Professional Documents
Culture Documents
ملخص الحديث الموضوعي س3 للبنين
ملخص الحديث الموضوعي س3 للبنين
المعنى :باب األحاديث التي وردت في خلق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .الباب لغة :ما يتوصل منه إلى المقصود .واصطالحا
:األلفاظ المخصوصة باعتبار داللتها على المعاني المقصودة ألنه يوصل إلى المقصود .الخلق بفتح وسكون :الصورة الظاهرة
ا لمدركة بالبصر كالبياض .الخلق بضمتين :الصورة الباطنة المدركة بالبصيرة كالحلم .قدم األوصاف الظاهرة على األوصاف
الباطنة ألنها أول ما يدرك ،وأنها كالدليل على الباطنة ،وداعية للتراقي النتقاله من غبر األشرف لألشرف.
الحديث األول " عن أنس بن مالك قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ليس بالطويل البائن وال بالقصير
وال باألبيض األمهق وال بالجعد القطط ،وال بالسبط ،بعثه هللا تعالى على رأس أربعين سنة ،فأقام بمكة
عشر سنين ،وبالمدينة عشر سنين ،وتوفاه هللا تعالى على رأس ستنين سنة ،وليس في رأسه ولحيته
عشرون شعرة بيضاء .
التعريف بالرواي : :هو خادم النبي صلى هللا عليه وسلم في أول الهجرة وعمره عشر سنين ومكث في خدمته عشر سنينوجاوز
المائة ،وقد دعا له النبي صلى هللا عليه وسلم فقال "اللهم أكثر ماله وولده وبارك فيه" وأنه شهد بدرا له ألف ومئتا حديث وستة
وثمانون حديثا ،وتوفي سنة تسعين هجرة أو بعدها وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة.
(ليس بالطويل البائن) :أي الظاهر ،والمراد العالم يكن فاحش الطول ،وهذا العلق الحسي إشارة إلى العلق المعنوي ألنه ال يساويه
أحد في الكمال( .وال بالقصير) :معطوف على قوله ( بالطويل) ،وإنما وصف المصنف الطويل بالبائن ولم يصف القصير بعكسه؛
ألنه صلى هللا عليه وسلم كان إلى الطول أقرب ،وهذا ال ينافي وصفه بالزبعة وهو المتسوط بين الطويل والقصر" ( .وال باألبيض
األمهق") :األمهق :الشديد البياض الخالي من الحمرة ،والمراد أن بياضه صلى هللا عليه وسلم كان نيزا مشريًا بحمرة ،وروي أنه
كان أزهر اللون أي أبيض يعلوه إشراق ولمعان وأشرف األلوان البياض المشرب بحمرة أو بصفرة ذهبية"( .وال باألدم") :الشديد
األئمة وهي السمرة ،والمنفى هو شدة الس مار ،والسمرة بمعنى العمرة ،ولقد أجمع الصحابة أنه صلى هللا عليه وسلم كان بياضه
بياضا مشربًا بحمرة "( .وال بالجعد القطط وال بالسبط") :هذا وصف لشعره صلى هللا عيه وسلم الجعد من الجعودة وهو أن يكون
بالشعر التواء واقباض ،والقطط :شديد الجعودة ،والسبط الشعر المسترسل أي السهل الذي الالتواء فيه ،والمراد أن شعره صلى هللا
عليه وسلم ليس نهاية في الجمودة وال في البسوطة بل كان وسطا بينهما " ( .بعثه هللا رأسه أربعين سنة ") :إشارة إلى وقت بعثته،
وابتدئ بالرؤيا الصادقة ،أما إرساله لتبليغ الناس فكانت هذه بعد تلك بثالث سنين ،وقد قال الجمهور :انه بعث في شهر رمضان
وكان عنده أربعين سنة ونصف أو تسعة و ثالثين سنة ونصف ،فأقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين .فائدة :أخبر النبي
صلى هللا عليه وسلم علي بن أبي طالب بالهجرة وأمره أن يبيت على فراشه ليوهم المشركين وليرد الودائع التي كانت عند أهلها ،و
لقد كانت تلك الودائع كثيرة سواء للمسلمين أو للمشركين ألنه صلى هللا عليه وسل م كان يلقب بالصادق األمين ،وإن كثرة الودائع عنده
تدل على أن هذا اللقب أي باألمين كان قوال وفعال .وأمر صلى هللا عليه وسلم بالتأريخ اإلسالمي من حين الهجرة فكان عمر رضي
هللا عنه أول من قام بالتاريخ اإلسالمي وجعلها من المحرم"( ،وتوفاه هللا " ) :أي قبض روحه "(،/على رأس ستين سنة" ) :وهذا
يقتضي أن تكون سنه ستين سنة و الراجح أنه 63سنة.
نبوته صلى هللا عليه وسلم كانت بعد أربعين سنة من والدته وأنها متقدمة على رسالته بثالث
هناك تنبيهان :األول :علم مما تقدم أن ّ
سنين فكان في اية (اقرأ) نبوته و في آية (قم فأنذر) رسالته ،وقد صح قوله صلى هللا عليه وسلم :كنت نبيا وادم بين الروح والجسد
وهو يقتضى وصفه بالنبوة قبل وجود ذاته ،وال منافاة بين هذه األرواح وبين بعثه بمكة بعد األربعين فإن األولى كانت في عالم
األرواح والغيب والثانية كانت في عالم األجساد والشهادة.
الثاني :وقد تبع النب ي صلى هللا عيله وسلم مع قلة سنين بعثته عد كبير من الصحابة وغيرهم ،قال العلماء أنه صلى هللا عليه وسلم
توفي عن مائة ألف وأربعة عشر ألف كلهم رأوه ،ووقف معه بعرفة في حجة الوداع مائة ألف وعشرون ألفا.
(وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء " ) :يقول أنس ما كان في رأس رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إال سبع عشرة أو
ثمان عشرة شعرة بيضاء ،أما ما جاء في رواية نفي الشيب فالمراد نفي كثرته ال أصله ،ومن ثم صح عن انس " ولم يشنه هللا
بالشيب" ،ولذلك لما بدأ الشيب بالظهور قال له بعض الصحابة نراك يا رسول هللا قد شبت ،فقال صلى هللا عليه وسلم "شبتني هود
وأخواتها" .وقد ورد أم السيب وقار و نور ،ومن شاب شيبة في اإلسالم له نور يوم القيامة ،وحكمة قلة شيبه :مع جاء في فضل
الشيب استبقاء نضارته وشبابه في وقت قدر فيه اإلسالم أن ينتشر.
الحديث الثاني" :عن أنس بن مالك قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ربعة ليس بالطويل
وال بالقصير حسن الجسم وكان شعره ليس بجعد وال سبط أسمر اللون إذا مشى بتكفا".
المعاني والمراد ( :ربعة ) :متوسط بين الطويل والقصير و المراد :التقريب لما في رواية أبي هريرة " وكان ربعة إلى الطول
أقرب" (.حسن" الجسم") :جميله لونا ونعومةواالعتدال في الطول واللحم ،فهو معتدل الخلق متناسب األعضاء"( .وكان شعره ليس
بجعد وال سبط") أي ليس شديد الجعودة :أي االلتواء وال بالسبوطة أي االسترسال (.أسمر اللون )احمر وفي رواية أزهر اللون .
("يتكفا") يميل إلى قدام ألنها مشية أولي العزم والهمة وهي أعدل المشيات.
الحديث الثالث " :عن البراء بن عازب قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رجال مربو ًعا
بعيد ما بين المنكبين عظيم الجنة إلى شحمة أذنيه عليه حلة حمراء ما رايت شيا قط أسمن
منه.
المعاني والمراد "( :رجال ") أي أن شعره موصوف بالرجولة وهي التكسر القليل ( "مريوعا") :ربعة أي تقريبا "(.بعيد ما بين
المنكبين " ) :أي عريض أعلى الظهر "(.عظيم الجمة") :وهي ما سقط من شعر الرأس ووصل إلى المنكبين.
وأما الوفرة فهي ما لم يصل إلى المنكبين ،وأما اللمة فهي ما جاوز شحمة أذنيه متعلق اعظم "شحمة األذن" :ما الن من أسفلها وهو
معلق القرط " (.حلة حمراء") :الحلة ثوبان أو ثوب له ظهارة وبطانة ،وسميت خلة لحلولها في الجسم أو حلول بعضها على بعض ،
وحمراء خالصة الحمار"( .ما رأيت شيئا قط أحسن منه") وعبر بشئ ولم يعبر بإنسان مثال ليشمل غير البشر كالشمس والقمر
وغيرها ..ومعنى قط :الزمن الماضي ،وعبر بقط :إشارة إلى أنه كان كذلك من المهد إلى اللحد.
الحديث الرابع" :عن علي بن أبي طالب قال لم يكن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بالطويل وال
بالقصير شثن الكفين والقدمين من ضخم الرأس ضخم الكراديس طويل المسربة إذا مشى
تكفأ تكفوأ كانما ينحط من صبب لم از قبله وال بعد مثله".
التعريف بالراوي :ابن عم النبي صلى هللا عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء وأبو الحسن والحسين وهو أول من أسلم من
الصبيان شهد مع النبي صلى هللا عليه وسلم كل المشاهد كلها إال تبوك ،حامل لواء رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في واقعة خيير
وهو أخر الخلفاء الراشدين ،ضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي ومات بعد ثالث ليال من ضربه ،وغسله الحسن والحسين وعبد
هللا بن جعفر وصلى عليه ابنه الحسن ودفن سحرا .واشتهر بوفرة العلم والشجاعة ،استشهد ليلة الجمعة ألحدى عشرة ليلة من
رمضان سنة أربعين ،وهو حينئذ أفضل من على وجه األرض.
المعاني والمراد "( :كان شثن الكفين والقدمين ") :غليظ األصابع والراحة بدليل ضخم الكفين والقدمين ،وجمع بين الكفين والقدمين
في مضاف واحد لشدة تناسبهما بخالف الرأس والكراديس .وكرر ضخم فيهما لعدم وجود المناسبة بينهما" ( .ضخم الرأس") :
عظيمة ،وهناك رواية ( عظيم الهامة) وهو وصف دال عظيم القوة الدافعية " (.الكراديس") :جمع كردوس ،وهو كل عظمين التقيا،
أي رؤوس العظام مثل المنكبين والركبتين ،والمراد :جسيم األعضاء وعظيم ذلك يدل على متانة بناء الجسم"( .طويل المسرية ") :
الشعر الدقيق الذي كأنه قضيب يمتد من الصدر إلى السرة" ( .إذا مشى تكفأ تكفوأ") يسير على سنن المشي وهو ما بين يديه
كالسفينة في جريها"( .كانما ينحط من صبب") الصبب هو المكان المنحدر والمعنى كما ينزل من موضع منحدر "( .لم أز قبله وال
بعده مثله") هذا التعبير متعرف في صيغ المبالغة في نفي المثل أي ليس أحد مثله.
الحديث الخامس :إقرأه في الكتاب .المعاني والمراد "( :الممغط") :التناهي في الطول "(.وال بالقصير المتردد") :المتناهي في
القصر" ( .وكان ربعة " ) :تقريبا فال ينافي أنه للطول أقرب"(.من القوم ) أي في قرية ،والقوم جماعة الرجال ليس فيهم امرأة سموا
قوما لقيامهم بالمهمات"( .لم يكن بالجعد القطط وال بالسبط") :بل كان بين ذلك قوا ًما " (.المطهم ") :كثير اللحم "( .المكلثم "):
المدور الوجه تدويزا مفرطا فيحمل قوله ("وكان في وجهه تدوير" ) على التدوير اللطيف مع اإلسالة"( .أبيض مشرب") مخلوط
بياضه بحمرة"( .أدعج العينين") شديد سواد حدقتهما مع سعة العين ،وشدة بياض بياضهما ،فيكون الدعج شدة بياض البياض وشدة
سواد السواد"( .أهدب األشفار " ) طويل شعرها ("جليل") :عظيم" ( .المشاش ") :جمع مشاشة وهي رؤوس العظام فهي مرادفة
للكراديس " ( .الكتد") :مجتمع الكتفين"( .أجرد ") :أغلب بدنه ال شعر فيه ( .إذا مشى تقلع ") :مشي بقوة كأنه يخلع رجليه من
األرض"( .كأنما يتحط في صبب ") :تأكيدا لمعنى التقلع " ( .إذا التفت التفت معا") أي جميع بجسده ال بعنقه ("بين كتفيه خاتم
صدرا) :أن جوده كان من انشراح صدر وطيب قلب ( .وأصدق الناس لهجة ) :أي ً النبوة") :قطعة لحم بارزة" ( .أجود الناس
كالما"( .وألينهم عريكة " ) :أي طبيعة"( .من" راه بديهة هاية") :أي خافه وأجله ( ،وبديهة) مفاجاة قبل معرفته.
الحديث السادس :أنظره في الكتاب الحسن سبط رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ولد في رمضان سنة ثالث من الهجرة .
المعاني والمراد "( :سألت خالي ) يعني أخا أمه فاطمة من أمها خديجة ( " هند بن أبي هالة") :ودخلت به على رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم فتربى في حجره ،وقتل مع علي يوم الجمل ،وقبل مات في طاعون عمواس"( .وكان" وصافا" ) :أي كثير الوصف للنبي
صلى هللا عليه وسلم (" عن حلية رسول هللا صلى هللا علسه وسلم ") أي عن صفته "( ،وأنا أشتهي أن يصف لي شينا أتعلق به ")
تعلق علم ومعرفة ألن النبي صلى هللا عليه وسلم مات وهو في سن ال يقتضى التأمل ألنه ولد سنة ثالث من الهجرة"( .فخ ًما") :
عظيما في نفسه ("مفخما" ) :معظما في عين من راه بحيث ال يقدر على ترك تعظيمه مكابرة وإن أصر على ذلك (" يتالال") :
يضيئ ("وجهه تأللؤ القمر " )مثل إضاءته عند كماله (" ليلة البدر ") :ليلة أربعة عشر(أطول من المربوع " ) :أي أنه مائل إلى
الطول طوال غير بانن (" وأقصر من المشذب") :الطويل المفرط في الطول (" عظيم الهامة ") :كبير الرأس ،وعظيم الرايس
ممدوح ألنه أعون على اإلدراك والكمال ("رجل الشعر ") :في شعرة تثن وتكسر قليل ( إن انفرقت عقيقته) :شعر راسه (
"فرقها") :جعلها فرقتين فرقة عن يمينه واألخرى على يساره (" وإال فال يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره" ) :يعني أن عقيقته
إذا بقيت دون فرق لم يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وقره أي جعله وفرة بل يكون محاذيا لهما
(أزهر اللون" ) :أبيضا بياضا نيزا (" واسع الجبين" ) ( :أل) للجنس ،فيشمل الجبينين وهما ما اكتنفا الجبهة عن يمين وشمال (
أزج الحواجب") :مقوسها كالن ون المقلوبة ،والحاجب األزج هو الطويل الدقيق المستوي ولم يقل مزجج الحواجب ألن الزجج خلقة
والتزج صنعة ،والخلقة أشرف من الصنعة ( سوابغ من غير قرن) :سوابغ أي كوامل ،والقرن :هو اتصال الحاجبين بحيث يلتقي
طرفيهما (" بينهما" ) :يحركه" ("عرق يُدره") بين الحاجبين( "الغضب ") حتى يجعله ممتلئا بالدم كما يمثلي الضرع باللبن"( .أقنى
العرئين") طويل األنف مع دقة ارنبته وارتفاع قليل في وسطه ،والضميران في (له نور يعلوه) يعودان على العرنين أو النبي صلى
هللا عليه وسلم (" من لم يتأمله أشم") والشمم هو ارتفاع قصبة األنف مع استواء أعاله وإشراف األرنبة قيليال ،أي إنه للنور الذي
عالء يخفى على الناظر من غير تأمل حدب وسطه ويظن استواء القصبة"( .كث اللحية") :عظيمها أي كثير شعرها ،وهو الشعر
الثابت على الذقن وحلقها وهو مجمع اللحيين ،حرام بإجماع وطولها عن القبضة مكروه ،ويسن قص الزائد عليها.
(سهل الخذين) :أي غير مرتفعهما ("ضليع القم") :واسعه ،وذلك يدل على الفصاحة ( "مفلج األسنان") :أي منفرج ما بينهما والمراد
بها الثنايا العلياء ألن ان فراج جميع األسنان غير محمود ،وقد جاء في وصف أسنانه أنه أشنب ،والشنب هو رقة األسنان وصفاء
مانها وعذوبتها ( " كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة") :الجيد هو العلق والدمية هي الصورة من عاج ونحوه بولغ في تحسينها،
والتتشبيه بها من حيث االستواء واالعتدال ،وبصفاء الفضة من حيث اإلشراق والجمال ("معتدل الخلق") متناسق األعضاء
ضامرا مساويًا
ً ("بادن") :أي سمين البدن سمال متوسطا ("متماسك") :غير مسترخي اللحم ("سواء البطن والصدر ") أي بطنه كان
لصدره ("عريض الصدر " ) وهو ممدوح في الرجال ألنه عالمة النجابة والقوة.
(ضخم الكراديس) :عظيم رؤوس العظام ( أنوار المتجرد) :أي مشرق العضو المتجرد أو موضع التجرد من الثوب 0بين اللبة ):
وهي النقرة التي فوق الصدر( السرة) :موضع القطع (بشعر يجري) :يمتد ("كالخيط") :معنى دقيق المسرية (عاري الثديين
والبطن ما سوى ذلك) من الشعر ،والصحيح أنه كان تحت إبطه شعر خفيف لما صح أنه كان ينتفه ("أشعر الذراعين والمنكبين
وأعالى الصدر) أي كثير شعر هذه المواضع الثالثة وطويله (طويل الزندين) تثنية زند و هو ما انحسر عنه الحم يين الذراع
و طرف الزند الذي يلي اإلبهام وهو المسمى الكوع وطرف اآلخر الذي يلي الخنصر وهو الكرسوع ،والمراد طويل الذراعين
("رحب الراحة" ) :واسع الكف حسيا ومعنى.
(شثن الكفين والقدمين) :عليظهما مع النعومة ( سائل األطراف") :ممتد األصابع طوال معتدال ("األطراف") :من غير انقباض
("خمصان") :أي ضامر ( "األخمصين " ) :تثنية أخمص وهو الموضع الذي ال يمس األرض عند المشي من القدم والمراد أنه كان
معتدل األخمصين ال مرتفعهما جدًا وال منخفضهما جدا أي سامر القدمين بمعنى أن وسط قدميه مرتفع عن األرض وهذا بخالف
القدم الرخاء وهي القدم التي ال أخمص لها بحيث يمس جميعها األرض ( "مسيح القدمين") :أي ليس فيهما تشقق بدليل قوله ( ينبو)
أي يتباعد عنهما لمالمستهما ("إذا زال زال تقلعا )اي إذا مشى رفع رجليه بقوة كأنما يقلع شيئًا من األرض ،وأكد ذلك بقوله (
يخطو) (تكفيا) و هو بيان لكيفية رفع رجليه ونقلها.
(ويمشي هونا) :بيان لكيفية وضعها باألرض (/ذريع المشية ") أي واسع الخطوة خلقة ال تكلفا ،وسعة الخطوة محمودة للرجال ( "إذا
مشي كأنما ينحط من صبب") :في صبب أي في مكان منخفض بسرعته ( "وإذا التقت التف جميعا") بجميع أجزائه إذا كان الداعي
من خلفه وإال يلتفت بعقه يمنة ويسرة ( "خافض الطرف") :العين (نظره إلى األرض أطول من نظره إلى السماء) :تأكيذا لما قبله
وهذا محمول على حال السكون فال ينافي أنه في حال انتظار الوحي ألمر ينزل ( "جل") :أكثر ( نظره المالحظة) :أي النظر
باللحاظ وهو شق العين مما يلي الصدغ و المزاد أنه ال ينظر إلى األشياء نظر أهل الشر بل بقدر الحاجة امتثاال لقوله تعالى (وال
تمدن عينيك).
تنبيه :ورد ما يدل على أنه صلى هللا عليه وسلم كان يرى البعيد كما يرى القريب ويرى من خلفه كما يرى من أمامه ويرى في
اليل كما يرى في النهار فلم تكن رؤيته على الرؤيا المألوفة للخلق.
(" سيوق أصحابه " ) :يقدمهم أمامهم ويمشي خلفهم إما تواضعًا أو إشارة إلى أنه كالمربي فينظر في أحوالهم وفي هيئتهم إما رعاية
للضعفاء وإعانة للفقراء أو تشريفا وتعلي ًما ( "وييدر") :ويبادر (من لقي بالسالم ) حتى الصبيان ،ومعلوم أن البدء بالسالم ثوابه
أكثر من رذه الذي هو فرض ولكن كيف يؤثر غيره بالفرض وهو الرد ويبدأ بالسالم والبدء سنة والبدء سنة واإليثار بالقرب مكروه؟
ذلك ألن كثرة ثواب الفرض عن السنة ليست مطردة فبعض السنن أفضل كالوضوء قبل الوقت سنة وهو أفضل من الوضوء في
الوقت وهو واجب .كل هذا من تعليم أمته كيفية المشي وعدم االلتفات وتقديم الصحب والمبادرة إلى السالم .
الحديث السابع :إقرأه في الكتاب( .ضليع القم) :عظيم الفم (أشكل العين) :طويل شق العين ،قال القاضي عياض هذا التفسير وهم
من سماك،و الصواب في معنى كلمة الشكلة هو حمرة في بياض العين ،وأما الشهلة فحمرة في سوادها ،والشكلة إحدى عالمات
النبوة( .منهوس العقب) :قليل لحم العقب.
الحديث الثامن" :عن جابر بن سمرة قال :رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في ليلة إضحيان
وعليه حلة حمراء فجعلت أنظر إليه وإلى القمر ،فهو عندي أحسن من القمر.
المعاني والمراد "( :في ليلة إضحيان ") :أي ليلة مقمرة من أولها إلى آخرها (فجعات أنظر إليه ) تارة (وإلى القمر ) أخرى
(فلهو عندي أحسن من القمر ) وإنما كان رسول هللا أحسن ألن ضوءه يغلب على ضوء القمر وضوء الشمس..
الحديث التاسع :سأل رجل على البراء بن عازب أكان وجه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مثل
السيف؟ قال :ال بل كان مثل القمر
المعاني والمراد " ." :مثل السيف" في االستدارة واالستطالة ،فالسؤال عنهما معا( ،بل كان مثل القمر )أي ليس له مثل فيهما بل مثل
القمر المستدير الذي هو أنور من السيف لكنه لم يكن مستديرا جدا بل كان بين االستدارة واالستطالة.
الحديث العاشر " :عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
أبيض كأنما صيغ من فضة ،رجل الشعر.
" .التعريف بالرواي :اسمه عبد الرحمن بن التوسي ،كان اسمه في الجاهلية عبد شمس فسماه النبي صلى هللا عليه وسلم عبد
الرحمن ( .أبيض كاتما صبغ من فضة ) ألنه كان يعلو بياضه النور واإلشراق ،وفيه إشارة إلى نورانية وجهه وتناسب أعضائه
("رجل الشعر ")في شعره تثن وتكسر قليل.
(غرض على األنبياء" )عرض :مبني للمجهول ،واألنبياء بالمعنى األعم الشامل للرسول ،قيل :كان هذا العرض ليلة اإلسراء في
بيت المقدس ،وقيل كان في المنام ،والمرئي على األول صورهم الحقيقية ،وعلى الثاني أمثلة صورهم ،وإن النبي صلى هللا عليه
وسلم لم يقل عُرضت على األنبياء إيماء إلى فضله صلى هللا عليه وسلم على سائر األنبياء (.فإذا بموسى عليه السالم ضرب من
الرجال كانه من رجال شنوءة) :ضرب من الرجال أي نوع منهم ،وكانه من رجال شنوءة أي قبيلة باليمن رجالها متوسطون بين
الخفة والسمن ،والظاهر أن المراد تشبيه صورته بهم
( ورأيت عيسى بن مريم) بنت عمران من ذرية سليمان بينه وبينه أربعة وعشرون أبا ،ورفع عيسى عليه السالم وسنهاثالث
وخمسون سنة وبقيت بعده خمس ينين ( .فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود ) الثقفي وهو أرسلته قريش للنبي صلى هللا
عليه وسلم يوم الحديبية فعقد معه الصلح وهو كافر ثم اسلم سنة تسع ومن الهجرة بعد رجوعه صلى هللا عليه وسلم من الطائف (
ورايت إبراهيم الخليل )،ومعناه بالسريانية أب رحيم (فإذا أقرب من رأيت شبها صاحبكم ) ولذا ورد أنا أشبه ولد إبراهيم به (يعني
نفسه ) أي نفسه السريفة (ورأيت جبريل فإذا أقرب من رأيت شبها به دحية ) :جبريل على وزن فعيل ومعناه بالسريانية عبد هللا
أوعبد الرحمن أو عبد العزيز وجبريل ليس من األنبياء بل هو من المالئكة وإنما ذكره النبي صلى هللا عليه وسلم لكثرة مجينه
بالوحي لهم ومخالطتهم ،وذحية هو دحية الكلبي الصحابي شهد المشاهد كلها مع النبي صلى هللا عليه وسلم وكان جبريل يأتي النبي
غالبا في صورته.
الجلسة بكسر فسكون :هيئة الجلوس ،والظاهر هنا ما يقابل القيام ليشمل الباب حديث االستلقاء.
الحديث األول :عن قيلة بنت مخ رمة أنها رأت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في المسجد وهو
قاعد القرفصاء قالت :فلما رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم المتخشع في الجلسة أرعدت
من الفرق".
التعريف بالراوي :قيلة بنت مخرمة العقيرية المهاجرة الصاحبية المعاني والمراد ( أنها رأت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في
المسجد وهو قاعد القرفصاء") :القرفصاء :هي أن يجلس على ركبتيه معتمدًا ويُلصق بطنه بفخذيه ويتأبط كفيه أي يجعل كال تحت
إبط ( فلما رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم المتخشع في الجلسة) :أي الخاشع خشوعا تاما في جلسته تلك فهو خافض الطرف
والصوت ساكن الجوارح ،و التفعل ليس التكلف بل لزيادة المبالغة في الخشوع( .أرعدت من الفرق) :أصابتني رعدة أي
اضطراب من الفرق اي الخوف الناشئ من عظم المهابة ،ووقع في هذه القصة أن قال أحد الحاضرين للنبي صلى هللا عليه وسلم
أرعدت المسكينة فقال (يا مسكينة عليك السكينة) فاذهب هللا ما بقلبها من الرعد.
الحديث الثاني :عن عباد بن تميم عن عنه أنه رأى النبي صلى هللا عليه وسلم مستلقية في المسجد
واضعا إحدى رجليه على األخرى".
" عن عمه" :عبد هللا بن زيد بن عاصم األنصاري المدني الصحابي الذي قتل مسيلمة الكذاب في حرب الردة (أنه رأى النبي صلى
هللا عليه وسلم مستلقيا في المسجد) واالستلقاء هو االضطجاع على القفا وال يلزم منه نوم ("واضعا إحدى رجليه على األخرى) وهذا
يدل على حل وضع إحدى الرجلين على األخرى حال االستلقاء مع من األخرى أو رفعها ،لكن هذا يُعارض رواية " :ال يستلقين
أحدكم ثم يضع إحدى رجليه على األخرى" وجمع بأن الجواز لمن لم يخف انكشاف عورته بذلك ،والنهي لمن خالف ذلك .من حال
المصطفى صلى هللا عليه وسلم أنه فعله عند خلوه مما يحتشم منه.وهذا الجمع أولى من ادعاء النسخ.
الحديث الثالث" :عن أبي سعيد الخدري قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا جلس في
المسجد الحتبى بيديه".
التعريف بالراوي :هو سعد بن مالك الخدري نسبة لخدرة بضم الخاء أحد أجداده الصحابي الجليل بايع تحت الشجرة وشهد ما بعد
أحد ،وكان من علماءالصحابة رضوان هللا عليه ،مات سنة أربع وسبعين .
(كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا جلس فس المسجد احتبى بيديه) :االحتباء هو أن يجمع الرجل ظهره وساقيه بعمامة ،وقد
يحتبي بيديه وهي جلسة األعراب ،وتقوم مقام االستناد إلى الجدار ،وجاء النهي عنه في المسجد واإلمام يخطب ألنه يجلب النوم
فربما يفوت سماع الخطبة أو الصالة.
باب ما جاء فى صفة وضوء رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عند الطعام
الحديث األول :عن ابن عباس أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خرج من الخالء فقرب إليه
الطعام فقالوا :ال نأتيك بوضوء؟ قال :إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصالة".
"ال نأتيك" بوضوء بحذف همزة االستفهام ،والوضوء فتح الواو ما يتوضأ به ،وكانن سبب قولهم اعتقادهم طلب الوضوء عند الطعام
" .إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصالة" أي في قوله تعالى {يا أيها الذين أمنوا إذا قمتم إلى الصالة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم
إلى المرافق ،)..ويستدل بالحديث على أنه صلى هللا عليه وسلم كان يحب الوضوء لكل صالة متطهرا كان أو محدثا ،والحصر
إضافي أي عند الطعام فليس مأمورا به عنده ال وجوبًا وال ندبا ،وحاصل الجواب أن األمر بالوضوء منحصر أصالة في القيام إلى
الصالة ال عند الطعام ،والوضوء هنا باضم وهو الفعل.
الحديث الثاني " :عن ابن عباس قال :خرج رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من الغائط ،فأتي
بطعام فقيل له :أال توضأ؟فقال :أأصلي فأتوضأ "
"خرج من الغائط" :المكان الذي تقضي فيه الحاجة "اال توضأ " بحذف بإحدى التاءين واألصل تتوضا ".فقال أأصلي" :بهمزتين،
األولى لالستفهام وإنكارا لما توهم من طلب الوضوء عند الطعام.
-الحديث الثالث :عن سلمان قال :قرأت في التوراة أن بركة الطعام الوضوء بعده ،فذكرت ذلك
للنبي صلى هللا عليه وسلم وأخبرته بما قرأت في التوراة فقال صل هللا عليه وسلم " بركة
الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده".
"قرأت في التوراة " :وهي أعظم الكتب بعد القرآن " .فذكرت ذلك " :أي ما في التوراة " .بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده
" :أي بركته تحصل بالوضوء قبله أي عند إرادته والوضوء بعده أي عقب فراغه فيحصل باألول استمراؤه األكل وحصول نفعه به
ويحصل بالثاني زوال نحو الغمرالملتزم لبعد الشيطان ودحضه ،والمراد بالوضوء هذا المعنى اللغوي وهو غسل الكفين.
ويسن :تقديم الصبيان على المشايخ في الغسل ألن أيدي الصبيان أقرب إلى الوسخ وأما بعد الطعام فبالعكس إكراما للشيوخ ،وهذا
كله في غير صاحب الطعام ،أما هو فيتقدم بالغسل قبل الطعام ويتأخر به بعده.
7ـ باب ما جاء في قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قبل الطعام وبعد ما يفرغ منه.
-الحديث األول" :عن أبي أيوب قال :كنا عند النبي صلى هللا عليه وسلم يوما ،فقرب طعافا ،فلم
از طعا ًما كان أعظم بركة منه أول ما أكلنا وال أقل بركة في آخره ،فقلنا يا رسول هللا ،كيف
هذا؟ قال :إنا ذكرنا اسم هللا حين أكلنا ،ثم قعد من أكل ولم يسم هللا تعالى فأكل معه الشيطان"
ترجمة :أبو أيوب األنصاري الخزرجي مات با لقسطنطنية سنة إحدى وخمسين ،فدفنوه قريبا من سورها ،وهو معروف إلى اليوم
والناس يعظمونه ويستشفون به فيشفون وهذا مصداق حديث ( :من تواضع هلل رفعه هللا) ،وكان مع ابن أبي طالب في حروبه كلها.
" أول ما أكلنا" :أي في أول أوقات اكلنا فأول منصوب على الظرفية و ما مصدرية " في آخره" :أي في آخر وقت أكلنا إياه " .اسم
هللا" :فيه إشارة إلى حصول سنة التسمية ببسم هللا وأما زيادة الرحمن الرحيم فهي أكمل ،ويستحب الجهر بها ليقتدي بها غيره" .
فأكل معه الشيطان " :أي ح قيقة عند الجمهور ،فلم تكن التسمية المتقدمة على حضوره مؤثرة في عدم تمكن الشيطان من األكل
معه ،وهذا ظاهر على أن التسمية سنة عين ،ويحمل قول من قال أنها سنة كفابة على ما لو اشتغل جماعة باألمل معا ،والحاصل أن
التسمية على الطعام تندب حتى للجنب والحائض والنفساء ولكن ال يقصدون بها قرأنا واال حزمت ،وال تندب في مكروه وال حرام
لذاتهما .
الحديث الثاني" :عن عائشة رضي هللا عنها قال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا أكل
أحدكم فنسي أن يذكر هللا تعالى على طعامه فليقل :بسم هللا أوله وآخره.
" قنسي أن يذكر هللا تعالى على طعامه " :أي نسى التسمية حين الشروع في األكل ثم تذكر في أثناته " .فليقل بسم هللا أوله وآخره
" :أي ندبا ال يقال إن ذكر األولى واألخر يخرج الوسط ألن المراد التعميم ،فالمعنى بسم هللا على جميع أجزائه كقوله تعالى (ولهم
رزقهم فيها بكرة وعشيا).
الحديث الثالث " :عن عمرو بن أبي سلمة أنه دخل على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعنده
طعام فقال :ادن يا بني فسم هللا تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك".
التعريف بالراوي :عمرو كان ربيب النبي صلى هللا عليه وسلم من أم سلمة ولد بالحبشة ومات بالمدينة.
ادن" :اقرب "يا بني" :بصيغة التصغير شقفة منه صلى هللا عليه وسلم " قسم هللا " أي ندبا وكذا ما بعده ،ويؤخذ منه أنه يندب على
الطعام تعليم من أخل بشئ من أدابه " .وكل مما يليك" :هذا في غير الفاكهة إذا كانت أنواعا .
الحديث الرابع :عن سعيد الخدري قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا فرغ من طعامه
قال :الحمد هلل الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين".
" الحمد " الثناء الجميل مستحق "هلل" وفي ها أداء شكر المنعم وطلب المزيد ،وأردف الطعام بالسقي ألنه يقارنه غالبا ،وختم بقوله
"وجعلنا مسلمين" ليجمع بين الشكر على النعمة الدنيوية والدينية.
الحديث السادس" :عن أبي أمامة قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا رفعت المائدة من
كثيرا طي ًبا مبار ًكا فيه غير مودع وال مستغنى عن ربَّنا".
بين يديه يقول :الحمد هللا حمدًا ً
"المائدة" :السفرة التي تُم ّد وتُبسط ليوقع عليها الطعام وتطلق على الطعام نفسه ".حمد" :مفعول مطلق ".طيبا" :خالصا من الرياء
"غير مودع " :بصيغة اسم المفعول أي غير متروك لنا " .وال مستغنى عنه" :أي ال يستغني عنه أحد ألنه سبب لدوام النعمة
وزيادتها "ربنا" :بالرفع خبر لمبتدأ محذوف أي هو ربنا -أو بالنصب على المدح -أو بالجر يدل من لفظ الجاللة .وكان النبي
صلى هللا عليه وسلم إذا أكل عند قوم ال يخرج حتى يدعو لهم يقول :اللهم بارك فيها رزقتهم واغفرلهم وارحمهم.
الحديث السابع" :عن عائشة قال :كان النبي صلى هللا عليه وسلم يأكل الطعام في ستة ،فجاء
أعرابي فأكله بلقمتين ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :لو سمى لكفاكم".
" في ستة" :أي مع سنة "أعرابي :واحد األعراب سكان البوادي .فأكله بلقمتين " أي في لقمتين وهذا يدل على أن الطعان كان
قليال في حد ذاته " .لكفاكم " :المعنى أن هذا الطعام وإن كان قليال لكن لو سمى لبارك هللا وكفاكم ولكن لما ترك ذلك األعرابي
التسمية انتفت البركة ،ألن الشيطان ينتهز الفرصة وقت الغفلة عن ذكر هللا.
الحديث الثامن " :عن أنس بن مالك قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :إن هللا ليرضى
عن العبد أن يأكل األكلة أو يشرب الشربة فيحمده عليها".
"إن هللا ليرضى عن العبد " :أي يثيبه ويرحمه " أن يأكل " أي بسبب :أن يأكل أو وقت األكل "األكلة" :بضم الهمزة :اللقمة ،أو
بفتحها المزة" .أو يشرب الشربة فيحمده عليها" :كلمة أو للتنويع .وأصل السنة بأي لفظ مشتق من مادة الحمد.
جاء في تع ّ
طر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
التعط ر هو استعمال العطر وهو الطيب ،وقد كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم طيب الرائحة وإن لم
يمس طيبا ،لكنه كان يستعمل الطيب استكثارا للروائح الحسنة ألنه كان يناجي المالئكة وتشريعا ألنته
وفي التاريخ الكبير للبخاري عن جابر ( :لم يكن النبي صلى اللله عليه وسلم يمر في طريق فيتبع أحد إال
عرف أنه سلكه كن رائحة عرقه صلى هللا عليه وسلم .وفي صحيح مسلم :أنه صلى هللا عليه وسلم نام
عند أم سليم أم أنس فعرق ،فجمعت عرقته في قارورة فاستيقظ فقال :ما تصنعين يا أم سليم ؟ فقالت :
هذا عرقك نجعله لطيبنا وهو أطيب من الطيب.
فائدة :يتأكد الطيب للرجال يوم العيدين والجمعة وعند اإلحرام وقراءة القرآن والعلم والذكر ،ويتأكد لكل
من الرجل والمرأة عند المباشرة ،فإنه من حين المعاشرة.
"سكة" :هي طيب يتخذ من الرامك وهو شئ أسود يخلطبيمسك ويُعرك ويقرص ويترك يومين ثم يثقب بَ َمسكَة ثم يَ ْنظم في خيط
وقيل هي طيب مجموع من أخالط ويحتمل أن تكون وعاء ،وقيل هي طيب مركب " يتطيب منها" :من للتبعيض.
الحديث الثاني :عن ثمامة بن عبد هللا قال :كان أنس بن مالك ال يرد الطيب و قال أنس :إن النبي
صلى هللا عليه وسلم كان ال يرد الطيب".
"وال يرد الطيب" :لخفّة المئة فيه ،والمعنى أنه ليس بثقيل بل طيب المنة والطيب ذو الرائحة الطيبة جعله هللا نافعا لمالكه ولغيره.
الحديث الثالث " :عن ابن عمر قال :قال رسول هللا صلى عليه وسلم ثالث ال ترد الوسائد والذهن
والطيب".
"ثالث ال ترد" :أي ثالث من الهدايا ال يردها المهدى إليه على المهدي لئال يتأذى المهدي برد هديته ،ويلحق بهذه الثالثة كل ما ال
منة فيه كالحلو ورزق من يحتاج إليه "الوسائد " :ما يجعل تحت الرأس عند النوم وسميت بذلك ألنه يتوسد عليها بالجلوس والنوم
"الدهن" :ما يدهن به من دهن أو غيره والمراد به هنا ما فيه طيب " .الطيب" :ذو الرائحة الطبية .
الحديث الرابع :عن أبي هريرة قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :طيب الرجال ما ظهر
ريحه وخفي لونه ،وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه".
"طيب الرجال ما ظهر لونه :كماء الورد والمسك وغيره " طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه" :كالزعفران والصندل.
الحديث الخامس" :عن أبي عثمان النهدي قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا أعطى
أحدكم الريحان فال يرده ،فإنه خرج من الجنة".
"الريحان" :كل نبت طيب الريح من أنواع المشمومات فمنه الورد والتمام " فال يرد " :ال :ناهية "فإنه خرج من الجنة" :أي يشبه
ريحان الجنة في الجملة فكأنه خرج منها أو أن أصله خرج منها وسلبت خواصه التي منها عدم التغير وانقطاع الريح.
الموضوع الثاني :اآلدب النبوية (فضل هللا الصمد بتوضيح األدب المفرد لإلمام فضل هللا الجيالني)
باب قوله تعالى ووصينا اإلنسان بوالديه حسنا
قال الوليد بن الغيزار :سمعت أبا عمرو الشيباني يقول :حدثنا صاحب هذه الدار وأوما بيده إلى دار عبد
هللا ،قال :سألت النبي صلى هللا عليه وسلم :أي العمل أحب إلى هللا عز وجل؟ قال :الصالة على وقتها،
قلت :ثم أي ؟ قال :ثم بر الوالدين ،قلت :ثم أي ؟ قال :ثم الجهاد في سبيل هللا قال :حدثني بهن ،ولو
استزدته لزادني.
الوصية :لغة التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ .شرعا :ما يقع به الزجر من المنهيات والحث على المأمورات.
معنى اآلية :أمرنا اإلنسان باإلحسان إلى والديه وألزمناه إطاعتهما وقلنا له أو لهما حسنا .فاألية نص في برهما ووجوب طاعتهما
نزلت في سعد بن أبي وقاص لما حلفت أمه أال تكلمه انه اال تكلمه ابدا حتى يرتد ،زعمت أن هللا أوصاه بوالديه فقالت :أنا أمك
وآمرك ،فنزلت .من هو عبد هللا المذكور في الحديث؟ هيو عبد هللا بن مسعود ،وهو صاحب النعلين والمطهرة ،معلم األمة ،أخذ من
فم النبي صلى هللا عليه وسلم سبعين صورة ،أشبه النبي صلى هللا عليه وسلم هديا ودال وسمنا ،توفي وهو ابن يضع وستين سنة.
" أحب إلى هللا" :أي يحبه هللا ويرضى به .وفي رواية "أفضل" واسم التفضيل هنا للفضل المطلق ال باعتبار غيره من األنواع.
"على وقتها " .وفي بعض الطرق "لوقتها" والمعنى واحد .المراد بالوقت :الوقت المستحب .حكم من صلى صالة بعد زوال
وقتها بسبب نوم او نسيان فصالته صحيحة " برئ الذمة" لكن صالته هذه ليست باحب إلى هللا " .أي" بالتشديد والتنوين ألنه في
الحكاية اسم معرب غير مضاف.
"بر" بكسر الباء ضد العقوق وهو اإلساءة إليهما وتضييع حقوقهما ،وبر الوالدين هو اإلحسان إليهما وتوفية حقوقهما ،والبر نوعان
صلة ومعروف ( :صلة :وهو بذل المال في الجهات المحمودة بغير عوض مطلوب ال عاجال وال أجال ،وهذا يبعث عليه سماحة
النفس ويمنع منه بخلها -معروف :وهو اإلحسان المعنوي).
" الوالدين" :األب واألم ولما كانت شققة األبوين على الولد باإلنفاق والسهر في الليالي وبذل الجهد في درء ما يحزنه ودفع ما يؤذيه
من الحر والبرد ال يبعد أن يظن أحد أن بر مكافاة لحسن صنيعهما بل هودونها بكثير ،ألن األبوين قلما يبلغان في شدة الحاجة
والضعف الحالة التي كان الولد فيها فال يكون في البر بهما خير وفضل" .الجهاد" :هو الثبات والصبر على الحق ثم تبليغه إلى الغير
ثانيا ،وإن ك ان في هذا الثبات والتبليغ بذل النفس والمال وأن ال يعبأ بهذا الخطر ،والمشهور في تلك الكلمة :هو محاربة الكفار
لإلعالء كلمة هللا واظهار شعائر اإلسالم .لماذا أداء فرائض الصالة في أوقاتها أفضل من الجهاد" ألنها فرض عين تتكرر ،والجهاد
ليس إال لإليمان وإقامة الصالة فكان حسنا لغيره والصالة حسنة لعينها.
"بهن" :وإنما خص الثالثة بالذكر ألنها عنوا ن على ما سواها من الطاعات ،فإن من ضيع الصالة المفروضة حتى يخرج وقتها من
غير عذر فهو لما سواها أضيع - .ومن لم يبر والديه كان لغيرهما أقل برا -ومن قعد عن جهاد الكفار كان أشد قعودا عن الجهاد
بغيرهم من الفساق ،فظهر أن الثالثة تجتمع في أن من حافظ عليها كان على ما سواها أحفظ ،ومن ضيعها كان لما سواها أضيع "
استزدته" :أي طلبت منه الزيادة في السؤال ،وفي رواية مسلم أن أستريده إال رعاء عليه أي شفقة عليه -لئال يسأم.
باب بر األم
الحديث األول " عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قلت يا رسول هللا من أبر؟ قال :أمك ،قلت:
من أبر؟ قال :أمكقلت من أبر؟ قال :أمك قلت من أبر؟ قال :أباك ،ثم األقرب فاألقرب"
يز األم " :من إضافة المصدر إلى المفعول أي بر الولد امه " .األم" :مقدمة في اإلجماع في البر على األب ،وأن يكون لألم ثالثة
أمثال ما لالب من البر وذلك لتحملها المشاق في الحمل والوضع -ثم التعب في زمن الرضاع حتى يكبر الولد ،وهذه األشياء تشقى
بها األم وحدها وتشارك مع األب في اإلنفاق -التربية -الخدمة وغيرها.
س :ما السبب من تكرار حق األم ثالثا ؟ ذلك تأكدا ا ومبالغة في رعاية حقها لتهاون أكثر الناس في حق األم بالنسبة إلى األب ألن
أمر األم كله ال يطلع عليه الناس فيجترئ الناس على عقوقها أكثر من عقوق الوالد وضعفها يحمل الدنئ على اإلساءة إليها ،وأن
الشريعة قد بالغت في البر بها أكثر من اآلب مواساة لها ومراعاة لضعف قلبها ،والمذكور في كتب الفقه أن حق الوالد أعظم من حق
الوالدة ويزها أوجب.
الحديث الثاني" :عن هللا بن عمر قال :جاء رجل إلى النبي صلى هللا عليه وسلم يبايعه على
الهجرة وترك أبويه پيكيان ،فقال :ارجع إليهما وأصحكهما كما أبكيتهما".
التعريف بالراوي :هو عبد هللا بن عمرو بن العاص بينه وبين أبيه 11سنة ،وكان يلوم أباه على القتال في الفتنة بأدب وتؤدة ويقول
:مالي ولصفين ،مالي ولقتال المسلمين ؟ لوددت أني مت قبلها بعشرين سنة" ،أمه هي رائطة السهمية ،أسلم قبل أبيه كان مجتهدا في
العبادة غزير العلم وكان يقرأ التوراة أمره النبي صلى هللا عليه وسلم بقراءة القرآن في كل ثالث ،ونهاه صلى هللا عليه وسلم أن يقوم
الليل كله ،مات سنة 63ذي الحجة ليالي الحرة.
"الهجرة" :الخروج من أرض إلى أخرى ،والهجرة هجرتان ك :أحدهما ما وعد هللا عليها الجنة بقوله تعالى (إن هللا اشترى من
المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) وهو أن يأتي للنبي صلى هللا عليه وسلم ويدع ماله وأهله لال يرجع في شيئ منه والثانية
الهجرة والغزو عند النفير من اإلمام " .أضحكهما كما أبكيتهما " :أي أرضهما كما أسخطهما.
عن أبي بكرة قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :أال أنبئكم بأكبر الكبائر ثالثا ،قالوا:
بلى يارسول هللا ،قال :اإلشراك باهلل و عقوق الوالدين ،وجلس وكان متكنا أال وقول الزور،
مازال يكررها حتى قلت ليته سكت".
التعريف بالراوي :هو أبو بكرة ،اسمه الفيع بن الحارث كان يقال له أبو بكرة؛ ألنه تد لى من حسن الطائف فأعتقه النبي صلى هللا
عليه وسلم يومنذ ،كان من فضالء الصحابة وخيارهم ،كان له أربعون ولد ممتازين في الشجاعة والكرم.
"أال" :هي للتنبيه " أكبر الكبائر " :وهي الذنوب العظيمة ،ولم تأتي على ظاهرها ألن هناك كبائر أخرى كالقتل والزنا وغيرها
"ثالثا" كررها للتأكيد "اإلشراك باهلل" يطلق الشرك ويراد به الكفر كما في قوله تعالى (إن هللا ال يغفر أن يشرك به ) "جلس " حيث
اهتم بذلك واعتنى به غاية االعتناء حتى جلس بعد أن كان متكأ ،ال ألنه اعظم ذنبا من اإلشراك والعقوق بل ألنه أسهل وقوعًا
ومفسدته كبيرة والحوامل عليه كثيرة كالحقد والحسد والعداوة وتهاون الناس بقول الزور.
"الزور" :الكذب والباطل ،والتهمة ،وهو تحسين الشئ ووصفه بخالف صفته،وفي رواية "شهادة الزور أو قول الزور" وال شك أن
درجات الكذب متفاوتة بحسب المكذوب عليه وبحسب ما يترتب على الكذب من المفاسد ،قال القاضي ابن العرب :الكذب أربعة
أقسام (الكتب على هللا تعالى وهو أشدها -والثاني الكذب على النبي صلى هللا عليه وسلم والثالث الكذب على الناس لشهادة الزورفي
إثبات ما ليس يثبت على أحد أو إسقاط ما هو ثابت ،والرابع الكذب للناس ومن أشده الكذب في المعامالت .والكذب إن كان محر ًما
فهو مباح في بعض األمور "سكت " :تمنى الصحابة سكوته صلى هللا عليه وسلم شفقة عليه وكراهية لما يزعجه ،وفيه ما كانوا
عليه من كثرة األدب والمحبة معه صلى هللا عليه وسلم.
الحديث الثاني :عن وراد كاتب لنغيرة بن شعبة قال :كتب المعاوية إلى المغيرة :اكتب إلي
بما سمعت من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .قال وراد :فأملي علي وكتبت بيدي :إني
سمعته ينهي عن كثرة السؤال ،وإضاعة المال وعن قيل وقال.
التعريف بالراوي " :المغيرة " الثقفي كان في أيام الجاهلية كثير التعدد على مصر للتجارة ،شهد الحديبية وما بعدها ،وكان من دهاة
الناس كان ال يقع في أمر إال وجد له مخرجا وال يلتبس عليه أمران إلى ظهر الرأي في أحدهما ,وهو أول من وضع وضع ديوان
البصرة ،ولما حضرته الوفاة قال :اللهم هذه يميني بايعت بها نبيك.
" السؤل " سؤال الناس أموالهم من غير حاجة .وقيل كثرة السؤال عن أخبار الناس أو السؤال من الرجل عن تفلصيل حاله .قال
النووي :اتفق العلماء على النهي عن السؤال من غير ضرورة واختلف في سؤال القادر على الكسب على وجهين :أصحهما
التحريم لظاهر األحاديث والثاني الجواز مع الكراهة بشرط وحرم عند فقد شرط منها" .المال " ما يميل غليه القلب أو الطبع ثم أطلق
على كل ما يقتني ويملك من األعيان" .اإلصاعة" وء القيام حتى تهلك أو تفسد أو تنقص أثمانها وكذا اإلنفاق في الحرام وفيما ال يحبه
هللا .وموضوع االختالف :اإلنفاق في المباخات كمالذات النفس فإذا كان فيما يايق بحال المنفق وبقدر ماله فليس بإسراف وما ال
يليق بحاله عرفا فإن كان لدفع مفسدة فليس بإسراف ومن ال يكون كذلك فالجمهور يمنعها ،والمجوزون يحتجون بقوله تعالى (قل
من حرم زينة هللا ".)...قيل وقال" اسمان وقيل مصدران أي حكاية أحوال الناس من قولهم قيل كذا وقال كذا .
"ال تشرك " :نهى عن الشرك بالقلب ،ألن التلفظ بكلمة الكفر حين اإلكراه ال يُسمى شركا وال كفرا ،قال تعالى (إال من أكره وقلبه
مطمئن باإليمان) " وان قطعت" أي قتلت ثم قطعت قطعة قطعة "خرقت" :أي شويت بالنار "الصالة المكتوبة" المفروضة ألنها أم
العبادت وناهية عن السيئات" .برنت" :البراة :التفصي مما تكره مجاورته أي خذلته الذمة " ذمة هللا" التي تكون لكل أحد بالحماية
والحفظ "الخمر " قبل أنها مشتقة من التخمر وقيل من مخاطرة العقل "مفتاح" رأس كل فاحشة وسميت بأم الفواحش ألنها مذهبة
للعقل الذي هو مبنى لكل خير" اطع " :أطع والديك ،وإن األبوان ال يكمان في منعه للحج ،وإنهما في سعة من منعه إذا كان يدخلهما
من ذلك مشقة كبيرة ،وال يحل السفر الذي فيه خطر إال بإذنهما منه السفر لطلب العلم "وال تنازعن " :عبر عن الطاعة بالنهي عن
منكرا محققا
ً ضدها ،أي أطعهم وال تطلب اإلمارة وال تعزله) يقول النووي :ال تنازعوا والة األمور في والتهم إال أن تروا منهم
تعلمونه من قواعد اإلسالم فإذا رأيتم ذلك فاذكروا عليهم وقولوا بالحق حيثما كنتم /يقول الحافظ :ال يجوز الخروج عليهم مادام
فعلهم يحتمل التأويل.
وإن رأيت أنك أنت" :أي وإن اعتقدت في األمر حقا فال تعمل بذلك الحق ،بل أطلع حتى يصل إليك بغير خروج عن الطاعة /حكم
طاعة السلطان المتغلب :أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب معه ،إال إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فال تجوز
طاعته "وال تفز من الزحف " :أي ال نفر وال توجع عن الجهاد "وال ترفع عصاك على أهلك" :أي هذا نهى عن ضرب المرأة
وأيضا من تحت رياسته في البيت وحتى ضرب بحق فهو غير محمود ،وهناك رواية (ال ترفع عساك عن أهلك فالمراد به الضرب
بحق كما قال تعالى (أو الالئي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) لما كان الضرب غير محمود ولو
بحق اختلف البعض في تأويل الحديث منهم من قال :ال ترفع عصاك عن أهلك أي امنعهم عن الفساد وأدبهم -وقال آخر :المعنى من
ذلك هو األدب فلم يقصد ضربهم بالعصا ،وأراد اال ترفع أدبك عنهم) ،والحاصل أن العصا هنا مجاز عن األدب فكانه قال ال ترفع
أدبك :أهلك وقال المصنف أن العصا في الحجيث مجاز عن الهيبة ألنها سبب لها ،فال يتغافل عنهن وال يلين لهن إلى الحد الذي
تسقط به هيبته من نفوسهم " .وأخفهم في هللا عزوجل " :أي أنذرهم عاقبة مخالفة أمر هللا تعالى.
عن أبي هريرة عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال :رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه ،قالوا :
يارسول هللا من؟ قال :من أدرك والديه عنده الكبر أو أحدهما دخل النار".
" فلم يدخ ل " :مدرك أبويه الجنة بتفريطه في خدمتهما ،أو لم يدخله أحد األبوين الجنة فيكون من اإلدخال "رغم " :أصله لصق أنفه
بالرغام ،ومعناه :ذل وخزي ،والمعنى أن برهما عند كبرهما بالخدمة والنفقة وغير ذلك سبب لدخول الجنة "الكبر " :خص به ألنه
أحوج األوقات إلى حقوقهما وآخرهما " فدخل النار " :في رواية ألحمد (لم يدخل الجنة)
عن هشام بن عروة قال :أخبرني أبي قال :أخبرتني أسماء بنت أبي بكر قالت :أتتني أمي
راغبة في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم ،فسألته صلى هللا عليه وسلم :أفأصله؟ قال :نعم ".
التريف بالراوي :أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين ولدت بعد الهجرة 17سنة أسلمت قديما بعد إسالم سبعة عشر إنسانا ماتت في
مكة بعد قتل ابنها بعشرة أيام في جمادي األولى سنة 73وهي آخر المهاجرات وفاة.
"أمي" :أم أسماء :قيلة بنت عبد العزى "راغبة" :أي أنت طامعة في بر بنتها وصلتها ،وهناك رواية (راغمة) أي نافرة عن اإلسالم
،ولو جاءت راغبة في اإلسالم لم تحتج أسماء أن تستأذن النبي صلى هللا عليه وسلم في صلتها " في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم
" :أي جاءت في المدة التي عاهد صلى هللا عليه وسلم المشركين بالحديبية وقوله تعالى ال ينهاكم هللا عن الذين لم يقاتلوكم في الدين
ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم أي تصلوا ارحامهم وهي رخصة من هللا تعالى في صلة الذين لم يُعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم ،
وهي محكمة ليس بمنسوخة.
"عن عبد هللا بن عمرو قال قال النبي صلى هللا عليه وسلم من الكبائر أن يشتم الرجل
والديه ،فقال :كيف يشتم؟ قال :يشتم الرجل فيشتم أباه وأمه"
"والديه" :وال أحدهما وال يتسبب لذلك "الكبائر " :كل معصية يقام عليها الحد في الدنيا " يشتم" :الشتم :النسبة إلى القبيح والذميمة "
كيف يشم" :لما كان الطبع السليم يأبى أن يشتم األبوين فاستعب د السائل ذلك ،فبين أن التسبب فيه كالتعاطي بنفسه ،فما آل إلى فعل
محرم يحرم وإن لم يقصد الحرام ،فالحديث أصل في سد الذرائع" .الرجل " منصوب على المفعولية فيشتم ذلك المنسوب أبا السب.
" عن أبي بكرة ،عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال إما من ذنب أجدر أن يُعجل لصاحبه
العقوبة مع ما يُدخر له من البغي وقطيعة الرحم".
" أجدر " :أحرى "العقوبة " :في الدنيا "ما" يُذخر له" :من عذاب اآلخرة "البغي " :الظلم والخروج عن طاعة اإلمام ،وفي
الشريعة الخروج على اإلمام غير الجائر ،وقو له تعالى (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم) " قطيعة الرحم" أي قطع صلة ذوي
األرحام ،والرحم :اسم لكافة األقارب ،وأجمعوا على أن صلة الرحم واجبة في الجملة وأن قطيعتها معصية كبيرة.
أن للصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها المهاجرة وصلتها بالكالم ولو بالسالم ،ويختلف باختالف القدرة والحاجة فمنها
واجب ومنها مستحيل ،وإذا لم يصل غايتها ال يسمى قاطعا ولو قصر عما يقدر عليه.
وبهذا قد انتهى وصلى هللا وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.