Professional Documents
Culture Documents
إﻋداد
-
٦٦٨ -
ﻣﻘدﻣﺔ
إن اﻟﺣﻣــد ﷲ ﻧﺣﻣــدﻩ وﻧــﺳﺗﻌﯾﻧﻪ وﻧــﺳﺗﻬدﯾﻪ وﻧــﺻﻠﻲ وﻧــﺳﻠم ﻋﻠــﻰ ﺳــﯾدﻧﺎ
ﻣﺣﻣــد اﻟﻬــﺎدي اﻟﺑــﺷﯾر ﻣــن أرﺳــﻠﻪ اﷲ رﺣﻣــﺔ ﻟﻠﻌــﺎﻟﻣﯾن وﻋﻠــﻰ آﻟــﻪ وﺻــﺣﺑﻪ
وآل ﺑﯾﺗﻪ أﺟﻣﻌﯾن ﺛم أﻣﺎ ﺑﻌد :
ﻓﺈﻧ ــﻪ ﻟﻣ ــﺎ ﻛﺛ ــر اﻟﻬ ــرج واﻟﻣ ــرج وﻛﺛ ــرت اﻟﻔ ــﺗن واﻟﺣـ ـوادث ﻓ ــﻲ زﻣﻧﻧ ــﺎ ﻫ ــذا
وﺗرﺗــب ﻋﻠــﻰ ذﻟــك ﻓﻘــدان ﻛﺛﯾــر ﻣــن اﻟﻣــﺳﻠﻣﯾن ،ﺑــل ﻟﻣــﺎ ﺻــﻌﺑت ظــروف
اﻟﻣﻌﯾــﺷﺔ ﻋﻠــﻰ ﻛﺛﯾــر ﻣــن اﻟﻧــﺎس ﺣﺗــﻰ أﺻــﺑﺢ اﻟﻛﺛﯾــر ﻣﻣــن ﯾﻌوﻟــون اﻷﺳ ـرة
ﯾﺧرﺟون ﺳﻌﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟرزق وﻟﻛن ﻗد ﻻ ﯾﻌودون ،وﻣﻊ ذﻟك أﯾـﺿﺎ اﻧﺗـﺷرت
وﺗﯾــﺳرت وﺳــﺎﺋل اﻻﺗــﺻﺎل ﺑــﯾن اﻟــدول اﻟﻣﺗﻌــددة ﺣﺗــﻰ أﺻــﺑﺢ اﻟﻌــﺎﻟم ﻛﻘرﯾــﺔ
ﺻــﻐﯾرة ﻣــن اﻟــﺳﻬل واﻟﻣﯾــﺳر ﻓﯾﻬــﺎ اﻟﺗواﺻــل ﺑــﯾن أﻓ ـراد اﻟﻌــﺎﻟم أﺟﻣــﻊ ﺑطــرق
ﺑﺳﯾطﺔ وﻓﻲ أوﻗﺎت ﻗﺻﯾرة وﺗﻛﻠﻔﺔ ﯾﺳﯾرة .
ﻟــذا ﻛــﺎن ﻣــن اﻟواﺟــب ﻋﻠﯾﻧــﺎ أن ﻧﻘــف ﻋﻠــﻰ ﺣــﺎل اﻟــﺷﺧص اﻟﻣﻔﻘــود ﻓــﻲ
ﺣﺎدﺛﺔ ﻣن اﻟﺣوادث أو ﻓـﻲ ﻏﯾـر ﺣﺎدﺛـﺔ وﻫـل اﻷﺷـﺧﺎص اﻟﻣﻔﻘـودون ﻫـؤﻻء
ﯾﺗﺳﺎوون ﻓﻲ ﻧظرة اﻟﺷرع وﻓﻲ ﺣﻛﻣﻪ ﻋﻠﯾﻬم أم أن ﻫﻧـﺎك اﺧـﺗﻼف ﺑـﯾن ﻛـل
ﻋﻠــﻰ ﺣــﺳب ﺣــﺎل وظــروف اﻟﻔﻘــد ؟ وﻫــل زوﺟﺗــﻪ ﺗﺑﻘــﻰ ﻋﻠــﻰ ﻋــﺻﻣﺗﻪ ﻓــﻼ
ﺗﺣ ــل ﻟﻐﯾـ ـرﻩ ﻣ ــن اﻷزواج أم ﻻ ؟ وﻫ ــل أﻣواﻟ ــﻪ ﯾﻧﻔ ــق ﻣﻧﻬ ــﺎ أم ﻻ ؟ ﺑ ــل ﻫ ــل
ﺗوزع أﻣواﻟﻪ ﻛﻣﯾراث ﻟﻣن ﯾﺧﻠﻔوﻩ أم ﻻ ؟
وﺑﻣﻌﻧﻰ آﺧر ﻫل ﻧﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺷﺧص اﻟﻣﻔﻘود ﺑﺎﻟﻣوت أم ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة؟
ﺧﻼﻓــﺎت ﺑــﯾن اﻟﻔﻘﻬــﺎء ﻟﻛــل ﻣــﻧﻬم دﻟﯾﻠــﻪ وﻣــﺎ اﺳــﺗﻧﺑطﻪ ﻣــن اﻷدﻟــﺔ اﻟﺗــﻲ
ﯾﻌﺿدون ﺑﻬﺎ آراءﻫم ،ﻧﻌرض ﻫذﻩ اﻟرؤى واﻷدﻟﺔ ﻓﻲ ﺑﺣـث ﻣﯾـﺳر ﻋﻠـﻰ
اﻟﻘﺎرئ ،أدﻋو اﷲ أن ﯾوﻓﻘﻧﻲ ﻓﯾـﻪ ﺑﻌرﺿـﻪ ﺑﺄﺳـﻠوب ﯾﻔﻘﻬـﻪ اﻟﺟﻣﯾـﻊ ،وأن
ﯾﻠﻬﻣﻧـﻲ ﻓﯾــﻪ ﺳـﺑﯾل اﻟرﺷــد ،وأن ﯾﺟﻌــل اﺧﺗﯾـﺎري وﺗرﺟﯾﺣــﻲ ﻓﯾـﻪ ﻟﻣــﺎ ﯾﺣﺑــﻪ
اﷲ ﻋز وﺟل وﯾرﺿﺎﻩ ،وأن ﯾﺟﻧﺑﻧﻲ ﻓﯾﻪ اﺗﺑـﺎع اﻟﻬـوى واﻹﻋﺟـﺎب ﺑـﺎﻟرأي
-
٦٦٩ -
ﺑــﻼ دﻟﯾــل وﻻ ﺳــﻧد ﻓﻬــو اﻟﻬــﺎدي إﻟــﻰ ﺳــﺑﯾل اﻟرﺷــﺎد ،وﻻ وﻟــﻲ ﻟﻧــﺎ وﻻ ﺳــﻧد
إﻻ ﻫو وﻛﻔﻰ ﻫﺎدﯾﺎ ووﻛﯾﻼ .
ﻫــذا وﻣــﺎ ﯾﻛــون ﻣــن ﺗوﻓﯾــق ﻓﻣــن رﺑــﻲ ﻋــز وﺟــل ﻓﻬــو اﻟﻣــدﺑر ﻟﻸﻣــر
اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻟﻛل ﻫم ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣن ﻧﻘص وﺗﻘﺻﯾر ﻓﻣﻧﻲ وﻣن اﻟﺷﯾطﺎن ﻓﻬو
اﻟذي أﻗﺳم ﻟﯾﻘﻌـدن ﻟﻧـﺎ ﺻـراط اﷲ اﻟﻣـﺳﺗﻘﯾم وﻟﯾﺄﺗﯾﻧـﺎ ﻣـن ﺑـﯾن أﯾـدﯾﻧﺎ وﻣـن
ﺧﻠﻔﻧـﺎ وﻋــن أﯾﻣﺎﻧﻧـﺎ وﻋــن ﺷـﻣﺎﺋﻠﻧﺎ ،ﻛﻔﺎﻧــﺎ اﷲ ﺷـر ﻛــل ﺷـﯾطﺎن ﻣــن إﻧــس
أو ﺟن وﺟﻌﻠﻧﺎ ﻣن ﻋﺑﺎدﻩ اﻟﻣﺧﻠﺻﯾن ﻓﻼ ﯾﻛون ﻟﻠﺷﯾطﺎن ﻋﻠﯾﻧﺎ ﺳﺑﯾﻼ .
وﺻﻠﻲ اﻟﻠﻬم وﺳﻠم وﺑـﺎرك ﻋﻠـﻰ ﺳـﯾدﻧﺎ ﻣﺣﻣـد وﻋﻠـﻰ آﻟـﻪ وﺻـﺣﺑﻪ وﺳـﻠم
ﺗﺳﻠﯾﻣﺎ ﻛﺛﯾ ار واﻟﺣﻣد ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن .
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول
ﻓﻲ
-
٦٧٠ -
ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﻔﻘود وأﻗﺳﺎﻣﻪ
اﻟﻣطﻠب اﻷول
ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﻔﻘود
اﻟﻣﻔﻘود ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :ﻓﻘد اﻟﺷﻲء ﯾﻔﻘدﻩ ﻓﻘدا وﻓﻘودا ،ﻓﻬـو ﻣﻔﻘـود ،وﻓﻘﯾـد
ﻋدﻣﻪ؛ واﻟﻔﺎﻗد ﻣن اﻟﻧـﺳﺎء :اﻟﺗـﻲ ﯾﻣـوت زوﺟﻬـﺎ أو وﻟـدﻫﺎ أو ﺣﻣﯾﻣﻬـﺎ .ِ
َ َ :
أَﺑو ُﻋﺑﯾد :اﻣ أرَة ِ ٌ ِ
وﻫﻲ اﻟﺛﻛول ).(١
ﻓﺎﻗد َ َ
وﻓﻘد اﻟﺷﻲء ﻓﻘدا وﻓﻘداﻧﺎ :ﺿﺎع ﻣﻧﻪ
(٢).
واﻟﻔﻘﯾد :اﻟﻣﻔﻘود
واﻟﻣﻔﻘود ﻓﻲ اﻟﺷرع ﻫو :ﻏﺎﺋب ﻟم ﯾدر أﺣﻲ ﻫو ﻓﯾﺗوﻗﻊ ﻗدوﻣﻪ أم ﻣﯾت
أودع اﻟﻠﺣد ).(٣
اﺟﺗﻣﻌ ــت ﻛﻠﻣ ــﺔ اﻟﻔﻘﻬ ــﺎء ﻋﻠ ــﻰ أن اﻟﻣﻔﻘ ــود ﻫ ــو اﻟﻐﺎﺋ ــب اﻟ ــذي ﻻ ﯾ ــدرى
)(٤
ﺣﯾﺎﺗﻪ وﻻ ﻣوﺗﻪ
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
أﻗﺳﺎم اﻟﻣﻔﻘود
)(١
ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ج ٣ص ٣٣٧ﻣﺎدة :ﻓﻘد
)(٢
اﻟﻣﻌﺟم اﻟوﺟﯾز ص ٤٧٧ﻣﺎدة :ﻓﻘد طﺑﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑوزارة اﻟﺗﻌﻠﯾم
)(٣
اﻟدر اﻟﻣﺧﺗﺎر ﻻﺑن ﻋﺎﺑدﯾن ج ٤ص ٢٩٢ط دار اﻟﻔﻛر ﺑﯾروت ط اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ
)(٤
ﻓﺗﺢ اﻟﻘدﯾر ﻻﺑـن اﻟﻬﻣـﺎم ج ٦ص ١٤١ط دار اﻟﻔﻛـر & ﻣـﻧﺢ اﻟﺟﻠﯾـل ج ٤ص
٣١٧ط دار اﻟﻔﻛــر ﺑﯾــروت & اﻟﺣــﺎوي ﻟﻠﻣــﺎوردي ج ٨ص ٢٤٩ط دار اﻟﻔﻛــر
ﺑﯾــروت & اﻟــﺷرح اﻟﻣﻣﺗــﻊ ﻋﻠــﻰ زاد اﻟﻣــﺳﺗﻘﻧﻊ ج ١١ص ٢٩٩ط اﻷوﻟــﻰ دار
اﺑن اﻟﺟوزي
-
٦٧١ -
إذا ﻧظرﻧﺎ ﻓﻲ ﻛﺗب اﻟﻔﻘﻪ ﻧﺟد أن ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻗﺳم اﻟﻣﻔﻘـود إﻟـﻰ أﻧـواع
ﺑﺣــﺳب اﻷﺣـوال واﻟظــروف اﻟﺗــﻲ ﻓﻘــد ﻓﯾﻬــﺎ وﺑﺣــﺳب ﻣﻛــﺎن ﻓﻘــدﻩ ،واﻟــﺑﻌض
اﻵﺧر ﻟم ﯾﺳر ﻋﻠـﻰ ﻫـذا اﻟﺗﻘـﺳﯾم ﺑـل أﻋطـﻰ اﻟﻣﻔﻘـود ﺣﻛﻣـﺎ واﺣـدا ،وﻣﻣـن
ﻗﺳم اﻟﻣﻔﻘود اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ ﺣﯾث ﻗﺳﻣوﻩ
إﻟﻰ :
– ١اﻟﻣﻔﻘود ﻓﻲ ﺑﻼد اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرات ﻣﺛﻼ وﻻ ﯾﻌرف ﻣﻛﺎﻧﻪ .
– ٢اﻷﺳﯾر ﺗﻌرف ﺣﯾﺎﺗـﻪ وﻗﺗـﺎ ﺛـم ﯾﻧﻘطـﻊ ﺧﺑـرﻩ وﻻ ﯾﻌـرف ﻟـﻪ ﻣـوت وﻻ
ﺣﯾﺎة ،ﻓﻬذا ﻻ ﯾﻔرق ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن اﻣ أرﺗـﻪ ﺣﺗـﻰ ﯾﻌﻣـر وﯾﻧﻘـﺿﻲ ﺗﻌﻣﯾـرﻩ ﻓـﯾﺣﻛم
ﻟﻪ ﺣﯾﻧﺋذ ﺑﺣﻛم اﻟﻣوﺗﻰ .
– ٣اﻟﻣﻔﻘــود ﻓــﻲ أرض اﻟﻌــدو واﻟﻣﻌﺗــوك ﺑــﯾن اﻟــﺻﻔﯾن ،ﺣﻛﻣــﻪ ﺣﻛــم
اﻷﺳﯾر ﻻ ﺗﺗزوج اﻣرأﺗﻪ أﺑدا أو ﯾﺄﺗﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﻣن اﻟﺳﻧﯾن ﻣﺎ ﯾﻌﻠم أﻧﻪ ﻗد ﻣـﺎت
ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾؤﻣن ﻋﻠﯾﻪ اﻷﺳر ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻌدو .
– ٤اﻟﻣﻔﻘود ﻓﻲ ﻓﺗن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وأرﺿﻬم ﯾﻔﻘد ﻓـﻲ ﻣﻌﺗـرك اﻟﻔﺗﻧـﺔ وﯾﻧﻌـﻰ
إﻟﻰ زوﺟﺗﻪ ﻓﻬذا ﯾﺟﺗﻬد ﻓﯾﻪ اﻹﻣﺎم وﯾﺗﻠو ﻟﻪ أﻣ ار ﯾﺳﯾ ار ﻗدر ﻣﺎ ﯾﺗﺻرف ﻣن
ﻫرب أو اﻧﻬـزام ﯾﺟﺗﻬـد ﻓـﻲ ذﻟـك اﻟﺣـﺎﻛم واﻹﻣـﺎم ﻓﯾﻣـﺎ ﯾﻐﻠـب ﻋﻠـﻰ ظﻧـﻪ ﻣﻣـﺎ
ﯾؤدﯾﻪ إﻟﯾﻪ اﻟﻔﺣص ﻋن
أﺧﺑﺎرﻩ ).(١
)(١
اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻻﺑن ﻋﺑد اﻟﺑر ج ١ص ٢٦١ ، ٢٦٠ط دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺑﯾروت
-
٦٧٢ -
اﻟﺛــﺎﻧﻲ :ﻣــن اﻧﻘطــﻊ ﺧﺑ ـرﻩ ﻟﻐﯾﺑــﺔ ظﺎﻫرﻫــﺎ اﻟﻬــﻼك ،ﻛﻣــن ﻏــرق ﻣرﻛﺑــﻪ
ﻓــﺳﻠم ﻗــوم دون ﻗــوم ،أو ﻓﻘــد ﻣــن ﺑــﯾن أﻫﻠــﻪ ﻛﻣــن ﯾﺧــرج إﻟــﻰ اﻟــﺻﻼة ﻓــﻼ
ﯾﻌود ،أو إﻟﻰ ﺣﺎﺟﺔ ﻗرﯾﺑﺔ ﻓﻼ ﯾﻌود ،أو ﻓﻘد ﻓﻲ ﻣﻔﺎزة ﻣﻬﻠﻛﺔ ).(١
أﻣــﺎ إذا ﻧظرﻧــﺎ ﻟﻸﺣﻧــﺎف واﻟــﺷﺎﻓﻌﯾﺔ ﻧﺟــدﻫم ﻟــم ﯾــﺳﯾروا ﻋﻠــﻰ ﻧﻬــﺞ ﺗﻘــﺳﯾم
اﻟﻣﻔﻘود ﺑل ﻛل ﻣن ﻏﺎب واﻧﻘطﻊ ﺧﺑرﻩ ﯾﻌد ﻣﻔﻘودا .
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻓﻲ
)(١
ﻛﺷﺎف اﻟﻘﻧﺎع ج ١٠ص ٤٦١ﻧﺷر وزارة اﻟﻌدل اﻟرﯾﺎض
-
٦٧٣ -
اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن اﻟﻣﻔﻘود وزوﺟﺗﻪ
اﻟﻣطﻠب اﻷول
ﻓﻲ
اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن اﻟﻣﻔﻘود وزوﺟﺗﻪ
اﺧﺗﻠف اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ اﻣرأة اﻟﻣﻔﻘود اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻬل ﺣﯾﺎﺗﻪ أو ﻣوﺗﻪ ﻓﻣﻧﻬم ﻣن
ﻟم ﯾﺣل ﻟﻬﺎ اﻟزواج ﺣﺗﻰ ﯾﺻﺢ ﻣوت زوﺟﻬﺎ ،وﻣـﻧﻬم ﻣـن أﺑـﺎح ﻟﻬـﺎ اﻟﺗـزوج
ﺑﻌد ﺗرﺑص ﻣدة ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻣﺎ ﺳﻧراﻩ - :
وﯾرﺟﻊ ﺳﺑب اﺧﺗﻼﻓﻬم إﻟﻰ - :
ﻣﻌﺎرﺿــﺔ اﺳﺗــﺻﺣﺎب اﻟﺣــﺎل ﻟﻠﻘﯾــﺎس ،وذﻟــك أن اﺳﺗــﺻﺣﺎب اﻟﺣــﺎل
ﯾوﺟــب أن ﻻ ﺗﻧﺣــل ﻋــﺻﻣﺔ إﻻ ﺑﻣــوت أو طــﻼق ﺣﺗــﻰ ﯾــدل اﻟــدﻟﯾل ﻋﻠــﻰ
ﻏﯾ ــر ذﻟ ــك ،وأﻣ ــﺎ اﻟﻘﯾ ــﺎس ﻓﻬ ــو ﺗ ــﺷﺑﯾﻪ اﻟ ــﺿرر اﻟﻼﺣ ــق ﻟﻬ ــﺎ ﻣ ــن ﻏﯾﺑﺗ ــﻪ
ﺑﺎﻹﯾﻼء واﻟﻌﻧﺔ ﻓﯾﻛون ﻟﻬﺎ اﻟﺧﯾﺎر ﻛﻣﺎ ﯾﻛون ﻓﻲ ﻫذﯾن ).(١
آراء اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن اﻟﻣرأة وزوﺟﻬﺎ اﻟﻣﻔﻘود ﺑﺳﺑب اﻟﻔﻘد:
اﻟرأي اﻷول :ذﻫب اﻷﺣﻧﺎف واﻟﺷﺎﻓﻌﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟدﯾد إﻟﻰ :
أن اﻣ ـرأة اﻟﻣﻔﻘــود ﻻ ﺗﺑــﯾن ﻣﻧــﻪ ،ﻓــﻼ ﺗﺗــزوج ﻣــن آﺧــر ﻓﻬــﻲ اﻣ ـرأة
اﺑﺗﻠﯾت ﻓﻠﺗﺻﺑر ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗﺑﯾن ﻣوت أو طﻼق ).(٢
وﻓــﻲ رواﯾــﺔ اﻟﺣــﺳن ﻋــن أﺑــﻲ ﺣﻧﯾﻔــﺔ أﻧــﻪ إذا ﺗــم ﻟــﻪ ﻣﺎﺋــﺔ وﻋــﺷرون ﺳــﻧﺔ
ﻣن ﯾوم وﻟد ﺣﻛم ﺑﻣوﺗﻪ ،وﻓﻲ اﻟﻣروي ﻋن أﺑﻲ ﯾوﺳف ﻣﺎﺋـﺔ ﺳـﻧﺔ ،وﻗـدرﻩ
ﺑﻌﺿﻬم ﺑﺗﺳﻌﯾن ).(٣
)(١
ﺑداﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻬد وﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻣﻘﺗﺻد ﻻﺑن رﺷد ج ٣ص ٧٥ط دار اﻟﺣدﯾث اﻟﻘﺎﻫرة.
)(٢
اﻟﻣﺑﺳوط ﻟﻠﺳرﺧﺳﻲ ج ١١ص & ٦٧اﻟﺣـﺎوي ﻟﻠﻣـﺎوردي ج ١١ص ٧١٦ط
دار اﻟﻔﻛر ﺑﯾروت
)(٣
اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﺷرح اﻟﻬداﯾﺔ ﻟﻠﺑﺎﺑرﺗﻲ ج ٦ص ١٤٨ط دار اﻟﻔﻛر
-
٦٧٤ -
اﻟرأي اﻟﺛﺎﻧﻲ :ذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ واﻟﺣﻧﺎﺑﻠﺔ واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﻘدﯾم إﻟﻰ أن
اﻣرأة اﻟﻣﻔﻘود ﺗﺗرﺑص أرﺑﻊ ﺳﻧﯾن ﺛم ﺗﻌﺗد أرﺑﻌﺔ أﺷﻬر وﻋﺷ ار ،ﻏﯾر أن
اﻹﻣﺎم أﺣﻣد ﺧص ﻫذا ﺑﺎﻟﻐﯾﺑﺔ اﻟﺗﻲ ظﺎﻫرﻫﺎ اﻟﻬﻼك ،ﺑﺧﻼف اﻟﻐﯾﺑـﺔ اﻟﺗـﻲ
ﻟــﯾس ظﺎﻫرﻫــﺎ اﻟﻬــﻼك ﻛﺎﻟــﺳﻔر ﻓــﻲ طﻠــب اﻟﻌﻠــم أو اﻟــﺳﯾﺎﺣﺔ أو اﻟﺗﺟــﺎرة ﻓــﻲ
)(١
طرﯾق ﻏﯾر ﻣﻬﻠك
ﻓﻬذا ﻓﯾﻪ رواﯾﺗﺎن ﻋﻧدﻫم :
اﻷوﻟــﻰ :ﻻ ﺗﺗــزوج اﻣ أرﺗــﻪ ﺣﺗــﻰ ﯾﺗــﯾﻘن ﻣوﺗــﻪ أو ﯾﻣــﺿﻲ ﻋﻠﯾــﻪ ﻣــدة ﻻ
ﯾﻌــﯾش ﻣﺛﻠﻬــﺎ ،ﻷن اﻷﺻــل ﺣﯾﺎﺗــﻪ واﻟﺗﻘــدﯾر ﻻ ﯾــﺻﺎر إﻟﯾــﻪ إﻻ ﺑﺗوﻗﯾــف وﻻ
ﺗوﻗﯾف ﻫﺎﻫﻧﺎ ﻓوﺟب اﻟﺗوﻗف .
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :أﻧﻪ ﯾﻧﺗظر ﺑﻪ ﺗﻣﺎم ﺗﺳﻌﯾن ﺳﻧﺔ ﻣن ﯾوم ﻓﻘد ).(٢
اﻷدﻟﺔ
أدﻟﺔ أﺻﺣﺎب اﻟرأي اﻷول :
اﺳﺗدل أﺻﺣﺎب اﻟرأي اﻷول ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻫﺑوا إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻵﺗﻲ :
أوﻻ :ﻣــﺎ رواﻩ ﺳـوار ﺑــن ﻣــﺻﻌب ﻋــن ﻣﺣﻣــد ﺑــن ﺷــرﺣﺑﯾل ﻋــن اﻟﻣﻐﯾـرة
ﺑن ﺷﻌﺑﺔ :ﻗﺎل رﺳول اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم :
)(٣
) اﻣرأة اﻟﻣﻔﻘود اﻣرأﺗﻪ ﺣﺗﻰ ﯾﺄﺗﯾﻬﺎ اﻟﺧﺑر (
)(١
اﻟﻣﺑـــﺳوط ﻟﻠﺳرﺧـــﺳﻲ ج ١١ص & ٦٧اﻟﻣﻐﻧـــﻲ ﻻﺑـــن ﻗداﻣـــﺔ ج ٦ص ٣٨٩
ﻧﺷر ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻘﺎﻫرة
)(٢
ﻧﻔس اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ج ٦ص ٣٨٩
)(٣
ﺳــﻧن اﻟــدارﻗطﻧﻲ ج ٤ص ٤٨٣رﻗــم ٣٨٤٩ﺑــﺎب اﻟﻣﻬــر ط اﻷوﻟــﻰ ﻣؤﺳــﺳﺔ
اﻟرﺳﺎﻟﺔ ﺗﺣﻘﯾق ﺷﻌﯾب اﻷرﻧؤوط
-
٦٧٥ -
ﺛﺎﻧﯾـﺎ :ﻗـول ﻋﻠـﻲ رﺿـﻲ اﷲ ﻋﻧـﻪ ﻓﯾﻬـﺎ } :ﻫـﻲ اﻣـرأة اﺑﺗﻠﯾـت ﻓﻠﺗـﺻﺑر
ﺣﺗــﻰ ﯾــﺳﺗﺑﯾن ﻣــوت أو طــﻼق { ﻓﻬــذا ﺧــرج ﺑﯾﺎﻧــﺎ ﻟﻠﺑﯾــﺎن اﻟﻣــذﻛور ﻓــﻲ
)(١
اﻟﻣرﻓوع .
ﺛﺎﻟﺛــﺎ :ﻷن ﻣــن ﺟﻬــل ﻣوﺗــﻪ ﻟــم ﯾﺣﻛــم ﺑوﻓﺎﺗــﻪ ﻛﻣــن ﻏــﺎب أﻗــل ﻣــن أرﺑــﻊ
ﺳﻧﯾن .
راﺑﻌـﺎ :ﻷﻧـﻪ ﻟﻣـﺎ ﺟــرى ﻋﻠﯾـﻪ ﺣﻛـم اﻟوﻓـﺎة ﻓــﻲ ﻣﺎﻟـﻪ ﻣـﻊ اﻟﺟﻬـل ﺑﺣﯾﺎﺗــﻪ ،
ﺟ ــرى ﻋﻠﯾ ــﻪ ﺣﻛ ــم اﻟﺣﯾ ــﺎة ﻓ ــﻲ زوﺟﺎﺗ ــﻪ ﻛﻣ ــﺎ ﯾﺟ ــري ﻋﻠﯾ ــﻪ ﺣﻛ ــم اﻟﺣﯾ ــﺎة ﻓ ــﻲ
أﻣﻬﺎت أوﻻدﻩ .
ﺧﺎﻣﺳﺎ :وﻷﻧـﻪ ﻟـو ﻏﺎﺑـت اﻟزوﺟـﺔ ﺣﺗـﻰ ﺧﻔـﻲ ﺧﺑرﻫـﺎ ﻟـم ﯾﺟـز أن ﯾﺣﻛـم
ﺑﻣوﺗﻬﺎ ﻓﻲ إﺑﺎﺣﺔ ﻓﻲ إﺑﺎﺣﺔ أﺧﺗﻬﺎ ﻟزوﺟﻬﺎ ،وﻧﻛﺎح أرﺑﻊ ﺳواﻫﺎ .
ﺳﺎدﺳــﺎ :ﻷﻧــﻪ ﻟﻣــﺎ ﺟــرى ﻋﻠﯾــﻪ ﻓــﻲ ﻏﯾﺑﺗــﻪ ﺣﻛــم طﻼﻗــﻪ وظﻬــﺎرﻩ ﺟــرى
)(٢
. ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺣﻛم اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣرﯾﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﯾرﻩ
ﺳﺎﺑﻌﺎ :ﻷن اﻟﻧﻛـﺎح ﻋـرف ﺛﺑوﺗـﻪ واﻟﻐﯾﺑـﺔ ﻻ ﺗوﺟـب اﻟﻔرﻗـﺔ واﻟﻣـوت ﻓـﻲ
ﺣﯾز اﻻﺣﺗﻣﺎل ﻓﻼ ﯾزال اﻟﻧﻛﺎح ﺑﺎﻟﺷك ).(٣
أدﻟﺔ أﺻﺣﺎب اﻟرأي اﻟﺛﺎﻧﻲ :
اﺳﺗدل أﺻﺣﺎب اﻟرأي اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ :
أوﻻ :ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
)(٤
) وﻻ ﺗﻣﺳﻛوﻫن ﺿ ار ار ﻟﺗﻌﺗدوا (
)(١
ﻓﻔﻲ ﺣﺑﺳﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎل إﺿرار وﻋدوان .
)(١
ﻓﺗﺢ اﻟﻘدﯾر ج ٦ص ١٤٦
)(٢
اﻟﺣﺎوي ﻟﻠﻣﺎوردي ج ١١ص ٧١٧
)(٣
ﻓﺗﺢ اﻟﻘدﯾر ج ٦ص ١٤٧
)(٤
ﺳورة اﻟﺑﻘرة آﯾﺔ رﻗم ٢٣١
-
٦٧٦ -
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﻣﺎ روى اﻷﺛرم واﻟﺟوﺟزاﻧﻲ ﺑﺈﺳﻧﺎدﻫﻣﺎ ﻋـن ﻋﺑﯾـد ﺑـن ﻋﻣﯾـر ﻗـﺎل
:ﻓﻘد رﺟل ﻓﻲ ﻋﻬد ﻋﻣر ،ﻓﺟﺎءت اﻣرأﺗﻪ اﻟﻰ ﻋﻣر ﻓذﻛرت ذﻟـك ﻟـﻪ ﻓﻘـﺎل
:اﻧطﻠﻘــﻲ ﻓﺗرﺑــﺻﻲ أرﺑــﻊ ﺳــﻧﯾن .ﻓﻔﻌﻠــت ﺛــم أﺗﺗــﻪ ﻓﻘــﺎل :اﻧطﻠﻘــﻲ ﻓﺎﻋﺗــدي
أرﺑﻌﺔ أﺷـﻬر وﻋـﺷ ار ﻓﻔﻌﻠـت ،ﺛـم أﺗﺗـﻪ ﻓﻘـﺎل :أﯾـن وﻟـﻲ ﻫـذا اﻟرﺟـل ؟ ﻓﺟـﺎء
وﻟﯾﻪ ﻓﻘﺎل :طﻠﻘﻬﺎ ،ﻓﻔﻌـل ،ﻓﻘـﺎل ﻟﻬـﺎ ﻋﻣـر :اﻧطﻠﻘـﻲ ﻓﺗزوﺟـﻲ ﻣـن ﺷـﺋت
ﻓﺗزوﺟــت ﺛــم ﺟــﺎء زوﺟﻬــﺎ اﻷول ،ﻓﻘــﺎل ﻟــﻪ ﻋﻣــر :أﯾــن ﻛﻧــت ؟ ﻗــﺎل :ﯾــﺎ
أﻣﯾ ــر اﻟﻣ ــؤﻣﻧﯾن اﺳ ــﺗﻬوﺗﻧﻲ اﻟ ــﺷﯾﺎطﯾن ﻓ ــو اﷲ ﻣ ــﺎ أدري ﻓ ــﻲ أي أرض اﷲ
ﻛﻧــت ؟ ﻋﻧــد ﻗــوم ﯾــﺳﺗﻌﺑدوﻧﻧﻲ ﺣﺗــﻰ اﻏﺗ ـزاﻫم ﻣــﻧﻬم ﻗــوم ﻣــﺳﻠﻣون ،ﻓﻛﻧــت
ﻓﯾﻣــﺎ ﻏﻧﻣــوﻩ ،ﻓﻘــﺎﻟوا ﻟــﻲ :أﻧــت رﺟــل ﻣــن اﻹﻧــس وﻫــؤﻻء ﻣــن اﻟﺟــن ﻓﻣﺎﻟــك
وﻣﺎﻟﻬم ؟ ﻓﺄﺧﺑرﺗﻬم ﺧﺑري ،ﻓﻘﺎﻟوا :ﺑﺄي أرض اﷲ ﺗﺣب أن ﺗﺻﺑﺢ ؟ ﻗﻠت
اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻫﻲ أرﺿﻲ ،ﻓﺄﺻﺑﺣت وأﻧﺎ أﻧظر إﻟﻰ اﻟﺣرة .
ﻓﺧﯾرﻩ ﻋﻣر :إن ﺷﺎء اﻣرأﺗﻪ ٕوان ﺷﺎء اﻟﺻداق ،ﻓﺎﺧﺗﺎر اﻟـﺻداق وﻗـﺎل
)(٢
:ﻗد ﺣﻣﻠت ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻲ ﻓﯾﻬﺎ .
)(١ )(٣
واﻟﻌﻧ ــﺔ ﺛﺎﻟﺛـــﺎ :ﺗ ــﺷﺑﯾﻪ اﻟ ــﺿرر اﻟﻼﺣ ــق ﻟﻬ ــﺎ ﻣ ــن ﻏﯾﺑﺗ ــﻪ ﺑ ــﺎﻹﯾﻼء
)(٢
ﻓﯾﻛون ﻟﻬﺎ اﻟﺧﯾﺎر ﻛﻣﺎ ﯾﻛون ﻓﻲ ﻫذﯾن .
)(١
اﻟﺣــﺎوي ﻟﻠﻣــﺎوردي ج ١١ص &٧١٥اﻟﺑﯾــﺎن واﻟﺗﺣــﺻﯾل ﻻﺑــن رﺷــد اﻟﻘرطﺑــﻲ ط
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ دار اﻟﻐرب اﻻﺳﻼﻣﻲ ﺑﯾروت ﻟﺑﻧﺎن ج ٥ص ٣٥٣
)(٢
اﻟﻣﻐﻧﻲ ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ ج ٨ص ١٣٢
) (١اﻹﯾﻼء ﻫو :اﻟﺣﻠف ﻋﻠﻰ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن وطء اﻟزوﺟـﺔ ﻣطﻠﻘـﺎ أو أﻛﺛـر ﻣـن أرﺑﻌـﺔ
أﺷﻬر اﻧظر ﻣﻐﻧﻲ اﻟﻣﺣﺗﺎج ج ٥ص ١٥
-
٦٧٧ -
راﺑﻌﺎ :وﻷن اﻟـﺿرر إذا ﻋظـم ﻣـدﻓوع ،وﻗـد ﻧﻔـﺳﺦ اﻟﻧﻛـﺎح ﺑـﺎﻟﻌﺟز ﻋـن
اﻹﻧﻔﺎق واﻻﺳﺗﻣﺗﺎع وﻏﯾرﻫﻣﺎ ﻣﻊ ﺗﻌرﺿﻬﻣﺎ ﻟﻠـزوال ،ﻓـﺈذا ﺟـﺎز اﻟﻔـﺳﺦ ﺑﻬـذا
)(٣
اﻟﺿرر اﻟﯾﺳﯾر ،ﻓﻸن ﯾﺻﺢ ﺑﺎﻟﺿرار اﻟﻣﺗﻔﺎﺣش ﻓﯾﻣﺎ ﻧﺣن ﻓﯾﻪ أوﻟﻰ .
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ
أوﻻ :ﻧﺎﻗش أﺻﺣﺎب اﻟرأي اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣـﺎ اﺳـﺗدل ﺑـﻪ أﺻـﺣﺎب اﻟـرأي اﻷول
ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ :
أ – أﻣﺎ اﻟﺣدﯾث اﻟذي روى ﻋـن اﻟﻧﺑـﻲ ﺻـﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾـﻪ وﺳـﻠم ﻓﻠـم ﯾﺛﺑـت
وﻟم ﯾذﻛرﻩ أﺻﺣﺎب اﻟﺳﻧن .
ب -ﻣــﺎ رووﻩ ﻋــن ﻋﻠــﻲ ﯾروﯾــﻪ اﻟﺣﻛــم وﺣﻣــﺎد ﻣرﺳــﻼ ،واﻟﻣــﺳﻧد ﻋﻧــﻪ
ﻣﺛــل ﻗوﻟﻧــﺎ ،ﺛــم ﯾﺣﻣــل ﻣــﺎ رووﻩ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﻔﻘــود اﻟــذي ظــﺎﻫر ﻏﯾﺑﺗــﻪ اﻟــﺳﻼﻣﺔ
ﺟﻣﻌﺎ ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن ﻣﺎ روﯾﻧﺎﻩ .
ج – ﻗــوﻟﻬم إﻧــﻪ ﺷــك ﻓــﻲ زوال اﻟزوﺟﯾــﺔ ﻣﻣﻧــوع ﻓــﺈن اﻟــﺷك ﻣــﺎ ﺗــﺳﺎوى
)(٤
ﻓﯾﻪ اﻷﻣران ،واﻟظﺎﻫر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺗﻧﺎ ﻫﻼﻛﻪ
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﻧﺎﻗش أﺻﺣﺎب اﻟرأي اﻷول ﻣﺎ اﺳﺗدل ﺑﻪ أﺻﺣﺎب اﻟرأي اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ :
أ – أﻣﺎ ﺣدﯾث ﻋﻣر ﻓﻘد روي أﻧﻪ رﺟﻊ ﻋن ﻗﺿﯾﺗﻪ ﺣﯾن رﺟـﻊ اﻟـزوج ،
وﻛذﻟك اﺑن ﻋﺑﺎس وﻋﺛﻣﺎن ﻓﺻﺎر إﺟﻣﺎﻋﺎ ﺑﻌد ﺧﻼف .
) (٢
اﻟﻌﻧﺔ ﻫﻲ :اﻟﻌﻧﯾن ﻫو اﻟذي ﯾﻣﺗﻧـﻊ ﻋﻠﯾـﻪ وﻗـﺎع اﻣرأﺗـﻪ اﻧظـر ﻧﻬﺎﯾـﺔ اﻟﻣطﻠـب ج
١٢ص ٤٧٩
)(٢
ﺑداﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻬد ج ٣ص ٧٥
)(٣
ﻧﻬﺎﯾــﺔ اﻟﻣطﻠــب ﻓــﻲ دراﯾــﺔ اﻟﻣــذﻫب ﻷﺑــﻲ اﻟﻣﻌــﺎﻟﻲ ط اﻷوﻟــﻰ دار اﻟﻣﻧــﺎﻫﺞ ج ١٥
ص ٢٨٧
)(٤
اﻟﻣﻐﻧﻲ ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ ج ٨ص ١٣٣
-
٦٧٨ -
ب – اﻻﻋﺗﺑــﺎر ﺑﺎﻟﻌﻧــﺔ واﻹﻋــﺳﺎر ﻣــﻊ ﻓــﺳﺎدﻩ ﺑﻐﯾﺑــﺔ اﻟﻣﻌــروف ﺣﯾﺎﺗــﻪ ،
ﻓﺎﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﻲ اﻟﻌﻧﺔ :
ﻧﻘ ــص اﻟﺧﻠﻘ ــﺔ وﻓ ــﻲ اﻹﻋ ــﺳﺎر ﻣ ــﺎ أﻟزﻣ ــﻪ ،وﻫﻣ ــﺎ ﻣﻔﻘ ــودان ﻓ ــﻲ اﻟﻣﻔﻘ ــود
ﺑﺳﻼﻣﺔ ﺧﻠﻘﺗﻪ وﺻﺣﺔ ذﻣﺗﻪ ).(١
ج – أﻧﻪ ﻻ ﻣﻌﺗﺑر ﺑﺎﻹﯾﻼء ﻷﻧﻪ ﻛﺎن طﻼﻗـﺎ ﻣﻌﺟـﻼ ﻓـﺎﻋﺗﺑر ﻓـﻲ اﻟـﺷرع
ﻣؤﺟﻼ ﻓﻛـﺎن ﻣوﺟﺑـﺎ ﻟﻠﻔرﻗـﺔ ،ﻷن اﻟﻐرﺑـﺔ ﺗﻌﻘـب اﻷوﺑـﺔ ،واﻟﻌﻧـﺔ ﻗﻠﻣـﺎ ﺗﻧﺣـل
ﺑﻌد اﺳﺗﻣرارﻫﺎ ﺳﻧﺔ ).(٢
اﻟرأي اﻟراﺟﺢ
ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ أرى أن ﻟﻠﺗﻘﺳﯾم اﻟذي ﺻـﺎر إﻟﯾـﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﯾـﺔ ﻟﻠﻣﻔﻘـود ﻧظـر ﻓﻬـو
ﻣن اﻷﻫﻣﯾﺔ ﺑوﺟﻪ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻧﺎ اﻟﺣﺎﻟﻲ وﻗد ﺗﻌددت ﻓﻌـﻼ أﺳـﺑﺎب اﻟﻔﻘـد
،وأﯾـﺿﺎ أﺻــﺑﺢ ﻣـن اﻟﯾــﺳﯾر اﻟوﻗـوف ﻋﻠــﻰ ﺣﺎﻟـﺔ ﻫــذا اﻟـﺷﺧص اﻟﻣﻔﻘــود إذا
ﻛ ــﺎن ﺣﯾ ــﺎ أم ﻣﯾﺗ ــﺎ ﻧظـ ـ ار ﻟﺗﻌ ــدد وﺳ ــﺎﺋل اﻻﺗ ــﺻﺎل ﻣ ــن ﺗﻠﯾﻔوﻧ ــﺎت واﻧﺗرﻧ ــت
ٕواذاﻋﺎت وﻗﻧوات وﻏﯾرﻫـﺎ ،وأﯾـﺿﺎ وﺟـود ﺳـﻔﺎرات ﻟﻛـل ﺑﻠـدة ﻓـﻲ ﻏﯾرﻫـﺎ ﻣـن
اﻟﺑﻠــدان ،ﻓﻣــن اﻟﻣؤﻛــد أن ﻣــن ﻓﻘــد ﻓــﻲ ﻓﺗﻧــﺔ ﻟﻠﻣــﺳﻠﻣﯾن ﻟــﯾس ﻛﻣــن ﻓﻘــد ﻓــﻲ
)(١
اﻟﺣﺎوي ﻟﻠﻣﺎوردي ج ١١ص ٧١٧
)(٢
اﻟﺑﺣر اﻟراﺋق ﻻﺑن ﻧﺟﯾم اﻟﺣﻧﻔﻲ ط اﻷوﻟﻰ دار اﻟﻛﺗـب اﻟﻌﻠﻣﯾـﺔ ﺑﯾـروت ﻟﺑﻧـﺎن ج ٥
ص ٢٧٥
-
٦٧٩ -
ﺣــرب ﻣــﻊ اﻟﻌــدو ،ﻓﻣــن ﻓﻘــد ﻓــﻲ ﻓﺗﻧــﺔ ﻣــﺛﻼ ﯾﺟﺗﻬــد ﻓﯾــﻪ اﻟﺣــﺎﻛم ﻧظـ ار ﻟــزوال
ظروف ﻛل ﻫذﻩ اﻟﻔﺗﻧﺔ وﻣﺎ ﯾﺗرﺗـب ﻋﻠﯾﻬـﺎ ﺑﺧـﻼف اﻷﺳـﯾر ﻛﻣـﺎ ﺳـﺑق وﻫﻛـذا
.
أﻣـﺎ ﺑﺎﻟﻧـﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻔﻘـود اﻟــذي ﻓﻘـد ﻓـﻲ ﺳـﻔر ﻟﺗﺟــﺎرة وﻏﯾـرﻩ أو ﻓﻘـد ﻓـﻲ ﺑــﻼد
اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻋﻧد اﻟﻣﺎﻟﻛﯾـﺔ ،أو ﻓـﻲ ﻏﯾﺑـﺔ ظﺎﻫرﻫـﺎ اﻟﻬـﻼك ﻛﻣـﺎ ﻋﻧـد اﻟﺣﻧﺎﺑﻠـﺔ ،
أو اﻟﻣﻔﻘــود ﻋﺎﻣــﺔ ﻋﻧــد اﻷﺣﻧــﺎف واﻟــﺷﺎﻓﻌﯾﺔ ﻓــﺈﻧﻧﻲ أرى واﷲ أﻋﻠــم أن اﻟ ـرأي
اﻷوﻟﻰ ﺑﺎﻟﻘﺑول ﻫﻧﺎ ﻫو اﻟرأي اﻟﺛﺎﻧﻲ وﺧﺎﺻﺔ إذا وﺿﻌﻧﺎ ﻓـﻲ اﻻﻋﺗﺑـﺎر ﻛﻣـﺎ
ﺳﺑق ﺗﻌدد وﺳﺎﺋل اﻻﺗﺻﺎل ﺣﯾث أﺻﺑﺢ اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﻪ ﻛﻘرﯾﺔ ﺻﻐﯾرة .
إذ ﻻ ﺿرر وﻻ ﺿرار ،وﻻ ﺷك أن اﻟﻣـرأة إذا ﺗـﺿررت ﺑﻐﯾـﺎب زوﺟﻬـﺎ
ﻛــﺎن ﻫــذا ﺿــر ار ﯾﺟــب رﻓﻌــﻪ ،وﻟﻛــن ﻻ ﺑــد ﻣــن اﻟوﻗــوف ﻋﻠــﻰ اﻟــﻧص ﻓــﻼ
ﯾﺣﻛم ﺑﻣوﺗﻪ ﺑﻌد ﻋﺎم ﻣﺛﻼ أو أﺷﻬر إذ اﻟﻧص ورد ﺑﺎﻟﺗرﺑص أرﺑﻊ ﺳـﻧﯾن ﺛـم
اﻟﻌدة ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻫذا واﷲ أﻋﻠم .
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻣدة اﻟﺗرﺑص واﻟﻌدة
ﻣﺗﻰ ﺗﺑدأ ﻣدة اﻟﺗرﺑص ﻋﻧد أﺻﺣﺎب اﻟرأي اﻟﺛﺎﻧﻲ - :
ﻟﻠﺣﻧﺎﺑﻠﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸرﺑﻊ ﺳﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺑﺻﻬﺎ اﻣرأة اﻟﻣﻔﻘود ﻗوﻻن :
اﻟﻘـــول اﻷول :ﺗﺑﺗ ــدئ اﻟﺣ ــﺳﺎب ﻣ ــن اﻟوﻗ ــت اﻟ ــذي اﻧﻘط ــﻊ ﺧﺑـ ـرﻩ ﻛ ــﺄن
ﯾﻛون ﯾراﺳﻠﻬﺎ ﻛل ﺷﻬر واﻧﻘطﻊ ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﻬر اﻟﻣﺣرم ،ﻓﺗﺑدأ اﻟﺗرﺑص ﻣن
ﻣﺣرم ،وﺗﺣﺗﺳب اﻷرﺑﻊ ﺳﻧوات ﻣن ﻣﺣرم .
-
٦٨٠ -
اﻟﻘول اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﺣﺗﺳب اﻟﻣدة ﻣن ﻗﺿﺎء اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻬـﺎ أن ﺗﺗـرﺑص أرﺑـﻊ
ﺳﻧﯾن .
واﻟﻔــرق ﺑــﯾن اﻟﻘــوﻟﯾن :إذا ﻧظرﻧــﺎ إﻟــﻰ أن اﻷرﺑــﻊ ﺳــﻧﯾن ﺗﻌﺑدﯾــﺔ وأﻧﻬــﺎ
ﺗﻘدﯾر ﻣـن اﻟـﺷرع اﻋﺗﻣـﺎدا ﻟﻠﻐﺎﻟـب ﻓﻔـﻲ ﻫـذﻩ اﻟﺣﺎﻟـﺔ ﯾﻘـوى أﻧﻬـﺎ ﺗﺗوﻗـف ﻋﻠـﻰ
ﺣﻛــم اﻟﻘﺎﺿــﻲ ٕ ،واذا ﻧظرﻧــﺎ إﻟــﻰ أﻧﻬــﺎ اﺟﺗﻬﺎدﯾــﺔ وﻓﯾﻬــﺎ ﻣﻌﻧــﻰ اﻟﺗﻌﻠﯾــل ﻓﻔــﻲ
ﻫــذﻩ اﻟﺣﺎﻟــﺔ اﻟﻌﻠــﺔ ﻣوﺟــودة ﻣﻧــذ اﻟﻔﻘــد وﻣﻧــذ اﻧﻘطــﺎع اﻟﺧﺑــر ،ﻓﯾﻘــوى اﻟﻘــول
اﻷول ﻋﻠــﻰ اﻟﻘــول اﻟﺛــﺎﻧﻲ ﻣــن أﻧﻬــﺎ ﻣﻌﻠﻠــﺔ ،ﻷﻧــﻪ إذا اﻧﻘطــﻊ ﺧﺑ ـرﻩ ﻓــﻲ ﻫــذﻩ
اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺣﺻل اﻟﺿرر ﻟﻬﺎ ﻓﺗﺑدأ اﻟﺣﺳﺎب ﻣن ذﻟك اﻟوﻗت ).(١
)(٢
واﻹﻣـﺎم ﻣﺎﻟـك ،ﺣﯾـث ٕواﻟﻰ اﻟﻘول اﻟﺛﺎﻧﻲ ذﻫـب اﻟـﺷﺎﻓﻌﻲ ﻓـﻲ اﻟﻘـدﯾم
ﻗــﺎل :إن أﻗﺎﻣــت ﻋــﺷرﯾن ﺳــﻧﺔ ﺛــم رﻓﻌــت أﻣرﻫــﺎ إﻟــﻰ اﻟــﺳﻠطﺎن ﻧظــر ﻓﯾﻬــﺎ
وﻛﺗـب إﻟـﻰ ﻣوﺿـﻌﻪ اﻟـذي ﺧـرج إﻟﯾـﻪ ،ﻓــﺈذا ﯾـﺋس ﻣﻧـﻪ ﺿـرب ﻟﻬـﺎ ﻣـن ﺗﻠــك
اﻟﺳﺎﻋﺔ أرﺑﻊ ﺳﻧﯾن ).(٣
واﺳﺗدل ﻋﻠﻰ ذﻟك ب - :
أوﻻ :أن ﻋﻣر ﺑن اﻟﺧطﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ أﻣرﻫﺎ ﺑـﺎﻟﺗرﺑص ﻣـن وﻗـت
ﻗﺿﺎﺋﻪ واﻟﻌﻣل ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﻪ .
ﺛﺎﻧﯾـــﺎ :أﻧﻬ ــﺎ ﻣ ــدة ﺗﻘ ــدرت ﺑﺎﺟﺗﻬ ــﺎد ﻓﺎﻗﺗ ــﺿﻰ أن ﺗﺗﻘ ــدر ﺑ ــﺎﻟﺣﻛم ﻛﺎﻟﻌﻧ ــﺔ
وﺧﺎﻟﻔت ﻣدة اﻹﯾﻼء اﻟﻣﻘدرة ﺑﺎﻟﻧص ).(٤
اﻟرأي اﻟراﺟﺢ
)(١
ﺷرح زاد اﻟﻣﺳﺗﻘﻧﻊ ﻟﻠﺷﻧﻘﯾطﻲ ط اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ج ١٣ص ٣٢٨
)(٢
اﻟﺣﺎوي ﻟﻠﻣﺎوردي ح ١١ص ٧١٨
)(٣
اﻟﻣدوﻧﺔ اﻟﻛﺑرى ﻟﻺﻣﺎم ﻣﺎﻟك ط دار ﺻﺎدر ﺑﯾروت ج ٥ص ٤٥٠
)(٤
اﻟﺣﺎوي ﻟﻠﻣﺎوردي ج ١١ص ٧١٨
-
٦٨١ -
أرى واﷲ أﻋﻠـ ــم أن اﻟ ـ ـراﺟﺢ ﻓـ ــﻲ ذﻟـ ــك ﻫـ ــو ﻣـ ــﺎ ذﻫـ ــب إﻟﯾـ ــﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﯾـ ــﺔ
واﻟﺷﺎﻓﻌﯾﺔ واﻟﻘول اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﻠﺧﻧﺎﺑﻠﺔ ،ﻷن ﻫذا ﻫو ﻣـﺎ ﺛﺑـت ﺑﻔﻌـل ﺳـﯾدﻧﺎ ﻋﻣـر
ﺑــن اﻟﺧطــﺎب رﺿــﻲ اﷲ ﻋﻧــﻪ ،وﻷن اﻟﻘﺎﺿــﻲ ﻫــو اﻟــذي ﯾﺣﻛــم ﺑﻣوﺗ ــﻪ أو
ﻋدﻣــﻪ ،وﻻ ﺗﻛــون اﻟﻌــدة إﻻ ﺑﻌــد اﻟﺣﻛــم ﺑــﺎﻟﻣوت ،ﻓــﺈذا اﺣﺗــﺳﺑﻧﺎ اﻟﻣــدة ﻣــن
ﺑداﯾﺔ اﻟﻔﻘد ﻟﻣﺎ ﻛـﺎن ﻟﺣﻛـم اﻟﻘﺎﺿـﻲ ﻓﺎﺋـدة ﺑـل ﻟﻣـﺎ ﻛـﺎن ﻟﻠرﻓـﻊ ﻟﻠﻘﺎﺿـﻲ ﻓﺎﺋـدة
وﻟﺗرﻛﻧﺎ اﻷﻣر ﻟﺗﻘدﯾرات ﺷﺧﺻﯾﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﻧﺎس واﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠﻰ
وأﻋﻠم .
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث
ﻋدة اﻣرأة اﻟﻣﻔﻘود
اﻣرأة اﻟﻣﻔﻘود ﺑﻌد ﺗرﺑص اﻷرﺑﻊ ﺳـﻧوات أو ﺑﻌـد أن ﯾﻣـر ﻣـن اﻟـزﻣن ﻣـﺎ
ﻻ ﯾﻌــﯾش ﻓﯾــﻪ اﻟﻣﻔﻘــود ﻣﺛﻠــﻪ ،ﺗﻌﺗــد ﻋــدة اﻟﻣﺗــوﻓﻰ ﻋﻧﻬــﺎ زوﺟﻬــﺎ وﻫــﻲ أرﺑﻌــﺔ
أﺷﻬر وﻋﺷ ار دل ﻋﻠﻰ ذﻟك
ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
-
٦٨٢ -
) -١واﻟذﯾن ﯾﺗوﻓون ﻣـﻧﻛم وﯾـذرون أزواﺟـﺎ ﯾﺗرﺑـﺻن ﺑﺄﻧﻔـﺳﻬن
)(١
أرﺑﻌﺔ أﺷﻬر وﻋﺷ ار (
-٢ﻣــﺎ ﺟــﺎء ﺻ ـرﯾﺣﺎ ﻋــن ﻋﻣــر ﺑــن اﻟﺧطــﺎب رﺿــﻲ اﷲ ﻋﻧــﻪ :ﺣﯾــث
أﻣــر اﻟﻣـرأة أن ﺗﺗـرﺑص أرﺑــﻊ ﺳــﻧﯾن ،ﺛــم أﺗﺗــﻪ ﻓﺄﻣرﻫــﺎ أن ﺗﻌﺗــد أرﺑﻌــﺔ أﺷــﻬر
وﻋﺷ ار.
وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻋﻧـد اﻟﺣﻧﺎﺑﻠـﺔ :أﻧﻬـﺎ ﺗﻌﺗـد ﺑﺛﻼﺛـﺔ ﻗـروء ﺑﻌـد أن ﯾطﻠﻘﻬـﺎ وﻟـﻲ
زوﺟﻬﺎ .
وذﻟك ﻟﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻷﺛر :أن ﻋﻣر رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ أﻣر وﻟﻲ اﻟـزوج أن
ﯾطﻠق اﻟﻣرأة .
واﻟرواﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :أن ذﻟك ﻏﯾر ﻣﻌﺗﺑر ،وذﻟك ﻷن - :
* وﻟﻲ اﻟرﺟل ﻻ وﻻﯾﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ طﻼق اﻣرأﺗﻪ .
* وﻷﻧﻧـﺎ ﺣﻛﻣﻧــﺎ ﻋﻠﯾﻬـﺎ ﺑﻌــدة اﻟوﻓـﺎة ﻓــﻼ ﯾﺟـب ﻋﻠﯾﻬــﺎ ﻣـﻊ ذﻟــك ﻋــدة
اﻟطﻼق ،ﻛﻣﺎ ﻟو ﺗﯾﻘﻧت وﻓﺎﺗﻪ .
* وﻷﻧﻪ ﻗد وﺟد دﻟﯾل ﻫﻼﻛﻪ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ أﺑﺎح ﻟﻬﺎ اﻟﺗـزوج وأوﺟـب
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋدة اﻟوﻓﺎة ﻓﺄﺷﺑﻪ ﻣﺎ ﻟو ﺷﻬد ﺑﻪ ﺷﺎﻫدان ).(٢
)(١
ﺳورة اﻟﺑﻘرة آﯾﺔ رﻗم ٢٣٤
)(٢
اﻟـــﺷرح اﻟﻛﺑﯾـــر ﻻﺑـــن ﻗداﻣـــﺔ اﻟﻣﻘدﺳـــﻲ ط دار اﻟﻛﺗـــﺎب اﻟﻌرﺑـــﻲ ج ٩ص ،١٢٠
١٢١
-
٦٨٣ -
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻟث
ﻋودة اﻟﻣﻔﻘود ﺣﯾﺎ
إذا ﻗﻠﻧــﺎ ﺑ ـرأي اﻟﻣﺎﻟﻛﯾــﺔ واﻟﺣﻧﺎﺑﻠــﺔ واﻟﻘــدﯾم ﻋﻧــد اﻟــﺷﺎﻓﻌﯾﺔ وﺗرﺑــﺻت اﻣ ـرأة
اﻟﻣﻔﻘود أرﺑﻊ ﺳﻧﯾن ﺛم اﻋﺗدت أرﺑﻊ أﺷـﻬر وﻋـﺷ ار ،ﺛـم ﻧﻛﺣـت ﻣـﺎ ﺷـﺎءت ،
وﻟﻛن ظﻬر اﻟزوج اﻟﻣﻔﻘود ﺑﻌد ذﻟك وﺑـﺎن ﺣﯾـﺎ ،ﻓﻣـﺎ اﻟﺣﻛـم ﻓـﻲ ذﻟـك ؟ ﻫـل
اﻟﻧﻛﺎح ﺑﺎق ﻓﺗﻛون اﻟزوﺟﺔ ﻣن ﺣق اﻟزوج اﻷول وﯾﺛﺑت ﺑطﻼن اﻟﺛﺎﻧﻲ ؟ أم
أن اﻟﻧﻛﺎح اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺻﺣﯾﺢ ﻓﻼ ﺗﻌود إﻟﻰ اﻷول ؟
وﺑﻣﻌﻧــﻰ آﺧــر ﻛﻣــﺎ ذﻛــر اﻟــﺷﺎﻓﻌﯾﺔ :ﻫــل اﻟﺣﻛــم ﺑﺎﻟﻔرﻗــﺔ ظــﺎﻫ ار وﺑﺎطﻧــﺎ
ﻛﺎﻟﻔﺳﺦ ﺑﺎﻟﻌﻧﺔ ؟ أم ظﺎﻫ ار ﻓﻘط ﻓﯾﺑﻘﻰ اﻷول ﻋﻠﻰ ﺣﻛﻣﻪ ؟
-
٦٨٤ -
أﻣﺎ اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ :
ﻓﻘد ذﻛروا أن اﻟﻌدة واﻟﺗﺄﺟﯾل اﻟـذي ﺿـرب ﻻﻣـرأة اﻟﻣﻔﻘـود ﻟﯾـﺳت
طﻼﻗﺎ ،ﻓﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك :
أﻧﻪ إن ﺟﺎء ﻗﺑل أن ﺗﻧﻛﺢ اﻣرأﺗﻪ ﻓﻬو أﺣق ﺑﻬﺎ . -
ٕوان ﻧﻛﺣــت ﻓــدﺧل ﺑﻬــﺎ ﺛــم أﺗــﻰ ﻓــﻼ ﺳــﺑﯾل ﻟــﻪ إﻟﯾﻬــﺎ وﻻ ﻟــﻪ -
ﻋﻠﯾﻬــﺎ وﻻ ﻋﻠــﻰ ﻧﺎﻛﺣﻬــﺎ ﺷــﻲء ﻣــن اﻟــﺻداق اﻟــذي أﺻــدﻗﻬﺎ ﻷﻧﻬــﺎ ﻗــد
اﺳﺗﺣﻘﺗﻪ ﺑﻣﺳﯾﺳﻪ ﻟﻬﺎ .
ٕوان ﻧﻛﺣت وﻟم ﯾدﺧل ﺑﻬﺎ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺛم ﻗدم زوﺟﻬﺎ ﻓﻘوﻻن: -
أﺣدﻫﻣﺎ :أﻧﻪ ﻻ ﺳﺑﯾل ﻟﻪ ﻋﻠﯾﻬﺎ .
)(١
اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﻓﻘﻪ أﻫل اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻷﺑﻲ ﻋﻣر اﻟﻘرطﺑـﻲ ط دار اﻟﻛﺗـب اﻟﻌﻠﻣﯾـﺔ ﺑﯾـروت ج
١ص ٢٦٠
)(٢
ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻣطﻠب ج ١٥ص ٢٨٩
-
٦٨٥ -
ﻓﻘﯾ ــل إن اﻟ ــزوج اﻷول إن ﺑ ــﺎن ﺣﯾ ــﺎ ﺑﻌ ــد أن ﻧﻛﺣ ــت ﻓﻬ ــو -
ﺑــﺎق ﻋﻠــﻰ زوﺟﯾﺗــﻪ ﻛﺎﻟﺟدﯾــد ﻋﻧــدﻫم ،وذﻟــك ﻟﺗﺑــﯾن اﻟﺧطــﺄ ﻓــﻲ اﻟﺣﻛــم
ﻟﻛن ﻻ ﯾطؤﻫﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﻌﺗد ﻟﻠﺛﺎﻧﻲ .
وﻗﯾــل ﻫــﻲ زوﺟــﺔ اﻟﺛــﺎﻧﻲ ﻻرﺗﻔــﺎع ﻧﻛــﺎح اﻷول ﺑﻧــﺎء ﻋﻠــﻰ -
ﻧﻔوذ اﻟﺣﻛم ظﺎﻫ ار وﺑﺎطﻧﺎ .
وﻗﯾــل اﻷول ﻣﺧﯾــر ﺑــﯾن أن ﯾﻧزﻋﻬــﺎ ﻣــن اﻟﺛــﺎﻧﻲ وﺑ ــﯾن أن -
ﯾﺗرﻛﻬﺎ وﯾﺄﺧذ ﻣﻧﻪ ﻣﻬر ﻣﺛل ،ﻟﻘﺿﺎء ﻋﻣر ﺑذﻟك ).(١
أﻣﺎ اﻹﻣﺎم أﺣﻣد :ﻓﻬـو ﻋﻠـﻰ ﻣـذﻫب اﻟﺗﺧﯾﯾـر ﺑﻌـد اﻟـدﺧول ،ﻓـﺈن ﻋـﺎد
اﻟزوج اﻷول ﻧﻧظر :
إن ﻛﺎن ﻗﺑل دﺧول اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺑﻬﺎ ﻓﻬﻲ زوﺟﺔ اﻷول ﺗرد إﻟﯾﻪ وﻻ ﺷﻲء
.
أﻣﺎ ﺑﻌد دﺧول اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻓﯾﺧﯾر اﻷول ﺑـﯾن أﺧـذﻫﺎ ﻓﺗـرد إﻟﯾـﻪ وﺑـﯾن أﺧـذ
ﺻداﻗﻬﺎ ﻓﺗﻛون زوﺟﺔ اﻟﺛﺎﻧﻲ ).(٢
ﺣﺟﺔ ﻣن رأى اﻟﺗﺧﯾﯾر ﻟﻠزوج اﻷول :
ﻣــﺎ روي ﻋــن ﻋﻣــر وﻋﺛﻣــﺎن ﻗــﺎﻻ :إن ﺟــﺎء زوﺟﻬــﺎ اﻷول -
ﺧﯾــر ﺑــﯾن اﻟﻣ ـرأة وﺑــﯾن اﻟــﺻداق اﻟــذي ﺳــﺎق ﻫــو .وﻗــﺎل ﻋﻠــﻲ ذﻟــك ،
وﻟم ﯾﻌرف ﻟﻬم ﻣﺧﺎﻟف ﻣن ﻋﺻرﻫم ﻓﻛﺎن إﺟﻣﺎﻋﺎ .
وﻷﻧﻪ ﺣﺎل ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾﻧﻬﺎ ﺑﻌﻘدﻩ ﻋﻠﯾﻬﺎ ودﺧوﻟﻪ ﺑﻬﺎ ).(٣ -
)(١
ﻗﻠﯾوﺑﻲ وﻋﻣﯾـرة ط ﻣوﻗـﻊ اﻻﺳـﻼم http://www.al-islam.comج ١٣ص
٣٤٦
)(٢
اﻟﻣﻐﻧﻲ ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ ج ٨ص ١٣٤ ،١٣٣
)(٣
ﻧﻔس اﻟﻣﺻدر اﻟﺳﺎﺑق ج ٨ص ١٣٤
-
٦٨٦ -
اﻟﻣﺑﺣث اﻟراﺑﻊ
ﻧﻔﻘﺔ اﻣرأة اﻟﻣﻔﻘود
اﻟﻣﻔﻘــود ﻗــد ﯾﺗــرك أﻣـواﻻ وﻗــد ﯾﺗــرك أﺷﺧﺎﺻــﺎ ﯾﻌــوﻟﻬم ،وﻫﻧــﺎ ﻧﻧظــر ﻫــل
ﯾﻧﻔــق ﻋﻠــﻰ ﻫــؤﻻء اﻷﺷــﺧﺎص ﻣــن ﻫــذا اﻟﻣــﺎل ،أم ﻧﺣﻔــظ ﻫــذا اﻟﻣــﺎل ﺣﺗــﻰ
ﻧﺗﯾﻘن ﻣن ﻣوت اﻟﻣﻔﻘود وﯾﺻﯾر ﻣﺎﻟﻪ ﻣﯾراﺛﺎ ؟
ذﻛــر اﻷﺣﻧــﺎف أن اﻟﻘﺎﺿــﻲ ﻋﻠﯾــﻪ ﺣﻔــظ أﻣـوال اﻟﻣﻔﻘــود ،ﺑــﺄن ﯾﻘــﯾم ﻣــن
ﯾﻧﺻﺑﻪ ﻟﻠﺣﻔظ ،ﻷﻧﻪ ﻣﺎل ﻻ ﺣﺎﻓظ ﻟﻪ ﻟﻌﺟز ﺻﺎﺣﺑﻪ ﻋن اﻟﺣﻔظ ،ﻓـﯾﺣﻔظ
ﻋﻠﯾــﻪ اﻟﻘﺎﺿــﻲ ﻧظ ـ ار ﻟــﻪ ﻛﻣــﺎ ﯾﺣﻔــظ ﻣــﺎل اﻟــﺻﺑﻲ واﻟﻣﺟﻧــون اﻟــذي ﻻ وﻟــﻲ
ﻟﻬﻣﺎ .
أﻣﺎ ﯾﺗﺳﺎرع إﻟﯾﻪ اﻟﻔﺳﺎد :ﻓﻠﻪ أن ﯾﺑﯾﻌﻪ وﯾﺣﻔظ ﺛﻣﻧﻪ ﻷن ذﻟك ﺣﻔظ ﻟـﻪ
ﻣﻌﻧﻰ ،و ﻻ ﯾﺄﺧذ ﻣﺎﻟﻪ اﻟذي ﻓﻲ ﯾد ﻣودﻋﻪ وﻣﺿﺎرﺑﻪ ﻟﯾﺣﻔظﻪ ﻷن ﯾـدﻫﻣﺎ
-
٦٨٧ -
ﯾد ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﻔظ ﻓﻛﺎن ﻣﺣﻔوظﺎ ﺑﺣﻔظﻪ ﻣﻌﻧـﻰ ﻓـﻼ ﺣﺎﺟـﺔ إﻟـﻰ ﺣﻔـظ
اﻟﻘﺎﺿﻲ ).(١
وﻣن أﺳﺑﺎب اﻟﻧﻔﻘﺔ اﻟﻘراﺑﺔ واﻟزوﺟﯾﺔ :
أﻣﺎ اﻟزوﺟﯾﺔ :
ﻓﻧﻔﻘﺔ اﻟزوﺟﺔ واﺟﺑﺔ ﺑﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
)(٢
) ﻟﯾﻧﻔق ذو ﺳﻌﺔ ﻣن ﺳﻌﺗﻪ (
وﻗد أﺟﻣﻊ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻋﻠﻰ أن ﻧﻔﻘﺔ زوﺟﺔ اﻟﻣﻔﻘود واﺟﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻣﺎﻟﻪ .
أﻣــﺎ ﻋﻧــد اﻷﺣﻧــﺎف وﻓــﻲ اﻟﺟدﯾــد ﻋﻧــد اﻟــﺷﺎﻓﻌﯾﺔ :ﻓﻬــﻲ زوﺟــﺔ إﻟــﻰ أن
ﯾﺗﯾﻘن ﻣوﺗﻪ ،وﻣﺎ داﻣت زوﺟﺔ ﻓﺎﻟﻧﻔﻘﺔ واﺟﺑﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻪ .
ﻓﯾﻧﻔــق ﻋﻠــﻰ ﻋﻠــﻰ اﻟزوﺟــﺔ إﺣﯾــﺎء ﻟﻬــﺎ ،ﻓﻛــﺎن ﻫــذا ﻣــن ﺑــﺎب ﺣﻔــظ ﻣﻠــك
اﻟﻐﺎﺋب ﻋﻠﯾﻪ ﻋﻧد ﻋﺟزﻩ ﻋن اﻟﺣﻔظ ﺑﻧﻔﺳﻪ ).(٣
وأﻣﺎ ﻣن رأى أﻧﻬﺎ ﺗﺗرﺑص أرﺑﻊ ﺳﻧﯾن ﺛم ﺗﻌﺗد :ﻓﺎﻟﻧﻔﻘﺔ واﺟﺑﺔ ﻟﻬـﺎ ﻓـﻲ
اﻷرﺑﻊ ﺳﻧﯾن ﻫذﻩ ﻷﻧﻬﺎ أﯾﺿﺎ ﻣﺎ زاﻟت ﻓﻲ ﺣﻛـم اﻟزوﺟـﺔ ﻓﻬـﻲ ﻣﺣﺑوﺳـﺔ ﻓـﻲ
اﻷرﺑﻊ ﺳﻧﯾن ﻫذﻩ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟزوج اﻟﻣﻔﻘود ).(٤
وﻟﻛن ﻓﻲ ﻣدة اﻷرﺑﻌﺔ أﺷﻬر وﻋﺷ ار اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗدﻫﺎ اﻟﻣرأة ﻫـل ﯾﺟـب ﻟﻬـﺎ
ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻣن ﻣﺎل
اﻟﻣﻔﻘود ؟
اﻟرأي اﻷول - : -
)(١
ﺑداﺋﻊ اﻟﺻﻧﺎﺋﻊ ج ١ص ٣٣٩ط دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ ﺑﯾروت ﻟﺑﻧﺎن
)(٢
ﺳورة اﻟطﻼق آﯾﺔ رﻗم ٧
)(٣
ﺑداﺋﻊ اﻟﺻﻧﺎﺋﻊ ج ١ص ٣٣٩
)(٤
اﻟﺣﺎوي ﻟﻠﻣﺎوردي ج ١١ص ٧٢٧
-
٦٨٨ -
ﻟﻠﻣﺎﻟﻛﯾـــﺔ واﻟـــﺷﺎﻓﻌﯾﺔ ﻓـــﻲ اﻟﻘـــدﯾم ،ﻓﻘــد ذﻫﺑ ـوا إﻟــﻰ أﻧــﻪ ﻟــﯾس ﻟﻬــﺎ
اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻓﺗرة اﻟﻌدة ).(١
وذﻟك ﻟﻧﻔوذ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﻔرﻗﺔ ،ﻓﺈذا رﻓﻌت اﻷﻣر إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻛم ﻓﻬﻰ ﻣـﺎ
زاﻟت ﻣﺣﺑوﺳﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﺗﺳﺗﺣق اﻟﻧﻔﻘﺔ ٕ ،واذا أﻣرﻫﺎ اﻟﺣﺎﻛم ﺑﺎﻟﺗرﺑص أرﺑﻊ
ﺳ ــﻧﯾن ﻓﻬ ــﻲ أﯾ ــﺿﺎ ﻣﺣﺑوﺳ ــﺔ ﻋﻠﯾ ــﻪ ﻓﺗ ــﺳﺗﺣق اﻟﻧﻔﻘ ــﺔ ،أﻣ ــﺎ إذا أﻣرﻫ ــﺎ
اﻟﺣــﺎﻛم ﺑــﺎﻟﺗرﺑص أرﺑﻌــﺔ أﺷــﻬر وﻋــﺷ ار وﻫــﻲ ﻣــدة ﻋــدة اﻟﻣﺗــوﻓﻰ ﻋﻧﻬــﺎ
زوﺟﻬﺎ ﻓﻘد ﻧﻔذ اﻟﺣﻛم ﻫﻧﺎ ﻓﻼ ﺗﺳﺗﺣق اﻟﻧﻔﻘﺔ
اﻟرأي اﻟﺛﺎﻧﻲ - : -
ﻟﻠﺣﻧﺎﺑﻠـــﺔ ﻓﻘــد ذﻫﺑ ـوا إﻟــﻰ أن اﻟﻧﻔﻘــﺔ ﺗﺛﺑــت ﻟﻬــﺎ ﻣــدة اﻟﺗ ـرﺑص وﻣــدة
اﻟﻌدة ،ﺑل ﺑﻌد اﻧﺗﻬﺎء ﻣدة اﻟﻌدة أﯾﺿﺎ إن ﻟم ﺗﺗزوج وﻟم ﯾﻔرق اﻟﺣﺎﻛم
)(١
اﻟﻣدوﻧﺔ اﻟﻛﺑرى ج ٥ص ، ٤٥٢اﻟﺣﺎوي ﻟﻠﻣﺎوردي ج ١١ص ٧٢٧
)(٢
اﻟﻣﻐﻧﻲ ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ ج ٨ص ١٣٥
)(٣
اﻟﻣﻬذب ج ٣ص ١٥٦
-
٦٨٩ -
اﻟرأي اﻟراﺟﺢ
أرى واﷲ أﻋﻠ ــم أن اﻟـ ـراﺟﺢ ﻓ ــﻲ ﺗﻠ ــك اﻟﻣ ــﺳﺄﻟﺔ ﻣ ــﺎ ذﻫ ــب إﻟﯾ ــﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﯾ ــﺔ
واﻟــﺷﺎﻓﻌﯾﺔ ﻣــن ﺛﺑــوت اﻟﻧﻔﻘــﺔ ﻟﻬــﺎ ﻓــﻲ ﻣــدة اﻟﺗ ـرﺑص ﻷﻧﻬــﺎ ﻣــﺎ ازﻟــت زوﺟــﺔ
ﻟﻠﻣﻔﻘــود ،أﻣــﺎ إذا ﺑــدأت ﻓــﻲ اﻟﻌــدة ﻓــﻼ ﺗﺛﺑــت ﻟﻬــﺎ اﻟﻧﻔﻘــﺔ ،ﻷن اﻟﻘﺎﺿــﻲ إذا
أﻣرﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌدة ﻓﻘد ﺣﻛـم ﺑﻣـوت زوﺟﻬـﺎ ﻓﺗﻌﺎﻣـل ﻣﻌﺎﻣﻠـﺔ اﻟﻣﺗـوﻓﻰ ﻋﻧﻬـﺎ زوﺟﻬـﺎ
،وﻷﻧﻬﺎ ﺣﺎل ﺗﺿررت ﺑرﻓﻊ أﻣرﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻛم ﻣﻊ ﺛﺑوت اﻟﻧﻔﻘﺔ وﺗوﻓرﻫﺎ ﻟﻬﺎ
،دل ﻋﻠﻰ أن اﻟﺿرر اﻟﻼﺣق ﺑﻬﺎ ﻟﯾس ﻣن ﺟﻬـﺔ اﻻﻧﻔـﺎق ﻋﻠﯾﻬـﺎ وﻻ اﻟﻣـﺎل
ﻓﺄﺷﺑﻬت ﻣن ﺧﻠﻌت ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻣن زوﺟﻬﺎ ،ﻓﻼ ﺗـﺳﺗﺣق ﻧﻔﻘـﺔ ،وأﯾـﺿﺎ ﻣ ارﻋـﺎة
ﻟﺣﺎل اﻟورﺛﺔ وﻣﺻﻠﺣﺗﻬم .
ﻫذا واﷲ أﻋﻠﻰ وأﻋﻠم
-
٦٩٠ -
أﯾــﺿﺎ ﻣــن اﻟﻧﻔﻘــﺎت اﻟواﺟﺑــﺔ ﻧﻔﻘــﺔ اﻟواﻟــدﯾن ،وﺟﺑــت ﺑﻘوﻟــﻪ -
ﺗﻌﺎﻟﻰ - :
)(١
)) وﻗ ــﺿﻰ رﺑ ــك أﻻ ﺗﻌﺑ ــدوا إﻻ إﯾ ــﺎﻩ وﺑﺎﻟواﻟ ــدﯾن إﺣ ــﺳﺎﻧﺎ ((
وﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ - :
)(٢
)) وﺻﺎﺣﺑﻬﻣﺎ ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ ﻣﻌروﻓﺎ ((
وﻗـد ذﻫــب اﻷﺣﻧــﺎف واﻟﻣﺎﻟﻛﯾــﺔ إﻟــﻰ أن ﻫــؤﻻء ﯾﻧﻔــق ﻋﻠــﯾﻬم
ﻣن ﻣﺎل اﻟﻣﻔﻘود ،ﺣﯾث إن اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك ﺳﺋل :أﯾﻧﻔق ﻋﻠﻰ وﻟـدﻩ
)(٣
. اﻟﺻﻐﺎر وﺑﻧﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻷرﺑﻌﺔ أﺷﻬر وﻋﺷ ار ،ﻗﺎل :ﻧﻌم
وﻟﻛن إذا ﻛﺎن ﻟﻬؤﻻء ﻣﺎل أﯾﻧﻔق ﻋﻠﯾﻬم أﯾﺿﺎ ﻣن ﻣﺎل اﻟﻣﻔﻘود
؟
ﺳﺋل اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك ﻋـن ذﻟـك :أ أرﯾـت اﻟﻣﻔﻘـود إذا ﻛـﺎن ﻟـﻪ وﻟـد
ﺻــﻐﺎر وﻟﻬــم ﻣــﺎل أﯾﻧﻔــق ﻋﻠــﯾﻬم ﻣــن ﻣــﺎل أﺑــﯾﻬم ؟ ﻗــﺎل :ﻻ ﯾﻧﻔــق
ﻋﻠﯾﻬم ﻣن ﻣﺎل أﺑﯾﻬم .
ﻷن ﻣﺎﻟﻛﺎ ﻗﺎل إذا ﻛﺎن ﻟﻠﺻﻐﯾر ﻣﺎل ﻟم ﯾﺟﺑر اﻷب ﻋﻠﻰ
ﻧﻔﻘﺗﻪ ).( ٤
) (٣
ﺳورة اﻹﺳراء آﯾﺔ رﻗم ٢٣
)(٤
ﺳورة ﻟﻘﻣﺎن آﯾﺔ رﻗم ١٥
)(٥
ﺑــداﺋﻊ اﻟــﺻﻧﺎﺋﻊ ج ٣ص & ٣٣٩اﻟﻣدوﻧــﺔ اﻟﻛﺑــرى ج ٥ص & ٤٥٢اﻟﻬداﯾــﺔ
ﺷرح اﻟﺑداﯾﺔ ﻟﻠﻣرﻏﯾﺎﻧﻲ ط اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ج ٢ص ١٨٠
)(٦
اﻟﻣدوﻧﺔ اﻟﻛﺑرى ج ٥ص ٤٥٢
-
٦٩١ -
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺧﺎﻣس
ﻣﯾراث اﻟﻣﻔﻘود
اﻟﺣدﯾث ﻋن ﻣﯾراث اﻟﻣﻔﻘود ﯾﺗطﻠب ﻣﻧﺎ اﻟﺣدﯾث ﻋن أﻣرﯾن :
أوﻻ :اﻹرث ﻣن اﻟﻣﻔﻘود .
ﺛﺎﻧﯾﺎ :إرث اﻟﻣﻔﻘود ﻣن ﻏﯾرﻩ .
أوﻻ :أﻣﺎ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ وﻫﻲ اﻹرث ﻣن اﻟﻣﻔﻘود
ﻓﻘد اﻋﺗﺑر اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻣﻔﻘود ﺣﻲ ﻓـﻲ ﺣـق ﻧﻔـﺳﻪ ﺑﺎﻻﺳﺗـﺻﺣﺎب ﻣﯾﺗـﺎ
ﻓﻲ ﺣق ﻏﯾرﻩ .
ﻓﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻻ ﯾﻘﺳم ﻣﺎﻟﻪ ﺑﯾن ورﺛﺗﻪ ﻷن اﻻﺳﺗﺻﺣﺎب ﯾـﺻﻠﺢ
ﻹﺑﻘﺎء ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن .
-
٦٩٢ -
ﻓﻼ ﯾﻘﺳم ﻣﺎل اﻟﻣﻔﻘود ﺣﺗﻰ ﯾﺄﻛـد ﻣوﺗـﻪ أو ﯾﺑﻠـﻎ ﻣـن اﻟزﻣـﺎن ﻣـﺎ ﻻ
ﯾﺣﯾـﺎ إﻟـﻰ ﻣﺛﻠـﻪ ،ﻓﯾﻘــﺳم ﻣﯾ ارﺛـﻪ ﻣـن ﯾـوم ﯾﻣــوت أو ﺗﻣـﺿﻲ ﻣـدة ﯾﻐﻠــب
ﻋﻠﻰ اﻟظن أﻧﻪ ﻻ ﯾﻌﯾش ﻓﯾﻬﺎ ﻓﯾﺟﺗﻬد اﻟﻘﺎﺿﻲ وﯾﺣﻛم ﺑﻣوﺗﻪ ).(١
ﻏﯾر أن اﻟﺣﻧﺎﺑﻠﺔ ذﻛـروا ﻓـﻲ اﻟﻣﻔﻘـود اﻟﻐﺎﻟـب ﻣـن ﺣﺎﻟـﻪ اﻟﻬـﻼك أﻧـﻪ
ﯾﻧظــر ﺑﻌــد أرﺑــﻊ ﺳــﻧﯾن ﻓــﺈن ﻟــم ﯾظﻬــر ﻟــﻪ ﺧﺑــر ﻗــﺳم ﻣﺎﻟــﻪ ﻷﻧــﻪ اﻟوﻗــت
اﻟــذي ﯾﺑــﺎح ﻻﻣ أرﺗــﻪ اﻟﺗــزوج ﻓﯾــﻪ ،ﻓــﺈذا ﺣﻛــم ﺑوﻓﺎﺗــﻪ ﻓــﻼ وﺟــﻪ ﻟﻠوﻗــوف
ﻋن ﻗﺳم ﻣﺎﻟﻪ ).( ٢
ٕواﻧﻣــﺎ ﯾــرث اﻟﻣﻔﻘــود ورﺛﺗــﻪ اﻷﺣﯾــﺎء ﯾــوم اﻟﺣﻛــم ﺑﻣوﺗــﻪ ،وﻻ ﯾــورث
ﻣﻧﻪ ﻣن ﻣﺎت ﻗﺑل اﻟﺣﻛم وﻟو ﺑﻠﺣظﺔ ﻟﺟواز ﻣوﺗﻪ ﻓﯾﻬﺎ ).(٣
ﺛﺎﻧﯾﺎ :أﻣﺎ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ وﻫﻲ إرث اﻟﻣﻔﻘود ﻣن ﻏﯾرﻩ
ﻓﻘــد اﺗﻔــق ﺟﻣﻬــور اﻟﻔﻘﻬــﺎء ﻋﻠــﻰ أن اﻟﻣﻔﻘــود إذا ﻣــﺎت ﻟــﻪ ﻣــن ﯾرﺛــﻪ
وﻫو ﻣﺎ زال ﻣﻔﻘودا ﻟم ﯾﺣﻛم ﺑﻣوﺗﻪ ،وﻟم ﺗﻘم اﻟﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك ،ﻓﺣﯾﺎة
اﻟﻣﻔﻘــود ﻫــﻲ اﻷﺻــل اﻟﺛﺎﺑــت ﻫﻧــﺎ ،وﺑﻧــﺎء ﻋﻠــﻰ ذﻟــك ﯾوﻗــف ﻟﻠﻣﻔﻘــود
ﺣﺻﺗﻪ ﻣن اﻟﻣﯾراث ،ﻓﺈن ﺟﺎء اﻟﻣﻔﻘود ﻛﺎن أﺣق ﺑﻪ ٕوان ظﻬـر ﻣوﺗـﻪ
) (١ﻣﺟﻣﻊ اﻷﻧﻬر ﻓﻲ ﺷرح ﻣﻠﺗﻘﻰ اﻷﺑﺣـر ﻟـﺷﯾﺦ زادﻩ ط دار اﻟﻛﺗـب اﻟﻌﻠﻣﯾـﺔ ﺑﯾـروت
ﻟﺑﻧﺎن ج ٢ص & ٥٣٩اﻟﻣدوﻧﺔ اﻟﻛﺑرى ج ٣ص & ٩٦اﻟﻣﻧﻬـﺎج ﻟﻠﻧـووي ج
١ص ٢٧٣
) (٢اﻟﻣﻐﻧﻲ ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ ج ٦ص ٣٨٩
) (١اﻟﻣدوﻧﺔ اﻟﻛﺑرى ج ٥ص & ٤٥٣ﻗﻠﯾوﺑﻲ وﻋﻣﯾرة ج ١٠ص ٢٥٦
-
٦٩٣ -
ﺣــﯾن ﻣــوت ﻣورﺛــﻪ ،أو ﺑﻠــﻎ ﻣــن اﻟــﺳﻧﯾن ﻣــﺎ ﻻ ﯾﻌــﺎش إﻟــﻰ ﻣﺛﻠﻬــﺎ دﻓــﻊ
)(١
. ﻧﺻﯾﺑﻪ إﻟﻰ ﻣن ﯾرث ذﻟك اﻟﻣﺎل
وﻓﻲ ﻫذا ﻗﺎل اﻷﺣﻧﺎف :
ٕوان ﻛ ــﺎن ﻣ ــﺎت ﺑﻌ ــض ﻣ ــن ﯾرﺛ ــﻪ اﻟﻣﻔﻘ ــود ﻗﺑ ــل ﻫ ــذا ﻓﻧ ــﺻﯾﺑﻪ ﻣ ــن
اﻟﻣﯾ ـراث ﯾوﻗــف اﻟــﻲ أن ﯾﺗﺑــﯾن ﺣﺎﻟــﻪ ﻷﻧــﻪ ﻏﯾــر ﻣﺣﻛــوم ﺑﻣوﺗــﻪ وﻟﻛﻧــﻪ
ﯾﺷﺗﺑﻪ اﻟﺣﺎل ﺑﻣﻧزﻟﺔ اﻟﺟﻧﯾن ﻓﻲ اﻟﺑطن ﻓﯾوﻗـف ﻧـﺻﯾﺑﻪ ﻓـﺈن ظﻬـر ﺣﯾـﺎ
ﻛ ــﺎن ذﻟ ــك ﻣ ــﺳﺗﺣﻘﺎ ﻟ ــﻪ ٕوان ﻟ ــم ﯾظﻬ ــر ﺣﺎﻟ ــﻪ ﻓ ــذﻟك ﻣ ــردود إﻟ ــﻰ ورﺛ ــﺔ
ﺻ ــﺎﺣب اﻟﻣ ــﺎل ﻋﻠ ــﻰ ﺳ ــﻬﺎﻣﻬم ﺑﻣﻧزﻟ ــﺔ اﻟﻣوﻗ ــوف ﻟﻠﺟﻧ ــﯾن إذا اﻧﻔ ــﺻل
اﻟﺟﻧﯾن ﻣﯾﺗـﺎ وﻫـذا ﻷﻧـﻪ ﻟـم ﯾظﻬـر ﺷـرط اﻻﺳـﺗﺣﻘﺎق ﻟـﻪ ﻓﯾﻛـون ﻣوروﺛـﺎ
(٢).
ﻋن اﻟﻣﯾت ﻛﺳﺎﺋر ورﺛﺗﻪ ﯾوم ﻣﺎت
-
٦٩٤ -
َﺣدا َ ِ ْ ﺛﻼﺛﺔً ِﻓﻲ ْ ٍ ِﻣن َ َ َ ٍ
ـﺎن اﻟ ﱠ ْ
ـزو ُج ﻓﺈن َﻛ َ ﯾن ْ َِ ، وﻋﺷ ِر َ ﺗﻛن أ َ ًﺳﺑﻌﺔ َ ُ ْ َ َ ﻓﺎﺿرب َ َ َﺛﻼﺛﺔ ْ ِ ْ َ ، ْ
ـﺻﺑﺔ ، ـﺷر ﺳــﻬﻣﺎ ،وَﻻ َﺷــﻲء ِْﻟﻠﻌـ ِ ـﻬم ْ ُ ْ ِ َ ،
وﻟﻸﺧﺗَـ ْ ِ ﺣﯾــﺎ َﻓﻠَــﻪ ﺗِــﺳﻌﺔُ أَﺳـ ٍ
ْ َ َ ََ ـﯾن اﺛَْﻧــﺎ َﻋـ َ َ َ ْ ً َ ُ َْ ْ ُ َ
ـﺎﻗﻲ ِْﻟﻠﻌـ ِ ـﺷر ﺳــﻬﻣﺎ و ْاﻟﺑـ ِ ﻣﯾﺗًــﺎ َِ ْ ُ ْ
ـﺻﺑﺔ َ ،و ُﻫـ َـو َ ََ ـﯾن أَ ْرَﺑ َﻌــﺔَ َﻋـ َ َ َ ْ ً َ َ ﻓﻠﻸﺧﺗَـ ْ ِ ـزو ُج َ ﱢـﺎن اﻟـ ﱠ ْ
ان َﻛـ َ َ ٕوِ ْ
ِ
ﺳﻬﻣﺎ ﻷَﱠﻧـﻪُ ﻋﺷر َ ْ ً اﺛﻧﺎ َ َ َ وذﻟك َْ اﻟﻔرﺿﯾن َ ِ َ َ ،َﻗل ْ َ ْ َ ْ ِ اﻷﺧﺗﯾن أ َ ﱠ
ﻓﯾﻌطﻲ ْ ُ ْ َْ ِ َﺳﻬم ِ َ ،
ُْ
ﺳﺑﻌﺔُ أ ٍ
َْ َ ْ ُ
ـﺻﺑﺔ َﺷـ ْ ً ِ ـدﻓﻊ ِْﻟﻠﻌـ ِ ِْ
ـﺎن
ـﺈن َﺑـ َ ـزو ُج َﺣﯾــﺎ ،ﻓَـ ِ ْ ـون اﻟـ ﱠ ْ َن َﯾ ُﻛـ َ ـﯾﺋﺎ ،ﻟ َﺟـ َو ِاز أ ْ ـﯾن َ ،وَﻻ َﯾـ ْ َ ُ َ َ َ اﻟﯾﻘـ ُ َ
ﻣﯾﺗًـﺎ َ ﱠ ﱡ
ـﺎم ـﯾن َﺳ ْ َ ِ
ـﻬﻣﺎن ﺗَ َﻣ ُ اﻷﺧﺗَ ْ ِ
رد َﻋﻠَـﻰ ْ ُ ْ ﺑﺎن َ ﱢان َ َ ﻛﻠﻬﺎ َﻟﻪُ ٕ َ ،وِ ْ ﻓﺎﻟﺗﺳﻌﺔُ ُ َ اﻟزو ُج َﺣﯾﺎ َ ﱢ ْ َ ﱠْ
ﺳﺑﻌﺔُ أ ٍ اﻟﻌﺻﺑﺔ ْ ِ
ِ
َﺳﻬم .وﻫو َ ْ َ ْ ُ اﻟﺑﺎﻗﻲ َ ُ َ ودﻓﻊ َِإﻟﻰ ْ َ َ َ َ ﺳﻬﻣﺎ َ َ َ َ ، ﻋﺷر َ ْ ً ﺑﻌﺔَ َ َ َ أَ ْرَ َ
ـودا
ﻷب َﻣﻔﻘُْـ ً ﻷب وأَ ًﺧــﺎ ِ َ ٍ ﻷم وأ ْ ِ ٍ ـت ْاﻟﻣ ـ أرَةُ َزوﺟــﺎ وأَﻣــﺎ وأ ْ ِ َﻓﻠَــو َﺧﻠﱠﻔَـ ِ
ُﺧﺗًــﺎ َ َ ُﺧﺗًــﺎ ُﱟ َ َْ ًْ َ َ ْ
ِ
ـزو ِج اﻟﱢﻧ ـ ْ ُ
ـﺻف ـود َﺣﯾ ــﺎ َﻓﻠﻠ ـ ﱠ ْ اﻟﻣﻔﻘُْ ـ ُ
اﻷخ ْ َ ـﺎن ْ َ ُ ـول َِ :إذا َﻛ ـ َ َن َﻧﻘُ ـ َ ﻓﺎﻟﻌ َﻣ ـ ُـل أ ْ
اﻹرث َ ْ َ ،
اﻷبـت ِﻣـ َـن ْ َ ِ اﻷخ و ْاﻷُ ْﺧـ ِ ِ ـﻸخ ﻟِـ ْ ُ ﱢ
ـﺳدس َوﻟِـ ْ َ ِ َوﻟِـ ْ ُ ﱢ
ـﯾن ْ َ ِ َ ـﺳدس َ ،و ْاﻟَﺑــﺎﻗﻲ َﺑـ ْ َ ـﻸم اﻟـ ﱡ ُ ُ ـﻸم اﻟـ ﱡ ُ ُ
ـﺷر ٕ ،وِان َﻛــﺎن ﱢ ِ ـﺻﺢ ْاﻟﻣــﺳﺄََﻟﺔُ ِﻣــن َ ِ ِ ﻋﻠَــﻰ َ َ ٍ
ـزو ِجﻣﯾﺗًــﺎ َﻓﻠﻠـ ﱠ ْﺛﻣﺎﻧَﯾــﺔَ َﻋـ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ﺛﻼﺛَــﺔ َ ،وﺗَـ ﱡ َ ْ َ
ـﻸب اﻟﱢﻧ ْ ُ
ـﺻف ـت ﻟِ ْ َ ِ وﻟﻸُ ْﺧ ِ ـﺳدس ْ ِ َ ، اﻷم اﻟ ﱡ ُ ُ ـﻸخ ِﻣ َـن ْ ُﱢ ،وﻟِ ْ َ ِ اﻟﻧﺻف َ ِ ْ ُ ﱢ
ﱢ ْ ُ
اﻟﺳدس َ وﻟﻸم ﱡ ُ ُ
ِ ِ اﻟﺛﻣﺎﻧﯾﺔُ ﺗَُو ِ ُِ وﺗﻌول َِإﻟﻰ َ ِ ٍ
ﺑﺎﻹﻧﺻﺎف ْ ِ ْ َ ،
ﻓﺎﺿرب ﻋﺷر ِ ِْ ْ َ اﻓق ﱠ َ َ
اﻟﺛﻣﺎﻧﯾﺔَ َ َ َ ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ َ ،و ﱠ َ َ َ َ ُ َُ َ ،
)(١
وﻣﻧﻬﺎ َ ِ ﱡ
ﺗﺻﺢ ِ
وﺳﺑﻌﯾن َ ْ َ ،
ِ
اﺛﻧﯾن َ َ ْ َ ﺗﻛن َْْ ِ اﻷﺧرى َ ُ ِ ِ
إﺣداﻫﻣﺎ ﻓﻲ ْ ُ ْ َ ﻧﺻف ْ َ ُ َ
ِ ْ َ ِ
ـﻊ إﻟــﻰ ُﻛـ ﱢـل ـدة َ ِ ِ ِ ِ ـﺎت ﻟﻠﻣﻔﻘُـ ِ
ﻏﯾﺑﺗــﻪ ُدﻓـ َـود َﻣـ ْـن َﯾ ِرﺛُــﻪُ ﻓــﻲ ُﻣـ ﱠ َْ أﻣــﺎ اﻟﺣﻧﺎﺑﻠــﺔ :إذا َﻣـ َ َ
ِ ﻧﺻﯾب ُْ ِ ﯾﺻﯾﺑﻪُ ُ ِ َ ِ ارث َ ﱡ وِ ٍ
ـﺈن ُﻋﻠ َـم أﻧـﻪُ ﯾﻌﻠم َﺣﺎﻟُ ُـﻪ ،ﻓ ْ اﻟﻣﻔﻘود ﺣﺗﻰ ُ َ َ ووﻗف َ ُ أﻗل ﻣﺎ ُ ُ
ـﻲء
ـﻲ َﺷ ٌ ـﺈن َﺑﻘ َ ُوﻗف ،ﻓ ْ ﻣﻣﺎ أ ِ َ ﻧﺻﯾﺑﻪُ ِ ﱠ ﺟﻌل ُ ِ ِ
ﻟﻠﻣﻔﻘود َ ُ
ِ
ﻣوﱢرُﺛﻪُ ُ َ َ ﻣﺎت ُ َﯾوم َ َ ﺣﯾﺎً َ َ ﻛﺎن َ ﱠ َ
ِ ِ رد ﻋﻠــﻰ ﻣــن ﯾـ َ ِ ُ ِ ُﱠ
ـﺎت
ـوم َﻣـ َ ﻣﯾﺗــﺎً َﯾـ َـﺎن َ ﱢـﺎن أﱠﻧــﻪُ ﻛـ َ ان َﺑـ َ ـﺳﺗﺣﻘﻪُ ﻣـ ْـن َوَرﺛَــﺔ اﻟﻣﱢﯾــتٕ ،و ْ َْ َ
دون ِ ﺛﺔ اﻟﻣﱢﯾ ِ اﻟﻣوﻗوف ﻋﻠﻰ ورَ ِ ﻣﺿت ُ ﱠ ﻛﺎﻧت ﱠ ﻣوﱢرُﺛﻪ أو َ ِ
اﻷول ُ َ ـت َ ُ ُ رد ﻗد َ ْ اﻟﻣدةُ ْ ُ ُ
ﯾق َ ِ
ﻋﻣل ﺛﺔ ْ ِ ورَ ِ
اﻟﻣﻔﻘود ،وطرْ ُ َ َ
-
٦٩٥ -
ـﻲ ،ﺛ ﱠـم ﺗُ ﱢ َ
ـﺻﺣﺣﻬﺎ ﻋﻠـﻰ أﻧـﻪُ ـود َﺣ ﱞ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔُ ﻋﻠﻰ ﱠ
أن اﻟﻣﻔﻘُ َ َ أن ُ َ ﱠ َ
ﺗﺻﺣﺢ ذﻟك ْ
َ
)(١
َِ
اﻟﻣﺳﺄﻟﺗﺎن ﺗﻧظر ﻣﺎ ﱠ ْ ِ ﱢٌ
ﺻﺣت ﻣﻧﻪَُ ﺛم َ ُ َ
ﻣﯾت ،ﱠ
ﻣﺎ ﺣﻛم ﺗورﯾث اﻟﻣرأة ﻣن زوﺟﻬﺎ اﻟﻣﻔﻘود إن ظﻬر ﻣوﺗﻪ ﺑﻌـد اﻷرﺑﻌـﺔ
أﺷﻬر ؟
ﻫــذﻩ اﻟﻣــﺳﺄﻟﺔ ﺗﻧظــر ﻋﻧــد اﻟﻣﺎﻟﻛﯾــﺔ واﻟﺣﻧﺎﺑﻠــﺔ ﻷن اﻷﺣﻧــﺎف واﻟــﺷﺎﻓﻌﯾﺔ ﻻ
ﯾﺟﯾزون ﻟﻠﻣرأة اﻟﺗزوج إﻻ ﺑﻌد اﻟﺗﯾﻘن ﻣن ﻣوت زوﺟﻬﺎ
وﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺷﻘﯾن
ﻧﻧظر :إن ﺗﯾﻘﻧﺎ ﻣن ﻣوﺗﻪ ﺑﻌد اﻋﺗداد اﻟﻣرأة ﻓﻧﻧظر ﻫل ﺗزوﺟت اﻟﻣرأة
ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎء ﻋدﺗﻬﺎ أم ﻻ ؟
أوﻻ :ﻓﺈن ﺟﺎء ﻣوﺗﻪ ﺑﻌد اﻟﻌدة وﻗﺑـل أن ﺗﺗـزوج اﻟﻣـرأة ورﺛﺗـﻪ وورﺛﻬـﺎ
.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :أﻣﺎ إن ﺗزوﺟت ﺑﻌد اﻷرﺑﻌﺔ أﺷﻬر وﻋﺷ ار ﻧﻧظر :
أ – إن ﺑ ــﺎن ﻣوﺗ ــﻪ ﻗﺑ ــل أن ﯾ ــدﺧل ﺑﻬ ــﺎ اﻟﺛ ــﺎﻧﻲ ورﺛﺗ ــﻪ ،وﻋﻧ ــد اﻹﻣ ــﺎم
ﻣﺎﻟك ﻓرق ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ واﺳﺗﻘﺑﻠت ﻋدﺗﻬﺎ ﻣن ﯾوم ﻣﺎت
ب – أﻣﺎ إن ﺑـﺎن ﻣوﺗـﻪ ﺑﻌـد أن دﺧـل ﺑﻬـﺎ اﻟﺛـﺎﻧﻲ ﻓـﻼ ﻣﯾـراث ﻟﻬـﺎ ﻣﻧـﻪ
) .( ٢
وﻻ ﯾﻔرق ﺑﯾﻧﻬﺎ وﺑﯾن زوﺟﻬﺎ اﻟﺛﺎﻧﻲ
أﻣــﺎ ﻋﻧــد اﻟﺣﻧﺎﺑﻠــﺔ :ﻓﻌﻠــﻰ اﻟﻘــول ﺑــﺄن ﻟﻬــﺎ أن ﺗﺗــزوج ﻟــم ﺗــرث اﻟــزوج
اﻷول وﻟم ﯾرﺛﻬﺎ إن ﻣﺎﺗت ﻗﺑﻠﻪ ،ﺑل ورﺛت اﻟﺛﺎﻧﻲ وورﺛﻬﺎ .
وﻗــﺎل ﺻــﺎﺣب اﻟﻣﻐﻧــﻲ :ﻣﺗــﻰ ﻋﻠــم أن اﻷول ﻛــﺎن ﺣﯾــﺎ ورﺛﺗــﻪ وورﺛﻬــﺎ ،
إﻻ أن ﯾﺧﺗﺎر ﺗرﻛﻬﺎ .
-
٦٩٦ -
وﻋﻠﻰ ﻗـول أﺑـﻲ اﻟﺧطـﺎب إن ﺣﻛـم ﺑوﻗـوع اﻟﻔرﻗـﺔ ﺑﺗﻔرﯾـق اﻟﺣـﺎﻛم ظـﺎﻫ ار
وﺑﺎطﻧــﺎ ﻓــﻼ ﺗرﺛــﻪ وﻻ ﯾرﺛﻬــﺎ ﺑــل ﺗــرث اﻟﺛــﺎﻧﻲ ن ٕوان ﻟــم ﯾﺣﻛــم ﺑوﻗــوع اﻟﻔرﻗــﺔ
)(١
ﺑﺎطﻧﺎ ورﺛت اﻷول وورﺛﻬﺎ وﻟم ﺗرث اﻟﺛﺎﻧﻲ .
)(١
اﻟﻣﻐﻧﻲ ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ ج ٨ص ١٣٧
)(٢
اﻟﻣدوﻧﺔ اﻟﻛﺑرى ج ٤ص ١٧٨
-
٦٩٧ -
ﻓﺎﺧﺗﺎرَﻫﺎ ُ ﱠ ْ
ردت ﻧظرَﻧﺎ؛ َِ ِ إن َ َ َ ﱠ ِ ِ ِﺑﻬﺎ ﱠ ِ
اﻷولَ َ ْ َ ، ﻗدم ْ َﱠ ُ ﻓﺈن َ َ ْ ﺑﻬﺎ َ َ ْ دﺧل اﻟﺛﺎﻧﻲ َ َﻣﺎ ْ اﻟﺛﺎﻧﻲ .ﻓَﺄ ﱠ
ﻷﻧﻪ َﻻ َ ِ ﺛﻬﺎ؛ ِ َﱠ وﻟم َِ ْ ﱠ ِ َْ ِ
ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ.
زوﺟﯾﺔَ ََْ ُ ْ وﻟم َﯾ ِرْ َﺗرث اﻟﺛﺎﻧﻲ َ َ ْ ﺛﺗﻪَ َ ،ووِرَ ْ ُﺛﻬﺎ َ َ إﻟﯾﻪَ ،وِرَ َ
اﻟﻐﯾﺑـ ِـﺔ ،أَو ﺑﻌـ َـد ُ ُ ِ ِ ـدﻫﻣﺎ ﻗَْﺑـ َـل ْ َِ ِ
ﻗدو ِﻣــﻪ ،ﻓَـ ِ ْ
ـﺈن اﺧﺗﯾﺎرَﻫــﺎ؛ إ ﱠﻣــﺎ ﻓــﻲ ْ َ َْ ْ َ ْ ـﺎت أَ َﺣـ ُ ُ َان َﻣـ َ َ ٕوِ ْ
ﱠِ
ﺛﻬﺎ؛ وﻟم َﯾ ِرْ َ
اﻷول َ َ ْ
ﺗرث ْ َﱠ َ وﻟم َِ ْ ﺛﻬﺎْ َ َ ، ووِرَ َاﻟزو َج اﻟﺛﺎﻧﻲ َ َ ﺛت ﱠ ْ ﺗﺗزو َجَ .وِرَ ْ َن َََ ﱠ ﻟﻬﺎ أ ْﻗﻠﻧﺎَ َ : ُْ َ
ﱡ ـﯾن َﺷـ ْ َ ْ ِ َِﱠ
ـت ﻗَْﺑـ َـل ان َﻣﺎﺗَـ ْ ـﯾن ْاﻵ َﺧـ ُـرٕ َ .وِ ْ ـدﻫﻣﺎ ،ﺗَ َﻌـ ﱠ َ ـذر أَ َﺣـ ُ ُ َ ـﯾﺋﯾنَ ،ﻓﺗَ َﻌـ َ ﻷن َﻣـ ْـن ُﺧﱢﯾـ َـر َﺑـ ْ َ
ﯾﺧﺗرﻫـﺎ وِرﺛَﻬـﺎ اﻟﺛﱠ ِ ﺧﺗﯾﺎر ْ َﱠ ِاِْ ِ
ـﺎﻧﻲَ .ﻫ َـذا ان ﻟَ ْـم َ ْ َْ َ َ َ اﺧﺗﺎرَﻫـﺎ َوِرﺛَﻬَـﺎ َ ٕوِ ْﻓﺈن ْ َ َ ﺧﯾرْ َِ ، اﻷول ُ ،ﱢ َ
ـﺎﻧﻲ َوَﻻ َﯾ ِرﺛُﻬَـﺎ ـرث اﻟﺛﱠ ِ ﻓﺈﻧﻬَـﺎ َﻻ ﺗَ ِ ُ َﺧﺗَـﺎ ُرُﻩ َِ ،ﱠ ﻋﻠﻰ َﻣـﺎ أ ْ َﻣﺎ َ َ ﻗول أ ْ َ َِ
َﺻﺣﺎﺑﻧﺎَ .وأ ﱠ ظﺎﻫر َ ِ َ ِ
ْ
وﻣﺗَــﻰ َﻋﻠِـ َـم ـﺎن َﺣﯾـﺎَ َ ، اﻷول َﻛـ ََن ْ َﱠ َ ﯾﻌﻠَ َـم أ ﱠـدد ﻟَﻬَـﺎ َﻋ ْﻘـ ًـدا ،أ َْو َﻻ َ ْ َن ُﯾ َﺟـ ﱢ َـﺎل ،ﱠإﻻ أ ْ ﺑِ َﺣ ٍ
ﺗرﻛﻬـﺎَ ،ﻓﺗَﺑِـﯾن ِﻣ ْﻧـﻪ ﺑِ َ ِ
ـذﻟك، َ ُ ﯾﺧﺗَـﺎر َْ َ َ َن َ ْ ووِرﺛَﺗْ ُـﻪ ،ﱠإﻻ أ ْ ﻛﺎن َﺣﯾﺎَ ،وِرَ َ
ﺛﻬﺎ َ َ اﻷول َ َ َن ْ َﱠ َ أﱠ
ﻓﻼ ﺗَِرُﺛﻪ َوَﻻ َﯾ ِرُﺛﻬﺎ. ََ
ـﺎﻫ ًاراﻟﺣﺎﻛم ظَ ِ ﯾق ْ ِِ
ﺑﺗﻔ ِر ِ َ ﻗﺔ ِ َ ْﺑوﻗوِع ْاﻟﻔُرَ ِ ﻛﻣﻧﺎ ِ ُ ُ إن َﺣ َ ْ َ اﻟﺧطﺎبْ ،ﻗول أ َِﺑﻲ ْ َ ﱠ ِ وﻋﻠﻰ َ ِ
ْ َ ََ ْ
وﺑﺎطًﻧــﺎ ،وِرﺛَـ ْ ﱠ ِ ِ
ﻧﺣ ُﻛـ ْـمان ﻟَـ ْـم َ ْاﻷول َوﻟَـ ْـم َﯾ ِرﺛْﻬَــﺎٕ َ ،وِ ْ
ـرث ْ َﱠ َ ووِرﺛَﻬَــﺎَ ،وﻟَـ ْـم ﺗَـ ِ ْـت اﻟﺛــﺎﻧﻲ َ َ َ ََ
)(١
اﻟﺛﺎﻧﻲ َوَْﻟم ﯾرْﺛﻬﺎ ﺗرث ﱠ ِ وﻟم َ ْ ﺛﻬﺎَ َ ، ﺑﺎطﻧﺎَ ،وِرْﺛت ْ َﱠ َ ﺑوﻗوع ْاﻟﻔُ ْرَﻗﺔ َ ِ ً ُِ ُ
وورَ َ اﻷول َ َ
********************************
)(١
اﻟﻣﻐﻧﻲ ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ ج ٨ص ١٣٧ & ١٣٦
-
٦٩٨ -
اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ
-
٦٩٩ -
أو اﻧﻬ ــدام ﻣﻧ ــزل ﻓﯾﺟ ــب ﻣ ارﻋ ــﺎة ظ ــروف اﻟﻔﻘ ــد ﻗﺑ ــل اﻟﺣﻛ ــم ﻋﻠ ــﻰ اﻟﻣﻔﻘ ــود
ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة أو اﻟﻣوت .
ﺛﺎﻟﺛﺎ :اﻣـرأة اﻟﻣﻔﻘـود ﺗﺗـرﺑص أرﺑـﻊ ﺳـﻧﯾن ﺛـم ﺗﻌﺗـد أرﺑﻌـﺔ أﺷـﻬر وﻋـﺷ ار
ﻋﻠﻰ اﻟراﺟﺢ إذ ﻻ ﺿرر وﻻ ﺿرار .
راﺑﻌﺎ - :إن ﻋﺎد اﻟزوج اﻟﻣﻔﻘود ﻗﺑل أن ﺗﻧﻛﺢ اﻣرأﺗﻪ ﻓﻬو أﺣق ﺑﻬﺎ.
ٕوان ﻧﻛﺣت ﻓدﺧل ﺑﻬﺎ ﺛم أﺗﻰ ﻓﻼ ﺳﺑﯾل ﻟﻪ إﻟﯾﻬﺎ وﻻ ﻟﻪ ﻋﻠﯾﻬﺎ وﻻ ﻋﻠـﻰ
ﻧﺎﻛﺣﻬﺎ ﺷﻲء ﻣـن اﻟـﺻداق اﻟـذي أﺻـدﻗﻬﺎ ﻷﻧﻬـﺎ ﻗـد اﺳـﺗﺣﻘﺗﻪ ﺑﻣﺳﯾـﺳﻪ ﻟﻬـﺎ
ﻛﻣﺎ ذﻫب إﻟﻰ ذﻟك اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ .
ﺧﺎﻣﺳﺎ :ﻧﻔﻘﺔ زوﺟﺔ اﻟﻣﻔﻘود واﺟﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻣﺎﻟﻪ .
ﺳﺎدﺳﺎ :اﻟﻣﻔﻘود ﺣﻲ ﻓﻲ ﺣق ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺎﻻﺳﺗﺻﺣﺎب ﻣﯾﺗﺎ ﻓﻲ ﺣق ﻏﯾرﻩ
ﻓﺑﻧــﺎء ﻋﻠــﻰ ذﻟــك ﻻ ﯾﻘــﺳم ﻣﺎﻟــﻪ ﺑــﯾن ورﺛﺗــﻪ ﻷن اﻻﺳﺗــﺻﺣﺎب ﯾــﺻﻠﺢ
ﻹﺑﻘﺎء ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن .
**************************
-
٧٠٠ -
اﻟﻣراﺟﻊ
اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم
ﻛﺗب اﻟﺣدﯾث
ﺳــﻧن اﻟــدارﻗطﻧﻲ أﺑــو اﻟﺣــﺳن ﻋﻠــﻲ ﺑــن ﻋﻣــر ﺑــن أﺣﻣــد ﺑــن ﻣﻬــدي ﺑــن
ﻣﺳﻌود ﺑن اﻟﻧﻌﻣﺎن ﺑن دﯾﻧﺎر اﻟﺑﻐدادي اﻟدارﻗطﻧﻲ اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣؤﺳـﺳﺔ
اﻟرﺳﺎﻟﺔ ،ﺑﯾروت -ﻟﺑﻧﺎن
ﻛﺗب اﻟﻠﻐﺔ
ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب
اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺣﻧﻔﻲ
اﻟدر اﻟﻣﺧﺗﺎر ﻻﺑن ﻋﺎﺑدﯾن ط دار اﻟﻔﻛر ﺑﯾروت ط اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ
ﻓﺗﺢ اﻟﻘدﯾر ﻻﺑن اﻟﻬﻣﺎم ط دار اﻟﻔﻛر
.اﻟﻣﺑﺳوط ﻟﻠﺳرﺧﺳﻲ
اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ ﺷرح اﻟﻬداﯾﺔ ﻟﻠﺑﺎﺑرﺗﻲ ط دار اﻟﻔﻛر
اﻟﺑﺣر اﻟراﺋق ﻻﺑن ﻧﺟﯾم اﻟﺣﻧﻔﻲ ط اﻷوﻟـﻰ دار اﻟﻛﺗـب اﻟﻌﻠﻣﯾـﺔ ﺑﯾـروت
ﻟﺑﻧﺎن
-
٧٠١ -
اﻟﻬداﯾﺔ ﺷرح اﻟﺑداﯾﺔ ﻟﻠﻣرﻏﯾﺎﻧﻲ ط اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
ﻣﺟﻣـ ــﻊ اﻷﻧﻬـ ــر ﻓـ ــﻲ ﺷـ ــرح ﻣﻠﺗﻘـ ــﻰ اﻷﺑﺣـ ــر ﻟـ ــﺷﯾﺦ زادﻩ ط دار اﻟﻛﺗـ ــب
اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺑﯾروت ﻟﺑﻧﺎن
اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ
ﻣﻧﺢ اﻟﺟﻠﯾل ط دار اﻟﻔﻛر ﺑﯾروت
اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻻﺑن ﻋﺑد اﻟﺑر ط دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺑﯾروت
ﺑداﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻬد وﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻣﻘﺗﺻد ﻻﺑن رﺷد ج ط دار اﻟﺣدﯾث اﻟﻘﺎﻫرة
اﻟﺑﯾﺎن واﻟﺗﺣﺻﯾل ﻻﺑن رﺷد اﻟﻘرطﺑﻲ ط اﻟﺛﺎﻧﯾـﺔ دار اﻟﻐـرب اﻻﺳـﻼﻣﻲ
ﺑﯾروت ﻟﺑﻧﺎن
اﻟﻣدوﻧﺔ اﻟﻛﺑرى ﻟﻺﻣﺎم ﻣﺎﻟك ط دار ﺻﺎدر ﺑﯾروت
اﻟﻛـ ــﺎﻓﻲ ﻓـ ــﻲ ﻓﻘـ ــﻪ أﻫـ ــل اﻟﻣدﯾﻧـ ــﺔ ﻷﺑـ ــﻲ ﻋﻣـ ــر اﻟﻘرطﺑـ ــﻲ ط دار اﻟﻛﺗـ ــب
اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺑﯾروت
اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ
اﻟﺣﺎوي ﻟﻠﻣﺎوردي ط دار اﻟﻔﻛر ﺑﯾروت
ﻧﻬﺎﯾ ـ ــﺔ اﻟﻣطﻠ ـ ــب ﻓ ـ ــﻲ د ارﯾ ـ ــﺔ اﻟﻣ ـ ــذﻫب ﻷﺑ ـ ــﻲ اﻟﻣﻌ ـ ــﺎﻟﻲ ط اﻷوﻟ ـ ــﻰ دار
اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ
ﻗﻠﯾوﺑﻲ وﻋﻣﯾرة ط ﻣوﻗﻊ اﻻﺳﻼم http://www.al-islam.com
اﻟﻣﻬذب ﻟﻠﺷﯾرازي
اﻟﻣﻧﻬﺎج ﻟﻠﻧووي
اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺣﻧﺑﻠﻲ
اﻟﺷرح اﻟﻣﻣﺗﻊ ﻋﻠﻰ زاد اﻟﻣﺳﺗﻘﻧﻊ ط اﻷوﻟﻰ دار اﺑن اﻟﺟوزي
ﻛﺷﺎف اﻟﻘﻧﺎع ط ﻧﺷر و ازرة اﻟﻌدل اﻟرﯾﺎض
اﻟﻣﻐﻧﻲ ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ ج ﻧﺷر ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻘﺎﻫرة
-
٧٠٢ -
ﺷرح زاد اﻟﻣﺳﺗﻘﻧﻊ ﻟﻠﺷﻧﻘﯾطﻲ ط اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ
اﻟﺷرح اﻟﻛﺑﯾر ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ اﻟﻣﻘدﺳﻲ ط دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ
اﻟﻬداﯾــﺔ ﻋﻠــﻰ ﻣــذﻫب اﻹﻣــﺎم أﺣﻣــد ﻷﺑــﻲ اﻟﺧطــﺎب اﻟﻛﻠــوذاﻧﻲ ط اﻷوﻟــﻰ
ﻣؤﺳﺳﺔ ﻏراس ﻟﻠﻧﺷر .
-
٧٠٣ -