Professional Documents
Culture Documents
الأثر المشهور للإمام مالك في صفة الأستواء.دراسة وتحليل عبد
الأثر المشهور للإمام مالك في صفة الأستواء.دراسة وتحليل عبد
رحمه هللا
في صفة االستواء
دراسة تحليلية
بقلم
عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
بسم هللا الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيّئات
ل له ،ومن يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال أعمالنا ،من يهده هللا فال مض ّ
ن محمداً عبده ورسوله. شريك له ،وأشهد أ ّ
مونَ }. سلِ ُ م ْ ن إال َّ وأن ُتم ُ موتُ َّ ه وال تَ ُ ق تُقَاتِ ِ ح َّ م ُنوا اتَّقُوا هللا َ ِين آ َ {يَأيُّ َها الذ َ
ثجها وبَ َّ م ْنها َز ْو َ ق ِ خل َ َ ح َد ٍة و َ ْس وا ِ قكُم مِن نَف ٍ خل َ َ كم ال َّذي َ الناس اتّقُوا ربَّ ُ ُ {يأيّها
هللا كان عَ لَ ْيك ْ
ُم َ نَّ ِإ مَ حا ر
ْ َألوا ه
ِ ِ ب ُونَ ل ء
َ ا َسَ ت ِي ذ َّ ل ا هللا
َ ُوا ق َّ ت وا ءً ِسا ن و
َ ً ا ِير ث َ
ك م ْن ُهما ِرجاال ً ِ
َرقِيباً}.
كم ويَ ْغ ِف ْر لَ ْ
كم ُم َأعْ مالَ ْ صلِحْ لَك ْ سدِيداً ُي ْ ق ْوال ً َ هللا وقُولُوا َ َ م ُنوا اتَّقُوا ِين َءا َ {يََأيُّ َها الَّذ َ
ف ْوزاً عَ ظِيماً}. فا َز َ قدْ َ ف َ ه َ سولَ ُ هللا و َر ُ َ طع ِ من ُي ِ ُم و َ ذُنوبَك ْ
أما بعد ،فال ريب في عِظم فضل وكبر شرف العلم بأسماء هللا وصفاته الواردة في كتابه
وسنة رسوله صلى هللا عليه وسلم وفهمها فهماً صحيحاً سليماً بعيداً عن تحريفات المحرّفين
ل معلوم وأعظمه ج َّ ع لشرف معلومه K،وما من ريب أنَّ أ َ وتأويالت الجاهلين؛ Kإذ إنَّ شرف العلم تاب ٌ
الحق المبين، ّ الملك واألرضين، السموات وم ّ ي وق العالمين، وأكبره هو هللا الذي ال إله إال ّ هو رب
ُم
ْ ك ِ ل ا َ
ذ { كماله في وتشبيه تمثيل ل
ِّ ك وعن ونقص، عيب ل
الموصوف بالكمال كل ّه ،المن َّزه عن ِ ّ
ك
ُم َأ ْز َواجًا ْ ك سِ ف
ُ ن َأ ِن ْ م ُم
ْ ك َ ل ل عَ
َ ْ ِ َ َ ج ض ر َأل ا و ت
ِ ا و م
َّ َ َ الس ر
ُ ط
ِ ا َ
ف ه ُأن ُ
ِيب ت َوِإلَ ْي ِ ك ْل ُ و َّ ه تَ َهللا َربِ ّي عَ لَ ْي ِ ُ
ِيع البَصِي ُر}.1 ُ م الس
َّ و هُ
َ ْ ٌ َ َ و ء ي ش ه
ِ ل
ِ ث
ْ م
ِ َ
ك س
ْ َ يَ ل هِ ِي ف ُم
ْ ك ُؤ ر
َ َْ
ذ ي ًا ج ا م َأ ْ َ
و ز ِن اَأل ْنعَا ِ َوم َ
ل العلوم وأفضلُها وأشرفُها، ج ُّ وال ريب أنَّ العلم باهلل تعالى وبأسمائه وصفاته وأفعاله أ َ
ونسبة ذلك إلى سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات ،والعلم به – سبحانه -هو
ل علم ،وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته ،والجهل به مستلزم أصل ك ِ ّ
للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكو به ،فالعلم به – سبحانه -عنوان سعادة العبد في
الدنيا واآلخرة ،والجهل به أصل شقاوته في الدنيا واآلخرة ،ومن عرف هللا عرف ما سواه ،ومن
م نساهُ ْ فَأ َ هللا ََ َسوا ِين ن ُ جهل ربّه فهو لما سواه أجهل ،قال هللا تعالىَ { :وال َ تَكُونُوا كالَّذ َ
نسي ربَّه أنساه ذاتَه َ م} ،2وقد دل ّت هذه اآلية على معنى شريف عظيم ،وهو أنَّ من ُس ُه ْ َأنف َ
ونفسه فلم يعرف حقيقته وال مصالحه ،بل نسي ما به صالحه وفالحه في معاشه ومعاده فصار َ
معطَّال ً مهمال ً.3
ل مسلم ،وقد ولهذا فإنَّ العناية بفهم هذا العلم وضبطه وعدم الغلط فيه أمر متأكّد على ك ِ ّ
مة المسلمين ،الصحابة ومن تبعهم بإحسان على نهجٍ واح ٍد في هذا العلم وعلى طريقة كان أئ ّ
واحدة ،ليس بينهم في ذلك نزاع وال خالف" ،بل كلُّهم [بحمد هللا] على إثبات ما نطق به الكتاب
والسنة كلم ًة واحد ًة من أوّلهم إلى آخرهم ،لم يسوموها تأويالً ،ولم يحرّفوها عن موضعها تبديالً،
أحد
ٌ ولم ُيبدوا لشيء منها إبطاالً ،وال ضربوا لها أمثاالً ،ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها ،ولم يقل
منهم يجب صرفها عن حقائقها وحملها على مجازها ،بل تل ّقوها بالقبول والتسليم ،وقابلوها
باإليمان والتعظيم ،وجعلوا األمر فيها كل َّها أمراً واحداً ،وأج َر ْوها على سنن واحد ،ولم يفعلوا كما
فعل أهل األهواء والبدع حيث جعلوا القرآن عِضين ،وأقرّوا ببعضها وأنكروا بعضَها من غير فُرقان
مبين".4
ب عنها توحيدا ،وجعلوا إثباتها ً بل زاد المعط ِّلة على ذلك فجعلوا جحد الصفات وتعطيل الر ّ
موا موا الباطل باسم الحق ترغيباً فيه ،وزخرفاً ينفقونه به ،وس ّ هلل تشبيهاً وتجسيماً وتركيباً ،فس ّ
الحق باسم الباطل تنفيراً عنه ،والناس أكثرهم مع ظاهر السكّة ،ليس لهم نقد الن ّقاد .
5
َّ
وال يأمن جانب الغلط في هذا الباب الخطير من ال يتعرّف على نهج السلف ويسلك
طريقتهم ،فهي طريقة سالمة مأمونة مشتملة على العلم والحكمة ،وكالمهم في التوحيد وغيره
ظ ّمون النصوص ،ويعرفون لها حرمتها ،ويقفون عندها ،وال كثير البركة ،6فهم ال يتكل ّفون K،بل يع ِ ُ قليل
ٌ
1
سورة الشورى K،اآليتان.)10،11( :
14
انظر :مجموع الفتاوى (.)5/520
15وهي مل ّ
خصة من سير أعالم النبالء للذهبي ( 8/48وما بعدها) ،وللوقوف على مصKKادر ترجمKKة اإلمKKام
دمة.
مالك انظر هامش السير ،الصفحة المتق ّ
وأمُّه هي عالية بنت شريك األزدية.
سهيل نافع ،وُأويس ،والربيع ،والنضر ،أوالد أبي عامر. وأعمامه هم :أبو ُ
ثانياً :مولده:
قال الذهبي -رحمه هللا " :-مولد مالك على األصح في سنة ثالث وتسعين ،عام موتِ
مل". صون ورفاهية وتج ّ أنس خادم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،ونشأ في َ
ثالثاً :نشأته وطلبه للعلم:
هKKل للفتيKKا ،وجلس لإلفKKادة ولKKه إحKKدى ّ وتأ Kنة، K س Kرة
K عش KعKبض ابن م وهKKو Kك العل َ طلب مالٌ K
ي شابٌّ طريٌّ ،وقص َده طلبKKة العلم من اآلفKKاق في آخKKر دث عنه جماعة وهو ح ٌّ ّ وح وعشرون سنة،
دولة أبي جعفر المنصور وما بعد ذلك ،وازدحموا عليه في خالفة الرشيد ،إلى أن مات.
رابعاً :شيوخه:
ث ُبعيد موت القاسم وسالم ،فأخذ عن نKKافع، م وهو ح َد ٌ َ العل - هللا رحمه - مالك طلب اإلمام
وسعيد المقبري ،وعامر بن عبد هللا ابن الزبير ،وابن المنكدر ،والزهري ،وعبد هللا بن دينار ،وخلق.
ل
وقد أحصى الذهبي -رحمه هللا -شيوخه الذين روى عنهم في الموطأ وذكر إلى جنب ك ِ ّ
واحد منهم عدد ما روى عنه اإلمام مالك ورتّبهم على حروف المعجم.
خامساً :تالميذه:
أفردت أسماء الرواة عنه في جزء كبير ُيقارب عددهم ُ كنت "وقد :- هللا رحمه قال الذهبي -
سهيل ،ويحيى بن أبي كثير، ُ أبو ه م
ّ ع شيوخه: من عنه ث د
ّ ح أعيانهم، فلنذكر ألفاً وأربع مائة،
والزهري ،ويحيى بن سعيد ،ويزيد بن الهاد ،وزيد بن أبي ُأنيسة ،وعمر بن محمد بن زيد،
وغيرهم ،ومن أقرانه :معمر ،وابن جريج ،وأبو حنيفة K،وعمرو بن الحارث ،واألوزاعي ،وشعبة،
والثوري K،"...وذكر آخرين.
سادساً :مؤلفاته:
من مؤلفاته -رحمه هللا :-
-1الموطأ.
-2رسالة في القدر كتبها إلى ابن وهب.
-3مؤلف في النجوم ومنازل القمر.
-4رسالة في األقضية.
-5رسالة إلى أبي غسان بن مطرّف.
-6جزء في التفسير.
كثير.
ٌ فشيء
ٌ وأما ما نقله عنه كبار أصحابه من المسائل والفتاوى والفوائد
سابعاً :ثناء العلماء عليه:
ِلم يدور على ثالثة :مالك ،والليث ،وابن عيينة". -1قال الشافعي" :الع ُ
-2وروي عن األوزاعي أنه كان إذا ذكر مالكاً يقول:
"عالم العلماء ،ومفتي الحرمين".
ة ماضية منك يا مالك". -3وعن بقيّة أنَّه قال" :ما بقي على وجه األرض أعلم بسنّ ٍ
م من أبي حنيفة ،ومالك ،وابن أبي ليلى". -4وقال أبو يوسف" :ما رأيت أعل َ
حكم، دمه على األوزاعي ،والثوري K،والليث ،وحماد ،وال َ -5وذكر أحمد بن حنبل مالكاً فق ّ
في العلم ،وقال" :هو إمام في الحديث ،وفي الفقه".
-6وقال القط ّان" :هو إمام ُيقتدى به".
حجج هللا على خلقه". "مالك من ٌُ -7وقال ابن معين:
بمالك".
ٍ أردت هللا والدا َر اآلخرة فعليك َ -8وقال أسد بن الفرات" :إذا
ثامناً :أقواله في السنة:
"سن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم َّ سمعت مالكاً يقول: ُ -1قال مطرّف بن عبد هللا:
واستكمال بطاعة هللا ،وقوّ ٌة على دين هللا ،ليس ٌ األخذ بها اتّباع لكتاب هللا، ُ سنناً، ووالة األمر بعده ُ ُ
ظر في شيء خالفها ،من اهتدى بها فهو مهت ٍد ،ومن استنصر بها ّ ُ ن ال وال ُها، لتبدي ألحد تغييرها ،وال
فهو منصور ،ومن تركها اتّبع غير سبيل المؤمنين ،ووال ّه هللا ما تول ّى ،وأصاله جهنّم وساءت
مصيراً".
-2وروى إسحاق بن عيسى عن مالك -رحمه هللا -أنَّه قال:
أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبريل على محمد صلى هللا عليه وسلم ُ رجل
ٌ "أكل ّما جاءنا
لجدلِه".
ي يقول" :كان مالك إذا جاءه بعض أهل األهواء قال :أ َما َّ الشافع سمعت ثور: أبو وقال -3
ك فخاصمه". ك مثل َ إني على بيّنة من ديني ،وأ َّما أنت فشاكٌّ ،اذهب إلى شا ٍ ّ
-4وقال يحيى بن خلف الطَرسوسي" :كنت عند مالك فدخل عليه رجل ،فقال :يا أبا عبد
هللا ما تقول فيمن يقول :القرآن مخلوق؟ فقال مالك :زنديق ،اقتلوه ،فقال :يا أبا عبد هللا ،إنّما
أحكي كالماً سمعته K،قال :إنّما سمعته منك ،وعظَّم هذا القول".
-5وروى ابن وهب عن مالك -رحمه هللا -أنّه قال" :الناس ينظرون إلى هللا عز وجل يوم
القيامة بأعينهم".
رجل ُيقال له :أبو الجويرية، ٌ َه قفلح ً ا يوم مالك
ٌ "انصرف : معن
ٌ قال عياض: القاضي -6وقال
هم باإلرجاء ،فقال :اسمع مني ،قال :احذر أن أشهد عليك ،قال :وهللا ما أريد إال َّ الحق ،فإن كان متّ ٌ
بعتك ،قال :فإن ُ ّ ت ا قال: ك، غلبت
ُ فإن قال: اتبعني، قال: غلبتني، فإن قال: ّم، ل فتك أو به، ل قُ ف ً صوابا
جاء رجل فكل ّمنا ،فغلبنا؟ قال :اتّبعناه ،فقال مالك :يا هذا ،إنَّ هللا بعث محمداً صلى هللا عليه
وسلم بدين واحد ،وأراك تتن ّقل"K.
دِين ينشئ المراء ،ويذهب بنور العلم من القلب ّ ال في "الجدال
ُ -7وعن مالك قال:
ويقسي ،ويورث الضِّغن". ّ
تاسعاً :وفاته:
قال القعنبي" :سمعتهم يقولونُ :عمر مالك تسع وثمانون سنة ،مات سنة تسع وسبعين
ومائة".
فسألت بعض أهلنا عما قال عند الموت ،قالوا: ُ مالك، "مرض ويس: ُأ أبي بن إسماعيل وقال
ْد} ،16وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع األول سنة ل َومِن بَع ُ ق ْب ُ م ُر مِن َ هد ،ثم قال{ :هللِ اَأل ْ تش ّ
تسع وسبعين ومائة ،فصل َّى عليه األمير عبد هللا بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد
ويعرف بأ ّمِه" ،رواها محمد بن سعد هللا بن عباس الهاشميَ ،ولَد زينب بنت سليمان العباسيةُ ،
"وسألت مصعباً ،فقال :بل مات في صفر ،فأخبرني معن بن عيسى بمثل ذلك". ُ عنه ،ثم قال:
وقال أبو مصعب الزهري" :مات لعشر مضت من ربيع األول سنة تسع".
وقال محمد بن سحنون" :مات في حادي عشر ربيع األول".
وقال ابن وهب" :مات لثالث عشرة خلت من ربيع األول".
قال القاضي عياض" :الصحيح وفاته في ربيع األول يوم األحد لتمام اثنين وعشرين يوماً من
مرضه".
قال الذهبي" :تواترت وفا ُته في سنة تسع ،فال اعتبار لقول من غلِط وجعلها في سنة
ومطرّف فيما حكي عنه ،فقاال :سنة ثمانين ومائة". ِ ثمان وسبعين ،وال اعتبار بقول حبيب كاتبه،
"رأيت مالكاً بعد موته ،وعليه طويلة وثياب ُ ونقل عن القاضي عياض أنَّ أسد بن الفرات قال:
مت؟ قال :بلى، َّ خضر وهو على ناقة ،يطير بين السماء واألرض K،فقلت :يا أبا عبد هللا ،أليس قد
ي وتمن عل َّ َّ ِمت على ربي وكل ّمني كفاحاً ،وقال :سلني أعطِك، ِرت؟ ،فقال :قد ُ مص َ فقلت :فإال َ
ُأرضِك".
فرحمه هللا ،وغفر له ،وأسكنه الفردوس األعلى من الجنّة.
المبحث الثاني :في ذكر معتقد أهل السنة والجماعة في صفة االستواء بإيجاز
ل النقل ة من صفات الكمال الثابتة لذي العظمة والجالل – سبحانه ،-وقد د ّ االستواء صف ٌ
على هذه الصفة حيث أثبتها الربٌّ – سبحانه -لنفسه في كتابه ،وأثبتها له رسوله صلى هللا
عليه وسلم في سنّته ،وأجمع على ثبوتها المسلمون.
وقد وردت هذه الصفة في القرآن الكريم في مواطن عديدة ،وكان ورودها فيه على نوعين:
داة بـ(إلى). داة بـ(على) ،وتارة مع ّ تارة مع ّ
داة بـ(على) فقد ورد في القرآن الكريم في سبعة -1أ ّما النوع األول :وهو مجيئها مع ّ
د ح بها الرب – سبحانه ،-وجعلها من صفات كماله وجالله ،وقرنها بما يبهر العقول مواضع ،حيث تم ّ
من صفات الجالل والكمال ،مما يدل على ثبوت هذه الصفة العظيمة هلل ثبوت غيرها من الصفات.
قال الشيخ العال ّمة محمد األمين الشنقيطي -رحمه هللا " :-اعلمKKوا أنَّ هKKذه الصKKفة الKKتي
دح بهKKا ربُّ السKKموات واألرض ،والقرينKKة على أنّهKKا صKKفة كمKKال صفة كمال وجالل تم ّ ُ هي االستواء
وجالل أنَّ هللا ما ذكرها في موضع من كتابه إال َّ مصحوبة بما يبهر العقول من صفات جاللKKه وكمالKKه
التي هي منها ،وسنضرب مثال ً بذكر اآليات:
فأوّل سورة ذكر هللا فيها صفة االستواء حسب ترتيب المصحف سورة األعراف قالِ{ :إنَّ
ش ُي ْغشِي ع ْر ِ وى عَ لَى ا ْل َ اس َت َ م ْ م ثُ َّ ة َأيَّا ٍ س َّت ِ ض فِي ِ واتِ َواَأل ْر َ م َ الس َ َّ ق خل َ َ هللا الَّذِي َ ُ ُم َربَّك ُ
م ُر ق َواَأل ْ خ ْل ُ ه ال َ م ِر ِه ال َ لَ ُ َأ َأ
خ َراتٍ بِ ْ س َّ م َ م ُ ُّجو َ م َر َوالن ُ ق َ س َوال َ م َ الش ْ َّ حثِيثاً َو ه َ طل ُُب ُ ل ال َّن َها َر يَ ْ ال َّي َ
ِين} ،17فهل ألحد أن ينفي شيئاً من هذه الصفات الدالة على الجالل هللا َربُّ العَالَم َ ُ كَ تَبَا َر
والكمال.
ض واتِ َواَأل ْر َ م َ الس َ َّ ق خل َ َ هللا الَّذِي َ ُ الموضع الثاني في سورة يونس قالِ{ :إنَّ َربَّك ُ
ُم
ُم
ُ ك ِ ل َ
ذ ه
ِ ِ ن ْ
ذ ِإ د ِ ع
ْ َ ب ِن م َّ ال ٍ ِإ ع ِي
ف شَ ِن م ا م
َ م َر ش ُي َدبِ ّ ُر اَأل ْ ع ْر ِ وى عَ لَى ا ْل َ اس َت َ م ْ م ثُ َّ ة َأيَّا ٍ س َّت ِ فِي ِ
مق ثُ َّ خ ْل َ َّه يَ ْبدَُؤا ال َ حقا ّ ِإن ُ ً جمِيعاً َوعْ َد هللاِ َ ُم َ عك ْ ج ُ م ْر ِ ه َ ك ُرونَ ِإلَ ْي ِ فال َ تَ َذ َّ َأ
فاعْ ُب ُدو ُه َ ُم َ هللا َربُّك ْ ُ
ِيم
حم ٍ ِن َ اب م ْ ش َر ٌ م َ ف ُروا لَ ُه ْ ك َ ِين َ ط َوالَّذ َ ِس ِ حاتِ بِا ْلق ْ صالِ َ ملُوا ال َّ م ُنوا َوعَ ِ ِين آ َ ي الَّذ َ ج ِز َ ِيد ُه لِيَ ْ ُيع ُ
ل م َنا ِز َ د َر ُه َ ق َّ م َر نُوراً َو َ ق َ ضيَا ًء َوال َ س ِ م َ الش ْ َّ ل
ع َ ج َ و الَّذِي َ ك ُف ُرونَ هُ َ ما كَانُوا يَ ْ م بِ َ اب َألِي ٌ َوعَ َذ ٌ
مونَ ُ َ ل ع ْ َ ي م
ٍ و
ْ َ
ق ِ ل ت
ِ ا َ ي اآل ِل
ّ ُ ص فَ ي
ِّ ُق ح َ ْ
ل ا ب
ِإ ِ َّ ال ك َ ِ ل َ
ذ هللا
ُ قَ َ ل خَ ا م
َ ابَ ِسَ ح ْ
ل ا و
َ ِين
َ ن الس ِ ّ دَ دَ عَ وا م لِ َت ْعلَ ُ
م يَ َّت ُقونَ }.18 ْ ٍ و َ
ق ِ ل ت
ٍ ا َ ي آل ض
ْ ِ ر َأل ا و َ ت
ِ ا و
َ م
َ الس
َّ ِي ف هللا
ُ ق َ َ ل خَ ا م
َ و
َ ر
َّ ِ ا ه َ ن ال و
َ ل ْ ِ َّي ل ا ِالفِ ت اخ
ْ ِي ِإنَّ ف
16
سورة الروم ،اآلية.)4( :
19
سورة الرعد ،اآليات.)4 2( :
وى}
اس•• َت َ
د ُه َو ْ غ َأ ُ
ش َّ دى بـ(إلى) أو (على) ،أما إذا كان مطلقاً كقوله Kتعالى{ :ول َّ
ما بَلَ َ 27هذا إذا كان مع ًّ
م ،وأ َّما إذا كان مقروناً بواو (مع) التي تعKKدي الفعKKل إلى المفعKKول معKKه نحKKو" :اسKKتوى
كمل وت َّ
فإنَّ معناهُ :
الماء والخشبة" فإنَّ معناه ساواها ،انظر :مختصر الصواعق (ص.)320:
أورده الKKذهبي في العلKKو K،وقKKال األلبKKاني -حفظKKه هللا ( -ص 160K:مختصKKره)":وهKKذا إسKKناد صKKحيح 28
مسلسل بالثقات الحفاظ."...
29
صحيح البخاري ( 13/403الفتح).
)30ثم قKال: 32مسند الشافعي (ص ،)71 70:ورواه الذهبي في العلو من طريق الشافعي (ص29:
"إبراهيم وموسى ضعفاء ،أخرجه اإلمام محمد بن إدريس في مسنده ،وقد أخرجه الKKدارقطني من طريKKق
حمزة بن واصل المنقري ،عن قتادة ،عن أنس ،ومن طريKKق عنبسKة الKرازي ،عن أبي اليقظKان عثمKان بن
ُعمير ،عن أنس ،عن ابن محمد بن شعيب بن سابور ،عن عمر مولى عفرة ،عن أنس.
العسال في كتاب المعرفة له عن رجال ،عن جرير ابن عبد الحميد ،عن ليث بن ّ وأخرجه القاضي أبو أحمد
أبي سليم ،عن عثمان بن أبي حميد وهو أبKKو اليقظKKان عن أنس ،ورواه من طريKKق سKKالم بن سKKليمان،
عن شعبة وإسرائيل وورقاء ،عن ليث أيضاً.
وساقه الدارقطني من روايKة شKجاع بن الوليKد ،عن زيKادة بن خيثمKة ،عن عثمKان ابن أبي سKليمان ،عن
دث به الوليKKد ابن مسKKلم ،عن عبKKد الKKرحمن بن ثKKابت بن ثوبKKان،أنس ،والظاهر أنَّ عثمان أبو اليقظان K،وح ّ
عن سالم بن عبد هللا ،عن أنس ابن مالك ،وهذه طرق يعضد بعضها بعضاً ،رزقنا هللا وإيّاكم ل ّ
ذ َة النظKKر إلى
وجهه الكريم".
33درء تعارض العقل والنقل ( ،)22 2/20وانظر أيضا :مجموع الفتاوى ( 5/518وما بعدها).
ً
34
سورة فصّلت ،اآلية.)11( :
39طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط واألصول للشيخ عبKKد الKKرحمن بن سKKعدي
(ص.)4:
40
الرياض الناضرة للشيخ عبد الرحمن بن سعدي (ص.)243:
42الفتاوى (.)19/203
43انظر :مقدمة الرسالة التي بعنوان( K:فائدة جليلة في قواعKKد األسKKماء الحسKKنى) المسKKتل ّة من بKدائع
الفوائد البن الق ِي ّم ،بتحقيقي.
44تفسير ابن سعدي (.)5/3
الفوائد.