Professional Documents
Culture Documents
الطبعة األوىل
كتبه
حتذير النسوان من األخطاء الشائعة يف شهر رمضان
4
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
5
املقدمة
الحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل وعلى آله وصحبه وبعد:
ﭤ} [سورة النساء ،]78 :وهي أحسن القصص لقوله تعالى{ :ﮰ ﮱ ﯓ
ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ
ﯡ} [سورة يوسف .]3 :وهي أنفع القصص لقوله تعالى{ :ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ
ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ} [سورة يوسف.]111 :
والقصص هلا فوائد كثرية ومنها:
1ـ تثبيت قلوب المؤمنين وتقوية ثقتهم باهلل ،وزيادة إيماهنم ويقينهم.
2ـ تحذير الكافرين والعصاة والمجرمين والغافلين أن يصيبهم مثل ما
أصاب الذين من قبلهم ،فإن سنة اهلل جارية قال اهلل {ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ}
( )1وأما قصص النساء الواردة يف السنة النبوية فقد أفردهتا برسالة مستقلة ،جمعت فيها
أشهر القصص وأهمها مع بيان غريب األلفاظ الواردة فيها ثم أردفت كل قصة بذكر
األحكام والفوائد المستنبطة منها والدروس والعرب المأخوذة منها ،والحمد هلل.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
7
ذكرت اآليات التي تحدثت عن القصة.
ُ أوالً:
واعتمدت على كتاب
ُ ذكرت تفسير الغريب لمفردات تلك اآليات،
ُ ثاني ًا:
(السراج يف بيان غريب القرآن ) للدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري،
حفظه اهلل ،لكونه شامالً سهل العبارة.
عرضت القصة على سبيل الشرح والتفسير والرتتيب والتنسيق بين
ُ ثالث ًا :ثم
واعتمدت يف ذلك ،على كتاب (المختصر يف تفسير القرآن الكريم)
ُ أحداثها،
الذي قام عليه نخبة من العلماء وذلك لوضوح عبارته وصحتها ،وسهولتها
وسالمة معانيها ،وقرب مبانيها.
ذكرت بعد ذلك أهم األحكام والفوائد والدروس والعرب المستنبطة
ُ رابع ًا :ثم
من تلك القصة وهذا هو المقصود من جمع هذه الرسالة ،والذي دفعني إلى
ذلك ما لمسته أثناء تدريسي للنساء من مسيس الحاجة إلى رسالة مختصرة يف
عليهن ،أرجو أن يجدن فيها
ّ هذا الموضوع يسهل تدريسها للنساء وقراءهتا
يت هذه الرسالة
سم ُ
بغيته ّن وأن تنال رضاه ّن ،نسأل اهلل القبول والرضى ،وقد ّ
(قصص النساء يف القرآن الكريم ـ أحكام وفوائد ،دروس وعرب) قصدت بذلك
النصح والنفع لبناتنا وأخواتنا وأمهاتنا المسلمات ،واهلل من وراء القصد وهو
حسبنا ونعم الوكيل.
كتبه :أبو سليمان عبد الرحمن بن علي بن أحمد السمحي
دار الحديث بمعرب – ذمار – اليمن
قصص النساء يف القرآن الكريم
8
اآليات:
قال اهلل تعاىل{ :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ
ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ
ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ
ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ
ﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ
ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ
ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ} [سورة األعراف.]27-11 :
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
1
تفسري الغريب:
وري} ما ُستِر ،و ُأ ْخ ِفي. ({ ... )22ما ُو ِ
رشح القصة:
خلق اهلل أبانا آدم عليه السالم ،ثم خلق من ضلعه أ ّمنا حواء عليها السالم،
وزجه إياها ،فتناسلت منهما البشرية ،وأدخلها اهلل مع زوجها الجنة ،وقال اهلل
ّ
آلدم عليه السالم :يا آدم ،اسكن أنت وزوجتك حواء الجنة ،ف ُكال مما فيها من
الطيبات ما شةتما ،وال تأكال من هذه الشجرة ـ شجر ًة عينها اهلل لهما ـ فإ ّنكما إن
أكلتما منها بعد هنيي لكما كنتما من المتجاوزين لحدود اهلل.
فألقى إبليس لهما كال ًما خف ًّيا؛ ل ُي ْظ ِهر لهما ما ُستِر عنهما من عوراهتما،
وقال لهما :ما هناكما اهلل عن األكل من هذه الشجرة ّإال كراهة أن تكونا ملكين،
قصص النساء يف القرآن الكريم
12
ّ
وإال كراهة أن تكونا من الخالدين يف الجنة ،وحلف لهما باهلل :إين لكما لمن
أشرت عليكما به.
ُ الناصحين فيما
فحطهما من المنزلة التي كانا فيها بخداع منه وغرور ،فلما أكال من الشجرة
التي ن ُِهيا عن األكل منها ظهرت لهما عوراهتما مكشوفة ،فأخذا ُي ْل ِزقان عليهما
قائال :ألم أهنكما عن األكل
من ورق الجنة؛ ليسرتا عوراهتما ،وناداهما رهبما ً
محذرا لكما :إن الشيطان عدو لكما ب ِّين العداوة؟!
ً من هذه الشجرة ،وأقل لكما
فقال آدم وحواء :يا ربنا ،ظلمنا أنفسنا بارتكاب ما هنيتنا عنه من األكل من
الشجرة ،وإن لم تغفر لنا ذنوبنا وترحمنا برحمتك ،لنكونن من الخاسرين
بإضاعتنا حظنا يف الدنيا واآلخرة ،فتاب اهلل عليهما ،وقبل توبتهما.
ثم قال اهلل آلم وحواء وإبليس بعد الوقوع يف المعصية :اهبطوا من الجنة
عدوا لبعض ،ولكم يف األرض مكان استقرار
إلى األرض ،وسيكون بعضكم ًّ
إلى وقت معلوم ،وتمت ٌُّع بما فيها إلى أجل مسمى.
وقال اهلل مخاط ًبا آدم وحواء وذريتهما :يف هذه األرض ت ْحي ْون مدة ما قدّ ر
اهلل لكم من آجال ،وفيها تموتون و ُتدفنون ،ومن قبوركم تخرجون للبعث.
لباسا ضرور ًّيا لسرت عوراتكم ،وجعلنا
ثم قال يا بني آدم ،قد جعلنا لكم ً
لباسا كمال ًّيا تتجملون به يف الناس ،ولباس التقوى -التي هي امتثال ما أمر
لكم ً
اهلل به واجتناب ما هنى عنه -خير من هذا اللباس الحسي ،ذلك المذكور من
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
11
اللباس من آيات اهلل الدالة على قدرته ،لعلكم تتذكرون نعمه عليكم
فتشكروهنا.
وقال سبحانه :يا بني آدم ،ال ي ُغرنكم الشيطان بتزيين المعصية برتك اللباس
الحسي لسرت العورة أو ترك لباس التقوى ،فقد خدع أبويكم بتزيين األكل من
الشجرة حتى كان مآل ذلك أن أخرجهما من الجنة ،وبدت لهما عوراهتما ،إن
الشيطان وذريته يرونكم ويشاهدونكم وأنتم ال تروهنم وال تشاهدوهنم،
فيلزمكم الحذر منه ومن ذريته ،إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين ال يؤمنون باهلل،
وأما المؤمنون الذين يعملون الصالحات فال سبيل لهم عليهم.
وفيها أ ّنه ال يمكن العيش لبني آدم؛ إال يف األرض لقوله تعالى {:ﳅ ﳆ
{ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ
ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ} [سورة البقرة.]63:
أن بني آدم ُجبلوا و ُفطروا على حب السرت ،وعدم التكشف والتعري،
وفيها ّ
فالتعري فطرة حيوانية هبيمية ،واعتباره جما ً
ال وحضارة ورقيًا انتكاس يف
الفطرة.
وفيها ّ
أن نعمة اللباس والثياب واالستمتاع بالزينة والجمال ،واتقاء الحر والربد
من ّ
أجل النعم على البشرية.
وفيها التحذير لبني آدم من فتنة الشيطان ،سواء فتنة الشهوات أو الشبهات،
السيما وهو يرانا ونحن ال نراه.
قصص النساء يف القرآن الكريم
16
وفيها ّ
أن من أشبه آدم باالعرتاف وسؤال المغفرة والندم واإلقالع -إذا صدر
منه الذنب -اجتباه ربه وهداه ،ومن ْ
أشبه إبليس -إذا صدر منه الذنب
باإلصرار والعناد -فإنه ال يزداد من اهلل إال ُب ْعدً ا.
وفيها ّ
أن من تاب وأناب من الذنب فقد أشبه أباه آدم ،ومن يشابه أبه فما ظلم،
أصر على العصيان واحتج بالقدر فقد أشبه إبليس ،وبةس الشبه.
ومن ّ
ويف هذه اآليات دليل على حرص الشيطان على كشف عورة اإلنسان لما يرتتب
على ذلك من الفسق والفجور.
وفيها ّ
أن الذين يدعون الناس إلى نزع اللباس الظاهري؛ لتنكشف العورات،
ويهونون على الناس فعل المنكرات هم من إخوان الشيطان وجنوده ،وهم كثير
ال كثرهم اهلل.
وفيها بيان عداوة الشيطان لإلنسان ووجوب معرفة ذلك التقاء وسوسته.
وفيها وجوب التوبة النصوح من الذنب وذلك باالعرتاف به وتركه والندم على
فعله ،والعزم على عدم العودة إليه.
أن التائب قد يرجع بعد توبته إلى حال أحسن مما كان عليه ُ
قبل. وفيها ّ
فائدة :الوسوسة هي الصوت الخفي ،ووسوسة الشيطان البن آدم إلقاء معان
فاسدة ضارة يف صدره مز ّينة ليعتقدها أو يقول هبا أو يعمل هبا.
وفيها ّ
أن سالح إبليس األقوى الذي يحارب به ابن آدم هو الوسوسة والتزيين.
وفيها ّ
أن النهي يقتضي التحريم إال أن توجد قرينة تصرفه إلى الكراهة.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
17
وفيها دليل على وجوب سرت العورة للرجال والنساء ،فإن لم يجد إال حشيشًا
أو ورقًا يربطه عليه فإنه يلزمه التسرت به.
فائدة :قول آدم وحواء{ :ﭒ ﭓ ﭔ} هي الكلمة التي ألقاها اهلل تعالى
إلى آدم فتلقاها عنه فتاب اهلل عليه هبا.
فائدة :لو كان يف تعيين األماكن التي هبط فيها آدم وحواء وإبليس فائدة تعود
على المك ّلفين يف دينهم أو دنياهم لذكرها اهلل تعالى ،فال داعي للخوض فيها.
فائدة :لم يع ّين اهلل هذه الشجرة التي هنى األبوين عن األكل منها وما دام ّ
أن اهلل
تعالى لم يع ّين نوعها فال ينبغي السؤال عنها ،والتنقير عنها.
وفيها ّ
أن اللباس الحقيقي هو لباس التقوى ،ولقد أحسن من قال:
إذا املرء مل يلبس ثياب ًا من التقى ...تقلب عريان ًا وإن كان كاسيا
...وال خري فيمن كان هلل عاصيا وخري لباس املرء طاعة ربه
وفيها ّ
أن اللباس نوعان :ظاهري يسرت العورة ،وباطني وهو التقوى وهو
األصل واألنفع ،ألن من رزقه اهلل لباس التقوى فإهنا ستمنعه من التعري،
ومن ُنزع من قلبه لباس التقوى انكشفت عورته الحسية والمعنوية ،وكان
كله سوءات ،ولو لبس أجمل المالبس ،وإذا كان متقيًا هلل وليس عليه إال
خرقة تواري سوءته لكان يف غاية من السرت والجمال والكمال.
وفيها بيان لسنّة اهلل الجارية وهي أن ما مِن أ ّمة تتربج نساؤها ويكشفن محاسنهن
ويبدين عوراهتن إ ّ
ال أسرع اهلل إليها بزوال الملك وذهاب السلطان.
قصص النساء يف القرآن الكريم
18
وفيها بيان قدرة الشيطان على فتنة بني آدم بوسائله الخفية ،فنحتاج إلى اليقظة
وشدة الحذر حتى ال يأخذنا على غرة.
وفيها بيان أن مدة هذه الحياة الدنيا مؤقته عارضة ليست مسكنًا حقيقيًا وإنما
هي معرب ُيتزود منها لدار القرار فال ُتعمر لالستقرار ،ول ُيزهد فيها وال ُيغ ّ
رت هبا.
وفيها ّ
أن اإلنسان مجبول على الخطأ والنسيان فهو مخلوق ضعيف ،وهذا هو
السبب يف استجابة األبوين إلبليس يف األكل من الشجرة.
وفيها أنه ال يجوز لإلنسان إذا وقع يف الخطيةة أن يقنط من رحمة اهلل به ومغفرته
له.
وفيها ّ
أن اتباع الهدى يفضي بالعبد إلى أن ال يخاف وال يحزن ال يف الدنيا وال يف
اآلخرة ،وإثبات الخوف والحزن والقلق والضيق لكل من لم يتبع هدى اهلل.
وفيها دليل على أن الصغائر قد ُيعاقب عليها اإلنسان إن لم ُتغفر.
وفيها بيان أن من يدعو إلى الضاللة والباطل فإنه ُيلبِس الباطل لباس الحق
و ُيلبِس البدعة لباس السنة ل ُيقبل باطله ويغرت الناس بدعوته ،ولو عرف الناس
حقيقة ما يدعو إليه لنفروا عنه.
وحرمه عليه ،وأنه لم ينهه عن شيء إال
وفيها بيان رحمة اهلل بعبده فيما منعه منه ّ
لما فيه من الضرر عليه.
والمحرم قليل بالنسبة إلى المباح
ّ وفيها دليل على أن األصل يف األشياء اإلباحة
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
11
وفيها ّ
أن اإلخراج لألبوين من الجنة كان هو العقاب العاجل على تلك
المعصية ،أما العقاب يف اآلخرة فقد عفا اهلل عنهما بالتوبة التي أذهبت أثره
ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ}
وفيها ّ
أن أخطر سالح استخدمه الشيطان إلغواء األبوين وتغريرهما هو الحلف
المؤ ّكد باهلل ،فانخدعا بذلك ،وقد ُيخدع المؤمن باهلل.
وفيها دليل على أن اهلل هو الذي س ّلط الشيطان على الكافرين والمنافقين
والعصاة والمجرمين ،حتى أضلهم وأغواهم ،زياد ًة يف عقوبتهم.
وفيها ّ
أن المعاصي سبب للتدلي والسقوط من المنازل العالية ،فمن خالف أمر
عزه وإن كان يف غاية المكنة وهناية القوة.
اهلل ُهدم ّ
وفيها دليل على أن الجنة موجودة قبل خلق اهلل آلدم ،وهو الحق.
وفيها ّ
أن الدار األولى والمسكن األصل والمنزل الحقيقي األول للمؤمنين
الطائعين هو الجنة ولكن سباهم إبليس عنها وأخرجهم منها فهل ترى سيحرص
العبد على العودة إلى تلك الدار باتباعه أمر ربه وترك ما هناه عنه؟.
وفيها ّ
أن العيش يف الجنة هنيء وفيه من صنوف الثمار والنعيم ما ال عين رأت
وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر ،فليشمر العبد إليها ،وليجعلها نصب
عينيه حتى يأتيه الموت.
قصص النساء يف القرآن الكريم
22
ويف هذه القصة دليل على قاعدة (كل ممنوع مرغوب) فحرص النفس على ما
ُمنعت منه ،يزيد على قدر قوة المنع ،ويف األمثال :المرء حريص على ما ُمنع،
وتواق إلى ما لم ينل ،ويقال :لو ُأمر الناس بالجوع لصربوا ،ولو ُنهوا عن
ّ
تفتيت البعر لرغبوا فيه ،وقالوا ما ُنهينا عنه إال لشيء ،ولو قعد اإلنسان يف بيته
شهر ًا لم يصعب عليه ،ولو قيل له :ال تخرج من بيتك يومًا طال عليه.
وفيها ّ
أن ترك المأمور أشد من فعل المحظور ،فذنب آدم كان بفعل المحظور،
فاجتباه ربه فتاب عليه وهدى ،وذنب إبليس كان برتك المأمور فكان عاقبته ما
ذكر اهلل .
وفيها ّ
أن منّة اهلل على أبينا ،هي منّة علينا ألن المنّة الواصلة إلى اآلباء
تلحق األبناء.
ِ
الموسوس ال يشرتط أن يكون مخفيًا بل قد يشاهد، ويف القصة دليل على أن
فظاهر السياق أن الحوار بين آدم وإبليس كان مواجه ًة.
وفيها ّ
أن نداء اهلل لألبوين لم يكن إال بعد أن ظهر لهما مفاسد عصياهنما ليكون
للتوبيخ و ْق ٌع يف نفوسهما فيعلما أن الخير يف طاعة اهلل وأن الضرر يف عصيانه.
أن عدم اإليمان هو الموجب لعقد الوالية بين اإلنسان والشيطان {ﮣ
وفيها ّ
اآليات:
قال اهلل { :ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ
ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ
ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ
ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ
ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ
ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ} [سورة آل عمران.]37-33 :
تفسري الغريب:
({ ... )35نذ ْر ُت لك} جع ْل ُت لك.
س.ت الم ْق ِد ِخدْ م ِة بي ِ
ْ
({ ... )35محررا} خالِصا لِ ِ
ً ُ ً
الم ْبع ِد مِن ر ْحم ِة اهللِ.
يم} الم ْر ُجو ِم ُ ({ ... )36الر ِج ِ
ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ }.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
25
وفيها بيان أن األرزاق بيد اهلل يقسمها بين عباده كيف يشاء بمقتضى عدله
وفضله.
وفيها مشروعية ال ُق ْرعة عند االختالف فيما ال ب ِّينة عليه وال قرينة تشير إليه ،كما
حصل عند االختالف على كفالة مريم عليها السالم.
وفيها اكتساب الطفل من الفضائل والخصال الحميدة ممن يربيه فقد استفادت
مريم من تربية زكريا لها.
وفيها بيان أن صالح األبناء والبنات من اهلل وليس لآلباء واألمهات إال بذل
األسباب كالدعاء ونحوه.
وفيها استجابة اهلل تعالى لدعاء أوليائه كما استجاب ألم مريم ورزقها الولد
وأعاذ ابنتها من الشيطان الرجيم.
وفيها جواز النذر هلل تعالى وهو التزام المؤمن الطاعة تقربًا إلى اهلل تعالى.
وفيها بيان فضل الذكر على األنثى يف باب النهوض باألعمال والواجبات.
وفيها جواز التحسر والتأسف لما يفوت العبد من الخير الذي كان يأمله.
تم لمريم يف محراهبا من مجيء الرزق الكثير
وفيها ثبوت كرامات األولياء كما ّ
إليها ،وأنطق لها عيسى ساعة وضعه.
وفيها أن أعظم الشكر هلل على الرزق معرفة العبد بأنه من عند اهلل .
قصص النساء يف القرآن الكريم
26
أن مثل هذه القصص ال يتأتى أل ّمي أن يقصهاتقرير لنبوة محمد ﷺ ،إذ ّ
ٌ وفيها
ال يوحى إليه ،ولهذا ختمها بقوله تعالى{ :ذلِك مِن أنْب ِ
اء إال أن يكون رسو ً
ْ
ُوح ِ
يه إليك}. بن ِ
ا ْلغ ْي ِ
ويف القصة مقدمات ومبشرات بنبوة عيسى ،إذ ولدت أمه من أم عاقر
كبيرة يف السن ،على خالف المعهود ،و ُقبلت مريم يف خدمة بيت المقدس وهي
ال من عند اهلل.أنثى ،لتكون سيرهتا الطاهرة عنوانًا على كون ولدها رسو ً
ِ
عندك من الرزق فقولي هو من عند اهلل إن اهلل يرزق من عما ِ
شخص ّ ٌ سألك إذا
يشاء بغير حساب.
وفيها ّ
أن من كان كافالً ليتيم ونحوه فليقم عليه خير قيام بالرتبية والتعليم
والدعاء وكل ما يصلح حاله.
شك فيه فاسأليه من أين جاء به لِتح ُّق ِق ِح ِّله من ِ
ولدك بشيء ُي ُّ وفيها أنّه إذا جاء
حرمته.
أن الخالة أحق بالحضانة من سائر القرابات ما عدا الجدّ ةّ ،
فإن «الخالة وفيها ّ
بمنزلة األم».
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
27
اآليات:
قال اهلل تعاىل{ :ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ
ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ
ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ
ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﭑﭒﭓ
ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ
[سورة آل عمران.]28-22 : ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ}
وقال تعاىل{ :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ
ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ
ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ
ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ
ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ
قصص النساء يف القرآن الكريم
28
ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ
ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ
ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ
ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ
ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ} [سورة مريم.]33-16 :
تفسري الغريب:
اومِي على الطاع ِة. ({ ... )43ا ْقنُتِي} د ِ
(ُ { ... )44ي ْل ُقون أ ْقالم ُه ْم} ي ْطر ُحون ِسهام ُه ْم لِ ِال ْقتِراعِ.
({ ... )16انتبذ ْت} ا ْعتزل ْت وا ْبتعد ْت.
(ُ { ... )17روحنا} ِج ْب ِريل -عليه السالم .-
({ ... )17س ِو ًّيا} تام الخ ْل ِق.
اه ًرا مِن ُّ
الذن ِ
ُوب ُمباركًا. ({ ... )11ز ِكيا} ط ِ
ًّ
({ ... )22ب ِغ ًّيا} زانِيةً.
({ ... )23فأجاءها} فأ ْلجأها ط ْل ُق الح ْملِ.
اض} الح ْم ُل.
({ ... )23ا ْلمخ ُ
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
21
({ ... )24س ِر ًّيا} جدْ ول ماء.
({ ... )25جنِ ًّيا} غ ًّضا ُجنِي مِ ْن ساعتِ ِه.
({ ... )26وق ِّري ع ْينًا} وطِيبِي ن ْف ًسا.
ِ
({ ... )27ف ِر ًّيا} أ ْم ًرا عظ ً
يما ُم ْفت ًرى.
({ ... )28ب ِغ ًّيا} زانِيةً.
(ُ { ... )31مباركًا} عظِيم الخ ْي ِر والن ْفعِ.
رشح القصة:
قص اهلل عز وجل لنا يف كتابه الكريم قصة مريم عليها السالم من حين
والدهتا ،كما تقدم بيان ذلك يف قصة أمها ،فعاشت مريم وترعرعت يف رعاية اهلل
منذ ولدت ،وأنشأها اهلل سبحانه وتعالى نشأ ًة صالحة يف خلقها ُ
وخلقها ،ويسر
لها أسباب القبول ،وقرهنا بالصالحين ،فجعلها يف كفالة نبيه زكريا عليه السالم،
واستمرت كذلك حتى بلغت ،مالزم ًة لمحراهبا ،مقبل ًة على عبادة رهبا متفرغة
لذلك ،فكانت من أولياء اهلل الصالحين ،ونالت بذلك الكرامات اإللهية ،من
الرزق العجيب الذي يأتيها صباح مساء ،وكذلك مخاطبة المالئكة لها ومناداهتا
ِ
اختارك لما تتصفين به من صفات حميدة، باسمها ،فأخربوها بقولهمّ :
إن اهلل
وطهرك من النقائص ،واختارك على نساء العالمين يف زمانك.
ثم أمرهتا المالئكة بكثرة العبادة والخشوع هلل جل جالله ،لتزداد من اهلل
قربًا ،فقالوا :يا مريم ،أطيلي القيام يف الصالة ،واسجدي ِ
لربك ،واركعي له مع
قصص النساء يف القرآن الكريم
32
الراكعين من عباده الصالحين ،وذلك لتتهيأ للمحنة العظيمة ،وهي ما بشرهتا به
المالئكة من أهنا ستلد ولد ًا من غير أب ،وأن هذا الولد سيكون له ٌ
شأن عظيم،
تعجبت من ذلك ألهنا لم تتزوج النقطاعها لعبادة اهلل وانشغالها بذلك،
ولذلك ّ
ثم ذكر اهلل ما جرى لها حين انفردت بنفسها شرقي المسجد األقصى،
ساترا يسرتها حتى ال يروهنا حال عبادهتا لرهبا،
فاتخذت لنفسها من دون قومها ً
فأرسل اهلل إليها جربيل ،فتم ّثل لها يف صورة إنسان س ِو ّي الخلقة،
فخافت أنه يريدها بسوء ،فلما رأته يف صورة إنسان س ِو ّي الخ ْلق يتّجه إليها
قالت :إين أستجير بالرحمن منك أن ينالني منك سوء إن كنت تق ًّيا تخاف اهلل.
بشرا ،إنما أنا رسول من ربك أرسلني إليك
فقال لها جربيل :أنا لست ً
طاهرا ،اسمه عيسى ابن مريم يكون خ ْل ُقه من غير أب،
ً ألهب لك ولدً ا ط ّي ًبا
وإنما بكلمة من اهلل بأن يقول له" :كن" ،فيكون ولدً ا بإذن اهلل ،له مكانة عظيمة
يف الدنيا ويف اآلخرة ،ويكلم الناس وهو طفل صغير قبل أوان الكالم ،ويكلمهم
وهو كبير قد كملت قو ُته ورجولته ،يخاطبهم بما فيه صالح أمر دينهم ودنياهم،
وهو من الصالحين يف أقوالهم وأعمالهم.
فقالت مريم عليها السالم مستغرب ًة أن يكون لها ولد من غير زوج :كيف يكون
لي ولد لم يقربني بشر ال يف حالل وال يف حرام ولست بزانية ؟! فقال لها جربيل
عليه السالم :مِ ُثل ما خلق اهلل لك ولدً ا من غير أب ،يخلق ما يشاء مما يخالف
أمرا قال له" :كن" فيكون ،فال يعجزه شيء.
المألوف والعادة ،فإذا أراد ً
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
31
ِ
يمسسك زوج وال غيره ولم ذكرت مِ ْن أ ّن ِك لم
ِ وقال لها أيضًا :األمر كما
تكوين زاني ًة ،لكن ِ
ربك سبحانه قال :خ ْل ُق ولد من غير أب ٌ
سهل علي ،وليكون
لك عالمة للناس على قدرة اهلل ،ورحمة منا ِ
لك ولمن آمن به، الولد الموهوب ِ
ِ
ولدك هذا قضا ًء من اهلل مقدّ ًرا ،مكتو ًبا يف اللوح المحفوظ. وكان خ ْلق
فنفخ جربيل عليه السالم يف درعها نفخةً ،سلكت يف فرجها ،فحملت بعيسى
فتنحت به إلى مكان بعيد عن الناس ،خشية أن يتكلموا فيها،
ّ عليه السالم،
فضرهبا المخاض ،وألجأها إلى ساق نخلة ،قالت مريم عليها السالم :يا ليتني
مت قبل هذا اليوم ،وكنت شي ًةا ال ُي ْذكر ،ولم ُأخلق ،حتى ال ُيظن بي سوء.
ّ
فناداها عيسى من تحت قدميها ،وقيل جربيل عليه السالم فقال لها :ال
تحتك جدول ماء تشربين منه ،وأمسكي بجذع النخلةِ تحزين ،قد جعل ِ
ربك
وهزيه تساقط عليك رط ًبا طر ًّيا ُجني من ساعته ،فكلي من الرطب ،واشربي من
ِ
فسألك عن ِ
رأيت من الناس أحدً ا نفسا بمولودك وال تحزين ،فإن
الماء ،وطيبي ً
خرب المولود فقولي له :إين أوجبت على نفسي لربي صمتًا عن الكالم ،فلن
أكلم اليوم أحدً ا من الناس.
فجاءت مريم بابنها إلى قومها تحمله ،قال لها قومها مستنكرين :يا مريم،
عظيما مفرتى ،حيث جةت بولد من غير أب ،يا شبيهة هارون يف
ً أمرا
لقد جةت ً
العبادة ـ وهو رجل صالح ـ ما كان أبوك زان ًيا ،وال كانت أمك زانية ،فأنت من
بيت طاهر معروف بالصالح ،فكيف تأتين بولد من غير أب؟!
قصص النساء يف القرآن الكريم
32
فأشارت إلى ابنها عيسى وهو يف المهد ،فقال لها قومها متعجبين:
كيف نك ّلم صب ًّيا وهو يف المهد؟!
فقال عيسى :إين عبد اهلل ،أعطاين اإلنجيل ،وجعلني نب ًّيا من
أنبيائه ،وجعلني كثير النفع للعباد أينما كنت ،وأمرين بأداء الصالة وإعطاء الزكاة
طيلة حيايت ،وجعلني ًّبرا بأمي ،ولم يجعلني متكربًا عن طاعة ربي ،وال عاص ًيا
علي يوم ميالدي ويوم مويت ويوم بعثي ح ًّيا
له ،واألمان من الشيطان وأعوانه ّ
يوم القيامة ،فلم يتخ ّب ْطني الشيطان يف هذه المواقف الثالثة الموحشة.
فهذه كروب لو س ِّلط أحدها على جبل لتصدع ويكفيك قولها عند ذلك {ﯩ ﯪ
اآليات:
قال اهلل { :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ
ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ
ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ
ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ
ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ
ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ
ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ
ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ
قصص النساء يف القرآن الكريم
42
ﰊﰋﰌﰍﰎﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ
ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ
ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ
ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ
ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ
ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ} [سورة يوسف.]39-21 :
ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ
ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ
ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ
ﰍ ﰎ ﰏ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ
ﭡ ﭢ ﭣ} [سورة يوسف.]93-95 :
تفسري الغريب:
({ ... )21م ْثوا ُه} مقام ُه.
({ ... )22أ ُشد ُه} ُمنْتهى ُقوتِ ِه فِي شبابِ ِه.
({ ... )23وراود ْت ُه} دع ْت ُه إِلى ن ْف ِسها بِ ِر ْفق ولِين.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
43
({ ... )23ه ْيت لك} ه ُلم إِلي.
({ ... )23معاذ اهللِ} أ ْعت ِص ُم بِاهللِ.
({ ... )23ر ِّبي} س ِّي ِدي.
({ ... )23م ْثواي} من ِْزلِي و ُمقامِي.
احش ِة.
({ ... )24هم ْت بِ ِه} مال ْت ن ْفسها لِ ِفع ِل الف ِ
ْ ُ
({ ... )24وهم بِها} خطر بِق ْلبِ ِه إِجابتُها.
(ُ { ... )24ب ْرهان ر ِّب ِه} آي ًة مِن اهللِ زجر ْت ُه ع ْن ذلِك الخاطِ ِر.
اختص ُه ْم({ ... )24ا ْل ُم ْخل ِصين} ال ِذين أ ْخل ُصوا فِي ِعباد ِة اهللِ؛ فأ ْخلص ُه ْم ،و ْ
بِر ْحمتِ ِه.
الخ ُروج و ِهي ت ْمن ُع ُه.
اب ُي ِريدُ ُاستبقا ا ْلباب} أ ْسرعا إِلى الب ِ ({ ... )25و ُ
({ ... )25وقد ْت} شق ْت.
({ ... )25وأ ْلفيا} وجدا.
({ ... )25س ِّيدها} ز ْوجها.
(ُ { ... )26قد مِن ُق ُبل} ُشق مِن األمامِ.
اآلث ِمين.
({ ... )21ا ْلخاطِ ِةين} ِ
({ ... )32شغفها ُح ًّبا} بلغ ُح ُّبها ل ُه شغاف ق ْلبِها و ُهو ِغال ُف ُه.
({ ... )31وأ ْعتد ْت} هيأ ْت.
(ُ { ... )31متك ًأ} ما يتكِ ْةن عل ْي ِه مِن الوس ِائ ِد.
قصص النساء يف القرآن الكريم
44
({ ... )31وقط ْعن} جر ْحن.
يها لِله. ِ ِ
({ ... )31حاش ل ّله} تن ِْز ً
اغ ِرين} األ ِذال ِء. ({ ... )32الص ِ
رشح القصة:
لما ُوجد يوسف عليه السالم يف البةر وهو طفلُ ،عرض للبيع من قبل الذي
ّ
وجده أو من قبل إخوته ،على أنه عبد الذين رموه يف البةر ، ،فاشرتاه عزيز مصر،
وقال المرأته :أحسني إليه وأكرميه يف مقامه معنا؛ لعله ينفعنا يف القيام ببعض ما
نحتاج إليه ،أو نُص ِّيره ولدً ا بالتبنِّي.
فقال اهلل عز وجل كما أنجينا يوسف من القتل ،وأخرجناه من البةر،
وعطفنا عليه قلب العزيز؛ فسنم ّكن له يف مصر ،ولنعلمه تأويل الرؤيا ،واهلل
غالب على أمره ،فأمره نافذ ،فال ُم ِ
كره له سبحانه ،ولكن غالب الناس -وهم
الكفار -ال يعلمون ذلك.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
45
وعلما ،ومثل هذا الجزاء
ً فهما
ولما بلغ يوسف سن اشتداد البدن أعطيناه ً
الذي جزيناه به نجزي المحسنين يف عبادهتم هلل.
وبينما يوسف عليه السالم ذات يوم يف بيت العزيز إذ طلبت امرأة العزيز
برفق وإعمال حيلة منه فعل الفاحشة ،وغ ّلقت األبواب إمعانًا يف الخلوة،
إلي ،فقال يوسف :أعتصم باهلل مما دعوتِني إليه ،إن ُ
وقالت له :هلم وتعال ّ
ظالما ،إنه ال يفوز
ً إلي يف مقامي عنده فلن أخونه ،فإن خنته كنت
س ّيدي أحسن ّ
الظالمون.
ولقد رغبت نفسها يف فعل الفاحشة ،وخطر على نفسه هو ذلك ،لوال أنه
رأى من آيات اهلل ما يكفه عن ذلك ويبعده ،وقد أريناه ذلك لنكشف عنه السوء،
ونبعده عن الزنى والخيانة ،إن يوسف من عبادنا المختارين للرسالة والنبوة.
وتسابقا إلى الباب :يوسف لينجو بنفسه ،وهي لتمنعه من الخروج،
فأمسكت بقميصه لتمنعه من الخروج ،فش ّقته من خلفه ،ووجدا زوجها عند
الباب ،قالت امرأة العزيز للعزيز محتالة :ليس عقاب من قصد بزوجتك -يا
عزيز -فعل الفاحشة إال السجن ،أو أن ُي ّ
عذب عذا ًبا موج ًعا.
فقال يوسف :هي التي طلبت مني الفاحشة ،ولم ُأ ِر ْدها منها،
فجعل اهلل من أهلها من يتكلم ،فشهد بقوله :إن كان قميص يوسف ُشق من
أمامه فذلك قرينة على صدقها؛ ألهنا كانت تمنعه من نفسها ،فهو كاذب ،وإن
قصص النساء يف القرآن الكريم
46
كان قميصه ُشق من خلفه فذلك قرينة على صدقه؛ لكوهنا كانت ُت ِ
راوده وهو
هارب عنها ،فهي كاذبة.
فلما شاهد العزيز أن قميص يوسف ُ شق من خلفه تحقق من
صدق يوسف ،وقال :إن هذا القذف الذي قذ ْفتِه به من جملة م ْك ِركُن -معشر
النساء -إن م ْكركُن مكر قوي ،وقال ليوسف :يا يوسفِ ،
اضر ْب عن هذا األمر
إنك ِ
كنت من اآلثمين صفحا ،وال تذكره ألحد ،واطلبي أنت المغفرة إلثمكِ ،
ً
بسبب مراودة يوسف عن نفسه.
وانتشر خربها يف المدينة ،وقالت طائفة من النساء على سبيل اإلنكار:
زوجة العزيز تدعو عبدها إلى نفسها ،قد وصل حبه شغاف قلبها (أي :غالفه)،
إنا لنراها بسبب مراودهتا له وحبها إياه -عبدها -يف ضالل واضح.
فلما سمعت امرأة العزيز إنكارهن عليها واغتياهبن إياها بعثت إليهن
محال فيه فراش ووسائد،
ًّ تدعوهن ليرين يوسف فيعذرهنا ،وهيأت لهن
وأعطت كل واحدة من المدعوات سكينًا تقطع به الطعام ،وقالت ليوسف
:اخرج عليهن ،فلما نظرن إليه أعظمنه ،واندهشن لحسنه ،وانبهرن
بجماله ،وجرحن أيديهن من شدة االنبهار به بالسكاكين المعدّ ة لقطع الطعام،
بشرا ،فما هو فيه من الجمال لم ُي ْعهد يف البشر ،ليس إال
وقلن :ليس هذا الغالم ً
مل ًكا ً
كريما من المالئكة الكرام.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
47
فقالت امرأة العزيز للنسوة لما رأت ما أصاهبن :هذا هو الفتى الذي
عير ُتنني بسبب حبه ،ولقد طلبته ،واحت ْل ُت إلغوائه ،فامتنع ،ولةن لم يفعل ما
مستقبال ليدخل ّن السجن ،وليكونن من األذ ّالء.
ً أطلب منه
فقال يوسف داع ًيا ربه :يا رب ،السجن الذي هددتني به أحب
مكرهن أمِل
ُ إلي مما يدعونني إليه من فعل الفاحشة ،وإ ْن لم تكشف عني
إليه ّن ،وأكن من الجاهلين إن مِ ْل ُت إليه ّن ،وطاوعته ّن فيما يردن مني ،فأجاب
اهلل دعوته ،وكشف عنه مكر امرأة العزيز ومكر نسوة المدينة ،إنه
السميع لدعاء يوسف ،ولدعاء كل داع ،العليم بحاله وحال غيره.
ثم كان من رأي العزيز وقومه لما شاهدوا األدلة على براءته أن يسجنوه -
حتى ال تنكشف الفضيحة -إلى مدة غير معلومة ،فبقي يف السجن بضع سنين.
وبعد سنوات عدة رأى الملك رؤيا ،فع ّبها يوسف عليه السالم ،فبلغ الملِك
ما أعطى اهلل يوسف من القدرة على تعبير الرؤيا ،فقال ألعوانه :أخرجوه من
ُ
رسول الملك إلى يوسف قال له :ارجع إلى السجن ،وأ ُتوين به ،فلما جاء
جرحن أيديهن ،حتى تظهر براءته
سيدك الملك فاسأله عن قصة النسوة الاليت ّ
المراودة عليم ،ال يخفى
قبل الخروج من السجن ،إن ربي بما صنعن بي من ُ
عليه شيء من ذلك.
فرجع الرسول إلى الملك ،فأخربه بما قاله يوسف ،فقال الملك مخاط ًبا
النسوة :ما شأنكن حين طلبتن يوسف بحيلة؛ ليعمل الفاحشة معكن؟ فأقررن
قصص النساء يف القرآن الكريم
48
برباءة يوسف عليه السالم ،فخافت امرأة العزيز أن يشهدن عليها إن هي
أنكرت ،فقالت ُم ِقرة بما صنعت :اآلن يظهر الحق ،أنا حاولت إغواءه ولم
يحاول إغوائي ،وإنه لمن الصادقين فيما ادعاه من براءته مما رميته به ،وإنما
اعرتفت بذلك ليعلم زوجي حين أقررت ،أين لم أخنه بفعل الفاحشة ،وإنما
ُ
الذي كان مجرد المراودة فقط ،وقد تبين لي مما حصل أن اهلل ال يوفق من
يكذب ويمكر ،وما أنزه نفسي عن إرادة السوء ،وما أردت بذلك تزكية نفسي؛
ألن شأن النفس البشرية كثرة األمر بالسوء لميلها إلى ما تشتهيه وصعوبة كفها
عنه ،إال ما رحمه اهلل من النفوس ،فعصمها من األمر بالسوء ،إن ربي غفور لمن
تاب من عباده ،رحيم هبم.
ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ
ﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯲﯳﯴ}
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
41
فيها أن اإلكرام سبب للنفع يف المستقبل وما يظنه البعض أن ابنه لن يربه إال إذا
أهانه وقسا عليه يف صغره فهو ظن خاطئ ،فإن من أساليب الرتبية الناجحة
إكرام األوالد الذكور واإلناث.
وفيها تدبير اهلل ليوسف ولطفه به أن قذف يف قلب عزيز مصر معاين
األبوة بعد أن حجب الشيطان عن إخوته معاين األخوة.
وفيها مِنة اهلل على يوسف أن جعله يرتبى يف بيت عز وليس أن يكون ذليال ً
مهانًا.
تفرس يف من سيكون لهم مستقبل وشأن.
وفيها ال ّ
وفيها إكرام الضيف ولو كان صغير ًا.
يظهر من اآليات أن عزيز مصر لم يكن له أبناء وقد ذكر بعضهم أنه كان عقيمًا.
وفيها أن من وجد ولد ًا لقطة فليكرمه ويحسن إليه ليكون له بمنزلة الولد.
وفيها أن اإلحسان إلى الطفل يؤثر فيه وال ينساه إذا كرب.
وفيها أن مسؤولية األم يف تربية الطفل يف صغره أعظم من مسؤولية األب.
وفيها وصية األب لألم برتبية األوالد واالهتمام هبم.
وفيها أن التمكين والرفعة من اهلل يهبها لمن يشاء.
وفيها أن معرفة تأويل الرؤيا يف األصل موهبة من اهلل وقد تدرك بالتعلم.
وفيها بيان فضل علم تأويل الرؤيا فإهنا جزء من النبوة.
وفيها بيان أن اهلل إذا أراد شيةًا فال راد لفضله وال معقب لحكمه.
قصص النساء يف القرآن الكريم
52
وقوله تعاىل{ :ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ}
فيها أن األنبياء ال يتم علمهم وفهمهم ونبوهتم إال يف سن األربعين فكيف
بغيرهم.
وفيها أن الكثير من العطايا والهبات اإللهية والمراتب العلية ال تأيت إال بعد
تمحيص وابتالء مع الصرب.
وفيها أن النبوة اصطفاء واجتباء من اهلل وهذا مجمع عليه خالفًا
للفالسفة فإهنا عندهم اكتساب.
وفيها أن الشاب والشابة إذا نشةا على الخير آتاهما اهلل من العلم والحكمة مالم
يؤت غيرهما.
وفيها أن مواهب العلم والحكمة عطاء رباين ومواهب إلهية يم ُّن اهلل هبا على من
يشاء من عباده.
وفيها أن اهلل يجزي المحسنين بالجزاء العاجل واآلجل.
ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ}
فيها بيان أسلوب القرآن يف أدب الخطاب فالقرآن يعرب عما يستقبح ذكره
بالكنايات وهكذا ينبغي للمسلم والمسلمة أن يكونا عند الخطاب.
وفيها خطورة الخلوة بالمرأة األجنبية فهذه الخلوة المحرمة تؤدي إلى مصائب
عظيمة.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
51
وفيها أن الرجل ال يركن على المرأة مهما كان خيرها ودينها وعقلها ،فبعضهم
يرمي المرأة يف أوساط الذئاب ويقول الشرف بالرأس وبعضهم يذهب يغرتب
ويرتك زوجته سنوات ويقول أنا معي رجل يف البيت.
وفيها بيان خطورة تز ّين المرأة لغير زوجها.
قوله( :قال معاذ اهلل) مباشرة بدون تفكير وال فاصل زمني وهكذا فليكن
المؤمن والمؤمنة صارمًا عندما تراوده الشهوات المحرمة.
وفيها مقابلة الوفاء بالوفاء ور ّد الجميل ألهله ،وبعض الناس تحسن إليه فتأيت
الخيانة من قِبله وهذا يدل على لؤم وخسة ودناءة .فإن مجازاة المحسن
باإلساءة ظلم.
المحرم وبيان أنه ذريعة إلى الوقوع يف الزنا.
ّ وفيها الحذر من العشق
وفيها أن العشق قد يكون من المرأة للرجل كما يكون من الرجل للمرأة.
وفيها خطورة فتنة النساء ،وأهنا أعظم ما ينبغي الحذر منه من الشهوات ،والبعد
عن أسبابه من خلوة ونظرة محرمة وتربّج ونحوه .ولذلك فإ ّن أعداء اإلسالم
عرفوا هذه الحقيقة فسعوا بكل ما أوتوا إلى إفساد المرأة المسلمة ألهنم يعرفون
أنه إذا فسدت المرأة فسد المجتمع وإذا صلحت صلح المجتمع.
وفيها بيان أن بعض الناس يظن أنه إذا أعطاك شيةًا من دنياه أنه يجب عليك أن
تعطيه شيةًا من دينك ،وهذا غير صحيح ومن قبِل هذه المعاوضة فهو خاسر.
قصص النساء يف القرآن الكريم
52
وفيها أن الشيطان ينشط يف األبواب المغلقة والستور المرخاة وأماكن
الخلوات.
وفيها أن مراودة المرأة للرجل أشد فتن ًة من مراودة الرجل لها.
وفيها أن مراودة المرأة للرجل تكون بالقول الصريح وتكون بالتلميح وتكون
بالفعل كالتهيؤ والتزين والتربج والسفور والتمايل ونحو ذلك من وسائل
اإلغراء والفتنة ،فقد تكون المرأة مراودة للرجال بأفعالها.
وفيها بيان عظيم كيد المرأة بيوسف فإهنا استعانت عليه إليقاعه يف
الحرام بأمور كثيرة ولك ّن اهلل عصمه ،وقد ذكر ابن القيم يف كتابه
الجواب الكايف ثالثة عشر وجهًا من دواعي الوقوع يف الفاحشة ،فكان الداعي
هاهنا يف غاية القوة ،وذلك من وجوه:
أحدها :ما ركبه اهلل سبحانه يف طبع الرجل من ميله إلى المرأة ،كما يميل
العطشان إلى الماء ،والجائع إلى الطعام ،حتى إن كثيرا من الناس يصرب عن
الطعام والشراب وال يصرب عن النساء .
الثاين :أن يوسف عليه السالم كان شابًا ،وشهوة الشباب وحدته أقوى.
الثالث :أنه كان عزبًا ،ليس له زوجة وال سرية تكسر شدة الشهوة.
الرابع :أنه كان يف بالد غربة ،يتأتى للغريب فيها من قضاء الوطر ما ال يتأتى له يف
وطنه وبين أهله ومعارفه.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
53
اخلامس :أن المرأة كانت ذات منصب وجمال ،بحيث إن كل واحد من هذين
األمرين يدعو إلى مواقعتها.
السادس :أهنا غير ممتنعة وال آبية ،فإن كثيرا من الناس يزيل رغبته يف المرأة
إباؤها وامتناعها ،لما يجد يف نفسه من ذل الخضوع والسؤال لها.
السابع :أهنا طلبت وأرادت وبذلت الجهد ،فكفته مؤنة الطلب وذل الرغبة إليها،
بل كانت هي الراغبة الذليلة ،وهو العزيز المرغوب إليه.
الثامن :أنه يف دارها ،وتحت سلطاهنا وقهرها ،بحيث يخشى إن لم يطاوعها من
أذاها له ،فاجتمع داعي الرغبة والرهبة.
تنم عليه هي وال أحد من جهتها ،فإهنا هي الطالبة
التاسع :أنه ال يخشى أن ّ
الراغبة ،وقد غلقت األبواب وغيبت الرقباء.
العارش :أنه كان يف الظاهر مملوكًا لها يف الدار ،بحيث يدخل ويخرج ويحضر
معها وال ُينكر عليه ،وكان األنس سابقًا على الطلب وهو من أقوى الدواعي،
كما قيل المرأة شريفة من أشراف العرب :ما حملك على الزنى؟ قالت :قرب
الوساد ،وطول السواد ،تعني قرب وساد الرجل من وساديت ،وطول السواد
بيننا.
احلادي عرش :أهنا استعانت عليه بأئمة المكر واالحتيال ،فأرته إياه ّن ،وشكت
حالها إليهن؛ لتستعين هبن عليه ،واستعان هو باهلل عليهن ،فقال{ :وإال تصرف
عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين}.
قصص النساء يف القرآن الكريم
54
الثاين عرش :أهنا توعدته بالسجن والصغار ،وهذا نوع إكراه ،إذ هو هتديد من
يغلب على الظن وقوع م ا هدد به ،فيجتمع داعي الشهوة ،وداعي السالمة من
ضيق السجن والصغار.
الثالث عرش :أن الزوج لم يظهر منه الغيرة والنخوة ما يفرق به بينهما ،ويبعد كال
منهما عن صاحبه ،بل كان غاية ما قابلها به أن قال ليوسف{ :أعرض عن هذا}
وللمرأة{ :واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطةين} وشدة الغيرة للرجل من
أقوى الموانع ،وهنا لم يظهر منه غيرة.
ومع هذه الدواعي كلها آثر مرضاة اهلل وخوفه ،وحمله حبه هلل على أن اختار
السجن على الزنى{ :قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه}.
وعلم أنه ال يطيق صرف ذلك عن نفسه ،وأن ربه تعالى إن لم يعصمه ويصرف
عنه كيدهن؛ صبا إليهن بطبعه ،وكان من الجاهلين ،وهذا من كمال معرفته بربه
وبنفسه")1( .
وفيها قبح خيانة المحسن يف أهله وماله ،األمر الذي ذكره يوسف من جملة
أسباب رفض الفاحشة.
وفيها دفاع يوسف عن نفسه ،فاستعاذ باهلل واستجار به مما دعته إليه ،وتذ ّكر
فضل سيده عليه إذ آواه وأحسن مثواه ومقامه وتعهده بالرعاية والحفظ.
وفيها أهمية النظر إلى المستقبل والعواقب ،ال إلى اللذة الحاضرة.
ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ}
فيها أن الرجل الصالح والمرأة الصالحة ال يغرتا بصالحهما فلوال توفيق اهلل
هم به.
وحفظه ليوسف لوقع فيما ّ
وفيها أن اهلل تعالى ُي ِعين أولياءه يف اللحظات العصيبة بأمور تثبتهم على الطاعة
وتصرف عنهم المعصية.
وفيها بيان عصمة األنبياء وحفظ اهلل لهم من الوقوع يف السوء والفحشاء.
همه يوسف
بالهم الذي ّ
ّ قوله (وهم هبا) ألهل العلم كالم طويل يف المراد
،والذي عليه المحققون أن المراد هبمه الميول الطبيعي
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
57
الجبلي والخاطر البشري الذي ال معصية فيه وال يؤاخذ عليه العبد وال يتعلق به
تكليف ،وليس يف ذلك نقص وال قدح يف يوسف بل هو كمال ومدح،
حيث امتنع عن المعصية مع وجود الداعي إلى فعلها وهو الميل
والغريزة البشرية.
هم يوسف وبين ّهم امرأة العزيز ومن
هناك فوارق كبيرة وكثيرة بين ّ
ذلك أن هم يوسف مجرد خاطر لم يستقر ولم يعزم على تنفيذه ،وهم المرأة
مصمم مصحوب بإرادة الفعل وبذل األسباب الموصلة إليه.
ّ هم
ٌّ
دلت األدلة من القرآن والسنة على أن المكلف ال يؤاخذ بمجرد الخواطر القلبية
هم به خوفًا من اهلل ُأجر على ذلك.
والهم بل إنه إذا ترك ذلك الذي ّ
ّ
هناك فرق بين من يخطر على قلبه فعل المعصية ،وبين من يعزم على فعلها
ويسعى يف بذل األسباب الموصلة إليها ولكنه عجز عن فعلها فإن هذا األخير
معفو عنه.
ٌ يؤاخذ على ذلك ،بينما األول
وفيها أن من توفيق اهلل للعبد أن يجعل له من الموانع والصوارف واألسباب التي
تصرفه عن الوقوع يف المعصية عند إرادهتا وسهولة الوصول إليها.
ِ
نفسك على فعل المعصية تذ ّكري الرباهين التي تحول ِ
تراودك وفيها أنه عندما
بينك وبين الوقوع يف المعصية كمراقبة اهلل وخشيته والخوف والحياء منه،
والفضيحة يف الدنيا واآلخرة ونحو ذلك.
قصص النساء يف القرآن الكريم
58
وفيها أن اإلخالص هلل من أعظم األسباب الواقية للعبد من الوقوع يف
يهون على العبد الوقوع يف معصية الخلوات.
معصية اهلل ،والرياء دا ٌء عضال ِّ
وفيها دليل لقاعدة :احفظ اهلل يحفظك.
وفيها أن تقوى اهلل وخشيته ومراقبته هي الحاجز المنيع الذي يقي اإلنسان بإذن
اهلل من كيد الشيطان ومكره وتزيينه.
فهم الخطرات ال يؤاخذ به،
وهم إصرار؟ ُّ
ُّ هم خطرات،
الهم همانُّ :
ُّ فائدة:
وهم اإلصرار يؤاخذ به.
ُّ
قوله تعاىل{ :ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ}
فيها وجوب دفع الفاحشة والهروب والفرار من مكان الفتنة وعدم البقاء فيه،
للتخلص من المعصية.
وفيها أنه ال يكفي كراهية المعصية بل ال بد من الهروب عنها وعن مكاهنا وعن
أهلها ومن يزينها ويدعو إليها .وهذا الهروب هو هروب األبطال ،أما األنذال
فإهنم يثبتون يف مواقع الريب ويفرون من مواقع النزال والثبات.
وفيها أن الفرج قد يأيت من حيث يظن اإلنسان أن فيه الهالك.
حصنه جيد ًا
وفيها أن اهلل قد يفضح العبد العاصي يف المكان الذي يظن أنه قد ّ
نسأل اهلل السرت .وقد تكون الفضيحة سريعة.
وفيها بيان عظيم مكر النساء وكيدهن يف قلب الحقائق يف لحظات.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
51
وفيها عدم التعاطف مع أول من يشكو إليك ويبكي بين يدي شكواه فقد تكون
شكواه ضربة استباقية كما قيل " ضربني وبكى وسبقني ُ
بالشكى".
وفيها أن السجن هو الخيار الوحيد يف أذهان الظلمة على مر التاريخ.
قديم عند الظلمة.
منهج ٌ
ٌ وفيها أن افتعال األسباب وتلفيق التهم لس ْج ِن األبرياء
وفيها اإليجاز يف الحديث عن السوء والشر وعدم التفصيل يف أمور الشر
يفصل بل قال (هي راودتني عن نفسي) وكفى.
فيوسف لم ّ
وفيها بيان عظيم كيد المرأة ،فإن الذي يتأمل كيف حاكت هذه المرأة المؤامرة
وغ ّلقت األبواب وقالت " :هيت لك" واستعانت بالنسوة ،فالمرأة إذا أرادت
أن تكيد كادت ،وهذا شيء خلقه اهلل فيها واستعظمه.
وفيها أن المرأة إذا لم تنل مآرهبا وتحقق غايتها من الرجل كادت له.
وفيها أنه من كان غريمه القاضي فلمن يشتكي؟ ،فامرأة العزيز تحولت من
متظ ّلم إلى قاض.
وفيها بيان أن الحق والباطل دائمًا يف صراع وسباق مستمر.
وفيها بيان منزلة الزوج من المرأة وأنه سيدها يأمرها فتطيعه ،وليس معنى ذلك
أنه يعاملها معاملة األمة ،قال اهلل (وله ّن مثل الذي عليه ّن بالمعروف) فالحياة
الزوجية شركة بين عاقلين متزنين ملتزمين بأحكام الدين ،ومدير هذه المؤسسة
الرجل ،والمنفذ الفعلي الزوجة.
قصص النساء يف القرآن الكريم
62
وفيها أن من أراد السوء والفحشاء ولم يقع فيه فعليه جزاء أو عقاب أو سجن،
أو غير ذلك من أنواع التعزير بحسب ما يراه الحاكم.
وفيها بيان أن امرأة العزيز لم تكن صادقة يف حبها ليوسف ،ألن من
شأن المحب إيثار المحبوب.
وفيها أن الكيد والمكر من صفات الضعفاء ،فالمرأة أضعف من الرجل ولذلك
فإهنا تلجأ للتسلح بالتدابير الخفية من كيد ومكر ونحوهما.
وفيها أنه يجب على من يقضي بين خصمين أن يتأنى يف إصدار حكمه ،وال
يقضي إال بعد أن يستقصي الحقائق ،ويستمع إلى كافة األطراف.
وفيها أهمية الرتبية الصالحة يف الصغر فقد كانت نشأة يوسف يف بيت النبوة نشأة
صالحة ،تربى فيها على األخالق الكريمة ،والخصال الحميدة ،فشب على
تلك األوصاف الكاملة التي ورثها من آبائه وأجداده األنبياء ،وقد أفاده ذلك يف
مختلف األحداث الكربى التي مر هبا.
وفيها أن مطاوعة الرجل لزوجته يف كل شيء ولو كان مخالفًا للشرع يجعل
زمام أمره بيدها ،تقوده إلى المتالف والمهالك.
ﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡﲢ
ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ}
فيها أن شهادة القريب على قريبه مقبولة بل هي أقوى من شهادة غيره.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
61
وفيها شرعية العمل بالقرائن ،والمراد هنا أنه إذا كان قميصه ممزقًا من الخلف
فمعناه أهنا هي التي تطارده وهو يهرب ،وإذا كان قميصه ممزقًا من األمام فهو
الذي يهجم عليها وهي تدافع عن نفسها.
وفيها أن اهلل إذا أراد شيةًا حرك أسبابه فهو الذي جاء بالعزيز يف الوقت الذي ال
يأيت فيه عاد ًة.
وفيها أن اهلل إذا أراد إظهار صدق شخص وبراءته وكذب آخر وإدانته جعل لكل
من ذلك عالمات وأمارات ُيستدل هبا.
وفيها أن حبل الكذب قصير فسرعان ما ينكشف مهما حاول صاحبه إتقانه.
وفيها دليل على شدة المالحقة والمتابعة والمراودة من قبل المرأة ،ودليل على
شدة االمتناع والهروب من جهة يوسف .
ذكر فخر الدين الرازي عالمات كثيرة دالة على أن يوسف هو الصادق
وهي:
أوالً :أن يوسف كان يف اعتبارهم عبد ًا ،والعبد ال يتسلط على مواله
إلى هذا الحد.
ثاني ًا :شوهد يوسف يعدو عدو ًا شديد ًا ليخرج ،وطالب المرأة ال يفعل ذلك.
ثالث ًا :ز ّينت المرأة نفسها على أكمل الوجوه ،خالفًا لما كان عليه حال يوسف.
رابع ًا :لم تكن سيرة يوسف يف المدة الطويلة دالة على حالة تناسب ،هذا الفعل
المنكر.
قصص النساء يف القرآن الكريم
62
خامس ًا :لم تصرح المرأة بنسبته إلى الفاحشة ،بل أجملت كالمها ،وأما يوسف
فصرح باألمر.
سادس ًا :أن زوج المرأة كان عاجز ًا ،فطلب الشهوة منها أولى)1(.
ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾﲿ ﳀ ﳁﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ}
فيها بيان عظيم كيد المرأة إذا لم تخف اهلل ولم تراقبه.
ِ
أسباب ظهور براءهتم وفيها بيان عون اهلل ألوليائه وتأييده لهم ،ومن ذلك تيسير
ﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎ}
فيها عظيم سرت اهلل لنا فلوال سرته سبحانه لصرنا حديث المجالس.
وفيها سرعة سريان الشائعات بين النساء.
وفيها أن كل سر جاوز االثنين شاع.
وفيها أن العشق المحرم من الضالل الواضح.
وفيها شدة مكر النساء بعضهن ببعض.
وفيها أن العشق يلحق الضرر بصاحبه ،ألنه يستولي على القلب ويوهن البدن
ويجلب الوسواس والهم والخوف الدائمين.
وفيها أن عالمات العشق المفرط تظهر على وجه صاحبها وإن أخفاه.
مجالسهن إال من .
ّ وفيها أن الغيبة هي فاكهة النساء يف
وفيها أن النسوة إنما قلن هذا من باب الشماتة هبا والتعيير لها ال من باب
النصيحة لها واإلنكار عليها.
قصص النساء يف القرآن الكريم
64
قال ابن القيم :وهذا الكالم متضمن لوجوه من المكر:
أحدها :قوله ّن" :امرأة العزيز تراود فتاها" ولم يسموها باسمها بل ذكروها
بالوصف الذي ينادي عليها بقبيح فعلها بكوهنا ذات بعل فصدور الفاحشة منها
أقبح من صدورها ممن ال زوج لها.
الثاينّ :
أن زوجها عزيز مصر ورئيسها وكبيرها وذلك أقبح لوقوع الفاحشة منها.
الثالثّ :
أن الذي تراوده مملوك ال حر وذلك أبلغ يف القبح.
الرابع :أنه فتاها الذي هو يف بيتها وتحت كنفها فحكمه حكم أهل البيت بخالف
من طلب ذلك من األجنبي البعيد.
اخلامس :أهنا هي المراودة الطالبة.
السادس :أهنا قد بلغ هبا عشقها له كل مبلغ حتى وصل حبها له إلى شغاف
قلبها.
السابعّ :
أن يف ضمن هذا أنه أعف منها وأبر وأوىف حيث كانت هي المراودة
الطالبة وهو الممتنع عفافًا وكرمًا وحيا ًء وهذا غاية الذم لها.
الثامن :أهن ّن أتين بفعل المراودة بصيغة المستقبل الدالة على االستمرار
ال واستقبا ً
ال وأن هذا شأهنا ولم يقلن راودت فتاها. والوقوع حا ً
التاسع :قوله ّن إ ّنا لنراها يف ضالل مبين أي إ ّنا لنستقبح منها ذلك غاية
االستقباح فنسبن االستقباح إليهن ومن شأهنن مساعدة بعضهن بعضًا على
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
65
الهوى فحيث استقبحن منها ذلك كان هذا دليالً على أنه من أقبح األمور وأنه
مما ال ينبغي أن تساعد عليه وال يحسن معاونتها عليه.
العارش :أهن ّن جمعن لها يف هذا الكالم واللوم بين العشق المفرط والطلب
المفرط فلم تقتصد يف حبها وال يف طلبها أما العشق فقولهن قد شغفها حبا أي
وصل حبه إلى شغاف قلبها ،وأما الطلب المفرط فقولهن تراود فتاها والمراودة
الطلب مرة بعد مرة فنسبوها إلى شدة العشق وشدة الحرص على الفاحشة"(.)1
ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ}
فيها أنه ال يلوم العصاة بعضهم بعضًا على فعل المعصية وإنما على عدم التفنن
واإلتقان يف فعلها.
وفيها أن من راودته المعاصي فليستعصم باهلل فإن من اعتصم باهلل عصمه اهلل.
وفيها دليل على أن العفة وخاصة عندما تعرض الفتنة اصطفاء وحفظ وعصمة
من اهلل .
وفيها بيان أن المرتفين من أهل الفسق والفجور ين ِّفذون شهواهتم بالقوة
واألوامر والتهديد إذا عجزوا عن تنفيذها بالرتغيب.
وفيها أن السجن قد يكون انتصار ًا للمظلوم وسببًا لبيان براءته وظهور قدره
ومكانته فال يحزن المظلوم كثير ًا إذا ُسجن فقد يكون ذلك خير ًا له.
وفيها بيان لما جرت به عادة بعض العشاق أن يبوح بسره لبعض خلصائه.
قصص النساء يف القرآن الكريم
68
وفيها أن بعض الظلمة والفجرة قد يظن أن سجنك وتعذيبك صغار لك وإهانة،
والحقيقة أنه رفعة وكرامة يف الدنيا واآلخرة وأن الصغار على من طغى وبغى.
ﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌﲍﲎﲏﲐ
ﲑﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ
ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ}
فيها مؤاثرة ما عند اهلل على ما تحبه النفوس ،فيوسف آثر السجن على
معصية اهلل.
وفيها الثبات على الحق وعدم التنازل عن شيء منه بسبب هتديد أو وعيد.
وفيها أن المسلم والمسلمة قد يتنازل الواحد منهما عن شيء من حقه الشخصي
ليسلم له دينه.
وفيها أن من ُأكره على فعل محرم فأخذ بالعزيمة وصرب فله ذلك ومن أخذ
بالرخصة فال لوم عليه ولو ُأكره على الكفر ،إال من أكره على قتل غيره أو الزنا
فال يفعل.
وفيها ّ
أن عذاب الدنيا أهون من عذاب اآلخرة.
وفيها أن اإلنسان ال يبالي بكالم الناس إذا رموه بشيء هو منه بريء وليكن عنده
يقين أن اهلل سيربؤه يومًا ما ويظهر براءته للناس.
وقوله (مما يدعونني إليه) دليل على أن المراودة حصلت من جميع النسوة.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
61
وفيها الدعاء بالثبات على الدين عند الفتن ألن القلب إذا زاغ ولم يثبت مال إلى
المعاصي والشهوات.
وفيها بيان أن اهلل وحده هو الذي يصرف عنّا الفتن ال بحولنا وال بقوتنا وال
بذكائنا وال بعلمنا.
وفيها ّ
أن اإلنسان ضعيف بدون توفيق من اهلل وإعانة له فمن ُعرضت عليه فتنة
فليلجأ إلى اهلل بالدعاء أن ُيخ ِّلصه منها وأن يصرفه عنها.
اجتمع ليوسف أنواع الصرب الثالثة وهي:
أ ـ الصرب على طاعة اهلل.
ب ـ الصرب عن معصية اهلل.
ج ـ الصرب على أقدار اهلل المؤلمة.
وفيها بيان استجابة اهلل ألوليائه والدعاة المخلصين.
وفيها تقديم الخوف من الخالق على الخوف من المخلوق.
أن من ترك شيةًا هلل عوضه اهلل خير ًا منه يف الدنيا واآلخرة.
وفيها بيان ّ
وفيها بيان ّ
أن تقديم اللذة الحاضرة الزائلة على اللذة الباقية الدائمة يوم القيامة
من أعظم الجهل والسفه.
وفيها أن قوة اإليمان ،وصالبة المعتقد سبيل لتخطي الصعاب ،والرتفع عن
الدنايا ،وذلك هو الذي جعل ليوسف نفسًا كريمة ،وروحًا طاهرة ،وعزيم ًة
صماء ال تلين أمام الشهوات والمغريات.
قصص النساء يف القرآن الكريم
72
وفيها االعتصام باهلل عند الشدة ،واللجوء إليه عند الضيق ،وعدم المباالة
بالتهديد والوعيد من قبل الظلمة.
وفيها أن الجهل باهلل -تعالى -وأسمائه وصفاته وشرعه ودينه هو سبب كل
جريمة ومعصية ،فكل عاص جاهل إما باهلل وإما بشرعه ودينه.
وفيها دليل على قبح الجهل والذم لصاحبه.
وفيها ّ
أن إصرار النفس على حب االنتقام حتى بعد رؤية اآليات والشواهد
الدالة على براءة المتهم ظلم.
محرق وباطنها ِ
مشرق. أن دخول السجن قد يكون بداية أحداثًا ظاهرها ِ
وفيها ّ
ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ}
فيها بيان المكانة والمنزلة التي نالها يوسف عند ملك مصر.
فيها كمال أدب يوسف حيث أشار لحدث النسوة ولم يشر إلى حدث امرأة
العزيز.
وفيها كمال علم يوسف يف حسن تعبير الرؤى.
تقصي الحقائق
ظلما ،وطلب ّ
وفيها مشروعية تربئة النفس مما نُسب إليها ً
إلثبات الحق ،وتربئة النفس من التهم الكاذبة
وفيها بيان لعظيم صرب يوسف وعقله ورأيه التام حيث امتنع عن
المبادرة إلى الخروج ،حتى تتبين براءته التامة.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
71
ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ
ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ
ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ ﱆ ﱇ
ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ}
فيها فضيلة الصدق وقول الحق ولو كان على النفس.
وفيها أن من أعداء المؤمن نفسه التي بين جنبيه؛ لذا وجب عليه مراقبتها وتقويم
اعوجاجها.
وفيها أن الصرب مفتاح الفر ِج ،وأن من يتق اهلل يجعل له مخرجًا ويجعل له من
أمره يسر ًا.
ّ
ويكذب نفسه. ِ
ساحتك ِ
يتهمك بسوء فيربأ وفيها أن اهلل قد يسخر من
وفيها خطر الخيانة الزوجية وأهنا من أعظم الخيانات.
وفيها بيان أنواع النفوس ،وطريق تزكيتها ،فالنفوس يف القرآن الكريم ثالث:
أ ـ األمارة بالسوء :وهي التي تأمر صاحبها بما هتواه من الشهوات المحرمة
واتباع الباطل.
ب ـ اللوامة :وهي التي تلوم صاحبها على ما فات من الخير أو حصل من الشر.
قصص النساء يف القرآن الكريم
72
ج ـ املطمئنة :وهي التي سكنت إلى رهبا وطاعته وأمره وذكره ،ولم تسكن إلى
سواه .واألصل يف النفوس البشرية أهنا أمارة بالسوء ،إال من .
وفيها أن كل خائن ،ال بد أن تعود خيانته ومكره على نفسه ،وال بد أن يتبين
أمره.
وفيها سعة رحمة اهلل وأنه غفور لمن تجرأ على الذنوب والمعاصي ،إذا تاب
وأناب.
وفيها بيان أن االعرتاف بالذنب والرجوع الى الحق خير من التمادي يف الباطل.
وفيها أن الفضائح ال تخفيها جدران وال تردها ستور بل ستظهر ولو بعد حين.
وفيها أن العفة واألمانة واالستقامة مصدر الخير كله ،للرجال والنساء ،وأن
التمسك بالدين والفضيلة مصدر االحرتام وحسن السمعة.
وفيها أ ّن الحق وإن استرت زمنًا ال بدّ من أن يظهر ولو بعد حين.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
73
اآليات:
قال اهلل تعالى{ :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ
ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ
ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ
ﯡﯢﯣ ﯤﯥﯦ ﯧﯨﯩﯪ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰ
ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ
[سورة ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ}
القصص.]12-8 :
قصص النساء يف القرآن الكريم
74
الغريب:
({ )7ا ْلي ِّم} الن ْه ِر ،و ُهو ن ْه ُر النِّيلِ.
({ )8خاطِةِين} آثِ ِمين.
(ُ { )1قر ُت ع ْين ِّلي} م ْصد ُر ُس ُرور لِي.
ار ًغا} خالِ ًيا مِ ْن ك ُِّل ش ْيء إِال هم ُموسى -عليه السالم .- ({ )12ف ِ
رشح القصة:
لما أراد اهلل عز وجل إنقاذ بني إسرائيل من بطش فرعون وقومه ،جعل
ّ
لذلك أسبابًا ومقدمات ،وكان ،أولها أن أوحى إلى أم موسى وحي
إلهام ،أن أرضعيه حتى إذا خ ِش ِ
يت عليه من فرعون وقومه أن يقتلوه فضعيه يف
صندوق ،وارميه يف هنر النيل ،وال تخايف عليه من الغرق وال من فرعون ،وال
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
75
تحزين بسبب فراقه ،إنا مرجعوه إليك ح ًّيا ،ومص ّيروه من رسل اهلل الذين يبعثهم
إلى خلقه.
فامتثلت أم موسى ما ألهمها اهلل عز وجل من وضعه يف صندوق ،ورميه يف
النهر ،فعثر عليه آل فرعون فأخذوه ،ليتحقق ما أراداه اهلل من أن موسى عليه
عدوا لفرعون يزيل اهلل ملكه على يده ،جال ًبا لحزهنم ،ألن
السالم سيكون ًّ
فرعون ووزيره هامان وأعواهنما كانوا آثمين بسبب كفرهم وطغياهنم،
وإفسادهم يف األرض.
ولما أراد فرعون قتله قالت له امرأته :هذا الولد مصدر سرور لي ولك ،ال
تقتلوه لعله ينفعنا بالخدمة ،أو نتخذه ولدً ا بالتبني ،وهم ال يعلمون ما سيؤول
إليه ملكهم على يده.
وأصبح قلب أم موسى خال ًيا من أي أمر من أمور الدنيا إال من أمر
موسى فلم تعد تصرب ،حتى قاربت أن ُتظهر أنه ولدها من شدة التعلق به ،لوال
ّ
أن اهلل ربط على قلبها بتثبيته ،وتصبيرها لتكون من المؤمنين المتوكلين على
رهبم الصابرين على ما يقضي به.
وقالت أم موسى ألخته بعد إلقائها له يف النهر :اتبعي أثره لتعريف
ما ُيفعل به ،فأبصرت به عن ُبعد حتى ال ُيكشف أمرها ،وفرعون وقومه ال
يشعرون أهنا أخته وأهنا تتفقد خربه.
قصص النساء يف القرآن الكريم
76
وامتنع موسى بتدبير من اهلل عز وجل عن الرضاع من النساء ،فلما رأت
أخته حرصهم على إرضاعه قالت لهم :هل أرشدكم إلى أهل بيت يقومون
بإرضاعه ورعايته ،وهم له ناصحون؟
تقر عينها برؤيته عن
فوافقوا على ذلك فر ّد اهلل موسى إلى أمه رجاء أن ّ
قرب ،وال تحزن بسبب فراقه ،ولتعلم أن وعد اهلل بإرجاعه إليها حق ال مرية
فيه ،ولكن أكثرهم ال يعلمون هبذا الوعد ،وال أحد يعلم أهنا هي أمه.
وعلما يف دين
ً فهما
ولما بلغ سن اشتداد البدن ،واستحكم يف قوته -أعطيناه ً
بني إسرائيل قبل نبوته ،وكما جزينا موسى على طاعته نجزي المحسنين يف كل
زمان ومكان.
اآليات:
قال اهلل تعالى{ :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ
ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ
ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﭑ
ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ
ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ
ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ
ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ
ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ
ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ
ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ
ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ
ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﭑﭒﭓ
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
83
ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ
ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ
ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ
ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ
ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ
ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﰈ ﰉ ﰊ
ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ
ﰜ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﰣ} [سورة النمل.]22-25 :
تفسري الغريب:
اهرة.({ ... )21بِس ْلطان مبِين} حجة ظ ِ
ُ ُّ ُ
({ ... )22فمكث غ ْير ب ِعيد} ب ِقي زمنًا غ ْير ط ِويل.
({ ... )22سبإ} م ِدينة بِاليم ِن.
({ ... )22بِنبإ} خبر خطِير.
({ ... )23ع ْر ٌش} س ِر ٌير.
ان ذلِك لِةال ي ْس ُجدُ وا.
({ ... )25أال ي ْس ُجدُ وا} زين ل ُه ُم الش ْيط ُ
بء} الم ْخ ُبوء الم ْستُور ع ِن األ ْع ُي ِن.
({ ... )25ا ْلخ ْ
قصص النساء يف القرآن الكريم
84
({ ... )28تول عن ُْه ْم} تنح عن ُْه ْم ق ِري ًبا مِن ُْه ْم.
رشح القصة:
يخرب تعالى عن عبده ونبيه سليمان بن داود عليهما الصالة والسالم أنه
ركب يومًا يف جيشه جميعه من الجن واإلنس والطير ،فالجن واإلنس يسيرون
معه والطير سائرة معه تظله بأجنحتها من الحر وغيره ،وبينما سليمان النبي
يتفقد الطير لم ير الهدهد ،فقال :ما لي ال أرى الهدهد؟ أمنعني من رؤيته مانع،
لما تبين له غيابه :ألعذبنّه عذا ًبا شديدً ا ،أو ألذبحنّه
أم كان من الغائبين؟ ثم قال ّ
عقا ًبا له على غيابه ،أو ليأتيني بحجة واضحة تب ّين عذره يف الغياب.
فمكث الهدهد يف غيابه زمنًا غير بعيد ،فلما جاء قال لسليمان :
ا ّطلعت على ما لم ت ّطلع عليه ،وجةتك من أهل سبأ بخرب صادق ال شك فيه،
وجدت امرأ ًة تحكمهم ،و ُأعطِيت هذه
ُ فقال سليمان وما هو؟ فقال الهدهد ،إين
المرأة من كل شيء من أسباب القوة والملك ،ولها سرير عظيم تدير مِن عليه
شؤون قومها ،ووجدت هذه المرأة وقومها يسجدون للشمس من دون اهلل
،وحسن لهم الشيطان ما هم عليه من أعمال الشرك والمعاصي،
قصص النساء يف القرآن الكريم
86
فصرفهم عن طريق الحق ،فهم ال يهتدون إليه ،وحسن لهم الشيطان أعمال
الشرك والمعاصي؛ لةال يسجدوا هلل وحده الذي ُي ْخ ِرج ما سرته يف السماء من
المطر ،ويف األرض من النبات ،ويعلم ما تخفونه من األعمال وما تظهرونه ،ال
يخفى عليه من ذلك شيء ،اهلل ال معبود بحق غيره ،رب العرش العظيم.
فقال سليمان للهدهد :سننظر أصدقت فيما تدعيه ،أم كنت من
الكاذبين ،فكتب سليمان كتا ًبا ،وسلمه للهدهد ،وقال له :اذهب بكتابي هذا
وتنح عنهم جان ًبا بحيث تسمع ما يرددون
ّ فارمه إلى أهل سبأ وس ّلمهم إياه،
بشأنه ،فأخذ الهدهد الكتاب وأوصله ،فاستلمت الملكة الكتاب ،وقالت :يا
أيها األشراف إين ألقي إلي كتاب كريم جليل ،ومضمون هذا الكتاب المرسل
من سليمان المفتتح بـ "بسم اهلل الرحمن الرحيم" :أال تتكربوا ،وأتوين منقادين
مستسلمين لما أدعوكم إليه من توحيد اهلل وترك ما أنتم عليه من الشرك به،
حيث عبدتم الشمس معه.
ثم قالت الملكة :يا أيها األشراف والسادة ،ب ِّينوا لي وجه الصواب يف
أمرا حتى تحضروين ،وتظهروا رأيكم فيه ،فقال لها
أمري ،ما كنت قاضية ً
األشراف من قومها :نحن أصحاب قوة عظيمة ،وأصحاب بأس قوي يف
الحرب ،والرأي ما ترينه فانظري ماذا تأمريننا به فنحن قادرون على تنفيذه.
فقالت الملكة :إن الملوك إذا دخلوا قرية من القرى أفسدوها بما يقومون به
من القتل والس ْلب والن ْهب ،وصيروا سادهتا وأشرافها أذالء بعد ما كانوا فيه من
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
87
دائما إذا تغلبوا على أهل قرية؛ ليزرعوا
العزة والمنعة ،وكذلك يفعل الملوك ً
الهيبة والرعب يف النفوس ،وإين مرسلة إلى صاحب الكتاب وقومه هدية ،وأنظر
ماذا تأيت به الرسل بعد إرسال هذه الهدية ،وأرادت بذلك اختبار سليمان النبي
عليه السالم ،فإن كان نبيًا لم يرض ّإال أن تتبعه ،وإن صاحب ُملك قبل الهدية،
وتركها وشأهنا.
فلما جاء رسولها ومن معه من أعوانه يحملون الهدية إلى سليمان أنكر
قائال :أتمدونني باألموال لتثنوين عنكم ،فما
عليهم سليمان إرسال الهدية ً
أعطاين اهلل من النبوة والملك والمال خير مما أعطاكم ،بل أنتم الذين تفرحون
بما ُي ْهدى إليكم من حطام الدنيا.
ثم قال سليمان لرسولها :ارجع إليهم بما جةت من هدية،
فلنأتينّها وقومها بجنود ال طاقة لهم بمواجهتهم ،ولنخرجنّهم من سبأ وهم أذلة
مهانون بعد ما كانوا فيه من العزة إن لم يأتوين منقادين.
فرجع الرسول إليها وأخربها بما قاله سليمان عليه السالم ،علمت أنه نبي
وأنه ال طاقة لها بقتاله ،فعزمت على المسير إليه.
ثم قال سليمان مخاط ًبا أعيان أهل ملكه :يا أيها المأل ،أيكم
قائال :أنا
يأتيني بسرير ملكها قبل أن يأتوين منقادين؟ فأجابه مار ٌد من الجن ً
آتيك بسريرها قبل أن تقوم من مجلسك هذا الذي أنت فيه ،وإين لقوي على
حمله أمين على ما فيه ،فلن أنقص منه شي ًةا ،وقال رجل صالح عالم عند
قصص النساء يف القرآن الكريم
88
سليمان ،عنده علم من الكتاب ،ومن ضمنه اسم اهلل األعظم الذي إذا دعي به
أجاب :أنا آتيك بسريرها قبل أن ترمش عينك؛ بأن أدعو اهلل فيأيت به ،فدعا
مستقرا عنده قال :هذا من
ًّ فاستجاب اهلل له دعاءه فلما رأى سليمان سريرها
فضل ربي سبحانه؛ ليختربين أأشكر نعمه أم أكفرها؟ ومن شكر اهلل فإنما ن ْفع
شكره عائد إليه ،فاهلل غني ال يزيده شكر العباد ،ومن جحد نعم اهلل فلم يشكره
له فإن ربي غني عن شكره كريم ،ومن كرمه إفضاله على من يجحدها.
ثم قال سليمان :غ ِّيروا لها سرير ملكها عن هيةته التي كان عليها
بإخفاء بعض معالمه ننظر :هل هتتدي إلى معرفة أنه سريرها ،أم تكون من
الذين ال يهتدون إلى معرفة أشيائهم؟
اختبارا لها :أهذا مثل عرشك؟
ً فلما جاءت ملكة سبأ إلى سليمان قيل لها
فأجابت :كأنه هو ،وهذا دليل على رجحان عقلها ،لكن صرفها عن توحيد اهلل
ما كانت تعبد من دون اهلل ا ّت ً
باعا لقومها ،وتقليدً ا لهم ،إهنا كانت من قوم كافرين
باهلل ،فكانت كافرة مثلهم.
الممرد ،فلما رأته ظنته
ّ ثم قيل لها :ادخلي الصرح وهو مصنوع من الزجاج
ما ًء فكشفت عن ساقيها لتخوضه ،قال سليمان :إنه صرح ُمملس من
زجاج ،ودعاها إلى اإلسالم ،فأجابته إلى ما دعاها إليه قائلة :رب إين ظلمت
نفسي بعبادة غيرك معك ،وانقدت مع سليمان هلل رب المخلوقات جميعها،
فرحمها اهلل.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
81
األحكام والفوائد ،الدروس والعرب:
فيها سياسة الرعية بإيقاع العقاب والتعزير على من يستحقه ،وقبول عذر
أصحاب األعذار.
وفيها مشروعية استعراض الجيوش وتفقد أحوال الرعية.
وفيها أنه قد يوجد من العلم عند األصاغر ما ال يوجد عند األكابر.
وفيها أن إنكار الهدهد على قوم سبأ ما هم عليه من الشرك والكفر دليل على أن
اإليمان فطري عند الخالئق.
هم الدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك فال يكن الهدهد أعظم هم ًة منا يف
وفيها ّ
ذلك.
وفيها بيان األهبة والعظمة التي كانت عليها ملكة سبأ وقومها.
وفيها أن الشيطان له سالحان وطريقان يف إغواء اإلنسان األول التزيين للباطل
والرتويج له والثاين الصد والتنفير عن الحق والتشويه له وألهله
وفيها بيان أن إبليس هو داعية الشرك والكفر وله جنود من شياطين الجن
واإلنس.
وفيها أن الحضارة والتقدم يف الماديات ال تغني عن أصحاهبا شيةًا فها هم قوم
سبأ مع ما كانوا عليه ومع ذلك جهلوا رهبم الذي خلقهم وعبدوا غيره.
وفيها أن الشيطان يزين الباطل حتى يقبل ولو كان يف أبشع وأقبح صورة
كالشرك والكفر فما بالك بما هو دونه من البدع والمعاصي.
قصص النساء يف القرآن الكريم
12
وفيها أن اهلل هو المستحق للسجود وحده وال يجوز السجود لغيره سوا ٌء سجود
عبادة أو سجود تحية.
وفيه شرعية سجود التالوة عند المرور بآيات السجود وهي يف أربعة عشر
موضعًا من القرآن الكريم.
وفيها التحقيق مع المتهم والتثبت من حججه.
ّ
األخبار وعدم التعجل يف إصدار األحكام لقول وفيها وجوب الت ّثبت من
سليمان (سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين)
وفيها مشروعية الكشف عن أخبار األعداء ،وجواز التجسس عليهم.
وفيها أن إظهار عزة المؤمن أمام أهل الباطل أمر مطلوب.
تحصن المؤمن من التأثر بحطام الدنيا الفانية.
وفيها أن عزة اإليمان ّ
وفيها أن الفرح بالماديات والركون إليها وحب الدنيا وتعلق القلوب هبا صفة
من صفات الكفار.
خص اهلل هبا سليمان النبي وهي فهم كالم
وفيها بيان المعجزة التي ّ
الطيور والحيوانات وفهمها لكالمه.
وفيها تعظيم ملكة سبأ لكتاب سليمان ووصفه بأنه كريم وهذا يدل
على رجاحة عقلها وحسن أدهبا ونباهة ذهنها.
وفيها يقظة شعور المؤمن تجاه نعم اهلل ،وعدم الغفلة عن شكر اهلل عليها
وفيها اختبار ذكاء الخصم من أجل التعامل معه بما يناسبه.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
11
وفيها تحقيق قول الرسول " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" إذ
لم يلبثوا أن غلب عليهم سليمان .
وفيها بيان أن هناك من كانوا يعبدون الشمس إذ أن سجودهم لها عبادة.
وفيها بيان أن األحق بالعبادة هو اهلل الذي ال إله إال هو رب العرش العظيم ،وأن
الخلق فطروا على أنه ال يستحق العبادة أحد غيره.
وفيها مشروعية كتابة بسم اهلل الرحمن الرحيم يف أوائل الرسائل والكتب
المهمة.
وفيها استحباب كتابة اسم المرسل يف أول الكتاب بعد البسملة (من فالن بن
فالن إلى فالن بن فالن السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته)....
وفيها مشروعية إرسال الكتب إلى الكفار وتبليغهم الدعوة ودعوهتم إلى
اإلسالم.
وفيها شرعية التشاور مع أهل الحل والعقد وعدم االنفراد بالرأي.
وفيها مشروعية إبداء الرأي بصدق ونزاهة ثم ترك األمر ألهله ،وعدم إلزام
اآلخرين بقبوله.
وفيها أن دخول العدو المحارب الغالب البالد عنوة ذو خطورة فلذا يتالىف األمر
بالمصالحة له.
وفيها أن القوة وحدها ال تكفي بل تحتاج إلى حنكة القائد وحكمته وحدته
وبعد نظره.
قصص النساء يف القرآن الكريم
12
وفيها أن من االختبارات الناجحة اختبار األشخاص بالمال ،فكم يفتن به من
أناس نسأل اهلل الثبات.
ال تتنازل عن شيء من أمور دينك من أجل الحصول على شيء من حطام الدنيا
الفانية.
وفيها أن شراء الذمم باألموال التي يسلها الكفار والمنافقون من المنظمات
وغيرها ليست وليدة اليوم بل هي طريقة قديمة.
وفيها العواقب الحميدة للتأين وعدم االستعجال يف اتخاذ القرارات وهذا يظهر
يف تصرف سليمان مع الهدهد وتصرف ملكة سبأ مع كتاب سليمان.
وفيها ُبعد النظر والنظر يف العواقب ،فإن النظر يف العواقب تلقيح العقول.
وفيها عدم الحكم على األمور بظواهرها ،وإنما يكون الحكم عليها بعواقبها.
وفيها تأثير الهدية على المهدى إليه ووقعها يف قلبه.
وفيها جواز قبول الهدية من الكفار إذا لم يكن فيها تنازل عن شيء من الحق أو
سكوت على منكر.
وفيها بيان حسن سياسة الملكة بلقيس وفطنتها وذكائها ولذا ورثت عرش أبيها،
وأسلمت مع سليمان .
وفيها ّ
أن أهل اآلخرة ال يفرحون بالدنيا ،وأهل الدنيا ال يفرحون باآلخرة.
وفيها بيان عزة المؤمن وقوة نفسه وعلو همته وثبات قلبه أمام المغريات.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
13
وفيها أن استعمال أسلوب اإلرهاب والتخويف مع القدرة على إنفاذه مع العدو
أليق ،فقد يتحقق به االنتصار بدون خسائر.
وفيها بيان الذلة والصغار التي جعلها اهلل يف قلوب األعداء عندما يكون
المؤمنون أقوياء وأعزاء بدينهم.
وفيها تقرير أن سليمان كان يستخدم الجن وأهنم يخدمونه يف أصعب األمور.
وفيها بيان سعة الملك الذي أعطاه اهلل سليمان النبي ،فإنه ملك
األرض كلها وكان كل من فيها من اإلنس والجن والحيوانات والحشرات
تحت سلطانه ،تتنافس يف طاعته وتنفيذ أمره.
وفيها استجابة اهلل تعالى لسليمان فأحضر له العرش من مسافة شهرين أي من
اليمن إلى الشام قبل ارتداد طرف الناظر إذا فتح عينه ينظر.
{ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﰣ } .
وفيها أن الشيطان يصد العبد عن طاعة اهلل تعالى ،ويزين له القبيح.
قصص النساء يف القرآن الكريم
14
وفيها شرعية تبادل الهدايا لتأليف القلوب وتوادها.
وفيها أنه ال يجوز قبول الهدية إذا كان الغرض منها االنتصار لباطل أو السكوت
عن حق فإن هذه رشوة محرمة.
وفيها وجوب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقدر االستطاعة فال يكن
الهدهد أغير منّا على دين اهلل .
وفيها تأييد اهلل ألنبيائه ورسله باآليات والمعجزات ،والرباهين
الواضحات الدالة على صدق ما جاءوا به.
وفيها خطر تقديم الدنيا على الدين كما هو الشأن يف حال أكثر الملوك.
وفيها أنه قد يظفر اإلنسان بعلمه وحكمته ما ال يظفر بقوته.
وفيها أن اإلنسان إذا أنعم اهلل عليه بنعمة دينية أو دنيوية فإنه يرد الفضل إلى اهلل
ويشكره عليها.
وفيها أن من شكر اهلل فإنما ينفع نفسه ألن الشكر يحفظ النعم الموجودة
وي ِ
كسب النعم المفقودة.
وفيها أن أجل نعمة هي نعمة الدين أما الدنيا فإهنا زائلة فال ُيلتفت إليها وال
ُيركن عليها.
وفيها دليل على إثبات كرامات األولياء.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
15
وفيها أن الغنى والكرم إذا اجتمعا فقد كمل الموصوف هبما ولذلك وصف ربنا
هبما نفسه وقرن بينهما ،وهكذا المخلوق من اجتمع فيه هذان الوصفان كان
كامالً بخالف إذا وجد أحدهما دون اآلخر.
وفيها أن اإلسالم ليس استسالمًا ألحد من الخلق وإنما هو استسالم هلل رب
العالمين.
قصص النساء يف القرآن الكريم
16
اآليات:
قال اهلل تعالى{ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ
ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ
ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ
ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ
ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ
ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ
ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ
ﰈﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ
ﭭ} [سورة القصص.]25-22 :
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
17
تفسري الغريب:
({ ... )22تِ ْلقاء مدْ ين} ِجهتها.
({ ... )22سواء السبِي ِل} الط ِريق األ ْحسن إِلى مدْ ين.
ان غنمهما ع ِن الم ِ
اء. ان} تحبِس ِ ({ ... )23ت ُذود ِ
ُ ْ
({ ... )23ما خ ْط ُب ُكما} ما شا ُن ُكما؟
({ ... )23يص ِدر الرعاء} ينْص ِرف الرعا ُة بِأ ْغنامِ ِهم ع ِن الم ِ
اء. ْ ُّ ِّ ُ ُ ْ
({ ... )23ش ْي ٌخ كبِ ٌير} ر ُج ٌل ُم ِس ٌّن ول ْيس ُهو ُشعي ًباِ ،خال ًفا لِلم ْش ُه ِ
ور.
اشيتِي. ({ ... )27تاجرنِي} ت ُكون أ ِجيرا لِي فِي ر ْع ِي م ِ
ً ُ
(ِ { ... )27حجج} ِسنِين.
(ْ { ... )28األجلي ِن} المدتي ِن ،الثم ِ
ان أ ِو الع ْش ِر. ُ ْ ْ
المد ِة.
ب بِ ِزيادة يفِ ُ
({ ... )28فال ُعدْ وان علي} فال ُأطال ُ
({ ... )28وكِ ٌيل} حافِ ٌظ ُيراقِ ُبنا.
({ ... )21آنس} أ ْبصر.
({ ... )21ج ْذوة} ُش ْعلة مِن الن ِ
ار.
({ ... )21ت ْصط ُلون} ت ْستدْ فِ ُةون.
قصص النساء يف القرآن الكريم
18
رشح القصة:
كرب موسى وبلغ أشده وهو يف بيت فرعون ،وبينما هو ذات يوم يمشي ،إذ
وجد رجالً من اتباع فرعون وهو يتضارب مع رجل من بني إسرائيل ،فاستغاث
به الرجل الضعيف اإلسرائيلي ،فتدخل موسى فوكز الرجل الظالم بيده فقتله.
وكان موسى رجالً قويًا ،ولم يكن يقصد قتل ذلك الظالم ،وإنما أراد إزاحته
فقط ،لكن ضربته هذه قتلته .ففوجئ موسى به وقد مات وقال لنفسه( :هذا مِ ْن
عم ِل الشيط ِ
ان إِن ُه عدُ ٌّو ُّم ِض ٌّل ُّمبِي ٌن) .ودعا موسى ربه( :قال ر ِّب إِنِّي ظل ْم ُت ْ
ِ ِ ِ ِ
يم). ن ْفسي فا ْغف ْر لي) .فغفر اهلل تعالى له( ،إِن ُه ُهو ا ْلغ ُف ُ
ور الرح ُ
ِ ِ ِ ِ
ب) .كان هذا حال موسى ،فهو ثم أصبح موسى (في ا ْلمدينة خائ ًفا يترق ُ
خائف ،يتوقع الشر يف كل خطوة ،وهو مرتقب ،فجاءه رجل مصري مؤمن من
أقصى المدينة مسرعًا ،ونصحه بالخروج من مصر ،ألهنم يتآمرون على قتله،
فخرج موسى من مدينة مصر من فوره ،على وجهه ،ال يهتدي إلى طريق وال
مقبال بوجهه جهة
يعرفه ،قائال{ :رب نجني من القوم الظالمين} ،ولما سار ً
مدْ ين قال :عسى ربي أن يرشدين إلى خير طريق ،فال ّ
أضل عنها.
ولما وصل ماء مدْ ين الذي يستقون منه وجد جماعة من الناس يسقون
مواشيهم ،ووجد من دوهنم امرأتين تحبسان أغنامهما عن الماء حتى يسقي
الناس ،قال لهما موسى :ما شأنكما ال تسقيان مع الناس؟ قالتا له:
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
11
حذرا من مخالطتهم ،وأبونا
ً عادتنا أن نتأنى فال نسقي حتى ينصرف الرعاة؛
شيخ كبير السن ،ال يستطيع أن يسقي ،فاضطررنا لسقي غنمنا.
فرحمهما موسى عليه السالم ،فسقى لهما أغنامهما ،ثم انصرف إلى الظل
إلي من أي
فاسرتاح فيه ،ودعا ربه بالتعريض بحاجته ،فقال :رب إين لما أنزلت ّ
محتاج.
ٌ خير
فلما ذهبتا أخربتا أباهما به ،فأرسل إحداهما إليه تدعوه ،فجاءته تمشي يف
حياء ،وقالت :إن أبي يدعوك أن تأتيه من أجل أن يجزيك أجرك على سقيك
لنا ،فلما جاء موسى أباهما ،وأخربه بأخباره ،قال له ُمط ْم ِةنًا إياه :ال تخف
نجوت من القوم الظالمين فرعون وملةه ،فإهنم ال سلطان لهم على مدْ ين ،فال
يستطيعون أن يصلوا إليك بأذى.
فقالت إحدى ابنتيه :يا أبت استأجره ليرعى غنمنا ،فهو جدير بأن تستأجره؛
لجمعه بين القوة واألمانة ،فبالقوة يؤدي ما ُك ّلف به ،وباألمانة يحفظ ما ائ ُتمن
عليه ،فقال أبوهما مخاط ًبا موسى :إين ُأريد أن أزوجك إحدى ابنتي
هاتين ،على أن يكون مهرها أن ترعى غنمنا ثماين سنين ،فإن أكملت المدة
تفضل منك ال يلزمك؛ ألن التعاقد إنما هو على ثمان سنين،
عشر سنين فهذا ّ
فما فوقها تطوع ،وما ُأريد أن ألزمك بما فيه مشقة عليك ،ستجدين -إن شاء
اهلل -من الصالحين الذين ُيوفون بالعقود ،وال ينقضون العهود.
قصص النساء يف القرآن الكريم
122
فقبل موسى ذلك وقال :ذلك الذي بيني وبينك على ما تعاقدنا عليه ،فأي
علي،
يت بما ّ عملت لك :ثمانِي سنوات ،أو عشر سنوات ،أكون قد و ّف ُ ُ األمدين
فال تطالبني بزيادة ،واهلل وكيل على ما تعاقدنا عليه ،رقيب عليه.
فلما أكمل موسى أوىف األجلين عشر سنين ،وسار بأهله من مدْ ين إلى مصر
نارا ،لعلي آتيكم
نارا ،قال ألهله :اثبتوا ،إين أبصرت ً
أبصر من جانب الطور ً
نارا؛ لعلكم تستدفةون من الربد.
منها بخرب ،أو آتيكم بشعلة من النار توقدون هبا ً
وفيها جواز عقد المعامالت من إجارة وغيرها بغير إشهاد لقوله{ :ﰃ ﰄ ﰅ
اخلامتة
ويف الختام أحمد ربي اهلل العلي القدير ،الذي يسر لي وأعانني على إتمام ما
أردت جمعه وتسطيره يف هذه الرسالة التي أرجو ذخرها وبركتها يوم الدين،
ُ
وأرجو أن ينفع اهلل هبا كاتبها وقارئها ،ومن أعان على نشرها ،وليس لي فيها
ال وآخر ًا ثم لمن
سوى التجميع والتلفيق والتنسيق بين فوائدها ،والفضل هلل أو ً
سبق من أهل العلم والتحقيق ،يف استنباط فوائد وأحكام هذه القصص
واستخراج الدروس والعرب منها.
وهم بسبق حازوا التفضيال ...مستوجبون ثنائي الجـمـيـال
ْ
فـاهلل يقضي هبـبـات وافـرة ...لي ولهم يف درجات اآلخـرة
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أشهد أال إله إال أنت أستغفرك وأتوب إليك.
كتبه راجي عفو ربه المن ِ
ّان ِّ
أبو سليمان عبد الرحمن بن علي بن أحمد السمحي
سامحه اهلل
يف الثالث والعشرين من صفر لعام ألف وأربعمائة وأربعة وأربعين
من الهجرة النبوية على صاحبها الصالة والسالم / 23 .صفر .1444 /
دار الحديث بـ مدينة معرب ـ ذمار ـ اليمن
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
127
أهم املراجع
إتحاف اإللف بذكر الفوائد األلف والنيف من سورة يوسف ،تأليف :محمد بن
موسى نصر -سليم بن عيد الهاللي.
أيسر التفاسير لكالم العلي الكبير ،المؤلف :أبو بكر الجزائري.
تفسير القرآن العظيم .المؤلف :أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير.
تفسير القرآن الكريم .المؤلف :ابن قيم الجوزية ،مكتب الدراسات والبحوث
العربية واإلسالمية بإشراف الشيخ إبراهيم رمضان.
التفسير المحرر للقرآن الكريم ،إعداد القسم العلمي بمؤسسة الدرر السنية،
إشراف علوي بن عبد القادر السقاف.
التفسير المنير يف العقيدة والشريعة والمنهج ،المؤلف :وهبة بن مصطفى
الزحيلي.
التفسير الموضوعي لسورة مريم ،المؤلف :أحمد بن محمد الشرقاوي.
تيسير اللطيف المنان يف خالصة تفسير القرآن ،لإلمام السعدي .$
سورة القصص دراسة تحليلية ،المؤلف :الدكتور محمد مطني.
سورة يوسف فرائد وفوائد ،المؤلف :محمد بن خالد الخضير.
القرآن تدبر وعمل ،إعداد شركة متخصصة يف المناهج.
قصص النساء يف القرآن الكريم ،تأليف محمد بن ناصر الحم ِّيد.
القصص يف القرآن الكريم ،المؤلف :إسالم محمود دربالة.
قصص النساء يف القرآن الكريم
128
القيم الخلقية المستنبطة من قصص النساء يف القرآن الكريم ،إعداد كوثر بنت
محمد الشريف.
مائة فائدة من قصة يوسف ،المؤلف :محمد صالح المنجد.
المحرر الوجيز يف تفسير الكتاب العزيز ،المؤلف :ابن عطية األندلسي.
المختصر يف تفسير القرآن الكريم ،تصنيف :جماعة من علماء التفسير،
إشراف :مركز تفسير للدراسات القرآنية.
نساء خالدات يف القرآن والسنة ،المؤلف :سيد مبارك.
يوسفيات ،تأليف علي جابر الفيفي.
ٌ ٌ
أحاكم وفوائد ،دروس وعرب
121
فهرس املحتويات
شرح القصة44..........................................................:
شرح القصة85..........................................................: