أ -الجرائم المقصودة (العمدية) وهي تلك التي يتطلب فيها القانون توافر القصد الجنائي لدى الجاني ،ومنها جرائم القتل والسرقة والحريق العمد. ب -الجرائم غير المقصودة (غير العمدية) أو جرائم الخطأ واإلهمال ،وهي تلك التي ال يتطلب فيها القانون توافر القصد الجنائي لدى الجاني بل يكفي أن يتوافر لدى الجاني عنصر اإلهمال أو عدم االحتياط ،ومنها جريمة القتل الخطأ والحريق الخطأ. ولتقسيم الجرائم إلى عمديه وجرائم غير عمديه أهمية تظهر من النواحي اآلتية-: -1من حيث الجريمة العادية بطريق االمتناع ال يمكن تصورها إال في الجرائم العمدية. -2أن عقوبة الجرائم المقصودة اشد من عقوبة الجرائم غير المقصودة ،فعقوبة القتل العمد اشد من عقوبة القتل الخطأ. -3أن الشروع يتحقق في الجرائم العمدية وليس في الجرائم غير العمدية فهذه األخيرة أما أن تقع تامة أو ال تقع.
مفهوم المجرم والمسؤولية الجزائية
سبق وان بينا مفهوم الجريمة بأنها فعل ينهى عنه القانون أو امتناع عن فعل يأمر به القانون، وأوامر المشرع ونواهيه ال توجه إال لمن يدركها ،وعليه كان اإلنسان وحدة الذي توجه إليه أحكام قانون العقوبات ،وهذا هو األساس الذي تقوم عليه التشريعات الجنائية .لكن الصفة اإلنسانية ليست الشرط الوحيد لمن يمكن أن يوصف بأنه مجرم ،بل يشترط فيه أن يكون أهال للمسؤولية ويكون كذلك إذا كانت لديه إرادة مدركة مختارة .وعليه يمكن تعريف المجرم بأنه كل إنسان اقترف جريمة وكان أهال للمسؤولية وقت ارتكابها بأن كانت له إرادة معتبرة اتجهت اتجاها مخالفا للقانون .ولكن هل يمكن مسألة األشخاص المعنوي كالجمعيات والشركات والمؤسسات مسائلة جزائية؟ كان الرأي السائد أن األشخاص المعنوية ال تسأل جنائيا عما يقع من ممثليها من جرائم أثناء قيامهم بأعمالها ولو كان ذلك لحسابها ،بل أن الذي يسأل هو مرتكب الجريمة شخصيا ،ألن المسؤولية تستلزم توفر اإلرادة لدى من يسأل والشخص المعنوي ال إرادة له .أما االتجاه الحديث فيرى أن األشخاص المعنوية تسأل جنائيا ولكنها ليست أهال لتوقيع العقوبة عليها ،وإنما يتعين االكتفاء باتخاذ التدابير الوقائية ضدها .أما المشرع العراقي فقد اقر مبدأ المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية في المادة ( )80من ق ع ع ،حيث قال أن األشخاص المعنوية فيما عدا مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية ،مسئولة جزائيا عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوها أو مديروها أو وكالئها لحسابها أو باسمها ،وال يجوز الحكم عليها بغير الغرامة والمصادرة والتدابير االحت ارزية المقررة قانون للجريمة ،وإذا كان القانون يقرر للجريمة عقوبة أخرى غير الغرامة أبدلت بالغرامة ،وال يمنع ذلك من معاقبة مرتكب الجريمة بالعقوبات المقررة قانونا.
أساس المسؤولية الجنائية
لتحقق المسؤولية الجنائية البد من تحقق شرطين هما-: -1اإلدراك أو التميز وهو قدرة اإلنسان على فهم ماهية أفعاله وتوقع نتائجها. والمقصود بفهم ماهية الفعل هو فهمه من حيث كونه فعال تترتب عليه نتائجه العادية ،وليس المقصود فهم ماهيته في نظر قانون العقوبات .حيث أن اإلنسان يسأل عن فعله ولو كان يجهل أن القانون يعاقب عليه إذ ال يصح االعتذار بجهل القانون وينعدم اإلدراك بسبب صغر السن أو تناول مادة مسكرة أو مخدرة. -2حرية االختيار وهي قدرة اإلنسان على توجيه إرادته الوجهة التي يريدها ،وتنتفي حرية االختيار بنوعين من األسباب هما-: أ -أسباب خارجية كاإلكراه وحالة الضرورة. ب -أسباب داخلية كاألمراض العقلية والنفسية. واإلرادة غير اإلدراك فيه توجيه الذهن إلى تحقيق عمل من األعمال ،وقد تكون واعية فهي إرادة مدركة وقد ال تكون واعية ،كما هو الحال بالنسبة للمجنون عندما يريد أفعاله التي يأتيها ولكنه ال يدركها .ولم يذكر ق ع ع شرطي المسؤولية الجنائية بنص صريح كما فعلت غيره من قوانين العقوبات كالقانون السوري واللبناني ،وإنما ذكرها لدى ذكره لصور المسؤولية المختلفة وأحوال انعدامها في المادة ( )60منه.
سبب المسؤولية الجنائية
ال بد لقيام المسؤولية الجنائية باإلضافة إلى شروطها من تحقق سببها أيضا وهو الخطأ .أي الخطيئة التي تبرر توقيع العقاب ،فإذا انعدم الخطأ فال يسأل الفاعل عما حدث .والخطأ وصف يلحق اإلرادة المميزة ،فإذا انعدمت اإلرادة لدى شخص أو كان غير مدرك فال محل لنسبة الخطأ إليه ،كما لو ارتكب الجريمة مجنون أو مكره ،وكذلك قد ينعدم الخطأ مع توفر اإلدراك وحرية االختيار كما لو ارتكب الفعل في حالة أسباب اإلباحة .وللخطأ درجتان هما-: أ -الخطأ ألعمدي ( القصد الجنائي) كجريمة القتل العمد. ب -الخطأ غير ألعمدي كجريمة القتل الخطأ.