Professional Documents
Culture Documents
البحث - الوسطية- نيلى
البحث - الوسطية- نيلى
وزارة التعليم
جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية
معهد العلوم اإلسالمية و العربية يف إندونيسيا
إعداد:
.٨٢١٧.٩٢٥٦٢٧
إبشراف:
ٱّللَ َح َّق تُ َقاتِِهۦ َوَال متَُوتُ َّن إَِّال َوأَنتُم ُّمسلِ ُمو َن ﴾.١
ين ءَ َامنُوا ٱتَّ ُقوا َّ َّ ِ
﴿ يَٰٓأَيُّ َها ٱلذ َ
ۡ ۡ َّاس ٱتَّ ُقوا َربَّ ُك ُم ٱلَّ ِذي َخلَ َق ُكم ِهمن ن َّۡف ٍ
س َو ِح َدةٍ َو َخلَ َق ِمن َها َز ۡو َج َها َوبَ َّ
ث ِمن ُه َما ﴿ يَٰٓأَيُّ َها ٱلن ُ
ِِ ۡ ۡ ًۚ ًۚ
ٱّللَ َكا َن َعلَ ۡي ُك ۡم َرقِيبًا ﴾.٢
ٱّللَ ٱلَّ ِذي تَ َسآٰءَلُو َن بهۦ َوٱۡلَر َح َ َّ
َّ
ن ِ
إ ام ِر َج ًاال َكثِ ًريا َونِ َسآٰءً َوٱتَّ ُقوا َّ
أما بعد؛
إن هللا تعاىل ميز هذه اۡلمة (أمة اإلسالم) ابلوسطية بني اۡلمم فقال هللا سبحانه
ول َعلَي ُكم َش ِه ً
يدا ﴾. ٣ الر ُس ُ ك َج َعلنَا ُكم أ َُّمةً َو َسطًا لِتَ ُكونُوا ُش َه َداءَ َعلَى الن ِ
َّاس َويَ ُكو َن َّ ِ
﴿ َوَك َذل َ
الوسطية الشرعية هي املنهج احلق الذي بعث هللا به اۡلنبياء عليهم السالم ،وجعل هذه
اۡلمة أخص اۡلمم يف حتقيق هذه الوسطية ،وأهل السنة واجلماعة هم أهل الوسطية يف هذه اۡلمة ،أما
من خالفهم فإهنم احنرفوا عن الوسطية إما إىل اإلفراط وإما إىل التفريط .و جاءَت النصوص الكثرية يف
كتاب هللا و سنة رسوله هللا ﷺ أتمران ابالستقامة على هذا املنهج الوسط ،والذي ال احنراف فيه وال
شطط ،وتنهاان عن الغلو فيه ،أو اجلنوح عنه لسواه .وهذا يظهر ٍ
جبالء أمهية هذا البحث ،فالبحث
ُّ
يعد ُمسامهة يف إبراز وسطية الشريعة اإلسالمية واعتداهلا ،واحلث على الوسطية واالعتدال ،كما أنه
يهدف لعالج ظاهريت الغلو والتفريط؛ ومن مث حتقيق الوسطية اليت رغب الشرع فيها وحث عليها.
٣
أمهية املوضوع:
إبراز أمهية املوضوع من النقاط التالية:
• ظهرت الفرق من اخلوارج ،والشيعة ،واملعتزلة واجلهمية ،وغريهم ممن غال أو جفا ،وفرط أو
أفرط ،و احنراف عن الطريق السوي طريق الكتاب والسنة.
شرر ذلك هنا
الفهم السقيم لنصوصه وتعاليمه ،وتطاير ُ • َ
فشت ظاهرةُ الغلو يف الدين ،و ُ
وهناك.
ِ
• الوسطية من أبرز مالمح العقيدة اإلسالمية؛ إذ هي موافقةٌ للحق ،ومؤيَّدةٌ ِه
ابحلق ،وهي
ِ
مناسبةٌ للفطرة ،ال إفراط فيها وال تفريط.
٤
تقسيمات البحث:
٥
املبحث األول :مفهوم الوسطية ،و أمهيتها
جاءت الوسطية يف الشرع مبعىن اۡلخذ مبا شرع هللا من غري إفراط وال تفريط و العدالة
ك َج َعلنَا ُكم أ َُّمةً َو َسطًا ﴾ .٧وهبذا املعىن فسرها ابن جرير ِ
واخلريية ،كما يف قوله تعاىلَ ﴿ :وَك َذل َ
الطربي مبعىن عدوال.٨
أيضا الوسطية هي ما اتصفت به اۡل َُّمة اإلسالميَّة من تسنمها موقع الوسط يف العقائد
القمة السامقة ،وحتيط هبا اۡلطراف من كل جانب،
والشرائع واملكان والزمان ،وكون ذلك املوقع هو َّ
العزة واملنعة والظهور ،وهو يف ذاته اۡلفضل واۡلحسن واۡلنصف واۡلعدل،
وهذا املوقع حيقق هلا َّ
خيار
وبعبارة موجزة قال احلرايل" :الوسط :العدل الذي نسبة اجلوانب إليه كلها على السواء ،فهو ُ
الشيء ،ومىت زاغ عن الوسط حصل اجلور املوقع يف الضَّالل عن القصد".٩
٤لسان العرب ،ابن منظور (ت ٧١١ه ) ،دار صادر (بريوت) ،الطبعة اۡلوىل١٣..ه.)٤٢٦/٧( ،
٥مفردات ألفاظ القران ،الراغب اۡلصفهاين (ت ٤٢٥ه ) ،دار القلم (دمشق) ،الطبعة اۡلوىل ١٩٩٦م ،ص.٨٦٩
٦معجم مقاييس اللغة ،أمحد بن فارس بن زكرَيء القزويين الرازي (ت ٣٩٥ه ) ،دار الفكر١٣٩٩ ،ه .)١٠٨ /٦( ،
٧سورة البقرة ،اآلية.١٤٣ :
٨
جامع البيان عن أتويل آي القرآن ،أبو جعفر ،حممد بن جرير الطربي (ت ٣١٠ه ) ،دار الرتبية والرتاث (مكة).)١٤٥/٣( ،
٩التوقيف على مهمات التعاريف ،حممد عبد الرؤوف املناوي (ت ١٠٣١ه ) ،عامل الكتب (القاهرة) ،الطبعة اۡلوىل ١٤١٠ه ،
ص .٣٣٧
٦
مفهوم اإلعتدال:
لغ ـ ــة :الع دل :ض د اجل ور ،وم ا ق ام يف ال نفس أن ه مس تقيم ،١.والع دل ه و التقس يط عل ى
سواء ،١١االعتدال توسط حال بني حالني يف كم أو كيف.
ش ــرعا :ه و الت زام امل نهج الع دل اۡلق وم ،واحل ق ال ذي ه و وس ط ب ني الغل و والتنط ع ،وب ني
التفريط والتقصري ،فاالعتدال واالستقامة وسط بني طرفني مها :اإلفراط والتفريط.١٢
فالوسطية ،واالعتدال معنيان مرتادفان يف املفهوم اللغوي ،والشرعي االصطالحي ،فهما :
العدل واالستقامة واخلريية واالعتدال والقصد والفضل واجلودة .
ملا كان دين اإلسالم هو خامت اۡلدَين السماوية وأفضلها وخريها ،فإن الوسطية هي أبرز خصائصه ،وأهم
ما مييزه عن سائر اۡلدَين اجلاحنة إىل اإلفراط أو التفريط؛ ولذا كان منهج اإلسالم وسطاً معتدالً يف اۡلمور
السبُ َل فَتَ َفَّر َق بِ ُكم َعن َسبِيلِه ﴾. ١٣
يما فَاتَّبِعُوهُ َوَال تَتَّبِعُوا ُّ ِ ِ ِ كلها ،قال هللا تعاىلَ ﴿ :وأ َّ
َن َه َذا صَراطي ُمستَق ً
ال جتد فرقة من فرق أهل اۡلهواء والبدع إال وقد خالفت أهل السنة واجلماعة يف أصل الوسطية العظيم،
فإما أن تغلو يف جانب ،أو تفرط يف جانب ،وهذا اخللل يف التوازن مطرد عند مجيع أهل البدع يف أبواب
االعتقاد ،قل أو كثر ،فالوسطية فيها رد على من فارقها .و أهل السنة واجلماعة يف اإلسالم كأهل اإلسالم يف
أهل امللل ،فهم وسط يف ابب صفات هللا عز وجل بني أهل اجلحد والتعطيل ،وبني أهل التشبيه والتمثيل ،إثباات
لصفات الكمال ،وتنزيها له عن أن يكون له فيها أنداد وأمثال ،إثبات بال متثيل ،وتنزيه بال تعطيل ،كما قال
س َك ِمثلِ ِه َشيءٌ ﴾ۡ ،١٤لهنم متمسكون بكتاب هللا وسنة رسوله ﷺ ،وما اتفق عليه السابقونتعاىل ﴿ لَي َ
اۡلولون من املهاجرين واۡلنصار ،والذين اتبعوهم إبحسان.١٥
٧
و على كل حال فإن منهج الوسط يقوم على التوافق بني اۡلدلة الصحيحة أَيً كان
مصدرها و امتناع التعارض بينها يف نفس اۡلمر الوسطية هو العدل واخليار ،وهو أحسن اۡلمور
كل أمور احلياة ومنهاجها
تعرف على هأهنا االعتدال يف ه
وأفضلها وأنفعها للناس وأمجلها ،كما ه
وتصوراهتا ومواقفها ،فالوسطية ليست جمرد موقف بني االحنالل والتشديد ،بل تعترب موقفاً أخالقياً
وسلوكياً ومنهجاً فكرَيً .وهذا يظهر ٍ
جبالء أمهية الوسطية.
١٦الوسطية يف ضوء القرآن الكرمي ،انصر بن سليمان العمر ،الكتاب منشور على موقع وزارة اۡلوقاف السعودية ،ص .٣٩
١٧سورة البقرة ،اآلية.١٤٣ :
١٨الوسطية يف القرآن الكرمي ،الصاليب ،علي حممد ،دار املعرفة (بريوت) ،الطبعة الرابعة ٢..٩م ،ص. ٣٩
١٩شفاء العليل يف مسائل القضاء والقدر واحلكمة والتعليل ،ابن القيم ،دار الفكر(بريوت)١٩٧٨ ،م.)٢٧٦/١( ،
٨
-اليسر ورفع احلرج :ان رفع احلرج و ه
السماحة والسهولة راجع إىل الوسط واالعتدال ،فال إفراط وال
تفريط ،فالتنطع والتهشديد حرج يف جانب عسر التكاليف ،واإلفراط والتقصري حرج فيما يؤدي إليه
من تعطل املصاحل وعدم حتقيق مقاصد الشرع.٢.
-احلكمة :احلكمة وهي توخي القصد واالعتدال ،وإدراك العلل والغاَيت ،ووضع اۡلمور يف
نصاهبا يف تبصر وروية وإدراك و مجاع احلكمة يف قول ابن القيم " :فعل ما ينبغي ،على الوجه الذي
ينبغي ،يف الوقت الذي ينبغي.٢١
-االستقامة :الوسطية استقامة ولو مل تكن على هنج االستقامة لكانت احنرافا واالحنراف إما إفراط
أو تفريط .٢٢قال ابن القيم ":فاالستقامة كلمة جامعة آخذة مبجامع الدين ،وهي القيام بني يدي
هللا على حقيقة الصدق والوفاء ابلعهد ،واالستقامة تتعلق ابۡلقوال واۡلفعال واۡلحوال والنيات
فاالستقامة فيها :وقوعها هلل وابهلل وعلى أمر هللا."٢٣
يدل على وقوع شيء بني أن البينيَّة من لوازم وصفات الوسطيَّة َّ ،
إن إطالق لفظ البينيَّة ه -البينية َّ :
إن (الوسطيَّة) ال ب هد أن تتَّصف حسا أو معىن ،وعندما نقولَّ : شيئني أو أشياء ،وقد يكون ذلك ًّ
إن هذه الكلمة تعطي إن اۡلمر أعمق من ذلك ،حيث َّ جمرد البينيَّة الظَّرفيَّة ،بل َّ
ابلبينيَّة ،فإنَّنا ال نعين َّ
الغلو والتهطرف أو اإلفراط والتَّفريط.مدلوال عمليًّا على أن هذا اۡلمر فيه اعتدال وتوازن وبُعد عن ه
جمرد ظرف عابر .ومن هذا التَّفسري جاءت عالقة البينيَّة وهبذا تكون البينيَّة صفة مدح ،ال َّ
ابلوسطيَّة.٢٤
٩
• املطلب الثاين :ضوابط حتقيق املنهج الوسط
يوجد بعض الضوابط واإلجراءات اليت جيب تطبيق الوسطية يف سياقها حىت ال تنحرف عن
شريعة وتعاليم الدين اإلسالمي وأهم هذه الضوابط هي كما يلي:
-جيب التنسيق ومعادلة اۡلمور بني تعاليم الشريعة اإلسالمية وبني املتغريات والتطورات اليت تظهر يف
اجملتمع.
-فهم كافة تعاليم الدين اإلسالمي وقراءة اآلَيت واۡلحاديث املختلفة.
-التيسري يف التبليغ والفتوة فيجب تبسيط وتوضيح كافة اۡلمور أثناء تبليغ الفتوة.
-حماولة التمعن وفهم اۡلمور الداخلية قبل االهتمام ابلشكل اخلارجي لألمور.
-املرونة يف طريقة تطبيق الوسطية بني اۡلفراد.
-االهتمام جبميع أفراد اجملتمع سواء كانوا رجال أو سيدات فهم الكوادر البشرية القادرة على تنفيذ
الوسطية يف اجملتمع.
·١
املبحث الثالث :مظاهر حتقيق املنهج الوسط ،و معوقات حتقيقه.
• املطلب األول :مظاهر حتقيق املنهج الوسط.
ِ
ابحلق ،وهي -يف االعتقاد :الوسطية من أبرز مالمح العقيدة اإلسالمية؛ إذ هي موافقةٌ للحق ،ومؤيَّدةٌ ِه
مناسبةٌ للفطرة ،ال إفراط فيها وال تفريط ،فالعقيدة اإلسالمية متوسطة بني إفراط النصارى وتفريط اليهود، ِ
وتطرف اليهود يف عصيان أنبيائهم ،وتنطعِهم يف السؤال واجلدال؛ وتتجلَّى ِه غلو النصارى يف املسيح وبني هِ
وسطية اۡلمة احملمدية يف نو ٍاح شىت من مسائل االعتقاد ،من عناصرها ،ومها:
اۡلول :الوسطية يف اإلميان :فالنيب و أتباعه املؤمنون يؤمنون جبميع الرسل والكتب املنزلة؛ كما · َّ
ول ِمبَا أُن ِزَل إِلَي ِه ِمن ربِِه والمؤِمنُو َن ُكلٌّ آمن ِاب َِّ
ّلل َوَم َالئِ َكتِ ِه الر ُس ُ
أخرب هللا تعاىل عنهم يف كتابه العزيز َ ﴿:آم َن َّ
ََ َه َ ُ
ِ وُكتبِ ِه ورسلِ ِه الَ نُ َف ِر ُق بني أ ٍ
صريُ ﴾ .٢٥وكما َّبني ك الم ِ ِ
ك َربَّنَا َوإلَي َ ََحد ِمن ُر ُسل ِه َوقَالُوا َِمسعنَا َوأَطَعنَا غُفَرانَ َ ه ََ َ َ ُ َُ ُ
اآلخ ِرَ ،وتُؤِم َن ّلل ومالَئِ َكتِ ِه ،وُكتُبِ ِه ،ورسلِ ِه ،والي وِم ِ
ِ ِ ِ
َُ ُ َ َ َ النيب يف ح هد اإلميان الواجب على اۡلمة( :أَن تُؤم َن ِاب َّ َ َ ُّ
ِابل َق َد ِر َخ ِريِه َو َشهِرِه).٢٦
·الثَّاين :الوسطية يف النبوة :املؤمنون املنتسبون هلذه اۡلمة احملمدية يؤمنون برسل هللا مجيعِهم،
وحيبُّوهنم ويُوالوهنم ،ومل يعبدوهم من دون هللا ،ومل يتَّخذوهم أرابابً من دون هللا تعاىل، عزروهنم ويُوقِهروهنمُ ، ويُ هِ
اس رضي هللا عنهما؛ أنه فهم بذلك وسط يف جانب النبوة بني إفراط اليهود وتفريط النصارى ،عن اب ٍن َعبَّ ٍ
ِ ِ َِمس َع عُ َمَر رضي هللا عنه ُ
النيب صلى هللا عليه وسلم يقول( :الَ تُط ُر ِوين كما ت َّ يقول -على المن َِربَ :مسع ُ
اّلل َوَر ُسولُه .)٢٧قال ابن اجلوزي رمحه هللا" :اإلطراء: أَطرت النَّصارى ابن مرمي؛ فَِإََّّنَا أ ََان عب ُده ،فَ ُقولُوا :عب ُد َِّ
َ َ ُ َ َ َ َ ََ َ
لد هللا ،تعاىل ِ اإلفراط يف املدح .واملراد به ها هنا :املدح الباطل .والذين أطروا عيسى عليه السالم َّادعوا أنه و ُ
أن أحداً اّلل َوَر ُسولُهُ" .فإن قال قائل :وما َعلِمنا َّ هللا عن ذلك ،و َّاَّتذوه إهلاً ،ولذلك قال" :فَ ُقولُوا :عب ُد َِّ
َ ُ
َّادعى يف رسوِل هللا صلى هللا عليه وسلم ما ُّاد ِعي يف عيسى عليه السالم! فاجلواب :أهنم ابلغوا يف
تعظيمه"٢٨..
١١
١
-يف العبادات:
·أ َّوالً :الوسطية واالعتدال يف أداء العبادات ،قال ابن تيمية رمحه هللا( :واۡلحاديث املوافقة هلذا كثرية ،يف
أن ُسنَّته؛ اليت هي االقتصاد يف العبادة ،ويف ترك الشهوات ،خريٌ من رهبانية النصارى؛ اليت هي ترك عامة بيان َّ
الشهوات من النكاح وغريه ،والغل ِو يف العبادات صوماً وصالةً ،وقد خالف هذا؛ ابلتأويل ،و ِ
لعدم العلم طائفةٌ من
الفقهاء والعُبَّاد).٢٩
اس رضي هللا عنهما قال: ·اثنياً :الوسطية يف تطبيق العبادات ،والتحذير من الغلو يف ال هِدين ،عن اب ِن َعبَّ ٍ
صى اّللِ َ غ َداةَ الع َقب ِة وهو على َانقَتِ ِه( :ال ُقط ِيل حصى) .فَلَ َقطت له سبع ح ٍ
صيَاتُ ،ه َّن َح َ ُ ََ َ َ َ ً ََ رسول َّ
قال ُ
الناس! إِ ََّي ُكم َوالغُلَُّو يف ال هِدي ِن؛ ِ ض ُه َّن يف َك هِف ِه َويَ ُق ُ ِ
ال َه ُؤالء فَارُموا)ُ ،مثَّ قالَ( :ي أَيُّ َها ُ
ول( :أَمثَ َ اخلَذف ،فَ َج َع َل يَن ُف ُ
ك َمن َكاَن قَب لَ ُكم الغُلُُّو ِيف ال هِدي ِن)·.٣ فِإنَّهُ أَهلَ َ
·اثلثاً :الوسطية يف أماكن العبادات :كانت اۡلمم املتق هِدمة ال يصلون إالَّ يف كنائسهم وبِيَعِهم ،كما أخرب
ُ ِ
ت ،وَكا َن َمنيَّ
ل صو ت ح س مت ة ال الص ِ
ين ت ك
ر النيب بذلك يف قولهِ ِ َ :
َ َّ ُ َ َ ُ ََ ُ َّ َض َم َساج َد َوطَ ُهوراً َ َ َ
َد
أ امن َي
أ ، يل اۡلَر ُ (و ُجعلَت َ
صلُّو َن ِيف َكنَائِ ِس ِهم َوبِيَعِ ِهم).٣١ ِ ِ
قَبلي يُ َع ِظه ُمو َن ذَل َ
كَّ ،إَّنا َكانُوا يُ َ
-يف املعامالت:
·أوال :الوسطية يف التعامل مع احلائض :جاءت الشريعة اإلسالمية ابلوسطية يف التعامل مع احلائض بني
يط النصارى؛ الذين يُبيحون َوطأَها يف حيرمون السكن مع احلائض والتعامل معها ،وبني تفر ِ إفراط اليهود؛ الذين هِ
ِ ِ ِ
وه َّن يف
وها ،ومل ُجيَامعُ ُ اضت ال َمرأَةُ في ِهم مل يُ َؤاكلُ َ ود َكانُوا إذا َح َ س رضي هللا عنه؛ أ َّ
َن اليَ ُه َ تلك احلال ،عن أَنَ ٍ
ك عناىل َ ﴿:ويَسأَلُونَ َ النيب صلى هللا عليه وسلم فَأَن َزَل هللا تَ َع َ ِ
النيب صلى هللا عليه وسلم َّ اب ِه البُيُوت ،فَ َسأ ََل أَص َح ُ
ٍِ ِ رسول َِّ يض قُل هو أَذًى فَاعتَ ِزلُوا النهِ َساءَ يف ال َم ِح ِ ال َم ِح ِ
اّلل ( :اصنَعُوا ُك َّل َشيء إالَّ النه َك َ
اح)، يض .٣٢﴾ ..فقال ُ
ع ِمن أَم ِرَان َشيئاً إِالَّ َخالََفنَا فِ ِيه.٣٣
الر ُج ُل أَن يَ َد َ
يد هذا َّ ود ،فَ َقالُوا :ما يُِر ُفَبَ لَ َغ ذلك اليَ ُه َ
٢٩اقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة أصحاب اجلحيم ،ابن تيمية ،دار عامل الكتب (بريوت) ،الطبعة السابعة١٤١٩ ،ه ،ص ١.٥
٣.أخرجه أبو شيبة ،كتاب احلج ،يف قدر حصى اجلمار ما هو ،رقم (.)١٩٤/٨( ،)٤٤٤٣
٣١صحيح الرتغيب والرتهيب ،حممد انصر الدين اۡللباين ،مكتبة املعارف للنشر والتوزيع (الرَيض) ،الطبعة اۡلوىل ١٤٢١ه ،رقم
(.)٣٦٣٥
٣٢سورة البقرة ،اآلية ٢٢٢
٣٣أخرجه مسلم ،كتاب احليض ،ابب جواز غسل احلائض رأس زوجها وترجيله وطهارة سؤرها ،رقم ()١٦٩/١( ،)٣.٢
١٢
·اثتيا :الوسطية يف الزواج :أحكام الزواج وشروطه وأركانه وواجباته وآدابه فيها من االعتدال
والوسطية الشيء الكثري؛ لذا جعله النيب من ُسنَّته املباركة ،وأنكر على الرجل الذي ال يُريد الزواج
ُصلِهي َوأَرقُ ُد، ِ
وم َوأُفط ُرَ ،وأ َ
َص ُ
ِ ِِ ِ
حبجة العبادة ،قائالً له( :وهللا إِِهين ۡلَخ َشا ُكم َّّلل َوأَت َقا ُكم لَهُ ،لَك ِهين أ ُ َّ
أن العزوف عن الزواج هو من س ِم ِهين) .٣٤ويكفي أن نعلم َّ ِ
ب َعن ُسنَّيت فَلَي َ
ِ ِ
َوأَتَ َزَّو ُج النه َساءَ ،فَ َمن َرغ َ
وحيهِرمون الطالق فضلون التَّبتُّل على الزواجُ ، فعل بعض رهبان النصارى وبعض طوائفهم الغالة الذين يُ ِه
بعد الزواج ،فيضيِهقوا على الناس بذلك ،ويُوقعوهم يف احلرج.٣٥
·اثلثا :الوسطية يف الطالق :جاءت الشريعة اإلسالمية ابلوسطية يف تشريع الطالق والذي
الطالق من غري
َ يُعترب أكثر واقعية واستيعاابً ملشاكل املرأة والرجل على ح هٍد سواء ،و(لو َّ
جوز الشرعُ
فإن الندم يلحق املطلِهق بعد حص ٍر لعظم اإلضرار ابلنساء ،ولو قصر على مرة واحدةَّ ،
لتضرر الرجالَّ ،
الرجعة أثناء العدة ،أو بعدها ،من ٍُ
طلقة واحدة، انقضاء العدة يف كثري من اۡلحوال) ؛ كما ُش ِرعت َّ
٣٦
أو طلقتني ،ملا يف ذلك من احلِفاظ على مصلحة اۡلسرة ،ورف ِع احلرج هبذه الوسطية الواقعية املر ِ
اعية
ُ
ملصاحل اۡلانم.
-يف العالقات اإلجتماعيات :عالقة الفرد ابآلخرين جيب أن تكون معتدلة فالبعد عن الناس
واالنطواء يؤدي إىل سوء التوافق االجتماعي والنفسي والرسول يقول ( :املؤمن أيلف وال خري فيمن ال
أيلف وال يؤلف) ،ويقول ۡلصحابه يوما إن أقربكم مين جملساً يوم القيامة أحاسنكم أخالقاً املوطؤون
أكنافاً الذين أيلفون ويؤلفون).٣٧
-الوسطية يف األسرة ،واملقصود بذلك االعتدال واالتزان وعدم اجلنوح إىل اإلفراط أو التفريط يف
العالقة بني أفراد اۡلسرة الواحدة ،بني الزوج والزوجة وبني الوالدين واۡلوالد ،االعتدال يف اإلنفاق
(العالقة املادية) ،واالعتدال يف التقومي (العالقة الرتبوية) ،واالعتدال يف املشاعر (العالقة اإلنسانية).
ِ ِ
وما َّحم ُس ًورا).٣٨ (والَ َجت َعل يَ َد َك َمغلُولَةً إِ َىل عُنُق َ
ك َوالَ تَب ُسط َها ُك َّل البَسط فَتَ قعُ َد َملُ ً قال تعاىلَ :
٣٤أخرجه البخاري يف صحيحه ،كتاب النكاح ،ابب الرتغيب يف النكاح ،رقم ()١٩٤٩/٥( ،)٤٧٧٦
٣٥الوسطية يف السنة النبوية ،د عقيلة حسني ،دار ابن حزم ،الطبعة اۡلوىل ٢.١١م ،ص ٢.٨
٣٦قواعد اۡلحكام يف مصاحل اۡلانم ،أبو حممد عز الدين عبد العزيز (ت ٦٦٠ه ) ،مكتبة الكليات اۡلزهرية (القاهرة))٢١./١( ،
٣٧صحيح اجلامع الصغري وزَيدته ،انصر الدين اۡللباين (ت ١٤٢٠ه ) ،املكتب اإلسالمي ،رقم ()٢٦٦/١( ،)١٢٢٦
٣٨سورة اإلسراء ،اآلية٢٩ :
١٣
حاضاً على-يف النظام السياسي :جاء اإلسالم وسطاً بني النظم ،مبيناً حقوق الراعي والرعيةَّ ،
العدل والقسط ،معلياً قيم احلق واۡلمن والسالم ،والسمع والطاعة ابملعروف ،مرتمساً املنهج الشورى
املتكامل ،سابقاً شعارات الدميقراطيات املعاصرة إىل حتقيق منافع البالد والعباد يف بعد عن
االضطراب والفوضى ،حماذراً الديكتاتورية يف احلكم ،واالستبداد يف الرأي ،قال هللا تعاىلَ } :و َشا ِورُهم
اّللِ{ .٣٩ومما جيلي وسطية اإلسالم :مجعه بني اۡلصالة واملعاصرة، ِيف اۡلَم ِر فَِإ َذا َعَزم َ
ت فَتَ َوَّكل َعلَى َّ
ومتيزه ابلثبات واملرونة ،وحسن التعامل مع املتغريات ،ووضع الضوابط لالجتهاد يف النوازل واستيعاب
املستجدات ،فهو بثوابته وأصوله يستعصي على التميع والذوابن ،ومبرونته يستطيع التكيف ويواجه
التطور بال مجود وال حتجر بل يبين احلياة على القواعد الشرعية ،والنواميس املرعية اليت تستجيب
اّللِ ُحكماً لَِقوٍم يُوقِنُو َن{·.٤
حلاجات اۡلمة يف خمتلف الظروف واۡلحوالَ }:وَمن أَح َس ُن ِم َن َّ
-يف النظام االقتصادي :وازن اإلسالم بني حرية الفرد واجملتمع ،فيحرتم امللكية الفردية ،ويقرها
ويهذهبا حبيث ال تضر مبصلحة اجملتمع ،فجاء اإلسالم وسطاً بني رأمسالية ترعى الفرد على حساب
اجلماعة ،واشرتاكية تلغي حقوق اۡلفراد ومتلكهم حبجة مصلحة اجلماعة .ويف جمال اإلنفاق تتحقق
ك قَ َواماً{٤١ الوسطية يف قول احلق تبارك وتعاىل }:والَّ ِذين إِذَا أَن َف ُقوا َمل يس ِرفُوا وَمل ي قرتوا وَكا َن ب ِ
ني ذَل َ
َ َ ُُ َ َ َ ُ َ َ
١٤
• املطلب الثاين :معوقات حتقيق املنهج الوسط.
ال خيفى على كل متتبع لألحداث التارخيية واملعاصرة ،واملطلع على النصوص الشرعية ،وأقوال
العلماء ،أنه ما من جمتمع تغيب عنه الوسطية واالعتدال واهلدي النبوي إال كان ذلك بسبب انتشار
البدع والضالالت واۡلهواء ،حيث يصبح املتسنن غريباً يف جمتمعه ،بعد أن ألف ذلك اجملتمع تلكم
اۡلهواء واالحنرافات ،فأضحى ال يعرف معروفاً وال ينكر منكراً إال ما أشرب من هواه ،وهذه احلقيقة
سجلها أقواالً كثري من أسالفنا رمحهم هللا ،قال حسان بن عطية احملاريب" :ما ابتدع قوم بدعة يف
دينهم ،إال نزع هللا من سنتهم مثلها ،مث ال يعيدها عليهم إىل يوم القيامة" .٤٢و من أبرز املعوقات
واملوانع اليت تقف وراء غياب الوسطية أو إضعافها يف اجملتمع اإلسالمي املعاصر:
-األول :الهل ،قال شيخ اإلسالم ابن تيمية" :واجلهل والظلم مها أصل كل شر ،كما قال سبحانه :
وما َج ُه ًوال ﴾ ،٤٣وقد استقصى الدكتور عبد الرمحن اللوحيق مظاهراإلن َسا ُن إِنَّهُ َكا َن ظَلُ ً
﴿ و َمحَلَ َها ِ
َ
اجلهل يف اۡلمة وهي متعددة ،أبرزها :اجلهل ابلكتاب والسنة ،واجلهل مبنهج السلف ،واجلهل مبقاصد
الشريعة .٤٤وقال الشاطيب مبيناً سبب االحنراف والضالل والتفرق " :وهو اجلهل مبقاصد الشريعة
والتخرص على معانيها ابلظن من غري تثبت أو اۡلخذ فيها ابلنظر اۡلول وال يكون ذلك من راسخ
يف العلم .أال ترى أن اخلوارج كيف خرجوا من الدين كما خيرج السهم من الصيد املرمى؟ ۡلن رسول
هللا وصفهم أبهنم يقرؤون القرآن ال جياوز تراقيهم ،يعين -وهللا أعلم -أهنم ال يتفقهون به حىت
يصل إىل قلوهبم؛ ۡلن الفهم راجع إىل القلب ،فإن مل يصل إىل القلب مل حيصل فيه فهم على حال،
وإَّنا يقف عند حمل اۡلصوات واحلروف فقط وهو الذي يشرتك فيه من يفهم ومن ال يفهم ،وما تقدم
أيضاً من قوله عليه السالم( :إن هللا ال يقبض العلم انتزاعاً.٤٥")..
٤٢
مشكلة الغو يف الدين يف العصر احلاضر ،عبدالرمحن بن معال اللوحيق ،طبعة خاصة ابملؤلف ،ط١٤١٩ ،١ه )٧../٢( ،
٤٣سورة اۡلحزاب ،اآلية٧٢ :
٤٤مشكلة الغو يف الدين يف العصر احلاضر ،عبدالرمحن بن معال اللوحيق ،طبعة خاصة ابملؤلف)٦٩/١( ،
٤٥جمموع الفتاوى ،ابن تيمية)٣.٧/١٧( ،
١٥
-الثاين :اإلبتداع ،من اۡلصول املقررة يف كتاب هللا تعاىل أن هللا أرسل الرسل وأنزل الكتب
لتقرير التوحيد ونبذ الشرك وتصحيح مفاهيم العقيدة ،قال تعاىل َ ﴿:ولََقد بَ َعث نَا ِيف ُك ِهل أ َُّم ٍة َر ُس ًوال
ِ أ َِن اعبُ ُدوا َّ
وت ﴾ ،٤٦وكل دعوة ال ترتكز يف غاَيهتا وأهدافها ومناهجها على اّللَ َواجتَنبُوا الطَّاغُ َ
هذين اۡلصلني فهي خمالفة لنهج املرسلني وانقصة ،وال تؤيت مثارها املرجوة ،على ذلك فإن من
أصول اإلسالم الكربى أن كل بدعة ضاللة ،وهذا اۡلصل هو مقتضى قوله عليه الصالة والسالم
كما روته عائشة رضي هللا عنها" :من أحدث يف أمران هذا ما ليس منه فهو رد".٤٧
-الثالث :الغلو ،للتدين احلق مقياسان :مقياس االستجابة ملطالب املنهج ومقتضياته ،قال
تعاىل َ ﴿:ي أَيُّها الَّ ِذين آمنُوا استَ ِجيبوا َِّّللِ ولِ َّلرس ِ
ول إِ َذا َد َعا ُكم لِ َما ُحييِي ُكم ﴾ ،٤٨ومقياس الطاقة ُ َ ُ َ َ َ َ
اّللُ نَف ًسا إَِّال ُوس َع َها ﴾ ،٤٩واملقياسان مرتابطان متكامالن، ف َّ ِ
والوسع ،قال تعاىل َ ﴿:ال يُ َكله ُ
فاالستجابة للمنهج مشروطة ابلقدرة يف اجملال العملي ،أما الغلو فهو من-زع خمتلف ،منزع شاذ
لذينك املقياسني كليهما ،مستدبر هلما مجيعاً ،إذ اليربح الغايل أن يند -يف فهم الدين -عن
القواعد العلمية املنهجية اهلادية لطريقة التفكري ،وال يفتأ -عند اۡلخذ العملي للدين -حيمل
نفسه ما ال يطيق ،فيسلك -من مث -سبيالً غري سبيل املؤمنني ،وإن حسنت نيته فإن حسن
النية ال يغين عن سداد املنهج ،وال يصح أن يكون بديالً له.
-رابعا :ادعاء التيسري ،من املقاصد املرعية يف الشريعة وقواعدها الكلية ،مقصد وقاعدة التيسري
ورفع احلرج ،وقد دلت عليها نصوص كثرية يف الكتاب والسنة متثل أصوالً لليسر يف اإلسالم ،أما
يد بِ ُك ُم العُسَر ﴾.٥.
اّللُ بِ ُك ُم اليُسَر َوَال يُِر ُ الكتاب ففي قوله تعاىل ﴿:يُِر ُ
يد َّ
١٦
إال أن هناك من رام التيسري ورفع احلرج من غري اببه ،يزعم العناية مبقاصد الشريعة وروح الدين،
ويدعي أن الدين جوهر ال شكل ،وحقيقة ال صورة ،لو واجهتهم مبحكمات النصوص لفوا
وداروا ،وردوا صحيح احلديث ،وهم يف حقيقة أمرهم معطلة النصوص اجلزئية للقرآن والسنة ،ال
يعرفون صحيحاً من ضعيف ،أتولوا القرآن فأسرفوا ،وحرفوا الكلم عن مواضعه ،ومتسكوا
ابملتشاهبات ،وأعرضوا عن احملكمات ،وهؤالء هم أدعياء التجديد ،وهم يف الواقع دعاة التغريب
والتبديد. ٥١ولو أتملنا مناط قوهلم وحجته ملا خرج عن أمرين :اۡلول :النظر إىل املقاصد دون
النصوص ،الثاين :التوسع يف فهم خاصية التيسري .٥٢ومها أصالن يستند عليهما هؤالء يف
التأصيل والتقعيد ،وقد أمثرا مظاهر متعددة عكسته أقواهلم ،وتنظرياهتم ،واجتهاداهتم فيما يزعمون.
٥١دراسة يف فقه مقاصد الشريعة بني املقاصد الكلية والنصوص اجلزئية ،يوسف القرضاوي ،دار الشروق (القاهرة) ،ط،١
١٤٢٧ه ،ص٤.
٥٢منهج التيسري املعاصر ،عبدهللا بن إبراهيم الطويل ،دار اهلدى النبوي (مصر) ،ط١٤٢٦ ،١ه
١٧
اخلامتة
و أخلض يف ختامه إىل أهم النتائج اآلتية:
التعريف املختار للوسطية هي :هي ما اتصفت به اۡل َُّمة اإلسالميَّة من تسنمها موقع الوسط
القمة السامقة ،وحتيط هبا اۡلطراف من يف العقائد والشرائع واملكان والزمان ،وكون ذلك املوقع هو َّ
العزة واملنعة والظهور ،وهو يف ذاته اۡلفضل واۡلحسن واۡلنصف كل جانب ،وهذا املوقع حيقق هلا َّ
واۡلعدل و مىت زاغ عن الوسط حصل اجلور املوقع يف الضَّالل عن القصد .و الوسطية هلا أمهية
تعرف على أ ههنا االعتدال
كثرية ،و ابإلجياز هي أحسن اۡلمور وأفضلها وأنفعها للناس وأمجلها ،كما ه
كل أمور احلياة ومنهاجها وتصوراهتا ومواقفها .و من مسات الوسطية :اخلريية ،العدل ،اليسر و رفع يف ه
احلرج ،احلكمة ،البينية ،اإلستقامة .و ينبغي لنا إبهتمام الضوابط يف حتقيق املنهج الوسط كما ذكر.
ظهرت جماالت الوسطية امللتزمة إبعتداهلا يف العقيدات ،العبادات ،املعامالت ،االجتماعية ،اۡلسرة،
االقتصادية ،السياسية و أيضا للوسطية معوقات يف حتقيقه نبتعد منها.
التوصيات:
–ضرورة تفعيل مقاصد الشريعة يف مجيع أحكام الشريعة اإلسالمية ،وإحكام النظر إىل مبدأ الوسطية
يف ضوء مقاصد الشريعة.
-تدعيم املقررات الدراسية مبوضوعات عن الوسطية يف كليات الشريعة ،والدراسات اإلسالمية،
واملعاهد العلمية.
-إقامة املؤمترات ،والندوات ،وامللتقيات ،لبيان أمهية الوسطية وأثرها يف حتقيق اۡلمن اجملتمعي.
-نشر ثقافة الوسطية بني أفراد اجملتمع من خالل وسائل اإلعالم املختلفة.
١٨
املراجع
.١اقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة أصحاب اجلحيم ،تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن
عبد السالم بن عبد هللا بن أيب القاسم بن حممد ابن تيمية احلراين احلنبلي الدمشقي (ت ٧٢٨ه )
دار عامل الكتب (بريوت) ،الطبعة السابعة١٤١٩ ،ه.
.٢التوقيف على مهمات التعاريف ،حممد عبد الرؤوف املناوي (ت ١٠٣١ه ) ،عامل الكتب
(القاهرة) ،الطبعة اۡلوىل ١٤١٠ه
.٣املصنف ،أبو بكر عبد هللا بن حممد بن أيب شيبة العبسي الكويف (ت ٢٣٥ه ) ،دار كنوز
إشبيليا للنشر والتوزيع (الرَيض) ،الطبعة اۡلوىل ١٤٣٦ ،ه.
.٤الوسطية يف السنة النبوية ،د عقيلة حسني ،دار ابن حزم ،الطبعة اۡلوىل ٢.١١م.
الصالَّيب ،دار املعرفة(بريوت) ،الطبعة الرابعة ٢..٩م. .٥الوسطية يف القرآن الكرميَ ،علي َحمَّمد حممد َّ
.٦الوسطية يف ضوء القرآن الكرمي ،انصر بن سليمان العمر ،الكتاب منشور على موقع وزارة
اۡلوقاف السعودية.
.٧جامع البيان عن أتويل آي القرآن ،أبو جعفر ،حممد بن جرير الطربي (ت ٣١٠ه ) ،دار الرتبية
والرتاث (مكة).
.٨دراسة يف فقه مقاصد الشريعة بني املقاصد الكلية والنصوص اجلزئية ،يوسف القرضاوي ،دار
الشروق (القاهرة) ،ط١٤٢٧ ،١ه.
.٩شفاء العليل يف مسائل القضاء والقدر واحلكمة والتعليل ،حممد بن أيب بكر بن أيوب بن سعد
مشس الدين ابن قيم اجلوزية (ت ٧٥١ه ) ،دار الفكر(بريوت)١٩٧٨ ،م.
١.صحيح البخاري ،أبو عبد هللا حممد بن إمساعيل البخاري اجلعفي ،دار ابن كثري ،دار اليمامة
(دمشق) ،الطبعة اخلامسة ١٤١٤ ،ه.
.١١صحيح الرتغيب والرتهيب ،حممد انصر الدين اۡللباين ،مكتبة املعارف للنشر والتوزيع
(الرَيض) ،الطبعة اۡلوىل ١٤٢١ه.
.١٢صحيح اجلامع الصغري وزَيدته ،انصر الدين اۡللباين (ت ١٤٢٠ه ) ،املكتب اإلسالمي.
.١٣صحيح مسلم ،أبو احلسني مسلم بن احلجاج القشريي النيسابوري ( ٢٦١ - ٢٠٦ه ) ،طبعة
عيسى البايب احلليب وشركاه (القاهرة) ١٣٧٤،ه.
١٩
.١٤قواعد اۡلحكام يف مصاحل اۡلانم ،أبو حممد عز الدين عبد العزيز (ت ٦٦٠ه ) ،مكتبة الكليات
اۡلزهرية (القاهرة).
.١٥كشف املشكل من حديث الصحيحني ،مال الدين أبو الفرج عبد الرمحن بن علي بن حممد
اجلوزي (ت ٥٩٧ه ) ،دار الوطن (الرَيض).
.١٦لسان العرب ،ابن منظور (ت ٧١١ه ) ،دار صادر (بريوت) ،الطبعة اۡلوىل١٣..ه.
.١٧جمموع الفتاوى ،تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين (ت ٧٢٨ه )،
جممع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف (املدينة النبوية)١٤١٦ ،ه .
.١٨جمموعة من العلماء حبوث ندوة أثر القرآن الكرمي يف حتقيق الوسطية ودفع الغلو ،وزارة الشئون
اإلسالمية واۡلوقاف والدعوة واإلرشاد (اململكة العربية السعودية) ،الطبعة الثاين ١٤٢٥ه.
.١٩مدارج السالكني يف منازل السائرين ،أبو عبد هللا حممد بن أيب بكر بن أيوب ابن قيم اجلوزية
( ،)٧٥١ - ٦٥٩دار عطاءات العلم (الرَيض) ،الطبعة الثانية ١٤٤١ه .
.٢.مشكلة الغو يف الدين يف العصر احلاضر ،عبدالرمحن بن معال اللوحيق ،طبعة خاصة ابملؤلف،
ط١٤١٩ ،١ه .
.٢١معجم مقاييس اللغة ،أمحد بن فارس بن زكرَيء القزويين الرازي (ت ٣٩٥ه ) ،دار الفكر،
١٣٩٩ه .
.٢٢مفردات ألفاظ القران ،الراغب اۡلصفهاين (ت ٤٢٥ه ) ،دار القلم (دمشق) ،الطبعة اۡلوىل
١٩٩٦م.
.٢٣منهج التيسري املعاصر ،عبدهللا بن إبراهيم الطويل ،دار اهلدى النبوي (مصر) ،ط١٤٢٦ ،١ه.
·٢
فهرس املوضوع
صفحة موضوع
٣ املقدمة
٤ أمهية املوضوع
٤ أسباب اختيار املوضوع
٥ تقسيمات البحث
٦ املبحث األول :مفهوم الوسطية ،و أمهيتها
٦ املطلب األول :مفهوم الوسطية
٧ املطلب الثاين :أمهية الوسطية
٨ املبحث الثاين :مسات املنهج الوسط ،و ضوابط حتقيقه
٨ املطلب األول :مسات املنهج الوسط
·١ املطلب الثاين :ضوابط حتقيق املنهج الوسط
١١ املبحث الثالث :مظاهر حتقيق املنهج الوسط ،و معوقات حتقيقه
١١ املطلب األول :مظاهر حتقيق املنهج الوسط
١٥ املطلب الثاين :معوقات حتقيق املنهج الوسط
١٨ اخلامتة
١٩ املراجع
٢١ فهرس املوضوع
٢١