Professional Documents
Culture Documents
سنة ١٩٥١نجح اإلخوان اليتامى أيليا وأهارون هم وزوجاتهم في تزوير هوياتهم ( فأصبحوا تحت غطاء ديني * المسيحية
*) في سبيل البقاء في العراق وذلك كان حبا ً واعتزازا بأرضهم .إن اليهود قد عانوا بسبب الطبقة الحاكمة
للبالد فقد تعرضوا إلى تهجير القسري واالستيالء على أموالهم وممتلكاتهم على مر السنوات ،إال أن هذ ِه العائلتين
،كانت لهم الفرصة األكبر في البقاء اكثر من غيرهم
.رزق أيليا بأربع صبيه ،البكر إبراهيم ومن بعده فؤاد ،دانيال وأمير
حياة جديدة من الصفر وشق طريقة في التجارة واستطاع أن يكتب أسمه ضمن تجار البصرة كما فعل بدأ
أسالفه من ذي قبل وأصبح هو وعائلتة من الطبقة المخملية ،وجعل من أبنائه أطباء وأساتذة ،فكان فؤاد جراحا ً
تشهد له البالد بتفوقه وبراعته حيث كان المرضى يحنون جدار عيادته (تلك إحدى عادات الشعب العراقي اي
تبركا ً به ) ،واآلن هو يبلغ من العمر ستون عام ،تقاعد وفتح مستشفى أهلية .أما دانيال طبيب أسنان ،متقاعد ،
عام ا ،وأمير أستاذ جامعي ويبلغ من العمر خمسين عاما ،بينما البكر إبراهيم البالغ من
ً بالغ من العمر خمسة وخمسين
.العمر خمسة وستين عاما ،قرر أن يدير محالت الذهب من بعد وفاة ابيه إضافة الى مشروعه الخاص بتجارة السيارات
بينما أهارون رزق بخمس بنات ،فالبكر ديفا ومن بعدها ليا ،مايا ،سارا ،هدى (،اما سارا توفت بمرض السرطان وهي
.صغيرة ) فكانت اعمارهن مقاربة الوالد عمهن
شق أهارون طريقة في تجارة َأي ْ ًضا لكنه لم يكن محظوظا ً كأخيه ،فالمال الذي يجنيه بالكاد يكفيه لنهاية
الشهر .فإن أهارون كان شديدا في تربية بناته حيث إنه منعهن من إكمال دراستهن ودائما ً ما يقول لهن إن
المرأة مكانها في منزل زوجها وان المرأة خلقت لطاعة الرجل وتلبيه احتياجاته ،كان يفعل كل هذا خوفًا عليهن
من اي يزل لسانهن في يوم من األيام وتنكشف حقيقتهم ،فهو عكس اخيه لم يمنح الثقة وال الحرية ،ولكن امهن داليا كانت
تسمح لهن بالذهاب خلسة الى منازل صديقاتهن في المنطقة التي يسكنون فيها .تزوج أوالد أيليا من بنات عمهم ( إبراهيم من
ديفا و لديهم اليأس البالغ من العمر ٣٥يعمل مع ابيه ) ( فؤاد من ليا ولديهم يارا البالغة من العمر ٢١تخرجت لتوها من
كلية الهندسة ) ( دانيال من مايا ولديهم شمس البالغة من العمر ٢٥طبيبة اسنان وتعمل في مستشفى عمها فؤاد ،ولديهم توني
البالغ من العمر ٢٨طبيب اطفال وكذلك يعمل مع عمه ،ولديهم ايال البالغة من العمر ١٧تدرس في اخر مرحلة في الثانوية )
إال أن أمير رفض الزواج من إحدى بنات عمه ألنه وقع بحب فتاة مسلمة اسمها حياة ،بعدما علمت
حقيقة أمير بأنه يهودي ولن يسمح لها بالزواج منه من قبل أهلها وحتى دينها ،فمن شدة حبها له قررت
ولدا اسمه ريان ،لكن القدر كالعادة يحب كسر قلوب العاشقين ،فذات يوم ً الهروب معه ،أنجبت له ثمره حبهم
عاد امير من العمل ولم يجدها في المنزل فبدا يبحث عنها الى ان سمعة صوت بكاء ريان في غرفة نومه ،فكانت تاركة
رسالة بجانب قماط ريان مكتوبًا بها "سامحني على ما سأفعله ،فال خيار لي هذه المرة " ،ومن حينها لم يستطع أمير
معرفة أي خبر عنها او عن عائلتها وكأن الحياة جرفتها إلى باطنها واختفت لألبد ،فقد كان يبحث حتى في
.سجل الوفيات ولكن لم يجد شيًئا يريح به قلبه
فبعدما جرى أجبر أيليا ابنه على الزواج من إحدى بنات عمه وإن لم يوافق فسوف يحرم من الميراث وان
.الله لن يرضى عليه إذا عصى امر ابيه ولن يوفقه طيلة حياته
:تزوج أمير من هدى ولكنه أخبرها بأن زواجهم سيكون فقط لتلبيه رغبه أبوه ،فقالت
أولن تلمسني؟ -
كنت ترغبين بطفل كبقية أخواتك ،أما غير ذلك فيحرم عليه لمسك - ِ إال أن
بكيت هدى وبقيت تندب حظها فإنها لم تجد الهناء ال في بيت أبيها وال حتى مع أمير ،إال أنه أخبرها
:حينها
سوف أعوضك عما فقدتيه فال تبكي_
أسكنها في منزل لوحدها ولم يسمح لها بتربية ابنه ريان ،فقد أسكنه هو اآلخر في منزل لوحده واهتم
كثيرا حتى انه فرق قليل ًا بينه وبين ابنته التي قد رزق بها من هدى ،فقد كان ذلك مطلب حبيبته ً بتربيته
:حياة
- مكروها فال تسمح ألخرى من بعدي بأن تربي ريان ويناديها ً أمير أريد منك أن تعدني بأن حدث لي
ب أمي
لما هذا التشاؤم يا عصفورتي؟-
أني خائفة هذ ِه المرة ،أشعر أن خطوات الموت باتت قريبة مني -
.فبكت ووضعت رأسها في حضنه وكأنها كانت تختبئ حتى ال يراها الموت
يبلغ االن ريان من العمر ، ٢٦وأصبح أستاذ جامعي ،اما اخته فهي اصغر منه بسنة متزوجة من يهودي في بريطاينا ولديها توأم
.
فطير ا واليوم األول تعزلون الخمير من بيوتكم ،فإن كال من أكل خميرا من اليوم األول (
ً سبعة أيام تأكلون
).الخروج ) (12:15إلى يوم السابع تقطع تلك النفس من إسرائيل في مساء يوم الخامس عشر من
أبريل ،كانت تصادف ليلة عيد الفصح لدى اليهود كما في التقويم العبري أو عيد الربيع ألنه يصادف بداية
البذر والفرح والدة الطبيعة الجديدة أو عيد الحرية لتخلصهم من العبودية وتحقيق العدالة ،حيث إن العيد يبدأ
من بعد غروب الشمس وهذه الفقرة تتضمن جميع األعياد ،يحتفل اليهود بذكرى خروج بني إسرائيل من مصر
على يد النبي موسى بعدما كانوا عبيدا ً لدى فرعون الظالم ،فمن عادات اليهود قبل أسابيع من عيد الفصح
أن ينظف كل ما في البيت والتخلص من“ الحاميتس ”(الخمير) – الخبز المخمر والمنتوجات الغذائية
مربعا أو مدوراً ،عند ً المشتقة منه ويستبدلونها بخبز الفطير هو الخبز الذي ال تدخله خميرة ويمكن أن يكون
فرارهم مع النبي موسى عندما لم يكن لديهم وقت للتأنق في الخبز أو االنتظار على العجين ،مع بعض
األشياء المسموح تناولها في هذا العيد .فيستمر العيد ثمانية أيام ويحرم العمل في اليومين األولين واليومين
األخيرين ،فيبدأ العيد بليلة التفتيش عن الخميرة ،وبعدها يبدأ الجانب االحتفالي ويسمى "سدر" وهي كلمة
غسل األيدي فيما يشبه عبرية تعني "نظام" فيحمد اليهودي اإلله على أنه أعطى جماعة إسرائيل أعيادها ،ثم تُ َ
الوضوء .وتدور معظم الطقوس حول أمرين :مائدة الفصح ،وحكاية الفصح .فتوضع على مائدة الفصح حزمة من
النباتات المرة كالخس أو الكرفس ،ثم كأس من الماء المالح (رمز الحياة القاسية التي عانوا منها في مصر،
ورمز دموع جماعة إسرائيل) .وبجانب ذلك يوضع شيء من الفاكهة المهروسة في الهاون والمنقوعة في النبيذ
(رمز المالقط الذي كانوا يستخدمونه في البناء في مصر) ،كما يوضع ذراع خروف مشوي (تذكر ًة بالحمل
حى به) ،وبيضة مسلوقة (تذكر ًة بقربان العيد) ،وثالثة أرغفة من خبز الفطير .ويتم تناول هذه الذي كان يُ َض َّ
األطعمة والمأكوالت حسب نظام ُم َعيَّن ،فتُغمس األعشاب في الماء المالح ،ويُكسر رغيف الفطير األوسط ،ويُخبأ
نصفه ليبحث األطفال عنه ،وال يؤكل هذا النصف إال بعد نهاية الوجبة .وتوضع على مائدة الفصح أربعة أقداح
(أربع كوسوتا) من النبيذ يشربها أعضاء األسرة ،وهي ترمز إلى وعد اإلله لليهود بتخليصهم وقيامه بإنقاذهم من
مصر بنفسه دون وساطة .وقد تمت عملية اإلنقاذ على أربع مراحل (أخرجكم ،وسأرسلكم ،وسأخلصكم ،وسأجعلكم
شعبي المختار) .ويُضاف قدح خامس يُترك دون أن يمسه أحد ألنه كأس النبي إيليا الذي سينزل من
خلِ ص اليهودي).فمن بعد وفات اإلخوان إيليا وأهارون وزوجاتهما بقي اوالدهم السماء قبل قدوم الماشيَّح (المسيح اَل ُْم ْ
يجتمعون في كل ليلة من العيد مع بعضهم ،كانت هذه المرة في بيت أمير ،يعلو صوت حكاية الفصح
"هاغادة بيسك" التي تحكي عددا من القصص التوراتية وخروج بني إسرائيل من مصر ،وهم متجمعون حول
مائدة الطعام ،وخالل مأدبة السيدر تم تالوة ضربات العاشر وكل ما يذكر اسم ضربة ويقوم كل مشارك في المأدبة غرس إصبعه في
كأس الخمر ويا رش قطرة منه.في تلك اللحظات كانت يارا ذات الشعر البني كالحرير المغزول وعينان عسليتان،
تتبادل النظرات مع ريان ذا رأس بيضاوي الشكل ،عيناه خضراوان كعيون القطط ،فطيلة تلك السنوات لم يملك
ريان الجرأة في التعبير عن مشاعره إال أن يارا في تلك اللحظة لم تستطع مقاومة مشاعرها واندفاعها نحوه
فطلبت منه أن يرافقها خلسة إلى الحديقة الخلفية .كان الخجل باديا على مالمحهما معا ً ،أطرقت يارا والخجل
:يغمرها ثم عادت ورفعت رأسها وتقابلت نظراتها مع نظرات ريان ،فتجرأت وقالت
أحبك بعينيك؟ كل شيء واضح ولكن يا ترى متى …قاطعها في هذه اللحظة فأخذها - ِ ألم تكتفي من قول
بين ذراعيه وراح يقبلها ،شعرت أن قد مال كيانها فرح فريد لم تعرفه من قبل وفيض من السعادة ،
:وضعت يديها على رأسه وراحت تداعب شعره األشقر .تراجع وابتعد عنها ريان خطوة إلى الخلف قائل
كنت تريدين قوله - ِ أكملي ما
.راحت تضحك
.قررا العودة إلى داخل بسرعة حتى ال يالحظ أحد غيابهما
ففي حيناها اتصل فؤاد بأخيه دانيال وأخبره بأن يأتيه حال ًا الى منزله قبل ان يغمى عليه ،هب من على المائدة مذعورا ً
:
⁃ مابك يا اخي ؟
⁃ .إنني أنزف تعالوا
اخبر دانيال الجميع بما حدث فهبوا إخوته مسرعين يجرون على اقدامهم اال ان امير ) ان جميع اإلخوة يسكنون في حي واحد(
طلب من ريان واوالد إخوته ونسائهم البقاء في المنزل وال يأتون خلفهم ،حملوه الى سيارة لينقلوه الى المستشفى ،لكن في ايام
العيد األولى يمنع القيادة لكنهم أضطروا الى فعل العكس من اجل حياة اخيهم .وصلوا إلى مستشفى ،أخذت الهواجس
.تساورهم ثم اشتد بهم الخوف على أخيهم
بعد نصف ساعة خرج فؤاد من غرفة العمليات بعدما إخترقت الرصاصة العظم ومزقته ،استراح في غرفته لدقائق ثم طلب رؤية
اخوته ،كانت عالمة االستفهام مرسومة على مالمح إخوته طالبين توضيحا ً لما يحدث .راح فؤاد يخبر إخوته بما
حدث له ( عندما رجع وحده الى بيته ليجلب دواء الضغط له بعد االنتهاء من طقوس ،دخل إلى المنزل رأى ضوء قليل
مسلط على رجل طويل القامة نحيال ً ،مكسوا ً بالسواد من قامته حتى قدماه جالس على الكنبة ،حينما فتح فؤاد اإلنارة ليتأكد مما
يرى أطلق ذاك الرجل الرصاص على قدم فؤاد ،سقط على األرض واأللم يمزق جسده ،حاول القيام من على األرض اال ان خطاه
!اصبح ثقيل :من انت أيها اللعين ؟
ترك بجيبه قصاصة صغيرة مكتوبًا بها " :شالوم أليخم ،عيد فطيغ ُمبارك " وفر .اشتد فزع اإلخوة فقد حلت
:على رأسهم كارثة شاملة ال يسلم من أذاها أحد ،سئل أخوهم األكبر إبراهيم
صحيح ا !(عم الصمت في الغرفة ) أرى أن كالعادة عقولكم محطة فارغة! أجابه امير ً ماذا يجري ؟ أهل ما سمعته كان
( :منحني الرأس)
⁃ .ال احد يعلم بحقيقتنا غير صديقي ُحسين
تسمر إبراهيم في مكانه ال يقوى على الحركة ،تمنى أن كل ما سمعه مجرد حلم وسوف يستيقظ بأي
لحظة لكنه تأكد بأنه ليس حلما ً عندما دخلت الممرضة لتضع العالج ألخيه وهي عاقدة الحاجبين وتنظر
المرسوم على وجهه إبراهيم ،فأخبرته ليطمئن - :ال تقلق حالته مستقرة و سنخرجه بعد بضعة باستغراب من العزاء
.ساعات
عندما خرجت الممرضة اتفق اإلخوان على عدم إخبار زوجاتهم وأوالدهم بحقيقة ما جرى ،فيقولون ان من اعتدى
.على فؤاد سارق يريد سرقة المنزل ،الى حين ان يجدون حال ً لهذه الكارثة
الفصل الثالث
العرافة
ناءك ُْم { أب وا م د ق ت ال 10 . م م ُأل ا لك ِ
ت ها س مار ت ي ِ
ت َّ ل ا ير ِة مار ِ األر ِض ال َّ ِتي َسي ُ ِ
ْ َ ُ َ ِّ ُ َ ُ َ ُ ُِ الش ِّر َ
سات ِّ الم َ عطيها إل َُهك ُْم لَك ُْم ،ال ُت َقلِّ ُدوا ُ ْ َو َمتَى أتَيتُ ْم إل َى
يب .ال إلخبار بِال َغ ِ
ِ المات ِل ِ الع
َ َى ل إ ر ِ َّظ
َ ن ال و
ِ أ ، ِ
ة ي ِ
وح
ُّ َّ ر ال ِ
ة ساط
َ َ الو و
ِ أ ِ
َة ف را ِ
الع ِ
ة س مار
ُ َ َ ِمب د
ٍ أح
َ ِ
ل وا ح سم ت ال
ْ َ َ َ ُ و . ُم ك ِ
ِحب ذامَ َى ل َوبَنا ِتك ُْم ِفي الن ّ ِار َ
ع
حر
الس ِِّ م
ِ خدا َ ت باس د
ٍ أح
َ ِ ل وا ح
ُ سمَ َ ت } - 11 - 18 : 9 التثنية
في صباح اليوم األول من ايام الربيع ،يراقب ريان من نافذة غرفتة وهو مستلقي على سريرة ،شروق الشمس وهي تغزو
صباحا ،خرج ً امامه وكانت التاسعة والنصف ُ باشعتها الذهبية غرفته ويصاحبها زقزقة العصافير ،نظر الى ساعة المعلقة على جدار
متجها الى السلم ، ً من غرفته باحث ًا عن ابيه ،عاقد الحاجبين ظنًا منه قد أفطر من دونه هذه المرة ،فعندما خرج من غرفته
مفتوح ا بأكمله والغرفة تشهد حالة من الفوضى ،وصندوق الخاص بأمه ( أم ريان) مفتوح وصورها تمأل ً الحظ ان باب غرفة ابيه
األرض ،ابتلع ريقه ،فعلم مكانه ،نزل من على الساللم مسرعا الى كنيس ،هي غرفة توجد في بيت جميع اإلخوة لممارسة
الطقوس والتعبد اي انها اشبه بمعبد مصغر ،دخلها ورأى ابيه يحتضن فستانًا ازرق داكن ،يبكي بحرقة مثل طفل أضاع أمه ،ظن
الدموع
ُ عمى من فرط .ريان ان ابيه سوف ي ُ َ
فاخذه بحضنه وراح يطبطب عليه ،فمسح دموعه وقبله من جبينه ُ :
⁃ !لما هذه الدموع يا ابي ،فقد قطعت قلبي ألشالء
⁃ اثر لها حتى اني ذات يوم دعوت ربي ان يدلني على قبرها ان كانت متوفاة منذ سنين وانا ابحث على ٍ
حتى يطمئن قلبي ان كانت بجواره وفي نعيمه
⁃ هل وجدت امي ؟ قلي بالله عليك انها لم تكن متوفاة! ارجوك قلي
"أعطاه قصاصة مكتوبًا عليها "أما زلت تنتظرها ؟
⁃ وصلتني هذ ِه الرسالة مع فستانها الذي كانت ترتديه حينما اختفت