Professional Documents
Culture Documents
ﻣﺣــــــﺎﺿرات ﻓﻲ ﻣﻘﯾﺎس
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم
إن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،ﻗﺎﻧون ﺣدﯾث اﻟﻧﺷﺄة ﺣﯾث ظﻬر ﻣﻧذ ﺣواﻟﻲ ﺧﻣﺳﺔ ﻗرون ،إﻻ اﻧﻪ
وﺟد ﺧﻼل اﻟﻌﺻور اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺑﺷﻛل أو آﺧر ،ﻓﺣﯾث ﺗﻛون ﻫﻧﺎك دول ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺗرﺗﺑط ﻣﻊ
ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺑﻌﻼﻗﺎت ﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﻓﺎﻧﻪ ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﻲ أن ﺗوﺟد ﻗواﻋد ﻟﺗﺣدد وﺗﻧظم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ
ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟدول ،وﯾﺷﯾر اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻘدﯾم إﻟﻰ وﺟود ﻣﻌﺎﻫدات أﺑرﻣﻬﺎ اﻟﻣﻠوك اﻟﻔراﻋﻧﺔ ﻣن ﻗدﻣﺎء
اﻟﻣﺻرﯾﯾن ﻣﻊ ﺟﯾراﻧﻬم ﯾرﺟﻊ ﺗﺎرﯾﺧﻬﺎ إﻟﻰ 1400ﺳﻧﺔ ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد ،1ﻛﻣﺎ ﻋرﻓت اﻟﺣﺿﺎرة
اﻟﻬﻧدﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،ﺑل ذﻫب اﻟﺑﻌض ﻣﻧﻬم إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻬﻧد ﻛﺎﻧت ﻣن
أواﺋل اﻟدول اﻟﺗﻲ طورت اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﻣﻣﺎﻟك اﻟﻬﻧدﯾﺔ اﻟﺻﻐﯾرة ﻗﺎﻣت
ﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟدوﻟﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﯾوﻧﺎن وﻗد أدت اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﻣﻣﺎﻟك إﻟﻰ ﺗﻛوﯾن اﻟﻘﺎﻧون
اﻟدوﻟﻲ ،ﻛﻣﺎ أﺿﺎف أن اﻟﻬﻧد ﻣن أوﻟﻰ اﻟدول اﻟﺗﻲ طورت اﻟﻣﻼﺣﺔ اﻟﺑﺣرﯾﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳس
ﻋﻠﻣﯾﺔ ودوﻟﯾﺔ.2
ٕواذا ﻛﺎن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻗد ﻧﺷﺄ ﻣﻧذ ﺧﻣﺳﺔ ﻗرون إﻻ أﻧﻪ ﻧﺷﺄ ﻟﯾﻧظم اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن دول
أوروﺑﺎ اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ دون ﻏﯾرﻫﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﻬﺎ اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت ﺛم
ﺳﻣﺣت اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻷوروﺑﯾﺔ ﺑﺎﻧﺿﻣﺎم دول أﺧرى إﻟﯾﻬﺎ وﻫﻲ اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺑل اﻟﻧظم اﻟﻣدﻧﯾﺔ
اﻟﺣدﯾﺛﺔ وﻣن ﺛم أﺻﺑﺢ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻫو اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ ﻛﻠﻪ ﻣﻊ اﺣﺗﻔﺎظ
ﻗواﻋدﻩ ﺑﺎﻟطﺎﺑﻊ اﻷورﺑﻲ اﻟﻣﺳﯾﺣﻲ وﻗد اﺗﺳﻊ ﻧطﺎق اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ ﻋﻧدﻣﺎ أﺳﺳت ﻋﺻﺑﺔ
اﻷﻣم ﺑﻌد اﻧﺗﻬﺎء اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻲ واﻧﺿﻣت إﻟﯾﻬﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟدول اﻷﺳﯾوﯾﺔ
واﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ودول أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ وﻣن ﺛم ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم وﻟﯾد اﻟﻌﻘد
1
-ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎك ﻣﻌﺎﻫدة ﺗﺣﺎﻟف أﺑرﻣت ﺑﯾن رﻣﺳﯾس اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓرﻋون ﻣﺻر وﺑﯾن ﺧﺎﻣﯾﺷﺎر ﻣﻠك اﻟﺣﺛﯾﯾن .وﻣﻌﺎﻫدة ﺻداﻗﺔ
ﻋﻠﻣﯾﺔ ودوﻟﯾﺔ وﻋدم اﻋﺗداء ﺑﯾن ﺑﻌض ﺑﻠدان اﻟﺷرق اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻧظر ﻓﻲ ذﻟك ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص .09
2
-د .ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺳرﺣﺎن ،ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .297
1
اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﺣداﺛﺔ ﻧﺷﺄة اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم إﻻ أن ﻟﻬذا اﻟﻘﺎﻧون
أﺻوﻟﻪ اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺟﻊ إﻟﻲ ﺑداﯾﺔ ﺗﻛوﯾن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺳوف ﻧﺗﻧﺎول دراﺳﺔ
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻋﺑر اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻓﺎﻟﻌﺻور اﻟوﺳطﻰ ﺛم اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث
ﻻ ﺷك أﻧﻪ ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎك ﻋﻼﻗﺎت دوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ وﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت
ﺗﺧﺿﻊ ﻟﺑﻌض اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت ﻓﻘد أﺑرﻣت ﻣﻌﺎﻫدات ﺗﺣﺎﻟف
وﺻداﻗﻪ ﻛﻣﺎ ﯾﺷﯾر اﻟﻣؤرﺧون إﻟﻲ ذﻟك .ﻛﻣﺎ ﺳﺟل اﻟﺗﺎرﯾﺦ إﺑرام ﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت
ﺗﺣدث ﻋﻘب اﻟﺣروب اﻟﻌدﯾدة اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻣﺳرﺣﺎ ﻟﻬﺎ وﻣﻊ ذﻟك ﻓﻘد ﻛﺎﻧت
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟري ﺧﻼل ﺗﻠك اﻟﻌﺻور ﻣﺣﺻورة وﺿﯾﻘﺔ إذ ﻛﺎﻧت ﻻ ﺗﺗﻌدى اﻟدول
اﻟﻣﺗﺟﺎورة وأن ﻣﺟﺎﻻت ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻛﺎﻧت ﻏﺎﻟﺑﺎ ﺗﻧظﯾم ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺗﺣﺎﻟف أو اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌد
اﻟﺣرب 1وﻣن ﺛم ﯾرى اﻟﺑﻌض أن اﻟﻔﺗرة اﻷوﻟﻲ ﻣن اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻟم ﺗﻛن ﻣﺳﺗﻘرة ﺑﺻورة
ﻣﻧﺗظﻣﺔ ﺑﺣﯾث ﯾﻣﻛن إﺗﺑﺎع ﺗطورﻫﺎ ﻷﻧﻪ ﻓﻲ رأﯾﻬم ﻟم ﺗﻛن ﻫﻧﺎك ﺻﻠﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺧﻼل ﺗﻠك
اﻟﻔﺗرة وﺑﯾن ﻣﺎ ﺗطورت إﻟﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺻور اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ،وﻟذﻟك ﺳوف ﻧﺷﯾر إﻟﻲ ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺧﻼل
ﻋﻬد اﻹﻏرﯾق ﺛم ﻋﻬد اﻟروﻣﺎن.
ﻋﺻر اﻹﻏرﯾق:
ﻛﺎن ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻬد اﻹﻏرﯾق وﺟﻬﺎن :اﻷول ﺧﺎص ﺑﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣدن اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ
ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ .واﻟﺛﺎﻧﻲ ﺧﺎص ﺑﻌﻼﻗﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣدن ﺑﺎﻟﺷﻌوب ﻏﯾر اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣدن
اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ.2
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻻﺳﺗﻘرار واﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ
واﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟودﯾﺔ ﺑﯾن ﺷﻌوب ﻫذﻩ اﻟﻣدن ﻟذﻟك ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻣدن ﺗﺗﺟﻣﻊ ﻓﻲ
1
-اﻧظر د .ﻋﻠﻲ ﺻﺎدق اﺑو ﻫﯾف ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺣﺎدﯾﺔ ﻋﺷر ص .39
2
-د ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺳرﺣﺎن ،ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .234
2
اﺗﺣﺎدات ﺗﻌﺎﻫدﯾﻪ وﯾﺟﺗﻣﻊ ﻣﻧدوﺑﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﻌﯾﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻌﻘد اﺟﺗﻣﺎﻋﺎت دورﯾﺔ ﻟﻠﺗﺷﺎور ﻓﻲ
اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻬﻣﻬﺎ وﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻧﺷﺄ ﺑﯾﻧﻬﺎ 1ﻛﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺗراﻋﻲ إﺗﺑﺎع
ﺑﻌض اﻟﻘواﻋد ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ واﻟﻌداﺋﯾﺔ ﻣﺛل ﺣﺻﺎﻧﺔ اﻟﺳﻔراء وﻋدم اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ أﻣﺎﻛن
ﻣﻌﯾﻧﻪ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻌدو وﺗﻌزﯾز ﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻟﻘﺳم ﺑﻌدم اﻹﺧﻼل ﺑﻬﺎ ٕواﺗﺑﺎع إﺟراءات
ﻣﻌﯾﻧﻪ ﻓﻲ إﻋﻼن اﻟﺣرب وﺳﯾرﻫﺎ ٕواﻧﻬﺎﺋﻬﺎ وﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﺧﻠﯾص أﺳرى اﻟﺣرب ﻣن أﺳرﻫم.2
أﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻣدن اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﺑﻼد ﻏﯾر اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ ﻓﻛﺎن اﻹﻏرﯾق ﯾﻌدون أﻧﻔﺳﻬم ﻓﻲ ﻣرﺗﺑﺔ
أﺳﻣﻰ ﻣن ﻏﯾرﻫم ﻣن اﻟﺷﻌوب وأن ﻟﻬم ﺻﻔﺔ ﺗﻣﯾزﻫم ﻋن ﻏﯾرﻫم ﻣن اﻟﺷﻌوب اﻷﺧرى وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
ﯾﻛون ﻣن ﺣق اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﯾن إﺧﺿﺎع اﻟﺷﻌوب اﻷﺧرى واﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﻬﺎ وﻣن ﻫﻧﺎ ﻟم ﺗﻛن ﻫﻧﺎك
ﺿواﺑط ﻣﻌﯾﻧﻪ ﺗﺗﺑﻊ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬم ﺑﺎﻟﺷﻌوب اﻷﺧرى وﻛﺎﻧت ﻋﻼﻗﺎﺗﻬم ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب ﺑﻬذﻩ اﻟﺷﻌوب
ﻋﻼﻗﺎت ﻋداﺋﯾﺔ وﺗﺗﺳم ﺑﺎﻟﻬﻣﺟﯾﺔ واﻟوﺣﺷﯾﺔ وﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻷي ﻗواﻋد ﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ وﻻ ﺗراﻋﻲ ﻓﯾﻬﺎ
اﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻟذﻟك ﻓﺎن ﻛﺛﯾ ار ﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء ﯾﻧﻛرون ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻌوب اﻹﻏرﯾﻘﯾﺔ ﻣﻌرﻓﺗﻬم
ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ إذ أن أﺳﺎس ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻫو اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق واﻟواﺟﺑﺎت ﺑﯾن
اﻟﺷﻌوب دون ﺗﻔرﻗﻪ ﺑﺳﺑب اﻟﺟﻧس أو اﻟﻠﻐﺔ أو اﻟدﯾن وﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺎواة ﻟم ﯾﻌﺗرف ﺑﻬﺎ اﻹﻏرﯾق
اﻟﻘداﻣﻰ ﻣطﻠﻘﺎ أﻣﺎ اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗطﺑﻘﻬﺎ اﻟﻣدن اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ
اﻋﺗﺑﺎرات دﯾﻧﯾﺔ وﻛﺎﻧت ﺗﺳﺗﻧد ﻓﻲ وﺟودﻫﺎ إﻟﻲ اﻟﺗﻘﺎﻟﯾد اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﺑﯾﻧﻬم وﻟم ﺗﻛن ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﻓﻛرة
وﺟود ﻗﺎﻧون ﯾﻧظم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺻﻔﻪ ﻋﺎﻣﻪ.3
1
- enekides(g) droit intinternational dans lagrecedescitesr.c.a.d .t1965.jlvol.p -go
2
-ﺣﺎﻣد ﺳﻠطﺎن -اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم -دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة اﻟطﺑﻌﺔ اﻟراﺑﻌﺔ 1987ص .32
3
-اﻧظر ﻓﻲ ذﻟك :د .ﻋﻠﻰ ﺻﺎدق أﺑو ﻫﯾف اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص.40 -39
3
ﻋﺻر اﻟروﻣﺎن:
ﻟم ﺗﻛن ﻧظرة اﻟروﻣﺎن ﺗﺧﺗﻠف ﻛﺛﯾ ار ﻋن ﻧظر اﻹﻏرﯾق ﻟﻐﯾرﻫم ﻣن اﻟﺷﻌوب ﻓﻠم ﯾﻛن ﻟﻬذﻩ
اﻟﺷﻌوب أي ﺣﻘوق ﻗﺑل اﻟروﻣﺎن ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﻬم اﺣﺗراﻣﻬﺎ وﻛﺎﻧت ﺻﻼﺗﻬم ﺑﺑﻌﺿﻬم ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟب
ﺻﻼت ﻋداﺋﯾﻪ وﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻟﺣروب وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺗﺑﻌﻬﺎ اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ
ﻟﻠﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم وﺿم أﻛﺑر ﻋدد ﻣﻣﻛن ﻣن اﻷﻗﺎﻟﯾم إﻟﻰ اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ وﻗد
ﻧﺟﺣت روﻣﺎ ﺧﻼل ﻓﺗرﻩ ﻣﻌﯾﻧﻪ ﻓﻲ إﺧﺿﺎع ﺟﻣﯾﻊ دول اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺗﻣدﯾن ﻟﺳﯾطرﺗﻬﺎ وﺗﻼﺷت
ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟدول وﻗﺗﺋذ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟم ﯾﻛن ﻫﻧﺎك ﻣﺟﺎل ﻟﻘﯾﺎم ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ دوﻟﯾﻪ وﻗد أﺻﺑﺣت
اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟدول وﺑﻌﺿﻬﺎ وﺑﯾن روﻣﺎ ﻋﻼﻗﺎت أﺟزاء ﻣﻛوﻧﻪ ﻟدوﻟﺔ واﺣدة ﺗﺧﺿﻊ
ﻟﻘﺎﻧون ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ وﻫو اﻟﻘﺎﻧون اﻟروﻣﺎﻧﻲ.1
وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﻘﺎﻧون اﻟروﻣﺎﻧﻲ ﻫو ﻗﺎﻧون ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠم وﻓن اﻟﺗﺷرﯾﻊ وازدﻫر
ﻫذﻩ اﻟﻌﻠم ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟروﻣﺎن وأﺻﺑﺢ أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ إﻻ أن ﻣﺳﺎﺋل
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻟم ﺗﻛن ﺗﻣﺛل ﻗد ار ﻣن اﻻﻫﺗﻣﺎم ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﻔﻛرة اﻟﻣﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ
اﻟروﻣﺎن ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت وﻫﻲ ﻓﻛرة اﻟﻬﯾﻣﻧﺔ ﻋﻠﻰ دول اﻟﻌﺎﻟم وﻓﻛرة اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻫﻲ
ﻓﻛرﻩ ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻗﯾﺎم ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﻪ دوﻟﯾﻪ.2
ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻛﺎن ﻟﻠروﻣﺎن ﺑﻌض اﻟﻌﺎدات اﻟﺗﻲ ﯾراﻋوﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺣرب ﻏﯾر أن ﻫذﻩ اﻟﻌﺎدات ﻟم
ﺗﻛن ﺳوى إﺟراءات ﺷﻛﻠﯾﺔ ذات طﺎﺑﻊ دﯾﻧﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ ﺑﻌض رﺟﺎل اﻟدﯾن ﻋﻠﻰ ﺣدود اﻟﻌدو
ﺣﺗﻰ ﺗﺳﺑﻎ ﻋﻠﻰ اﻟﺣرب طﺎﺑﻌﺎ ﺷرﻋﯾﺎ وﺗﺳﺗﺟﻠب رﺿﻰ اﻹﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺋﻣﯾن ﺑﻬﺎ 3ﻛﻣﺎ أﺑرم
اﻟروﻣﺎن ﻛﺛﯾ ار ﻣن ﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻊ اﻟﺷﻌوب اﻟﻣﻐﻠوﺑﺔ وﻟﻛن ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻟم ﺗﻛن إﻻ
أداﻩ ﯾﻔرض ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﻧﺗﺻرون ﺷروطﻬم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻬزﻣﯾن ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﺗﻔﺳﯾر ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات
1
-د .ﻋﺎﺋﺷﻪ راﺗب ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟطﺑﻌﺔ اﻟراﺑﻌﻪ ، 1987ص 30وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
2
-د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟطﺑﻌﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ، 1987ص .32
3
-أﻧظر ﻓﻲ ذﻟك :د .ﻋﻠﻰ ﺻﺎدق أﺑو ﻫﯾف اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .41
4
ﯾﺧﺿﻊ ﻟرﻏﺑﺎت اﻟروﻣﺎن وأﻫواﺋﻬم وﯾﻔﺳروﻧﻬﺎ وﻓق رﻏﺑﺎﺗﻬم وﺣدﻫﺎ ووﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﻘﺿﻰ ﺑﻪ
أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟروﻣﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت وأﻋﺑﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻌوب اﻟﻣﻘﻬورة.1
ﻟم ﺗﺗﻐﯾر اﻟظروف ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﻌﺻور اﻟوﺳطﻰ ﻋن ﺑداﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻓﻘد
ظﻠت ﻓﻛرة اﻟﺣق ﻟﻸﻗوى ﻫﻲ اﻟﺳﺎﺋدة ﺑﯾن اﻟﺷﻌوب وﻋﻠﻰ اﻷﺧص ﺷﻌوب أوروﺑﺎ وﻗد ﺷﻬد
اﻟﻌﺻر اﻟوﺳﯾط ﺗﻔﻛك اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟﺷرﻗﯾﺔ واﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ
ﺳﻧﺔ 395م ﺛم اﻧﻬﺎرت اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﺳﻧﺔ 476وﻗﺎﻣت ﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎﺿﻬﺎ اﻟﻌدﯾد ﻣن
اﻟﻣﻣﺎﻟك واﻹﻣﺎرات ﻛﻣﺎ اﻧﺗﺷر اﻟﻧظﺎم اﻹﻗطﺎﻋﻲ ﺧﻼل ﺗﻠك اﻟﻔﺗرة وﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎك ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن
اﻟﺣروب اﻟﻣﺗواﺻﻠﺔ ﺧﻼل ﺗﻠك اﻟﻔﺗرة ﻓﺎﻟدول اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﺣﺎول اﺳﺗﻛﻣﺎل ﻋﻧﺎﺻر ﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ
وأﻣراء اﻹﻗطﺎﻋﯾﺎت ﯾﻌﻣﻠون ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺎﺳﺗﻘﻼﻟﻬم داﺧل دوﻟﻬم.
ﻛﻣﺎ ﻛﺎن اﻻﻧﺗﺷﺎر اﻟدﯾن اﻟﻣﺳﯾﺣﻲ أﺛر ﻛﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺣﯾث ﺳﺎﻋد ظﻬورﻩ
ﻋﻠﻰ اﻟﺣد ﻣن ﻧزﻋﺔ اﻟﺣرب واﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن دول أوروﺑﺎ اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ -وﺑدأت ﺗظﻬر ﻓﻛرة ﻗﯾﺎم
أﺳرة دوﻟﯾﺔ ﻣﺳﯾﺣﯾﺔ ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن دول أوروﺑﺎ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﺗﺣت ﺳﻠطﺔ اﻟﺑﺎﺑﺎ.2
وﻗد ﺷﻬدت اﻟﻌﺻور اﻟوﺳطﻰ أﯾﺿﺎ وﺧﺎﺻﺔ ﺳﻧﺔ 622م ﻣوﻟد دوﻟﺔ اﻹﺳﻼم وأن ﻫذﻩ
اﻟدوﻟﺔ أﺻﺑﺣت أﻋظم دول اﻟﻌﺻر اﻟوﺳﯾط ﺣﺿﺎرة وأﻛﺛرﻫﺎ ﻗوﻩ وازدﻫﺎ ار وﻗد وﺻﻠت ﺣدود
ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ إﻟﻰ ﺟﻧوب ﻓرﻧﺳﺎ 3وﺑﺎﺗت ﺗﻬدد أورﺑﺎ ﺑﺄﺳرﻫﺎ وﻣن ﺛم أﻧﻘﺳم اﻟﻌﺎﻟم إﻟﻰ ﻛﺗﻠﺗﯾن :ﻛﺗﻠﺔ
اﻟﻌﺎﻟم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻣﺎ ﺗﻣﺛﻠﻪ ﻣن ﺧطر ﯾﻬدد دول أوروﺑﺎ اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ ،وﻛﺗﻠﺔ اﻟﺷﻌوب اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻣﻊ دول ﻏرب أورﺑﺎ ﺗﺣت ﺳﻠطﺔ اﻟﺑﺎﺑﺎ اﻟدﻓﻊ ﻋدوﻫﺎ اﻟﻣﺷﺗرك وﺗﺻﺎدﻣت اﻟﻛﺗﻠﺗﺎن
وﻛﺎﻧت اﻟﺣرب اﻟﺻﻠﯾﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻔﻠﺢ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻬدف ﻣن ﻏزوﻫﺎ .وأن ﺣﻘﻘت ﺑﻌض اﻟﻣزاﯾﺎ
ﻓﻲ ﻣﺣﯾط اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﺳﺎﻋدت ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻘﺎرب ﺑﯾن دول أوروﺑﺎ اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ واﺳﺗﻘرار
1
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .53
2
-د .ﺣﺎﻣد ﺳﻠطﺎن ،أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة 1986 ،ص .53
3
-ﺑن ﻋﺎﻣر ﺗوﻧس ،ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر ،دار اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ، 1994ص .32
5
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﺑﯾن دول ﺷرق اﻟﺑﺣر اﻷﺑﯾض وﺑﻌض دول أوروﺑﺎ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻛﻣﺎ أوﺿﺣت
اﻟﺣﻣﻠﺔ اﻟﺻﻠﯾﺑﯾﺔ أن اﻟﻌرب ﻟم ﯾﺳﺑق اﻟﻌﺎﻟم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟدوﻟﯾﺔ وأن ﻋﻼﻗﺎت
اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﻐﯾرﻫم ﻣن اﻟﺷﻌوب ﻛﺎﻧت ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻘواﻋد ﻣﻧظﻣﻪ ﻣﺳﺗﻣدﻩ ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﻘرآن ﺗﺳودﻫﺎ
روح اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﺗﺳﻠﺢ واﻟﺷﻌور ﺑﺎﻟواﺟب 1وﻟم ﺗﻛن ﺣروﺑﻬم ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻟﻔوﺿﻰ واﻟﻬﻣﺟﯾﺔ ٕواﻧﻣﺎ
ﻛﺎﻧت ﻣﻧظﻣﺔ وﻛﺎﻧت ﻣﻌﺎﻣﻠﺗﻬم ﻟﻠﻌدو ﻣﺷﺑﻌﺔ ﺑروح اﻟﻣروءة واﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﻗد ظل اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺳﯾﺣﻲ
واﻟﻌﺎﻟم اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺗﺑﺎﻋد ﺑﯾن ﻓﺗرﻩ طوﯾﻠﺔ ﻣن اﻟزﻣﺎن وﯾرﺟﻊ ذﻟك إﻟﻰ ﺗﻌﺻب اﻟدول اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ
وﻋدم رﻏﺑﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﯾﺎم اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾﻧﻬﺎ وﺑﯾن اﻟدول اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗﺑﺎدل واﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ
اﻟﺣﻘوق واﻟواﺟﺑﺎت.2
ٕواذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ ﻗد ﻗرﺑت ﺑﯾن دول أوروﺑﺎ إﻻ أﻧﻬﺎ أﺻﺑﺣت ﺑﻌد ذﻟك ﻋﻘﺑﻪ ﻓﻲ ﻧﻣو
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﺑﺳﺑب ﺗﻣﺳك اﻟﺑﺎﺑﺎ ﺑﺳﻠطﺗﻪ اﻟروﺣﯾﺔ وﺳﯾﺎدﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ
اﻟدول اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺗﯾﺢ ﻟﻪ اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ ﺷﺋون اﻟدول واﻟﻣﻠوك ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﺎرض ﻣﻊ
اﺳﺗﻘﻼل ﻫذﻩ اﻟدول وﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟدول اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ ﺗﻘﺻﻲ اﻟدول ﻏﯾر اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ ﻓﻲ
ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن درﺟﺔ ﺗﻘدم ﻫذﻩ و ﻣدﻧﯾﺗﻬﺎ وﻋﻧدﻣﺎ أﺣﺳت اﻟدول
اﻷورﺑﯾﺔ ﺑزﯾﺎدة ﻧﻔوذ اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ وﺗﺳﻠطﻬﺎ ﺑدأت ﻓﻲ أﺳﻌﻰ إﻟﻰ اﻟﺗﺧﻠص ﻣن ﺳﯾطرﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻣل
ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق وﺣدﺗﻬﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻹﻗطﺎﻋﻲ وﺗﻘوﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس
اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ وﺳﻌت ﺗدرﯾﺟﯾﺎ ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ اﻟﺑﺎﺑﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﻻﺣت ﻟﻬﺎ اﻟﻔرﺻﺔ ﻋﻧد
ظﻬور ﻋﺻر اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ وﻣﺎ ﺗﻼﻫﺎ ﻣن ﺣرﻛﺔ اﻹﺻﻼح اﻟدﯾﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺳﺎدس ﻋﺷر
وﻗد ﻛﺎن ﻟﺣرﻛﺔ اﻹﺻﻼح اﻟدﯾﻧﻲ اﺛر ﻛﺑﯾر ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﺣﯾث اﻧﻘﺳﻣت اﻟدول اﻷورﺑﯾﺔ
إﻟﻰ ﻓرﯾﻘﯾن ﻓرﯾق ﯾؤﯾد اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ وﯾداﻓﻊ ﻋن ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ ٕواﺑﻘﺎء اﻟوﺣدة اﻟﻛﻧﺳﯾﺔ وﻓرﯾق ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ
ﺗدﻋﯾم اﻟﺣرﯾﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻻﺳﺗﻘﻼل ﻋن ﻧﻔوذ اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ وﺑﺟﺎﻧب اﻟﻌواﻣل اﻟدﯾﻧﯾﺔ ظﻬرت ﻋواﻣل
1
-اﻹﻣﺎم ﻣﺣﻣد أﺑو زﻫرﻩ ،اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻘﺎﻫرة ،ص . 47
2
-اﻧظر ﻓﻲ ذﻟك :أﺣﻣد ﺧورﺷﯾد ،ﻋﻼﻗﺔ اﻹﺳﻼم ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺣﺎﺿرات ﻻﻫﺎي ﻋدد رﻗم ،43
ص ،41 -30وﻛذﻟك اﻟدﻛﺗور اﺑو ﻫﯾف ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 42
6
ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أدت إﻟﻰ اﺷﺗﻌﺎل ﺣرب اﻟﺛﻼﺛﯾن ﺳﻧﻪ واﻟﺗﻲ اﻧﺗﻬت ﺑﺈﺑرام ﻣﻌﺎﻫدة وﺳﺗﻔﺎﻟﯾﺎ ﺳﻧﺔ
.1648
ﺑﺈﺑرام ﻣﻌﺎﻫدة وﺳﺗﻔﺎﻟﯾﺎ ﻓﻘد وﺿﻌت أﺳس وﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺣدﯾث واﻟﺗﻲ ﺣﻛﻣت
ﻋﻼﻗﺎت اﻟدول ﻟﻣدة ﻗرن وﻧﺻف وﻗد ﺣﻘﻘت ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدة وﻷول ﻣرة ﻟﻠدول.1
-2أﻗرت اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟدول اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ ﺟﻣﯾﻌﺎ ﺳواء ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾﻛﯾﺔ أو اﻟﺑروﺗﺳﺗﺎﻧﺗﯾﺔ ﻛﻣﺎ
ﺗﺧﻠﺻت ﻣن ﻓﻛرة اﻟﺳﯾﺎدة اﻟﺑﺎﺑوﯾﺔ.
-3أﺻﺑﺣت اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟدول ﺗﺗم ﻋن طرﯾق ﺳﻔﺎرات داﺋﻣﺔ وﻟﯾﺳت ﺳﻔﺎرات ﻣؤﻗﺗﺔ ﻣﻣﺎ
أدى إﻟﻰ ﺗدﻋﯾم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟدول ﺑﺻﻔﺔ داﺋﻣﺔ.
-4أﺧذت اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﻔﻛرة اﻟﺗوازن اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠم ﻓﻲ أوروﺑﺎ وﻣؤدى ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة
ﻋدم اﻟﺳﻣﺎح ﻷي دوﻟﻪ ﺑﺎﻟﺗوﺳﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟدول وﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟذﻟك إذا ﻣﺎ ﻓﻛرت
اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺗوﺳﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب ﻏﯾرﻫﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟدول اﻷﺧرى أن ﺗﺗﻛﺎﺗف ﺿدﻫﺎ ﻟﺗﺣول دون
ﻫذا اﻟﺗوﺳﻊ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺧﺗل اﻟﺗوازن اﻟدوﻟﻲ وﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﻔﻛرة ﺣﺻل ﻋدد ﻛﺑﯾر ﻣن اﻟدول
ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘﻼﻟﻪ واﻟذي ﻛﺎن ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻣن ﻗﺑل ﻟﻺﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟﺟرﻣﺎﻧﯾﺔ.
-5ﺳﺎﻫﻣت ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗدوﯾن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطﺑﻘﻬﺎ اﻟدول ﻓﻲ
ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ وذﻟك ﻋن طرﯾق ﺗﺳﺟﯾل ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﻲ ﺗﺑرم ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ.
1
-د .ﻋﻠﻰ ﺻﺎدق أﺑو ﻫﯾف ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 40اﻧظر أﯾﺿﺎ ،د .ﻋﺑد اﻟواﺣد اﻟﻔﺎر اﻟﻘﺎﻧون
اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،1992 ،ص.18
7
وﻋﻧدﻣﺎ ﺣﺎول ﻟوﯾس اﻟراﺑﻊ ﻋﺷر ﻣﻠك ﻓرﻧﺳﺎ أن ﯾﺗوﺳﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب ﺟﯾراﻧﻪ دون ﻣراﻋﺎة
ﻟﻔﻛرة اﻟﺗوازن اﻟدوﻟﻲ ﻓﻘد ﺗﻛﺎﺗﻔت اﻟدول اﻷورﺑﯾﺔ ﺿدﻩ ﻓﻲ ﺣرب طوﯾﻠﺔ اﻧﺗﻬت ﺑﺈﺑرام ﻣﻌﺎﻫدة
أوﺗرﺧت ﺳﻧﺔ 1713وﻓﯾﻣﺎ أﻋﯾد ﺗﻧظﯾم أوروﺑﺎ ﻣن ﺟدﯾد ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻓﻛرة اﻟﺗوازن اﻟدوﻟﻲ وﻣﻧﻊ
ﻓرﻧﺳﺎ ﻣن اﻹﺧﻼل ﺑﻬذا اﻟﺗوازن وﻗد اﺗﺳﻌت اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﺎﻧﺿﻣت روﺳﯾﺎ إﻟﻰ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ
اﻟدوﻟﯾﺔ وأﺻﺑﺣت ﻓﻲ ﻣﺻﺎف اﻟدول اﻟﻌظﻣﻰ واﺗﺳﻌت ﺑروﺳﯾﺎ اﺗﺳﺎﻋﺎ ﻛﺑﯾ ار ﻓﻲ ﻋﻬد ﻓردرﯾك
اﻷﻛﺑر ) (1789) - (1714وأﻋﻠن اﺳﺗﻘﻼل اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1776ﺛم
ﻗﺎﻣت اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1789م.
اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ :ﺟذﺑت اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن ﺷﻌوب أوروﺑﺎ ﺑﻣﺑﺎدﺋﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺣرﯾﺔ
واﻟﻣﺳﺎواة وأﺻﺑﺣت ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ ﺗﻬدد ﻧظم اﻟﺣﻛم ﻓﻲ اﻟدول اﻟﻣﺟﺎورة ﻟﻬﺎ ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺗﺣﺎﻟف
ﺿد اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة وﻟﻛن ظﻬور ﻧﺎﺑﻠﯾون وﺷﻧﻪ اﻟﺣرب ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟدول وﺿﻣﻬﺎ إﻟﻲ
إﻣﺑراطورﺗﻪ ﻓﻘد ﻗﺿﻲ ﺑذﻟك ،ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﺟﻬود اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺑذﻟت ﻟﻠﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗوازن
اﻟدوﻟﻲ.1
وﻟﻛن ﺷﻌوب ﻫذﻩ اﻟدول ﺑدأت ﻓﻲ ﺣروﺑﻬﺎ ﺿد ﻧﺎﺑﻠﯾون ﻋﻧدﻣﺎ ﺷﺎﻫدت أطﻣﺎﻋﻪ
اﻟﺗوﺳﻌﯾﺔ ورﻏﺑﺗﻪ ﻓﻲ أن ﯾﻘﯾم إﻣﺑراطورﯾﺔ واﺳﻌﺔ ﺣﺗﻰ ﺗﻣﻛﻧت ﻣن ﻫزﯾﻣﺗﻪ واﺟﺗﻣﻌت اﻟدول
اﻷورﺑﯾﺔ ﻣن ﺟدﯾد ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣر ﻓﯾﻧﺎ ﺳﻧﺔ 1815ﻹﻋﺎدة ﺗﻧظﯾم أوروﺑﺎ.2
وﻛﺎن ﻫدف ﻣؤﺗﻣر ﻓﯾﻧﺎ إﻋﺎدة اﻟﺗوازن اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس إرﺟﺎع اﻟﻧظم
اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،ﻓﺄﻋﯾدت اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ،ﻓﺄﻋﯾدت اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ إﻟﻰ ﺑروﺳﯾﺎ واﻟﻧﻣﺳﺎ وﺿﻣت اﻟﺳوﯾد
إﻟﻰ اﻟﻧروﯾﺞ ﻟﺗﻘف ﺣﺎﺋﻼ ﻓﻲ وﺟﻪ اﻟﺗوﺳﻊ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣن ﺟدﯾد .وﺿﻣت ﺑﻠﺟﯾﻛﺎ إﻟﻰ ﻫوﻟﻧدا
ﻟﻧﻔس اﻟﻐرض اﻟﺳﺎﺑق.
1
-ﺑﯾﺑر ﻧوﻓﺎن ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﺗﻌرﯾﺑﻲ ﺟﻼل ﯾﺣﯾﻰ دار اﻟﻣﻌﺎرف ، 1980 ،ص 53وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
2
- bourjuin(Maurice)lasainte-alliance. unessaid. Organization eurepeennercadi, 1953 vol 83
p41.
8
وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك ،ﻓﻘد وﺿﻊ ﻣؤﺗﻣر ﻓﯾﻧﺎ ﻗواﻋد دوﻟﯾﻪ ﺟدﯾدة ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺣرﯾﺔ اﻟﻣﻼﺣﺔ
ﻓﻲ اﻷﻧﻬﺎر اﻟدوﻟﯾﺔ وﺗﺣرﯾم اﻻﺗﺟﺎر ﻓﻲ اﻟرﻗﯾق ووﺿﻊ ﻗواﻋد اﻟﺗرﺗﯾب واﻟﺻدارة اﻟﺧﺎﺻﺔ
ﺑﺎﻟﻣﺑﻌوﺛﯾن اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﯾن ،ﻛﻣﺎ ﺗم إﺑرام اﻟﺗﺣﺎﻟف اﻟﻣﻘدس ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﻘررات ﻣؤﺗﻣر ﻓﯾﻧﺎ.1
وﺿﻊ ﻣؤﺗﻣر ﻓﯾﻧﺎ ﻧواة اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،وأﺧذ ﻣﺣﯾط ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﯾﺗﺳﻊ
ﺗدرﯾﺟﯾﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺣرﻛﺎت اﻟﻘوﻣﯾﺔ وﻣﺎ ﺳﺑﻘﻬﺎ ﻣن ﻗﯾﺎم دول ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺟدﯾدة ﻛﻣﺎ ﺑدأت اﻟظروف
ﺗﺗﻬﯾﺄ ﻟﻘﺑول اﻟدول ﻏﯾر اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ ﺿﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وﻛﺎﻧت اﻟدول اﻷورﺑﯾﺔ ﺗﺣل ﻣﺷﺎﻛﻠﻬﺎ
ﻋن طرﯾق ﻋﻘد اﻟﻣؤﺗﻣرات اﻷورﺑﯾﺔ ﻻن اﻟدول اﻷورﺑﯾﺔ ،ﻛﺎﻧت ﻫﻲ اﻟﻣﺳﯾطرة ﻓﯾﻬﺎ وﻫﻲ اﻟﺗﻲ
ﻛﺎﻧت ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ وﻗد ﻛﺎن ﻟﻠﻣؤﺗﻣر اﻷورﺑﻲ دور ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗطور
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم وﺗﺣدﯾد اﻟﻛﺛﯾر ﻣن ﻗواﻋدﻩ وﺗدوﯾﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻛﺑرى اﻟﺗﻲ
أﺑرﻣت ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر وأواﺋل اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن.2
وﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﻗد اﻗر ﻛﺛﯾ ار ﻣن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﺑدأت اﻟﺷﻌوب
ﺗﺷﺎرك ﻓﻲ ﺗﺻرﯾف ﺷﺋوﻧﻬﺎ وﺗﻛون رأي ﻋﺎم ﻋﺎﻟﻣﻲ ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗوﺟﯾﻪ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ
واﺳﺗﻘرت ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ ﻓﻲ ﻣﺣﯾط اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻛﺣق اﻟﺷﻌوب ﻓﻲ ﺗﻘرﯾر ﻣﺻﯾرﻫﺎ وﺣق
اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟدول وﻣﺑدأ ﺣرﯾﺔ اﻟﺑﺣﺎر وﺣرﯾﺔ اﻟﻣﻼﺣﺔ ﻓﻲ اﻷﻧﻬﺎر اﻟدوﻟﯾﺔ وﻏﯾر ذﻟك ﻣن
اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻛﻣﺎ أﺑرﻣت ﺧﻼل ﺗﻠك اﻟﺣﻘﺑﺔ اﻟﻌدﯾد ﻣن
اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ أﻫﻣﻬﺎ ﻣﻌﺎﻫدة ﺑﺎرﯾس اﻟﺗﻲ أﺑرﻣت ﺳﻧﺔ 1856واﻟﺗﻲ أﻗرت اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن
اﻟدول اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ ﻋن طرﯾق ﻗﺑول ﺗرﻛﯾﺎ ﺑﯾن أﻋﺿﺎء اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻔﺗﺣت ﺑذﻟك
اﻟﺑﺎب ﻟﻠدول ﻏﯾر اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﻛﻲ ﺗﻛون ﺿﻣن اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺗﻣدﯾن ﻛﻣﺎ أﺑرﻣت اﺗﻔﺎﻗﺎت ﺟﻧﯾف ﺳﻧﺔ
1864اﻟﻣﻌدﻟﺔ ﺑﺳﻧﺗﻲ 1929 ،1868م اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣرﺿﻰ وﺟرﺣﻰ اﻟﺣرب ،وأﺧﯾ ار
اﺗﻔﺎﻗﺎت ﻻﻫﺎي ﻟﺳﻧﺗﻲ 1907 ،1899م اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣﻧت اﻟﻘواﻋد اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺣرب واﻟﺣﯾﺎد
1
-د .ﻣﺣﻣد ﺣﺎﻓظ ﻏﺎﻧم ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻘﺎﻫرة ، 1973ص .123
2
-د .ﻣﻔﯾد ﺷﻬﺎب ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﺟزء اﻷول ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 155
9
وﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ .وأﻧﺷﺄت ﺑذﻟك أول ﻫﯾﺋﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ دوﻟﯾﺔ ﻫﻲ
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ اﻟداﺋﻣﺔ ﻻﻫﺎي ورﻏم ﻣﻌﺎﻫدات ﻻﻫﺎي ﻟﻠﺳﻼم وﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت
اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ إﻻ أن ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت ﻟم ﺗﻔﻠﺢ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق أﻫداﻓﻬﺎ ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ
اﺷﺗﻌﺎل اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻲ ﻟﻣدة أرﺑﻊ ﺳﻧوات واﻧﺗﻬت ﺑﻬزﯾﻣﺔ اﻟدول اﻟﻣﻌﺗدﯾﺔ وﻋﻘد ﻣﻌﺎﻫدة
ﻓرﺳﺎي ﻟﻠﺳﻼم ﺳﻧﺔ 1919م ﻹﻋﺎدة ﺑﻧﯾﺎن اﻟﺗﻧظﯾم اﻟدوﻟﻲ.1
اﻧﺗﻬﻰ ﻣؤﺗﻣر ﻓرﺳﺎي ﺑﻌﻘد ﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻊ اﻟدول اﻟﻣﻧﻬزﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ
اﻷوﻟﻲ وﺗوزﯾﻊ ﻣﺳﺗﻌﻣرات اﻟدول اﻟﻣﻧﻬزﻣﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ وﺗرﻛﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟدول اﻟﻛﺑرى ﻋن طرﯾق ﻧظﺎم
اﻻﻧﺗداب ﻛﻣﺎ ﺗﺣﻘق اﺳﺗﻘﻼل ﺑﻌض اﻟدول ﺣﯾث ﺗوﺣدت ﺑوﻟﻧدا ﺑﻌد أن ﻛﺎﻧت ﻣﻣزﻗﻪ ﺑﯾن روﺳﯾﺎ
وأﻟﻣﺎﻧﯾﺎ واﻟﻧﻣﺳﺎ واﺳﺗﻘﻠت ﺗﺷﯾﻛوﺳﻠوﻓﺎﻛﯾﺎ وﯾوﻏوﺳﻼﻓﯾﺎ ﻋن ﺣﻛم اﻟﻧﻣﺳﺎ وﻓﺻﻠت اﻟﻧﻣﺳﺎ ﻋن
اﻟﻣﺟر وﻋدﻟت ﺑﻌض ﺣدود اﻟدول اﻟﺟدﯾدة ﺑﻣﺎ ﯾﺗﻔق وﺿﻣﺎن ﺣدودﻫﺎ.2
ﻛﻣﺎ أﻧﺷﺋت ﻋﺻﺑﺔ اﻷﻣم ﻟﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺣﻔظ اﻟﺳﻠم وﺗدﻋﯾم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟودﯾﺔ ﺑﯾن اﻟدول
وأﻧﺷﺋت إﻟﻲ ﺟﺎﻧﺑﻬﺎ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟداﺋﻣﺔ ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺑﯾن اﻟدول
وﻗد ﻋﻣﻠت اﻟﻌﺻﺑﺔ ﻋﻠﻰ إﺑرام ﻋدة ﻣواﺛﯾق ﻟﺗﺧﻔﯾض اﻟﺗﺳﻠﺢ واﻟﺣد ﻣﻧﻪ ﻣن ذﻟك اﺗﻔﺎق واﺷﻧطن
ﺳﻧﺔ 1922م ﻟﺗﺣدﯾد اﻟﺗﺳﻠﺢ اﻟﺑﺣري ﺑروﺗوﻛول ﺟﻧﯾف ﺳﻧﺔ 1924م ﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ
ﺑﺎﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ إﻻ أﻧﻪ ﺳﻘط ﻻﻣﺗﻧﺎع اﻧﺟﻠﺗ ار ﻋن اﻟﺗﺻدﯾق ﻋﻠﯾﻪ ،اﺗﻔﺎق ﻟوﻛﺎرﻧو ﻟﻠﺿﻣﺎن
اﻟﻣﺗﺑﺎدل واﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ واﻟﺗﺣﻛﯾم )ﻣﯾﺛﺎق ﺑرﯾﺎن ﻛﯾﻠوج ﺳﻧﺔ 1928م( ﻟﻣﻧﻊ اﻟﺣرب
واﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺟرﯾﻣﺔ دوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺟﻬود اﻟﻌﺻﺑﺔ ﻟم ﺗﺣﻘق اﻟﻐرض ﻣﻧﻬﺎ ﺣﯾث وﻗﻌت ﻋدة
ﺣروب ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﺻﯾن واﻟﯾﺎﺑﺎن ﺳﻧﺔ 1933م وﺣرب اﯾطﺎﻟﯾﺎ ﻣﻊ اﻟﺣﺑﺷﺔ واﻟﺗﻲ اﻧﺗﻬت ﺑﺿم
اﻟﺣﺑﺷﺔ ﻻﯾطﺎﻟﯾﺎ ﺳﻧﺔ 1936م .وﻗد ﻋﺟزت اﻟﻌﺻﺑﺔ ﻋن إﯾﻘﺎف ﻫذﻩ اﻟﺣروب ،ﻛﻣﺎ ﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ
ﺗوﺗر اﻟﻣوﻗف اﻟدوﻟﻲ اﻋﺗداء أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺎراﺗﻬﺎ ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﻗﯾﺎم اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ.
1
-د .ﻣﺣﻣد ﺣﺎﻓظ ﻏﺎﻧم ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،1973ص.290
2
-د .ﻋﻠﻰ ﺻﺎدق أﺑو ﻫﯾف ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص. 52
10
اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ:
ﻗﺎﻣت اﻟﺟﯾوش اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﺑﻣﻬﺎﺟﻣﺔ ﺑوﻟﻧدا ﻓﻲ أول ﺳﺑﺗﻣﺑر ﺳﻧﺔ ،1939ﻣﻣﺎ اﺿطر
اﻧﺟﻠﺗ ار وﻓرﻧﺳﺎ إﻟﻰ إﻋﻼن اﻟﺣرب ﻋﻠﻰ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ وﻓﺎء ﻟﺗﻌﻬداﺗﻬﺎ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﺑوﻟﻧدا واﺷﺗﻌﻠت اﻟﺣرب
اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ .واﻧﺗﻬت أﯾﺿﺎ ﺑﻬزﯾﻣﺔ اﻟدول اﻟﻣﻌﺗدﯾﺔ واﺟﺗﻣﻌت دول اﻟﺣﻠﻔﺎء ﻓﻲ ﺷﻬر اﺑرﯾل
ﺳﻧﺔ 1945ﺑﻣدﯾﻧﺔ ﺳﺎن ﻓراﻧﺳﯾﺳﻛو ﻟوﺿﻊ ﺗﻧظﯾم ﻋﺎﻟﻣﻲ ﺟدﯾد ﯾﺣﻔظ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ ﺑﯾن
اﻟدول.1
وﻗد اﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ ﺳﺎن ﻓراﻧﺳﯾﺳﻛو دول اﻟﺣﻠﻔﺎء واﻟدول اﻟﺗﻲ أﻋﻠﻧت اﻟﺣرب ﻋﻠﻰ اﻷﻋداء
ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ وﻗد ﺑﻠﻎ ﻋددﻫﺎ ﺧﻣﺳون دوﻟﺔ ﺣﯾث أﻧﺷﺄت اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وﻗد
ﺗﺿﻣن ﻫذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﺗﺣرﯾم اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺣرب ،وﻓرض ﻋﻠﻰ اﻟدول ﺗﺳوﯾﺔ ﻣﻧﺎزﻋﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟوﺳﺎﺋل
اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ .ﻛﻣﺎ ﻣﻧﺢ اﻟﻣﯾﺛﺎق ﻟﻠﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻋدﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق أﻫداﻓﻬﺎ.
ﻛﻣﺎ ﻋﻣﻠت اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻋﻠﻰ إرﺳﺎء ﻗواﻋد اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟدول وﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻌﺎون ﻓﻲ
اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻣﺟﻬوداﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻧزع اﻟﺳﻼح واﻟﺣد ﻣن اﻟﺗﺳﻠﺢ وﻛل ﻫذا
أدى إﻟﻰ ﺗدﻋﯾم ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،وﺧﺿوع اﻟدول ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ إﻟﻲ إﺣﻛﺎﻣﻪ.
- 1د .ﻣﻔﯾد ﺷﻬﺎب ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﺟزء اﻻول ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .135
11
ﺗدوﯾن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم:
ﻛﺎﻧت ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻣﺑﻌﺛرة ﺑﯾن اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن ﻣﻌﺎﻫدات وﻋرف دوﻟﻲ
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎك ﺻﻌوﺑﺔ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق ﻗواﻋدﻩ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن وﻣن ﺛم ﻓﻘد ﺣﺎول
ﺑﻌض اﻟﻣﺷﺗﻐﻠﯾن ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺟﻣﯾﻊ ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺑﻌﺛرة ﻓﻲ ﺿوء ﺗﻘﻧﯾن ﻧﺳق
اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ وﺑدأت ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة ﺗظﻬر ﻓﻲ ﺻورة ﻣﺣﺎوﻻت ﻓردﯾﺔ ﺣﯾث ﻧﺷر ﺑﻧﺗﺎم ﺳﻧﺔ
1789ﻣﺷروﻋﺎ ﻷول ﺗﻘﻧﯾن دوﻟﻲ وﻣﺷروع آﺧر أﻋدﻩ ﺑﻠﻧﺗﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﺑﻠﻧﺗﻠﻲ
ﺳﻧﺔ 1868وﻣﺷروع ﻓﯾوري ﺳﻧﺔ 1889م.1
ﻏﯾر أن ﻫذﻩ اﻟﻣﺷروﻋﺎت اﻟﻔردﯾﺔ ﻻ ﺗﻌدو أن ﺗﻛون اﺟﺗﻬﺎدات ﻓردﯾﺔ ﺗﻣﺛل رأي واﺿﻌﯾﻬﺎ
وﻻ ﺗرﺗﻔﻊ إﻟﻲ ﻣﺻﺎف اﻟﻘواﻋد اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻘﺑوﻟﺔ ﻣن اﻟدول أﻋﺿﺎء اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻛﺎﻧت
ﻫﻧﺎك ﺑﻌض اﻟﻣﺟﻬودات اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﺗﻘﻧﯾن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻣن ذﻟك ﻣﺣﺎوﻻت ﻣﺟﻣﻊ
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ أوروﺑﺎ واﻟﻣﺟﻣﻊ اﻷﻣرﯾﻛﻲ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ وﻗد أﺳﻔرت ھذه اﻟﻣﺣﺎوﻻت ﻋن
ﻋﻘب إﻧﺷﺎء ﻋﺻﺑﺔ اﻷﻣم ،ﻓﻘد اﺗﺟﻬت اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻌﺻﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗدوﯾن
أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ وﺑﺎﻟﻔﻌل ﻓﻘد أﻧﺷﺄت ﻓﻲ ﺳﺑﺗﻣﺑر ﺳﻧﺔ 1924ﻟﺟﻧﻪ ﻣن اﻟﺧﺑراء ﻟﻺﻋداد
ﻟﻬذا اﻟﺗدوﯾن ﻋن طرﯾق إﻋداد ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﺗﺻﻠﺢ ﻟﻠﺗدوﯾن ﻛﻣﺎ ﺷﻣﻠت اﻟﻌﺻﺑﺔ
ﺑرﻋﺎﯾﺗﻬﺎ ﺑﻌض اﻟﻣؤﺗﻣرات اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻧﻌﻘدت ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻫذا اﻟﻬدف ﮐﻣؤﺗﻣر ﻻﻫﺎي اﻟذي اﻧﻌﻘد
ﺳﻧﺔ 1930ﻟﺗدوﯾن ﻗواﻋد اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ اﻟﺑﺣر اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ واﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻋن اﻷﺿرار اﻟﺗﻲ
ﺗﻠﺣق ﻋﻠﻰ اﻷﺟﺎﻧب ﻓﻲ إﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ إﻻ أن اﺧﺗﻼف اﻟدول ﻋﻠﻰ ﻣﺿﻣون اﻟﻘواﻋد ﺣﺎل دون
ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣؤﺗﻣر ﻟﻧﺗﺎﺋﺞ إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﻋدا ﺗوﻗﯾﻊ ﻣﻌﺎﻫدﻩ وﺑروﺗوﻛوﻻت ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ وﻣﻊ
- 1د .ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺳرﺣﺎن ،ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .34
12
ذﻟك ﻓﺎن اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺎت واﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗم إﻋدادﻫﺎ داﺧل اﻟﻠﺟﺎن اﻟﻔرﻋﯾﺔ ﻟﻠﻣؤﺗﻣر ﺗﻌد إﺳﻬﺎﻣﺎ ﻛﺑﯾ ار
ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ .
ﻗﺎﻣت اﻟدول اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﺑﻌدة ﻣﺣﺎوﻻت ﻟﺗﺟﻣﯾﻊ وﺗدوﯾن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻓﻘد ﻋﻬد
اﻟﻣؤﺗﻣر اﻷﻣرﯾﻛﻲ اﻟﺛﺎﻟث ﻓﻲ رﯾودي ﺟﺎﻧﯾرو ﺳﻧﺔ 1906إﻟﻰ ﻟﺟﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﺗﺷرﻋﯾن ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻬذﻩ
اﻟﻣﻬﻣﺔ وﻟﻛن ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻟم ﺗﺑﺎﺷر ﻋﻣﻠﻬﺎ إﻻ ﺳﻧﺔ 1921ﺑﺳﺑب ﻗﯾﺎم اﻟﺣرب اﻷﻫﻠﯾﺔ ﻓﻲ
اﻟﻣﻛﺳﯾك واﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﺳﻧﺔ 1914ﻓﻠﻣﺎ اﻧﺗﻬت اﻟﺣرب أﻋﯾد ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻠﺟﻧﺔ وﻗﺎﻣت
ﺑﻣﺑﺎﺷرة أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ وﺑﺟﺎﻧب ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ أﻧﺷﺄت ﻟﺟﺎن أﺧرى وزﻋت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ
اﻟﺗﻲ رؤى ﺗدوﯾن اﻟﻘواﻋد اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ.
وﯾﻌﺎون ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻓﻲ ﻣﻬﻣﺗﻬﺎ اﻟﻣﺟﻣﻊ اﻷﻣرﯾﻛﻲ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ .وﻗد أﻗرت اﻟﻣؤﺗﻣرات
اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻋددا ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﺑﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﺎن ﻣﺛل اﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،ﻣرﻛز
اﻷﺟﺎﻧب ،اﻟﻣﻣﺛﻠﯾن اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﯾن واﻟﻘﻧﺻﻠﯾن اﻟﺣﯾﺎد اﻟﺑﺣري وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت .1اﻫﺗﻣﺎم
اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺑﺗدوﯾن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ:
ﺑﻌد إﻧﺷﺎء اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وطﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة 13ﻣن اﻟﻣﯾﺛﺎق واﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أن ﺗﻧﺷﺊ
اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ دراﺳﺎت وﻧﺷﯾر ﺑﺗوﺻﯾﺎت ﺑﻘﺻد إﻧﻣﺎء اﻟﺗﻌﺎون اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ
وﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﺗﻘدم اﻟﻣطرد ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ وﺗدوﯾﻧﻪ .ﻓﻘد أﻧﺷﺋت ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻣن ﺧﻣﺳﺔ
ﻋﺷر ﺧﺑﯾ ار ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻣﻬﻣﺔ ﺗدوﯾن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم .وﯾراﻋﻰ
ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻟﻌﺎدل وﺗﻣﺛﯾل ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣدﻧﯾﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم.
وﻗد ﺗم زﯾﺎدة ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ إﻟﻰ 25ﻋﺿوا ﺳﻧﺔ .21961
- 1د .ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .345
2
-د .ﻣﺻطﻔﻲ ﺳﻼﻣﺔ ﺣﺳﯾن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .234
13
وﻗد ﻋﻬد إﻟﻰ ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻣﻬﻣﺔ ﺗدوﯾن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت
اﻟﻘﻧﺻﻠﯾﺔ وﻗﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات وﻗﺎﻧون اﻟﺑﺣﺎر ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣوﺿوع اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وﻗد
ﻓرﻏت اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻣن إﻋداد ﻣوﺿوع اﻟﺣﺻﺎﻧﺎت اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1961واﻟﺣﺻﺎﻧﺎت اﻟﻘﻧﺻﻠﯾﺔ
ﺳﻧﺔ 1963ﻛﻣﺎ ﻗﺎﻣت اﻟﻠﺟﻧﺔ ﺑﺈﻋداد اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻗﺎﻧون اﻟﺑﺣﺎر اﻷوﻟﻰ ﺳﻧﺔ 1958واﻟﺧﺎﺻﺔ
ﺑﺎﻟﺑﺣر اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ واﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣﺟﺎورة واﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺑﺣﺎر ﺳﻧﺔ 1960ﻛﻣﺎ ﺗوﺻﻠت
ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ إﻟﻰ إﻗرار اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻗﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﺳﻧﺔ .1969
ﻗد ﯾﺛور اﻟﺗﺳﺎؤل ﻋﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻫو ﻗﺎﻧون ﻣﺳﺗﻘل وﻣﻧﻔﺻل ﻋن
اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ آم أن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن ﯾﻛوﻧﺎن ﻧظﺎﻣﺎ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ واﺣدا وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺧﻼف ﺑﯾن اﻟﻘواﻋد
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ وﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ أي اﻟﻘﺎﻋدﺗﯾن ﺗﻌﻠو ﻋﻠﻰ اﻷﺧرى وﺑﻣﻌﻧﻲ أﺧر أي
اﻟﻘﺎﻋدﺗﯾن ﻟﻬﺎ اﻷوﻟوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق.
ﺗﺧﺗﻠف اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻲ ﻫذﯾن اﻟﺳؤاﻟﯾن ﺑﺣﺳب ﻧظرة اﻟﻣدارس اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ﻓﻲ أﺳﺎس إﻟزام ﻗواﻋد
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻓﺎﻟﻣدرﺳﺔ اﻹرادﯾﺔ ﺗذﻫب إﻟﻲ اﻟﻘول ﺑوﺟود ﻧظﺎﻣﯾن ﻗﺎﻧوﻧﯾﯾن ﻣﺳﺗﻘل ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ
ﻋن اﻵﺧر وﻫو ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﻣذﻫب ﺛﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧون Le Dualismeﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗذﻫب اﻟﻣدرﺳﺔ
اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ إﻟﻲ اﻟﻘول ﺑﺗﺑﻌﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن إﻟﻲ ﻧظﺎم ﻗﺎﻧوﻧﻲ واﺣد وﻫو ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﻣذﻫب وﺣدة
اﻟﻘﺎﻧون ".1"le Monisme
ﯾري أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻟﻣذﻫب وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺗرﺑﯾل وﺷﺗﯾروب اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﯾن واﻧزﻟوﺗﻲ وﻛﺎﻓﻠﯾﯾري
اﻹﯾطﺎﻟﯾﯾن أن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ واﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ ﻧظﺎﻣﺎن ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎن ﻣﺗﺳﺎوﯾﺎن وﯾﺳﺗﻘل ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ
ﻋن اﻵﺧر وﻻ ﯾﺧﺿﻊ أي ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻟﻧظﺎم أﻋﻠﻰ ﻣﻧﻪ.2
- 1د .ﻣﻔﯾد ﺷﻬﺎب ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﺟزء اﻷول ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ۱۹۷۶ ،ص 46وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
2
- dinh(nguyenquoc)'droit international public "2 emeeditol gdsparis 1980p.99.
14
وﯾﺳﺗﻧد أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻟﻣذﻫب ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﯾن إﻟﻰ اﺧﺗﻼف ﻣﺻﺎدر ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ
ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ ﯾﺻدر ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠدوﻟﺔ أﻣﺎ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻓﺎﻧﻪ ﯾﺻدر ﺑﻧﺎء
ﻋﻠﻰ اﻹرادة اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻟﻣﺟﻣوع اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ إﻧﺷﺎء ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ.
وﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣوﺿوع ﻓﺎن اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ ﯾﻧظم ﻋﻼﻗﺎت اﻷﻓراد ﺳواء ﻣﻊ ﺑﻌﺿﻬم
)ﻗﺎﻧون ﺧﺎص( أو ﻣﻊ اﻟدوﻟﺔ )ﻗﺎﻧون ﻋﺎم( ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻫﻲ
ﻋﻼﻗﺎت اﻟدول اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺳواء ﻓﻲ زﻣن اﻟﺳﻠﻊ أو اﻟﺣرب.
ﻛﻣﺎ ﯾﺧﺗﻠف اﻟﻘﺎﻧون ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺗﻛوﯾن اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺣﯾث ﺗوﺟد ﺳﻠطﺎت ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ وﻗﺿﺎﺋﯾﺔ
وﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﺗﻛﻔل ﺗﻧﻔﯾذ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ وﺗطﺑﯾق اﻟﺟزاء ﻋﻧد ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
اﻟدوﻟﻲ اﻟذي ﻟم ﺗوﺟد ﺑﻪ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺎت ﺑﻌد.1
-1اﺳﺗﻘﻼل ﻛل ﻣن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن ﻋن اﻵﺧر ﺣﯾث ﺗﻘوم اﻟدوﻟﺔ ﺑﺈﻧﺷﺎء ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ
ﺑﻣﻘﺗﺿﻲ أرادﺗﻬﺎ اﻟﻣﻧﻔردة ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻘوم اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻻﺷﺗراك ﻣﻊ اﻟدول اﻷﺧرى ﻓﻲ إﻧﺷﺎء ﻗواﻋد
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻫذا وﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﻛل دوﻟﺔ ﻋﻧد ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ إﻧﺷﺎء ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ أن
ﺗراﻋﻲ اﺣﺗرام اﻻﻟﺗزاﻣﺎت واﻟﺗﻌﻬدات اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﺎن ﻟم ﺗﻔﻌل ذﻟك ﻛﺄن ﻗﺎﻣت ﺑﺈﺻدار ﺗﺷرﯾﻊ
ﻣﺧﺎﻟف ﻻﻟﺗزاﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﺎﻧﻪ ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﺑطﻼن أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﺑل ﺗظل ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻧﺎﻓذة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟداﺧﻠﻲ وﻟﻛن ﺗﺗﺣﻣل اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ
اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟدول اﻷﺧرى.2
وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك أﯾﺿﺎ أن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻻ ﺗﺻﺑﺢ ﻣﻠزﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻧطﺎق اﻟداﺧﻠﻲ
إﻻ إذا ﺻدرت ﻓﻲ ﺷﻛل ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ داﺧﻠﯾﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻺﺟراءات اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ ﻓﻲ إﺻدار
ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد.
1
-د .ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻣﺣﻣد ﺳرﺣﺎن ،ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،1975 ،ص 75وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
- 2د .ﻣﻔﯾد ﺷﻬﺎب ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص .50
15
-2ﺗﻘوم اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟوطﻧﯾﺔ ﺑﺗطﺑﯾق وﺗﻔﺳﯾر اﻟﻘواﻧﯾن اﻟداﺧﻠﯾﺔ وﻟﯾس ﻟﻬﺎ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘواﻧﯾن اﻟدوﻟﯾﺔ
أو ﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ إﻻ إذا ﺗﺣوﻟت إﻟﻲ ﻗواﻧﯾن داﺧﻠﯾﺔ.
-3ﻋدم وﺟود ﻧزاع أو ﺗﻌﺎرض ﺑﯾن أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻﺧﺗﻼف داﺋرة ﺗطﺑﯾق ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ
وان ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻣﻛن ﻧﻔﺎذ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ وذﻟك ﻋن
طرﯾق اﻹﺣﺎﻟﺔ ) (Renvoiأو اﻻﺳﺗﻘﺑﺎل ) (Receptionوﺗﺗﻣﺛل اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ أن ﯾﺗرك ﻧظﺎم
ﻗﺎﻧوﻧﻲ أﻣر اﻟﺑت ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ إﻟﻰ ﻧظﺎم آﺧر وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺧﺎﺻﺔ
ﺑﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻷﺟﺎﻧب ﻓﻘد أﺣﺎﻟت ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣن ﯾﺻدق ﻋﻠﯾﻪ وﺻف اﻷﺟﻧﺑﻲ
وﻛذﻟك ﺗﻘرر اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ ﺗﻣﺗﻊ اﻟﻣﻣﺛﻠﯾن اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﯾن ﺑﺎﻟﺣﺻﺎﻧﺎت واﻻﻣﺗﯾﺎزات وﺗرك
ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣن ﯾﺻدق ﻋﻠﯾﻪ وﺻف اﻟﻣﻣﺛل اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﻲ .أﻣﺎ اﻻﺳﺗﻘﺑﺎل ،ﻓﯾﻌﻧﻰ دﻣﺞ
ﻧظﺎم ﻗﺎﻧوﻧﯽ ﻟﺑﻌض ﻗواﻋد ﻧظﺎم ﻗﺎﻧوﻧﯽ آﺧر ﺑﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر ﺟزءا ﻻ ﯾﺗﺟ أز ﻣﻧﻪ .وﻣﺛﺎل ذﻟك
ﻧص اﻟﻣﺎدة اﻟﺳﺎدﺳﺔ ﻣن دﺳﺗور اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻟﺗﻲ ﺗﻘرر أن اﻟدﺳﺗور وﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻌﺎﻫدات
اﻟﺗﻲ أﺑرﻣﺗﻬﺎ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة ﺗﻌد اﻟﻘﺎﻧون اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠدوﻟﺔ.1
ﯾرى أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻟﻣذﻫب أن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ وﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟوطﻧﻲ ﺗﺷﻛل ﻧظﺎﻣﺎ
ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ واﺣدا ،إذ ﻫو ﯾﺷﻛل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧدرﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﻘوة ﯾﺧﺿﻊ ﺑﻌﺿﻬﺎ
اﻟﺑﻌض اﻵﺧر اﻷﻋﻠﻰ ﻣﻧﻬﺎ ﺣﺗﻰ ﻧﺻل إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻋدة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌد رأس اﻟﻘﺎﻧون
ﻛﻠﻪ.
وﻻ ﯾﺳﺗﺑﻌد أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻟﻣذﻫب ﻗﯾﺎم ﺗﻌﺎرض ﺑﯾن ﻗواﻋد ﻛل ﻣن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن اﻟداﺧﻠﻲ
واﻟدوﻟﻲ ،إﻻ أﻧﻬم ﯾﺧﺗﻠﻔون ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد أﯾﻬﻣﺎ ﺗﻛون ﻟﻪ أوﻟوﯾﺔ اﻟﺗطﺑﯾق وﻗد اﻧﻘﺳﻣوا ﻓﻲ ذﻟك إﻟﻰ
ﻧظرﯾﺗﯾن:
1
-د .ﻣﺻطﻔﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﺣﺳﯾن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .234
16
أ -ﻧظرﯾﺔ أوﻟوﯾﺔ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ:
ذﻫب ﻓرﯾق ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء أﻣﺛﺎل ﻛوﻧز ) (kunzو )ﮐﻠﺳن( )ﻓردروس( و )دﯾﺟﯽ( إﻟﻰ أن
اﻷوﻟوﯾﺔ ﻓﻲ داﺧل اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺗﻛون اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﻗواﻋد
اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ أن ﺗﺗﻔق ﻣﻌﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟدوﻟﺔ ﺗﺻدر ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ ﺑﺗﻔوﯾض
ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ .ووﻓﻘﺎ ﻟﻬذا اﻟرأي ﻓﺎن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﯾﻛون ﻟﻬﺎ اﻟﺻدارة ﺑﯾن اﻟﻧظم
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻷﺧرى وﺗﺎﺑﻌﻪ ﻟﻪ.
وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك أﻧﻪ إذا ﺗﻌﺎرﺿت ﻗﺎﻋدة دوﻟﯾﺔ ﻣﻊ ﻗﺎﻋدة داﺧﻠﯾﺔ ﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ
اﻟوطﻧﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻋدة اﻟدوﻟﯾﺔ واﻋﺗﺑﺎر اﻟﻘﺎﻋدة اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻻﻏﯾﺔ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ﻏﯾر اﻧﻪ ﯾﻌﯾب ﻫذا
اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻧﻪ ﯾؤدي إﻟﻰ إﻟﻐﺎء اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ واﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ ﻓﺿﻼ ﻋن أن اﻟﻘول
ﺑﺎن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ ﺗوﺿﻊ ﺑﺗﻔوﯾض ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ أﻣر ﻏﯾر ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻻن ﻗواﻋد
اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ ﺗﺳﺑق ﻓﻲ ﻧﺷﺄﺗﻬﺎ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ.
ﯾذﻫب ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء أﻣﺛﺎل ﻛوﻓﻣﺎن واﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﺳوﻓﯾﯾت إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺎن اﻟﻘﺎﻋدة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ
ﻟﻠﻘﺎﻧون ﺗﺟد ﻣﺻدرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ ،ﺣﯾث أن اﻟدوﻟﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻣﻼﺣظﺎﺗﻬم ﻫﻲ اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗوﺟد ﺳﻠطﺔ أﺧرى ﻓوﻗﻬﺎ .وﻣن ﺛم ﻓﺄﻧﻬﺎ ﺗﻛون ﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺗﺣدﯾد اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟدوﻟﯾﺔ
وﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ.1
ووﻓﻘﺎ ﻟرأي اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﺎن اﻟدﺳﺗور اﻟداﺧﻠﻲ ﻫو أﺳﺎس اﻻﻟﺗزام ﺑﺄي ﻗﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ دوﻟﯾﺔ
ﻛﺎﻧت أم داﺧﻠﯾﻪ وﻋﻠﻰ ذﻟك إذا ﺗﻌﺎرض ﺣﻛم داﺧﻠﻲ ﻣﻊ ﺣﻛم دوﻟﻲ ﻛﺎﻧت اﻷوﻟوﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟداﺧﻠﻲ ﻏﯾر اﻧﻪ ﯾﻌﯾب ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ اﻟدﺳﺗور اﻟداﺧﻠﻲ ﻛﺄﺳﺎس ﻟﻼﻟﺗزام
ﺑﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟدوﻟﯾﺔ وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أن ﻫذا اﻻﻟﺗزام ﻣرﻫون ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻧﻔﺎذ ﻫذا اﻟدﺳﺗور ﺑﺣﯾث ﺗﻧﺗﻬﻲ
ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﺑﺗﻐﯾﯾر أﺣﻛﺎﻣﻪ أو ﺗﻌدﯾﻠﻬﺎ وﻫذا ﯾﺗﻧﺎﻗض ﻣﻊ أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ
1
-د .ﻣﺻطﻔﻲ ﺳﻼﻣﺔ ﺣﺳﯾن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 236
17
اﻟوﺿﻌﻲ وﻣﺎ ﯾﺟري ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺣﯾث ﻧﺟد أن ﻣن اﻟﻣﺳﻠم ﺑﻪ أن
اﻟﺗﻌدﯾﻼت اﻟدﺳﺗورﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻻ ﺗﻣس ﺑﺄي ﺣﺎل ﺻﺣﺔ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﻲ أﺑرﻣﺗﻬﺎ اﻟدول.
ﺗﻌﻧﻲ ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻣﺟﻣوع اﻟوﺳﺎﺋل أو اﻟطرق اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺊ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
اﻟﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻠدول ﻓﻬذﻩ اﻟﻣﺻﺎدر ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﯾرﺟﻊ إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻧد اﻟﺑت ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت
اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻪ.
ٕواذا ﻛﺎن اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﯾﻣﺛل ﻣﺻد ار أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟداﺧﻠﻲ ﻧظ ار ﻷن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
اﻟداﺧﻠﻲ ﯾﺗﻣﯾز ﺑوﺟود ﺳﻠطﺔ ﻋﻠﯾﺎ ﻣﻧظﻣﺔ ﺗﺿﻊ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ،إﻻ أن اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟدوﻟﻲ
ﯾﻔﺗﻘر إﻟﻰ وﺟود ﺳﻠطﺔ ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﺗﺗوﻟﻰ وﺿﻊ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،وﻣن ﺛم ﺗﻘوم اﻟدول ﻧﻔﺳﻬﺎ
ﺑﻬذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ.
ﻛﻣﺎ ﯾﻼﺣظ أﯾﺿﺎ أن اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر ﻣن اﻟدول ﺑﺈرادﺗﻬﺎ اﻟﻣﻧﻔردة )إﺑﻼغ -
اﺣﺗﺟﺎج -اﻋﺗراف – ﺗﻧﺎزل (...ﯾﻣﻛن أن ﺗرﺗب ﻓﻲ ظل ظروف ﻣﻌﯾﻧﻪ آﺛﺎر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﺗﻌد
ﻣﻌﻪ أﺣد ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ .
ﯾﺿﺎف إﻟﻰ ذﻟك أن اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ اﻹدارة اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺷﺎرﻋﺔ ﺗﺻدر
ﻗ اررات ﺗﺳري ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ أﻋﺿﺎﺋﻬﺎ ﻣن اﻟدول ﺳواء ﺑﺻﻔﺔ ﻣﺑﺎﺷرة أو ﺑﻌد إﻗرار اﻟﺳﻠطﺎت
اﻟوطﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻟﻬﺎ ،ﻣﺛل اﻟﻘ اررات اﻟﺻﺎدرة ﻋن ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌﻣل اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣﻧظﻣﺔ
اﻟطﯾران أو اﻟﺑﻧك اﻟدوﻟﻲ ﻟﻺﻧﺷﺎء واﻟﺗﻌﻣﯾر ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻣﺎ ﺗﺳﻬم ﺑﻪ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻋن
طرﯾق ﻗ ارراﺗﻬﺎ اﻟﻣﺗﻛررة أو ﻧﺗﯾﺟﺔ إﺗﺑﺎﻋﻬﺎ ﻟﺑﻌض اﻟﻌﺎدات ﻓﻲ أﻧﺷطﺗﻬﺎ ﻣن ﺗﻛوﯾن اﻟﻘواﻋد
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻌرﻓﯾﺔ.1
1
-د .ﻣﺻطﻔﻲ ﺳﻼﻣﺔ ﺣﺳﯾن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 240
18
وﻗد ﺗﺿﻣﻧت اﻟﻣﺎدة 1/37ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون
اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،وﻗد اﻟﺣق ﻧظﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺳﻧﺔ ،1945واﻧﺿﻣت إﻟﯾﻪ
ﻛﺎﻓﺔ اﻟدول أﻋﺿﺎء اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻛﻣﺎ أن ﻫذا اﻟﻧظﺎم ﯾﺗطﺎﺑق ﻣﻊ ﻻﺋﺣﺔ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ
اﻟداﺋﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣﻠﺣﻘﻪ ﺑﻌﺻﺑﺔ اﻷﻣم وﺗﻘرر ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة أن وظﯾﻔﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﻔﺻل ﻓﻲ
اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ إﻟﯾﻬﺎ وﻓﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ وﻫﻲ ﺗطﺑق ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن:
أ -اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻊ ﻗواﻋد ﻣﻌﺗرف ﺑﻬﺎ ﺻراﺣﺔ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟدول
اﻟﻣﺗﻧﺎزﻋﺔ.
د -أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم وﻣذاﻫب ﻛﺑﺎر اﻟﻣؤﻟﻔﯾن ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻣم وﯾﻌﺗﺑر
ﻫذا أو ذاك ﻣﺻد ار اﺣﺗﯾﺎطﯾﺎ ﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ وذﻟك ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة .59
ووﻓﻘﺎ ﻟﻬذا اﻟﻧص ﻓﺈن ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻣﺻدرﯾن أﺳﺎﺳﯾن:
-1اﻟﻣﺻﺎدر اﻷﺻﻠﯾﺔ:
وﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﯾرﺟﻊ إﻟﯾﻬﺎ ﻻﻛﺗﺷﺎف اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺿﻣوﻧﻬﺎ ،وﺗﻌﺗﺑر
اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻫﻲ اﻟﻣﺻدر اﻟذي ﯾﺗم اﻟرﺟوع إﻟﯾﻪ أوﻻٕ ،واذا ﻟم ﺗوﺟد اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ
اﻟﻌرف ﺛم ﺑﻌد ذﻟك إﻟﻰ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﻣﺻدر ﺛﺎﻟث.
-2اﻟﻣﺻﺎدر اﻻﺣﺗﯾﺎطﯾﺔ:
وﻫﻲ أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم وآراء ﻛﺑﺎر اﻟﻔﻘﻬﺎء وﯾﻣﻛن اﻻﻟﺗﺟﺎء إﻟﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻻﺳﺗدﻻل ﻋﻧد
ﻋدم ﻛﻔﺎﯾﺔ اﻟﻣﺻﺎدر اﻷﺻﻠﯾﺔ.
19
-اﻟﻣﺻﺎدر اﻷﺻﻠﯾﺔ
-1اﻟﻣﻌﺎﻫدات:
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻫدات اﺗﻔﺎﻗﺎت رﺳﻣﯾﺔ ﺗﺑرم ﺑﯾن اﻟدول ﺑﻬدف ﺗرﺗﯾب آﺛﺎر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﺣددﻫﺎ
ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم .وﯾﻣﻛن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻫدات .
أ -اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﻌﻘدﯾﺔ ) (Traite-Contratsوﻫﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺑرم ﺑﯾن دوﻟﺗﯾن أو أﻛﺛر
ﺑﻘﺻد ﺗﺣﻘﯾق ﺑﻌض اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟدول اﻷطراف وﻣﺛﺎل ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﻔﻧﯾﺔ
واﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ وﯾﻘﺗﺻر أﺛر ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻋﻠﻰ أطراﻓﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌد ﻣﺻد ار ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﻟﻘواﻋد ﻋﺎﻣﺔ
اﻟﺗطﺑﯾق.
وﻫﻲ اﺗﻔﺎﻗﯾﺎت ﻣﺗﻌددة اﻷطراف ﯾﺗم إﺑراﻣﻬﺎ ﺑﯾن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻛﺑﯾرة ﻣن اﻟدول وﺗﺗﺿﻣن إﻧﺷﺎء
ﻗواﻋد ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺗطﺑﯾق ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﺗﺗﺻل ﺑﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ ﻋﺎﻣﺔ ﻛﻣﻌﺎﻫدة
اﻟﻘﺳطﻧطﯾﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺑرﻣت ﻓﻲ 20اﮐﺗوﺑر ﺳﻧﺔ 1777ﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻣﻼﺣﺔ ﻓﻲ ﻗﻧﺎة اﻟﺳوﯾس
وﻣﻌﺎﻫدة ﻓﯾﻧﺎ ﺳﻧﺔ 1961اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗﻧظﯾم اﻟﺑﻌﺛﺎت اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ وﻣﯾﺛﺎق ﺳﺎن ﻓراﻧﺳﺳﻛو اﻟذي
أﻧﺷﺄ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺳﻧﺔ .11945
وﺗﻧﺷﺊ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ ﻗواﻋد دوﻟﯾﺔ ﺟدﯾدة ﻣﻘﺑوﻟﺔ ﻣن اﻟدول أو ﺗدون ﻗواﻋد اﺳﺗﻘرت
ﻓﻲ اﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ وﺗﺗﺿﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻧص ﺧﺎص ﯾﺑﯾﺢ اﻻﻧﺿﻣﺎم إﻟﯾﻬﺎ ﻣن ﺟﺎﻧب
اﻟدول ﻏﯾر اﻟﻣوﻗﻌﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﻣﻌﻧﻲ أن ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﺗﻛون ﻣﻔﺗوﺣﺔ ﻟﻠﺗوﻗﯾﻊ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟدول
ﻏﯾر اﻟﻣﻧﺿﻣﺔ إﻟﯾﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﺗﺟري اﻟدول ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟواردة ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات وﺗﻘﺗرن
ﺑوﺟودﻫﺎ وﻣن ﻫﻧﺎ ﺷﺑﻬت ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﺑﺎﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﺑطﺎﻟﺔ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ
اﻋﺗﺑﺎر أﻧﻬﺎ ﺗﻧﺷﻲ ﻗواﻋد ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺗطﺑﯾق ٕواذا ﻛﺎن اﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ ﻫو اﻟﻣﺻدر اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻘواﻋد
- 1د .ﻣﺻطﻔﻲ ﺳﻼﻣﺔ ﺣﺳﯾن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 244
20
اﻟدوﻟﯾﺔ إﻻ اﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن أﺻﺑﺣت اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ أﺳﻠوﺑﺎ
ﺣدﯾﺛﺎ ﻟﻠﺗﺷرﯾﻊ اﻟدوﻟﻲ ﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ وﺑﺎﻟﺗﻧظﯾم.
ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻌرف ﻓﻲ رأي ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻣن أﻫم ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻷﻧﻪ ﯾﻣﺛل ﺟزء
ﻛﺑﯾ ار ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد وﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن ﻣﻌظم أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ
ﺗﻌد ﺗدوﯾﻧﺎ ﻟﻣﺎ اﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻌرف ﻗﺑل إﺑرام ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات.1
وﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺷﺄت ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ ﺑﺳﺑب
ﺗﻛرار أﺗﺑﺎع اﻟدول ﻟﻬﺎ ﺣﺗﻰ اﺳﺗﻘرت واﻋﺗﻘدت اﻟدول أن ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻣﻠزﻣﺔ أي واﺟﺑﻪ اﻹﺗﺑﺎع
وﻻ ﯾﻌﻧﻲ اﻟﺗﻛرار إﺗﺑﺎع اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌرﻓﯾﺔ ﻣرات ﻣﺗﻌددة ٕواﻧﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ إﺗﺑﺎع اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌرﻓﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﯾﻧﻔﻲ
اﻻﺗﺟﺎﻩ إﻟﻲ اﻟﻌدول ﻋﻧﻬﺎ وﺗﺄﻛﯾد اﺳﺗﻘرار اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌرﻓﯾﺔ ٕواذا أﺻﺑﺣت اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌرﻓﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘرة
ﺑﯾن ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟدول ﻓﺈن ﻫذا اﻻﺳﺗﻘرار ﯾﻌد ﺳﺑﺑﺎ ﻛﺎﻓﯾﺎ ﻟﻛﻲ ﺗﻠﺗزم ﺑﻬﺎ ﻛﺎﻓﺔ اﻟدول ﻓﺈذا ﺟرت ﻋﺎدة
دوﻟﺔ ﻋﻠﻰ إﺗﺑﺎع ﺳﻠوك ﻣﻌﯾن ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﻣواﻗف ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺛم أﯾدﻫﺎ ﺳﺎﺋر اﻟدول ﺑطرﯾﻘﺔ أو
ﺑﺄﺧرى ﺻﺎر ﻫذا اﻟﺳﻠوك ﻗﺎﻋدة ﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻛل اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﻟدول اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺟر ﻋﻠﻲ
إﺗﺑﺎﻋﻬﺎ ﺑل واﻟدول اﻟﺟدﯾدة اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺄ ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ ﻓﻠﯾس ﻟدوﻟﺔ أن ﺗرﻓض ﻗﺎﻋدة ﻋرﻓﯾﺔ ﺑﺣﺟﺔ ﻋدم
اﺷﺗراﻛﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻛوﯾﻧﻬﺎ أو ﺑﺎدﻋﺎء أﻧﻬﺎ اﻧﺿﻣت إﻟﻰ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ ﻻ ﺣق ﻟﻧﺷؤ ﻫذﻩ
اﻟﻘﺎﻋدة ذﻟك أن وﺟود اﻟدوﻟﺔ داﺧل اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ أو ﻗﺑوﻟﻬﺎ ﻋﺿوا ﺟدﯾدا ﺑﻬﺎ إﻧﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ
ﻣواﻓﻘﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺗواﺗرة ﺑﯾن ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟذﻟك إذا ﻛﺎن ﻣن ﺣق
اﻟدول اﻟﻣﻐﻠﻘﺔ أي اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗطل ﺣدودﻫﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﺣﺎر ﻣﺛل ﺳوﯾﺳ ار أن ﯾﻛون ﻟﻬﺎ ﻣﻧﺎﻓذ ﻋﺑر
اﻟدول اﻟﻣﺟﺎورة ﺑل وان ﯾﻛون ﻟﻬﺎ ﺳﻔن ﺗﺣﻣل إﻋﻼﻣﻬﺎ ﻓﺎن ﻫذﻩ اﻟدول ﺗﺟد ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻣﻠزﻣﺔ
ﺑﺎﻻﻣﺗﺛﺎل ﻓﻲ أﻋﺎﻟﻲ اﻟﺑﺣﺎر ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﺑﺣر ،رﻏم أﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﺳﻬم ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن أﺣﻛﺎﻣﻪ
وﻛذﻟك ﺗطﺑﯾق ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدول اﻟﺟدﯾدة اﻟﺗﻲ ﺗﺳري ﻓﻲ دوران ﻣواﺟﻬﺗﻬﺎ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ﻛﺎﻓﺔ
1
-د .ﻣﺻطﻔﻲ ﺳﻼﻣﺔ ﺣﺳﯾن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 246
21
اﻟﻘواﻋد اﻟﻌرﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ وﺿﻌﺗﻬﺎ اﻟدول اﻟﻣﺗﻣدﯾﻧﺔ رﻏم أﻧﻪ ﻟم ﯾﻛن ﻟﻬذﻩ اﻟدول أي دور ﻓﻲ إﻧﺷﺎء
اﻟﻛﺛﯾر ﻣﻧﻬﺎ.
-أرﻛﺎن اﻟﻌرف:
ﯾﺷﺗرط ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌرﻓﯾﺔ ﺗواﻓر رﻛﻧﯾن اﻷول ﻣﺎدي واﻵﺧر ﻣﻌﻧوي:
ﻫو ﺗﻛرار إﺗﺑﺎع اﻟدول ﻟﻘﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﺣﻛم ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ وﯾﻠزم أن ﯾﺳﺗﻣر ﻫذا اﻟﺗﻛرار
دون ﺗراﺟﻊ ﻋﻧﻪ ﻟﻣدة طوﯾﻠﺔ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺎﻟﺗﺛﺑت ﻣن اﺳﺗﻘرار ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌرﻓﯾﺔ.
وﯾﺷﺗرط أن ﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد أو اﻟﺳواﺑق ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗﺑﺎدل وﻟﯾس ﻣن ﺟﺎﻧب دوﻟﺔ
واﺣدة وﻟﻬذا ﯾﺟب أﻻ ﺗﻌﺗﺑر ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﺗﻛوﯾن اﻟﻌرف ﺗﺻرﻓﺎ ﻗﺻدت ﺑﻪ دوﻟﺔ ﻣﺟﺎﻣﻠﺔ
دوﻟﺔ أﺧرى ﺗﺣﺳﯾﻧﺎ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط ﺑﯾن اﻟدوﻟﺗﯾن ٕواﻻ ﻧﻌﺗد ﺑﻐﯾر اﻟﺳواﺑق اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣﻧﻬﺎ
اﻋﺗﻘﺎد اﻟدوﻟﺔ أﻧﻬﺎ ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﺎﻟﺗﺻرف ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺻورة ﻛﻣﺎ ﯾﻠزم أن ﯾﻛون ﺗطﺑﯾق اﻟﺳواﺑق ﻋﺎﻣﺎ
ﺑﯾن اﻟدول ﺑﺣﯾث ﺗﻣﺎرﺳﻪ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺄ ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ.1
-اﻟﻌرف اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ:
ٕواذا ﻛﺎن اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﻌرف أن ﯾﻛون ﻋﺎﻟﻣﯾﺎ ﺗﺗﺑﻌﻪ ﻛل اﻟدول إﻻ اﻧﻪ ﻗد ﯾﻧﺷﺄ ﻋرف
إﻗﻠﯾﻣﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﻛرار اﻟﺗﺻرف ﺑﯾن دوﻟﺗﯾن أو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣن اﻟدول ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ
ﺟﻐراﻓﯾﺔ واﺣدة أو ﺗﺻل ﺑﯾﻧﻬﺎ رواﺑط ﺗﺿﺎﻣن وﻣﺻﺎﻟﺢ ﻣﺷﺗرﻛﺔ.2
وﻗد أﺷﺎرت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ إﻟﻲ اﻟﻌرف اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻬﺎ اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ 20
ﻧوﻓﻣﺑر ﺳﻧﺔ 1950وﻫﻲ ﺑﺻدد ﺗﻘرﯾر ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻠﺟوء اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟذي ﻣﻧﺣﺗﻪ ﺳﻔﺎرة
ﻛوﻟوﻣﺑﯾﺎ ﻓﻲ ﺑﯾرو ﻷﺣد رﻋﺎﯾﺎ ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ ﯾﻌﺗﺑر ﺻﺣﯾﺣﺎ أم ﺑﺎطﻼ ﻓﻘد ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أن
1
-ﻣﺻطﻔﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﺣﺳﯾن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 255
2
- guggenheim (p), traitededroit Internatinnal public, 1920,p.21.
22
ﺗﺑت ﻓﻲ ادﻋﺎء ﻛوﻟوﻣﺑﯾﺎ أن ﻣن ﺣﻘﻬﺎ ﻛدوﻟﺔ ﻣﺎﻧﺣﺔ ﻟﺣق اﻟﻠﺟوء وﻓﻘﺎ ﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ أن
ﺗﻛﯾف ﺑﺈرادﺗﻬﺎ اﻟﻣﻧﻔردة طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ارﺗﻛﺑﻬﺎ اﻟﺷﺧص طﺎﻟب اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﻬﺎ )ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أم
ﺟرﯾﻣﺔ ﻋﺎدﯾﺔ( وﻟﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣﻌﺎﻫدة ﻣﻠزﻣﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﻟﻠطرﻓﯾن اﻟﻣﺗﻧﺎزﻋﯾن
ﻓﻘد ﺗﺳﺎءﻟت ﻋن ﻣدى ﺻﺣﺔ ادﻋﺎء ﻛوﻟوﻣﺑﯾﺎ ﺑﺄن ﻫﻧﺎك ﻋرﻓﺎ ﻣﺣﻠﯾﺎ أو إﻗﻠﯾﻣﯾﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ
ﺑﯾن دول أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ وأﺿﺎﻓت أن ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ أن ﺗﺛﺑت أن ﻣﺎ ﺗدﻋﯾﻪ ﯾﺗﻔق وﻋﺎدة
ﻣﺳﺗﻣرة وﻣوﺣدة ﺗطﺑﻘﻬﺎ اﻟدول أطراف اﻟﻧزاع وان ﻫذﻩ اﻟﻌﺎدة ﺗﻣﺛل ﺣﻘﺎ ﻟﻠدوﻟﺔ ﻣﺎﻧﺣﺔ اﻟﻠﺟوء
واﻟﺗزاﻣﺎ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ دول اﻹﻗﻠﯾم.1
ﺛم رأت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﻣﺎ ﻗدﻣﺗﻪ ﻛوﻟﻣﺑﯾﺎ ﻣن أﻣﺛﻠﺔ ﻹﺛﺑﺎت وﺟود ﻗﺎﻧون ﻋرﻓﻲ إﻗﻠﯾﻣﻲ ﺑﯾن
اﻟدول اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻻ ﯾﻌدو أن ﯾﻛون ﺣﺎﻻت ﻓردﯾﺔ ﻟم ﺗرﻗﻲ إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى
اﻹﺣﺳﺎس ﺑﺈﻟزاﻣﻬﺎ ﻣن ﺟﺎﻧب ﺑﺎﻗﻲ دول اﻟﻣﻧظﻣﺔ وﻻ ﯾﻣﻛن ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻘول ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻣﺛل ﻗواﻋد
ﻋرﻓﯾﺔ إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ.
وﯾﺗﺿﺢ ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﺳﺎﺑق أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ وان ﻛﺎﻧت ﻗد رﻓﺿت اﻻﻋﺗراف ﺑوﺟود ﻗﺎﻋدة
ﻋرﻓﯾﺔ إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻣﺣل اﻟﻧزاع إﻻ أﻧﻬﺎ أﻗرت ﻣﺑدأ ﻗﯾﺎم اﻟﻘواﻋد اﻟﻌرﻓﯾﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ إﻟﻰ
ﺟﺎﻧب اﻟﻘواﻋد اﻟﻌرﻓﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ إذا ﺗواﻓر ﻟﻬﺎ رﻛﻧﺎ اﻟﻌرف اﻟﻣﺎدي واﻟﻣﻌﻧوي.2
ﻛذﻟك أﻗرت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ ﺣﻛﻣﻬﺎ اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ 12اﺑرﯾل ﺳﻧﺔ 1960ﺑﺷﺄن ﺣق
اﻟﻣرور ﻓﻲ اﻟﻣﺣﯾط اﻟﻬﻧدي ﺟواز وﺟود ﻋرف ﺑﯾن دوﻟﺗﯾن أو أﻛﺛر إذا ﺛﺑﺎ وﺟود ﻣواﻓﻘﺔ ﺣﺗﻣﯾﺔ
ﻟﻬذﻩ اﻟدول ﻋﻠﻰ إﺗﺑﺎع ﻗواﻋد ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑﺻﻔﺗﻬﺎ ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻬﺎ وﺗﺗﻌدد اﻟﻌواﻣل اﻟﻣﻛوﻧﺔ
ﻟﻠرﻛن اﻟﻣﺎدي ﺑﺗﻌدد اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر ﻋﻧﻬﺎ اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﻣﺗﻛررة إﻻ أﻧﻪ ﻻﺑد أن
ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﺗﺻرﻓﺎت ﺻﺎدرة ﻋن ﻫﯾﺋﺎت رﺳﻣﯾﺔ ﻣﺧﺗﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟدوﻟﻲ أو اﻟﺻﻌﯾد
اﻟداﺧﻠﻲ.
- 1راﺟﻊ ﻓﻲ ذﻟك د .ﺣﺎﻣد ﺳﻠطﺎن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ وﻗت اﻟﺳﻠم ،اﻟﻘﺎﻫرة ، 1976ص . 37وﻛذﻟك .ﻣﻔﯾد
ﺷﻬﺎب اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻘﺎﻫرة 1974 ،ص .86
- 2ﻣﺻطﻔﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﺣﺳﯾن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 257
23
وﻣن أﻣﺛﻠﺔ اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﺻﺎدرة ﻋن ﻫﯾﺋﺎت داﺧﻠﯾﺔ اﻟﻣراﺳﻼت اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ واﻟﺗﻌﻠﯾﻣﺎت
اﻟو ازرﯾﺔ واﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت أﻣﺎ ﻋن اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﺻﺎدرة ﻋن ﻫﯾﺋﺎت دوﻟﯾﺔ ﻓﻣن
أﻣﺛﻠﺗﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﺻدر ﻋن اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟوﻛﺎﻻت اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻣن ﻗ اررات وﻟواﺋﺢ وﺗﻌﻠﯾﻣﺎت
وﻣﺎ ﯾﺻدر ﻋن اﻟﻘﺿﺎء اﻟدوﻟﻲ ﻣن أﺣﻛﺎم أو آراء اﺳﺗﺷﺎرﯾﺔ.1
وﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن ﺗﻛرار اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﯾﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﻷن ﯾﻛون ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺗﻣﺛل
اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌرﻓﯾﺔ وﻗد أﻛدت اﻟﻣﺎدة 36ﻣن ﻣﻌﺎﻫدة ﻓﯾﻧﺎ ﺳﻧﺔ 1969اﻟﺧﺎﺻﺔ
ﺑﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻲ ﺣﯾﻧﻣﺎ أﻋﻠﻧت اﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﻟﺣﻛم وارد ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻫدة ﻣﺎ أن ﯾﻠزم دوﻟﺔ
ﻏﯾر طرف ﻓﯾﻬﺎ وذﻟك ﺑﺻﻔﺗﻪ ﺣﻛﻣﺎ ﻋرﻓﯾﺎ ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ.
وﻗد ﺗﻧﺎوﻟت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻬﺎ اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ 20ﻓﺑراﯾر ﺳﻧﺔ
1969اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻻﻣﺗداد اﻟﻘﺎري ﻟﺑﺣر اﻟﺷﻣﺎل ﻓﻛﺎﻧت ﻫوﻟﻧدا واﻟداﻧﻣرك ﻗد ادﻋﺗﺎ أن إﺗﺑﺎع
ﻗﺎﻋدة اﻟﺧطوط اﻟﻣﺗﺳﺎوﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﻗرﺗﻬﺎ اﻟﻣﺎدة 6ﻣن ﻣﻌﺎﻫدة ﺟﻧﯾف ﺳﻧﺔ 1958ﻟﻘﯾﺎس اﻻﻣﺗداد
اﻟﻘﺎري ﻗد أﺻﺑﺢ ﻣﻧذ ﻫذا اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﻗﺎﻋدة ﻋرﻓﯾﺔ وذﻟك ﺑﺣﻛم ﺗﺄﺛﯾر ﻣﻌﺎﻫدة ﺟﻧﯾف ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ وﻣﺎ
ﺟري ﻋﻠﯾﻪ ﻋﻣل اﻟدول ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧرى وان ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة ﺗﻌد ﻣﻠزﻣﺔ إزاء ﻛﺎﻓﺔ اﻟدول ﺑﻣﺎ
ﻓﯾﻬﺎ ﺟﻣﻬورﯾﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ اﻻﺗﺣﺎدﯾﺔ رﻏم أﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﻛن طرﻓﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻫدة ﺟﻧﯾف.2
وﻗد أﻗرت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻬﺎ ﺟواز ﺗﻛوﯾن ﻋرف دوﻟﻲ ﻋن طرﯾق ﺣﮑم وارد ﻓﻲ
ﻣﻌﺎﻫدة دوﻟﯾﺔ إﻻ أﻧﻬﺎ ﺣرﺻت ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون ﻋﻣل اﻟدوﻟﺔ ﺧﻼل اﻟﻔﺗرة اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ﻹﺑرام اﻟﻣﻌﺎﻫدة
ﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟدول اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﺣﻛم ،ﻣﺗﻌددا وﻣﺗوﺗ ار وﻣﻣﺗدا ،واﻧﻪ ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻫذا اﻟﻌﻣل ﻗد ظﻬر
ﺑﺻورة واﺿﺣﺔ ﺗﺷﻛل اﻋﺗراﻓﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﺑوﺟود ﻗﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﻠزﻣﺔ.
وﺑﺗطﺑﯾق ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻋﻠﻰ اﻟﻧزاع اﻟﻣﻌروض ،وﺑﻔﺣص اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺳﺎرت ﻓﯾﻬﺎ اﻟدول
ﻓﻲ أﻋﻘﺎب ﻣﻌﺎﻫدة ﺟﻧﯾف ﺳﻧﺔ 1958ﻋﻠﻰ إﺗﺑﺎع ﻗﺎﻋدة اﻟﺧطوط اﻟﻣﺗﺳﺎوﯾﺔ اﻧﺗﻬت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
- 1ﻣﺻطﻔﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﺣﺳﯾن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 257
2
- cji. aaffaired uplateau delamerdunord. recueil. 1987.p.44.
24
إﻟﻰ أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﺧﻼص أن اﻟدول اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة ﻛﺎﻧت ﺗﺷﻌر أﻧﻬﺎ ﺑﺻدد ﻗﺎﻋدة
ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻋرﻓﯾﻪ ﻣﻠزﻣﻪ.1
-2اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي:
وﻫو ﺗواﻓر اﻻﻋﺗﻘﺎد ﻟدى اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗطﺑق ﺳواﺑق ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺗﻛرار ،أن ﻫذﻩ
اﻟﺳواﺑق ذات ﻗوة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﻠزﻣﺔ ) (Opinio Jursأو ﺑﻣﻌﻧﻰ آﺧر اﻋﺗﻘﺎد اﻟدول ﺑوﺟوب ﺗطﺑﯾق
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌرﻓﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻹﻟزام اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ وﻫذا اﻻﻋﺗﻘﺎد ﻫو اﻟرﻛن اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ إﻧﺷﺎء
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌرﻓﯾﺔ وﻗد ذﻛرت ذﻟك اﻟﺷرط اﻟﻣﺎدة ) (37ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ .ﺣﯾث
ﻗررت أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗطﺑق اﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ اﻟﻣﻌﺗﺑر ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻗﺎﻧون دل ﻋﻠﯾﺔ ﺗواﺗر اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل .وﻓﻲ
اﺷﺗراط ﻫذﻩ اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻣﺎ ﯾﻣﯾز اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌرﻓﯾﺔ ﻋن اﻟﻘواﻋد اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗﺷﺗﺑﻪ ﺑﻬﺎ
واﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻹﻟزام اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،ﻣﺛل ﻗواﻋد اﻟﻣﺟﺎﻣﻼت اﻟدوﻟﯾﺔ .ﻛﻣﺎ أن ﻋدم ﺗواﻓرﻩ ﯾﺟﻌل
اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣﺟرد ﻋﺎدة ﻻ ﺗﻠﺗزم ﺑﻬﺎ اﻟدول ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ.2
ﯾظﻬر أﺛر اﻟﺧﻼف ﺑﯾن اﻟﻣدرﺳﺗﯾن اﻹرادﯾﺔ واﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﺳﻧد اﻹﻟزام ﺑﺎﻟﻘواﻋد
اﻟﻌرﻓﯾﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدول اﻟﺟدﯾدة اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺷﺗرك ﻓﻲ ﺗﻛوﯾﻧﻪ.
ﻓﯾرى أﻧﺻﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻹرادﯾﺔ أن اﻟﻌرف ﯾﺳﺗﻣد ﻗوﺗﻪ اﻟﻣﻠزﻣﺔ ﻣن رﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ
ﺑﺎﻟﺧﺿوع ﻟﻪ ،وﻫو رﺿﺎء ﺿﻣﻧﻲ أو ﻣﻔﺗرض وﻟﯾس رﺿﺎء ﺻرﯾﺣﺎ ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ
اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻏﯾر أن ﻫؤﻻء اﻟﻔﻘﻬﺎء ﯾﺧﺗﻠﻔون ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد أي اﻟرﻛﻧﯾن اﻟﻣﺎدي أو اﻟﻣﻌﻧوي ﺑﻌد
أﺳﺎس اﻻﻟﺗزام ﻓذﻫب اﻟﺑﻌض إﻟﻰ أن اﻟرﻛن اﻟﻣﺎدي ﻗد ﯾﻛون ﻏﺎﻣﺿﺎ ،وﻛذﻟك ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت
1
-د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .346
2
- Mac Gillon,customary international Law and aquiessence B.y.B 1952. p115.
25
اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻓﯾﻬﺎ اﻟدول ﺑﺗﻛرار اﻟﺗﺻرف ﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻟﻣﺟﺎﻣﻠﺔ ﺑﺣﯾث ﻻ ﺗﻧﺻرف إرادة ﻣن
ﯾﻣﺎرﺳوﻧﻪ إﻟﻰ ﺗﻛوﯾن اﻟﻌرف.1
وﻣن ﺛم ،ﻓﺈن اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺈﻟزام ﻗﺎﻋدة ﺗﻛوﻧت ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺳواﺑق ،وﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺗﺑﺎدل ﻫو وﺣدة
اﻟﻣﻌﯾﺎر ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن اﻟﻌرف .واﻻﻋﺗﻘﺎد ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻧﻔﺳﯾﻪ ،ﯾﻣﻛن اﻹﺣﺳﺎس ﺑﻪ ﻋن طرﯾق إﺗﯾﺎن
ﺑﻌض اﻟدول ﻟﺗﺻرف ﻣﻌﯾن ،وﺗﻘوم اﻟدول اﻷﺧرى ﺑﺈﺗﺑﺎع ذات اﻟﻣﻧﻬﺞ ﻓﻲ اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﻣﻣﺎﺛﻠﺔ
ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻹﻟزام .وﺑذﻟك ﯾﻛون أﺳﺎس اﻟﻌرف وﻓﻘﺎ ﻟﻬذا اﻟرأي وﻫو اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺄن ﺗﺻرﻓﺎت
ﻣﻌﯾﻧﻪ ﺗﻌﺗﺑر ﻣﻠزﻣﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻗﺎﻋدة ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻗد ﺗﻛوﻧت ﺣﻘﯾﻘﺔ أم ﻻ.
ﻓﺎﻻﻋﺗﻘﺎد وﺣدﻩ ﯾﻛﻔﻲ ﻹﻧﺷﺎء اﻟﻘﺎﻧون وﯾذﻫب آﺧرون ،إﻟﻰ أن أﺳﺎس اﻟﺣﻛم اﻟﻌرﻓﻲ ﻫو رﻛﻧﻪ
اﻟﻣﺎدي اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻛرار اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻟﻔﺗرة طوﯾﻠﺔ اﻟﺑﻌض اﻟﺗﺻرﻓﺎت دون وﺟود اﺣﺗﺟﺎج ﻋﻠﻰ
ﻫذﻩ اﻟﺗﺻرﻓﺎت ﻣﻣﺎ ﯾﻧﺷﺊ ﻣواﻓﻘﺔ ﺿﻣﻧﯾﺔ ﻋﻧد ﻣن ارﺗﺑطوا ﺑﻬﺎ ،اﻋﺗﻘﺎدا ﻣﻧﻬم ﺑﺄن ﻫذﻩ
اﻟﺗﺻرﻓﺎت ﻗد أﺻﺑﺣت ﻣﻠزﻣﺔ ورﻏم اﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن أﻧﺻﺎر اﻟﻣذﻫب اﻹرادي ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ﻋﻧﺻر
أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻌرف إﻻ أﻧﻬﻣﺎ ﯾﺗﻔﻘﺎن ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣواﻓﻘﺔ اﻟﺿﻣﻧﯾﺔ أﺳﺎس اﻻﻟﺗزام.2
أﻣﺎ أﻧﺻﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻓﺄﻧﻬم ﯾذﻫﺑون إﻟﻰ أن أﺳﺎس اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌرﻓﯾﺔ
ﯾﺧرج ﻋن ﻧطﺎق إرادات اﻟدول وﯾﺳﻣو ﻋﻠﯾﻬﺎ .ﻻن اﻟﻌرف ﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻻﻗﺗﻧﺎع اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺑوﺟود
أﺣﻛﺎم ﻣﻠزﻣﺔ ﻻ دﺧل ﻓﻲ وﺟودﻫﺎ ﻓﻲ إرادة ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻛﺎﻧت أو ﺿﻣﻧﯾﺔ أو ﻣﻔﺗرﺿﺔ واﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ
ذﻟك أن اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌرﻓﯾﺔ ﻗد ﺗﺳري ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ دول ﻟم ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ إﻧﺷﺎﺋﻬﺎ أو دول ﻧﺷﺄت ﺑﻌد
اﺳﺗﻘرار ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة ،أي ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻧﺳب إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺿوع ﻟﻬﺎ وﯾﺳﻠم اﻟﻔﻘﻪ
اﻟدوﻟﻲ ﺑﺄن اﻟدول اﻟﺟدﯾدة ﺗﻠﺗزم ﺑﺎﺣﺗرام ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌرﻓﯾﺔ.
- 1ﻣﺻطﻔﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﺣﺳﯾن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 259
- 2د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .346
26
ﺗﺗﻣﯾز ﻗواﻋد اﻟﻌرف ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻧﺷﺄ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وﻫﻲ ﻗواﻋد ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺗطﺑﯾق ،أي
أﻧﻬﺎ ﺗﻠزم ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟدول اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻠزم إﻻ
أطراﻓﻬﺎ ،وﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء ﺑﻌﺿﻬﺎ وﻫﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ .ﻛﻣﺎ ﺗﺗﻣﯾز اﻟﻘواﻋد
اﻟﻌرﻓﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣروﻧﺔ وﻗﺎﺑﻠﯾﺗﻬﺎ ﻟﻠﺗطور ﻣﻊ ظروف اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ وان ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺗطور ﻻ ﯾﺗم
ﺑﺎﻟﺳرﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗطور ﺑﻬﺎ اﻷﺣداث اﻟدوﻟﯾﺔ.
ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣن اﻟﺻﻌب ﺗﺣدﯾد أﺣﻛﺎم اﻟﻘواﻋد اﻟﻌرﻓﯾﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﻧﺻوص
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدات .وﻣن ﻫﻧﺎ ﺗﻧﺷﺄ اﻟﺧﻼﻓﺎت ﺑﯾن اﻟدول ﺣول ﺗطﺑﯾق اﻟﻘواﻋد اﻟﻌرﻓﯾﺔ وﯾظﻬر
ﻫﻧﺎ دور اﻟﻌرف واﻟﻘﺿﺎء اﻟدوﻟﻲ ﺣﯾث ﯾﻘوﻣﺎن ﺑﺎﻟﻛﺷف ﻋن ﻗواﻋد اﻟﻌرﻓﯾﺔ وﺗﺣدﯾدﻫﺎ.1
ﺗﺿﻣﻧت اﻟﻣﺎدة 38ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺑﺎدئ
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ أﻗرﺗﻬﺎ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﻣدﯾﻧﺔ ﻛﻣﺻدر ﺛﺎﻟث ﺗطﺑﻘﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ
ﯾﻌرض ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻣﻧﺎزﻋﺎت وﯾرﺟﻊ اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﻣﺻدر ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ
إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻣﻌﺎﻫدات واﻟﻌرف ،اﺣﺗﻣﺎل ﻧﺷوء ﻣﻧﺎزﻋﺎت دوﻟﯾﺔ ﻻ ﺗﺟد ﻟﻬﺎ ﺣﻠوﻻ ﻓﻲ ﻫذﯾن
اﻟﻣﺻدرﯾن.
ﯾذﻫب ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻟﻰ أن اﻟﻣﻘﺻود ﺑﻬﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﻘررﻫﺎ اﻟﻧظم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم إذ أن ﻫذﻩ اﻟﻧظم ﻗد ﺗؤدي إﻟﻰ وﺟود ﺑﻌض اﻟﻣﺑﺎدئ
اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻣﺛل ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ أو اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ أو ﻣﺑدأ ﻋدم اﻟﺗﻌﺳف
ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺣق.2
1
-د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .345
2
-ﻣﺻطﻔﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﺣﺳﯾن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 262
27
وﯾرى ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء أن اﻷﺻل ﻓﻲ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎﻣﺔ أن ﺗطﺑق ﻓﻲ داﺋرة اﻟﻘﺎﻧون
اﻟداﺧﻠﻲ إﻻ اﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺄ ﺑﯾن اﻟدول إذا ﻟم ﯾﻛن ﻫﻧﺎك
ﻗﺎﻋدة أﺧرى ﻣﻘررﻩ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻫدة أو ﻋرف وﯾﺷﺗرط ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟداﺧﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾراد ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ
ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ أن ﺗﻛون ﻣﺗﺳﻘﺔ ﻣﻊ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم وﻣﺗﻔﻘﺔ ﻣﻊ ﻧظﺎم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
اﻟدوﻟﻲ وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻣﺑدأ ﻋدم ﺟواز اﻻﻟﺗﺟﺎء ﻟﻠﻘوﻩ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﺑﯾد أن ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ
ﯾﻛون ﻣﺷروﻋﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ.
وﻫﻧﺎك اﺗﺟﺎﻩ ﯾري أن اﻟﻣﻘﺻود ﺑﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫو اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ
واﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء 1وﻟﻛن ﻫذا اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻻ ﯾﺗﻔق ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾﺗﺟﻪ إﻟﯾﻪ
واﺿﻌﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة /38ج.
وﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟدوﻟﻲ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾطﺑق ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ ﻓﺎن ﻫذا ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﺗطﺑﯾﻘﺎ
ﻣﺑﺎﺷ ار ﻟﻘﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ داﺧﻠﯾﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﻫو اﺳﺗﺧﻼص ﻟﻸﻓﻛﺎر اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻬﯾﻣن ﻋﻠﻰ
اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠدول وﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺎزﻋﺎت دوﻟﯾﺔ ﺗﺷﺑﻪ إﻟﻰ ﺣد ﻛﺑﯾر ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﺛور
ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟداﺧﻠﻲ.2
-اﻟﻣﺻﺎدر اﻻﺣﺗﯾﺎطﯾﺔ:
وﻫﻲ اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺗﻲ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟدوﻟﻲ ﻟﻼﺳﺗرﺷﺎد ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ﺣﻛﻣﺔ دون أن
ﯾﻛون ﻟﻪ ﺣق اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻛﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس ﻫذا اﻟﺣﻛم ﻓﻬﻲ ﻣﺻﺎدر ﺗﺳﺎﻋد ﻓﻲ اﻟﺗﻌرف
ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﺗﺣدﯾدﻫﺎ وﺗﺄﻛﯾد أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ دون أن ﺗﻌﺗﺑر ﻣﺻد ار ﻣﺑﺎﺷ ار ﻟﻬذﻩ اﻟﻘواﻋد.
'.
1
- Rousean(sh) op. cit. p.379 ets.
2
-راﺟﻊ :د .ﻣﻔﯾد ﺷﻬﺎب ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص.79
28
-1أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم(La Jurisprudena) :
ﻻ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻘﺿﺎء اﻟدوﻟﻲ ﻣﺻد ار أﺻﻠﯾﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم اذ اﻧﻪ ﻻ ﯾﺧﻠق ﻗواﻋد
ﺟدﯾدة ﻻن ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻘﺎﺋم ﻛﻣﺎ أن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ
ﻣﻧﺎزﻋﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻻ ﺗرﺗب آﺛﺎ ار إﻻ ﺑﯾن أطراﻓﻬﺎ.
وﻣﻊ أن اﻟﺳواﺑق اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﻠزﻣﺔ إﻻ اﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﻣﻛن اﻟرﺟوع إﻟﯾﻬﺎ
ﻟﻼﺳﺗدﻻل ﻋﻠﻰ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻘﺎﺋم واﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت أو ﺗﻔﺳﯾر ﻫذﻩ اﻟﻧﺻوص
ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﻋﻣوﻣﯾﺔ ﻧص اﻟﻣﺎدة 38ﺷﻣوﻟﻬﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟوطﻧﯾﺔ وﻟﻛن ﻫذﻩ اﻷﺣﻛﺎم
ﻟﯾﺳت ﻟﻬﺎ ﺣﺟﯾﺔ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟدوﻟﯾﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﻗد ﺗﺳﺎﻋد ﻓﻘط ﻓﻲ إﺛﺑﺎت ﻗﺎﻋدة ﻋرﻓﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﻪ
ﻓﺿﻼ ﻋن أن ﻫذﻩ اﻷﺣﻛﺎم ﺗﻌد ﻛﻌﻧﺻر ﻣن ﻋﻧﺎﺻر ﺗﻛوﯾن اﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ ﺑﻌض
اﻷﺣﯾﺎن.1
ﺗﺿﻣﻧت اﻟﻣﺎدة /38د ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣذاﻫب
ﻛﺑﺎر اﻟﻣؤﻟﻔﯾن ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻣم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻣﺻد ار اﺳﺗدﻻﻟﯾﺎ وﻗد ﻗﺎم
اﻟﻔﻘﻪ ﺑدور ﻫﺎم ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻟﻠﻛﺷف ﻋن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم وﺗﻔﺳﯾر ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻘواﻋد
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻗواﻋدﻩ اﻟﻌرﻓﯾﺔ وﻟﻛن دور اﻟﻔﻘﻪ اﻧﻛﻣش ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ
ﻟﺗدوﯾن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ واﺳﺗﻘرارﻫﺎ وﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﻟﻲ ﺗﻌد اﻵراء اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ
ﻣﺟرد ﻋواﻣل ﯾﺗم اﻻﺳﺗرﺷﺎد ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ دون أن ﯾﻛون ﻟﻬﺎ أي دﺧل ﻓﻲ
ﺗﻛوﯾﻧﻬﺎ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﺷﺄن ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﺻﺎدر اﻻﺣﺗﯾﺎطﯾﺔ.
- 1د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .356
29
-3ﻗواﻋد اﻟﻌداﻟﺔ(Equite) :
أن ﻓﻛرة اﻟﻌداﻟﺔ ﻣن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﻣﻛن ﺗﺣدﯾدﻫﺎ ﺣﺗﻰ اﻵن ﺑطرﯾﻘﺔ واﺿﺣﺔ وذﻟك ﻷن
اﻟﻔﻘﻬﺎء ﯾرﺑطون ﺑﯾﻧﻬﺎ وﺑﯾن ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎﻣﺔ أو ﻣﺑدأ ﺣﺳن اﻟﻧﯾﺔ وﯾرى ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء
وﺟوب اﻟﻠﺟوء إﻟﻲ ﻗواﻋد اﻟﻌداﻟﺔ ﻟﺗﻛﻣﻠﺔ ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم وأﺷﺎر ﻫؤﻻء اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻟﻰ
ﻋدة أﺣﻛﺎم ﺻدرت ﻣن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟداﺋﻣﺔ ﺗؤﯾد رأﯾﻬم وﺧﺎﺻﺔ ﺣﻛﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ
ﺷرﻛﺔ اﻟﻣﻼﺣﺔ اﻟﻧروﯾﺟﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1922اﻟﺗﻲ ﻗررت اﻧﻪ ﯾﺟب اﻟﺣﻛم وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌداﻟﺔ ﻋﻧد
اﻧﻌدام اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ.1
ﻛﻣﺎ ﺧوﻟت اﻟﻣﺎدة 2/37ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌدل
واﻹﻧﺻﺎف Exaqew et bonoﺑﺷرط ﻣواﻓﻘﺔ أطراف اﻟدﻋوي ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ
أن ﺗﻠﺟﺄ ﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌدل واﻹﻧﺻﺎف ﻟﺗﺳﺗﻣد ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻣﺎ ﻟم ﺗﻣﻧﺣﻬﺎ اﻟدول اﻟﻣﺗﻧﺎزﻋﺔ
ﻫذا اﻟﺣق .وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﻟﻬﺎ ﺑطرح ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون ﺟﺎﻧﺑﺎ واﻟﺣﻛم وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﺗراﻩ ﻋﺎدﻻ
وﻣﻧﺎﺳﺑﺎ.
1
-د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .356
30
أﺷﺧﺎص اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم
- 3ﻧﺷﺄة اﻟدوﻟﺔ.
31
ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ:
اﻟﺷﺧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻫو ﻛل ﻓرد أو ﻫﯾﺋﺔ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﻓﻲ ظل ﻧظﺎم ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻣﻌﯾن ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
اﻟﺣﻘوق واﻻﻟﺗزاﻣﺎت أﻣﺎ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻬﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺑﯾن وﺣدة ﻣﻌﯾﻧﺔ
وﻧظﺎم ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻣﺣدد.
ﻓﺎﻟﻔرد ﯾﻌد ﺷﺧﺻﺎ ﻓﻲ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻷﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﺧﺎطﺑﯾن ﺑﺄﺣﻛﺎم ﻫذﻩ
اﻟﻘواﻧﯾن وﻟﻛﻧﻪ ﻻ ﯾﻌد ﺷﺧﺻﺎ ﻣن أﺷﺧﺎص اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻷﻧﻪ ﻏﯾر ﻣﺧﺎطب أﺣﻛﺎم ﻫذا
اﻟﻘﺎﻧون وﺗﻌد اﻟدوﻟﺔ ﺷﺧﺻﺎ ﻓﻲ ﻛل ﻣن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن اﻟداﺧﻠﻲ واﻟدوﻟﻲ وان اﺧﺗﻠف ﻣرﻛزﻫﺎ ﻓﻲ ﻛل
ﻣن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﺣﻘوق واﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﺑﻬﺎ ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻟﻠدوﻟﺔ ،وﯾﺗطﻠب اﻟﻧظﺎم
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟدوﻟﻲ اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟوﺣدة أو ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺗواﻓر ﺷرطﯾن:1
-1ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن إرادة ذاﺗﯾﻪ ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻛﻣﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم أي
ﺗﻛون ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ إﻧﺷﺎء ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ دوﻟﯾﺔ.
-2أﻫﻠﯾﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺑﻌض اﻟﺣﻘوق أو اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ
اﻟﻌﺎم ،وﻣﺛﺎل ذﻟك ﺣق إﺑرام اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ ٕوارﺳﺎل واﺳﺗﻘﺑﺎل اﻟﻣﺑﻌوﺛﯾن اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﯾن
وﺗطﺑﯾق ﻗواﻋد اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ.
ﺗﻌﺗﺑر اﻟدول ﻫﻲ اﻷﺷﺧﺎص اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم وﻣن ﺛم ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺣﻘوق
واﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﺑﻬﺎ ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﻛون أﺷﺧﺎﺻﺎ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ دوﻟﯾﺔ أﻣﺎ اﻷﻓراد
واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑرون أﺷﺧﺎﺻﺎ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ دوﻟﯾﺔ وﻟم ﯾﻛن ﻣﻌﺗرﻓﺎ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ إﻻ ﻟﻠدول
اﻷوروﺑﯾﺔ اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ ،ﺣﺗﻰ اﺗﺳﻊ ﻧطﺎق أﺷﺧﺎص اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﺑﺎﻧﺿﻣﺎم اﻟدول
اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ واﻷﺳﯾوﯾﺔ واﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ إﻟﻰ اﻷﺳرة اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث أﺻﺑﺣت اﻟدول اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋﺎﻣﺔ
32
أﺷﺧﺎﺻﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﺗﻘوم ﺑوﺿﻊ وﺗطﺑﯾق ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻏﯾر أن ﻫﻧﺎك ﺑﻌض اﻟوﺣدات
اﻟﺗﻲ اﺧﺗﻠف اﻟﻔﻘﻪ ﺣول ﺗﻣﺗﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وﻣﻧﻬﺎ اﻷﻣم واﻟﻛﻧﯾﺳﺔ اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾﻛﯾﺔ واﻟدوﻟﺔ
اﻟﺑﺎﺑوﯾﺔ.1
ﺗﺗﺷﻛل اﻷﻣم ﻣن ﺟﻣﻊ ﻣن اﻟﻧﺎس ﺗﺟﻣﻌﻬم رواﺑط ﻣﺷﺗرﮐﻪ ﻣن وﺣدة اﻟدم واﻟدﯾن واﻟﻠﻐﺔ
واﻟﻌﺎدات واﻷﻣﺎﻧﻲ .وﻫذﻩ اﻟﻌواﻣل ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺟﻌل ﻟﻬم ﻛﯾﺎﻧﺎ ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ
اﻟدوﻟﯾﺔ.
وﺗﺧﺗﻠف اﻷﻣﺔ ﻋن اﻟﻛوﻟﺔ ،ﻓﻔﻲ ﺣﯾن ﺗﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ ﺗﻧظﯾﻣﺎ ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ وﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ وﺿﻌﯾﺎ ،ﻓﺈن
اﻷﻣﺔ ﻻ ﺗﻌدو أن ﺗﻛون ﻣﺟرد ﺣﻘﯾﻘﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﻣﺛل ﺟﻣﺎﻋﻪ ﺑﺷرﯾﻪ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﻔﺿل ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ
اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﻧوع ﻣن اﻟﺗﺟﺎﻧس واﻟذاﺗﯾﺔ.
وﻗد ﻧﺎدى ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء أﻣﺛﺎل ﻣﺎﻧﺷﯾﻧﻲ اﻹﯾطﺎﻟﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻷﻣم وﺣدﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﺻدق
ﻋﻠﯾﻬﺎ وﺻف اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ .ذﻟك ﻷن اﻷﻣم ﻣن ﺻﻧﻊ اﷲ ،ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟدول ﮐﯾﺎﻧﺎت
ﻣﺻطﻧﻌﺔ ﻣن ﺻﻧﻊ اﻟﺑﺷر ،وﺗرﺗﯾﺑﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺈن ﻣن ﺣق ﻛل أﻣﻪ ﺗﻌﯾش ﻓﻲ إﻗﻠﯾم ﻣﻌﯾن أن
ﺗﺣﻛم ﻧﻔﺳﻬﺎ ذاﺗﯾﺎ وأن ﺗﺗﺣول إﻟﻰ دوﻟﺔ ،وﻛل دوﻟﺔ ﻻ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﺗﻌﺗﺑر ﻣﻌﺗدﯾﺔ
وظﺎﻟﻣﻪ.2
ٕواذا ﻛﺎن ﻫذا اﻟرأي ﯾﺗﻔق ﻣﻊ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ إﻻ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺗﻔق ﻣﻊ اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﻌﻣول
ﺑﻬﺎ ﺣﯾث ﻧﺟد أن أﻣﺔ واﺣدﻩ ﻣﻘﺳﻣﻪ ﺑﯾن ﻋدة دول ﻣﺛل اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،أو اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك
دوﻟﻪ واﺣدﻩ ﺗﺿم ﻋدة ﻗوﻣﯾﺎت ﻣﺛل ﺳوﯾﺳ ار أو اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة واﻟﻌراق وﯾوﻏوﺳﻼﻓﯾﺎ.
وﺑﺗطﺑﯾق ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻷم ،ﻧﺟد أﻧﻪ ﻻ ﯾﺳﺑﻎ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺻﻔﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ
ﻻن اﻷﻣم ﻟﯾس ﻟدﯾﻬﺎ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ إﻧﺷﺎء اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ.
1
-د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .368
2
-د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .369
33
وﻛذﻟك ﻟﯾس ﻟﻸﻣم اﻷﻫﻠﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻷن أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻻ ﺗﺧﺎطﺑﻬﺎ ﻋن
طرﯾق دوﻟﻬﺎ .ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﺎن اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﻋﻘﺑت اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﺗﻠزم ﺑﻌض
أطراﻓﻬﺎ ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﻗﻠﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌﯾش ﻋﻠﻰ أرﺿﻬﺎ .وﻫذا اﻹﻟزام ﺗﺗﺣﻣﻠﻪ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ
اﻟدول اﻷﺧرى اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﻣﻌﻬﺎ .وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺎﻟﺧطﺎب ﻣوﺟﻪ ﻫﻧﺎ ﻟﻠدول وﻟﯾس ﻣوﺟﺑﻬﺎ ﻟﻸﻗﻠﯾﺎت.
وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك .ﯾﻣﻛن أن ﻧﻘرر أن اﻷﻣم ﻻ ﯾﺟﺗﻣﻊ ﻟﻬﺎ وﺻﻔﻲ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ إﻧﺷﺎء ﻗواﻋد
ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وﺗﻣﺗﻌﻬﺎ ﺑﺎﻷﻫﻠﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﻣن ﺛم ﻓﺄﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ.1
ﺗﺗﻣﯾز اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾﻛﯾﺔ ﻣﻧذ ﻗدﯾم اﻟزﻣﺎن ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻛﺎن ﺗطﺑﯾق ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون
ﻗﺎﺻ ار ﻋﻠﻰ ﻧطﺎق أوروﺑﺎ اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾﻛﯾﺔ.
وذﻫب ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻟﻰ اﻻﻋﺗراف ﻟﻠﻛﻧﯾﺳﺔ اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾﻛﯾﺔ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس
اﻟﻧﺷﺎط ،اﻟذي ﺗﺑﺎﺷرﻩ ﻓﻲ ﻛل دوﻟﺔ ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻧظﺎﻣﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟداﺧﻠﻲ .وﻣﺛل ﻫذا
اﻟﻘول ﯾﺟﺎﻧﺑﻪ اﻟﺻواب ﻷن ﻟﻠﻛﻧﯾﺳﺔ اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾﻛﯾﺔ ﻻ ﺗزاول وﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث
إﻻ ﻧﺷﺎطﺎ دﯾﻧﯾﺎ ﺑﺣﺗﺎ ،ﻓﻘد ﺗﺑرم ﻣﻊ اﻟدول اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﺎت ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺗﻧظﯾم اﻟﺷﺋون اﻟدﯾﻧﯾﺔ ،دون
ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻷﻧﺷطﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ.2
وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ،ﻓﻼ ﯾﻣﻛن اﻻﻋﺗراف ﻟﻠﻛﻧﯾﺳﺔ اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾﻛﯾﺔ ﺑﺎﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ إﻧﺷﺎء اﻟﻘواﻋد
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺑل أن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻻ ﺷﺄن ﻟﻪ ﺑﻬذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻘدﻫﺎ اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ ﻣﻊ اﻟدول ﻛﻣﺎ
ﻻ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻷﻫﻠﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،وﻣن ﺛم ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌد ﺷﺧﺻﺎ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ.
1
-د .اﺑراﻫﯾم ﻣﺣﻣد اﻟﻌﻧﺎﻧﻲ ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .339
- 2د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .370
34
ﺛﺎﻟﺛﺎ :اﻟدوﻟﺔ اﻟﺑﺎﺑوﯾﺔ
ﻛﺎﻧت اﻟدوﻟﺔ اﻟﺑﺎﺑوﯾﺔ دوﻟﺔ ﻗﺎﺋﻣﻪ وﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺣﺗﻰ ﺳﻧﺔ ،1870وﻛﺎن ﯾرأﺳﻬﺎ اﻟﺑﺎﺑﺎ ،وﻛﺎن
ﻟدى ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ إﻧﺷﺎء اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻷﻫﻠﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﻣﺎ أﻛﺳﺑﻬﺎ
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ .وﻛﺎن اﻟﺑﺎﺑﺎ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت .رﺋﯾﺳﺎ ﻟﻠﻛﻧﯾﺳﺔ اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾﻛﯾﺔ ،إﻻ أﻧﻪ ﯾﺟب
اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﯾﺑﺎﺷرﻫﺎ ﺑوﺻﻔﻪ رﺋﯾﺳﺎ ﻟﻠﻛﻧﯾﺳﺔ اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾﻛﯾﺔ وﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﯾﺑﺎﺷرﻫﺎ
ﺑوﺻﻔﻪ رﺋﯾﺳﺎ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﺑﺎﺑوﯾﺔ ،ﻓﻘد ﻏزت اﻟﺟﯾوش اﻻﯾطﺎﻟﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1870إﻗﻠﯾم ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ
واﺣﺗﻠت ﻋﺎﺻﻣﺗﻬﺎ روﻣﺎ وأﻋﻠﻧت ﺿﻣﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻣﻠﻛﺔ اﯾطﺎﻟﯾﺎ.
وﺑزوال اﻟدوﻟﺔ اﻟﺑﺎﺑوﯾﺔ زال ﻋﻧﻬﺎ وﺻف اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ .إﻻ اﻧﻪ ﻣﻊ ذﻟك ،ﺻدر ﻓﻲ
اﯾطﺎﻟﯾﺎ ﻓﻲ 13ﻣﺎﯾو ﺳﻧﺔ 1871ﻗﺎﻧون ﻟﻠﺿﻣﺎن ،ﻣؤدي ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﻟﻠﺑﺎﺑﺎ ﺑﺑﻌض
اﻟﻣزاﯾﺎ ﻣﺛل ﺳﯾطرﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟﻘﺻور اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ،وان ذاﺗﻪ ﻣﺻوﻧﺔ ﻻ ﺗﻣس ،واﻋﺗرف ﺑﺣﻘﻪ
ﻓﻲ ﺗﺑﺎدل اﻟﻣﺑﻌوﺛﯾن اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﯾن ﻣﻊ اﻟدول اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ.1
واﻟواﻗﻊ أن اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﻠﺑﺎﺑﺎ ﻟم ﺗﻛن ﺗﺳﺗﻣد ﻣﺻدرﻫﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺿﻣﺎن اﻟذي
أﺻدرﺗﻪ اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻹﯾطﺎﻟﯾﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ اﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ اﻟذي أﻋطﻰ اﻟﺑﺎﺑﺎ ﺑﺻﻔﺗﻪ
رﺋﯾﺳﺎ ﻟﻠﻛﻧﯾﺳﺔ اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾﻛﯾﺔ ﺑﻌض اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣﺛل ﺗﺑﺎدل اﻟﻣﺑﻌوﺛﯾن أو ﻋﻘد
اﻟﻣﻌﺎﻫدات وﯾﺑﺎﺷر ﻫذﻩ اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺑﻘﺻد رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟدﯾﻧﯾﺔ اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾﻛﯾﺔ.2
1
- nguyen quoc dinh (etautres)droit internationaldupuc op cit. p. 375.
2
-د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .371
35
اﻟداﺋم اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ وان ذﻫب ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻟﻲ ﻋدم اﻻﻋﺗراف ﻟﻬﺎ
ﺑوﺻف اﻟدوﻟﺔ ﻷﻧﻪ ﻻ ﺗﺗواﻓر ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﺗطﻠﺑﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ.1
وﻗد أﻋﻠن اﻟﺑﺎﺑﺎ ﺧﻼل اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺣﯾﺎد دوﻟﺗﻪ وﺿرورة ﻋدم اﻹﺧﻼل ﺑﻪ إﻻ أن
أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ واﯾطﺎﻟﯾﺎ ﻟم ﯾﺣﺗرﻣﺎ ﺣﯾﺎد ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ وﻟم ﯾﺗﻐﯾر وﺿﻊ اﻟﺑﺎﺑﺎ ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ،
وأﻛد دﺳﺗور اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻹﯾطﺎﻟﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1948اﺣﺗرام ﻣﻌﺎﻫدة ﻻﺗران وﻟم ﯾﺷﺗرك اﻟﺑﺎﺑﺎ ﻓﻲ
ﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ أﻋﻘﺑت اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ وﻟم ﯾﺷﺗرك ﻓﻲ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة .وﻗد اﻧﺗﻘد
ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء أن ﯾظل وﺿﻊ اﻟﻔﺎﺗﯾﻛﺎن ﻣﺣﻛوﻣﺎ ﺑﺎﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻣﻊ اﯾطﺎﻟﯾﺎ وﺣدﻫﺎ وذﻫﺑوا إﻟﻲ أﻧﻪ ﻛﺎن
ﻣن اﻷﻓﺿل أن ﯾدﺧل ﺗﻧظﯾم ﻫذا اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺿﻣن اﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻊ اﯾطﺎﻟﯾﺎ.
ﺳوف ﻧﻘوم ﺑدارﺳﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن ﻣوﺿﻊ اﻟدراﺳﺔ ﻫو
ﻋﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻣﺟﺎل اﻟﺧﺎرﺟﻲ دون اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻧواﺣﻲ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻻن ذﻟك ﻣﺣل ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون
اﻟدﺳﺗوري واﻹداري وﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟداﺧﻠﯾﺔ وﻣن ﺛم ﻓﺎن ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﺗﻘﺗﺿﻲ ﺗﺣدﯾد
ﻣﻌﻧﻲ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ واﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻬﺎ وﻛﯾﻔﯾﺔ ﻧﺷوﺋﻬﺎ واﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﺗﻲ
ﺗﻣﺎرﺳﻬﺎ طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ.
ﻋﻧﺎﺻر اﻟدوﻟﺔ
ﯾﻣﻛن ﺗﻌرﯾف اﻟدوﻟﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻓراد ﺗﻘﯾم ﺑﺻﻔﺔ داﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم ﻣﻌﯾن
وﺗﺧﺿﻊ ﻟﺳﯾطرة ﺳﻠطﺔ ﺣﺎﻛﻣﺔ ذات ﺳﯾﺎدة وﻣن ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﯾﺗﺿﺢ أن ﻋﻧﺎﺻر اﻟدوﻟﺔ ﺛﻼث
اﻟﺷﻌب واﻹﻗﻠﯾم واﻟﺳﯾﺎدة.
ﺷﻌب اﻟدوﻟﺔ ﻫو ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷﻓراد اﻟذﯾن ﯾرﺗﺑطون ﺑدوﻟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ وﯾﻘﯾﻣون ﺑﺻﻔﺔ داﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ
إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ وﯾﺧﺿﻌون ﻟﺳﻠطﺗﻬﺎ وﻻ ﯾؤﺛر ﺗﻌداد أﻓراد اﻟﺷﻌب ﻓﻲ اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ ﺳواء ﻗدر
36
ﺳﻛﺎﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﻼﯾﯾن أو اﻵﻻف أي أن ﺗﻛوﯾن اﻟدوﻟﺔ ﻻ ﯾﺗوﻗف طﺎﻟﻣﺎ اﻋﺗرف ﺑﺎﻟدوﻟﺔ ﻛﻌﺿو ﻓﻲ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺗواﻓر ﺣﺟم ﻣﻌﯾن ﻣن اﻟﺳﻛﺎن اﻟدوﻟﻲ.1
وﻗد ﯾرﺗﺑط اﻓراد اﻟﺷﻌب ﺑراﺑطﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ وﺣدة اﻷﺻل أو اﻟﻠﻐﺔ أو اﻟﺗﺎرﯾﺦ
اﻟﻣﺷﺗرك ﻓﯾﻛوﻧون أﻣﺔ واﺣدة وﻟﻛن ﻗد ﯾﺣدث اﻟﻌﻛس ﺑﺄن ﺗﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ ﻣن ﻋدة ﻗوﻣﯾﺎت،
وﯾرﺗﺑط أﻓراد اﻟﺷﻌب ﺑراﺑطﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻫﻲ راﺑطﺔ اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ وﻫﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط
ﻣواطﻧﻲ دوﻟﺔ ﻣﺎ ﺑﺗﻠك اﻟدوﻟﺔ ،وﻋﻠﻰ أﺳﺎس راﺑطﺔ اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ ﯾﺗﻣﺗﻊ اﻟﻣواطﻧون ﺑﺣﻘوق وﯾﻠﺗزﻣون
ﺑواﺟﺑﺎت ﻣن ذﻟك اﻟﺣﻘوق اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻓﺄﻧﻬﺎ ﻗﺎﺻرة ﻋﻠﻰ اﻟوطﻧﯾﯾن
دون اﻷﺟﺎﻧب ،ﻛذﻟك ﺗﻘوم ﻛل دوﻟﺔ ﺑﺗﺣدﯾد ﺷروط اﻛﺗﺳﺎب ﺟﻧﺳﯾﺗﻬﺎ وﻓﻘدﻫﺎ وﺗﻠﺗزم ﺑﺎﺣﺗرام
اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣﻠزم ﻟﻬﺎ.
-ﻣﺑدأ اﻟﻘوﻣﯾﺎت:
ﻗد ﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ ﻣن أﻣﺔ واﺣدة أو ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ ﻗوﻣﯾﺎت ﻣﺗﻌددة،
وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺎن ﻫذا اﻟﺗﻌدد ﻻ ﯾﻣس وﺣدة اﻟدوﻟﺔ وﻻ ﯾؤﺛر ﻓﻲ ﻧظرة اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ إﻟﯾﻬﺎ ،وﻟﻘد
ﻧﺎدي اﻟﻌﺎﻟم اﻻﯾطﺎﻟﻲ ﻣﺎﻧﺷﯾﻧﻲ ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1861ﺑﺣق ﻛل ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻗوﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن دوﻟﺔ وﻗد
ﻻﻗﻲ ﻫذا اﻟﻣذﻫب ﻧﺟﺎﺣﺎ ﻓﻲ أواﺧر اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر وأواﺋل اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ،وادي ﺗطﺑﯾﻘﻪ
إﻟﻰ ﺗﺣرﯾر ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻣم ﻛﺎﻧت ﺗﺣت ﺣﻛم دول ﻻ ﺗرﺑطﻬﺎ ﺑﻬﺎ أي راﺑطﺔ ﻗوﻣﯾﺔ ،ﻣﺛل
اﻟﯾوﻧﺎن وروﻣﺎﻧﯾﺎ وﺑﻠﻐﺎرﯾﺎ واﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺗدرﯾﺟﯾﺎ ،وﻣﻊ أن ﻣﻌظم اﻟدول اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻲ
أﺳﺎس ﻗوﻣﻲ إﻻ اﻧﻪ ﯾﺟب ﻋدم اﻟﻣﻐﺎﻻة ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر أﻫﻣﯾﺔ اﻟراﺑطﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن اﻟدول ﻻن
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻻ ﯾزال ﯾﻘرر إﻣﻛﺎن ﻗﯾﺎم اﻟدوﻟﺔ وﻟو ﻛﺎن ﺷﻌﺑﻬﺎ ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﻲ ﻗوﻣﯾﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.2
1
-د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .373
- 2د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .373
37
-اﻹﻗﻠﯾم:
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻹﻗﻠﯾم رﻗﻌﺔ ﻣن اﻷرض ورﻗﻌﺔ ﻣن اﻟﻣﺎء وطﺑﻘﺎت اﻟﺟو اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻠو اﻷرض
واﻟﻣﺎء ﺗﺑﺎﺷر ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ ﺳﻠطﺎﺗﻬﺎ وﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟدوام واﻻﺳﺗﻘرار ،وﯾﻌﺗﺑر اﻹﻗﻠﯾم
ﻋﻧﺻ ار ﻫﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن اﻟدوﻟﺔ ،إذ أن أﻓراد أي ﺷﻌب ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻟﻬم ﻛﯾﺎن إﻻ إذا ﻛﺎﻧوا
ﯾﻘﯾﻣون ﻓوق إﻗﻠﯾم ﻣﻌﯾن ،وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺎن اﻟﻘﺑﺎﺋل اﻟرﺣل أو اﻷﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻣﺎرس ﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ
إﻗﻠﯾم ﻣﻌﯾن ﻻ ﺗﻌد دوﻻ.
وﻻ ﯾﺷﺗرط ﻟوﺟود اﻟدوﻟﺔ أن ﯾﻛون إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣن اﻻﺗﺳﺎع ،ﻓﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
اﻟدوﻟﻲ ﯾﺿم دوﻻ واﺳﻌﺔ اﻟﻣﺳﺎﺣﺔ ﻣﺛل اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة واﻟﺑ ارزﯾل واﻟﺻﯾن ودوﻻ ﺻﻐﯾرة ﻣﺛل
ﺳوﯾﺳ ار واﻟﻔﺎﺗﯾﻛﺎن وﻟوﻛﺳﻣﺑرج ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ اﻹﻗﻠﯾم أن ﯾﺗﻣﯾز ﺑﺻﻔﺎت ﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ،
وﯾﺟب أن ﯾﻛون إﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺎ وﻣﺣددا.1
وﺳﻧﺗﻧﺎول اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻹﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﻌﯾﯾن ﺣدودﻩ ووﺳﺎﺋل اﻛﺗﺳﺎﺑﻪ وﻓﻘدﻩ.
-1اﻹﻗﻠﯾم اﻟﺑري :وﯾﺷﻣل اﻷرض اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ وﻣﺟﻣوع اﻟﻣﯾﺎﻩ اﻟﺗﻲ ﺗﺟري ﻓﯾﻪ ﻣن ﺑﺣﯾرات وﻣﺟﺎري
ﻣﺎﺋﯾﺔ ،ﺳواء ﻛﺎﻧت وطﻧﯾﺔ أي ﺗﺟري ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ إﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ ،أو دوﻟﯾﺔ أي ﺗﺟري ﻓﻲ إﻗﻠﯾم أﻛﺛر
ﻣن دوﻟﺔ ،وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺟزء ﻣن اﻟﻧﻬر اﻟواﻗﻊ ﻓﻲ إﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ
اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺿم اﻹﻗﻠﯾم اﻟﺑري ﻛل ﻣﺎ ﯾﻧطوي ﺗﺣت اﻷرض وﻛذﻟك ﻛل ﻣﺎ ﯾوﺟد ﻋﻠﻰ
اﻷرض ﻣن ﻣﻌﺎﻟم طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻛﺎﻟﺗﻼل واﻟﺟﺑﺎل .
1
-د .اﺑراﻫﯾم ﻣﺣﻣد اﻟﻌﻧﺎﻧﻲ ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .340
38
-2اﻹﻗﻠﯾم اﻟﺑﺣري :وﯾﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﺟزﺋﯾﯾن ﻣﯾﺎﻩ داﺧﻠﯾﺔ ،أي اﻟﻣﺳﺎﺣﺎت اﻟﺑﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿم
اﻟﻣواﻧﺊ واﻟﻣﺿﺎﯾق وﻛل اﻟﻣﯾﺎﻩ اﻟﻣوﺟودة ﻗﺑل اﻟﺧط اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻣﯾﺎﻩ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ،وﻣﯾﺎﻩ إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ
ﺗﺑﺎﺷر ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ ﺳﯾﺎدة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء ﺣق اﻟﻣرور اﻟﺑريء ﻟﻠﺳﻔن اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ.
-3اﻻﻗﻠﯾم اﻟﺟوي :وﯾﺷﻣل طﺑﻘﺎت اﻟﺟو اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد ﻓوق إﻗﻠﯾﻣﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺑري واﻟﺑﺣري.1
ﻟﻛل دوﻟﺔ ﺣدود ﺗﻌﯾن ﻧطﺎق إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ اﻷرﺿﻲ وﻟﻠﺣدود أﻫﻣﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻗﺎﻧوﻧﯾﻪ ﻷﻧﻪ ﻓﻲ
ﻧطﺎق ﻫذﻩ اﻟﺣدود ﺗﻣﺎرس اﻟدوﻟﺔ ﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ واﻟﺣدود ﻗد ﺗﻛون طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻟو وﺟدت ﺣواﺟز
طﺑﯾﻌﯾﺔ ﺗﺣد إﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ ﻣﺛل اﻟﺟﺑﺎل واﻷﻧﻬﺎر واﻟﺑﺣﺎر وﻗد ﺗﻛون ﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻟو وﺿﻌت
اﻟدوﻟﺔ ﻋﻼﻣﺎت ظﺎﻫرﻩ ﻋﻧد ﺣدودﻫﺎ ﻣﺛل اﻷﺑراج واﻷﺳﻼك اﻟﺷﺎﺋﻛﺔ واﻷﺳوار.
وﻗد ﺗﻛون اﻟﺣدود ﺧطوط وﻫﻣﯾﺔ ﻣﺛل ﺧطوط اﻟطول واﻟﻌرض وﻣﺛﺎل ذﻟك اﻟﺣدود ﺑﯾن
ﻛورﯾﺎ اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﺔ وﻛورﯾﺎ اﻟﺟﻧوﺑﯾﺔ وﻣن ذﻟك ﯾﺗﺿﺢ أن اﻟدوﻟﺔ ﺗﻌﯾن ﺣدودﻫﺎ أﻣﺎ ﻋن طرﯾق
اﻟﻣواﻧﻊ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ أو اﻟﺣدود اﻹدارﯾﺔ.2
أ -اﻷﻧﻬﺎر :ﻗد ﺗﻛون اﻷﻧﻬﺎر أﺣد ﻋواﻣل ﺗﻌﯾﯾن اﻟﺣدود ﺑﯾن دوﻟﺗﯾن ﺗﻘﻌﺎن ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺗﻲ
اﻟﻧﻬر .ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻧﻬر ﺻﺎﻟﺣﺎ ﻟﻠﻣﻼﺣﺔ ،ﻓﺎن ﺧط وﺳط اﻟﻧﻬر ﯾﻛون ،ﻋﺎدة ﺧط اﻟﺣدود ﺑﺣﯾث
ﯾﺧﺿﻊ ﻟﺳﯾﺎدة ﻛل دوﻟﺔ ﻧﺻف اﻟﻧﻬر اﻟﻣﺟﺎور ﻹﻗﻠﯾﻣﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﻣن ﺟزر ﻛﻣﺎ ﯾﺟوز ﻟﻠدول
اﻟﻣﺗﺟﺎورة أن ﺗﺗﻔق ﻋﻠﻰ ﻋﻛس ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ،وﺗﺣدﯾدﻫﺎ ﺑﺧط اﻟﻔﺻل ﺑﯾن أﻗﺎﻟﯾﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳس
أﺧرى .وﻣﺛﺎل ذﻟك ،اﺗﻔﺎق ﻓرﻧﺳﺎ واﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺑراﻧس ﺳﻧﺔ 1659ﻋﻠﻰ أن ﺗﺣﺗﻔظ
اﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﺑوادي اران اﻟذي ﯾﻧﺑﻊ ﻓﯾﻪ ﻧﻬر اﻟﺟﺎرون رﻏم أن ﻫذا اﻟﻧﻬر ﯾﺟري ﺑﺄﻛﻣﻠﻪ ﻓﻲ إﻗﻠﯾم
ﻓرﻧﺳﺎ.
- 1د .إﺑراﻫﯾم ﻣﺣﻣد اﻟﻌﻧﺎﻧﻲ ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .343
- 2د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .374
39
أﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻧﻬر ﻏﯾر ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻠﻣﻼﺣﺔ ،ﻓﻘد ﯾﺗم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻷﺧذ ﺑﻣﻌﯾﺎر ﺧط وﺳط
اﻟﻧﻬر أﯾﺿﺎ ،أو ﯾﺗم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون اﻟﻧﻬر ﻛﻠﻪ ﺿﻣن إﻗﻠﯾم إﺣدى اﻟدوﻟﺗﯾن اﻟﻣطﻠﺗﯾن
ﻋﻠﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﻛون ﺷﺎطﺊ اﻟﻧﻬر ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻫو ﺧط اﻟﺣدود .
ب -اﻟﺟﺑﺎل :إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺣدود ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺳﻠﺳﻠﺔ ﺟﺑﺎل ،ﻛﺎن اﻟﺧط اﻋﻠﻲ ﻗﻣم اﻟﺟﺑﺎل ﺣدا
ﻓﺎﺻﻼ ﺑﯾن اﻟدول اﻟﻣﺟﺎورة ﻟﻠﺟﺑﺎل ،ﻣﺛﺎل ذﻟك ﺟﺑﺎل اﻟﺑراﻧس اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﺑﯾن ﻓرﻧﺳﺎ واﺳﺑﺎﻧﯾﺎ
ج -اﻟﺑﺣﺎر واﻟﺑﺣﯾرات :ﺗﻛون ﻫﻲ اﻷﺧرى ﺣدا ﻓﺎﺻﻼ ﺑﯾن اﻟدول وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻣﺻر اﻟﺗﻲ
ﯾﺣدﻫﺎ اﻟﺑﺣر اﻷﺑﯾض اﻟﻣﺗوﺳط ﺷﻣﺎﻻ واﻟﺑﺣر اﻷﺣﻣر وﺧﻠﯾﺞ اﻟﺳوﯾس ﺷرﻗﺎ.
-2اﻟﺣدود اﻹدارﯾﺔ:
وﻫﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺣدود ﺗﻘوم ﺑﺗﻌﯾﯾﻧﻬﺎ إﺣدى اﻟدوﻟﺗﯾن اﻟﻣﺗﺟﺎورﺗﯾن أو ﻛﻠﺗﺎﻫﻣﺎ ﻛﻧﻘطﺔ
ﺑوﻟﯾس ،أو ﻣﻛﺗب ﺻﺣﺔ أو ﻣﻛﺗب ﺟﻣرﻛﻲ .وﻗد ﺗﻘوم اﻟدول ﺑﺗﻌﯾﯾن اﻟﺣدود ﻋن طرﯾق وﺿﻊ
أﺑراج أو ﺧطوط ﻣﻠوﻧﻪ ،ﺑل وﻗد ﺗﻛون اﻟﺣدود ﻏﯾر ﻣرﺋﯾﺔ ﻛﺧطوط اﻟطول واﻟﻌرض.1
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻲ أن ﺣدود اﻟﻐﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻌظﻣﻲ ﻣن دول أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ
ﺗﻘﺳﯾﻣﺎت إدارﯾﺔ ﺗرﺟﻊ إﻟﻲ ﻋﺻر اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر اﻹﺳﺑﺎﻧﻲ؛ ﻛﻣﺎ أن ﺣدود ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟدول اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ
ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ ﻋﺻر اﻻﺳﺗﻌﻣﺎرﯾن اﻹﻧﺟﻠﯾزي واﻟﻔرﻧﺳﻲ .ﻏﯾر أن وﺟود ﺧطوط اﻟﺣدود ﺑﯾن اﻟدول،
ﻻ ﯾؤدي إﻟﻲ ﺗﺣرﯾم ﻋﺑورﻫﺎ ،أو ﻣﻧﻊ اﻻﺗﺻﺎل ﺑﯾن ﺳﻛﺎن اﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﻫذﻩ اﻟﺣدود
ﺑﯾﻧﻬﺎ .ﺑل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك .ﺗوﺟد ﻏﺎﻟﺑﺎ اﺗﻔﺎﻗﺎت ﻟﺗﺳﻬﯾل ﻣرور ﺳﻛﺎن اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺗﺟﺎورة،
وﻧﻘل اﻟﺑﺿﺎﺋﻊ ،واﺳﺗﻐﻼل اﻟﻣراﻓق اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟدول.2
- 1د .إﺑراﻫﯾم ﻣﺣﻣد اﻟﻌﻧﺎﻧﻲ ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .344
2
-د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .375
40
ﺛﺎﻟﺛﺎ :اﻛﺗﺳﺎب وﻓﻘد اﻹﻗﻠﯾم:
ﯾﻣﺛل ﻣوﺿوع اﻛﺗﺳﺎب وﻓﻘد اﻹﻗﻠﯾم أﻫﻣﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻧظ ار ﻷن ﻣﺑﺎﺷرة
اﻟدوﻟﺔ ﻟﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ وﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ ﺗﻌﺗﺑر أﻣ ار أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ.
وﻗد اﺳﺗﻘرت اﻟﻘواﻋد اﻟﻌرﻓﯾﺔ واﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺑﺷﺄن ﺣﺎﻻت اﻛﺗﺳﺎب وﻓﻘد اﻹﻗﻠﯾم ﺑﻌد اﻛﺗﺷﺎف
اﻷراﺿﻲ اﻟﺟدﯾدة وﻣﻊ ذﻟك ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻷﺳﺑﺎب اﻷﺻﻠﯾﺔ ﻻﻛﺗﺳﺎب اﻟﻠﻬم وﺑﯾن أﺳﺑﺎب
اﻛﺗﺳﺎب اﻹﻗﻠﯾم ﻧﻘﻼ ﻋن اﻟﻐﯾر.1
ﺗﻛﺗﺳب اﻟﺳﯾﺎدة ﺑﺻﻔﺔ أﺻﻠﯾﻪ ﻋﻠﻰ أﻗﺎﻟﯾم ﻣﻌﯾن إذا ﻟم ﯾﻛن ﻫذا اﻹﻗﻠﯾم ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻣن ﻗﺑل
ﻟﺳﯾﺎدة دوﻟﺔ ﻣن اﻟدول وذﻟك ﻋن طرﯾق اﻻﺳﺗﯾﻼء أو اﻹﺿﺎﻓﺔ.
-1اﻻﺳﺗﯾﻼء :وﻫو ﻓرض ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ ووﻻﯾﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم ﻫو ﻓﻲ اﻷﺻل ﻏﯾر ﺧﺎﺿﻊ
ﻟﺳﯾﺎدة أي دوﻟﺔ أﺧرى وذﻟك ﺑﻘﺻد إدﺧﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﻣﺗﻠﻛﺎﺗﻬﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ وان ﻛﺎن ﯾﺻﻌب ﺗﺻو ار
ﻣﻛﺎن ﺗطﺑﯾق ﻫذﻩ اﻟوﺳﯾﻠﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﺿر ﺑﻌد أن ﺗم اﻛﺗﺷﺎف ﺳطﺢ اﻷرض ﻛﻠﻪ وﻟم ﺗﻌد
ﻫﻧﺎك أﻗﺎﻟﯾم ﻣﺑﺎﺣﺔ إﻻ أن ﻫذﻩ اﻟوﺳﯾﻠﺔ ﻛﺎﻧت ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرون اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ ﻋن طرﯾﻘﺗﻬﺎ
اﺳﺗطﺎﻋت اﻟدول اﻷورﺑﯾﺔ اﻛﺗﺷﺎﻓﻬﺎ واﺳﺗﻌﻣﺎر اﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻗﺎرات أﻣرﯾﻛﺎ واﺳﯾﺎ ٕواﻓرﯾﻘﯾﺎ
ﻓﻘد ﻛﺎن اﻟﺑﺎﺑﺎ ﯾﻘوم ﺑﺗوزﯾﻊ اﻷراﺿﻲ اﻟﺗﻲ اﻛﺗﺷﻔﺗﻬﺎ اﻟدول اﻷورﺑﯾﺔ ﺧﺎرج أوروﺑﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣﻣﺛﻼ
ﻟﻺرادة اﻹﻟﻬﯾﺔ وﻣﻧﺢ ﻣﻠوك اﺳﺑﺎﻧﯾﺎ واﻟﺑرﺗﻐﺎل ﻣﻠﻛﯾﺔ ﻣﺳﺎﺣﺎت ﻣن اﻷراﺿﻲ واﻟﺑﺣﺎر وﻛﺎن اﻟﺑﺎﺑﺎ
ﯾﻣﻧﺢ اﻟدول اﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﺎﻟﯾم ﺣﺗﻰ ﻗﺑل أن ﯾﺗم اﻛﺗﺷﺎﻓﻬﺎ أو ﯾﺣﺻل وﺿﻊ اﻟﯾد ﻋﻠﯾﻬﺎ.2
وﻗد رﻓﺿت ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟدول اﻷورﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﺷﺗرﻛت ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ اﻻﻛﺗﺷﺎﻓﺎت ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ
ﻻﺣﻘﺔ اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺑراءات اﻟﺗﻲ ﯾﺻدرﻫﺎ اﻟﺑﺎب وﻗررت أن اﻛﺗﺷﺎف اﻹﻗﻠﯾم ووﺿﻊ اﻟﯾد ﻋﻠﯾﻪ
- 1د .إﺑراﻫﯾم ﻣﺣﻣد اﻟﻌﻧﺎﻧﻲ ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .345
2
-د .ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺎﻣر ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .376
41
ﻫو وﺣدة ﻣﻌﯾﺎر اﻛﺗﺳﺎب اﻟﺳﯾﺎدة ﻋﻠﯾﻪ وﻣﻊ ﺑداﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﻓﻘد اﺳﺗﻘرت اﻟدول ﻋﻠﻰ
أن اﻛﺗﺷﺎف اﻹﻗﻠﯾم ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻣﻘﺗرﻧﺎ ﺑﺄﻋﻣﺎل اﻟﺣﯾﺎزة اﻟﻣﺎدﯾﺔ.
طﺑﻘﺎ ﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌرﻓﯾﺔ ﯾﺗﻌﯾن ﺗواﻓر ﺛﻼﺛﺔ ﺷروط ﺣﺗﻰ ﯾرﺗب اﻻﺳﺗﯾﻼء آﺛﺎرﻩ
اﻟﻘﺎﻧون.1
-1أن ﯾﻛون اﻹﻗﻠﯾم ﻣﺣل اﻻﺳﺗﯾﻼء ﻏﯾر ﺗﺎﺑﻊ ﻓﻲ اﻷﺻل ﻟﺳﯾﺎدة دوﻟﯾﺔ أﺧرى وﻻ ﺗوﺟد ﺣﺎﻟﯾﺎ
أﻗﺎﻟﯾم ﺑﻬذا اﻟوﺻف إﻻ ﺑﻌض ﺑﻘﺎع اﻟﻘطب اﻟﺟﻧوﺑﻲ ﻏﯾر ﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﻠﺳﻛﻧﻲ.
-2أن ﯾﺗم وﺿﻊ اﻟﯾد اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻹﻗﻠﯾم وان ﺗﻘوم اﻟدوﻟﺔ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذا
اﻹﻗﻠﯾم ﻋن طرﯾق ﻣوظﻔﯾﻬﺎ وﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﯾؤﻛد ﻧﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ إدﺧﺎل ﻫذا اﻹﻗﻠﯾم ﻓﻲ ﺣﯾﺎزﺗﻬﺎ.
-3أن ﺗﻘوم اﻟدوﻟﺔ واﺿﻌﻪ اﻟﯾد ﺑﺈﻋﻼن اﻟدول اﻷﺧرى ﺑوﺿﻊ ﯾدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻗﻠﯾم ،وأن ﯾﺗﺿﻣن
ﻫذا اﻹﺑﻼغ ﺑﯾﺎن ﺣدود اﻹﻗﻠﯾم اﻟذي ﺗم اﻻﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﯾﻪ واﻟﻬدف ﻣن اﻹﺑﻼغ ﺗﻧظﯾم ﻋﻣﻠﯾﺔ
اﻻﺳﺗﯾﻼء ،ﯾﻘﺻد ﺗﺟﻧب اﻟﻧزاﻋﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﻟو وﺿﻌت دوﻟﺔ ﯾدﻫﺎ ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم ﺳﺑق أن وﺿﻌت
دوﻟﺔ أﺧرى ﯾدﻫﺎ ﻋﻠﯾﻪ.
وﻗد ﺗﻘوم اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺔ ﺑوﺿﻊ ﯾدﻫﺎ اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻹﻗﻠﯾم ﻣﺑﺎﺷرة أو ﻋﻠﻰ ﻣراﺣل
ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ.
وﻗد أﻛدت اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟدوﻟﯾﺔ أﻫﻣﯾﺔ وﺿﻊ اﻟﯾد اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﯾﻼء .وﻣن ذﻟك ﺣﻛم
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺋﻣﺔ ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺎز ﺳﻧﺔ ،1898ﺑﺷﺄن اﻟﻧزاع ﺑﯾن اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة
وﻫوﻟﻧدا ﺣول اﻟﺳﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﺟزﯾرة ﺑﺎﻟﻣﺎز .وﻗد اﺳﺗﻧدت اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة إﻟﻰ أﻧﻬﺎ ورﺛت ﺣﻘوق
اﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺟزﯾرة ﺑﻣوﺟب ﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﻓﻲ ﺑﺎرﯾس ﺳﻧﺔ 1898واﻟﺗﻲ ﻧﻘﻠت
ﻟﻠوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة ﻣن اﺳﺑﺎﻧﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺟزﯾرة ﻷﻧﻬﺎ ﻗﺎﻣت ﺑﺎﻛﺗﺷﺎﻓﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺳﺎدس
1
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.23 :
42
ﻋﺷر .وﻗد رﻓﺿت ﻫوﻟﻧدا ادﻋﺎء اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻬﺎ ﻗﺎﻣت ﺑوﺿﻊ ﯾدﻫﺎ ﻓﻌﻼ
ﻋﻠﻰ اﻟﺟزﯾرة وﺑﺎﺷرت ﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ .وﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن ذﻟك ﺳﺑق اﻛﺗﺷﺎف اﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﻟﻠﺟزﯾرة طﺎﻟﻣﺎ
أﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﻘم ﺑوﺿﻊ ﯾدﻫﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ .وﻟﻘد أﯾد ﻗرار اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺟﻬﺔ ﻧظر ﻫوﻟﻧدا ﻛﻣﺎ طﺑﻘت ﻫذا اﻟﻣﺑدأ
أﯾﺿﺎ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟداﺋﻣﺔ ﺳﻧﺔ 1935ﻓﻲ اﻟﻧزع ﺑﯾن اﻟداﻧﻣرك واﻟﻧروﯾﺞ ﺣول ﺟرﯾن
ﻻﻧد اﻟﺷرﻗﯾﺔ وﺗﺧﻠص وﻗﺎﺋﻊ اﻟﻧزاع ﻓﻲ أن اﻟداﻧﻣرك واﻟﻧروﯾﺞ ﻛﺎﻧت ﺗﺿﻊ ﯾدﻫﺎ ﻣن ﻣﺳﺎﺣﺎت
ﻣن ﻫذا اﻹﻗﻠﯾم ﻣﻧذ زﻣن طوﯾل .وﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1931أﻋﻠﻧت اﻟﻧروﯾﺞ ﻋزﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﻰ
ﺑﻌض ﻣﻧﺎطق ﺟﯾرﯾﻧﻼﻧد ،ﻓﺎﺣﺗﺟت اﻟداﻧﻣرك ورﻓﻌت اﻟﻧزاع إﻟﻰ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟداﺋﻣﺔ
اﻟﺗﻲ أﺻدرت ﺣﻛﻣﺎ ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟداﻧﻣرك ،ﺑﯾﻧت ﻓﯾﻪ أن ﻫذا اﻹﻗﻠﯾم ﻛﺎن ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻓﻌﻼ ﻟﺳﯾﺎدة
اﻟداﻧﻣرك.1
-2اﻹﺿﺎﻓﺔ :Accreation
ﻣن اﻟﻣﺳﻠم ﺑﻪ أن اﻟدوﻟﺔ ﺗﻛﺗﺳب اﻟﺳﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﻣﻠﺣﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺿﺎف إﻟﻰ إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ
ﺑﻔﻌل اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،وﺑﻣﺟرد ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﻣﻠﺣﻘﺎت دون ﺣﺎﺟﺔ ﻷي إﺟراء ﺧﺎص ﯾدل ﻋﻠﻰ
اﻟﺳﯾطرة اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﻠﺣﻘﺎت أو ﻹﻋﻼن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻐﯾر ﺑﻣﺎ ط أر ﻋﻠﻰ اﻷﻗﺎﻟﯾم ﻣن
ﺗﻐﯾرات .وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﻠﺣﻘﺎت اﻟﺟزر اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﺗدرﯾﺟﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﺣﺎر اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ،أو اﻷﻧﻬﺎر
واﻟزﯾﺎدات اﻟﺗدرﯾﺟﯾﺔ أو اﻟﻔﺟﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﻋﻧد ﺷﺎطﺊ اﻟدوﻟﺔ ،واﻟدﻟﺗﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﻋﻧد
ﻣﺻب اﻷﻧﻬﺎر وﺗﺗﻣﻠك اﻟدوﻟﺔ أﯾﺿﺎ اﻹﺿﺎﻓﺎت اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗم ﻓﻲ إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﻟو ﺑﻧت
ﺣﺎﺟ از ﻟﻸﻣواج ﻓﻲ ﺑﺣﺎرﻫﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ أو أﻗﺎﻣت ﻓﯾﻬﺎ ﻣﻧﺷﺄة ﻟﻣواﻧﯾﻬﺎ.2
1
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.234 :
2
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .346
43
ﺛﺎﻧﯾﺎ :اﻛﺗﺳﺎب اﻷﻗﺎﻟﯾم ﻧﻘﻼ ﻋن اﻟﻐﯾر
ﺗﻛﺗﺳب اﻟدوﻟﺔ اﻟﺳﯾﺎدة ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم ﻣﺎ ﻧﻘﻼ ﻋن اﻟﻐﯾر إذا ﻛﺎن اﻹﻗﻠﯾم ﻓﻲ اﻷﺻل ﺗﺎﺑﻌﺎ
ﻟﺳﯾﺎدة دوﻟﺔ ﻣﻌﯾﻧﻪ ﺛم اﻧﺗﻘل إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺄﺣدي اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
-1اﻟﺗﻧﺎزل ):(Cession
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺗﻧﺎزل ﺗﺧﻠﻲ دوﻟﺔ ﻋن ﺟزء ﻣن إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ ﻟدوﻟﺔ أﺧرى وﻗد ﯾﻛون ﻫذا اﻟﺗﻧﺎزل
ﺑﻣﻘﺎﺑل أو ﺑدون ﻣﻘﺎﺑل.
-اﻟﺗﻧﺎزل ﺑﻣﻘﺎﺑل:
وﯾﻛون ذﻟك ﻓﻲ ﺻورة اﺗﻔﺎق ﺑﯾن دوﻟﺗﯾن ﻋﻠﻰ أن ﺗﺗﻧﺎزل ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻋن ﺟزء ﻣن إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ
ﻟﻸﺧر وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻣﻌﺎﻫدات ﺗﻌدﯾل اﻟﺣدود ﺑﯾن دوﻟﺗﯾن .ﻓﻘد ﺗﻧﺎزﻟت اﯾطﺎﻟﯾﺎ ﺳﻧﺔ 1860ﻋن
"ﺳﺎﻓو "و "ﯾس" إﻟﻰ ﻓرﻧﺳﺎ ﻣﻘﺎﺑل ﺗﻧﺎزل ﻓرﻧﺳﺎ إﻟﻰ اﯾطﺎﻟﯾﺎ ﻋن إﻗﻠﯾم ﻟوﻣﺑﺎر وﻗد ﺗﻛون اﻟﺗﻧﺎزل
ﻓﻲ ﺻورة ﺑﯾﻊ دوﻟﺔ ﺟزءا ﻣن إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ ﻟدوﻟﺔ أﺧرى ﻣﺛل ﺗﻧﺎزل ﻧﺎﺑﻠﯾون ﻋن ﻣﻘﺎطﻌﺔ )ﻟوﯾزﯾﺎﻧﺎ(
ﻟﻠوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة ﺳﻧﺔ 1803ﻣﻘﺎﺑل ﺳﺗﯾن ﻣﻠﯾون ﻓرﻧك ،وﺗﻧﺎزل اﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﻋن ﺟزر ﻛﺎروﻟﯾن
وﻏﯾرﻫﺎ ﺳﻧﺔ 1899ﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻣﻘﺎﺑل 25ﻣﻠﯾون ﺑرﯾﺗﺎ.1
ﻗد ﺗﺗﻧﺎزل اﻟدوﻟﺔ اﺧﺗﯾﺎ ار ودون ﻣﻘﺎﺑل ﻋن إﻗﻠﯾم ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻬل .وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ذﻟك ﺗﻧﺎزل ﻓرﻧﺳﺎ
ﻋن ﻣﻘﺎطﻌﺔ ﻧﯾو اورﻟﯾﺎﻧز اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻻﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﺳﻧﺔ ، 1864وﺗﻧﺎزل اﻟﻧﻣﺳﺎ ﻟﻔرﻧﺳﺎ ﻋن ﻣدﯾﻧﺔ
اﻟﺑﻧدﻗﯾﺔ 1866ﺛم ﺗﻧﺎزل ﻓرﻧﺳﺎ ﻋﻧﻬﺎ ﻹﯾطﺎﻟﯾﺎ ﺑﻌد ذﻟك .ﻏﯾر أن اﻟﺗﻧﺎزل دون ﻣﻘﺎﺑل ،ﯾﺗم ﻓﻲ
اﻟﻐﺎﻟب دون إرادة اﻟدوﻟﺔ وﯾﺗم ذﻟك ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﺣروب وﻣﺛﺎل ذﻟك ﺗﻧﺎزل ﻓرﻧﺳﺎ ﻋن إﻗﻠﯾم
اﻻﻟزاس واﻟﻠورﯾن ﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺳﻧﺔ 1871ﺛم ﺗﻧﺎزل أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻟﻔرﻧﺳﺎ ﺳﻧﺔ 1919ﮐﻣﺎ ﺗﻧﺎزﻟت اﯾطﺎﻟﯾﺎ
ﻋن أﺟزاء ﻣن إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ ﻟﻔرﻧﺳﺎ ﻋن ﻣﺳﺗﻌﻣراﺗﻬﺎ ﻓﻲ إﻓرﯾﻘﯾﺎ ) ﻟﯾﺑﯾﺎ -وارﺗﯾرﯾﺎ واﻟﺻوﻣﺎل (
- 1د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.235 :
44
ﺑﻣوﺟب ﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ أﺑرﻣﺗﻬﺎ ﻣﻊ دول اﻟﺣﻠﻔﺎء ﺳﻧﺔ 1947وﻟﻛﻲ ﯾرﺗب اﻟﺗﻧﺎزل أﺛﺎرﻩ
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﺎﻧﻪ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻛون ﺻﺎد ار ﻣن دوﻟﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ اﻟﺳﯾﺎدة وان ﺗﺗم ﻣواﻓﻘﺔ ﺳﻛﺎن اﻹﻗﻠﯾم
اﻟﻣﺗﻧﺎزل ﻋﻧﻪ ﻋﻧد اﻻﻧﺿﻣﺎم إﻟﻰ اﻹﻗﻠﯾم اﻟﻣﺗﻧﺎزل إﻟﯾﻪ ﻋن طرﯾق اﻻﺳﺗﻔﺗﺎء اﻟذي ﯾﺟري ﺗﺣت
إﺷراف اﻟدوﻟﺗﯾن أو إﺣدى اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ.1
-2اﻟﺗﻘﺎدم(Proscription ) :
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺗﻘﺎدم اﻛﺗﺳﺎب اﻟﺳﯾﺎدة ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم دوﻟﺔ أﺧرى ﺑوﺿﻊ اﻟﯾد ﻋﻠﯾﻪ ﻣدة طوﯾﻠﺔ ﻋﻠﻰ
ﻧﺣو ﻫﺎدئ وﻣﺳﺗﻣر ﺧﻼل ﻓﺗرة زﻣﻧﯾﺔ ﺗﻛﻔﻲ ﻟﺗوﻟﯾد اﻟﺷﻌور أن اﻟوﺿﻊ اﻟﻘﺎﺋم ﯾﺗﻔق ﻣﻊ اﻟﺣﻛم
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ.
وﻟﻘد ﻋﺎرض ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ إدﺧﺎل ﻣﺛل ﻫذا اﻟﻧظﺎم ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس
أن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻻ ﺗﺗﺿﻣن ﺷروطﺎ ﻟﻠﺗﻘﺎدم وﻻ ﺗﺣدد ﻟﻪ ﻣدة ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﯾرون
اﻷﺧذ ﺑﻬذا اﻟﻧظﺎم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ ﻣﻌﯾﻧﺔ وﻟﻛن اﻟﻣﺳﺗﻘرة ﻓﻲ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻛﻣﺎ أﻧﻪ
ﯾؤدي إﻟﻰ اﺳﺗﻘرار اﻷوﺿﺎع اﻟدوﻟﯾﺔ وﯾؤﯾدون رأﯾﻬم ﺑﺄن ﻣﻌظم اﻟﺣدود اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟدول ﺗﺳﺗﻧد
إﻟﻲ ﻣﺿﻲ اﻟﻣدة اﻟطوﯾﻠﺔ واﻧﻪ ﻣﻊ اﻟزﻣن ﺗﻌﺟز اﻟدول ﻋن إﺛﺑﺎت اﻟﺳﻧد اﻷﺻﻠﻲ ﻻﻛﺗﺳﺎﺑﻬﺎ
ﻹﻗﻠﯾﻣﻬﺎ.
وﯾﺷﺗرط ﻟﻼﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺗﻘﺎدم ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠﺳﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻹﻗﻠﯾم ﺗواﻓر اﻟﺷروط اﻵﺗﯾﺔ:2
-1أن ﯾﻛون وﺿﻊ اﻟﯾد ﻋﻠﻰ اﻹﻗﻠﯾم ﻫﺎدﺋﺎ ،أي ﻟم ﺗﻌﺗرﺿﻪ ﻣﻧﺎزﻋﺎت أو اﺣﺗﺟﺎﺟﺎت ﻣن
اﻟدوﻟﺔ اﻷﺻﻠﯾﺔ.
-2أن ﯾﻛون وﺿﻊ اﻟﯾد ﻋﻠﻧﯾﺎ وذﻟك ﺿﻣﺎﻧﺎ ﻻﺳﺗﻣ اررﻩ وﻋدم اﻟﺗﺷﻛﯾك ﻓﻲ وﺟودﻩ.
1
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .330
2
-ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق .236 ،
45
-3أن ﯾﺳﺗﻣر وﺿﻊ اﻟﯾد ﻣدة طوﯾﻠﺔ .وﻻ ﺗوﺟد ﻗﺎﻋدة ﻣوﺣدة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄنٕ ،واﻧﻣﺎ ﯾﺗرك
اﻷﻣر ﻟظروف ﻛل ﻧزاع وﻗد اﻗﺗرح ﺟروﺳﯾوس أن ﺗﻛون اﻟﻣدة طوﯾﻠﺔ ﻻ ﺗﻌﯾﻬﺎ اﻟذاﻛرة .أﻣﺎ
اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﯾن ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ وﻓﻧزوﯾﻼ ﻋﺎم 1897ﺑﺷﺄن ﺗﺳوﯾﺔ اﻟﺣدود ﺑﯾن ﻓﻧزوﯾﻼ وﻏﯾﺎﻧﺎ،
ﻓﻘد ﺣددت ﻫذﻩ اﻟﻣدة ﺑﺧﻣﺳﯾن ﺳﻧﺔ.
-3اﻟﻔﺗﺢ:
ﻫو اﺳﺗﯾﻼء دوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻘوة ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم دوﻟﺔ أﺧرى أو ﺟزء ﻣﻧﻪ ٕواﻋﻼن ﺿﻣﻪ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺗﺣﺔ
وﻻ ﯾﺗم إﻻ إذا ﻗﺎﻣت ﺣرب ﺑﯾن دوﻟﺗﯾن واﺣﺗﻠت إﺣداﻫﻣﺎ ﺑﺟﯾوﺷﻬﺎ إﻗﻠﯾم اﻷﺧرى وﻻ ﯾﺗوﻗف ﻫذا
اﻟﺿم ﻋﻠﻰ ﻣواﻓﻘﺔ دوﻟﺔ اﻷﺻل أو اﻋﺗراف اﻟدوﻟﺔ اﻷﺧرى ﺑﻪ ٕواﻧﻣﺎ ﯾﺗم ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠدوﻟﺔ
اﻟﻣﻧﺗﺻرة أي اﻧﻪ ﻟو اﺳﺗﻧد اﻟﺿم إﻟﻰ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺻﻠﺢ ﻓﺎن اﻛﺗﺳﺎب اﻟﺳﯾﺎدة ﻋﻠﻰ اﻹﻗﻠﯾم ﯾﻛون
ﻋن طرﯾق اﻟﺗﻧﺎزل وﻫﻧﺎك ﺣﺎﻻت ﻗﺎﻣت ﻓﯾﻬﺎ اﻟدول اﻟﻣﻧﺗﺻرة ﺑﺿم إﻗﻠﯾم اﻟدول اﻟﻣﻧﻬزﻣﺔ إﻟﯾﻬﺎ
ﺑﺎﻟﻘوة ﻣﺛل ﻗﯾﺎم ﺑروﺳﯾﺎ ﺳﻧﺔ 1866ﺑﺿم ﻓرﻧﻛﻔورت وﻫﺎﻧوﻓر وﺑﻌض اﻷﻗﺎﻟﯾم اﻷﺧرى إﻟﯾﻬﺎ
ﻗﯾﺎم اﻟﯾﺎﺑﺎن ﺑﺿم ﻛورﯾﺎ إﻟﯾﻬﺎ ﺳﻧﺔ 1910وﺗﺛﺑت اﻟﺳﯾﺎدة ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺗﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷﻗﺎﻟﯾم
ﺑﺈﻋﻼن اﻟﺿم أو ﻣﻣﺎرﺳﺔ وظﺎﺋف اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ.
وﺑﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻘد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة 10ﻣن ﻋﻬد اﻟﻌﺻﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻧﻊ
اﻟﺣرب اﻟﺗﻲ ﺗﻬدف إﻟﻰ اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘﻼل اﻟدول وﺳﻼﻣﺔ أراﺿﯾﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﻗررت ﻣﻌﺎﻫدة
ﻟوﻛﺎرﻧو ﺳﻧﺔ 1925وﻣﯾﺛﺎق ﺑرﯾﺎن ﻛﯾﻠوج ﺳﻧﺔ 1928ﺗﺣرﯾم ﺣروب اﻻﻋﺗداء.
ﻛﻣﺎ أﻛد ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻋدم ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﻔﺗﺢ وﻛذﻟك ﻛل ﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺗﺻﺎر
اﻟﻌﺳﻛري ﻣن آﺛﺎر إذ ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة 4-2ﻟﻰ اﻣﺗﻧﺎع أﻋﺿﺎء اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻋن اﻟﺗﻬدﯾد ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل
اﻟﻘوة أو اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﺿد ﺳﻼﻣﺔ اﻷراﺿﻲ أو اﻻﺳﺗﻘﻼل ﺳﯾﺎﺳﻲ ﻷي دوﻟﺔ وﻋﻠﻰ أﺳﺎس ذﻟك
ﻓﻘد رﻓﺿت دول اﻟﺣﻠﻔﺎء ﺑﻌد اﻧﺗﺻﺎرﻫم ﻋﻠﻰ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺿم إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ إﻟﯾﻬم ﺗﺄﺳﯾﺳﺎ ﻋﻠﻰ أن أﻋﻣﺎل
اﻟﻌﻧف ﻻ ﺗوﻟد أي ﺣق وﻛل ادﻋﺎء ﺑﺣق ﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎل ﯾﻌﺗﺑر ﺑﺎطﻼ.1
1
-ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق .237 ،
46
اﻟﺳﯾﺎدة:
وﻗد ظﻬرت ﻓﻲ أول اﻷﻣر ﻛﻣﺑدأ ﺳﯾﺎﺳﻲ ﯾﻧﺎدي ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣﻠك ﻫو ﺻﺎﺣب أﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ
ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ .وﯾرﺟﻊ ذﻟك إﻟﻰ اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻹﻗطﺎﻋﻲ وﺗﻘوﯾض ﺳﻠطﺔ
اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ اﻟﻛﺎﺛوﻟﯾﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻣﺎرﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟدول .وﻗد ﻋرف اﻟﻔﻘﯾﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺟﺎن ﺑودان
) (Jeanbocinاﻟﺳﯾﺎدة ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ واﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻠﻣﻠك اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻘﯾدﻫﺎ إﻻ اﷲ واﻟﻘﺎﻧون
اﻟطﺑﯾﻌﻲ .ﻛﻣﺎ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻔﻘﯾﻪ اﻻﻧﺟﻠﯾزي ﻫوﺑز ﺑﺄﻧﻬﺎ اﺗﻔﺎق اﻟﻧﺎس ﻋن طرﯾق اﻟﻌﻘد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
ﺑﺟﻌل اﻟﺳﯾﺎدة ﻟﻠﻣﻠك .
وﻗد ﺗطور ﻣﻔﻬوم ﻓﻛرة اﻟﺳﯾﺎدة ﺑﻌد ذﻟك ﻓﺑﻌد أن ﻛﺎﻧت ﺗﻌﻧﻰ أن ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ ﻣطﻠﻘﺔ
وأﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺗﻘﯾد إﻻ ﺑﺈراداﺗﻬﺎ وﺑﻌد أن ﻛﺎﻧت ﺗﻌﻧﻲ أﯾﺿﺎ ﺣق اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﺧدام اﻟﻘوة ﻓﻲ ﻣﯾدان
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗﺄﻛﯾد ﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺣﯾث اﺗﺟﻪ اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺿرورة اﻻﻟﺗزام
ﺑﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻗواﻋد ﺗﻌﻠو ﻋﻠﻰ إرادة اﻟدول وﻋﻠﻰ ﺿوء ﻫذا اﻟﺗطور ﻓﻘد
أﺻﺑﺣت اﻟﺳﯾﺎدة ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﺣﻬﺎ ﺣق وﺿﻊ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
ٕواﺟﺑﺎر اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻰ اﺣﺗراﻣﻬﺎ وﺣق ﺗﻧظﯾم ﻋﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻣﻊ اﻟدول اﻷﺧرى أو ﺑﻣﻌﻧﻰ آﺧر ﻋدم
ﺧﺿوﻋﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﻷي ﺳﻠطﺔ ﻋﻠﯾﺎ وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر اﻟدول ﻏﯾر
اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻣﺛل اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرات أو اﻟدول اﻟﻣوﺿوﻋﺔ ﺗﺣت اﻟوﺻﺎﯾﺔ واﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ اﺗﺣﺎد
ﻓﯾدراﻟﯽ دوﻻ ذات ﺳﯾﺎدة ﻓﻲ ﻣﻔﻬوم اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟدوﻟﻲ وﺗﺗﻣﺛل اﻟﺳﯾﺎدة ﻓﻲ وﺟود اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗوﻟﻰ ﺗﻧظﯾم أﺣوال اﻟﺷﻌب وﻣﺻﺎﻟﺣﻪ وﺗﻘوم ﺑﺈدارة ﺷﺋون اﻹﻗﻠﯾم وﺣﻣﺎﯾﺔ
اﺳﺗﻘﻼﻟﻪ واﻟدﻓﺎع ﻋﻧﻪ وﯾﻣﯾز اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎدة وﺑﯾن ﺑﻌض اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺗﻠط ﺑﻬﺎ.
47
-1اﻟﺗﻣﯾز ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎدة واﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ:
ﯾﺟب اﻟﺗﻣﯾز ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎدة ﻛﺣق ﻗﺎﻧوﻧﯽ وﺑﯾن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ .ﻷﻧﻪ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻘوم
دوﻟﺔ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻣؤﻗﺗﺔ ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم ﻣن دوﻟﺔ أﺧرى ﻣﻘﺎﺑل أﺟر ﻣﻌﯾن ﻓﻘد
ﻗﺎﻣت اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﺑﺎﺳﺗﺋﺟﺎر ﺑﻌض اﻟﻣﻧﺎطق ﻓﻲ ﻧﯾو ﻓوﻧدﻻﻧد وﺑرﺳودا ﻣن اﻧﺟﻠﺗ ار ﻟﻣدة
ﺗﺳﻌﺔ وﺗﺳﻌﯾن ﻋﺎﻣﺎ طﺑﻘﺎ ﻟﻼﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺑرﻣت ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﺳﻧﺔ .1941وﻛذﻟك
اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎزل ﻋن إدارة ﺟزء ﻣن إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ إﻟﻰ دوﻟﺔ أﺧرى ﻟﺗدﯾر ﻫذا اﻹﻗﻠﯾم ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋﻧﻬﺎ ﻣﺛل
ﺗﻧﺎزل اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ ﻟﻣﺻر ﻋن إدارة ﺟزر ﺻﻧﺎﻓﯾر وﺑدان دون ﻧﻘل اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ
ﻟﻣﺻر ،وذﻟك ﻻ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟدوﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ أﺻﺑﺣت ﺻﺎﺣﺑﺔ اﻟﺳﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻹﻗﻠﯾم وﻛذﻟك
اﻟدول اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻧظﺎم اﻟوﺻﺎﯾﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗظل ﻣﺣﺗﻔظﺔ ﺑﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ رﻏم ﺗوﻟﻰ اﻟدول
ﺻﺎﺣﺑﺔ اﻟوﺻﺎﯾﺔ وﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻛل أو ﺑﻌض ﻣظﺎﻫر اﻟﺳﯾﺎدة وﻛذﻟك ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺣﺗﻼل اﻟﺣرﺑﻲ
ﺗﺑﺎﺷر ﺳﻠطﺎت اﻻﺣﺗﻼل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻷراﺿﻲ اﻟﻣﺣﺗﻠﺔ إﻻ أن اﻟﺳﯾﺎدة ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺗظل
ﻟﻠدوﻟﺔ ﺻﺎﺣﺑﺔ اﻻﻗﻠﯾم.1
ﺣﺎول ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺗﺷﺑﯾﻪ ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ ﺑﺣق اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص
إذ اﻟﺣق ﻓﻲ ﻛﻠﯾﻬﻣﺎ ﻣﻘﺻور ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺑﻪ وﯾﺧوﻟﻪ ﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ اﻟﻣﺎل ﻣﺣل اﻟﺣق وﻗد
ﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ذﻟك أن اﻟﺳﯾﺎدة ﻛﺎﻧت ﻓﻲ أول اﻷﻣر ﻟﻠﻣﻠك وﻛﺎن إﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ ﯾﻌﺗﺑر ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻟﻪ
وﺗﺄﺳﯾﺳﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﻘد طﺑق ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق
ﺑطرق اﻛﺗﺳﺎب اﻟﺳﯾﺎدة ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ أو ﻓﻘدﻫﺎ واﻟﻘﯾود اﻟﺗﻲ ﺗرد ﻋﻠﯾﻬﺎ .
ﻏﯾر أن ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻷن اﻟﺳﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ
اﻋﺗﺑﺎر اﻟدوﻟﺔ أﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ ﻓﻲ إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ واﻋﺗﺑﺎر ﻫذا اﻹﻗﻠﯾم اﻟﻧطﺎق اﻟذي ﺗﺑﺎﺷر اﻟدوﻟﺔ ﺳﻠطﺗﻬﺎ
ﻓﯾﻪ .وﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺷﺑﻪ ﺳﻠطﺎت اﻟدوﻟﺔ واﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻔرد.
- 1ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .333
48
ﻣظﺎﻫر اﻟﺳﯾﺎدة:
ﻟﻠﺳﯾﺎدة ﻣظﻬران :أوﻟﻬﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﻌﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺈﻗﻠﯾﻣﻬﺎ وﺑرﻋﺎﯾﺎﻫﺎ ،وﺛﺎﻧﯾﻬﻣﺎ ﯾﺗﺻل ﺑﻌﻼﻗﺔ
اﻟدوﻟﺔ ﻣﻊ ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟدول.
ﻓﺄﻣﺎ ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ،ﻓﺗﻌﻧﻲ ﺣرﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ ﺷﺋوﻧﻬﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ وﻓﻲ
ﺗﻧظﯾم اﻟﺣﻛوﻣﺔ واﻟﻣراﻓق اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻓرض ﺳﻠطﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣﺎ ﯾوﺟد ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ وﯾﺗرﺗب
ذﻟك ﻋدم ﻗﯾﺎم أي دوﻟﺔ أو ﻫﯾﺋﻪ أﺟﻧﺑﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗدﺧل ﻓﻲ اﻟﺷﺋون اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ.
أﻣﺎ اﻟﺳﯾﺎدة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻓﺗﻌﻧﻰ ﺣرﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ إدارة ﺷﺋوﻧﻬﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ وﻋدم ﺧﺿوﻋﻬﺎ ﻓﻲ
ﻫذا اﻟﺷﺄن ﻷﯾﺔ ﺳﻠطﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ و ﯾﺳﺗﺗﺑﻊ ذﻟك ،أن ﻟﻠدوﻟﺔ ﺷﺧﺻﯾﺔ دوﻟﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ،وأن ﻗواﻋد
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻔرض ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ ،ﺑل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻻ ﺗﻧﺷﺄ إﻻ ﺑرﺿﺎﻫﺎ وﻓﻲ
ﺣدود ﻫذا اﻟرﺿﺎ .وأﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻓرض ﻗﯾود ﻋﻠﻰ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ اﻟدوﻟﯾﺔ.1
وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺿرورة اﺣﺗرام اﺳﺗﻘﻼل ﻛل دوﻟﺔ ،واﻻﻋﺗراف ﺑﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن ﻛﺎﻓﺔ
اﻟدول ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﺗﻌداد ﺳﻛﺎﻧﻬﺎ أو ﻣﺳﺎﺣﺔ إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ أو ﻗدراﺗﻬﺎ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ وﻣن أﻫم
ﻣظﺎﻫر اﻟﺳﯾﺎدة ﺣق إﺑرام اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ ،وﺗﺑﺎدل اﻟﺗﻣﺛﯾل اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﻲ واﻻﺷﺗراك ﻓﻲ
اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﺣق إﻋﻼن اﻟﺣرب وﺗطﺑﯾق ﻗواﻋد اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ.
ﺗﻌرﺿت ﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎدة ﻻﻧﺗﻘﺎدات ﻋدﯾدة ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺗﻔق ﻣﻊ اﻟظروف اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ
ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ .وﻗد أﺳﯾﺊ اﺳﺗﺧدام ﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎدة ﻟﺗﺑرﯾر اﻻﺳﺗﺑداد اﻟداﺧﻠﻲ واﻟﻔوﺿﻰ
اﻟدوﻟﯾﺔ .ﻛﻣﺎ ﺗﻌﺗﺑر ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻧﺣو ﻧﻣو ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ وﺑل وأدت ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺣﺎﻻت إﻟﻰ
ﻓﺷل اﻟﻣؤﺗﻣرات اﻟدوﻟﯾﺔ وﺗﺳﻠط اﻟدول اﻟﻛﺑرى ﻋﻠﻰ اﻟدول اﻟﺻﻐﯾرة.
- 1ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق .237 ،
49
وﯾذﻫب اﻟﺑﻌض إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻣﻌﯾﺎر اﻟﺳﯾﺎدة ﻣﻌﯾﺎر ﺧﺎطﺊ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻷﻧﻪ
إذا ﻛﺎﻧت اﻟدوﻟﺔ ﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻓﻲ اﻟداﺧل ﻟﺳﻠطﺔ ﻋﻠﯾﺎ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﻟﯾﺳت ﻣطﻠﻘﺔ اﻟﺗﺻرف .ﻛﻣﺎ
ﺗﺗﻌﺎرض ﻓﻛرة اﻟﺳﯾﺎدة ﻣﻊ ﺧﺿوع اﻟدوﻟﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ﺣﯾث ﺗﺑﺎﺷر اﻟدوﻟﺔ ﺳﻠطﺗﻬﺎ وﻓﻘﺎ ﻟﻠدﺳﺗور
وﻟﻠﻣﺑﺎدئ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻛﻣﺎ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ .وﻓﻲ ﻣﯾدان
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﺗﺧﺿﻊ اﻟدول ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ واﻟذي ﯾﺿﻊ ﻗﯾودا ﻋﻠﻰ ﺗﺻرﻓﺎت اﻟدول
وﯾﺣﻛم ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﻟدول اﻷﺧرى وﻣﻊ اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ.1
ﻛﻣﺎ ﻻ ﺗﺗﻔق ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ أﯾﺿﺎ ﻣﻊ اﻟﺗطور اﻟﺟدﯾد ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ وﻣﻊ ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺧﺿﺎع
اﻟدول ﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،وﻣﻊ إﻗﺎﻣﺔ ﻧظﺎم ﻟﻸﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ وآﺧر ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ
ﻓﻲ إطﺎر اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة .وﻣﻊ ﺗدﺧل اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟدول
ﺑرﻋﺎﯾﺎﻫﺎ.
وﻗد اﺗﺟﻪ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟذﯾن ﯾرﺗﺿون ﺑﻔﻛرة اﻟﺳﯾﺎدة إﻟﻰ اﻟﺑﺣث ﻋن ﻣﻌﺎﯾﯾر أﺧرى ﺗﻣﯾز
اﻟدوﻟﺔ ﻋن ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓذﻫب اﻟﺑﻌض إﻟﻰ اﻟﻘول ﻻن ﻣﺎ ﯾﻣﯾز اﻟدوﻟﺔ ﻫو
ﻣﺎ ﺗﻣﻠﻛﻪ ﻣن وﺳﺎﺋل اﻟﻘوة ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺧﺎص اﻵﺧرﯾن ،وذﻫب اﻟﺑﻌض اﻵﺧر إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻣﺎ
ﯾﻣﯾز اﻟدوﻟﺔ أﻧﻬﺎ ﺗﻣﻠك اﺧﺗﺻﺎص إﻋطﺎء اﺧﺗﺻﺎص ،أي ﺗﻣﻠك وﺿﻊ دﺳﺗور ﻟﻠدوﻟﺔ ﯾﻧظم
وﯾﺣدد اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣوﺟودﯾن ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ.2
وﻣﻊ ذﻟك ،ﯾرى اﻟﺑﻌض أن اﻟدوﻟﺔ ﺗﺗﻣﯾز ﻋن ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑﺧﺎﺻﯾﺗﯾن
أﺳﺎﺳﯾﺗﯾن:3
-1ﻋﻣوﻣﯾﺔ اﺧﺗﺻﺎص اﻟدوﻟﺔ وﯾﻌﻧﻲ ﺑذﻟك أﻧﻬﺎ ﺗﻣﻠك داﺧل ﺣدودﻫﺎ ﺗﻧظﯾم ﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻊ
واﻟﻣراﻓق اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻣواردﻫﺎ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﻘررﻩ ﻓﻲ دﺳﺗورﻫﺎ اﻟوطﻧﻲ.
- 1د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق .239 ،
2
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .337
3
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق .240 ،
50
-2أﻫﻠﯾﺔ اﻟدﺧول ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت دوﻟﯾﺔ :وﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾز اﻟدوﻟﺔ ﻋن اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗوﻓر ﻟﻬﺎ
ﻫذﻩ اﻷﻫﻠﯾﺔ ﻣﺛل اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرات واﻟدول ﻓﻲ اﻻﺗﺣﺎد اﻟﻔﯾدراﻟﻲ إذا أن اﻟدول وﺣدﻫﺎ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻠك
اﻟدﺧول ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت دوﻟﯾﺔ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻣﺛل إﺑرام اﻟﻣﻌﺎﻫدات وﺗﺑﺎدل اﻟﺗﻣﺛﯾل
اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﻲ.
ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﻻﻧﺗﻘﺎدات اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﺿت ﻟﻬﺎ ﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎدة إﻻ أن اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ
اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ واﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻻ ﺗزال ﺗﺟﻌل ﻣن اﺣﺗرام اﻟﺳﯾﺎدة اﻟوطﻧﯾﺔ ﻗﺎﻋدة أﺳﺎﺳﯾﺔ ﺳواء ﻓﻲ ﻋﻬد
ﻋﺻﺑﺔ اﻷﻣم أو ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺎن اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺗﻔرض ﻋﻠﻰ اﻟدول
اﻷﻋﺿﺎء ﻣن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﻣﺎ ﯾﺣد ﻣن ﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ أو ﯾﺧﺎﻟف إرادﺗﻬﺎ ﺑل وﯾﺗﺿﻣن أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻣﺳﺎﺳﺎ
ﺑﻬذﻩ اﻟﺳﯾﺎدة ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺣﻔظ اﻟﺳﻠم واﻷﻣن اﻟدوﻟﺗﯾن وﻫو ﻣﺎ ﯾظﻬر ﺑوﺿوح ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﻣﺟﻠس اﻷﻣن ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﺗﻬدﯾد اﻟﺳﻠم ووﻗوع اﻟﻌدوان وﻓﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻔﺻل
اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻣن ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة.
إذ أن ﻣﻔﻬوم اﻟﺳﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث ﯾﺟب أن ﯾﻧﺻرف إﻟﻰ ﻣﻌﻧﻲ ﻣﺣدد ﻫو ﺣق
ﻛل دوﻟﺔ ﻓﻲ اﺣﺗرام اﺳﺗﻘﻼﻟﻬﺎ اﻟداﺧﻠﻲ واﻟﺧﺎرﺟﻲ وﻣﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ اﻟدوﻟﯾﺔ واﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ
ﺑﺷرط اﻟﺧﺿوع ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم واﻻﻟﺗزام ﺑﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة.1
وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك أن اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟوطﻧﻲ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻧظﺎم اﻋﻠﻲ ﻫو اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ
وان ﻣظﺎﻫر ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺳﻠطﺎت واﺧﺗﺻﺎﺻﺎت ﺗﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﺣدود أﺣﻛﺎم
اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟدوﻟﻲ.
وﻗد أﻛدت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎدة ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻣﺻﺎﯾد ﺑﯾن
اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻣﺗﺣدة واﻟﺗروﯾﺞ ﺳﻧﺔ 1951ﻓﻘد ﺗﻌرﺿت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻟﻛﯾﻔﯾﺔ اﺣﺗﺳﺎب اﻟﺗروﯾﺞ ﺑﺣرﻫﺎ
- 1د .ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .338
51
اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﺣﯾث ﻗررت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺳﺎﺣﺎت اﻟﺑﺣرﯾﺔ ﻛﺎن ﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟدوام ﺻﻔﺔ دوﻟﯾﺔ
وﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗرك ﻟﻺرادة اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎورة ﻛﻣﺎ ﺗظﻬر ﻓﻲ ﺗﺷرﯾﻌﺎﺗﻬﺎ ٕواذا ﻛﺎن اﻟﻣﺗﺑﻊ
آن ﺗﺣدﯾد اﺗﺳﺎع اﻟﺑﺣر اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﯾﺗم ﺑﺈرادة دوﻟﺔ واﺣدة ﻓﺎن ﻧﻔﺎذ ﻫذا اﻟﺗﺣدﯾد ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟدول
اﻷﺧرى ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم.
ﻧﺷﺄة اﻟدوﻟﺔ
اﻻﻋﺗراف:
ﯾﻣﻛن أن ﻧﺗﺳﺎءل ﻋﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟدوﻟﺔ ﺗوﺟد ﺑﻣﺟرد ﺗواﻓر اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺛﻼث اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻬﺎ
وﻫﻲ ﺷﻌب -إﻗﻠﯾم ﺳﻠطﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أم أن ﻫﻧﺎك إﺟراء ﻻﺣق ﻟﺗواﻓرﻫﺎ .
وﺑﻣﻌﻧﻰ آﺧر ﻫل ﺗﻛﺗﺳب اﻟدوﻟﺔ وﺻف اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻧد اﻛﺗﻣﺎل ﻫذﻩ
اﻟﻌﻧﺎﺻر أم اﻧﻪ ﯾﻠزم أن ﯾﺗم إﺟراء آﺧر ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ.
اﻟواﻗﻊ أن اﻟدوﻟﺔ ﺗﻛﺗﺳب وﺻف اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗم اﻻﻋﺗراف ﺑﻬﺎ ﻣن ﺟﺎﻧب
اﻟدول اﻷﺧرى وﻗﺑوﻟﻬﺎ ﻋﺿوا ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺎن وﺟود اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺛﻼث
اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻧﺷوء اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك
اﻻﻋﺗراف ﺑﻬﺎ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟدول اﻷﺧرى.
وﻟﻘد ﻋرف ﻣﻌﻬد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ دورة ﺑروﻛﺳل ﺳﻧﺔ 1936اﻻﻋﺗراف ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻣل ﺣر
ﺗﻘر ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ دوﻟﺔ أو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟدول وﺟود ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﻧظﯾم ﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ إﻗﻠﯾم ﻣﻌﯾن
52
وﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻻﺳﺗﻘﻼل ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻟدول وﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وﺗظﻬر
اﻟدول ﺑﺎﻻﻋﺗراف ﻧﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ ﻋﺿوا ﻓﻲ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ.1
اﺧﺗﻠف اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺣول طﺑﯾﻌﺔ اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة وﺗوﺟد ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﻧظرﺗﺎن
أﺳﺎﺳﯾﺗﯾن ﻫﻣﺎ ﻧظرﯾﺔ اﻻﻋﺗراف اﻟﻣﻧﺷﺊ وﻧظرﯾﺔ اﻻﻋﺗراف اﻟﻣﻘرر:2
ﯾرى أﻧﺻﺎر ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ أن اﻻﻋﺗراف ﻫو اﻟذي ﯾﺧﻠق اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة وﯾﻌطﯾﻬﺎ ﺻﻔﺔ
اﻟﻌﺿوﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺳرة اﻟدوﻟﯾﺔ وﯾﺗﻔق ﻫذا اﻟرأي ﻣﻊ أﻧﺻﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻹرادﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ
اﻟﻌﺎم وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك أن ﺗﻣﺗﻊ اﻟدول اﻟﺟدﯾدة ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم
ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻋﺗراف اﻟدول اﻷﺧرى ﺑﻬﺎ وﻣﯾز اﻟﺑﻌض ﺑﯾن اﻟوﺟود اﻟﻣﺎدي ﻟﻠدوﻟﺔ وﺗﻣﺗﻌﻬﺎ
ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟوﺟود وﻫو أﻣر ﻻ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺗراف ﺑﻬﺎ وﺑﯾن اﻟوﺟود
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ وﺗﻣﺗﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وﻫو ﻣﺎ ﯾﻧﺷﺋﻪ اﻻﻋﺗراف.
ﯾرى أﻧﺻﺎر ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ أن اﻻﻋﺗراف إﺟراء ﻣﺳﺗﻘل ﻋن ﻧﺷﺄة اﻟدوﻟﺔ وﻻﺣق ﻟﻬﺎ
ﻓﺎﻻﻋﺗراف ﻻ ﯾﺧﻠق اﻟدوﻟﺔ إﻧﻣﺎ ﻫو ﻋﻣل ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﯾﻌﺑر ﻋن إرادة اﻟدول اﻷﺧرى ﻓﻲ ﻗﺑول
اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ دوﻟﺔ ﺟدﯾدة ﻛﻌﺿو ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ وﯾﺗﺣﻘق ﻧﺷوء اﻟدوﻟﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﺿﺎﻓر
ﻋواﻣل ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺗؤدي إﻟﻰ اﺳﺗﻘرار ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم ﻣﻌﯾن ﺗﺣت ﺳﯾطرة
ﺳﻠطﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وﻟﯾس ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻹرادة اﻟدول اﻷﺧرى واﻧﻪ ﻻ دﺧل ﻟﻬذﻩ اﻹرادة ﻓﻲ اﻛﺗﻣﺎل
ﻋﻧﺎﺻر اﻟدوﻟﺔ.
- 1د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .244
2
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،اﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .340
53
ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك أن ﻋدم اﻋﺗراف ﺑﻌض اﻟدول ﺑﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻻ ﯾؤﺛر ﻓﻲ وﺟودﻫﺎ إﻧﻣﺎ
ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟدﺧول ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻊ اﻟدول اﻟﺗﻲ اﻋﺗرﻓت ﺑﻬﺎ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺣﻘوق اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﺣﻬﺎ ﻟﻬﺎ
ﺷﺧﺻﯾﺗﻬﺎ اﻟدوﻟﯾﺔ وﻗد اﺧذ ﻣﺟﻣﻊ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﺑﻬذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ دورة اﻧﻌﻘﺎدﻩ ﻓﻲ ﺑروﻛﺳﯾل
ﺳﻧﺔ 1936ﺣﯾن ﻗرر أن وﺟود اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾﺗﺑﻊ ذﻟك ﻣن آﺛﺎر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻻ ﯾﺗﺄﺛر
ﺑرﻓض اﻻﻋﺗراف ﻣن ﺟﺎﻧب دوﻟﺔ أو أﻛﺛر ﻛﻣﺎ اﺧذ ﺑﻬذا اﻟرأي أﯾﺿﺎ ﻣﯾﺛﺎق ﺑوﺟوﺗﺎ ﺳﻧﺔ
1948اﻟذي ﯾﺟﻣﻊ اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ ﻣﻧظﻣﺔ اﻟدول اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﺣﯾث ﻗرر ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﺎﺳﻌﺔ
ﻣﻧﻪ أن وﺟود اﻟدوﻟﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻣﺳﺗﻘل ﻋن اﻋﺗراف اﻟدول اﻷﺧرى ﺑﻬﺎ وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر
اﻻﻋﺗراف ذا ﺻﻔﺔ إﻗ اررﯾﻪ أن ﯾﻛون ذا اﺛر رﺟﻌﻲ ﺑﺣﯾث ﺗﻧﺳﺣب آﺛﺎرﻩ إﻟﻰ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟذي
اﻛﺗﻣﻠت ﻓﯾﻪ ﻋﻧﺎﺻر اﻟدوﻟﺔ وﻟﯾس إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻻﻋﺗراف ﻧﻔﺳﻪ وﻧﺗﺟﻪ إﻟﻰ ﺗﺄﯾﯾد ﻫذا اﻟرأي ﻷﻧﻪ
ﯾﺗﻔق ﻣﻊ اﻟوﺟود اﻟطﺑﯾﻌﻲ واﻟﺣﺿﺎري ﻟﻠدوﻟﺔ إذ أﻧﻪ ﻣﺗﻰ اﻛﺗﻣﻠت ﻋﻧﺎﺻرﻫﺎ ﻓﻼ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﻧﻌﻠق
وﺟودﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻋﺗراف ﺑﻌض اﻟدول أو ﻋدم اﻋﺗراﻓﻬﺎ ﺑﻬﺎ وﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻻ ﯾﻣﻛن
ﺗﺟﺎﻫل وﺟود دوﻟﺔ ﻛﺑرى ﻛﺎﻟﺻﯾن ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻌدم اﻋﺗراف ﺑﻌض اﻟدول ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ
دﺧوﻟﻬﺎ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة.1
ﻻ ﯾﻔرض اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻋﻠﻰ أﻋﺿﺎء اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وﺟوب اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟدوﻟﺔ
اﻟﺟدﯾدة ﻋﻧد ﺗواﻓر ﻋﻧﺎﺻرﻫﺎ ﺑل ﻟﻛل دوﻟﺔ ﻣطﻠق اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﻋﺗراف أو ﻋدم اﻻﻋﺗراف ﻻن
ذﻟك ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺻﻣﯾم اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻛل دوﻟﺔ دون أي اﻟﺗزام ﻗﺎﻧوﻧﯽ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻘد
أﺛﺑﺗت اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ أن ﻛل دوﻟﺔ ﺗﺳﺗﻘل ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻣوﻗﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺿوء ﻣﺎ ﺗﻣﻠﯾﻪ ﻋﻠﯾﻬﺎ
ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ ﺑﺣﯾث ﺗﻘوم ﺑﺗﻘدﯾر اﻟظروف اﻟﺗﻲ ﻧﺷﺄت ﻓﯾﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ وﻣﻘوﻣﺎﺗﻬﺎ واﺗﺟﺎﻫﺎﺗﻬﺎ ﻟﺗﺣدد ﻣﺎ
إذا ﻛﺎﻧت ﺗﻌﺗرف ﺑﻬﺎ أم ﻻ وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﺗدﺧل اﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻣوﻗف اﻟدول ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ
اﻻﻋﺗراف وﻋﻠﻰ أي ﺣﺎل ﻓﺈن اﻟدول اﻟﺟدﯾدة ﺗﻣﺎرس اﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟدول
اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗرف ﺑﻬﺎ دون ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗرﻓض اﻻﻋﺗراف ﺑﻬﺎ وﻟﻠدول أن ﺗﻌﻠن ﻣوﻋد اﻋﺗراﻓﻬﺎ ﺑﺎﻟدوﻟﺔ
1
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .246
54
اﻟﺟدﯾدة ﺑﻣﺎ ﯾﺗﻔق وﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ ﻣﻣﺎ ﯾؤدى اﻟﻰ اﺧﺗﻼف ﻣواﻋﯾد ﻧﺷﺄة اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻠدول وﯾﻧدر أن ﯾﺗم اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة دﻓﻌﺔ واﺣدة إﻧﻣﺎ ﯾﺗم ﻓﻲ ﺗوارﯾﺦ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻣﻊ
ذﻟك ﻓﻘد ﯾﺗم اﻹﻋﻼن ﺳرﯾﻌﺎ ﻓور إﻋﻼن اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻛﻣﺎ ﺣدث ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻﻋﺗراف اﻟوﻻﯾﺎت
اﻟﻣﺗﺣدة واﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ ﺑﺈﺳراﺋﯾل ﻋﻘب إﻧﺷﺎﺋﻬﺎ وﻗد ﯾﺗﺄﺧر ﺑﺿﻊ ﺳﻧوات ﻛﻣﺎ ﺣدث ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻻﺳﺗﻘﻼل دوال أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ ﺣﯾث ﺑدأ إﻋﻼن اﺳﺗﻘﻼﻟﻬﺎ ﺳﻧﺔ 1811ﺗﺑﺎﻋﺎ وﻟم ﺗﻌﺗرف
اﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﺑذﻟك إﻻ ﺳﻧﺔ 1839ﻫذا وﯾﺗﻌﯾن اﻟﺗﺣﻘق ﻣن اﺳﺗﻛﻣﺎل اﻟدوﻟﺔ ﻟﻌﻧﺎﺻرﻫﺎ ﻗﺑل اﻻﻋﺗراف
ﺑﻬﺎ وﻻ ﯾﻌﻧﻲ ذﻟك أن ﯾﺗم اﻻﻋﺗراف ﺑﺳرﻋﺔ ﻛﺑﯾرة أو ﯾﺗﺄﺧر ﻟﻔﺗرة طوﯾﻠﺔ ﻷن ذﻟك ﻗد ﯾﻌﺗﺑر
ﻋﻣﻼ ﻏﯾر ودي ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗرﻏب ﻓﻲ إﻋﻼن اﻻﻋﺗراف )ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻹﺳراع ( أو
ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﺗرف ﺑﻬﺎ )ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﺄﺧﯾر( وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﻗﺎﻣت اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة ﺑﺎﻻﻋﺗراف
ﺑدوﻟﺔ ﺑﻧﺎﻣﺎ ،ﺑﻌد ﻓﺗرة ﻗﺻﯾرة ﻣن إﻋﻼن ﻗﯾﺎﻣﻬﺎ اﻋﺗﺑرت ﻛوﻟوﻣﺑﯾﺎ ذﻟك ﺗدﺧﻼ ﻏﯾر ﻣﺷروع ﻓﻲ
ﺷﺋوﻧﻬﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻷﻧﻪ ﺗم ﻓﻲ وﻗت ﻛﺎﻧت ﻛوﻟوﻣﺑﯾﺎ ﺗﺄﻣل ﻓﯾﻪ اﺳﺗﻌﺎدة ﺳﯾطرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم ﺑﻧﺎﻣﺎ.1
وأﺻدرت اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻌﺻﺑﺔ اﻷﻣم ﺗﺣت ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺑﯾﺎن اﻷﻣرﯾﻛﻲ ﻗ ار ار ﻓﻲ 11ﻣﺎرس
1932ﺟﺎء ﻓﯾﻪ أن أﻋﺿﺎء ﻋﺻﺑﺔ اﻷﻣم ﯾﻠﺗزﻣون ﺑﻌدم اﻻﻋﺗراف ﺑﺄي ﺣﺎﻟﺔ أو ﻣﻌﺎﻫدة أو
- 1د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .248
- 2د .ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .342
55
اﺗﻔﺎق ﯾﻛون ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻﺳﺗﻌﻣﺎل وﺳﺎﺋل ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻌﻬد ﻋﺻﺑﺔ اﻷﻣم أو ﻣﯾﺛﺎق ﺑرﯾﺎن ﻛﯾﻠوج اﻟﺧﺎص
ﺑﻣﻧﻊ اﻻﻟﺗﺟﺎء إﻟﻰ اﻟﺣرب وﻗد اﺻدر ﻣﺟﻠس اﻟﻌﺻﺑﺔ ﺧﻼل اﻟﻔﺗرة ﻣن 33إﻟﻲ 1940ﺑﻌض
اﻟﻘ اررات اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺑﻌض اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﻲ وﻗﻌت ﺑﯾن ﺑﻌض دول أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ
ﻧظرﯾﺔ ﺳﺗﻣﺳون ورﻏم اﺳﺗﻧﺎد ﻧظرﯾﺔ ﺳﺗﯾﻣﺳون إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎرات اﻟﻌداﻟﺔ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﻠق ﻧﺟﺎﺣﺎ ﻓﻲ
اﻟﺗطﺑﯾق إذ أﻧﻛرت اﻟدول وﺟود ﻣﺛل ﻫذا اﻻﻟﺗزام وﺗﻘرر أﻧﻬﺎ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ
ﻓﻲ اﻻﻋﺗراف أو ﻋدم اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة وﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﯾﻌﺎد اﻻﻋﺗراف وﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ
ﯾﺗﻔق ﻣﻊ ﻓﻛرة ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ وﻣﻊ اﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ظﺎﻫرﻩ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻗﺑل أن
ﺗﻛون ﻧظﺎﻣﺎ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ.
ﻟم ﺗﺗﺿﻣن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ أي ﺷرط ﺧﺎص ﻟﻼﻋﺗراف ﺑﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة واﻻﻋﺗراف
ﻗد ﯾﻛون ﺻرﯾﺣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﺑرام اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﺗرﻓﺔ واﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﺗرف ﺑﻬﺎ أو
ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻹﻋﻼن دﺑﻠوﻣﺎﺳﻲ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﺗرﻓﺔ وﻗد ﯾﻛون ﺿﻣﻧﯾﺎ وذﻟك ﺑﺄن ﺗﻘوم ﺑﺑﻌض
اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﺗﺟﺎﻩ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة ﺑﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ اﺗﺟﺎﻩ ﻧﯾﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﺷﺧص ﻗﺎﻧوﻧﯽ ﻣﺛل
ﺗﺑﺎدل اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﯾن أو إﺑرام اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن اﻻﺣﺗراس ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻼﻋﺗراف
اﻟﺿﻣﻧﻲ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﻧﻲ اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة وﻣن ذﻟك إرﺳﺎل ﺑرﻗﯾﺎت اﻟﺗﻬﺎﻧﻲ أو ﺗﺑﺎدل
اﻟﻘﻧﺎﺻل أو إﺑرام اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻓﺎن ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﻣور ﻻ ﺗﻌد ﺑﺎﻟﺿرورة اﻋﺗراف ﺿﻣﻧﯾﺎ.1
وﻗد ﯾﻛون اﻻﻋﺗراف ﻓردﯾﺎ أو ﺟﻣﺎﻋﯾﺎ :واﻻﻋﺗراف اﻟﻔردي ﯾﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﺻدر ﻣن
دوﻟﺔ واﺣدة ﺻراﺣﺔ أو ﺿﻣﻧﺎ ﺗﺟﺎﻩ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة ،وﻗد ﯾﻛون ﺟﻣﺎﻋﯾﺎ وذﻟك إذا ﺻدر
اﻻﻋﺗراف ﻣن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟدول ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﻣﺛﺎل ذﻟك اﻻﻋﺗراف ﺑﺑﻠﺟﯾﻛﺎ ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣر
- 1د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .250
56
ﻟﻧدن ﺳﻧﺔ 1831وﺑﺎﻟﯾوﻧﺎن ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣر اﻟﻘﺳطﻧطﯾﻧﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1832وﺑﺄﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣر ﺳﻔراء
اﻟدول اﻟﻌظﻣﻰ ﺳﻧﺔ .11914
وﯾﻣﻛن أن ﻧﺗﺳﺎءل ﻫﻧﺎ ﻋﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺻدور ﻗرار ﻣن ﻣﻧظﻣﺔ دوﻟﯾﺔ ﺑﻘﺑول دوﻟﺔ ﺟدﯾدة
ﻋﺿوا ﺑﻬﺎ .ﻫل ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر ﻫذا اﻟﻘرار اﻋﺗراﻓﺎ ﺿﻣﻧﯾﺎ ﺑﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻣن ﻗﺑل ﻛﺎﻓﺔ اﻟدول
أﻋﺿﺎء اﻟﻣﻧظﻣﺔ؟.
ﯾرى ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻣﺛل ﻛﻠﺳن وﺳل روﺳو وﺟوﺟﻧﻬﺎﯾم أن ﻗﺑول دوﻟﺔ ﻋﺿوا ﻓﻲ ﻣﻧظﻣﺔ
دوﻟﯾﺔ ﺑﻌد اﻋﺗراﻓﺎ دوﻟﯾﺎ ﺑﻬﺎ ﻣن اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﺳواء ﻣن اﻋﺗرف ﺑﻬﺎ أو ﻣن ﻟم ﯾﻌﺗرف.
وﯾﺳﺗﻧد ﻫؤﻻء اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ ﺗﺑرﯾر رأﯾﻬم إﻟﻰ أن وﺟود اﻟدول اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﯾﻘﺗﺿﻲ
اﻟﺗﺷﺎور واﻟﺗﻌﺎون ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬم ﻋﻧد اﺗﺧﺎذ ﻗ اررات اﻟﻣﻧظﻣﺔ .وﻫذا اﻟوﺿﻊ ﻻ ﯾﺳﺗﻘﯾم ﻣﻊ ﻋدم
اﻋﺗراف ﺑﻌض اﻷﻋﺿﺎء ﺑﺎﻟﺑﻌض اﻵﺧر.
وﯾرﻓض ﻓرﯾق آﺧر ﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻣﺛل ﺷﺎرل ﻓﯾﺷر ،وﺷوار زﻧﺑرﺟر وﻛوﯾﻧس راﯾت وﺟﯾب
ﻫذا اﻟرأي ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن ذﻟك ﺳﯾﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ .وﯾرون أن اﻻﻧﺿﻣﺎم إﻟﻰ ﻣﻧظﻣﺔ
دوﻟﯾﺔ ﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺿرورة اﻋﺗراف ﻛل ﻋﺿو ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة.2
وﯾﺳﺗﻧد ﻫؤﻻء اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻟﻰ اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻋﺗراف اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑدوﻟﺔ ﺟدﯾدة واﻋﺗراف ﻛل
دوﻟﺔ ﻋﺿو ﻓﯾﻪ ﺑﻬذﻩ اﻟدوﻟﺔ إذ أن ﻗﺑول دوﻟﺔ أﺟدﯾدة ﻋﺿوا ﺑﺎﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﯾﻌﻧﻲ اﻻﻋﺗراف
ﻟﻬﺎ ﺑﺻﻔﺔ اﻟﻌﺿوﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﻣن ﻟم ﯾﻌﺗرف ﻟﻬﺎ ﺑﺻﻔﺔ اﻟدوﻟﺔ وﻟﻛن ذﻟك ﻻ ﯾؤﺛر ﻓﻲ
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ وﺑﺎﻗﻲ اﻟدول أﻋﺿﺎء اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟذﯾن ﻻ ﯾﻌﺗرﻓون ﺑﻬﺎ ،وﻻ
ﯾؤدي ﺑﺄي ﺣﺎل إﻟﻰ إﻗرار ﺻﻔﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﻛل اﻷﻋﺿﺎء .ﻓﺿﻼ ﻋن ذﻟك ،ﻓﺈن
اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻻ ﺗﺧﺗص ﺑﻪ اﻟﻣﻧظﻣﺔ وﯾﻛون ﻟﻛل دوﻟﺔ ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾر ﻣوﻗﻔﻬﺎ ﻣن
ﺣﯾث اﻻﻋﺗراف أو ﻋدﻣﻪ .وﺗﺗﺟﻪ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة إﻟﻰ ﺗﺄﯾﯾد اﻟرأي اﻟﺛﺎﻧﻲ .إذا
1
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .343
- 2د .ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .344
57
أن ﺟﻣﻬورﯾﺔ ﻣﻧﻐوﻟﯾﺎ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻟم ﯾﻛن ﻣﻌﺗرﻓﺎ ﺑﻬﺎ إﻻ ﻣن ﺟﺎﻧب دول اﻟﻛﺗﻠﺔ اﻟﺷرﻗﯾﺔ وﻗت ﻗﺑوﻟﻬﺎ
ﺑﺎﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻗﺑوﻟﻬﺎ ﻻ ﯾﻌﺗﺑر اﻋﺗراﻓﺎ ﻣن ﺑﺎﻗﻲ اﻷﻋﺿﺎء .ﻛذﻟك ﻋدم اﻋﺗراف
اﻟﻣﻐرب ﺑﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺎ ﺣﺗﻰ ﺑﻌد اﻧﺿﻣﺎﻣﻬﺎ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وﻋدم اﻋﺗراف اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺑﺈﺳراﺋﯾل،
ﻓﺎن اﻧﺿﻣﺎم إﺳراﺋﯾل ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻻ ﯾﻧﺷﺊ اﻟﺗزاﻣﺎ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻼﻋﺗراف ﺑﻬﺎ.1
-وﺳﺎﺋل اﻻﻋﺗراف:
اﻻﻋﺗراف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ:
ﻫو اﻻﻋﺗراف اﻟﺻرﯾﺢ اﻟذي ﯾﺻدر ﻣن اﻟدوﻟﺔ ﻋﻧد ﺗﺛﺑﺗﻬﺎ ﻣن ﺗواﻓر ﻋﻧﺎﺻر اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ
اﻟوﺣدة اﻟﺟدﯾدة.2
ﻗد ﯾﻛون ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺑﺎﻻﻧﻔﺻﺎل ﺟزء ﻣن إﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺛورة أو أﻋﻣﺎل ﺣرﺑﯾﺔ وﺗﻛوﯾن
دوﻟﺔ ﺟدﯾدة وﻣن ﺛم ﺗﺗرﯾث اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻻﻋﺗراف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ وﺗﻛﺗﻔﻲ ﺑﺎﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻷﻣر اﻟواﻗﻊ
ﺣﺗﻰ ﺗﺛﺑﯾت اﺳﺗﻘرار وﺿﻊ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ دوﻟﺔ اﻷﺻل .وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻓﻘد
اﻧﻔﺻﻠت ﺑﺎﻛﺳﺗﺎن اﻟﺷرﻗﯾﺔ ﻋن اﻹﻗﻠﯾم اﻟﻐرﺑﻲ ﺳﻧﺔ 1972وأﻋﻠن اﺳﺗﻘﻼﻟﻪ ﺗﺣت اﺳم
ﺑﻧﺟﻼدﯾش .وﻗد اﻋﺗرﺿت ﺑﺎﻛﺳﺗﺎن ﻋﻠﻰ إﻋﻼن اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة واﻋﺗﺑرت اﻻﻋﺗراﻓﺎت ﺑﻬﺎ
ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻋﻣل ﻋداﺋﻲ ﻣوﺟﻪ ﺿدﻫﺎ .وﻣن ﺛم ﻫددت ﺑﻘطﻊ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ﻣﻊ ﻛل دوﻟﺔ
ﺗﻌﺗرف ﺑﺑﻧﺟﻼدﯾش ٕوان ﻛﺎﻧت ﺑﺎﻛﺳﺗﺎن اﻋﺗرﻓت ﺑﻬﺎ ﺑﻌد ذﻟك ﺳﻧﺔ .1973وﻛذﻟك اﻋﺗراف
ﺑﻠﺟﯾﻛﺎ وﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ وﻓرﻧﺳﺎ واﻟﯾﺎﺑﺎن اﻋﺗراﻓﺎ واﻗﻌﯾﺎ اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ ﺟورﺟﯾﺎ ﻓﻲ ﯾﻧﺎﯾر ﺳﻧﺔ ،1920ﺛم
- 1د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .254
- 2د .ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .345
58
ﺗﺣوﯾل ﻫذا اﻻﻋﺗراف إﻟﻰ اﻋﺗراف ﻗﺎﻧوﻧﯽ ،ﻋﻧدﻣﺎ اﻋﺗرﻓت روﺳﯾﺎ ﺑﻌد أرﺑﻊ أﺷﻬر ﺑﻬذﻩ
اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة .وأﯾﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﻣر ،ﻓﺈن اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻻﻋﺗراف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ واﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻷﻣر
اﻟواﻗﻊ ﻻ ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ أي أﺳﺎس ﻗﺎﻧوﻧﯽ وﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎرات ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ.1
ﺳﺣب اﻻﻋﺗراف:
ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺗراف اﺳﺗﻘرار ﻣرﻛز اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟدول اﻟﺗﻲ اﻋﺗرﻓت
ﺑﻬﺎ .وﻣﻊ ذﻟك ،ﻓﻘد ﯾﺛور اﻟﺗﺳﺎؤل ﺣول ﻣدى إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺳﺣب اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟدوﻟﺔ ﺑﻌد ﻗﯾﺎﻣﻪ
وﻛذﻟك اﻵﺛﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺳﺣب واﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺗﺳﺎؤل ،ﻓﺎﻧﻪ وﻓﻘﺎ
ﻟﻧظرﯾﺔ اﻻﻋﺗراف اﻟﻣﻧﺷﺊ ﯾﻛون ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﺗرﻓﺔ اﻟﺣق ﻓﻲ ﺳﺣب اﻋﺗراﻓﻬﺎ واﺑطﺎل آﺛﺎرﻩ
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺷﯾﺋﺗﻬﺎ .ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر اﻻﻋﺗراف وﻓﻘﺎ ﻟﻧظرﯾﺔ اﻻﻋﺗراف اﻟﻣﻘرر ﻣﺟرد إﻗرار
ﻟﻠوﺿﻊ اﻟﻘﺎﺋم ﻣن ﻗﺑل ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺟوز ﺳﺣﺑﻪ طﺎﻟﻣﺎ أن اﻟوﺿﻊ ﻣﺎ زال ﻗﺎﺋﻣﺎ ﻟم ﯾﺣدث ﺑﻪ
ﺗﻐﯾﯾر.
ﻏﯾر أن ﺑﻌض أﻧﺻﺎر اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﻘررة ﯾﺧﻔﻔون ﻣن اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣﺗﺷدد ﻷﻧﺻﺎر اﻟﻧظرﯾﺔ
اﻟﻠذﯾن ﯾرون ﻋدم ﺟواز اﻟرﺟوع ﻓﻲ اﻻﻋﺗراف ،وﯾرون ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﻫذا
اﻹﺟراء ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻣﺑررة .ﻣﺛل إﺧﻼل اﻟدوﻟﺔ ﺑواﺟﺑﺎﺗﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ،أو ﺳﻠوﻛﻬﺎ ﺑﻣﺎ
ﯾﺗﻧﺎﻓﻰ وواﺟﺑﺎت اﻟدول اﻟﻣﺗﻣدﯾﻧﺔ.
وﻣن اﻟﻧﺎدر ﺳﺣب اﻻﻋﺗراف ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻓﻘد ﺳﺣب اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻋﺗراﻓﻬﺎ
ﺑﺟﻣﻬورﯾﺔ أرﻣﯾﻧﯾﺎ ﺳﻧﺔ 1920ﺑﻌد أن ﻓﻘدت اﺳﺗﻘﻼﻟﻬﺎ وأﺻﺑﺣت ﺟزءا ﻣن اﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ.2
وﯾﺟب ﻋدم اﻟﺧﻠط ﺑﯾن ﺳﺣب اﻻﻋﺗراف وﻗطﻊ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ وان ﻛﺎن ﺳﺣب
اﻻﻋﺗراف ﯾؤدي ﺑﺎﻟﺿرورة إﻟﻰ ﻗطﻊ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ،إﻻ أن اﻟﻌﻛس ﻟﯾس ﺻﺣﯾﺣﺎ إذ
ﯾﺣدث ﻓﻲ ﻏﺎﻟب اﻷﺣﯾﺎن أن ﺗﻘطﻊ دوﻟﺔ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ﺑدوﻟﺔ أﺧرى دون أن ﯾﻌﻧﻲ ذﻟك
1
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .254
2
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .346
59
ﺳﺣب اﻻﻋﺗراف ﺑﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﺣدث ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘطﻊ ﻣﺻر ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ﻣﻊ ﻓرﻧﺳﺎ أو اﻧﺟﻠﺗ ار
ﻋﻘب ﻋدوان ﺳﻧﺔ ،1956وﻣﻊ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة أﺛر اﻟﻌدوان اﻹﺳراﺋﯾﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻼد اﻟﻌرﺑﯾﺔ
ﺳﻧﺔ 1967وﻛذﻟك ﻗطﻊ اﻟدول اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﺑﺈﺳراﺋﯾل ﺳﻧﺔ ،1967وﻗطﻊ ﻋدد ﻣن
اﻟدول اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﺑﻬﺎ ﺳﻧﺔ 1973ﻧﺗﯾﺟﺔ اﺳﺗﻣرار اﺣﺗﻼﻟﻬﺎ ﻟﺑﻌض اﻷراﺿﻲ اﻟﻌرﺑﯾﺔ.1
إذا ﻛﺎن اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟدوﻟﺔ ﯾؤدى إﻟﻰ ﻧﺷوء ﺷﺧﺻﯾﺔ دوﻟﯾﺔ ﺟدﯾدة ،ﻓﻼ ﯾﺟب اﻟﺧﻠط ﺑﯾﻧﻪ
وﺑﯾن اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ .ﻓﻘد ﺟرى اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ أن ﺗﺻدر اﻟﺣﻛوﻣﺎت
ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻻﻧﻘﻼﺑﺎت أو اﻟﺛورات إﻟﻰ ﺗﺣدث ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟدول اﻋﺗراﻓﺎ ﺑﺎﻟﻧظم اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ
اﻟﺟدﯾدة .وﻻ ﯾﺗﻌﻠق ﻫذا اﻻﻋﺗراف ﺑﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ وﻻ ﺑوﺿﻌﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟدول
اﻷﺧرىٕ ،واﻧﻣﺎ ﯾﻘﺻد ﺑﻪ ﻣﺟرد اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن رﻏﺑﺔ اﻟﺣﻛوﻣﺎت ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺣﻛوﻣﺔ
اﻟﺟدﯾدة ،ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧﻪ إذا ﻟم ﯾﺗم ﻫذا اﻻﻋﺗراف ﻓﺈن ذﻟك ﻻ ﯾﻣس ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺣدث
ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺗﻐﯾﯾر ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ اﻣ أر داﺧﻠﯾﺎ ﻻ ﯾؤﺛر ﻓﻲ ﻣرﻛز اﻟدوﻟﺔ اﻟﺧﺎرﺟﻲ .وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻋدم
اﻻﻋﺗراف ﺑﺗﻐﯾﯾر ﻧظﺎم اﻟﺣﻛم اﻟداﺧﻠﻲ ،ﻗطﻊ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻐﯾرت ﺣﻛوﻣﺗﻬﺎ
واﻟدوﻟﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﻌﺗرﻓﺔ.
وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ،ﻓﺈن ﺗﻐﯾﯾر ﻧظﺎم اﻟﺣﻛم ﻣن ﻧظﺎم ﻣﻠﻛﻲ إﻟﻲ ﻧظﺎم ﺟﻣﻬوري أو ﻣن ﻧظﺎم
ﺑرﻟﻣﺎﻧﻲ إﻟﻲ ﻧظﺎم رﺋﺎﺳﻲ وﻛذﻟك.2
;ﻣن ﺛم ﻓﻼ ﯾﻛون ﻫﻧﺎك اﺗﺟﺎﻩ ﺳوي اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺣﻛوﻣﺔ ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ ﻛل
دوﻟﺔ أن ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻣﺎ داﻣت ﻗد اﺳﺗﻘرت ﻟﻬﺎ اﻷﻣور ،وﻟم ﺗﻔرض ﻧﺗﯾﺟﺔ
ﻟﻠﺗدﺧل اﻷﺟﻧﺑﻲ وان رﻓض اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة ﯾﻌد ﻋﻣﻼ ﻏﯾر رأي ﺗﺟﺎﻩ ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ.
- 1د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .256
2
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .256
60
ﻧظرﯾﺔ اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺣﻛوﻣﺔ أو ﻧظرﯾﺔ ﺗوﺑﺎر:
ﺗذﻫب ﺑﻌض اﻟدول إﻟﻰ ﻋدم اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺛورة اﻧﻘﻼب ﻣﺳﻠﺢ،
إﻻ إذا أﻋطت ﻟﻧﻔﺳﻬﺎ ﺷﻛﻼ ﺷرﻋﯾﺎ .وﻗد أﺧذت دول أﻣرﯾﻛﺎ اﻟوﺳطﻰ ﺑﻧظرﯾﺔ ﺗوﺑﺎر 1وﺗﻘﺿﻰ
ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﺑﻌدم ﺟواز اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑطرﯾﻘﺔ ﻏﯾر دﺳﺗورﯾﺔ إﻻ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘوم
ﻣﻣﺛﻠو اﻟﺷﻌب اﻟﻣﻧﺗﺧﺑون اﻧﺗﺧﺎﺑﺎ ﺣ ار ﺑﺈﻋطﺎء اﻟﺻﻔﺔ اﻟدﺳﺗورﯾﺔ ﻟﺗﻠك اﻟﺣﻛوﻣﺎت.
ٕواذا ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﺗطﺑق ﻓﻲ دول أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ ،ﻧظ ار ﻟﻼﺿطراﺑﺎت اﻟﻣﺳﺗﻣرة ﻓﻲ
ﻫذﻩ اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻣن اﻟﻌﺎﻟم ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﻻ ﺗﻌﺑر ﻋن ﻗﺎﻋدة ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﻘﺑوﻟﺔ ﻓﻲ
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ.
وﻗد أﻋﻠﻧت اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة ﺳﻧﺔ 1945أﻧﻬﺎ ﺳﺗرﻓض اﻻﻋﺗراف ﺑﻛل ﺣﻛوﻣﺔ ﺗﻔرﺿﻬﺎ
دوﻟﺔ أﺟﻧﺑﯾﺔ ﺑﺎﻟﻘوة ﻋﻠﻰ ﺷﻌب ﻣﺎ ،واﺷﺗرطت ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣوال إﺟراء اﻧﺗﺧﺎﺑﺎت ﺣرة وﻟﻘد
ﻗررت ﻣﻧظﻣﺔ اﻟدول اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣر رﯾودي ﺟﺎﻧﯾرو ﺳﻧﺔ 1965ﺿرورة ﺗﺷﺎور
اﻷﻋﺿﺎء ﻗﺑل اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺣﻛوﻣﺎت اﻟواﻗﻌﯾﺔ ،وذﻟك ﻟﺑﺣث ﻣدی اﺳﺗﻌداد ﻫذﻩ اﻟﺣﻛوﻣﺎت
ﻹﺟراء اﻧﺗﺧﺎﺑﺎت وﻟﺗﺣﻣل اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟدوﻟﯾﺔ.
- 1ﺗﻧﺳب ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ إﻟﻰ ﺗوﺑﺎر وزﯾر ﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻻﻛوادور ،واﻟذي دﻋﺎ دول أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ إﻟﻰ اﻷﺧذ ﺑﻧظرﯾﺗﻪ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ
ﻣذﻛرة ﻣؤرﺧﺔ 15ﻣﺎرس ﺳﻧﺔ .1907
61
اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ
-1ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﻌﺎﻫدات.
-6اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدات.
62
اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ
ﺗﻣﻬﯾد
ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﻌﺎﻫدة:
اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻋﺑﺎرة ﻋن اﺗﻔﺎق دوﻟﻲ ﻣﻛﺗوب ﯾﺗم إﺑراﻣﻪ ﺑﯾن أﺷﺧﺎص اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﺳواء
ﻓﻲ ذﻟك اﻟدول أو اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﯾﺗﺿﻣن ﻫذا اﻻﺗﻔﺎق إﻧﺷﺎء ﺣﻘوق واﻟﺗزاﻣﺎت ﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ
ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺑﻲ أطراﻓﻪ ﻛﻣﺎ ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻣوﺿوﻋﺔ ﺗﻧظﯾم ﻋﻼﻗﺔ ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻛﻣﻬﺎ
اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم.1
وﯾﺗﺿﺢ ﻣﻣﺎ ﺳﺑق أن اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﯾﺟب أن ﯾﺗم إﺑراﻣﻬﺎ ﻛﺗﺎﺑﺔ ﻏﯾر أن ﻫذا ﻻ ﯾﻌﻧﻲ أن
اﻻﺗﻔﺎق ﻏﯾر اﻟﻣﻛﺗوب وﻫو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻲ ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟﺟﻧﺗﻠﻣﺎن -وﻫو اﻟذي ﯾﺗم ﺑطرﯾﻘﺔ ﺷﻔوﯾﺔ ﺑﯾن
ﻣﻣﺛﻠﻲ اﻟدول ﻣﻣن ﯾﻛون ﻟﻬم ﺳﻠطﺔ إﻟزام اﻟدوﻟﺔ -ﻻ ﯾﻛون ﻣﻠزﻣﺎ وواﺟب اﻻﺣﺗرام ﺑل ﻋﻠﻰ
اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك ﺗﻛون ﻟﻪ ﻓﺎﻋﻠﯾﺗﻪ ٕواﻟزاﻣﻪ وﻣن ﺛم ﻻ ﯾﺳري ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻔﻬوم اﻻﺗﻔﺎق اﻟدوﻟﻲ.
وﻣن ذﻟك ﻣﺎ ﻗررﺗﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟداﺋﻣﺔ ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ ﺟرﯾﻧﻼﻧد اﻟﺷرﻗﯾﺔ ﺳﻧﺔ
1933ﻣن أن اﻟﺑﯾﺎن اﻟذي أدﻟﻰ ﺑﻪ وزﯾر ﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﻧروﯾﺞ ﻟوزﯾر ﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟداﻧﻣرك اﻟﻣﻔوض
ﺧﻼل ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ رﺳﻣﯾﺔ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻠزﻣﺎ ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻧروﯾﺟﯾﺔ.
وﻣن ﺛم ﻓﺎن اﻟﺳﻣﺔ اﻟﻣﻣﯾزة ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ ﻛوﻧﻬﺎ اﺗﻔﺎق ﺷﻛﻠﻲ ﻻ ﯾﺗم إﻻ ﻛﺗﺎﺑﺔ
وﺑﺈﺗﺑﺎع إﺟراءات ﻣﻌﯾﻧﻪ .ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﺎدة 102ﻣن ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺗﺷﺗرط ﻟﺗﺳﺟﯾل
اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ وﻧﺷرﻫﺎ أن ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻗد ﺗم إﺑراﻣﻬﺎ ﻛﺗﺎﺑﺔ.2
وﻣن اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ اﻧﻪ ﻻ ﯾؤﺛر ﻓﻲ ﺗﻣﺗﻊ اﻻﺗﻔﺎق اﻟدوﻟﻲ ﺑوﺻف اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻻﺳم اﻟذي
ﯾطﻠﻘﻪ ﻋﻠﯾﻪ أطراﻓﻪ .ﻓﻘد ﯾﺳﻣﻲ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق Accordأو اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ Conventionأو اﻟﻣﯾﺛﺎق
- 1د .ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺳرﺣﺎن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ، 1973ص .106
2
-د .ﺟﻌﻔر ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،دور اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ 1971 ،
ص .61
63
Mdus Charteأو اﻟﻧظﺎم Statutأو اﻟﺑروﺗوﻛول Protocoleأو اﻟﺗرﺗﯾب اﻟﻣؤﻗت
Vivendiأو اﻟﺗﺻرﯾﺢ اﻟﻣﺷﺗرك Joint Declarationﻛﻣﺎ ﻻ ﯾؤﺛر أﯾﺿﺎ ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر اﻻﺗﻔﺎق
اﻟدوﻟﻲ اﻟﻣﻛﺗوب ﻣﻌﺎﻫدة أن ﯾﺗم إﺛﺑﺎﺗﻪ ﻓﻲ وﺛﯾﻘﺔ واﺣدة و ﻓﻲ وﺛﺎﺋق ﻣﺗﻌددة طﺎﻟﻣﺎ أن ﻣﺟﻣوع
ﻫذﻩ اﻟوﺛﺎﺋق ﯾدور ﺣول ﺗﻧظﯾم ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ.1
وﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻛون ﻣن ﺑﯾن أطراﻓﻬﺎ أﺷﺧﺎص ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ
ﻏﯾر اﻟدول واﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ .ﻛﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم ﻣﺳﺎﺋل
ﻻ ﯾﺣﻛﻣﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ،وﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﺳﻣﻲ ﺑﺎﻟﻌﻘود اﻟدوﻟﯾﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﺗﺣﻛﻣﻬﺎ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻷﺣد اﻷطراف اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة وﺗﻧظم ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺧﺎص اﻟﻘﺎﻧون اﻟواﺟب
اﻟﺗطﺑﯾق واﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻌﻘود.
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻋدم وﺟود اﺧﺗﻼف ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧﺗص ﺑﺎﻟﻘوة اﻟﻣﻠزﻣﺔ واﻟﻘوة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻛل
ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻫدة واﻻﺗﻔﺎق اﻟﺗﻧﻔﯾذي ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾوﺟد ﺗدرج ﺑﯾن اﻟﻧوﻋﯾن ﺣﯾث ﯾﻣﻛن إﻧﻬﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدة أو
ﺗﻌدﯾﻠﻬﺎ ﺑﻣوﺟب اﺗﻔﺎق ﺗﻧﻔﯾذي أو اﻟﻌﻛس إﻧﻬﺎء اﻻﺗﻔﺎق اﻟﺗﻧﻔﯾذي أو ﺗﻌدﯾﻠﻪ ﺑﻣوﺟب ﻣﻌﺎﻫدﻩ
دوﻟﯾﺔ.
- 1د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻘﺎﻋدة اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟدار اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،اﻻﺳﻛﻧدرﯾﺔ،1984 ،
ص.181
2
-د .ﻋﺎﺋﺷﺔ راﺗب ،اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ، 1969 ،ص .157
64
ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﺧدام اﻻﺗﻔﺎق اﻟﺗﻧﻔﯾذي أو اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟدوﻟﯾﺔ ﻋﻧد إﺑرام ﺑﻌض اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت
اﻟدوﻟﯾﺔ دون أن ﯾﻌﻧﻲ ذﻟك أن أﯾﻬﻣﺎ ﻗﻠﯾل اﻷﻫﻣﯾﺔ ﻣﺛﺎل ذﻟك اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻣﯾوﻧﺦ اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﻓﻲ 29
ﺳﺑﺗﻣﺑر ﺳﻧﺔ 1938ﺣﯾث واﻓﻘت ﻛل ﻣن ﻓرﻧﺳﺎ واﻧﺟﻠﺗ ار واﯾطﺎﻟﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﺿم اﻗﻠﯾم اﻟﺳودﯾت
ﻟﺗﺷﯾﻛو وﻛذﻟك اﺗﻔﺎق ﺑﺎﻟﺗﺎ ﺳﻧﺔ 1945اﻟﺧﺎص ﺑﺗﻘﺳﯾم ﻣﻧﺎطق اﻟﻧﻧﻔوذ ﺑﯾن اﻟدول اﻟﻛﺑرى
واﺗﻔﺎق ﺟﻧﯾف ﺳﻧﺔ 1954اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻬﻧد اﻟﺻﯾﻧﯾﺔ واﺗﻔﺎق ﺟﻧﯾف ﺳﻧﺔ 1962اﻟﺧﺎص ﺑﺣﯾﺎة
ﻻوس.1
اﺗﻔﺎق اﻟﺟﻧﺗﻠﻣﺎن ﻫو اﻻﺗﻔﺎق اﻟذي ﯾﺗوﺻل اﻟﯾﻪ اﻟﻣﺳﺋوﻟون اﻟﺳﯾﺎﺳﯾون ﻓﻲ اﻟدول اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ
ﺑﺻﻔﺔ ودﯾﺔ وﺷﺧﺻﯾﺔ دون أن ﺗﺗﺟﻪ إراداﺗﻬم إﻟﻰ إﻟزام دوﻟﻬم ﺑﻣﺿﻣون ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت
وﻣن اﻟﻣﺳﻠم ﺑﻪ أﻧﻪ ﻟﯾس ﻟﻬذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت ﻗﯾﻣﺔ رﺳﻣﯾﺔ وان ﻛل ﻣﺎ ﯾﺿﻣن ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﻫو ﻛﻠﻣﺔ
اﻟﺷرف اﻟﺗﻲ أﻋطﺎﻫﺎ رﺟﺎل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﯾن ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎق ﻛل ﻣﻧﻬم ﻟﻶﺧر وﻻ ﺗﺳﺄل اﻟدوﻟﺔ
ﻋن ﻋدم اﻟﺗزام اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾن ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺿﻣون ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت )اﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺟﻧﺗﻠﻣﺎن( وﻣﻊ ذﻟك
ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻋدم إﻟزاﻣﯾﺔ ﻣﺛل ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت إﻻ اﻧﻪ ﻣن اﻟﻧﺎدر أن ﯾﺗﺧﻠف أطراﻓﻬﺎ
ﻋن ﺗﻧﻔﯾذ أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﺣرﺻﺎ ﻣﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻣﻌﺗﻬم وﺳﻣﻌﺔ دوﻟﻬم اﻷدﺑﯾﺔ ٕواذا ﻛﺎﻧت اﺗﻔﺎﻗﺎت
اﻟﺟﻧﺗﻠﻣﺎن ﻟﯾﺳت اﺗﻔﺎﻗﺎت دوﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺻﺣﯾﺢ إﻻ أن اﻟدول ﻛﺛﯾ ار ﻣﺎ ﺗﻠﺟﺎ إﻟﻰ إﺑراﻣﻬﺎ ﻓﻲ
اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء.2
ﻫذا وﺳوف ﻧﺗﻧﺎول اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﺑﺎﻟدراﺳﺔ أوﻻ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺷﻛل ﺛم ﺛﺎﻧﯾﺎ ﻣن ﺣﯾث
اﻟﻣوﺿوع وأﺧﯾ ار أﺳﺑﺎب اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدات.
- 1اﻧظر :د .ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .185 – 184
- 2أﻧظر :د .ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد اﻟﻘﺎﻋدة اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص .184
65
اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻣن ﺣﯾث اﻟﺷﻛل
اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻫﻲ اﻻﺗﻔﺎق اﻟذي ﯾﺗم ﺑﯾن أﺷﺧﺎص اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ وﯾﺗﻌﯾن أن ﯾﻣر ﺑﺛﻼﺛﺔ
ﻣراﺣل ﻗﺑل أن ﯾﺻﯾر ﻧﺎﻓذا وﻫﻲ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ واﻟﺗوﻗﯾﻊ واﻟﺗﺻدﯾق
ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ:
وﻫذا وﺗﺗم اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت ﻋﺎدة ﺑﺎﻟوﺳﺎﺋل اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ أو ﻓﻲ اﺟﺗﻣﺎﻋﺎت رﺳﻣﯾﺔ أو
ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣر دوﻟﻲ ﯾﺟﻣﻊ ﻣﻣﺛﻠﻲ اﻟدول اﻟﻣﺗﻔﺎوﺿﺔ وﻗد ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﺗﻔﺎوض رؤﺳﺎء اﻟدول ﻣﺑﺎﺷرة أو
وزراء اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ أو رؤﺳﺎء اﻟﺑﻌﺛﺎت اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ﻟدى دوﻟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ أو ﻣﻣﺛﻠﻲ اﻟدول ﻟدى اﻟﻣﻧظﻣﺔ
اﻟدوﻟﯾﺔ وﺗﺗم اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺻدور ﺗﻔوﯾض ﺧﺎص ﺑذﻟك ﻣن رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ طﺑﻘﺎ
ﻟﻠﻣﺎدة اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ ﻣن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدات أﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت اﺣد
اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﯾن أو وزﯾ ار أو ﻣوظﻔﺎ ﻓﻧﯾﺎ ﻣﺧﺗﺻﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن أن ﯾﻛون ﻟدﯾﻪ ﺗﻔوﯾض ﺻرﯾﺢ ﻣﻛﺗوب
ﺻﺎدر ﻣن رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ وﺗﺗﺣدد ﺳﻠطﺔ ﻣﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺔ ﺑﻣدى ﺗﻔوﯾﺿﻪ وﻋﺎدة ﻣﺎ
ﯾﻛون ﻫذا اﻟﺗﻔوﯾض ﺗﻔوﯾﺿﺎ ﻣطﻠﻘﺎ إذا ﻧص ﻓﻲ وﺛﯾﻘﺔ اﻟﺗﻔوﯾض ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺣﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ.1
ووﺛﯾﻘﺔ اﻟﺗﻔوﯾض ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﺳﺗﻧد ﺻﺎدر ﻣن رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ ﯾﺣﻣﻠﻪ اﻟﻣﺗﻔﺎوض ﻹﺛﺑﺎت
ﺻﻔﺗﻪ واﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺧوﻟﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﻔﺎوض واﻟﺗﻌﺎﻗد ﺑﺎﺳم اﻟدوﻟﺔ وﯾﻘدم ﻫذا اﻟﻣﺳﺗﻧد ﻋﻧد ﺑدء
اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت ﻟﻠﺗﺣﻘق ﻣن ﺻﻔﺎت وﺳﻠطﺎت اﻟﻣﻔﺎوﺿﯾن ﻫذا وﺗﺧﺗﻠف ﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻔﺎوض ﺑﺎﺧﺗﻼف
اﻟدول وﻓﻘﺎ ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟواردة ﻓﻲ دﺳﺗور ﻛل دوﻟﺔ.
1
-ﺣﺎﻣد ﺳﻠطﺎن ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم وﻗت اﻟﺳﻠم ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،1996ص .210
66
ﺗﺣرﯾر اﻟﻣﻌﺎﻫدة
ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺟﺎح اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت ﯾﺳﺟل ﻣﺎ ﺗﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ اﻷطراف ﻓﻲ وﺛﯾﻘﺔ ﻣﻛﺗوﺑﺔ وﯾﻘوﻣون
ﺑﺎﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ وﺗﺣرر اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﻠﻐﻪ واﺣدة إذا ﻛﺎﻧت ﻫﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺳﺎﺋدة ﻓﻲ اﻟدوﻟﺗﯾن أو اﻟدول
اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة أﻣﺎ إذا ﻣﺎﻧت ﻟﻐﺔ اﻷطراف اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻘد اﺗﻔق ﻋﻠﻰ ﺗﺣرﯾر اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﻠﻐﺎت
اﻷطراف اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة وﻧظ ار ﻟﺣدوث اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر ﻧﺻوص اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻓﻛﺎن ﯾﺗم اﻻﺗﻔﺎق
ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺣرﯾرﻫﺎ ﺑﻠﻐﺔ واﺣدﻩ ﻫﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ ﺛم ﺣﻠت اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻣﺣﻠﻬﺎ ﺑﻌد
ذﻟك.
إن ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻋدﻟت ﻋﻧﻪ اﻟدول ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ وأﺻﺑﺢ ﺗﺣرﯾر اﻟﻣﻌﺎﻫدات
ﯾﺗم ﺑﻠﻐﺗﯾن أو أﻛﺛر ﻛﻠﻣﺎ دﻋت اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻟذﻟك.
67
ب -إذا ﺛﺑت ﺑطرﯾﻘﺔ أﺧرى أن اﻟدول اﻟﻣﺗﻔﺎوﺿﺔ ﻛﺎﻧت ﻗد اﺗﻔﻘت ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻫذا
اﻷﺛر.
ج -إذا ﺑدت ﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ إﻋطﺎء اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻫذا اﻷﺛر ﻓﻲ وﺛﯾﻘﺔ ﺗﻔوﯾض ﻣﻣﺛﻠﻬﺎ أو ﻋﺑرت ﻋن
ذﻟك أﺛﻧﺎء اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت.
ﻣن اﻟواﺿﺢ أن اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻓﻲ ﻏﯾر ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺛﻼث ﻻ ﯾﻛﺳب اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺻﻔﺔ اﻹﻟزام
إﻧﻣﺎ ﯾﺗﺣﻘق ذﻟك ﺑﺎﻟﺗﺻدﯾق ﻋﻠﯾﻬﺎ وﻫو ﻣﺎ ﯾﻣﯾزﻫﺎ ﻋن اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺑﺳﯾطﺔ ﺑﻣﺟرد اﻟﺗوﻗﯾﻊ
ﻋﻠﯾﻬﺎ.
ﻫذا وﻗد ﯾﺳﺑق اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﺑﺎﻷﺣرف اﻷوﻟﻰ ﻣن أﺳﻣﺎء اﻟﻣﻔﺎوﺿﯾن ﻻ
ﺑﺄﺳﻣﺎﺋﻬم ﻛﺎﻣﻠﺔ وﯾﻠﺟﺄ اﻟﻣﻔﺎوﺿون إﻟﻰ اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﺑﺎﻷﺣرف اﻷوﻟﻰ وذﻟك ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﻻ
ﯾﺧوﻟون ﻓﯾﻬﺎ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ وﺛﺎﺋق اﻟﺗﻔوﯾض ﺳﻠطﺔ اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﻛون اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﺗوﻗﯾﻊ
ﺑﺎﻷﺣرف اﻷوﻟﻰ إﻋطﺎء اﻟﻣﻔﺎوﺿﯾن اﻟﻠذﯾن وﻗﻌوا ﺑﺎﻷﺣرف اﻷوﻟﻰ ﻓرﺻﺔ اﻟرﺟوع إﻟﻰ
ﺣﻛوﻣﺎﺗﻬم ﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ رﻏﺑﺎﺗﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺗم اﻟوﺻول إﻟﯾﻪ وﻣؤدى ذﻟك أن ﺗﺣﺗﻔظ ﻛل دوﻟﺔ
ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺗوﻗﯾﻊ اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ أو اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋﻧﻪ وذﻟك ﻣﺎ ﻟم ﯾﺛﺑت ﺑﺻﻔﻪ ﻗﺎطﻌﻪ أن اﻟدول
اﻟﻣﺗﻔﺎوﺿﺔ ﻗد اﺗﻔﻘت ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﺑﺎﻷﺣرف اﻷوﻟﻰ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺗوﻗﯾﻊ ﻧﻬﺎﺋﻲ ﻛﻣﺎ ﺗﺑدو أﻫﻣﯾﺔ
اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺗوﻗﯾﻊ اﻟﻛﺎﻣل واﻟﺗوﻗﯾﻊ ﺑﺎﻷﺣرف اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ واﻟﻣﻌﺎﻫدات
اﻟﺗﻲ ﯾﻛﻔﻲ ﻣﺟرد اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻟﺗﺻﺑﺢ ﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻠدول اﻟﺗﻲ وﻗﻌت ﻋﻠﯾﻬﺎ أﻣﺎ اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﺑﺎﻷﺣرف
اﻷوﻟﻰ ﻓﻼ ﯾﻌطﯾﻬﺎ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ.1
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻣﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ ﻗد ﯾﻌﻠن ﺻراﺣﺔ ﻋﻧد اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻧﻪ
ﯾوﻗﻊ إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺷرط اﻟرﺟوع إﻟﻰ دوﻟﺗﻪ ) (Signature Eferendumوﻗد ﯾﻔﻌل ذﻟك ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ
ﺗﻌﻠﯾﻣﺎت ﻣن دوﻟﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﺗرﻏب ﻓﻲ إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﯾﻣﺎ ﺗم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﯾﻪ واﻟﺗوﻗﯾﻊ ﺑﺷرط اﻟرﺟوع
ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﺗوﻗﯾﻌﺎ ﻛﺎﻣﻼ وﻻ ﯾﻧﺗﺞ اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗوﻗﯾﻊ وﻣﺎ ﻟم ﺗﺟزﻩ اﻟدوﻟﺔ ﺑﻌد ذﻟك.
1
-د .ﻋﻠﻰ ﺻﺎدق أﺑو ﻫﯾف ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 426
68
اﻟﺗﺻدﯾق
ﻻ ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﺗم اﻟﺗوﻗﯾﻊ اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺣﺗﻰ ﺗﻛﺗﺳب وﺻف اﻹﻟزام ﺑﯾن أطراﻓﻬﺎ
ﺑل ﯾﺗﻌﯾن أن ﯾﺗم اﻟﺗﺻدﯾق ﻋﻠﯾﻬﺎ واﻟﺗﺻدﯾق إﺟراء ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﯾﻘﺻد ﺑﻪ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣواﻓﻘﺔ
اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ داﺧل اﻟدوﻟﺔ ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺗﻲ ﺗم اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ ورﺿﺎﺋﻬﺎ اﻻﻟﺗزام ﺑﺄﺣﻛﺎﻣﻬﺎ
وﺑﺈﺟراء اﻟﺗﺻدﯾق ﺗﻛﺗﻣل اﻟﻣﻌﺎﻫدة وﺗﻛﺗﺳب ﻗوﺗﻬﺎ اﻟﻣﻠزﻣﺔ واﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن اﺷﺗراط اﻟﺗﺻدﯾق ﻟﻛﻲ
ﺗﻛﺗﺳب اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻗوﺗﻬﺎ اﻟﻣﻠزﻣﺔ ،ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ اﻋﺗﺑﺎرات ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧب ﻛﺑﯾر ﻣن اﻷﻫﻣﯾﺔ:1
أ -إﻋطﺎء اﻟدوﻟﺔ ﻓرﺻﺔ أﺧﯾرة ﻟﻠﺗروي ٕواﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻗﺑل اﻻﻟﺗزام ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻓﺎﻟﻣﻌﺎﻫدات
ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺗزاﻣﺎت ﻫﺎﻣﻪ ﻟﯾس ﻣن اﻟﺿروري أن ﺗﺗﺳرع اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻗﺑوﻟﻬﺎ واﻻرﺗﺑﺎط
ﺑﻬﺎ.
ب -ﺗﺟﻧب اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺛور ﺣول ﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻔوﯾض اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ ﻟﻠﻣﻔوﺿﯾن ﻋن اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ
اﻟﺗﻔﺎوض وﺗوﻗﯾﻊ اﻟﻣﻌﺎﻫدة .إذا أن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗﺻدﯾق ﻗد ﺗواﻓق ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺎوز
اﻟﻣﻔﺎوﺿﯾن ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﻬم ﺑﻔرض وﻗوﻋﻪ.
ج -إﺗﺎﺣﺔ اﻟﻔرﺻﺔ ﻟﻌرض اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻋﻠﻰ اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻓﻲ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﺗرط
اﻟدﺳﺎﺗﯾر ﻓﻲ ظﻠﻬﺎ ﻣواﻓﻘﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻗﺑل ﺗﺻدﯾق رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ
ﻋﻠﯾﻬﺎ.
ﯾﻧص دﺳﺗور ﻛل دوﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗﺻدﯾق .ﻓﻘد ﯾﻌﻬد ﺑﻬﺎ إﻟﻰ رﺋﯾس
اﻟدوﻟﺔ وﺣدﻩ .وﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﺻورة ﻣﺄﻟوﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻠﻛﯾﺎت اﻟﻣطﻠﻘﺔ )اﻟﯾﺎﺑﺎن ﺣﺗﻰ ﺳﻧﺔ ،1946
وﻓﻲ اﻟﻧظم اﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ وأﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺧﻼل اﻟﻔﺗرة ﻣن ﺳﻧﺔ 1923ﺣﺗﻰ ﺳﻧﺔ ،(1945وﻟﻛﻧﻪ أﺻﺑﺢ
اﻵن ﻧﺎدر اﻟﺣدوث ﺑﺳﺑب اﻧﺗﺷﺎر اﻟﻧظم اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ .وﻗد ﯾﻌﻬد ﺑﻪ إﻟﻲ رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ ﻣﺷﺎرﻛﺔ
- 1د .ﯾﺣﯾﻲ اﻟﺟﻣل ،اﻻﻋﺗراف ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،1962 ،ص . 288
69
ﻣﻊ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ وﺳواء ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻛل اﻟﻣﻌﺎﻫدات أو اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻬﺎم ﻣﻧﻬﺎ وﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﺣل
أﻛﺛر اﻟﺣﻠول اﻧﺗﺷﺎ ار ﺣﯾث ﺗﺄﺧذ ﺑﻪ ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ دول اﻟﻌﺎﻟم وﯾﻌﺗﺑر اﻟﺗﺻدﯾق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻓﻲ
اﻟﻌﺻر اﻟﺣﺎﺿر إﺟراء ﺿرورﯾﺎ وﻓﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ وﻣﺎ ﺗﺟري ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺑﯾن
اﻟدولٕ .واذا ﻛﺎن اﻟﺗﺻدﯾق ﺿرورﯾﺎ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم إﻻ أﻧﻪ ﯾﺟوز اﻟﺗﺟﺎوز ﻋﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻫدة
ﻣﻌﯾﻧﺔ إذا ﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك.
ﻟﯾس ﻫﻧﺎك ﻣوﻋد ﻣﺣدد ﻻ ﺟراء اﻟﺗﺻدﯾق ،ﺑل أن ﻟﻠدوﻟﺔ ﻣطﻠق اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺻدﯾق أو
ﻋدم اﻟﺗﺻدﯾق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﻲ ﺗﺑرﻣﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻐﯾر وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك أن ﻟﻬﺎ ﻣطﻠق اﻟﺣرﯾﺔ
ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر ﻟﺣظﺔ اﻟﺗﺻدﯾق ﻣﻬﻣﺎ طﺎل اﻟوﻗت ﺑﯾن اﻟﺗوﻗﯾﻊ واﻟﺗﺻدﯾق .وﻣﺛﺎل ذﻟك اﻟﺗﺻدﯾق
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺗﻲ أﺑرﻣت ﺑﯾن ﻛﻧدا واﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة ﻓﻲ 26ﻣﺎﯾو ﺳﻧﺔ 1930ﺑﺷﺄن ﺗﻧظﯾم
ﺻﯾد اﻷﺳﻣﺎك واﻟﺗﻲ أﺑرﻣت ﻋﻧد اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻫدة ﻓرﺳﺎي اﻟﺗﻲ أﻧﻬت اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ
اﻷوﻟﻰ واﻟﻣﻧﺷﺋﺔ ﻟﻌﺻﺑﺔ اﻷﻣم ﺳﻧﺔ .11919
ﺗﺑﺎدل اﻟﺗﺻدﯾﻘﺎت:
ﺑﻌد إﺟراء اﻟﺗﺻدﯾق ﺗﺗﺑﺎدل اﻟدوﻟﺗﺎن ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وﺛﯾﻘﺗﻲ اﻟﺗﺻدﯾق ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﻌﺎﻫدة
اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻣﺗﻌددة اﻷطراف ﺗﻘوم اﻟدول أطراف اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﺈﯾداع وﺛﺎﺋق
اﻟﺗﺻدﯾق ﻟدى إﺣدى اﻟدول اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة واﻟﺗﻲ ﯾﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺻراﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة،
وﯾﻌﺗﺑر ﺗﺑﺎدل اﻟﺗﺻدﯾﻘﺎت اﻹﺟراء اﻟﺷﻛﻠﻲ اﻟذي ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ ﺗدﺧل ﻣﻌﺎﻫدة ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻧﻔﺎذ.
وﻟﯾس ﻟﻠﺗﺻدﯾق أﺛر رﺟﻌﻲٕ ،واﻧﻣﺎ ﺗﻧﻔذ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻣن ﯾوم ﺗﺑﺎدل اﻟﺗﺻدﯾﻘﺎت إﻻ إذا ﻧص
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺧﺎﻟف ذﻟك .وﻻ ﯾﻌد اﻟﺗﺻدﯾق ﺻﺣﯾﺣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﻌﻠﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﺷرط أو ﻛﺎن ﻣﻘﺻو ار
ﻋﻠﻰ ﺑﻌض أﺣﻛﺎم اﻟﻣﻌﺎﻫدة دون اﻟﺑﻌض اﻵﺧر ،أو ﻛﺎن ﯾﺗﺿﻣن ﺗﻌدﯾﻼ ﻟﺑﻌض أﺣﻛﺎم
- 1د .ﺟﻌﻔر ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،دور اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق .62 ،
70
اﻟﻣﻌﺎﻫدة .ﻷن ﻛل ذﻟك ﯾﻌد ﻋروﺿﺎ ﺟدﯾدة ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﺗﻔﺎق اﻟدول اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﻟﻛﻲ ﺗﺗرﺗب
ﻋﻠﯾﻬﺎ آﺛﺎر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ.1
اﻟﺗﺻدﯾق اﻟﻧﺎﻗص:
اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﺗﺻدﯾق اﻟﻧﺎﻗص ،ﻫو اﻟﺗﺻدﯾق اﻟﺻﺎدر ﻣن رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ دون اﻟرﺟوع إﻟﻰ
اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﻬﺎ دﺳﺗور اﻟدوﻟﺔ ﻣواﻓﻘﺔ اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻗﺑل
ﺗﺻدﯾق رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ.
وﺗﺛﯾر اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺑﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﺛل ﻫذا اﻟﺗﺻدﯾق اﻟﻧﺎﻗص اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ
ﺣول ﻗﯾﻣﺗﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ .وﻧظ ار ﻟﻌدم وﺟود ﻗﺎﻋدة ﻋرﻓﯾﻪ ﺗﺣﻛم ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ،وﻟﻧدرة اﻟﺳواﺑق
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل .وﯾﻣﻛن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﺛﻼﺛﺔ اﺗﺟﺎﻫﺎت رﺋﯾﺳﯾﺔ:
اﻷول :ﯾرى ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻣﺛل ﺑﺎﻧد ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ وﻓﯾﺗز ﻣورﯾس ﻓﻲ اﻧﺟﻠﺗ ار Fitzmaurice
وﻛﺎرﯾﻪ دى ﻣﺎﻟﯾرج Carre De Malbergوﺟورج ﺳﯾل G . Scelleوﻓﯾﻼس Vellasﻓﻲ
ﻓرﻧﺳﺎ.
إن اﻟﺗﺻدﯾق اﻟﻧﺎﻗص ﺗﺻدﯾق ﺻﺣﯾﺢ وﻣﻧﺗﺞ ﻵﺛﺎرﻩ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟدوﻟﻲ وﻣن ﺛم
ﯾؤدي إﻟﻰ اﻛﺗﺳﺎب اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺻﻔﺔ اﻹﻟزام واﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺻﺣﯾﺣﺔ وﻧﺎﻓذة.2
وﯾﺳﺗﻧد ﻫؤﻻء اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ ﺗدﻋﯾم رأﯾﻬم إﻟﻰ اﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺗرﻛز ﻓﻲ ﺿرورة
ﺗوﻓﯾر اﻻﺳﺗﻘرار ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ .إذ أن اﻟدول ﻏﯾر ﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑدراﺳﺔ اﻷوﺿﺎع اﻟدﺳﺗورﯾﺔ
اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدول اﻷﺧرىٕ ،واذا ﺣدث ذﻟك ،ﻓﺎﻧﻪ ﯾﻌﺗﺑر ﺗدﺧﻼ ﻓﻲ اﻟﺷﺋون اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠدول
اﻷﺧرى .ﻛﻣﺎ أن اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻓﻲ ﺳﻠطﺎت رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺻدﯾق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺳﺎﺳﺎ
ﺑﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ.3
- 1د .ﺟﻌﻔر ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،دور اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرع ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص .63
2
-د .ﻣﺣﻣد اﻟﺳﻌﯾد اﻟدﻗﺎق ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.68
3
-د .اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﻣﺣﻣد ﺑﺷﯾر ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .269
71
وﻣن ﺛم ﻓﺎن اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻐﺎﻟب ﻫو اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺗﺻدﯾق اﻟﺻﺎدر ﻣن رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ ﺗﺻدﯾﻘﺎ
ﺻﺣﯾﺣﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺣوال ﺳواء ﺗم ﺑﺎﻟﺗطﺑﯾق ﻟﻠﻘواﻋد اﻟدﺳﺗورﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ أو ﺗم دون ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ.
وﻣن ﺷﺄن ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﺣق ﻛل دوﻟﺔ ﻓﻲ أﻻ ﺗﺗدﺧل اﻟدول اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ
ﺷﺋوﻧﻬﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ.
اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﯾرى ﻓﯾﻪ ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻣﺛل روﺳو اﻟﻔرﻧﺳﻲ وﻣورﯾس ﺑورﻛﺎن اﻟﺑﻠﺟﯾﻛﻲ وﺷﺗروب
اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ إﻟﻰ أن اﻟﺗﺻدﯾق اﻟﻧﺎﻗص ﺗﺻدﯾق ﺑﺎطل وﯾؤﺳس ﻫؤﻻء اﻟﻔﻘﻬﺎء وﺟﻬﺔ ﻧظرﻫم ﻋﻠﻰ
أﺳﺎس ﻓﻛرة اﻻﺧﺗﺻﺎص .ﺣﯾث ﯾرون أﻧﻪ إذا ﺗﺟﺎوز رﺋﯾس اﻟدوﻟﺔ ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻪ ﺗﺻﺑﺢ
ﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ ﺑﺎطﻠﺔ وﻻ ﺗﻧﺗﺞ اﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗؤدي إﻟﯾﻬﺎ ﻟو ﺗﻣت ﺻﺣﯾﺣﺔ وﻓﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم
اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ.1
واﻟﺛﺎﻟث وﻓﯾﺔ ﯾرى اﻟﻔﻘﯾﻬﺎن اﻻﯾطﺎﻟﯾﺎن اﻧزﯾﻠوﺗﯽ وﻛﺎﻓﺟﻠﯾري ،أن اﻟﺗﺻدﯾق اﻟﻧﺎﻗص وان
ﻛﺎن ﺑﺎطﻼ ﻣن وﺟﻪ ﻧظر اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ إﻻ أن ﻣن اﻟﻣﺳﻠم ﺑﻪ أن اﻟدول ﺗﺳﺎل دوﻟﯾﺎ ﻋن
ﺗﺻرﻓﺎت رﺋﯾﺳﻬﺎ ﺳواء ﺗﻣت وﻓﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم دﺳﺗورﻫﺎ أو ﺑﺎﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻪ .وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك أن
اﻟدوﻟﺔ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻬﺎ أن ﺗدﻓﻊ ﺑﺑطﻼن اﻟﺗﺻدﯾق اﻟﻧﺎﻗص وﯾﻘول آﺧر ،ﻓﺈن اﻟﺗﺻدﯾق اﻟﻧﺎﻗص
ﯾﻌﺗﺑر ﺗﺻدﯾﻘﺎ .ﻣﻧﺗﺟﺎ ﻟﻛﺎﻓﺔ اﺛﺎرة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻻن اﻟدوﻟﺔ ﺗﻌﺗﺑر ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن ﺗﺻرﻓﺎت رﺋﯾﺳﻬﺎ
ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻣﺷروﻋﺔ أو ﻏﯾر ﻣﺷروﻋﺔ ﻣن وﺟﻬﺔ ﻧظر اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ وﻣن ﺛم ﯾﺗﻌﯾن اﻋﺗﺑﺎر
اﻟﺗﺻدﯾق اﻟﻧﺎﻗص ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺗﺻدﯾق ﺻﺣﯾﺢ ﻣﻧﺗﺞ ﻵﺛﺎرﻩ .وﯾرى ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣﺻرﯾﯾن أن
ﺻﺣﺔ اﻟﺗﺻدﯾق اﻟﻧﺎﻗص أو ﺑطﻼﻧﻪ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﺣﺳن ﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣوﺟﺔ إﻟﯾﻬﺎ اﻟﺗﺻدﯾق أو
ﺳوء ﻧﯾﺗﻬﺎ .ﻓﺎﻟدوﻟﺔ ﺣﺳﻧﺔ اﻟﻧﯾﺔ ،ﺗﻛون ﻣﻌذورة إذا ﻣﺎ ﺗﺻورت أن اﻟﺗﺻدﯾق اﻟﺻﺎدر ﻣن رﺋﯾس
اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﻣﻌﻬﺎ ﺗﺻدﯾق ﺻﺣﯾﺢ ﻷن اﻷﺻل ﻫو اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻷوﺿﺎع .اﻟظﺎﻫرة،
وﻋدم إﻗﺣﺎم اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺷﺋون اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠدول اﻷﺧرى .
- 1د .ﺟﻌﻔر ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،دور اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .64
72
أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﺳﯾﺋﺔ اﻟﻧﯾﺔ ،ﻓﻼ ﻣﺟﺎل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺗﻬﺎ وﺑﯾن ﻷﻧﻬﺎ
ﻛﺎﻧت ﺗﻌﻠم وﻗت اﻟﺗﺻدﯾق أﻧﻪ ﻧﺎﻗص وﻗد ﺗﻌرﺿت اﻟﻣﺎدة 46ﻣن ﻣﻌﺎﻫدة ﻓﯾﻧﺎ ﻟﺟواز ﺗﻣﺳك
اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻹﺧﻼل ﺑﺄﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧوﻧﻬﺎ اﻟداﺧﻠﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻼﺧﺗﺻﺎص ﺑﺈﺑرام اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻛﺳﺑب
ﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﺎطﻠﺔ ،ﻓﻘد ورد ﺑﻬﺎ:1
-1ﻻ ﯾﺟوز ﻟدوﻟﺔ أن ﺗﺗﻣﺳك ﺑﺄن اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ارﺗﺿﺎﺋﻬﺎ اﻻﻟﺗزام ﺑﻣﻌﺎﻫدة ﻗد ﺗم ﺑﺎﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ
ﻟﺣﻛم ﻓﻲ ﻗﺎﻧوﻧﻬﺎ اﻟداﺧﻠﻲ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺈﺑرام اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻛﺳﺑب ﻹﺑطﺎل رﺿﺎﻫﺎ إﻻ إذا
ﻛﺎن إﺧﻼﻻ واﺿﺣﺎ ﺑﻘﺎﻋدة ذات أﻫﻣﯾﺔ ﺟوﻫرﯾﺔ ﻣن ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﻬﺎ اﻟداﺧﻠﻲ.
-2ﯾﻌﺗﺑر اﻹﺧﻼل واﺿﺣﺎ إذا ﺗﺑﯾن ﺑﺻورة ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻷﯾﺔ دوﻟﺔ ﺗﺗﺻرف ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن وﻓق
اﻟﺳﻠوك اﻟﻌﺎدي وﺑﺣﺳن ﻧﯾﺔ.
ﺗﺳﺟﯾل اﻟﻣﻌﺎﻫدات
ﯾﻬدف ﺗﺳﺟﯾل اﻟﻣﻌﺎﻫدات إﻟﻰ ﻛﻔﺎﻟﺔ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌﻼﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﯾﺗﺣﻘق
ذﻟك ﻋن طرﯾق ﻗﯾﺎم اﻷطراف اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺈﯾداع ﺻورة ﻣﻧﻬﺎ ﻟدي
اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة 18ﻣن ﻋﻬد ﻋﺻﺑﺔ اﻷﻣم ﻋﻠﻰ أن ﻛل ﻣﻌﺎﻫدة أو اﺗﻔﺎق
دوﻟﻲ ﯾﻌﻘد ﺑﯾن أﻋﺿﺎء ﻋﺻﺑﺔ اﻷﻣم ﯾﺟب ﺗﺳﺟﯾﻠﻪ ﻓﻲ ﺳﻛرﺗﺎرﯾﺔ اﻟﻌﺻﺑﺔ ٕواﻋﻼﻧﻪ ﻓﻲ أﻗرب
ﻓرﺻﺔ ﻣﻣﻛﻧﺔ وﻻ ﺗﻛون أﻣﺛﺎل ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات واﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣﻠزﻣﺔ إﻻ ﺑﻌد ﻫذا اﻟﺗﺳﺟﯾل.
وﻛﺎن اﻟﺳﺑب ﻓﻲ وﺿﻊ ﻫذا اﻟﻧص ﺗﻔﺎدي اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺳﯾﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﺑت ﻋﻠﻲ ﻋﻘد
اﻟﻣﻌﺎﻫدات واﻟﺗﺣﺎﻟﻔﺎت اﻟﺳرﯾﺔ وﺣﻣل اﻟدول ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﯾق اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ اﻟﻌﻠﻧﯾﺔ.2
وﻗد ﻗﺎﻣت اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻌﺻﺑﺔ ﺑﺗطﺑﯾق اﻟﻧظﺎم اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻧص ﺳﺎﻟف
اﻟذﻛر ﺣﯾث ﻗﺎﻣت ﺑﺗﺳﺟﯾل 4834ﻣﻌﺎﻫدة ﻧﺷرﺗﻬﺎ اﻟﻌﺻﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﺋﺔ وﺧﻣس ﻣﺟﻠد ﺧﻼل اﻟﻔﺗرة
ﻣن ﯾﻧﺎﯾر ﺳﻧﺔ 1920ﺣﺗﻰ أول أﻛﺗوﺑر ﺳﻧﺔ 1945ﻣﺣﻘﻘﺔ ﺑذﻟك اﻟﻬدف اﻟﺧﺎص ﺑﺈﺗﺑﺎع
1
-د .ﺟﻌﻔر ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،دور اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .66
2
- m.mrandon, oftheun cgartera art. 102.1953,p.49.
73
اﻟدول اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺎدي ﺑﻬﺎ اﻟرﺋﯾس وﯾﻠﺳون ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻲ ،
وﺗﺳﻬﯾل ﻣﻬﻣﺔ اﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻋن طرﯾق ﺗدوﯾﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻣﻧظﻣﺔ وﻧظ ار ﻟﻧﺟﺎح
ﻧظﺎم اﻟﺗﺳﺟﯾل ﻓﻘد ﺗم اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 1/102ﺣﯾث ﻧﺻت
ﻋﻠﻰ أن ﻛل ﻣﻌﺎﻫدة أو اﺗﻔﺎق دوﻟﻲ ﯾﻌﻘدﻩ أي ﻋﺿو ﻣن أﻋﺿﺎء اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺑﻌد اﻟﻌﻣل
ﺑﻬذا اﻟﻣﯾﺛﺎق ﯾﺟب أن ﯾﺳﺟل ﻓﻲ أﻣﺎﻧﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ وان ﺗﻘوم ﺑﻧﺷرﻩ ﺑﺄﺳرع ﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻛﻣﺎ ﻧﺻت
اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 1/18ﻋﻠﻲ ﺿرورة إﺑﻼغ اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺑﻧﺻوص
اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻓور دﺧوﻟﻬﺎ دور اﻟﻧﻔﺎذ ﻟﺗﻘوم ﺑﺗﺳﺟﯾﻠﻬﺎ وﻧﺷرﻫﺎ.1
ﻟم ﯾﺗﺿﻣن ﻋﻬد اﻟﻌﺻﺑﺔ أي ﺟزاء ﻋﻠﻰ ﻋدم ﺗﺳﺟﯾل اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ .ﻟذﻟك اﺗﺟﻪ
ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻻ ﺗﻛﺗﺳب ﺻﻔﺔ اﻹﻟزام إﻻ ﺑﺗﺳﺟﯾﻠﻬﺎ.
ﺑﯾﻧﻣﺎ اﺗﺟﻪ اﻟﺑﻌض اﻷﺧر إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻏﯾر اﻟﻣﺳﺟﻠﺔ ﻣﻌﺎﻫدات ﺻﺣﯾﺣﺔ
وﻧﺎﻓذة وﻣﻠزﻣﺔ ﻷطراﻓﻬﺎ .وﻛل ﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻟﺗﺳﺟﯾل ﻫو ﻋدم اﻻﺣﺗﺟﺎج ﺑﻬﺎ أﻣﺎم أﺟﻬزة
اﻟﻌﺻﺑﺔ أو ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟداﺋﻣﺔ.2
وﻟﻛن ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺣﺳم ﻫذا اﻟﺧﻼف ﺑﺎﻟﻧص ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 102ﻣن ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم
اﻟﻣﺗﺣدة ﻋﻠﻰ ﻋدم ﺟواز اﻟﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻏﯾر اﻟﻣﺳﺟﻠﺔ أﻣﺎم أﺟﻬزة اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ.
- 1د .اﺑراﻫﯾم اﻟﻌﻧﺎﻧﯽ ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرﻩ ، 1975 ،ص .118
2
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ،1995 ،
ص.218
74
اﻻﻧﺿﻣﺎم ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدات
اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻻﻧﺿﻣﺎم:
اﻻﻧﺿﻣﺎم ﻫو ﻋﻣل إرادي ﻣن ﺟﺎﻧب واﺣد ،ﺗﻛﺗﺳب ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ دوﻟﺔ ﻣن اﻟﻐﯾر وﺻف
اﻟطرف ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻫدة دوﻟﯾﺔ ﻣﻔﺗوﺣﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺟﯾز ﻧﺻوﺻﻬﺎ اﻻﻧﺿﻣﺎم إﻟﯾﻬﺎ ،وﺑﻣوﺟب ﻫذا
اﻻﻧﺿﻣﺎم ﺗﺗﻣﺗﻊ ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ ﺑﻛل اﻟﺣﻘوق ﻋﻠﻰ ﻗدم اﻟﻣﺳﺎواة ﻣﻊ ﺳﺎﺋر اﻷطراف.1
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻻﻧﺿﻣﺎم ﻻ ﯾﺳرى اﻷﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﻣﻔﺗوﺣﺔ دون ﺗﻠك
اﻟﻣﻐﻠﻘﺔ ،واﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﻣﻔﺗوﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗوي ﻋﻠﻰ ﻧﺻوص ﺗﺟﯾز اﻧﺿﻣﺎم اﻟدول
اﻟﻐﯾر إﻟﯾﻬﺎ وﺗﻧظﻣﻪ أﻣﺎ اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﻣﻐﻠﻘﺔ ﻓﻬﻲ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺣﺗوي ﻋﻠﻰ ﻧص ﯾﺑﯾﺢ اﻧﺿﻣﺎم دول
أﺧرى إﻟﯾﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ،وﻣن ﺛم ﯾﻛون ﻣن اﻟﻼزم ﻻﻧﺿﻣﺎم اﻟﻐﯾر ﺣﺻول ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﻣﻊ أطراف
اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻷﺻﻠﯾﯾن وﻗﺑوﻟﻬم ﻟﻬذا اﻻﻧﺿﻣﺎم.2
ﻟم ﯾﻛن اﻻﻧﺿﻣﺎم ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ ﻛﻌﻣل إرادي ﻣﻌروﻓﺎ ﺑﺻورﺗﻪ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ،إذ ﻛﺎن
اﻻﻧﺿﻣﺎم ﻗﺑل اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﯾﺗﺣﻘق ﻋن طرﯾق إﺑرام ﻣﻌﺎﻫدة ﺟدﯾدة ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ اﻟراﻏﺑﺔ ﻓﻲ
اﻻﻧﺿﻣﺎم واﻟدول اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻷﺻﻠﯾﺔ وﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﯾﺗم اﻻﻧﺿﻣﺎم.
ﺛم ﺗطور اﻷﻣر ﺑﻌد ذﻟك ،ﺣﯾث ﯾﺗﺣﻘق اﻻﻧﺿﻣﺎم ﺑﺗﺻرﯾﺣﯾن ﻣﺗﺑﺎدﻟﯾن ﯾﺧﺿﻌﺎن
ﻟﻠﺗﺻدﯾق ﯾﺗﺿﻣن أوﻟﻬﻣﺎ إﻋﻼن اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﺿﻣﺎم وﯾﺗﺿﻣن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻗﺑول اﻟﻌرض ،وﻗد
اﺧﺗﻠف اﻟﻔﻘﻪ اﻟدوﻟﻲ ﺣول ﺗﻛﯾﯾف اﻻﻧﺿﻣﺎم ﻛﻌﻣل إرادي ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻧﺿﻣﺔ وﺣدﻫﺎ.
ﻓﺎﺗﺟﻪ ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻗﺑوﻻ ﻹﯾﺟﺎب ﻣوﺟﻪ ﻟﻛﺎﻓﺔ اﻟدول اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﯾﻬﺎ ﺷروط
اﻻﻧﺿﻣﺎم .ﺑﯾﻧﻣﺎ اﺗﺟﻪ ﺟﺎﻧب آﺧر إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻋﻣﻼ ﺷرطﯾﺎ ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
- 1د .اﺑراﻫﯾم اﻟﻌﻧﺎﻧﯽ ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرﻩ ، 1975 ،ص .118
2
-د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ،1995 ،
ص.218
75
اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة .وﻟﻛن اﻟرأي اﻷول ﻫو اﻟذي ﯾﺗﻔق وطﺑﯾﻌﺔ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدات.1
إﺟراءات اﻻﻧﺿﻣﺎم:
ﯾﺗم اﻻﻧﺿﻣﺎم وﻓﻘﺎ ﻟﻺﺟراءات اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﻣﻔﺗوﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﯾزﻩ،
وﯾﺗﺑﻊ ﻓﻲ اﻻﻧﺿﻣﺎم ﻧﻔس إﺟراءات اﻟﺗﺻدﯾق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدة .وﯾﺟب إﻋﻼن اﻻﻧﺿﻣﺎم ﻟﻠدول
اﻷطراف أو إﯾداﻋﻪ ﻓﻲ اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻛون إﺣدى اﻟدول اﻷطراف أو
اﻷﻣﺎﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻹﺣدى اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ.
وﻗد ﺗﻔﺗﺢ اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻠﺗوﻗﯾﻊ ﻣن ﺟﺎﻧب ﻛﺎﻓﺔ اﻟدول ﻣﺛل ﻣﻌﺎﻫدة ﻣوﺳﻛو اﻟﺧﺎﺻﺔ
ﺑﺎﻟﺣظر اﻟﺟزﺋﻲ ﻟﻠﺗﺟﺎرب اﻟذرﯾﺔ اﻟﻣوﻗﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺳﻧﺔ 1962أو اﻻﺳﺗﺧدام اﻟﺳﻠﻣﻲ ﻟﻠﻔﺿﺎء
اﻟﻣوﻗﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺳﻧﺔ 1968أو ﻗد ﺗﻔﺗﺢ ﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣن اﻟدول ﻣﺛل ﻣواﺛﯾق اﻟﻣﻧظﻣﺎت
اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ.
أوﻻ -اﻷﺟل:
ﯾﺣدد اﻷﺟل ﺑدء أو اﻧﺗﻬﺎء اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻫدات أو ﺑﺑﻌض أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ .وﺗﺣﺗوي اﻟﻣﻌﺎﻫدات
ﻋﻠﻰ ﻧﺻوص ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺑﯾل .وﻣﺛﺎل ذﻟك أن ﺗﻧص اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻋﻠﻰ أن ﺗﺳري أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﺑﻌد
ﻓﺗرة زﻣﻧﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،أو أن ﯾﻧﺗﻬﻲ اﻟﻌﻣل ﺑﺄﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﺑﻌد زﻣن ﻣﻌﯾن ﻣن دﺧوﻟﻬﺎ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻧﻔﺎذ.
ﺛﺎﻧﯾﺎ – اﻟﺷرط:
اﻟﺷرط ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺣﺎدﺛﻪ ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻪ ﻏﯾر ﻣؤﻛدة ﺗﺣدد ﺑدء أو اﻧﺗﻬﺎء اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻫدة و
ﺑﺑﻌض أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ.2
1
-د .ﺟﻌﻔر ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،دور اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .68
2
-د .ﺟﻌﻔر ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،دور اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .68
76
ﺛﺎﻟﺛﺎ – اﻟﺗﺣﻔظﺎت Reservations :
ﻗد ﯾﺣدث أن ﺗﺻرح دوﻟﺔ ﻟﺣظﺔ اﻟﺗوﻗﯾﻊ أو اﻟﺗﺻدﯾق أو اﻻﻧﺿﻣﺎم إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدة رﻓﺿﻬﺎ
ﻟﺑﻌض اﻟﻧﺻوص أو ﺗﻌطﻰ ﻟﻬﺎ ﺗﺣدﯾدا ﻣﻌﯾﻧﺎ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﻧطﺎق اﻟﺗزاﻣﺎت اﻷطراف اﻷﺧرى
ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ،أو أن ﺗﺿﯾق ﻣن ﻧطﺎق اﻟﺗزاﻣﻬﺎ .وﻗد اﺳﺗﻘر اﻟﻌﻣل اﻟدوﻟﻲ ﻋﻠﻰ إطﻼق ﻟﻔظ
اﻟﺗﺣﻔظ ﻋﻠﻰ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎل اﻹرادﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻬدف إﻟﻰ اﻟﺣد ﻣن آﺛﺎر اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ
اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺗﺣﻔظﺔ.1
وﻗد ﻋرﻓت اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻓﻘرة أوﻟﻰ ﻣن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ اﻟﺗﺣﻔظ ﺑﺄﻧﻪ .وﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋﻣﺎ ﻗد
ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻣﺳﻣﯾﺎت ،ﺗﺻرﯾﺢ ﻣن ﺟﺎﻧب واﺣد ،ﺗﺗﺧذﻩ اﻟدوﻟﺔ ﻋﻧد اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدة
أو اﻟﺗﺻدﯾق ﻋﻠﯾﻬﺎ أو اﻻﻧﺿﻣﺎم إﻟﯾﻬﺎ أو ﻗﺑوﻟﻬﺎ ،ﻣﺳﺗﻬدﻓﺔ ﻣن وراﺋﻪ اﺳﺗﺑﻌﺎد أو ﺗﻌدﯾل اﻷﺛر
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﺑﻌض أﺣﻛﺎم اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺗﻬﺎ.2
واﻟﺗﺣﻔظﺎت أﻣﺎ أن ﺗرد وﻗت اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻣﻛن ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﻬﺎ
ﺑواﺳطﺔ اﻷطراف ﻗﺑل إﺗﻣﺎم اﻟﻣﻌﺎﻫدة أو ﺗرد وﻗت اﻟﺗﺻدﯾق أو اﻻﻧﺿﻣﺎم إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدة .وﻓﻲ
ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟدول اﻷﺧرى ﻗﺑوﻟﻬﺎ إﻻ إذا ﻧﺻت اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻋﻠﻰ إﻣﻛﺎن إﺻدار ﻣﺛل
ﻫذﻩ اﻟﺗﺣﻔظﺎت.
ﻫذا وﯾﺗﻌﯾن أن ﯾﻛون اﻟﺗﺣﻔظ ﺻرﯾﺣﺎ وﻣﻛﺗوﺑﺎ وان ﯾوﺟﻪ إﻟﻰ اﻟدول اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑطرﯾﻘﺔ
رﺳﻣﯾﺔ .ﻏﯾر أﻧﻪ ﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻔظﺎت ﯾﺟب إﺟراء اﻟﺗﻔرﻗﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
ﻻ ﯾﺛﯾر اﻟﺗﺣﻔظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ أﯾﺔ ﻣﺷﺎﻛل .ﺣﯾث اﻧﻪ ﻣن اﻟﺟﺎﺋز ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ إﺑداء اﻟﺗﺣﻔظ ،ﺳواء ﺳﻣﺣت ﺑﻪ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻣوﺿوع اﻟﺗﺣﻔظ أو ﻟم ﺗﺳﻣﺢ ﺑﻪ.
وﯾﻌﺗﺑر اﻟﺗﺣﻔظ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ إﯾﺟﺎب ﺟدﯾد أو اﻗﺗراح ﺑﺎﻟﺗﻌدﯾل ،وﻣن ﺛم ﯾﺗوﻗف ﻣﺻﯾرﻩ وﻣﺻﯾر
1
-د .اﺑراﻫﯾم اﻟﻌﻧﺎﻧﻲ ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،دار اﻟﻔﻛر 1975ص .125
- 2د .ﻣﺣﻣد طﻠﻌت اﻟﻐﻧﯾﻣﻲ اﻟوﺟﯾزی ﻗﺎﻧون اﻟﺳﻼم ،اﻟﺟزء اﻷول ﻣﻧﺷﺎة اﻟﻣﻌﺎرف ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،1977 ،ص .121
77
اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻋﻠﻰ ﻣوﻗف اﻟطرف اﻵﺧر .ﻛﻣﺎ أن ﻣﺻﯾر اﻟﺗﺣﻔظ وﻣﺻﯾر اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ
ﻣوﻗف اﻟطرف اﻵﺧر ﻣن اﻟﺗﺣﻔظ وﻟو ﻗﺑﻠﻪ اﻟطرف اﻵﺧر ﻧﻔذت اﻟﻣﻌﺎﻫدة ٕواذا رﻓﺿﻪ اﻧﻬﺎرت
اﻟﻣﻌﺎﻫدة .وﻗد ﯾﺗم ﻗﺑول اﻟﺗﺣﻔظ ﺻراﺣﺔ أو ﺿﻣﻧﺎٕ .واذا ﻛﺎن اﻟﺳﻛوت ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻔظ ﻟﻔﺗرة زﻣﻧﯾﺔ
ﻣﻌﻘوﻟﺔ دون أن ﯾﻌﺑر اﻟطرف اﻵﺧر ﻋن رﻓﺿﻪ ﯾﻌﺗﺑر ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻗﺑول ﺿﻣﻧﻲ ﻟﻪ. 1
ﻛﺎن اﻟرأي اﻟﺳﺎﺋد ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ اﻟدوﻟﻲ ﻗﺑل إﻧﺷﺎء اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة أن اﻟﺗﺣﻔظ اﻟذي ﯾرد ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻻ ﯾﻛون ﺻﺣﯾﺣﺎ ﻣﻧﺗﺟﺎ ﻟﻺﺛﺎرة إﻻ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺗﺟﯾز ﻣﺛل ﻫذا اﻟﺗﺣﻔظ وﻓﻘﺎ
ﻟﻸوﺿﺎع اﻟﺗﻲ ﺗﺣددﻫﺎ ﻧﺻوص اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ .ﻓﺈذا ﻟم ﺗﺗﻌرض اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻟﺣﻛم ﻣﺎ ﻗد ﯾرد ﻋﻠﯾﻬﺎ
ﻣن ﺗﺣﻔظﺎت ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺟب ﻗﺑول اﻟﺗﺣﻔظ ﻣن ﻛﺎﻓﺔ اﻟدول اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺣﺗﻰ
ﯾﻛون ﺻﺣﯾﺣﺎ ﻣﻧﺗﺟﺎ ﻵﺛﺎرﻩ .
إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺗﺗﺿﻣن ﻧﺻﺎ ﯾﺣظر اﻟﺗﺣﻔظ ﻓﺎﻧﻪ ﯾﺑطل اﻧﺿﻣﺎم اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ أﺻدرت
اﻟﺗﺣﻔظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ،وﻻ ﺗﻌد اﻟدوﻟﺔ طرﻓﺎ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدة.
وﯾﻣﻛن أن ﯾﺛور اﻟﺗﺳﺎؤل ﻫل ﺗﻌد اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﺑدي ﺗﺣﻔظﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدة طرﻓﺎ ﻓﯾﻬﺎ؟
أﺛﯾرت ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ أﻣﺎم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺗﺣﻔظ ﺑﻌض اﻟدول ﻋﻠﻰ ﻧص
اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﺎﺳﻌﺔ ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻣﻧﻊ وﻗوع ﺟرﯾﻣﺔ إﺑﺎدة اﻷﺟﻧﺎس واﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ
اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻹﻟزاﻣﻲ ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺗﻔﺳﯾر وﺗطﺑﯾق
اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ،ﺣﯾث ﺗﺣﻔظت ﺑﻌض اﻟدول ﺣول اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻹﻟزاﻣﻲ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل.
وﻗد اﻧﺗﻬت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ رأﯾﻬﺎ اﻻﺳﺗﺷﺎري اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ 28ﻣﺎﯾو ﺳﻧﻪ 1951إﻟﻰ أن اﻟدول
اﻟﺗﻲ اﻗﺗرن ﺗﺻدﯾﻘﻬﺎ أو اﻧﺿﻣﺎﻣﻬﺎ ﺑﺗﺣﻔظ ﻗﺑﻠﻪ ﺑﻌض اﻷطراف دون اﻟﺑﻌض اﻵﺧر ،ﻓﺈن ﻫذﻩ
اﻟدول ﺗﻌﺗﺑر طرﻓﺎ ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟﺗﺣﻔظ ،وﻻ ﺗﻌﺗﺑر طرﻓﺎ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﻣن
1
-د .ﺟﻌﻔر ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،دور اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .72
78
رﻓض ﻫذا اﻟﺗﺣﻔظ وﺑﺷرط أن ﯾﻛون ﺗﺣﻔظﻬﺎ ﻏﯾر ﻣﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻣوﺿوع اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﻟﻐرض
ﻣﻧﻬﺎ.1
ﺗﺿﻣﻧت اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ ﺑﯾﺎن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻔظﺎت ﺣﯾث ﺑﯾﻧت ﺑﺎﻟﻣﺎدة 19ﺑﯾﺎن ﻣﺎ
ﯾﺟوز وﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز إﺑداءﻩ ﻣن اﻟﺗﺣﻔظﺎت .وﻟو أن اﻟﺗﺣﻔظ ﻛﻘﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ ﻣن اﻷﻣور اﻟﺟﺎﺋزة ﻣﺎ
ﻟم ﺗﺣظرﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺻراﺣﺔ ،أو ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﺿﻣن ﺣﺻ ار ﻟﻠﺗﺣﻔظﺎت اﻟﻣﺳﻣوح ﺑﻬﺎ واﻟﺗﻲ ﻻ ﯾدﺧل
اﻟﺗﺣﻔظ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﻲ ﻧطﺎﻗﻪ ،أو ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﻌﺎرض اﻟﺗﺣﻔظ ﻣﻊ ﻣوﺿوع اﻟﻣﻌﺎﻫدة واﻟﻐرض ﻣﻧﻬﺎ.
ﻛﻣﺎ ﺗﻌرﺿت اﻟﻣﺎدة اﻟﻌﺷرون ﻟﺑﯾﺎن أﺣﻛﺎم ﻗﺑول اﻟﺗﺣﻔظﺎت أو رﻓﺿﻬﺎ ﻓﻧﺻت ﻋﻠﻰ أن
اﻟﺗﺣﻔظﺎت اﻟﻣرﺧص ﻓﯾﻬﺎ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺻراﺣﺔ ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻟﺻﺣﺗﻬﺎ وﺳرﯾﺎﻧﻬﺎ أن ﯾﻘﺑﻠﻬﺎ ﺳﺎﺋر
اﻷطراف ﻣﺎ ﻟم ﺗﺗطﻠب اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻧﻔﺳﻬﺎ ذﻟك وﻧﺻت اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ وﯾﺷﺗرط ﻟﺻﺣﺔ اﻟﺗﺣﻔظ أن
ﺗﻘﺑﻠﻪ ﻛﺎﻓﺔ اﻟدول اﻷطراف إذا ﻛﺎن وارد ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻫدة ﭘﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﻣوﺿوﻋﻬﺎ وﻫدﻓﻬﺎ وﻣن اﻟﻌدد
اﻟﻣﺣدد ﻟﻠدول اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺎوﺿت ﻣن اﺟل إﺑراﻣﻬﺎ إن ﺗطﺑﯾق ﻛﺎﻓﺔ اﻷطراف ﻷﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل
ﺷرط أﺳﺎﺳﻲ ﻻرﺗﺿﺎء ﻫؤﻻء اﻷطراف اﻻﻟﺗزام ﺑﻬﺎ.
وﻧﺻت ﻓﻲ ﻓﻘرﺗﻬﺎ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﻪ ﯾﺷﺗرط ﻟﺻﺣﺔ اﻟﺗﺣﻔظﺎت اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدات
اﻟﻣﻧﺷﺋﺔ ﻟﻠﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ أن ﯾﻘﺑﻠﻬﺎ ﺟﻬﺎز اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗص ﻣﺎ ﻟم ﺗﻧص اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻧﻔﺳﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﻏﯾر ذﻟك.
ﻛﻣﺎ ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة اﻟﻌﺷرون ﻣن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻧﻪ إذا أﺑدت دوﻟﺔ ﺗﺣﻔظﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻫدة
وﺗم ﻗﺑوﻟﻪ ﺑواﺳطﺔ طرف ﻣن أطراف اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ،ﻓﺈن اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ أﺑدت اﻟﺗﺣﻔظ
ﺗﻌﺗﺑر طرﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺑﻠت اﻟﺗﺣﻔظ ،وﯾﺳری اﻟﺗﺣﻔظ ﻓﻘط ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت
اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ أﺑدت اﻟﺗﺣﻔظ ﻣﻊ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺑﻠﺗﻪ ،ﻏﯾر اﻧﻪ إذا اﻋﺗرض اﺣد اﻷطراف ﻓﻲ
اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻔظ ﻓﺎﻧﻪ ذﻟك ﻻ ﯾﺣول دون ﻧﻔﺎذ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﺗرﺿﺔ واﻟدوﻟﺔ
- 1د .ﺟﻌﻔر ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،دور اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .73
79
اﻟﻣﺗﺣﻔظﺔ وذﻟك ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻧﺻوص اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﺗم اﻟﺗﺣﻔظ ﻋﻠﯾﻬﺎ وذﻟك ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﺿﺢ اﺗﺟﺎﻩ آﺧر
ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣﺗﺣﻔظﺔ.1
ﻛﻣﺎ ﻧﺻت اﻟﻔﻘرة اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺳﻛوت اﻟدوﻟﺔ ﻋن إﻋﻼن رﻓﺿﻬﺎ ﻟﻠﺗﺣﻔظ ﺧﻼل اﺛﻧﻲ
ﻋﺷر ﺷﻬ ار ﯾﻌﺗﺑر ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻗﺑول ﺿﻣﻧﻲ ﻟﻠﺗﺣﻔظ ،ﻣﺎﻟم ﺗﻧص اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻋﻠﻰ أﺣﻛﺎم ﻣﻐﺎﯾرة.
وﻣﻣﺎ ﺗﻘدم ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ ﻣﯾزت ﺑﯾن ﺛﻼﺛﺔ اﺗﺟﺎﻫﺎت:
أ -ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺿﻣن ﻧﺻﺎ ﯾﺣظر اﻟﺗﺣﻔظ ﻋﻠﻰ أي ﻣن أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ وﻗد اﻧﺗﻬت
اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ إﻟﻰ ﻋدم ﺟواز اﻟﺗﺣﻔظ ﻋﻠﻰ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات.
ب -ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺿﻣن ﻧﺻوﺻﺎ ﺗﺟﯾز اﻟﺗﺣﻔظ ﻓﻲ ﺣدود ﻣﻌﯾﻧﺔ ،وﯾﻌد ﻫذا اﻟﺗﺣﻔظ
ﺻﺣﯾﺣﺎ دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻗﺑول أي ﻣن اﻷطراف ﻟﻪ طﺎﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺣدود اﻟﻣﻘﺑوﻟﺔٕ ،واذا وﻗﻌت
اﻟﺗﺣﻔظﺎت ﺧﺎرج اﻟﺣدود اﻟﻣﻘررة ﻓﺄﻧﻬﺎ ﺗﻛون ﺑﺎطﻠﺔ.
ج -ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗﺿﻣن ﻧﺻوﺻﺎ ﺗﺟﯾز اﻟﺗﺣﻔظ أو ﺗﻣﻧﻌﻪ ،وﻗد ﻣﯾزت اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ
ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن:
-1اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﻣوﺿوﻋﻬﺎ وأﻫداﻓﻬﺎ واﻟﻌدد اﻟﻣﺣدود ﻓﯾﻬﺎ ﻣن اﻟدول أن ﺗطﺑﯾق
ﻛﺎﻓﺔ اﻷطراف ﻷﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﺷرط أﺳﺎﺳﻲ ﻹﻟزام اﻷطراف ﺑﻬﺎ وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺷﺗرط ﻟﺻﺣﺔ
اﻟﺗﺣﻔظ آن ﺗﻘﺑﻠﻪ ﻛﺎﻓﺔ اﻷطراف.
-2اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣن طﺑﯾﻌﺔ ﻣوﺿوﻋﻬﺎ أو أﻫداﻓﻬﺎ أو ﻋدد اﻟدول اﻟﺗﻲ أﺑرﻣﺗﻬﺎ،
أن ﺗطﺑﯾق ﻛﺎﻓﺔ اﻟدول ﻷﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﺷرط أﺳﺎﺳﻲ ﻟرﺿﺎء ﻛل اﻟدول اﻷطراف اﻻﻟﺗزام ﺑﺄﺣﻛﺎﻣﻬﺎ.
وﻗد أﺟﺎزت اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ اﻟﺗﺣﻔظ ﻋﻠﻰ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﺷرط إﻻ ﯾﺗﻌﺎرض اﻟﺗﺣﻔظ ﻣﻊ
ﻣوﺿوع اﻟﻣﻌﺎﻫدة وﻫدﻓﻬﺎ.2
- 1د .ﺟﻌﻔر ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،دور اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .74
- 2د .ﻋﺎﺋﺷﺔ راﺗب ،اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 176
80
اﻹﺛﺎرة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺗﺣﻔظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻫدات:
ﺳﺑق أن أﺷرﻧﺎ إﻟﻰ أن اﻟﺗﺣﻔظ ﯾﻌﺗﺑر ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ إﯾﺟﺎب ﺟدﯾد أو اﻗﺗراح ﺑﺎﻟﺗﻌدﯾل ،وﻣن ﺛم
ﯾﺗوﻗف ﻣﺻﯾرﻩ وﻣﺻﯾر اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻋﻠﻰ ﻣوﻗف اﻟطرف اﻵﺧر ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻫدة ،ﻓﻠو ﻗﺑﻠﺔ اﻟطرف
اﻵﺧر ﻓﺎن اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺗﻛون ﻓﻲ ﺻورة ﺟدﯾدة ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟذي ﺗﺿﻣﻧﻪ اﻟﺗﺣﻔظ اﻟﻣﻘﺑول .أﻣﺎ إذا
رﻓﺿﻪ اﻟطرف اﻵﺧر اﻧﻬﺎرت اﻟﻣﻌﺎﻫدة.1
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣﺗﻌددة اﻷطراف ،ﻓﺄن ﻣن ﺷﺄن اﻟﺗﺣﻔظ ﺗﻌدﯾل اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﺎ
ﺑﯾن اﻟدول اﻟﻣﺗﺣﻔظﺔ وﻣن ﻗﺑل اﻟﺗﺣﻔظ وﻣن أطراف اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻵﺧرﯾن وﻟﻛن دون أن ﺗؤﺛر ﻓﻲ
اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟدول اﻷﺧرى اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ،إذ ﺗﺑﻘﯽ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾﻧﻬم ﻣﺣﻛوﻣﺔ
ﺑﺎﻷﺣﻛﺎم اﻷﺻﻠﯾﺔ ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدة ﻣوﺿوع اﻟﺗﺣﻔظ.
ﺳﺣب اﻟﺗﺣﻔظ:
ﯾﺣق ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣﺗﺣﻔظﺔ أن ﺗﺳﺣب ﺗﺣﻔظﻬﺎ ﻓﻲ أي ﻟﺣظﺔ ﺗﺷﺎء واﻧﻪ ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻟﺳرﯾﺎن
اﻟﺳﺣب ،أن ﺗواﻓق ﻋﻠﯾﻪ اﻟدول اﻷطراف اﻟﺗﻲ ﺳﺑق أن ﻗﺑﻠت اﻟﺗﺣﻔظ ،ﻣﺎ ﻟم ﺗﺗﺿﻣن اﻟﻣﻌﺎﻫدة
اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺗﻧظﯾﻣﺎ ﻣﺧﺗﻠﻔﺎ ﻟﺳﺣب اﻟﺗﺣﻔظﺎت )م 1/22ﻣن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ(.
وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺳﺣب اﻟﺗﺣﻔظ ﺳرﯾﺎن اﻷﺣﻛﺎم اﻷﺻﻠﯾﺔ ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدة ﺑﺎﻟﻛﺎﻣل ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﺎ
ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺑق ﻟﻬﺎ إﺑداء اﻟﺗﺣﻔظ وﻛﺎﻓﺔ اﻷطراف اﻵﺧرﯾن ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن ﻗﺑوﻟﻬم أو
رﻓﺿﻬم ﻟﻠﺗﺣﻔظ اﻟﻣﺳﺣوب .ﻛﻣﺎ إذا ﺳﺣﺑت اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺑق أن رﻓﺿت اﻟﺗﺣﻔظ اﻋﺗراﺿﻬﺎ.
أن ﺗﺳري اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻣﻌد ﻟﻪ وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﺿﻣﻧﻪ اﻟﺗﺣﻔظ ﻣن أﺣﻛﺎم ﺑﺷﺄن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﺣﻔظ وﻣن
ﺳﺣب اﻋﺗراﺿﻪ ﻋﻠﯾﻪ.2
1
-د .ﺟﻌﻔر ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،دور اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺷﺎرﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .75
- 2د .ﻋﺎﺋﺷﺔ راﺗب ،اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 177
81
اﻟﺷروط اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻟﺻﺣﺔ اﻟﻣﻌﺎﻫدات:
ﯾﺷﺗرط ﻟﺻﺣﺔ اﻧﻌﻘﺎد اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺗواﻓر ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ .إذ ﯾﺗﻌﯾن أن
ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻲ أطراﻓﻬﺎ اﻷﻫﻠﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺗﻌﺎﻗد .وأﻻ ﯾﻛون رﺿﺎء ﻫؤﻻء اﻷطراف ﻣﺷوﺑﺎ ﺑﺄي ﻋﯾب
ﻣن ﻋﯾوب اﻟرﺿﺎء اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم .وﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻣوﺿوع اﻟﻣﻌﺎﻫدة
ﻣﺷروﻋﺎ.
أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗد:
ﺗﻣﻠك اﻟدول ﻛﺎﻣﻠﺔ اﻟﺳﯾﺎدة إﺑرام ﻛﺎﻓﺔ أﻧواع اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﻣن ﺣﻘوق ﺳﯾﺎدة
ٕواذا ﻛﺎن ﻫذا اﻷﻣر واﺿﺣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدول ﻛﺎﻣﻠﺔ اﻟﺳﯾﺎدة إﻻ اﻧﻪ ﯾﺑدو ﻏﯾر واﺿﺢ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻠدول ﻧﺎﻗﺻﺔ اﻟﺳﯾﺎدة واﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ.
ﻓﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدول ﻧﺎﻗﺻﺔ اﻟﺳﯾﺎدة ،ﻓﺎن ﺣﻘﻬﺎ ﻓﻲ إﺑرام اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ
ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺗﺑﻌﯾﺔ ﺑﺎﻟدوﻟﺔ ﺻﺎﺣﺑﺔ اﻟوﻻﯾﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ .وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﻓﺈن اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﻲ ﺗﺑرﻣﻬﺎ
اﻟدول ﻧﺎﻗﺻﺔ اﻟﺳﯾﺎدة ﻻ ﺗﻛون ﺻﺣﯾﺣﺔ إﻻ إذا ﻛﺎﻧت داﺧﻠﺔ ﺿﻣن اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﻘرر ﻟﻣﺛل
ﻫذﻩ اﻟدول.
أﻣﺎ اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻓﻣن اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ أن ﺷﺧﺻﯾﺗﻬﺎ اﻟدوﻟﯾﺔ ﺷﺧﺻﯾﺔ وظﯾﻔﯾﺔ وﻣن
ﺛم ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻬﺎ أن ﺗﺑرم إﻻ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺗﺿﻲ إﺑراﻣﻬﺎ ﺗﻣﻛﯾن اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻣن اﻟﻘﯾﺎم
ﺑوظﺎﺋﻔﻬﺎ.1
ﯾﺷﺗرط ﻟﺻﺣﺔ اﻟﻣﻌﺎﻫدة أن ﯾﻛون رﺿﺎء إطراﻓﻬﺎ اﻻﻟﺗزام ﺑﺄﺣﻛﺎﻣﻬﺎ رﺿﺎء ﺳﻠﯾﻣﺎ ﻏﯾر
ﻣﺷوب ﺑﺄي ﻋﯾب ﻣن ﻋﯾوب اﻟرﺿﺎء ﻣﺛل اﻟﻐﻠط أو اﻟﺗدﻟﯾس أو اﻹﻛراﻩٕ .واذا ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﺳﻠم
- 1د .ﻋﺎﺋﺷﺔ راﺗب ،اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 178
82
ﺑﻪ أن وﻗوع اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﻠط أو ﻗﺑوﻟﻬﺎ اﻟﺗﻌﺎﻗد ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗدﻟﯾس ﻣن دوﻟﺔ أﺧرى ،ﻣن ﺷﺄن أي
ﻣﻧﻬﺎ أن ﯾﻌﯾب إراداﺗﻪ .وﻣن ﺛم ﯾﺟﻌل اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﻣﺑﻬﻣﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻐﻠط أو اﻟﺗدﻟﯾس ﻣﻌﺎﻫدة ﻗﺎﺑﻠﺔ
ﻟﻺﺑطﺎل )اﻧظر اﻟﻣﺎدﺗﯾن 48 ، 49ﻣن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ( .وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺎن وﻗوع اﻟدوﻟﺔ ﺿﺣﯾﺔ
ﺗدﻟﯾس أو ﻏﻠط ﻣن اﻷﻣور اﻟﻧﺎدرة ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ،ﻷن اﻹﺟراءات اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ واﻟرﺳﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗطﻠﺑﺔ
ﻹﺑرام اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟﻣﺳﺗﺑﻌد أن ﺗﻘﻊ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻏﻠط أو ﺗدﻟﯾس.
وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻹﻛراﻩ اﻟﻣﻌﺗﺑر ﻣن ﻋﯾوب اﻟرﺿﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻫو
اﻹﻛراﻩ اﻟﺻﺎدر ﻋﻠﻰ ﺷﺧص ﻣﻣﺛل اﻟدوﻟﺔ ،ﻓﺈذا وﻗﻊ ﻣﺛل ﻫذا اﻹﻛراﻩ ﻓﺄﻧﻪ ﯾﺟﻌل اﻟﻣﻌﺎﻫدة
ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻺﺑطﺎل .أﻣﺎ اﻷﻛراد اﻟواﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻛﺷﺧص ﻣن أﺷﺧﺎص اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ
اﻟﻌﺎم ،ﻓﻼ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن ﻋﯾوب اﻟرﺿﺎ .وﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺛﺑوﺗﻪ أي ﻣﺳﺎس ﺑﺻﺣﺔ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ،وﻻ
ﯾﻘﺑل ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﯾﻪ ﻟطﻠب إﺑطﺎﻟﻬﺎ ،وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ ﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻧﻬﯾﺔ
ﻟﻠﺣروب ﺑﯾن اﻟدول.1
ﻣوﺿوع اﻟﻣﻌﺎﻫدة:
ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻣوﺿوع اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻣﺷروﻋﺎ ،وﯾﻛون ﻣوﺿوع اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻣﺷروﻋﺎ اذا ﻛﺎن
ﻻ ﯾﺧﺎﻟف أي ﻗﺎﻋدة ﻣن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم اﻵﻣرة ،2وﻗد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة 53ﻣن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ
ﻓﯾﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺑطﻼن اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﻲ ﺗﻛون وﻗت إﺑراﻣﻬﺎ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻘﺎﻋدة آﻣرﻩ ﻣن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون
اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم .وﻋرﻓت اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﻘواﻋد اﻵﻣرة ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻟﻘواﻋد ﻣﻘﺑوﻟﺔ واﻟﻣﻌﺗرف ﺑﻬﺎ ﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
اﻟدوﻟﻲ ﺑﺄﻛﻣﻠﻪ ﻛﻘواﻋد ﻻ ﯾﺟوز ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ وﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﻌدﯾﻠﻬﺎ إﻻ ﺑﻘواﻋد ﻻﺣﻘﺔ ﻟﻬﺎ ﻧﻔس اﻟطﺑﯾﻌﺔ،
وﻣن أﻣﺛﻠﺗﻬﺎ اﻟﻘواﻋد اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺣرﯾﺔ اﻟﻣﻼﺣﺔ ﻓﻲ أﻋﺎﻟﻲ اﻟﺑﺣﺎر واﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﺣظر اﻻﺗﺟﺎر
ﺑﺎﻟرﻗﯾق.
1
-د .ﻋﺎﺋﺷﺔ راﺗب ،اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 179
- 2د .ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻣﺣﻣد ﺳرﺣﺎن ) ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ( دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ، 1980 ،ص 187وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
83
اﻵﺛﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدات
ﯾﻌﺗﺑر اﻷﺛر اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗزام أطراﻓﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﺗﺗﺿﻣﻧﻪ ﻣن أﺣﻛﺎم ،ووﺟوب ﻗﯾﺎﻣﻬم
ﺑﺗﻧﻔﯾذ ﻫذﻩ اﻷﺣﻛﺎم وﻓﻘﺎ ﻻﻋﺗﺑﺎرات ﺣﺳن اﻟﻧﯾﺔ .وﻗد أﺷﺎرت إﻟﻰ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﺎدة 36ﻣن
اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ ﺣﯾث ورد ﺑﻬﺎ أن "ﻛل ﻣﻌﺎﻫدة ﺳﺎرﯾﺔ ﺗﻠزم أطراﻓﻬﺎ وﯾﺟب ﻋﻠﯾﻬم ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﺑﺣﺳن
ﻧﯾﺔ".
وﻣن ﻫذا اﻟﻧص ﯾﺗﺿﺢ أﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ أطراف اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﺣﺗرام أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ وﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺎ
ﺗﻔرﺿﻪ ﻋﻠﯾﻬم ﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت .ﻓﺈذا ﺗﺧﻠف أﺣد اﻷطراف ﻋن ﺗﻧﻔﯾذ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﻘررة ﻋﻠﻰ
ﻋﺎﺗﻘﻪ ﺟﺎز ﻟﻸطراف اﻷﺧرى اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﻔﺳﺦ اﻟﻣﻌﺎﻫدة أو ﺗﺣرﯾك دﻋوى اﻟﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ.
وﻣن اﻟﻣﻘرر أن اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻻ ﺗﺳري إﻻ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺗﺻدﯾق ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ
ﻋﻛس ذﻟك .ﻛﻣﺎ ﺗﻧطﺑق اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ أﺟزاء اﻹﻗﻠﯾم اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻷطراﻓﻬﺎ ،إﻻ إذا اﺗﺿﺢ ﻏﯾر
ذﻟك ﻣن ﻧﺻوص اﻟﻣﻌﺎﻫدة .ﻛﻣﺎ ﺗﻠﺗزم اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺗطﺑﯾق أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ.1
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ أن أﺛر اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻻ ﯾﻧﺻرف إﻟﻰ ﻏﯾر أطراﻓﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗرﺗب ﻟﻬم ﺣﻘوق
أو ﺗﻔرض ﻋﻠﯾﻬم اﻟﺗزاﻣﺎت .وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺟوز ﻟدوﻟﺔ أن ﺗطﺎﻟب ﺑﺗﻧﻔﯾذ ﻣﻌﺎﻫدة ﻟم ﻟﻛن طرﻓﺎ
ﻓﯾﻬﺎ ،أو ﺗﺳﺗﻧد ﻟﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣق ﻣن اﻟﺣﻘوق .وﻟﻛن ﻫذا ﻻ ﯾﻣﻧﻊ أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻣن
أن ﺗﺳﺗﻔﯾد دوﻟﺔ ﻣن أﺣﻛﺎم ﻣﻌﺎﻫدة ﻟﯾﺳت طرﻓﺎ ﻓﯾﻬﺎ ،وذﻟك ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻘق ﻓﯾﻬﺎ ﺗﻧﻔﯾذ
اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻟﻬﺎ .وﻣﺛﺎل ذﻟك أن ﺗﺗﻔق دوﻟﺗﺎن ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻫدة ﻋﻠﻰ
ﺿﻣﺎن ﺳﻼﻣﺔ إﻗﻠﯾم دوﻟﺔ ﻟﯾﺳت طرﻓﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدة .واﻟﻐﺎﻟب أن اﻟدوﻟﺔ )اﻟﻐﯾر( ﻻ
ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﺣوال أن ﺗطﺎﻟب ﺑﺣق ﻣﺑﺎﺷر أو أن ﺗطﻠب ﻣن أطراف اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺗﻧﻔﯾذ
اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟواردة ﺑﻬﺎ .وﻗد أﯾدت ﻫذا اﻟرأي ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟداﺋﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻬﺎ اﻟﺻﺎدر
1
-د .ﻣﺻطﻔﯽ اﺣﻣد ﻓؤاد ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟﺟزء اﻷول ،اﻟﻘﺎﻋدة اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ،2005ص .250
84
ﻓﻲ 26ﻣﺎﯾو 962ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ ﻛوروزو ﺑﯾن أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ وﺑوﻟﻧدا .ﺣﯾث ذﻛرت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز
ﻟﺑوﻟﻧدا أن ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ اﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﻬدﻧﺔ اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﻋﺎم 1918ﻷﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﻛن طرﻓﺎ ﻓﯾﻬﺎ .وﻛذﻟك
اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺣرة ﺑﯾن ﻓرﻧﺳﺎ وﺳوﯾﺳ ار ﺳﻧﺔ 1932
ﻓﻘد اﻧﺗﻬت ﻓﯾﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ إﻟﻰ أن ﺳوﯾﺳ ار ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻌﺗﺑر ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﻣﻌﺎﻫدة ﻟم ﺗﻛن طرﻓﺎ
ﻓﯾﻬﺎ.1
ﻫذا وﻗد ﺗﺑﻧت اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 34ﺣﯾث ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺎدة ﻻ
ﺗﻧﺷﺊ ﺣﻘوﻗﺎ أو اﻟﺗزاﻣﺎت اﻟدول اﻟﻐﯾر دون رﺿﺎﺋﻬﺎ ".
ٕواذا ﻛﺎﻧت اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ أن اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻧﺷﺄ ﺣﻘوق أو اﻟﺗزاﻣﺎت ﻟﻠدول
اﻟﻐﯾر دون ﻣواﻓﻘﺗﻬﺎ طﺑﻘﺎ ﻟﻣﺑدأ ﺳﯾﺎدة اﻟدول ،إﻻ أن أﺛر ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻗد ﯾﻣﺗد إﻟﻰ ﻏﯾر
أطراﻓﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء وذﻟك ﻓﻲ اﻷﺣوال اﻵﺗﯾﺔ:2
ﺗﻠﺗزم اﻟدول ﻛﺎﻓﺔ ﺑﺎﺣﺗرام اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم ﻣﺳﺎﺋل ﺗﻬم
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ ،إذا اﺳﺗﻘرت ﻫذﻩ اﻟﻣﺑﺎدئ ﻓﻲ اﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ .وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ذﻟك ﻣﻌﺎﻫدة
اﻟﻘﺳطﻧطﯾﻧﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1888اﻟﺗﻲ وﺿﻌت ﻧظﺎﻣﺎ ﻟﻠﻣﻼﺣﺔ ﻓﻲ ﻗﻧﺎة اﻟﺳوﯾس ،وﻣﻌﺎﻫدة ﺳﻧﺔ
1815اﻟﺗﻲ ﻓرﺿت ﺣﯾﺎد ﺳوﯾﺳ ار اﻟداﺋم ،ﻓﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﺗﻧﺻرف آﺛﺎرﻫﺎ ﻟﻠﻐﯾر ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر
أﻧﻬﺎ اﺳﺗﻘرت ﻓﻲ اﻟﻌرف اﻟدوﻟﻲ .
ﻗد ﺗرﺗﺑط ﺑﻌض اﻟدول ﻣﻊ ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻵﺧر ﺑﻣﻌﺎﻫدات ﺗﻘرر ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ أطراﻓﻬﺎ ﻣﻌﺎﻣﻠﻪ اﻟدوﻟﺔ
اﻷﻛﺛر رﻋﺎﯾﺔ .وﯾﻌﻧﻲ ذﻟك ،اﻟﺳﻣﺎح ﻟﻸطراف اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﺑﺎﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن ﻛل اﻣﺗﯾﺎز ﯾﻣﻧﺣﻪ طرف
ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟدوﻟﺔ ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷي ﻣن اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﺗم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة .وﯾﻌد
- 1د .ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﻠﻣﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.346
2
-د .اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ﻣﺣﻣد ﺑﺷﯾر ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ 1976 ،ص .581
85
ﻫذا اﻟﺷرط ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ وﺳﯾﻠﺔ اﻧﺿﻣﺎم ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة واﺣﺗﻣﺎﻟﯾﺔ .وﻗد ظﻬر ﻫذا اﻟﺷرط أوﻻ ﻓﻲ
اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،وﻟﻛن ﺗطﺑﯾﻘﻪ أوﺳﻊ ﻣن ذﻟك ،ﻓﻘد ﯾﻣﺗد إﻟﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣﺳﺎﺋل
اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﻣرﻛز اﻷﺟﺎﻧب أو ﺗﻧﺎزع اﻟﻘواﻧﯾن.1
وﯾﻌﻧﻲ ذﻟك أن ﯾﺗم اﻻﺗﻔﺎق ﺑﯾن أطراف اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻋﻠﻰ إﻧﺷﺎء ﺣق ﻣﻌﯾن ﻟدوﻟﺔ ﻟﯾﺳت
طرﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة أو ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟدول أو ﻟﻠدول ﺟﻣﯾﻌﺎ.
وﻧواﻓق اﻟدول اﻟﻐﯾر ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺣق ﺻراﺣﺔ أو ﺿﻣﻧﺎ .وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك ،أن اﻟدوﻟﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺎرس ﺣﻘﺎ ﻣن ﻫذا اﻟﻧوع ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻬﺎ أن ﺗراﻋﻲ ﺷروط ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺣق اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ
ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﻷطرف اﻟﻣﻌﺎﻫدة إﻟﻐﺎء أو ﺗﻐﯾﯾر ﺣق ﺗم ﻟم ﻋﻠﯾﺔ ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻐﯾر،
إذا ﺛﺑت أن أطراف اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻗد اﺗﻔﻘوا ﻋﻠﻰ ﻋدم ﺗﻌدﯾل أو إﻟﻐﺎء اﻟﺣق اﻟﻣﻣﻧوح ﻟﻠﻐﯾر إﻻ
ﺑﻣواﻓﻘﺗﻪ.
ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﻌﺎﻫدات:
ﺗﻘﺻد ﺑﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﺗﺣدﯾد ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻧﺻوص وﻧطﺎﻗﻬﺎ ﺗﺣدﯾدا دﻗﯾﻘﺎ وﯾﻘﺗﺿﻲ ذﻟك
ﺗﺣدﯾد اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ،ﺑﺎﻟﺗﻔﺳﯾر ،ﺛم ﺗﺣدﯾد اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺗم اﻟﺗﻔﺳﯾر وﻓﻘﺎ ﻟﻬﺎ.2
ﻣن اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ أن اﻷطراف اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺳﻠطﺔ ﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ ،وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻛون اﻟﺗﻔﺳﯾر
اﻟﺻﺎدر ﻣن ﻫذﻩ اﻷطراف ﻧﻔس اﻟﻘوة اﻟﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدة ﻧﻔﺳﻬﺎ ،وﯾﻌﺗﺑر ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻣﻠﺣق ﻣﻛﻣل
ﻟﻬﺎ.3
1
-د .ﻋﺎﺋﺷﺔ راﺗب ،اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .180
- 2د .ﻣﺣﻣد طﻠﻌت اﻟﻐﻧﯾﻣﻲ ،اﻟﻐﻧﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﺳﻼم ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،1980 ،ص .399
3
-د .ﻋﺎﺋﺷﺔ راﺗب ،اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .182
86
ﻛﻣﺎ أن ﻟﻠﻣﺣﺎﻛم اﻟدوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف أﻧواﻋﻬﺎ ﺳﻠطﺔ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻌرض
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻣﻧﺎزﻋﺎت ،وﯾﻛون ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻬذا اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻗوة ﻣﻠزﻣﺔ
ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧزاع ﻣوﺿوع اﻟﺣﻛم ،وﯾﻘﺗﺻر أﺛر اﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ
ﺑﺎﻷطراف اﻟﻣﺗﻧﺎزﻋﺔ دون ﻏﯾرﻫﺎ وﻓﻲ ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻫذا اﻟﻧزاع ﻓﻘط ،دون أن ﯾﻣﺗد إﻟﻰ ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن
اﻷطراف أو إﻟﻰ ﺑﺎﻗﻲ ﻧﺻوص اﻟﻣﻌﺎﻫدة وذﻟك طﺑﻘﺎ اﻟﻘﺎﻋدة ﻧﺳﺑﯾﺔ اﻷﺣﻛﺎم "أي أن اﻷﺣﻛﺎم
ﻻ ﺗﻛون ﻟﻬﺎ ﺣﺟﯾﺔ إﻻ ﺑﯾن أطراﻓﻬﺎ".
ﻗد ﯾﺛور اﻟﺗﺳﺎؤل ﻋﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﺗﻣﻠك ﺗﻔﺳﯾر أﺣﻛﺎم اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗطﺑق داﺧل إﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ.
ذﻫب ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ إﻟﻰ أن اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟوطﻧﯾﺔ ﻻ ﺗﺧﺗص ﺑﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﻌﺎﻫدات
اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطﺑق داﺧل إﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ وأﻧﻬﺎ ﺗﻠﺗزم ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺣوال ﺑﺎﺣﺗرام اﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟذي
ﺗﺻدرﻩ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺳواء ﻛﺎن ﻫذا ﻗد ﺻدر ﻣن اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺑﻣﻔردﻫﺎ أو ﺑﻧﺎء ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻣﻊ اﻟدول
اﻷﺧرى.1
ﻛﻣﺎ ذﻫﺑت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1952إﻟﻰ وﺟوب اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻓرﺿﯾن:
-أن ﯾﺛﯾر ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻣﺳﺎﺋل ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﯾﺧص
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎﻟﺗﻔﺳﯾر ،وﺗﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟذي ﺗﺻدرﻩ اﻟﺣﻛوﻣﺔ.
-إذا ﺗﻌﻠق اﻟﺗﻔﺳﯾر ﺑﻣﺳﺎﺋل ﻻ ﺗﻣس اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻓﺎن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﺧﺗص و ﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻟﺣﺎﻟﺔ .
وﻗد ﺟرت اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻏﯾر اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،أي اﻟﺗﻲ هﻣﺳﺎﺋل
ﻣﺎﻟﯾﻪ أو ﺑﺣﻘوق اﻷﻓراد.
1
-ﻋﺎﺋﺷﺔ راﺗب ،اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 183
87
ﺛﺎﻧﯾﺎ -اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﻔﺳﯾر:
ﻻ ﺗوﺟد ﻗواﻋد ﻣﻌﯾﻧﺔ ﯾﻧﺑﻐﻲ إﺗﺑﺎﻋﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺗﻔﺳﯾر اﻻﺗﻔﺎﻗﻲ ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدات ﺑﯾن اﻟدول أﻣﺎ
اﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﺻﺎدر ﻣن اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻓﻘد اﺳﺗﻘرت ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎﻛم ﻋﻠﻰ إﺗﺑﺎع ﻣﻌﯾﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﻔﺳﯾر
ﻣن ذﻟك :
-3اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﻠﻔظ ﻫو ﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﻣﻌﺗﺎد ،ﻣﺎ ﻟم ﯾﺛﺑت اﻧﺻراف ﻧﯾﺔ اﻷطراف إﻟﻰ إﻋطﺎﺋﻪ ﻣدﻟوﻻ
ﺧﺎﺻﺎ.
-5ﯾﻧﺑﻐﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻧﺻوص اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل ﻗﯾدا ﻋﻠﻰ ﺳﯾﺎدة إﺣدى اﻟدول ﺗﻔﺳﯾ ار ﺿﯾﻘﺎ.
اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدات:
ﺗﺗﺿﻣن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ أﺳﺑﺎب وطرق إﻧﻬﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدات إذ ﻗد ﺗﻧﺗﻬﻲ ﻫذﻩ
اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﺑﯾن أطراﻓﻬﺎ ،وﻗد ﺗﻧﻘﺿﻲ ﺑﻐﯾر اﺗﻔﺎق أطراﻓﻬﺎ.
ﻣن اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ أن اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺗﻧﻘﺿﻲ إذا اﺗﺟﻬت اﻹرادة اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ أطراﻓﻬﺎ إﻻ ﺑﻬﺎ،
وذﻟك إذا اﺗﻔﻘت اﻷطراف اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد اﺟل ﻣﻌﯾن ﺗﻧﻘﺿﻲ ﺑﺣﻠوﻟﻪ ﻟﻣﻌﺎﻫدة ،أو أﺑرﻣت
اﺗﻔﺎق ﻻﺣق ﯾﻧص ﻓﯾﻪ ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ إﻧﻬﺎﺋﻬﺎ أو إذا أﺑرﻣت ﻛﺎﻓﺔ اﻟدول إﻟﻰ أطراف اﻟﻣﻌﺎﻫدة،
88
ﻣﻌﺎﻫدﻩ أﺧرى ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻌﻬﺎ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺑﺣﯾث ﯾﺳﺗﺣﯾل ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﻌﺎﻫدﺗﯾن ﻓﻲ
وﻗت واﺣد.
ﻛﻣﺎ ﯾﺟوز ﻟﻠدول أطراف اﻟﻣﻌﺎﻫدة إﻧﻬﺎﺋﻬﺎ ﻛﻠﯾﺎ ،ﯾﺟوز ﻟﻬم ﻛذﻟك إﻧﻬﺎء ﺟزء ﻣﻌﯾن ﻣن
أﺟزاﺋﻬﺎ وﻛذﻟك ﺑﺗﻌدﯾل ﺑﻌض ﻧﺻوص اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق اﻟﺻرﯾﺢ ﻋﻠﻰ إﻧﻬﺎء ﻋﻣل ﺑﺑﻌض
ﻧﺻوﺻﻬﺎ.
ﻛﻣﺎ ﻗد ﺗﺑﯾﺢ اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻧﺳﺣﺎب أﺣد اﻷطراف ﺑﻌد إﻋﻼن ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻷطراف وﻓﻘﺎ ﻟﻔﺗرة
زﻣﻧﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺗﺣددﻫﺎ اﻟﻣﻌﺎﻫدة .وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﯾﺟب أن ﻧﻔرق ﺑﯾن وﺿﻌﯾن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻧﺳﺣﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻬﺎ ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ
اﻻﻧﺳﺣﺎب اﻧﻘﺿﺎﺋﻬﺎ أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﺗظل اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻧﺎﻓذة ﻓﻲ ﺣق ﺑﺎﻗﻲ
اﻷطراف.
-1اﻟﻔﺳﺦ:
ﯾﺟوز ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون طرﻓﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻫدة أن ﺗﻌﻠن ﻋدم اﻟﺗزاﻣﻬﺎ ﺑﻣﺎ ورد ﻓﯾﻣﺎ وﻗت أو
وﻗت ﺗﻧﻔﯾذ أﺣﻛﺎم اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻛﻠﯾﺎ أو ﺟزﺋﯾﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﺧﻼل اﻟطرف اﻵﺧر ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ
اﻟﻣﻌﺎﻫدة ،وﯾﻧﺎزع ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ ﻣدى ﻣﺷروﻋﯾﺔ ﻓﺳﺦ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻹﺣدى
اﻟدول اﻷطراف ،ﻷن ذﻟك ﯾؤدي إﻟﻰ ﻋدم اﺳﺗﻘرار اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟدوﻟﯾﺔ وﻣن ﺛم ﯾﺟب أن ﯾﺗم
ﻓﺳﺦ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﺑﯾن أطراﻓﻬﺎ .وﻟﻛن ﻫﻧﺎك رأي آﺧر ﯾﺟﯾز ﻓﺳﺦ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﺎﻹرادة
اﻟﻣﻧﻔردة إذا اﺧل أﺣد اﻷطراف ﺑﺎﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة وﻣن ذﻟك إﻟﻐﺎء
اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1951ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدة اﻟﻣﺻرﯾﺔ اﻻﻧﺟﻠﯾزﯾﺔ اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﺳﻧﺔ ، 1936
89
ﺑﺳﺑب إﺧﻼل اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻣﺗﺣدة ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة وﻛذﻟك إﻟﻐﺎﺋﻬﺎ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﻘﺎﻫرة اﻟﻣﺑرﻣﺔ
ﺳﻧﺔ 1954ﺑﺳب اﻟﻌدوان اﻟﺛﻼﺛﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺻر.1
وﻗد أﺟﺎزت اﻟﻣﺎدة .ﻣن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ إﻧﻬﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ أو وﻗف ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﻛﻠﯾﺎ أو
ﺟزﺋﯾﺎ ﺑواﺳطﺔ أﺣد أطراﻓﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻗﯾﺎم اﻟطرف اﻵﺧر ﺑﻣﺧﺎﻟﻔﺔ أﺣﻛﺎم اﻟﻣﻌﺎﻫدة.
أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﺎﻧﻪ ﯾﺟوز ﻷي ﻣن أطراﻓﻬﺎ وﻗف ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﻛﻠﯾﺎ أو ﺟزﺋﯾﺎ
ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺟوز ﻛذﻟك ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷطراف اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ
اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ إﻧﻬﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدة أو وﻗف ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﻛﻠﯾﺎ أو ﺟزﺋﯾﺎ وذﻟك ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻷطراف.
-2ﺗﻐﯾر اﻟظروف:
ﺗﻬدف اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﺗﻧظﯾم اﻟرواﺑط اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓﺈذا ﺗﻐﯾرت ﻫذﻩ اﻟرواﺑط
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻛﺎن ﻣن اﻟﺿروري ﺗﻌدﯾل اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻬﺎ.
وﯾذﻫب اﻟﺷراح إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺎن اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﺗﻌﻘد ﺗﺣت ﺷرط ﺿﻣﻧﻲ ﻫو ﺑﻘﺎء اﻷﻣور ﻋﻠﻰ
ﺣﺎﻟﻬﺎ ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺗﻐﯾرت اﻷﺣوال ﻛﺎن ﻟﻠدوﻟﺔ أن ﺗطﺎﻟب اﻟطرف اﻵﺧر ﺑﺈﻧﻬﺎء أو ﺗﻌدﯾل
اﻟﻣﻌﺎﻫدة ،وﻛﺎن ﻋﻣﻠﻬﺎ ﻫذا ﻣﺗﻔﻘﺎ ﻣﻊ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم .وﯾری ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء ،أﻧﻪ
ﯾﺟوز إﻧﻬﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة إذا ﻣﺎ ﺗﻐﯾرت ظروف ﻋﻘدﻫﺎ ﺗﻐﯾ ار ﺟوﻫرﯾﺎ دون ﺣﺎﺟﺔ
إﻟﻰ ﺣﺻول اﺗﻔﺎق ﺑﯾن أطراف اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﻋﻠﻰ إﻟﻐﺎﺋﻬﺎ وذﻟك ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺗﺗﺿﻣن
ﺷرطﺎ ﺿﻣﻧﯾﺎ ﻓﺎﺳﺧﺎ ﻫو ﺑﻘﺎء اﻷﻣور ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺗﻐﯾرت ﻫذﻩ اﻟظروف ﺗﻐﯾ ار
ﺟوﻫرﯾﺎ ﺗﺣﻘق اﻟﺷروط اﻟﻔﺎﺳﺦ وﺟﺎر إﻧﻬﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة.2
ﻋﻠﻰ أن ﺗﻐﯾر اﻟظروف ﻻ ﯾﻣﻛن اﻻﺳﺗﻧﺎد ﻋﻠﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺣدود ،أو إذا ﻛﺎن
اﻟﺗﻐﯾﯾر اﻟﺟوﻫري ﻗد ﻧﺷﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻹﺧﻼل اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺗزام ﺗﻘررﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدة أو ﺑﺎﻟﺗزام دوﻟﻲ آﺧر.
1
-د.ﻋﺎﺋﺷﺔ راﺗب ،اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 184
- 2د.ﻋﺎﺋﺷﺔ راﺗب ،اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 185
90
-3اﻟﺣرب:
ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ إﻋﻼن اﻟﺣرب ،اﻧﻘﺿﺎء ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟدول اﻟﻣﺗﺣﺎرﺑﺔ
ﻛﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺻداﻗﺔ واﻟﺗﺣﺎﻟف واﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ وﻟﻛن إذا ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ ﻫﻲ اﻟﻘﺎﻋدة ،إﻻ أﻧﻪ
ﺗرد ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﻌض اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات.
-1ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎم اﻟﺣرب اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺣرب ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻣﺛل
اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻣﻧﻊ اﺳﺗﺧدام أﺳﻠﺣﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ واﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻣﻌﺎﻣﻠﺔ أﺳرى اﻟﺣرب.
-2ﻻ ﯾؤدي ﻧﺷوب اﻟﺣرب إﻟﻰ اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﻣﻧﺻوص ﻓﯾﻬﺎ ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ أن ﻗﯾﺎم
اﻟﺣرب ﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ اﻧﻘﺿﺎﺋﻬﺎ ،ﻣﺛل اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗﻧظﯾم اﻟﻣﻼﺣﺔ ﻓﻲ ﻧﻬر دوﻟﻲ أو
ﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺣدود.
-2ﺗوﺟد ﺑﻌض اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﻲ ﯾوﻗف ﻧﻔﺎذﻫﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدول اﻟﻣﺗﺣﺎرﺑﺔ ﺣﺗﻰ اﻧﺗﻬﺎء اﻟﺣرب
وﻣﺛﺎل ذﻟك اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺗﻘوم اﻟﺣرب ﺑﯾن ﺑﻌض أطراﻓﻬﺎ ﻓﻘط.
ﺗﺿﻣﻧت اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻓﯾﻧﺎ اﻹﺟراءات اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ﺑﺷﺄن اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدات أو وﻗﻔﻬﺎ أو ﺑطﻼﻧﻬﺎ.1
-1ﻻ ﯾﺟوز ﻟدوﻟﺔ أن ﺗﺗﻣﺳك ﺑﺳﺑب ﻣن أﺳﺑﺎب ﺑطﻼن اﻟﻣﻌﺎﻫدة أو إﻧﻬﺎﺋﻬﺎ أو وﻗﻔﻬﺎ أو
اﻻﻧﺳﺣﺎب ﻣﻧﻬﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻗد واﻓﻘت ﺑﻌد ﻋﻠﻣﻬﺎ ﺑﺎﻟوﻗﺎﺋﻊ -ﻋﻠﻰ أن ﺗﺑﻘﻲ اﻟﻣﻌﺎﻫدة ﺻﺣﯾﺣﺔ أو
ﻧﺎﻓذة ﺳواء ﻛﺎﻧت اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﺻرﯾﺣﺔ أو ﺿﻣﻧﯾﺔ.
-2إذا ﺗﻣﺳك طرف ﺑﺳﺑب اﻻﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣﻌﺎﻫدة أو ﺑطﻼﻧﻬﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻪ إﻋﻼن اﻷطراف
اﻷﺧرى ﺑوﻗﻔﻪ ،ﻓﺈذا ﻟم ﯾﻌﺗرﺿوا ﺧﻼل ﺛﻼﺛﺔ ﺷﻬور أﺻﺑﺢ ﻣن ﺣﻘﻪ اﻟﺗﺣﻠل ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻫدة.
1
-د.ﻋﺎﺋﺷﺔ راﺗب ،اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺎﻫدات ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 187
91
-3ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻋﺗراض اﻷطراف اﻵﺧرﯾن ،ﻛﺄن ﻋﻠﯾﻬم اﻟﻠﺟوء إﻟﻲ وﺳﯾﻠﺔ ﺳﻠﻣﯾﻪ ﻟﺣل
اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة 23ﻣن ﻣﯾﺛﺎق اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة.
-4إذا ﻟم ﺗﺗوﺻل اﻷطراف إﻟﻲ ﺣل اﻟﺧﻼف ﺑﯾﻧﻬم ﺧﻼل ﺳﻧﻪ ﺟﺎز ﻻ ﯾﻬم أن ﯾطﻠب ﻣن
اﻷﻣﯾن اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺗﻌﯾﯾن ﻟﺟﻧﺔ ﺗوﻓﯾق ﻟﺣل اﻟﻧزاع.
ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻘﺎﻋدة آﻣرة ﻣن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﻓﯾﻛون اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌدل اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب ﻛﺗﺎﺑﻲ ﻣن أﺣد اﻷطراف اﻟﻣﺗﻧﺎزﻋﺔ.
ﺗﻧﺎوﻟﻧﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺳﺑق دراﺳﺔ اﻟﻣﻌﺎﻫدات ﻛﻣﺻدر ﻻﻟﺗزاﻣﺎت دوﻟﯾﺔ ﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ وﯾﺑﻘﻰ ﺑﻌد ذﻟك أن
ﻧدرس اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺗﺻرﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر ﻋن اﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠدوﻟﺔ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر اﻷﻋﻣﺎل
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠدوﻟﺔ ﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻠﻐﯾر ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﻟﻛﻧﻬﺎ
ﻣﺟرد إﻓﺻﺎح ﻋن رأي أو إرادة اﻟدوﻟﺔ أو ﺗﻘرﯾر ﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻻﺣظت اﻟدوﻟﺔ وﺟودﻫﺎ وﻣن
ذﻟك.
-1اﻻﺣﺗﺟﺎج :ﺗﺻدر اﻟدوﻟﺔ اﻻﺣﺗﺟﺎج ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾرﺗﻛب ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺗﻬﺎ ﺗﺻرﻓﺎ أو ﻋﻣﻼ ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ
ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻹﺛﺑﺎت اﻋﺗراﺿﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ و ﻋدم اﻋﺗراﻓﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻧﺗﺎﺋﺞ.
-2اﻹﻋﻼن :وﯾﺗﺿﻣن ﻗﯾﺎم اﻟدوﻟﺔ ﺑﺈﺧطﺎر اﻟدول اﻷﺧرى ﺑﻧﺷؤ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺟدﯾدة ﻛﺗﻐﯾﯾر
إﻗﻠﯾﻣﻲ أو ﺗﻐﯾﯾر ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟﺣﻛم.
-3اﻟﺗﺻرﯾﺢ اﻟﻔردي :وﻧﻌﻧﻲ ﺑﻪ اﻟﺗﺻرﯾﺢ اﻟﺻﺎدر ﻋن دوﻟﺔ واﺣدة واﻟذي ﺗﻘرر ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ
اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗزاﻣﻬﺎ ﺑﻣوﻗف ﻣﻌﯾن أو إﺗﺑﺎﻋﻬﺎ ﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ.
-4اﻟوﻋد :أو ﻧﻌﻧﻲ ﺑﻪ اﻟﺗﺻرف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﺻﺎدر ﻋن دوﻟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ واﻟذي ﯾﺗﺿﻣن وﻋدﻫﺎ
ﺑﺈﻧﺷﺎء اﻟﺗزام ﺟدﯾد ﺗﺗﺣﻣﻠﻪ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ دوﻟﺔ أو أﻛﺛر وﯾذﻫب اﻟﺑﻌض إﻟﻲ أن اﻟوﻋد ﻏﯾر ﻣﻠزم
ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻠﺗزم اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟدوﻟﻲ ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة.
92
وﺗذﻫب ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻟﻲ أن اﻟوﻋد ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻠزﻣﺎ ﻣﺗﻰ ﻛﺎن ﻣوﺟﻬﺎ ﻟدوﻟﺔ أو اﻟدول
وﻗﺎﻣت اﻟدوﻟﺔ أو اﻟدول ﺑﻘﺑوﻟﻪ وﻣن ذﻟك اﻟﺗﺻرﯾﺣﺎت اﻟﺗﻲ أﺻدرﺗﻬﺎ ﺑﻌض أﻣﺎم اﻷﻣم
واﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻷﻗﻠﯾﺎت واﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻟﻬﺎ ﺻﻔﺔ اﻹﻟزام.
93