You are on page 1of 20

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الموضوع األول الشمائل المحمدية(لمحمد خليل الخطيب)‬

‫أوال‪ :‬ترجمة المؤلف‬

‫اسمه ونسبه ‪ :‬هو محمد بن الشيخ خليل بن الشيخ محمد بن الشيخ السيد الخطيب‪ .‬وينتهي نسبه إلى رسول الله صلى‬ ‫‪‬‬
‫الله عليه وسلم‪ .‬ولد فى قرية نيدة من صعيد مصر سنة‪ 9191‬م وتوفي ‪9189‬م‪ .‬وله مدرسة كبرى فى التصوف‬
‫من مؤلفاته‪ :‬إتحاف األنام بخطب رسول اإلسالم‪ -‬غاية المطالب فى شرح ديوان أبي طالب‪ -‬ألفية الخطيب فى فن‬ ‫‪‬‬
‫الصرف‪ -‬القصص الحق لسيد الخلق‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشمائل وبيان أهميتها ‪ :‬يتعين االطالع على الشمائل على كل مسلم لوجوه‪:‬‬

‫األول ‪ :‬أن معرفة صفا ته السنية وسيلة إلى امتالء القلب بتعظيمه‪ ،‬وهو وسيلة إلى تعظيم شريعته‪ .‬وتعظيم شريعته وسيلة‬
‫إلي العمل بها والوقوف عند حدودها‪ .‬وهذا من فوائد تنويه الله تعالى بقدره ﷺ وتعظيم شأنه كما في كثير من (وإذ أخذ الله‬
‫ميثاق النبيين) (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) وأقسم بمدة حياته(لعمر َ‬
‫ك إن هم‬
‫لفي سكرتهم يعمهون)‬

‫الثاني‪ :‬أن معرفتها تتضمن معرفة حسنه وإحسانه ﷺ وذلك وسيلة إلى محبته‪ ،‬ومحبته ﷺ هي روح اإليمان الذي هو أصل‬
‫كل سعادة وسيادة؛ ألنها موجبة لمعيته ومجاورته وصحبته‪ .‬وقد قال(ما اختلط حبي بقلب عبد فأحبني إال حرم الله جسده‬
‫على النار)‪.‬‬

‫وتعرض لنفحات فضل الممدوح‪ .‬وتعرض‬ ‫وتقرب ُّ‬


‫وتودد واستعطاف وانتساب ُّ‬ ‫الثالث ‪:‬السعي في معرفتها خدمة لجنابه ﷺ ُّ‬
‫رحمته تتنلل عند ذكر الصالحين فما بالك بسيدهم وسندهم وممدهم ﷺ‪ .‬وقد ورد‬ ‫لنفحات الرحمة اإللهية ‪ ،‬ألنه إذا كان‬
‫أن من قال (جلى الله عنا محمدا ﷺ‪ ،‬ما هو أهله وأتعب سبعين كاتبا ألف صباح‪ ،‬وفي رواية ‪ :‬أَلَفي صباح)‪.‬وقد أعطى‬
‫العباس بن مرداس لما مدحه مائة من اإلبل وخلع خلته لما مدحه كعب بن زهير فى قصيدته التى منها‪:‬‬

‫مهند من سيوف الله مسلول‬ ‫إن الرسول لنور يستضاء به‬

‫الرابع ‪:‬أن معرفة صفاته ُمعينة على شهود ذاكره لذاته ‪ ،‬وفي رؤيته ﷺ يقظة أو نوما فوائد عظيمة‪ ،‬فانظر إلي قوله ﷺ‪:‬‬
‫سعادة ال يشقى بعدها أبدا »‪.‬‬
‫ً‬ ‫«إن الله عبادا َمن نظر في وجه أحدهم نظرة سعد‬

‫الخامس ‪ :‬أن في ذكرها وسماعها تنعما ُّ‬


‫وتلذ ًذا بحبيب القلوب وقرة العيون ﷺ‪ .‬وهو ضرب من الوصال به والقرب منه‬

‫السادس ‪ :‬أن ذكر محاسنه ﷺ يحرك ما في القلوب من الحب الساكن‪ ،‬ويحصل من انشراح الصدور وتفريج القلب ما‬
‫يناسب إجالء تلك المحاسن‪.‬‬

‫باب ما جاء في خلق رسول الله ﷺ(ص ‪)34-9‬‬

‫الباب لغة‪ :‬ما يتوصل منه إلى المقصود واصطالحا‪ :‬األلفاظ المخصوصة باعتبار داللتها على المعاني المقصودة ؛ألنه‬
‫يوصل إلى المقصود‪.‬‬

‫‪ ‬الخلق بفتح وسكون‪ :‬يقال في الهيئات و ُّ‬


‫الص َور المدركة بالبصر‪ ،‬كالبياض والطول أي هو الصورة الظاهرة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ ‬والخلق بضمتين‪ :‬فهو الصورة الباطنة التي تدرك بالبصيرة‪ ،‬كالحلم والعلم وشدة التواضع ‪.‬‬
‫س‪ :‬لماذا قدم المصنف الكالم عن األوصاف الظاهرة على األوصاف الباطنة مع أنها أشرف؟‬
‫ج‪ :‬ألنها أول ما يدرك ‪،‬وألنها كالدليل على الباطنة ‪ ،‬فإن الظاهر عنوان الباطن وداعية للتراقي النتقاله من غير األشرف‬
‫لألشرف ‪ ،‬وللترتيب الوجودي‬
‫الحديث األول‬

‫ض األمه ِق‪،‬‬ ‫يل الب ِائ ِن‪ ،‬وال بِالق ِص ِ‬


‫ير‪ ،‬وال بِاألبي ِ‬ ‫الل ِه صَّلى الله علي ِه وسَّلم ليس ِب َّ‬
‫الط ِو ِ‬ ‫عن أنس بن مالك‪( :‬ﷺ كان رسول َّ‬
‫س أرب ِعين سنةً‪ ،‬فأقام ِبم ََّّة عشر ِس ِنين‪ ،‬وبِالم ِدين ِة‬ ‫الله تعالى على أر ِ‬‫السب ِط‪ ،‬بعثه َّ‬
‫وال ِباْلدمِ‪ ،‬وال ِبالجع ِد القط ِط‪ ،‬وال ِب َّ‬
‫س ِس ِتين سنةً‪ ،‬وليس ِفي رأ ِس ِه ولِحي ِت ِه ِعشرون شعرًة بيضاء)‬ ‫عشر ِس ِنين‪ ،‬وتوَّفاه َّ‬
‫الله تعالى على رأ ِ‬

‫شرح‬ ‫كلمة‬
‫المراد أنه لم يكن فاحش الطول ‪ ،‬فإن ماشي الطوال ساواهم‪ ،‬وإن جالسهم كان كتفه أعلى من جميعهم ‪،‬‬ ‫ليس بالطويل‬
‫وهذا العلو الحسي إشارة إلى العلو المعنوي لما كان ال يساويه أحد في رتب الكمال‬ ‫البائن‬
‫ال‪ :‬زائدة لتأكيد النفي ‪ ،‬وإنما وصف الطويل بالبائن ولم يصف القصير بمقابله؛ ألنه ﷺ كان إلى الطول‬ ‫وال بالقصير‬
‫أقرب تحديدا‪ .‬وهذا ال ينافي وصفه بالربعة‪-‬أي المتوسط‪ -‬ألنه وصف تقريبي وليس تحديدا‬
‫الحمرة والنور كالجص والبرص أي أن‬
‫النفي ُمنصب على القيد‪ ،‬األمهق ‪:‬الشديد البياض الخالي من ُ‬ ‫وال باألبيض‬
‫بحمرة( وهو أشرف األلوان)‪،‬وخبر المصنف عن هند(كان أزهر اللون)أي‬
‫بياضه ﷺ كان ني ار ُمشربا ُ‬
‫َ‬ ‫األمهق‬
‫ولم َعان‬
‫أبيض يعلوه إشراق َ‬
‫السمرة‪ ،‬والمنفي هو شدة السمار وال ينافي إثباتها فى حديث آخر ألن‬
‫الشديد األُد َمة ‪ ،‬بضم الهملة‪ ،‬وهي ُّ‬ ‫وال باآلدم‬
‫السمرة بمعنى الحمرة‬
‫هذا وصف له ﷺ من حيث شعره‪ .‬وهي أن يكون بالشعر التواء وانقباض أي تثَ ٍن‬ ‫ال َجعد‬
‫يجوز فتح الطاء األولى وكسرها هو شديد الجودة\ الشعر المسترسل أي السهل الذي ال التواء فيه‬ ‫طط \السبط‬
‫الَق َ‬

‫ترجمة الراوى األعلى‪ :‬أنس بن مالك‬


‫‪ ‬خادم النبي ﷺ خدمه في أول الهجرة وعمره عشر سنين ‪ ،‬ومكث في خدمته عشر سنين‪ ،‬وجاوز المائة ‪،‬‬
‫أنسا غالم كيس فادع له ‪ ،‬فقال النبي(ا للهم أكثر ماله وولده‪ ،‬وبارك فيه)‪،‬‬
‫‪ ‬وقد دعا له النبي ﷺ حين قال أمه‪ :‬إن ً‬
‫ذكور‬
‫صلبي مائة وخمسة وعشرين ًا‬ ‫‪ ‬قال ابن عساكر ‪ :‬مات له في طاعون الجارف ثمانون‪ ،‬وقال أنس‪ :‬فلقد دفن من ُ‬
‫بدر ‪ ،‬له ‪ 9889‬حديثا ‪،‬‬
‫إال بنتين ‪ ،‬وإن أرضي لتثمر في العام مرتين‪ ،‬وذكر ابن سعد أنه شهد ًا‬

‫‪ ‬روى عن بعض الصحابة‪ ،‬وروى عنه بنوه موسی والنضر وأبو بكر والحسن البصري وثاب ُ‬
‫البناني وسليمان وخلق كثير‬
‫‪ ‬قال العجلي ‪ :‬كان به وضح مات سنة تسعين أو بعدها وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة‪.‬‬
‫التفاصيل والفوائد والتنبيهات‬
‫ولم َعان‬
‫بحمرة ‪ ،‬وبين البياض يعلوه إشراق َ‬ ‫بياض ال ُمشرب ُ‬
‫س‪ :‬لماذا جمع الله للمصطفى بين ال َ‬
‫ج‪ :‬ألن األول ظاهره حسن والثاني لون أهل الجنة ولم يكن لونه في الدنيا كلونه في اآلخرة لئال يفوته أحد الحسنيين‪.‬‬
‫س‪ :‬كيف نجمع بين هذا الحديث حيث نفي عن النبي السمرة والحديث الثاني أثبته؟‬
‫ج‪ :‬نفي السمار هنا ال ينافي إثباته آخر ألن العرب تطلق السمرة على الحمرة والصحابة أجمعوا على أن بياضه مشرببحمرة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫فائدة ‪ :‬قال أئمتنا بكفر من قال ‪ :‬كان النبي ﷺ أسود؛ ألنه وصفه بغير صفته في قوة نفيه فيكون تكذيبا به ومن ذلك أن‬
‫كل صفة علم ثبوته له بالتواتر كان نفيها كفرا‪.‬‬
‫بعد ثالث‬ ‫بعثته ﷺ للنبوة بعد استكمال أربعين سنة‪ ،‬أما بعثه للرسالة فكان‬ ‫بعثه الله على رأس أربعين سنة‪ :‬إشارة إلى وق‬
‫سنين‪ .‬والرأس آخر السنة كقولهم رأس اآلية أي آخرها‪ .‬وهذا ظاهر القول بأن النبوة متقدمة على الرسالة‪.‬‬
‫فأقام بمكة عشر سنين‪ :‬وفي رواية ثالث عشرة سنة ‪ ،‬وجمع بين الروايتين بأن األولى تخوله على أنه أقام بها عشر سنين‬
‫ين أي بعد الهجرة‪ .‬هاجر من مكة‬
‫رسوال فال ينافي أنه أقام بمكة ثالث سنين نبيا‪ ،‬وهذه هي مدة فترة الوحي‪ .‬بال َمد َينة َعش َر سن َ‬
‫يوم الخميس ومعه أبو بكر رضي الله عنه‪ ،‬وقدم المدينة يوم االثنين‪.‬‬
‫اختلفوا في شهر بعثته‪ :‬قيل فى ربيع األول على تمام أربعين‪ ،‬والجمهور أنه فى رمضان فيكون له حين بعث أربعون سنة‬
‫ونصف أو تسعة وثالثون ونصف‪.‬‬
‫على الرسالة؟ الجواب‪ :‬فيه رأيان‪:‬‬ ‫س‪ :‬هل النبوة والرسالة متقاربتان أم النبوة تقدم‬
‫‪ ‬النبوة متقدمة بدليل حديث الباب (فأقام بمكة عشر سنين) أي للرسالة‪ ،‬وقد أقام بها ثالث سنين نبيا‬
‫أنه كان فى زمن فتور الوحي يدعوا الناس سرا(وهذه من فترات السنين الثالث األولى)‬ ‫‪ ‬هما متقاربتان‪ :‬ألنه قد ثب‬
‫فائدة ‪ :‬خلف النبي عليا على فراشه ليوهم المشركين وليرد ودائع الناس التى عند النبي إليهم‪ ،‬فهذا يدل على أن لقب األمين كان‬
‫قوال وفعال عند السلمين والمشركين‪ .‬وأمر ﷺ بالتاريخ اإلسالمي من حين الهجرة‪ .‬وأول من قام به عمر بن الخطاب‪.‬‬
‫وتوفاه الله‪ :‬وفي رواية فتوفاه الله أي قبض روحه على رأس ستين سنة‪ ،‬والمرجح أنه ثالث وستون‪ .‬وقيل ‪:‬خمس‬
‫س‪ :‬كيف نجمع بين األقوال المختلفة السابقة فى سنه ﷺ عند الوفاة؟‬
‫ج‪ :‬من عد سنتي المولد والوفاة قال ‪ ،96‬ومن لم يعدهما قال ‪ ،94‬ومن ألغى الكسر قال ‪.99‬‬
‫تنبيهان‪:‬‬
‫نبيا وآدم بين الروح والجسد)‪ .‬ال منافاة بين‬ ‫‪ .9‬فى آية "اقرأ" نبوته وفي "قم فأنذر" رسالته‪ ،‬وقد صح عنه ﷺ أنه قال (كن‬
‫نبيا‪ )...‬في عالم األرواح والغيب‪.‬‬ ‫االثنين إذ األولى فى عالم األجساد والشهادة والثانية(كن‬
‫‪ .8‬مع قلة سن بعثته فقد تبعه عدد كثير من الصحابة‪ .‬قال العلماء توفي عن ‪ 993‬ألفا كلهم رأوه ورووا عنه مع قصر عمرهم‪.‬‬
‫وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرًة بيضاء‪ :‬وفى رواية ‪ 93‬شعرة‪91 ،‬شعرة‪98 ،‬شعرة‪ .‬وما جاء في رواية نفي الشيب‪،‬‬
‫نه الله بالشيب) وحكمة قلة شيبه ﷺ مع ما جاء في فضل‬‫فالمراد به نفي كثرته ال أصله‪ ،‬ومن ثم صح عن أنس‪(:‬ولم َيش ُ‬
‫دائما للقوة ونضارة الشباب‪.‬‬‫مظهر ً‬‫ًا‬ ‫الشيب استبقاء نضارته وشبابه‪ ،‬وجدير أن يكون‬
‫الحديث الثاني‬
‫يل وال ِبالق ِص ِ‬
‫ير‪ ،‬حسن ال ِجسمِ‪ ،‬وَان‬ ‫الل ِه صَّلى الله علي ِه وسَّلم ربعةً‪ ،‬ليس ِب َّ‬
‫الط ِو ِ‬ ‫س ب ِن مالِ ٍك قال‪« :‬كان رسول َّ‬
‫عن أ ن ِ‬
‫اللو ِن‪ِ ،‬إذا مشى يتََّّفأ»‬
‫شعره ليس ِبجع ٍد وال سب ٍط أسمر َّ‬

‫شرح‬ ‫كلمة‬
‫متوسط بين الطويل والقصير‪ ،‬والمراد‪ :‬التقريب لما في رواية أبي هريرة‪:‬وكان ربع ًة إلى الطول أقرب‬ ‫ربع ًة‬
‫ونعومة واعتداال في الطول واللحم فهو معتدل الخلق متناسب األعضاء‬ ‫لونا ُ‬
‫جميُل ُه ً‬ ‫حسن الجسم‬
‫أحمره‪ ،‬وفي رواية‪ :‬أزهر اللون \ يميل إلى قدام ألنها مشية أولي العلم والهمة‬ ‫أسمر اللون\ يتكفأ‬

‫الحديث الثالث‬

‫‪3‬‬
‫وعا ب ِعيد ما بين المن َِّبي ِن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عن س ِمعت البراء بن ع ِازٍب يقول‪« :‬كان رسول َّ ِ‬
‫الله صَّلى الله عليه وسَّلم رج ًًل مرب ً‬
‫ط أحسن ِمنه» فائدة‪ :‬وقد صرحوا أن من‬ ‫ع ِظيم الج َّم ِة إِلى شحم ِة أذني ِه اليسرى‪ ،‬علي ِه حَّل ٌة حمراء‪ ،‬ما أريت شيًئا ق ُّ‬
‫كمال اإليمان االعتقاد أنه لم يجتمع في بدن إنسان من المحاسن ما اجتمع في بدنه ﷺ‬

‫شرح‬ ‫كلمة‬
‫التكس ُر ‪ -‬القليل‬
‫ُّ‬ ‫بضم الجيم وكسرها وفتحها أي أن شعره موصوف بالرجولة‪ ،‬وهي‬ ‫رج ًًل‬
‫أي عريض أعلى الظهر‪ ،‬ويللمه أنه عريض الصدر وفى رواية ‪ :‬رحب الصدر‬ ‫َبع َيد َما َبي َن ال َمنكَبين‬

‫نك َبين وأما اللمة فهي‬


‫ما سقط من شعر الرأس ووصل إلى المنكبين وأما الوفرة هي‪ :‬ما لم يصل إلى م َ‬ ‫يم ال ُجمة‬
‫َعظ َ‬
‫‪ :‬ما جاوز شحمة أ ُذ ُنيه متعلق بعظيم‬
‫حلة لحلول بعضها على بعض\ خالصة الحمراء‬ ‫ثوب له ظهارة وبطانة‪ ،‬سمي‬
‫الحلة ثوبان أو ٌ‬
‫ُ‬ ‫اء‬
‫َعَليه ُحل ٌة \ َحم َر ُ‬
‫بل هو أحسن من كل شيء رأي ‪ .‬وعبر بشيء ليشمل غير البشر كالشمس والقمر وغيرهما‬ ‫شيئا ‪...‬‬ ‫ما رأي‬
‫اللمن الماضي أي كان كذلك من المهد إلى اللحد‬ ‫قط‬
‫الحديث الرابع‬

‫يل وال ِبالق ِص ِ‬


‫ير‪ ،‬شثن الََّّفي ِن والقدمي ِن‪ ،‬ضخم‬ ‫الن ِب ُّي صَّلى الله علي ِه وسَّلم ِب َّ‬
‫الط ِو ِ‬ ‫عن علِ ِي ب ِن أ ِبي طالِ ٍب قال‪« :‬لم يَّ ِن َّ‬
‫ط ِمن صب ٍب‪ ،‬لم أر قبله وال بعده ِمثله‪.‬‬ ‫يس‪ ،‬ط ِويل المسرب ِة‪ِ ،‬إذا مشى تََّّفأ تَُّّف ًؤا َأَّنما ينح ُّ‬
‫س‪ ،‬ضخم الَّر ِاد ِ‬ ‫الر ِ‬
‫َّأ‬
‫الراوي األعلى‪ :‬علي بن أبي طالب أبي الحسن‪ ،‬وهو أول من أسلم من الصبيان‪ ،‬شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد‬
‫كلها غير تبوك‪ ،‬فإنه خلفه في أهله وقال له‪« :‬أما ترضى أن تكون مني بمنللة هارون من موسى إال أنه ال نبي بعدي»‬
‫استخلف يوم قتل عثمان‪ ،‬وضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي عامله الله بما يستحق‪ ،‬ومات بعد ثالث ليال من ضربته‪،‬‬
‫سحر‪.‬‬
‫وغسله ابناه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر‪ ،‬وصلى عليه الحسن‪ ،‬ودفن ًا‬
‫شرح‬ ‫كلمة‬
‫بفتح الشين وسكون الثاء غليظ األصابع والراحة بدليل ضخم الكفيين والقدمين جمع بينمها فى‬ ‫َشث ُن ال َكفين َوالَق َد َمين‬
‫مضاف واحد لشدة تناسبهما‬
‫عظيمه‪ ،‬وفي رواية‪ :‬عظيم الهامة ‪ ،‬كرر "الضخم" فى الرأس والكراديس لعدم المناسبة بينهما‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ضخم الرأس‬
‫هذا الوصف يدل على القوة الدافعية والنجابة‬
‫ظمين التقيا رؤوس العظام‪ ،‬والمراد أنه جسيم األعضاء‬ ‫ن‬
‫صفور‪ ،‬وهو كل َع َ‬
‫جمع كردوس بوز ُع ُ‬ ‫ال َك َراديس‬
‫السرة‬
‫بضم الراء والفتح‪ ،‬الشعر الدقيق الذي كان قضيب يمتد من الصدر إلى ُّ‬ ‫يل ال َمس ُرَبة‬
‫طو ُ‬
‫َ‬
‫كأنما يهوى من صبب أي كما ينلل من موضع منحدر‪ .‬ومن بمعنى" في"‬ ‫صَب ٍب‬ ‫ُّ‬
‫َين َحط من َ‬
‫الحديث الخامس‬
‫ال‪:‬‬ ‫أخرج اإلمام الترمذي بسنده إلي ُعمر بن َعبد الله موَلى ُغفرَة َقال‪ :‬حدثَني إبراهيم ب ُن محم ٍد من وَلد َعلي بن أَبي َ ٍ‬
‫طالب َق َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ان‬
‫ول الله بالطويل ال ُممغط‪َ ،‬وَال بالَقصير ال ُمتََردد‪َ ،‬وَك َ‬ ‫ال‪َ " :‬لم َي ُكن َرُس ُ‬ ‫الله َعَليه َو َسل َم َق َ‬
‫صلى ُ‬ ‫ول الله َ‬‫ف َرُس َ‬ ‫صَ‬ ‫ان َعل ٌّي إ َذا َو َ‬
‫َك َ‬
‫ير‬
‫ان في َوجهه تَدو ٌ‬ ‫طهم َوَال بال ُم َكلثَم‪َ ،‬وَك َ‬ ‫ان َجع ًدا َرج ًال‪َ ،‬وَلم َي ُكن بال ُم َ‬ ‫طط‪َ ،‬وَال بالسبط‪َ ،‬ك َ‬ ‫َرب َع ًة م َن الَقوم‪َ ،‬لم َي ُكن بال َجعد الَق َ‬
‫يل ال ُم َشاش َوال َكتَد‪ ،‬أَج َرُد ُذو َمس ُرَب ٍة‪َ ،‬شث ُن ال َكفين َوالَق َد َمين‪ ،‬إ َذا َم َشى تََقل َع‬ ‫ض ُم َش َر ٌب‪ ،‬أَد َع ُج ال َعيَنين‪ ،‬أَه َد ُب األَشَفار‪َ ،‬جل ُ‬ ‫أَبَي ُ‬

‫‪4‬‬
‫َوأَص َد ُق الناس‬ ‫صد ًرا‪،‬‬ ‫صَب ٍب‪َ ،‬وإ َذا التََف َ التََف َ َم ًعا‪َ ،‬بي َن َكت َفيه َخاتَم ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ين‪ ،‬أَج َوُد الناس َ‬ ‫النُبوة‪َ ،‬وهَُو َخاتَ ُم النبي َ‬ ‫ُ‬ ‫َكأَن َما َين َحط في َ‬
‫َوَال َبع َدهُ مثَل ُه ﷺ‪.‬‬ ‫ول َناعتُ ُه‪َ :‬لم أ ََر َقبَل ُه‬
‫َحب ُه‪َ ،‬يُق ُ‬
‫ط ُه َمعرَف ًة أ َ‬
‫يه ًة َه َاب ُه‪َ ،‬و َمن َخاَل َ‬
‫يك ًة‪َ ،‬وأَك َرُم ُهم عش َرًة‪َ ،‬من َرآهُ َبد َ‬
‫َله َج ًة‪َ ،‬وأَلَي ُن ُهم َعر َ‬
‫شرح‬ ‫كلمة‬
‫جعفر بن قيس الحنفية‪،‬‬ ‫ابن الحنفية وهي أمة لعلي من سبي بني حنيفة‪ ،‬واسمها‪ :‬خولة وهي بن‬ ‫إبراهيم بن محمد‬
‫وفي السند انقطاع ألن إبراهيم لم يسمع من أبيه‬
‫أي اسم فاعل من االنمغاط أي التناهي في الطول\ المتناهي في القصر‬ ‫ال ُممغط \ ال ُمتََردد‬
‫تقريبًا فال ينافي أنه ُّ‬
‫للطول أقرب\ أي فى القوم‪ ،‬والقوم جماعة الرجال ليس فيهم امرأة‬ ‫َرب َع ًة \ من القوم‬
‫فيحمل قوله‪(:‬في وجهه تدوير) على تدوير اللطيف مع اإلسالة‬
‫طا ُ‬
‫كثير اللحم\ المدوُر الوجه تدوي ار ُمفر ً‬ ‫طهم \ِال ُم َكلثَم‬
‫ال ُم َ‬
‫شديد سواد َح َدَقتهما مع سعة العين ‪ ،‬وشدة بياض بياضهما‬ ‫أَد َع ُج ال َعيَنين‬
‫عليها األهداب‬ ‫أي طويل شعرها‪ ،‬فإن األشفار طروف األجفان التى تنب‬ ‫أَه َد ُب األَشَفار‬
‫رؤوس العظام \ بفتح التاء وكسرها مجتمع الكفتََين‬ ‫ال ُم َشاش \ َوال َكتَد‬
‫السرة‬
‫أغلب بدنه ال شعر عليه‪ \ ،‬شعر دقيق كالخيط من اللبة إلى ُّ‬ ‫أَج َرُد\ ُذو َمس ُرَب ٍة‬
‫مشي بقوة كانه يخلع رجليه من األرض \ أي أن ُجوده كان من انشراح صدر‬ ‫تََقل َع\أجود الناس صد ار‬

‫بجميع جسده ال بعنقه لما فيه من الخفة هذا إذا التف وراءه‪ ،‬أما يمن ًة ويسرًة فيكون بعنقه الشريف فقط‬ ‫َوإ َذا التََف َ التََف َ‬
‫بكسر التاء وفتحها وهو قطعة لحم بارزة \ وأصدق الناس لهجة‪ :‬أي كالما‬ ‫َم ًعا\ خاتم النبوة‬
‫أي طبيعة \ وفي عشيرة قبيلة َوزًنا ومعًنى‬ ‫يك ًة \ عشرة‬ ‫َعر َ‬
‫أي مفاجأة خافه وأجله \ خالطه أي مخالطة معرفة \ أحبه‪ :‬لما يتحققه من صفاته الباطنة والظاهرة‬ ‫يه ًة َهاَب ُه‬
‫َمن َرآهُ َبد َ‬
‫باب َيف َان ًَلم رسول الله(ص ‪)131-121‬‬
‫الكالم اسم مصدر بمعنى التكلم أو ما يتكلم به أو بالمعنيين‬
‫صل‪ ،‬يحفظه‬
‫‪ )9‬عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت‪«:‬ما َان رسول الله ﷺ يسرد َسردَم هذا‪ ،‬ولَّنه َان يتَّلم بكًلم بي ٍن ف ٍ‬
‫من جلس إليه»‬
‫معناها‬ ‫كلمة‬
‫ٍ‬
‫فصل‪ :‬مصفول بعضه عن بعض‪،‬‬ ‫يأتى بالكالم على الوالء ويستعجل فيه \ظاهر\‬ ‫يسرد\ بين‬
‫جلس إليه‪ :‬وليس الجلوس هنا بقيد فالمراد من أصغى إليه وإن لم يجلس ولو من الكفار الذين ال رغبة لهم فى سماعه‬ ‫يحفظه من‬
‫التفاصيل والفوائد والتنبيهات‬
‫‪ ‬قال ابن حجر‪ :‬كان ﷺ أفصح الخلق لسانا وأعذبهم كالما وأسرعهم ردا وأوضحهم بيانا كيف ال؟ ولسانه أعظم سيف من‬
‫سيوف الله يبين عن مراده ويقصم بساطع نوره حجج المبطلين ويهدي الله به عباده‪.‬‬
‫فصاحتها‬ ‫لغةُ إسماعيل قد درس‬ ‫‪ ‬روى أبو نعيم أن عمر قال له‪ :‬ما لك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا؟ قال كان‬
‫فجاءني بها جبريل فحفظتها‪.‬‬
‫‪ ‬وقال ‪ :‬أدبني ربي فأحسن تأديبي‪ ،‬وفى الجامع الصغير‪ :‬أحبوا العرب لثالث ألني عربي والقرآن عربي وكالم الجنة عربي‪.‬‬
‫‪ ‬ويؤخذ من هذا الحديث ومثله أن من وضع نفسه موضع التعليم واإلرشاد والوعظ أو كان له األمر والنهي ينبغي له أن يكون‬
‫كالمه بينا واضحا فصال ليفهمه سامعه ويقوم بالغرض المطلوب منه‪.‬‬
‫‪ )2‬عن أنس بن مالك قال‪«:‬كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعيد الَّلمة ثًلثا لتعقل عنه»‬

‫‪5‬‬
‫‪-‬الحديث السابع‪ :‬في الكتاب‬
‫"ضليع الفم"‪:‬عظيم الفم ‪" /‬أشكل العين"‪:‬طويل شق العين‪،‬وقيل أن الصواب في معنى كلمة الشكلة هوحمرة في بياض‬
‫العين‪ ،‬أما معنى الشهلة فهي حمرة في سواد العين‪ ،‬والشكلة إحدى عالمات النبوة‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثامن‪" :‬عن جابر بن سمرة قال‪:‬رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في ليلة إضحِ يان وعليه ُحلّة‬
‫حمراء‪،‬فجعلت أنظر إأليه وإلى القمر‪،‬فلهو عندي أحسن من القمر"‪.‬‬
‫"في ليلة إضحِ يان"‪:‬أي ليلة ُمقمرة من أولها إلى آخرها ‪" /‬فلهو عندي أحسن من القمر"‪:‬وإنما كان رسول هللا أحسن ألن‬
‫ضو َءه يغلب على ضوء القمر وضوء الشمس‪.‬‬

‫‪-‬الحديث التاسع‪" :‬سأل رجل على البراء بن عازب‪:‬أكان وجه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مثل السيف؟ قال‪:‬ال‪،‬بل‬
‫كان مثل القمر"‪.‬‬
‫"مثل السيف"‪:‬في االستنارة واالستطالة‪،‬فالسؤال عنهما معًا ‪" /‬ال‪،‬بل كان مثل القمر"‪:‬أي ليس له مثل فيهما بل مثل القمر‬
‫مستديرا جدًا بل كان بين االستدارة واالستطالة‪.‬‬
‫ً‬ ‫المستدير الذي هو أنور من السيف لكنه لم يكن‬

‫صيغ من فضة‬ ‫‪-‬الحديث العاشر‪" :‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪:‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أبيض كأنما ِ‬
‫َر ِج َل الشعر"‪.‬‬
‫التعريف بالرواي ‪:‬اسمه عبد الرحمن بن صخر الدوسي‪،‬كان اسمه في الجاهلية عبد شمس فسماه النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫عبد الرحمن ‪" /‬أبيض كأنما ِصيغ من فضة"‪ :‬ألنه كان يعلو بياضه النور واإلشراق‪،‬وفيه إشارة إلى نورانية وجهه‬
‫"ر ِج َل الشعر"‪ًّ :‬‬
‫تثن وتكسّر قليل‪.‬‬ ‫وتناسب أعضائه ‪َ /‬‬

‫‪-‬الحديث الحادي عشر‪:‬في الكتاب‬


‫ي النبياء"‪:‬عُرض‪:‬مبني للمجهول‪،‬واألنبياء بالمعنى األعم الشامل للرسول‪،‬قيل‪:‬كان هذا العرض ليلة اإلسراء‬ ‫"عُرض عل ّ‬
‫ي األنبياء إيما ًء إلى فضله صلى‬
‫في بيت المقدس‪،‬وقيل كان في المنام ‪ ،‬وإن النبي صلى هللا عليه وسلم لم يقل عُرضت عل ّ‬
‫شنُوءة"‪:‬ضرب من‬ ‫هللا عليه وسلم على سائر األنبياء ‪" /‬فإذا بموسى عليه السالم ضرب من الرجال كأنه من رجال َ‬
‫شنُوءة أي قبيلة باليمن رجالها متوسطة بين الخِ فّة والسمنة‪ ،‬والظاهر أن المراد تشبيه‬
‫الرجال‪:‬أي نوع منهم‪،‬وكأنه من رجال َ‬
‫صورته بهم ‪" /‬ورأيت عيسى بن مريم"‪:‬بنت عمران من ذرية سليمان ‪/‬‬

‫"فإذا أقرب من رأيت به شب ًها عروة بن مسعود"‪ :‬الثقفي‪،‬وهو الذي أرسلته قريش للنبي صلى هللا عليه وسلم يوم الحديبية‬
‫فعقد معه الصلح وهو كافر ثم أسلم سنة ‪9‬من الهجرة بعد رجوعه صلى هللا عليه وسلم من الطائف ‪/‬‬
‫"ورأيت إبراهيم"‪:‬الخليل‪،‬ومعناه بالسريانية أب رحيم ‪" /‬فإذا أقرب من رأيت شب ًها صاحبكم"‪:‬لذا ورد(أنا أشبه ولد إبراهيم‬
‫به) ‪" /‬ورأيت جبريل فإذا أقرب من رأيت شب ًها به دُحيّة"‪:‬جبريل على وزن فعيل ومعناه بالسريانية عبد هللا أوعبد‬
‫الرحمن أوعبد العزيز‪،‬وجبريل ليس من األنبياء بل هو من المالئكة وإنما ذكره النبي صلى هللا عليه وسلم لكثرة مجيئه‬
‫ي صحابي شهد المشاهد كلها مع النبي صلى هللا عليه وسلم وكان جبريل يأتي‬ ‫بالوحي لهم ومخالطتهم‪ ،‬ودُحيّة هودُحيّة الكلب ّ‬
‫في صورته غالبًا‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬


‫‪56‬‬
‫باب ما جاء في ذكر خاتم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪-‬إذا قيل خاتم النبوة‪ :‬فالمراد به البضعة الناشزة بين كتفيه صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫‪-‬وإذا قيل خاتم النبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬فالمراد به الطابع الذي يُختم به الكتب‪.‬‬

‫‪-‬الحديث األول‪" :‬عن أنس بن مالك قال‪:‬كان خاتم النبي صلى هللا عليه وسلم من َو ِرق‪،‬وكان فَ ّ‬
‫صه حبشيًا"‪.‬‬
‫"من َو ِرق"‪ :‬من فضة‪،‬وقد قيل إن الخاتم من الحديد أو النحاس مكروه‪،‬لكن هذا القول ضعيف لحديث صحيح فيه(التمس‬
‫ولو خات ًما من حديد) ‪ /‬ويؤخذ من هذا الحديث‪:‬أنه ي ّ‬
‫ُسن اتخاذ الخاتم ولو لم يحتجه لختم‪.‬‬
‫"وكان فصّه حبشيًا"‪:‬والمراد به هنا ما ينقش عليه اسم صاحبه‪ ،‬وإنما كان حبشيًا ألن معدنه بالحبشة إذ كان من جزع‬
‫صه منه أي‬
‫صه حبشي – واآلخر ف ّ‬ ‫وهو خرز فيه بياض وسواد‪ ،‬قال البيهقي‪(:‬وفيه داللة على أنه كان له خاتمان‪:‬أحدهما ف ّ‬
‫من فضة)‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثاني‪":‬عن ابن عمر أن النبي صلى هللا عليه وسلم اتخذ خات ًما من فضة فكان يختم به وال يلبسه"‪.‬‬
‫"اتخذ خات ًما من فضة"‪ :‬جزم ابن سيد الناس بأن اتخاذه للخاتم كان في السنة السابعة وجزم غيره بأنه كان في‬
‫السادسة‪،‬وجُمع بين الروايتين بأن كان في أواخر السادسة وأوائل السابعة؛ألنه إنما اتخذه عند إرادته مكاتبة الملوك وكان‬
‫ذلك في ذي القعدة سنة ستة‪.‬‬
‫"فكان يختم به وال يلبسه"‪ :‬أي كان يختم به الكتب التي يرسلها للملوك وال يلبسه في يده‪ ،‬لكن هذا ينافي ما قيل أنه كان‬
‫يلبسه في يمينه ويدفع التنافي بأن له صلى هللا عليه وسلم خاتمين‪:‬أحدهما منقوش بصدد الختم به وكان ال يلبسه‪ ،‬والثاني‬
‫كان يلبسه ليقتدي به أو كان ال يلبسه في أول اتخاذه‪،‬ثم لبسه واستمر األمر على ذلك‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثالث‪" :‬عن أنس بن مالك قال‪:‬كان خاتم النبي صلى هللا عليه وسلم من فضّة ف ّ‬
‫صه منه"‪.‬‬
‫صه منفصل عنه‪.‬‬‫صه بف ّ‬
‫"فصّه منه"‪:‬أي ف ّ‬

‫‪-‬الحديث الرابع‪" :‬عن أنس بن مالك قال‪:‬لما أراد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن يكتب إلى لعجم قيل له‪:‬إن العجم ال‬
‫يقبلون إال كتابًا عليه خاتم فاصطنع خات ًما فكأني أنظر إلى بياضه في كفّه"‪.‬‬
‫"إلى العجم"‪ :‬أي ملوكهم ليدعوهم إلى اإلسالم‪ ،‬والمراد بالعجم‪:‬ما عدا العرب فيشمل الروم وغيرهم‪.‬‬
‫"قيل له"‪:‬أي قال له رجل من قريش أو من العجم ‪" /‬ال يقبلون إال كتابًا عليه خاتم"‪:‬أي نقش خاتم‪،‬وعدم قبولهم له ألنه‬
‫تطرق الشك إلى مضمونه فال يعملون به‪ ،‬وألن ترك ختمه يدل على عدم تعظيم المكتوب فيه‪.‬‬ ‫إذا لم يُختم ّ‬
‫"فاصطنع خات ًما"‪:‬فأمر يعلى بن أمية أن يصنع له خات ًما ‪" /‬فكأني أنظر إلى بياضه في كفّه"‪:‬ألنه كان من فضة وفي هذا‬
‫إشارة إللى كمال إتقانه ‪ /‬ويدل ها الحديث على مشروعية المراسلة بالكتب وقد جعل ذلك سنة في خلقه‪ ،‬وأول من استفاض‬
‫ذلك سليمان لما ارسل كتابه إلى بلقيس مع الهدهد‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الخامس‪" :‬عن أنس بن مالك قال‪:‬كان نقش خاتم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬محمد في سطر ورسول في‬
‫سطر وهللا في سطر"‪.‬‬
‫"كان نقش خاتم رسول هللا عليه وسلم"‪ :‬خبر كان محذوف وتقديره‪:‬ثالثة أسطر‪ ،‬وقيل‪:‬إن نقش الخواتم تارة يكون كتابة‬
‫وتارة يكون غ يرها‪ ،‬فإن لم كتابة بل لمجرد التحسين فهو مقصد مباح إذا لم يقارنه شئ محرم كنقش صورة وشخص‪ ،‬وإن‬
‫ي(هللا الملك)‪.‬‬ ‫كان كتابة فتنقش عليه مواعظ مؤثرة كنقش خاتم عمر(كفى بالموت واع ً‬
‫ظا) ونقش خاتم عل ّ‬
‫"محمد سطر ورسول سطر وهللا سطر"‪:‬أي كل من ألفاظ محمد رسول هللا في سطر من األسطر الثالثة‪،‬وروي أن كتابته‬
‫كانت مستقيمة وكانت تطلع كتابة مستقيمة واألظهر أن كتابته كانت مقلوبة في النقش ليخرج الخاتم مستويًا‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪67‬‬


‫‪-‬الحديث السادس‪" :‬عن أنس بن مالك أن النبي صلى هللا عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر والنجاشي‪،‬فقيل له‪:‬إنهم ال‬
‫يقبلون كتابًا إال بخاتم فصاغ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خات ًما حلقته فضة‪،‬ونُقش فيه محمد رسول هللا"‪.‬‬
‫سرو‪ ،‬ولما جاء كتابه صلى هللا عليه وسلم إليه ّ‬
‫مزقه فدعا عليه‬ ‫"إلى كسرى"‪:‬لقب لكل من ملَك الفرس وهو ُم ّ‬
‫عرب ُخ َ‬
‫ف ُم ّزق ُملكه ‪" /‬قيصر"‪:‬لقب لكل من َملَك الروم ‪" /‬النجاشي"‪:‬لقب لكل من َملَك الحبشة‪ ،‬كما أن فرعون لقب لكل من ملَكَ‬
‫القبط‪ ،‬والعزيز لقب لكل من ملَكَ مصر‪.‬‬

‫‪-‬الحديث السابع‪" :‬عن الزهري عن أنس أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان إذا دخل الخالء نزع خاتمه"‪.‬‬
‫"إذا دخل الخالء"‪:‬أي إذا أراد دخوله‪،‬والخالء في األصل‪:‬هو المحل الخالي ثم استعمل في المخل المع ّد لقضاء الحاجة ‪/‬‬
‫"نزع خاتمه"‪:‬الشتماله على اسم معظم‪ ،‬وفي الحديث ما يدل على أن دخول الخالء بما نُقش عليه اسم معظم مكروه‬
‫تنزي ًها وقيل تحري ًما‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثامن‪" :‬عن ابن عمر قال‪:‬اتخذ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خات ًما من َو ِرق فكان في يده ثم كان في يد أبي‬
‫بكر ويد عمر ثم كان في يد عثمان حتى وقع في بئر أريس نقشه محمد رسول هللا"‪.‬‬
‫"فكان في يده ثم كان في يد أبي بكر‪:"..‬أي كان الخاتم في خنصر يده‪،‬وهكذا يقال في سابقه والحقه ‪" /‬ثم كان في يد‬
‫عثمان‪:‬ثم للتراخي في الزمن‪ ،‬ووقع في بئر أريس أي سقط فيها في خالفة عثمان ‪" /‬نقشه محمد رسول هللا"‪:‬على‬
‫الترتيب أو على عكس الترتيب ‪/‬‬
‫سا على شفيرها فطلب الخاتم‬ ‫"بئر أريس"‪:‬هوبئر بحديقة قريبة من مسجد قباء أمر عثمان بحفرها ألهل المدينة وكان جال ً‬
‫ليختم شيئًا فسقط فيها من بينها‪ ،‬ولكون النبي صلى هللا عليه وسلم لم تأخذ ورثته الخاتم وال غيره‪ ،‬بل صار أمر أثاثه‬
‫للخليفة بعده فصرفه لمن أراد من المسلمين وأبقى الخاتم عنده التي اتخذه النبي صلى هللا عليه وسلم لها‪.‬‬

‫باب ما جاء في أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يتختّم في يمينه‬
‫‪-‬الحديث األول‪" :‬عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يلبس خاتمه في يمينه"‪.‬‬
‫"كان يلبس خاتمه في يمينه"‪ :‬ألن التختم فيه نوع تكريم‪،‬واليمين أحق به‪ ،‬وعن البخاري أن التختم في اليمين أصح شئ‬
‫في هذا الباب عن النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ويُجمع بين روايات اليمين واليسار بأن ً‬
‫كال منهما وقع في بعض األحوال او‬
‫انه صلى هللا عليه وسلم كان له خاتمان كل واحد في يد‪ ،‬وبالجملة فالتختم في اليسار ليس مكروهًا وال خالف األولى بل‬
‫هو سنة لكنه في اليمين أفضل‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثاني ‪" :‬عن عبد هللا بن جعفر‪:‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يتختم في يمينه"‪.‬‬
‫التعريف الراوي ‪:‬عبد هللا بن جعفر هو صحابي كأبيه وهو أول مولود ولد في أرض الحبشة ومات في المدينة‪.‬‬
‫‪-‬لم تُبيّن هذه األحاديث في أي األصابع وضعه فيها‪،‬لكن في الصحيحين تعيين الخنصر‪،‬فالسنة جعله في الخنصر فقط؛ألنه‬
‫أبعد عن االمتهان فيما يتعاطاه اإلنسان باليد‪.‬‬

‫صلب بن عبد هللا قال‪:‬كان ابن عباس يتختم في يمينه وال إِخالُه إال قال‪:‬كان رسول هللا صلى هللا‬ ‫‪-‬الحديث الثالث‪" :‬عن ال ّ‬
‫عليه وسلم يتختم في يمينه"‪.‬‬
‫"وال ِإخالُه إال قال"‪:‬أي وال أظنه إال قال‪،‬فـ إخا ُل بمعنى أظنّ ‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬


‫‪78‬‬
‫صه مما يلي كفّه‪،‬ونقش فيه‬‫‪-‬الحديث الرابع‪" :‬عن ابن عمر أن النبي صلى هللا عليه وسلم اتخذ خات ًما من فضة وجعل ف ّ‬
‫محمد رسول هللا‪،‬ونهى أن ينقش أحد عليه‪،‬وهو الذي سقط من ُم َعيقيب في بئر أريس"‪ُ (.‬معيقيب أسلم قدي ًما وهاجر إلى‬
‫الحبشة وكان يلي خاتم المصطفى صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫"جعله مما يلي كفّه"‪:‬أص ّح فهو األفضل ألنه أبعد عن الزهو والعُجب‪،‬وأحفظ للنقش من أن يُحاكي أي ينقش مثله أو‬
‫يصيب شئ ‪" /‬ونقش فيه محمد رسول هللا"‪:‬أي أمر بنقشه‪ ،‬ويحتمل أن قوله محمد ‪:‬خبر لمبتدأ محذوف تقديره(صاحبه‬
‫محمد) ويحتمل أن قوله محمد رسول هللا‪:‬مبتدأ وخبر‪.‬‬
‫"ونهى أن ينقش أحد عليه"‪:‬أي مثل نقشه وهو محمد رسول هللا‪،‬والحكمة في النهي عن ذلك‪:‬أنه لونقش غيره مثله ألدى‬
‫ذلك إلى االلتباس والفساد‪،‬وما روي أن معادًا نقش خاتمه‪:‬محمد رسول هللا‪:‬فهو غير ثابت‪ ،‬وحتى لو ثبت فهو قبل النهي‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الخامس‪" :‬عن جعفر بن محمد عن أبيه‪:‬كان الحسن والحسين يتختّمان في يسارهما"‪.‬‬
‫ير سيدنا الحسين فهذا األثر مرسل بالنسبة لسيدنا الحسن‪،‬وبالنسبة لسيدنا الحسين‬
‫"عن أبيه"‪:‬أي محمد الباقر‪،‬وهو لم َ‬
‫فيمكن كونه رآه في يساره‪،‬فال يكون األثر مرسل بالنسبة إليه ‪" /‬كان الحسن والحسين"‪:‬لم يذكر المؤلف في التختم في‬
‫اليسار وإال هذا األثر من غير زيادة‪.‬‬

‫‪-‬الحديث السادس‪" :‬عن ابن عمر قال‪:‬اتخذ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خات ًما من ذهب‪،‬فكان يلبسه في يمينه‪،‬فاتخذ‬
‫الناس خواتيم من ذهب فطرحه صلى هللا عليه وسلم وقال‪:‬ال ألبسه أبدًا‪ ،‬فطرح الناس خواتيمهم"‪.‬‬
‫صه حبشيًا ‪" /‬فاتخذ الناس‬‫"فكان يلبسه في يمينه"‪:‬أي قبل تحريم الذهب على الرجال‪ ،‬وهذا الخاتم هو الذي كان ف ّ‬
‫خواتيمهم من ذهب"‪:‬أي تبعًا له صلى هللا عليه وسلم ‪" /‬فطرحه صلى هللا وقال ال ألبسه أبدً"‪ :‬أي لما رأى زهوهم بلُبسه‬
‫وصادف ذلك نزول الوحي بتحريمه وبالجملة فتحريم التختّم بالذهب ُمجمع عليه اآلن في حق الرجال ‪/‬‬
‫"فطرح الناس خواتيمهم"‪:‬أي تبعًا له صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ويتناول النهي جميع األحوال‪.‬‬

‫باب ما جاء في ِمشية رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬ ‫‪X‬‬

‫‪-‬الحديث األول‪" :‬عن أبي هريرة قال‪:‬ما رأيت شيئًا أحسن من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كأن الشمس تجري في‬
‫وجهه‪ ،‬وما رأيت أحدًا أسرع في مِشيته من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كأنما األرض تطوي له إنا لنجهد أنفسنا وإنه‬
‫لغير ُمكترث"‪.‬‬
‫"ما رأيت"‪:‬أبصرت وعلمت ‪" /‬شيئ ًا أحسن من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم"‪:‬بل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫أحسن من رأى ‪" /‬كأن الشمس تجري في وجهه"‪ :‬أي ألن لمعان وجهه وضوءه يشبه لمعان الشمس وضوءها‪ ،‬وخص‬
‫الوجه ألنه مظهر المحاسن ولكن حسن البدن تابع له غالبًا‪ ،‬وقد ورد(لو رأيته لرأتي الشمس طالعة) وكل هذا تقريب وإال‬
‫فهو صلى هللا عليه وسلم أعظم من الشمس ‪" /‬أسرع في مشيته"‪ :‬المراد بيان صفة مشيه المعتاد في غير إسراع منه ‪/‬‬
‫"لنجهد"‪:‬نتعب ‪" /‬أنفسنا"‪ :‬ونحملها فوق طاقتها‪ ،‬وهو ال يصد إجهادهم وإنما كان يمشس بحالته العادية ‪/‬‬
‫"لغير مكترث"‪:‬غير ُمبا ٍل بالمشي ال بأصحابه‪،‬وهذا يدل على منتهى القوة‪.‬‬

‫ي إذا وصف النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬إذا مشى تقلّع كأنما ينحط من صبب"‪.‬‬
‫‪-‬الحديث الثاني‪" :‬كان عل ّ‬
‫"إذا مشي تقلّع"‪:‬رفع رجليه من األرض بهمة وقوة ال مع اختيال وبطء حركة‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثالث‪" :‬عن عل ّ‬


‫ي بن أبي طالب قال‪:‬كان النبي صلى هللا عليه وسلم إذا مشي تكفأ تكفؤًا"‪.‬‬
‫"تكفأ تكفؤًا"‪ :‬معناه أنه يميل إلى أمامه ليرفع من رجله من األرض بكلّيته ال مع اهتزاز وتكسّر كهيئة المحتال‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪8‬‬


‫‪9‬‬
‫‪-‬الحديث الثالث‪" :‬عن سلمان قال‪:‬قرأت في التوراة أن بركة الطعام الوضوء بعده‪ ،‬فذكرت ذلك للنبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم وأخبرته بما قرأت في التوراة ‪،‬فقال صل هللا عليه وسلم‪:‬بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده"‪.‬‬
‫"قرأت في التوراة"‪:‬وهي أعظم الكتب بعد القرآن ‪" /‬فذكرت ذلك"‪:‬أي ما في التوراة ‪" /‬بركة الطعام الوضوء قبله‬
‫والوضوء بعده"‪:‬أي بركته تحصل بال وضوء قبله أي عند إرادته والوضوء بعده أي عقب فراغه فيحصل باألول استمراؤه‬
‫األكل وحصول نفعه به‪ ،‬ويحصل بالثاني زوال نحو الغَ ْمر لبعد الشيطان ودحضه‪ ،‬والمراد بالوضوء هنا المعنى اللغوي‬
‫وهو غسل الكفّين‪.‬‬
‫‪-‬و ُيسن‪:‬تقديم الصبيان على المشايخ في الغسل ألن أيدي الصبيان أقرب إلى الوسخ وأما بعد الطعام فبالعكس إكرا ًما‬
‫للشيوخ وهذا كله في غير صاحب الطعام‪ ،‬أما هو فيتقدم بالغَسل قبل الطعام ويتأخر به بعده‪.‬‬

‫باب ما جاء في قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قبل الطعام وبعدما يفرغ منه‬
‫أر طعا ًما كان أعظم‬ ‫‪-‬الحديث األول‪" :‬عن أبي أيوب قال‪:‬كنّا عند النبي صلى هللا عليه وسلم يو ًما‪ّ ،‬‬
‫فقرب طعا ًما‪ ،‬فلم َ‬
‫بركة منه أول ما أكلنا وال أق ّل بركة في آخره‪،‬فقلنا‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬كيف هذا؟ قال‪:‬إنا ذكرنا اسم هللا حين أكلنا‪ ،‬ثم قعد من‬
‫أكل ولم يس ّم هللا تعالى فأكل معه الشيطان"‪.‬‬
‫"أول ما أكلنا"‪:‬أي في أول أوقات أكلنا‪،‬فـ أول منصوبة على الظرفية و ما مصدرية ‪" /‬في آخره"‪ :‬أي في آخر وقت أكلنا‬
‫إياه ‪" /‬اسم هللا"‪ :‬فيه إشارة إلى حصول سنة التسمية ببسم هللا وأما زيادة الرحمن الرحيم فهي أكمل‪ ،‬ويستحب الجهر بها‬
‫ليقتدي بها غيره ‪" /‬فأكل معه الشيطان"‪ :‬أي حقيقة عند الجمهور‪،‬فلم تكن التسمية المتقدمة عل حضوره مؤثرة في عدم‬
‫تم ّكن الشيطان من األكل معه‪ ،‬وهذا ظاهر على أن التسمية سنّة عين ‪/‬‬
‫حرمت‪.‬‬‫والحاصل أن التسمية على الطعام ت ُندب حتى للجُنب والحائض والنفساء ولكن ال يقصدون بها قرآنًا وإال ّ‬

‫‪-‬الحديث الثاني‪" :‬عن عائشة رضي هللا عنها قال‪:‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬إذا أكل أحدكم فنسي أن يذكر هللا‬
‫تعالى على طعامه فليقل‪:‬بسم هللا أوله وآخره"‪.‬‬
‫"فنسي أن يذكر هللا تعالى على طعامه"‪ :‬أي نسي التسمية حين الشروع في األكل ثم تذكر في أثنائه ‪" /‬فليقل بسم هللا أوله‬
‫وآخره"‪:‬أي ندبًا‪ ،‬ال يقال إن ذكر األولى واآلخر يخرج الوسط ألن المراد التعميم‪ ،‬فالمعنى بسم هللا على جميع أجزائه‬
‫كقوله تعالى{ولهم رزقهم فيها بُكرة وعشيًا}‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثالث‪" :‬عن عمرو بن أبي سلمة أنه دخل على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعنده طعام فقال‪:‬اد ُن يا بن ّ‬
‫ي‬
‫فس ّم هللا تعالى وكُل بيمينك وكُل مما يليك"‪.‬‬
‫سلمة ُولد بالحسة ومات بالمدينة‪.‬‬‫التعريف بالراوي‪:‬عمرو كان ربيب النبي صلى هللا عليه وسلم من أم َ‬
‫اقرب ‪" /‬يا بني"‪:‬بصيغة التصغير شفقة منه صلى هللا عليه وسلم ‪" /‬فس ّم هللا"‪:‬أي ندبًا‪ ،‬وكذا ما بعده‪ ،‬ويؤخذ منه‬ ‫"ادنُ"‪ُ :‬‬
‫أنه يندب على الطعام من أخ ّل بشئ من آدابه ‪" /‬وكُل مما يليك"‪:‬هذا في غير الفاكهة إذا كانت أنواعًا ‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الرابع‪" :‬عن أبي أمامة قال‪:‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا ُرفعت المائدة من بين يديه يقول‪:‬الحمد هلل‬
‫ى عن ربّنا"‪.‬‬‫كثيرا طيبًا مبار ًكا فيه غير ُمودع وال ُمستغن ً‬
‫ً‬ ‫حمدًا‬
‫صا‬‫"المائدة"‪:‬السفرة التي تُم ّد وتُبسط لُيوقع عليها الطعام وتطلق على الطعام نفسه ‪" /‬حمدً"‪:‬مفعول مطلق ‪" /‬طيبًا"‪:‬خال ً‬
‫من الرياء ‪" /‬غير ُمودع"‪:‬بصيغة اسم المفعول أي غير متروك لنا ‪" /‬وال ُمستغنًى عنه"‪:‬أي ال يستغني عنه أحد ألنه‬
‫بالجر يدل من‬
‫ّ‬ ‫سبب لدواد النعمة وزيادتها ‪" /‬ربّنا"‪:‬بالرفع خبر لمبتدأ محذوف أي هو ربّنا – أو بالنصب على المدح – أو‬
‫لفظ الجاللة‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪10‬‬


‫‪10‬‬

‫د بدر‬
‫‪-‬الحديث الخامس‪" :‬عن عائشة قال‪:‬كان النبي صلى هللا عليه وسلم يأكل الطعام في ستة‪ ،‬فجاء أعرابي فأكله‬
‫بلقمتين‪،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬لو س ّمى لكفاكم"‪.‬‬
‫"في ستة"‪:‬أي مع ستة ‪" /‬أعرابي"‪:‬واحد األعراب سكان البوادي ‪" /‬لكفاكم"‪:‬المعنى أن هذا الطعام وإن كان ً‬
‫قليال لكن‬
‫س ّمى لبارك هللا وكفاكم ولكن لما ترك ذلك األعرابي التسمية انتفت البركة‪ ،‬ألن الشيطان ينتهز الفرصة وقت الغفلة عن‬
‫ذكر هللا‪.‬‬

‫‪-‬الحديث السادس‪" :‬عن أنس بن مالك قال ‪:‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬إن هللا ليرضى عن العبد أن يأكل األكلة‬
‫أو يشرب الشربة فيحمده عليها"‪.‬‬
‫"إن العبد ليرضى عن العبد"‪:‬أي يثيبه ويرحمه ‪" /‬أن يأكل"‪:‬أن يأكل أوقت األكل ‪" /‬األُكلة"‪:‬بضم الهمزة‪:‬اللقمة‪،‬‬
‫بفتحها‪:‬المرة ‪" /‬أو يشرب الشربة فيحمده عليها"‪:‬أو للتنويع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أو‬

‫باب ما جاء في صفة شراب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪-‬الحديث األول‪" :‬عن عائشة قالت‪:‬كان أحبّ الشراب إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الحلو البارد"‪.‬‬
‫"الحلو البارد"‪:‬وال يشكل بأن اللبن كان أحبّ إليه‪،‬ألن الكالم في الشراب الذي هو الماء‪ ،‬والمراد العذب أو المنقوع فيه‬
‫التمر أو الزبيب أو الممزوج بالعسل‪،‬وإذا جمع الماء حالوة والبرودة حفظ الصحة ونفع القلب والكبد‪ ،‬أما الملح والساخن‬
‫فيفعل ضد هذه األشياء‪ ،‬وتبريد الماء وتحليته ال ينافي كمال الزهد ألن فيه مزيد الشهود لِنعم هللا تعالى وإخاللص الشكر له‪.‬‬
‫سددها‬‫‪-‬وفي شرب الماء الممزوج بالعسل فضائل كثيرة منها‪:‬أنه يُذيب البلغم ويغسل خمل المعدة ويدفع فضالتها ويفتح ُ‬
‫ويُسخنها‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثاني‪ :‬في الكتاب‬


‫"خالد بن الوليد"‪ :‬قائد قريش في موقعة أحد‪،‬شهد غزوة مؤتة وفتح مكة وكان عامل اليمن وقاتل أهل الردّة بأمر أبي بكر‬
‫وافتتح طائفة من األمصار لُقّب بسيف اإلسالم مات سنة‪ 21‬من الهجرة‪.‬‬
‫"ميمونة"‪:‬توفيت سنة ‪ 51‬هـ ‪" /‬فجائتنا بإناء من لبن"‪:‬أي بإناء مملوء لبنًا ‪" /‬فقال لي‪:‬الشربة لك"‪:‬ألنك صاحب اليمن ‪/‬‬
‫"فإن شئت أثرت بها خالدًا"‪:‬ألن خالدًا أكبر من ابن عباس سنًا‪،‬وقوله صلى هللا عليه وسلم‪:‬فإن شئت أثرت بها خالدًا‪:‬ال يدل‬
‫على ندب اإليثار وإنما يدل على أن الحق في ذلك للمخلوف فله إسقاطه‪،‬وتنبيه له على تفضيل اإليثار ألنه أولى له؛ألن ذلك‬
‫مقتضى األدب مع الكبير‪.‬‬
‫"فقلت‪:‬ما كنت ألوثر على سؤرك أحدًا"‪:‬والسؤر ما بقي من الشراب في اإلناء‪،‬وأوثر‪:‬أُفضل وأُقدم‪ ،‬والمعنى‪:‬ال اقدّم أحدًا‬
‫على حقه المشروع في شراب سؤرك لما فيه من البركة‪.‬‬

‫‪-‬ويؤخذ من الحديث‪:‬أن من سبق إلى مجلس عالِم وجلس بمح ّل عا ٍل ال يُنقل عنه لمجيئ من هو أفضل منه‪،‬فيجلس ذلك‬
‫الجائي حيث انتهى المجلس‪.‬‬
‫خيرا منه)ألنه‬
‫"فليقل"‪:‬ندبًا مؤكدًا حال الشروع في األكل ‪" /‬اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه"‪:‬أي من جنسه ولم يقل (واسقنا ً‬
‫ال خير من اللبن بالنسبة لكل أحد وبالنسبة لكل طعام وشراب ‪" /‬ليس شئ يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن"‪:‬‬
‫ألنه يُغذّي ويس ّكن العطش‪ ،‬وحكمة الدعاء حين الطعام والشراب إسناد ذلك إلى هللا تعالى‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬


‫‪11‬‬
‫‪11‬‬
‫باب ما جاء في صفة شُرب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪-‬الحديث األول‪" :‬عن ابن عباس‪:‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم"‪.‬‬
‫"شرب"‪:‬قيل في حجة الوداع ‪" /‬من زمزم"‪ :‬أي من مائها‪،‬وهي بئر معروفة سميت بذلك ألن هاجر قالت لها عند كثرة‬
‫مائها ُز ّمي ُز ّمي‪ ،‬وإنما شرب صلى هللا عليه وسلم وهو قائم مع نهيه لبيان الجواز‪،‬ففعله ليس مكروهًا في حقه بل واجب‬
‫واالستدالل على عدم الكراهة بفعل الخلفاء األربعة غير سديد لصحة النهي عن الشرب قائ ًما لما فيه من الضرر‪،‬‬
‫ي التام وال يستقر في المعدة حتى يقسّمه الكبد على األعضاء‪،‬‬‫يقول ابن القيم‪:‬للشرب قائ ًما آفات منها‪:‬ال يحصل منه الر ّ‬
‫ويسنّ لمن شرب قائ ًما أن يقول(اللهم ص ّل على سيدنا محمد الذي شرب الماء قائ ًما وقاعدًا) فيدفع عنه الضرر‪،‬‬
‫وذكر الحكماء أن تحريك الشخص إبهام رجليه حال الشرب قائ ًما يدفع عنه الضرر‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثاني‪" :‬عن ابن عباس رضي هللا عنه قال‪:‬سقيت النبي صلى هللا فشرب وهو قائم"‪.‬‬
‫‪-‬هذا الحديث والذي قبله معناهما واحد وهما لجواز الشرب قائ ًما‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثالث‪" :‬عن عمرو بن العاص قال‪:‬رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يشرب قائ ًما وقاعدًا"‪.‬‬
‫مهاجرا سنة ‪ 8‬هـ فأمره النبي صلى‬‫ً‬ ‫التعريف بالراوي‪:‬عمرو بن العاص صحابي أسلم عند النجاشي بالحبشة‪ ،‬وقدم المدينة‬
‫عامال على مصر لعمربن الخطاب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هللا عليه وسلم على جيش ذات السالسل وكان‬
‫"رأيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يشرب قائ ًما وقاعدًا"‪:‬والمراد أنه رآه مرة يشرب قائ ًما ومرة يشرب قاعدًا ‪،‬‬
‫ماش – مستند – راكع – ساجد – متكئ – مضطجع )‪ ،‬وكلها وإن‬ ‫واعلم أن اإلنسان له أحوال ثمانية(قائم – قاعد – ٍ‬
‫ً‬
‫استعماال القعود ويليه القيام ففعله النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫أمكن الشرب‪ ،‬ولكن أهنؤها وأكثرها‬

‫‪-‬الحديث الرابع‪ :‬في الكتاب‬


‫الرحبة"‪:‬أي رحبة الكوفة وهي المكان المتسع كان يُعقد فيها للحكم والوعظ ‪/‬‬
‫"بكوز من ماء"‪:‬أي مملوء من ماء ‪" /‬في ّ‬
‫ٍ‬
‫ً‬
‫غسال‬ ‫"فغسل يديه"‪:‬إلى كوعيه ‪" /‬ومضمض"‪:‬معطوف على (أخذ) والمراد بمسح الزجه الذراعين والوجه غسلهما‬
‫خفيفًا‪" /‬من لم يحدث"‪:‬بل أراد التجديد" ‪/‬‬
‫ويؤخذ من الحديث‪:‬أن الشرب من فضل الوضوء مستحب والشرب قائ ًما لبيان الجواز فاألفضل تركه‪.‬‬
‫‪-‬الحديث الخامس‪" :‬عن أنس بن مالك أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يتنفس في اإلناء ثالثًا إذا شرب ويقول‪:‬هو أم َرأ ُ‬
‫وأ َ َ‬
‫روى"‪.‬‬
‫"يتنفس في اإلناء"‪ :‬المراد أنه كان يشرب من اإلناء ثم يتنفس خارجه ثم يشرب وهكذا‪ ،‬وقد روي أنه صلى هللا عليه وسلم‬
‫نهى أن يتنفس في اإلناء‪،‬فالمعنى من التنفس في اإلناء‪:‬أنه كان يشرب على ثالث مرات وفي كل يبعد الماء فيتنفس ثم‬
‫ي أي‬‫روى من الر ّ‬‫روى"‪:‬أمرأ أي أسوغ وألذ – وأَ َ‬‫أمرأ ُ وأَ َ‬
‫يعود للشرب‪،‬والنهي عنه هو التنفس في اإلناء بال إبعاد ‪" /‬هو َ‬
‫أش ّد ريًا وأبلغه فهوأسلم من الشرب في دفعة‪ ،‬وقد ورد(ال تشربوا واحدًا كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثُالث) ‪،‬‬
‫وإنما نهي عن التنفس في اإلناء؛ألنه يغير الماء الذي في اإلناء‪.‬‬

‫‪-‬الحديث السادس‪" :‬عن ابن عباس أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان إذا شرب تنفس مرتين"‪.‬‬
‫"تنفس مرتين"‪:‬أي في بعض األوقات فال ينافي أنه كان يتنفس ثالثًا في وقت آخر‪،‬فيحصل أصل السنة بالتنفس مرتين‬
‫وكمالها بكون بثالث وإن كفاه ما دونها‪،‬وقيل إن روى َبنَفَسين اكتفى بهما وإال فبثالث‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬


‫‪12‬‬
‫‪12‬‬
‫ي النبي صلى هللا عليه وسلم فشرب من قِربة ُمعلّقة قائ ًما فقمت إلى فيها‬
‫‪-‬الحديث السابع‪" :‬عن كبشة قالت‪:‬دخل عل ّ‬
‫فقطعته"‪.‬‬
‫التعريف بالراوي ‪:‬هي كبشة بنت ثابت األنصارية أخت حسان‪،‬أو هي كبشة بنت كعب بن مالك‪.‬‬
‫ي"‪:‬في بيتي ‪" /‬فشرب من قِربة"‪:‬أي من فم قِربة‪،‬وال ينافي ذلك نهيه عن الشرب من فم السقاء‪ ،‬وهو أن يقلب‬ ‫"دخل عل ّ‬
‫رأسها ويشرب منه؛ألن فعله ذلك لبيان الجواز أو للضرورة ونهيه عنه لبيان األفضل فهو للتنزيه ‪" /‬فقمت إلى‬
‫فيها"‪ :‬قاصدة إلى فيها ‪" /‬فقطعته"‪:‬لصيانته عن االبتذال بشرب كل أحد منه وللتبرك به‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثامن‪ :‬في الكتاب‬


‫"كان يتنفس في اإلناء"‪:‬خارجه ‪" /‬ثالثًا"‪ :‬ثالث مرات من التنفس واألولى للشخص أن ال يشرب على الطعام حتى يمسح‬
‫فمه‪.‬‬

‫‪-‬الحديث التاسع‪ :‬في الكتاب‬


‫"أم سليم"‪:‬هي أم أنس بن مالك ‪"/‬إلى رأس القِربة"‪:‬فمها الذي شرب منه صلى هللا عليه وسلم لبيان الجواز أو للضرورة‪.‬‬

‫باب ما جاء في تع ّ‬
‫طر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬ ‫‪X‬‬

‫‪-‬التعطر هو‪:‬استعمال العطر وهو الطيب‪،‬وقد كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم طيب الرائحة وإن لم يمس طيبًا‪،‬لكنه كان‬
‫استكثارا للروائح الحسنة‪.‬‬
‫ً‬ ‫يستعمل الطيب‬
‫‪ -‬يتأكد الطيب للرجال يوم العيدين والجمعة وعند اإلحرام وقراءة القرآن والعلم والذكر‪.‬‬

‫‪-‬الحديث األول‪" :‬عن أنس بن مال قال‪:‬كان لِرسول هللا صلى هللا عليه وسلم سُ ّكة يتطيب منه"‪.‬‬
‫سكّة"‪:‬هي طيب يُتخذ من الرامك وهو شئ أسود يخلط بمسك ويُعرك ويًقرص ويُترك يومين ثم يُثقب َب َمسكَة ثم َي ْن َ‬
‫ظم في‬ ‫" ُ‬
‫خيط‪ ،‬وقيل هي طيب مجموع من أخالط ويحتمل أن تكون وعاء‪ ،‬وقيل هي‪:‬طيب مركب ‪" /‬يتطيب منها"‪:‬من للتبعيض‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثاني‪" :‬عن أنس قال‪:‬إن النبي صلى هللا عليه وسلم كان ال ير ّد الطيب"‪.‬‬
‫"وال ير ّد الطيب"‪:‬لِخفّة المنة فيه‪،‬والمعنى أنه ليس بثقيل بل طيّب المنة‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الثالث‪" :‬عن ابن عمر قال‪:‬قال رسول هللا صلى عليه وسلم‪:‬ثالث ال تُردّ‪:‬الوسائد والدّهن والطيب‪.‬‬
‫"ثالث ال ت ُردّ"‪:‬أي ثالث من الهدايا ال يردّها ال ُمهدى إليه على ال ُمهدي‪ ،‬ويُلحق بهذه الثالثة كل ما ال منّة فيه كالحلو ورزق‬
‫من يحتاج إليه ‪" /‬الوسائد"‪:‬ما يجعل تحت الراس عند النوم ‪،‬وسميت بذلك ألنه يُتوسد عليها بالجلوس والنوم ‪/‬‬
‫"الدهن"‪:‬ما يدهن به من دهن أو غيره‪ ،‬والمراد به هنا‪:‬ما فيه طيب ‪" /‬الطيب"‪:‬ذو الرائحة الطيبة ‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الرابع‪" :‬عن أبي هريرة قال‪:‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي‬
‫لونه‪،‬وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه"‪.‬‬
‫"طيب الرجال ما ظهر لونه"‪:‬كـماء الورد والمسك وغيره ‪" /‬طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه"‪:‬كالزعفران‬
‫والصندل‪.‬‬

‫‪-‬الحديث الخامس‪" :‬عن أبي عثمان الهندي قال‪:‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬إذا أثعطي أحدكم الريحان فال يردّه‪،‬‬
‫فإنه خرج من الجنة"‪.‬‬
‫"الريحان"‪ :‬كل نبت طيب الريح من أنواع المشمومات فمنه الورد والتمام ‪" /‬فال يردّ"‪:‬ال‪:‬ناهية ‪" /‬فإنه خرج من‬
‫سلبت خواصه التي منها عدم التغيّر‬‫الجنة"‪:‬أي يشبه ريحان الجنة في الجملة فكأنه خرج منها أو أن أصله خرج منها و ُ‬
‫وانقطاع الريح‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪1313‬‬


‫الموضوع الثاني (اْلداب النبوية)(‪)111-133‬‬
‫التعريف بالمؤلف‪ :‬هو العالم الفاضل السيد فضل الله ابن السيد أحمد علي الجيالني‪ ،‬كان أستاذا في دائره المعارف العثمانيه‬
‫بحيدر آباد الدكن فكان رحمه الله مشهودا له بالعلم‪ .‬قال الشيخ المعلم مثنيا عليه وعلى كتابه فضل الله الصمد وقد قيض الله‬
‫وله الحمد يستخدمه هذا الكتاب صديقي العالم الفاضل السيد فضل الله ابن سيد أحمد علي‪ ،‬فصرف في العناية به سنين‬
‫عديدة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬حقق كلماته أسانيد ومتونا حتى أقامها على الصواب مع صعوبة ذلك في كثير من المواضع‬ ‫‪‬‬
‫قام بوضع شرح عليه يبين أحوال أسانيده ويعرف بالمهم من أحوال رجاله ويذكر من خرجه ثم يفيد في شرح المتن واستنباط‬ ‫‪‬‬
‫والفوائد منه ويشير إلى األحاديث الواردة في معناه مع اإللمام بما يوافق الحق من المشارب المتعددة كالفقهاء‬ ‫النك‬
‫والصوفية والعصرية‬
‫التعريف باألدب وأهميته‬
‫الناس إلي المحامد وينهاهم عن المقابح‪،‬‬
‫األدب‪ :‬الذي يتأدب به األديب من الناس ثم أدبا ألنه يأدب َ‬
‫‪ .9‬وقيل استعمال ما يحمد قوال وفعال وعبر بعضهم عنه بأنه األخذ بمكارم األخالق‬
‫‪ .8‬وقيل الوقوف مع المستحسنات‪ ،‬وقيل هو تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك‬
‫‪ .4‬وقيل إنه مأخ وذ من المأدبة وهي الدعوة إلى الطعام سمي بذلك ألنه يدعي إليه‬
‫ومن فوائد معرفة اآلداب اإلسالمية‪:‬‬
‫أكثر العارفون باإلسالم المخلصون له من تقرير‪ :‬أن كل ما وقع فيه المسلمون من الضعف والخور إنما كان لبعدهم عن‬ ‫‪‬‬
‫حقيقة اإلسالم و يرجع إلى أمور‪ :‬االلتباس ما ليس من الدين بما هو منه\ ضعف اليقين بما هو من الدين\ عدم العمل‬
‫بأحكام الدين‪.‬‬
‫وإن معرفه األداب النبوي الصحيحة في العبادات والمعامالت واإلقامه والسفر والمعاشرة والوحدة والحركة والسكون واألكل‬ ‫‪‬‬
‫والشرب والكالم وغير ذلك مما يعرض االنسان في حياته مع تحري العمل به ما يتسير هو الدواء الوحيد لتلك االمراض‪.‬‬
‫باب قوله تعالى (ووصينا اإلنسان بوالديه إحسانا ) (العنَّبوت ‪)8‬‬
‫الد ِار‪ ،‬وأومأ ِبي ِد ِه ِإلى د ِار عب ِد ِ‬
‫الله رضي‬ ‫احب ه ِذ ِه َّ‬
‫الشيب ِان َّي يقول‪ :‬حدثنا ص ِ‬‫قال الوِليد بن العيز ِار‪ :‬أخبرِني قال‪ :‬س ِمعت أبا عم ٍرو َّ‬
‫الصًلة على وقِتها‪ ،‬قلت‪ :‬ث َّم أي؟ قال‪ :‬ث َّم‬ ‫يه وسلم‪ :‬أ ُّي العم ِل أح ُّب إِلى ِ‬
‫الله عَّز وج َّل؟ قال‪َّ :‬‬ ‫النِبي صلى الله عل ِ‬
‫الله عنه قال‪ :‬سألت َّ َّ‬
‫يل ِ‬
‫الله قال‪ :‬حدَّثِني ِب ِه َّن‪ ،‬ول ِو استزدته لزادِني‪..‬‬ ‫ِبُّر الو ِالدي ِن‪ ،‬قلت‪ :‬ث َّم أي؟ قال‪ :‬ث َّم ال ِجهاد ِفي سِب ِ‬

‫معناها‬ ‫كلمة‬
‫التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ‪ .‬ووصاه به‪ :‬أمره به‪ .‬وتطلق شرعا على ما يقع به اللجر من المنهيات‬ ‫الوصية‬
‫والحث على المأمورات‪ .‬أي أمرنا اإلنسان باإلحسان إلي والديه‪.‬هذا نص فى برهما ووجوب طاعتهما‬
‫له دار بالمدينة يسكن فيها اإلمام مالك بالكراء‬ ‫لعل هذه الدار بالكوفة‪ ،‬وكان‬ ‫هذه الدار‬
‫ابن مسعود بن غافل الهذلى ‪ ،‬صاحب نعل النبي‪.‬أسلم بمكة قديما ‪ ،‬وهاجر الهجرتين ‪ ،‬و شهد بد ار و المشاهد‬ ‫عبد الله‬
‫كلها مع رسول الله ﷺ‪ .‬أشبه بالنبي هديا وسمتا توفى بالمدينة ‪48‬ه‬
‫أي يحبه الله ويرضىى به‪ .‬والتفضيل هنا مطلق ال باعتبار غيره من األنواع‪ .‬وقيل "من" حرف جر مقدر ههنا‪،‬‬ ‫أحب إلى‬
‫واللمان‬ ‫واألشبه أن الجواب بما هو أفضل للسائل أو أفضل على مقتضى الوق‬ ‫الله"‬
‫في رواية "لوقتها"‪ .‬والمعنى واحد ألن الالم تأتي بمعنى "على"‪ .‬وحروف الخفض ينوب بعضها عن بعض كما في‬ ‫على وقتها‬
‫قوله تعالى(يخرون لألذقان) أي عليها‪( ،‬وتله للجبين) أي على الجبين‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪14‬‬
‫المستحىب‪ ،‬هذا يدل على أن صالة من به عذر من نوم أو نسيان أو به شغل فأداها بعد زوال عذره‬ ‫الوق‬ ‫وقتها‬
‫األداء‪.‬‬ ‫بأحب إلى الله‪ ،‬ولفظ "أول وقتها" إن صح فمعناه وق‬ ‫متراخيا فهو وإن كان برئ الذمة‪ ،‬فليسى‬
‫اإلحسان إليهما وتوفية حقوقهما‪ .‬وهو ضد العقوق‪ :‬اإلساءة إليهما وتضييع حقوقهما‬ ‫بر الوالدين‬
‫األب واألم‪ ،‬إذا ثني المذكر والمؤنث غلب المذكر كاألبوان والقمرين‬ ‫الوالدين‬
‫الثبات والصبر على الحق‪،‬ثم تبليغه إلى الغير‪،‬وإن كان فيه بذل النفس والمال وأن ال يعبأ بهذا الخطر‪ .‬والمشهور‬ ‫الجهاد‬
‫محاربة الكفار إلعالء كلمة الله وإظهار شعائر اإلسالم بالنفس والمال حسب ما يكون فيه ذب أعداء عنه‬
‫خص الثالثة بالذكر ألنها عنوان على ما سواها من الطاعات‪ ،‬فمن ضيع الصالة فهو لما سواها أضيع‪ ،‬ومن لم‬ ‫"بهن"‬
‫يبر بوالديه كان لغيرهما أقل برا‪ ،‬ومن ترك الجهاد الكفار مع شدة عدوان الكفار‪ ،‬كان أشد قعودا من الفسىاق‪.‬‬
‫فظهر أن الثالثة تجتمع في أن من حافظ عليها كان على ما س واها أحفظ‪ ،‬ومن ضىيعها كان لما سواها أضيع‬
‫التفاصيل والفوائد والتنبيهات‬
‫أن الله أوصاه بوالدبه فنلل‬ ‫أمه إال تكلمه أبدا حتى يرتد زعم‬ ‫فى سعد ابن أبي وقا ص لما حلف‬ ‫سبب النزول‪ :‬نلل‬
‫فائدة‪ :‬البر نوعان‪ :‬صلة‪ ،‬ومعروف‪ .‬أما" الصلة" فبذل المال في الجهات المحمودة بغير عوض مطلوب ال عاجال وال آجال‪.‬‬
‫وقدم برهما على الجهاد ألن الجهاد ال يصح إال بإذنهما‪ .‬وألنهما قلما يبلغان في شدة الحاجة والضعف الحالة التي كان الولد‬
‫فيها‪.‬‬
‫وجه تقديم الصًلة على الجهاد‪ :‬وال شك في أن المواظبة على أداء فرائض الصىالة في أوقاتها أفضل من الجهاد‪ ،‬ألنها‬
‫فرض عين تتكرر‪ ،‬والجهاد ليس إال لإليمان وإقامة الصالة‪ ،‬فكان حسنا لغيره والصالة حسنة لعينها‪.‬‬
‫‪ )2‬باب بر األم‬
‫يه‪ ،‬عن ج ِد ِه ‪ -‬رضي الله عنه ‪ ،-‬قلت‪ :‬يا رسول ِ‬
‫الله‪ ،‬من أبُّر؟ قال‪ :‬أ َّمك‪ ،‬قلت‪ :‬من أبُّر؟ قال‪:‬‬ ‫عن به ِز ب ِن ح َِّيم‪ ،‬عن أ ِب ِ‬
‫ٍ‬
‫أ َّمك‪ ،‬قلت‪ :‬من أبُّر؟ قال‪ :‬أ َّمك‪ ،‬قلت‪ :‬من أبُّر؟ قال‪ :‬أباك‪ ،‬ث َّم األقرب فاألقرب‪.‬‬
‫الن ِب ِي ﷺ يبايِعه على ال ِهجرِة‪ ،‬وترك أبوي ِه يب َِّي ِ‬
‫ان‪ ،‬فقال ﷺ ‪ :‬ار ِجع ِإلي ِهما‪،‬‬ ‫عن عب ِد ِ‬
‫الله ب ِن عم ٍرو قال‪ :‬جاء رج ٌل ِإلى َّ‬
‫وأض ِحكهما َما أبَّيتهما‪( .‬أي أرضهما كما أسخطتهما)‬
‫ترجمة الراوي األعلى‪ :‬عبد الله بن عمرو بن العاص الصحابي بينه وبين أبيه ‪ 99‬سنة‪ ،‬وكان يلوم اباه على القتال فى‬
‫قبله بعشرين سنة‪ ،‬توفي ‪94‬ه‬ ‫الفتنة بأدب ويقول‪ :‬ما لي ولصفين مالي ولقتال المسلمين؟ لوددت أني م‬
‫بر األم أي بر الولد أمه (إضافة المصدر إلي مفعوله)‪ :‬لماذا قدم اإلسًلم برها على غيرها وبالغ فيه؟‬
‫‪ ‬لتحمل المشاق في الحمل والرضاع حتى تكاد تموت‪ ،‬ثم المحنة زمن الرضاع إلى أن يكبر الولد فهذه تنفرد بها األم‪.‬‬
‫‪ ‬ثم تشارك األب فى اإلنفاق والتربية وأنواع من المؤنة والخدمة‪.‬‬
‫الستور‬ ‫تح‬ ‫‪ ‬ولتهاون أكثر الناس فى حق األم بالنسبة لألب ألن أمرها فى البي‬
‫‪ ‬مواساة لها ومراعاة لضعف قلبها والشفقة على الولد ألنها ال تستطيع أحيانا أن تتحمل سوء خلقه فتسرع بالدعاء عليه‬
‫أباك"‪ :‬حق الوالدة على الولد يتجاوز حق الولد عليه‪.‬‬
‫الهجرة ‪ :‬الخروج من أرض إلى أخرى وهي قسمان‪ )9 :‬ما وعد عليها الجنة‪ (،‬إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم‬
‫الجنة) أن يأتي إلى النبي ويترك ماله وأهله‪ )8 .‬الهجرة والغلو عند النفير من اإلمام‪.‬‬
‫‪ )4‬باب عقوق الوالدين‬

‫‪9‬‬
‫‪15‬‬
‫يه وسلم‪ :‬أال أن ِبئَّم ِبأكب ِر الَّب ِائ ِر؟ ثًل ًثا‪ ،‬قالوا‪ :‬بلى يا رسول ِ‬
‫الله‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫الله صلى الله عل ِ‬
‫عن أ ِبي بَّرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ِ‬
‫ور‪ ،‬ما زال يَّ ِررها ح َّتى قلت‪ :‬ليته سكت‪.‬‬ ‫الز ِ‬ ‫ًََّّئا أال وقول ُّ‬ ‫اإلشراك ِب ِ‬
‫الله‪ ،‬وعقوق الوالِدي ِن وجلس وَان مت ِ‬ ‫ِ‬
‫ترجمة الراوى األعلى‪":‬أبو بكرة" هو نفيع بن الحارث قيل سمي بذلك‪ ،‬ألنه تدلي من حصن الطائف فأعتقه النبي ﷺ يومئذ‪.‬‬
‫قيل أبواه كانا عبدين للحارث‪ .‬كان من فضالء الصحابة له من الولد أربعون كلهم ممتاز فى الشجاعة والبالغة والكرم‪.‬‬
‫معناها‬ ‫كلمة‬
‫بتخفيف الالم للتنبيه ويدل على تحقق ما بعدها\ ثًلثا" وإنما كرره تأكيدا لتنبه السامع بإحضار قلبه‬ ‫أال‬
‫في أشياء أخرى أنهى من أكبر كقتل النفس وقتل الولد واللنا وغيرها‬ ‫ليس على ظاهره‪ ،‬فقد ثب‬ ‫أَكَبر ال َكَبائر‬
‫يطلق الشرك ويراد به الكفر كما في قوله تعالى(إن الله ال يغفر أن يشرك به‪)..‬‬ ‫اك بالله‬‫اإلش َر ُ‬
‫الكذب والباطل والتهمة‪ ،‬وهو تحسين الشيء ووصفه بخالف صفته‪.‬وهو أعم من شىهادة زور كالكذب‬ ‫وَقو ُل ُّ‬
‫اللور‬ ‫َ‬
‫أي ش فقة عليه وكراهية لما يلعجه‪ ،‬وفيه ما كانوا عليه من كثرة األدب مع النبي ﷺ‬ ‫قلتليته سك‬
‫ُ‬
‫التفاصيل والفوائد والتنبيهات‬
‫س‪:‬لماذا جلس النبي وكان متكئا هل ذها يعني أن قول اللور أكبر مما سبق؟‬
‫ج‪ :‬ال ألنه أعظم ذنبا من اإلشراك والعقوق‪ ،‬بل ألنه أسهل وقوعا‪ ،‬واالجتناب عنه عسر‪ ،‬ومفسدته كبيرة ومتعدية إلى غيره‬
‫‪،‬والحوامل عليه كثيرة كالحقد والحسد والعداوة وتهاون الناس به‪.‬‬
‫درجات الكذب تتفاوت بحسىب المكذوب عليه‪ ،‬وما يترتب على الكذب من المفاسد‪ .‬قال ابن العربي‪" :‬الكذب" على ‪ 3‬أقسام‪:‬‬
‫‪ .9‬الكذب على الله‪ ،‬وهو أشدها‪،‬‬
‫‪ .8‬الكذب على رسول الله ﷺ‬
‫على أحد أو إسقاط ما هو ثاب ‪.‬‬ ‫‪ .4‬الكذب على الناس‪ ،‬وهي شهادة اللور في إثبات ما ليس يثب‬
‫‪ .3‬الكذب للناس ومن أشده الكذب في المعامالت‪( .‬وقد يباح الكذب عند الضرورة وقد يجب فى مواضع)‬
‫الله صلى الله عل ِ‬
‫يه‬ ‫ول ِ‬ ‫(عن وَّار ٍد‪ِ َ ،‬ات ِب الم ِغيرِة ب ِن شعبة‪ ،‬قال‪َ :‬تب مع ِ‬
‫اوية ِإلى الم ِغيرِة‪ :‬اكتب ِإل َّي ِبما س ِمعت ِمن رس ِ‬
‫ال‪ ،‬وإِضاع ِة الم ِ‬
‫ال‪ ،‬وعن ِقيل وقال)‬ ‫وسلم‪ ،‬قال وَّرٌاد‪ :‬فأملى عل َّي وَتبت ِبيد َّي‪ :‬إِ ِني س ِمعته ينهى عن َثرِة ُّ‬
‫السؤ ِ‬
‫الراوى‪ :‬المغيرة بن شعبة الثقفي كان فى الجاهلية كثير التردد على مصر للتجارة شهد الحديبةواليمامة وفتوح الشام واليرموك‬
‫عينه باليرملك و‬ ‫والقادسية‪ .‬بعثه أبو بكر إلي أهل النجير‪ ،‬وواله عمر البصرة وهو أول من وضع ديوان البصرة‪ ،‬أصيب‬
‫بها نبيك"‬ ‫كان رسول سعد إلي رستم‪ .‬كان ال يقع فى أمر إال وجد له مخرجا‪ .‬قال عند وفاته‪" :‬اللهم هذا يميني بايع‬
‫معناها‬ ‫كلمة‬
‫سؤال الناس أموالهم من غير حاجة‪،‬أو سؤال عن المشكالت والمعضالت ولم يبتل بها‪،‬واألولى حمله على‬ ‫السؤ ِ‬
‫ال‬ ‫ُّ‬
‫ال بد سائال فاسأل الصالحين‬ ‫فسأل الله‪ .‬أبو داود‪ :‬إن كن‬ ‫العموم ‪ .‬عن ابن عباس إذا سأل‬
‫ما يميل إليه القلب وهو الذهب والفضة ثم أطلق عل كل ما يقتنى ويملك من األعيان‪ ،‬وأكثر إطالقه على‬ ‫المال‬
‫اإلبل ألنها كان أكثر أموالهم‪ ،‬وعلى كل ماشية يكون تمتعهم بها أك َثر‬
‫سوء القيام حتى تهلك أو تفسد أو تنقص أثمانها وكذا اإلنفاق في الحرام وفيما ال يحبه الله دينيا أو دنيويا‬ ‫اإلضىاعة‬
‫الجوهري‪ :‬اسمان وقيل مصدران‪ ،‬كرره للمبالغة في اللجر عنه أي حكاية أقوال الناس‪ ،‬من قولهم قيل كذا‬ ‫ِقيل وقال‬
‫وقال كذا‪ ،‬ففيه النهي عن القول بما ال يصح وال تعلم حقيقته فال نهي عن حكاية ما يصح وتعرف حقيقته‬

‫‪10‬‬
‫‪16‬‬
‫قال النووي‪ :‬اتفق العلماء على النهي عن السؤال من غير ضرورة‪ ،‬واختلفوا في سؤال القادر على الكسب على وجهين‪:‬‬
‫‪ .9‬أصحهما التحريم لظاهر األحاديث‪،‬‬
‫‪ .8‬الجواز مع الكراهة بشرط أن ال يلح وال يدل نفسه زيادة على نفس الس ؤال وال يؤذي المسؤول‪ ،‬وحرم عند فقد شرط منها‪.‬‬
‫واختلفوا فى االنفاق فى المباجات َمًلذات النفس ‪ :‬فالجمهور أنه إذا كان فيما يليق بحال المنفق وبقدر ماله فليس‬
‫بإسراف‪ ،‬وما ال يليق بحاله عرفا فإن كان لدفع مفسدة ناجلة أو لحرز عرضه فليس بإسراف‪ .‬ومنعوا ما عدا ذلك‪ .‬والذي‬
‫أجازوه دليلهم قوله تعالى (قل من جرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق)‬

‫ثانيا‪ :‬التعريف بأحاديث األحكام وأهميتها(‪)241-191‬‬


‫التعريف باإلمام الصنعاني‪ :‬محمد بن إسماعيل بن صالح بن محمد الحسني‪ ،‬الكحالني ثم الصنعاني‪ ،‬أبو إبراهيم‪ ،‬عل الدين‪،‬‬
‫المعروف كأسالفه باألمير‪ :‬مجتهد‪ ،‬من بي اإلمامة في اليمن‪ .‬يلقب (المؤيد بالله) ابن المتوكل على الله‪ .‬ولد(‪9911‬ه) بمدينة‬
‫كحالن‪ ،‬ونشأ وتوفي(ه‪ )9988‬بصنعاء‪ .‬أصيب بمحن كثيرة من الجهالء والعوام‪.‬‬
‫من َتبه‪( :‬توضيح األفكار‪ ،‬شرح تنقيح األنظار ‪ -‬ط) \ (سبل السالم‪ ،‬شرح بلوغ المرام من أدلة األحكام البن حجر العسقالني‬
‫‪-‬ط) (منحة الغفار) حاشية على ضوء النهار\ (إسبال المطر على قصب السكر)\ (الروض النضير) في الخطب\ (إرشاد‬
‫النقاد إلى تيسير االجتهاد ‪ -‬ط)\ (شرح الجامع الصغير للسيوطي) أربع مجلدات\(تطهير االعتقاد عن أدران اإللحاد ‪ -‬ط)‬
‫(الرد على من قال بوحدة الوجود)‬
‫التعريف بأحاديث األحكام وأهميتها‬
‫هي األحاديث المتعلقة باألحكام الشرعية وأمور الحالل والحرام وما يحتاجه الناس في عبادة ربهم والتعامل فيما بينهم في أمور‬
‫دنياهم‪ .‬وقد بالغ العلماء في تحقيقها بمعرفة رواتها وما يجوزفيها‪ ،‬فهم‪-‬كما قال البعض‪-‬بعلم صحيح نطقوا وببصر ناقد كفوا‪.‬‬
‫أهميتها‪ :‬ال بد لمن ينتمي إلى الفقه من أن يكون ذا عناية بأحاديث األحكام وباآلثار ‪:‬‬
‫أ‪ .‬ليكون على بينة من أمره فيصون نفسه من محاولة إجراء القياس على ضد المنصوص‬
‫ب‪ .‬ويحترز من مخالفة اإلجماع في المسائل المجمع عليها ألنه ال يمكن تفريق ما يصح فيه القياس مما ال يصح هو فيه‬
‫وتمييل ما يستساغ فيه الخالف مما ال يسوغ فيه غير االتباع المجرد إال من أحاط بموارد النصوص ووجوه التفقه فيها‪.‬‬
‫ت‪ .‬فهو الذي يقدر أن يتصون من القياس في مورد النص‬
‫سعيا حثيثًا في جمع أدلة األحكام والكالم عليها متًنا‬
‫ث‪ .‬ليحترز من الخالف في موطن اإلجماع لذا تجد علماء األمة سعوا ً‬
‫وسندا‪.‬‬
‫ً‬

‫الصًل ِة‬
‫باب الخشوع ِفي َّ‬
‫النهي عن ِاالخ ِتصار ِفي َّ‬
‫الصًلة‬ ‫َّ‬
‫ق علي ِه‪ ،‬و َّ‬
‫اللفُ لِمسلِ ٍم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الرجل مختصًار» متَّف ٌ‬‫الل ِه ﷺ أن يصلِي َّ‬ ‫الله عنه ‪ -‬قال‪« :‬نهى رسول َّ‬ ‫عن أ ِبي هريرة ‪ -‬ر ِضي َّ‬
‫ود ِفي صًل ِت ِهم‪.‬‬ ‫اصرِت ِه‪ .‬وِفي البخارِ‬
‫ِي عن ع ِائشة‪ :‬أ َّن ذلِك ِفعل اليه ِ‬ ‫ومعناه‪ :‬أن يجعل يده على خ ِ‬

‫الشرح‬
‫الس ُكون َوالت َذُّلل‪.‬‬
‫صر َو ُّ‬
‫ضوع‪ ،‬أَو ُه َو في الَب َدن‪َ ،‬وال ُخ ُشوعُ في الصوت َوالَب َ‬
‫يب من ال ُخ ُ‬
‫ضوعُ‪ ،‬أَو َقر ٌ‬
‫تعريف الخشوع‪ :‬لغة ال ُخ ُ‬

‫‪11‬‬
‫‪17‬‬
‫بر الوالدين ما لم يكن معصية‬
‫باب ّ‬
‫طعت – وال تتركن‬ ‫"عن أبي الدرداء قال‪:‬أوصاني رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بتسع(ال تشرك باهلل شيئًا وإن ُح ّرقت أو قُ ّ‬
‫الصالة المكتوبة متعمدًا‪ ،‬ومن تركها متعمدًا بَرئت منه الذمة _ وال تشربن الخمر فإنها مفتاح كل شر – وأطع والديك وإن‬
‫تفر من الزحف وإن هلكت‬ ‫تنازعن والة األمر وإن رأيت أنك أنت – وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫أمراك أن تخرج من دُنياك فاخرج لهما – وال‬
‫طولك على أهلك – وال ترفع عصاك على أهلك‪ -‬وأخفهم في هللا عزوجل)"‪.‬‬ ‫وفَ ّر اصحابك – وأنفق من َ‬
‫تاجرا قبل البعثة‪ ،‬فزاولت‬
‫ً‬ ‫‪-‬التعريف بالراوي‪ :‬أبي الدرداء‪:‬هوعويمر بن مالك الخرجي‪،‬أسلم يوم بدر شهد أحد‪،،‬يقول(كنت‬
‫ِعم الفارس عويمر"‪،‬‬
‫بعد ذلك التجارة والعبادة فلم يجتمعا‪ ،‬فأخذت العبادة وتركت التجارة)‪ ،‬قال النبي صلى هللا عليه وسلم"ن َ‬
‫واله معاوية قضاء دمشق بأمر من عمر بن الخطاب وألحقه عمر بالبدرين‪ ،‬ومات قبل سنين من خالفة عثمان سنة‪ 32‬هـ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫كفرا‪ ،‬قال تعالى{إال من أُكره‬


‫"ال تشرك"‪:‬نهى عن الشرك بالقلب‪ ،‬ألن التلفظ بكلمة الكفر حين اإلكراه ال يُسمى شر ًكا وال ً‬
‫وقلبه ُمطمئن باإليمان} ‪" /‬وإن قُطعت"‪:‬أي قُتلت ثم قطعت قطعة قطعة ‪" /‬حُرقت"‪:‬أي شُويت بالنار ‪/‬‬
‫"برئت"‪:‬البراة‪:‬التفصي مما تكره مجاورته‪ ،‬أي خذلته الذمة"ذمة هللا" التي تكون لكل أحد بالحماية والحفظ ‪" /‬الخمر"‪:‬قيل‬
‫أنها مشتقة من التخمر وقيل من مخامرة العقل ‪" /‬مفتاح"‪:‬رأس كل فاحشة‪ ،‬وسميت بأم الفواحش؛ألنها ُمذهبة للعقل الذي‬
‫هو مبنى لكل خير ‪/‬‬
‫"أطع"‪:‬أطع والديك‪،‬وإن األبوان ال يأثمان في منعه للحج‪ ،‬وإنهما في سعة من منعه إذا كان يدخلهما من ذلك مشقة‬
‫كبيرة‪،‬وال يحل السفر الذي فيه خطر إال بإذنهما منه السفر لطلب العلم ‪" /‬وال تنازعن"‪:‬عبّر عن الطاعة بالنهي عن‬
‫ضدها‪ ،‬أي أطعهم وال تطلب اإلمارة وال تعزله ‪/‬‬
‫منكرا محققًا تعلمونه من قواعد اإلسالم فإذا رأيتم ذلك‬
‫ً‬ ‫‪-‬يقول النووي‪:‬ال تنازعوا والة األمور في والتهم إال أن تروا منهم‬
‫فأنكروا عليهم وقولوا بالحق حيثما كنتم ‪ /‬يقول الحافظ‪ :‬ال يجوز الخروج عليهم مادام فعلهم يحتمل التأويل‪/‬‬

‫"وإن رأيت أنك أنت"‪:‬أي وإن اعتقدت في األمر حقًا فال تعمل بذلك الحق‪ ،‬بل أطع حتى يصل إليك بغير خروج عن‬
‫الطاعة ‪- /‬حكم طاعة السلطان المتغلب‪ :‬أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب دمعه‪ ،‬إال إذا وقع من السلطان‬
‫تفر وال ترجع عن الجهاد ‪" /‬وال ترفع عصاك على‬ ‫تفر من الزحف"‪:‬أي ال ّ‬ ‫الكفر الصريح فال تجوز طاعته ‪" /‬وال ّ‬
‫أهلك"‪:‬أي هنا نهى عن ضرب المرأة وأيضًا من تحت رياسته في البيت وحتى لو ضرب بحق فهو غير محمود ‪،‬‬
‫ّ‬
‫فعظوهن‬ ‫ّ‬
‫نشوزهن‬ ‫وهناك رواية(ال ترفع عصاك عن أهلك) فالمراد به الضرب بحق كما قال تعالى{والالتي تخافون‬
‫ّ‬
‫واضربوهن}‪،‬‬ ‫ّ‬
‫واهجروهن في المضاجع‬
‫‪-‬لما كان الضرب غير محمود ولو بحق اختلف البعض في تأويل الحديث‪:‬‬
‫(منهم من قال‪:‬ال ترفع عصاك عن أهلك‪:‬أي امنعهم عن الفساد وأدّبهم – وقال آخر‪:‬المعنى من ذلك هو األدب فلم يقصد‬
‫ضربهم بالعصا‪ ،‬وأراد أال ترفع أدبك عنهم)‪ ،‬والحاصل أن العصا هنا مجاز عن األدب فكأنه قال‪:‬ال ترفع أدبك عن أهلك‪،‬‬
‫وقال المصنف‪:‬أن العصا في الحجيث مجاز عن الهيبة ألنها سبب لها‪ ،‬فال يتغافل عنهن وال يلين لهن إلى الحد الذي تسقط‬
‫به هيبته من نفوسهم‪.‬‬
‫"وأخفهم في هللا عزوجل"‪:‬أي أنذرهم عاقبة مخالفة أمر هللا تعالى‪.‬‬

‫باب من أدرك والديه ولم يدخل الجنة‬


‫"عن أبي هريرة عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه‪ ،‬قالوا‪:‬يارسول هللا‪َ :‬من؟ قال‪:‬من أدرك‬
‫والديه عنده الكِبر أو أحدهما دخل النار"‪.‬‬
‫"فلم يدخل"‪ :‬مدرك أبويه الجنة بتفريطه في خدمتهما‪ ،‬أو لم يدخله(أحد األبوين)الجنة فيكون من اإلدخال ‪" /‬رغم"‪:‬أصله‬
‫برهم ا عند كبرهما بالخدمة والنفقة وغير ذلك سبب لدخول الجنة ‪/‬‬ ‫لصق أنفه بالرغام‪،‬ومعناه‪:‬ذ ّل وخزي‪،‬والمعنى‪:‬أن ّ‬
‫"الكبر"‪ُ :‬خصبه ألنه أحوج األوقات إلى حقوقهما وآخرهما ‪" /‬فدخل النار"‪:‬في رواية ألحمد(لم يدخل الجنة)‬
‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬
‫‪18‬‬
‫‪18‬‬
‫‪-‬عن أسماء بنت أبي بكر قال‪:‬أَتتني أمي راغبة في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم‪،‬فسألته صلى هللا عليه وسلم‪:‬أَ ِ‬
‫فأصلُها؟‬
‫قال‪:‬نعم"‪.‬‬
‫التريف بالراوي‪ :‬أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين‪،‬أسلمت بعد ‪ 17‬شخص‪،‬ماتت في مكة بعد قتل ابنها بعشرة أيام‪.‬‬
‫بر ابنتها أسماء وصلتها‪،‬وهناك رواية(راغمة)‪:‬أي نافرة‬ ‫"أمي"‪:‬أم أسماء‪:‬قيلة بنت عبد العزى ‪" /‬راغبة"‪:‬أي طامعة في ّ‬
‫عن اإلسالم‪،‬ولو جاءت راغبة في اإلسالم لم تحتج أسماء أن تستأذن النبي صلى هللا عليه وسلم في صلتها ‪/‬‬
‫"في عهد النبي صلى هللا عليه وسلم"‪ :‬أي جاءت في المدة التي عاهد صلى هللا عليه وسلم المشركين بالحديبية ‪/‬‬
‫تبروهم} أي تصلوا ارحامهم‪،‬‬ ‫وقوله تعالى{ال ينهاكم هللا عن الذين لم يُقاتلوكم في الدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن ّ‬
‫وهي رخصة من هللا تعالى في صلة الذين لم يُعادوا المؤمنين‪.‬‬

‫يسب والديه‬
‫ّ‬ ‫باب ال‬
‫"عن عبد هللا بن عمرو قال‪:‬قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬من الكبائر أن يشتم الرجل والديه‪،‬فقال‪:‬كيف يشتم؟ قال‪:‬يشتم‬
‫الرجل فيشتم أباه وأمه"‪.‬‬
‫"والديه"‪:‬وال أحدهما وال يتسبب لذلك ‪" /‬الكبائر"‪:‬كل معصية يُقام عليها الح ّد في الدنيا ‪" /‬يشتم"‪:‬الشتم‪:‬النسبة إلى القبيح‬
‫والذميمة ‪" /‬كيف يشم؟"‪ :‬لما كان الطبع السليم يأبى أن يشتم األبوين فاستعبد السائل ذلك‪،‬فبيّن أن التسبب فيه كالتعاطي‬
‫بنفسه‪،‬فما آل إلى فعل محرم يحرم وإن لم يقصد الحرام‪ ،‬فالحديث أصل في سد الذرائع‪.‬‬

‫باب عقوبة عقوق الوالدين‬


‫"عن أبي بكرة‪،‬عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬ما مِن ذنب أج َد ُر أن يُعجّل لصاحبه العقوبة مع ما يُدّخر له من البغي‬
‫وقطيعة الرحم"‪.‬‬
‫"أجدر"‪:‬أحرى ‪" /‬العقوبة"‪:‬في الدنيا ‪" /‬ما يُدّخر له"‪:‬من عذاب اآلخرة ‪" /‬البغي"‪:‬الظلم والخروج عن طاعة اإلمام‪،‬وفي‬
‫الشريعة الخروج على اإلمام غير الجائر‪ ،‬وقوله تعالى{يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم}وقوله{وال يحيق المكر السئ إال‬
‫بأهله}كانت عاقبة البغي والمكر راجعة عليهم وحائقة بهم ‪" /‬قطيعة الرحم"‪ :‬أي قطع صلة ذوي األرحام‪ ،‬والرحم‪:‬اسم لكافة‬
‫األقارب‪ ،‬وأجمعوا على أن صلة الرحم واجبة في الجملة وأن قطيعتها معصية كبيرة ‪/‬‬
‫‪-‬إن للصلة درجات‪:‬بعضها أرفع من بعض وأدناها‪:‬المهاجرة وصلتها بالكالم ولو بالسالم‪ ،‬ويختلف باختالف القدرة‬
‫والحاجة فمنها واجب ومنها مستحيل‪ ،‬وإذا لم يصل غايتها ال يسمى قاط ًعا ولو قصر عما يقدر عليه‪.‬‬

‫باب دعوة الوالدين‬


‫ّ‬
‫فيهن‪:‬دعوة المظلوم ودعوة‬ ‫"عن أبي هريرة قال‪:‬قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬ثالث دعوات مستجابات ّ‬
‫لهن ال شك‬
‫المسافر ودعوة الوالدين على ولدهما"‪.‬‬
‫"ثالث دعوات"‪ :‬دعوات هؤالء مستجابات لمن أحسن إليهم وعلى من أساء لهم‪،‬ودعوة الوالدين تشمل الدعوة لولدهما‬
‫وعليه ليسعى في رضاهما ويتجنب سخطهما‪،‬وهناك رواية(دعوة الوالد)بصيغة المفرد‪،‬ولم تُذكر الوالدة ألنها داخلة في‬
‫ّ‬
‫استجابتهن ‪" /‬المظلوم"‪:‬من‬ ‫معنى اللفظ الواحد‪،‬وقيل دعوتها غير مستجابة إلخراجها مخرج الغلو ‪" /‬الشك فيهنّ "‪:‬في‬
‫تركه الناس ولم ينصروه فانقطع عنهم إلى هللا واشتد التمسك واالعتصام به‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪19‬‬


‫‪19‬‬
‫باب بر الوالدين بعد موتهما‬
‫ي شئ بعد موتهما‬ ‫‪"-‬عن أبي أُسيد قال‪:‬كُنا عند النبي صلى هللا عليه وسلم فقال رجل‪:‬يا رسول هللا‪،‬هل بقي من ّ‬
‫بر أبو ّ‬
‫أبرهما؟ قال‪:‬نعم خصال أربع‪ ،‬الدعاء لهما واالستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي ال رحم لك‬ ‫ّ‬
‫إال من قِبلهما"‪.‬‬
‫‪-‬التعريف بالراوي‪:‬هومالك بن ربيعة الساعدي صاحب راية بني ساعدة يوم الفتح وهو آخر من مات من البدريين‪.‬‬
‫"أبرهما"‪:‬أصلهما وأحسن إليهما ‪" /‬االستغفار لهما"‪:‬في رواية ألحمد(الصالة عليهما)بدل الدعاء ‪" /‬إنفاذ"‪:‬إمضاء‪،‬وفي‬ ‫ّ‬
‫رواية(إيفاء) ‪" /‬عهدهما"‪:‬وصيتهما‪،‬والعهد الذمة والحفظ والوعد ‪" /‬من قِبلهما"‪:‬القرابة قد تكون من جهة الرضاعة ومن‬
‫جهة الصهرية ومن جهة الوالدة‪ ،‬فالمقصود القرابة التي تكون من جهة األبوين‪.‬‬
‫‪-‬قال الغزالي‪:‬من يخدم أبويه ينبغي أن ال يطلب بخدمته منزلة عندهمها إال من حيث رضا هللا في رضا الوالدين‪ ،‬وال يجوز‬
‫أن يُرائي بطاعة لينال بها منزلة عند الوالدين فإن ذلك معصية‪.‬‬

‫‪ "-‬عن أبي هريرة أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬إذا مات العبد انقطع عنه عمله إال من ثالث صدقة جارية أو علم‬
‫يُنتفع به أو ولد صالح يدعو له"‪.‬‬
‫"انقطع عنه عمله"‪:‬قال تعالى{ولك ٍل درجاتٌ مما عملوا}فكل عمل ينقطع ينقطع أجره‪ ،‬والمراد كل األعمال‪ ،‬أي ال يصل‬
‫دارة متصلة في أي وجوه الخيرات كانت ‪" /‬علم ينتفع‬ ‫إليه أجر عمل بعد موته إال من ثالث ‪" /‬صدقة جارية"‪:‬خيرات ّ‬
‫وباال على صاحبه كالعلم الضار‪" /‬ولد صالح"‪:‬أي مؤمن ألن الصالح ال‬ ‫به"‪:‬العلم الذي ال ينتفع به يخشى أن يكون ً‬
‫يكون إال بعد اإليمان‪ ،‬وقيل ‪:‬صالح الولد ال يكفي في جريان الثواب لوالده بل البد من دعائه له‪.‬‬

‫الرحم‬
‫باب صلة ّ‬
‫"عن أبي أيوب األنصاري أن أعرابيًا عرض للنبي صلى هللا عليه وسلم في َمسِيرة فقال‪:‬أخبرني ما يقربني من الجنة‬
‫ويباعدني من النار‪،‬قال‪:‬تعبد هللا وال تشرك به شيئًا وتقيم الصالة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم"‪.‬‬
‫‪-‬التعريف بالراوي‪:‬اسمه خالد بن يزيد‪ ،‬أمه هند بنت سعيد‪،‬شهد بدر والمشاهد كلها‪،‬ونزل عليه النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫ي بن أبي طالب على المدينة لما خرج إلى العراق ثم لحق‬ ‫لما قدم المدينة فأقام عنده حتى بنى بيوته والمسجد‪ ،‬استخلفه عل ّ‬
‫به وشهد معه قتال الخوارج‪.‬‬
‫"أن أعرابيًا"‪:‬السائل هو‪:‬لَقيط بن صبرة أو صخر بن القعقاع الباهلي أو غيرهما‪ ،‬ألن هذه القصة وقعت ألكثر من واحد ‪/‬‬
‫"ما يقربني من الجنة"‪:‬بعمل يدخلني الجنة ‪" /‬تعبد"‪ :‬العبادة‪:‬كل فعل يطلب به نفع غيبي‪،‬سواء كانت نفع اآلخرة فقط أو‬
‫نفع الدنيا فقط أو النفعيين ‪" /‬وال تشرك به شيئ ًا"‪:‬وهو أن يعتقد في أحد أن فيه سلطة غيبية يتصرف بها ولم يكن فيه من‬
‫هللا برهان ‪/‬تقيم الصالة"‪:‬أي تعدّل أركانها وتحفظها من أن يقع زيغ في أإلعاله ‪" /‬تصل الرحم"‪:‬أي تحسن إلى أقاربك‬
‫وتواسيهم ‪ /‬والحديث يدل على أهمية صلة الرحم‪.‬‬

‫الطالبه‪/‬مريم محمد بدر‬ ‫‪20‬‬


‫‪20‬‬

You might also like