You are on page 1of 56

‫إهداء‬

‫إلى اه‬

‫اللهم ألهم ا الصواب‬

‫اللهم قَدِر ل ا الخي ـ ــر‬


‫ُمقدِمة‬

‫تماما لأحسن أو اأسوأ‪..‬‬


‫حيات ا تتلخص في مجموعة من القرارات‪ ،‬م ها ماقد يغيِر ا ً‬
‫ما أصعب ااختيار حي ما تتضارب قرارات العقل والقلب‪ ..‬تقع الحيرة ويتوجب علي ا‬
‫ااختيار‪.‬‬
‫بعد ااختيار‪ ..‬ابد من تحمل مسئوليته أيًا كانت تبعاته‪..‬‬
‫فالماضي لن يعود وااختيارات لن تتكرر‪..‬‬
‫ذا و كام العقل‪ ..‬لكن للقلب واأقدار حسابات أخرى‪.‬‬
‫ُ‪َ1‬‬

‫ت «نادين» عي يها على ِ‬


‫صوت نغمة رنين اتف زوجها‪ ..‬لمحت الشروق من‬ ‫فتح ْ‬
‫َ‬
‫مسرعا من الغرفة‪" :‬ألو‪..‬‬
‫ً‬ ‫خلف ستارة غرفة ال وم‪ ..‬سمعته يرد بهمس و و يخرج‬
‫أيوة‪ ..‬مالها بالظبط؟"‬
‫لم تسمع أكثر من ذلك سوى صوت الباب يُغلَق‪ ..‬نظرت في الساعة بجوار ا‪،‬‬
‫صباحا‪..‬‬
‫وجدتها الخامسة وال صف ً‬

‫نهضت بخطوات متباطئة‪ ..‬فتحت الباب في نفس اللحظة التي عاد فيها زوجها‪.‬‬
‫‪-‬إنتي صحيتي؟‬
‫‪-‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬أكيد صوت التليفون صحاكي‪.‬‬
‫‪-‬أيوة‪.‬‬

‫دخل حمام غرفة ال وم‪ ..‬خرج بعد أقل من خمس دقائق‪ ،‬بي ما كانت نادين جالسة‬
‫ت تظر ‪ ..‬سأل ْته‪:‬‬
‫‪-‬انت نازل؟‬
‫‪-‬أيوة‪ ..‬أنا آسف ان صوت التليفون صحاكي‪.‬‬
‫‪-‬يا«حسن» يا حبيبي انت ملحقتش ت ام‪ ..‬إنت راجع الساعة ‪2‬ونص م متش ‪3‬‬
‫ساعات على بعض‪.‬‬
‫‪-‬أعمل ايه بس يا حبيبتي‪ ..‬شغلي‪ ..‬نامي انتي وك ِملي نومك‪.‬‬
‫صمتت نادين تفكر في ال‪ 11‬س ة الماضية‪ ..‬س وات زواجها من حسن الذي عشقته‬
‫بكل جوارحها‪..‬‬
‫تعلم أنه يبادلها العشق‪ ..‬ولكن ماذا حدث في الس وات الثاث اأخيرة؟ ذبل حبه؟‬
‫ا‪ ..‬ا يمكن أن يقل حب حسن لها‪ ..‬ملل‪ ..‬خرس زوجي كما يُـ َقال؟‬
‫ربما‪ ..‬ولكن من أين سيأتي الملل و ي متجددة باستمرار؟!‬

‫وطبع قُبلة على جبي ها بعدما انتهى من ارتداء مابسه‪:‬‬


‫قطع أفكار ا ضم حسن لها ْ‬
‫‪-‬ك ِملي نومك وانا شوية وراجع إن شاءاه‪.‬‬
‫‪ -‬ست اك‪.‬‬
‫‪-‬ليه؟!‪ ..‬نامي انتي وارتاحى‪ ،‬إفرضي اتأخرت‪.‬‬
‫‪-‬أنا مبقاش بيجيلي نوم وانت بعيد يا حسن‪ ..‬أنا نومي بقى ملخبط بسبب شغلك‪.‬‬
‫‪-‬حقك عليا‪ ..‬غصب ع ي‪ ..‬أنا زل بقى عشان متأخرش على اللي مست ياني‪ ..‬حرام‬
‫اسيبها كد ‪.‬‬
‫‪-‬ماشي يا حبيبي‪ ..‬رب ا معاك‪.‬‬

‫أوصلته حتى الباب‪ ..‬قبلته وودعته وأغلقت الباب‪.‬‬

‫عادت إلى غرفتها‪ ..‬اتجهت لسرير ا‪ ..‬عدلت من قرار ا بمحاولة ال وم لمحاولة‬


‫فيلما تحبه‪ ..‬وضعته في‬
‫التسلية إلى أن يعود‪ ..‬وقفت أمام مكتبة اأفام‪ ..‬انتقت ً‬
‫الـ ـ ”‪ ”DVD‬وضغطت "تشغيل"‪..‬‬

‫جلست تشا د الفيلم‪ ..‬وأوقفت الصورة على اسمها ال جمة «نادين» ابتسمت و ي‬
‫امعا على الشاشة‪ ،‬اجتاحتها لحظات ح ين للفن الذي جرته من أجل‬
‫ترى اسمها ً‬
‫ت الفن‬
‫يوما في قتله‪ ..‬على عكس ما تتظا ر به من أنها نسيَ ْ‬
‫الحب‪ ..‬ح ين لم ت جح ً‬
‫تماما‪.‬‬
‫ً‬

‫أعادت تشغيل الفيلم‪ ..‬ورجعت بظهر ا للخلف‪ ..‬كل مشهد كانت ترا ‪ ،‬تتذكر معه‬
‫كواليس التصوير‪ ..‬أيام جميلة قضتها مع زمائها ُكلِلَت بسعادتها ب جاح الفيلم‪ ،‬ولكن‬
‫أروع ما في تلك اأيام‪ ..‬و ذكريات تعارفها بحسن في ذلك الوقت‪.‬‬

‫باتو التصوير‬
‫يُجرى التحضير للمشهد على ٍ‬
‫قدم وساق‪ ..‬المخرج يطلق صرخاته يريد اانتهاء من‬ ‫َ‬
‫المشهد الذي يحضِر له من الصباح‪ ..‬عُمال اإضاءة‪ ،‬الديكور‪ ،‬التصوير‪ ،‬كل م هم‬
‫يتمم على عمله‪ ،‬كل شيء على ما يرام‪.‬‬

‫ي ادي المخرج"فين نادين؟"‬

‫تأتي نادين بعدما انتهت من ارتداء مابس التصوير والماكياج الخاص به‪ ،‬تقف‬
‫مساعدتها وقتذاك « اء»‪ ،‬ت تظر ا وتستمتع بالمشا دة ‪..‬‬
‫دوء تام‪ ..‬كاكيت‪..‬‬
‫كيزا عاليًا؛ فايوجد حوار وا‬
‫ت دمج نادين في المشهد الذي تمثله‪ ..‬المشهد يتطلب تر ً‬
‫ممثل آخر أمامها‪ ..‬فقط تمثل بعي يها وبحركات جسد ا‪..‬‬
‫صمت مطبق‪ ..‬حتى اأنفاس محبوسة‪.‬‬
‫يخترق الصمت صرخة عالية‪ ..‬يلتفت الجميع لمصدر الصراخ‪ ،‬تجد نادين مساعدتها‬
‫اء على اأرض تبكى وتصرخ‪ ،‬تقبل عليها مسرعة‪ ..‬تباعد مابين الجمع الواقف‬
‫حولها‪:‬‬
‫‪-‬مالك يا اء؟‬
‫‪-‬مش عارفة‪ ..‬بس َقط وا بولِد مش عارفة‪ ..‬تعبانة أوي‪.‬‬
‫تكمل صراخها‪ ..‬ترتبك نادين ف ِزعة‪:‬‬
‫‪-‬انتي مش لسه في السادس‪ ..‬ايه اللي حصل؟‬
‫تبكى اء‪ ..‬ا تجد ردًا‪..‬‬
‫يقترح أحد الموجودين " نطلب اإسعاف"‪.‬‬
‫حاا على المستشفى‪ ..‬حد يساعدني‬
‫نادين‪ :‬أنا لسه ست ى اإسعاف‪ ..‬أنا اخد ا ً‬
‫نس د ا لحد العربية‪.‬‬

‫تصل نادين على أقرب مستشفى خاص‪ ..‬نادين و اء وحد ما‪.‬‬


‫اء بال سبة ل ادين ليست مساعدة فقط‪ ..‬فهي تعتبر ا صديقة مقربة‪ ..‬معجبة بإرادتها‬
‫ورغبتها في عيش حياة كريمة باجتهاد ا رغم كل ما مرت به من ظروف وفاة والد ا‬
‫ومرض والدتها‪ ..‬عملها بجوار دراستها حتى حصلت على دبلوم التجارة‪ ..‬قوتها في‬
‫ص ِد أية محاولة من رجل با مبادئ بالتقرب م ها واستغال حاجتها المادية‪.‬‬

‫تعرفا في ٍ‬
‫ظرف عادي‪ ..‬أحضر ا البواب لوالدة نادين لت ظيف الشقة‪ ،‬تعودت أن‬
‫تحضر للت ظيف مرتين في اأسبوع‪ ،‬أمانتها وحاوة لسانها جعا ا تدخل قلب نادين‬
‫ووالدتها من أوسع اأبواب‪.‬‬
‫كوجه ٍ‬
‫جديد‪ ،‬طلبت من اء أن تكون‬ ‫ومع ظهور أول فرصة ل ادين في بطولة فيلم ٍ‬
‫دائما وتترك عملها بالبيت‪.‬‬
‫معها ً‬

‫على مدار أربع س وات لم تستطع اء مفارقة نادين‪ ،‬حتى بعد زواجها‪ ..‬قررت‬
‫ااستمرار في العمل معها‪ .‬لم تجد معارضة من زوجها‪ ..‬فهو سافر للعمل بعد الزواج‬
‫تبعا لما تتحمله قدرتها دون إجبا ٍر م ه‬
‫بشهرين‪ ،‬تارًكا قرار العمل في يد اء وحد ا‪ً ..‬‬
‫على ااستمرار من عدمه‪.‬‬
‫طلبت من أحد الممرضين مساعدتها استقبال‬
‫ْ‬ ‫ترجلت نادين من السيارة مسرعة‪..‬‬
‫الحالة التي بصحبتها‪.‬‬

‫"د‪.‬حسن شا ين"‪..‬‬
‫ردت عليها إحدى الممرضات ع دما سألتها نادين عن طبيب ال ساء الموجود‬
‫بالمستشفى‪.‬‬
‫لم تسمع نادين اسمه من قبل‪ ..‬ربما أنها لم تحتَج حتى اآن لدكتور أمراض نساء‬
‫ووادة و ذ ي المرة اأولى التي تتعامل فيها مباشرة مع حالة وادة‪ ..‬وربما‬
‫إجهاض‪ ..‬وحتى اآن لم تتضح حالة اء بعد‪..‬‬
‫سألتها نادين مرة أخرى‪:‬‬
‫‪-‬طيب و فين؟؟ يسيبها كد ‪.‬‬
‫ردت الممرضة بابتسامة‪:‬‬
‫‪-‬متقلقيش‪ ..‬اح ا دخل ا الحالة العمليات وزمان دكتور حسن دخلها خاص‪.‬‬
‫جلست نادين قلقة‪ ..‬بي ما استطردت الممرضة‪:‬‬
‫‪ -‬و حضرتك مفيش فيلم جديد قريب؟‬
‫حاولت نادين أن تتغلب على قلقها بصعوبة وردت مبتسمة‪:‬‬
‫‪-‬فيه قريب إن شاءاه‪ ..‬إح ا ب صور حاليًا‪.‬‬
‫‪ -‬ي اللي معاكي دي قريبة حضرتك؟‬
‫‪-‬يع ي‪ ..‬حاجة زي كد ‪.‬‬
‫‪-‬رب ا يقومها بالسامة إن شاءاه‪.‬‬
‫‪-‬يارب‪ ..‬و الدكتور د كويس؟‬
‫طبعا‪ ..‬دكتور حسن ماشاءاه عليه‪ ..‬ممتاز‪.‬‬
‫‪ً -‬‬

‫بعد ساعتين‪..‬‬
‫كانت نادين تحتسي القهوة في مكتب "د‪ .‬حسن"‪ ..‬سألته عن حالة اء بالتفصيل‪:‬‬
‫‪ -‬ى دلوقتي كويسة‬
‫‪-‬كويسة ازاي ‪ ..‬دي بتتألم أوي‪.‬‬
‫ابتسم و و يطمئ ها‪:‬‬
‫‪-‬أكيد ازم تتألم‪ ..‬مش خارجة من عملية قيصرية‪ ..‬بس بال سبة ل ا ي كد بخير‬
‫العملية تمام وفاقت واتكلمت الحمده‪.‬‬
‫‪-‬الحمده‪ ..‬والبيبي؟؟‬
‫‪ -‬و حاليًا في الحضانة‪ ..‬بس مقدرش أأكد يعيش وا أ‪.‬‬
‫‪-‬يارب يعيش‪ ..‬لو حصل حاجة حس بالذنب‪.‬‬
‫‪-‬ليه؟؟ذنبك ايه؟‬
‫دايما‪ ..‬يع ي انا السبب في تعبها د‬
‫‪-‬الفترة اللي فاتت ك ت بشتغل كتير و ي معايا ً‬
‫كله‪.‬‬
‫‪ِ -‬وني على نفسك‪ ..‬د كل شيء نصيب‪ ..‬ياما ناس بتولد في التاسع وبتكون مرتاحة‬
‫ومبيحصلش نصيب وياما ناس بتولد بدري عن معاد ا والطفل بيعيش‪.‬‬
‫‪-‬رب ا يستر‪.‬‬
‫نهضت نادين لتعود له اء مرة أخرى قائلة‪:‬‬
‫‪-‬ميرسي يادكتور‪.‬‬
‫قائا‪:‬‬
‫نهض بدور و اآخر‪ ..‬اتجه خلفها لباب المكتب‪ ،‬وقبل أن تخرج‪ ..‬بادر ا ً‬
‫‪ -‬طمئن عليها بالليل إن شاءاه‪.‬‬
‫قليا وسألها‪:‬‬
‫سكت ً‬
‫‪ -‬تكوني موجودة؟‬
‫ردت بتلقائية‪:‬‬
‫‪-‬أكيد‪.‬‬
‫مد يد يصافحها‪:‬‬
‫‪-‬يبقى اشوفك بالليل إن شاءاه‪.‬‬
‫مدت يديها صافحته‪.‬‬
‫لم تستطع الرد‪ ..‬فقد تجمعت كل أحاسيس الدفء واأمان في لمسة يد ليد ا‪،‬‬
‫رفعت عي يها لعي يه‪ ..‬وجدت بري ًقا جذبها في ّوة عميقة فصلتها عن الزمان والمكان‪..‬‬
‫يس َمع باأذن‪ ..‬فقط القلوب ي من تستطيع فك‬
‫حديث صامت دار بي هما‪ ..‬ا ُ‬
‫ٌ‬
‫شفرته‪.‬‬

‫ت هدت نادين بعدما أفاقت من ذكرياتها‪ ،‬أكملت الفيلم و ي تتذكر كيف تطور الحب‬
‫بي هما بسرعة‪ ،‬وفي وقت قليل نسبيًا‪ ..‬وبعد اانتهاء من الفيلم صارحها حسن برغبته‬
‫في الزواج م ها‪ ..‬ولكن‪ ..‬شرط أن تكون زوجة فقط‪ ..‬زوجته وحبيبته ورفيقة دربه‪ ،‬وأن‬
‫تترك الشهرة واأضواء والفن ليستطيعا تكوين أسرة مستقرة‪.‬‬

‫أخذت وقتًا في التفكير كما طلب م ها حسن ووعد ا أنها لن ت دم أب ًدا إذا اختارته‬
‫ليال طويلة من صراع بين حبين؛ حبها لحسن وحبها للفن‪ ..‬قررت أن تختار‬ ‫عانت ٍ‬
‫الفن‪ ..‬ومع أول أيام الفراق انهارت قوتها في المقاومة واتصلت بحسن وأخبرته‬
‫باختيار ا له‪.‬‬

‫ونفذ حسن وعد بأنها لن ت دم‪ ..‬فبعد عام من الزواج وبعد أن ُكلِلت سعادتهما بوجود‬
‫لميس في حياتهما‪ ،‬وجدت أن السعادة تتمثل في بيتها وزوجها واب تهما‬
‫كان نعم الزوج المحب المتفاني في إسعاد زوجته واب ته‪ ،‬لكن‪ ..‬الثاث س وات‬
‫اأخيرة‪...‬‬

‫*********************‬
‫وصل حسن بعد أقل من ساعة لمركز الوادة الذي يمتلكه‪ ،‬يحتل المركز الدور اأول‬
‫كاما في برج سك ي‪ ،‬يحتوى على غرفتي عمليات وغرف متعددة للحاات‪،‬‬
‫علوي ً‬
‫باإضافة لغرفة كبيرة إدارية تشمل الحسابات وشئون العاملين‪ ..‬غير عيادته الملحق‬
‫لحق بها غرفة انتظار‪ ،‬وغرفة استراحة‬
‫بها غرفة انتظار وعيادة أخرى لـ «م ى» ُم َ‬
‫الممرضات‪ ،‬وكافتيريا صغيرة ملحقة بمطبخ كبير‪.‬‬

‫كان في انتظار زوج الحالة التي فاجأ ا المخاض‪ ..‬بعد توقيع الكشف عليها طمأن‬
‫أ لها‪" :‬متقلقوش‪ ..‬لسه قُدامها شوية‪ ..‬أنا ف مكتبي و جيلها كل نص ساعة"‪.‬‬
‫وأمر الممرضة الموجودة برفقته‪":‬خليكي متابعا ا لو لقيتيها قربت ناديلي"‪.‬‬
‫َ‬
‫دخل مكتبه‪ ،‬وقف أمام المكتبة‪ ..‬أخذ كتابًا وجلس على المكتب‪ ..‬نظر نظرة خاطفة‬
‫لصورته مع نادين ولميس‪ ،‬فتح الكتاب الذي بين يديه‪ ،‬وبعد قراءته أول صفحة‪،‬‬
‫سمع طرقات الباب‪ ،‬وفُتِح الباب‪ ،‬ودخلت دكتورة م ى اب ة خالته وزميلته في المركز‪:‬‬
‫‪-‬صباح الخير ياحسن‪.‬‬
‫‪-‬م ى!! صباح ال ور‪ ..‬ايه اللي جابك بدري كد ‪.‬‬
‫جلست أمامه وأرادت أن تغير مسار الحديث فسأل ْته‪:‬‬
‫‪-‬إنت مروحتش من امبارح؟‬
‫‪-‬ا روحت وجيت من شوية‪.‬‬
‫‪ِ -‬‬
‫فطرت؟‬
‫‪-‬أ لسه‪.‬‬
‫‪-‬طيب‪ ،‬أنا قوم اجيب حاجة من الكافتيريا‪.‬‬

‫خرجت م ى من المكتب‪ ..‬وحسن يتابعها بعي يه‪ .‬غابت خمس دقائق وعادت مرة‬
‫أخرى‪:‬‬
‫‪-‬ثواني ويجيبول ا ساندويتشات وشاي‪.‬‬
‫نظر لها حسن في عي يها‪ ..‬وجد ما ذابلتين‪.‬‬
‫‪-‬مالِك يا م ى‪.‬‬
‫اغتصبت ابتسامة و ي تجيبه‪:‬‬
‫‪-‬مفيش حاجة‪.‬‬
‫دقق ال ظر في عي يها‪:‬‬
‫‪-‬مش عليا يا م ى‪ ..‬مالِك؟‬
‫اغرورقت عي ا ا بالدموع وفشلت في كتمان ما يحمله قلبها‪:‬‬
‫‪-‬أنا خاص تعبت يا حسن‪ ..‬حتى بيتي مش عارفة ارتاح فيه‪ ..‬إنت عارف أنا جاية‬
‫بدري ليه؟‬
‫‪-‬ليه؟‬
‫‪-‬عشان انام شوية‪ ..‬سايبة بيتي وجاية انام على سرير مستشفى عشان مش اقية‬
‫راحتي ف بيتي‪.‬‬
‫‪-‬حماتك برضه؟‬
‫‪-‬أيوة‪ ..‬بقت ا تطاق بجد‪.‬‬
‫‪-‬ايه الجديد‪.‬‬
‫‪-‬الجديد ان قُـ َعاد ا ع دى بقى أمر واقع وبتتحكم في البيت كأنه بيتها‪.‬‬
‫‪-‬وأسامة؟‬
‫‪-‬كل ما اكلمه يقولّي امي ومقدرش اسيبها بعد ما اختي سافرت لجوز ا‪.‬‬
‫‪-‬تحبي اكلمه‪.‬‬
‫‪-‬زي قِلِته يا حسن‪ ..‬يرد عليك ب فس الكام‪.‬‬
‫صغيرا من درج مكتبه‪ ..‬ناوله لم ى‪:‬‬
‫مفتاحا ً‬
‫أخرج حسن ً‬
‫أمر على الحاات واقفلي على نفسك‬
‫‪-‬د مفتاح المكتب‪ ..‬لما نخلص فطار روح ّ‬
‫ونامي ا‪ ..‬السرير ا ُمريح مش يتعبك‪.‬‬
‫ت اولته م ى وابتسمت له شاكرة‪.‬‬
‫قاطعهما عامل الكافتيريا الذي أحضر اإفطار‪ ،‬تركه على طاولة صغيرة وخرج‪.‬‬
‫معا‪..‬‬
‫ت اوا إفطار ما ً‬
‫كانت م ى تت اول الطعام ٍ‬
‫بحزن و ي شاردة‪ ،‬بي ما يتابعها حسن ٍ‬
‫بقلب يرق لحالها‪.‬‬

‫قاطعهما دخول الممرضة‪:‬‬


‫‪-‬دكتور حسن‪ ..‬المدام خاص الطلق زاد عليها أوي‪.‬‬
‫‪-‬دكتور مختار جه وا لسه؟‬
‫‪-‬لسه‪.‬‬
‫انفعل حسن وأكمل بصوت مرتفع‪:‬‬
‫‪-‬ازاي لسه مجاش لحد دلوقتي‪ ..‬أنا مكلمه من قبل ما اجي‪.‬‬
‫ارتبكت الممرضة ولم تجد ردًا‪.‬‬
‫سألته م ى‪:‬‬
‫‪ -‬ي مش تولد طبيعي‪ ..‬عايز مختار في ايه؟‬
‫عايز ‪ ..‬كلمته يبقى ييجي مش يتأخر كد ‪ ..‬افرضي كانت تولد‬
‫عايز أو مش ُ‬
‫‪ُ -‬‬
‫قيصري ميبقاش دكتور التخدير موجود‪.‬‬

‫اتصاا بمختار وم ى والممرضة تترقبان ثورة حسن على‬


‫أمسك حسن تليفونه‪ ،‬وأجرى ً‬
‫قائا‪" :‬ك سل عليا"‪.‬‬
‫مختار‪ ..‬يزفر حسن زفرة حادة ً‬

‫يسمع صوت مختار قريبًا‪ ..‬يدخل المكتب‪:‬‬


‫‪-‬ك سلت عشان وصلت‪ ..‬أنا تحت أمرك يا دكتور‪.‬‬
‫‪-‬خليك جا ز يمكن احتاجلك‪.‬‬

‫تركه حسن في المكتب مع م ى‪ ..‬وخرج مع الممرضة ليلحق حالته‪.‬‬


‫ُ ‪َ2‬‬

‫كانت نادين مازالت مستيقظة ع دما شعرت بدخول أم خالد بهدوء‪..‬‬


‫أم خالد تمشي على أطراف أصابعها في الغرفة‪ ،‬حدثتها نادين بدون أن تتحرك‪:‬‬
‫‪-‬عايزة حاجة يا أم خالد؟‬
‫انتفضت أم خالد وبحركة ا إرادية‪ ،‬فتحت صدر ثوبها وبصقت به‪:‬‬
‫‪-‬بسم اه الرحمن الرحيم‪ ..‬إنتي صاحية يا مدام‪.‬‬
‫اعتدلت نادين جالسة‪:‬‬
‫‪-‬ا صاحية من بدري‪ ..‬من ساعة ما الدكتور نزل‪.‬‬
‫‪-‬طيب روح احضرلِك الفطار‪.‬‬
‫‪-‬أ مش دلوقتي‪ ..‬الدكتور زمانه جاي بقى افطر معا ‪ ..‬ك تي جاية عايزة حاجة؟‬
‫‪-‬آ ‪ ..‬ك ت جاية اخد الغسيل‪.‬‬
‫‪-‬بدري كد ؟‬
‫‪-‬عشان الحق اليوم من أوله‪.‬‬
‫تماما‪:‬‬
‫نهضت نادين من فراشها بعدما جفا ا ال وم ً‬
‫‪-‬أنا قوم اخد شاور‪.‬‬
‫المعلقة على الشماعة‪:‬‬
‫ردت أم خالد و ي تأخذ بعض المابس ُ‬
‫‪-‬مدام نادين‪ ..‬لميس لسه صاحية طول الليل مانامتش‪ ..‬مش كويس عليها كد ‪.‬‬
‫لم تجد نادين كلمات ترد بها على أم خالد‪ ..‬فهي رغم تدخلها بعض اأحيان فيما‬
‫يخص لميس إا أنها طيبة القلب وتحبهم ح ًقا وتعتبر لميس اب ة لها‪ ..‬فهي معهم م ذ‬
‫س وات لميس اأولى‪ ،‬وقامت بخدمتها وتربيتها ي ًدا بيد مع نادين؛ لذلك تغفر لها‬
‫ٍ‬
‫شخص آخر مهما كان قريبًا م ها‪.‬‬ ‫نادين تلك التدخات التي ا تقبلها من أي‬

‫*********************‬

‫أنهت نادين حمامها‪ ..‬جلست تتزين أمام مرآتها بعدما انتقت زيًا نهاريًا ترتديه أول‬
‫مرة؛ متم ية أن ي ال إعجاب حسن‪.‬‬
‫أث اء تصفيف شعر ا‪ ،‬كانت تتخيل لحظة قدومه للم زل‪ ،‬تتخيلها بشوق ولهفة‬
‫كموعد ما اأول‪ ..‬تُحدِث نفسها‪" :‬من قال إن الحب ي تهي بعد الزواج من المؤكد‬
‫أنه لم يحب ح ًقا‪ ..‬فالحب مازال في أوج اشتعاله ولم يفتر بمرور الس وات‪.‬‬

‫صباحا‪ ،‬ذ بت‬


‫انتهت من جلستها أمام المرآة‪ ..‬وجدت الساعة اقتربت من التاسعة ً‬
‫لغرفة لميس‪ ..‬وجدتها مازالت مستيقظة‪.‬‬
‫‪-‬صباح الخير‪ ..‬انتي لسه قاعدة كد من امبارح؟‬
‫‪-‬صباح ال ور يا مامي‪ ..‬أيوة مش جاي لي نوم‪.‬‬
‫‪-‬كفاية كد ونامي شوية‪ ..‬تحت ع يكي يسود من ُكتر السهر‪.‬‬
‫‪-‬حاضر‪ ..‬بس مقلتليش اتفقتي مع بابي سافر إمتى‪.‬‬
‫‪-‬بابي مقالش معاد محدد‪.‬‬
‫‪-‬لو است ي ا مش روح ف حتة‪.‬‬
‫‪-‬أنا قبل كد وعدتك وموفيتش بوعدي؟‬
‫‪-‬أ‪.‬‬
‫‪-‬خاص‪ ..‬سافر زي ما انتي عايزة إن شاءاه بس نشوف بابي فاضي إمتى‪.‬‬
‫‪-‬أوك‪.‬‬
‫اقتربت م ها نادين‪ ،‬وأخذت الـ "آي باد" وقبلتها من وج تيها‪ ،‬وتركتها لت ام‪.‬‬

‫********************‬

‫أخذت نادين تليفونها لتتصل بحسن‪ ..‬وجدت تليفونه مغل ًقا‪ ..‬ذ بت للتليفون اأرضي‬
‫واتصلت على مكتب حسن‪.‬‬
‫مجددا‬
‫ً‬ ‫بعد انتظار نادين لحظات رنين الهاتف‪ ،‬أتا ا صوت أنثوي متكاسل‪ ،‬نظرت‬
‫لشاشة التليفون اأرضي لتتأكد من الرقم المطلوب‪ ..‬لم تخطئه و و بالفعل الرقم‬
‫المباشر لمكتب حسن‪ ..‬تجدد الرد مرة أخرى‪ ..‬نفس الصوت ال اعم ال اعس‪ ،‬حاولت‬
‫أن ترد تسألها من ي وكيف أتتها الجرأة لترد على تليفون زوجها‪ ،‬اخت ق صوتها ووقف‬
‫الكام في حلقها‪ ..‬انقطع الخط‪ ..‬أغلقته المرأة اأخرى‪..‬‬
‫فورا لحسن‪ ..‬ابد أن يعرف أنها اكتشفت‬
‫في لحظات‪ ..‬قررت نادين أن تذ ب ً‬
‫بالجرم المشهود‪.‬‬
‫سا ُ‬ ‫خيانته‪ ..‬حين تفاجئه متلبِ ً‬

‫*******************‬

‫وصلت نادين أمام البرج الذي يوجد به مركز شا ين للوادة‪ ،‬صعدت بسرعة حتى‬
‫تستطيع أن تلحق بالمرأة الموجودة مع زوجها قبل أن تغادر‪ ..‬ع دما وصلت المركز‪،‬‬
‫لم تلتفت لموظفة ااستقبال أو أي من الممرضات ممن كن يرحبن بها‪ ،‬بل اتجهت‬
‫بسرعة ومباشرة لمكتب حسن‪.‬‬

‫فتحت باب المكتب‪ ..‬لم يُفتَح معها‪ ..‬تأكدت أنه مغلق من الداخل‪..‬‬
‫ظلت تطرق على الباب بع ف و ي ت ادي‪" :‬افتح يا حسن‪ ..‬حسن‪ ..‬افتح"‪.‬‬
‫سمعت صوت ولوج المفتاح في الباب‪ ..‬وانفتح الباب ووجدت م ى أمامها‬
‫سألتها م ى بفزع‪:‬‬
‫‪-‬مالك يا نادين؟؟ في ايه؟؟‬
‫دخلت نادين و ي تبحث حولها‪:‬‬
‫‪-‬حسن فين؟‬
‫‪-‬مش عارفة يا إما بيمر على الحاات يا إما معا وادة‪ ..‬مالِك؟؟ لميس كويسة؟‬

‫جلست نادين على أقرب كرسي‪ ..‬جلست لتستريح من ثقل شكها‪ ..‬ت فست الصعداء‬
‫بسا ما‪ ،‬وبكل توتر سألتها م ى‪:‬‬
‫ع دما أدركت أن في اأمر لَ ً‬
‫‪-‬مالك يا نادين؟؟ طم ي ى ايه اللي جابك تجري كد ؟؟ لميس بخير؟‬
‫ردت نادين و ي تحاول أن تضبط أنفاسها‪:‬‬
‫‪-‬بخير يام ى‪ ..‬الحمده‪.‬‬
‫كانت تحمداه أن شكوكها لم تكن في محلها‪ ..‬طوال الطريق وترتسم في مخيلتها‬
‫مشا د سيئة تتوقع مشا دتها‪ ..‬وبالتالي كانت تحاول أن تحضر رد فعل م اسب لكل‬
‫مشهد تتخيله‪.‬‬

‫احظت م ى صمتها وشرود ا‪ ..‬جلست أمامها صامتة بعد أن توقعت أنه ربما سبب‬
‫سرا ما بي ها وبين حسن ليس من حقها السؤال ع ه‪ ،‬بادرتها نادين‪:‬‬
‫وجود ا ا ً‬
‫‪-‬انتي بتعملي ايه ا بدري كد يام ى؟‪ ..‬انتي ك تي بايتة ا؟‬
‫ردت م ى ب برة حزي ة‪:‬‬
‫‪-‬أ‪ ..‬جيت أول ما ال هار طلع‪.‬‬
‫‪-‬ليه كد ؟‬

‫سمعا صوت حسن في الرد ة يقترب حتى وصل لباب المكتب‪ ،‬فوجئ بوجود نادين‪:‬‬
‫‪-‬نادين!! مالك؟؟ ايه اللي جابك؟‬
‫ترددت نادين في محاولة للبحث السريع عن إجابة ما‪ ..‬ابتسمت‪:‬‬
‫‪-‬عادي يا حسن‪ ..‬قلت اعملك مفاجأة‪.‬‬
‫‪-‬مفاجأة؟؟!! الساعة ‪9‬ونص الصبح؟‬
‫نهضت م ى من مكانها‪:‬‬
‫‪-‬طيب ستأذن انا‪ ..‬بقى اكلمك يانادين‪.‬‬
‫سألها حسن‪:‬‬
‫‪-‬رايحة فين؟؟ انتي لحقتي ت امي؟‬
‫‪ -‬روح انام في أي حتة يا حسن متشيلش م‪.‬‬
‫نهض حسن واستوقف م ى و و يخلع البالطو اأبيض‪:‬‬
‫‪-‬ا خليكي ا يام ى وانا زل مع نادين شوية‪.‬‬

‫تبعته نادين صامتة أث اء خروجهما من المركز وأث اء ركوبهما سيارة حسن‪ ،‬نظر لها‬
‫حسن نظرة جانبية أث اء قيادته السيارة‪ ..‬تجا لتها نادين‪ ،‬أعاد ال ظر للطريق أمامه و و‬
‫يسألها‪:‬‬
‫‪-‬شكلك زعانة من حاجة؟‬
‫ردت بسرعة‪:‬‬
‫‪-‬ا أبدا يا حبيبي‪.‬‬
‫‪-‬أكيد فيه سبب انك جيتي الصبح بدري كد ‪ ..‬فيه حاجة عايزة تقوليها؟‬
‫ولمعت فكرة في رأس نادين‪ ..‬فسألته ببراءة مصط عة‪:‬‬
‫‪-‬أصل لميس كانت بتسأل روح ماري ا إمتى‪ ،‬وانا جيت اشوف تبقى فاضي إمتى؟‬
‫ضحك حسن‪ ..‬تعجبت نادين من سبب ضحكته‪.‬‬
‫‪-‬بتضحك على ايه يا حسن؟‬
‫‪-‬كل د عشان السفر‪ ..‬قولي بقى اني وحشتك وجيتي تشوفي ي‪.‬‬
‫‪-‬أيوة‪ ..‬انت وعدت ي انك تيجي تفطر معايا وانا فضلت قاعدة است اك ومسألتش فيا‪.‬‬
‫‪-‬كانت ف إيدي حالة وادة يا نادين‪.‬‬
‫وخصوصا ان تليفونك كان مقفول‪ ...‬بُص يا حسن بصراحة بقى‬
‫ً‬ ‫‪-‬ما انا مك تش اعرف‬
‫أنا اتصلت بيك ع المكتب واتج ت لما سمعت صوت واحدة ست بترد على‬
‫تليفونك‪.‬‬
‫‪-‬ست؟؟ م ى يع ى؟‬
‫‪-‬ما أنا مفسرتش انها م ى‪ ..‬صوتها كان نايم كد وانا ك ت موت م الغيرة‪.‬‬
‫وب برة حادة سألها متأك ًدا‪:‬‬
‫‪-‬شكيتي فيا؟‬
‫ردت و ي تصحح مفهومه‪:‬‬
‫‪-‬دي غيرة مش شك‪.‬‬
‫أجابها ب فس ال برة الحادة‪:‬‬
‫‪-‬لما تيجى تجرى يا نادين عشان تقفشي ي متلبس ‪-‬من وجهة نظرك‪-‬تبقي شكيتي‬
‫فيا‪ ..‬أنا عمرى حصل م ى حاجة تثير شكك؟؟‬
‫صمتت نادين‪ ..‬وانحدرت من عي يها دموع صامتة لم يلحظها حسن وسألها مكررا‪:‬‬
‫‪-‬حصل مِي حاجة تش ِكك فيا يا نادين؟‬
‫نظر لها ليواجهها‪ ،‬وجد دموعها ونظرتها الحزي ة‪.‬‬
‫‪-‬للدرجة دي زعانة؟ المفروض انا اللي ازعل‪.‬‬
‫‪-‬أنا مش زعانة م ك يا حسن‪ ..‬وانا أسفة لو ك ت زعلتك‪ ..‬بس انا جوايا كتير‬
‫وساكتة‪.‬‬
‫امتدت يد اليم ى احتض ت يد ا اليسرى‪ ..‬قربها من شفتيه‪ ..‬لثمها ب ِرقة‪ ..‬وب برة‬
‫حانية‪.‬‬
‫‪-‬خااااص‪ ..‬امسحي دموعك و قعد مع بعض و سمع كل اللي جواكي ومضايقك‬
‫كد ‪.‬‬

‫*********************‬
‫على طاولة تطل على حمام سباحة في أحد الف ادق الكبرى‪ ،‬يرشف حسن من ف جان‬
‫قهوته‪ ..‬ي تظر سماع نادين‪ ..‬أما نادين فكانت تبحث عن كلمات افتتاحية تمهد لها‬
‫ثقيا على قلبها‪ ..‬تخشى من أن ي ِ‬
‫غضب حسن‪..‬‬ ‫حديثًا ً‬
‫ُ‬
‫تماما أن اأمر يختلف معها عن عصبيته مع أي شخص‬‫ا تخشى ثورته فهي تعلم ً‬
‫غير ا‪ ..‬فأقصى ثورة يصل إليها ي ارتفاع صوته قلي ًا ولم تحدث تلك الثورة مطل ًقا‬
‫خارج م زلهما‪.‬‬
‫جل ما تخشا أن يغضب ويكتم غضبه داخله ويتج بها و ذا ما ا تطيقه‪.‬‬
‫قائا‪:‬‬
‫تحدث حسن ً‬
‫‪-‬ايه يا نادين‪ ..‬تفضلي ساكتة كتير؟‬
‫‪-‬خايفة تزعل من كامي‪.‬‬
‫‪-‬ا مش زعل‪ ..‬المهم متكونيش انتي زعانة‪.‬‬
‫‪-‬مش ماحظ ان ا بعدنا أوي عن بعض‪.‬‬
‫‪-‬إح ا!!!‬
‫‪-‬أيوة يا حسن‪ ..‬انت بتقعد معايا؟‬
‫‪-‬وانا قاعد مع مين دلوقتي؟‬
‫‪-‬لوا اني جيتلك مك اش قعدنا مع بعض‪ ..‬آخر مرة قعدت مع ب تك إمتى؟‬
‫‪-‬ما انتي عارفة يا نادين ان اللي شاغل ى ع كم و شغلي‪.‬‬
‫‪-‬طيب واح ا؟‬
‫‪-‬انتوا روحي ومقدرش استغ ى ع كم‪ ..‬بس شغلي و مستقبلي ومستقبلكم ‪ ..‬أنا لما‬
‫بتعب واشتغل د عشان مين؟‬
‫‪-‬بس وجودك معانا مهم‪ ..‬أنا مش عارفة آخر ‪ 3‬س ين البُعد بي ا زاد أوي كد ليه؟‬
‫‪-‬مش عارفة؟؟!!‪ ..‬أ انتي عارفة كويس وانا مبعملش حاجة من وراكي‪.‬‬
‫‪-‬ايه السبب؟‬
‫‪-‬السبب اني ك ت بواصل الليل وال هار عشان ج ب الشغل ك ت بجهز للمركز‬
‫وبشتغل زيادة عشان انتوا والبيت متتأثروش باأزمة اللي ك ت فيها‪ ..‬ك ت محتاج‬
‫فلوس اكمل بيها ِشرا اأجهزة اللي ناقصاني د غير ان العيادة مك ش ي فع اسيبها‪..‬‬
‫كل د مش سبب يخلي ي بلف حوالين نفسي؟! واظن انتي ك تي عارفة انا بعمل إيه‬
‫خطوة بخطوة وشايفة انا بتعب ازاي‪.‬‬
‫‪-‬أنا عارفة كل د ‪ ..‬وخاص الحمده المركز خلص واأمور استقرت‪ ..‬فى إيه بقى؟‬
‫‪-‬المركز خلص الحمده واسمه بقى كبير وبكد زاد الشغل عليا أكتر واكتر‪ ..‬وبعدين‬
‫يا نادين كل د عشان مين‪ ..‬عشان عمرك ما تحسي انك أقل من أي حد حواليكي‪..‬‬
‫عشان عمرك ما تحسي اني حارمك أو حارم ب تي من حاجة‪ ..‬أنا بعمل كل د‬
‫علشانكم‪.‬‬
‫‪-‬بس انا بتكلم في إحساس يا حسن‪ ..‬إحساسي انك بعيد عِي أنا ولميس تاعب ي‪..‬‬
‫أنا مخ وقة أوي‪.‬‬
‫‪-‬زي ما انا بتعب وبستحمل تعب الشغل‪ ..‬إنتي كمان ازم تستحملي انشغالي ع كم‪.‬‬
‫‪-‬ز قت‪ ..‬أنا مبعملش أي حاجة واليوم طويل عليا‪.‬‬
‫‪-‬محسساني اني حابسك في البيت‪.‬‬
‫‪-‬الفراغ يا حسن‪ ..‬الفراغ اللي انا فيه خ ق ي‪.‬‬
‫‪-‬اشغلي فراغك‪ ..‬ع دك ال ت وع دك الكتب في المكتبة ولو عايزة تشتركي في أي‬
‫نشاط خيري مع ديش مانع‪.‬‬
‫‪-‬وانت‪ ..‬مش تحاول خالص تدي ا شوية من وقتك؟‬
‫‪-‬أنا حاول‪ ..‬بس انتي عارفة ان وقتي مش ملكي لوحدي‪ ..‬أنا ببقى نايم وتليفون‬
‫بي زل ي اجري‪.‬‬
‫‪-‬ع دك م ى‪ ..‬أو جيب دكتورين تاتة يشيلوا ع ك الشغل شوية‪.‬‬
‫‪-‬يع ي واحدة بتتابع معايا حمل ‪ 9‬شهور اجي ساعة الوادة أقولها معلش أصل عايز‬
‫انام روحي لدكتور تاني‪.‬‬
‫‪-‬متتريقش عليا يا حسن‪.‬‬
‫‪-‬مش بتريق بس بعرفك إن الحامل بتكون عايزة الدكتور اللي ي مطّم ة له وعارف كل‬
‫حاجة عن َحملها مش دكتور لسه بتشوفه أول مرة‪.‬‬
‫‪-‬والحل؟‬
‫‪-‬أنا أي وقت فاضي فيه يبقى ملككم انتم‪ ..‬غصب عِي يا نادين‪.‬‬
‫صمتت نادين بعدما شعرت أن الكام ا جدوى م ه‪ ،‬وا يوجد حلول فحسن معذور‬
‫وعقلها مقت ع تمام ااقت اع بكامه‪ ..‬أما مشاعر ا كزوجة تريد زوجها‪ ،‬ا عاقة لها بما‬
‫اقت عت به‪.‬‬

‫ساد الصمت بي هما‪ ..‬اقتربت سيدة تبدو في الثاثي ات م هما على استحياء‬
‫بدأت السيدة كامها‪:‬‬
‫‪-‬صباح الخير‪ ..‬مدام نادين؟؟‬
‫ابتسمت نادين ابتسامة مرتعشة و ي تهز رأسها إيجابًا وت ظر لحسن الذي رأته يشيح‬
‫ب ظر ع ها ويتجا ل الموقف‪.‬‬
‫تلحظ نظرات نادين لحسن‪:‬‬
‫أردفت السيدة التي لم َ‬
‫‪-‬أنا مبسوطة أوي اني شفتك ال هاردة‪ ..‬أنا وجوزي ب حبك أوي‪ ..‬كل فيلم ليكي كان‬
‫بي زل لي ا معا ذكريات من أيام خطوبت ا‪ ..‬مش ترجعي تاني؟؟‬
‫استياء‪:‬‬
‫ً‬ ‫ردت نادين و ي تختلس نظرة سريعة لحسن الذي عقد حاجبيه‬
‫تماما لبيتي‪.‬‬
‫‪-‬ميرسي أوي‪ ..‬بس الحقيقة أنا اتفرغت ً‬
‫علقت السيدة و ي تصافح نادين‪:‬‬
‫‪-‬خسارة‪ ..‬بس المهم انك مبسوطة‪ ..‬أسفة إزعاجك‪ ..‬بعد إذنك‪.‬‬
‫انسحبت السيدة بعد أن تركت صمتًا يحمل صخبًا يدور في رأس كل من نادين‬
‫وحسن‪ ..‬حسن وعلى مدى الس وات مازال يضيق بمن يقتحم خلوتهما حتى وإن كان‬
‫كثيرا ولك ها تتألم من رد‬
‫للحظات بسيطة‪ ..‬أما نادين فتلك اللحظات كانت تسعد ا ً‬
‫فعل حسن‪.‬‬
‫تجا َ ل كل م هما الموقف‪ ..‬نظر حسن لساعته‪:‬‬
‫‪-‬ياا عشان ورايا شغل‪ ..‬وصلك البيت وا تيجي معايا المركز وترجعي بعربيتك؟‬
‫ُ‪َ3‬‬

‫جلس أسامة على السفرة بي ما كانت والدته تحضِر له اإفطار‪ ..‬لم يستطع أن يرفض‬
‫مقررا أن يشاركها‬
‫طلب والدته أن يشاركها إفطار ا قبل أن تأخذ دواء ا‪ ..‬جلس ً‬
‫إرضاء لها فقط‪ .‬أما و فا شهية لديه كما لم يستطع ال وم من بعد مغادرة م ى‬
‫ً‬ ‫الطعام؛‬
‫للم زل‪.‬‬

‫يوما لهذا الحد م ذ زواجهما‪ ..‬يعترف بي ه وبين نفسه أنه فقد‬


‫لم تتطرق مشاكلهما ً‬
‫فعا‪" :‬أمي ع دي قبل‬
‫أعصابه وأنه لم يقصد المع ى الحرفي للكلمة ع دما رد عليها م ً‬
‫ال اس كلها حتى انتي‪ ..‬د بيتي وبالتالي يبقى بيتها‪ ..‬لو مش عاجبك مع السامة"‪.‬‬
‫سمع خطوات والدته تقترب‪ ..‬جلست وبدأت حديثها و ي ت اوله الشاي‪:‬‬
‫‪-‬افطر يا حبيبي انت بتتعب وبتيجي متأخر‪ ..‬ي فاكرة لما ت زل كد مش تاقي حد‬
‫يعملك حاجتك‪ ..‬د انا ع يا ليك‪.‬‬
‫شكرا يا ماما ‪ ..‬متتعبيش نفسك في حاجة في البيت‪.‬‬
‫‪ً -‬‬
‫ردت و ي ت ظر حولها متأففة‪:‬‬
‫‪-‬مبتعبش أنا مش الت ظيم‪ ..‬بقى بذمتك مش ترتيب البيت كد أحلى ما كانت مراتك‬
‫عاما ‪.‬‬
‫‪-‬كويس‪ ..‬كله كويس‪.‬‬
‫‪-‬كويس ايه‪ ..‬د انا ال اس كلها بتحلف بترتيبي للعفش‪ ..‬د انا مك ش بيعدِي س ة من‬
‫غير ما ادور البيت واخليه زي الجديد‪ ..‬انت من ساعة ما اتجوزت وكل حاجة ف‬
‫مكانها‪ ..‬إيه مبتز قوش‪.‬‬
‫‪-‬عادي يا ماما‪.‬‬
‫‪-‬عادي يا ماما!! إنت تعمل زي مراتك وبدل ما تقولِي شكرا تقولي شيلتي الحاجة‬
‫من مكانها ليه‪ ..‬الحق عليا اللي فاكرة ان اب ي ي صف ي مش ي صف مراته عليا‪ ..‬أنا‬
‫اللي تعبت وربيت ابقى زي الغريبة‪.‬‬
‫تماما تضحية والدته اأرملة التي توفى زوجها في شبابها وأف ت شبابها‬
‫أسامة يقدِر ً‬
‫وحياتها في تربية أب ائها "أسامة‪ ،‬وأماني"‪ .‬م ذ تفتحت عي ا على حقائق الحياة و و‬
‫قطع عه ًدا على نفسه بأن يعوضها جزاء تضحيتها بكل ما في وسعه‪ .‬اجتهد في دراسته‬
‫إرضاء لها‪ ..‬سمع‬
‫ً‬ ‫ليرضيها ويسعد ا‪ ،‬ابتعد عن أي صديق له لم تحبه والدته‪ ..‬فقط‬
‫كثيرا من ي عتونه بأنه "ابن امه"‪.‬‬
‫ً‬
‫لم تؤثر به مطل ًقا تلك الكلمة أو تؤثر على عاقته بوالدته‬
‫فكل ما يفعله يقوم به برضا واقت اع تام غير ُمجبر من والدته‪ ،‬كل ما الك أنه يحب‬
‫والدته ويحب إسعاد ا ويعتبر نفسه المسئول اأول ع ها‪ ..‬غير مبالي بما قد يقال أو‬
‫يُفسر‪.‬‬
‫مد يديه ربت على يديها‪:‬‬
‫‪-‬تسلم إيدك طبعا وأكيد البيت كد أحلى‪ ..‬بس انا مش عايزك ِ‬
‫تتعبي نفسك‪.‬‬
‫‪-‬وا عشان مراتك مش عاجبها؟‬
‫طبعا علشانك انتي‪.‬‬
‫‪-‬أ ً‬
‫‪-‬رب ا يخليك ليا يا ابن عمري ويح ن قلبك كمان وكمان‪.‬‬
‫نهض أسامة من مكانه‪:‬‬
‫‪-‬أنا نازل‪ ..‬عايزة حاجة اجيبها وانا جاي؟‬
‫‪-‬إنت مكلتش حاجة‪.‬‬
‫رد كاذبًا‪:‬‬
‫‪-‬أ أكلت وانتي بتعملي الشاي‪.‬‬
‫تبعته حتى باب الم زل‪ ..‬وقبل أن يغادر سألته‪:‬‬
‫‪ -‬ي مراتك راحت فين بدري كد ‪.‬‬
‫‪-‬معرفش مكلمتهاش‪.‬‬
‫‪-‬يع ي ايه متعرفش‪ ..‬تروح فين و ي ا ليها أم وا اخوات‪.‬‬
‫‪-‬يمكن راحت المركز‪.‬‬
‫ردت مكررة كلماته بسخرية‪:‬‬
‫‪-‬رااااحت المركز‪ ..‬آآآآ ‪ ..‬طيب‪.‬‬
‫‪-‬أصل تروح فين يع ي‪.‬‬
‫‪-‬انا اعرف بقى‪ ..‬بقولك إيه‪ ..‬خلى بالك‪ ..‬انا مش عارفة انت ازاي سايبها كد ‪.‬‬
‫‪-‬كد اللي و ازاي؟‬
‫‪-‬من ساعة ماجيت وانا شايفاك ا بتسألها رايحة فين وا جاية م ين‪ ..‬بتيجى متأخر‬
‫وت زل أي وقت ي عايزا وانت عادي كد ‪.‬‬
‫‪-‬شغلها ياماما‪.‬‬
‫‪-‬وانت جوز ا يا أسامة‪ ..‬جوز ا اللي أ م من شغلها د لو كل الوقت في شغلها فعا‪.‬‬
‫سأل والدته بشك‪:‬‬
‫‪-‬تقصدى ايه؟‬
‫أشاحت بيديها و ي تتظا ر بعدم اا تمام‪:‬‬
‫‪-‬أنا مالي‪ ..‬ا اقصد وا مقصدش‪ ..‬انت مش صغير‪.‬‬

‫خرج أسامة و و يفكر في كام والدته‪ ..‬على مدى خمس س وات سابقة ي مدة‬
‫زواجه لم يسأل م ى قَط عن موعد رجوعها أو وجهتها‪ ..‬تردد صوت بداخله"ما انت‬
‫مك تش بتسألها عشان ي طول عمر ا بتسبق وتقولك على كل تحركاتها من غير ما‬
‫انت تسأل"‪.‬‬

‫أدار محرك السيارة‪ ..‬لم يَ ُدر معه‪ ،‬جرب مرة أخرى بدون جدوى‪ ،‬نظر في ساعته وجد‬
‫أنه قد يتأخر على عمله‪.‬‬
‫نزل من السيارة وأغلقها‪ ..‬ووقف ي تظر تاكسي و و يردد بي ه وبين نفسه‪ ":‬اقيها م ين‬
‫وا م ين‪ ..‬وم ى دي كمان ايه حكايتها وكام ماما د تقصد بيه ايه‪ ..‬تكون شاكة في‬
‫حاجة ومش عايزة تقولِي"‪.‬‬

‫********************‬

‫دخلت والدة أسامة المطبخ‪ ..‬رتبته وأخرجت ما ت وي طهيه للغداء‪ ،‬ذ بت لباب‬
‫الشقة‪ ..‬أغلقته بالترباس‪ ،‬ثم دخلت حجرة نوم م ى‪ ..‬وقفت بر ه على الباب ت ظر‬
‫حولها لكل مكونات الغرفة من أثاث‪ .‬جلست على أحد طرفي السرير في الجهة التي‬
‫ت ام بها م ى‪ ،‬بدأت في تفتيش أدراج "الكومودي و" با تمام بالغ‪ ،‬لم تجد ما يثير‬
‫اا تمام‪ ..‬نهضت متجهه لدواب م ى‪ .‬ظلت تفتش ماظهر م ه وما بطن ولم تترك أي‬
‫جزء حتى بين طيات المابس فتشت فيه‪ ،‬كانت تبحث عن ٍ‬
‫دف محدد‪ ..‬لم تعر‬
‫محددا للغاية‪..‬‬
‫ً‬ ‫انتبا ا أية أوراق أو نقود أو ألبومات وجدتها أث اء بحثها‪ ،‬كان دفها‬
‫ي تبحث عن مقصد ا فقط‪ ..‬بين كل أغراض م ى لم تجد دفها‪.‬‬

‫جلست بر ة تفكر‪ ..‬ثم حسمت قرار ا بإعادة البحث‪ ،‬ولكن ذ المرة في أغراض‬
‫أسامة‪ .‬بدأت ب ـ "الكومودي و" كما فعلت م ذ قليل ولم تجد شيئًا‪ ..‬ذ بت للدواب‬
‫وبدأت البحث بين أرفف مابس أسامة‪.‬‬
‫في الرف اأخير وقبل أن ت تهي‪ ،‬وجدت في آخر وتحت محتوياته شريط أقراص‪،‬‬
‫شعرت أنها وجدت ضالتها الم شودة بالرغم أنها قلبت الشريط بيديها ولم تفهم م ه‬
‫شيئًا‪.‬‬

‫ابتسمت بانتصار ورددت بي ها وبين نفسها‪ ":‬أنا ك ت حاسة‪ ..‬ياعي ي عليك يا ب ي‬


‫وكمان مخبيا ف حاجتك ‪ ..‬أ م ك يا م ى يا مكارة‪ ..‬صحيح ياما تحت السا ي‬
‫دوا ي"‪.‬‬

‫أخذت شريط اأقراص معها في المطبخ‪ ..‬وضعته فوق الثاجة وبدأت في طهي الطعام‬
‫وانتظار أسامة‪.‬‬

‫********************‬

‫قبل المغرب بقليل‪ ..‬عادت م ى م هكة كل آمالها أن تلقي نفسها على سرير ا وتذ ب‬
‫في سبات عميق ا تفيق م ه إا بعد أيام‪ .‬شعرت بالجوع ع دما شمت رائحة الطعام‬
‫الشهي اآتية من المطبخ‪.‬‬
‫فورا لل وم‪ .‬تلفتت‬
‫سريعا وتذ ب ً‬
‫لحظات فتحها للباب وإغاقه تم ت أن ت هي طعامها ً‬
‫على صوت التليفزيون ووجدت حماتها تجلس تشا د أحد المسلسات‪ ..‬ألقت‬
‫التحية ولم تسمع رد ا‪.‬‬

‫دخلت حجرتها‪ ..‬كل شيء كما و‪ ..‬بدلت مابسها بأكثر مابس بيتها راحة‪..‬‬
‫كم تشتاق للراحة‪ ..‬طيلة الفترة الصباحية في المركز تت قل من سرير آخر لت عم بال وم‪،‬‬
‫ولك ها لم تقت ص سوى نوم متقطع يثير أعصابها أكثر مما كانت‪ ،‬حتى دبت الحركة‬
‫وازداد العمل وبدأت اانهماك في العمل وأصبح ا مجال للراحة‪.‬‬

‫انتهت من أخذ حمامها‪ ..‬ذ بت للمطبخ‪ ،‬وقفت أمام البوتاجاز‪ ،‬رفعت غطاء إحدى‬
‫الحلل‪ ،‬انتفضت على صوت حماتها خلفها تسألها‪:‬‬
‫‪-‬بتعملي إيه؟‬
‫وقبل أن تبتلع م ى لعابها أردفت حماتها قائلة‪:‬‬
‫‪-‬انتي مقلتيش انك جاية ع الغداء فمعملتش حسابك‪ ..‬مفيش غير غداء أسامة‪.‬‬
‫شعرت م ى بسخونة الدم في وج تيها من اإحراج‪ ،‬آخر ما كانت تتوقعه أن تتعرض‬
‫لمثل ذا الموقف‪ ..‬في بيتها‪.‬‬

‫تظا رت بالتماسك‪..‬‬
‫‪-‬أنا اتغديت خاص ‪ ..‬أنا ك ت بشوف لو حاجة عايزة تتحط في التاجة قبل ما انام‪.‬‬
‫‪-‬انتي ت امي؟‬
‫‪-‬أيوة‪ ..‬و أسامة فين؟‬
‫‪-‬لسه مجاش م الشغل‪.‬‬
‫‪-‬غريبة!‬
‫‪-‬ليه‪.‬؟‬
‫‪-‬أصل عربيِته راك ة تحت‪.‬‬
‫وردت والدته مذعورة‪:‬‬
‫‪-‬ايه؟؟ عربيته تحت وساكتة؟‬
‫خرجت مسرعة من المطبخ بي ما م ى تتعجب من رد فعلها المبالغ فيه‪ .‬تبعتها م ى‬
‫بهدوء‪ ..‬وجدتها تتصل بلهفة‪ ..‬است تجت أنها تتصل بأسامة‬
‫وبالفعل بعد قليل سمعتها‪:‬‬
‫‪-‬أيوة يا أسامة‪ ..‬إنت فين يا حبيبي؟؟ طيب أصل اتخضيت‪ ..‬أ الغدا جا ز سخن‬
‫حاا‪ ..‬مع السامة‪.‬‬
‫لك ً‬

‫أغلقت الخط وعادت إلى المطبخ متجا لة وجود م ى‪ ،‬سألتها م ى و ي تمر‬


‫بمحاذاتها‪:‬‬
‫‪ -‬و فين؟‬
‫‪-‬طالع ا و‪.‬‬
‫‪-‬كان فين؟‬
‫‪-‬في الشغل؟‬
‫‪-‬كان في الشغل وبعدين جه ؟‪ ..‬ولما ساب العربية راح فين؟‬
‫‪-‬العربية كانت عطانة ومخد اش‪.‬‬
‫‪-‬طيب‪ ..‬بعد إذنك‪.‬‬
‫دخلت م ى غرفتها‪ ..‬ألقت نفسها على سرير ا‪ ،‬وسمحت للدموع التي خ قتها بأن‬
‫تتحرر من عي يها‪.‬‬

‫سمعت صوت باب الشقة يُفتَح ويُغلَق‪ ،‬وصوت أسامة ووالدته‪ ..‬حتى اقترب أسامة من‬
‫ْ‬
‫باب غرفة ال وم‪ .‬فتح الباب ودخل وأغلقه خلفه‪ ..‬وبدون أن يلقي عليها التحية‪ ،‬سألها‬
‫مباشرة‪:‬‬
‫‪-‬ك تي فين طول اليوم يام ى؟‬
‫ردت دون أن تلتفت له ومازالت دموعها ت حدر‪:‬‬
‫‪-‬في الشغل‪.‬‬
‫‪-‬من الصبح بدري في الشغل‪.‬‬
‫‪-‬أيوة‪ ..‬ومش قادرة اعاتب وا اتكلم في اللي حصل يا أسامة‪ ..‬أنا تعبانة وعايزة انام‪.‬‬
‫شعر بصوتها مر ًقا‪ ..‬لم يكن سوى صوت مخت ق بالدموع ولك ه لم يلحظه‪.‬‬
‫بدل أسامة مابسه وخرج من الغرفة بهدوء‪.‬‬

‫********************‬

‫جلست والدة أسامة معه أث اء ت اوله الطعام‪ ،‬كانت مترددة بعض الشيء‪ ..‬فبادر ا‬
‫بالسؤال‪:‬‬
‫‪-‬مالك يا ماما‪ ..‬عايزة تقولي حاجة؟‬
‫ترددت‪ ..‬ثم أجابت‪:‬‬
‫‪-‬أيوة يا أسامة‪ ..‬أنا من زمان شاكة بس اتأكدت‪.‬‬

‫صباحا وكامها اآن‬


‫كاد أن يقف الطعام بحلقه‪ ..‬فقد ربط بين كامها ً‬
‫أيضا‬
‫ماذا تقصد؟؟ وما ي تلك الشكوك؟؟حبه لم ى مازال كما و‪ ،‬وثقته بها ً‬
‫ماذا لو كانت ااست تاجات حقيقة؟‬
‫قليا من الماء‪ ،‬وبصوت يخشى أن تتحول أفكار‬
‫ازدرد طعامه بصعوبة‪ ..‬وت اول ً‬
‫حقيقة‪:‬‬
‫‪-‬اتأكدتي من ايه؟ وازاي؟‬
‫قليا‪ ..‬و مست له‪:‬‬
‫مالت والدته عليه ً‬
‫‪-‬مراتك مش ُمريحة‪ ..‬مفيش ست تفضل متجوزة ‪ 1‬س ين ومحبلتش و ي كمان‬
‫دكتورة نساء‪.‬‬
‫اطمأن أسامة أن است تاجه مجرد اجس ووسوسة شيطان‪ ،‬ابتسم لوالدته مطمئًِا لها‬
‫وأكمل طعامه‪:‬‬
‫‪-‬كل شيء نصيب ياماما‪ ..‬ي دكتورة آ بس الحمل د بتاع رب ا‪.‬‬
‫أعادت كامها مرة أخرى ب فس اللهجة التحذيرية‪:‬‬
‫‪-‬أنا اتأكدت انها قاصدة متخلفش م ك‪ ..‬وانا ثبتلك‪.‬‬

‫نهضت من مكانها‪ ..‬دخلت المطبخ وعادت بعد دقائق بشريط اأقراص ومدت يديها‬
‫به أسامة‪:‬‬
‫‪-‬أ و‪ ..‬بتاخد حاجة تم ع الحمل من وراك‪.‬‬
‫بمجرد أن وقع نظر أسامة على اأقراص‪ ..‬ب واق ًفا و و يأخذ م م ها‪:‬‬
‫‪-‬إيه د ‪ ..‬لقيتي د فين؟‬
‫ذعرت اأم من لهجة اب ها الحادة‪ ..‬أسامة العصبي مع كل ال اس كان يضبط أعصابه‬
‫ع دما يتعلق اأمر بوالدته‪ ..‬ماذا حدث اليوم ليتبدل حاله؟!‬
‫ردت باستغراب في نفس الوقت الذي جاءت م ى جريًا على صوته‪.‬‬
‫اأم‪ :‬انت بتزعقلي؟!‬
‫م ى‪ :‬فيه ايه؟‬
‫صاح أسامة و و يلقي باأقراص على اأرض‪:‬‬
‫‪-‬جبتي د م ين؟؟ بتعملى فيا كد ليه؟!‬
‫ردت والدته و ي تبكي‪:‬‬
‫‪-‬بتحاميلها عشان معرفش الحقيقة‪ ..‬بتعمل كد في امك يا أسامة‪ ..‬يا خسارة تعبي‬
‫وشقايا وشبابى اللي ضحيت بيه علشانك انت واختك‪.‬‬
‫لم يرد أسامة وقبل أن تكمل حديثها كان دخل حجرته وبدل مابسه في سرعة البرق‪.‬‬
‫أما م ى فبعد أن وقعت عي ا ا على اأقراص‪ ..‬وكل ما يمر حولها بسرعة في ِظل‬
‫إر اقها يجعلها تأخذ وقتًا استيعاب ما يحدث حولها‪ .‬بعد أن ت اولت اأقراص من‬
‫دفعا من غرفة ال وم حتى الباب‬
‫على اأرض‪ ،‬وجدت أسامة يخرج م ً‬
‫لحقته م ى و ي ت ادي عليه متلهفة‪:‬‬
‫‪-‬است ى يا أسامة‪ ..‬است ى عايزاك‪.‬‬
‫لم تفلح كلماتها في استيقافه‪ ..‬بي ما كانت والدته صوتها يعلو من الغرفة و ي تبكي‬
‫وت دب حظها العاثر باب ها الذي ثار لزوجته وأغضب والدته‪.‬‬
‫ذ بت م ى لمحاولة تهدئتها‪ ..‬وجدتها حزمت حقيبة مابسها‪.‬‬
‫‪-‬أنا بعت البواب ياخد الش طة‪ ..‬مش قاعدة لكم‪ ..‬بكرة تبقي لوحدك زيي كد‬
‫ومتاقيش حد يسأل فيكي‪.‬‬
‫ردت م ى بألم‪:‬‬
‫‪-‬ليه كد ؟؟انا عملت ايه بس‪.‬‬
‫‪-‬قلبتي اب ي عليا م ك ه‪ ..‬اب ي عمر ما زعق في وشي كد وا كان حتى بيرد عليا‪..‬‬
‫نزلتي الصبح ياعالم ُرحتي فين وعملتي ايه رجعتي الواد اتبدِل‪.‬‬
‫‪-‬استغفر اه العظيم يارب‪ ..‬روح فين بس أنا نزلت عشان مكبرش المشكلة‪ ..‬اطم ى‬
‫اب ك قالهالي صريحة لو اخترت ختار امي وانا مش بخير بي ي وبي ك‪ ..‬أنا معرفش‬
‫الشيطان اللي دخل بي ا د ايه‪.‬‬
‫‪-‬ااااا ‪ ..‬الشيطان‪ ..‬طيب ياختي الشيطان اللي تقصديه سايبلك البيت‪.‬‬
‫ردت م ى بسرعة مصححة ما لم تقصد ‪:‬‬
‫‪-‬واه ما اقصد كد خالص‪ ..‬أنا قصدي شيطان ساعة زعل يع ي‪.‬‬
‫‪-‬بت انتي‪..‬‬
‫‪-‬بت؟؟!!‬
‫‪-‬غلطت في الست الدكتورة‪ ..‬طيب يا دكتورة‪ ..‬اشبعي بيه وانا غضبانة عليكم انتم‬
‫اات ين‪.‬‬
‫ردا‪ .‬فتحت الباب وتركته وراء ا‬
‫اتجهت والدة أسامة للباب بسرعة دون أن ت تظر ً‬
‫مفتوحا‪ .‬جلست م ى تفكر فيما حدث وما ستجر إليها اأيام التالية‪ .‬بعد دقائق‬
‫ً‬
‫سمعت رنين الجرس‪ ..‬نظرت للباب المفتوح وجدت البواب‪:‬‬
‫‪-‬الش طة بتاعة الحاجة؟‬
‫شاورت له م ى بأن يتقدم ويأخذ ا من الرد ة‪ ..‬غادر البواب ونهضت م ى وأغلقت‬
‫الباب خلفه‪.‬‬

‫دخلت غرفتها‪ ..‬بحثت عن مسكن للصداع الذي تعانيه من اإر اق وقلة ال وم‪..‬‬
‫سا عمي ًقا بعد أن قررت أن تتصل بأسامة‬
‫وجدت المسكن‪ ..‬ت اولته‪ ،‬ثم أخذت نف ً‬
‫لتعرف أين ذ ب وتخبر بمغادرة والدته‪.‬‬
‫اتصلت‪ ..‬بعد أول جرس رنين‪ ،‬أغلق المكالمة في وجهها وأغلق الهاتف كله‬
‫مما زاد من قلقها‪ ..‬من المستقبل القريب‪.‬‬

‫ُ‪َ4‬‬

‫استيقظت لميس على صوت أم خالد‪:‬‬


‫‪-‬لميس‪ ..‬قومى يا لميس بقي ا المغرب‪.‬‬
‫ردت لميس من تحت وسادتها‪:‬‬
‫‪-‬بتصحي ي ليه‪ ..‬سيبي ي انام‪.‬‬
‫‪-‬بقي ا المغرب قومي رب ا يهديكي‪.‬‬
‫أزاحت لميس الوسادة من على رأسها‪ ..‬ونظرت أم خالد‪:‬‬
‫‪-‬رب ا يهدي ي؟؟ أنا مش عارفة انتي حطاني في دماغك ليه؟‬
‫ضحكت أم خالد و ي ترتب السرير بعد أن نهضت لميس‪:‬‬
‫‪-‬وانا ليا مين غيرك دلوقتي اخلِي بالي م ه واخاف عليه‪ ..‬اأول ك ت ملبوخة بعيالي‬
‫وشايلة مهم‪ ..‬دلوقتي فضيت لك‪.‬‬
‫رجعت لها لميس مرة أخرى بعد أن كانت اقتربت من الباب‪:‬‬
‫‪-‬تصدقي‪ ..‬انتي أي عم بتخ قي ي بس لما ك تي بتروحي بيتك ك تي بتوحشي ي وانا‬
‫دلوقتي مبسوطة أكتر لما بقيتي قاعدة معانا على طول‪.‬‬
‫ضمتها أم خالد ضمة حانية‪:‬‬
‫‪-‬إنتي روح قلبى يا لميس‪ ..‬يا ب تي انا خايفة على صحتك‪ ..‬زمان ك ا ب ام بدري‬
‫وب صحى بدري وب اكل أكل طبيعي كانت صحت ا كويسة‪ ..‬انما انتوا زمانكم د باأكل‬
‫اللي بتاكلو د بيخليكم شوية برد يرقدوكم‪.‬‬
‫‪-‬متخافيش عليا‪ ..‬دخل الحمام واعمليلي شوية "شوكوبوبس" بلبن ساقع‪.‬‬
‫‪-‬شوكوبوبس ايه‪ ..‬بقولك اح ا المغرب‪ ..‬أنا حضرلك الغدا تتغدي مع مامتك‪.‬‬
‫‪ -‬ى ماما متغديتش لحد دلوقتي؟‬
‫‪-‬وا باباكي اتغدى‪ ..‬واتصل قال جاي فقلت اصحيكي تتغدوا انتوا التاتة مع بعض‪.‬‬
‫‪-‬ي فع كد يع ي‪ ..‬فضل ابوسك كل شوية‪.‬‬
‫قبلتها لميس بفرحة وأكملت‪:‬‬
‫‪-‬كويس أووووي انك صحتي ي أنا عايزة بابي ضروري‪.‬‬

‫أث اء جلوس حسن ونادين ولميس على الغداء في بداية المساء‪ ،‬كان اإر اق باديًا‬
‫على وجه حسن وعي ه تكاد تكون مغلقة‪ ،‬سألته نادين بقلق‪:‬‬
‫‪-‬حسن‪ ..‬مالك انت مش قادر تفتح عي يك؟‬
‫‪ -‬موت وانام يا نادين‪ ..‬تعبان أوي‪.‬‬
‫‪-‬يا حبيبي‪ ..‬إنت فعا الليلة اللي فاتت ملحقتش ت ام‪ ..‬اتغدى وقوم نام‪.‬‬
‫‪-‬ع دي مواعيد في المركز مي فعش‪.‬‬
‫‪-‬اتأخر‪ ..‬يحصل ايه يع ي‪ ..‬أو حد يكشف عليهم‪ ..‬م ى فين؟‬
‫‪-‬م ى مشيِت قبل ما امشي بشوية‪ ..‬ي كمان تعبانة وقالت مش جاية ال هاردة‪.‬‬
‫لميس تتابع حديثهما بهدوء و ي تت اول الطعام‪:‬‬
‫‪ -‬ي م ى مالها يا حسن؟‬
‫‪-‬حماتها عاملة معا ا مشاكل وقلتلها اتدخل واكلم أسامة قالت ا‪.‬‬
‫‪-‬اأحسن انك متتدخلش إا لو طلبت م ك‪.‬‬
‫حسن و و يوجه حديثه للميس‪:‬‬
‫‪-‬مالك؟؟ ساكتة ليه؟‬
‫‪-‬مست ية لما تفضى لي يابابي‪.‬‬
‫نظر حسن ل ادين نظرة عتاب‪ ..‬فهمتها نادين فردت على لميس وكأنها ت في عن نفسها‬
‫التهمة التي وجهها لها حسن ب ظرته‪:‬‬
‫‪-‬ليه يا لميس‪ ..‬بابي ا و معانا وكل ما بيكون فاضي بيبقى معانا‪.‬‬
‫‪-‬يع ي سافر امتى؟‬
‫نظرت نادين لحسن ثم نظرت للطبق و ي تت اول م ه الطعام‪ ..‬بعد أن ألقت الرد بين‬
‫يدي حسن ‪.‬‬
‫رد حسن على لميس‪:‬‬
‫‪-‬ان شاءاه قريب‪.‬‬
‫‪-‬امتى يع ي؟‬
‫‪-‬مش عارف يا لميس‪ ..‬لو عايزين تسافروا انتوا سافروا‪.‬‬
‫ردت نادين‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪-‬مش ي فع اسيبك لوحدك‪.‬‬
‫ردت عليها لميس‪:‬‬
‫ليه يامامي‪ ..‬ما اح ا كتير ب سافر لوحدنا‪.‬‬
‫‪-‬مش ي فع اليومين دول يا لميس‪ ..‬إا لو سافرنا كل ا مع بعض‪.‬‬
‫لميس مستاءة‪:‬‬
‫‪-‬يع ي ايه‪ ..‬ا عارفين نسافر مع بعض وا انا وانتي؟‬
‫‪-‬لولو حبيبتي‪ ..‬في أقرب وقت حاول اظبط شغل المركز مع م ى ونسافر‪.‬‬
‫أنهى حديثه و و ي هض م تهيًا من طعامه‪ ،‬تبعته نادين‪ ،‬فاستوقفتها لميس‪:‬‬
‫‪ -‬تيجي معايا ال ادي وا اروح لوحدي؟‬
‫‪ -‬روح بس مش دلوقتى‪ ..‬لما بابا ي زل‪.‬‬
‫‪-‬وانا لسه ست ى لما ي ام ويقوم ون زل‪ ..‬أنا متقفة مع وعد روح الساعة ‪ 8‬بالكتير‪.‬‬
‫‪-‬است ي شوية الدنيا مش تطير‪.‬‬

‫جالسا على الك بة مسِ ًدا رأسه‬


‫تركتها ودخلت غرفتها‪ ..‬وجدت حسن مازال بمابسه‪ً ،‬‬
‫نائما‪ ،‬لمسته بهدوء لتوقظه‪:‬‬
‫للخلف‪ ،‬اقتربت م ه وجدته ً‬
‫‪-‬حسن‪ ..‬قوم يا حبيبي غير دومك ونام شوية‪.‬‬
‫استيقظ حسن و و يحاول إفاقة نفسه‪:‬‬
‫‪-‬قولي ام خالد تعملي كوباية قهوة يا نادين لو سمحتي‪.‬‬
‫‪-‬مش ت ام؟‬
‫‪-‬ا‪ ..‬شرب القهوة واخد دش كد يفوق ي والبس وانزل‪.‬‬
‫‪-‬يا حسن حرام عليك صحتك يا حبيبي‪.‬‬
‫‪-‬ما انا فعا مش قادر‪ ..‬حاول اخد الكشوفات المهمة واخلص بدري واجي انام‪.‬‬
‫‪-‬وافرض جت أي حالة مستعجلة‪.‬‬
‫‪-‬يبقى أمري ه عمل ايه‪ ..‬رب ا يستر ومتجيش أي حاات ال هاردة‪.‬‬
‫‪-‬طيب انا عملك القهوة‪ ..‬أجيبهالك ا وا ف المكتب‪.‬‬
‫‪-‬ف المكتب‪.‬‬

‫خرجت نادين من غرفتها واتجهت للمطبخ‪ ،‬تبعتها لميس وحدثتها و ي تعد القهوة‪:‬‬
‫‪ -‬ت زلي معايا؟‬
‫‪-‬مش دلوقتي يا لميس‪.‬‬
‫‪-‬طيب انا افضل قاعدة اعمل ايه‪ ..‬وعد كلمت ي ورايحة دلوقتي‪ ..‬أروح معا ا؟؟‬
‫‪-‬مين يوديها؟‬
‫‪-‬وائل اخو ا يوصلها‪ ..‬أخليهم يعدوا عليا‪.‬‬
‫ردت نادين بضيق‪:‬‬
‫‪-‬طيب يا لميس‪ ..‬كفاية زن بقى‪.‬‬

‫دخلت أم خالد المطبخ‪:‬‬


‫‪-‬أعمل القهوة للدكتور يا مدام؟‬
‫‪-‬أ يا ام خالد‪ ..‬أنا عملتهاله خاص‪ ..‬لمييييس معاكي فلوس؟‬
‫‪-‬أ‪.‬‬
‫‪-‬طيب روحي خدي من ش طتي‪ ..‬متقلقيش بابا دلوقتي‪.‬‬
‫‪-‬ميرسي يامامي‪.‬‬

‫دخلت نادين بالقهوة مكتب حسن‪ ..‬لم يكن أنهى حمامه بعد‪ ،‬وضعت القهوة على‬
‫المكتب وجلست ت تظر ‪ ..‬دقائق ودخل حسن‪ ..‬جلس على المكتب‪ ،‬نظرت له نادين‬
‫بإشفاق وسألته‪:‬‬
‫‪-‬فوقت؟‬
‫‪-‬شوية‪.‬‬
‫‪-‬أنا عملتلك القهوة تقيلة عشان تفوقك شوية‪.‬‬
‫‪-‬تسلم إيدك يا حبيبتي‪.‬‬
‫سمعا صوت باب الشقة يُغلق‪ ..‬سألها‪:‬‬
‫‪َ -‬حد جاي لك؟‬
‫‪-‬أ أكيد لميس نزلت‪ ..‬راحت ال ادي‪.‬‬
‫‪-‬إنتي نازلة؟‬
‫‪-‬أ ومش تأخر إن شاءاه‪.‬‬
‫صمتت لحظات وسألته برجاء‪:‬‬
‫‪-‬حسن‪ ..‬ماباش ت زل ال هاردة‪.‬‬
‫‪-‬ليه؟ ي أول مرة ابقى مر ق واشتغل؟‬
‫‪-‬انت بقالك كام يوم نومك قليل أوي وامبارح ملحقتش ت ام ‪ 3‬ساعات على بعض‪..‬‬
‫حقك ترتاح‪.‬‬
‫‪-‬متقلقيش يا حبيبتي‪.‬‬
‫نهضت نادين مستسلمة‪.‬‬
‫‪ -‬سيبك لو عايز تقرأ وا حاجة‪ ..‬لو عايزني ف حاجة أنا قاعدة بر ‪.‬‬
‫‪-‬رب ا يخليكى ليا يا أحن إنسانة في الدنيا كلها‪.‬‬
‫‪-‬رب ا يخليك انت لي ا ويقويك‪.‬‬
‫‪-‬يع ي خاص مش زعانة م ي ومقدرة انشغالي ع كم‪.‬‬
‫‪-‬أنا مقدرش ازعل م ك يا حسن‪ ..‬أنا مليش غيرك في الدنيا‪ ،‬إنت ولميس‪.‬‬
‫ابتسم لها حسن‪ ..‬أرسلت له قُبلة و ي تغادر المكتب‪.‬‬
‫‪-‬مش عطلك أكتر من كد ‪.‬‬
‫********************‬

‫وصلت لميس ال ادي مع صديقتها وعد‪ .‬اتجهتا للكافتيريا‪ ..‬وعي ا ما تبحث في كل‬
‫مكان‪ ،‬أشارت وعد بيد ا نحو إحدى الطاوات‪:‬‬
‫‪-‬أحمد موجود ا و‪.‬‬

‫اتجهتا نحو أحمد؛ شاب نحيف وطويل يجلس مع فتاة‪.‬‬


‫أحمد صديق مشترك لوعد ولميس م ذ ثاث س وات‪ ،‬ولكن في الس ة اأخيرة تطورت‬
‫الصداقة بين أحمد ولميس‪ ،‬حتى صارحها بإعجابه بها وحبه لها‪ ..‬لميس ذات اأربعة‬
‫ربيعا والتي تخطو أولى خطواتها نحو المرا قة بمشاعر طبيعية‬
‫عشر ً‬
‫كلمات أحمد بال سبة لها كانت ك سمة رقيقة بت في صحراء قلبها الذي كان يتوق‬
‫للحب ومشاعر بصفة عامة‪ .‬وجود أحمد في حياتها وتقربه م ها أوجد في حياتها‬
‫وقلبها مكانًا له‪ ،‬لم تكن لديها أية محاوات لصد ذا الحب وا التفكير في مصير ‪.‬‬
‫أحمد الذي يكبر ا بثاث س وات والذي أتم عامه السابع عشر م ذ شهر مضى‪ ،‬ترا‬
‫مثاا للحب‪ ،‬وترى في تفاني‬
‫الرجل الذي ستكمل حياتها معه‪ ،‬تأخذ حب والديها ً‬
‫نموذجا يُحت َذى به في أية‬
‫ً‬ ‫والدتها في حب والد ا وطاعتها له والعمل على إسعاد‬
‫عاقة ناجحة‪.‬‬

‫ع دما رأت تلك الفتاة التي ا تعرفها تجلس مع أحمد دبت الغيرة في قلبها وانعكست‬
‫رغما ع ها‪ .‬اقتربت لميس ووعد من الطاولة‬
‫مشاعر ا على مامح وجهها‪ ..‬فعبست ً‬
‫التي يجلس عليها أحمد ورفيقته‪ ،‬ع دما رآ ما تهللت أسارير وقال ُمر ِحبًا‪:‬‬
‫‪-‬اتأخرتوا ليه؟‬
‫نظرتا للفتاة اأخرى بتعجب‪ ..‬فبادر ما أحمد‪:‬‬
‫‪-‬تعالوا اعرفكم على لب ى صاحبتي معايا في درس العربي‪ ..‬لميس ووعد صاحباتي‪.‬‬
‫جميعا‪ ..‬التزمت لميس الصمت من ضيقها‪ ..‬لم تبدأ بفتح أي حوار كانت‬
‫جلسوا ً‬
‫تكتفي بالرد المختصر فقط‪ ،‬وبعد نصف ساعة ثقيلة على لميس استأذنت لب ى في‬
‫اانصراف ونهض معها أحمد ليوصلها حتى باب ال ادي‪.‬‬

‫بعد انصراف أحمد ولب ى‪ ،‬بدأت وعد حديثها‪:‬‬


‫‪-‬ايه البوز د يا ب تي‪ ..‬مش كد ‪.‬‬
‫‪-‬إنتي مش شايفة يع ي قاعد مع واحدة ويقولِي صاحبته وقايم يوصلها‪.‬‬
‫‪-‬عادي يا لولو ما اح ا لي ا اصحاب‪.‬‬
‫‪-‬أيوة بس من يوم ما ارتبط ا وانا مبقعدش مع حد لوحدي عشان ميتضايقش و كمان‬
‫المفروض يعمل زيي‪.‬‬
‫صمتت وعد بعد أن عجزت عن الرد‪.‬‬

‫عاد أحمد بعد قليل‪ ..‬جلس معهم وسأل لميس‪:‬‬


‫‪-‬مالِك؟‬
‫‪-‬انت مش عارف مالي يع ي‪.‬‬
‫أُحرجت وعد فاستأذنت‪ ":‬أنا روح لوسام اختي اشوفها ي زمانها ع د ا تمرين"‪.‬‬
‫انصرفت قبل ان يرد أحد ما عليها‪.‬‬
‫كرر أحمد سؤاله للميس‪:‬‬
‫‪-‬مالك‪ ..‬وايوة مش عارف في ايه‪ ..‬انتي مكلماني لما صحيتي وك تي عادية مفيش‬
‫حاجة‪.‬‬
‫‪-‬مين دي اللي قاعد معا ا‪.‬‬
‫‪-‬ما انا قلتلك صاحبتي في الدرس‪.‬‬
‫‪-‬درس ايه يا احمد‪ ..‬و انت لسه بدأت دروس؟‬
‫‪-‬درس العربي الس ة اللي فاتت و اخد درس مع بعض الس ة دي كمان‪.‬‬
‫‪-‬مقلتليش يع ي ان ليك صاحبات من الدروس‪.‬‬
‫‪-‬عادي‪ ..‬انتي عارفة ان أي مكان بكون فيه بيكون ليا اصحاب‪.‬‬
‫‪-‬أصحاب مش صاحبات‪.‬‬
‫‪-‬أصحاب أو صاحبات‪ ..‬تفرق ف ايه يع ي‪.‬‬
‫‪-‬اشمع ى انا بتقولي مكلمش واد‪.‬‬
‫‪-‬ا مقلتش متتكلميش‪ ..‬اتكلمي ف حدود ضيقة أوي‪.‬‬
‫‪-‬اشمع ى انت بتتكلم ف حدود واسعة أوي‪.‬‬
‫‪-‬أنا بغير عليكي‪.‬‬
‫‪-‬يع ي انا مبغيرش؟!‬
‫‪-‬آنا مبحبش حد يقولِي اعمل إيه ومعملش إيه يا لميس وانتي عارفة ان ليا اصحاب‬
‫كتير ومش م ع نفسي م هم ولسه يبقى ع دي اصحاب أكتر لما ادخل الجامعة‬
‫ومبحبش حبيبتي يكون ليها اصحاب واد‪ ..‬ع دك أي اعتراض؟‬
‫صمتت لميس و ي مستاءة من سياسة اأمر الواقع‪.‬‬
‫قائا و و يتركها بمفرد ا‪:‬‬
‫نظر لها أحمد وأردف ً‬
‫‪-‬خليكي مبوزة كد ‪ ..‬أنا ايه اللي يقعدني معاكي بال كد د ‪.‬‬
‫نظرت له لميس وعاتبته وصوتها مخت ق بالعبرات‪:‬‬
‫‪-‬أنا نزلت مخصوص ومست يتش مامي عشان اجي اقعد معاك‪ ..‬تقوم تسيب ي وتمشي‪.‬‬
‫عاد أحمد مرة أخرى وجلس معها‪:‬‬
‫‪-‬خاص يا لميس‪ ..‬بس متكرريهاش تاني‪ ..‬أنا مبحبش حد يبقى وصي عليا‪ ..‬د بابا‬
‫معملهاش معايا تعمليها انتي‪.‬‬
‫‪-‬خاص أنا أسفة‪ ..‬متزعلش م ي‪.‬‬
‫‪-‬خاص مفيش حاجة‪ ..‬عملتي ايه ف السفر‪.‬‬
‫‪-‬بابي مش فاضي ومقالش معاد محدد‪.‬‬

‫أقبلت عليهما وعد وجلست و ي تقول‪:‬‬


‫‪-‬لسه مخلصتش التمرين‪.‬‬
‫نظرت وعد لكل من أحمد ولميس‪ ..‬وسألتهما‪:‬‬
‫‪-‬مالكم‪ ..‬متخانقين وا ايه؟‬
‫رد أحمد‪:‬‬
‫يأجلوا سفرنا ماري ا شوية م فعش‪ ..‬وأساسا‬
‫‪-‬أنا عملت اللي عليا‪ ..‬حاولت اخليهم ّ‬
‫ك ا صيف في شرم الس ة دي بس انا أق عتهم نروح ماري ا عشان لميس‪ ..‬تيجي‬
‫الهانم وتقولِي أنا مش عارفة يسافروا امتى‪ ..‬يع ي على ما اح ا نروح ونرجع تكون ي‬
‫لسه تسافر وبدل ما نقضي الصيف مع بعض يبقى كل واحد ف حتة‪.‬‬
‫لميس مبررة موقفها‪:‬‬
‫‪-‬اعمل ايه طيب‪ ..‬حاولت اق ع مامي نسافر اح ا م فعش‪ ..‬وبابي وعدني انه يفضى‬
‫نفسه ومحددش‪.‬‬
‫‪-‬اشمع ي المرة دي مش عايزة تسافر معاكي؟‬
‫‪-‬أكيد عشان عيد مياد بابي قرب‪ ..‬ي قالت لو ك ا سافر كل ا مع بعض ماشي‬
‫إنما لو اح ا لوحدنا يبقى نست ى شوية فانا فهمت ي مش عازة تسافر ليه‪.‬‬
‫‪-‬مش مشكلتي دي بقى‪ ..‬أنا عملت اللي عليا وغيرت مصيف الس ة دي‪.‬‬
‫عقبت وعد على كامهما قائلة‪:‬‬
‫‪-‬أنا ع دي فكرة‪.‬‬
‫انتبها لها م تظرين سماع فكرتها‪ ..‬فأكملت‪:‬‬
‫‪-‬اح ا مسافرين اأسبوع الجاي‪ ..‬لميس تسافر معانا وط ط تبقى تحصل ا براحتها‪.‬‬
‫أحمد‪ :‬قشطة ج ًدا‪.‬‬
‫لميس‪ :‬تفتكرى مامي توافق؟‬
‫أحمد يزفر ب فاد صبر‪:‬‬
‫ضي المصيف مع‬
‫‪-‬أ بقى كد كتير‪ ..‬إنتي مش قادرة تق عيها بحاجة أب ًدا‪ ..‬عايزين نق ّ‬
‫بعض‪.‬‬
‫لميس‪ :‬حاول اق عها ويارب توافق‪.‬‬
‫وعد‪ :‬لما تيجي قولها ولو رفضت خلِي ماما تحاول معا ا كمان‪.‬‬

‫*********************‬

‫بعد عودة نادين ولميس من ال ادي‪ ..‬دخلت لميس خلف نادين غرفتها وسألتها‪:‬‬
‫‪ -‬ااا‪ ..‬قلتى ايه؟؟ أحضر نفسى؟‬
‫‪-‬لميس‪ ..‬انتي بقيتي زنانة كد ليه‪ ..‬بقيتي اُوفر‪.‬‬
‫‪-‬مامي حبيبتي‪ ،‬أنا ز قانة ومش معقول‪..‬‬
‫قاطعتها نادين‪:‬‬
‫‪-‬ز قانة من ايه‪ ..‬إنتي ع دك كل وسائل الترفيه وتقوليلي ز قانة‪ ..‬احمدي رب ا يا لميس‬
‫أنا مبحبش كد ‪.‬‬
‫‪-‬الحمده واه مقلتش حاجة‪ ..‬بس يرضيكي يع ي اصحابي يسافروا يصيفوا وانا ابقى‬
‫قاعدة ا محبوسة في البيت وعلى ما بابي يفضى يكون اصحابي رجعوا واروح انا ابقى‬
‫لوحدي اك‪.‬‬
‫‪-‬إشمع ى الس ة دي انتي مصممة نسافر‪ ..‬كل س ة عيلة وعد بيسبقونا واح ا‬
‫ب حصلهم‪.‬‬
‫‪-‬مامي انتي مش عايزة تسافري عشان عيد مياد بابي؟‬
‫‪-‬أيوة‪.‬‬
‫‪-‬وإذا كان و مش فاضي وممكن ي سى؟!‬
‫‪-‬ي سى براحته‪ ..‬انا مقدرش انسى وازم احتفل بيه زي كل س ة‪.‬‬
‫نظرت لميس ل ادين وسألتها بابتسامة‪:‬‬
‫‪-‬بتحبيه أوي كد ؟‬
‫ت هدت نادين و ي ت ظر لصورتها مع حسن‪:‬‬
‫‪-‬بحبه!!‪ ..‬طبعا‪ ..‬حسن يبقى حبيبي وجوزي ِ‬
‫وعشرة عمري‪.‬‬
‫صمتت لحظات وأردفت ب برة حزي ة‪:‬‬
‫‪-‬بس لو كان يدي ي شوية من وقته بدل شغله ما و اخد م ي كد ك ت بقى ف‬
‫م تهى السعادة‪.‬‬
‫سألتها لميس للمرة العديدة فوق المائة‪:‬‬
‫‪ -‬ااا‪ ..‬روح معا م‪ ..‬أحضر نفسى؟؟‬
‫‪-‬خاص يا لميس‪ ..‬لما استأذن بابا‪ ..‬ي الساعة كام؟‬
‫نظرت في الساعة فسبقتها لميس باإجابة‪:‬‬
‫‪ 12-‬وربع‪.‬‬
‫أخرجت نادين اتفها من حقيبتها‪:‬‬
‫‪-‬شفتي‪ ..‬مفيش فايدة‪ ..‬تعبان ونازل بالعافية وقال مش يتأخر والشغل أخد محسش‬
‫ب فسه والساعة داخلة على واحدة‪.‬‬

‫أردفت بعد قليل‪:‬‬


‫‪-‬التليفون مقفول‪ ..‬يبقى أكيد جت له وادة مستعجلة‪.‬‬
‫نهضت لميس‪:‬‬
‫‪-‬يبقى يتأخر طبعا‪ ..‬ولما يتأخر مي فعش اتكلم معا وبي زل الصبح وانا نايمة‪ ..‬أخد‬
‫الرد ازاي انا دلوقتي؟‬
‫‪ -‬تكلم معا الصبح واقولك‪ ..‬ت امي؟‬
‫‪-‬ا‪ ..‬قعد ع ال ت شوية‪.‬‬

‫قبل أن تخرج لميس من الغرفة‪ ..‬فتحت أم خالد الباب فجأة دون استئذان‪..‬‬
‫وتحدثت بفزع‪:‬‬
‫‪-‬ارفعي السماعة يا مدام‪ ..‬ردي ع التليفون‪.‬‬
‫سألتها نادين باستغراب‪:‬‬
‫‪-‬مين؟‬
‫تلعثمت أم خالد و ي تجيبها‪:‬‬
‫‪-‬ب‪ ..‬بيق‪ ..‬بيقول‪ ..‬مستشفى‪.‬‬
‫رددت نادين و ي ترفع سماعة التليفون اأرضي بقلق‬
‫‪-‬قصدك المركز ع د حسن يع ى؟‪ ..‬آلو‪ ..‬أيوة أنا مدام دكتور حسن‪.‬‬
‫صرخت نادين و ي تسأل الطرف اآخر‪:‬‬
‫‪-‬حادثة!!! حصل له ايه؟؟ أرجوك قولِي الحقيقة و حصل له حاجة؟‬
‫بدأت الدموع ت همر من عي ي لميس و ي تسألها‪:‬‬
‫‪-‬بابى؟؟ ماله؟؟‬
‫ردت نادين على محدثها وسط بكائها‪:‬‬
‫حاا‪ ..‬مسافة السكة‪ ..‬مع السامة‪.‬‬
‫‪ً -‬‬
‫لم تكن قد بدلت مابسها بعد‪ ..‬أخذت حقيبتها وركضت ولميس وأم خالد خلفها‬
‫و ي تردد‪" :‬يارب اكون في كابوس‪ ..‬يارب ميكونش د كله بجد‪ ..‬أنا مقدرش اعيش‬
‫غير ‪ ..‬أنا ممكن اموت لو جراله حاجة"‪.‬‬
‫من ُ‬

‫ُ‪َ1‬‬

‫قضت م ى ساعتين بعد نزول أسامة مابين ااتصال به رغم إغاقه الهاتف وبين انتظار‬
‫تماما وجلست ت تظر على السرير ف امت رغما ع ها‬ ‫في الشرفة‪ ،‬حتى أنهكها التعب ً‬
‫ورغم قلقها‪ ،‬استيقظت ف ِزعة على صوت لم تتبي ه في البداية وبعد تركيز أيق ت أنه‬
‫صوت زفة سيارات في الشارع‪ .‬نهضت متباطئة و ي ت ظر في الساعة وجدتها تخطت‬
‫م تصف الليل ب صف ساعة فلم تشعر ب فسها وا بالوقت في الساعات الماضية‪.‬‬
‫بحثت في الشقة على أمل أن تجد أسامة قد عاد ولم تسمعه‪،‬‬
‫فلم تجد ‪ ..‬أعادت ااتصال به وكانت ال تيجة كسابقاتها؛ الهاتف مغلق‪.‬‬

‫ظلت تفكر فيم يمكن أن يكون حدث‪ ..‬أو أين ذ ب‪ ..‬سيارته معطلة‪ ..‬والدته تشاجر‬
‫معها‪ ..‬شقيقته في السعودية مع زوجها‪ ..‬ترى أين ذ ب؟؟ ظل لسانها يدعو اه أن‬
‫سالما ويطمئن قلبها عليه‪.‬‬
‫يعود ً‬
‫وقفت في الشرفة ت تظر ‪ ..‬تأخر الوقت وتألمت قدما ا من اانتظار‪ ،‬زغللت عي ا ا من‬
‫البحث بين المارة تارة وبين سيارات اأجرة التي تمر في الشارع تارة أخرى‪.‬‬
‫شعرت بالصداع‪ ..‬عادت للسرير مرة أخرى‪ ،‬متم ية أن تطمئن حتى تستطيع أن ت ام‪.‬‬
‫حدثَت نفسها‪:‬‬
‫‪ -‬و انا كل ما اجي انام تحصل حاجة‪ ..‬دماغي ت فجر‪.‬‬
‫بعد قليل وأث اء تفكير ا‪ ،‬سمعت صوت باب الشقة‪ ،‬ابتسمت مطمئ ة أن أسامة عاد‬
‫وبخير‪ .‬انتظرت مكانها وتظا رت بال وم لترى ماذا سيفعل‪.‬‬

‫قليا قبل وصوله لغرفة ال وم فأيق ت أنه دخل‬


‫سمعت وقع خطواته في الشقة‪ ..‬تأخر ً‬
‫يرى والدته في الغرفة اأخرى‪ ..‬بعد قليل اقتربت خطواته من الغرفة‪ ..‬أغمضت م ى‬
‫عي يها‪.‬‬
‫سمعته فتح باب الغرفة‪ ،‬ثم فتح الدواب وأغلقه وخرج‪.‬‬

‫جلست م ى بعد خروج أسامة‪ ..‬تعجبت من دخوله وخروجه السريع ولم تفهم أين‬
‫ذ ب‪ .‬أمسكت رأسها الذي يؤلمها و ي تفكر‪ ..‬كيف تتصرف؟‬
‫نهضت متباطئة بعد أن اطمأنت أن أسامة مازال في الشقة أنها لم تسمع صوت‬
‫الباب‪ ،‬خرجت من غرفتها‪ ..‬بحثت في المطبخ والحمام وانتهت بالغرفة اأخرى‪،‬‬
‫وجدته قد بدل مابسه ونام في الغرفة التي كانت ت ام بها والدته‪ .‬لم َتر وجهه إن كان‬
‫نائما أو مازال يقظًا‪ ..‬است تجت أنه لم ي م بعد‪ ..‬اقتربت م ه‪ ..‬نامت بجوار ‪ ..‬أحاطته‬
‫ً‬
‫بذراعها‪ ..‬التصقت به‪ ..‬وألصقت وجهها في ظهر بعد أن قبلته‪.‬‬

‫لم يحرك ساكًا‪ ..‬ولم يبادر ا الحديث‪.‬‬


‫فبادرت ي‪:‬‬
‫‪-‬قلقت ي عليك أوي‪ ..‬ك ت رد عليا وبعدين اقفل التليفون‪.‬‬
‫رد ب برة حادة و و يزيح يديها ع ه‪:‬‬
‫‪-‬متقلقيش تاني‪ ..‬كان ازم افكر لوحدي وخاص فكرت وقررت‪.‬‬

‫جلس نصف جلسة ومامحه متجهمة‪ ..‬جلست م ى أمامه ونظراتها مثبتة على عي يه‬
‫وسألته بتردد وترقب‪:‬‬
‫‪-‬فكرت ف ايه‪ ..‬وقرار ايه اللي تقصد ‪.‬‬
‫‪-‬نتطلق‪..‬‬
‫قائما من السرير وأكمل حديثه‪:‬‬
‫نطقها بسرعة و و ي هض ً‬
‫‪-‬أيوة انا خبيت عليكي عشان متخيري يش‪ ..‬غلطت اني خبيت عليكي كان ازم تعرفي‬
‫كل حاجة وانتي تختاري‪ ..‬ك ت أناني ف تفكيري عشان بحبك وخايف اخسرك‪ ..‬أنا‬
‫قولك على كل حاجة‪.‬‬
‫قاطعته م ى ودموعها ت حدر‪:‬‬
‫‪-‬أنا عارفة كل حاجة من ‪ 4‬شهور‪.‬‬
‫نظر لها بتعجب وعدم تصديق‪:‬‬
‫‪-‬عارفة ايه؟‬
‫‪-‬عارفة انك بتتعالج عشان اتأخرنا في الخلفة‪.‬‬
‫‪-‬عرفتي م ين؟؟ الدكتور اللي روحت له يعرفك؟؟ و اللي قالك؟؟ بس و ميعرفش‬
‫انك مراتي‪.‬‬
‫‪-‬محدش قالي‪ ..‬أنا عملت تحاليل من س تين ولما اتأكدت ان مفيش ع دى أي حاجة‬
‫تم ع ي من الحمل سكت ورضيت ومحبتش أقولك تكشف عشان لو طلع ع دك أي‬
‫مشكلة متتضايقش‪ ..‬لحد من ‪ 4‬شهور لما شفت التحاليل اللي انت مخبيها‪..‬‬
‫التحاليل يا أسامة مفيهاش حاجة تقلق‪ ..‬دي مشكلة عادية وعاجها يمكن ياخد‬
‫وقت‪ ..‬وحتى لو مش خلف خالص أنا بحبك انت أكتر من طفل لسه معرفوش‬
‫ومشفتوش‪ ..‬أنا معرفتش اأمان إا معاك انت‪ ..‬أنا قلبي اتفتح على حبك انت‪ ..‬إنت‬
‫كل عيلتي اللي موعيتش عليها‪ ..‬من يوم حادثة بابا وماما ولما خالتي اه يرحمها‬
‫أخدت ي ع د ا كانت ي وجوز ا وحسن بيعتبروني واحدة من البيت بس أنا من جوايا‬
‫ك ت عارفة اني ضيفة وان بيتهم مش بيتي‪ ..‬حسن طول عمر بيعامل ي كأخته بس‬
‫فرق السن الكبير اللي بي ا خاني مفتقدة وجود ااخوات‪ ..‬انت دخلت حياتي ك ت‬
‫كل عيلتي اللي اتحرمت م ها‪ ..‬شفت فيك اأخ والحبيب والزوج واابن كمان‪..‬‬
‫مبحسش باأمان والراحة إا ف بيت ا‪ ..‬مبحسش بطعم الحياة إا وانت فيها‪ ..‬كل د‬
‫تقولِي بكل بساطة قررت نتطلق؟!‬
‫أسامة كان يسمعها و و يقف أمام الشباك نظراته معلقة بالفضاء ا يفصله عن الخارج‬
‫سوى الرؤية الضبابية التي سببتها دموعه‪ ،‬ظل يستمع لها دون قدرة على مقاطعتها أو‬
‫ال ظر إليها‪ ..‬يحبها ح ًقا‪ ..‬ولك ه يكر أن ترا في موقف ضعف‪.‬‬
‫انتهت من حديثها‪ ..‬ظل صامتًا‪.‬‬

‫ردا‪..‬‬
‫لحظات الصمت الثقيل تمر وت تظر م ى أي تعليق م ه على حديثها‪ ،‬لم تجد ً‬
‫اقتربت م ه‪ ..‬استدارت لتقف أمامه وواجهته‬
‫‪-‬متاخدنيش بذنب مش ذنبي‪.‬‬
‫أجهشت بالبكاء‪ ..‬أس دت رأسها على صدر و ي تكمل‪:‬‬
‫‪-‬الصبح جرحت ي لما قلتلي ان مامتك ع دك أ م م ى وسكتت وك ت طول اليوم‬
‫مست ية م ك مكالمة حتى لو تقولي انتي فين‪ ..‬ولما رجعت ملحقتش اكلمك وحصل‬
‫اللي حصل وغضبت ونزلت مع انه مش ذنبي وانا وا اعرف حاجة عن إن مامتك‬
‫لقيت الدوا‪ ..‬ك ت موت من القلق عليك ومست ياك لمجرد اني اطمن عليك‪ ..‬قلت‬
‫ل فسي مش عاتبك على أي حاجة بس كفاية انك تكون ج بي‪ ..‬وبعد كل د ااقي رد‬
‫فعلك بم تهى القسوة وانا معملتش حاجة‪ ..‬أنا مش عايزة غير انك تحن عليا يا‬
‫أسامة‪ ..‬كتير عليا؟؟‬

‫حائرا بين الرغبة في ضمها‬


‫ظل أسامة ثابتا ي ظر في الفضاء وم ى تبكى بين ذراعيه‪ً ..‬‬
‫إليه بقوة وااعتذار لها عن كل ما بدر م ه وما بين التصميم على ما وصل إليه بتفكير‬
‫ِدت كلمات م ى اأخيرة في أذنه‪:‬‬
‫وقرار بالطاق حتى ا تطلبه م ه في أحد اأيام‪ُ ..‬رد َ‬
‫"مش عايزة غير إنك تحن عليا"‪.‬‬
‫ضمها بقوة واستسلم لدموعه ولم ِ‬
‫يخفها‪ ..‬قبل شعر ا و ي مازالت تبكي بين يديه‪:‬‬
‫‪-‬متزعليش يا م ى‪ ..‬أنا خايف ‪ ..‬خايف ييجي اليوم اللي تسيبي ي فيه عشان كد‬
‫بقسى عليكي‪ ..‬الصبح لما قلتلك ماما أ م ع دى عشان تبطلوا خ اق مش أكتر‪ ..‬أنا‬
‫جيت عليكي عشان مقدرش اجي عليها مهما كان ي أمي اللي ضحت كتير علشاني‬
‫انا وأختي‪ ..‬ولما قلت نتطلق كان برضه عشان تيجي مِي انا ومتطلبيهاش وتكسري ي‪.‬‬
‫نظرت له م ى بتعجب‪ ..‬سألته‪:‬‬
‫‪-‬ايه اللي حصل ا يا أسامة‪ ..‬ك ا أقرب لبعض من كد ‪ ..‬ليه ِبعدنا أوي بالشكل د ‪.‬‬
‫أخذ يديها وأجلسها بجوار على حافة السرير‪:‬‬
‫‪-‬أنا عارف السبب‪.‬‬
‫سألته م ى با تمام‬
‫‪-‬ايه السبب؟؟ أنا قصرت ف حاجة؟‬
‫‪-‬السبب فيا أنا مش فيكي‪.‬‬
‫قاطعته م ى‪:‬‬
‫‪-‬بس يا أسامة‪ ..‬مش عايزين نتكلم في اللي فات‪ ..‬عايزين نرجع لبعض تاني زي‬
‫اأول‪ ..‬أقرب كمان من اأول‪ ..‬مش عايزين ظروف ا وا مشاكل ا تبعدنا تاني عن‬
‫بعض‪ ..‬ومتجيش عليا تاني‪ ..‬انت عارف اني معترضتش على وجود مامتك بس ي‬
‫صعبة أوي ومع ذلك أ ا بيها البيت بيتها‪ ..‬المهم انك متظلم يش‪ ..‬متبقاش انت‬
‫و ي عليا‪.‬‬
‫‪-‬بتحرجي ي بالذوق يا م ى‪ ..‬عاقبتي ي بعقلك وقلبك الكبير‪.‬‬
‫‪-‬رب ا عالم اني بتكلم معاك من قلبي‪ ..‬وا قاصدة احرجك وا اعاقبك‪.‬‬
‫ضمها إليه بح ان وحب‪ ..‬ابتسمت م ى بسعادة واطمئ ان وصوت نجاة الصغيرة يتردد‬
‫داخلها ويتراقص مع دقات قلبها "ما أحلى الرجوع إليه"‪.‬‬

‫*********************‬

‫في نفس التوقيت‪ ،‬وفي مكان آخر‪ ..‬بعي ًدا ج ًدا‪ ..‬في شقة «أماني» شقيقة أسامة في‬
‫مدي ة نجران بالسعودية‪ ..‬تجلس أماني في حجرتها‪ ..‬أضواء الم زل كلها مطفأة‬
‫تقلِب في مجلة قديمة بملل شديد‪ ..‬نظراتها معلقة على الكلمات ولكن عقلها بعي ًدا‬
‫ج ًدا‪ ..‬عقلها في مصر بجوار والدتها‪ ..‬حضرت لزوجها م ذ شهرين فقط‪ ..‬ولكن بعد‬
‫كثيرا أنها ألحت عليه في استقدامها‪ ..‬تقدم لها «سيد» تقليديًا عن‬
‫أول أسبوع ندمت ً‬
‫طريق إحدى الجارات‪ ..‬ف ِر َحت به كما فرحت به والدتها ع دما جاء‬
‫لزيارتهما‪..‬محاسب ويعمل في السعودية‪ ،‬يكبر ا بعامين فقط‪ ،‬وسيم‪ ،‬لَبِق‪ ،‬ذوق‪..‬‬
‫صارحهم بأنه في بداية حياته العملية‪ ،‬وأنه يساعد نفسه ب فسه ماديًا‪ ،‬وأنه يريد‬
‫ااستقرار وتكوين أسرة بما يت اسب مع قدراته‪.‬‬

‫عاما "عُمر أماني"‬


‫تردد أسامة في البداية‪ ،‬ولكن أماني ووالدتها كان يشغلهن الثاثون ً‬
‫وقلة طالبي الزواج م ها ا لعيب ما فيها‪ ،‬ولكن لعدم مشاركتها في الحياة العملية فهي‬
‫لم تعمل من بعد تخرجها من الجامعة وا تخرج إا لزيارة اأقارب مع والدتها‪ ..‬كادت‬
‫أماني أن تفقد أملها في الزواج‪ ..‬لكن بظهور سيد في حياتها تبدل الحال وكادت تطير‬
‫من السعادة ع دما تمسك بها سيد وطلب م ها أن تقف بجوار حتى يتس ى لهما‬
‫شب َكة أو زفاف أو شقة‪ .‬اتفق مع أسامة‬
‫معا‪ .‬وافقت على اارتباط به دون ْ‬
‫تكوين أسرة ً‬
‫بدا من أن يتم فرش شقة وتُغلق‬
‫أن يتم الزواج في أحد الف ادق في فترة اإجازة ً‬
‫لدواعي السفر ثم يسافر ويترك أماني حتى ي تهي عقد عمله ويعود ويؤسس شقته‪.‬‬

‫وافق أسامة على مضض بعد إلحاح أماني ووالدته‪.‬‬


‫تم الزواج في خال شهرين اإجازة‪ ..‬وتزوجا في أحد الف ادق المتوسطة‪ ..‬أسبوع‬
‫عاما بكل شوق ولهفة‪ ،‬لم يربطهما سوى الرسائل المتبادلة من‬
‫وودعها وسافر‪ ..‬انتظرته ً‬
‫محما بخيبة اأمل والشكوى من ضائقة‬
‫ً‬ ‫خال اإنترنت‪ ..‬حتى عاد في إجازة‪ ..‬عاد‬
‫مالية يمر بها‪ .‬تحملت ظروفه القاسية واستضافته طوال فترة اإجازة في بيت والدتها‪..‬‬
‫حتى انتهت اإجازة وأُعيدت الكرة مرة أخرى‪.‬‬
‫عام آخر من البعاد والرسائل المتبادلة عن بعد‪ ..‬عام آخر وأماني لم تشعر بأنها‬
‫تزوجت‪ ..‬فمازالت تسكن بيتها‪ ..‬ت ام في نفس غرفتها‪ ..‬تعيش وحيدة وااسم زوجة‪.‬‬
‫قررت أن تطالب زوجها بالعودة أو باستقدامها‪ ،‬رفض سيد بحجة أن مكان سك ه‬
‫ي اسب رجل أعزب وا ي اسب زوجين‪ ..‬ألحت أماني‪ ..‬زادت في إلحاحها وأخبرته أنها‬
‫معا‪ ..‬ومع اإلحاح المتواصل‪ ..‬وافق سيد‪..‬‬
‫راضية بكل الظروف في مقابل أن يعيشا ً‬
‫وسافرت أماني و ي ترسم في أحامها حياة مستقرة سعيدة بعد حرمان عامين تزوجت‬
‫فيهما شهرين وأسبوع‪.‬‬
‫ولكن‪ ..‬أبي القدر أن يحقق لها غايتها‪ ،‬فوجدت حياة عكس ما تتم ى‪ ..‬بعد أسبوع‪..‬‬
‫شخصا آخر لم تعرفه ولم تألفه من‬
‫ً‬ ‫السكرة وجاءت الفكرة‪ ،‬وجدت‬
‫وبعد أن ذ بت َ‬
‫قبل‪ ..‬فبعد صدمتها اأولى من الشقة الضيقة ج ًدا التي يعيش بها سيد‪ ،‬وأثاثها‬
‫بخيا ماديًا‬
‫شخصا ً‬‫ً‬ ‫المتهالك والذي علمت بعدما سألته أنه قديم ومستعمل‪ ،‬وجدت‬
‫عزا عن زمائه حتى ا يزور م أو‬
‫يتكتم الحديث عن راتبه أو خصوصياته المادية‪ ،‬م ً‬
‫يزورو حتى ا يتكلف أعباء اجتماعية مادية في غير قدرته على حد قوله‪.‬‬

‫سمعت صوت الباب ووصول سيد‪ ..‬نهضت استقباله مبتسمة‪ ..‬فعلى اأقل وجود‬
‫نائما‪ ..‬لفت نظر ا دخوله خاوي اليدين‪ ..‬فسألته‪:‬‬
‫يخفف من وحدتها حتى لو كان ً‬
‫‪-‬انت مجبتش عشا؟‬
‫رد متعجبًا‪:‬‬
‫‪-‬ايه يا أماني د ‪ ..‬فيه واحدة أول ما تستقبل جوز ا تسأله جبت عشا؟‬
‫‪-‬أسفة‪ ..‬حمداه ع السامة‪.‬‬
‫رد و و يتجه نحو غرفة ال وم و ي خلفه‪:‬‬
‫‪-‬اه يسلمك‪ ..‬حضرى العشا بسرعة اه يكرمك‪.‬‬
‫‪-‬أحضر ايه يا سيد‪ ..‬ما انا بسألك ا و جبت عشا؟‬
‫‪-‬مش فيه أكل ا؟‬
‫‪-‬أ مفيش‪.‬‬
‫‪-‬ازاي‪ ..‬أنا نازل وكان فيه بيضتين وييجي ‪ 3‬حتت جب ة رومي‪.‬‬
‫ردت باستغراب‪:‬‬
‫‪-‬و و د العشا اللي ك ا تعشا ‪ ..‬أنا جعت وعملت البيضتين وأكلتهم‪.‬‬
‫خجا ع دما سألها متأكدا‪:‬‬
‫احمر وجهه غضبًا بي ما احمر وجهها ً‬
‫‪-‬أكلتيهم‪ ..‬اات ين؟؟‬
‫ردت بصوت خافت‪:‬‬
‫‪-‬إنت تعد عليا اأكل‪ ..‬دول بيضتين‪.‬‬
‫جز سيد على أس انه و و يحاول أن يبدو ادئًا‪ ..‬وابتسم ابتسامة مصط عة و و يردد‪:‬‬
‫‪-‬ا أب ًدا‪ ..‬أنا بس مش عايزك تتخ ي‪ ..‬خلي بالك اأكل الكتير يتخ ك وانا محبش‬
‫الست التخي ة‪.‬‬
‫‪-‬ا متقلقش‪ ..‬أنا بقالي س ين أصا بحاول اتخن شوية حتى ‪ 1‬كيلو عشان اوصل‬
‫للوزن المثالي ومفيش فايدة‪.‬‬
‫‪-‬طيب اعمليلي اتعشى‪ ..‬انتي طبعا مش تتعشي مرتين ه ه‪.‬‬
‫كم تم ت أن تلكمه في أس انه التي ظهرت من بين ابتسامته المزيفة تلك‪ ..‬لم تكن‬
‫المرة اأولى التي يمرر لها رسائل جادة في صورة دعابة سخيفة تتحملها‪ ..‬فهي ليست‬
‫غبية وتتمكن بسهولة بعد ِعشرة شهرين أن تميز طباع زوجها‪ ،‬أفاقت من شرود ا على‬
‫صوته و و يردد‪:‬‬
‫‪-‬العشا يا أماني‪.‬‬

‫دخلت المطبخ‪ ..‬لم تجد سوى لقيمات قليلة من الخبز والجبن الرومي‪ ..‬وضعتهم له‬
‫في طبق وقدمتهم له‪:‬‬
‫‪-‬اتفضل‪ ..‬د الموجود‪.‬‬
‫ت اولهم م ها ببساطة واعتياد‪:‬‬
‫‪-‬يا سام‪ ..‬فضل ونعمة‪.‬‬
‫جلست أماني أمامه ت ظر له في د شة و و يت اول طعامه‪ ،‬لم يدعو ا ولو بالكذب‬
‫لتشاركه الطعام‪ ..‬ضاقت به‪ ..‬نظرت حولها شعرت أن الجدران تكاد تطبق على‬
‫أنفاسها تخ قها أكثر ‪.‬‬

‫قائا‬
‫انتهى من ت اول طعامه‪ ..‬اتجه لغرفته‪ ،‬ع دما وصل للباب‪ ..‬التفت لها ً‬
‫‪-‬إنتي تفضلي قاعدة ع دك؟‬
‫‪-‬فيه حاجة؟‬
‫‪-‬ا ‪ ..‬تعالي ج بي شوية‪.‬‬
‫‪-‬انت مش جاي من الشغل تعبان‪ ..‬نام انت وارتاح‪.‬‬
‫‪-‬ما انا رتاح برضه‪.‬‬
‫فهمت أماني ما يلمح له‪ ..‬لك ها كانت في حالة من ال فور وصلت أقصى درجة‬
‫ممك ة‪.‬‬
‫فكرت في أقل من الثانية أن الصراحة ا تفيد في كل اأحيان‪ ،‬فابتسمت وقالت له‬
‫‪-‬مش ي فع يا سيد‪.‬‬
‫‪-‬ليه؟‬
‫نظرت لأرض وتص عت اإحراج‪:‬‬
‫‪-‬مش ي فع‪ ..‬افهم‪.‬‬
‫دخل حجرته و و يعلق‪:‬‬
‫‪-‬طيب‪ ..‬تصبحي على خير‪.‬‬
‫بمجرد أن التفت وأعطا ا ظهر ‪ ،‬شعرت بدوار‪ ..‬أمسكت معدتها التي شعرت‬
‫بانقابها‪ ،‬رددت داخلها‪" :‬ا‪ ..‬مش قادرة أكتر من كد "‪.‬‬
‫قرارا كانت تفكر به وأصبح ا مفر من اتخاذ والعمل على ت فيذ ‪.‬‬
‫واتخذت ً‬
‫א‬

‫ א אכא‬: ‫ א 
א‬

ً
2015 &‫כ א אכא (' אכא‬ ! "# $‫כ‬% .. ‫אא  אכא‬

,-‫א‬./‫ א‬0‫א‬1 .. &‫א א כ אכא‬+‫א‬

2‫  אכא‬3 ‫א‬

https://www.facebook.com/dina.emad.7

2‫ אכ‬4 &%5 6 &‫כ


אכא‬7‫ א‬8! 9‫א‬:. $‫כא‬%

https://www.facebook.com/groups/Book.juice

You might also like