Professional Documents
Culture Documents
فوائد من كتاب أدب الطلب ومنتهى الأرب لإمام الشوكاني
فوائد من كتاب أدب الطلب ومنتهى الأرب لإمام الشوكاني
:الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على أشرف األنبياء والمرسلين ،نبينا محمد ،وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد
فمن العلماء المتأخرين العالمة محمد بن علي الشوكاني المتوفى عام (1250هـ) رحمه هللا ،والشيخ له مصنفات كثيرة ،أثنى عليها أهل
العلم؛ قال العالمة محمد حامد الفقي رحمه هللا :له الكتب النافعة ،وقال العالمة صديق حسن القنوجي رحمه هللا :صاحب التصانيف التي لم
يسبق إلى مثلها ،وقال :له المؤلفات الجليلة الممتعة المفيدة في أغلب العلوم ،وقال الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك رحمه هللا:
صاحب التصانيف النفيسة ،وقال الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ رحمه هللا :له كتب ورسائل في التوحيد نفيسة ،فيها نفس الدعوة
.اإلصالحية ،وله في ذلك بعض أخطاء وكبوات جواد
وقد أوصى العالمة بكر بن عبدهللا أبو زيد رحمه هللا بكتبه في كتابه القيم النافع" :حلية طالب العلم"؛ قال رحمه هللا :وعليك بالكتب
المنسوجة على طريقة االستدالل ،والتفقه في علل األحكام ،والغوص على أسرار المسائل ،ومن أجلها كتب الشيخين :شيخ اإلسالم ابن
تيمية رحمه هللا تعالى ،وتلميذه ابن قيم الجوزية رحمه هللا تعالى وعلى الجادة في ذلك من قبل ومن بعد كتب...وكتب الحافظ الشوكاني
.رحمه هللا تعالى
من مصنفات العالمة الشوكاني رحمه هللا كتابه الموسوم بـــ" :أدب الطلب ومنتهى األدب" قال العالمة صديق حسن القنوجي رحمه هللا:
أبان فيه طرق التعلم والتدرج فيه ،وهو كتاب لم يؤلف قبله مثله ،نفيس ج ًّد ا ،وقال محقق الكتاب األستاذ طارق عبد الواحد علي :كتابه
.القيم...هذا الكتاب النفيس
.هذا وقد اخترت بعضً ا من فوائد كتابه ،أسأل هللا أن ينفع بها الجميع
:أول ما يجب على طالب العلم
أول ما يجب على طالب العلم :أن يُحسن نيته ،ويُصلح طويته ،ويتصور أن هذا العمل الذي قصد له واألمر الذي أراده هو الشريعة التي
شرعها هللا سبحانه لعباده ،وبعث بها ُرسُله ،وأنزل بها ُك ُت َبه ،ويجر ُد نفسه عن أن يشوب ذلك بمقصد من مقاصد الدنيا ،أو يخلطه بما
يكدره من اإلرادات التي ليست منه ،كمن يريد به الظفر بشي ٍء من المال ،أو يصل به إلى نوع من الشرف ،أو البلوغ إلى رئاسة من
رئاسات الدنيا ،أو جاه يُحصِّلُه به ،فإن العلم طيب ال يقبل غيره ،وال يحتمل ال ِّش ركة ،والروائح الخبيثة إذا لم تغلب على الروائح الطيبة،
يستلذهُ شاربه كما يكدره الشي ُء اليسير ُّ فأق ُّل األحوال أن تساويها ،وبمجرد هذه المساواة ال تبقى للطيب رائحة ،والما ُء الصافي العذبُ الذي
من الماء المالح ،فضاًل عن غير الماء من القاذورات يُنقصُ لذته مجرد وجود القذاة فيه ووقوع الذباب عليه ،هذا على فرض أن مجرد
تشريك العلم مع غيره له حكم هذه المحسوسات ،هيهات ذاك ،فإن من أراد أن يجمع في طلبه العلم بين قصد الدنيا واآلخرة ،فقد أراد
الشطط ،وغلط أقبح الغلط ،فإن طلب العلم من أشرف أنواع العبادة وأجلها وأعالها ،وقد قال هللا سبحانهَ ﴿ :فاعْ ُب ِد هَّللا َ م ُْخلِ ً
صا لَ ُه ال ِّد َ
ين ﴾
[.الزمر ]2 :فقيَّد األمر بالعبادة باإلخالص الذي هو روحها
جرت عادة هللا في عباده ...أنه ال ينال من أراد الدنيا بالدين إال وبااًل وخسرا ًنا ،عاجاًل أو آجاًل ،خصوصً ا من كان من الحاملين لحجة هللا،
.المأمورين بإبالغها إلى العباد ،فإن خيره في الدنيا واآلخرة مربوط بوقوفه على حدود الشريعة ،فإن زاغ عنها زاغ عنه
إن لحسن النية وإخالص العمل تأثيرً ا عظيمًا في هذا المعنى ،فمن تع َّكست عليه بعض أموره من طلبة العلم ،أو أكدت عليه مطالبه،
محنة له وابتالءً ،لينظر ربه كيف صبره ً وتضايقت مقاصده ،فليعلم أنه بذنب ُأصيب ،وبعدم إخالصه عُوقِب ،أو أنه ُأصيب بشي ٍء من ذلك
واحتماله ،ثم يُفيض عليه بعد ذلك من خزائن الخير ومخازن العطايا ما لم يكن بحسبان ،وال يبلغ إليه تصوُّ ره ،فليعضَّ على العلم بناجذه،
.وي ُ
ش َّد عليه يده ،ويشرح به صدره ،فإنه ال محالة واصل إلى المنزل الذي ذكرنا ،نائل للمرتبة التي ب َّي َّنا
:عالي ِ
الهمَّة والمطالب العالية
ينبغي لمن كان صادق الرغبة ،قوي الفهم ،ثاقب النظر ،عزيز النفس ،شهم الطبع ،عالي الهمة ،سامي الغزيرة ،أال يرضى لنفسه بالدون،
وال يقنع بما دون الغاية ،وال يقعد عن الجد واالجتهاد المبلِّغَ ِ
ين له إلى أعلى ما يُراد وأرفع ما يُستفاد ،فإن النفوس األبيَّة والهمم العلية ال
ترضى بدون الغاية في المطالب الدنيوية ،من جا ٍه أو مال ،أو رئاسة ،أو صناعة ،أو حرفة....وإذا كان هذا شأنهم في األمور الدنيوية التي
هي سريعة الزوال ،قريبة االضمحالل ،فكيف ال يكون ذلك من مطالب المتوجهين إلى ما هو أشرفُ مطلبًا ،وأعلى مكسبًا ،وأرفع مرا ًدا،
وأج ُّل خطرً ا ،وأعظم قدرً ا ،وأعود نف ًعا ،وأت ُّم فائدة وهي المطالب الدينية ،مع كون العلم أعالها وأوالها بكل فضيلة ،وأجلها وأكملها في
.حصول المقصود ،وهو الخير األخروي
فأكرم بنفس تطلبُ غاية المطالب في أشرف المكاسب ،وأحبب برجل أراد من الفضائل ما ال ُتدانيه فضيلة ،وال ُتساميه منقبة ،وال تقاربه
.مكرمة
على العاقل أن يعلم...أن أعظم ما يريده هللا منه ،ويقربه إليه ،ويفوز به عنده أن يشغل نفسه ويستغرق أوقاته في طلب معرفة هذه
الشريعة التي شرعها هللا لعباده ،وينفق ساعاته في تحصيل هذا األمر الذي جاءت به ُرسُل هللا إلى عباده ،ونزلت به مالئكته ،فإن جميع ما
.يريده هللا من عباده عاجاًل وآجاًل ،وما وعدهم به من ٍ
خير وشرٍّ قد صار في هذه الشريعة
برجل تاقت نفسُه عن أن يكون عبد بطنه إلى أن يكون عبد دينه ،حتى يناله على الوجه األكمل ،ويعرفه على الوجه الذي أراده هللا
ٍ فأكرم
.منه ،ويرشد إليه من عباده من أراد له الرشاد ،ويهدي به من استحق الهداية
:أسباب الخروج عن اإلنصاف والوقوع في موبقات التعصب
.السبب الخامس :صعوبة الرجوع إلى الحق بعد اعتقاد خالفه والقول به
.السبب السادس :أن يكون الذي معه الحق صغير السن ،أو قليل العلم والشهرة
.السبب الثامن :االعتماد على قواعد عقلية ُتخالِف الكتاب وال ُّس َّنة
من عجيب ما أشرحه لك ،أنه كان في درس بالجامع...في صحيح البخاري ،يحضره من أهل العلم...جماعة...فسمع ذلك وزير رافضي
من وزراء الدولة ،وكانت له صولة وقبول كلمة بحيث ال يُخالِفه أحد ،وله تعلُّق بأمر األجناد...حتى أغرى جماعة من األجناد...بالوصول
....إليَّ لقصد الفتنة
ثم إن ذلك الوزير أكثر السعاية إلى المقام اإلمامي هو ومن يوافقه على هواه ،ويطابقه في اعتقاده من أعوان الدولة ،واستعانوا برسائل
.بعضها من علماء السوء ،وبعضها من جماعة من المقصرين الذين يظنهم من ال خبرة له في عداد أهل العلم
ُ
أردت تبديل مذهب أهل البيت عليهم السالم ،وأنه إذا لم يتدارك ذلك الخليفة بطل مذهب آبائه ،ونحو وحاصل ما في تلك الرسائل :أني قد
.هذا من العبارات المفتراة ،والكلمات الخشنة ،واألكاذيب الملفقة
ولقد وقفت على رسالة منها لبعض أهل العلم ممن جمعني وإياه طلب العلم ،ونظمنا جمي ًعا عقد المودة وسابق اُأل ْلفة ،فرأيته يقول فيها
مخاط ًب ا إلمام العصر :إن الذي ينبغي له ويجب عليه :أن يأمر جماعة يكبسون منزلي ،ويهجمون على مسكني ،ويأخذون ما فيه من
الكتب ...فلما وقفت على ذلك قضيت منه العجب ،ولوال أن تلك الرسالة بخطه المعروف لديَّ لما صدقت ،وفيها من هذا الزور والبهت
.والكلمات الفظيعة شيء كثير
وعند تحرير هذه األحرف قد انتقم هللا منه ،فشرَّ ده إمام العصر إلى جزيرة من جزائر البحر مقرو ًنا في السالئل بجماعة من السوقة وأهل
ك َأ َح ًدا ﴾ [الكهف]49 :
.الحِرف الدنيئة ،وأهلكه هللا في تلك الجزيرة ﴿ َواَل َي ْظلِ ُم َر ُّب َ
:الرافضة أكذب الطوائف
لم أجد أهل ِملَّة من ال ِم َلل وال فرقة من الفرق اإلسالمية أش َّد به ًتا وأعظم كذبًا وأكثر افترا ًء من الرافضة؛ فإنهم ال يبالون بما يقولون من
الزور كائ ًنا ما كان ومن كان مشار ًكا لهم في نوع من أنواع الرفض وإن ق َّل كان فيه مشابهة لهم بقدر ما يُشاركهم فيه ُّ .
ال أمانة لرافضي َق ُّط على من يخالفه في مذهبه ،ويُدين بغير الرفض ،بل يستحل ماله ودمه عند أدنى فرصة تلوح له؛ ألنه عنده مُباح الدم
والمال ،وكل ما يظهره الرافضي من المو َّد ة فهو تقية ،يذهب أثرها بمجرد إمكان الفرصة ،وقد جربنا هذا كثيرً ا ،فلم نجد رافض ًّيا يخلص
المودة لغير الرافضي وإن آثره بجميع ما يملكه...وتو َّد د إليه بكل ممكن ،ولم نجد في مذهب من مذاهب المبتدعة وال غيرها ما نجده عند
هؤالء من العداوة لمن خالفهم ،ثم لم نجد عند أح ٍد ما نجده عندهم من التجرُّ ؤ على شتم األعراض المحترمة ،فإنه يلعن أقبح اللعن ويسبُّ
أفظع السبِّ كل من تجري بينه وبينه أدنى خصومة...وأق ُّل خالف ،ولعل سبب هذا -وهللا أعل ُم -أنهم لما تجرؤوا على سبِّ السلف الصالح
.هان عليهم سب من عداهم
جرب هذا...فقد جربناه وجربه من قبلنا فلم يجدوا رافض ًّيا َّ
يتنزه عن شي ٍء من مُحرَّ مات الدين كائ ًنا من كان ،وال تغترَّ بالظواهر ،فإن
الرجل قد يترك المعصية في المأل ويكون أعفَّ الناس عنها في الظاهر ،وهو إذا أمكنته فرصة انتهزها انتهاز من ال يخاف نارً ا وال يرجو
وكنت ُأكثر التعجب منه
ُ رأيت منهم مؤذ ًنا كان يؤم الناس في بعض مساجد...وله َسمْ ت َح َسن و َه ْدي عجيب والزمة للطاعة،ُ جنة...وقد
ُ ً
.كيف يكون مثله رافض ّيا؟ ثم سمعت بعد ذلك عنه بأمور تقشعرُّ لها الجلود ،وترتجفُ منها القلوب
أصل الرفض إلحاد وزندقة ،وال غرو! فأص ُل هذا المظهر الرافضي مظه ُر إلحا ٍد وزندقة ،جعله من أراد كي ًدا لإلسالم سترً ا له ،فأظهر
التشيُّع والمحبة آلل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم استجذابًا لقلوب الناس؛ ألن هذا أمر يرغب فيه كل مسلم ،وقص ًدا للتغرير عليهم ،ثم
.أظهر أنه ال يتم القيام بحق القرابة إال بترك حق الصحابة ،ثم جاوز ذلك إلى إخراجهم -صانهم هللا -عن سبيل المؤمنين
ومُعظم ما يقصده بهذا هو الطعن على الشريعة وإبطالها؛ ألن الصحابة رضي هللا عنهم هم الذين رووا للمسلمين علم الشريعة من الكتاب
والسنة ،فإذا تم لهذا الزنديق باط ًنا الرافضي ظاهرً ا القد ُح في الصحابة وتكفيرهم والحكم عليهم بالردة بطلت الشريعة بأسرها؛ ألن هؤالء
.هم حملتها الراوون لها عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،فهذا هو العلة الغائية لهم ،وجميع ما يتظهرون به من التشيُّع كذب و ُزور
:رابط الموضوع
https://www.alukah.net/literature_language/0/163644/%D9%81%D9%88%D8%A7%D8
%A6%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-
%22%D8%A3%D8%AF%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%84%D8%A8-
%D9%88%D9%85%D9%86%D8%AA%D9%87%D9%89-
%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%A8%22-
%D9%84%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85-
%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%88%D9%83%D8%A7%D9%86%D9%8A/
#ixzz89F7g7j1c