You are on page 1of 5

‫األرض حين نراها بعيون الروح‬

‫يناير ‪2021 ,3‬‬

‫( ثقافات )‬

‫*مدني قصري‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫يقول الباحث الروحي الفرنسي سيرج فيتز ‪”: Ser Fitz‬توصف الكوارث الطبيعية في الوقت الحاضر بكونها‬

‫قدَ ٌر محتوم‪ ،‬حتى وإن كانت مسؤولية اإلنسان في ما يسمى بـ”التغيرات المناخية” أمرا ثابتا ومؤكدا‪ .‬لكنْ في‬

‫المقابل مازال ثمة افتقارنا الكبير للوعي بماهية الطبيعة العميقة لكوكب األرض الذي نعيش فيه‪.‬‬

‫فالبحر والمحيط ينتميان إلى األرض‪ ،‬والغابات تنتمي إلى األرض‪ ،‬والطيور والحيوانات تنتمي إلى األرض‪،‬‬

‫وابن آدم ينتمي إلى األرض‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫سر الكوارث الطبيعية‬


‫ابن آدم ّ‬
‫يرى سيرج فيتز‪  ،‬الباحث في الروح اإلنسانية‪ ،‬والطبيب النفساني‪ ،‬وصاحب المؤلفات العديدة في مجال ما‬

‫ُيطلق عليه “الجيوبيوتيرابي” ‪( Géobiothérapie‬أي المعالجة القائمة على العالقة بين اإلنسان‬

‫والمكان‪ ،‬أو باألحرى بينه وبين بيئته)‪ ،‬أن للكوارث الطبيعية أسبابا تقع ضمن نطاق مسؤولياتنا المباشرة‪ ،‬إال‬

‫أننا ال نعي وجودها‪ ،‬ألننا لم نعد ننظر إلى الحياة وأسرار الطبيعة بعيون الروح وإنما بعيون “العقالنية”‬

‫وحدها‪ .‬‬

‫ويرى فيتز أن هذا االنتماء إلى األرض يخلق صالت وعالقات ال شك فيها‪ .‬فإذا كانت األرض تتألم اليوم‪،‬‬

‫فاإلنسان يتألم معها ال محالة! وإذا تألمت الحيوانات يتألم معها اإلنسان أيضا‪ .‬وإذا تألمت الغابة تألم المرء‬

‫كذلك‪ .‬وإذا تألم المحيط تألم اإلنسان‪ ،‬ألن المحيط هو الذي أنجبه‪ ،‬والنبات هو الذي أطعمه‪ ،‬وألن الحيوان هو‬

‫الذي رافقه في أشغاله األكثر عناء وقسوة‪.‬‬

‫األرض كائن حي‬


‫في العصور القديمة كانت الصالت التي نسجها الرجال مع األرض مطبوعة بالحكمة والحب‪ .‬لكن هذه الصالت‬

‫سرعان ما تالشت بسبب االهتمام المفرط بالعقالنية (هيمنة العقل) التي أدت تدريجيا إلى انحطاط الحياة على‬

‫األرض‪ .‬فالطقوس المهداة إلى األرض اعتبرها العقلُ‪ ،‬مع األسف‪“ ،‬وثنية”‪ .‬وعبادةُ العقل أنستْ اإلنسانَ‬
‫كف عن الخلق! فالشعراء والفنانون فقط هم الذين ظلوا‬
‫الخلق‪ ،‬كما لو أن الخالق بعد أن خلق الكون ّ‬
‫يحتفظون بسر “الوجود اإللهي” على وجه األرض‪ .‬فهم ال يزالون ُيغ ّنون جمال األشجار والزهور والطيور‪،‬‬

‫والحياة البرية والبحيرات التائهة بين الجبال‪.‬‬

‫العلم بال ضمير سبيل الضياع ال ُمميت‬


‫إذا كان علم‪  ‬البيئة في أيامنا هذه‪ ،‬ومن خالل حركة “الخضر” وغرين بيس” ‪ Green Peace‬يسعى‬

‫إلحداث توازن ضد انحراف العالم الصناعي بما جاء به من ملوثات مدمرة فإن أفكار هؤالء المدافعين عن‬

‫البيئة لم تتمكن من مالمسة قلوب غالبية البشر‪ .‬فالتلوث والنهب اللذان طاال باطن األرض متواصالن‪ ،‬من‬

‫دون أن يعلو في الرأي العام صوتٌ يقول بوضوح‪ :‬ك َفى‪ ،‬توقفوا! إن الكارثة التي أعلن عنها العلماء‬

‫ال ُم ستنيرون ال تكمن في االحتباس الحراري بقدر ما تكمن في فقدان وعي األفراد المنتمين إلى األرض‪ .‬كيف‬

‫يمكن للرجال أن يبتكروا في مصانعهم القنابل وقاذفات القنابل‪ ،‬واأللغام المضادة لإلنسان‪ ،‬والسموم‪ ،‬وفي‬

‫المساء يعودون إلى بيوتهم لكي يرعوا أطفالهم‪ ،‬مطمئني القلب والبال‪ ،‬وهم يعلمون أن هذه القنابل والسموم‬

‫قد ُتحدث الموت ذات يوم؟ كيف لم تقترح ُّ‬


‫أي هيئة دولية أو وطنية تشريعات لحظر هذه الصناعة القاتلة؟‬

‫قداسة الجغرافيا‬

‫يمارس على البشر من خالل ترسانة من أسلحة الدمار‪ ،‬فإن األرض ليست‬
‫َ‬ ‫ويضيف فيتز أنه إذا كان العنف‬

‫مستثنا ًة من هجمات مماثلة من قبل الصناعة والزراعات المكثفة‪ .‬إن أولئك الذين يهتمون بالبيولوجيا يعرفون‬

‫أن األرض أشبه بكائن حي يعيش مع شبكاته الطاقوية المقدسة‪ ،‬ونقاط تج ُّددِها‪ ،‬ومع مناطقها المريضة‪.‬‬

‫فالجغرافيا المقدسة توضح لنا كيف تتواصل مختلف النقاط األرضية العليا بعضها بالبعض اآلخر‪ .‬كل هذا‬

‫لنقول إن األرض ليست مجرد كومة من الصخور المنصهرة‪ ،‬أو الباردة‪ .‬بل هي كائن حي يمتلك هال َته وبني َته‪.‬‬

‫فمنها تستمد األماكن حيويتها‪ .‬والحال أن مستويات الطاقة في مناطق األرض تختلف وفقا لماضيها التاريخي‪،‬‬

‫ووفقا للصناعة المقامة عليها‪ ،‬ووفقا للسلوك البشري‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن هناك صلة مباشرة بين أسلوب الحياة‬

‫واإلنتاج في منطقة بعينها وبين صحة سكانها!‬


‫سر حقيقة األمر يمكن القول أن العالم األرضي يتصرف مثل البطارية الكهربائية التي يكون‬
‫فلكي نفهم في ُي ٍ‬
‫فيها القطب “الموجب” هو س َما ُء القطب “السالب”‪ ،‬أي األرض‪ .‬علما ُء الجيوبيولوجيا ‪géobiologie‬‬

‫(الجيوبيولوجيا علم حديث جدا نشأ عند نهاية القرن العشرين) يتحدثون في هذا الشأن عن “التوازن الكوني‬

‫األرضي‪ .‬فهذه االختالفات في القطبية تؤدي إلى نشوء تبادالت مستمرة في الطاقة التي تغذي الكائن الحي‪.‬‬

‫فعندما تختل هذه التوازنات يصبح مكان العيش‪ ،‬أي المكان الذي نعيش فيه‪ُ ،‬مسببا لألمراض بسبب نقص‬

‫الطاقة فيه‪ .‬وهذا النقص مرده أساسا إلى طبيعة طرق البناء (الخرسانة المسلحة‪ ،‬أو ما يسمى في بالدنا‪ ‬‬

‫تشو ه طبيعة العالقات الكونية األرضية‪ ،‬كما هو الحال على سبيل المثال‬
‫بالباطون)‪ ،‬ولِوجود أنشطة صناعية ّ‬
‫مع أجهزة اإلرسال التلفونية الالسلكية (الموبايالت) والرادارات‪ .‬ولذلك هناك انعكاسات وتداعيات خطيرة على‬

‫الصحة تبدأ في الظهور بعد سنوات قليلة‪ .‬فكل شيء متفاعل بعضه مع البعض اآلخر‪.‬‬

‫األرض حين نراها بعيون الروح‬

‫حسبنا‪ ،‬يقول فيتز‪ ،‬أن ننظر إلى األرض من خالل عيون الروح‪ ،‬لنالحظ أن األرض تتألم وبشدة‪ .‬في هذا‬

‫الشأن سيقول العقالنيون (المفرطون في اإليمان باإلله العقل) أن الكوارث كانت تحدث دائما‪ ،‬وسوف يستمر‬

‫س نة من سنن الحياة‪ .‬هذا صحيح‪ ،‬ولكن النظام الطبيعي قد تزعزع كثيرا‪،‬‬


‫حدوثها‪ ،‬وأن ما يحدث اليوم هو ُ‬

‫وهو ما يشعر به كل واحد منا‪ :‬فالشمس لم تعد “ ُتد ّفئ” كما كانت من قبل‪ ،‬بل صارت ْ‬
‫“تحرق”‪ .‬هناك في‬

‫الكون ما يسمى بقانون السبب والنتيجة‪ .‬إن ما حدث مؤخرا من كوارث طبيعية في قارة آسيا بليغ جدا‪ .‬فمن‬

‫القراءةـ الرمزية نستنتج أن األرض صارت تدافع عن نفسها‪ :‬فالمحيط بدأ يدفع البشر إلى داخل األراضي‪،‬‬

‫واألمطار الغزيرة والعواصف بدأت تطرد التلوث‪ .‬فاألرض – إذنْ – بدأت تتنفس وتتطهر! وهذه القراءة ليست‬

‫لح اليوم أن نتعلم قراءةـ األحداث بشكل مختلف؟‬


‫قراءة عادية‪ ،‬وقد تثير االستغراب‪ ،‬ولكنْ ‪ ،‬أليس من ال ُم ّ‬
‫ولو نظرنا‪ ،‬حسب فيتز‪ ،‬إلى ما يحدث في الطبيعة بعقالنية أكثر فكيف ال نرى أن العواصف المدمرة ناتجة عن‬

‫سياسة إزالة الغابات المفرطة‪ ،‬وأن الشعاب المرجانية التي تضررت بسبب التلوث لم تعد تكبح الموجات‪ ،‬وأن‬

‫وأخيرا أن مستوى البحر (البحر دائما) في تصاعد مستمر! أما فيما يتصل‬
‫ً‬ ‫األرض تتراجع في أماكن كثيرة‪،‬‬

‫بالزالزل األرضية أو الهزات التي تحدث في البحر فال بد من أن نعرف أن ضخ طبقات النفط الجوفية يلغي (أي‬

‫يقضي) تدريجيا “الوسادات” (مفردها وسادة أي المخدة) ال ُمخففة للضغط‪ ،‬والكابحة للزالزل األرضية‪  .‬كل‬

‫وأخيرا فإن الفيضانات سب ُبها أنه ما من‬


‫ً‬ ‫شيء يحدث كما لو أننا نفرغ تدريجيا إطارات السيارة أثناء سيرها‪.‬‬
‫شيء يستطيع أن يوقف تدفق مياه األمطار‪ .‬ففي كثير من المناطق كان إلغاء السياجات المكونة من الشجيرات‬

‫(وهي فضاءات حقيقية لتعشيش الطيور الطبيعية) والخنادق على طول الطرق‪ ،‬واحدا من األسباب المؤدية‬

‫إلى الفيضانات‪ .‬ومن ناحية أخرى فإن أساليب الزراعةـ المكثفة‪ ،‬القائمة على األسمدة الكيماوية‪ ،‬تساهم في‬

‫غسل األراضي بسبب عدم وجود األسمدة الطبيعية كالدبال‪ ،‬مثال‪ .‬وأما النتيجة فهي ارتفاع مستوى المجاري‬

‫النهرية‪ ،‬وهو ما يسبب في فترات األمطار الغزيرة كوارث ُنسميها “كوارث طبيعية”‪.‬‬

‫قداسة عالم الحيوان‬

‫ويستاءل فيتز “ما العمل إذن؟” ويجيب قائال “علينا أن نستعيد رشدنا! أن نعيد من حولنا بناء عالم يحترم‬
‫برجلين أو بأربعة قوائم‪ .‬أال نؤيد ونشجع التجارب‬
‫كوكب األرض‪ ،‬ويحترم بالتالي سكانها‪ ،‬سواء كانوا ِ‬
‫المخبرية على الحيوانات! أال نفرط في “قتل” الحيوانات‪ ،‬من خالل اعتمادنا لنظام غذائي نباتي‪ .‬فخالفا‬

‫لالعتقاد السائد لم ُي خلق اإلنسان لكي يكثر من أكل لحوم الحيوانات “الميتة”‪ ،‬ألن أمعاء اإلنسان طويلة مثل‬

‫أمعاء الحيوانات العاشبة (آكلة األعشاب)‪ ،‬وليس كأمعاء الحيوانات آكلة اللحوم‪ .‬ناهيك عن أن ‪ ‬أسنان اإلنسان‬

‫ليست كأنياب آكالت اللحوم! فلِم اإلفراط إذن؟ وعلى صعيد أشمل تتطلب تربية الثروة الحيوانية أعالفا كثيرة‪،‬‬

‫ومن ثم أراض زراعية‪ ،‬وبالتالي حرمان المناطق الفقيرة من الموارد الغذائية الطبيعية‪.‬‬

‫في جوهر األشياء ُخ لق اإلنسان ليأكل “ثمار األرض”‪ ،‬وهذا بكل معاني الكلمة‪ .‬فوفقا إلحصائيات النبات ّيين‬

‫األكثر صحة وجدية تأكد أن هؤالء النباتيين أكثر صحة من أكلة اللحوم‪ .‬فالغذاء النباتي يخفف من وطأة‬

‫سجل في لحومها و ُتنتج السموم التي ُتلوث أجسام أكلة‬


‫الجسم ويزيد من مستوى الوعي‪ .‬معاناة الحيوانات ُت َّ‬
‫اللحوم‬

‫ويشير فيتز إلى التجارب حول ذاكرة المياه التي أجراها الباحث الشهير جاك بنفينيست ‪Jacques‬‬

‫‪ Benveniste‬والباحث اليابيني الدكتور ماسارو إيموتو ‪ ، Masaru Emoto‬وتجارب أخرى يطول‬

‫شحن بالطاقات التي يتلقاها‪ .‬ويعني ذلك‬


‫الحديث فيها في هذا المقام‪ .‬فهذه التجارب تب ّين أن كل عنصر سائل ُي َ‬
‫أن دم الحيوانات التي ُيساء ذبحها (أي التي ال تذبح بطريقة سليمة ورحيمة) س ُتنقُل إلى مستهلكها طاقات‬

‫المعاناة واآلالم التي تتلقاها‪ ،‬ومن ثم هناك من يقول أو يؤكد أن األمراض تأتي من هذه الجرعة القاتلة‬
‫َّ‬
‫المخزنة في منتجات اللحوم التي يساء استعمالها‪.‬‬

‫عالقة األرض باإلنسان‬


‫ويؤكد فيتز أنه يجب أن نعرف أن بديهيات اليوم تتناقض مع بديهيات األمس‪ ،‬أي تلك األوقات التي لم تكن‬

‫المستشفيات فيها تصل إلى أحجام ضخمة كما هي اليوم‪ ،‬والتي لم تكن فيها األمراض قد تطورت إلى الحد‬

‫أمرا عاد ًيا جدا‪ ،‬وكأنه من الطبيعي‬


‫الذي صار فيه عنوان “الطبيب المعالج” المعلق اليوم على كل واحد منا ً‬
‫أن يكون كل منا مريضا‪ ،‬وبحاجة ألن يحمي صحته! فالصحة في المقام األول روحية ثم عقلية ثم عاطفية‪.‬‬

‫فاألمراض الجسدية ليست سوى نتيجة لتدهور النظام الطبيعي‪ ،‬ألن صحة البشر مرتبطة بصحة األرض‪.‬‬

‫فاالثنان شريكان‪ ،‬ومن الملح تطوير مفهوم الصحة البيئية ! كيف يمكن لنا أن نتصور أنفسنا في حالة جيدة‬

‫في الوقت الذي تتعرض األرض التي نعيش عليها لإلنهاك‪ ،‬وفي الوقت الذي تمتلئ األغذية التي نتناولها‬
‫بالمواد الحافظة‪ ،‬وتخلو من الطاقة؟ لذلك فإن عالج اإلنسان وشفاء كوكب األرض عملية ال ينفصل بعضها‬

‫عن البعض اآلخر‪.‬‬

‫ألن تجربة أي جيوبيولوجي تبين أن ما من أحديمكن أن يبقى في صحة جيدةفي بيت غير صحي‪.‬‬

‫وهذامثالصارخللعالقة الوثيقةبين الفرد وبين بيئته‪ .‬فحين نتعلم كيف “نعالج” المنازل وأماكن العمل من‬

‫أمراضها – وما أكثرها‪ ،‬وهي ال تقتصر على النظافة وحدها – سوف نالحظ أن هناك آثارا مباشرةليس‬

‫فقطعلى صحةسكان هذه البيوت وهذه األماكن ولكن أيضاعلىنفوسهم‪ ،‬أو باألحرى أرواحهم! هناك‬

‫بيناألرضواإلنسانعالقة متميزة تمثل واحدةمن أعظم الكنوز على اإلطالق!‬

‫الفص األيسر والفص األيمن‬

‫ويخلص فيتز إلى القول بأن التفكير التحليلي جعل من اإلنسان حكي ًما أع َمى لم يعد يرى المجموع والمجاميع‪.‬‬

‫الفص األيمن من الدماغ‪ ،‬من‪  ‬خالل الممارسة اليومية للتفكير القياسي (النظم اإليكولوجية)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إن تطور مواهب‬

‫والرسم‪ ،‬والصورة والفن قادرة على ملء هذه الثغرات‪ .‬ألن العقل ال يشتغل في الوقت الحلي إال بعين واحدة‪،‬‬

‫وهو الفص األيسر‪ ،‬ومن هنا ظل اإلنسان أعرج‪ .‬وتلك حقيقة يجب أن نعيها ونهتم بها! ولذلك من المهم أن‬

‫نمنح كل شخص الشعور بالمسؤولية‪ ،‬من خالل التنوع‪ ،‬وتفتح الكائن على طاقاته الكامنة‪.‬‬

You might also like