهن‬
‫�إ�شارة المركز ال�صحي على �سبيل اال�ستثناء‪� ،‬سرعان ما ي�صبح اال�ستثناء هو القاعدة‪ .‬وقد يكمن حل هذا‬
‫الم�شكل في تفوي�ض نقل الن�ساء الحوامل والمر�ضى على وجه العموم �إلى مقاوالت �صغيرة خا�صة‪ .‬وقد‬
‫تم ذلك بالفعل من قبل‪ ،‬وهو �أمر ي�ستحق التقييم والتعميم �إذا ات�ضحت فعاليته‪.‬‬
‫�أما ُدور الأمومة‪ ،‬وهي بنيات ا�ستقبال تتيح للن�ساء الحوامل اللواتي هن على و�شك الو�ضع الح�صول على‬
‫م�أوى لب�ضعة �أيام قبل وبعد الو�ضع‪ ،‬على مقربة من المراكز ال�صحية المتوفرة على جناح للتوليد‪ ،‬فلم تحل‬
‫الدور هن من المقيمات على مقربة منها ‪.52‬‬‫م�شكلة البعد الجغرافي‪ ،‬وغالبية الن�ساء اللواتي يلج�أن �إلى تلك ُ‬
‫‪ .3.1‬الولوجيات الج�سمانية‪ :‬قانون لم يتم تفعيله‬
‫الغالبية العظمى من م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية لي�ست �سهلة الولوج بالن�سبة �إلى الأ�شخا�ص‬
‫ذوي الحركية المحدودة‪ ،‬والمكفوفين‪ ،‬والأ�شخا�ص الذين يعانون من عجز عقلي‪ .‬وقد بقيت القوانين‬
‫المتعلقة بالولوجية حبرا على ورق‪ ،‬مما يتعين معه �إ�صالحها وتطبيقها‪.‬‬
‫‪ .4.1‬الولوجية االجتماعية والثقافية‪ :‬الأمية تمثل عائقا‬
‫ترتبط الإكراهات االجتماعية والثقافية في مجال الولوج �إلى العالجات‪ ،‬وخ�صو�صا في العالم القروي‪،‬‬
‫بو�ضعية المر�أة (فهناك �أزواج ال يقبلون مثال �أن يفح�ص زوجتهم رجل)‪ ،‬وببع�ض الممار�سات التقليدية‬
‫وكذا بالأمية‪.‬‬
‫وال�ساكنة التي تعي�ش في الو�سط القروي معنية �أكثر من غيرها بالأمية‪ ،‬ومعلوم �أن هناك عالقة وثيقة بين‬
‫الأمية وال�صحة‪ ،‬كما يتبين ذلك من �أثر الم�ستوى التعليمي في ن�سبة وفيات الأمهات والر�ضع والأطفال‬
‫في الو�سط القروي بالمقارنة مع الو�سط الح�ضري‪.‬‬

‫‪Déclaration de la représentante du FNUAP au Maroc.‬‬ ‫‪52‬‬

‫‪49‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫في الو�سط القروي‪ ،‬قد تكون الن�ساء محرومات من كل ا�ستقاللية في القرار في ما يتعلق ب�صحتهن‪ .‬فخالل‬
‫زيارة لدار الأمومة بتجمع �سكني �صغير بجهة �سو�س‪-‬ما�سة‪-‬درعة‪� ،‬س�ألنا امر�أة �شابة جرى للتو قبولها بالدار‬
‫عما جعلها تقرر المجيء‪ ،‬ف�أجابتنا بان ال�س�ؤال ينبغي �أن يطرح على حماتها‪ ،‬لأن الحماة هي من قرر ذلك‪.‬‬
‫وتبين نتائج درا�سة �أجريت في المغرب �سنة ‪( 2006‬على الأ�شخا�ص الذين يتجاوز عمرهم ‪ 60‬عاما) �أن‬
‫هناك تالزما وثيقا بين الحالة ال�صحية (كما يراها ال�شخ�ص الذي ا�ستجوب خالل الدرا�سة) والم�ستوى‬
‫الدرا�سي‪ .‬فعلى حين اعتبر ثلث الأ�شخا�ص الم�ستجوبين غير المتوفرين على �أي م�ستوى درا�سي �أن‬
‫�صحتهم �أ�سو�أ حاال من �صحة من هم في �سنهم‪ ،‬انخف�ضت تلك الن�سبة �إلى ‪ 11.4‬بالمائة بين �صفوف‬
‫�أمثالهم ممن لهم م�ستوى درا�سي من الثانوي �إلى ما فوق ‪.53‬‬
‫‪ .5.1‬عالجات غير مر�ضية‬
‫ال يكفي �أن تكون العالجات ال�صحية الأ�سا�سية متوفرة و�سهلة الولوج‪ ،‬بل يجب �أي�ضا �أن تكون مقبولة من‬
‫فئات ال�ساكنة التي تكون تلك العالجات موجهة �إليها ‪ .54‬ويجب من �أجل ذلك �أن تقدم المرافق ال�صحية‬
‫الأ�سا�سية خدمات تكون نوعيتها متالئمة مع انتظارات المر�ضى وحاجياتهم‪.‬‬
‫ومفهوم النوعية مفهوم ن�سبي في الزمن وقابل للتطور‪ ،‬وتعريفه رهين بعدد من العوامل‪ ،‬مثل م�ستوى‬
‫التطلب عند المر�ضى‪ ،‬وم�ستواهم االجتماعي واالقت�صادي والثقافي‪ .‬والتقييم ال�صارم للنوعية يقت�ضي‬
‫مهيكل‪ ،‬يتيح التتبع والتقييم للمكت�سبات وو�ضع �إجراءات ت�صحيحية من �أجل‬ ‫ٍ‬ ‫�إر�ساء "م�سعى للنوعية"‬
‫التح�سين الم�ستمر والدائم لنوعية كل الم�سارات‪ ،‬لكي يقوم مقدم الخدمة بتقديم خدمة ت�ستجيب‬
‫لحاجة معينة‪ ،‬مع التحكم في المخاطر والتكاليف والآجال‪.‬‬
‫في غياب تعريف موحد للنوعية المنتظرة‪ ،‬وفي غياب لمنهجة التقييم النوعي للخدمات المقدمة على‬
‫م�ستوى الخدمات العالجية الأ�سا�سية‪ ،‬ال يمكن اليوم الحكم بمو�ضوعية على نوعية هذه العالجات‪.‬‬
‫ما هناك هو بع�ض عنا�صر الجواب المتمثلة في كون اللجوء �إلى القطاع العمومي يبقى جد محدود (‪0.6‬‬
‫ات�صال لكل �ساكن ولكل �سنة في ‪ ،)2010‬وهو ما يبدو �أنه نتيجة لعدم الر�ضا عن نوعية الخدمات‪ 55،‬وكذا‬
‫الن�سب المرتفعة لوفيات الأمهات والر�ضع‪ ،‬التي يكون �سببها الرئي�سي عدم كفاية العالجات المقدمة‬
‫‪56‬‬
‫عند الوالدة‪.‬‬

‫‪M Sajoux. Démographie, vulnérabilité socioéconomique et santé, in Éléments de comparaison entre‬‬ ‫‪53‬‬
‫‪milieu rural et milieu urbain au Maroc. Santé et vulnérabilités au Maroc. IRD, 2010.‬‬
‫‪54‬‬
‫‪Droits de l’Homme et Santé. OMS, 2008.‬‬
‫‪55‬‬
‫‪Les disparités dans l’accès aux soins de santé au Maroc. Etudes de cas. ONDH, 2010.‬‬
‫‪56‬‬
‫‪Plan d’action 200-2012 pour accélérer la réduction de la mortalité maternelle et néo-natale.‬‬
‫‪Ministère de la Santé.‬‬

‫‪50‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫‪ .6.1‬الولوجية االقت�صادية للعالجات ال�صحية الأ�سا�سية تبقى محدودة جدا بالن�سبة �إلى‬
‫ال�ساكنة الفقيرة‬
‫�إذا كانت الخدمات الوقائية (من مراقبة الحمل وفترة بعد الوالدة‪ ،‬وتلقيح وغير ذلك) مجانية بالن�سبة لكل‬
‫مرتادي م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬ف�إن العالجات التطبيبية الأ�سا�سية يقع عبئها في غالب‬
‫الأحيان على الأ�سر‪ ،‬وذلك ب�سبب الم�شاكل المرتبطة بتوفر الأدوية الرئي�سية‪ ،‬والتحاليل البيولوجية‪،‬‬
‫وفحو�ص الأ�شعة الأ�سا�سية‪.‬‬
‫ومن �ش�أن �سريان تفعيل نظام الم�ساعدة الطبية �أن يح�سن الولوج �إلى العالجات اال�ست�شفائية بالن�سبة‬
‫لل�ساكنة الفقيرة‪ ،‬غير �أن هذا لن يحل م�شكلة ولوجها االقت�صادي �إلى العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪.‬‬
‫فم�ؤ�س�سات الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية تمثل الم�ستوى الأول من م�سار "م�سلك العالجات" المفرو�ض‬
‫على الم�ستفيدين من نظام الم�ساعدة الطبية‪ ،‬في حين �أن هذه الم�ؤ�س�سات ال ت�ستفيد من تمويل هذا النظام‪.‬‬

‫ا�ستمرار �أوجه التفاوت في مجال الولوج �إلى الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‬ ‫‪2‬‬

‫‪� .1.2‬أوجه التفاوت المرتبطة بالنوع‬


‫ين�ص الف�صل ‪ 19‬من الد�ستور على ما يلي‪" :‬يتمتع الرجل والمر�أة‪ ،‬على وجه الم�ساواة‪ ،‬بالحقوق والحريات‬
‫المدنية وال�سيا�سية واالقت�صادية واالجتماعية والثقافية والبيئية"‪ .‬وهناك هدفان اثنان من بين الأهداف‬
‫التي تم تحديدها في "مرجعية من �أجل ميثاق اجتماعي جديد"‪ ،‬المتبناة من قبل المجل�س االقت�صادي‬
‫واالجتماعي والبيئي في نونبر ‪ ،2011‬يهمان تح�سين �صحة المر�أة والطفل‪ .‬ويتعلق الأمر بالهدف رقم ‪:7‬‬
‫‪57‬‬
‫"تح�سين �صحة الأم والطفل"‪ ،‬والهدف رقم ‪" :8‬تح�سين الإطار الطبي والقانوني للإجها�ض"‪.‬‬
‫في �إطار تقرير الإحالة الذاتية في مو�ضوع �إنعا�ش الم�ساواة بين الن�ساء والرجال في الحياة االقت�صادية‬
‫واالجتماعية والثقافية وال�سيا�سية‪ ،‬اختار المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي معالجة م�س�ألة "النوع‬
‫وال�صحة" في �إطار الق�سم الثالث من هذا التقرير‪ .‬غير �أنه لي�س من الممكن التطرق لمو�ضوع الخدمات‬
‫ال�صحية الأ�سا�سية دون الحديث عن م�شاكل الالم�ساواة المرتبطة بالنوع في الولوج �إلى العالجات‪.‬‬
‫فالن�ساء لهن خا�صيات بيولوجية‪ ،‬لكنهن �أي�ضا يعانين من �أوجه ه�شا�شة نوعية (مثل غياب الم�ساواة في‬
‫مجال التربية‪ ،‬والدخل‪ ،‬وال�شغل) من �ش�أنها �أن تجعل ولوجهن �إلى العالجات �أ�صعب مما هو بالن�سبة �إلى‬
‫الرجال‪ .‬و�إذا كان الحمل والو�ضع لي�سا مما يمكن �أن ندعوه مر�ضا‪ ،‬ف�إنهما قد يكونان م�صدرا للعديد من‬
‫الم�شاكل ال�صحية (مثل الوفاة واالكتئاب و�أوجه النق�ص الغذائي المتعددة) والم�شاكل االجتماعية (مثل‬
‫التخلي عن الزوجة �أو تطليقها متى كان الوليد م�صابا بت�شوهات خلقية �أو كان يعاني من عاهة تمثل �إعاقة‪،‬‬
‫وكذا ما تتعر�ض له الأمهات العازبات من رف�ض وانتقاد �شديد من قبل المجتمع)‪.‬‬
‫‪Référentiel pour une nouvelle Charte sociale. CES, novembre 2011.‬‬ ‫‪57‬‬

‫‪51‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫العالجات ال�صحية الإنجابية‬


‫تغطي العالجات ال�صحية الإنجابية مجموعة من الخدمات‪ ،‬كما هي محددة في برنامج عمل الم�ؤتمر‬
‫الدولي حول ال�ساكنة والتنمية‪ :‬اال�ست�شارة‪ ،‬والإعالم‪ ،‬والتربية‪ ،‬والتوا�صل‪ ،‬وخدمات التخطيط العائلي‪،‬‬
‫والفحو�ص قبل وبعد الوالدة‪ ،‬والوالدة الآمنة‪ ،‬والعالجات المقدمة للأم وللطفل‪ ،‬والوقاية من العقم‬
‫والعالج المالئم له‪ ،‬والوقاية من الإجها�ض‪ ،‬والتكفل بالم�ضاعفات ال�صحية المرتبطة به‪ ،‬ومعالجة �إ�صابات‬
‫الأع�ضاء التنا�سلية‪ ،‬والأمرا�ض المنقولة جن�سيا بما فيها مر�ض فقدان المناعة المكت�سب‪ ،‬و�سرطان الثدي‪،‬‬
‫‪58‬‬
‫و�سرطان الأع�ضاء التنا�سلية‪ ،‬وكذا كل �أ�شكال المر�ض المرتبطة بال�صحة الإنجابية‪.‬‬
‫التخطيط العائلي‬
‫تم منذ ‪� 1996‬إطالق العديد من برامج التخطيط العائلي القائمة على المباعدة بين الوالدات‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل كل بنيات وزارة ال�صحة‪ .‬وقد �أتاحت هذه البرامج تحقيق خطوات ملمو�سة‪ ،‬حيث انتقل الم�ؤ�شر‬
‫التركيبي للخ�صوبة من ‪� 4.5‬أطفال لكل امر�أة في ‪� 1987‬إلى ‪ 2.2‬في ‪ 59 ،2011‬كما �أن درا�سة ا�ستعمال‬
‫الن�ساء المتزوجات لموانع الحمل تبين �أن ‪ 67.4‬بالمائة منهن ا�ستعملن في ‪ 2011‬و�سيلة من و�سائل منع‬
‫الحمل‪ ،‬مقابل ‪ 28.9‬بالمائة في ‪ .1987‬غير �أن هناك فوارق هامة جدا تظل قائمة بين الو�سطين الح�ضري‬
‫والقروي‪ ،‬حيث �إن ‪ 58‬بالمائة من الن�ساء المقيمات في الو�سط الح�ضري ي�ستفدن من عالجات ال�صحة‬
‫‪60‬‬
‫الإنجابية‪ ،‬مقابل ‪ 48‬بالمائة في الو�سط القروي‪.‬‬
‫وفيات الأمهات والر�ضع والأطفال‬
‫انخف�ضت ن�سبة الوفيات ب�أكثر من ‪ 50‬بالمائة في مدى خم�س �سنوات‪ ،‬لت�ستقر في ‪ 2010‬عند ‪ 112‬لكل‬
‫‪ 100.000‬والدة حية‪ 61 .‬غير �أن هذه الن�سبة مازالت رغم ذلك غير كافية‪ ،‬كما �أنها غير مقبولة‪ ،‬خ�صو�صا‬
‫و�أن �أغلب حاالت الوفيات بين الأمهات يكون �سببها نق�ص العالجات المنا�سبة في وقت الو�ضع‪ ،‬و�أن‬
‫‪ 92‬بالمائة من تلك الوفيات كان بالإمكان تفاديها ‪ .62‬و�أكثرمن ثلث حاالت الوفاة يقع في البيت �أو �أثناء‬
‫النقل �إلى الم�ست�شفى‪ ،‬من �أثر ت�أخر الأ�سرة في اتخاذ القرار بالتوجه بالحامل نحو م�ؤ�س�سة خا�صة بالتوليد‪،‬‬
‫�أو ب�سبب �صعوبة الولوج �إلى هذه الم�ؤ�س�سة‪ .‬ومازالت ن�صف الن�ساء القرويات ي�ضعن اليوم حملهن في‬

‫‪Conférence internationale sur la population et le développement, Le Caire, 1994.‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪Tableau de bord social. Direction des Etudes et des Prévisions Financières du ministère des Finances.‬‬ ‫‪59‬‬
‫‪2 août 2013.‬‬
‫‪Enquête Nationale sur la Population et la Santé Familiale. Ministère de la Santé, 2011.‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪Tableau de bord social. Direction des Etudes et des Prévisions Financières du ministère des Finances.‬‬ ‫‪61‬‬
‫‪2 août 2013.‬‬
‫‪62‬‬
‫‪Droits sexuels et reproductifs et genre. Où en sommes-nous ? Commission Femmes et développement.‬‬
‫‪OMS, 2008.‬‬

‫‪52‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫البيت‪ ،‬علما �أن ‪ 50‬بالمائة من الم�ضاعفات ال�صحية التي تظهر �أثناء الو�ضع ال يمكن التنب�ؤ بها حتى في‬
‫حال مراقبة ناجعة لفترة الحمل‪ ،‬و�أن من الثابت �أنه في حال حدوث نزيف للأم �أو اختناق للوليد‪ ،‬يكون‬
‫الأجل المتاح لإنقاذهما محدودا (�ساعتان اثنتان بالن�سبة �إلى نزيف الخال�ص‪� ،‬أهم �أ�سباب وفاة الأمهات‬
‫عند الو�ضع)‪.‬‬
‫ورغم �أنه تم ت�سجيل انخفا�ض هام خالل ال�سنوات الخم�س الأخيرة‪� ،‬إال �أن ن�سبة وفيات الر�ضع (�أقل‬
‫من �سنة واحدة) مازالت مرتفعة كثيرا (‪ 28.8‬لكل ‪ 1000‬والدة حية في ‪ .)2011‬وال�سبب الرئي�سي لهذه‬
‫الوفيات هو عدم كفاية العالجات المنا�سبة عند الو�ضع‪� .‬أما ن�سبة الوفيات لدى الأطفال (�أقل من خم�س‬
‫�سنوات)‪ ،‬فقد ا�ستقرت في ‪ 2011‬عند ‪ 30.47‬لكل ‪ 1000‬والدة حية (‪ 25.42‬في الو�سط الح�ضري‪ ،‬و‪35.07‬‬
‫في الو�سط القروي)‪ ،‬مقابل ‪ 47‬بالمائة في ‪ .2004-2003‬وتعد هذه الن�سب من بين الأكثر ارتفاعا في‬
‫‪63‬‬
‫منطقة ال�شرق الأو�سط و�شمال �أفريقيا والمغرب العربي‪ ،‬با�ستثناء موريتانيا‪.‬‬
‫عالوة على ما تقدم ذكره من م�شاكل في الولوجية �إلى البنيات العالجية‪ ،‬ف�إن �أهم محددات الوفيات بين‬
‫الأمهات والر�ضع والأطفال في المغرب هي‪:‬‬
‫• •الفقر والعي�ش في منطقة قروية‪.‬‬
‫معنى ذلك �أن الفقر يزيد من احتمال الوفاة في �أو�ساط الأمهات والأطفال‪ .‬ففي الو�سط القروي ترتفع‬
‫ن�سب وفيات الأمهات بما قدره ‪ 75‬بالمائة‪ ،‬كما �أن الأطفال �أقل من خم�س �سنوات‪ ،‬من �أبناء الفئات‬
‫الأكثر عوزا بين ال�ساكنة‪ ،‬يتهددهم ثالث �أ�ضعاف الخطر ب�أن يموتوا �صغارا من �أثر مر�ض من �أمرا�ض‬
‫الأطفال الممكن عالجها ب�سهولة‪� ،‬أو من �أثر جروح كان يمكن تفاديها‪.‬‬
‫• •عدم اال�ستفادة من تتبع طبي �أثناء الحمل‪.‬‬
‫يمكن الحد �إلى درجة كبيرة من المخاطر المرتبطة بالحمل �إذا ا�ستفادت الحامل من �أربعة فحو�صات‬
‫على الأقل على يد قابلة �أو طبيب خالل فترة حملها‪ ،‬وكذلك �إذا كان الو�ضع بم�ساعدة طبية‪ ،‬و�إذا‬
‫ا�ستفادت الحامل من مراقبة بعد الو�ضع‪ .‬وللإ�شارة ف�إن ‪ 91.6‬بالمائة من ن�ساء الو�سط الح�ضري تلج�أ‬
‫للفح�ص في فترة الحمل‪ ،‬بالمقارنة مع الن�ساء القرويات اللواتي ال يلج�أن لهذا الفح�ص �إال بن�سبة ‪62.7‬‬
‫‪64‬‬
‫بالمائة‪.‬‬

‫‪Health policy note towards a more equitable and sustainable health care system. World Bank. MENA,‬‬ ‫‪63‬‬
‫‪2008.‬‬
‫‪Enquête Nationale sur la Population et la Santé Familiale. Ministère de la Santé, 2011.‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪53‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫وقد قامت وزارة ال�صحة من �أجل محاربة وفيات الأمهات‪ ،‬مع تح�سين نوعية طرق ك�شف وتتبع حاالت‬
‫الحمل المعر�ضة للخطر‪ ،‬في ‪ 2010‬بتجهيز �أكثر من ‪ 300‬مركز �صحي جماعي‪ ،‬مع توفير �أجهزة للك�شف‬
‫بالتردد ال�صوتي (وهي �أجهزة ت�شجع كثيرا على عملية تتبع الحمل)‪ ،‬مع محلالت �صغيرة ‪ .65‬ومن �أثر‬
‫حركية الممر�ضين‪ ،‬وغياب الحافز المالي‪ ،‬وعبء العمل الزائد بالن�سبة للبع�ض‪ ،‬وم�شاكل التزود بالعنا�صر‬
‫الكا�شفة‪ ،‬ف�إن جزءا فقط من تلك الآالت ي�شتغل‪ .‬كما �أن و�ضع �آالت الك�شف ال�صوتي لم ت�صاحبه‬
‫�إجراءات مواكبة‪ ،‬وخ�صو�صا تكوين الأطباء على ا�ستعمالها‪ .‬ومن ثمة ف�إنها ال تعمل �إال في المراكز‬
‫ال�صحية التي يعمل بها �أطباء يتمتعون بقدر من الدينامية �شجعهم على تكوين �أنف�سهم في مجال الك�شف‬
‫بالتردد ال�صوتي في مركز والدة ا�ست�شفائي‪.‬‬
‫حاالت الحمل لدى المراهقات‬
‫تعد التعقيدات المرتبطة بالحمل والو�ضع من بين �أهم �أ�سباب الوفيات لدى الفتيات ما بين ‪ 15‬و‪� 19‬سنة‬
‫في كثير من البلدان ذات الدخل ال�ضعيف والمتو�سط‪ ،‬مما ينجم عنه �آالف من حاالت الوفاة كل �سنة‪.‬‬
‫فكلما كانت الفتاة �أ�صغر �سنا عند الحمل‪� ،‬سواء �أكانت مزوجة �أم ال‪ ،‬كان الخطر على �صحتها �أكبر‪ .‬ومن‬
‫المتفق عليه �أن الفتيات من �أقل من ‪� 15‬سنة يواجهن عند الو�ضع مخاطر �أكبر بكثير مما تواجهه الن�ساء‬
‫من ذوات الع�شرين �سنة‪ 66.‬كما �أن حمل المراهقات يعر�ض حياة الر�ضع حديثي الوالدة للخطر كذلك‪.‬‬
‫فخطر الوفاة يكون �أكبر بما قدره ‪ 50‬بالمائة لدى الر�ضيع حين تكون الأم مراهقة‪ .‬وكلما كانت الأم �صغيرة‬
‫ال�سن كان الخطر مرتفعا بالن�سبة �إلى الر�ضيع‪ 67.‬كما �أن �أطفال المراهقات مهددون بنق�صان في الوزن عند‬
‫‪68‬‬
‫الوالدة‪ ،‬وهو ما من �ش�أنه �أن يف�ضي �إلى �آثار على المدى البعيد في �صحتهم ونموهم‪.‬‬
‫وفي ‪� ،2011‬أنجبت ‪ 50.000‬مغربية ما بين ‪ 15‬و‪� 19‬سنة طفال‪ .‬وبالن�سبة�إلى الكثير منهن‪ ،‬لم يكن الحمل‬
‫البتة �أمرا اختياريا‪ ،‬بل جاء نتيجة لجهلهن بحقوقهن‪ ،‬وخ�صو�صا ما يتعلق بتزويج الطفالت والعالقات‬
‫الجن�سية المفرو�ضة بالعنف والإكراه والقوة‪ 69.‬وقد تمت في ‪ 2011‬الموافقة من قبل ق�ضا ٍة على ‪46.927‬‬
‫حالة زواج قا�صرين وقا�صرات (‪ 99‬بالمائة منهم من الإناث)‪ 70:‬ومعلوم �أن زواج المراهقات يعني بال�ضرورة‬
‫مخاطر حدوث حمل مبكر‪.‬‬

‫‪Appareils pour la réalisation d’examens de laboratoire de base.‬‬ ‫‪65‬‬

‫‪Assemblée générale des Nations Unies, “La fillette – Rapport du Secrétaire général”, 2011.‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪Adolescent Pregnancy. OMS, 2012.‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪Interventions for Preventing Unintended Pregnancies Among Adolescents. OMS, 2012.‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪Les grossesses des adolescentes. FNUAP, Rabat, 5 juillet 2013.‬‬ ‫‪69‬‬

‫‪Statistiques des activités des sections de la justice de la famille. Ministère de la Justice et des Libertés, 2011.‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪54‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫�إن الق�ضاء على حاالت الزواج المبكر‪ ،‬وتوفير خدمات لل�صحة الجن�سية وما قبل الإنجابية تكون موجهة‬
‫خ�صي�صا للمراهقات‪ ،‬واال�ستثمار في التربية وفي محاربة �أوجه الالم�ساواة بين الن�ساء والرجال‪ ،‬من �ش�أنها‬
‫جميعا �أن ت�ساهم في حماية المراهقات من الوقوع في حاالت الحمل المبكر غير المرغوب فيها‪.‬‬
‫ولنذكر بهذا ال�صدد بان المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي يو�صي‪ ،‬في تقريره عن "النهو�ض‬
‫بالم�ساواة بين الن�ساء والرجال"‪ ،‬بما يلي‪� )1(" :‬إلغاء الف�صل ‪ 20‬من مدونة الأ�سرة‪ ،‬الذي ي�سمح للقا�ضي‬
‫ب�أن ي�أذن‪ ،‬دون �إمكانية للطعن‪ ،‬بزواج القا�صرين الذين لم يبلغوا ‪� 18‬سنة؛ (‪ )2‬دعم الإطار القانوني الحالي‬
‫الخا�ص باالغت�صاب‪".‬‬
‫الوقاية من الإجها�ض والتكفل الطبي به‬
‫ال يمكن الحديث عن ال�صحة الإنجابية دون ذكر �أحد الموا�ضيع التي تعد من الطابوهات في مجتمعنا‪،‬‬
‫ونعني الإجها�ض والوقاية منه والتكفل به‪ .‬وتقدر منظمة ال�صحة العالمية �أن ‪ 42‬مليون حالة حمل تنتهي‬
‫ب�إجها�ض كل �سنة‪ ،‬منها ‪ 22‬مليون فقط يجري فيها الإجها�ض في ظل �شروط �صحية جيدة‪ ،‬علما �أن �إمكانية‬
‫الإجها�ض في و�سط طبي تمثل �شرطا هاما من �أجل الحد من وفيات الأمهات‪ .‬وترى منظمة ال�صحة‬
‫العالمية �أن القوانين التي تحظر الإجها�ض ال تخفف من عدد حاالت حدوثه وال من �آثارها‪ ،‬على حين �أن‬
‫م�صالح التخطيط العائلي والإجها�ض الطبي‪ ،‬ال�ضرورية من جانب �آخر لبلوغ �أهداف الألفية للتنمية‪ ،‬من‬
‫‪71‬‬
‫�ش�أنها �أن تحد من عدد حاالت الإجها�ض‪.‬‬
‫وال ي�سمح في المغرب ب�إجها�ض الحمل متى كان فيه خطر على حياة الأم (الف�صل ‪ 453‬من قانون الم�سطرة‬
‫الجنائية)‪� .‬أما في كل الحاالت الأخرى ف�إن الإجها�ض يعتبر من الأفعال التي يعاقب عليها القانون من‬
‫خالل الف�صول ‪ 449‬و‪ 454‬و‪ 455‬من قانون الم�سطرة الجنائية‪ .‬وتقدر الجمعية المغربية لمحاربة الإجها�ض‬
‫ال�سري‪ ،‬بناء على تحقيق قامت به مع مجموعة من الأطباء‪� ،‬أن ما بين ‪� 600‬إلى ‪ 800‬عملية �إجها�ض �سري‬
‫تجري يوميا في المغرب‪ ،‬يجري نحو ثلثها في ظروف �صحية رديئة جدا‪ .‬والن�ساء الأكثر فقرا هن اللواتي‬
‫يلج�أن �أكثر من غيرهن �إلى الإجها�ض ال�سري‪ ،‬الذي يجري في ظروف م�أ�ساوية‪ ،‬دون �أي مراقبة طبية‪،‬‬
‫معر�ضات بذلك �أنف�سهن لخطر الموت والإق�صاء االجتماعي‪ .‬والن�ساء المعوزات هن كذلك من يلج�أ‪،‬‬
‫حين يتعذر الإجها�ض‪� ،‬إلى التخلي عن الوليد بعد الو�ضع‪ ،‬وهن كذلك من يجدن �أنف�سهن في كثير من‬
‫الأحيان مجبرات على ممار�سة الدعارة‪.‬‬
‫و�إن �إقرار �أعمال وقائية وتح�سي�سية لفائدة المراهقات والن�ساء‪ ،‬والتوا�صل حول حبة الغد لمنع الحمل‬
‫(الم�سوقة في المغرب)‪ ،‬وت�سهيل الولوج �إلى و�سائل منع الحمل بالن�سبة �إلى كل امر�أة �أو فتاة ترغب في‬
‫ذلك‪� ،‬أمو ٌر من �ش�أنها جميعا �أن تتيح التخفي�ض �إلى درجة كبيرة من عدد حاالت الإجها�ض‪.‬‬

‫‪Global and regional estimates of incidence of unsafe abortion. OMS, 2013.‬‬ ‫‪71‬‬

‫‪55‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫وكما ين�ص عليه الهدف رقم ‪ 8‬من �أهداف الميثاق االجتماعي للمجل�س االقت�صادي واالجتماعي‬
‫إ�سراع بفتح نقا�ش وطني بغاية بلورة �إطار تنظيمي يتيح �إجراء الإجها�ض في‬
‫والبيئي‪ ،‬ف�إن من ال�ضروري ال ُ‬
‫و�سط طبي‪ .‬وقد �صرح وزير ال�صحة‪ ،‬خالل ندوة نظمتها الجمعية المغربية لمحاربة الإجها�ض ال�سري في‬
‫احترام لقيمنا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫�سنة ‪ ،2012‬ب�أن م�س�ألة الإجها�ض تطرح م�شكلة �سيا�سية يجب �أن نبحث لها عن حل في‬
‫العنف القائم على النوع‬
‫يمثل العنف القائم على النوع م�شكلة من م�شاكل ال�صحة العمومية التي تثير المزيد من المخاوف مع‬
‫مرور الزمن‪� ،‬سواء على الم�ستوى الدولي �أم الوطني‪ 73 72.‬و"�إذا كان من الم�سلم به اليوم على نطاق‬
‫وا�سع ب�أن العنف �ضد الن�ساء يمثل م�سا خطيرا بحقوقهن الأ�سا�سية‪ ،‬ف�إن الوعي �أخذ ي�شيع كذلك‬
‫في الآونة الأخيرة بالآثار الوخيمة للعنف على ال�صحة الج�سدية والعقلية للن�ساء‪ .‬والعنف الممار�س على‬
‫الن�ساء داخل الأ�سرة يزيد بدرجة ملمو�سة من المخاطر ال�صحية‪ ،‬كما ت�شهد بذلك بانتظام كل الدرا�سات‬
‫التي �أنجزت في المو�ضوع‪ ،‬والتي ت�شير �إلى �آثاره ال�سلبية الخطيرة‪ .‬ويقدر البنك الدولي على �سبيل‬
‫المثال �أن االغت�صاب والعنف الأ�سري ي�ضيعان على الن�ساء اللواتي في �سن الإنجاب ما بين ‪ 5‬و‪ 16‬بالمائة‬
‫(ح�سب الجهات) من �سنوات العي�ش في �صحة جيدة‪ 74".‬كما تمثل �أ�شكال العنف الجن�سي عامال هاما‬
‫من العوامل الحاملة لخطر الإ�صابة بفيرو�س فقدان المناعة المكت�سب‪ .‬فمن بين الن�ساء اللواتي لج�أن �إلى‬
‫خدمات الك�شف عن الفيرو�س في دار ال�سالم بتنزانيا‪ ،‬تبين �أن اللواتي اك ُت�شفت �إ�صابتهن بالفيرو�س قد‬
‫�صرحن بتعر�ضهن لما مقداره ‪ 2.6‬مرات من العنف في عالقتهن مع �شريكهن الدائم‪� ،‬أكثر من اللواتي لم‬
‫‪75‬‬
‫يتم اكت�شاف �أثر للفيرو�س لديهن‪.‬‬
‫�أما في المغرب‪ ،‬ف�إن ا�ستغالل معطيات الخط الأخ�ضر المفتوح في وجه الفتيات والن�ساء �ضحايا العنف‬
‫(ل�سنة ‪ ،)2006‬على امتداد فترة قدرها ‪� 10‬أ�شهر‪ ،‬يبين �أن هناك ‪ 15.000‬ت�صريح بالعنف‪ 30 ،‬بالمائة منها‬
‫حاالت عنف ج�سدي‪ ،‬و‪ 18‬بالمائة حاالت عنف نف�سي‪ .‬كما �أن ‪ 5‬بالمائة من الن�ساء المتزوجات من‬ ‫ُ‬
‫�ضحايا العنف الأ�سري قد قمن بمحاولة لالنتحار‪ ،‬مقابل ‪ 0.2‬بالمائة لدى نظيراتهن ممن ال يتعر�ضن‬
‫للعنف في البيت (�أي بما قدره ‪� 25‬ضعفا)‪ .‬و�أكثر من ‪ 50‬بالمائة من الن�ساء من �ضحايا العنف الأ�سري‬
‫يعانين من حاالت اكتئاب‪ .‬والعنف الأ�سري يف�ضي �إلى نتائج خطيرة على الأ�سرة وعلى الأطفال‪ :‬فثلثا‬
‫‪76‬‬
‫الأطفال هم �شهود و‪�/‬أو �ضحايا لذلك العنف الج�سدي �أو النف�سي‪.‬‬

‫‪Résolution WHA 49.25 de l’OMS, 1996.‬‬ ‫‪72‬‬

‫‪Appui à l’intégration de la Santé de la Reproduction dans la réforme de santé Cycle 2007-2011.‬‬ ‫‪73‬‬

‫‪La violence à l’égard des femmes. Aide-mémoire, N 12, OMS, 1996.‬‬ ‫‪74‬‬

‫‪Cited by Gupta G. Gender, sexuality and HIV. Conférence Internationale sur le Sida. Durban, 2000.‬‬ ‫‪75‬‬

‫‪Enquête nationale de la prévalence de la violence à l’égard des femmes. HCP, 2009.‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪56‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫ويو�صي المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي في تقريره المعنون " النهو�ض بالم�ساواة بين الن�ساء‬
‫الم�شرع والحكومة بتبني قانون �إطار �ضد كل �أ�شكال العنف حيال الن�ساء‪ ،‬بما في ذلك العنف‬
‫َ‬ ‫والرجال"‬
‫الأ�سري‪.‬‬
‫وتجدر الإ�شارة هنا �إلى الدور الذي ت�ضطلع به الجمعيات المنخرطة في محاربة العنف القائم على النوع‬
‫وفي التكفل بالن�ساء �ضحاياه‪ ،‬وخ�صو�صا من خالل �إحداث مراكز اال�ستماع والإيواء‪.‬‬
‫وقد تم خالل ال�سنوات الأخيرة تقديم جواب م�ؤ�س�سي للعنف القائم على النوع‪ ،‬يقوم �أ�سا�سا على برنامج‬
‫متعدد القطاعات لمحاربة �أ�شكال العنف القائم على النوع من خالل تحقيق ا�ستقاللية الن�ساء والفتيات‪،‬‬
‫وتوطين ال�سيا�سات المبنية على النوع في �ست جهات‪ ،‬و�إحداث وحدات للتكفل بالن�ساء والأطفال �ضحايا‬
‫العنف داخل الم�ست�شفيات‪ ،‬وهو �أمر ي�ستح�سن تعميمه على جميع الم�ست�شفيات والمراكز ال�صحية‪.‬‬
‫‪� .2.2‬أوجه التفاوت في الولوج التي يعانيها المهاجرون من بلدان جنوب ال�صحراء من غير‬
‫المتوفرين على و�ضعية قانونية‬
‫تحول المغرب خالل ال�سنوات الع�شر الأخيرة نتيجة ت�شديد �أوربا عملية مراقبة حدودها من بلد عبور‪،‬‬
‫بالن�سبة �إلى المهاجرين المتنقلين �صوب �أوربا‪� ،‬إلى بلد عبور وبلد ا�ستقرار �أي�ضا في حال تعذر االنتقال‬
‫�إلى ال�ضفة الأخرى‪ .‬ومن بين ه�ؤالء المهاجرين تكثر الن�ساء الوحيدات والحوامل واللواتي ي�صطحبن‬
‫معهن �أطفال في �سن �صغيرة‪ ،‬وهن يمثلن الفئة الأكثر ه�شا�شة وتعر�ضا للمخاطر المرتبطة بالهجرة ال�سرية‪.‬‬
‫وظروف العي�ش ال�صعبة التي يجد غالب المهاجرين من بلدان جنوب ال�صحراء �أنف�سهم مجبرين على‬
‫عي�شها‪ ،‬وكذا العنف الإجرامي (�شبكات المتاجرة في الب�شر) والم�ؤ�س�سي الذي يتعر�ضون له‪ ،‬تحدد‬
‫كلها الحاجيات في مجال العالج الطبي والنف�سي التي ال يتم �أخذها بعين االعتبار‪ .‬فح�سب القانون رقم‬
‫‪ ،02-03‬المتعلق بم�س�ألة "دخول و�إقامة الأجانب في المملكة المغربية‪ ،‬والهجرة من البالد والهجرة‬
‫غير ال�شرعية �إليها"‪ ،‬ف�إن كل �أجنبي يوجد في المغرب دون التوفر على �أوراق ر�سمية يعد مجرما‪ .‬ورغم‬
‫�أن الكثير من المغاربة يحاولون تقديم الدعم والم�ساعدة للمهاجرين من بلدان جنوب ال�صحراء‪� ،‬إال �أن‬
‫العنف االجتماعي‪ ،‬والميز‪ ،‬والأفكار الم�سبقة‪ ،‬والتهمي�ش‪ ،‬كلها �أمور معهودة في الواقع اليومي‪.‬‬
‫و�إ�ضافة �إلى الخوف من االعتقال عند التقدم �إلى م�ؤ�س�سة طبية‪ ،‬يجد المهاجرون من بلدان جنوب ال�صحراء‬
‫�صعوبات جمة في الح�صول على منفذ �إلى المنظومة العالجية‪ ،‬خ�صو�صا وان الكثير منهم ال يتكلمون‬
‫العربية وال الفرن�سية‪ ،‬مما تتبين معه �أهمية دور المنظمات غير الحكومية الدولية والجمعيات الوطنية‪ ،‬التي‬
‫تقوم ب�أعمال ل�صالح المهاجرين من بلدان جنوب ال�صحراء‪ ،‬بما في ذلك الدفاع عن حقوقهم وتقديم دعم‬
‫�صحي لهم‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ويبقى �أن الولوج �إلى الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ي�شهد تح�سنا في المناطق التي ت�شتغل فيها المنظمات‬
‫غير الحكومية‪" :‬يجب االعتراف بالجهود التي بذلتها م�صالح ال�شرطة في وجدة لالنخراط مع منظمة‬
‫�أطباء بال حدود وغيرها من الجمعيات والبحث عن الن�صح والدعم في م�س�ألة تدبير حالة الن�ساء والأطفال‬
‫والمر�ضى والجرحى الذين يتم اعتقالهم‪ .‬غير �أن منظمة �أطباء بال حدود لم ُي�سمح لها في الناظور باال�شتغال‬
‫‪77‬‬
‫مع المهاجرين من بلدان جنوب ال�صحراء المحتاجين لم�ساعدة طبية‪ ،‬والذين يتم اعتقالهم وطردهم‪".‬‬
‫وفي �سنة ‪� ،2003‬أعلنت وزارة ال�صحة‪ ،‬من خالل دورية وزارية‪� ،‬أن العالج الطبي والخدمات ال�صحية‬
‫لفائدة "المهاجرين ال�سريين"‪ ،‬م�سموح به لأ�سباب تتعلق بالتحكم في الأمرا�ض المعدية‪ .‬ولقد تم اعتماد‬
‫هذه الدورية‪ ،‬رغم �أنها غير معروفة من قبل جميع مهنيي ال�صحة‪ ،‬في مرافعات �أف�ضت �إلى الح�صول على‬
‫تكفل طبي مجاني بمهاجري جنوب ال�صحراء الم�صابين بعدوى فيرو�س فقدان المناعة المكت�سب‪.‬‬
‫و�إلى عهد قريب‪ ،‬كان يتم ت�صنيف مهاجري بلدان جنوب ال�صحراء ب�صفتهم �أ�شخا�صا "دون محل �إقامة‬
‫ثابت"‪ ،‬وكان من حقهم بالتالي الح�صول على خدمات �صحية في المرافق ال�صحية العمومية‪ ،‬اعتمادا‬
‫على نظام �شهادة االحتياج‪ .‬لكن وانطالقا من �سنة ‪ ،2012‬تمت اال�ستعا�ضة عن نظام �شهادة االحتياج‬
‫بنظام الم�ساعدة الطبية‪ ،‬وهو النظام الذي يق�صي الأجانب‪ ،‬بمن فيهم مهاجرو بلدان جنوب ال�صحراء‪.‬‬
‫ويبدو �أن من الممكن �إدماج مهاجري بلدان جنوب ال�صحراء في فئة "دون محل �إقامة ثابت"‪ ،‬بمقت�ضى‬
‫الف�صل ‪ 118‬من القانون ‪ ،65-00‬لكن هذا غير مطبق‪.‬‬
‫ويو�صي المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬في تقريره المعنون "من �أجل ميثاق اجتماعي جديد‪،‬‬
‫�ضوابط يجب احترامها‪ ،‬و�أهداف يتعين التعاقد ب�ش�أنها"‪ ،‬بما يلي‪" :‬ب�صفة المملكة المغربية بلد ا�ستقبال‬
‫للعمال الأجانب ومن البلدان الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بحماية العمال المهاجرين‬
‫و�أ�سرهم‪ ،‬فمن المهم �أن ت�ضمن المملكة عدم الميز‪ ،‬و�أن تعمل على �إنعا�ش الم�ساواة حيال العمال‬
‫المهاجرين‪ .‬ومن المنا�سب‪ ،‬لت�أمين تتبع هذا الهدف‪ ،‬تطوير م�ؤ�شرات حول الت�شريع وو�ضعية المهاجرين‬
‫(من و�ضعية قانونية و�أعداد ومداخيل ومنازعات وغيرها)‪".‬‬

‫الولوج �إلى الوقاية والتربية ال�صحية‬ ‫‪3‬‬

‫كما تمت الإ�شارة �إلى ذلك في الق�سم الأول من هذا التقرير‪ ،‬ف�إن الوقاية تمثل ق�سما من الخدمات‬
‫ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬مثلها في ذلك مثل العالجات التطبيبية‪.‬‬

‫‪Rapport sur les Migrants Subsahariens en Situation Irrégulière au Maroc. MSF, mars 2013.‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪58‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫‪ .1.3‬نجاح برامج الوقاية من �أغلب الأمرا�ض المنقولة‬


‫لقد كان من �ش�أن‪ ،‬تفعيل البرامج الوطنية المهيكلة‪ ،‬منذ �ستينات القرن الما�ضي‪ ،‬للوقاية من الأمرا�ض‬
‫المنقولة والم�س�ؤولة عن ن�سب مرتفعة من الوفيات وكذا التغطية التلقيحية الجيدة (‪ 88‬بالمائة من الأطفال‬
‫ما بين ‪ 12‬و‪� 24‬شهرا)‪� ،‬أن �أتاحت الق�ضاء على العديد من الأمرا�ض المعدية �أو الحد �إلى درجة كبيرة من‬
‫انت�شارها‪ .‬والتحديات التي تبقى قائمة في هذا المجال هي بالأ�سا�س‪:‬‬
‫داء ال�سل‪ :‬رغم انخفا�ض هام في ن�سب الإ�صابة‪ ،‬ف�إن ما يقارب ‪ 28.000‬حالة قد تم ت�سجيلها في ‪،2012‬‬
‫‪78‬‬
‫مما ي�شهد بف�شل ن�سبي لبرنامج محاربة هذا المر�ض‪.‬‬
‫داء االلتهاب الكبدي الفيرو�سي من �صنف �س‪ :‬ويعد داء ذا �آثار خطيرة‪ ،‬وهو منت�شر بن�سبة كبيرة جدا (‪1‬‬
‫�إلى ‪ 2.5‬بالمائة من مجموع ال�ساكنة‪� ،‬أي �أن هناك ما بين ‪ 318.950‬و‪ 797.375‬من الأ�شخا�ص الذين تحتمل‬
‫�إ�صابتهم بهذا الداء في المغرب ‪ ،)79‬وتبلغ ن�سبة الإ�صابة بهذا المر�ض ما قدره ‪ 80‬بالمائة لدى المدمنين‬
‫الذين ي�ستعملون المخدرات عن طريق الحقن‪ 80.‬وبحكم عدم وجود لقاح يقي من داء التهاب الكبد هذا‪،‬‬
‫ف�إن الوقاية منه �أ�شد تعقيدا من الوقاية من غيره‪ ،‬لكنها تبقى رغم ذلك �ضرورية لي�س منها منا�ص‪.‬‬
‫فيرو�س داء فقدان المناعة المكت�سب‪ .‬ون�سبة انت�شاره �ضعيفة على العموم (‪ 0.1‬بالمائة)‪ .‬لكن ورغم‬
‫وجود برنامج وطني فعال لمحاربة هذا الداء‪ ،‬ووجود مجتمع مدني ن�شيط جدا‪� ،‬إال �أن انت�شار المر�ض بلغ‬
‫م�ستويات مقلقة بين �صفوف عامالت الجن�س (‪ 5‬بالمائة في منطقة �سو�س‪-‬ما�سة‪-‬درعة)‪ ،‬والرجال الذين‬
‫لهم عالقات جن�سية مع �أمثالهم من الرجال (‪ 5‬بالمائة في منطقة �سو�س‪-‬ما�سة‪-‬درعة‪ ،‬و‪ 4.5‬بالمائة في‬
‫جهة مراك�ش) وبين مدمني المخدرات التي ت�ؤخذ عن طريق الحقن‪ ،‬الذين يبلغ انت�شار هذا الداء بينهم‬
‫‪ 22‬بالمائة في الناظور‪ .‬وهذه الفئات الثالث من ال�ساكنة تتميز به�شا�شتها االجتماعية‪ ،‬وهي تطرح م�شكل‬
‫العالقة بين حقوق الإن�سان وفيرو�س داء فقدان المناعة المكت�سب‪ ،‬كما ي�شير �إلى ذلك البرنامج الوطني‬
‫لمحاربة داء فقدان المناعة المكت�سب والمجل�س الوطني لحقوق الإن�سان ‪�" :81‬إن فيرو�س داء فقدان‬
‫المناعة المكت�سب يطرح م�شاكل عديدة بالن�سبة �إلى حقوق الإن�سان‪ .‬وفي االتجاه الآخر ف�إن حماية‬
‫حقوق الإن�سان و�إنعا�شها �شرط �أ�سا�س للوقاية من انتقال هذا الداء والحد من �أثره في حياة الأفراد‪ .‬وهناك‬
‫العديد من حقوق الإن�سان المعنية بهذا الداء‪ ،‬مثل الحق في عدم الميز‪ ،‬والحق في الحياة‪ ،‬والحق في‬
‫‪82‬‬
‫الم�ساواة �أمام القانون‪ ،‬والحق في الحياة الخا�صة‪ ،‬والحق في �أف�ضل حالة �صحية يمكن بلوغها‪".‬‬

‫‪Regard sur les indicateurs sanitaires. Ministère de la santé, 2013.‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪In, Estimation de l’impact sanitaire de l’hépatite c au Maroc. Thèse de doctorat en médecine, S Touzani, 2012.‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪Rapport de l’Etude bio-comportementale auprès des usagers de drogues injectables à Tanger et Nador‬‬ ‫‪80‬‬
‫‪2010-2011, DELM/Ministère de la Santé avec l'appui du Fonds Mondial et de l'ONUSIDA.‬‬
‫‪Appui à la protection et à la défense des droits des personnes vivant avec le VIH ». CNDH et ONUSIDA, 2010.‬‬ ‫‪81‬‬

‫‪D. El Yazami, président du CNDH. Le droit à la santé dans la nouvelle constitution.‬‬ ‫‪82‬‬
‫‪2ème conférence nationale sur la santé. Marrakech, juillet 2013.‬‬

‫‪59‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪� .2.3‬ضرورة تعزيز الوقاية من الأمرا�ض غير المنقولة‬


‫وبينما ي�سجل تراجع في انت�شار الأمرا�ض التعفنية المعدية والأمرا�ض المرتبطة ب�سوء التغذية‪ ،‬يالحظ‬
‫�أن هناك تزايدا النت�شار الأمرا�ض غير المنقولة‪ ،‬من مثل الأمرا�ض المزمنة‪ ،‬و�أمرا�ض القلب وال�شرايين‪،‬‬
‫و�أمرا�ض ال�سرطان‪ ،‬واالكتئاب‪ ،‬والربو‪ ،‬وال�سكري‪ ،‬والبدانة‪.‬‬
‫وفي المغرب‪ ،‬يعود ما نسبته ‪ 75‬بالمائة من �أ�سباب الوفاة �إلى الأمرا�ض غير المنقولة‪ ،‬وهي واحدة من‬
‫�أعلى الن�سب في منطقة ال�شرق الأو�سط و�شمال �أفريقيا‪ 83.‬و�أمرا�ض ال�سرطان م�س�ؤولة عن ‪ 12‬بالمائة من‬
‫حاالت الوفاة بالأمرا�ض غير المنقولة‪.‬‬
‫وتتميز الأمرا�ض غير المنقولة بكلفتها االقت�صادية واالجتماعية الثقيلة‪ .‬ففي ‪ ،2012‬تمثلت ‪ 50‬بالمائة من‬
‫م�صاريف الت�أمين الإجباري على المر�ض في �أداء كلفة التكفل بالمر�ضى الم�صابين بالأمرا�ض المزمنة‪،‬‬
‫على حين �أن ه�ؤالء المر�ضى ال يمثلون �إال ‪ 3.3‬بالمائة من مجموع �أعداد المر�ضى (جل�سات اال�ستماع مع‬
‫مدير ال�صندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي ومدير ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي)‪.‬‬
‫كما تتميز الأمرا�ض غير المنقولة بارتباطها القوي بعوامل خطر �سلوكية وبيئية لها عالقة بنمط العي�ش‪ ،‬وهي‬
‫عوامل من الممكن الوقاية منها �أو الحد من �آثارها في �إطار �سيا�سة وقائية قائمة على التربية ال�صحية‪�" .‬إن من‬
‫�ش�أن تفعيل التدخالت القائمة على �أ�سا�س الكلفة‪-‬الفعالية‪ ،‬التي تحد من تعر�ض ال�ساكنة للعوامل الحاملة‬
‫‪84‬‬
‫لخطر الإ�صابة بالأمرا�ض غير المنقولة‪� ،‬أن ي�ساهم في الحد من الوفيات المبكرة حتى حدود الثلثين‪".‬‬
‫‪ .3.3‬العمل من �أجل الوقاية من الأمرا�ض غير المنقولة ي�ستدعي �آنيا �أخذ عدد من عوامل‬
‫الخطر بعين االعتبار‬

‫العوامل ال�سلوكية‬
‫• •التدخين‪ :‬الذي يهم ‪ 15‬بالمائة من ال�ساكنة‪ 85.‬ويبلغ عدد الوفيات المرتبطة بالتدخين في المغرب‬
‫‪ 9.350‬حالة �سنويا‪� ،‬أي بمعدل يقارب وفاة واحدة كل �ساعة‪ .‬ويالحظ �أن المغرب مازال لم ي�صادق‬
‫بعد على االتفاقية الإطار لمنظمة ال�صحة العالمية‪ ،‬المتعلقة بمحاربة التدخين‪.‬‬
‫• •ن�سبة م�ستهلكي المواد الم�ؤثرة نف�سيا تقدر بنحو ‪ 3‬بالمائة من مجموع ال�ساكنة‪ ،‬وتبلغ ن�سبة الإدمان ‪2.8‬‬
‫‪86‬‬
‫بالمائة‪.‬‬
‫• •�إدمان الكحول‪ :‬وهو واقع ال تتناوله �أي �إح�صائيات‪ ،‬نظرا لما يحيط بهذا الأمر من طابوهات اجتماعية‪.‬‬

‫‪D. Bettcher, OMS, 2ème conférence nationale sur la santé. Marrakech, juillet 2013.‬‬ ‫‪83‬‬

‫‪Réunion de haut niveau des Nations Unies sur les MNT, 2011.‬‬ ‫‪84‬‬

‫‪Statut MPOWER du Maroc.‬‬ ‫‪85‬‬

‫‪Enquête Nationale de Prévalence des Troubles Mentaux et Toxicomanies, réalisée en 2003.‬‬ ‫‪86‬‬

‫‪60‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫العادات الغذائية‪ ،‬التي تدفع �إلى ا�ستهالك كميات كبيرة من ال�سكر والملح والدهون‪ ،‬و�إلى انخفا�ض‬
‫في ا�ستهالك الألياف والبروتينات‪ ،‬والتي �أف�ضت‪ ،‬في ارتباط مع عوامل خطر �أخرى‪� ،‬إلى انت�شار متزايد‬
‫لبع�ض الأمرا�ض‪ ،‬وخ�صو�صا منها البدانة‪ ،‬وارتفاع ال�ضغط‪ ،‬و�أمرا�ض القلب والأوعية‪ ،‬ومر�ض ال�سكري‪،‬‬
‫وبع�ض �أنواع ال�سرطان‪ .‬وعلى �سبيل المثال‪ ،‬فما بين ‪ 2001‬و‪ ،2011‬ارتفعت ن�سبة البدانة‪ ،‬بما في ذلك‬
‫الأ�شكال الخطيرة والقاتلة منها‪ ،‬بما معدله ‪ 7.3‬بالمائة �سنويا‪ .‬والنتيجة �أن ما يناهز ‪ 10.3‬مليون مغربي بالغ‪،‬‬
‫‪ 63.1‬بالمائة منهم ن�ساء‪ ،‬يوجدون في و�ضعية بدانة �أو هم في طريقهم �إلى �أن ي�صبحوا كذلك‪� 87.‬أما مر�ض‬
‫ال�سكري من ال�صنف الثاني‪ ،‬وهو �أكثر الأ�صناف انت�شارا (‪ 90‬بالمائة من مر�ضى ال�سكري)‪ ،‬فيمثل وباء‬
‫حقيقيا‪ .‬وقد كان معروفا عنه تقليديا �أنه يتطور بداية من الخم�سينات من العمر‪ ،‬لكنه اليوم �أ�صبح يتطور في‬
‫كل �سن‪ .‬و�أما انت�شار مر�ض ارتفاع ال�ضغط (‪ 33.6‬بالمائة)‪ ،88‬وخ�صو�صا الم�ضاعفات ال�صحية المرتبطة به‪،‬‬
‫فيمكن الحد منها عبر اتباع بع�ض القواعد الوقائية‪-‬الغذائية‪.‬‬
‫ترى منظمة ال�صحة العالمية �أن �سوء التغذية وقلة الحركة تعد من بين العوامل الحاملة لخطر الإ�صابة‬
‫ب�أهم الأمرا�ض غير المنقولة‪ ،‬مثل �أمرا�ض القلب والأوعية‪ ،‬وال�سرطان‪ ،‬وال�سكري‪ .‬وقد تبنت الجمعية‬
‫العامة لل�صحة‪ ،‬في ‪ ،2013‬خطة العمل العالمية لمحاربة الأمرا�ض غير المنقولة ‪ ،2020-2013‬التي ت�شمل‬
‫عددا من التدابير المتعين على الدول الأع�ضاء في منظمة ال�صحة العالمية اتخا ُذها لإنعا�ش التغذية‬
‫ال�صحية والريا�ضة البدنية‪.‬‬
‫�أثر البيئة على ال�صحة لم يعد �أمرا بحاجة �إلى برهان‬
‫‪89‬‬
‫�إن ما يقارب ربع الأمرا�ض الم�سجلة عالميا يمكن �إرجاعه �إلى عوامل خطر بيئية من الممكن تغييرها‪.‬‬
‫ف�أ�شكال تلوث الهواء تعد م�س�ؤولة عن �أزيد من ‪ 30.000‬حالة وفاة مبكرة �سنويا في فرن�سا‪� .‬أما في ما يتعلق‬
‫ب�أمرا�ض �أخرى (مثل االختالالت الهرمونية و�إ�صابات الجهاز الع�صبي وما �إليها)‪ ،‬وحتى و�إن لم يتحقق‬
‫�إلى الآن �أي �إجماع علمي حول �أ�سبابها الجينية و‪�/‬أو البيئية‪ ،‬فلم يعد �أحد ينكر اليوم �أثر بع�ض �أ�شكال‬
‫التلوث (من تلوث �صوتي و�أمواج راديو وغير ذلك) على ال�صحة‪ .‬كما �أن �أثر ظروف العي�ش ال جدال‬
‫فيه كذلك‪ ،‬والحديث هنا عن �أمرا�ض مثل الت�سمم الر�صا�صي والأمرا�ض التنف�سية والإ�صابات الجلدية‬
‫‪90‬‬
‫الراجعة �إلى م�شاكل في التهوية والتدفئة‪ ،‬وهي كلها من الآثار ال�صحية لل�سكن غير المالئم‪.‬‬
‫ومن �ش�أن �إعداد "مخطط وطني لل�صحة والبيئة"‪ ،‬على غرار ما هو معمول به في فرن�سا‪� ،‬أن يتيح العمل‬
‫ب�صورة �أف�ضل على العوامل البيئية‪.‬‬

‫‪Enquête Nationale sur l'Anthropométrie. HCP, 2011.‬‬ ‫‪87‬‬

‫‪Enquête prospective 2000 du ministère de la Santé.‬‬ ‫‪88‬‬

‫‪Rapport sur la santé dans le monde. La recherche pour la couverture sanitaire universelle. OMS, 2013.‬‬ ‫‪89‬‬

‫‪Les enjeux de la prévention en matière de santé. Avis du CESE, France, 2011.‬‬ ‫‪90‬‬

‫‪61‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫والوقاية في المجال ال�صحي لي�ست �أمرا من �ش�أن وزارة ال�صحة وحدها‪ ،‬بل ينبغي �أن تنخرط فيه الجماعات‬
‫المحلية وعدد من القطاعات الوزارية (من �سكنى‪ ،‬وتربية وطنية‪ ،‬و�شغل)‪ ،‬ويمكن �أن يعهد بها لهيئة تمثل‬
‫فيها عدد من الوزارات‪ .‬وهي تفتر�ض كذلك �إقرار م�س�ؤولية الجماعات المحلية وتعزيز المعايير واحترامها من‬
‫قبل ال�صناعيين‪ ،‬والقيام بحمالت تح�سي�س وتوعية‪ ،‬ودعم م�صالح الطب المدر�سي والجامعي وطب ال�شغل‪.‬‬
‫وتقوم عدة جمعيات بدورهام في مجال الوقاية والتربية ال�صحية‪ ،‬نذكر منها الجمعية التي تتر�أ�سها الأميرة‬
‫لال �سلمى‪ ،‬التي تنظم منذ ب�ضع �سنوات حمالت للفح�ص المبكر والوقاية من �سرطان الثدي و�سرطان عنق‬
‫الرحم‪ ،‬وكذلك للوقاية من �سرطان الرئة‪.‬‬
‫وقد تبنى المغرب في مجال الوقاية من �أوجه العجز ومن الإعاقة ا�ستراتيجية وطنية للفترة ‪،2015-2009‬‬
‫ترمي �إلى خلق الت�آزر بين جهود جميع الفاعلين‪ .‬غير �أنه ال يمكن الجزم �إن كانت هذه اال�ستراتيجية قد‬
‫‪91‬‬
‫�أدت دورها المن�شود‪� ،‬إذ لم يجر تقييمها قط‪.‬‬
‫‪ .4.3‬ظروف عمل ال ي�ؤخذ �أثرها على ال�صحة بعين االعتبار‬
‫يبلغ عدد حوادث ال�شغل في العالم ‪ 317‬مليون حادثا �سنويا‪ ،‬وفي كل يوم يموت ‪� 6.300‬شخ�ص من �أثر‬
‫حادث �شغل �أو مر�ض مرتبط بال�شغل‪� ،‬أي ما يزيد على ‪ 2.3‬مليون وفاة �سنويا‪ 92.‬وقد �أعدت المنظمة الدولية‬
‫لل�شغل عددا من االتفاقيات الدولية التي تعنى بتنظيم الخدمات ال�صحية في العمل‪ ،‬والوقاية من المخاطر‬
‫المهنية‪ .‬وتجدر الإ�شارة هنا �إلى �أن المغرب قد �صادق على �أغلب هاته الإتفاقيات‪.‬‬
‫في ‪ ،2007‬تبنت منظمة ال�صحة العالمية خطة العمل الدولية من �أجل �صحة العاملين ‪،93 2017-2008‬‬
‫وهي خطة تتناول كل جوانب �صحة العاملين‪ ،‬بما في ذلك الوقاية الأولية من المخاطر المهنية‪ ،‬وحماية‬
‫و�إنعا�ش ال�صحة في العمل‪ ،‬وظروف العمل‪ ،‬والطريقة التي يمكن للمنظومات ال�صحية اال�شتغال وفقها‬
‫للعمل ب�شكل �أكثر فعالية من �أجل �صحة العاملين‪.‬‬
‫في مجال ال�صحة وال�سالمة في العمل‪ ،‬و�إ�ضافة �إلى حوادث ال�شغل‪ ،‬يجب �إيالء عناية خا�صة الكت�شاف‬
‫الأمرا�ض المهنية (مثل داء ال�شحار والأمرا�ض المرتبطة بالأميانت �أو الحرير ال�صخري‪ ،‬واال�ضطرابات‬
‫النف�سية والع�ضلية‪-‬العظمية) والوقاية منها ومعالجتها‪.‬‬
‫وم�س�ألة �صحة العاملين حا�ضرة في �أجندة الحكومة المغربية‪ ،‬وهي من بين العنا�صر المذكورة في الت�صريح‬
‫الحكومي وفي خطة العمل ‪ 2016-2012‬لوزارة ال�صحة‪ ،‬غير �أن النظر في الو�ضعية الحالية ل�صحة ال�شغل‬
‫يك�شف عن عدد من �أوجه النق�ص‪:‬‬
‫‪Rapport sur le respect des droits et inclusion des personnes en situation de handicap du‬‬ ‫‪91‬‬
‫‪Conseil Economique, Social et Environnemental, 19 juillet 2012.‬‬
‫‪Rapport de l’OIT, 2013.‬‬ ‫‪92‬‬

‫‪Plan d’action mondial pour la santé des travailleurs. 60ème assemblée mondiale de la santé. OMS, 2007.‬‬ ‫‪93‬‬

‫‪62‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫• •�إق�صاء العديد من الفئات المهنية من التغطية ال�صحية في ال�شغل‪ :‬الوظيفة العمومية‪ ،‬والم�ؤ�س�سات‬
‫العالجية‪ ،‬والمقاوالت ال�صغرى‪ ،‬والفالحة‪ ،‬والقطاع غير المهيكل‪ .‬وهناك م�شروع قانون �إطار حول‬
‫ال�صحة وال�سالمة في العمل ين�ص على تو�سيع �صحة ال�شغل لت�شمل الوظيفة العمومية‪ ،‬هو في طور‬
‫الإعداد حاليا؛‬
‫• •النق�ص الحاد في تكوين المهنيين الطبيين و�شبه الطبيين في مجال ال�صحة وال�سالمة في العمل‪.‬‬
‫فالحاجيات النظرية تناهز ‪ 2.500‬طبيب �شغل‪ ،‬على حين ال يتجاوز تعداد ه�ؤالء الأطباء حاليا ‪900‬‬
‫طبيب‪ ،‬يمار�س �أغلبهم في القطاع العمومي‪ ،‬وال يعملون دائما في نطاق تخ�ص�صهم؛‬
‫• •التغطية ال�صحية للعاملين ال تزال غير كافية‪ .‬فالأعداد التي يغطيها طب ال�شغل ال تتجاوز ‪350.000‬‬
‫عامل‪� ،‬أي ما ن�سبته ‪ 3.5‬بالمائة تقريبا من ال�ساكنة الن�شطة في الو�سط الح�ضري؛‬
‫• •الوقاية وال�سالمة في ال�شغل غير كافية بالن�سبة لمهنيي ال�صحة‪ ،‬وذلك رغم ارتفاع المخاطر المهنية‬
‫التي يتعر�ضون لها؛‬
‫• •نق�ص في تطبيق ت�شريع ال�شغل‪ ،‬و�ضرورة تحيين هذا الت�شريع؛‬
‫• •غياب معطيات موثوقة حول الم�شاكل ال�صحية لدى العاملين؛‬
‫• • انعدام التعاون الكافي بين القطاعات في مجال �إنعا�ش ال�صحة وال�سالمة في العمل‪.‬‬
‫ويتعر�ض مهنيو ال�صحة لمخاطر متعددة‪ ،‬وخ�صو�صا الأمرا�ض التي ت�صيبهم اثناء ت�أدية عملهم‪ .‬ومن‬
‫ثمة ف�إن �صحة و�سالمة المهنيين من �أطباء وممر�ضين تعد بمثابة م�ؤهل وعن�صر �إيجابي �إ�ضافي ل�ضمان‬
‫جودة الخدمات المقدمة من قبل الم�ؤ�س�سات ال�صحية‪ .‬ووعيا من وزارة ال�صحة بهذه الإ�شكالية‪ ،‬ومن‬
‫�أجل تح�سين �صحة العمل لم�ستخدميها‪� ،‬أحدثت الوزارة وحدات لل�صحة في ال�شغل على م�ستوى‬
‫المندوبيات‪ .‬و�ضرورة و�ضع مثل هذه الوحدات في مجموع الم�ؤ�س�سات ال�صحية م�س�ألة تفر�ض نف�سها‬
‫لت�أمين الوقاية والتتبع الطبي لفائدة مهنيي ال�صحة‪.‬‬

‫ولوجية الأدوية‬ ‫‪4‬‬

‫تحتل الأدوية مكانة مركزية في اقت�صاد المنظومات ال�صحية وفي عمليات التفكير حول تنظيم المنظومات‬
‫‪94‬‬
‫ال�صحية‪ ،‬وهي تمثل ما بين ‪ 20‬و‪ 30‬بالمائة من م�صاريف ال�صحة في العالم‪.‬‬
‫و�سنعالج الولوج �إلى الأدوية من وجهة نظر عامة‪ ،‬قبل التطرق �إلى ولوجيتها في م�ؤ�س�سات العالجات‬
‫ال�صحية الأ�سا�سية‪ .‬في المغرب‪ ،‬تمثل الأدوية والمعدات الطبية ما ن�سبته ‪ 31.7‬بالمائة من مجموع‬

‫‪Rapport sur la santé dans le monde. Le financement des systèmes de santé. Le chemin vers une‬‬ ‫‪94‬‬
‫‪couverture universelle. OMS, 2010‬‬

‫‪63‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫م�صاريف ال�صحة‪� 95 .‬إال �أن م�ستوى ا�ستهالك الأدوية مازال �ضعيفا جدا (‪ 524‬درهم لكل �ساكن في‬
‫‪96‬‬
‫ال�سنة) بالمقارنة مع بلدان �أخرى‪.‬‬
‫‪� .1.4‬أدوية ب�أ�سعار بالغة االرتفاع‬
‫ن�شرت لجنة المالية والتنمية االقت�صادية بمجل�س النواب‪ ،‬في ‪ ،2009‬تقريرا حول و�ضعية �أ�سعار الأدوية‬
‫بالمغرب‪ ،‬منددة ب�أ�سعارها المرتفعة بطريقة غير معقولة‪ 97.‬ويرى معدو التقرير �أن الم�س�ؤولية الرئي�سية في ذلك‬
‫تقع على ق�سم من ال�صناعة ال�صيدالنية‪ ،‬وكذا على الم�ساطر الإدارية التي تحدد الأ�سعار‪ ،‬و�أن من الممكن‬
‫تخفي�ض تلك الأ�سعار �سريعا وبن�سبة كبيرة من خالل تطبيق مجموعة من التدابير التي تعود بالأ�سا�س �إلى‬
‫ٍ‬
‫انتقادات بخ�صو�ص �أخطاء‬ ‫وزارة ال�صحة‪ .‬هذا التقرير‪ ،‬الذي ُتوجه �إليه الجمعية المغربية لل�صناعة ال�صيدلية‬
‫منهجية‪ ،‬يمثل �سابقة في بالدنا‪ ،‬وقد كان له الف�ضل في طرح مو�ضوع هام على �ساحة النقا�ش العمومي‪.‬‬
‫ولقد اتخذت وزارة ال�صحة م�ؤخرا قرارا بتخفي�ض �أ�سعار ‪ 320‬دواء حتى حدود ‪ 60‬بالمائة بالن�سبة �إلى‬
‫بع�ض تلك الأدوية (جل�سة اال�ستماع مع وزير ال�صحة)‪ .‬وهناك تدابير �أخرى مبرمجة‪ ،‬غير �أن تخفي�ض‬
‫�سعر الأدوية‪ ،‬وهو الأمر الذي يتطلبه نجاح التغطية ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬يفتر�ض �إ�صالحا �شامال للمنظومة‬
‫الحالية‪ ،‬بدءا من �إعادة ال�صياغة ال�شاملة للقوانين المنظمة لأ�سعار الأدوية‪ ،‬لأنها �أ�صبحت متجاوزة‪ ،‬وال‬
‫تطبق �إال جزئيا‪ ،‬وت�صب في عك�س اتجاه �سيا�سة النهو�ض بالأدوية الجني�سة‪.‬‬
‫القوانين المنظمة لأ�سعار الأدوية بالمغرب‬
‫تحديد الأ�سعار‬
‫لم يتم قط تحيين وال مراجعة القرار رقم ‪ ،465-69‬ال�صادر بتاريخ ‪� 18‬شتنبر ‪ ،1969‬الذي يحدد طرق‬
‫تحديد �أ�سعار الأدوية الم�صنعة محليا‪ .‬وهو قرار �أ�صبح اليوم متجاوزا تماما‪ ،‬حتى بر�أي وزير ال�صحة نف�سه‬
‫(جل�سة اال�ستماع مع وزير ال�صحة)‪ .‬وقد تمثل �أهم تجديد في القيام في ‪ 1998‬بتبني م�سطرة خا�صة‬
‫لتحديد �أ�سعار الأدوية الجني�سة‪ ،‬مما �أتاح تحقيق تخفي�ض تجاوز ‪ 80‬بالمائة‪ .‬فح�سب هذه الم�سطرة‪ ،‬يتم‬
‫تخفي�ض الدواء الجني�س الذي ينزل �إلى ال�سوق بما مقداره ‪ 30‬بالمائة بالن�سبة �إلى �سعر الدواء الأ�صلي‪،‬‬
‫ثم بن�سبة ‪ 5‬بالمائة للأدوية الجني�سة التي تليه في ما بعد‪ .‬وت�شكو هذه الم�سطرة من نواق�ص‪ .‬فالتخفي�ض‬
‫كاف‪ ،‬ويمكن �أن يكون على الأقل بخم�سين بالمائة‪ .‬من جهة �أخرى‪ ،‬يف�ضي‬ ‫الأولي البالغ ‪ 30‬بالمائة غير ٍ‬
‫التخفي�ض بن�سبة ‪ 5‬بالمائة من �أ�سعار الأدوية الجني�سة التالية �إلى �إعطاء االمتياز للمختبرات التي تبيع‬
‫ب�أ�سعار �أعلى‪ ،‬مما ي�سمح لها ب�إطالق حمالت دعائية ل�صالح منتجاتها‪ ،‬وهو ما يعني زيادة في كميات‬
‫المبيعات من الأدوية الأغلى ثمنا‪.‬‬
‫‪Comptes Nationaux de la Santé 2010. Ministère de la Santé/OMS, Edition 2013.‬‬ ‫‪95‬‬

‫‪Source : ANAM‬‬ ‫‪96‬‬

‫‪Chambre des Représentants. Commission des Finances et du Développement Economique: “Rapport de la Mission.‬‬ ‫‪97‬‬

‫‪64‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫وال�شيء نف�سه يقال عن القرار رقم ‪ ،2365-93‬المتعلق بتحديد �أ�سعار الأدوية الم�ستوردة‪ ،‬والذي �أ�صبح‬
‫بدوره غير مالئم‪ ،‬و�أف�ضى �إلى �أن �صارت بع�ض الأدوية الم�ستوردة تباع في المغرب ب�أ�سعار �أعلى من‬
‫�أ�سعارها في البلدان الأوربية‪ ،‬و�أف�ضى كذلك �إلى جعل ح�صة الأدوية الم�ستوردة ال تفت�أ ترتفع قيا�سا �إلى‬
‫‪98‬‬
‫ح�صة الأدوية الم�صنعة بالمغرب‪.‬‬
‫ي�شكو قطاع الدواء في المغرب من �ضعف �أداء وزارة ال�صحة في �إعداد ن�صو�ص ت�شريعية وتنظيمية وفي‬
‫تطبيقها‪ .‬ففي فرن�سا على �سبيل المثال‪ ،‬ف�إن قانون ال�صحة العمومية يتطور باطراد‪.‬‬
‫هوام�ش التوزيع‬
‫ت�ستقر الهوام�ش عند حدود ‪ 30‬بالمائة من ال�سعر العمومي بالمغرب لل�صيدلي‪ ،‬و‪ 7‬بالمائة لموزع الجملة‪.‬‬
‫وبالتالي ف�إن هام�ش التوزيع يمثل ‪ 37‬بالمائة من ال�سعر العمومي بالمغرب‪� ،‬أي ‪ 58.7‬بالمائة من �سعر الدواء‬
‫عند خروجه من المختبر‪.‬‬
‫وبينما يعتبر هذا الهام�ش في المغرب ثابتا‪ ،‬ف�إننا نجد �أن بلدانا مثل فرن�سا وتون�س تبنت نظاما تراجعيا‬
‫للهوام�ش‪ ،‬حيث يتراجع الهام�ش كلما ازداد ثمن الدواء ارتفاعا‪ ،‬حتى قد يبلغ الهام�ش ‪ 5‬بالمائة فقط‬
‫بالن�سبة �إلى �أكثر الأدوية غالء‪ .‬فالهوام�ش الثابتة تحفز على بيع الأدوية الغالية‪ ،‬وال ت�شجع ال�صيدلي على‬
‫بيع الأدوية الأدنى �سعرا‪ .‬ثم �إن هناك ق�سما كبيرا من الأدوية غالية ال�سعر‪ ،‬التي يتم و�صفها في العالجات‬
‫غير الإ�س�شفائية‪ ،‬ال تحمل �إ�شارة �إلى ال�سعر العمومي بالمغرب‪ ،‬لكي ال ينتق�ص منه �سعر التوزيع‪ ،‬مما‬
‫يرغم العديد من المر�ضى على التزود بتلك الأدوية مبا�شرة من المختبرات‪ ،‬وهو ما يخلق م�سار توزيع‬
‫موازيا‪ .‬ولعل حل هذا الم�شكل يتمثل في تعيين هوام�ش توزيع دنيا لهذه الأدوية حتى يمكن توزيعها في‬
‫ال�صيدليات‪.‬‬
‫ت�أثير الأدوية الجني�سة على �أ�سعار الأدوية‬
‫ا�ضطلعت الأدوية الجني�سة‪ ،‬خالل العقود الثالثة المن�صرمة‪ ،‬بدور رئي�سي في الولوج �إلى العالجات‬
‫في المغرب‪ .‬فقد �سهلت هذه الأدوية الولوج �إلى العالجات‪ ،‬و�أتاحت الرفع بن�سب هامة جدا من �أعداد‬
‫المر�ضى الخا�ضعين للعالج‪ .‬كما �أنها �أتاحت كذلك توفير �أموال هامة على المر�ضى ووزارة ال�صحة‬
‫‪99‬‬
‫وم�ؤ�س�سات الت�أمين على المر�ض‪.‬‬
‫يمكن الخف�ض من �أ�سعار الأدوية بالن�سبة �إلى المر�ضى بما معدله ‪ 60‬بالمائة‪ ،‬عبر االنتقال من الأدوية‬
‫الأ�صلية �إلى نظيرتها الجني�سة ذات الأ�سعار الأقرب �إلى المتناول‪ 100،‬بحكم �أنه من الثابت اليوم �أن نوعية‬

‫‪Aspects concernant les prix des médicaments au Maroc. A Mahly, DMP, ministère de la Santé, 2004.‬‬ ‫‪98‬‬

‫‪Secteur pharmaceutique Marocain: Réalités sur le prix des médicaments et intérêts du secteur. AMIP, 2010.‬‬ ‫‪99‬‬

‫‪Rapport sur la santé dans le monde. Le financement des systèmes de santé. Le chemin vers une‬‬ ‫‪100‬‬
‫‪couverture universelle. OMS, 2010‬‬

‫‪65‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫الدواء الجني�س متكافئة مع نوعية الدواء الأ�صلي‪ .‬والحال �أن ن�سبة انت�شار الدواء الجني�س في المغرب ال‬
‫تتجاوز ‪ 34‬بالمائة في ال�صيدليات‪ ،‬وال تتجاوز ‪ 42‬بالمائة باعتبار كل �أنواع اال�ستهالك‪ ،‬وهو ما يمثل ن�سبة‬
‫‪101‬‬
‫�ضعيفة جدا‪ ،‬مقارنة بالواليات المتحدة على �سبيل المثال‪ ،‬حيث تبلغ تلك الن�سبة ‪ 70‬بالمائة‪.‬‬
‫�إ�ضافة �إلى الأثر في �أ�سعار الأدوية‪ ،‬ف�إن ن�سب ًة �أعلى النت�شار الدواء الجني�س من �ش�أنها �أن تف�ضي كذلك �إلى‬
‫�إنعا�ش ال�صناعة ال�صيدالنية المغربية‪ ،‬المعروف عنها �أنها ت�ستجيب للمعايير الدولية‪ ،‬مما يفتح �أمامها باب‬
‫الت�صدير نحو عدد من البلدان ومنها البلدان الأوربية‪ ،‬فت�ساهم بذلك في خلق منا�صب لل�شغل‪ .‬و�إن من‬
‫�ش�أن الترخي�ص الأخير الذي �أعطته المديرية الأوربية لجودة الدواء بالمجل�س الأوربي للمختبر الوطني‬
‫لمراقبة الأدوية‪� ،‬أن يدعم �سيا�سة الأدوية الجني�سة في بالدنا‪.‬‬
‫وتجدر الإ�شارة �إلى �أن ن�سبة انت�شار الأدوية الجني�سة في القطاع الخا�ص �ضعيفة جدا‪" .‬المناف�سة بال�سعر‪،‬‬
‫في مجال ا�ستهالك الدواء‪ ،‬محدودة حيال الم�ستهلك‪ ،‬بمعنى �أن المري�ض ال يتردد في �شراء الدواء نف�سه‬
‫بثمن �أعلى �إذا كان طبيبه هو من و�صفه له �أو كان �صيدليه هو من ن�صحه به‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ولكي ي�ستطيع الدواء‬
‫الجني�س اال�ضطالع بدوره في تخفي�ض �أ�سعار الأدوية عند اال�ستهالك في القطاع الخا�ص‪ ،‬ينبغي العمل‬
‫على دعمه من خالل عدد من التدابير‪ .‬ومن �أكثر هذه التدابير فعالية �أن تتم فهر�سة تعوي�ضات م�صاريف‬
‫‪102‬‬
‫الدواء على �أ�سا�س �سعر الدواء الجني�س متى كان متوفرا في ال�سوق‪".‬‬
‫�أما التدابير الأخرى التي �أبانت عن فعاليتها في مجال �إنعا�ش الأدوية الجني�سة في عدد من البلدان‪ ،‬فمن بينها‬
‫فهر�سة تعوي�ض م�صاريف الأدوية من قبل م�ؤ�س�سات الت�أمين عن المر�ض على �أ�سا�س �سعر الدواء الجني�س‬
‫(وهذا معمول به في المغرب)‪ ،‬و�إعطاء ال�صيدلي الحق في ا�ستبدال الدواء الأ�صلي بدواء جني�س‪ ،‬كما هو‬
‫الحال في فرن�سا‪ .‬وتطبيق هذا التدبير الأخير يقت�ضي بع�ض ال�شروط الم�سبقة‪ ،‬التي منها على الخ�صو�ص‬
‫نظام معلوماتي معمم‪ ،‬لمتابعة �أعمال اال�ستبدال وتفادي عمليات الغ�ش (المعالجة المعلوماتية للو�صفات‬
‫الطبية‪ ،‬وبطاقة �إليكترونية للمر�ضى)‪ ،‬و�آلي ًة للتعوي�ض عن الخ�سارة لل�صيدلي الذي يطبق اال�ستبدال (وهذا‬
‫يتطلب الإجابة على عدد من الأ�سئلة‪ :‬ب�أي �شكل؟ ومن �سيمول؟ ومن �سيتكفل بالتدبير؟)‬
‫كما �أن النهو�ض بالأدوية الجني�سة يقت�ضي كذلك �إعالم وتح�سي�س مهنيي ال�صحة والمواطنين‪ .‬ويمثل‬
‫عمل الدولة على التوا�صل حول الأدوية الجني�سة‪ ،‬عبر و�سائل الإعالم ذات الجمهور الوا�سع‪ ،‬و�سيل ًة فعالة‬
‫للنهو�ض بتلك الأدوية‪ .‬والحملة الم�ؤ�س�سية الوحيدة التي تم القيام بها في هذا االتجاه هي تلك التي‬
‫لتقييم‬
‫قادتها الوكالة الوطنية للت�أمين على المر�ض في ‪ 2008‬و‪ .2009‬وقد كانت هذه الحملة مو�ضوعا ٍ‬
‫تبين منه �أن النا�س ر�أوا فيها دعوة للمري�ض �إلى �أن يطلب من الطبيب ومن ال�صيدلي �أدوية جني�سة‪ .‬غير‬
‫�أن المر�ضى الذين تم ا�ستجوابهم �أثناء التحقيق التقييمي �صرحوا بكل و�ضوح ب�أنهم لن ي�شتروا هذا النوع‬

‫‪ANAM/IMS, 31 décembre 2012.‬‬ ‫‪101‬‬

‫‪Aspects concernant les prix des médicaments au Maroc. A Mahly, DMP, ministère de la Santé, 2004.‬‬ ‫‪102‬‬

‫‪66‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫من الأدوية �إال �إذا �أكد لهم الطبيب �أو ال�صيدلي فعاليتها‪ 103.‬ويزيد من �أهمية هذه الحمالت الموجهة �إلى‬
‫جمهور عري�ض‪ ،‬كونُ النا�س تلج�أ �إلى التداوي الذاتي بما يمثل �أكثر من ‪ 40‬بالمائة من ا�ستهالك الأدوية‪.‬‬
‫�أما في القطاع العمومي‪ ،‬فالو�ضعية تختلف اختالفا كبيرا‪ ،‬والمناف�سة ت�ؤدي دورها جيدا‪ .‬فالأدوية الجني�سة‬
‫تمثل ما بين ‪ 70‬و‪ 80‬بالمائة من الأدوية التي تقتنيها وزارة ال�صحة عن طريق طلبات عرو�ض‪ .‬ون�سجل‬
‫انخفا�ضا في �أ�سعار الأدوية التي تقتنيها الوزارة �سنة بعد �أخرى بف�ضل ت�أثير الأدوية الجني�سة‪ .‬وعلى �سبيل‬
‫المثال ف�إن الوزارة تدفع ‪ 5‬دراهم مقابل علبة �أموك�سي�سيلين‪ ،‬بينما ال يقل �أدنى �أ�سعار هذا الدواء في‬
‫ال�صيدلية عن ‪ 37‬درهما‪ ،‬علما �أن �شكل الدواء وتقديمه ال يختلفان بين هذا وذاك‪.‬‬
‫الملكية الفكرية‬
‫�صار المغرب منذ ‪ ،2005‬ب�صفته ع�ضوا في منظمة التجارة العالمية‪ ،‬ملزما بتطبيق االتفاقية حول حقوق‬
‫الملكية الفكرية المطبقة على التجارة‪ .‬و�إذا كانت هذه االتفاقية قد �أ�ضحت تحمي الأدوية عبر براءات‬
‫اختراع لمدة تبلغ ع�شرين �سنة‪ ،‬ف�إنها تبقي على بع�ض المرونة‪ ،‬بما يتيح تجاوز الحماية التي توفرها البراءة‪،‬‬
‫وذلك في بع�ض الحاالت الخا�صة (مثل حماية ال�صحة العمومية‪ ،‬والولوج �إلى الأدوية وغير ذلك)‪ .‬وقد‬
‫تم الت�أكيد على جوانب المرونة تلك في �إعالن الدوحة لمنظمة التجارة العالمية (‪ ،)2001‬الموقع عليه من‬
‫قبل كل الدول الأع�ضاء‪ ،‬ومن �ضمنها المغرب‪ 104.‬غير �أن المغرب لم يعمل بعد هذه الحقوق حتى اليوم‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬يتعر�ض الولوج �إلى الأدوية الجني�سة لتهديد متزايد يتمثل في ممار�سات ت�سعى �إلى‬
‫ا�ستمرارية االحتكار التجاري للدواء الأ�صلي‪ .‬وهذا ما يقع مثال حين يتم �إحداث بع�ض التغييرات في‬
‫تركيبة العنا�صر الن�شطة في الدواء الأ�صلي عند انتهاء مدة حماية البراءة‪ ،‬مما يعطي للدواء الأ�صلي‬
‫من جديد �صفة الجِ دة التي ت�ؤخر �إمكانية �إنتاج نظيره الجني�س‪ .‬و ُقل ال�شيء نف�سه في االتفاقية التجارية‬
‫المناه�ضة للتزوير‪ ،‬التي تمنع‪ ،‬بذريعة محاربة التزوير‪ ،‬كل ا�ستعمال للمادة الخام من قبل � ٍّأي كان قبل‬
‫انتهاء مدة حماية البراءة‪ ،‬وهو ما ي�ؤخر �إنتاج الأدوية الجني�سة‪.‬‬
‫وقد وقع المغرب مع الواليات المتحدة الأمريكية اتفاقيات تبادل حر تفر�ض معايير حمائية تذهب �إلى‬
‫�أبعد من متطلبات منظمة التجارة العالمية (االتفاقيات المعروفة با�سم ‪ .)105ADPIC‬هذه االتفاقيات‪ ،‬التي‬
‫تمثل حاجزا كبيرا يقف دون الولوج �إلى الأدوية بثمن في المتناول‪ ،‬كانت مو�ضوعا النتقادات �شديدة من‬
‫قبل الم�ؤ�س�سات الدولية والأممية العاملة في مجال ال�صحة والتنمية‪ 106،‬ومن قبل �صانعي الأدوية الجني�سة‬
‫والمجتمع المدني‪ .‬ويرى جوزيف �ستيكليتز‪ ،‬الحائز على جائزة نوبل لل�سالم‪� ،‬أن "ال�صناعة ال�صيدالنية‬

‫‪Etude d’impact de la campagne sur les médicaments génériques. ANAM, 2006.‬‬ ‫‪103‬‬

‫‪Implications de la déclaration sur les ADPIC et la santé publique, Doha, OMS, N°12, 2002.‬‬ ‫‪104‬‬

‫‪G Krikorian : Evolutions récentes de la législation sur la propriété intellectuelle au Maroc et accès aux‬‬ ‫‪105‬‬
‫‪médicaments. KEStudies vol 1, 2007.‬‬
‫‪The potential impact of free trade agreements on public health. ONUSIDA, PNUD, 2012.‬‬ ‫‪106‬‬

‫‪67‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫بنظام للملكية الفكرية يفتقر �إلى التوازن‪ ،‬وهو نظام‬


‫الأمريكية قد تو�صلت �إلى جعل دول �أخرى تعمل ٍ‬
‫تم و�ضعه من �أجل محاربة الأدوية الجني�سة‪ ،‬ولذلك فهو يولي الأهمية للربح �أكثر مما يوليها لحياة النا�س‬
‫‪107‬‬
‫الذين ينتظرون �أن ينقذهم الدواء‪".‬‬
‫ووقع المغرب كذلك على االتفاقية المناه�ضة للتزوير‪ ،‬وهي بانتظار الم�صادقة عليها من قبل البرلمان‪.‬‬
‫أحد ُث منها عهدا‪ ،‬تتهدد الولوج �إلى الأدوية الجني�سة في المغرب‪ ،‬ويتعلق الأمر‬ ‫وهناك مخاطر �أخرى‪َ � ،‬‬
‫باتفاقية ‪ ،ALECA‬التي يجري التفاو�ض حولها مع االتحاد الأوربي‪.‬‬
‫والقانون المغربي المتعلق بحماية الملكية ال�صناعية (القانون رقم ‪ ،17-97‬المعدل بالقانون ‪ )31-05‬يعد‬
‫من بين القوانين الأكثر ت�ضييقا والأكثر وقوفا في وجه الولوج �إلى الأدوية الجني�سة في البلدان ال�سائرة في‬
‫طريق النمو‪ .108‬فهذا القانون يتخلى عن العديد من الحقوق التي تمنحها منظمة التجارة العالمية للدول‬
‫من �أجل حماية ال�صحة العمومية‪ .‬وهو قانون من�سوخ عن قوانين الدول المتقدمة‪ ،‬ولي�س بالتالي متالئما‬
‫البتة مع م�ستوى النمو االقت�صادي للمغرب وال مع الموارد التي تتوفر عليها البالد لمواجهة الم�شاكل‬
‫ال�صحية‪ 109.‬كما �أنه ي�صب في عك�س اتجاه م�صالح ال�صناعة ال�صيدالنية الوطنية‪ ،‬التي �صار محكوما عليها‬
‫ب�أن تنتج ن�سخا جني�سة من جزيئات جرى تجني�سها من قبل‪ ،‬مع قيمة م�ضافة �أدنى‪.‬‬
‫من ثمة تت�ضح �ضرورة العمل على تحقيق االن�سجام بين �سيا�سة وزارة ال�صحة‪ ،‬الم�شجعة للأدوية الجني�سة‪،‬‬
‫وبين �سيا�سات وزارات ال�ش�ؤون الخارجية وال�صناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة‪ ،‬وكذا �إقرار �إ�صالح‬
‫للمكتب الوطني للملكية ال�صناعية والتجارية‪.‬‬
‫‪ .2.4‬نظام لتخزين وتوزيع الأدوية غير فعال‬
‫على الم�ستوى الوطني‬
‫�إن نجاعة وفعالية نظام التموين تعد بمثابة عوامل حا�سمة لنجاح كل �سيا�سة �صيدالنية وطنية‪.‬‬
‫في القطاع الخا�ص‪ ،‬تمتاز �شبكة ال�صيدليات (حوالي ‪� 11.000‬صيدلية)‪ ،‬و�شبكة الموزعين بالجملة‪،‬‬
‫بتنظيمهما المحكم وانت�شارهما على امتداد التراب الوطني‪.‬‬
‫�أما في القطاع العمومي‪ ،‬ف�إن تخزين وتوزيع الأدوية يطرحان م�شاكل كبرى‪ ،‬كما ت�شهد بذلك الكميات‬
‫المهولة من الأدوية منتهية ال�صالحية‪ ،‬وحاالت الت�أخر في الت�سليم‪ ،‬وحاالت نفاد المخزون‪ .‬فالأماكن‬
‫المعدة للتخزين مكتظة وغير مالئمة لهذه الوظيفة‪ ،‬والو�سائل اللوج�ستية غير كافية‪� ،‬سواء على الم�ستوى‬

‫‪JE Stiglitz, article traduit et publié par L’Economiste du 10 juillet 2013.‬‬ ‫‪107‬‬

‫‪G Krikorian, K Marhoum El Filali, H Himmich. L’accès aux médicaments sous le nouveau régime de‬‬ ‫‪108‬‬
‫‪protection des brevets : cas du sida au Maroc. KEStudies Vol 2, 2008.‬‬
‫‪L. Birkes. “Lessons from Morocco”, Middle East Times. Monterey Institute of International Studies, 2007.‬‬ ‫‪109‬‬

‫‪68‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫المركزي �أم على الم�ستوى المحلي‪ 110.‬وتوزيع الدواء ي�شكو من نق�ص في التن�سيق والتدبير في �شبكة‬
‫التوزيع‪ ،‬ومن غياب نظام �إعالمي مندمج يتيح قيادة عملية التموين بالمواد ال�صيدالنية‪ .‬كما �أن الو�سائل‬
‫اللوج�ستيكية الم�ستعملة في التوزيع غير كافية ل�سد حاجيات نظام �شديد المركزة‪ ،‬عليه التكفل بتزويد‬
‫م�ؤ�س�سات م�شتتة جغرافيا ك�أ�شد ما يكون الت�شتت‪.‬‬
‫وهو نظام له كلفته التي يجب �أخذها بعين االعتبار في بلورة الإ�صالحات القادمة‪ .‬وبالتالي فمن ال�ضروري‬
‫الإ�سراع ب�إ�صالحه والتفكير في تفوي�ض تدبيره للقطاع الخا�ص‪.‬‬
‫�آثار نظام التوزيع على ولوجية الأدوية بم�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‬
‫لم تكن الكميات التي يتم تزويد الأقاليم بها تغطي في ‪� 2007‬إال ما يقارب ‪ 30‬بالمائة من حاجيات‬
‫م�ؤ�س�سات الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية من المنتجات ال�صيدالنية ‪� .111‬أما خالل ال�سنوات الأخيرة فقد‬
‫ارتفعت تلك الكميات‪ ،‬لكن دون اال�ستجابة مع ذلك للحاجيات‪.‬‬
‫في النظام التدبيري الحالي‪ ،‬تعبر كل م�ؤ�س�سة من م�ؤ�س�سات الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية عن حاجتها‬
‫من الأدوية (طبقا للتو�صيف الوطني) لل�سنة الموالية ل�سنة معينة‪ ،‬بناء على معدل اال�ستهالك لل�سنوات‬
‫الما�ضية ولي�س بناء على الحاجيات الحقيقية للو�صفات الطبية‪ .‬بعد ذلك يجري تجميع الطلبات على‬
‫الم�ستوى الإقليمي‪ ،‬قبل �أن يجري توجيهها �إلى ق�سم التموين‪ ،‬الذي يتكفل باقتناء الم�شتريات المجمعة‬
‫وتموين ال�صيدليات الإقليمية‪ ،‬التي تقوم بدورها بتموين م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ .‬من‬
‫جانب �آخر‪ ،‬ف�إن مديريات �أخرى‪ ،‬مثل مديرية ال�سكان ومديرية الأوبئة ومحاربة الأمرا�ض‪ ،‬تلج�أ كذلك �إلى‬
‫�شراء �أدوية‪ ،‬بكميات تزيد �أو تنق�ص‪ ،‬لتلبية حاجيات برامج ال�صحة العمومية‪.‬‬
‫التدبير اليدوي لهذا الم�سل�سل‪ ،‬الذي يتميز بطول الم�سار والعدد الكبير من المتدخلين والإمكانيات‬
‫المحدودة لتتبع �آثار المنتجات ال�صيدالنية الموزعة‪ ،‬يف�ضي بال�ضرورة �إلى عدد من حاالت االختالل‬
‫على م�ستوى م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬كما وقف على ذلك �أع�ضاء مجموعة العمل �أثناء‬
‫الزيارات الميدانية‪" :‬نحن نعيد تقديم الطلبات نف�سها التي قدمناها في ال�سنوات الما�ضية‪ .‬وعلى كل‬
‫حال فنحن ال نتلقى دائما كل ما نطلبه‪ ...‬نتلقى �أحيانا منتجات اقترب تاريخ نهاية �صالحيتها‪...‬‬
‫نعاني من نفاد مخزون الكثير من المواد‪ ،‬مثل �أدوية ارتفاع ال�ضغط الدموي‪ ،‬والأو�سيتو�سين‪ ،‬والم�ضادات‬
‫الحيوية الخا�صة بالأطفال‪ ...‬كثيرا ما ن�ضطر �إلى ت�سليم المر�ضى و�صفة دواء ليقتنوه من ال�صيدليات‬
‫الخا�صة‪( ".‬طبيب رئي�سي بمركز �صحي)‪.‬‬

‫‪Rapport de la Commission Consultative du Médicament et des Produits de Santé. 2012.‬‬ ‫‪110‬‬

‫‪Santé Vision-2015. Ministère de la santé-OMS, 2007.‬‬ ‫‪111‬‬

‫‪69‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫و�سخَ طِ المر�ضى‪،‬‬
‫ويف�ضي هذا التدبير غير الفعال �إلى كثير من حاالت نفاد المخزون‪ ،‬و�سوء التوجيه‪َ ،‬‬
‫الذين ينفرون من مراكز الخدمات ال�صحية‪ ،‬ناهيك عن �إحباط المهنيين المعالجين‪ ،‬كما �أن هذا الت�سيير‬
‫يف�ضي �أي�ضا �إلى خ�سارة مالية ناجمة عن انتهاء مدة �صالحية كميات كبيرة من الأدوية‪ ،‬ووقوع عبء مالي‬
‫هام على كاهل المر�ضى (الذين كثيرا ما يكونون معوزين)‪.‬‬
‫‪ .3.4‬تو�صيف الأدوية على م�ستوى م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ :‬عقلنة ال‬
‫منا�ص منها‬
‫ح�سب تقديرات منظمة ال�صحة العالمية‪ ،‬ف�إن �أقل من ن�صف المر�ضى في البلدان ذات الدخل ال�ضعيف‬
‫والمتو�سط يتلقون عالجات �صحية �أولية ت�ستجيب للتوجيهات ال�سريرية والبروتوكوالت العالجية في‬
‫مجال الأمرا�ض العادية‪ ،‬كما �أن �أكثر من ن�صف الأدوية يجري تو�صيفها �أو ت�سليمها �أو بيعها بطريقة‬
‫غير مالئمة‪ 112.‬وقد �أكدت هذه المالحظة درا�س ٌة تم �إجرا�ؤها على �شبكة م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية‬
‫‪113‬‬
‫الأ�سا�سية في والية الدار البي�ضاء الكبرى‪.‬‬
‫ويمثل الت�سويق الذي تمار�سه المختبرات ال�صيدالنية‪ ،‬والموجه �صوب �إ�شهار الأدوية الأحدث والأغلى‬
‫�سعرا‪ ،‬عقبة كبرى في �سبيل عقلنة الو�صفات الطبية‪.‬‬
‫كما �أن من �ش�أن ن�شر وتوزيع البروتوكوالت العالجية �أن ي�ساعد على عقلنة الو�صفات الطبية‪ ،‬والبروتوكوالت‬
‫العالجية التي �أعدتها وزارة ال�صحة‪ ،‬وهي تهم على الخ�صو�ص برامج ال�صحة العمومية‪ .‬وقد تمت بلورة‬
‫تو�صيات بالممار�سات الطبية الجيدة‪ ،‬تهم التكفل بالأمرا�ض المزمنة‪ ،‬وذلك في �إطار اتفاقية لل�شراكة تم‬
‫�إبرامها بمبادرة من الوكالة الوطنية للت�أمين عن المر�ض‪ ،‬وتم التوقيع عليها من قبل وزير ال�صحة‪ ،‬والجمعية‬
‫المغربية للعلوم الطبية‪ ،‬والوكالة الوطنية للت�أمين عن المر�ض‪ .‬وفي هذه الإطار تم ن�شر ‪ 9‬بروتوكوالت‬
‫عالجية على الموقع الإلكتروني للوكالة‪ ،‬وهناك ‪ 25‬بروتوكوال �آخرا في طور الإعداد‪.‬‬

‫‪Rapport sur la santé dans le monde. Le financement des systèmes de santé. Le chemin vers une‬‬ ‫‪112‬‬
‫‪couverture universelle. OMS, 2010‬‬ ‫‪113‬‬
‫‪A. Khalid. Rationalisation des prescriptions des médicaments au niveau du réseau de soins de santé de‬‬
‫‪base. INAS, 2004.‬‬

‫‪70‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الق�سم الرابع‪ :‬الم�صاريف ال�صحية وتمويلها‬

‫م�صاريف ال�صحة‬ ‫‪1‬‬

‫ال تمثل م�صاريف ال�صحة الإجمالية �إال ما ن�سبته ‪ 6.2‬بالمائة من الناتج الداخلي الخام ‪� ،114‬أي �أدنى من‬
‫المعدل الم�سجل لدى الدول ال‪ 194‬الأع�ضاء في منظمة ال�صحة العالمية‪ ،‬والذي يبلغ ‪ 6.5‬بالمائة‪،‬‬
‫و�أعلى من ن�سبة ‪ 6‬بالمائة التي تعتبرها المنظمة بمثابة الحد الأدنى ال�ضروري ل�ضمان عالجات �صحية‬
‫�أ�سا�سية‪�.‬إال �أن هذه الم�صاريف ال تبلغ �إال ن�صف مثيلتها بتون�س‪ ،‬و�سد�س نف�س ال�صاريف بالأردن ‪.115‬‬
‫وال�شيء نف�سه ي�صح في حق مجموع الم�صاريف ال�سنوية عن كل �ساكن‪ ،‬حيث بلغت هذه الم�صاريف‬
‫حوالي ‪ 153‬دوالرا �أمريكيا في ‪ ،2012‬في حين يبلغ المعدل الم�سجل لدى الدول الأع�ضاء ‪ 302‬دوالرا ‪.116‬‬
‫�أما م�صاريف وزارة ال�صحة فمثلت ‪ 4.1‬بالمائة من نفقات الميزانية العامة للدولة في ‪ ،2012‬في حين تو�صي‬
‫منظمة ال�صحة العالمية ب�أن تبلغ تلك الم�صاريف ‪ 9‬بالمائة ‪ :117‬وعلى �سبيل المقارنة ف�إن هذه الم�صاريف‬
‫تمثل ‪ 10.4‬بالمائة من الم�صاريف العامة للدولة في تون�س‪ ،‬و‪ 10.6‬بالمائة في الجزائر‪ ،‬و‪ 11.6‬بالمائة في‬
‫ال�سنغال‪ ،‬و‪ 12.8‬بالمائة في تركيا‪ ،‬و‪ 16.3‬بالمائة في الأردن ‪.118‬‬
‫‪ .1.1‬الأ�سر هي التي تتحمل ب�صفة رئي�سية م�صاريف ال�صحة‬
‫مازال تمويل العالجات يعتمد بالدرجة الأولى على الأداء المبا�شر من قبل الأ�سر‪ .‬فح�صة الم�صاريف ال�صحية‬
‫التي تتحملها الأ�سر بطريقة مبا�شرة تبلغ ‪ 53.6‬بالمائة‪� ،‬أي ما معدله ‪ 802‬دراهم للفرد �سنويا‪ 119.‬والتكاليف على‬
‫حقيقتها هي بال �شك �أكبر من ذلك‪� ،‬إذا �أ�ضفنا �إليها الم�صاريف الخفية‪ ،‬المرتبطة بالنقل والإيواء (الكلفة‬
‫االجتماعية)‪ .‬كما تجدر الإ�شارة �إلى �أن الم�ساهمة التي ت�ضطر م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�صلية �أن‬
‫تطالب بها �أ�سر المر�ضى‪ ،‬في الو�سط القروي على الخ�صو�ص‪ ،‬ل�شراء الأدوية والمعدات ال�صغيرة من‬
‫ال�صيدليات الخا�صة‪ ،‬زيادة على م�صاريف النقل‪ ،‬تمثل في بع�ض الأحيان عوائق �أمام الولوج �إلى العالجات‪.‬‬

‫‪N Benali. Financement public de santé au Maroc entre les contraintes et les opportunités.‬‬ ‫‪114‬‬
‫‪2 ème Conférence Nationale de la Santé. Marrakech, juillet 2013.‬‬
‫‪Etude sur l’équité en santé (INISAN 2012).‬‬ ‫‪115‬‬

‫‪Statistiques mondiales de l’OMS 2013.‬‬ ‫‪116‬‬

‫‪http://www.em-consulte.com/rmr/article/144443‬‬ ‫‪117‬‬

‫‪NHA_ratios_and_pc_levels_fr_1995-2009. OMS.‬‬ ‫‪118‬‬

‫‪Comptes Nationaux de la Santé 2010, ministère de la Santé, OMS, Edition 2013.‬‬ ‫‪119‬‬

‫‪71‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ويمثل تمويل الم�صاريف ال�صحية من قبل الأ�سر نف�سها النمط ال�سائد على العموم في البلدان الفقيرة‬
‫�أو ذات الدخل المتو�سط‪ .‬والحال �أن الأداء المبا�شر كثيرا ما ي�ضع الأ�سر �أمام خيار �صعب‪ :‬هل تدفع‬
‫م�صاريف الخدمات ال�صحية �أم هل تهتم بم�صاريف تغذية الأطفال وتربيتهم؟ و"مهما كان مبلغ الأداء‬
‫المبا�شر المفرو�ض على الأ�سر �ضئيال‪ ،‬ف�إن من �ش�أنه �أن ي�صرفها عن ا�ستعمال الخدمات ال�صحية‪� ،‬أو �أن‬
‫يدفع �إلى هاوية الفقر �أ�شخا�صا كانوا قريبين من عتبته"‪ 120.‬ويجب �أن ينخف�ض اللجوء �إلى الأداء المبا�شر‬
‫�إلى ‪ 20-15‬بالمائة من مجموع م�صاريف ال�صحة‪ ،‬لكي يكون �أثر ذلك على الأ�سر غير ذي بال‪ ،‬ولكي‬
‫تر�سو ن�سبة االفتقار عند حدود غير م�ؤثرة‪.‬‬
‫ويبين تحليل الم�صاريف المبا�شرة للأ�سر �أن ما يقارب ‪ 48.6‬من تلك الم�صاريف يذهب �إلى �شراء الأدوية‪،‬‬
‫تليها الم�صاريف التي تذهب �إلى العيادات والم�صحات الخا�صة‪ ،‬بما ن�سبته ‪ 38.7‬بالمائة‪ .‬ويتم دفع هذه‬
‫الم�صاريف على وجه الخ�صو�ص �إلى العيادات الخا�صة‪ ،‬في حين ال تجتذب الم�ست�شفيات العمومية �إال‬
‫‪ 4.4‬بالمائة من الم�صاريف المبا�شرة للأ�سر‪ .‬وتبين هذه الأرقام �أن �أغلب ال�ساكنة القادرة على الأداء تلج�أ‬
‫�إلى الم�ؤ�س�سات العالجية الخا�صة التي تعتبر الأ�سر �أنها تقدم خدمة عالجية �أجود (ظروف اال�ستقبال‬
‫والإيواء‪ ،‬وتوفر التجهيزات وغير ذلك)‪ .‬فاللجوء �إلى القطاع الخا�ص قد يجد تف�سيره في ال�صعوبات التي‬
‫تواجهها االم�ؤ�س�سات العمومية‪� ،‬سواء �أتعلق الأمر بجودة اال�ستقبال والإيواء �أم حتى بنوعية العالجات‪.‬‬
‫‪ .2.1‬م�صاريف الت�أمين ال�صحي الإجباري‬
‫يخ�ص�ص نظام الت�أمين ال�صحي الإجباري مكانة هامة للأمرا�ض المزمنة‪ ،‬المعرفة ب�صفتها �أمرا�ضا ت�صيب‬
‫الأفراد فتالزمهم طيلة الحياة‪ ،‬وتكون تكلفتها على وجه العموم كبيرة‪ .‬وبهذا ال�صدد ف�إن هناك �أكثر من‬
‫‪ 300‬مر�ض هي مو�ضوع تدابير تنظيمية خا�صة ترمي �إلى تك ُفّل �أمثل في �إطار التامين ال�صحي الإجباري‪،‬‬
‫مع ن�سبة تغطية قد تبلغ ‪ 98‬بالمائة‪ ،‬علما �أن باقي الم�صاريف (المدفوعات الم�شتركة) تبقى على ح�ساب‬
‫الم�ؤ َّمن‪.‬‬
‫وح�سب معطيات الوكالة الوطنية للت�أمين عن المر�ض‪ ،‬همت الأمرا�ض المزمنة في ‪ 2012‬قرابة ‪ 3.3‬بالمائة‬
‫من المنخرطين في الت�أمين‪ ،‬ومثلت ‪ 51‬بالمائة من مجمل الم�صاريف‪ .‬والأمرا�ض المزمنة تمثل �أكبر‬
‫تحد يواجهه نظام التغطية ال�صحية الأ�سا�سية‪ .‬وهذا يقت�ضي �سيا�سة �إرادية ترمي �إلى محاربة التدخين وقلة‬
‫الحركة والعادات الغذائية ال�سيئة‪ ،‬وي�سجل �ضعف ن�سب التعوي�ض عن العالجات الوقائية‪ ،‬وهو ما ي�صب‬
‫في نقي�ض كل �سيا�سة �صحية من المفرو�ض فيها �أن تولي �أهمية كبرى للوقاية من الأمرا�ض المزمنة‪ ،‬و�أن‬
‫تهدف �إلى تح�سين الحال ال�صحية لل�ساكنة‪ ،‬والتحكم بالتالي في م�صاريف ال�صحة‪ .‬ومن �ش�أن هذا الو�ضع‬

‫‪Rapport sur la santé dans le monde. Le financement des systèmes de santé. Le chemin vers une‬‬ ‫‪120‬‬
‫‪couverture universelle. OMS, 2010.‬‬

‫‪72‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫�أن يف�ضي بعد حين �إلى الزيادة في المخاطر الثقيلة‪ .‬كما �أن االرتفاع الكبير لأ�سعار الأدوية الخا�صة‬
‫بالأمرا�ض المزمنة يعد �أي�ضا من �أ�سباب ارتفاع تلك النفقات‪.‬‬
‫‪ .3.1‬م�صاريف وزارة ال�صحة في مجال العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‬
‫ح�سب الح�سابات الوطنية لل�صحة‪ ،‬ت�ستفيد الم�ست�شفيات (بما فيها المراكز اال�ست�شفائية الجامعية) من‬
‫�أكبر ق�سم من الأموال التي تخ�ص�صها وزارة ال�صحة للم�ؤ�س�سات التابعة لها (‪ 46.9‬بالمائة)‪ ،‬في حين ال‬
‫ت�ستفيد م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية �إال من ‪ 34‬بالمائة من تلك المخ�ص�صات‪ ،‬علما �أن هذه‬
‫الم�ؤ�س�سات‪ ،‬على عك�س الم�ست�شفيات‪ ،‬ال تتوفر على �أي موارد �أخرى للتمويل‪� .‬أما الميزانية المخ�ص�صة‬
‫للأدوية فانتقلت من ‪ 1.6‬مليار درهم في ‪� 2012‬إلى ‪ 2.2‬مليار في ‪ ،2013‬وهو ارتفاع كان الهدف منه الرفع من‬
‫كمية الأدوية المخ�ص�صة لم�ؤ�س�سات الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬من �أجل تغطية حاجيات الم�ستفيدين‬
‫من نظام الم�ساعدة الطبية في مجال الأدوية (جل�سة الإ�ستماع مع وزير ال�صحة)‪.‬‬
‫غير �أن مجانية العالجات والأدوية على م�ستوى م�ؤ�س�سات الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية بالن�سبة للمر�ضى‬
‫جميعا‪ ،‬حتى المتوفرين منهم على تغطية �صحية والمو�سرين‪ ،‬تجعل الدولة تتحمل وحدها عبء التمويل‬
‫في هذا المجال‪ .‬والأنماط المتبعة حاليا في �أداء ثمن الخدمات المقدمة �إلى الم�ستفيدين من نظام‬
‫الم�ساعدة الطبية تجعل تلك الأداءات ال تتبع الخدمة المقدمة �إلى الم�ستفيد‪.‬‬
‫وقد تم �إحداث �صندوق م�شترك بم�ساهمة من الدولة والجماعات المحلية والمنخرطين‪ ،‬بما �سيمكن من‬
‫�أداء م�ستحقات الم�ست�شفيات ح�سب فواتيرها‪ .‬فم�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬رغم �أنها تعتبر‬
‫المدخل الإجباري للم�ستفيدين من نظام الم�ساعدة الطبية �إلى المنظومة العالجية‪� ،‬إال �أنها لن ت�ستفيد‬
‫ب�صفة مبا�شرة من تمويل نظام الم�ساعدة الطبية‪ ،‬مما ي�شكل مفارقة‪.‬‬

‫تمويل ال�صحة‬ ‫‪2‬‬

‫‪ .1.2‬مبادئ تمويل ال�صحة‬


‫تعد م�س�ألة تمويل ال�صحة م�س�ألة بالغة الأهمية لكل البلدان‪ ،‬ب�سبب رهاناتها ال�سيا�سية واالقت�صادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وال يمكن الف�صل بين تمويل الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية وتمويل ال�صحة‪ .‬وتعتبر التغطية‬
‫ال�صحية ال�شاملة الآلية الرئي�سية لتمويل منظومة �صحية تطمح �إلى الإن�صاف‪ .‬وقد حددت منظمة ال�صحة‬
‫العالمية ثالث م�شاكل رئي�سية يتعين حلها من �أجل التقدم نحو تغطية �صحية �شاملة‪ ،‬هي ق�ضية جاهزية‬
‫الموارد‪ ،‬واالعتماد المفرط على الأداء المبا�شر من قبل الأ�سر‪ ،‬واال�ستعمال غير الفعال وغير المن�صف‬
‫للموارد‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫ويرتبط التمويل المالئم لل�صحة بعدة عوامل‪:‬‬


‫• •بنية االقت�صاد‪ :‬فالبلدان‪ ،‬من مثل المغرب‪ ،‬التي تعرف م�ستوى مرتفعا لمنا�صب ال�شغل غير المهيكلة‪،‬‬
‫تواجه �صعوبة مزدوجة‪� :‬صعوبة في �إقرار ال�ضريبة على الدخل‪ ،‬و�صعوبة في اقتطاع الم�ساهمات (�أجور‬
‫غير م�صرح بها‪ ،‬ومتدنية في نف�س الوقت)‪ .‬ومن جانب �آخر‪ ،‬يجب �أن ي�ؤخذ في الح�سبان‪ ،‬عند اقتطاع‬
‫الم�ساهمات من الأجور (ن�سبة الم�ساهمة) �أثر تلك االقتطاعات على القدرة ال�شرائية؛‬
‫• •المكانة المخ�ص�صة للت�ضامن‪ :‬الت�ضامن بين الأغنياء والفقراء‪ ،‬والت�ضامن بين الأجيال؛‬
‫• •مدى تقا�سم المخاطر بين ال�ساكنة المعر�ضة لمخاطر كبيرة وال�ساكنة المعر�ضة لمخاطر دنيا؛‬
‫• •مدى �إقرار م�س�ؤولية الآمرين بالعالجات‪ ،‬من ممونين ومقدمي الخدمات العالجية؛‬
‫• •القدرة على التدبير الناجع والم�ستدام للت�أمين الإجباري عن المر�ض؛‬
‫• •نجاعة الم�ؤ�س�سات والمنظومة ال�صحية‪.‬‬
‫ويمكن ت�أمين تمويل منظومة �صحية معينة عبر ثالثة �أنماط يجري في الغالب العمل بها جميعا في �آن‬
‫واحد‪ ،‬ولكن بن�سب تختلف باختالف البلدان‪:‬‬
‫• •التمويل المبا�شر من قبل الأ�سر‪ ،‬بناء على مبد�أ الم�س�ؤولية الفردية؛‬
‫• •التمويل التعا�ضدي‪ ،‬المبني على مبد�أ الت�ضامن؛‬
‫• •التمويل من خالل النظام ال�ضريبي‪ ،‬القائم على مبد�أ الحق في ال�صحة باعتبار هذا الحق َدينا‬
‫للمواطنين في ذمة الدولة‪.‬‬
‫وتعتبر منظمة ال�صحة العالمية �أن با�ستطاعة البلدان ت�سريع تقدمها نحو تغطية �شاملة عبر اللجوء �إلى الحد‬
‫من الأداءات المبا�شرة‪ .‬وهذا يقت�ضي �إدخال �أو تعزيز مبد�أ تجميع الموارد‪ .‬والبلدان التي اقتربت �أكثر‬
‫من غيرها من التغطية ال�صحية ال�شاملة تعتمد التمويل من خالل فر�ض ال�ضرائب ومن خالل م�ساهمات‬
‫الت�أمين‪ 121.‬لكن من المهم مالحظة �أنه‪ ،‬ما بين القرنين التا�سع ع�شر والع�شرين‪ ،‬ف�إن الزمن الذي انق�ضى ما‬
‫بين الت�صويت على �أول قانون للت�أمين الإجباري على المر�ض وبين الت�صويت على تفعيل التغطية ال�شاملة‬
‫ُي ُّعد بع�شرات ال�سنين بالن�سبة �إلى العديد من الدول‪ .‬وعلى عك�س ذلك حال الأمر في المك�سيك‪ ،‬حيث‬
‫�إن تفعيل �آلية عمومية للت�أمين عن المر�ض �أتاح للبالد التو�صل �إلى تغطية �صحية �شاملة في �أقل من ع�شر‬
‫�سنوات بعد �إدخال هذا البرنامج‪.122‬‬

‫‪Rapport sur la santé dans le monde : le financement des systèmes de santé, le chemin vers une‬‬ ‫‪121‬‬
‫‪couverture médicale universelle. OMS, 2010.‬‬
‫‪Rapport sur la santé dans le monde. La recherche pour la couverture sanitaire universelle. OMS, 201‬‬ ‫‪122‬‬

‫‪74‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫‪ .2.2‬تمويل ال�صحة في المغرب‬


‫م�صادر تمويل ال�صحة‬
‫رغم �إر�ساء نظام التغطية ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬ما زالت الأ�سر هي التي تتكفل بتمويل الجزء الأكبر من‬
‫مجمل م�صاريف ال�صحة‪ ،‬بما ن�سبته ‪ 53.6‬بالمائة‪ .‬ويعطي الجدول �أ�سفله فكرة عن مختلف م�صادر التمويل‬
‫المن�شورة في الح�سابات الوطنية لل�صحة ل�سنة ‪.2010‬‬

‫م�صادر تمويل ال�صحة في المغرب‬


‫الح�صة بالن�سبة المئوية‬ ‫م�صدر التمويل‬
‫‪53,6‬‬ ‫�أداء مبا�شر من قبل الأ�سر‬
‫‪25,2‬‬ ‫المداخيل ال�ضريبية الوطنية والمحلية‬
‫‪18,8‬‬ ‫التغطية ال�صحية الأ�سا�سية (الت�أمين الإجباري عن المر�ض‪ ،‬ونظام الم�ساعدة الطبية)‬
‫‪1,1‬‬ ‫التعاون الدولي‬
‫‪0,9‬‬ ‫الم�شغلون (خارج النظامين المذكورين)‬

‫نظام التغطية ال�صحية الأ�سا�سية‬


‫يمثل القانون ‪ ،65-00‬المتعلق ب�سن التغطية ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬وال�صادر في �أكتوبر ‪( 2002‬الظهير رقم‬
‫‪ ،96-26-02-1‬بتاريخ ‪ 25‬رجب ‪� ،)1423‬أ�سا�س الحماية االجتماعية في مجال ال�صحة‪ ،‬ويج�سد التزام‬
‫الدولة ب�ضمان الحق في ال�صحة‪ .‬ونظام التغطية ال�صحية الأ�سا�سية نظام لتمويل الخدمات العالجية‬
‫ال�صحية‪ ،‬يقوم على مبادئ الت�ضامن والإن�صاف والتدرج‪ ،‬ويرمي �إلى تمكين مجموع �ساكنة المملكة من‬
‫الولوج �إلى العالجات‪ .‬وهو يتكون من نظامين‪ :‬نظام الت�أمين الإجباري عن المر�ض‪ ،‬ونظام الم�ساعدة‬
‫الطبية‪.‬‬
‫نظام الت�أمين الإجباري عن المر�ض‪ :‬الذي يقوم على �أ�سا�س مبد�أ تقا�سم المخاطر ومبد�أ الم�ساهمة المالية‬
‫للأ�شخا�ص الم�ستفيدين‪ ،‬وكذا على �أ�سا�س تطبيق ن�سبة تغطية تترك لل�شخ�ص الم�ؤ َّمن �أمر التكفل بجانب‬
‫من الم�صاريف‪ .‬وينطبق نظام الت�أمين الإجباري عن المر�ض على الموظفين و�أعوان الدولة والجماعات‬
‫المحلية والم�ؤ�س�سات العمومية‪ ،‬والأ�شخا�ص المعنويين الخا�ضعين لقانون الحق العام‪ ،‬و�أجراء القطاع‬
‫الخا�ص‪ ،‬و�أ�صحاب المعا�شات من القطاعين العمومي والخا�ص‪ ،‬وقدماء المقاومين و�أع�ضاء جي�ش‬
‫التحرير‪ .‬كما ينطبق هذا النظام كذلك على الطلبة والعاملين الم�ستقلين والأ�شخا�ص الذين يمار�سون‬

‫‪75‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫مهنا حرة‪ ،‬وكل الأ�شخا�ص الآخرين الذين يمار�سون ن�شاطا غير م�ؤدى عنه‪ .‬هذه الفئات الأخيرة ال تزال‬
‫حتى اليوم غير م�ستفيدة من الت�أمين الإجباري عن المر�ض‪ .‬والنظام خا�ضع حاليا في تدبيره لل�صندوق‬
‫الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي وال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‪.‬‬
‫�إلى حدود ‪ 31‬دجنبر ‪ 2012‬قام ال�صندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي بتغطية ‪2 940 071‬‬
‫موظفا بالقطاع العمومي وذوي الحقوق‪ ،‬وال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي بتغطية ‪4 692 348‬‬
‫م�أجورا بالقطاع الخا�ص وذوي الحقوق‪ ،‬ح�سب مقت�ضيات القانون ‪� ،65-00‬أي ما يعادل ‪ 34‬في المائة من‬
‫مجموع ال�ساكنة (جل�سة الإ�ستماع لمدير الوكالة الو طنية للت�أمين عن المر�ض)‬
‫نظام الم�ساعدة الطبية‪ :‬الذي يقوم على �أ�سا�س مبد�أ الت�ضامن الوطني لفائدة ال�ساكنة المعوزة التي‬
‫لي�ست خا�ضعة لأي نظام للت�أمين الإجباري عن المر�ض‪ .‬ويتم ت�أمين تمويل هذا النظام في الجزء الأكبر‬
‫منه من قبل الدولة والجماعات المحلية‪ .‬وهو يهم قرابة ‪ 8.5‬مليون �شخ�ص معوز‪ ،‬وقد و�ضع حدا ال�ستعمال‬
‫�شهادة االحتياج التي كان يجري بها العمل قبل ذلك في الم�ست�شفيات‪ ،‬وكانت هذه ال�ساكنة ت�ستفيد‬
‫بوا�سطتها من الإعفاء من الم�صاريف المرتبطة بالعالجات‪.‬‬
‫ومند �أن �أطلق �صاحب الجاللة عملية تعميم هذا النظام في ‪ 13‬مار�س ‪ ،2012‬و�إلى متم يوليوز ‪ ،2013‬تمكن‬
‫نظام الم�ساعدة الطبية من تغطية ما يزيد على ‪ 5‬ماليين م�ستفيد‪ ،‬ي�ضاف �إليهم ‪ 1.5‬مليون �شخ�ص ممن‬
‫و�ضعوا ملفاتهم‪ ،‬ويمكنهم بالتالي الولوج �إلى العالجات في حال اال�ستعجال مقابل تقديم و�صل و�ضع‬
‫الملف‪ ،‬وهو ما يجعل النظام يغطي ‪ 77‬بالمائة من ال�ساكنة الم�ستهدفة‪.‬‬
‫ح�سب القانون ‪ ،65-00‬وبا�ستثناء عمليات نقل المر�ضى بين الم�ست�شفيات‪ ،‬التي يتكفل بها نظام‬
‫الم�ساعدة الطبية‪ ،‬ف�إن �سلة العالجات المتنقلة والعالجات اال�ست�شفائية لدى نظام الت�أمين الإجباري عن‬
‫المر�ض ال تختلف في �شيء عنها لدى نظام الم�ساعدة الطبية‪ .‬غير �أن المر�سوم التطبيقي لنظام الم�ساعدة‬
‫الطبية حدد هذه ال�سلة في الخدمات المتوفرة في الم�ست�شفيات العمومية‪.‬‬
‫تقوم معايير تحديد الأهلية على �أ�سا�س الدخل والأمالك وظروف عي�ش الطالبين‪ ،‬وهو ما يتم على �أ�سا�سه‬
‫ح�ساب النقط‪ .‬وي�صدر قرار الأهلية عن اللجان الدائمة المحلية‪ ،‬التي ت�شتغل في ‪ 1770‬ملحقة �إدارية‪ ،‬من‬
‫قيادات وبا�شويات‪.‬‬
‫وتعطى الأهلية كذلك بال�صفة لنزالء الم�ؤ�س�سات الخيرية ودور الإح�سان والمياتم والمالجئ‪ ،‬وكذا نزالء‬
‫الإ�صالحيات ونزالء كل م�ؤ�س�سة عمومية �أو خا�صة ذات م�صلحة عامة ودون هدف ربحي ت�ؤوي �أطفاال‬
‫متخلى عنهم �أو بالغين دون �أ�سرة‪ ،‬ونزالء الم�ؤ�س�سات ال�سجنية‪ ،‬والأ�شخا�ص الذين ال يتوفرون على محل‬
‫�إقامة قار‪( .‬الف�صل ‪ 118‬من القانون ‪ .)65-00‬غير �أن �أنماط تطبيق هذه المقت�ضيات ال يتم دائما ن�شرها‪،‬‬
‫وبالتالي ف�إن الأ�شخا�ص الذين يتعذر عليهم الإدالء ب�شهادة ال�سكنى‪ ،‬وهم الأكثر ه�شا�شة على الم�ستوى‬
‫الإجتماعي‪ ،‬يجدون �أنف�سهم اليوم خارج نظام الم�ساعدة الطبية‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫‪60‬‬ ‫ويخ�ضع نظام الم�ساعدة الطبية حاليا لتدبير وزارة ال�صحة‪ ،‬بينما ين�ص القانون ‪ ،65-00‬في ف�صليه‬
‫و‪ ،127‬على �أن تدبير هذا النظام‪ ،‬بما في ذلك موارده المالية‪ ،‬من �ش�أن الوكالة الوطنية للت�أمين عن المر�ض‪.‬‬
‫وقد قامت اللجنة التقنية الوزارية المختلطة‪ ،‬بعد اتخاذ الحكومة قرار تعميم نظام الم�ساعدة الطبية‪ ،‬بدرا�سة‬
‫خطة تعميم النظام على كل جهات المملكة‪ ،‬مما �أ�سفر عن الوقوف على عدد من المالحظات المقلقة‪:‬‬
‫• •نظام ي�شتكي �ضعف القيادة‪ ،‬وحكامته بحاجة �إلى مراجعة في اتجاه مزيد من تو�ضيح الأدوار ومن‬
‫االن�سجام مع القانون؛‬
‫• •نمط تمويل منف�صل تمام االنف�صال عن الواقع الميداني‪ ،‬مما يجعل من ال�ضروري �إعادة �صياغته؛‬
‫الموارد ال تتبع المر�ضى بل يتم �إيال�ؤها للم�ست�شفيات؛ وولوج �إلى العالجات غير كاف؛‬
‫• •قواعد لتحديد الأهلية �صعبة القراءة‪ ،‬وطريقة في التنقيط تحتاج �إلى تب�سيط متالئم مع التجارب‬
‫المكت�سبة خالل ال�سنة الما�ضية‪.‬‬
‫• •نظام للولوج �إلى العالجات ال ي�ستجيب �إال ببالغ ال�صعوبة لحاجيات الم�ستفيدين‪ ،‬وذلك رغم ما تم‬
‫تزويده به من و�سائل �إ�ضافية‪.‬‬
‫وتجدر الإ�شارة في هذا ال�صدد �إلى الإ�شكالية النوعية المتعلقة بالولوج �إلى العالجات بالن�سبة للمهاجرين‬
‫من بلدان جنوب ال�صحراء‪ ،‬الذين يبقون حتى ال�ساعة خارج نظام الم�ساعدة الطبية‪ .‬وبوجه عام ف�إن‬
‫كل �شخ�ص ال يمكنه الإدالء ب�شهادة لل�سكنى (�أي الأ�شخا�ص دون محل �سكن قار‪ ،‬وخ�صو�صا مدمنو‬
‫المخدرات و�أطفال ال�شوارع‪ ،‬والأ�شخا�ص الذين يقيم عدد منهم في غرفة واحدة ي�ست�أجرونها بطريقة غير‬
‫م�صرح بها) ال يمكنهم الت�سجيل في نظام الم�ساعدة الطبية‪ ،‬على حين �أن هذه الفئات هي بالذات الأكثر‬
‫ه�شا�شة من بين فئات ال�ساكنة‪.‬‬
‫يتم تمويل نظام الم�ساعدة الطبية من قبل‪:‬‬
‫• •�صندوقٍ لدعم التما�سك االجتماعي تم �إحداثه في ‪ ،2012‬وخ�ص�صت له ميزانية قدرها ‪ 2‬مليار درهم‪.‬‬
‫وهذا ال�صندوق مخ�ص�ص لتمويل ثالثة برامج‪ :‬تفعيل نظام الم�ساعدة الطبية‪ ،‬وم�ساعدة الأ�شخا�ص‬
‫ذوي االحتياجات الخا�صة‪ ،‬ومحاربة االنقطاع عن الدرا�سة‪ .‬ويتبين من هذا �أن الموارد المخ�ص�صة‬
‫لهذا ال�صندوق لي�ست وقفا على نظام الم�ساعدة الطبية‪ ،‬مما ال يتيح التمييز بين الم�صاريف‬
‫المخ�ص�صة لأداء ثمن خدمات نظام الم�ساعدة الطبية وبين تلك الموجهة �إلى �أوجه �صرف �أخرى؛‬
‫• •م�ساهمة الم�ستفيدين؛‬
‫• •م�ساهمة الجماعات المحلية‪ 40 :‬درهما عن كل �شخ�ص في و�ضعية فقر مطلق‪.‬‬
‫نظام عناية‪ ،‬الذي تم �إحداثه بموجب القانون ‪" 03-07‬المتعلق بالت�أمين الإجباري الأ�سا�سي عن المر�ض‬
‫لبع�ض فئات مهنيي القطاع الخا�ص‪ ،‬المعدل والمتمم للقانون ‪ 17-99‬الخا�ص ب�سن قانون الت�أمينات"‪ ،‬يهم‬

‫‪77‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫الم�ستقلين‪ ،‬والأ�شخا�ص الذين يمار�سون مهنا حرة‪ ،‬والحرفيين‪ .‬ونظام عناية يعتبر اليوم نظاما متجاوزا قد‬
‫ثبت ف�شله‪� .‬أما �أهم �أ�سباب هذا الف�شل فهي كالتالي‪:‬‬
‫• •تم ن�شر القانون بعد نظيره رقم ‪ ،65-00‬دون �أي �إحالة على هذا الأخير‪ ،‬مما جعله في تنافر تام مع‬
‫مبادئه الم�ؤ�س�سة ومقت�ضياته الخا�صة؛‬
‫• •ال تنطبق �إجبارية الت�أمين على الأ�شخا�ص الذين ال يتوفرون‪ ،‬بحكم مواردهم ال�ضعيفة‪ ،‬على دخل‬
‫يمكنهم من التوفر على مثل هذا الت�أمين؛‬ ‫�سنوي َّ‬
‫• •يبلغ م�ستوى الم�ساهمة بالن�سبة �إلى �أ�سرة متو�سطة تت�ألف من زوجين وثالثة �أطفال ما قدره ‪ 198‬درهما‬
‫في ال�شهر‪ ،‬مقابل ‪ 140‬درهما في ال�شهر بالن�سبة �إلى موظف (الم�ساهمة الأجرية وم�ساهمة الم�شغل)‬
‫ي�ستفيد من �أنماط تغطية �أو�سع بكثير‪ .‬والأ�سر ذات العدد الكبير من الأطفال‪ ،‬وهي في الغالب الأكثر‬
‫عوزا‪ ،‬مطلوب منها دفع م�ساهمة �أكبر‪ ،‬وهو ما ي�ضرب في ال�صميم مبد�أ الت�ضامن‪.‬‬
‫الوكالة الوطنية للت�أمين عن المر�ض‬
‫بموجب القانون ‪ ،65-00‬تتمثل مهمة الوكالة الوطنية للت�أمين عن المر�ض في �ضمان الت�أطير التقني‬
‫للت�أمين الإجباري الأ�سا�سي عن المر�ض‪ ،‬والحر�ص على و�ضع �أدوات لتنظيم �سير النظام‪ ،‬في احترام‬
‫للمقت�ضيات الت�شريعية والتنظيمية المتعلقة به‪ .‬وين�ص الف�صل ‪ 60‬من هذا القانون على �أن الوكالة مكلفة‬
‫"بتدبير الموارد المالية لنظام الم�ساعدة الطبية‪ ،‬ح�سب ال�شروط المحددة في هذا القانون والن�صو�ص‬
‫التطبيقية المتعلقة به‪� ".‬أما في الواقع ف�إن القانون غير مطبق‪ ،‬ونظام الم�ساعدة الطبية يخ�ضع للتدبير المبا�شر‬
‫لوزارة ال�صحة‪ .‬و�إلى اليوم ف�إن المقت�ضيات التنظيمية المتعلقة ب�أنماط التدبير المالي لنظام الم�ساعدة‬
‫الطبية‪ ،‬الم�سند بدوره �إلى الوكالة الوطنية للت�أمين عن المر�ض‪ ،‬مازالت لم تن�شر بعد‪.‬‬
‫�أعدت الوكالة الوطنية للت�أمين على المر�ض‪ ،‬واقترحت على الإدارة‪ ،‬في ‪ ،2010‬خارطة طريق لبلوغ التغطية‬
‫ال�صحية ال�شاملة في �أفق ‪ ،2020‬تنتظم حول �أربعة محاور‪:‬‬
‫• •تعميم التغطية ال�صحية‪ ،‬من خالل تعزيز ت�ضامن نظام الأجراء‪ ،‬و�إحداث تغطية للطلبة والم�ستقلين‪،‬‬
‫ودعم نظام الم�ساعدة الطبية؛‬
‫• •تحقيق االن�سجام بين �أنماط التغطية لعدد من الأنظمة‪ ،‬بهدف تقريبها من بع�ضها للإف�ضاء بها‪ ،‬بعد‬
‫حين‪� ،‬إلى نظام موحد؛‬
‫• •تنظيم نظام الت�أمين الإجباري عن المر�ض‪ ،‬عبر �إقرار تتبع طبي من�سق (م�سار عالج من�سق)‪ ،‬وتطوير‬
‫برامج مواكبة للم�صابين بالأمرا�ض المزمنة‪ ،‬ودعم �آلية التعاقد مع مقدمي الخدمات العالجية‪،‬‬
‫والتحكم في م�صاريف الأدوية‪ ،‬والحر�ص على التح�سين الم�ستمر لنوعية العالجات‪ ،‬من خالل‬
‫بلورة وتفعيل تو�صيات تتعلق بالممار�سات الطبية الجيدة؛‬
‫• •تحقيق التال�ؤم بين حكامة وقوانين التغطية ال�صحية الأ�سا�سية وبين الرهانات الجديدة‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫غير �أنه من المالحظ �أن هذه الخارطة بقيت دون جواب‪ ،‬علما �أنها ورقة �صائبة ت�ستحق تمام اال�ستحقاق‬
‫�أن ت�ؤخذ بعين االعتبار‪.‬‬
‫يتبين من �إح�صاءات الوكالة الوطنية للت�أمين عن المر�ض �أن عدد الم�ؤمنين وذوي الحقوق الخا�ضعين‬
‫لإجبارية الت�أمين على المر�ض والمتمتعين بالتغطية طبقا لمقت�ضيات القانون ‪ ،65-00‬قد بلغ في ‪ 31‬دجنبر‬
‫‪ 2012‬ما مقداره ‪ 10.901.541‬من الم�ستفيدين‪ ،‬منهم ‪ 3.269.000‬من الذين يتمتعون بتغطية التعا�ضديات‬
‫المهنية وال�صناديق الداخلية والت�أمينات الم�ساعدة من القطاع الخا�ص (الملحق ‪ .)3‬ويمثل الم�ستفيدون‬
‫الخا�ضعون لإجبارية الت�أمين الأ�سا�سي عن المر�ض ما ن�سبته ‪ 34‬بالمائة تقريبا من مجموع ال�ساكنة‪،‬‬
‫والم�ستفيدون من نظام الم�ساعدة الطبية ما ن�سبته ‪ 20‬بالمائة‪ .‬وهذا ما يجعل مجموع ال�ساكنة المتمتعة‬
‫بالتغطية يبلغ ن�سبة ‪ 54‬بالمائة على وجه التقريب‪ .‬وبتعبير �آخر‪ ،‬ف�إن ما يقارب ‪ 46‬بالمائة من �ساكنة البالد‬
‫ال تتمتع �إلى حد اليوم بتغطية �صحية �أ�سا�سية‪.‬‬
‫ويت�ضح في المح�صلة �أن تمويل ال�صحة في المغرب يعتمد على تغطية �صحية �أ�سا�سية �سائرة في تو�سع‬
‫م�ستمر منذ تفعيلها‪ ،‬رغم �أنها ال تعود �إلى �أمد بعيد‪ .‬لكنها ال تزال غير كافية بالنظر �إلى الم�صاريف‬
‫المرتفعة التي تتحملها الأ�سر‪ .‬وتفعيل نظام الم�ساعدة الطبية‪ ،‬الذي يمثل امتدادا هاما للتغطية ال�صحية‬
‫الأ�سا�سية‪ ،‬يعتمد على تمويل يقوم �أ�سا�سا على ال�ضرائب (الدولة والجماعات المحلية)‪ .‬ويجب الت�أكيد‬
‫على �أنه بموجب القانون ف�إن الدولة ملزمة بتوفير الموارد المالية ال�ضرورية لهذا النظام‪.‬‬
‫غير �أنه يبدو من الوا�ضح �أن �أنماط تدبير نظام الم�ساعدة الطبية تعاني عجزا‪ ،‬و�أن من ال�ضروري اتخاذ‬
‫تدابير عاجلة ل�ضمان تدبير �أمثل للموارد المخ�ص�صة لهذا النظام‪ ،‬وتفعيل ا�ستراتيجية تتيح تطوير الت�ضامن‬
‫الوطني حول تمويله‪ .‬ومن ال�ضروري كذلك‪ ،‬من جهة �أخرى‪ ،‬العمل على التطوير الموازي لقدرات‬
‫المنظومة ال�صحية‪ ،‬كي ت�ستطيع اال�ستجابة للطلب على العالج الذي �سيتزايد م�ستقبال‪ ،‬والذي من �ش�أنه‪،‬‬
‫�إن لم تتم اال�ستجابة له بما يكفي‪� ،‬أن يخلق �شعورا بالحرمان والظلم‪.‬‬
‫ومن المفرو�ض �أن ي�ستهدف تمويل نظام الم�ساعدة الطبية بالدرجة الأولى الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‪،‬‬
‫مما من �ش�أنه �أن ي�ساهم في الرفع من ن�سبة ارتياد الم�ؤ�س�سات ال�صحية الأ�سا�سية‪ .‬كما �أن من �ش�أن تح�سين‬
‫نوعية خدمات هذه الم�ؤ�س�سات �أن ي�ساهم بدوره في اجتذاب تمويالت الت�أمين الإجباري عن المر�ض‪.‬‬
‫�إن تو�سيع التغطية ال�صحية الأ�سا�سية لت�شمل الأ�شخا�ص الم�ستقلين و�أ�صحاب المهن الحرة يبدو اليوم‬
‫�أمرا �ضروريا ال منا�ص منه‪ ،‬تحقيقا للإن�صاف‪ ،‬وكذلك من �أجل تمويل المنظومة ال�صحية‪ ،‬بحكم �أن‬
‫فئات كبيرة من هذه ال�ساكنة قادرة على الأداء‪ .‬وال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‪ ،‬الذي يتولى‬
‫حاليا تدبير القطاع الخا�ص‪ ،‬والذي ينخرط فيه الم�ستقلون ب�صفتهم م�شغلين‪ ،‬يبدو اليوم خير من ي�ستطيع‬
‫اال�ستجابة لهذه ال�ضرورة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫على المدى المتو�سط والبعيد‪ ،‬ينبغي التفكير في �إحداث �صندوق وحيد‪ ،‬يجمع بين الم�ؤ�س�سات‬
‫المتدخلة في تدبير الت�أمين الإجباري عن المر�ض‪ ،‬ونظام الم�ساعدة الطبية‪ ،‬من �أجل الحد من م�صاريف‬
‫التدبير واال�ستفادة المثلى منها‪ ،‬وتحقيق االن�سجام بين م�ساطر المراقبة و�أنماط دفع التعوي�ضات‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الق�سم الخام�س‪ :‬التو�صيات‬

‫�إن الولوج المن�صف �إلى عالجات �صحية �أ�سا�سية ذات جودة‪� ،‬سواء في الو�سط الح�ضري �أم القروي‪ ،‬يعد‬
‫هدفا ي�صعب بلوغه‪ ،‬ب�سبب التعقيد الذي يطبع مجال ال�صحة‪ ،‬والإكراهات العديدة التي تعانيها المنظومة‬
‫ال�صحية‪ .‬ومن �أجل التغلب التدريجي والفعال على هذه ال�صعوبات‪ ،‬ي�ستوجب قيادة �إ�صالح جدري‬
‫للمنظومة ال�صحية‪ ،‬مدعومة ب�إرادة �سيا�سية حازمة‪ ،‬وتو�سيعا تدريجيا للتغطية ال�صحية‪.‬‬
‫وما يتعين البدء به اليوم هو القطع مع النظام الحالي الذي في ظله "(‪ )...‬تقدم الدولة الموارد ال�ضرورية‬
‫للخدمات ال�صحية (‪ )...‬وتقرر ط ُرق �صرف (تخ�صي�ص) تلك الموارد (‪ )...‬وهي المقدم (الوحيد)‬
‫للخدمات ال�صحية‪ )...( ،‬والوظائف الثالث (‪ )...‬تحت م�س�ؤولية م�ؤ�س�سة واحدة و(‪ )...‬لي�ست منف�صلة‬
‫‪123‬‬
‫على الم�ستوى التنظيمي (‪ )...‬وهو ما يعد من بين �أهم �أ�سباب عدم نجاعة الخدمات ال�صحية العمومية‪".‬‬
‫و يتعين كذلك‪� ،‬أن يو�ضع تمويل المنظومة ال�صحية‪ ،‬الذي ال يمكن �أن ُيف�صل عنه تمويل الخدمات‬
‫ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬في قلب �سيا�سة وطنية للتنمية الب�شرية‪.‬‬
‫والمجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي يتقدم بتو�صيات ذات طبيعة عامة‪ ،‬ويقترح من جهة �أخرى‬
‫خم�سة محاور ا�ستراتيجية لتح�سين الولوج للخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬ت�صب في اتجاه قيم الإن�صاف‪،‬‬
‫والت�ضامن‪ ،‬والعدالة االجتماعية‪ ،‬التي من المنا�سب �أن تعمل عليها الحكومة في �آن واحد‪ ،‬بوتيرة �سريعة‪،‬‬
‫وبطريقة من�سقة وتقاطعية من �أجل االقتراب من هدف ال�صحة للجميع‪.‬‬

‫تو�صيات ذات طبيعة عامة‬

‫• •بلورة �سيا�سة وطنية لل�صحة‪ ،‬تندمج في �إطار �سيا�سة وطنية للتنمية الب�شرية‪ ،‬وت�ستهدف في المقام الأول‬
‫الجهات الفقيرة‪ ،‬والعالم القروي‪ ،‬وال�ساكنة المعوزة �أو التي تعاني من اله�شا�شة؛ �سيا�سة تعمل على‬
‫محددات ال�صحة (من تربية �صحية وولوج �إلى الماء ال�صالح لل�شرب وغير ذلك) في �إطار التقائية‬
‫التدخالت القطاعية‪ ،‬وتدمج القطاع الخا�ص ذا الهدف المادي وغير ذي الهدف المادي‪ ،‬وتعتمد على‬
‫المقاربات الجماعية؛‬

‫‪Rapport sur la santé dans le monde : le financement des systèmes de santé, le chemin vers une‬‬ ‫‪123‬‬
‫‪couverture médicale universelle. OMS, 2010.‬‬

‫‪81‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫• •ت�أكيد وتفعيل الجهوية ب�صفتها مبد�أ �أ�سا�سيا للتخطيط للم�صالح ال�صحية وتنظيمها وتدبيرها‪ ،‬من خالل‬
‫نقل الكفاءات الب�شرية والو�سائل المالية ال�ضرورية �إلى المديرين الجهويين؛‬
‫• •العمل على التمركز الوظائف المتعلقة بالتدبير الإجرائي لم�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪،‬‬
‫بنقل ذلك التدبير �إلى الم�ستوى الإقليمي والمحلي‪ ،‬والمق�صود تدبير الموارد الب�شرية‪ ،‬وتدبير الأدوية‬
‫والمواد الطبية‪ ،‬و�صيانة التجهيزات والحفاظ عليها‪ ،‬و�إعداد الميزانيات وتنفيذها‪ ،‬والتتبع‪/‬التقييم‪،‬‬
‫والتوا�صل والإعالم؛‬
‫• •العمل‪ ،‬انطالقا من ال�سيا�سة ال�صحية الوطنية‪ ،‬على بلورة ا�ستراتيجية مف�صلة لل�شراكة بين القطاعين‬
‫العمومي والخا�ص‪ ،‬وو�ضع �إطار تنظيمي وقانوني مالئم‪ ،‬وكذا �آليات التنظيم و�أدوات التتبع والتقييم؛‬
‫• •تخ�صي�ص مديرية مركزية للقطاع الخا�ص‪ ،‬على م�ستوى وزارة ال�صحة‪ ،‬تكون مكلفة بر�سم ا�ستراتيجية‬
‫قطاعية لل�شراكة بين القطاعين العمومي والخا�ص وتحديد �إطارها التنظيمي والقانوني‪ ،‬وكذا �إعداد‬
‫�أدوات التنظيم والتتبع‪/‬التقييم‪.‬‬

‫تح�سين الولوج �إلى العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‬

‫• •تفعيل القانون الإطار ‪ ،34-09‬المتعلق بالمنظومة ال�صحية والعر�ض العالجي‪ ،‬وتحديد الخريطة ال�صحية‬
‫الوطنية والخرائط الجهوية للعر�ض العالجي؛‬
‫• •تعزيز التغطية ال�صحية‪ ،‬من خالل ا�ستراتيجية �صحية متحركة‪ ،‬وتكييفها مع الخ�صو�صيات الجغرافية‬
‫ومع نمط عي�ش �ساكنة المناطق القروية والمعزولة؛‬
‫• •تجميع الموارد الب�شرية العاملة في المراكز ال�صحية التي ال ت�شهد �إقباال كبيرا‪ ،‬وتركيزها في التجمعات‬
‫الح�ضرية والقروية الكبرى‪ ،‬من �أجل خلق "مراكز �صحية مندمجة" تتوفر على مزيد من المهنيين‬
‫المعالجين‪ ،‬ومن و�سائل الت�شخي�ص والعالج‪ ،‬واال�ست�شارات التخ�ص�صية الأ�سبوعية‪ .‬فمن �ش�أن مثل‬
‫هذه المراكز �أن ت�ساهم في تحقيق اال�ستفادة المثلى من الو�سائل‪ ،‬وتح�سين ظروف العمل‪ ،‬وتخفيف‬
‫ال�ضغط عن الم�ست�شفيات‪ ،‬وخ�صو�صا التكفل المالئم بحاجيات ال�ساكنة؛‬
‫• •�إدراج �شبكة العالجات ال�صحية الأ�سا�سية في �سياق التكامل مع �شبكة الم�ست�شفيات‪ ،‬عبر تفعيل‬
‫م�سلك العالجات‪ ،‬وتنظيم نقل المر�ضى وم�سارات الفحو�ص البيولوجية‪ ،‬و�إعطاء المندوب الإقليمي‬
‫�إمكانية التكييف مع الخ�صو�صيات المحلية؛‬
‫• •و�ضع تدبير �إجرائي ناجع لم�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬عبر �إقرار الم�س�ؤولية وعبر التكوين‬
‫وتفوي�ض �سلطة القرار �إلى الأطباء الرئي�سيين بالمراكز ال�صحية؛‬

‫‪82‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫• •و�ضع �شبكة للنقل الطبي على الم�ستوى الإقليمي‪ ،‬مع مركزية للتنظيم‪ ،‬في تعاون مع الجماعات المحلية‬
‫والقطاع الخا�ص؛‬
‫• •�إدماج م�صالح التروي�ض الطبي و�إعادة الت�أهيل في م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪.‬‬
‫محاربة �أوجه الالم�ساواة في الولوج �إلى العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‬
‫• •التقلي�ص بدرجة ملمو�سة من وفيات الأمهات والر�ضع‪ ،‬عبر تح�سين الولوجية �إلى تتبع الحمل والتكفل‬
‫بالو�ضع‪ ،‬وعبر تزويد م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية بموارد ب�شرية م�ؤهلة وب�أعداد كافية‪،‬‬
‫وتح�سين الإطار الطبي‪-‬القانوني للإجها�ض‪ ،‬و�إلغاء الف�صل ‪ 20‬من مدونة الأ�سرة‪ ،‬الذي ي�سمح للقا�ضي‬
‫ب�أن ي�أذن ب�إبرام الزواج قبل ال�سن القانونية؛‬
‫• •تبني قانون‪�-‬إطار �ضد كل �أ�شكال العنف حيال الن�ساء‪ ،‬بما في ذلك العنف الزوجي؛‬
‫• •ت�أمين ولوج الأ�شخا�ص في و�ضعية �إعاقة �إلى العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬طبقا لالتفاقية المتعلقة‬
‫بحقوق الأ�شخا�ص المعاقين‪ ،‬التي �صادق عليها المغرب في ‪2009‬؛‬
‫• •�إتاحة ولوج المهاجرين في و�ضعية غير قانونية �إلى الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬في احترام لاللتزامات‬
‫الدولية للمغرب في مجال حقوق الإن�سان‪.‬‬
‫�إقرار ا�ستراتيجيات قطاعية مندمجة للوقاية‬
‫• •الأخذ بعين االعتبار م�س�ألة التقائية الوقاية من الأمرا�ض غير المنقولة و�أ�شكال العجز والإعاقة‪ ،‬من‬
‫خالل بلورة ا�ستراتيجيات مندمجة ومن�سقة للوقاية‪ ،‬تتدخل فيها وزارة ال�صحة وعدد من القطاعات‬
‫الوزارية‪ ،‬وال�صناعة الغذائية‪ ،‬والمكاتب ال�صحية‪ ،‬وو�سائل الإعالم‪ ،‬والجمعيات‪ ،‬ومن خالل �إعداد‬
‫"خطة وطنية لل�صحة والبيئة"؛‬
‫• •تطبيق خطة العمل الدولية لمحاربة الأمرا�ض غير المنقولة ‪ ،2020-2013‬التي تبنتها المملكة المغربية‬
‫في الجمعية العامة لل�صحة في ‪ ،2013‬والتي ت�شمل مجموعة من التدابير الرامية �إلى التربية على تغذية‬
‫�سليمة وعلى الريا�ضة البدنية؛‬
‫• •ت�سريع م�سل�سل تو�سيع التغطية ال�صحية �إلى مجموع العاملين‪ ،‬وتعزيز تدابير الوقاية وال�سالمة في العمل‪،‬‬
‫وت�شجيع تكوين �أطباء ال�شغل‪ ،‬وتحيين قانون ال�شغل والحر�ص على تطبيقه‪.‬‬

‫تح�سين الولوج �إلى الأدوية‬

‫• •ت�سريع �إعداد وتفعيل ال�سيا�سة الوطنية للدواء‪ ،‬مع �إ�شراك كل الفاعلين؛‬


‫• •تبني �سيا�سة �شاملة لخف�ض �أ�سعار الدواء‪ ،‬من خالل تحيين التر�سانة القانونية والتنظيمية المتعلقة‬
‫بتحديد الأ�سعار‪ ،‬وو�ضع نظام تراجعي لهوام�ش التوزيع‪ ،‬و�إعطاء التعريف بالدواء الجني�س و�إ�شهاره‬
‫‪83‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫مكانة مركزية في ال�سيا�سة الوطنية للدواء‪ ،‬وتنظيم �إ�شهار الأدوية من قبل ال�صناعة ال�صيدالنية‪ ،‬ومراجعة‬
‫القانون ‪( 17-97‬المعدل بالقانون ‪ )31-05‬بهدف ت�ضمينه كل �أوجه المرونة في مجال االتفاقية حول‬
‫حقوق الملكية الفكرية المطبقة على التجارة؛‬
‫• •�إ�صالح نظام توزيع وتدبير الأدوية‪ ،‬من �أجل محاربة حاالت نفاد المخزون وانتهاء مدة ال�صالحية‪.‬‬
‫ويمكن �أن يتم هذا الإ�صالح في �إطار �شراكة مع القطاع الخا�ص للتوزيع؛‬
‫• •تطوير ون�شر مرجعيات للممار�سات الطبية الجيدة‪ ،‬وخ�صو�صا ما يتعلق بالأمرا�ض المزمنة‪.‬‬

‫الحر�ص على تكثيف اال�ستثمار في الموارد الب�شرية‬

‫�إ�ضفاء ال�صبغة الجهوية على قدرات التكوين والتوظيف‪ ،‬والرفع من تلك القدرات‬
‫• •نزع ال�صبغة المركزية عن تكوين مهنيي ال�صحة‪ ،‬عبر �إحداث معاهد للتكوين في مهن ال�صحة في‬
‫الجهات التي ال تتوفر على مثل تلك المعاهد‪ ،‬والرفع من القدرة التكوينية للمعاهد الموجودة‪ ،‬مع‬
‫الحر�ص على �ضمان جودة التكوين؛‬
‫• •�إحداث �شهادة وطنية للمهن �شبه الطبية‪ ،‬مع اختبار موحد لتالميذ معاهد التكوين في مهن ال�صحة‬
‫وتالميذ المدار�س الحرة المرخ�ص لها من قبل وزارة ال�صحة‪ ،‬وولوج كل الخريجين �إلى مباراة التوظيف‬
‫في الوظيفة العمومية؛‬
‫• •الرفع من القدرة التكوينية لكليات الطب‪ ،‬حتى و�إن اقت�ضى ذلك ا�ستدعاء المدر�سين العاملين في‬
‫القطاع الخا�ص ب�صفتهم �أ�ساتذة زائرين‪ ،‬وفتح الم�ست�شفيات الجهوية لتدريب طلبة الطب؛‬
‫• •تثمين الطب العام‪ ،‬الذي يعد بمثابة المحور المركزي للعالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬عبر مالءمة‬
‫التكوين في هذا الطب مع هذه العالجات‪ ،‬وتح�سين �شروط العمل والأجر؛‬
‫• •�إحداث تخ�ص�ص لأطباء التوليد المكونين في �سنتين �أو ثالث‪ ،‬مما من �ش�أنه �أن يتيح التخفيف من ت�أثير‬
‫النق�ص الكبير في �أطباء الأمرا�ض الن�سائية والوالدة‪ ،‬وت�سريع الحد من ن�سبة وفيات الأمهات والر�ضع؛‬
‫• •الإحداث ال�سنوي لمنا�صب مالية بعدد كاف لال�ستجابة للحاجيات في مجال مهنيي ال�صحة بالقطاع‬
‫العمومي‪.‬‬
‫مالءمة التكوينات مع حاجيات الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‬
‫• •�إدماج وحدات للتكوين حول محددات ال�صحة‪ ،‬واقت�صاد ال�صحة‪ ،‬وتكنولوجيات الإعالم واالت�صال‬
‫الحديثة‪ ،‬والأخالقيات‪ ،‬في المناهج الدرا�سية؛‬
‫• •�إقرار �إجبارية �إجراء تدريب من �ستة �أ�شهر في مراكز �صحية لطلبة الطب في نهاية الدرا�سة؛‬

‫‪84‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫• •م�أ�س�سة التكوين الم�ستمر في المجال النوعي للعالجات ال�صحية الأ�سا�سية لكل �أطباء الطب العام‬
‫الممار�سين في م�ؤ�س�سات العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬تحت م�س�ؤولية وزارة ال�صحة‪ ،‬ومع تطوير التعلم‬
‫الإليكتروني والتكوين عن بعد؛‬
‫• •و�ضع منهج درا�سي تكويني للتخ�ص�صات الطبية و�شبه الطبية في مجال التروي�ض الطبي و�إعادة الت�أهيل‪.‬‬
‫تحفيز مهنيي ال�صحة وت�شجيعهم على البقاء في منا�صبهم‬
‫• •�إقرار تدابير تحفيزية ال�ستبقاء المهنيين المعالجين في المناطق الفقيرة‪ ،‬عبر تمكين المهني من محل‬
‫�سكن‪ ،‬والتكفل بم�صاريف تنقله‪ ،‬و�إعادة تثمين منح البعد ومنح المناطق‪ ،‬و�ضمان �سالمته‪ .‬وب�إمكان‬
‫الجماعات المحلية الم�ساهمة في تطبيق هذه التدابير؛‬
‫• •رفع �أعباء المهام الإدارية عن الأطباء والممر�ضين‪ ،‬لتمكينهم من التفرغ للأن�شطة العالجية والوقائية‬
‫والتربوية ال�صحية‪ ،‬وذلك عبر توظيف "�أطر متو�سطة" بين �صفوف خريجي مختلف معاهد التكنولوجيا‬
‫التطبيقية‪ ،‬يتم تعيينهم في مرحلة �أولى في المراكز ال�صحية بالتجمعات الح�ضرية والقروية الكبرى‪.‬‬
‫• •تعيين كل �أطباء الطب العام حديثي التوظيف لدى وزارة ال�صحة‪ ،‬لمدة عام واحد‪ ،‬في مراكز �صحية‬
‫في المناطق الفقيرة والنائية؛‬
‫• •بلورة ا�ستراتيجية وطنية لتدبير الموارد الب�شرية‪ ،‬مع مرجعية لمنا�صب ال�شغل والكفاءات‪ ،‬و�إجراء‬
‫مراجعة عميقة لو�ضعية �أطباء القطاع العام‪ ،‬لجعل هذا القطاع قادرا على اجتذاب �أطباء الطب العام‬
‫وا�ستبقائهم في م�ؤ�س�سات الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‪.‬‬

‫الوقاية من الر�شوة ومحاربتها‬

‫• •التطبيق الفعلي التفاقية ال�شراكة الموقعة بين وزارة ال�صحة والهيئة المركزية للوقاية من الر�شوة‪ ،‬عبر‬
‫�إ�شراك الممثلين النقابيين لمهنيي ال�صحة وكذا الجمعيات؛‬
‫• •تبني مقاربة ا�ستراتيجية �شاملة للوقاية من الر�شوة ومحاربتها‪ ،‬مع ر�ؤية و�أهداف وخطط عمل ونظام للتتبع‬
‫والتقييم؛‬
‫• •�إقرار تدبير يقوم على النجاعة ومبادئ المحا�سبة وال�شفافية و�إمكانية التتبع؛‬
‫• •تح�سين �إعالم المر�ضى حول طبيعة وكلفة الخدمات المتوفرة‪ ،‬وحول حقوقهم وواجباتهم‪ ،‬وو�ضع �آليات‬
‫ر�سمية للطعن داخل الم�ؤ�س�سات ال�صحية‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫دعم �آليات التمويل‬

‫• •تطوير القدرة التمويلية للعالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬مع تركيز الموارد المالية لنظام الم�ساعدة الطبية‬
‫بالدرجة الأولى على العالجات ال�صحية الأ�سا�سية‪ ،‬وفوترة العالجات لكل الم�ؤ ّمنين ل�ضبط النفقات‪،‬‬
‫مع الحفاظ على المجانية لفائدة المعوزين الم�ستفيدين من نظام الم�ساعدة الطبية ؛‬
‫• •�إدماج تمويل الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية في نظام التغطية ال�صحية الأ�سا�سية للرفع من قدرات تطويرها؛‬
‫• •تطبيق القانون من خالل جعل الوكالة الوطنية للت�أمين عن المر�ض تحت الو�صاية المبا�شرة لرئي�س‬
‫الحكومة‪ ،‬لتمكينها من اال�ضطالع بطريقة كاملة وم�ستقلة بالدور الموكول �إليها في مجال تنظيم وت�أطير‬
‫نظام التغطية ال�صحية الأ�سا�سية؛‬
‫• •و�ضع م�ؤ�س�سة لتدبير نظام الم�ساعدة الطبية‪ ،‬م�ستقلة عن وزارة ال�صحة‪ ،‬وتحت �إ�شراف الوكالة الوطنية‬
‫للت�أمين عن المر�ض‪ ،‬من �أجل �ضمان قيادة ناجعة‪ ،‬في ان�سجام مع نظام الت�أمين الإجباري عن المر�ض؛‬
‫• •تو�سيع التامين الإجباري عن المر�ض لي�شمل الطلبة و"الم�ستقلين"‪ ،‬عبر ربطهم بم�ؤ�س�سة تدبيرية‬
‫م�ستقلة‪ ،‬ولي�ست تعا�ضدية مهنية؛‬
‫• •�إ�صدار الن�صو�ص التطبيقية الخا�صة بمقت�ضيات المادة ‪ 118‬للقانون رقم ‪ ،65-00‬والتي تمكن من‬
‫الإ�ستفادة من نظام الم�ساعدة الطبية نزالء الم�ؤ�س�سات الخيرية ودور الإح�سان والمياتم والمالجئ‪،‬‬
‫وكذا نزالء الإ�صالحيات‪ ،‬ونزالء كل م�ؤ�س�سة عمومية �أو خا�صة ذات م�صلحة عامة ودون هدف ربحي‬
‫ت�ؤوي �أطفاال متخلى عنهم �أو بالغين دون �أ�سرة‪ ،‬ونزالء الم�ؤ�س�سات ال�سجنية‪ ،‬والأ�شخا�ص الذين ال‬
‫يتوفرون على محل �إقامة قار‪�.‬إ�ضافة �إلى كل الأ�شخا�ص اللذين ال يمكنهم الإدالء ب�شهادة لل�سكنى‪،‬‬
‫وهم الأكثر ه�شا�شة على الم�ستوى الإجتماعي؛‬
‫• •التفكير‪ ،‬على المدى المتو�سط‪ ،‬في �إدماج الم�ؤ�س�سات الم�س�ؤولة حاليا عن تدبيرنظام الت�أمين الإجباري‬
‫عن المر�ض في �صندوق وحيد‪ ،‬وعلى المدى البعيد‪ ،‬في �إدماج نظام الم�ساعدة الطبية في نف�س‬
‫ال�صندوق‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫مالحق‬

‫منهجية العمل‬ ‫الملحق ‪:1‬‬


‫الملحق ‪ :2‬ك�شف بالم�صطلحات‬

‫الملحق ‪ :3‬التنظيم والأرقام الهامة المتعلقة بالتغطية ال�صحية الأ�سا�سية‬

‫الملحق ‪ :4‬الئحة �أع�ضاء اللجنة الدائمة المكلفة بالق�ضايا االجتماعية‬


‫والت�ضامن‬

‫الملحق ‪:5‬‬
‫الئحة مجموعة العمل المتخ�ص�صة المنبثقة عن اللجنة‬

‫الملحق ‪ :6‬الئحة الم�ؤ�س�سات والمنظمات والجمعيات والهي�آت التي تم الإ ن�صات‬


‫�إليها‬

‫مراجع بيبليوغرافية‬ ‫الملحق ‪:7‬‬

‫‪87‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪88‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الملحق ‪:1‬‬
‫منهجية العمــــــــــل‬

‫‪89‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪90‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الملحق ‪ :1‬منهجية العمل‬

‫قام الم�سعى المنهجي‪ ،‬الذي تم اعتماده في �إعداد هذا التقرير‪ ،‬على �أ�سا�س المنهجية العامة المتبعة في‬
‫�أ�شغال المجل�س‪ .‬ويتمثل هذا الم�سعى في القيام بت�شخي�ص للحال الراهنة‪ ،‬باالعتماد على مراجعة وثائقية‬
‫وا�سعة‪ .‬وهكذا قامت اللجنة الدائمة المكلفة بال�ش�ؤون االجتماعية والت�ضامن با�ستعرا�ض الدرا�سات والتقارير‬
‫الدولية ال�صادرة ب�ش�أن الخدمات ال�صحية الأولية (منظمة ال�صحة العالمية‪ ،‬والبنك الدولي‪ ،‬وغيرها)‪ ،‬وكذا‬
‫الدرا�سات والتقارير الدولية (وزارة ال�صحة‪ ،‬والمندوبية ال�سامية للإح�صاء‪ ،‬والمر�صد الوطني للتنمية الب�شرية‪،‬‬
‫والهيئة المركزية للوقاية من الر�شوة‪ ،‬والمجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬وغيرها)‪.‬‬

‫وقد نظمت اللجنة ‪ 17‬جل�سة ا�ستماع مع مختلف الفاعلين الوطنيين والأمميين‪ ،‬و�أربع ور�شات عمل‪ ،‬وثالثة‬
‫اجتماعات عمل مع خبراء مغاربة ودوليين‪.‬‬

‫وقد انتقل �أع�ضاء فريق العمل المنبثق عن اللجنة �إلى جهتين اثنتين ت�شكالن ف�ضاءين مختلفين جغرافيا‬
‫واقت�صاديا واجتماعيا وثقافيا‪ ،‬هما جهة الح�سيمة‪-‬تازة‪-‬تاونات‪ ،‬وجهة �سو�س‪-‬ما�سة‪-‬درعة‪ .‬وقد قام �أع�ضاء‬
‫فريق العمل في هذا الإطار بزيارة بع�ض المراكز ال�صحية‪ ،‬والتقوا بممثلين عن ال�سلطات المحلية‪ ،‬وم�س�ؤولي‬
‫وزارة ال�صحة‪ ،‬ومهنيي ال�صحة‪ ،‬والمنتخبين المحليين‪ ،‬وم�ست�شارين بالجماعات المحلية‪ ،‬والجمعيات‬
‫المنخرطة في مجال ال�صحة والتنمية‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬قام فريق العمل المتخ�ص�ص بزيارة للمركز الطبي االجتماعي التعا�ضدي بالرباط‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪92‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الملحق ‪:2‬‬
‫ك�شف بالم�صطلحات‬

‫‪93‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪94‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الملحق ‪ :2‬ك�شف بالم�صطلحات‬

‫• •العالجات‪ :‬ينبغي للتجهيزات والمواد الطبية والخدمات المقدمة في مجال ال�صحة‪ ،‬لكي تحظى بقبول‬
‫ال�ساكنة‪� ،‬أن تحترم الأخالقيات الطبية‪ ،‬و�أن تكون منا�سبة على الم�ستوى الثقافي ومراعية للمتطلبات‬
‫النوعية المتعلقة بالجن�س وبالمرحلة العمرية؛‬
‫• •درا�سة الأوبئة‪ :‬هي درا�سة العالقات القائمة بين الأمرا�ض �أو غيرها من الظواهر البيولوجية وبين‬
‫مختلف العوامل (كنمط العي�ش‪ ،‬والمحيط االجتماعي‪ ،‬والخا�صيات ال�شخ�صية) التي من �ش�أنها التاثير‬
‫في وتيرة ترددها وفي توزيعها وتطورها؛‬
‫• •عدد الحاالت‪ :‬هو عدد الحاالت الجديدة لظهور مر�ض معين خالل �سنة واحدة‪ .‬و ُيع َّبر عن عدد‬
‫الحاالت بن�سبة عددها �إلى عدد الأفراد؛‬
‫• •الم�ؤ�شر التركيبي للخ�صوبة‪ :‬معدل عدد الأطفال لكل امر�أة في �سن الإنجاب داخل �ساكنة معينة‪ ،‬وهو‬
‫يحيل على عدد الأطفال الذين كان ب�إمكان المر�أة �أن تنجبهم نظريا خالل حياتها الإنجابية؛‬
‫• •االنت�شار‪ :‬هو العدد الإجمالي للأمرا�ض التي تتم مالحظتها عند �ساكنة معينة‪ ،‬في لحظة معينة‪ ،‬بغ�ض‬
‫النظر عن �أقدمية المر�ض‪ .‬وبتعبير �آخر فاالنت�شار هو عدد حاالت المر�ض‪ ،‬م�ضروبا في معدل زمن‬
‫الإ�صابة بالمر�ض؛‬
‫• •الح�صة‪ :‬هي ن�سبة كمية معينة �إلى عدد معين في لحظة معينة؛‬
‫• •ن�سبة الوفيات‪ :‬هي ن�سبة عدد الوفيات في �سنة معينة �إلى معدل تعداد ال�ساكنة في ال�سنة؛‬
‫• •ن�سبة وفيات الأمهات‪ :‬تعبر عن عدد وفيات الن�ساء التي تقع �أثناء الحمل �أو داخل �أجل ‪ 42‬يوما بعد نهايته‪،‬‬
‫وذلك �أيا كانت مدة الحمل‪ ،‬ل�سبب مرتبط به �أو زادت من تفاقمه العالجات المقدمة خالل الحمل �أو‬
‫الوالدة‪ .‬وتقي�س هذه الن�سبة وتيرة تردد وفيات الن�ساء خالل الحمل �أو الوالدة وفي خالل االثنين والأربعين‬
‫يوما التي تليه‪ .‬ويعبر عنها بن�سبة عدد حاالتها �إلى كل ‪ 100000‬والدة حية في �سنة معينة؛‬
‫• •ن�سبة الوفيات بين الأطفال‪ :‬تعبر عن عدد وفيات الأطفال من �أقل من �سنة واحدة‪ ،‬مق�سوما على عدد‬
‫الوالدات الحية‪ .‬وتقي�س هذه الن�سبة وتيرة تردد وفيات الأطفال ممن تقل �سنهم عن �سنة واحدة في‬
‫�سنة معينة‪ ،‬ويعبر عنه بن�سبة عدد الحاالت �إلى كل ‪ 1000‬والدة حية في �سنة معينة؛‬

‫‪95‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫• •ن�سبة الوفيات بين الأطفال والر�ضع‪ :‬هو عدد وفيات الأطفال من �أقل من ‪� 5‬سنوات‪ ،‬مق�سوما على‬
‫عدد الوالدات الحية‪ .‬وتقي�س هذه الن�سبة وتيرة تردد وفيات الأطفال ممن تقل �سنهم عن ‪� 5‬سنوات في‬
‫�سنة معينة‪ ،‬ويعبر عنها بن�سبة عدد الحاالت �إلى كل ‪ 1000‬والدة حية في �سنة معينة؛‬
‫• •ن�سبة وفيات الر�ضع‪ :‬هو عدد الأطفال الذين ولدوا �أحياء لكنهم توفوا بين يوم الوالدة واليوم ‪ 28‬من‬
‫حياتهم‪ .‬وتقا�س بح�ساب عدد الوفيات بين الأطفال من �أقل من ‪ 28‬يوما‪ ،‬التي يتم ت�سجيلها خالل �سنة‬
‫معينة بين كل ‪ 1000‬والدة حية‪ .‬ويجب التمييز هنا بين هذه الوفيات وبين تلك التي تخ�ص الأطفال‬
‫الذين يولدون �أمواتا؛‬
‫• •ن�سبة الأمرا�ض‪ :‬هي الن�سبة القائمة بين عدد الأ�شخا�ص الم�صابين بمر�ض معين خالل فترة معينة‪،‬‬
‫وبين مجموع ال�ساكنة المعر�ضة لخطر العدوى؛‬
‫• •االنتقال الديمغرافي‪ُ :‬يق�صد به االنتقال من نظام ديمغرافي تقليدي‪ ،‬حيث الخ�صوبة والوفيات‬
‫مرتفعتان‪� ،‬إلى نظام يتميز بن�سب خ�صوبة ووفيات �أدنى؛‬
‫• •االنتقال الوبائي �أو االنتقال ال�صحي‪ :‬يعبر عن فترة انخفا�ض وتيرة الوفيات‪ .‬وي�صاحب هذه الفترة‬
‫تح�سن في ال�صحة الوقائية وفي التغذية‪ ،‬مع تغيير في �أ�سباب الوفاة‪ ،‬حيث تختفي الأمرا�ض التعفنية‬
‫رويدا لتحل محلها الأمرا�ض المزمنة واالنحاللية والحوادث‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الملحق ‪:3‬‬
‫التنظيم والأرقام الهامة المتعلقة بالتغطية ال�صحية‬
‫الأ�سا�سية‬

‫‪97‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪98‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫‪ : 3‬التنظيم والأرقام الهامة المتعلقة بالتغطية‬ ‫الملحق‬


‫ال�صحية الأ�سا�سية‬

‫نظام التغطية ال�صحية الأ�سا�سية‬ ‫‪.1‬‬

‫التغطية ال�صحية الأ�سا�سية‬

‫نظام الم�ساعدة الطبية‬ ‫الت�أمين الإجباري الأ�سا�سي عن المر�ض‬ ‫الأنظمة‬


‫الن�شيطون‪ ،‬والمتقاعدون في القطاع العام‬
‫الأ�شخا�ص المعوزة الغير‬ ‫والخا�ص و ذوو الحقوق (المرحة الأولى)‬ ‫الم�ؤمنون‬

‫الدولة و الجماعات المحلية‬ ‫ا�شتراكات الم�أجورين و�أرباب العمل‬


‫م�ساهمة الم�ستفيدين‬ ‫التمويل‬

‫الت�سيير المالي لنظام‬ ‫الهيئات الم�س ّيرة‬


‫الم�ساعدة الطبية‬
‫الإنطالقة في ‪2008‬‬ ‫الوكالة الوطنية للتامين ال�صحي‪ :‬ت�أطير‬
‫تقني‬

‫‪124‬‬
‫�أرقام الت�أمين الإجباري عن المر�ض‬ ‫‪.2‬‬

‫الجدول ‪ : 1‬تطور ال�ساكنة المغطاة بالت�أمين الإجباري على المر�ض‬

‫ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‬ ‫ال�صندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي‬


‫التطور‬ ‫الن�شيطون الم�ؤمنون المجموع التطور الن�شيطون الم�ؤمنون المجموع‬
‫‪-‬‬ ‫‪2 686 671‬‬ ‫‪217 945‬‬ ‫‪2 468 726‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2 376 406‬‬ ‫‪460 458‬‬ ‫‪1 915 948‬‬ ‫‪2006‬‬

‫‪50%‬‬ ‫‪4 037 452‬‬ ‫‪651 849‬‬ ‫‪3 385 603‬‬ ‫‪14%‬‬ ‫‪2 719 722‬‬ ‫‪625 831‬‬ ‫‪2 093 891‬‬ ‫‪2011‬‬

‫‪Bilan de l’Assurance Maladie Obligatoire-2011-. ANAM, octobre 2012.‬‬ ‫‪124‬‬

‫‪99‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫الجدول ‪� : 2‬أعداد الم�ؤمنون وذوي الحقوق في ‪ ،2013-12-31‬الخا�ضعين لإجبارية الت�أمين ال�صحي‪ ،‬‬
‫والمتمتعين بالتغطية بمقت�ضى القانون ‪65-00‬‬

‫عدد الم�ؤ َّمنين‬ ‫الم�ؤ�س�سة المكلفة بالتدبير‬


‫‪4 692 348‬‬ ‫ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‬
‫‪1 244 122‬‬ ‫ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي ‪ 114 -‬م�شغل من القطاع الخا�ص المغطى من قبل التعا�ضديات‬
‫وال�صناديق الداخلية والم�ؤمنين الخوا�ص‬
‫‪2 940 071‬‬ ‫ال�صندوق الوطني لمنظمات ال�ضمان االجتماعي‬
‫‪550 000‬‬ ‫التعا�ضديات وال�صناديق الداخلية العمومية (المكتب ال�شريف للفو�سفات‪ ،‬الخطوط الملكية المغربية‪،‬‬
‫المكتب الوطني لل�سكك الحديدية‪ ،‬ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‪ ،‬المكتب الوطني للكهرباء‪ ،‬بنك‬
‫المغرب وغيرها)‬

‫‪1 200 000‬‬ ‫تعا�ضدية م�ستخدمي القوات الم�سلحة الملكية‬


‫‪275 000‬‬ ‫فئات مختلفة من ال�ساكنة (المقدمين‪ ،‬وال�شيوخ‪ ،‬والأئمة‪ ،‬وقدماء المقاومين‪ ،‬وغيرهم)‬

‫‪10 901 541‬‬ ‫مجموع الم�ؤ ّمنين وذوي الحقوق في ‪ ،2013-12-31‬الخا�ضعين لإجبارية الت�أمين ال�صحي‪ ،‬والمتمتعين‬
‫بالتغطية بمقت�ضى القانون ‪00-65‬‬

‫الجدول ‪ : 3‬تطور ح�صة م�صاريف الأمرا�ض المزمنة‬


‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬

‫‪1286‬‬ ‫‪956‬‬ ‫‪673‬‬ ‫‪415‬‬ ‫‪209‬‬ ‫‪74‬‬ ‫مجموع الم�صاريف‬ ‫ال�صندوق الوطني لل�ضمان‬
‫االجتماعي‬
‫‪732‬‬ ‫‪501‬‬ ‫‪408‬‬ ‫‪182‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪29‬‬ ‫م�صاريف الأمرا�ض المزمنة‬
‫‪57%‬‬ ‫‪52%‬‬ ‫‪61%‬‬ ‫‪44%‬‬ ‫‪34%‬‬ ‫‪39%‬‬ ‫ح�صة م�صاريف الأمرا�ض‬
‫المزمنة‬
‫‪3473‬‬ ‫‪3245‬‬ ‫‪2869‬‬ ‫‪2431‬‬ ‫‪2175‬‬ ‫‪1651‬‬ ‫مجموع الم�صاريف‬ ‫ال�صندوق الوطني لمنظمات‬
‫االحتياط االجتماعي‬
‫‪1695‬‬ ‫‪1521‬‬ ‫‪1266‬‬ ‫‪1060‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫م�صاريف الأمرا�ض المزمنة‬
‫‪51%‬‬ ‫‪48%‬‬ ‫‪47%‬‬ ‫‪44%‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ح�صة م�صاريف الأمرا�ض‬
‫المزمنة‬
‫‪4759‬‬ ‫‪4201‬‬ ‫‪3542‬‬ ‫‪2846‬‬ ‫‪2384‬‬ ‫‪1725‬‬ ‫مجموع الم�صاريف‬
‫‪2427‬‬ ‫‪2022‬‬ ‫‪1674‬‬ ‫‪1242‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪51%‬‬ ‫‪48%‬‬ ‫‪47%‬‬ ‫‪44%‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪100‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الجدول ‪ : 4‬تطور فائ�ض اال�ستغالل بالن�سبة لل�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي (ب�آالف الدراهم)‬
‫ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‬
‫*‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬

‫‪4 334 766‬‬ ‫‪3 181 681‬‬ ‫‪2 827 450‬‬ ‫‪2 588 545‬‬ ‫‪2 315 545‬‬ ‫‪1 783 492‬‬ ‫‪505 920‬‬ ‫مجموع الإيرادات‬
‫‪1 894 978‬‬ ‫‪1 302 761‬‬ ‫‪1 072 037‬‬ ‫‪907 826‬‬ ‫‪855 898‬‬ ‫‪729 667‬‬ ‫‪260 751‬‬ ‫مجموع الم�صاريف‬
‫‪2 439 788‬‬ ‫‪1 878 920‬‬ ‫‪1 755 414‬‬ ‫‪1680719‬‬ ‫‪1 459 383‬‬ ‫‪1 053 825‬‬ ‫‪245 169‬‬ ‫الفائ�ض‬
‫‪10 513 217‬‬ ‫‪8 073 429‬‬ ‫‪6 194 509‬‬ ‫‪4 439 096‬‬ ‫‪2 758 377‬‬ ‫‪1 298 994‬‬ ‫‪245 169‬‬ ‫الفائ�ض المتراكم‬

‫الجدول ‪ : 5‬تطور فائ�ض اال�ستغالل بالن�سبة لل�صندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي‬
‫(ب�آالف الدراهم)‬
‫ال�صندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي‬
‫*‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬

‫‪4 300 927‬‬ ‫‪3 950 251‬‬ ‫‪3 676 566‬‬ ‫‪3 465 861‬‬ ‫‪4 486 753‬‬ ‫‪3 048 337‬‬ ‫‪956 440‬‬ ‫مجموع الإيرادات‬
‫‪3 898 706‬‬ ‫‪3 502 753‬‬ ‫‪3 100 288‬‬ ‫‪3 046 212‬‬ ‫‪3 509 544‬‬ ‫‪2 041 446‬‬ ‫‪555 947‬‬ ‫مجموع الم�صاريف‬
‫‪402 221‬‬ ‫‪447 498‬‬ ‫‪576 278‬‬ ‫‪419 649‬‬ ‫‪977 209‬‬ ‫‪1 006 891‬‬ ‫‪400 493‬‬ ‫الفائ�ض‬
‫‪4 230 239‬‬ ‫‪3 898 018‬‬ ‫‪3 380 520‬‬ ‫‪2 804 242‬‬ ‫‪2 384 593‬‬ ‫‪1 407 384‬‬ ‫‪400 493‬‬ ‫الفائ�ض المتراكم‬

‫يبلغ معدل ارتفاع فائ�ض اال�ستغالل حوالي ‪ 0.288‬مليون درهم‪ ،‬مما يجعل الفائ�ض المتراكم يبلغ ‪ 4.2‬مليار‬
‫درهم منذ بداية نظام التامين الإجباري على المر�ض و�إلى ‪.2011‬‬
‫رغم ارتفاع وتيرة العمل بنظام الت�أمين الإجباري على المر�ض الذي يدبره ال�صندوق الوطني لل�ضمان‬
‫االجتماعي‪� ،‬إال �أن معدل الفائ�ض ال�سنوي لدى ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي �أكبر بما قدره ‪3.4‬‬
‫�أ�ضعاف مما كان عليه معدل نظيره لدى ال�صندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي خالل ال�سنوات‬
‫الثالث المن�صرمة‪.‬‬
‫• •قد تبلغ الم�صاريف التوقعية لدى ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي ما بين ‪ 6.13‬مليار درهم و‪7.4‬‬
‫مليار درهم؛‬
‫• •�أما لدى ال�صندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي‪ ،‬ف�ستبلغ تلك الم�صاريف على التوالي‬
‫‪ 5.12‬مليار درهم و‪ 5.6‬مليار درهم في �أفق ‪.2017‬‬
‫من المتوقع �أن يظهر �أول عجز مالي في ‪ 2016‬بالن�سبة لنظام الت�أمين الإجباري على المر�ض الذي يدبره‬
‫ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‪ ،‬وفي ‪ 2015‬بالن�سبة للنظام الذي يدبره ال�صندوق الوطني لمنظمات‬
‫االحتياط االجتماعي‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪102‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الملحق ‪:4‬‬
‫الئحة �أع�ضاء اللجنة الدائمة المكلفة بالق�ضايا‬
‫االجتماعية والت�ضامن‬

‫‪103‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪104‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الملحق ‪ : 4‬الئحة �أع�ضاء اللجنة الدائمة المكلفة بالق�ضايا‬


‫االجتماعية والت�ضامن‬
‫فئة الخبراء‬
‫ف�ؤاد ابن ال�صديق‬ ‫•‬
‫احجبوها الزبير‬ ‫•‬
‫حكيمة حمي�ش‬ ‫•‬
‫�أمينة العمراني‬ ‫•‬
‫عبد المق�صود را�شدي‬ ‫•‬

‫فئة ممثلي النقابات‬


‫�أحمد بابا �أعبان‬ ‫•‬
‫�أحمد بهني�س‬ ‫•‬
‫علي بوزع�شان‬ ‫•‬
‫نورالدين �شهبوني‬ ‫•‬
‫م�صطفى �شناوي‬ ‫•‬
‫محمد دحماني‬ ‫•‬
‫لح�سن حن�صالي‬ ‫•‬
‫جامع المعت�صم‬ ‫•‬
‫محمد عبد ال�صادق ال�سعيدي‬ ‫•‬
‫م�صطفى اخالفة‬ ‫•‬

‫فئة الهيئات و الجمعيات المهنية‬


‫بو�شعيب بن حميدة‬ ‫•‬
‫محمد ح�سن بن�صالح‬ ‫•‬
‫عبد الحي ب�سة‬ ‫•‬
‫محمد بولح�سن‬ ‫•‬
‫محمد فيكرات‬ ‫•‬
‫�أحمد �أعيا�ش‬ ‫•‬

‫فئة الهيئات والجمعيات الن�شيطة في مجاالت االقت�صاد االجتماعي والعمل الجمعوي‬


‫عبد المولى عبد المومني‬ ‫•‬
‫ليلى بربي�ش‬ ‫•‬
‫جواد �شعيب‬ ‫•‬
‫محمد الخاديري‬ ‫•‬
‫وافية العنتري‬ ‫•‬
‫الزهرة زاوي‬ ‫•‬

‫فئة ال�شخ�صيات المعينة بال�صفة‬


‫ر�شيد بن المختار بن عبد اهلل‬ ‫•‬
‫خالد ال�شدادي‬ ‫•‬
‫�شكيب تازي �صدقي‬ ‫•‬

‫‪105‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪106‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الملحق ‪:5‬‬
‫الئحة مجموعة العمل المتخ�ص�صة المنبثقة عن اللجنة‬

‫‪107‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪108‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الملحق ‪ : 5‬الئحة �أع�ضاء مجموعة العمل‬

‫المقررة الرئي�سية‪ :‬الأ�ستاذة حكيمة حمي�ش‬ ‫•‬

‫المقرر الم�ساعد‪ :‬الدكتور جواد �شعيب‬ ‫•‬

‫�أحمد بهني�س‬ ‫•‬

‫ر�شيد بن المختاربن عبد اهلل‬ ‫•‬

‫محمد الدحماني‬ ‫•‬

‫محمد الخاديري‬ ‫•‬

‫وافية العنتري‬ ‫•‬

‫�شكيب تازي �صدقي‬ ‫•‬

‫الزهرة زاوي‬ ‫•‬

‫‪109‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪110‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الملحق ‪:6‬‬
‫الئحة الم�ؤ�س�سات والمنظمات والجمعيات والهي�آت التي تم‬
‫الإ ن�صات �إليها‬

‫‪111‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪112‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الئحة الم�ؤ�س�سات والمنظمات والجمعيات والهي�آت التي تم الإن�صات‬ ‫الملحق ‪:6‬‬


‫�إليها‬

‫العدد‬ ‫الفاعلون الم�ستمع �إليهم‬ ‫المنظمات والم�ؤ�س�سات‬


‫‪13‬‬ ‫القطاعات الوزارية والم�ؤ�س�سات • •وزارة ال�صحة‬
‫• •وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات المحلية)‬
‫• •وزارة ال�ش�ؤون العامة والحكامة‬
‫• •وزارة ال�شغل والتكوين المهني‬
‫• •وزارة التجهيز والنقل‬
‫• •وزارة االقت�صاد والمالية‬
‫• •وزارة ال�شبيبة والريا�ضة‬
‫• •المكتب الوطني للماء والكهرباء‬
‫• •المر�صد الوطني للتنمية الب�شرية‬
‫• •الوكالة الوطنية للت�أمين على المر�ض‬
‫• •ال�صندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي‬
‫• •ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‬
‫• •الهيئة المركزية للوقاية من الر�شوة‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫• •المجل�س الوطني للهيئة الوطنية للأطباء‬ ‫المنظمات المهنية‬


‫• •المجل�س الوطني لهيئة ال�صيادلة‬
‫• •المجل�س الوطني لهيئة �أطباء الأ�سنان بالمغرب‬

‫‪2‬‬ ‫• •اليوني�سيف‬ ‫الوكاالت الأممية‬


‫• •�صندوق الأمم المتحدة لل�سكان‬

‫‪14‬‬ ‫• •االتحاد العام لل�شغالين بالمغرب‬ ‫النقابات‬


‫• •االتحاد المغربي لل�شغل‬
‫• •الفيدرالية الديمقراطية لل�شغل‬
‫• •الكونفدرالية الديمقراطية لل�شغل‬
‫• •االتحاد الوطني لل�شغل بالمغرب‬

‫‪113‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫العدد‬ ‫الفاعلون الم�ستمع �إليهم‬ ‫المنظمات والم�ؤ�س�سات‬


‫• •الهيئة النقابية الوطنية للأطباء االخت�صا�صيين بالقطاع‬
‫الخا�ص‬
‫• •النقابة الوطنية لأطباء الطب العام‬
‫• •النقابة الوطنية لأطباء القطاع الخا�ص‬
‫• •النقابة الوطنية للم�صحات الخا�صة‬
‫• •االتحاد الوطني للمهن الحرة‬
‫• •النقابة الوطنية لل�صيادلة بالمغرب‬
‫• •التجمع الوطني لل�صيادلة بالمغرب‬
‫• •الفيدرالية الوطنية لنقابات �أطباء الأ�سنان بالقطاع الخا�ص‬
‫في المغرب‬
‫• •النقابة المهنية الوطنية لباعة النظارات بالمغرب‬

‫‪9‬‬ ‫• •تران�سبارن�سي المغرب‬ ‫الجمعيات‬


‫• •جمعية محاربة ال�سيدا‬
‫• •الجامعة الوطنية لحماية الطفولة‬
‫• •الجمعية المغربية للتخطيط العائلي‬
‫• •الجمعية الوطنية للقابالت بالمغرب‬
‫• •الجمعية الوطنية للقابالت بالمغرب – �شبكة القطاع‬
‫الخا�ص‬
‫• •الجمعية المغربية لعلوم التمري�ض والتقنيات ال�صحية‬
‫• •جمعية العمل الإ�ستعجالي‬
‫• •الجامعة الوطنية لمحاربة داء ال�سكري‬

‫اجتماعات فريق العمل المتخ�ص�ص المنبثق عن اللجنة‪:‬‬


‫• •منظمة ال�صحة العالمية – مكتب الرباط‬
‫• •وكالة التنمية االجتماعية‬
‫• •مديرية المختبر الوطني لمراقبة الأدوية‬

‫‪114‬‬
‫ومعمم‬
‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية ‪ :‬نحو ولوج من�صف ّ‬

‫الملحق ‪:7‬‬
‫مراجع بيبليوغرافية‬

‫‪115‬‬
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

‫‪116‬‬
‫ومعمم‬
ّ ‫ نحو ولوج من�صف‬: ‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‬

‫ مراجع بيبليوغرافية‬: 7 ‫الملحق‬

Ministère de la santé
• Projet amélioration de l’offre de soins en milieu rural. UNICEF/ ministère de la santé,
1997.
• Audit technique de l’organisation du ministère de la Santé dans la perspective de la
mise en place des structures régionales de la santé, 2002.
• Enquête Nationale de Prévalence des Troubles Mentaux et Toxicomanies. Ministère de
la Santé, 2003.
• Aspects concernant les prix des médicaments au Maroc. DMP, A. Mahly ministère de la
Santé, 2004.
• La rationalisation des prescriptions des médicaments au niveau du réseau de soins de
santé de base. A. Khalid. INAS, ministère de la Santé, 2004.
• Aspects concernant les prix des médicaments au Maroc. A Mahly, DMP, ministère de la
Santé, 2004.
• L’Offre de soins au Maroc. Ministère de la Santé, 2007.
• Santé Vision-2015. Ministère de la santé, 2007.
• Santé-Vision 2020. Ministère de la Santé, 2007.
• L’approche des Besoins Essentiels de Développement : une approche communautaire
pour mettre l’INDH au service de l’amélioration de la santé. Ministère de la Santé/OMS,
2007
• Plan d’action 2008-2012. Ministère de la Santé, 2008.
• Programme d’Appui à la Régionalisation, à la Déconcentration et au Renforcement des
Soins de Santé de Base au Maroc. Ministère de la Santé/Conseil Santé, 2009.
• La démographie médicale et paramédicale. Ministère de la santé, 2010.
• La couverture par le RESSB : Evolution au rythme des changements. A.Zayyoun. INAS,
ministère de la Santé, 2011.
• Proposition d’un modèle de santé communautaire au Maroc. Ministère de la Santé/
UNICEF, 2011.
• Enquête Nationale sur la Population et la Santé Familiale. Ministère de la Santé, 2011.
• Stratégie sectorielle de santé 2012-2016. Ministère de la Santé, 2012.
• Santé en chiffres 2011. Ministère de la Santé, 2012.

117
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

• Rapport de la Commission Consultative du Médicament et des Produits de Santé. 2012.


• Etude sur l’équité en santé au Maroc. Ministère de la Santé/ INSAN, 2012.
• Comptes Nationaux de la Santé 2010. Ministère de la Santé/OMS, 2013.
• Regard sur les indicateurs sanitaires. Ministère de la santé, 2013.
• Rapport de l’Etude bio-comportementale auprès des usagers de drogues injectables à
Tanger et Nador 2010-2011, DELM/Ministère de la Santé avec l’appui du Fonds Mondial
et de l’ONUSIDA.
• Plan d’action 2012-2016 pour accélérer la réduction de la mortalité maternelle et
néonatale. Ministère de la Santé.
• La valorisation de la médecine générale : nécessité d’une stratégie à plusieurs volets !
Forum National sur les Soins de Santé Primaires. B Millette. Ministère de la Santé, OMS.
Rabat, 2009.
• Comptes Nationaux de la Santé 2010, ministère de la Santé/ OMS, 2013
• Livre blanc: pour une nouvelle gouvernance de la santé. 2ème Conférence Nationale sur
la santé. Ministère de la Santé, juillet, 2013.

Autres départements ministériels du Royaume du Maroc


• Etude sur les associations marocaines de développement : diagnostic, analyse et
perspectives.
• Ministère du Développement social, de la Famille et de la Solidarité, 2005.
• Rapport de la Mission d’Information sur le Prix du Médicament au Maroc. Royaume du
Maroc, Chambre des Représentants, Commission des Finances et du Développement
Economique, Novembre 2009.
• Statistiques des activités des sections de la justice de la famille, 2011. Ministère de la
Justice et des Libertés.
• Rapport des 1ères assises de la gouvernance et de la synergie des stratégies et des
programmes sectoriels. Ministère des Affaires Générales et de la Gouvernance, 12-13
février 2013.

Rapports du Conseil Economique, Social et Environnemental


• Pour une nouvelle charte sociale : des normes à respecter et des objectifs à
contractualiser. CES, 2011.
• Promotion de l’égalité entre les femmes et les hommes dans la vie économique, sociale,
culturelle et politique. CES, 2012.
• Respect des droits et inclusion des personnes en situation de handicap, CESE, 2012.
• Le système fiscal marocain : développement économique et cohésion sociale, CES,
2012
• La gouvernance des services publics. CESE, 2013.

118
‫ومعمم‬
ّ ‫ نحو ولوج من�صف‬: ‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‬

• La gestion et le développement des compétences humaines : levier fondamental de


réussite de la régionalisation avancée. CESE, 2013
• Initiative Nationale pour le développement humain : analyse et recommandations.
CESE, 2013.

Organisation Mondiale de la Santé


• Disability prevention and rehabilitation: report of the WHO expert committee
on disability prevention and rehabilitation. WHO, 1981.
• La violence à l’égard des femmes. Aide-mémoire, N 12, OMS, 1996.
• Rapport sur la santé dans le monde. Pour un système de santé plus performant.
OMS, 2000.
• Implications de la déclaration sur les ADPIC et la santé publique, Doha, OMS,
N°12, 2002.
• Les médecins et les prescriptions des génériques. OMS, 2002.
• Les systèmes de santé : des soins intégrés fondés sur des principes. OMS, 2003
• Investir dans la santé. Résumé des conclusions de la Commission Macroéconomie
et Santé. OMS, 2004.
• Rapport de la commission Macroéconomie et Santé. OMS, 2002, mis à jour en
2004.
• Rapport sur la santé dans le monde. Travailler ensemble pour la santé. OMS,
2006.
• Revue du développement de la stratégie des soins de santé primaires et de
l’objectif « Santé Pour Tous d’ici l’an 2000 » au Maroc. M Laaziri. OMS, 2007.
• Plan d’action mondial pour la santé des travailleurs. 60ème assemblée mondiale
de la santé. OMS, 2007
• Rapport sur la santé dans le monde. Les Soins de Santé Primaires. Maintenant
plus que jamais. OMS, 2008.
• Rapport de la Commission des Déterminants sociaux de la Santé. OMS, 2008.
• Droits de l’Homme et Santé. OMS, 2008.
• Droits sexuels et reproductifs et genre. Où en sommes-nous ? Commission
Femmes et développement. OMS, 2008.
• Rapport sur la santé dans le monde : le financement des systèmes de santé, le
chemin vers une couverture médicale universelle. OMS, 2010.
• La grossesse chez les adolescentes. OMS, mai 2012.
• Interventions for Preventing Unintended Pregnancies Among Adolescents. OMS, 2012.
• Global and regional estimates of incidence of unsafe abortion. OMS, 2013.

119
‫المجل�س االقت�صادي واالجتماعي والبيئي‬

• Rapport sur la santé dans le monde : la recherche vers la couverture sanitaire


universelle. OMS, 2013
• Statistiques mondiales. OMS, 2013.

Autres agences des Nations Unies


• Rapport sur le développement humain. PNUD, 2003.
• Dar Al Oumouma, projet sur l’amélioration de l’accès aux soins obstétricaux en milieu
rural. Programme de Coopération Maroc. UNICEF 2002-2006.
• Health policy note towards a more equitable and sustainable health care system -
policy challenges and opportunities. World Bank. MENA. 2008.
• Appui à la protection et à la défense des Droits des Personnes vivant avec le VIH ».
CNDH et ONUSIDA. 2010.
• The potential impact of free trade agreements on public health. ONUSIDA, PNUD, 2012.
• Rapport de l’OIT, 2013.

Enquêtes de l’Haut Commissariat au Plan


• Enquête nationale sur la violence à l’égard des femmes. HCP, 2009
• Table de mortalité au Maroc. HCP, 2010.
• Enquête Nationale sur l’Anthropométrie. HCP, 2011.

Enquêtes ICPC, ONDH, ANAM


• Etude d’impact de la campagne sur les médicaments génériques. ANAM, 2006.
• Les disparités dans l’accès aux soins de santé au Maroc. Etude de cas. ONDH, 2010.
• Rapport de l’ICPC, 2010-2011
• Etude sur le phénomène de la corruption dans le secteur de la sante. ICPC, 2011.
• Deuxième rapport annuel de l’ONDH. 2011.
• Bilan de l’Assurance Maladie Obligatoire-2011. ANAM, octobre 2012.

Rapports d’ONG internationales


• Rapport annuel des activités du centre d’appui juridique contre la corruption,
Transparency Maroc, 2012. Baromètre mondial de la corruption. Transparency
International, 2013.

Rapport sur les Migrants Subsahariens en Situation Irrégulière au Maroc. MSF, mars 2013.

120
‫ومعمم‬
ّ ‫ نحو ولوج من�صف‬: ‫الخدمات ال�صحية الأ�سا�سية‬

Communications
• D El Yazami. Le droit à la santé dans la nouvelle constitution. 2ème conférence
nationale sur la santé. Marrakech, juillet 2013.
• D Bettcher. Transition épidémiologique et nouvelle santé publique. 2ème conférence
nationale sur la santé. Marrakech, juillet 2013
• G Dassault. Le développement des ressources humaines en santé, défis et expériences
internationales. 2ème conférence nationale sur la santé. Marrakech, juillet 2013.
• N Benali. Financement public de santé au Maroc entre les contraintes et les opportunités.
2ème conférence nationale sur la santé. Marrakech, juillet 2013.
• R Mrabet. Réforme des études médicales et défi de la démographie. 2ème conférence
nationale sur la santé. Marrakech, juillet 2013.

Autres publications
• L Birkes. “Lessons from Morocco”, Middle East Times. Monterey Institute of International
Studies, 2007.
• G Krikorian : Evolutions récentes de la législation sur la propriété intellectuelle au Maroc
et accès aux médicaments. KEStudies vol. 1, 2007.
• G Krikorian, K Marhoum El Filali, H Himmich. L’accès aux médicaments sous le nouveau
régime de protection des brevets : cas du sida au Maroc. KEStudies Vol 2, 2008.
• L’éducation, un levier pour améliorer la santé et la cohésion sociale – © OCDE 2010.
• Association Marocaine de l’Industrie Pharmaceutique AMIP: “Secteur pharmaceutique
Marocain: Réalités sur le prix des médicaments et intérêts du secteur”, Mars 2010.
• M Sajoux. Démographie, vulnérabilité socioéconomique et santé, in Éléments de
comparaison entre milieu rural et milieu urbain au Maroc. Santé et vulnérabilités au
Maroc. IRD, 2010.
• Etat des lieux des environnements favorables à la pratique des professionnels de la
Santé au Maroc. AMSITS, 2010.
• Les enjeux de la prévention en matière de santé. Avis du CESE, France, 2011.
• Soins de santé primaires : les pratiques professionnelles en France et à l’étranger. IRDES,
2012.
• S Touzani. Estimation de l’impact sanitaire de l’hépatite C au Maroc (modélisation
prévisionnelle). Thèse de doctorat en médecine, 2012.
• JE Stiglitz, article traduit et publié par L’Economiste du 10 juillet 2013.
• Atlas national de la démographie médicale de France. Conseil national de l’Ordre des
médecins, 2013.

121

You might also like