You are on page 1of 12

‫بسم هللا الرحمن الرحيم الحمد هلل ‪ ،‬والصالة والسال على خير خلق هللا وعلى آله وصحبه‬

‫ومن وااله وبعد ‪:‬‬


‫فهذه ملخص مادة الحديث الموضوعي المقرر على الفرقة الثالة شعبة التفسير بكلية أصول‬
‫الدين بجامعة األزهر سنة ‪ 2022‬ـ‪ 2023‬وهللا نسأل التوفيق والسداد للجميع ‪ ،‬وصلى هللا‬
‫وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫الموضوع األول ‪ :‬الشمائل المحمدية (شرح الشمائل المحمدية لفضيلة الشيخ محمد خليل الخطيب‪).‬‬

‫باب ما جاء في َخلق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬

‫المعنى ‪ :‬باب األحاديث التي وردت في خلق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ .‬الباب لغة ‪ :‬ما يتوصل منه إلى المقصود‪ .‬واصطالحا‬
‫‪ :‬األلفاظ المخصوصة باعتبار داللتها على المعاني المقصودة ألنه يوصل إلى المقصود‪ .‬الخلق بفتح وسكون ‪ :‬الصورة الظاهرة‬
‫ا لمدركة بالبصر كالبياض‪ .‬الخلق بضمتين ‪ :‬الصورة الباطنة المدركة بالبصيرة كالحلم‪ .‬قدم األوصاف الظاهرة على األوصاف‬
‫الباطنة ألنها أول ما يدرك‪ ،‬وأنها كالدليل على الباطنة‪ ،‬وداعية للتراقي النتقاله من غبر األشرف لألشرف‪.‬‬

‫الحديث األول " عن أنس بن مالك قال ‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ليس بالطويل البائن وال بالقصير‬
‫وال باألبيض األمهق وال بالجعد القطط‪ ،‬وال بالسبط‪ ،‬بعثه هللا تعالى على رأس أربعين سنة‪ ،‬فأقام بمكة‬
‫عشر سنين‪ ،‬وبالمدينة عشر سنين ‪ ،‬وتوفاه هللا تعالى على رأس ستنين سنة‪ ،‬وليس في رأسه ولحيته‬
‫عشرون شعرة بيضاء ‪.‬‬

‫التعريف بالرواي‪ : :‬هو خادم النبي صلى هللا عليه وسلم في أول الهجرة وعمره عشر سنين ومكث في خدمته عشر سنينوجاوز‬
‫المائة‪ ،‬وقد دعا له النبي صلى هللا عليه وسلم فقال "اللهم أكثر ماله وولده وبارك فيه" وأنه شهد بدرا له ألف ومئتا حديث وستة‬
‫وثمانون حديثا‪ ،‬وتوفي سنة تسعين هجرة أو بعدها وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة‪.‬‬

‫(ليس بالطويل البائن) ‪ :‬أي الظاهر‪ ،‬والمراد العالم يكن فاحش الطول‪ ،‬وهذا العلق الحسي إشارة إلى العلق المعنوي ألنه ال يساويه‬
‫أحد في الكمال‪( .‬وال بالقصير) ‪ :‬معطوف على قوله ( بالطويل)‪ ،‬وإنما وصف المصنف الطويل بالبائن ولم يصف القصير بعكسه؛‬
‫ألنه صلى هللا عليه وسلم كان إلى الطول أقرب‪ ،‬وهذا ال ينافي وصفه بالزبعة وهو المتسوط بين الطويل والقصر‪" ( .‬وال باألبيض‬
‫األمهق")‪ :‬األمهق‪ :‬الشديد البياض الخالي من الحمرة ‪ ،‬والمراد أن بياضه صلى هللا عليه وسلم كان نيزا مشريًا بحمرة‪ ،‬وروي أنه‬
‫كان أزهر اللون أي أبيض يعلوه إشراق ولمعان وأشرف األلوان البياض المشرب بحمرة أو بصفرة ذهبية‪"( .‬وال باألدم")‪ :‬الشديد‬
‫األئمة وهي السمرة‪ ،‬والمنفى هو شدة الس مار‪ ،‬والسمرة بمعنى العمرة‪ ،‬ولقد أجمع الصحابة أنه صلى هللا عليه وسلم كان بياضه‬
‫بياضا مشربًا بحمرة ‪"( .‬وال بالجعد القطط وال بالسبط")‪ :‬هذا وصف لشعره صلى هللا عيه وسلم الجعد من الجعودة وهو أن يكون‬
‫بالشعر التواء واقباض‪ ،‬والقطط‪ :‬شديد الجعودة‪ ،‬والسبط الشعر المسترسل أي السهل الذي الالتواء فيه‪ ،‬والمراد أن شعره صلى هللا‬
‫عليه وسلم ليس نهاية في الجمودة وال في البسوطة بل كان وسطا بينهما‪ " ( .‬بعثه هللا رأسه أربعين سنة ") ‪ :‬إشارة إلى وقت بعثته‪،‬‬
‫وابتدئ بالرؤيا الصادقة‪ ،‬أما إرساله لتبليغ الناس فكانت هذه بعد تلك بثالث سنين‪ ،‬وقد قال الجمهور‪ :‬انه بعث في شهر رمضان‬
‫وكان عنده أربعين سنة ونصف أو تسعة و ثالثين سنة ونصف‪ ،‬فأقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين‪ .‬فائدة ‪ :‬أخبر النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم علي بن أبي طالب بالهجرة وأمره أن يبيت على فراشه ليوهم المشركين وليرد الودائع التي كانت عند أهلها ‪ ،‬و‬
‫لقد كانت تلك الودائع كثيرة سواء للمسلمين أو للمشركين ألنه صلى هللا عليه وسل م كان يلقب بالصادق األمين‪ ،‬وإن كثرة الودائع عنده‬
‫تدل على أن هذا اللقب أي باألمين كان قوال وفعال‪ .‬وأمر صلى هللا عليه وسلم بالتأريخ اإلسالمي من حين الهجرة فكان عمر رضي‬
‫هللا عنه أول من قام بالتاريخ اإلسالمي وجعلها من المحرم‪"( ،‬وتوفاه هللا " )‪ :‬أي قبض روحه ‪ "(،/‬على رأس ستين سنة" )‪ :‬وهذا‬
‫يقتضي أن تكون سنه ستين سنة و الراجح أنه ‪ 63‬سنة‪.‬‬

‫نبوته صلى هللا عليه وسلم كانت بعد أربعين سنة من والدته وأنها متقدمة على رسالته بثالث‬
‫هناك تنبيهان‪ :‬األول‪ :‬علم مما تقدم أن ّ‬
‫سنين فكان في اية (اقرأ) نبوته و في آية (قم فأنذر) رسالته‪ ،‬وقد صح قوله صلى هللا عليه وسلم‪ :‬كنت نبيا وادم بين الروح والجسد‬
‫وهو يقتضى وصفه بالنبوة قبل وجود ذاته‪ ،‬وال منافاة بين هذه األرواح وبين بعثه بمكة بعد األربعين فإن األولى كانت في عالم‬
‫األرواح والغيب والثانية كانت في عالم األجساد والشهادة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬وقد تبع النب ي صلى هللا عيله وسلم مع قلة سنين بعثته عد كبير من الصحابة وغيرهم‪ ،‬قال العلماء أنه صلى هللا عليه وسلم‬
‫توفي عن مائة ألف وأربعة عشر ألف كلهم رأوه ‪ ،‬ووقف معه بعرفة في حجة الوداع مائة ألف وعشرون ألفا‪.‬‬

‫(وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء " )‪ :‬يقول أنس ما كان في رأس رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إال سبع عشرة أو‬
‫ثمان عشرة شعرة بيضاء‪ ،‬أما ما جاء في رواية نفي الشيب فالمراد نفي كثرته ال أصله‪ ،‬ومن ثم صح عن انس " ولم يشنه هللا‬
‫بالشيب"‪ ،‬ولذلك لما بدأ الشيب بالظهور قال له بعض الصحابة نراك يا رسول هللا قد شبت‪ ،‬فقال صلى هللا عليه وسلم "شبتني هود‬
‫وأخواتها"‪ .‬وقد ورد أم السيب وقار و نور‪ ،‬ومن شاب شيبة في اإلسالم له نور يوم القيامة‪ ،‬وحكمة قلة شيبه ‪ :‬مع جاء في فضل‬
‫الشيب استبقاء نضارته وشبابه في وقت قدر فيه اإلسالم أن ينتشر‪.‬‬

‫الحديث الثاني‪" :‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ربعة ليس بالطويل‬
‫وال بالقصير حسن الجسم وكان شعره ليس بجعد وال سبط أسمر اللون إذا مشى بتكفا"‪.‬‬
‫المعاني والمراد ‪( :‬ربعة )‪ :‬متوسط بين الطويل والقصير و المراد ‪ :‬التقريب لما في رواية أبي هريرة " وكان ربعة إلى الطول‬
‫أقرب‪" (.‬حسن" الجسم") ‪ :‬جميله لونا ونعومةواالعتدال في الطول واللحم ‪ ،‬فهو معتدل الخلق متناسب األعضاء‪"( .‬وكان شعره ليس‬
‫بجعد وال سبط") أي ليس شديد الجعودة‪ :‬أي االلتواء وال بالسبوطة أي االسترسال‪ (.‬أسمر اللون )احمر وفي رواية أزهر اللون ‪.‬‬
‫("يتكفا") يميل إلى قدام ألنها مشية أولي العزم والهمة وهي أعدل المشيات‪.‬‬

‫الحديث الثالث‪ " :‬عن البراء بن عازب قال‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رجال مربو ًعا‬
‫بعيد ما بين المنكبين عظيم الجنة إلى شحمة أذنيه عليه حلة حمراء ما رايت شيا قط أسمن‬
‫منه‪.‬‬
‫المعاني والمراد ‪ "( :‬رجال ") أي أن شعره موصوف بالرجولة وهي التكسر القليل ( "مريوعا")‪ :‬ربعة أي تقريبا ‪"(.‬بعيد ما بين‬
‫المنكبين " )‪ :‬أي عريض أعلى الظهر ‪"(.‬عظيم الجمة") ‪ :‬وهي ما سقط من شعر الرأس ووصل إلى المنكبين‪.‬‬

‫وأما الوفرة فهي ما لم يصل إلى المنكبين‪ ،‬وأما اللمة فهي ما جاوز شحمة أذنيه متعلق اعظم "شحمة األذن"‪ :‬ما الن من أسفلها وهو‬
‫معلق القرط ‪" (.‬حلة حمراء") ‪ :‬الحلة ثوبان أو ثوب له ظهارة وبطانة‪ ،‬وسميت خلة لحلولها في الجسم أو حلول بعضها على بعض ‪،‬‬
‫وحمراء خالصة الحمار‪"( .‬ما رأيت شيئا قط أحسن منه") وعبر بشئ ولم يعبر بإنسان مثال ليشمل غير البشر كالشمس والقمر‬
‫وغيرها‪ ..‬ومعنى قط ‪ :‬الزمن الماضي‪ ،‬وعبر بقط‪ :‬إشارة إلى أنه كان كذلك من المهد إلى اللحد‪.‬‬

‫الحديث الرابع‪" :‬عن علي بن أبي طالب قال لم يكن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بالطويل وال‬
‫بالقصير شثن الكفين والقدمين من ضخم الرأس ضخم الكراديس طويل المسربة إذا مشى‬
‫تكفأ تكفوأ كانما ينحط من صبب لم از قبله وال بعد مثله"‪.‬‬
‫التعريف بالراوي ‪ :‬ابن عم النبي صلى هللا عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء وأبو الحسن والحسين وهو أول من أسلم من‬
‫الصبيان شهد مع النبي صلى هللا عليه وسلم كل المشاهد كلها إال تبوك ‪،‬حامل لواء رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في واقعة خيير‬
‫وهو أخر الخلفاء الراشدين‪ ،‬ضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي ومات بعد ثالث ليال من ضربه‪ ،‬وغسله الحسن والحسين وعبد‬
‫هللا بن جعفر وصلى عليه ابنه الحسن ودفن سحرا‪ .‬واشتهر بوفرة العلم والشجاعة ‪ ،‬استشهد ليلة الجمعة ألحدى عشرة ليلة من‬
‫رمضان سنة أربعين‪ ،‬وهو حينئذ أفضل من على وجه األرض‪.‬‬

‫المعاني والمراد ‪"( :‬كان شثن الكفين والقدمين ") ‪ :‬غليظ األصابع والراحة بدليل ضخم الكفين والقدمين‪ ،‬وجمع بين الكفين والقدمين‬
‫في مضاف واحد لشدة تناسبهما بخالف الرأس والكراديس‪ .‬وكرر ضخم فيهما لعدم وجود المناسبة بينهما‪" ( .‬ضخم الرأس") ‪:‬‬
‫عظيمة‪ ،‬وهناك رواية ( عظيم الهامة) وهو وصف دال عظيم القوة الدافعية ‪" (.‬الكراديس")‪ :‬جمع كردوس‪ ،‬وهو كل عظمين التقيا‪،‬‬
‫أي رؤوس العظام مثل المنكبين والركبتين‪ ،‬والمراد ‪ :‬جسيم األعضاء وعظيم ذلك يدل على متانة بناء الجسم‪"( .‬طويل المسرية ") ‪:‬‬
‫الشعر الدقيق الذي كأنه قضيب يمتد من الصدر إلى السرة‪" ( .‬إذا مشى تكفأ تكفوأ") يسير على سنن المشي وهو ما بين يديه‬
‫كالسفينة في جريها‪"( .‬كانما ينحط من صبب") الصبب هو المكان المنحدر والمعنى كما ينزل من موضع منحدر ‪"( .‬لم أز قبله وال‬
‫بعده مثله") هذا التعبير متعرف في صيغ المبالغة في نفي المثل أي ليس أحد مثله‪.‬‬
‫الحديث الخامس‪ :‬إقرأه في الكتاب ‪ .‬المعاني والمراد ‪ "( :‬الممغط") ‪ :‬التناهي في الطول ‪"(.‬وال بالقصير المتردد") ‪ :‬المتناهي في‬
‫القصر‪" ( .‬وكان ربعة " )‪ :‬تقريبا فال ينافي أنه للطول أقرب‪"(.‬من القوم ) أي في قرية‪ ،‬والقوم جماعة الرجال ليس فيهم امرأة سموا‬
‫قوما لقيامهم بالمهمات‪"( .‬لم يكن بالجعد القطط وال بالسبط") ‪ :‬بل كان بين ذلك قوا ًما ‪" (.‬المطهم ") ‪ :‬كثير اللحم‪ "( .‬المكلثم ")‪:‬‬
‫المدور الوجه تدويزا مفرطا فيحمل قوله ("وكان في وجهه تدوير" ) على التدوير اللطيف مع اإلسالة‪"( .‬أبيض مشرب") مخلوط‬
‫بياضه بحمرة‪"( .‬أدعج العينين") شديد سواد حدقتهما مع سعة العين‪ ،‬وشدة بياض بياضهما‪ ،‬فيكون الدعج شدة بياض البياض وشدة‬
‫سواد السواد‪"( .‬أهدب األشفار " ) طويل شعرها ("جليل")‪ :‬عظيم‪" ( .‬المشاش ")‪ :‬جمع مشاشة وهي رؤوس العظام فهي مرادفة‬
‫للكراديس‪ " ( .‬الكتد") ‪ :‬مجتمع الكتفين‪"( .‬أجرد ") ‪ :‬أغلب بدنه ال شعر فيه‪ ( .‬إذا مشى تقلع ")‪ :‬مشي بقوة كأنه يخلع رجليه من‬
‫األرض‪"( .‬كأنما يتحط في صبب ") ‪ :‬تأكيدا لمعنى التقلع‪ " ( .‬إذا التفت التفت معا") أي جميع بجسده ال بعنقه ("بين كتفيه خاتم‬
‫صدرا) ‪ :‬أن جوده كان من انشراح صدر وطيب قلب ‪( .‬وأصدق الناس لهجة )‪ :‬أي‬ ‫ً‬ ‫النبوة") ‪ :‬قطعة لحم بارزة‪" ( .‬أجود الناس‬
‫كالما‪"( .‬وألينهم عريكة " )‪ :‬أي طبيعة‪"( .‬من" راه بديهة هاية") ‪ :‬أي خافه وأجله ‪( ،‬وبديهة) مفاجاة قبل معرفته‪.‬‬

‫الحديث السادس‪ :‬أنظره في الكتاب الحسن سبط رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ولد في رمضان سنة ثالث من الهجرة ‪.‬‬

‫المعاني والمراد ‪"( :‬سألت خالي ) يعني أخا أمه فاطمة من أمها خديجة ( " هند بن أبي هالة")‪ :‬ودخلت به على رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم فتربى في حجره‪ ،‬وقتل مع علي يوم الجمل‪ ،‬وقبل مات في طاعون عمواس‪"( .‬وكان" وصافا" )‪ :‬أي كثير الوصف للنبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم (" عن حلية رسول هللا صلى هللا علسه وسلم ") أي عن صفته ‪ "( ،‬وأنا أشتهي أن يصف لي شينا أتعلق به ")‬
‫تعلق علم ومعرفة ألن النبي صلى هللا عليه وسلم مات وهو في سن ال يقتضى التأمل ألنه ولد سنة ثالث من الهجرة‪"( .‬فخ ًما") ‪:‬‬
‫عظيما في نفسه ("مفخما" )‪ :‬معظما في عين من راه بحيث ال يقدر على ترك تعظيمه مكابرة وإن أصر على ذلك (" يتالال") ‪:‬‬
‫يضيئ ("وجهه تأللؤ القمر " )مثل إضاءته عند كماله (" ليلة البدر ")‪ :‬ليلة أربعة عشر(أطول من المربوع " )‪ :‬أي أنه مائل إلى‬
‫الطول طوال غير بانن (" وأقصر من المشذب")‪ :‬الطويل المفرط في الطول (" عظيم الهامة ")‪ :‬كبير الرأس‪ ،‬وعظيم الرايس‬
‫ممدوح ألنه أعون على اإلدراك والكمال ("رجل الشعر ") ‪ :‬في شعرة تثن وتكسر قليل ( إن انفرقت عقيقته) ‪ :‬شعر راسه (‬
‫"فرقها") ‪ :‬جعلها فرقتين فرقة عن يمينه واألخرى على يساره (" وإال فال يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره" )‪ :‬يعني أن عقيقته‬
‫إذا بقيت دون فرق لم يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وقره أي جعله وفرة بل يكون محاذيا لهما‬

‫(أزهر اللون" )‪ :‬أبيضا بياضا نيزا (" واسع الجبين" ) ‪( :‬أل) للجنس ‪ ،‬فيشمل الجبينين وهما ما اكتنفا الجبهة عن يمين وشمال (‬
‫أزج الحواجب") ‪ :‬مقوسها كالن ون المقلوبة ‪ ،‬والحاجب األزج هو الطويل الدقيق المستوي ولم يقل مزجج الحواجب ألن الزجج خلقة‬
‫والتزج صنعة‪ ،‬والخلقة أشرف من الصنعة ( سوابغ من غير قرن) ‪ :‬سوابغ أي كوامل‪ ،‬والقرن‪ :‬هو اتصال الحاجبين بحيث يلتقي‬
‫طرفيهما (" بينهما" )‪ :‬يحركه" ("عرق يُدره") بين الحاجبين( "الغضب ") حتى يجعله ممتلئا بالدم كما يمثلي الضرع باللبن‪"( .‬أقنى‬
‫العرئين") طويل األنف مع دقة ارنبته وارتفاع قليل في وسطه‪ ،‬والضميران في (له نور يعلوه) يعودان على العرنين أو النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم (" من لم يتأمله أشم") والشمم هو ارتفاع قصبة األنف مع استواء أعاله وإشراف األرنبة قيليال‪ ،‬أي إنه للنور الذي‬
‫عالء يخفى على الناظر من غير تأمل حدب وسطه ويظن استواء القصبة‪"( .‬كث اللحية")‪ :‬عظيمها أي كثير شعرها‪ ،‬وهو الشعر‬
‫الثابت على الذقن وحلقها وهو مجمع اللحيين ‪،‬حرام بإجماع وطولها عن القبضة مكروه ‪ ،‬ويسن قص الزائد عليها‪.‬‬

‫(سهل الخذين)‪ :‬أي غير مرتفعهما ("ضليع القم") ‪ :‬واسعه‪ ،‬وذلك يدل على الفصاحة ( "مفلج األسنان")‪ :‬أي منفرج ما بينهما والمراد‬
‫بها الثنايا العلياء ألن ان فراج جميع األسنان غير محمود ‪ ،‬وقد جاء في وصف أسنانه أنه أشنب‪ ،‬والشنب هو رقة األسنان وصفاء‬
‫مانها وعذوبتها ( " كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة") ‪ :‬الجيد هو العلق والدمية هي الصورة من عاج ونحوه بولغ في تحسينها‪،‬‬
‫والتتشبيه بها من حيث االستواء واالعتدال ‪ ،‬وبصفاء الفضة من حيث اإلشراق والجمال ("معتدل الخلق") متناسق األعضاء‬
‫ضامرا مساويًا‬
‫ً‬ ‫("بادن")‪ :‬أي سمين البدن سمال متوسطا ("متماسك")‪ :‬غير مسترخي اللحم ("سواء البطن والصدر ") أي بطنه كان‬
‫لصدره ("عريض الصدر " ) وهو ممدوح في الرجال ألنه عالمة النجابة والقوة‪.‬‬

‫(ضخم الكراديس)‪ :‬عظيم رؤوس العظام ( أنوار المتجرد)‪ :‬أي مشرق العضو المتجرد أو موضع التجرد من الثوب ‪0‬بين اللبة )‪:‬‬
‫وهي النقرة التي فوق الصدر( السرة) ‪ :‬موضع القطع (بشعر يجري) ‪ :‬يمتد ("كالخيط")‪ :‬معنى دقيق المسرية (عاري الثديين‬
‫والبطن ما سوى ذلك) من الشعر‪ ،‬والصحيح أنه كان تحت إبطه شعر خفيف لما صح أنه كان ينتفه ("أشعر الذراعين والمنكبين‬
‫وأعالى الصدر) أي كثير شعر هذه المواضع الثالثة وطويله (طويل الزندين) تثنية زند و هو ما انحسر عنه الحم يين الذراع‬
‫و طرف الزند الذي يلي اإلبهام وهو المسمى الكوع وطرف اآلخر الذي يلي الخنصر وهو الكرسوع‪ ،‬والمراد طويل الذراعين‬
‫("رحب الراحة" )‪ :‬واسع الكف حسيا ومعنى‪.‬‬

‫(شثن الكفين والقدمين)‪ :‬عليظهما مع النعومة ( سائل األطراف") ‪:‬ممتد األصابع طوال معتدال ("األطراف")‪ :‬من غير انقباض‬
‫("خمصان") ‪ :‬أي ضامر ( "األخمصين " )‪ :‬تثنية أخمص وهو الموضع الذي ال يمس األرض عند المشي من القدم والمراد أنه كان‬
‫معتدل األخمصين ال مرتفعهما جدًا وال منخفضهما جدا أي سامر القدمين بمعنى أن وسط قدميه مرتفع عن األرض وهذا بخالف‬
‫القدم الرخاء وهي القدم التي ال أخمص لها بحيث يمس جميعها األرض ( "مسيح القدمين")‪ :‬أي ليس فيهما تشقق بدليل قوله ( ينبو)‬
‫أي يتباعد عنهما لمالمستهما ("إذا زال زال تقلعا )اي إذا مشى رفع رجليه بقوة كأنما يقلع شيئًا من األرض‪ ،‬وأكد ذلك بقوله (‬
‫يخطو) (تكفيا) و هو بيان لكيفية رفع رجليه ونقلها‪.‬‬

‫(ويمشي هونا) ‪:‬بيان لكيفية وضعها باألرض ‪(/‬ذريع المشية ") أي واسع الخطوة خلقة ال تكلفا‪ ،‬وسعة الخطوة محمودة للرجال ( "إذا‬
‫مشي كأنما ينحط من صبب")‪ :‬في صبب أي في مكان منخفض بسرعته ( "وإذا التقت التف جميعا") بجميع أجزائه إذا كان الداعي‬
‫من خلفه وإال يلتفت بعقه يمنة ويسرة ( "خافض الطرف")‪ :‬العين (نظره إلى األرض أطول من نظره إلى السماء) ‪ :‬تأكيذا لما قبله‬
‫وهذا محمول على حال السكون فال ينافي أنه في حال انتظار الوحي ألمر ينزل ( "جل")‪ :‬أكثر ( نظره المالحظة)‪ :‬أي النظر‬
‫باللحاظ وهو شق العين مما يلي الصدغ و المزاد أنه ال ينظر إلى األشياء نظر أهل الشر بل بقدر الحاجة امتثاال لقوله تعالى (وال‬
‫تمدن عينيك)‪.‬‬

‫تنبيه ‪ :‬ورد ما يدل على أنه صلى هللا عليه وسلم كان يرى البعيد كما يرى القريب ويرى من خلفه كما يرى من أمامه ويرى في‬
‫اليل كما يرى في النهار فلم تكن رؤيته على الرؤيا المألوفة للخلق‪.‬‬

‫(" سيوق أصحابه " )‪ :‬يقدمهم أمامهم ويمشي خلفهم إما تواضعًا أو إشارة إلى أنه كالمربي فينظر في أحوالهم وفي هيئتهم إما رعاية‬
‫للضعفاء وإعانة للفقراء أو تشريفا وتعلي ًما ( "وييدر") ‪ :‬ويبادر (من لقي بالسالم ) حتى الصبيان‪ ،‬ومعلوم أن البدء بالسالم ثوابه‬
‫أكثر من رذه الذي هو فرض ولكن كيف يؤثر غيره بالفرض وهو الرد ويبدأ بالسالم والبدء سنة والبدء سنة واإليثار بالقرب مكروه؟‬
‫ذلك ألن كثرة ثواب الفرض عن السنة ليست مطردة فبعض السنن أفضل كالوضوء قبل الوقت سنة وهو أفضل من الوضوء في‬
‫الوقت وهو واجب ‪ .‬كل هذا من تعليم أمته كيفية المشي وعدم االلتفات وتقديم الصحب والمبادرة إلى السالم ‪.‬‬

‫الحديث السابع‪ :‬إقرأه في الكتاب‪( .‬ضليع القم)‪ :‬عظيم الفم (أشكل العين) ‪ :‬طويل شق العين‪ ،‬قال القاضي عياض هذا التفسير وهم‬
‫من سماك‪،‬و الصواب في معنى كلمة الشكلة هو حمرة في بياض العين ‪،‬وأما الشهلة فحمرة في سوادها‪ ،‬والشكلة إحدى عالمات‬
‫النبوة‪( .‬منهوس العقب) ‪ :‬قليل لحم العقب‪.‬‬

‫الحديث الثامن‪" :‬عن جابر بن سمرة قال‪ :‬رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في ليلة إضحيان‬
‫وعليه حلة حمراء فجعلت أنظر إليه وإلى القمر‪ ،‬فهو عندي أحسن من القمر‪.‬‬
‫المعاني والمراد ‪ "( :‬في ليلة إضحيان ") ‪ :‬أي ليلة مقمرة من أولها إلى آخرها (فجعات أنظر إليه ) تارة (وإلى القمر ) أخرى‬
‫(فلهو عندي أحسن من القمر ) وإنما كان رسول هللا أحسن ألن ضوءه يغلب على ضوء القمر وضوء الشمس‪..‬‬

‫الحديث التاسع‪ :‬سأل رجل على البراء بن عازب أكان وجه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مثل‬
‫السيف؟ قال‪ :‬ال بل كان مثل القمر‬
‫المعاني والمراد ‪" ." :‬مثل السيف" في االستدارة واالستطالة ‪،‬فالسؤال عنهما معا‪( ،‬بل كان مثل القمر )أي ليس له مثل فيهما بل مثل‬
‫القمر المستدير الذي هو أنور من السيف لكنه لم يكن مستديرا جدا بل كان بين االستدارة واالستطالة‪.‬‬

‫الحديث العاشر‪ " :‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫أبيض كأنما صيغ من فضة‪ ،‬رجل الشعر‪.‬‬
‫"‪ .‬التعريف بالرواي ‪ :‬اسمه عبد الرحمن بن التوسي ‪ ،‬كان اسمه في الجاهلية عبد شمس فسماه النبي صلى هللا عليه وسلم عبد‬
‫الرحمن ‪ ( .‬أبيض كاتما صبغ من فضة ) ألنه كان يعلو بياضه النور واإلشراق‪ ،‬وفيه إشارة إلى نورانية وجهه وتناسب أعضائه‬
‫("رجل الشعر ")في شعره تثن وتكسر قليل‪.‬‬

‫الحديث الحادى عشر في الكتاب‬

‫(غرض على األنبياء" )عرض‪ :‬مبني للمجهول‪ ،‬واألنبياء بالمعنى األعم الشامل للرسول‪ ،‬قيل ‪ :‬كان هذا العرض ليلة اإلسراء في‬
‫بيت المقدس ‪ ،‬وقيل كان في المنام‪ ،‬والمرئي على األول صورهم الحقيقية‪ ،‬وعلى الثاني أمثلة صورهم ‪ ،‬وإن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم لم يقل عُرضت على األنبياء إيماء إلى فضله صلى هللا عليه وسلم على سائر األنبياء ‪ (.‬فإذا بموسى عليه السالم ضرب من‬
‫الرجال كانه من رجال شنوءة) ‪:‬ضرب من الرجال أي نوع منهم ‪ ،‬وكانه من رجال شنوءة أي قبيلة باليمن رجالها متوسطون بين‬
‫الخفة والسمن‪ ،‬والظاهر أن المراد تشبيه صورته بهم‬

‫( ورأيت عيسى بن مريم) بنت عمران من ذرية سليمان بينه وبينه أربعة وعشرون أبا‪ ،‬ورفع عيسى عليه السالم وسنهاثالث‬
‫وخمسون سنة وبقيت بعده خمس ينين‪ ( .‬فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود ) الثقفي وهو أرسلته قريش للنبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم يوم الحديبية فعقد معه الصلح وهو كافر ثم اسلم سنة تسع ومن الهجرة بعد رجوعه صلى هللا عليه وسلم من الطائف (‬
‫ورايت إبراهيم الخليل‪ )،‬ومعناه بالسريانية أب رحيم (فإذا أقرب من رأيت شبها صاحبكم ) ولذا ورد أنا أشبه ولد إبراهيم به (يعني‬
‫نفسه ) أي نفسه السريفة (ورأيت جبريل فإذا أقرب من رأيت شبها به دحية ) ‪ :‬جبريل على وزن فعيل ومعناه بالسريانية عبد هللا‬
‫أوعبد الرحمن أو عبد العزيز وجبريل ليس من األنبياء بل هو من المالئكة وإنما ذكره النبي صلى هللا عليه وسلم لكثرة مجينه‬
‫بالوحي لهم ومخالطتهم‪ ،‬وذحية هو دحية الكلبي الصحابي شهد المشاهد كلها مع النبي صلى هللا عليه وسلم وكان جبريل يأتي النبي‬
‫غالبا في صورته‪.‬‬

‫باب ما جاء في جلسة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬

‫الجلسة بكسر فسكون ‪ :‬هيئة الجلوس‪ ،‬والظاهر هنا ما يقابل القيام ليشمل الباب حديث االستلقاء‪.‬‬

‫الحديث األول‪ :‬عن قيلة بنت مخ رمة أنها رأت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في المسجد وهو‬
‫قاعد القرفصاء قالت‪ :‬فلما رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم المتخشع في الجلسة أرعدت‬
‫من الفرق"‪.‬‬
‫التعريف بالراوي ‪ :‬قيلة بنت مخرمة العقيرية المهاجرة الصاحبية المعاني والمراد ( أنها رأت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في‬
‫المسجد وهو قاعد القرفصاء")‪ :‬القرفصاء ‪ :‬هي أن يجلس على ركبتيه معتمدًا ويُلصق بطنه بفخذيه ويتأبط كفيه أي يجعل كال تحت‬
‫إبط ( فلما رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم المتخشع في الجلسة)‪ :‬أي الخاشع خشوعا تاما في جلسته تلك فهو خافض الطرف‬
‫والصوت ساكن الجوارح ‪ ،‬و التفعل ليس التكلف بل لزيادة المبالغة في الخشوع‪( .‬أرعدت من الفرق) ‪ :‬أصابتني رعدة أي‬
‫اضطراب من الفرق اي الخوف الناشئ من عظم المهابة‪ ،‬ووقع في هذه القصة أن قال أحد الحاضرين للنبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫أرعدت المسكينة فقال (يا مسكينة عليك السكينة) فاذهب هللا ما بقلبها من الرعد‪.‬‬

‫الحديث الثاني‪ :‬عن عباد بن تميم عن عنه أنه رأى النبي صلى هللا عليه وسلم مستلقية في المسجد‬
‫واضعا إحدى رجليه على األخرى"‪.‬‬
‫" عن عمه" ‪ :‬عبد هللا بن زيد بن عاصم األنصاري المدني الصحابي الذي قتل مسيلمة الكذاب في حرب الردة (أنه رأى النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم مستلقيا في المسجد) واالستلقاء هو االضطجاع على القفا وال يلزم منه نوم ("واضعا إحدى رجليه على األخرى) وهذا‬
‫يدل على حل وضع إحدى الرجلين على األخرى حال االستلقاء مع من األخرى أو رفعها‪ ،‬لكن هذا يُعارض رواية ‪" :‬ال يستلقين‬
‫أحدكم ثم يضع إحدى رجليه على األخرى" وجمع بأن الجواز لمن لم يخف انكشاف عورته بذلك‪ ،‬والنهي لمن خالف ذلك‪ .‬من حال‬
‫المصطفى صلى هللا عليه وسلم أنه فعله عند خلوه مما يحتشم منه‪.‬وهذا الجمع أولى من ادعاء النسخ‪.‬‬

‫الحديث الثالث‪" :‬عن أبي سعيد الخدري قال‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا جلس في‬
‫المسجد الحتبى بيديه"‪.‬‬
‫التعريف بالراوي‪ :‬هو سعد بن مالك الخدري نسبة لخدرة بضم الخاء أحد أجداده الصحابي الجليل بايع تحت الشجرة وشهد ما بعد‬
‫أحد ‪ ،‬وكان من علماءالصحابة رضوان هللا عليه ‪،‬مات سنة أربع وسبعين ‪.‬‬

‫(كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا جلس فس المسجد احتبى بيديه) ‪ :‬االحتباء هو أن يجمع الرجل ظهره وساقيه بعمامة‪ ،‬وقد‬
‫يحتبي بيديه وهي جلسة األعراب‪ ،‬وتقوم مقام االستناد إلى الجدار‪ ،‬وجاء النهي عنه في المسجد واإلمام يخطب ألنه يجلب النوم‬
‫فربما يفوت سماع الخطبة أو الصالة‪.‬‬
‫باب ما جاء فى صفة وضوء رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عند الطعام‬

‫الحديث األول‪ :‬عن ابن عباس أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خرج من الخالء فقرب إليه‬
‫الطعام فقالوا‪ :‬ال نأتيك بوضوء؟ قال‪ :‬إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصالة"‪.‬‬
‫"ال نأتيك" بوضوء بحذف همزة االستفهام‪ ،‬والوضوء فتح الواو ما يتوضأ به ‪ ،‬وكانن سبب قولهم اعتقادهم طلب الوضوء عند الطعام‬
‫‪ " .‬إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصالة" أي في قوله تعالى {يا أيها الذين أمنوا إذا قمتم إلى الصالة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم‬
‫إلى المرافق‪ ،)..‬ويستدل بالحديث على أنه صلى هللا عليه وسلم كان يحب الوضوء لكل صالة متطهرا كان أو محدثا‪ ،‬والحصر‬
‫إضافي أي عند الطعام فليس مأمورا به عنده ال وجوبًا وال ندبا‪ ،‬وحاصل الجواب أن األمر بالوضوء منحصر أصالة في القيام إلى‬
‫الصالة ال عند الطعام‪ ،‬والوضوء هنا باضم وهو الفعل‪.‬‬

‫الحديث الثاني‪ " :‬عن ابن عباس قال‪ :‬خرج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من الغائط‪ ،‬فأتي‬
‫بطعام فقيل له‪ :‬أال توضأ؟فقال‪ :‬أأصلي فأتوضأ "‬
‫"خرج من الغائط"‪ :‬المكان الذي تقضي فيه الحاجة "اال توضأ " بحذف بإحدى التاءين واألصل تتوضا ‪ ".‬فقال أأصلي" ‪ :‬بهمزتين‪،‬‬
‫األولى لالستفهام وإنكارا لما توهم من طلب الوضوء عند الطعام‪.‬‬

‫‪ -‬الحديث الثالث‪ :‬عن سلمان قال‪ :‬قرأت في التوراة أن بركة الطعام الوضوء بعده‪ ،‬فذكرت ذلك‬
‫للنبي صلى هللا عليه وسلم وأخبرته بما قرأت في التوراة فقال صل هللا عليه وسلم " بركة‬
‫الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده"‪.‬‬
‫"قرأت في التوراة "‪ :‬وهي أعظم الكتب بعد القرآن ‪" .‬فذكرت ذلك " ‪ :‬أي ما في التوراة ‪" .‬بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده‬
‫" ‪ :‬أي بركته تحصل بالوضوء قبله أي عند إرادته والوضوء بعده أي عقب فراغه فيحصل باألول استمراؤه األكل وحصول نفعه به‬
‫ويحصل بالثاني زوال نحو الغمرالملتزم لبعد الشيطان ودحضه‪ ،‬والمراد بالوضوء هذا المعنى اللغوي وهو غسل الكفين‪.‬‬

‫ويسن‪ :‬تقديم الصبيان على المشايخ في الغسل ألن أيدي الصبيان أقرب إلى الوسخ وأما بعد الطعام فبالعكس إكراما للشيوخ ‪ ،‬وهذا‬
‫كله في غير صاحب الطعام‪ ،‬أما هو فيتقدم بالغسل قبل الطعام ويتأخر به بعده‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ باب ما جاء في قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قبل الطعام وبعد ما يفرغ منه‪.‬‬

‫‪ -‬الحديث األول‪" :‬عن أبي أيوب قال‪ :‬كنا عند النبي صلى هللا عليه وسلم يوما‪ ،‬فقرب طعافا‪ ،‬فلم‬
‫از طعا ًما كان أعظم بركة منه أول ما أكلنا وال أقل بركة في آخره‪ ،‬فقلنا يا رسول هللا ‪ ،‬كيف‬
‫هذا؟ قال‪ :‬إنا ذكرنا اسم هللا حين أكلنا‪ ،‬ثم قعد من أكل ولم يسم هللا تعالى فأكل معه الشيطان"‬
‫ترجمة ‪ :‬أبو أيوب األنصاري الخزرجي مات با لقسطنطنية سنة إحدى وخمسين‪ ،‬فدفنوه قريبا من سورها ‪ ،‬وهو معروف إلى اليوم‬
‫والناس يعظمونه ويستشفون به فيشفون وهذا مصداق حديث ‪( :‬من تواضع هلل رفعه هللا) ‪ ،‬وكان مع ابن أبي طالب في حروبه كلها‪.‬‬

‫" أول ما أكلنا"‪ :‬أي في أول أوقات اكلنا فأول منصوب على الظرفية و ما مصدرية " في آخره"‪ :‬أي في آخر وقت أكلنا إياه ‪ " .‬اسم‬
‫هللا" ‪ :‬فيه إشارة إلى حصول سنة التسمية ببسم هللا وأما زيادة الرحمن الرحيم فهي أكمل‪ ،‬ويستحب الجهر بها ليقتدي بها غيره‪" .‬‬
‫فأكل معه الشيطان " ‪ :‬أي ح قيقة عند الجمهور ‪ ،‬فلم تكن التسمية المتقدمة على حضوره مؤثرة في عدم تمكن الشيطان من األكل‬
‫معه‪ ،‬وهذا ظاهر على أن التسمية سنة عين ‪،‬ويحمل قول من قال أنها سنة كفابة على ما لو اشتغل جماعة باألمل معا‪ ،‬والحاصل أن‬
‫التسمية على الطعام تندب حتى للجنب والحائض والنفساء ولكن ال يقصدون بها قرأنا واال حزمت‪ ،‬وال تندب في مكروه وال حرام‬
‫لذاتهما ‪.‬‬
‫الحديث الثاني‪" :‬عن عائشة رضي هللا عنها قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا أكل‬
‫أحدكم فنسي أن يذكر هللا تعالى على طعامه فليقل‪ :‬بسم هللا أوله وآخره‪.‬‬

‫" قنسي أن يذكر هللا تعالى على طعامه " ‪ :‬أي نسى التسمية حين الشروع في األكل ثم تذكر في أثناته ‪ " .‬فليقل بسم هللا أوله وآخره‬
‫"‪ :‬أي ندبا ال يقال إن ذكر األولى واألخر يخرج الوسط ألن المراد التعميم‪ ،‬فالمعنى بسم هللا على جميع أجزائه كقوله تعالى (ولهم‬
‫رزقهم فيها بكرة وعشيا)‪.‬‬

‫الحديث الثالث‪ " :‬عن عمرو بن أبي سلمة أنه دخل على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعنده‬
‫طعام فقال‪ :‬ادن يا بني فسم هللا تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك"‪.‬‬
‫التعريف بالراوي‪ :‬عمرو كان ربيب النبي صلى هللا عليه وسلم من أم سلمة ولد بالحبشة ومات بالمدينة‪.‬‬

‫ادن" ‪ :‬اقرب "يا بني"‪ :‬بصيغة التصغير شقفة منه صلى هللا عليه وسلم " قسم هللا " أي ندبا وكذا ما بعده‪ ،‬ويؤخذ منه أنه يندب على‬
‫الطعام تعليم من أخل بشئ من أدابه ‪ " .‬وكل مما يليك"‪ :‬هذا في غير الفاكهة إذا كانت أنواعا ‪.‬‬

‫الحديث الرابع ‪ :‬عن سعيد الخدري قال ‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا فرغ من طعامه‬
‫قال ‪ :‬الحمد هلل الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين‪".‬‬
‫" الحمد " الثناء الجميل مستحق "هلل" وفي ها أداء شكر المنعم وطلب المزيد‪ ،‬وأردف الطعام بالسقي ألنه يقارنه غالبا‪ ،‬وختم بقوله‬
‫"وجعلنا مسلمين" ليجمع بين الشكر على النعمة الدنيوية والدينية‪.‬‬

‫الحديث السادس‪" :‬عن أبي أمامة قال‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا رفعت المائدة من‬
‫كثيرا طي ًبا مبار ًكا فيه غير مودع وال مستغنى عن ربَّنا"‪.‬‬
‫بين يديه يقول‪ :‬الحمد هللا حمدًا ً‬
‫"المائدة"‪ :‬السفرة التي تُم ّد وتُبسط ليوقع عليها الطعام وتطلق على الطعام نفسه ‪".‬حمد" ‪ :‬مفعول مطلق ‪".‬طيبا" ‪ :‬خالصا من الرياء‬
‫"غير مودع " ‪ :‬بصيغة اسم المفعول أي غير متروك لنا ‪" .‬وال مستغنى عنه"‪ :‬أي ال يستغني عنه أحد ألنه سبب لدوام النعمة‬
‫وزيادتها "ربنا" ‪ :‬بالرفع خبر لمبتدأ محذوف أي هو ربنا ‪ -‬أو بالنصب على المدح ‪ -‬أو بالجر يدل من لفظ الجاللة‪ .‬وكان النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم إذا أكل عند قوم ال يخرج حتى يدعو لهم يقول ‪ :‬اللهم بارك فيها رزقتهم واغفرلهم وارحمهم‪.‬‬

‫الحديث السابع‪" :‬عن عائشة قال‪ :‬كان النبي صلى هللا عليه وسلم يأكل الطعام في ستة‪ ،‬فجاء‬
‫أعرابي فأكله بلقمتين ‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬لو سمى لكفاكم"‪.‬‬
‫" في ستة" ‪ :‬أي مع سنة "أعرابي ‪ :‬واحد األعراب سكان البوادي ‪ .‬فأكله بلقمتين " أي في لقمتين وهذا يدل على أن الطعان كان‬
‫قليال في حد ذاته ‪ " .‬لكفاكم " ‪ :‬المعنى أن هذا الطعام وإن كان قليال لكن لو سمى لبارك هللا وكفاكم ولكن لما ترك ذلك األعرابي‬
‫التسمية انتفت البركة‪ ،‬ألن الشيطان ينتهز الفرصة وقت الغفلة عن ذكر هللا‪.‬‬

‫الحديث الثامن ‪" :‬عن أنس بن مالك قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬إن هللا ليرضى‬
‫عن العبد أن يأكل األكلة أو يشرب الشربة فيحمده عليها"‪.‬‬
‫"إن هللا ليرضى عن العبد " ‪ :‬أي يثيبه ويرحمه " أن يأكل " أي بسبب‪ :‬أن يأكل أو وقت األكل "األكلة"‪ :‬بضم الهمزة‪ :‬اللقمة‪ ،‬أو‬
‫بفتحها المزة‪" .‬أو يشرب الشربة فيحمده عليها" ‪ :‬كلمة أو للتنويع‪ .‬وأصل السنة بأي لفظ مشتق من مادة الحمد‪.‬‬

‫جاء في تع ّ‬
‫طر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬

‫التعط ر هو استعمال العطر وهو الطيب‪ ،‬وقد كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم طيب الرائحة وإن لم‬
‫يمس طيبا‪ ،‬لكنه كان يستعمل الطيب استكثارا للروائح الحسنة ألنه كان يناجي المالئكة وتشريعا ألنته‬
‫وفي التاريخ الكبير للبخاري عن جابر ‪ ( :‬لم يكن النبي صلى اللله عليه وسلم يمر في طريق فيتبع أحد إال‬
‫عرف أنه سلكه كن رائحة عرقه صلى هللا عليه وسلم ‪ .‬وفي صحيح مسلم ‪ :‬أنه صلى هللا عليه وسلم نام‬
‫عند أم سليم أم أنس فعرق ‪ ،‬فجمعت عرقته في قارورة فاستيقظ فقال ‪ :‬ما تصنعين يا أم سليم ؟ فقالت ‪:‬‬
‫هذا عرقك نجعله لطيبنا وهو أطيب من الطيب‪.‬‬

‫فائدة ‪ :‬يتأكد الطيب للرجال يوم العيدين والجمعة وعند اإلحرام وقراءة القرآن والعلم والذكر‪ ،‬ويتأكد لكل‬
‫من الرجل والمرأة عند المباشرة‪ ،‬فإنه من حين المعاشرة‪.‬‬

‫سكة يتطيب منه"‪.‬‬


‫عن أنس بن مال قال‪ :‬كان لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم ُ‬ ‫الحديث األول ‪:‬‬

‫"سكة"‪ :‬هي طيب يتخذ من الرامك وهو شئ أسود يخلطبيمسك ويُعرك ويقرص ويترك يومين ثم يثقب بَ َمسكَة ثم يَ ْنظم في خيط‬
‫وقيل هي طيب مجموع من أخالط ويحتمل أن تكون وعاء‪ ،‬وقيل هي طيب مركب " يتطيب منها" ‪ :‬من للتبعيض‪.‬‬

‫الحديث الثاني‪ :‬عن ثمامة بن عبد هللا قال ‪ :‬كان أنس بن مالك ال يرد الطيب و قال أنس ‪ :‬إن النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم كان ال يرد الطيب"‪.‬‬
‫"وال يرد الطيب"‪ :‬لخفّة المئة فيه ‪ ،‬والمعنى أنه ليس بثقيل بل طيب المنة والطيب ذو الرائحة الطيبة جعله هللا نافعا لمالكه ولغيره‪.‬‬

‫الحديث الثالث‪ " :‬عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسول هللا صلى عليه وسلم ثالث ال ترد الوسائد والذهن‬
‫والطيب"‪.‬‬
‫"ثالث ال ترد" ‪ :‬أي ثالث من الهدايا ال يردها المهدى إليه على المهدي لئال يتأذى المهدي برد هديته‪ ،‬ويلحق بهذه الثالثة كل ما ال‬
‫منة فيه كالحلو ورزق من يحتاج إليه "الوسائد " ‪ :‬ما يجعل تحت الرأس عند النوم وسميت بذلك ألنه يتوسد عليها بالجلوس والنوم‬
‫"الدهن" ‪ :‬ما يدهن به من دهن أو غيره والمراد به هنا ما فيه طيب ‪" .‬الطيب"‪ :‬ذو الرائحة الطبية ‪.‬‬

‫الحديث الرابع‪ :‬عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬طيب الرجال ما ظهر‬
‫ريحه وخفي لونه ‪ ،‬وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه"‪.‬‬
‫"طيب الرجال ما ظهر لونه ‪ :‬كماء الورد والمسك وغيره " طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه"‪ :‬كالزعفران والصندل‪.‬‬

‫الحديث الخامس‪" :‬عن أبي عثمان النهدي قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا أعطى‬
‫أحدكم الريحان فال يرده‪ ،‬فإنه خرج من الجنة"‪.‬‬

‫"الريحان" ‪ :‬كل نبت طيب الريح من أنواع المشمومات فمنه الورد والتمام " فال يرد " ‪ :‬ال ‪ :‬ناهية "فإنه خرج من الجنة"‪ :‬أي يشبه‬
‫ريحان الجنة في الجملة فكأنه خرج منها أو أن أصله خرج منها وسلبت خواصه التي منها عدم التغير وانقطاع الريح‪.‬‬

‫الموضوع الثاني ‪ :‬اآلدب النبوية (فضل هللا الصمد بتوضيح األدب المفرد لإلمام فضل هللا الجيالني)‬
‫باب قوله تعالى ووصينا اإلنسان بوالديه حسنا‬

‫قال الوليد بن الغيزار ‪ :‬سمعت أبا عمرو الشيباني يقول‪ :‬حدثنا صاحب هذه الدار وأوما بيده إلى دار عبد‬
‫هللا‪ ،‬قال‪ :‬سألت النبي صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أي العمل أحب إلى هللا عز وجل؟ قال‪ :‬الصالة على وقتها‪،‬‬
‫قلت‪ :‬ثم أي ؟ قال‪ :‬ثم بر الوالدين‪ ،‬قلت‪ :‬ثم أي ؟ قال ‪ :‬ثم الجهاد في سبيل هللا قال ‪ :‬حدثني بهن‪ ،‬ولو‬
‫استزدته لزادني‪.‬‬
‫الوصية ‪ :‬لغة التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ‪ .‬شرعا ‪ :‬ما يقع به الزجر من المنهيات والحث على المأمورات‪.‬‬

‫معنى اآلية‪ :‬أمرنا اإلنسان باإلحسان إلى والديه وألزمناه إطاعتهما وقلنا له أو لهما حسنا ‪.‬فاألية نص في برهما ووجوب طاعتهما‬
‫نزلت في سعد بن أبي وقاص لما حلفت أمه أال تكلمه انه اال تكلمه ابدا حتى يرتد‪ ،‬زعمت أن هللا أوصاه بوالديه فقالت‪ :‬أنا أمك‬
‫وآمرك‪ ،‬فنزلت‪ .‬من هو عبد هللا المذكور في الحديث؟ هيو عبد هللا بن مسعود‪ ،‬وهو صاحب النعلين والمطهرة ‪ ،‬معلم األمة‪ ،‬أخذ من‬
‫فم النبي صلى هللا عليه وسلم سبعين صورة ‪ ،‬أشبه النبي صلى هللا عليه وسلم هديا ودال وسمنا‪ ،‬توفي وهو ابن يضع وستين سنة‪.‬‬

‫" أحب إلى هللا"‪ :‬أي يحبه هللا ويرضى به‪ .‬وفي رواية "أفضل" واسم التفضيل هنا للفضل المطلق ال باعتبار غيره من األنواع‪.‬‬
‫"على وقتها " ‪ .‬وفي بعض الطرق "لوقتها" والمعنى واحد‪ .‬المراد بالوقت ‪ :‬الوقت المستحب‪ .‬حكم من صلى صالة بعد زوال‬
‫وقتها بسبب نوم او نسيان فصالته صحيحة " برئ الذمة" لكن صالته هذه ليست باحب إلى هللا ‪" .‬أي" بالتشديد والتنوين ألنه في‬
‫الحكاية اسم معرب غير مضاف‪.‬‬

‫"بر" بكسر الباء ضد العقوق وهو اإلساءة إليهما وتضييع حقوقهما ‪ ،‬وبر الوالدين هو اإلحسان إليهما وتوفية حقوقهما‪ ،‬والبر نوعان‬
‫صلة ومعروف ‪( :‬صلة‪ :‬وهو بذل المال في الجهات المحمودة بغير عوض مطلوب ال عاجال وال أجال‪ ،‬وهذا يبعث عليه سماحة‬
‫النفس ويمنع منه بخلها ‪ -‬معروف ‪ :‬وهو اإلحسان المعنوي)‪.‬‬

‫" الوالدين"‪ :‬األب واألم ولما كانت شققة األبوين على الولد باإلنفاق والسهر في الليالي وبذل الجهد في درء ما يحزنه ودفع ما يؤذيه‬
‫من الحر والبرد ال يبعد أن يظن أحد أن بر مكافاة لحسن صنيعهما بل هودونها بكثير ‪ ،‬ألن األبوين قلما يبلغان في شدة الحاجة‬
‫والضعف الحالة التي كان الولد فيها فال يكون في البر بهما خير وفضل‪" .‬الجهاد"‪ :‬هو الثبات والصبر على الحق ثم تبليغه إلى الغير‬
‫ثانيا‪ ،‬وإن ك ان في هذا الثبات والتبليغ بذل النفس والمال وأن ال يعبأ بهذا الخطر ‪ ،‬والمشهور في تلك الكلمة ‪ :‬هو محاربة الكفار‬
‫لإلعالء كلمة هللا واظهار شعائر اإلسالم‪ .‬لماذا أداء فرائض الصالة في أوقاتها أفضل من الجهاد" ألنها فرض عين تتكرر ‪ ،‬والجهاد‬
‫ليس إال لإليمان وإقامة الصالة فكان حسنا لغيره والصالة حسنة لعينها‪.‬‬

‫"بهن"‪ :‬وإنما خص الثالثة بالذكر ألنها عنوا ن على ما سواها من الطاعات‪ ،‬فإن من ضيع الصالة المفروضة حتى يخرج وقتها من‬
‫غير عذر فهو لما سواها أضيع‪ - .‬ومن لم يبر والديه كان لغيرهما أقل برا ‪ -‬ومن قعد عن جهاد الكفار كان أشد قعودا عن الجهاد‬
‫بغيرهم من الفساق‪ ،‬فظهر أن الثالثة تجتمع في أن من حافظ عليها كان على ما سواها أحفظ‪ ،‬ومن ضيعها كان لما سواها أضيع "‬
‫استزدته"‪ :‬أي طلبت منه الزيادة في السؤال‪ ،‬وفي رواية مسلم أن أستريده إال رعاء عليه أي شفقة عليه ‪ -‬لئال يسأم‪.‬‬

‫باب بر األم‬

‫الحديث األول " عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قلت يا رسول هللا من أبر؟ قال‪ :‬أمك‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫من أبر؟ قال‪ :‬أمكقلت من أبر؟ قال‪ :‬أمك قلت من أبر؟ قال‪ :‬أباك‪ ،‬ثم األقرب فاألقرب"‬
‫يز األم " ‪ :‬من إضافة المصدر إلى المفعول أي بر الولد امه ‪" .‬األم"‪ :‬مقدمة في اإلجماع في البر على األب‪ ،‬وأن يكون لألم ثالثة‬
‫أمثال ما لالب من البر وذلك لتحملها المشاق في الحمل والوضع ‪ -‬ثم التعب في زمن الرضاع حتى يكبر الولد‪ ،‬وهذه األشياء تشقى‬
‫بها األم وحدها وتشارك مع األب في اإلنفاق ‪ -‬التربية ‪ -‬الخدمة وغيرها‪.‬‬

‫س ‪ :‬ما السبب من تكرار حق األم ثالثا ؟ ذلك تأكدا ا ومبالغة في رعاية حقها لتهاون أكثر الناس في حق األم بالنسبة إلى األب ألن‬
‫أمر األم كله ال يطلع عليه الناس فيجترئ الناس على عقوقها أكثر من عقوق الوالد وضعفها يحمل الدنئ على اإلساءة إليها‪ ،‬وأن‬
‫الشريعة قد بالغت في البر بها أكثر من اآلب مواساة لها ومراعاة لضعف قلبها‪ ،‬والمذكور في كتب الفقه أن حق الوالد أعظم من حق‬
‫الوالدة ويزها أوجب‪.‬‬

‫الحديث الثاني‪" :‬عن هللا بن عمر قال‪ :‬جاء رجل إلى النبي صلى هللا عليه وسلم يبايعه على‬
‫الهجرة وترك أبويه پيكيان‪ ،‬فقال‪ :‬ارجع إليهما وأصحكهما كما أبكيتهما"‪.‬‬
‫التعريف بالراوي‪ :‬هو عبد هللا بن عمرو بن العاص بينه وبين أبيه ‪ 11‬سنة ‪ ،‬وكان يلوم أباه على القتال في الفتنة بأدب وتؤدة ويقول‬
‫‪ :‬مالي ولصفين‪ ،‬مالي ولقتال المسلمين ؟ لوددت أني مت قبلها بعشرين سنة"‪ ،‬أمه هي رائطة السهمية‪ ،‬أسلم قبل أبيه كان مجتهدا في‬
‫العبادة غزير العلم وكان يقرأ التوراة أمره النبي صلى هللا عليه وسلم بقراءة القرآن في كل ثالث‪ ،‬ونهاه صلى هللا عليه وسلم أن يقوم‬
‫الليل كله‪ ،‬مات سنة ‪ 63‬ذي الحجة ليالي الحرة‪.‬‬

‫"الهجرة"‪ :‬الخروج من أرض إلى أخرى‪ ،‬والهجرة هجرتان ك‪ :‬أحدهما ما وعد هللا عليها الجنة بقوله تعالى (إن هللا اشترى من‬
‫المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) وهو أن يأتي للنبي صلى هللا عليه وسلم ويدع ماله وأهله لال يرجع في شيئ منه والثانية‬
‫الهجرة والغزو عند النفير من اإلمام ‪" .‬أضحكهما كما أبكيتهما "‪ :‬أي أرضهما كما أسخطهما‪.‬‬

‫باب عقوق الوالدين‬

‫عن أبي بكرة قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أال أنبئكم بأكبر الكبائر ثالثا‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫بلى يارسول هللا‪ ،‬قال‪ :‬اإلشراك باهلل و عقوق الوالدين‪ ،‬وجلس وكان متكنا أال وقول الزور‪،‬‬
‫مازال يكررها حتى قلت ليته سكت"‪.‬‬
‫التعريف بالراوي ‪ :‬هو أبو بكرة‪ ،‬اسمه الفيع بن الحارث كان يقال له أبو بكرة؛ ألنه تد لى من حسن الطائف فأعتقه النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم يومنذ‪ ،‬كان من فضالء الصحابة وخيارهم‪ ،‬كان له أربعون ولد ممتازين في الشجاعة والكرم‪.‬‬

‫"أال"‪ :‬هي للتنبيه " أكبر الكبائر " ‪ :‬وهي الذنوب العظيمة‪ ،‬ولم تأتي على ظاهرها ألن هناك كبائر أخرى كالقتل والزنا وغيرها‬
‫"ثالثا" كررها للتأكيد "اإلشراك باهلل" يطلق الشرك ويراد به الكفر كما في قوله تعالى (إن هللا ال يغفر أن يشرك به ) "جلس " حيث‬
‫اهتم بذلك واعتنى به غاية االعتناء حتى جلس بعد أن كان متكأ‪ ،‬ال ألنه اعظم ذنبا من اإلشراك والعقوق بل ألنه أسهل وقوعًا‬
‫ومفسدته كبيرة والحوامل عليه كثيرة كالحقد والحسد والعداوة وتهاون الناس بقول الزور‪.‬‬

‫"الزور"‪ :‬الكذب والباطل ‪،‬والتهمة‪ ،‬وهو تحسين الشئ ووصفه بخالف صفته‪،‬وفي رواية "شهادة الزور أو قول الزور" وال شك أن‬
‫درجات الكذب متفاوتة بحسب المكذوب عليه وبحسب ما يترتب على الكذب من المفاسد ‪ ،‬قال القاضي ابن العرب ‪:‬الكذب أربعة‬
‫أقسام (الكتب على هللا تعالى وهو أشدها ‪-‬والثاني الكذب على النبي صلى هللا عليه وسلم والثالث الكذب على الناس لشهادة الزورفي‬
‫إثبات ما ليس يثبت على أحد أو إسقاط ما هو ثابت‪ ،‬والرابع الكذب للناس ومن أشده الكذب في المعامالت‪ .‬والكذب إن كان محر ًما‬
‫فهو مباح في بعض األمور "سكت " ‪ :‬تمنى الصحابة سكوته صلى هللا عليه وسلم شفقة عليه وكراهية لما يزعجه‪ ،‬وفيه ما كانوا‬
‫عليه من كثرة األدب والمحبة معه صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫الحديث الثاني ‪ :‬عن وراد كاتب لنغيرة بن شعبة قال ‪ :‬كتب المعاوية إلى المغيرة ‪ :‬اكتب إلي‬
‫بما سمعت من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ .‬قال وراد ‪ :‬فأملي علي وكتبت بيدي ‪ :‬إني‬
‫سمعته ينهي عن كثرة السؤال ‪ ،‬وإضاعة المال وعن قيل وقال‪.‬‬
‫التعريف بالراوي ‪" :‬المغيرة " الثقفي كان في أيام الجاهلية كثير التعدد على مصر للتجارة‪ ،‬شهد الحديبية وما بعدها‪ ،‬وكان من دهاة‬
‫الناس كان ال يقع في أمر إال وجد له مخرجا وال يلتبس عليه أمران إلى ظهر الرأي في أحدهما‪ ,‬وهو أول من وضع وضع ديوان‬
‫البصرة‪ ،‬ولما حضرته الوفاة قال ‪ :‬اللهم هذه يميني بايعت بها نبيك‪.‬‬

‫" السؤل " سؤال الناس أموالهم من غير حاجة‪ .‬وقيل كثرة السؤال عن أخبار الناس أو السؤال من الرجل عن تفلصيل حاله‪ .‬قال‬
‫النووي ‪ :‬اتفق العلماء على النهي عن السؤال من غير ضرورة واختلف في سؤال القادر على الكسب على وجهين ‪ :‬أصحهما‬
‫التحريم لظاهر األحاديث والثاني الجواز مع الكراهة بشرط وحرم عند فقد شرط منها‪" .‬المال " ما يميل غليه القلب أو الطبع ثم أطلق‬
‫على كل ما يقتني ويملك من األعيان‪" .‬اإلصاعة" وء القيام حتى تهلك أو تفسد أو تنقص أثمانها وكذا اإلنفاق في الحرام وفيما ال يحبه‬
‫هللا‪ .‬وموضوع االختالف ‪ :‬اإلنفاق في المباخات كمالذات النفس فإذا كان فيما يايق بحال المنفق وبقدر ماله فليس بإسراف وما ال‬
‫يليق بحاله عرفا فإن كان لدفع مفسدة فليس بإسراف ومن ال يكون كذلك فالجمهور يمنعها ‪ ،‬والمجوزون يحتجون بقوله تعالى (قل‬
‫من حرم زينة هللا ‪ ".)...‬قيل وقال" اسمان وقيل مصدران أي حكاية أحوال الناس من قولهم قيل كذا وقال كذا ‪.‬‬

‫باب بر الوالدين ما لم يكن معصية‬


‫" عن أبي الدرداء قال‪ :‬أوصاني رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بتسع (ال تشرك باهلل شيئًا‬
‫وإن خرقت أو قطعت ‪ -‬وال تتركن الصالة المكتوبة متعمدا‪ ،‬ومن تركها متعمدا برنت منه‬
‫الذمة _ وال تشرين الخمر فإنها مفتاح كل شر ‪ -‬وأطع والديك وإن امراك أن تخرج من‬
‫دنياك فاخرج لهما ‪ -‬وال تنازعن والة األمر وإن رأيت أنك أنت ‪ -‬وال نفر من الزحف وإن‬
‫هلكت وفر أصحابك ‪ -‬وأنفق من طولك على أهلك ‪ -‬وال ترفع عصاك على أهلك وأخفهيم‬
‫في هللا عز وجل"‪.‬‬
‫التعريف بالراوي‪ :‬أبي الدرداء هو عويمر بن مالك الخررجي‪ ،‬أسلم يوم بدر شهد أحد ‪ ،‬يقول ( كنت تاجرا قبل البعثة‪ ،‬قزاولت بعد‬
‫ذلك التجارة والعبادة فلم يجتمعا فأخذت العبادة وتركت التجارة)‪ ،‬قال النبي صلى هللا عليه وسلم " نعم الفارس عويمر"‪ ،‬واله معاوية‬
‫قضاء دمشق بأمر من عمر بن الخطاب والحقه عمر بالبدرين قال ‪ :‬رب شهوة ساعة أورثت حزنا طويال ومات قبل سنين من خالفة‬
‫عثمان سنة ‪ 32‬هـ‬

‫"ال تشرك " ‪ :‬نهى عن الشرك بالقلب‪ ،‬ألن التلفظ بكلمة الكفر حين اإلكراه ال يُسمى شركا وال كفرا‪ ،‬قال تعالى (إال من أكره وقلبه‬
‫مطمئن باإليمان) " وان قطعت" أي قتلت ثم قطعت قطعة قطعة "خرقت" ‪ :‬أي شويت بالنار "الصالة المكتوبة" المفروضة ألنها أم‬
‫العبادت وناهية عن السيئات‪" .‬برنت"‪ :‬البراة‪ :‬التفصي مما تكره مجاورته أي خذلته الذمة " ذمة هللا" التي تكون لكل أحد بالحماية‬
‫والحفظ "الخمر " قبل أنها مشتقة من التخمر وقيل من مخاطرة العقل "مفتاح" رأس كل فاحشة وسميت بأم الفواحش ألنها مذهبة‬
‫للعقل الذي هو مبنى لكل خير" اطع " ‪ :‬أطع والديك‪ ،‬وإن األبوان ال يكمان في منعه للحج‪ ،‬وإنهما في سعة من منعه إذا كان يدخلهما‬
‫من ذلك مشقة كبيرة‪ ،‬وال يحل السفر الذي فيه خطر إال بإذنهما منه السفر لطلب العلم "وال تنازعن " ‪ :‬عبر عن الطاعة بالنهي عن‬
‫منكرا محققا‬
‫ً‬ ‫ضدها‪ ،‬أي أطعهم وال تطلب اإلمارة وال تعزله) يقول النووي‪ :‬ال تنازعوا والة األمور في والتهم إال أن تروا منهم‬
‫تعلمونه من قواعد اإلسالم فإذا رأيتم ذلك فاذكروا عليهم وقولوا بالحق حيثما كنتم ‪ /‬يقول الحافظ ‪ :‬ال يجوز الخروج عليهم مادام‬
‫فعلهم يحتمل التأويل‪.‬‬

‫وإن رأيت أنك أنت" ‪ :‬أي وإن اعتقدت في األمر حقا فال تعمل بذلك الحق‪ ،‬بل أطلع حتى يصل إليك بغير خروج عن الطاعة ‪/‬حكم‬
‫طاعة السلطان المتغلب ‪ :‬أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب معه‪ ،‬إال إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فال تجوز‬
‫طاعته "وال تفز من الزحف " ‪ :‬أي ال نفر وال توجع عن الجهاد "وال ترفع عصاك على أهلك"‪ :‬أي هذا نهى عن ضرب المرأة‬
‫وأيضا من تحت رياسته في البيت وحتى ضرب بحق فهو غير محمود ‪ ،‬وهناك رواية (ال ترفع عساك عن أهلك فالمراد به الضرب‬
‫بحق كما قال تعالى (أو الالئي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) لما كان الضرب غير محمود ولو‬
‫بحق اختلف البعض في تأويل الحديث منهم من قال ‪ :‬ال ترفع عصاك عن أهلك أي امنعهم عن الفساد وأدبهم ‪ -‬وقال آخر‪ :‬المعنى من‬
‫ذلك هو األدب فلم يقصد ضربهم بالعصا‪ ،‬وأراد اال ترفع أدبك عنهم)‪ ،‬والحاصل أن العصا هنا مجاز عن األدب فكانه قال ال ترفع‬
‫أدبك ‪ :‬أهلك وقال المصنف أن العصا في الحجيث مجاز عن الهيبة ألنها سبب لها‪ ،‬فال يتغافل عنهن وال يلين لهن إلى الحد الذي‬
‫تسقط به هيبته من نفوسهم‪ " .‬وأخفهم في هللا عزوجل " ‪ :‬أي أنذرهم عاقبة مخالفة أمر هللا تعالى‪.‬‬

‫باب من أدرك والديه ولم يدخل الجنة‬

‫عن أبي هريرة عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪ :‬رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه‪ ،‬قالوا ‪:‬‬
‫يارسول هللا من؟ قال‪ :‬من أدرك والديه عنده الكبر أو أحدهما دخل النار"‪.‬‬
‫" فلم يدخ ل " ‪ :‬مدرك أبويه الجنة بتفريطه في خدمتهما‪ ،‬أو لم يدخله أحد األبوين الجنة فيكون من اإلدخال "رغم "‪ :‬أصله لصق أنفه‬
‫بالرغام‪ ،‬ومعناه‪ :‬ذل وخزي ‪ ،‬والمعنى أن برهما عند كبرهما بالخدمة والنفقة وغير ذلك سبب لدخول الجنة "الكبر " ‪ :‬خص به ألنه‬
‫أحوج األوقات إلى حقوقهما وآخرهما " فدخل النار " ‪ :‬في رواية ألحمد (لم يدخل الجنة)‬
‫عن هشام بن عروة قال ‪ :‬أخبرني أبي قال ‪ :‬أخبرتني أسماء بنت أبي بكر قالت ‪ :‬أتتني أمي‬
‫راغبة في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فسألته صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أفأصله؟ قال‪ :‬نعم "‪.‬‬
‫التريف بالراوي‪ :‬أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين ولدت بعد الهجرة ‪17‬سنة أسلمت قديما بعد إسالم سبعة عشر إنسانا ماتت في‬
‫مكة بعد قتل ابنها بعشرة أيام في جمادي األولى سنة ‪ 73‬وهي آخر المهاجرات وفاة‪.‬‬

‫"أمي"‪ :‬أم أسماء‪ :‬قيلة بنت عبد العزى "راغبة"‪ :‬أي أنت طامعة في بر بنتها وصلتها ‪ ،‬وهناك رواية (راغمة) أي نافرة عن اإلسالم‬
‫‪ ،‬ولو جاءت راغبة في اإلسالم لم تحتج أسماء أن تستأذن النبي صلى هللا عليه وسلم في صلتها " في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫" ‪ :‬أي جاءت في المدة التي عاهد صلى هللا عليه وسلم المشركين بالحديبية وقوله تعالى ال ينهاكم هللا عن الذين لم يقاتلوكم في الدين‬
‫ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم أي تصلوا ارحامهم وهي رخصة من هللا تعالى في صلة الذين لم يُعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم ‪،‬‬
‫وهي محكمة ليس بمنسوخة‪.‬‬

‫باب ال يسب والديه‬

‫"عن عبد هللا بن عمرو قال قال النبي صلى هللا عليه وسلم من الكبائر أن يشتم الرجل‬
‫والديه‪ ،‬فقال‪ :‬كيف يشتم؟ قال‪ :‬يشتم الرجل فيشتم أباه وأمه"‬

‫"والديه" ‪ :‬وال أحدهما وال يتسبب لذلك "الكبائر " ‪ :‬كل معصية يقام عليها الحد في الدنيا " يشتم"‪ :‬الشتم‪ :‬النسبة إلى القبيح والذميمة "‬
‫كيف يشم"‪ :‬لما كان الطبع السليم يأبى أن يشتم األبوين فاستعب د السائل ذلك‪ ،‬فبين أن التسبب فيه كالتعاطي بنفسه‪ ،‬فما آل إلى فعل‬
‫محرم يحرم وإن لم يقصد الحرام‪ ،‬فالحديث أصل في سد الذرائع‪" .‬الرجل " منصوب على المفعولية فيشتم ذلك المنسوب أبا السب‪.‬‬

‫باب عقوبة عقوق الوالدين‬

‫" عن أبي بكرة‪ ،‬عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال إما من ذنب أجدر أن يُعجل لصاحبه‬
‫العقوبة مع ما يُدخر له من البغي وقطيعة الرحم"‪.‬‬
‫" أجدر " ‪ :‬أحرى "العقوبة " ‪ :‬في الدنيا "ما" يُذخر له"‪ :‬من عذاب اآلخرة "البغي " ‪ :‬الظلم والخروج عن طاعة اإلمام‪ ،‬وفي‬
‫الشريعة الخروج على اإلمام غير الجائر ‪ ،‬وقو له تعالى (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم) " قطيعة الرحم" أي قطع صلة ذوي‬
‫األرحام‪ ،‬والرحم‪ :‬اسم لكافة األقارب‪ ،‬وأجمعوا على أن صلة الرحم واجبة في الجملة وأن قطيعتها معصية كبيرة‪.‬‬

‫أن للصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها المهاجرة وصلتها بالكالم ولو بالسالم‪ ،‬ويختلف باختالف القدرة والحاجة فمنها‬
‫واجب ومنها مستحيل‪ ،‬وإذا لم يصل غايتها ال يسمى قاطعا ولو قصر عما يقدر عليه‪.‬‬

‫وبهذا قد انتهى وصلى هللا وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫بقلم ‪ :‬زينبا جومريناتا بن ببخاري الجمبي‬

You might also like