Professional Documents
Culture Documents
إلى اه
نهضت بخطوات متباطئة ..فتحت الباب في نفس اللحظة التي عاد فيها زوجها.
-إنتي صحيتي؟
-أ .
-أكيد صوت التليفون صحاكي.
-أيوة.
دخل حمام غرفة ال وم ..خرج بعد أقل من خمس دقائق ،بي ما كانت نادين جالسة
ت تظر ..سأل ْته:
-انت نازل؟
-أيوة ..أنا آسف ان صوت التليفون صحاكي.
-يا«حسن» يا حبيبي انت ملحقتش ت ام ..إنت راجع الساعة 2ونص م متش 3
ساعات على بعض.
-أعمل ايه بس يا حبيبتي ..شغلي ..نامي انتي وك ِملي نومك.
صمتت نادين تفكر في ال 11س ة الماضية ..س وات زواجها من حسن الذي عشقته
بكل جوارحها..
تعلم أنه يبادلها العشق ..ولكن ماذا حدث في الس وات الثاث اأخيرة؟ ذبل حبه؟
ا ..ا يمكن أن يقل حب حسن لها ..ملل ..خرس زوجي كما يُـ َقال؟
ربما ..ولكن من أين سيأتي الملل و ي متجددة باستمرار؟!
جلست تشا د الفيلم ..وأوقفت الصورة على اسمها ال جمة «نادين» ابتسمت و ي
امعا على الشاشة ،اجتاحتها لحظات ح ين للفن الذي جرته من أجل
ترى اسمها ً
ت الفن
يوما في قتله ..على عكس ما تتظا ر به من أنها نسيَ ْ
الحب ..ح ين لم ت جح ً
تماما.
ً
أعادت تشغيل الفيلم ..ورجعت بظهر ا للخلف ..كل مشهد كانت ترا ،تتذكر معه
كواليس التصوير ..أيام جميلة قضتها مع زمائها ُكلِلَت بسعادتها ب جاح الفيلم ،ولكن
أروع ما في تلك اأيام ..و ذكريات تعارفها بحسن في ذلك الوقت.
باتو التصوير
يُجرى التحضير للمشهد على ٍ
قدم وساق ..المخرج يطلق صرخاته يريد اانتهاء من َ
المشهد الذي يحضِر له من الصباح ..عُمال اإضاءة ،الديكور ،التصوير ،كل م هم
يتمم على عمله ،كل شيء على ما يرام.
تأتي نادين بعدما انتهت من ارتداء مابس التصوير والماكياج الخاص به ،تقف
مساعدتها وقتذاك « اء» ،ت تظر ا وتستمتع بالمشا دة ..
دوء تام ..كاكيت..
كيزا عاليًا؛ فايوجد حوار وا
ت دمج نادين في المشهد الذي تمثله ..المشهد يتطلب تر ً
ممثل آخر أمامها ..فقط تمثل بعي يها وبحركات جسد ا..
صمت مطبق ..حتى اأنفاس محبوسة.
يخترق الصمت صرخة عالية ..يلتفت الجميع لمصدر الصراخ ،تجد نادين مساعدتها
اء على اأرض تبكى وتصرخ ،تقبل عليها مسرعة ..تباعد مابين الجمع الواقف
حولها:
-مالك يا اء؟
-مش عارفة ..بس َقط وا بولِد مش عارفة ..تعبانة أوي.
تكمل صراخها ..ترتبك نادين ف ِزعة:
-انتي مش لسه في السادس ..ايه اللي حصل؟
تبكى اء ..ا تجد ردًا..
يقترح أحد الموجودين " نطلب اإسعاف".
حاا على المستشفى ..حد يساعدني
نادين :أنا لسه ست ى اإسعاف ..أنا اخد ا ً
نس د ا لحد العربية.
تعرفا في ٍ
ظرف عادي ..أحضر ا البواب لوالدة نادين لت ظيف الشقة ،تعودت أن
تحضر للت ظيف مرتين في اأسبوع ،أمانتها وحاوة لسانها جعا ا تدخل قلب نادين
ووالدتها من أوسع اأبواب.
كوجه ٍ
جديد ،طلبت من اء أن تكون ومع ظهور أول فرصة ل ادين في بطولة فيلم ٍ
دائما وتترك عملها بالبيت.
معها ً
على مدار أربع س وات لم تستطع اء مفارقة نادين ،حتى بعد زواجها ..قررت
ااستمرار في العمل معها .لم تجد معارضة من زوجها ..فهو سافر للعمل بعد الزواج
تبعا لما تتحمله قدرتها دون إجبا ٍر م ه
بشهرين ،تارًكا قرار العمل في يد اء وحد اً ..
على ااستمرار من عدمه.
طلبت من أحد الممرضين مساعدتها استقبال
ْ ترجلت نادين من السيارة مسرعة..
الحالة التي بصحبتها.
"د.حسن شا ين"..
ردت عليها إحدى الممرضات ع دما سألتها نادين عن طبيب ال ساء الموجود
بالمستشفى.
لم تسمع نادين اسمه من قبل ..ربما أنها لم تحتَج حتى اآن لدكتور أمراض نساء
ووادة و ذ ي المرة اأولى التي تتعامل فيها مباشرة مع حالة وادة ..وربما
إجهاض ..وحتى اآن لم تتضح حالة اء بعد..
سألتها نادين مرة أخرى:
-طيب و فين؟؟ يسيبها كد .
ردت الممرضة بابتسامة:
-متقلقيش ..اح ا دخل ا الحالة العمليات وزمان دكتور حسن دخلها خاص.
جلست نادين قلقة ..بي ما استطردت الممرضة:
-و حضرتك مفيش فيلم جديد قريب؟
حاولت نادين أن تتغلب على قلقها بصعوبة وردت مبتسمة:
-فيه قريب إن شاءاه ..إح ا ب صور حاليًا.
-ي اللي معاكي دي قريبة حضرتك؟
-يع ي ..حاجة زي كد .
-رب ا يقومها بالسامة إن شاءاه.
-يارب ..و الدكتور د كويس؟
طبعا ..دكتور حسن ماشاءاه عليه ..ممتاز.
ً -
بعد ساعتين..
كانت نادين تحتسي القهوة في مكتب "د .حسن" ..سألته عن حالة اء بالتفصيل:
-ى دلوقتي كويسة
-كويسة ازاي ..دي بتتألم أوي.
ابتسم و و يطمئ ها:
-أكيد ازم تتألم ..مش خارجة من عملية قيصرية ..بس بال سبة ل ا ي كد بخير
العملية تمام وفاقت واتكلمت الحمده.
-الحمده ..والبيبي؟؟
-و حاليًا في الحضانة ..بس مقدرش أأكد يعيش وا أ.
-يارب يعيش ..لو حصل حاجة حس بالذنب.
-ليه؟؟ذنبك ايه؟
دايما ..يع ي انا السبب في تعبها د
-الفترة اللي فاتت ك ت بشتغل كتير و ي معايا ً
كله.
ِ -وني على نفسك ..د كل شيء نصيب ..ياما ناس بتولد في التاسع وبتكون مرتاحة
ومبيحصلش نصيب وياما ناس بتولد بدري عن معاد ا والطفل بيعيش.
-رب ا يستر.
نهضت نادين لتعود له اء مرة أخرى قائلة:
-ميرسي يادكتور.
قائا:
نهض بدور و اآخر ..اتجه خلفها لباب المكتب ،وقبل أن تخرج ..بادر ا ً
-طمئن عليها بالليل إن شاءاه.
قليا وسألها:
سكت ً
-تكوني موجودة؟
ردت بتلقائية:
-أكيد.
مد يد يصافحها:
-يبقى اشوفك بالليل إن شاءاه.
مدت يديها صافحته.
لم تستطع الرد ..فقد تجمعت كل أحاسيس الدفء واأمان في لمسة يد ليد ا،
رفعت عي يها لعي يه ..وجدت بري ًقا جذبها في ّوة عميقة فصلتها عن الزمان والمكان..
يس َمع باأذن ..فقط القلوب ي من تستطيع فك
حديث صامت دار بي هما ..ا ُ
ٌ
شفرته.
ت هدت نادين بعدما أفاقت من ذكرياتها ،أكملت الفيلم و ي تتذكر كيف تطور الحب
بي هما بسرعة ،وفي وقت قليل نسبيًا ..وبعد اانتهاء من الفيلم صارحها حسن برغبته
في الزواج م ها ..ولكن ..شرط أن تكون زوجة فقط ..زوجته وحبيبته ورفيقة دربه ،وأن
تترك الشهرة واأضواء والفن ليستطيعا تكوين أسرة مستقرة.
أخذت وقتًا في التفكير كما طلب م ها حسن ووعد ا أنها لن ت دم أب ًدا إذا اختارته
ليال طويلة من صراع بين حبين؛ حبها لحسن وحبها للفن ..قررت أن تختار عانت ٍ
الفن ..ومع أول أيام الفراق انهارت قوتها في المقاومة واتصلت بحسن وأخبرته
باختيار ا له.
ونفذ حسن وعد بأنها لن ت دم ..فبعد عام من الزواج وبعد أن ُكلِلت سعادتهما بوجود
لميس في حياتهما ،وجدت أن السعادة تتمثل في بيتها وزوجها واب تهما
كان نعم الزوج المحب المتفاني في إسعاد زوجته واب ته ،لكن ..الثاث س وات
اأخيرة...
*********************
وصل حسن بعد أقل من ساعة لمركز الوادة الذي يمتلكه ،يحتل المركز الدور اأول
كاما في برج سك ي ،يحتوى على غرفتي عمليات وغرف متعددة للحاات،
علوي ً
باإضافة لغرفة كبيرة إدارية تشمل الحسابات وشئون العاملين ..غير عيادته الملحق
لحق بها غرفة انتظار ،وغرفة استراحة
بها غرفة انتظار وعيادة أخرى لـ «م ى» ُم َ
الممرضات ،وكافتيريا صغيرة ملحقة بمطبخ كبير.
كان في انتظار زوج الحالة التي فاجأ ا المخاض ..بعد توقيع الكشف عليها طمأن
أ لها" :متقلقوش ..لسه قُدامها شوية ..أنا ف مكتبي و جيلها كل نص ساعة".
وأمر الممرضة الموجودة برفقته":خليكي متابعا ا لو لقيتيها قربت ناديلي".
َ
دخل مكتبه ،وقف أمام المكتبة ..أخذ كتابًا وجلس على المكتب ..نظر نظرة خاطفة
لصورته مع نادين ولميس ،فتح الكتاب الذي بين يديه ،وبعد قراءته أول صفحة،
سمع طرقات الباب ،وفُتِح الباب ،ودخلت دكتورة م ى اب ة خالته وزميلته في المركز:
-صباح الخير ياحسن.
-م ى!! صباح ال ور ..ايه اللي جابك بدري كد .
جلست أمامه وأرادت أن تغير مسار الحديث فسأل ْته:
-إنت مروحتش من امبارح؟
-ا روحت وجيت من شوية.
ِ -
فطرت؟
-أ لسه.
-طيب ،أنا قوم اجيب حاجة من الكافتيريا.
خرجت م ى من المكتب ..وحسن يتابعها بعي يه .غابت خمس دقائق وعادت مرة
أخرى:
-ثواني ويجيبول ا ساندويتشات وشاي.
نظر لها حسن في عي يها ..وجد ما ذابلتين.
-مالِك يا م ى.
اغتصبت ابتسامة و ي تجيبه:
-مفيش حاجة.
دقق ال ظر في عي يها:
-مش عليا يا م ى ..مالِك؟
اغرورقت عي ا ا بالدموع وفشلت في كتمان ما يحمله قلبها:
-أنا خاص تعبت يا حسن ..حتى بيتي مش عارفة ارتاح فيه ..إنت عارف أنا جاية
بدري ليه؟
-ليه؟
-عشان انام شوية ..سايبة بيتي وجاية انام على سرير مستشفى عشان مش اقية
راحتي ف بيتي.
-حماتك برضه؟
-أيوة ..بقت ا تطاق بجد.
-ايه الجديد.
-الجديد ان قُـ َعاد ا ع دى بقى أمر واقع وبتتحكم في البيت كأنه بيتها.
-وأسامة؟
-كل ما اكلمه يقولّي امي ومقدرش اسيبها بعد ما اختي سافرت لجوز ا.
-تحبي اكلمه.
-زي قِلِته يا حسن ..يرد عليك ب فس الكام.
صغيرا من درج مكتبه ..ناوله لم ى:
مفتاحا ً
أخرج حسن ً
أمر على الحاات واقفلي على نفسك
-د مفتاح المكتب ..لما نخلص فطار روح ّ
ونامي ا ..السرير ا ُمريح مش يتعبك.
ت اولته م ى وابتسمت له شاكرة.
قاطعهما عامل الكافتيريا الذي أحضر اإفطار ،تركه على طاولة صغيرة وخرج.
معا..
ت اوا إفطار ما ً
كانت م ى تت اول الطعام ٍ
بحزن و ي شاردة ،بي ما يتابعها حسن ٍ
بقلب يرق لحالها.
*********************
أنهت نادين حمامها ..جلست تتزين أمام مرآتها بعدما انتقت زيًا نهاريًا ترتديه أول
مرة؛ متم ية أن ي ال إعجاب حسن.
أث اء تصفيف شعر ا ،كانت تتخيل لحظة قدومه للم زل ،تتخيلها بشوق ولهفة
كموعد ما اأول ..تُحدِث نفسها" :من قال إن الحب ي تهي بعد الزواج من المؤكد
أنه لم يحب ح ًقا ..فالحب مازال في أوج اشتعاله ولم يفتر بمرور الس وات.
********************
أخذت نادين تليفونها لتتصل بحسن ..وجدت تليفونه مغل ًقا ..ذ بت للتليفون اأرضي
واتصلت على مكتب حسن.
مجددا
ً بعد انتظار نادين لحظات رنين الهاتف ،أتا ا صوت أنثوي متكاسل ،نظرت
لشاشة التليفون اأرضي لتتأكد من الرقم المطلوب ..لم تخطئه و و بالفعل الرقم
المباشر لمكتب حسن ..تجدد الرد مرة أخرى ..نفس الصوت ال اعم ال اعس ،حاولت
أن ترد تسألها من ي وكيف أتتها الجرأة لترد على تليفون زوجها ،اخت ق صوتها ووقف
الكام في حلقها ..انقطع الخط ..أغلقته المرأة اأخرى..
فورا لحسن ..ابد أن يعرف أنها اكتشفت
في لحظات ..قررت نادين أن تذ ب ً
بالجرم المشهود.
سا ُ خيانته ..حين تفاجئه متلبِ ً
*******************
وصلت نادين أمام البرج الذي يوجد به مركز شا ين للوادة ،صعدت بسرعة حتى
تستطيع أن تلحق بالمرأة الموجودة مع زوجها قبل أن تغادر ..ع دما وصلت المركز،
لم تلتفت لموظفة ااستقبال أو أي من الممرضات ممن كن يرحبن بها ،بل اتجهت
بسرعة ومباشرة لمكتب حسن.
فتحت باب المكتب ..لم يُفتَح معها ..تأكدت أنه مغلق من الداخل..
ظلت تطرق على الباب بع ف و ي ت ادي" :افتح يا حسن ..حسن ..افتح".
سمعت صوت ولوج المفتاح في الباب ..وانفتح الباب ووجدت م ى أمامها
سألتها م ى بفزع:
-مالك يا نادين؟؟ في ايه؟؟
دخلت نادين و ي تبحث حولها:
-حسن فين؟
-مش عارفة يا إما بيمر على الحاات يا إما معا وادة ..مالِك؟؟ لميس كويسة؟
جلست نادين على أقرب كرسي ..جلست لتستريح من ثقل شكها ..ت فست الصعداء
بسا ما ،وبكل توتر سألتها م ى:
ع دما أدركت أن في اأمر لَ ً
-مالك يا نادين؟؟ طم ي ى ايه اللي جابك تجري كد ؟؟ لميس بخير؟
ردت نادين و ي تحاول أن تضبط أنفاسها:
-بخير يام ى ..الحمده.
كانت تحمداه أن شكوكها لم تكن في محلها ..طوال الطريق وترتسم في مخيلتها
مشا د سيئة تتوقع مشا دتها ..وبالتالي كانت تحاول أن تحضر رد فعل م اسب لكل
مشهد تتخيله.
احظت م ى صمتها وشرود ا ..جلست أمامها صامتة بعد أن توقعت أنه ربما سبب
سرا ما بي ها وبين حسن ليس من حقها السؤال ع ه ،بادرتها نادين:
وجود ا ا ً
-انتي بتعملي ايه ا بدري كد يام ى؟ ..انتي ك تي بايتة ا؟
ردت م ى ب برة حزي ة:
-أ ..جيت أول ما ال هار طلع.
-ليه كد ؟
سمعا صوت حسن في الرد ة يقترب حتى وصل لباب المكتب ،فوجئ بوجود نادين:
-نادين!! مالك؟؟ ايه اللي جابك؟
ترددت نادين في محاولة للبحث السريع عن إجابة ما ..ابتسمت:
-عادي يا حسن ..قلت اعملك مفاجأة.
-مفاجأة؟؟!! الساعة 9ونص الصبح؟
نهضت م ى من مكانها:
-طيب ستأذن انا ..بقى اكلمك يانادين.
سألها حسن:
-رايحة فين؟؟ انتي لحقتي ت امي؟
-روح انام في أي حتة يا حسن متشيلش م.
نهض حسن واستوقف م ى و و يخلع البالطو اأبيض:
-ا خليكي ا يام ى وانا زل مع نادين شوية.
تبعته نادين صامتة أث اء خروجهما من المركز وأث اء ركوبهما سيارة حسن ،نظر لها
حسن نظرة جانبية أث اء قيادته السيارة ..تجا لتها نادين ،أعاد ال ظر للطريق أمامه و و
يسألها:
-شكلك زعانة من حاجة؟
ردت بسرعة:
-ا أبدا يا حبيبي.
-أكيد فيه سبب انك جيتي الصبح بدري كد ..فيه حاجة عايزة تقوليها؟
ولمعت فكرة في رأس نادين ..فسألته ببراءة مصط عة:
-أصل لميس كانت بتسأل روح ماري ا إمتى ،وانا جيت اشوف تبقى فاضي إمتى؟
ضحك حسن ..تعجبت نادين من سبب ضحكته.
-بتضحك على ايه يا حسن؟
-كل د عشان السفر ..قولي بقى اني وحشتك وجيتي تشوفي ي.
-أيوة ..انت وعدت ي انك تيجي تفطر معايا وانا فضلت قاعدة است اك ومسألتش فيا.
-كانت ف إيدي حالة وادة يا نادين.
وخصوصا ان تليفونك كان مقفول ...بُص يا حسن بصراحة بقى
ً -ما انا مك تش اعرف
أنا اتصلت بيك ع المكتب واتج ت لما سمعت صوت واحدة ست بترد على
تليفونك.
-ست؟؟ م ى يع ى؟
-ما أنا مفسرتش انها م ى ..صوتها كان نايم كد وانا ك ت موت م الغيرة.
وب برة حادة سألها متأك ًدا:
-شكيتي فيا؟
ردت و ي تصحح مفهومه:
-دي غيرة مش شك.
أجابها ب فس ال برة الحادة:
-لما تيجى تجرى يا نادين عشان تقفشي ي متلبس -من وجهة نظرك-تبقي شكيتي
فيا ..أنا عمرى حصل م ى حاجة تثير شكك؟؟
صمتت نادين ..وانحدرت من عي يها دموع صامتة لم يلحظها حسن وسألها مكررا:
-حصل مِي حاجة تش ِكك فيا يا نادين؟
نظر لها ليواجهها ،وجد دموعها ونظرتها الحزي ة.
-للدرجة دي زعانة؟ المفروض انا اللي ازعل.
-أنا مش زعانة م ك يا حسن ..وانا أسفة لو ك ت زعلتك ..بس انا جوايا كتير
وساكتة.
امتدت يد اليم ى احتض ت يد ا اليسرى ..قربها من شفتيه ..لثمها ب ِرقة ..وب برة
حانية.
-خااااص ..امسحي دموعك و قعد مع بعض و سمع كل اللي جواكي ومضايقك
كد .
*********************
على طاولة تطل على حمام سباحة في أحد الف ادق الكبرى ،يرشف حسن من ف جان
قهوته ..ي تظر سماع نادين ..أما نادين فكانت تبحث عن كلمات افتتاحية تمهد لها
ثقيا على قلبها ..تخشى من أن ي ِ
غضب حسن.. حديثًا ً
ُ
تماما أن اأمر يختلف معها عن عصبيته مع أي شخصا تخشى ثورته فهي تعلم ً
غير ا ..فأقصى ثورة يصل إليها ي ارتفاع صوته قلي ًا ولم تحدث تلك الثورة مطل ًقا
خارج م زلهما.
جل ما تخشا أن يغضب ويكتم غضبه داخله ويتج بها و ذا ما ا تطيقه.
قائا:
تحدث حسن ً
-ايه يا نادين ..تفضلي ساكتة كتير؟
-خايفة تزعل من كامي.
-ا مش زعل ..المهم متكونيش انتي زعانة.
-مش ماحظ ان ا بعدنا أوي عن بعض.
-إح ا!!!
-أيوة يا حسن ..انت بتقعد معايا؟
-وانا قاعد مع مين دلوقتي؟
-لوا اني جيتلك مك اش قعدنا مع بعض ..آخر مرة قعدت مع ب تك إمتى؟
-ما انتي عارفة يا نادين ان اللي شاغل ى ع كم و شغلي.
-طيب واح ا؟
-انتوا روحي ومقدرش استغ ى ع كم ..بس شغلي و مستقبلي ومستقبلكم ..أنا لما
بتعب واشتغل د عشان مين؟
-بس وجودك معانا مهم ..أنا مش عارفة آخر 3س ين البُعد بي ا زاد أوي كد ليه؟
-مش عارفة؟؟!! ..أ انتي عارفة كويس وانا مبعملش حاجة من وراكي.
-ايه السبب؟
-السبب اني ك ت بواصل الليل وال هار عشان ج ب الشغل ك ت بجهز للمركز
وبشتغل زيادة عشان انتوا والبيت متتأثروش باأزمة اللي ك ت فيها ..ك ت محتاج
فلوس اكمل بيها ِشرا اأجهزة اللي ناقصاني د غير ان العيادة مك ش ي فع اسيبها..
كل د مش سبب يخلي ي بلف حوالين نفسي؟! واظن انتي ك تي عارفة انا بعمل إيه
خطوة بخطوة وشايفة انا بتعب ازاي.
-أنا عارفة كل د ..وخاص الحمده المركز خلص واأمور استقرت ..فى إيه بقى؟
-المركز خلص الحمده واسمه بقى كبير وبكد زاد الشغل عليا أكتر واكتر ..وبعدين
يا نادين كل د عشان مين ..عشان عمرك ما تحسي انك أقل من أي حد حواليكي..
عشان عمرك ما تحسي اني حارمك أو حارم ب تي من حاجة ..أنا بعمل كل د
علشانكم.
-بس انا بتكلم في إحساس يا حسن ..إحساسي انك بعيد عِي أنا ولميس تاعب ي..
أنا مخ وقة أوي.
-زي ما انا بتعب وبستحمل تعب الشغل ..إنتي كمان ازم تستحملي انشغالي ع كم.
-ز قت ..أنا مبعملش أي حاجة واليوم طويل عليا.
-محسساني اني حابسك في البيت.
-الفراغ يا حسن ..الفراغ اللي انا فيه خ ق ي.
-اشغلي فراغك ..ع دك ال ت وع دك الكتب في المكتبة ولو عايزة تشتركي في أي
نشاط خيري مع ديش مانع.
-وانت ..مش تحاول خالص تدي ا شوية من وقتك؟
-أنا حاول ..بس انتي عارفة ان وقتي مش ملكي لوحدي ..أنا ببقى نايم وتليفون
بي زل ي اجري.
-ع دك م ى ..أو جيب دكتورين تاتة يشيلوا ع ك الشغل شوية.
-يع ي واحدة بتتابع معايا حمل 9شهور اجي ساعة الوادة أقولها معلش أصل عايز
انام روحي لدكتور تاني.
-متتريقش عليا يا حسن.
-مش بتريق بس بعرفك إن الحامل بتكون عايزة الدكتور اللي ي مطّم ة له وعارف كل
حاجة عن َحملها مش دكتور لسه بتشوفه أول مرة.
-والحل؟
-أنا أي وقت فاضي فيه يبقى ملككم انتم ..غصب عِي يا نادين.
صمتت نادين بعدما شعرت أن الكام ا جدوى م ه ،وا يوجد حلول فحسن معذور
وعقلها مقت ع تمام ااقت اع بكامه ..أما مشاعر ا كزوجة تريد زوجها ،ا عاقة لها بما
اقت عت به.
ساد الصمت بي هما ..اقتربت سيدة تبدو في الثاثي ات م هما على استحياء
بدأت السيدة كامها:
-صباح الخير ..مدام نادين؟؟
ابتسمت نادين ابتسامة مرتعشة و ي تهز رأسها إيجابًا وت ظر لحسن الذي رأته يشيح
ب ظر ع ها ويتجا ل الموقف.
تلحظ نظرات نادين لحسن:
أردفت السيدة التي لم َ
-أنا مبسوطة أوي اني شفتك ال هاردة ..أنا وجوزي ب حبك أوي ..كل فيلم ليكي كان
بي زل لي ا معا ذكريات من أيام خطوبت ا ..مش ترجعي تاني؟؟
استياء:
ً ردت نادين و ي تختلس نظرة سريعة لحسن الذي عقد حاجبيه
تماما لبيتي.
-ميرسي أوي ..بس الحقيقة أنا اتفرغت ً
علقت السيدة و ي تصافح نادين:
-خسارة ..بس المهم انك مبسوطة ..أسفة إزعاجك ..بعد إذنك.
انسحبت السيدة بعد أن تركت صمتًا يحمل صخبًا يدور في رأس كل من نادين
وحسن ..حسن وعلى مدى الس وات مازال يضيق بمن يقتحم خلوتهما حتى وإن كان
كثيرا ولك ها تتألم من رد
للحظات بسيطة ..أما نادين فتلك اللحظات كانت تسعد ا ً
فعل حسن.
تجا َ ل كل م هما الموقف ..نظر حسن لساعته:
-ياا عشان ورايا شغل ..وصلك البيت وا تيجي معايا المركز وترجعي بعربيتك؟
َُ3
جلس أسامة على السفرة بي ما كانت والدته تحضِر له اإفطار ..لم يستطع أن يرفض
مقررا أن يشاركها
طلب والدته أن يشاركها إفطار ا قبل أن تأخذ دواء ا ..جلس ً
إرضاء لها فقط .أما و فا شهية لديه كما لم يستطع ال وم من بعد مغادرة م ى
ً الطعام؛
للم زل.
خرج أسامة و و يفكر في كام والدته ..على مدى خمس س وات سابقة ي مدة
زواجه لم يسأل م ى قَط عن موعد رجوعها أو وجهتها ..تردد صوت بداخله"ما انت
مك تش بتسألها عشان ي طول عمر ا بتسبق وتقولك على كل تحركاتها من غير ما
انت تسأل".
أدار محرك السيارة ..لم يَ ُدر معه ،جرب مرة أخرى بدون جدوى ،نظر في ساعته وجد
أنه قد يتأخر على عمله.
نزل من السيارة وأغلقها ..ووقف ي تظر تاكسي و و يردد بي ه وبين نفسه ":اقيها م ين
وا م ين ..وم ى دي كمان ايه حكايتها وكام ماما د تقصد بيه ايه ..تكون شاكة في
حاجة ومش عايزة تقولِي".
********************
دخلت والدة أسامة المطبخ ..رتبته وأخرجت ما ت وي طهيه للغداء ،ذ بت لباب
الشقة ..أغلقته بالترباس ،ثم دخلت حجرة نوم م ى ..وقفت بر ه على الباب ت ظر
حولها لكل مكونات الغرفة من أثاث .جلست على أحد طرفي السرير في الجهة التي
ت ام بها م ى ،بدأت في تفتيش أدراج "الكومودي و" با تمام بالغ ،لم تجد ما يثير
اا تمام ..نهضت متجهه لدواب م ى .ظلت تفتش ماظهر م ه وما بطن ولم تترك أي
جزء حتى بين طيات المابس فتشت فيه ،كانت تبحث عن ٍ
دف محدد ..لم تعر
محددا للغاية..
ً انتبا ا أية أوراق أو نقود أو ألبومات وجدتها أث اء بحثها ،كان دفها
ي تبحث عن مقصد ا فقط ..بين كل أغراض م ى لم تجد دفها.
جلست بر ة تفكر ..ثم حسمت قرار ا بإعادة البحث ،ولكن ذ المرة في أغراض
أسامة .بدأت ب ـ "الكومودي و" كما فعلت م ذ قليل ولم تجد شيئًا ..ذ بت للدواب
وبدأت البحث بين أرفف مابس أسامة.
في الرف اأخير وقبل أن ت تهي ،وجدت في آخر وتحت محتوياته شريط أقراص،
شعرت أنها وجدت ضالتها الم شودة بالرغم أنها قلبت الشريط بيديها ولم تفهم م ه
شيئًا.
أخذت شريط اأقراص معها في المطبخ ..وضعته فوق الثاجة وبدأت في طهي الطعام
وانتظار أسامة.
********************
قبل المغرب بقليل ..عادت م ى م هكة كل آمالها أن تلقي نفسها على سرير ا وتذ ب
في سبات عميق ا تفيق م ه إا بعد أيام .شعرت بالجوع ع دما شمت رائحة الطعام
الشهي اآتية من المطبخ.
فورا لل وم .تلفتت
سريعا وتذ ب ً
لحظات فتحها للباب وإغاقه تم ت أن ت هي طعامها ً
على صوت التليفزيون ووجدت حماتها تجلس تشا د أحد المسلسات ..ألقت
التحية ولم تسمع رد ا.
دخلت حجرتها ..كل شيء كما و ..بدلت مابسها بأكثر مابس بيتها راحة..
كم تشتاق للراحة ..طيلة الفترة الصباحية في المركز تت قل من سرير آخر لت عم بال وم،
ولك ها لم تقت ص سوى نوم متقطع يثير أعصابها أكثر مما كانت ،حتى دبت الحركة
وازداد العمل وبدأت اانهماك في العمل وأصبح ا مجال للراحة.
انتهت من أخذ حمامها ..ذ بت للمطبخ ،وقفت أمام البوتاجاز ،رفعت غطاء إحدى
الحلل ،انتفضت على صوت حماتها خلفها تسألها:
-بتعملي إيه؟
وقبل أن تبتلع م ى لعابها أردفت حماتها قائلة:
-انتي مقلتيش انك جاية ع الغداء فمعملتش حسابك ..مفيش غير غداء أسامة.
شعرت م ى بسخونة الدم في وج تيها من اإحراج ،آخر ما كانت تتوقعه أن تتعرض
لمثل ذا الموقف ..في بيتها.
تظا رت بالتماسك..
-أنا اتغديت خاص ..أنا ك ت بشوف لو حاجة عايزة تتحط في التاجة قبل ما انام.
-انتي ت امي؟
-أيوة ..و أسامة فين؟
-لسه مجاش م الشغل.
-غريبة!
-ليه.؟
-أصل عربيِته راك ة تحت.
وردت والدته مذعورة:
-ايه؟؟ عربيته تحت وساكتة؟
خرجت مسرعة من المطبخ بي ما م ى تتعجب من رد فعلها المبالغ فيه .تبعتها م ى
بهدوء ..وجدتها تتصل بلهفة ..است تجت أنها تتصل بأسامة
وبالفعل بعد قليل سمعتها:
-أيوة يا أسامة ..إنت فين يا حبيبي؟؟ طيب أصل اتخضيت ..أ الغدا جا ز سخن
حاا ..مع السامة.
لك ً
سمعت صوت باب الشقة يُفتَح ويُغلَق ،وصوت أسامة ووالدته ..حتى اقترب أسامة من
ْ
باب غرفة ال وم .فتح الباب ودخل وأغلقه خلفه ..وبدون أن يلقي عليها التحية ،سألها
مباشرة:
-ك تي فين طول اليوم يام ى؟
ردت دون أن تلتفت له ومازالت دموعها ت حدر:
-في الشغل.
-من الصبح بدري في الشغل.
-أيوة ..ومش قادرة اعاتب وا اتكلم في اللي حصل يا أسامة ..أنا تعبانة وعايزة انام.
شعر بصوتها مر ًقا ..لم يكن سوى صوت مخت ق بالدموع ولك ه لم يلحظه.
بدل أسامة مابسه وخرج من الغرفة بهدوء.
********************
جلست والدة أسامة معه أث اء ت اوله الطعام ،كانت مترددة بعض الشيء ..فبادر ا
بالسؤال:
-مالك يا ماما ..عايزة تقولي حاجة؟
ترددت ..ثم أجابت:
-أيوة يا أسامة ..أنا من زمان شاكة بس اتأكدت.
نهضت من مكانها ..دخلت المطبخ وعادت بعد دقائق بشريط اأقراص ومدت يديها
به أسامة:
-أ و ..بتاخد حاجة تم ع الحمل من وراك.
بمجرد أن وقع نظر أسامة على اأقراص ..ب واق ًفا و و يأخذ م م ها:
-إيه د ..لقيتي د فين؟
ذعرت اأم من لهجة اب ها الحادة ..أسامة العصبي مع كل ال اس كان يضبط أعصابه
ع دما يتعلق اأمر بوالدته ..ماذا حدث اليوم ليتبدل حاله؟!
ردت باستغراب في نفس الوقت الذي جاءت م ى جريًا على صوته.
اأم :انت بتزعقلي؟!
م ى :فيه ايه؟
صاح أسامة و و يلقي باأقراص على اأرض:
-جبتي د م ين؟؟ بتعملى فيا كد ليه؟!
ردت والدته و ي تبكي:
-بتحاميلها عشان معرفش الحقيقة ..بتعمل كد في امك يا أسامة ..يا خسارة تعبي
وشقايا وشبابى اللي ضحيت بيه علشانك انت واختك.
لم يرد أسامة وقبل أن تكمل حديثها كان دخل حجرته وبدل مابسه في سرعة البرق.
أما م ى فبعد أن وقعت عي ا ا على اأقراص ..وكل ما يمر حولها بسرعة في ِظل
إر اقها يجعلها تأخذ وقتًا استيعاب ما يحدث حولها .بعد أن ت اولت اأقراص من
دفعا من غرفة ال وم حتى الباب
على اأرض ،وجدت أسامة يخرج م ً
لحقته م ى و ي ت ادي عليه متلهفة:
-است ى يا أسامة ..است ى عايزاك.
لم تفلح كلماتها في استيقافه ..بي ما كانت والدته صوتها يعلو من الغرفة و ي تبكي
وت دب حظها العاثر باب ها الذي ثار لزوجته وأغضب والدته.
ذ بت م ى لمحاولة تهدئتها ..وجدتها حزمت حقيبة مابسها.
-أنا بعت البواب ياخد الش طة ..مش قاعدة لكم ..بكرة تبقي لوحدك زيي كد
ومتاقيش حد يسأل فيكي.
ردت م ى بألم:
-ليه كد ؟؟انا عملت ايه بس.
-قلبتي اب ي عليا م ك ه ..اب ي عمر ما زعق في وشي كد وا كان حتى بيرد عليا..
نزلتي الصبح ياعالم ُرحتي فين وعملتي ايه رجعتي الواد اتبدِل.
-استغفر اه العظيم يارب ..روح فين بس أنا نزلت عشان مكبرش المشكلة ..اطم ى
اب ك قالهالي صريحة لو اخترت ختار امي وانا مش بخير بي ي وبي ك ..أنا معرفش
الشيطان اللي دخل بي ا د ايه.
-ااااا ..الشيطان ..طيب ياختي الشيطان اللي تقصديه سايبلك البيت.
ردت م ى بسرعة مصححة ما لم تقصد :
-واه ما اقصد كد خالص ..أنا قصدي شيطان ساعة زعل يع ي.
-بت انتي..
-بت؟؟!!
-غلطت في الست الدكتورة ..طيب يا دكتورة ..اشبعي بيه وانا غضبانة عليكم انتم
اات ين.
ردا .فتحت الباب وتركته وراء ا
اتجهت والدة أسامة للباب بسرعة دون أن ت تظر ً
مفتوحا .جلست م ى تفكر فيما حدث وما ستجر إليها اأيام التالية .بعد دقائق
ً
سمعت رنين الجرس ..نظرت للباب المفتوح وجدت البواب:
-الش طة بتاعة الحاجة؟
شاورت له م ى بأن يتقدم ويأخذ ا من الرد ة ..غادر البواب ونهضت م ى وأغلقت
الباب خلفه.
دخلت غرفتها ..بحثت عن مسكن للصداع الذي تعانيه من اإر اق وقلة ال وم..
سا عمي ًقا بعد أن قررت أن تتصل بأسامة
وجدت المسكن ..ت اولته ،ثم أخذت نف ً
لتعرف أين ذ ب وتخبر بمغادرة والدته.
اتصلت ..بعد أول جرس رنين ،أغلق المكالمة في وجهها وأغلق الهاتف كله
مما زاد من قلقها ..من المستقبل القريب.
َُ4
أث اء جلوس حسن ونادين ولميس على الغداء في بداية المساء ،كان اإر اق باديًا
على وجه حسن وعي ه تكاد تكون مغلقة ،سألته نادين بقلق:
-حسن ..مالك انت مش قادر تفتح عي يك؟
-موت وانام يا نادين ..تعبان أوي.
-يا حبيبي ..إنت فعا الليلة اللي فاتت ملحقتش ت ام ..اتغدى وقوم نام.
-ع دي مواعيد في المركز مي فعش.
-اتأخر ..يحصل ايه يع ي ..أو حد يكشف عليهم ..م ى فين؟
-م ى مشيِت قبل ما امشي بشوية ..ي كمان تعبانة وقالت مش جاية ال هاردة.
لميس تتابع حديثهما بهدوء و ي تت اول الطعام:
-ي م ى مالها يا حسن؟
-حماتها عاملة معا ا مشاكل وقلتلها اتدخل واكلم أسامة قالت ا.
-اأحسن انك متتدخلش إا لو طلبت م ك.
حسن و و يوجه حديثه للميس:
-مالك؟؟ ساكتة ليه؟
-مست ية لما تفضى لي يابابي.
نظر حسن ل ادين نظرة عتاب ..فهمتها نادين فردت على لميس وكأنها ت في عن نفسها
التهمة التي وجهها لها حسن ب ظرته:
-ليه يا لميس ..بابي ا و معانا وكل ما بيكون فاضي بيبقى معانا.
-يع ي سافر امتى؟
نظرت نادين لحسن ثم نظرت للطبق و ي تت اول م ه الطعام ..بعد أن ألقت الرد بين
يدي حسن .
رد حسن على لميس:
-ان شاءاه قريب.
-امتى يع ي؟
-مش عارف يا لميس ..لو عايزين تسافروا انتوا سافروا.
ردت نادين:
ّ
-مش ي فع اسيبك لوحدك.
ردت عليها لميس:
ليه يامامي ..ما اح ا كتير ب سافر لوحدنا.
-مش ي فع اليومين دول يا لميس ..إا لو سافرنا كل ا مع بعض.
لميس مستاءة:
-يع ي ايه ..ا عارفين نسافر مع بعض وا انا وانتي؟
-لولو حبيبتي ..في أقرب وقت حاول اظبط شغل المركز مع م ى ونسافر.
أنهى حديثه و و ي هض م تهيًا من طعامه ،تبعته نادين ،فاستوقفتها لميس:
-تيجي معايا ال ادي وا اروح لوحدي؟
-روح بس مش دلوقتى ..لما بابا ي زل.
-وانا لسه ست ى لما ي ام ويقوم ون زل ..أنا متقفة مع وعد روح الساعة 8بالكتير.
-است ي شوية الدنيا مش تطير.
خرجت نادين من غرفتها واتجهت للمطبخ ،تبعتها لميس وحدثتها و ي تعد القهوة:
-ت زلي معايا؟
-مش دلوقتي يا لميس.
-طيب انا افضل قاعدة اعمل ايه ..وعد كلمت ي ورايحة دلوقتي ..أروح معا ا؟؟
-مين يوديها؟
-وائل اخو ا يوصلها ..أخليهم يعدوا عليا.
ردت نادين بضيق:
-طيب يا لميس ..كفاية زن بقى.
دخلت نادين بالقهوة مكتب حسن ..لم يكن أنهى حمامه بعد ،وضعت القهوة على
المكتب وجلست ت تظر ..دقائق ودخل حسن ..جلس على المكتب ،نظرت له نادين
بإشفاق وسألته:
-فوقت؟
-شوية.
-أنا عملتلك القهوة تقيلة عشان تفوقك شوية.
-تسلم إيدك يا حبيبتي.
سمعا صوت باب الشقة يُغلق ..سألها:
َ -حد جاي لك؟
-أ أكيد لميس نزلت ..راحت ال ادي.
-إنتي نازلة؟
-أ ومش تأخر إن شاءاه.
صمتت لحظات وسألته برجاء:
-حسن ..ماباش ت زل ال هاردة.
-ليه؟ ي أول مرة ابقى مر ق واشتغل؟
-انت بقالك كام يوم نومك قليل أوي وامبارح ملحقتش ت ام 3ساعات على بعض..
حقك ترتاح.
-متقلقيش يا حبيبتي.
نهضت نادين مستسلمة.
-سيبك لو عايز تقرأ وا حاجة ..لو عايزني ف حاجة أنا قاعدة بر .
-رب ا يخليكى ليا يا أحن إنسانة في الدنيا كلها.
-رب ا يخليك انت لي ا ويقويك.
-يع ي خاص مش زعانة م ي ومقدرة انشغالي ع كم.
-أنا مقدرش ازعل م ك يا حسن ..أنا مليش غيرك في الدنيا ،إنت ولميس.
ابتسم لها حسن ..أرسلت له قُبلة و ي تغادر المكتب.
-مش عطلك أكتر من كد .
********************
وصلت لميس ال ادي مع صديقتها وعد .اتجهتا للكافتيريا ..وعي ا ما تبحث في كل
مكان ،أشارت وعد بيد ا نحو إحدى الطاوات:
-أحمد موجود ا و.
ع دما رأت تلك الفتاة التي ا تعرفها تجلس مع أحمد دبت الغيرة في قلبها وانعكست
رغما ع ها .اقتربت لميس ووعد من الطاولة
مشاعر ا على مامح وجهها ..فعبست ً
التي يجلس عليها أحمد ورفيقته ،ع دما رآ ما تهللت أسارير وقال ُمر ِحبًا:
-اتأخرتوا ليه؟
نظرتا للفتاة اأخرى بتعجب ..فبادر ما أحمد:
-تعالوا اعرفكم على لب ى صاحبتي معايا في درس العربي ..لميس ووعد صاحباتي.
جميعا ..التزمت لميس الصمت من ضيقها ..لم تبدأ بفتح أي حوار كانت
جلسوا ً
تكتفي بالرد المختصر فقط ،وبعد نصف ساعة ثقيلة على لميس استأذنت لب ى في
اانصراف ونهض معها أحمد ليوصلها حتى باب ال ادي.
*********************
بعد عودة نادين ولميس من ال ادي ..دخلت لميس خلف نادين غرفتها وسألتها:
-ااا ..قلتى ايه؟؟ أحضر نفسى؟
-لميس ..انتي بقيتي زنانة كد ليه ..بقيتي اُوفر.
-مامي حبيبتي ،أنا ز قانة ومش معقول..
قاطعتها نادين:
-ز قانة من ايه ..إنتي ع دك كل وسائل الترفيه وتقوليلي ز قانة ..احمدي رب ا يا لميس
أنا مبحبش كد .
-الحمده واه مقلتش حاجة ..بس يرضيكي يع ي اصحابي يسافروا يصيفوا وانا ابقى
قاعدة ا محبوسة في البيت وعلى ما بابي يفضى يكون اصحابي رجعوا واروح انا ابقى
لوحدي اك.
-إشمع ى الس ة دي انتي مصممة نسافر ..كل س ة عيلة وعد بيسبقونا واح ا
ب حصلهم.
-مامي انتي مش عايزة تسافري عشان عيد مياد بابي؟
-أيوة.
-وإذا كان و مش فاضي وممكن ي سى؟!
-ي سى براحته ..انا مقدرش انسى وازم احتفل بيه زي كل س ة.
نظرت لميس ل ادين وسألتها بابتسامة:
-بتحبيه أوي كد ؟
ت هدت نادين و ي ت ظر لصورتها مع حسن:
-بحبه!! ..طبعا ..حسن يبقى حبيبي وجوزي ِ
وعشرة عمري.
صمتت لحظات وأردفت ب برة حزي ة:
-بس لو كان يدي ي شوية من وقته بدل شغله ما و اخد م ي كد ك ت بقى ف
م تهى السعادة.
سألتها لميس للمرة العديدة فوق المائة:
-ااا ..روح معا م ..أحضر نفسى؟؟
-خاص يا لميس ..لما استأذن بابا ..ي الساعة كام؟
نظرت في الساعة فسبقتها لميس باإجابة:
12-وربع.
أخرجت نادين اتفها من حقيبتها:
-شفتي ..مفيش فايدة ..تعبان ونازل بالعافية وقال مش يتأخر والشغل أخد محسش
ب فسه والساعة داخلة على واحدة.
قبل أن تخرج لميس من الغرفة ..فتحت أم خالد الباب فجأة دون استئذان..
وتحدثت بفزع:
-ارفعي السماعة يا مدام ..ردي ع التليفون.
سألتها نادين باستغراب:
-مين؟
تلعثمت أم خالد و ي تجيبها:
-ب ..بيق ..بيقول ..مستشفى.
رددت نادين و ي ترفع سماعة التليفون اأرضي بقلق
-قصدك المركز ع د حسن يع ى؟ ..آلو ..أيوة أنا مدام دكتور حسن.
صرخت نادين و ي تسأل الطرف اآخر:
-حادثة!!! حصل له ايه؟؟ أرجوك قولِي الحقيقة و حصل له حاجة؟
بدأت الدموع ت همر من عي ي لميس و ي تسألها:
-بابى؟؟ ماله؟؟
ردت نادين على محدثها وسط بكائها:
حاا ..مسافة السكة ..مع السامة.
ً -
لم تكن قد بدلت مابسها بعد ..أخذت حقيبتها وركضت ولميس وأم خالد خلفها
و ي تردد" :يارب اكون في كابوس ..يارب ميكونش د كله بجد ..أنا مقدرش اعيش
غير ..أنا ممكن اموت لو جراله حاجة".
من ُ
َُ1
قضت م ى ساعتين بعد نزول أسامة مابين ااتصال به رغم إغاقه الهاتف وبين انتظار
تماما وجلست ت تظر على السرير ف امت رغما ع ها في الشرفة ،حتى أنهكها التعب ً
ورغم قلقها ،استيقظت ف ِزعة على صوت لم تتبي ه في البداية وبعد تركيز أيق ت أنه
صوت زفة سيارات في الشارع .نهضت متباطئة و ي ت ظر في الساعة وجدتها تخطت
م تصف الليل ب صف ساعة فلم تشعر ب فسها وا بالوقت في الساعات الماضية.
بحثت في الشقة على أمل أن تجد أسامة قد عاد ولم تسمعه،
فلم تجد ..أعادت ااتصال به وكانت ال تيجة كسابقاتها؛ الهاتف مغلق.
ظلت تفكر فيم يمكن أن يكون حدث ..أو أين ذ ب ..سيارته معطلة ..والدته تشاجر
معها ..شقيقته في السعودية مع زوجها ..ترى أين ذ ب؟؟ ظل لسانها يدعو اه أن
سالما ويطمئن قلبها عليه.
يعود ً
وقفت في الشرفة ت تظر ..تأخر الوقت وتألمت قدما ا من اانتظار ،زغللت عي ا ا من
البحث بين المارة تارة وبين سيارات اأجرة التي تمر في الشارع تارة أخرى.
شعرت بالصداع ..عادت للسرير مرة أخرى ،متم ية أن تطمئن حتى تستطيع أن ت ام.
حدثَت نفسها:
-و انا كل ما اجي انام تحصل حاجة ..دماغي ت فجر.
بعد قليل وأث اء تفكير ا ،سمعت صوت باب الشقة ،ابتسمت مطمئ ة أن أسامة عاد
وبخير .انتظرت مكانها وتظا رت بال وم لترى ماذا سيفعل.
جلست م ى بعد خروج أسامة ..تعجبت من دخوله وخروجه السريع ولم تفهم أين
ذ ب .أمسكت رأسها الذي يؤلمها و ي تفكر ..كيف تتصرف؟
نهضت متباطئة بعد أن اطمأنت أن أسامة مازال في الشقة أنها لم تسمع صوت
الباب ،خرجت من غرفتها ..بحثت في المطبخ والحمام وانتهت بالغرفة اأخرى،
وجدته قد بدل مابسه ونام في الغرفة التي كانت ت ام بها والدته .لم َتر وجهه إن كان
نائما أو مازال يقظًا ..است تجت أنه لم ي م بعد ..اقتربت م ه ..نامت بجوار ..أحاطته
ً
بذراعها ..التصقت به ..وألصقت وجهها في ظهر بعد أن قبلته.
جلس نصف جلسة ومامحه متجهمة ..جلست م ى أمامه ونظراتها مثبتة على عي يه
وسألته بتردد وترقب:
-فكرت ف ايه ..وقرار ايه اللي تقصد .
-نتطلق..
قائما من السرير وأكمل حديثه:
نطقها بسرعة و و ي هض ً
-أيوة انا خبيت عليكي عشان متخيري يش ..غلطت اني خبيت عليكي كان ازم تعرفي
كل حاجة وانتي تختاري ..ك ت أناني ف تفكيري عشان بحبك وخايف اخسرك ..أنا
قولك على كل حاجة.
قاطعته م ى ودموعها ت حدر:
-أنا عارفة كل حاجة من 4شهور.
نظر لها بتعجب وعدم تصديق:
-عارفة ايه؟
-عارفة انك بتتعالج عشان اتأخرنا في الخلفة.
-عرفتي م ين؟؟ الدكتور اللي روحت له يعرفك؟؟ و اللي قالك؟؟ بس و ميعرفش
انك مراتي.
-محدش قالي ..أنا عملت تحاليل من س تين ولما اتأكدت ان مفيش ع دى أي حاجة
تم ع ي من الحمل سكت ورضيت ومحبتش أقولك تكشف عشان لو طلع ع دك أي
مشكلة متتضايقش ..لحد من 4شهور لما شفت التحاليل اللي انت مخبيها..
التحاليل يا أسامة مفيهاش حاجة تقلق ..دي مشكلة عادية وعاجها يمكن ياخد
وقت ..وحتى لو مش خلف خالص أنا بحبك انت أكتر من طفل لسه معرفوش
ومشفتوش ..أنا معرفتش اأمان إا معاك انت ..أنا قلبي اتفتح على حبك انت ..إنت
كل عيلتي اللي موعيتش عليها ..من يوم حادثة بابا وماما ولما خالتي اه يرحمها
أخدت ي ع د ا كانت ي وجوز ا وحسن بيعتبروني واحدة من البيت بس أنا من جوايا
ك ت عارفة اني ضيفة وان بيتهم مش بيتي ..حسن طول عمر بيعامل ي كأخته بس
فرق السن الكبير اللي بي ا خاني مفتقدة وجود ااخوات ..انت دخلت حياتي ك ت
كل عيلتي اللي اتحرمت م ها ..شفت فيك اأخ والحبيب والزوج واابن كمان..
مبحسش باأمان والراحة إا ف بيت ا ..مبحسش بطعم الحياة إا وانت فيها ..كل د
تقولِي بكل بساطة قررت نتطلق؟!
أسامة كان يسمعها و و يقف أمام الشباك نظراته معلقة بالفضاء ا يفصله عن الخارج
سوى الرؤية الضبابية التي سببتها دموعه ،ظل يستمع لها دون قدرة على مقاطعتها أو
ال ظر إليها ..يحبها ح ًقا ..ولك ه يكر أن ترا في موقف ضعف.
انتهت من حديثها ..ظل صامتًا.
ردا..
لحظات الصمت الثقيل تمر وت تظر م ى أي تعليق م ه على حديثها ،لم تجد ً
اقتربت م ه ..استدارت لتقف أمامه وواجهته
-متاخدنيش بذنب مش ذنبي.
أجهشت بالبكاء ..أس دت رأسها على صدر و ي تكمل:
-الصبح جرحت ي لما قلتلي ان مامتك ع دك أ م م ى وسكتت وك ت طول اليوم
مست ية م ك مكالمة حتى لو تقولي انتي فين ..ولما رجعت ملحقتش اكلمك وحصل
اللي حصل وغضبت ونزلت مع انه مش ذنبي وانا وا اعرف حاجة عن إن مامتك
لقيت الدوا ..ك ت موت من القلق عليك ومست ياك لمجرد اني اطمن عليك ..قلت
ل فسي مش عاتبك على أي حاجة بس كفاية انك تكون ج بي ..وبعد كل د ااقي رد
فعلك بم تهى القسوة وانا معملتش حاجة ..أنا مش عايزة غير انك تحن عليا يا
أسامة ..كتير عليا؟؟
*********************
في نفس التوقيت ،وفي مكان آخر ..بعي ًدا ج ًدا ..في شقة «أماني» شقيقة أسامة في
مدي ة نجران بالسعودية ..تجلس أماني في حجرتها ..أضواء الم زل كلها مطفأة
تقلِب في مجلة قديمة بملل شديد ..نظراتها معلقة على الكلمات ولكن عقلها بعي ًدا
ج ًدا ..عقلها في مصر بجوار والدتها ..حضرت لزوجها م ذ شهرين فقط ..ولكن بعد
كثيرا أنها ألحت عليه في استقدامها ..تقدم لها «سيد» تقليديًا عن
أول أسبوع ندمت ً
طريق إحدى الجارات ..ف ِر َحت به كما فرحت به والدتها ع دما جاء
لزيارتهما..محاسب ويعمل في السعودية ،يكبر ا بعامين فقط ،وسيم ،لَبِق ،ذوق..
صارحهم بأنه في بداية حياته العملية ،وأنه يساعد نفسه ب فسه ماديًا ،وأنه يريد
ااستقرار وتكوين أسرة بما يت اسب مع قدراته.
سمعت صوت الباب ووصول سيد ..نهضت استقباله مبتسمة ..فعلى اأقل وجود
نائما ..لفت نظر ا دخوله خاوي اليدين ..فسألته:
يخفف من وحدتها حتى لو كان ً
-انت مجبتش عشا؟
رد متعجبًا:
-ايه يا أماني د ..فيه واحدة أول ما تستقبل جوز ا تسأله جبت عشا؟
-أسفة ..حمداه ع السامة.
رد و و يتجه نحو غرفة ال وم و ي خلفه:
-اه يسلمك ..حضرى العشا بسرعة اه يكرمك.
-أحضر ايه يا سيد ..ما انا بسألك ا و جبت عشا؟
-مش فيه أكل ا؟
-أ مفيش.
-ازاي ..أنا نازل وكان فيه بيضتين وييجي 3حتت جب ة رومي.
ردت باستغراب:
-و و د العشا اللي ك ا تعشا ..أنا جعت وعملت البيضتين وأكلتهم.
خجا ع دما سألها متأكدا:
احمر وجهه غضبًا بي ما احمر وجهها ً
-أكلتيهم ..اات ين؟؟
ردت بصوت خافت:
-إنت تعد عليا اأكل ..دول بيضتين.
جز سيد على أس انه و و يحاول أن يبدو ادئًا ..وابتسم ابتسامة مصط عة و و يردد:
-ا أب ًدا ..أنا بس مش عايزك تتخ ي ..خلي بالك اأكل الكتير يتخ ك وانا محبش
الست التخي ة.
-ا متقلقش ..أنا بقالي س ين أصا بحاول اتخن شوية حتى 1كيلو عشان اوصل
للوزن المثالي ومفيش فايدة.
-طيب اعمليلي اتعشى ..انتي طبعا مش تتعشي مرتين ه ه.
كم تم ت أن تلكمه في أس انه التي ظهرت من بين ابتسامته المزيفة تلك ..لم تكن
المرة اأولى التي يمرر لها رسائل جادة في صورة دعابة سخيفة تتحملها ..فهي ليست
غبية وتتمكن بسهولة بعد ِعشرة شهرين أن تميز طباع زوجها ،أفاقت من شرود ا على
صوته و و يردد:
-العشا يا أماني.
دخلت المطبخ ..لم تجد سوى لقيمات قليلة من الخبز والجبن الرومي ..وضعتهم له
في طبق وقدمتهم له:
-اتفضل ..د الموجود.
ت اولهم م ها ببساطة واعتياد:
-يا سام ..فضل ونعمة.
جلست أماني أمامه ت ظر له في د شة و و يت اول طعامه ،لم يدعو ا ولو بالكذب
لتشاركه الطعام ..ضاقت به ..نظرت حولها شعرت أن الجدران تكاد تطبق على
أنفاسها تخ قها أكثر .
قائا
انتهى من ت اول طعامه ..اتجه لغرفته ،ع دما وصل للباب ..التفت لها ً
-إنتي تفضلي قاعدة ع دك؟
-فيه حاجة؟
-ا ..تعالي ج بي شوية.
-انت مش جاي من الشغل تعبان ..نام انت وارتاح.
-ما انا رتاح برضه.
فهمت أماني ما يلمح له ..لك ها كانت في حالة من ال فور وصلت أقصى درجة
ممك ة.
فكرت في أقل من الثانية أن الصراحة ا تفيد في كل اأحيان ،فابتسمت وقالت له
-مش ي فع يا سيد.
-ليه؟
نظرت لأرض وتص عت اإحراج:
-مش ي فع ..افهم.
دخل حجرته و و يعلق:
-طيب ..تصبحي على خير.
بمجرد أن التفت وأعطا ا ظهر ،شعرت بدوار ..أمسكت معدتها التي شعرت
بانقابها ،رددت داخلها" :ا ..مش قادرة أكتر من كد ".
قرارا كانت تفكر به وأصبح ا مفر من اتخاذ والعمل على ت فيذ .
واتخذت ً
א
א אכא:
א
א
ً
2015 &כ א אכא (' אכא ! "# $כ% .. אא אכא
https://www.facebook.com/dina.emad.7
https://www.facebook.com/groups/Book.juice