You are on page 1of 87

‫مع بولس في رسائله‬

‫نبيل الكرخي‬

‫االصدار االلكتروني ‪ 1‬حزيران ‪ /‬يونيو ‪0201‬م‬

‫‪1‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫الشك ان المسيحية قائمة بالدرجة االساس على فكر بولس وتبشيره‪ .‬وطيلة مسيرة بولس التبشيرية‬
‫بدينه الجديد كانت هناك مشكلة تواجهه وهي مشكلة االصالة! فمن الناحية االجتماعية‪ ،‬كانت دعوة‬
‫المسيح التي انتهت برفعه الى السماء قد توارثها من بعده تالميذه الحواريون الذين انتخبهم‬
‫واختارهم‪ ،‬وقد تزعمهم بطرس (الصخرة) ومن خلفه جميع الذين آمنوا بالمسيح حال حياته بينهم‪،‬‬
‫ويذكر العهد الجديد ان المسيح عندما ُرفِ َع الى السماء كان ذلك بمشهد (‪ )055‬مؤمن من انصاره‪.‬‬
‫فإذا أضفنا لهم المؤمنين به في مدن عدّة متفرقة في فلسطين‪ ،‬فيكون خلف زعامة بطرس حشد كبير‬
‫يتجردوا عن يهوديتهم‬
‫ّ‬ ‫من اليهود المؤمنين بالمسيح‪ .‬فالمسيح لم يطلب من اليهود الذين آمنوا به ان‬
‫أو ينسلخوا عن العمل بشريعة التوراة‪ ،‬بل على العكس فقد كان يقول انه جاء ليكمل الشريعة ال‬
‫لينقضها‪ .‬وإزاء هذا الحشد اليهودي المؤمن بالمسيح‪ ،‬ظهر بولس الذي كان يضطهد اليهود المؤمنين‬
‫بالمسيح (اليهود المسيحيين) وإذا به يعلن إيمانه بالمسيح‪ ،‬ولكنه لم يكن قد آمن بنفس طريقة تالميذ‬
‫سرا ً طيلة‬
‫المسيح بل كان له إيمانه الخاص الذي يقول انه تلقاه من المسيح مباشرة‪ ،‬وكان يدعوا إليه ّ‬
‫(‪ )41‬سنة‪ ،‬تحت غطاء تواصله وتعاونه مع قادة اليهود المسيحيين من تالميذ المسيح (الحواريين)‪،‬‬
‫كون له اتباعا ً في عدّة مدن يونانية في حوض البحر المتوسط‪ ،‬بدأ بإعالن‬ ‫حتى إذا أسس قواعده و ّ‬
‫عقيدته الجديدة‪ ،‬وهي‪( :‬إيمانه بأن المسيح هوابن اإلله المولود منه والصادر عنه وانه هو خالق كل‬
‫شيء وأن اإلله به خلق كل شيء‪ ،‬فهو الرب ابن اإلله‪ ،‬وقد ض ّحى بنفسه على الصليب ليدفع كفّارة‬
‫خطايا المؤمنين به ثم قام من الموت بعد ثالثة ايام وارتفع الى السماء)!‬
‫وهكذا نشأ تياران رئيسيان كل منهما يرفع أسم المسيح ويعتبر نفسه الممثل الشرعي له‪ ،‬هما تيار‬
‫بطرس واتباعه من اليهود المسيحيين المؤمنين بنبوة المسيح وانه عبد من عباد هللا‪ ،‬وتيار بولس‬
‫واتباعه وغالبيتهم من الوثنيين (األممين) المؤمنين بالمسيح الرب ابن اإلله‪ .‬وأصبح لكل فريق‬
‫شِرون وأناجيل ورسائل وكتابات وانصار‪ ،‬يتصارعون فيما بينهم فكريّا ً لينشر كل فريق‬ ‫زعماء ومب ّ‬
‫مبادئه‪ .‬ولكون بطرس وتياره لم يكن يستهدف سوى اليهود في فلسطين ومدن حوض البحر المتوسط‬
‫(العالم الهليني‪ ،)4‬فقد كان نطاق حركتهم ضيقا ً ومحدودا ً يستهدف اليهود في تلك المدن بصورة‬
‫رئيسية‪ ،‬بينما كان نطاق حركة بولس اوسع حيث بأفكاره التعددية (اإلله وأبنه المسيح الرب) امكنه‬
‫االنتشار بين الوثنيين بسهولة أكبر مما هو بين اليهود الموحدين‪ ،‬رغم انه لم يتمكن ان يتجاوز عقدة‬

‫‪ 4‬العالم الهليني‪ :‬مستمد من كلمة هـِلين وهي االسم العرقي الذي يطلقه اليونانيون على أنفسهم‪ ،‬بجدهم األسطوري‬
‫هيلين ‪ Hellen‬وببالدهم التي عرفت باسم بالد هيالس ‪ Hellas‬أو الهيالد ‪ ،Hellad‬وهي تسمية أطلقها المؤرخون‬
‫األوربيون والغربيون عموما ً على هذه الحضارة؛ إذ عدّوا أنفسهم ورثة هذه الحضارة التي تميزت بإنجازاتها‬
‫التاريخية الرائعة‪ .‬يمتد عصر الحضارة الهلينية منذ أوائل القرن الرابع قبل الميالد وحتى القرن الخامس الميالدي‬
‫وفى هذه الحقبة أصبحت الثقافة االغريقية ملكا مشتركا بين جميع بلدان البحر المتوسط وكانت اليونانية لغة العلم‬
‫في ذلك الوقت والهيلينستية هى ثقافة مركبة من عناصر يونانية وشرقية حمل فيها االغريقيون إلى الشرق الفلسفة=‬
‫= ولقح فيها الشرقيون حضارة اليونان بروحانية الشرق ونظمه وعلمه ‪ .‬يقول بعض المؤرخين مثل تارن في كتاب‬
‫الحضارة الهيلينستية أن الحضارة االغريقية تنقسم إلى مرحلتين االولى هلينيك اى المرحلة اليونانية البحتة وتضم‬
‫مرحلتى النشأة والنضج واالزدهار وتشمل العالم اليونانى وحضارته منذ الغزو الدوري وحتى االسكندر األكبر‬
‫والمرحلة الثانية هى هيلينستك اى المرحلة الهيلينيستية وهى مرحلة يونانية متأخرة وتشمل البقاع التى تألفت منها‬
‫امبراطورية االسكندر وتشمل بالد اليونان والممالك الشرقية بعد غزو االسكندر لها‪{ .‬مقتبس بتصرف عن موقع‬
‫المعرفة االلكتروني}‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫التبشير بين اليهود‪ ،‬بسبب طبيعة حياة المسيح ورسالته التبشيرية‪ ،‬فقد كان بولس ملتزما ً بالدخول‬
‫في مجامع اليهود ومجالسهم والتبشير بينهم رغم قلّة ما يجنيه من فائدة وانصار‪.‬‬
‫ويمكننا دراسة الفكر الالهوتي لبولس والمبني على الشراكة بين (المسيح الرب واألب اإلله) من‬
‫خالل المصادر االكثر وثوقا ً بصدورها عن بولس وهي الرسائل االربعة الرئيسية‪ 2‬ذات الموثوقية‬
‫العالية َّ‬
‫بأن بولس كاتبها! وهي حسب تسلسل كتابتها‪:‬‬
‫رسالة بولس االولى الى اهل كورنثوس‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫رسالة بولس الى اهل غالطية‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫رسالة بولس الثانية الى اهل كورنثوس‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫رسالة بولس الى اهل رومية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫وحتى هذه الرسائل االربعة من بينها رسالة واحدة ال تخلو من الشك ان بولس هو كاتبها وهي‬
‫رسالة بولس الثانية الى اهل كورنثوس! حيث يرى بعض علماء المسيحية ان هذه الرسالة مركبة‬
‫من عدّة رسائل‪ !3‬ونحن ال نعرف على وجه اليقين هل هذه الرسائل المر ّكبة جميعها لبولس! وبذلك‬
‫ال يكون امامنا من رسائل ذات موثوقية عالية لمعرفة فكر بولس سوى الثالث رسائل األخرى‪:‬‬
‫كورنثوس االولى وغالطية ورومية‪ .‬ولكن بقية الرسائل العشرة إن لم يكن بولس هو كاتبها فبالتأكيد‬
‫ان بعض تالميذه هم كتبتها‪ ،‬وبذلك يمكن ان نستفيد منها بدراسة تطور فكر بولس وكيف انتقلت‬
‫عقيدته الدينية الى تالميذه ثم تالميذهم‪ ،‬اآلباء المؤسسون‪ ،‬فتطورت على ايديهم حتى انتهت الى ما‬
‫هي عليه المسيحية اليوم‪.‬‬

‫توقيع بولس لرسائله‪:‬‬


‫كان بولس معتادا ً على توقيع رسائله بأن يكتب في نهايتها بخط يده‪ ،‬كدليل على موثقية صدورها‬
‫تتعرض‬
‫ّ‬ ‫عنه‪ .‬حيث أشار كاتب رسالة بطرس الثانية (‪40 :3‬و‪ )41‬الى ان رسائل بولس كانت‬
‫للتحريف‪ ،‬بقوله‪( :‬واحسبوا أناة ربنا خالصا‪ ،‬كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضا بحسب‬
‫الحكمة المعطاة له‪ ،‬كما في الرسائل كلها أيضا‪ ،‬متكلما فيها عن هذه األمور‪ ،‬التي فيها أشياء عسرة‬
‫الفهم‪ ،‬يحرفها غير العلماء وغير الثابتين‪ ،‬كباقي الكتب أيضا‪ ،‬لهالك أنفسهم)!‬
‫عموما ً هذه العالمة (توقيع بولس) غير مجدية بالنسبة للجيل االول بعد بولس ألنه مع عمليات نسخ‬
‫الرسائل لن تكون هناك إمكانية من تمييز الرسالة االصيلة بخط بولس مما سواها‪.‬‬
‫والرسائل التي جاء فيها أو في نهايتها عبارة بخط بولس هي‪:‬‬
‫رسالة بولس االولى الى اتباعه في كورنثوس (‪.)24:41‬‬ ‫‪-4‬‬
‫رسالة بولس الى اتباعه في غالطية (‪.)44:1‬‬ ‫‪-2‬‬
‫رسالة بولس الى اتباعه في كولوسي (‪.)4::1‬‬ ‫‪-3‬‬
‫رسالة بولس الثانية الى اتباعه في تسالونيكي (‪.)4::3‬‬ ‫‪-1‬‬
‫رسالة بولس الى فيلمون (‪.)41‬‬ ‫‪-0‬‬

‫‪ 2‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.341‬‬


‫‪ 3‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪ 400‬و‪.40:‬‬
‫‪3‬‬
‫فقط خمس رسائل تحتوي الخاتمة بخط بولس‪ ،‬بينما الرسائل التسع المتبقية المنسوبة له تخلو من‬
‫هذه الخاتمة مما يعني بصورة واضحة ان هناك تالعبا ً طرأ عليها أدّى الى اختفاء الخاتمة التي‬
‫بخط يد بولس او انها فعالً رسائل َمن ُحولة لم يكتبها بولس!‬

‫رحالت بولس والمدن التي زارها‪:‬‬


‫يمكن اختصار وتعداد مراحل حياة بولس والمدن التي زارها ومارس فيها دعوته المسيحية‬
‫و"بشارته" ‪ -‬التي ملّخصها ان "الرب المسيح ابن اإلله" تج ّ‬
‫سد في رحم إمرأة ثم ُو ِلدَ ثم ض ّحى‬
‫بنفسه على الصليب ليغفر لكل من يؤمن به وبآالمه وتضحيته وقيامته من الموت!! ‪ -‬بعد الرجوع‬
‫الى ِسفر أعمال الرسل ورسائل بولس‪ ،‬بالتالي‪:‬‬
‫‪ ‬اعتناقه االيمان بالمسيح وتأسيسه الدين الجديد‬
‫‪ ‬خط سير بولس بعد اعتناقه المسيحية‪ :‬دمشق ‪ -‬بالد العرب {مملكة االنباط شرقي االردن‬
‫وجنوب دمشق} – دمشق ‪ -‬أورشليم {جاءها بعد ‪ 3‬سنوات من ذهابه الى بالد العرب‪ ،‬ورافقه‬
‫اليها برنابا وتيطس‪ ،‬وبقي فيها ‪ 40‬يوم} ‪ -‬سورية ‪ -‬كيليكيّة ‪ -‬طرسوس {مسقط رأسه}‪.‬‬

‫‪ ‬رحلة بولس االولى ‪ ،‬اعمال الرسل (‪( ،)2::41 – 2:43‬برنابا وبولس‪ ،‬ويوحنا الملقب مرقس‬
‫معاونهما)‪ ،‬حوالي (‪)1:-11‬م‪:‬‬
‫وس] – {فراق مرقس لهما} ‪َ -‬ب ْر َج ِة‬ ‫يس – َبافُ َ‬ ‫سالَ ِم َ‬ ‫س– َ‬ ‫سلُو ِك َيةَ (مرفأ أ َ ْن َ‬
‫طا ِك َيةَ) ‪[ -‬قُب ُْر َ‬ ‫طا ِكيَةَ ‪َ -‬‬ ‫أ َ ْن َ‬
‫طا ِكيَةَ ‪ -‬بِيسِي ِديَّةَ ‪ -‬أيقونية ‪ِ -‬ل ْست ََرة َ ‪ -‬دَ ْربَةَ ‪ِ -‬ل ْست ََرة َ ‪ -‬إِيقُونِيَةَ ‪ -‬أ َ ْن َ‬
‫طا ِكيَةَ ‪ -‬بِيسِي ِديَّةَ ‪-‬‬ ‫في بَ ْم ِفي ِليَّةَ ‪ -‬أ َ ْن َ‬
‫طا ِكيَةَ‪.‬‬ ‫بَ ْم ِفي ِليَّةَ ‪ -‬أ َ ْن َ‬
‫‪ ‬رحلة بولس الثانية ‪ ،‬اعمال الرسل (‪ ،)22:4: – 15:40‬حوالي (‪)02-05‬م‪ ،‬افترق في بدايتها‬
‫برنابا عن بولس‪.‬‬
‫َ‬
‫غالَ ِطيَّة واجتازوا ِمي ِسيَّا‬ ‫َ‬
‫يجيَّة و َ‬
‫{مروا نواحي فِ ِر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وريَّة ‪ِ -‬كي ِلي ِكيَّة ‪ -‬دَ ْربَة ‪ِ -‬ل ْست ََرة َ ‪ّ -‬‬
‫س ِ‬ ‫أ َ ْن َ‬
‫طا ِكيَةَ ‪ُ -‬‬
‫يس ‪ -‬فِي ِل ِبّي {اول مدينة في‬ ‫سا ُموثْ َرا ِكي ‪ -‬نِيَابُو ِل َ‬
‫اس – َ‬ ‫دون مكوث‪ ،‬ولم يدخلوا بِثِينِيَّةَ} ‪ -‬ت َُر َو َ‬
‫يريَّةَ ‪-‬‬ ‫يس َوأَبُولُونِيَّةَ دون مكوث} ‪ -‬ت َ َ‬
‫سالُونِي ِكي ‪ -‬بِ ِ‬ ‫مقاطعة َم ِكد ُونِيَّةَ} ‪ِ -‬لي ِديَّةَ ‪{ -‬اجتياز أ َ ْم ِفيبُو ِل َ‬
‫وس‪ .‬وفيها‪ :‬كتب بولس رسالتيه الى اهل تسالونيكي {عن هامش‬ ‫ور ْنث ُ َ‬ ‫{افتراق بولس وسيال} ‪ -‬أَثِينَا ‪ُ -‬ك ِ‬
‫الطبعة الكاثوليكية}‪{ .‬هناك خالف بين علماء المسيحية هل ان بولس هو فعالً من كتب الرسالة الثانية الى اهل‬
‫س ببولس من َم ِكدُو ِنيَّةَ} ‪{ -‬بعد مكوثه ‪ 4:‬شهر في‬ ‫تسالونيكي} ‪{ -‬التحاق ِسيالَ َو ِتي ُموث َ ُ‬
‫او ُ‬
‫وس ابحر نحو سورية ومعه ِب ِري ْس ِكالَّ َوأ َ ِكيالَ} ‪{ -‬حلق رأسه في َك ْنخ َِريَا بسبب نذر} ‪-‬‬ ‫ور ْنث ُ َ‬
‫ُك ِ‬
‫يم ‪ -‬أ َ ْن َ‬
‫طا ِكيَةَ‪.‬‬ ‫ش ِل َ‬ ‫ص ِريَّةَ ‪ -‬أ ُ ُ‬
‫ور َ‬ ‫س {فيها ترك بِ ِري ْس ِكالَّ َوأ َ ِكيالَ} ‪ -‬قَ ْي َ‬ ‫س َ‬ ‫أَفَ ُ‬

‫‪ ‬رحلة بولس الثالثة ‪ ،‬اعمال الرسل (‪ ،)4::24 – 23:4:‬حوالي (‪)0:-03‬م‪.‬‬


‫س {بقي فيها اكثر من ‪ 2‬سنة و‪ 3‬أشهر وهي عاصمة مقاطعة‬ ‫يجيَّةَ ‪ -‬أَفَ ُ‬
‫س َ‬ ‫غالَ ِطيَّةَ ‪ -‬فِ ِر ِ‬ ‫أ َ ْن َ‬
‫طا ِكيَةَ ‪َ -‬‬
‫سيَّا الرومانية غرب األناضول}‪ ،‬ومنها ذهب على االقل بزيارة واحدة الى أخائِيَّة‪ .1‬وفيها‪ :‬كتب‬ ‫أَ ِ‬
‫بولس رسالته االولى الى اهل كورنثوس‪ ،‬ورسالته الى اهل غالطية‪ ،‬وربما رسالته الى اهل فيلبي {عن هامش‬
‫الطبعة الكاثوليكية}‪{.‬يقول بعض علماء المسيحية ان رسالة بولس الى أهل فيلبي هي في األصل ثالث رسائل تم‬

‫‪ 1‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.33‬‬


‫‪4‬‬
‫تجميعها‪ 0‬في وق ٍ‬
‫ت ما من قبل شخص مجهول لتصبح رسالة واحدة!! وال يعرفون هي هي مركبة من رسائل جميعها لبولس‬
‫ام ألشخاص مختلفين} ‪َ -‬م ِكد ُونِيَّةَ‪ ،‬وفيها كتب بولس رسالته الثانية الى أهل كورنثوس {عن هامش الطبعة‬
‫‪1‬‬
‫الكاثوليكية}‪{ ،‬يقول بعض علماء المسيحية ان رسالة بولس الثانية الى أهل كورنثوس هي رسالة مركبة من عدّة رسائل‬
‫ت ما من قبل شخص مجهول الهوية!! وال يعرفون هي هي مركبة من رسائل جميعها لبولس ام ألشخاص مختلفين}‬
‫في وق ٍ‬
‫‪َ -‬هالَّ َ‬
‫س (اليونان) {بقي فيها ‪ 3‬أشهر}‪ ،‬وفيها‪ :‬كتب بولس رسالته الى رومية إذ كان في كورنثوس {عن‬
‫وس ‪ -‬ت ُ ُرو ِجي ِليُّونَ‬‫سا ُم َ‬ ‫ُوس ‪َ -‬‬ ‫وس ‪ِ -‬ميتِي ِلينِي ‪ِ -‬خي َ‬
‫س َ‬‫اس ‪ -‬أ َ ُّ‬
‫هامش الطبعة الكاثوليكية} ‪ -‬فِي ِل ِبّي ‪ -‬ت َُر َو َ‬
‫وريَّةَ ‪-‬‬‫س ِ‬ ‫س‪ُ -‬‬ ‫ُس ‪ -‬بَات ََرا ‪{ -‬سفينة تبحر الى فِينِي ِقيَةَ} ‪ -‬قُب ُْر َ‬ ‫وس (قُوش) ‪ُ -‬رود َ‬ ‫س ‪ُ -‬ك َ‬ ‫‪ِ -‬مي ِليت ُ َ‬
‫ص ِريَّةَ} ‪-‬‬ ‫يم {حصول اضطراب بسببه ثم سجنه في قَ ْي َ‬ ‫ش ِل َ‬ ‫ص ِريَّةَ ‪ -‬أ ُ ُ‬
‫ور َ‬ ‫ور ‪ -‬بُتُو ِل َمايِ َ‬
‫س ‪ -‬قَ ْي َ‬ ‫ص َ‬ ‫ُ‬
‫{مر عليها إثناء ذهابة الى االقامة االجبارية في روما}‪.‬‬ ‫جزيرة اقريطيش (كريت) َّ‬

‫‪ ‬اإلقامة اإلجبارية لبولس في روما (‪)13-14‬م‬


‫في هذه الفترة كتب رسالته الى اهل كولوسي‪ ،‬ورسالته الى فيلمون‪{ .‬العهد الجديد قراءة رعائية‪ ،‬مدخل‬
‫الى الرسالة الى كولوسي بقلم االب بولس الفغالي} { ويذكر ديفيد سيلفا ان علماء المسيحية منقسمون حول هوية‬
‫مؤلف هذه الرسالة‪ ،‬أي ان هناك منهم من يشكك في ان بولس هو كاتب هذه الرسالة فعالً‪.}:‬‬

‫‪ ‬رحلة بولس المفترضة الى اسبانية {ال يوجد دليل ح ّ‬


‫سي أو نقلي على حدوثها}!‬

‫‪ ‬االفترة الغامضة في حياة بولس ومقتله حوالي سنة ‪1:‬م‪.‬‬

‫المدن التي زارها بولس في رحالته التبشيرية‪:‬‬


‫وفيما يلي نستعرض رسائل بولس الى المدن التي زارها وارسل التباعه فيها رسائل‪ ،‬ونر ِت ّبُها وفق‬
‫التسلسل المفترض لكتابتها تبعا ً ألشهر اقوال رجال الدين المسيحيين‪ ،‬مع مراعاة التركيز على‬
‫الرسائل األربعة األساسية‪ ،‬المشار إليها آنفا ً (وإن كانت الرسالة الثانية لكورنثوس هي تجميع رسائل‬
‫إن جميعها‬ ‫متعددة ال نعرف من هو الذي قام بتجميعها‪ ،‬ومتى كتب بولس رسائله المتعددة هذه‪ ،‬وهل َّ‬
‫كتبت ألتباعه في كورنثوس ام ان بعضها مكتوب ألتباع في مدن اخرى! وهل قام ذلك الشخص‬
‫المجهول بتجميع رسائل بولس فقط ام اضاف اليها نصوصا ً من مصادر خارجية‪ ،‬ومتى قام‬
‫الشخص المجهول بالتجميع‪ ،‬وهل كان القائم بالتجميع أمينا ً في عمله ام قام بإدخال تعديالت عليها‬
‫بحسب رؤيته وعقيدته؟! الى غيرها من االسألة المهمة)‪.‬‬
‫ومن المفيد أوالً استعراض الترتيب الزمني لجميع أسفار العهد الجديد وفق التورايخ المذكورة في‬
‫بعض المصادر المسيحية‪ ،‬وهو يخالف الترتيب التقليدي ألسفار العهد الجديد‪.‬‬
‫ت قبل مجمع اورشليم ‪05‬م او في الستينات‪{ .‬هناك خالف بين علماء المسيحية‬ ‫‪ .4‬رسالة يعقوب‪ُ .‬كتِبَ ْ‬
‫هل ان يعقوب هو فعالً من كتب هذه الرسالة} ‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫‪ .2‬رسالة بولس االولى الى اهل تسالونيكي‪ُ .‬كتِبَ ْ‬


‫ت ‪04‬م‪.‬‬

‫‪ 0‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪ 201‬و‪.215‬‬


‫‪ 1‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪ 400‬و‪.40:‬‬
‫‪ :‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.335‬‬
‫‪ :‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.341‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ .3‬رسالة بولس الثانية الى اهل تسالونيكي‪ُ .‬كتِبَ ْ‬
‫ت (‪)02-04‬م‪{ .‬هناك خالف بين علماء المسيحية هل‬
‫ان بولس هو فعالً من كتب هذه الرسالة}‪.9‬‬
‫ت (‪)03-04‬م او (‪)0:-03‬م‪.‬‬ ‫‪ .1‬رسالة بولس الى اهل غالطية‪ُ .‬كتِبَ ْ‬
‫‪ .0‬رسالة بولس االولى الى اهل كورنثوس‪ُ .‬كتِبَ ْ‬
‫ت ‪00‬م او ‪0:‬م‪.‬‬
‫ت ‪00‬م او ‪0:‬م‪{ .‬يقول بعض علماء المسيحية ان رسالة‬‫‪ .1‬رسالة بولس الثانية الى اهل كورنثوس‪ُ .‬كتِ َب ْ‬
‫ت ما من قبل شخص مجهول الهوية!!}‪.10‬‬
‫بولس الثانية الى أهل كورنثوس مركبة من عدّة رسائل في وق ٍ‬

‫‪ .:‬رسالة بولس الى اهل رومية‪ُ .‬كتِبَ ْ‬


‫ت ‪0:‬م او ‪0:‬م‪.‬‬
‫ت في الفترة (‪)66-64‬م وقيل سنة ‪60‬م‪{ .‬هناك خالف بين علماء‬ ‫‪ .:‬رسالة بطرس االولى‪ُ .‬ك ِتبَ ْ‬
‫المسيحية هل ان بطرس هو فعالً من كتب هذه الرسالة}‪.11‬‬
‫ت (‪)00-03‬م او (‪)01-0:‬م او ‪14‬م‪ .‬وقيل (‪)13-14‬م‪{ .‬يقول‬ ‫رسالة بولس الى اهل فيلبي‪ُ .‬ك ِت َب ْ‬ ‫‪.1‬‬
‫ت ما من قبل‬
‫بعض علماء المسيحية ان رسالة بولس الى أهل فيلبي هي في األصل ثالث رسائل تم تجميعها في وق ٍ‬
‫شخص مجهول لتصبح رسالة واحدة!!}‪.12‬‬

‫ت ‪15‬م‪ .‬وقيل (‪)13-14‬م‪{ .‬هناك خالف بين علماء‬ ‫‪ .45‬رسالة بولس الى اهل كولوسي‪ُ .‬كتِبَ ْ‬
‫المسيحية هل ان بولس هو فعالً من كتب هذه الرسالة} ‪.‬‬
‫‪13‬‬

‫ت ‪15‬م‪ .‬وقيل (‪)13-14‬م‪{ .‬هناك خالف بين علماء المسيحية‬ ‫‪ .44‬رسالة بولس الى اهل افسس‪ُ .‬كتِبَ ْ‬
‫هل ان بولس هو فعالً من كتب هذه الرسالة}‪.14‬‬
‫‪ .42‬رسالة بولس الى فليمون‪ُ .‬كتِبَ ْ‬
‫ت ‪15‬م‪ .‬وقيل (‪)13-14‬م‪.‬‬
‫‪ .43‬رسالة بولس االولى الى تيموثاوس‪)10-13( .‬م {هناك خالف بين علماء المسيحية هل ان بولس‬
‫هو فعالً من كتب هذه الرسالة}‪.15‬‬
‫ت (‪)10-13‬م‪{ .‬هناك خالف بين علماء المسيحية هل ان بولس هو‬ ‫‪ .41‬رسالة بولس الى تيطس‪ُ .‬كتِبَ ْ‬
‫فعالً من كتب هذه الرسالة}‪.16‬‬
‫ت (‪)1:-11‬م {هناك خالف بين علماء المسيحية هل ان‬ ‫‪ .40‬رسالة بولس الثانية الى تيموثاوس‪ُ .‬كتِ َب ْ‬
‫بولس هو فعالً من كتب هذه الرسالة}‪.16‬‬
‫ت بين (‪):5-10‬م‪.‬‬ ‫‪ .41‬انجيل مرقس‪ُ .‬كتِ َب ْ‬
‫ت قبل ‪:5‬م ‪ ،‬وقيل ‪10‬م‬ ‫‪ .4:‬الرسالة الى العبرانيين‪ُ .‬كتِبَ ْ‬
‫ت ‪10‬م‪ ،‬أو في العقد السابع او ‪:5‬م‪{ .‬هناك خالف بين علماء المسيحية‬ ‫‪ .4:‬رسالة يهوذا‪ .‬قيل ُكتِبَ ْ‬
‫هل ان يهوذا هو فعالً من كتب هذه الرسالة}‪.18‬‬
‫ت (‪)15-:5‬م او السبعينات من القرن االول الميالدي‪.‬‬ ‫‪ .41‬انجيل لوقا‪ُ .‬كتِبَ ْ‬
‫ت بين (‪)15-:5‬م و قيل ‪05‬م او الستينات او السبعينات من القرن االول‬ ‫‪ .25‬انجيل متى‪ُ .‬كتِ َب ْ‬
‫الميالدي‪.‬‬
‫‪ .24‬سفر اعمال الرسل‪ُ .‬كتِبَ ْ‬
‫ت ‪ :5‬او ‪ 13‬او ‪:5‬م‪.‬‬

‫‪ 1‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪ 43‬و‪.451‬‬


‫‪ 45‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪ 400‬و‪.40:‬‬
‫‪ 44‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.341‬‬
‫‪ 42‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪ 201‬و‪.215‬‬
‫‪ 43‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.43‬‬
‫‪ 41‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.43‬‬
‫‪ 40‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.43‬‬
‫‪ 41‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.43‬‬
‫‪ 4:‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.43‬‬
‫‪ 4:‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.341‬‬
‫‪6‬‬
‫ت بعد العقد التاسع في القرن االول او (‪)1:-10‬م‪{ .‬هناك خالف‬ ‫‪ .22‬رسالة بطرس الثانية‪ُ .‬كتِبَ ْ‬
‫بين علماء المسيحية هل ان بطرس هو فعالً من كتب هذه الرسالة}‪.19‬‬
‫ت (‪)10-:0‬م‪.‬‬ ‫رسالة يوحنا الثالثة‪ُ .‬كتِبَ ْ‬ ‫‪.23‬‬
‫ت (‪)10-:0‬م‪.‬‬ ‫رسالة يوحنا الثانية‪ُ .‬كتِبَ ْ‬ ‫‪.21‬‬
‫ت (‪)10-:0‬م‪.‬‬ ‫رسالة يوحنا االولى‪ُ .‬ك ِت َب ْ‬ ‫‪.20‬‬
‫ت ‪:0‬م او ‪10‬م‪.‬‬ ‫انجيل يوحنا‪ُ .‬كتِبَ ْ‬ ‫‪.21‬‬
‫رؤيا يوحنا الالهوتي‪ُ .‬كتِ َب ْ‬
‫ت ‪10‬م‪{ .‬وقيل انه كان في االصل جزئان كتبا في وقتين مختلفين ثم دمجا‬ ‫‪.2:‬‬
‫في سفر واحد}‪.‬‬

‫واهم مصادر التواريخ التقديرية لكتابة اسفار العهد الجديد‪ ،‬والتي اعتمدناها في هذا الترتيب هي‪:‬‬

‫‪ )4‬الكتاب المقدس‪ ،‬الطبعة اليسوعية‪.‬‬


‫‪ )2‬العهد الجديد‪ ،‬المطبعة الكاثوليكية‪.‬‬
‫‪ )3‬الكتاب المقدس الدراسي‪ ،‬طبعة كوريا ‪2544‬م‪.‬‬

‫إثارات في رسائل بولس‪:‬‬


‫نتناول اآلن الرسائل المنسوبة الى بولس بحسب التسلسل الزمني لكتابتها‪ ،‬وهو تسلسل زمني‬
‫تقريبي ومحتمل‪ ،‬وضعه رجال الدين المسيحيين من خالل دراستهم لحياة بولس ورسائله‪ .‬وهذا‬
‫التسلسل الزمني لرسائله هو‪:‬‬
‫‪ .1‬رسالة بولس االولى الى اتباعه في مدينة تسالونيكي‪.‬‬
‫‪ .0‬رسالة بولس الثانية الى اتباعه في مدينة تسالونيكي‪.‬‬
‫‪ .3‬رسالة بولس الى اتباعه في مدينة غالطية‪.‬‬
‫‪ .4‬رسالة بولس االولى الى اتباعه في مدينة كورنثوس‪.‬‬
‫‪ .5‬رسالة بولس الثانية الى اتباعه في مدينة كورنثوس‪.‬‬
‫‪ .6‬رسالة بولس الى اتباعه في مدينة رومية‪.‬‬
‫‪ .7‬رسالة بولس الى اتباعه في مدينة فيلبي‪.‬‬
‫‪ .8‬رسالة بولس الى اتباعه في مدينة كولوسي‪.‬‬
‫‪ .9‬رسالة بولس الى اتباعه في مدينة أفسس‪.‬‬
‫‪ .12‬رسالة بولس الى تلميذه فيلمون‪.‬‬
‫‪ .11‬رسالة بولس االولى الى تلميذه تيموثاوس‪.‬‬
‫‪ .10‬رسالة بولس الى تلميذه تيطس‪.‬‬
‫‪ .13‬رسالة بولس الثانية الى تلميذه تيموثاوس‪.‬‬
‫‪ .41‬الرسالة الى العبرانيين‪.‬‬

‫وفيما يلي استعراض ألبرز االثارات في هذه الرسالئل‪.‬‬

‫‪ 41‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.341‬‬


‫‪6‬‬
‫‪ ))1‬رسالة بولس االولى الى اتباعه في مدينة تسالونيكي (‪4‬تس)‬
‫زار بولس مدينة تسالونيكي في رحلته الثانية حوالي (‪)02-05‬م‪ .‬والذي ورد في اعمال الرسل عن‬
‫اعمال بولس في تسالونيكي نقرأه في (‪( :)45-4 :4:‬فاجتازا في أمفيبوليس وأبولونية‪ ،‬وأتيا إلى‬
‫تسالونيكي‪ ،‬حيث كان مجمع اليهود‪ .‬فدخل بولس إليهم حسب عادته‪ ،‬وكان يحاجهم ثالثة سبوت من‬
‫الكتب‪ ،‬موضحا ومبينا أنه كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من األموات‪ ،‬وأن‪ :‬هذا هو المسيح‬
‫يسوع الذي أنا أنادي لكم به‪ .‬فاقتنع قوم منهم وانحازوا إلى بولس وسيال‪ ،‬ومن اليونانيين المتعبدين‬
‫جمهور كثير‪ ،‬ومن النساء المتقدمات عدد ليس بقليل‪ .‬فغار اليهود غير المؤمنين واتخذوا رجاال‬
‫أشرارا من أهل السوق‪ ،‬وتجمعوا وسجسوا المدينة‪ ،‬وقاموا على بيت ياسون طالبين أن يحضروهما‬
‫إلى الشعب‪ .‬ولما لم يجدوهما‪ ،‬جروا ياسون وأناسا من اإلخوة إلى حكام المدينة صارخين‪« :‬إن‬
‫هؤالء الذين فتنوا المسكونة حضروا إلى ههنا أيضا‪ .‬وقد قبلهم ياسون‪ .‬وهؤالء كلهم يعملون ضد‬
‫أحكام قيصر قائلين‪ :‬إنه يوجد ملك آخر‪ :‬يسوع!» فأزعجوا الجمع وحكام المدينة إذ سمعوا هذا‪.‬‬
‫فأخذوا كفالة من ياسون ومن الباقين‪ ،‬ثم أطلقوهم‪ .‬وأما اإلخوة فللوقت أرسلوا بولس وسيال ليال إلى‬
‫بيرية)‪.‬‬
‫إذن بولس بقي في تسالونيكي حوالي ثالثة أسابيع‪ .‬وكتب بولس رسالتيه الى اهل تسالونيكي في‬
‫رحلته الثانية بعد ان زار المدينة ثم استمر في رحلته الى أن وصل مدينة كورنثوس فكتب فيها‬
‫رسالتيه الى اتباعه في تسالونيكي‪ .‬وهذه الرسالة هي اول رسالة كتبت من رسائل بولس وثاني ِسفر‬
‫من أسفار العهد الجديد بعد رسالة يعقوب!‬

‫وأهم االثارات في رسالته االولى‪:‬‬


‫‪ ‬اتباعه التسالونيكيين جميعهم من الوثنيين‬
‫قوله في ‪4‬تس (‪{ )1:4‬فاندايك}‪( :‬ألنهم هم يخبرون عنا‪ ،‬أي دخول كان لنا إليكم‪ ،‬وكيف رجعتم إلى‬
‫هللا من األوثان‪ ،‬لتعبدوا هللا الحي الحقيقي)‪.‬‬
‫وفي الطبعة‪ 25‬الكاثوليكية‪( :24‬فهم يخبرون كيف جئنا اليكم وكيف اهتديتم الى هللا وتركتم االوثان‬
‫لتعبدوا هللا الحي الحق)‪.‬‬
‫هذا النص يبين ان جميع الذين يخاطبهم بولس من اتباعه في رسالته االولى هم من الوثنيين‪ ،‬ولم‬
‫يكن فيهم احد من اليهود المؤمنين بالمسيح‪ .‬فلم يكن بولس ينجح بجذب اليهود المو ّحدين الى عقيدته‬
‫القائمة على ثنائية (اإلله – الرب)!‬

‫‪ ‬أصل عقيدة بولس هو َّ‬


‫أن المسيح رب‬
‫قوله في رسالته ‪4‬تس (‪( :)45:4‬وتنتظروا ابنه من السماء‪ ،‬الذي أقامه من األموات‪ ،‬يسوع‪ ،‬الذي‬
‫ينقذنا من الغضب اآلتي)‪ .‬وهي تتضمن صراحة الكالم عن اعتبار يسوع ابنا ً لإلله‪ .‬وقد ورد هذا‬
‫مرة واحدة في هذه الرسالة‪ .‬ولم يرد في الرسالة الثانية الى تسالونيكي! في حين وردت كلمة‬
‫التعبير ّ‬

‫‪ 20‬نستخدم في هذا البحث مصطلح (الطبعة) ونعني به (اإلصدار)‪ .‬فيرجى مالحظة ذلك‪.‬‬
‫‪ 24‬الطبعة الكاثوليكية هي الطبعة الصادرة عن (المطبعة الكاثوليكية) في بيروت‪ ،‬والنسخة التي ننقل عنها هي‬
‫(الطبعة الخامسة) المطبوعة سنة ‪41::‬م‪ .‬وهناك (طبعة ثامنة) صدرت عنها سنة ‪41:2‬م حملت مصادقة‬
‫النائب الرسولي لالتين في بيروت بولس باسيم‪ ،‬ونشير اليها في المواضع التي استندنا اليها‪ .‬وعموما ً فالطبعتان‬
‫(الخامسة والثامنة) متماثلتان بحسب مراجعتنا لهما‪ ،‬فهما طبعتان متعددتان إلصدار واحد‪..‬‬
‫‪8‬‬
‫مرة‪ ،‬ووردت في الرسالة الثانية الى‬‫(الرب) في هذه الرسالة االولى والتي يعني بها المسيح (‪ّ )4:‬‬
‫مرة‪.‬‬
‫تسالونيكي (‪ّ )42‬‬
‫فبولس في هاتين الرسالتين وهما من اول ما كتب‪ ،‬كان في بداية دعوته يولي اهتماما ً كبيرا ً لوصف‬
‫المسيح بالرب‪ ،‬واهتماما ً قليالً لوصفه باالبن!‬
‫ان المسيح رب ألنه الصادر االول الذي صدر عن اإلله‪ ،‬وهذا الصدور هو‬ ‫فأصل عقيدة بولس َّ‬
‫بطريقة الفيض‪ ،‬ولذلك يقول بولس عن المسيح أنه (أبن اإلله)‪ .‬فاألصل ان المسيح هو الرب خالق‬
‫كل شيء‪ ،‬ويفسر ألتباعه مصدر ربوبيته بأنَّه "ابن اإلله"!‬

‫‪ ‬الشراكة بين التوحيد والوثنية في عقيدة بولس‬


‫لم يتطرق بولس في هذه الرسالة الى موضوع الختان وعدم ضرورة االلتزام بشريعة التوراة لكون‬
‫المخاطبين بالرسالة هم من الوثنيين‪ .‬وهذا يعني فشل جهود بولس في اقناع اليهود في تسالونيكي‬
‫بااليمان بالمسيح وإنما تمكن من إقناع الوثنيين لكونه جاء لهم بدين من نفس نمط دينهم الوثني ولكن‬
‫بصورة حيّة‪ ،‬اي ان اآللهة التي كانوا يعبدونها ايام وثنيتهم ويتعرفون اليها من خالل قصص قديمة‬
‫وحكايات وتماثيل‪ ،‬قد جعلها بولس امامهم واقعية بصورة إله غير منظور في السماء وابنه الرب‬
‫يسوع الذي نزل الى االرض وضحى بنفسه لينقذهم من خطاياهم ثم قام من بين االموات ورجع‬
‫بجسده الناسوتي الى عالم األلوهية! فهي عقيدة من نمط ما كانوا يألفونه في القصص اليونانية‬
‫أن لها اصالً فلسفيا ً يونانيا ً متعلق بمصطلح "الصادر االول"‪ ،‬وهو قول بعض فالسفة‬‫الوثنية‪ .‬كما َّ‬
‫أن اإلله ال يصدر عنه سوى صادر واحد على نحو الفيض‪ ،‬وهذا الصادر االول هو الذي‬ ‫اليونان َّ‬
‫خلق الكون‪ .‬وسنتطرق الى تفاصيل هذا الموضوع بعد قليل ْ‬
‫إن شاء هللا‪.‬‬

‫‪ ))0‬رسالة بولس الثانية الى اتباعه في مدينة تسالونيكي (‪2‬تس)‬


‫يقال ان بولس كتبها الى اهل تسالونيكي بعد شهور من رسالته االولى اليهم‪ ،‬ومن مدينة كورنثوس‬
‫ايضا ً في نفس رحلته الثانية‪.‬‬

‫وأهم االثارات في هذه الرسالة‪:‬‬


‫‪ ‬تغيير في الطبعات الحديثة بين كلمة (تقاليد) وكلمة (تعاليم)‬
‫نجد ذلك في موضعين في هذه الرسالة‪ ،‬االول في (‪ ،)40:2‬والثاني في (‪.)1:3‬‬
‫ففي ‪2‬تس (‪ )40:2‬طبعة ترجمة فاندايك‪( :‬فاثبتوا إذا أيها اإلخوة وتمسكوا بالتعاليم التي تعلمتموها‪،‬‬
‫سواء كان بالكالم أم برسالتنا)‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫َّ‬
‫سكوا بالتقا ِليد التي تعلمتموها ا ّما بكالمنا وإما برسالتنا) ‪.‬‬
‫وفي الطبعة اليسوعية‪( :‬وتم َّ‬

‫وفي ‪2‬تس (‪ )1:3‬نقرأ في ترجمة الفاندايك‪( :‬وليس حسب التعليم الذي أخذه منا)! فهذه الطبعة‬
‫البروتستانتية كتبت الكلمة (التعليم) في حين ان االصل اليوناني يعني كلمة (التقليد)! وسبب تغييرهم‬

‫‪ 22‬هذه العبارة في الطبعة اليسوعية في هذا الفصل الثاني رقمها (‪ )41‬ألنهم في هذا الفصل دمجوا بين العبارتين‬
‫(‪ )45‬و(‪ )44‬في نص الفاندايك وجعلوها عبارة واحدة برقم (‪ )45‬لسبب ال نعرفه! ثم عادوا في قسم الحواشي‬
‫وعلّقوا عليها بعد ان اعطوها الرقم (‪!!)40‬‬
‫‪9‬‬
‫لمعنى هذه الكلمة هو ان البروتستانت ال يؤمنون بالتقليد المسيحي‪ ،‬وهو عادة تقليد شفوي في القرون‬
‫االولى تم تدوينه فيما بعد من قبل المؤرخين ورجال الدين المسيحيين!‬
‫نقرأ نفس النص في ترجمة اآلباء الدومينيكان الكاثوليكية‪( :‬ثم إننا نوصيكم يا اخوة بأسم ربّنا يسوع‬
‫المسيح أَن تجانبوا كل أخ يسير خالف الترتيب‪ ،‬وال حسب التقليد الذي تسلَّموه عنَّا)‪.‬‬
‫وفي الطبعة اليسوعية الكاثوليكية‪( :‬بغير مقتضى التقليد الذي تسلموه منّا)‪.‬‬

‫وفي الحواشي على الطبعة اليسوعية نقرأ التعليق التالي على هذه العبارة‪( :‬قد صرح الرسول هنا‬
‫بذكر أشياء علّمهم اياها بالكالم الشفاهي واوصاهم بأن يتمسكوا بها‪ .‬وفي ذلك برهان قاطع على ان‬
‫وصرحوا به في‬ ‫َّ‬ ‫يدونوا كل ما علّموا واوصوا بحفظه وعلى هذا درج اآلباء االولون‬ ‫الرسل لم ّ‬
‫كالمهم كالقديس باسيليوس الذي يقول ان من الوصايا الرسولية ان يُتمسك بالتقاليد الغير المدونة كم‬
‫قال بولس اني امدحكم ايها االخوة ألنّكم ‪ ...‬تحافظون على التقاليد كما سل ّمتها اليكم (‪4‬كورنتس‬
‫‪ .)2:44‬وكقوله تمسكوا بالتقاليد الخ واورد هذا الموضع‪ .‬وكذلك القديس يوحنا الذهبي الفم فإنّه يقول‬
‫ان الرسل لم يعلّموا كل شيء في‬ ‫في تفسير اآلية التي نحن في صددها ما ترجمته‪ :‬قد تبيّن من ههنا ّ‬
‫المدونة كما‬
‫ّ‬ ‫رسائلهم وانهم علّموا اشياء كثيرة لم يكتبوها لكن ينبغي لنا ان نصدّق االمور الغير‬
‫المدونة‪ .‬وقال القديس يوحنا الدمشقي قد علمنا مما كتبه بولس ان الرسل سلّموا الى‬ ‫ّ‬ ‫نصدّق االمور‬
‫سكوا بالتقاليد الخ فوضح من ذلك كلّه ومن‬ ‫المؤمنين أشياء كثيرة بغير كتابة فلذلك ايها االخوة تم ّ‬
‫ّ‬
‫مواضع اخرى في نصوص االسفار االلهية ان الرسل قد علموا اشياء ج ّمة لم يسطروها بالقلم‬
‫سك باألشياء المكتوبة من غير أدنى تمييز‬ ‫سك بها كما امروهم بالتم ُّ‬ ‫والمداد وامروا المؤمنين بالتم ُّ‬
‫وان الكنيسة قديما ً واآلباء القديسين كلهم قد جروا على ذلك بال خالف)‪.‬‬

‫سكوا بالتقا ِليد التي تعلَّمتموها منّا سواء‬


‫وفي طبعة الدومينيكان نقرأ النص في ‪2‬تس(‪( :)40:2‬وتم َّ‬
‫كان مشافهةً أم برسالتنا)‪.‬‬
‫سك بتقاليد الرسل ولو كانت غير مكتوبة‬ ‫وفي هامش هذه الطبعة نقرأ‪( :‬ترى من هذا انه يجب التم ّ‬
‫في الكتاب المقدس)‪.‬‬

‫وجاء في الكتاب المقدس الدراسي في التعليق على ‪2‬تس (‪"( :)40:2‬بالتعاليم" حرفيا ً "تقاليد"‪.‬‬
‫حتى وقت كتابة العهد الجديد كان التعليم المسيحي ينتقل بواسطة "التقليد" (الروايات المنقولة)‪،‬‬
‫مثلما كان الحال مع شريعة الربانيين (انظر مت ‪ 2:40‬والتعليق)‪ ،‬إما بصورة شفاهية أو كتابية‪ .‬في‬
‫‪4‬كو ‪( 3:40‬انظر التعليق هناك) يستخدم بولس الرسول المصطلحات الفنية في االشارة الى استالم‬
‫وتسليم التقليد)‪.23‬‬
‫والتعليق الذي اشاروا إليه في (‪4‬كو ‪ )3:40‬هو التالي‪( :‬أني سلمتكم‪ ،‬في أول األمر‪ ،‬ما كنت قد‬
‫تسلمته ‪ .‬هنا يربط بولس الرسول نفسه بالتقليد المسيحي المبكر‪ .‬لم يكن هو الذي أنشأ هذا التقليد‪،‬‬
‫كما انه لم يستلمه مباشرة من الرب‪ ،‬بل كان مصدره من مسيحيين آخرين‪ .‬واألفعال التي التي‬
‫استخدمها هي مصطلحات فنية تشير الى استالم وتناقل التقليد (انظر التعليق على ‪ )23:44‬وما يلي‬
‫هو قلب االنجيل‪ :‬ان المسيح مات ألجل خطايانا)‪ 21‬إلخ‪...‬‬

‫‪ 23‬الكتاب المقدس الدراسي – ص‪.2:1:‬‬


‫‪ 21‬الكتاب المقدس الدراسي – ص‪.2::4‬‬
‫‪10‬‬
‫وفي التعليق على (‪4‬كورنثوس ‪ )23:44‬نقرأ‪( :‬فإني قد تسلمت من الرب‪ .‬ال يعني بولس الرسول‬
‫بالضرورة أنّه تلقى رسالة العشاء الرباني من المسيح مباشرة‪ ،‬بل قد تكون المعلومات قد وصلت‬
‫إليه من آخرين كانوا قد سمعوها من الرب يسوع المسيح)‪.20‬‬
‫وفي (‪4‬كورنثوس ‪( :)45::‬فأوصيهم ال من عندي بل من عند الرب‪ .‬يستشهد بولس الرسول بوصية‬
‫من الرب يسوع المسيح‪ ،‬نطق بها في أثناء خدمته على األرض‪ ،‬تقول بأن الزوجين عليهما أن يبقيا‬
‫معا ً (مت ‪ ، 1-3 :41 ، 32:0‬مر ‪ ، 42-2 :45‬لو ‪ .)4::41‬لعل بولس الرسول قد سمع عن هذه‬
‫الوصية من التالميذ اآلخرين)‪.21‬‬

‫وهكذا تالحظون ان طبعة الفاندايك البروتستانتية كتبت الكلمة (التعاليم) في حين ان االصل اليوناني‬
‫يعني كلمة (التقاليد)! وسبب تغييرهم لمعنى هذه الكلمة هو ان البروتستانت ال يؤمنون بالتقليد‬
‫المسيحي‪ ،‬وهو عادة تقليد شفوي في القرون االولى تم تدوينه فيما بعد من قبل المؤرخين ورجال‬
‫الدين المسيحيين‪ ،‬ويتمسك الكاثوليك واالرثوذكس (بشقَّيهم الشرقي والمشرقي) بالعمل به!‬
‫فكيف نأمن البروتستانت على ص ّحة ترجمة الكتاب المقدس وهم يغيّرون كلماته بما يناسب آرائهم‬
‫واهوائهم؟! وهل ان بقية المسيحيين هم امناء على ترجمات الكتاب المقدس اذا تعارضت الترجمات‬
‫مع مصالحهم واهوائهم؟!‬

‫واما ما جاء في بعض المصادر المسيحية التي ذكرناها آنفا ً من َّ‬


‫أن‪( :‬لم يكن هو الذي أنشأ هذا التقليد‪،‬‬
‫كما انه لم يستلمه مباشرة من الرب‪ ،‬بل كان مصدره من مسيحيين آخرين)!! كما نقلناه من "الكتاب‬
‫المقدس الدراسي" فهو وهم من عندهم ألنه يخالف كالم بولس نفسه الذي يُعتبر المؤسس للتقليد‬
‫كلّها‪ .‬وعبارة بولس في (‪4‬كورنثوس‪( :)23:44‬ألنني تسلمت من الرب ما‬ ‫المسيحي بل وللمسيحية ِ‬
‫سلمتكم أيضا ً)‪ ،‬نقلنا آنفا ً كيف إنّهم في "الكتاب المقدس الدراسي" يقولون (ال يعني بولس الرسول‬
‫بالضرورة أنّه تلقى رسالة العشاء الرباني من المسيح مباشرة‪ ،‬بل قد تكون المعلومات قد وصلت‬
‫إليه من آخرين كانوا قد سمعوها من الرب يسوع المسيح)‪ !!2:‬وهو رأي مخالف بوضوح لصريح‬
‫كالم بولس ومقصده‪ .‬بل ويناقضون كالمهم في نفس المصدر حيث نجدهم في "الكتاب المقدس‬
‫الدراسي" نفسه في تعليقهم على رسالة رومية (‪ )20:41‬قول بولس‪( :‬وفقا ً ألنجيلي وللبشارة بيسوع‬
‫المسيح)‪ ،‬كتبوا‪( :‬ألنجيلي‪ .‬ليس المقصود إنجيالً غير الذي بشر به اآلخرون‪ ،‬بل ذلك الذي تسلمه‬
‫بولس الرسول بإعالن مباشر‪ .‬انظر غل‪ .)42:4‬و(غل‪ )42:4‬الذي اشاروا اليه هو قول بولس في‬
‫رسالته الى اتباعه في غالطية (‪44 :4‬و‪( :)42‬وأعرفكم أيها اإلخوة اإلنجيل الذي بشرت به‪ ،‬أنه‬
‫ليس بحسب إنسان‪ .‬ألني لم أقبله من عند إنسان وال علمته‪ .‬بل بإعالن يسوع المسيح)‪ .‬وهو نص‬
‫بأن بولس لم يأخذ تقليده من مسيحيين آخرين‪ ،‬ال من تالميذ المسيح وال من غيرهم‬ ‫واضح وصريح َّ‬
‫من اليهود المؤمنين بالمسيح في الجيل االول بعد المسيح‪ ،‬بل هو يقول أنَّه تلقّى اعالنه وبشارته‬
‫وإنجيله مباشرة من المسيح‪ .‬فالتقليد المسيحي الذي جاء عن طريق بولس لم يتعلمه من تالميذ المسيح‬
‫وال من اليهود المؤمنين بالمسيح والمعاصرين له‪ .‬إنما هؤالء المسيحيّون في "الكتاب المقدس‬
‫الدراسي" يريدون بعبارتهم الموهومة تلك ان يدفعوا عن بولس شبهة تأسيسه للمسيحية بإنتهاء التقليد‬
‫إليه!! ولكن أنّى لهم ذلك!!‬

‫‪ 20‬الكتاب المقدس الدراسي – ص‪.2::5‬‬


‫‪ 21‬الكتاب المقدس الدراسي – ص‪.2:01‬‬
‫‪ 2:‬الكتاب المقدس الدراسي – ص‪.2::5‬‬
‫‪11‬‬
‫وال بدَّ وقد تحدثنا عن مفردة (التقليد) في المسيحية ان نسلّط عليها المزيد من الضوء بالرجوع الى‬
‫نصوص الطوائف المسيحية‪ ،‬بما يوضح طبيعة اختالف موقف الطوائف المسيحية منها‪.‬‬

‫أهمية التقليد في الفكر المسيحي‪:‬‬


‫ويمثل هذا المحور المسيحية الكاثوليكية والمسيحية اآلرثوذكس الشرقية والمشرقية‪ ،‬حيث يتبنيان‬
‫التقليد كمصدر اعلى في الفكر المسيحي!‬
‫ي تسلّمته الكنيسة‬‫يعرف جون ادوارد‪( :‬التّقليد (‪ )παραδοσισ‬هو كل تعليم مرئي و مسموع و ح ّ‬ ‫ِّ‬
‫الروح القدس في رجال هللا القدّيسين‪ .‬لهذا‬ ‫مجرد آراء أو أفكار بل عمل ّ‬ ‫ّ‬ ‫من الرسل القدّيسين‪ ،‬ليس‬
‫ي يحذّر‬ ‫ي و واجبه الرعو ّ‬ ‫لم يتهاون القدّيس بولس مع كاسر التعليم المسلّم للكنيسة‪ ،‬و بدوره الكهنوت ّ‬
‫مرات بخصوص الذين هم بال ترتيب)‪ ،2:‬اشارة الى ما ورد في المواضع‬ ‫كنيسة تسالونيكي أربع ّ‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪4( ‬تس ‪( :)41 : 0‬ونطلب إليكم أيها اإلخوة‪ :‬أنذروا الذين بال ترتيب‪ .‬شجعوا صغار النفوس‪.‬‬
‫أسندوا الضعفاء‪ .‬تأنوا على الجميع)‪.‬‬
‫‪2( ‬تس ‪( )1 : 3‬ثم نوصيكم أيها اإلخوة‪ ،‬باسم ربنا يسوع المسيح‪ ،‬أن تتجنبوا كل أخ يسلك‬
‫بال ترتيب‪ ،‬وليس حسب التعليم الذي أخذه منا)‪.‬‬
‫‪2( ‬تس ‪( :): : 3‬إذ أنتم تعرفون كيف يجب أن يتمثل بنا‪ ،‬ألننا لم نسلك بال ترتيب بينكم)‪.‬‬
‫‪2( ‬تس ‪( :)44 : 3‬أننا نسمع أن قوما يسلكون بينكم بال ترتيب‪ ،‬ال يشتغلون شيئا بل هم‬
‫فضوليون)‪.‬‬
‫ويقول األنبا غريغوريوس‪( :‬التقليد في االصطالح الكنسي هو تعاليم الكنيسة وترتيباتها ونظم‬
‫سلّمت إلينا من جيل الى‬ ‫عبادتها وطقوسها التي وصلت إلينا غير مذكورة في الكتاب المقدس‪ .‬بل ُ‬
‫جيل إبتداء من الرسل األطهار وآباء الكنيسة في األجيال المسيحية األولى‪ ،‬إما عن طريق الكتابة أو‬
‫عن طريق الكالم أو عن طريق االستعمال‪ .‬غير أننا ال نعتمد اليوم على تقليد شفاهي بل هذه التقاليد‬
‫مسطورة االن ومكتوبة في كتب الكنيسة المقدسة)‪.21‬‬

‫وكتب األب متى المسكين‪( :‬حيثما يُذكر التقليد‪ ،‬نذكر في الحال جماعة اآلباء األوائل الذين عاشوا‬
‫في التقليد الرسولي بلمساته األولى الحية وأحبوه وعشقوه واغتنوا به‪ ،‬وطبعوه على قلب الكنيسة‬
‫التي حملته الينا بحيويته األولى مع نفثات عطرة من كل قطر وكل بلد من بالد العالم‪ .‬فالقديس‬
‫إيرينيئوس من فرنسا وهيبوليتس من االسكندرية وإيطاليا‪ ،‬وترتليان من أفريقيا‪ ،‬والقديس أثناسيوس‬
‫من مصر‪ ،‬والقديس كيرلس من اورشليم‪ ،‬والقديس باسيليوس من قيصرية‪ ،‬والقديس يوحنا ذهبي‬
‫الفم من القسطنطينية‪ ،‬هؤالء وغيرهم جعلوا التقليد الكنسي زاخرا ً بشتى أنواع المواهب التي أفاضها‬
‫الروح القدس عليهم)‪ ،‬ثم نقل مقولة القديس إيرينيئوس‪( :‬وإذا لم يكن الرسل قد تركوا لنا كتاباتهم‪،‬‬
‫ألم نكن مضطرين أن نعتمد على التعاليم التي في التقليد كما سلموها للذين ُوضعت الكنائس في‬
‫عنايتهم)‪.35‬‬

‫‪ 2:‬مقال بعنوان (دراسة في التقليد االرثوذكسي)‪ ،‬بقلم جون ادوارد‪ ،‬منشور في الموقع االلكتروني (فريق الالهوت‬
‫الدفاعي)‪ ،‬بتاريخ ‪ 2‬يناير ‪2524‬م‪ ،‬عبر الرابط‪https://bit.ly/3bxdYFk :‬‬
‫‪ 21‬التقليد المقدس ‪ /‬االنبا غريغوريوس ‪ /‬شركة الطباعة المصرية‪2550 ،‬م – ص‪.:‬‬
‫‪ 30‬التقليد واهميته في االيمان المسيحي ‪ /‬األب متى المسكين ‪ /‬مطبعة دير القديس أنبا مقار– وادي النطرون‪ /‬الطبعة‬
‫الرابعة ‪2008‬م ‪ -‬ص‪.46‬‬
‫‪12‬‬
‫والمسيحيات الكاثوليكية واآلرثوذكسيتان يعطون قيمة عليا للتقاليد المسيحية التي نقلت شفاها ً ثم‬
‫دونت بعد ذلك‪ ،‬ويعتبرونها المرجع االعلى للمسيحية وللكتاب المقدس‪ ،‬فما وافقها وافقوه وما اختلف‬ ‫ّ‬
‫عنها خالفوه!!‬
‫‪34‬‬
‫يقول أوريجانس‪( :‬ال يُعتبر أي امر أنه حق اال إذا كان ال يتناقض قط مع التقليد الكنسي الرسولي) ‪.‬‬
‫ويقول القديس أثناسيوس الرسولي‪( :‬وعلينا أن نعتبر جدا ً هذا التقليد الذي هو تعليم وإيمان الكنيسة‬
‫وكرز به الرسل‪ ،‬وحفظه اآلباء‪ ،‬والذي عليه تأسست الكنيسة‬ ‫الجامعة الذي اعطاه الرب منذ البدء‪ّ ،‬‬
‫وقامت)‪.32‬‬
‫ويقول القديس أغسطينوس‪( :‬أنا ال أؤمن باإلنجيل إال كما يوجهني سلطان الكنيسة)‪.33‬‬
‫ويقول القديس فانسان من ليرين‪( :‬وهنا ربما يسال إنسان‪ :‬إن كان األسفار المقدسة قد تحددت قانونيا ً‬
‫وهي كاملة وكافية في ذاتها لكل شيء بل وأكثر من كافية أيضاً‪ ،‬فما الحاجة أن نضيف إليها سلطان‬
‫الكنيسة من جهة تفسيرها؟ والرد على ذلك هو أنه بسبب عمق األسفار المقدسة صار مستحيالً أن‬
‫يفهمها الجميع أو يقبلوها بمعنى واحد‪ ،‬فواحد يفهم الكلمات بطريقة‪ ،‬واآلخر بطريقة أخرى‪ ،‬حتى‬
‫ش ّراح أنفسهم‪ .‬فنوفاتيان (المبتدع) يشرحها‬ ‫بدت وكأنها قابلة ألن تُشرح بطرق تساوي عدد ال ُ‬
‫بطريقة‪ ،‬وسابيليوس رفيقه بطريقة أخرى‪ ،‬وهكذا دوناتوس وىريوس وإينوميوس ومقدونيوس‬
‫وفوتينوس وأبوليناريوس وبريسكليان وإيفونيان وبيالجيوس وسيلستيوس واخيرا ً نسطوريوس‪ ،‬لهذا‬
‫أصبح من الضرورة المحتّمة بسبب هذه اإلنحرافات المشوشة الخطيرة أن يُفرض قانون يحدد شرح‬
‫وفهم األنبياء والرسل في إطار التفسيرات الكنسية األصيلة الجامعة‪ .‬على أن تتخذ كافة اإلحتياطات‬
‫ألن نتمسك باإليمان الذي ساد على مدى الزمن وقَ ِبله الجميع في كل مكان‪ ،‬فهذا حقا ً هو اإليمان‬
‫"الكنسي الجامع" بالمعنى الدقيق)‪.31‬‬

‫وقال آباء مجمع أفسس الثاني ‪111‬م‪( :‬إذا وضع أي أحد إيمان اآلباء جانبا ً ليكن أناثيما (محروماً)‪،‬‬
‫وإذا تطفل أي أحد عليه فليكن اناثيما‪ .‬ونحن سوف نحفظ إيمان اآلباء)‪.30‬‬

‫وأهم المصادر المعبّرة عن التقليد المسيحي والمتولدة عنه‪:31‬‬

‫‪ )4‬أسفار العهد الجديد‪ .‬وهي (‪ )2:‬سفراً‪ ،‬ولوال التقليد المسيحي لما تم االتفاق بين الكنائس على‬
‫هذه االسفار بعينها ونبذ أسفار اخرى عديدة‪.‬‬

‫‪ )2‬الليتورجيا وكتب الخدم الطقسية‪ :‬نستطيع أن نجد في صلوات الليتورجيا في كل أسرارها‪،‬‬


‫وصلوات التدشين‪ ،‬واللقانات‪ ،‬وصالة على المنتقلين‪ ،‬نجد تعليم الكنيسة وإيمانها‪ ،‬فالليتورجيا تجمع‬
‫النموذج والهدف معاً‪ ،‬ألنها تحمل العديد من الحقائق الالهوتية والعقائد‪ ،‬ومن الفهم الكنس ّ‬
‫ي السليم‬

‫‪ 31‬التقليد واهميته في االيمان المسيحي ‪ /‬األب متى المسكين – ص‪.48‬‬


‫‪ 32‬التقليد واهميته في االيمان المسيحي ‪ /‬األب متى المسكين – ص‪.48‬‬
‫‪ 33‬التقليد واهميته في االيمان المسيحي ‪ /‬األب متى المسكين – ص‪.48‬‬
‫‪ 34‬التقليد واهميته في االيمان المسيحي ‪ /‬األب متى المسكين – ص‪ 48‬و‪.49‬‬
‫ف‪ .‬سي‪ .‬صموئيل ‪ /‬ترجمة دكتور عماد موريس اسكندر ‪ ،‬مراجعة‬ ‫‪ 30‬مجمع خلقيدونية – اعادة فحص ‪ /‬األب ِ‬
‫دكتور جوزيف موريس فلتس ‪ /‬الناشر دار باناريون في مصر الجديدة ‪ /‬الطبعة االولى ‪2551‬م ‪ -‬ص‪.:2‬‬
‫‪ 31‬نقلنا هذا الموضوع برمته من مقال بعنوان (الباترولوجي والتقليد)‪ ،‬منشور في الموقع االلكتروني (فريق‬
‫الالهوت الدفاعي)‪ ،‬عبر الرابط‪https://bit.ly/2S29n6Q :‬‬
‫التصرف واالضافة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مع شيء بسيط من‬
‫‪13‬‬
‫الذي أودعته الكنيسة في صلواتها وفي ليتورجياتها‪ ،‬فالطقوس هي حياة الكنيسة العملية‪ ،‬كاأللحان‬
‫الكنسيّة‪ ،‬والتسبحة التي تشرح العقيدة والروحانية‪ ،‬والطقس بصورة شعر ليتورجي‪.‬‬

‫‪ )3‬المجامع المسكونية‪ :‬للمجامع المسكونية الدور األكثر أهمية‪ ،‬ألنها تمثّل صوت الكنيسة الناطق‬
‫بأن آباء المجامع أُعطوا السلطان من‬
‫وسلطتها العليا المعبّرة عن تعليمها العقائدية‪ ،‬وهم يعتقدون َّ‬
‫قبل الروح القدس العامل في المجامع‪ ،3:‬أن يقرروا وفقا ً لما تسلموه من اآلباء الذين سبقوهم‪،‬‬
‫والنموذج الكتابي الواضح هو مجمع أورشليم‪ ،‬ففي المجامع ُحدّدت قوانين اإليمان‪ ،‬كما ُحددت أمور‬
‫أخرى مثل قوانين الكنيسة وطقوسها…‪ .‬كان السبب الغالب النعقاد مجمع هي الهرطقات‪ ،‬لذا نجد‬
‫في المجامع توضيح أوسع للعقائد باالستناد الى التقليد‪.‬‬

‫‪ )1‬قوانين اإليمان‪ :‬وهي شروحات قديمة مختصرة لإليمان مبنية على أساس كتابات "الرسل"‬
‫وتقليدهم‪ ،‬وكانت تُستعمل في الكنائس األولى من أجل التعليم أو حين المعمودية‪ ،‬وقد كان لكل كنيسة‬
‫محلية في البداية قانون خاص‪ ،‬واالختالف بين هذه القوانين في الشكل ال في المضمون‪ ،‬ثم بدأت‬
‫هذه الدساتير تأخذ بالتدريج شكالً واحدا ً إلى أن تحدّد دستور إيمان واحد لكل الكنائس في المجمعين‬
‫المسكونين األول عام ‪320‬م والثاني عام ‪3:4‬م‪.‬‬

‫‪ )0‬قوانين الكنيسة‪ :‬تشمل قوانين اآلباء الرسل وتعاليمهم وقوانين المجامع المسكونية والمجامع‬
‫اإلقليمية أو المكانية المقبولة في الكنيسة… كذلك قوانين اآلباء الكبار معلمي البيعة‪.‬‬

‫ي‪ ،‬إذ فكتابات اآلباء القديسين‪:‬‬


‫‪ )1‬اآلباء الشهداء والقديسين‪ :‬آباء الكنيسة هم مصدر هام للتقليد الكنس ّ‬
‫وهي تراث ضخم ومتنوع وذات قيمة روحية عالية‪ ،‬كتبه عدد من آباء الكنيسة مستنيرين بعمل‬
‫الروح القدس عبر مختلف عصورها‪ ،‬كما أن حياة اآلباء القديسين نموذج لإليمان العملي المشخصن‬
‫فيهم‪ .‬وجاء في الرسالة الى العبرانيين (‪( :)::43‬اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة هللا‪ .‬انظروا‬
‫إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم)‪ .‬لذا يُعتبر تاريخ الكنيسة هو الذي حوى سير اآلباء‪ ،‬كما شمل‬
‫تاريخ العقائد المضادّة التي يسمونها (الهرطقات) والمجامع وبالتالي صياغة العقائد‪.‬‬

‫وأشهر كتابات اآلباء في التقليد‪ :‬علم الباترولوجي في أصله كما نعلم لم يُكتب لكن تسلمه األبناء من‬
‫آبائهم؛ وانتقل هكذا شفاهاً‪ ،‬وبالتالي يعتبر علم الباترولوجي فرعا ً من التقليد المسلم من اآلباء‪ ،‬ومن‬
‫كتابات اآلباء التي تسلمناها كثير منها ما يخص التقليد ومن أمثلة ذلك ما يلي‪:‬‬
‫أ) كتابات بابياس أسقف هيرابوليس (آسيا الصغرى ‪435‬م)‪ :‬الذي عاش في أواخر القرن األول‬
‫الميالدي (كان عمره ‪ 35‬عاما ً في نهاية القرن األول)‪ ،‬تقبل اإليمان بالتسليم من شهود عيان‪ ،‬ويعتبر‬
‫أن ما تسلمه من الشيوخ هو ثقة وحق‪ ،‬حيث يقول عن شرح أقوال الرب “ال أتردد أن أضيف إلى‬
‫تفاسيري كل األمور المسلمة من الشيوخ‪ ،‬فإني أعرفهم جيدا ً وأتذكرهم حسنا ً وأثق في الحق الذي‬
‫لهم‪ ،‬ال أسر بالذين يتكلمون كثيرا ً بل بالذين يُعلّمون الحق‪ ،‬وإنني أظن أني لم أعتمد كثيرا ً على‬
‫ي والذي يبقى حيا ً”‪.‬‬
‫الكتب بل على المنطوقات النابعة عن الصوت الح ّ‬
‫ب) كتابات القديس إيريناؤس (‪252-415‬م)‪ :‬الذي عاش في القرن الثاني وسجل ما تسلمه بالتقليد‪،‬‬
‫حيث يقول “لم أزل أتذكر أحداث تلك األيام بوضوح أكثر مما يتذكره المحدثون‪ ،‬ألن األمور التي‬
‫نتعلمها في الطفولة تنمو مع النفس‪ ،‬فإن أستطيع أن أصف حتى المكان الذي جلس فيه بوليكاريوس‪،‬‬

‫‪ 3:‬لو كان الروح القدس فعالً عامالً في المجامع فلماذا بعد العديد من المجامع تحدث انقسامات إضافية بين المسيحيين؟!!‬
‫‪14‬‬
‫وأصف خروجه ودخوله وطريقة حياته ومالمحه الشخصية والمقاالت التي وعظ بها الشعب‪ ،‬وكيفية‬
‫مناقشته مع يوحنا اإلنجيلي”‪.‬فإيريناؤس عاش مع بوليكاريوس تلميذ يوحنا الحبيب ويصف أدق‬
‫التفاصيل في حياته ودخوله وخروجه وكيفية معيشته‪.‬‬
‫جـ) كتابات يوستين الشهيد (‪410-455‬م)‪ :‬من مدافعي القرن الثاني ولقد وصف لنا وصفا ً كامالً‬
‫وعرف اإلفخارستيا بأنها (تلك الذبيحة التي تنبا ً عنها‬
‫ّ‬ ‫لإلفخارستيا الخاصة بخدمة يوم األحد العادية‪،‬‬
‫م الخي‪ ،‬وأنه ال مجال بعد لتقديم ذبائح دموية؛ فاإلفخارستيا هي الذبيحة التي طال االشتياق إليها‪،‬‬
‫إذ الذبيح هو اللوغوس نفسه)‪ ،‬كما استخدم يوستين مصطلحات كنسية فذكر الشمامسة واإلفخارستيا‬
‫ورئيس اإلخوة والميالد الجديد‪ ،‬وقد وصف صلوات تقديس اإلفخارستيا‪:‬‬
‫ـ قبلة السالم “كإعداد لتقديس اإلفخارستيا”‪.‬‬
‫ـ ليتورجيا الكلمة “قراءة العهدين القديم والجديد والعظة”‪.‬‬
‫ـ الصلوات اإلفخارستية “صلوات الشكر”‪ ،‬كما أنه كتب لنا تفاصيل الليتورجيا‪.‬‬
‫د) كتابات القديس أغناطيوس الشهيد أسقف أنطاكية (‪11‬م)‪ :‬كتب القديس أغناطيوس رسائله عن‬
‫السر‪ ،‬وعن الجسد الذي هو الرب يسوع المسيح المصلوب القائم‬ ‫ّ‬ ‫الكنيسة واإلفخارستيا وأهمية هذا‬
‫ي كما يقول (ال يمكن تقديس اإلفخارستيا‬ ‫من األموات‪ ،‬والخبز المقدس دواء وترياق للموت الروح ّ‬
‫بدون أسقف أو كاهن يعهد إليه األسقف بذلك)‪.‬‬
‫هـ) الكتابات الرسوليّة‪:‬‬
‫أ‪ -‬الديداكية‪ :‬يرجع كتاب الديداكية بين عام (‪405-455‬م) وهي تضم تعاليم الليتورجيا وإرشادات‬
‫نظامية‪.‬‬
‫ب‪ -‬الدسقولية‪ُ :‬وضعت باليونانية بعد قوانين الرسل حيث جاء في مقدمتها “وكنا قد قررنا قوانين‬
‫ووضعناها في الكنيسة”‪ ،‬كذلك ُكتبت بعد استشهاد القديس يعقوب الرسول حيق ذُكر استشهاده فيها‪،‬‬
‫وتتميز الدسقولية بطابعها التعليمي وبها استدالالت من الكتاب المقدس بعهديه وحوادث منه‪ ،‬وبها‬
‫أبواب تقترب إلى العظات‪ ،‬ففيها عظة عن التوبة وعظة عن قراءة الكتاب المقدس‪ ،‬كذلك تستشهد‬
‫باألسفار التي حذفها البروتستانت‪ ،‬ففيها إشارة إلى قصة سوسنة “باب ‪ ،″:‬وإشارة إلى سفر باروخ‪،‬‬
‫ثم يهوديت‪ ،‬صالة منسى الملك‪ ،‬وهي توضح الحياة الكنسية في القرن الثالث ومالمح السلوك‬
‫المسيحي وواجبات األسقف وعمله‪ ،‬الشماسية‪ ،‬خدمة األرامل واأليتام‪ ،‬بعض القوانين التي وضعها‬
‫الرسل‪.‬‬

‫‪ ):‬اآلثار المسيحية‪ :‬ونقصد بها األعمال الفنية القديمة المعبّرة عن تقليد الكنيسة من عمارة‬
‫وموسيقى وأيقونات …إلخ‪ .‬العمارة مثالً تُعطينا فكرة عقائدية‪ :‬مثل أن تكون المعمودية في الجزء‬
‫ي من الكنيسة… كما أن وجود جرن المعمودية الذي يرجع للقرون األولى هو دليل‬ ‫ي الغرب ّ‬ ‫البحر ّ‬
‫على أن المعمودية بالتغطيس …‪ .‬إلخ‪ .‬كذلك األيقونة التي ال نستطيع أن نفصلها عن العقيدة وعن‬
‫التاريخ‪ ،‬فاأليقونة ليست مجرد رسم ديني هدفه إيقاظ المشاعر‪ ،‬وإنما هي سبيل من السبل التي يُعلن‬
‫سامها ليس حرا ً في إجراء االقتباس‬ ‫بها هللا لإلنسان‪ ،‬فاأليقونات تشكل جزءا ً من التراث التقليدي‪ ،‬فر ّ‬
‫أو التجديد الذي يحلو له؛ ألنه يجب أن يعكس عمله روح الكنسية وليس أحاسيسه الجمالية الشخصية‪،‬‬
‫ي ليس مستبعداً‪ ،‬بل يجب تطبيقه ضمن حدود بعض القواعد المرعية‪ ،‬فمن المهم أن‬ ‫فاإللهام الفن ّ‬
‫يكون رسام األيقونات فنانا ً جيداً‪ ،‬ولكن أهم من ذلك أن يكون مسيحيا ً مخلصاً‪ ،‬يحيا في روح التقليد‪،‬‬
‫ويُعد نفسه لعمله من طريق االعتراف والمناولة‪ ،‬البد للفنان أن يلم بالهوت األيقونة‪ ،‬وتاريخ الكنيسة‬
‫وطقوسها‪.‬‬

‫ثورة البروتستانت على التقليد‪:‬‬

‫‪15‬‬
‫وفي الجهة المقابلة نجد لوثر واتباعه البروتستانت الثائرين على بعض أفعال البابوات‪ ،‬وحيث ان‬
‫اولئك البابوات لم يتمكنوا ان يبرروا أفعالهم من خالل الكتاب المقدس بل استندوا غالبا ً الى التقليد‬
‫المسيحي‪ ،‬فقد هاجم البروتستانت التقليد وتبرؤوا منه ورفضوه‪ ،‬وتمسكوا بالكتاب المقدس وحده‬
‫الذي لم يتمكن البابوات من االستناد اليه في الدفاع عن افعالهم‪ .‬فوقع البروتستانت في فخ التناقض!‬
‫فهم من جهة يرفضون التقليد ومن جهة يتمسكون بالكتاب المقدس بينما الكتاب المقدس هو أيضا ً‬
‫من افرازات التقليد المسيحي في القرون االولى! ونفس الشيء بالنسبة الى قانون االيمان الذي يؤمن‬
‫به البروتشتانت فهو ايضا ً من انتاج التقليد المسيحي والمجامع المسيحية‪ ،‬فكيف يتبنون قانون االيمان‬
‫والذي يرفضون طريقة انتاجه وما يستند إليه!!‬
‫وفيما يلي ننقل وجهة نظر البروتستانت في رفضهم للتقاليد المسيحية الشفوية (التي ُكتِبَت فيما بعد)‪،‬‬
‫حيث كتب احد رجال الدين المسيحيين البروتستانت شارحا ً موقفهم من التقاليد‪( :‬ان عدم اتفاق الجميع‬
‫في التقليدات هو من جملة البراهين على كذب دعواها‪ .‬وحضرتكم تسالون كيف يص ُّح االستدالل‬
‫على كذب دعوى التقليدات من عدم االتفاق عليها واختالف الكنايس فيها! ونحن نجيبكم ان الذي‬
‫يمعن النظر جيدا ً في هذا االمر يمكنه ان يستدل على ذلك من دون صعوبة‪ ،‬النه لما كانت التقليدات‬
‫المختلف فيها ال توجد راسا ً في الكتب المقدسة كانت معرفة صحيحها من فاسدها موكولةً بالتمام الى‬
‫مطالعة كتب التواريخ المختلفة الواصلة الينا التي ربما قدرنا بواسطتها ان نعرف اصل هذه التقليدات‬
‫وكيفية وضعها وزمانه ومكانه ومن هو الواضع وكيف وصلت الى ما وصلت الي ِه من القوة واالمتداد‬
‫جرا من الظروف التي يحتاج من يفحص عن صحة التقليدات الى معرفتها لكي يمكنه ان يميّز‬ ‫وهل َّم َّ‬
‫َّ‬
‫ما كان منها صحيحا ً واجبا ً فيعتقد به او غير صحيح فيرفضه‪ .‬وال ريب انكم بذلك تكونون قد سلمتم‬
‫زمام الحكم على صحيح التقليد وفاسده الى روية المطالع الخصوصية‪ ،‬وهذا من اعظم ما تنكرونه‪،‬‬
‫نزلتم الكتب التاريخية في تعليم الناس ووقايتهم من الضالل منزلة الكتب المقدسة‬ ‫وتكونون ايضا ً قد َّ‬
‫نفسها كانها اناجيل عديدة مختلفة متم ّمة لالنجيل الواصل الينا الذي تدَّعون بعدم كفايت ِه وحدهُ الرشادنا‬
‫في االيمان والعمل‪ ،‬وهذا مناف لكالمه تعالى‪ .‬هذا مع ما نراه من االختالفات بين المؤرخين‬
‫واضطرارنا الى عدم تصديقهم في كل ما يقولونه بما انهم بشر غير معصومين نظيرنا وربما كانوا‬
‫اشقيآ َء ما يلين الى التعويج‪ ،‬فضالً عن انه ال يوجد نص إلهي وال قانون كنايسي يامرنا بتصديق ما‬
‫كموحى ب ِه من هللا او ضروري للخالص‪ .‬واذا كنتم ايها الحبيب ال تسلمون بنتيجة الخواجا‬ ‫ً‬ ‫نقلوه‬
‫‪3:‬‬
‫ميخائيل مشاقة فيلزمكم ان تسلموا بالوفٍ من الكتب كضرورية للخالص ومعصومة من الغلط‬
‫نظير الكتب المقدسة نفسها‪ .‬لنهُ يجب علينا ان نعرف صحيح التقليد من فاسده وهذا كما تقدم ال يمكن‬
‫اال بواسطة هذه الكتب‪ .‬وكل ما ال يت ُّم الواجب اال به فهو واجب كوجوب ِه‪ .‬فتكون النتيجة ان مطالعة‬
‫هذ ه التواريخ واجبة كوجوب الكتب المقدسة وهذا مما ال يسلم به احد‪ .‬ألننا ال نقدر ان نزيد على‬
‫وز ْد على ذلك انهُ اذا لم يكن‬‫عدد االنبياء او الرسل وال ان نؤمن بكل روح اال ما كان من هللا‪ِ .‬‬
‫للخواجا ميخائيل مشاقة وال لنا سبيل الى التمييز بين صحيح التقليد وفاسده اال اقوال المؤرخين وكان‬
‫ذلك من الواجبات الضرورية فانهُ يجب على حضرتكم اوالً ان تحكموا على الجميع بمطالعتها ككتب‬
‫ضرورية ومتممة للوازم الخالص كما تحكمون بقرآة الكتب المقدسة‪ .‬ثانيا ً ان تحكموا بصحتها حكما ً‬
‫ب تصديقهُ او ما ال يعنيكم رفضهُ‬ ‫قاطعا ً قانونيا ً ال ريب فيه‪ .‬ثالثا ً ان تفرزوا ما كان منها غير واج ٍ‬
‫وال قبولهُ‪ .‬رابعا ً ان تفهموهم كم يجب ان يصدقوا منها والى اي صفح ٍة من التاريخ يقدرون ان‬
‫يصدقوا وال يؤلموكم‪ .‬خامسا ً ان تبينوا لهم كيف يجب ان يقرأوا هذه التواريخ بروح الت ََقوى وااليمان‬
‫ب كأنهم يقرأون كتاب هللا نفسهُ‪ .‬سادسا ً ان ترشدوهم الى المورخين الذين يجب ان‬ ‫من دون ارتيا ٍ‬

‫‪ 3:‬رجل دين مسيحي بروتستانتي‪ ،‬مؤلف كتاب‪( :‬اجوبة االنجيليين على اباطيل التقليديين) طبع في بيروت سنة‬
‫‪4:03‬م‪ ،‬يهاجم فيه عقائد الكاثوليك واآلرثوذكس من خالل مهاجمته التقليد المسيحي الذي يتمسكون به!‬
‫‪16‬‬
‫يلتجيئُوا اليهم‪ .‬وهنا ننصحكم ان تحذّروهم من مطالعة كتب مؤرخي الالتينيين او غيرهم من‬
‫هوآلء ال يتفقون مع مورخي السنكسار وبستان الرهبان‬ ‫ِ‬ ‫الخارجين عن كنيستكم‪ ،‬الن مورخي‬
‫المقبولَين عندكم اللذين ربما كنتم انتم ال تثقون باخبارهما‪ .‬ومع ذلك ايها الحبيب ما ابعد آرآءكم ع َّما‬
‫نقلهُ المورخون االقدمون وبعض االبآء المعتبرين‪ .‬اما نحن فال نعلق ايماننا ورجآ َء خالصنا على‬
‫كالم الناس او اقوال المورخين نظيركم ولهذا ال نحتاج اليهم الجل اثبات تعاليمنا ومعتقداتنا‪ ،‬وال‬
‫ناتي بذكر ش يء من اقوالهم اال الجل مجرد الشهادة التي ال يكون منها فايدة زايدة على ما قد قيل‬
‫في متى ومرقس وغيرهما من االنجيلية والرسل‪ .‬اما المجامع فالباين انكم لم تتركوا لنا محالً لاليمان‬
‫حرمت تقديم السجود لاليقونات‪.‬‬ ‫بعصمتها من الغلط الننا نرى انكم تش ُّكون بمعظمها واقدمها كالتي َّ‬
‫فان كنتم انتم مع اعتقادكم بالعصمة الجمعية تنكرونها على البعض منها فكيف يمكننا نحن ان نتحقق‬
‫عصمة البعض اآلخر مع ان ما تنكرون عصمتهُ اقرب عهدا ً الى المسيح واعلم بصحة التقليدات‬
‫المزعومة منكم‪ .‬ومعلوم حضرتكم ان هذا الخالف مما يوفع المجامع كافةً تحت الشبهة والريب فال‬
‫يبقى لنا سبيل الى تصديق شيء منها او االستناد علي ِه)‪.31‬‬

‫ويرد احد رجال الدين اآلرثوذكس‪ ،‬وهو األنبا رافائيل األسقف العام لكنائس وسط القاهرة‪ ،‬على‬
‫موقف البروتستانت من التقليد فيقول‪( :‬فالذين رفضوا التراث اآلبائي‪ ،‬وبدأوا من جديد‪ ،‬كونوا‬
‫صا بهم‪ ،‬ولكنه ال ينتمي في جذره لآلباء األولين فما رفضوه‪ ،‬وما أنكروه‬ ‫ألنفسهم تراثًا جديدًا خا ً‬
‫على الكنيسة األرثوذكسية قاموا به بعينه ولكن مبتدئين من أنفسهم‪ .‬اليوم يوجد تراث بروتستانتي‬
‫يرجع إلى القرن الـ‪ 41‬منذ مارتن لوثر وكالفن وغيرهما‪ ...‬وصارت لهم تفاسير لمشاهير الوعاظ‬
‫خاصة بهم‪ ،‬كمثلما نرجع نحن إلى تفاسير اآلباء األولين‪ ،‬ولهم نمط مميز في الحياة والخدمة‬
‫واالجتماعات يميزهم‪ ،‬كمثلما لنا طقس ونظام وصالة يميزنا كأرثوذكس‪ ...‬حتى أنك بسهولة تكتشف‬
‫ضا لهم تراث‪ ،‬ورصيد فكرى‪،‬‬ ‫أن هذا الواعظ أو هذا االجتماع بروتستانتي أو أرثوذكسي‪ ...‬ألنهم أي ً‬
‫ومنهج تفسير خاص بهم‪ ،‬كما يوجد عندنا تما ًما‪ .‬فلماذا يرفض المنهج األرثوذكسي؟ ولماذا ينكر‬
‫على األرثوذكس حقهم في أن يكون لهم هوية خاصة‪ ،‬ومنهج خاص‪ ،‬وتفسير خاص؟ عل ًما بأن هذا‬
‫المنهج والهوية والتفسير يستمدون أصولهم من اآلباء الرسل‪ ،‬وآباء الكنيسة بطول التاريخ‪ .‬والذين‬
‫يرفضون التمسك بالعقيدة‪ ،‬وينادون بالالطائفية قد اخترعوا ألنفسهم عقيدة خاصة هي الالطائفية‪..‬‬
‫وفي الحقيقة األمر عندما يجتمعون يسلكون بالطقس البروتستانتي‪ ،‬من حيث الترنيم والوعظ‬
‫والصالة‪ ...‬فكيف يكونون ال طائفيين؟ إنها طائفة أخرى بروتستانتية‪ ..‬فلماذا تغطية الحقائق؟)‪.15‬‬

‫وكتب المفكر المسيحي حلمي القمص يعقوب‪( :‬ونستطيع أن نقول إن الفكر البروتستانتي بنى على‬
‫مبدأ خطير وهو "مسيحية بال كنيسة " وتبنى البروتستانت مبدأ "الكتاب المقدَّس وحده " ‪Sola‬‬
‫‪ ، Scriptura‬وكانت نتيجة هذا المبدأ الخطير الهدام أن تعددت التفاسير والمفاهيم واالنقسامات‪،‬‬
‫وبالتالي تعددت الطوائف البروتستانتية‪ ،‬فيقول األب جون واتيفورد ‪ Fr. John Whiteford‬وهو‬
‫خادم بروتستانتي سابق "إذا كانت البروتستانتية ومبدأها األساسي عن ‪ Sola Scriptura‬هي من‬
‫هللا‪ ،‬فلماذا تسببت في أكثر من ‪ 25555‬عشرين ألف طائفة مختلفة ال تستطيع أن تتفق على المبادئ‬

‫‪ 31‬خطاب مفيد في الكنيسة والتقليد ‪ /‬مؤلف انجيلي ‪ /‬طبع بيروت ‪4:11‬م ‪ -‬ص(‪.)22-4:‬‬
‫‪ 15‬مقال بعنوان (كتاب رأي في الالطائفية‪ :‬ثبِّت أساس الكنيسة ‪ -‬األنبا رافائيل األسقف العام لكنائس وسط القاهرة‪-4: ،‬‬
‫الفصل التاسع‪ :‬ما هو الحق؟)‪ ،‬منشور في موقع األنبا تكال هيمانوت القبطي اآلرثوذكسي‪ ،‬عبر الرابط‪:‬‬
‫‪https://bit.ly/3vfTV5U‬‬

‫‪16‬‬
‫األساسية التي في الكتاب المقدَّس‪ ،‬وال حتى على معنى كلمة "مسيحي "؟ إذا كان الكتاب المقدَّس‬
‫وحده يكفى وال حاجة إلى التقليد فلماذا يزعم "المعمدانيون " و"شهود يهوه " و"الكاريزماتيكيين "‬
‫و"الميثودست" إنهم يؤمنون بما يقوله الكتاب المقدَّس ولكن ال تستطيع طائفتان منهم االتفاق على‬
‫ما يقوله الكتاب المقدَّس؟)‪!14‬‬
‫ومما تقدم نجد ان الكاثوليك يجعلون التقليد هو القيّم والمرجع االعلى لكل اإليمان وللكتاب المقدس!‬
‫وحافظوا على قدسية التقليد من االنهيار أمام العقل والمنطق والفطرة االنسانية بان قالوا ان االيمان‬
‫يكون وفقا ً للتقليد اوالً ثم ياتي العقل والفطرة بالمرتبة التالية! وبذلك وقعوا في مأزق أنهم بذلك‬
‫يجعلون كتبا ً غير مقدسة في مرتبة اعلى من الكتاب المقدس وتكون مرجعية حاكمة عليه!! ويجعلون‬
‫مؤلفين غي ر ملهمين هم اآلباء المؤسسون في مرتبة اعلى من مرتبة كتبة أسفار الكتاب المقدس‪،‬‬
‫وهذه سفسطة واضحة!!‬
‫أما البروتستانت فقد رفضوا التقليد وتمسكوا بالكتاب المقدس وحده وهم يظنون بذلك انهم خرجوا‬
‫من ازمة وجود مرجع غير مقدس للكتاب المقدس وحاكم عليه! فوقعوا في ازمة جديدة وهي ان‬
‫قانون االيمان الذي يؤمنون به إنما جاء عن طريق التقليد وان اختيار أسفار الكتاب المقدس بعهده‬
‫الجديد إنما جاء عن طريق التقليد! فكيف يعترفون بصحة النتيجة ويرفضون صحة الوسيلة التي‬
‫انتجتها!! هذه سفسطة أخرى! وكذلك فهم حينما يواجهون التناقض في أسفار العهد الجديد لن يتمكنوا‬
‫من االستناد الى التقليد في إثبات اإليمان رغم التناقضات!‬
‫فالمسيحية مع التقليد أو بدونه ال تخلو من السفسطة واالنهيار امام متطلبات العقل البديهي والمنطق‪.‬‬

‫اختالف الكاثوليك واآلرثوذكس في التقليد‪:‬‬


‫ورغم ان الكاثوليك واآلرثوذكس (الشرقيين والمشرقيين) يقبلون بمرجعية التقليد للكتاب المقدس‬
‫وللمسيحية كلّها‪ ،‬بخالف البروتستانت الذين يرفضون ذلك‪ ،‬كما بيّناه آنفاً‪ ،‬إال َّ‬
‫أن الخالف قائم بين‬
‫الكاثوليك واآلرثوذكس على أصالة التقليد‪ ،‬وأيا ً مما ينسبونه للتقليد هو من التقليد فعالً‪.‬‬
‫فمن األمور التي يؤمن بها الكاثوليك (واغلبها تبعاً‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬للتقليد) وال يؤمن بها اآلرثوذكس‬
‫هي التالي‪ ،‬ننقلها من احد المواقع المسيحية اآلرثوذكسية‪:12‬‬
‫‪ .4‬أن الروح القدس منبثق من األب واالبن ‪ :Filioque‬واآلرثوذكس يؤمنون بانبثاق الروح القدس‬
‫من األب‪ .‬وهذه إضافة تاريخية لم ترد في قانون اإليمان النيقاوي‪.‬‬
‫‪ .2‬أن السيدة العذراء مريم حبل بها بال دنس الخطية األصلية‪ :‬وفي هذا االعتقاد سلبت السيدة العذراء‬
‫المخلوقة بالسيد المسيح وهو هللا الخالق الذي وحدة فقط ُحبِ َل بال دنس الخطية األصلية‪ ،‬وهذا ُمحال‬
‫أن يسوى المخلوق بالخالق‪ ،‬لذلك نحن األرثوذكس نؤمن بأن السيدة العذراء ولدت كآي إنسان أخر‬

‫‪ 14‬مقال بعنوان (كتاب النقد الكتابي‪ :‬مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) ‪ -‬أ‪.‬‬
‫حلمي القمص يعقوب‪ -03 ،‬متى بدأت محاولة فصل الكتاب المقدس عن التقليد؟)‪ ،‬منشور في الموقع االلكتروني‬
‫األنبا تكال هيمانوت القبطي اآلرثوذكسي‪ ،‬عبر الرابط‪https://bit.ly/2QI7pbB :‬‬
‫‪ 12‬نقلناها بطولها ألهميتها من مقال بعنوان (سؤال‪ :‬ما هي االختالفات ما بين األرثوذكسية و الكاثوليكية؟)‪ ،‬منشور‬
‫في موقع األنبا تكال هيمانوت القبطي اآلرثوذكسي‪ ،‬عبر الرابط‪https://bit.ly/2Tef7v6 :‬‬
‫‪18‬‬
‫ومثل األنبياء القديسين‪ ،‬وإال ما كانت الحاجة للفداء إن كان بعض البشر بإمكانهم الخالص بدون‬
‫المسيح؟!‬
‫‪ . 3‬المطهر‪ :‬فيعتقد الكاثوليك أن اإلنسان بعد موته يقضى فترة من العذاب في المطهر ثم بعد ذلك‬
‫ينتقل إلى النعيم األبدي ونحن األرثوذكس ال نؤمن بالمطهر‪ ،‬فهذه العقيدة ضد إيماننا‪ ،‬وضد عمل‬
‫المسيح في الفداء‪ ،‬ألنة ال توجد مغفرة إال بدم المسيح‪.‬‬
‫‪ .1‬يؤمنون بالغفرانات‪ :‬أي من حق الباباوات واألساقفة أن يعطوا غفرانًا لمدة معينة نتيجة لعمل‬
‫معين خاص أو منح هذه الغفرانات القانون بناء على قرارات سابقة لبعض الباباوات‪ .‬ولكن عقالء‬
‫الكاثوليك ينكرونها حاليًا على اعتبار أنها فساد في التاريخ انتهى زمنه‪.‬‬
‫‪ .0‬برئاسة بطرس الرسول للكنيسة ولزمالئه الرسل‪ :‬كأنة وحدة خليفة المسيح إذ يعتقدون أن بطرس‬
‫هو مؤسس كنيسة روما رغم أنة كان يخدم مع بولس الرسول الذي أسسها‪ ..‬وبابا روما هو خليفة‬
‫بطرس الرسول لذلك يعتقدون أن بابا روما هو خليفة المسيح على األرض وهو الرئيس المنظور‬
‫للكنيسة الجامعة الرسولية‪ .‬ولقد تحدثنا عن هذا الخطأ في أكثر من مقال هنا في موقع األنبا تكال‪..‬‬
‫ويؤمنون بعصمة البابا من الخطأ وهو أثناء إلقاءه بيانًا وهو على كرسي الكاتدرائية ألنة يكون مقودًا‬
‫بالروح القدس حسب تعبيرهم ولكننا ال نؤمن بعصمة البابا من الخطأ!‬
‫‪ . 1‬يجوز الزواج بين الكاثوليك وغير المسيحي‪ :‬أحيانا يسمحون لرجل الدين غير المسيحي‬
‫باالشتراك في شعائر هذا الزواج ويجوز أيضا الزواج الكاثوليكي وبين غيرة من المسيحيين‪.‬‬
‫‪ . :‬ال يعتقد الكاثوليك بإمكانية الطالق حتى لعلة الزنا‪ :‬األمر الذي ينتج عنة انتشار الزواج المدني‬
‫في الغرب هو وما من زيجات يصعب اإلفالت منها في حالة الخيانة الزوجية‪ .‬وهذا األمر ضد‬
‫الكتاب المقدس صراحةً‪( 13‬مت ‪.)32 ،34 :0‬‬
‫‪ .:‬ال يسمح الكاثوليك بزواج الكهنة‪ :‬أما كنيستنا األرثوذكسية تسمح بزواج الكهنة قبل رسامتهم فقط‬
‫إذ توفيت امرأته بعد رسامته فال يجوز له أن يتزوج بامرأة ثانية وأما الكهنة الرهبان فال يسمح لهم‬
‫بالزواج ال قبل وال بعد رسامتهم‪.‬‬
‫‪ .1‬تأجيل مسح األطفال بالميرون إلى سن ‪ :‬سنوات‪ :‬أما نحن فال نؤخر دهن األطفال المعمدين‬
‫كبيرا ذكرا‬ ‫بزيت سر الميرون بل في الحال بعد عمادهم مباشرة يدهن المعمد (سواء كان ً‬
‫طفال أو ً‬
‫كان أم أنثى) فيدهن ‪ 31‬رشمة لينال المؤمن به موهبة الروح القدس وحماية له من الشيطان‪.‬‬
‫‪ .45‬عدم مناولة األطفال وأجراء طقس المناولة األولى من سن ‪ :‬سنوات‪ :‬آما نحن فبمجرد أن يتم‬
‫العماد يمكن للطفل أو للشخص المعمد أن يتناول وال نؤخر ذلك أبدًا ألنة اتحاد بالرب يسوع وفي‬
‫ذلك قوة وحصانة‪.‬‬
‫‪ .44‬إلغاء الكاثوليك لغالبية األصوام‪ ،‬فنظام وطقس الكاثوليك في الصوم غريب جدًا فهم يفطرون‬
‫ي األربعاء والجمعة صوم كامل‪ ،‬أما أيام‬
‫كامال في يومين السبت واألحد ويصومون يوم ّ‬ ‫ً‬ ‫إفطارا‬
‫ً‬
‫االثنين والثالثاء والخميس ت ُ َ‬
‫س َّمى عندهم أيام بياضي أي يأكلون فيها البيض واللبن ومستخرجاتها‪.‬‬

‫‪ 13‬ذكرنا ان التقليد عند المسيحيين هو اعلى مرتبة من الكتاب المقدس‪ ،‬فقولهم بأن هذا االمر ضد الكتاب المقدس‬
‫هو تدليس من قبلهم ألنهم يعلمون بمرجعية المسيحية (الكاثوليكية واآلرثوذكسية) للتقليد اوالً ثم الكتاب المقدس‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫‪ .42‬عدم التغطيس في المعمودية واالكتفاء بسكب طبق صغير على رأس الطفل أما نحن فال نستخدم‬
‫الرش على اإلطالق في المعمودية بل بالتغطيس باسم األب واالبن والروح القدس‪.‬‬
‫‪ .43‬يقدمون القربان المقدس من الفطير وليس من الخمير‪.‬‬
‫‪ . 41‬فترة الصوم األفخارستي‪ :‬عدم االحتراس تسع ساعات قبل التناول واالكتفاء بساعتين بالنسبة‬
‫لألكل ونصف ساعة بالنسبة للشرب‪.‬‬
‫‪ .40‬إقامة أكثر من قداس على نفس المذبح في يوم واحد‪.‬‬
‫‪ .41‬الكاهن يصلي ويتناول في أكثر من قداس في اليوم الواحد‪.‬‬
‫‪ .4:‬السماح للراهبات بمناولة الجسد للمرضى في المستشفيات‪.‬‬
‫‪ .4:‬السماح للشمامسة بحمل الجسد لمناولة درجات الكهنوت المتعددة‪.‬‬
‫‪ .41‬الكاثوليك يبرئون اليهود من سفك دم المسيح (‪4110‬م) إما نحن األرثوذكس فال نبرئ اليهود‬
‫ألنهم طالبوا بيالطس البنطي بصلبة انظر (إنجيل يوحنا ‪( ،)1:41‬يو ‪( ،)40:41‬إنجيل متى‬
‫‪( ،)20:2:‬إنجيل مرقص ‪( ،)43:40‬مر ‪( ،)40:40‬إنجيل لوقا ‪( ،)22:23‬لو ‪.)23:23‬‬
‫ً‬
‫رجاال ونسا ًء بدخول الهيكل وقراءة األسفار المقدسة أثناء القداس‪.‬‬ ‫‪ .25‬السماح للعلمانيين‬
‫‪ .24‬المذبح قد ال يتخذ اتجاه الشرق عند بعض الكاثوليك‪ :‬عدم االتجاه للشرق في الصالة‪.‬‬
‫‪ .22‬قبول قيام أي شخص بالعماد حتى لو كان هذا الشخص غير مسيحي‪.‬‬
‫‪ . 23‬مناولة غير المؤمنين (وهذه يمارسها األساقفة الكاثوليك بدون قرار واضح رسمي من‬
‫الفاتيكان)‪.‬‬
‫‪ .21‬يؤمنون بخالص غير المؤمنين كما قرر المجمع الفاتيكاني الثاني في دستورهم الرعوي عام‬
‫‪ 4110‬أن َم ْن لم يؤمن ولم يعمد من كافة البشر سوف ينالون االشتراك في سر الفصح والقيامة‬
‫ويتوقف خالصه بذلك أن كانوا من ذوى النية الحسنة وكنيستنا األرثوذكسية ال تؤمن بخالص غير‬
‫المؤمنين بهذه الطريقة ألن ذلك يعتبر ضربة شيطانية موجهة إلى اإليمان المسيحي والى السعي‬
‫واالهتمام بالكرازة بموت المسيح وقيامته‪ .‬كما أن هذه الطريقة مخالفة لوصية المسيح في قولة‬
‫"اكرزوا باإلنجيل للخليقة كلها من أمن وأعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن" (مر ‪.)41 ،40:41‬‬
‫‪ .20‬يؤجلون ممارسة سر مسحة المرضى حتى أشراف المريض على الموت ويسمى سر المسحة‬
‫األخيرة‪ ،‬بينما عندنا نحن سر مسحة المرضى هو سر يدهن فيه المريض بزيت مقدس لشفائه من‬
‫أمراض الروح والجسد والنفس "آن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا ويطهرنا من‬
‫كل أثم" (يو ‪.)1:4‬‬
‫بل نجد اآلرثوذكس والكاثوليك يختلفون حتى في مؤسس كنيسة روما في القرن االول الميالدي‪،‬‬
‫فالكاثوليك يقولون ان بطرس هو مؤسسها‪ ،‬بينما اآلرثوذكس يقولون بأن بولس هو مؤسسها‪!11‬‬

‫‪ 11‬مقال بعنوان (كتاب يا أخوتنا الكاثوليك‪ ،‬متى يكون اللقاء؟ ‪ -‬أ‪ .‬حلمي القمص يعقوب‪ -211 ،‬ثانيًا‪ :‬كرازة بولس‬
‫الرسول في روما)‪ ،‬منشور في الموقع االلكتروني لألنبا تكال هيمانوت القبطي اآلرثوذكسي‪ ،‬عبر الرابط‪:‬‬
‫‪https://bit.ly/3wsfz7o‬‬
‫‪20‬‬
‫فاالختالفات قائمة بين الطوائف المسيحية سواء آمنت بمرجعية التقليد أو بمرجعية الكتاب المقدس‪،‬‬
‫فأهل التقليد المسيحي مختلفون فيما بينهم أشدَّ االختالفات‪ ،‬وكذلك االختالفات عند أهل الكتاب‬
‫المقدس!‬

‫‪ ‬بولس يدعو اتباعه في تسالونيكي الى االقتداء به!‬


‫ففي ‪2‬تس (‪1 :3‬و‪ ):‬فاندياك‪( :‬ثم نوصيكم أيها اإلخوة‪ ،‬باسم ربنا يسوع المسيح‪ ،‬أن تتجنبوا كل أخ‬
‫يسلك بال ترتيب‪ ،‬وليس حسب التعليم الذي أخذه منا‪ .‬إذ أنتم تعرفون كيف يجب أن يتمثل بنا‪ ،‬ألننا‬
‫لم نسلك بال ترتيب بينكم)‪.‬‬
‫وفي الطبعة الكاثوليكية‪ ،‬نقرأ العبارة اوضح معنى‪( :‬ثم إننا نوصيكم ايها االخوة بأسم الرب يسوع‬
‫سنّة‪ ،‬فإنّكم تعلمون كيف‬‫المسيح ان تبتعدوا عن كل أخ يسير سيرة باطلة خالفا ً لما أخذتم عنّا من ُ‬
‫يجب أن تقتدوا بنا‪ .‬فنحن لم نَسِر بينكم سيرة باطلة)‪.‬‬
‫ولكي يتالفى علماء المسيحية الموقف‪ ،‬حيث ان االقتداء يجب ان يكون بالمسيح ال بإنسان‪ ،‬فقد كتبوا‬
‫في الهامش التعليق اآلتي‪{ :‬اذا اقتدى المسيحيون ببولس اقتدوا بالمسيح (‪ 4‬تس ‪ ، 1/4‬فل ‪، 0/2‬‬
‫متى ‪ .)41/41‬ألن بولس يقتدي بالمسيح (‪ 4‬قور ‪ )4/44‬وعليهم ان يقتدوا باهلل (متى ‪.})1:/0‬‬
‫وبغض النظر عن المواضع التي استشهدوا فيها بالعبارة السابقة‪ ،‬فلنا ان نتسائل‪ :‬كيف اصبح بولس‬
‫قدوة للمسيحيين مع انهم ال يقولون انه معصوم من الخطأ؟ وإذا كان معصوما ً من الخطأ فما هي‬
‫دالئل عصمته؟ وكمثال على عدم عصمته ما نراه في بعض رسائله من عبارات عديدة يقول علماء‬
‫المسيحية انفسهم عنها انه لم يتقن صياغتها‪ ،‬وترك بعضها دون ان يكملها!! مما يعني انه لم يكن‬
‫معصوما ً في تبليغ رسالته فكيف بباقي جوانب حياته!!‬

‫‪ ‬عالمة بولس في رسائله‬


‫يتحدث بولس عن عالمته في جميع رسائله فيقول ‪2‬تس (‪ )4::3‬فاندايك‪( :‬السالم بيدي أنا بولس‪،‬‬
‫الذي هو عالمة في كل رسالة‪ .‬هكذا أنا أكتب)‪.‬‬
‫وفي الكاثوليكية‪( :‬هذا السالم بخط يدي انا بولس‪ .‬تلك عالمتي في جميع رسائلي‪ ،‬وهذه هي كتابتي)‪.‬‬
‫وإذا تتبعنا رسائل بولس لوجدنا انه يذكر السالم بخط اليد في الرسائل التالية (باالضافة الى ‪2‬تس)‪:‬‬
‫‪ -4‬في رسالته االولى الى اهل كورنثوس (‪.)24:41‬‬
‫‪ -2‬في رسالته الى اهل غالطية (‪.)44:1‬‬
‫‪ -3‬في رسالته الى اهل كولوسي (‪.)4::1‬‬
‫‪ -1‬في رسالته الى فيلمون (‪.)4:‬‬
‫فقط خمسة رسائل حملت عالمة بولس‪ ،‬فهل يعني ذلك ان بقية الرسائل المنسوبة الى بولس ليست‬
‫من كتابته او انَّه دخل عليها تغيير اوتعديل او تجميع او تلف ادى الى استقطاع عالمته في رسالته‪،‬‬
‫أو أنَّها أصالً منسوبة إليه ومن كتابة بعض تالميذه!!‬

‫‪ ))3‬رسالة بولس الى اتباعه في مدينة غالطية (غل)‬

‫‪21‬‬
‫مر بولس بنواحي غالطية في رحلته الثانية حوالي (‪)02-05‬م‪ ،‬ولم يدخلها ولم يدخل مقاطعة آسية‬ ‫ّ‬
‫جميعها (تركيا الحالية) ألنه ظن ان الروح القدس منعه من ذلك {راجع اعمال الرسل (‪ !!})1:41‬ثم‬
‫زارها بولس في رحلته الثالثة حوالي (‪)0:-03‬م‪ ،‬وكتب رسالته كما يقول الخوري بولس الفغالي‬
‫حوالي سنة (‪)00‬م قبل كتابته الرسالة الى رومية‪ .10‬وقيل انه كتبها وهو في افسس سنة ‪01‬م‪.11‬‬
‫وهي احدى خمس رسائل كتب بولس في خاتمتها بخط يده‪ ،‬كما إنها احدى الرسائل االربع ذات‬
‫الموثوقية َّ‬
‫بأن بولس هو كاتبها‪.‬‬
‫وأهم االثارات التي تضمنتها هذه الرسالة‪:‬‬
‫‪ ‬بولس رسول المسيح‪ ،‬أليس األثني عشر كذلك؟!‬
‫يبتديء بولس رسالته هذه بتدليس وتمويه حيث يقول غل (‪{ )4:4‬فاندايك}‪( :‬بولس‪ ،‬رسول ال من‬
‫الناس وال بإنسان‪ ،‬بل بيسوع المسيح وهللا اآلب الذي أقامه من األموات)‪.‬‬
‫وفي الكاثوليكية‪ ( :‬من بولس وهو رسول ال من قبل الناس وال باختيار إنسان بل بإختيار يسوع‬
‫المسيح وهللا اآلب الذي أقامه من بين األموات)‪.‬‬
‫فهو يصف نفسه بأنه رسول من قبل المسيح ال من قبل الناس! وهو يدري جيدا ً انه ال يوجد بين قادة‬
‫المسيحيين اليهود اشخاص اختارهم الناس بل هم جميعا ً من االثني عشر الذين اختارهم المسيح‬
‫بنفسه كما في رواية اناجيل العهد الجديد‪ ،‬وبطرس بالتحديد هو الذي خاطبه المسيح بقوله كما في‬
‫متى (‪{ )4::41‬ترجمة الكاثوليكية}‪( :‬انت صخر وعلى هذا الصخر سأبني كنيستي فلن تقوى عليها‬
‫أبواب الجحيم )‪ .‬إذن ما الداعي ان يقول بولس انه مرسل من المسيح نفسه اال لكي يوحي ألذهان‬
‫المتلقي ان الجماعة المناوؤن لتعليمه (من اليهود المسيحيين‪ )1:‬ليسوا كذلك!‬

‫‪ ‬مشكلة الـ ‪ 41‬سنة!‬


‫حيث جاء في رسالته غل (‪{ )4:2‬فاندايك}‪( :‬ثم بعد أربع عشرة سنة صعدت أيضا إلى أورشليم مع‬
‫برنابا‪ ،‬آخذا معي تيطس أيضا)‪ .‬فقيل ان المقصود (‪ )41‬سنة بعد اهتداءه الى المسيحية‪ .‬وقالوا ان‬
‫حادثة اهتداءه تلك كانت سنة ‪31‬م‪ ،1:‬وهذا يعني انه يقصد انه صعد الى اورشليم مع برنابا وتيطس‬
‫سنة ‪ 05‬م‪ ،‬اي بعد رحلته االولى! وحيث ان بولس يتحدث في رسالته هذه انه بعد (‪ )41‬سنة ذهب‬
‫الى اورشليم واتصل بقادة المسيحية (التالميذ االثني عشر اكابر الرسل) وعرض عليهم اسس دعوته‬
‫ى! يقول كما في غل (‪ )2:2‬الكاثوليكية‪( :‬وكان‬ ‫سرا ً بصورة منفردة‪ ،‬لكي ال تذهب جهوده سد ً‬
‫صعودي إليها بوحي‪ ،‬وعرضت عليهم البشارة التي أُعلنها بين الوثنيين‪ ،‬عرضتها على األعيان‬
‫دون غيرهم‪ ،‬مخافة أن يكون سعيي أو أكون قد سعيت عبثا ً)‪ .‬فعقيدة بولس الدينية في هذه الفترة (الـ‬
‫سرية‪ ،‬ولذلك كانت النصوص المتضمنة في اعمال الرسل بخصوص خطبة بولس‬ ‫‪41‬سنة) كانت ّ‬
‫في تلك الرحلة ال تحتوي على تعليم مخالف لتعليم (اليهود المسيحيين) ما عدا قيامته من الموت‪ ،‬فلم‬
‫يذكر فيها التثليث {الذي لم يكن قد اكتملت فكرته الى ذلك الوقت} وال ان المسيح ابن اإلله وال ان‬

‫‪ 10‬العهد الجديد‪ ،‬الترجمة العربية المشتركة‪ ،‬قراءة رعائية‪ ،‬كتب بولس الفغالي المداخل الى اسفارها وهوامشها ‪/‬‬
‫األصدار االول‪ ،‬الطبعة االولى ‪2551‬م – ص‪.141‬‬
‫‪ 11‬العهد الجديد ‪ /‬المطبعة الكاثوليكية ‪ /‬الطبعة الحامسة ‪41::‬م – ص‪ 15:‬في المدخل الى هذه الرسالة‪ .‬وهناك‬
‫رأي يبدو ضعيفا ً يقول انه كتبها سنة ‪11‬م‪.‬‬
‫‪ 1:‬نقصد بمصطلح (اليهود المسيحيين) اليهود الذين آمنوا بالمسيح وانه نبي مرسل من عند هللا سبحانه‪ ،‬وقادتهم هم‬
‫التالميذ االثني عشر (الحواريين) ويطلق عليهم بولس اسم (أكابر الرسل) أو (فائقي الرسل) بإختالف الترجمة‬
‫{راجع ‪2‬كور (‪ .})0:44‬وفي العهد الجديد نصوص عديدة تبين وجود خالف بينهم وبين بولس‪.‬‬
‫‪ 1:‬العهد الجديد‪ ،‬الترجمة العربية المشتركة‪ ،‬قراءة رعائية‪{ ،‬مصدر سابق} – ص‪.141‬‬
‫‪22‬‬
‫اإلله هو اآلب!! كما انَّه ليست هناك اية مدينة زارها وبعث اليها رسالة في رحلته االولى التي حدثت‬
‫سرية في تلك الفترة‪ ،‬وال يجاهر بها!‬
‫ضمن هذه (الـ ‪41‬سنة)‪ ،‬ألن عقيدته كانت ّ‬

‫‪ ‬هل مهمة بولس تبشير الوثنيين؟‬


‫ادعى بولس انه معهود له في تبشير "القُلف" اي الوثنيين كما ان بطرس معهود له بتبشير المختونين‬
‫اي اليهود! ففي غل (‪{ )45-1 :2‬فاندايك}‪( :‬وأما المعتبرون أنهم شيء ‪ -‬مهما كانوا‪ ،‬ال فرق عندي‪،‬‬
‫هللا ال يأخذ بوجه إنسان ‪ -‬فإن هؤالء المعتبرين لم يشيروا علي بشيء‪ .‬بل بالعكس‪ ،‬إذ رأوا أني‬
‫اؤتمنت على إنجيل الغرلة كما بطرس على إنجيل الختان‪ .‬فإن الذي عمل في بطرس لرسالة الختان‬
‫عمل في أيضا لألمم‪ .‬فإذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا‪ ،‬المعتبرون أنهم أعمدة‪،‬‬
‫أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن لألمم‪ ،‬وأما هم فللختان‪ .‬غير أن نذكر الفقراء‪ .‬وهذا عينه‬
‫كنت اعتنيت أن أفعله)‪.‬‬
‫والنص في ترجمة الكاثوليكية‪( :‬اما الذين كانوا يُحسبون اعيانا ً – وال يهمني ما كان عليه أمرهم ألن‬
‫عهد‬ ‫ي في تبشير القُلف كما ُ‬ ‫هللا ال يُحابي أحدا ً من الناس – فإنّهم لم يزيدوا شيئا ً بل رأوا أنّه ُ‬
‫عهد إل َّ‬
‫الى بطرس في تبشير المختونين‪ ،‬ألن الذي ايَّد بطرس في رسالته لدى المختونين ايدني في رسالتي‬
‫لدى الوثنيين‪ ،‬ول َّما عرف يعقوب وصخر ويوحنا وهم بمنزلة اساطين الكنيسة‪ ،‬ما اُعطيت من نعمة‪،‬‬
‫ي وإلى برنابا يُمنى االتفاق فنذهب نحن الى الوثنيين وهم الى اهل الختان‪ ،‬على ان نتذكر‬ ‫مدّوا إل َّ‬
‫الفقراء وهذا ما جهدت ان أقوم به)‪.‬‬
‫ولم يبيّن النص من الذي عهد الى بولس بتبشير الوثنيين وعهد الى بطرس بتبشير اليهود! نعم نحن‬
‫نعلم ان بطرس باعتباره رأس جماعة اليهود المسيحيين ال يقوم بتبشير الوثنيين‪ ،‬فمن السهولة ان‬
‫يُنسب له ما نسبه له بولس من مهمة‪.‬‬
‫فهل يدّعي بولس ان الوحي اإللهي اوكل له مهمة تبشير الوثنيين واوكل نفس المهمة لبطرس؟! فإذا‬
‫كان الحال كذلك فلماذا كانوا حينما يبشرون اليهود يعلمونهم ان ينبذوا االلتزام بشريعة التوراة لبداية‬
‫عهد جديد بالمسيح!! وما هو الفرق‪ ،‬بحسب النظرية المسيحية الحاليّة‪ ،‬بين تبشير الوثنيين وتبشير‬
‫اليهود ما دامت النتيجة واحدة وهي بداية عهد جديد وترك شريعة العهد القديم ونبذ االلتزام بشريعة‬
‫التوراة!!‬
‫أن بطرس والمسيحيين اليهود‬ ‫طبعا بحثنا التاريخي يختلف مع هذه النصوص حيث توصلنا الى َّ‬
‫كانوا فعالً يبشرون اليهود بصورة رئيسية والوثنيين احيانا ً بالمسيح‪ ،‬كما كان يفعل المسيح تماماً‪،‬‬
‫مع تعليمهم االلتزام بشريعة التوراة مع ما ادخله المسيح عليها من فهم جديد في تطبيقها وتسهيل‬
‫لبعض صعوباتها‪ ،‬في مقابل تبشير بولس لليهود والوثنيين مع تعليمهم عدم االلتزام بشريعة التوراة‬
‫لبداية عهد جديد‪ ،‬واستمرت هاتان الطائفتان الرئيسيتان الى ان تبنّت الدولة الرومانية في القرن‬
‫الرابع الميالدي مسيحية بولس كدين رسمي للدولة مع اضطهادها للطوائف المسيحية االخرى متهمةً‬
‫اياها بالهرطقة الى ان انقرضت‪ ،‬ثم عمدوا الى تشويه تراث المسيحيين اليهود واظهارهم بمظهر‬
‫المنسجم مع بولس وتعاليمه‪ ،‬ولكن تلك االشارات التي بقيت في رسائل بولس حول الخالف معهم‬
‫كشفت حقيقة ما جرى!‬
‫وقد يقال ان معنى كالم بولس بأن المهمة الموكلة له هي تبشير الوثنيين والمهمة الموكلة لبطرس‬
‫هي تبشير اليهود هو ان مساحة عمل بولس هو مدن الوثنيين بغض النظر عمن يسكنها من اقلية‬
‫يهودية قد تستجيب للبشارة‪ ،‬بينما مساحة عمل بطرس هو المدن اليهودية بغض النظر عمن يسكنها‬
‫من أقلية وثنية قد تستجيب للبشارة‪ ،‬فالنتيجة واحدة‪ ،‬وهي ان جميع الذين تم تبشيرهم من قبل بولس‬
‫بحسب روايات العهد الجديد في اعمال الرسل ورسائل بولس وبطرس هم ممن تم تعليمهم نبذ شريعة‬
‫التوراة وقبول شريعة العهد الجديد سواء كانوا من اليهود او من األمميين (الوثنيين)! وهذه المزاعم‬
‫‪23‬‬
‫ال تتناسب مع وجود خالفات حول استمرار العمل بشريعة التوراة من قبل اليهود المسيحيين مع‬
‫اكابر الرسل تالميذ المسيح‪ .‬كما ان التاريخ المسيحي يذكر ان بطرس قد انشأ كنيسة روما وهي‬
‫مدينة ذات غالبية وثنية‪ ،‬فكيف إذن مارس نشاطه التبشيري فيها بناءا ً على هذه الفرضية؟!‬

‫فإذن هناك دليالن ينسفا ن كل مزاعم بولس حول اختصاصه بتبشير الوثنيين‪ ،‬االول ما ورد في‬
‫ع ِقدَ حوالي سنة ‪05‬م‪ ،‬حيث جاء فيها كما في اعمال الرسل‬ ‫خطبة بطرس في مجمع اورشليم الذي ُ‬
‫(‪{ )::40‬فاندايك}‪( :‬أيها الرجال اإلخوة‪ ،‬أنتم تعلمون أنه منذ أيام قديمة اختار هللا بيننا أنه بفمي‬
‫أن هللا اختارني‬ ‫يسمع األمم كلمة اإلنجيل ويؤمنون)‪ .‬وفي {الطبعة الكاثوليكية}‪( :‬ايها االخوة تعلمون َّ‬
‫من بينكم منذ األيام األ ُ َول ليسمع الوثنيون من فمي كالم البشارة ويؤمنوا)‪ .‬فهو نص صريح بأن‬
‫مهمة بطرس هي تبشير الوثنيين (األمم)‪.‬‬
‫والدليل الثاني ان بطرس بحسب التقليد المسيحي قد أسس كنيسة روما أي أسس اول جماعة مسيحية‬
‫في روما رغم انها مدينة وثنية‪.‬‬
‫كتب بطرس قرماج‪( :‬وكان القديس بولس يبشر بااليمان مع القديس بطرس باجتهاد وشجاعة ونمت‬
‫الكنيسة في رومية جدا ً جدا ً)‪.11‬‬
‫وكتب في موضع سابق‪( :‬ان المغبوط بطرس شرع يباشر بعد صعود سيدنا يسوع المسيح الى‬
‫السماء واجبات منصبه السامي اي منصب الرئاسة على الكنيسة كلّها‪ ،‬مبتدئا ً بذلك في اورشليم وفي‬
‫كل اليهودية فترأس على المجامع كما جرى في المجمع االورشليمي حيث نصح الرسل والتالميذ‬
‫وحثهم على انتخاب رسول آخر عوض يهوذا وتكلم كأنه لسان الجميع‪ ،‬ثم وعظ الشعب اليهودي‬
‫واثبت تعليمهُ بالعجائب فاستمال كثيرين الى االيمان وبعد ان اسس الكنيسة هكذا في بالد فلسطين‬
‫انطلق الى بالد سورية ودخل مدينة انطاكية وكانت في ذلك الزمان قصبة الشرق وهناك نصب هذا‬
‫الرسول كرسيهُ والي ِه كان يأتي المؤمنون الجل تدبير بقية الكنائس‪ ،‬قال فم الذهب ان الصواب‬
‫يقتضي ان تكون انطاكية اشرف مدن المشرق ألنه فيها دُعي اوالً المؤمنون مسيحيين فيكون معلمها‬
‫وراعيها اول الرسل‪ ،‬ويقتضي ايضا ً ان يوضع بها اوالً كرسي رأس الكنيسة كلها المنظور الن‬
‫مؤمنيها كانوا اكثر عددا ً واشد نشاطاً‪ .‬وقد مكث القديس بطرس سبع سنين في انطاكية ثم بإلهام هللا‬
‫نقل كرسيهُ من هناك الى رومية عاصمة كل الممالك ومعلمة االضاليل فكان يُعبد بها من اآللهة ما‬
‫يُعبد بكل اقطار المسكونة‪ ،‬وانما كان ذلك كما قال القديس الون المعظم لكي تظهر قوة النور السماوي‬
‫مز ق ظالم الغياهب وليسهل االنتصار على بقية العالم بعد انتصار بطرس على اول مدائن‬ ‫الذي ّ‬
‫الملك الروماني‪ ،‬ألن السيد المسيح الذي كان هو هللا وكتب في راية صليبه المجيدة انهُ ملك اليهود‬
‫واليونانيين والالتينيين اراد ان يملك القديس بطرس الرسول نائبهُ في االرض بسلطان روحي على‬
‫هؤالء الشعوب الثلثة وبهم على بقية قبائل االرض‪ ،‬وانهُ يعلّم اوالً اليهود في اورشليم وثانيا ً اليونانيين‬
‫طرا ً انهُ راعي الجميع وان خلفاءه يكونون‬ ‫في انطاكية واخيرا ً الالتينيين في رومية ليعلم الناس ّ‬
‫كذلك)‪.05‬‬
‫والنقطة األخرى الجديرة بالتذكير ان ِسفر اعمال الرسل ال يتطرق الى هذه المزاعم حول اختصاص‬
‫تبشير اليهود والوثنيين! فلماذا لم يكن لوقا وهو الكاتب المفترض العمال الرسل وهو تلميذ بولس‪،‬‬
‫على علم بهذا الموضوع؟ ولماذا لم يتطرق اليه في كتابه اعمال الرسل إ ْن كان حقيقيا ً ؟!‬

‫‪ 11‬مروج االخيار في تراجم االبرار ‪ /‬االب بطرس قرماج {مصدر سابق} – ص‪.301‬‬
‫‪ 05‬مروج االخيار في تراجم االبرار ‪ /‬االب بطرس قرماج {مصدر سابق} – ص‪.435‬‬
‫‪24‬‬
‫‪ ‬الخالفات بين بولس وأكابر الرسل‪:‬‬
‫بالرياء! بطرس الذي خاطبه المسيح بقوله كما في متى‬
‫ِ‬ ‫بطرس‬
‫َ‬ ‫بولس‬
‫ُ‬ ‫في غل (‪ )24-44 :2‬اتهم‬
‫(‪( )4::41‬ترجمة الكاثوليكية)‪( :‬انت صخر وعلى هذا الصخر سأبني كنيستي فلن تقوى عليها‬
‫أبواب الجحيم)‪ ،‬يأتي بولس ويتهمه بالرياء!! وبأي تهمة؟ انه يرائي اليهود المسيحيين! وهذا ليس‬
‫اول خالف بين بولس وقادة اليهود المسيحيين‪ ،‬والخالفات بينهم لها شواهد عديدة ومعتبرة في العهد‬
‫الجديد‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫‪ .1‬الخالف بين بطرس وبولس‬


‫اتهم بولس كال من بطرس وبرنابا بالرياء كما أشرنا اليه آنفا ً {في غل (‪ ،})24-44 :2‬وكذلك اختلف‬
‫بولس مع بطرس في شأأأأن المعمودية‪ ،‬وسأأأنتطرق بشأأأيء من التفصأأأيل إلى هاتين المسأأأالتين في‬
‫الفقرتين اآلتيتين على التوالي‪.‬‬

‫‪ .2‬الخالف بين برنابا وبولس‬


‫قال برنابا في مقدمة إنجيله‪( :04‬أيها األعزاء إن هللا العظيم العجيب قد افتقدنا في هذه األيام األخيرة‬
‫بنبيه يسأأأو ع المسأأأيح برحمة عظيمة للتعليم واآليات التي اتخذها الشأأأيطان ذريعة لتضأأأليل كثيرين‬
‫بدعوى التقوى مبشرين بتعليم شديد الكفر داعين المسيح ابن هللا ورافضين الختان الذي أمر به هللا‬
‫دائما ومجوزين كل لحم نجس‪ ،‬الذين ض َّل في عدادهم بولس الذي ال أتكلم عنه إال مع األسى وهو‬
‫السبب الذي ألجله اسطر ذلك الحق الذي رايته وسمعته إثناء معاشرتي ليسوع لكي تخل صوا وال‬
‫يضأأأأأألكم الشأأأأأأيطان فتهلكوا في دينونة هللا‪ ،‬وعليه فاحذروا كل أحد بتعليم جديد مضأأأأأأاد لما اكتبه‬
‫لتخلصوا خالصا أبديا)‪ ،‬وورد مثل هذا في خاتمة إنجيله‪.‬‬
‫فبذلك نجد إن الخالف بين برنابا وبولس هو خالف عقائدي نتيجة ثبات برنابا على عقيدته التي‬
‫تعلمها من المسأأيح وانحراف بولس نحو تعليم جديد لم يبشأأر به يسأأوع المسأأيح‪ ،‬واما رواية العهد‬
‫الجديد حول سبب االختالف بينهما فهي رواية غير مقبولة وسوف نستعرضها اآلن ونبين أسباب‬
‫عدم قبولها‪:‬‬
‫قال لوقا في أعمال الرسل (‪ )4:41-31:40‬الكاثوليكية‪( :‬وبعد بضعة أيام قال بولس لبرنابا‪" :‬لنعد‬
‫فنفتقأأد االخوة في كأأل مأأدينأأة بشأأأأأأرنأأا فيهأأا بكالم الرب ونرى كيف أحوالهم"‪ ،‬فأأأراد برنأأابأأا أن‬
‫يستصحب يوحنا الذي يلقب بمرقس ورأى بولس أن ال يستصحب من فارقهما في بمفيلية ولم يكن‬
‫معهما في إبان العمل‪ ،‬فتنازعا حتى فارق أحدهما األخر فاسأأأأأأتصأأأأأأحب برنابا مرقس وأبحر إلى‬
‫قبرس واما بولس فاختار سأأأيال ومضأأأى بعد أن اسأأأتودعه االخوة نعمة هللا فطاف سأأأورية وقيلقية‬
‫يثبت الكنائس‪ ،‬وقَد َِم دربة ثم لسترة)‪.‬‬
‫ولنناقش اآلن هذا النص‪:‬‬
‫إن مرقس واسمه يوحنا هو كاتب اإلنجيل الثاني المشهور باسمه في العهد الجديد ـأ بحسب‬
‫التقليد المسأأأيحي ‪ -‬وكان مرقس أحد وجهاء كنيسأأأة أورشأأأليم ومن كبار المبشأأأرين باإلنجيل!‬

‫‪ 04‬ال يعترف المسيحيون بصحة نسبة هذا اإلنجيل الى برنابا‪ ،‬ولدينا بحث منشور في كتاب (حقائق إنجيلية) نبين‬
‫فيه أن جميع االشكاالت التي يثيرها المسيحيون على هذا االنجيل يوجد مثلها في الكتاب المقدس فأ ّما أن يرفضونهما‬
‫معا ً أو يقبلونهما معاً‪ ،‬من باب اإلنصاف‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫وهو الذي انشأأ كنيسأة اإلسأكندرية وقتل فيها سأنة ‪1:‬م ‪ ،02‬ومن ذلك نسأتنتج إن انفصأاله عن‬
‫رحلة برنابا وبولس في بمفيلية وعودته إلى أورشأأأليم البد وأنها كانت لمصأأألحة البشأأأارة‪ ،‬في‬
‫حين إن الرواية المذكورة تشير إلى انه قد تركهم تقاعسا ً وتكاسالً عن خدمـأأة اإلنجيل وهذا ما‬
‫ال يمكن ألي مسيحي أن ينسبه إلى القديس مرقس‪.‬‬
‫إن هناك عالقة مميّزة كانت تربط بولس مع مرقس حيث نجد إن بولس قـأأد وصف مرقس‬
‫بصفـأأأأأأة المعاون له في التبشير وذلك في رسالته إلى فيلمون ( ‪ ،) 21‬وأقام مرقس مع بولس‬
‫في أثناء اسأأر بولس في روما سأأنة ( ‪) 13-14‬م وذكره بولس في رسأأالته إلى أهل كولوسأأي‬
‫(‪ )45:1‬ووصفه بأنه أحد الذين عملوا معه في سبيل ملكوت هللا‪ ،‬وطلب بولس من تيموثاوس‬
‫في رسالته الثانية إليه (‪ )44:1‬اصطحاب مرقس إليه في أسره الثاني في روما سنة ‪11‬م‪.‬‬
‫قال بولس نفسأأأأه في رسأأأأالته األولى إلى أهل كورنثوس (‪ )1:1‬الكاثوليكية‪( :‬أم أنا وبرنابا‬
‫وحدنا ال يحق لنا أن نمتنع عن العمل؟)‪ ،‬فهو إذن يرى إن االمتناع عن العمل من حق الرسأأأل‬
‫وخدم اإلنجيل‪ ،‬فمن المسأأأأأأتبعد أن يختلف بولس مع برنابا من اجل مزاعم امتناع مرقس عن‬
‫العمل معهم‪ ،‬إذ إن الخالف بينهما اعمق من هذا‪.‬‬

‫‪ .3‬الخالف بين أبُلُّس وبولس‬


‫قال بولس في رسأأأأأأالته األولى إلى أهل كورنثوس (‪ )1:3‬الكاثوليكية‪( :‬وإذا كان أحدكم يقول أنا‬
‫مع بولس واآلخر ‪ :‬أنا مع أَبُلُّس‪ ،‬أ لـأأأأأأأأأأأأيس في ذلك دليل على إنكم بشأأأأأأر)‪ ،‬وفي نفس الرسأأأأأأالة‬
‫(‪ )42:41‬ال كاثوليك ية‪( :‬أ ما أخو نا أَبُلُّس ف قد ألح حت عل يه كثيرا أن يذ هب إليكم مع االخوة فأبى‬
‫بإصرار أن يأتيكم في الوقت الحاضر‪ ،‬وسيذهب عندما تسنح له الفرصة)‪.‬‬
‫ولم يذكر بولس سأأأأأأبب رفض أَبُلُّس التعاون معه‪ ،‬وبدت هذه الجملة األخيرة وكأنها وشأأأأأأاية عن‬
‫أَبُلُّس‪.‬‬
‫وقد أشار لـأأأأوقا ـأأأأ وهو تلميذ بولس ـأأأأ في أعمال الرسل (‪ )1:41-21:4:‬إلى الخالف بين أَبُلُّس‬
‫وبولس فقال {الكاثوليكية}‪( :‬وقدم أفسأأأس يهودي أسأأأمه أَبُلُّس من أهل اإلسأأأكندرية فصأأأيح اللسأأأان‬
‫ُعلّم ما يختص بيسوع تعليما‬ ‫متبحر في الكتب وكان قد لُ ِقّن طريقة هللا وأخذ يتكلم بقلب مضطرم وي ِ‬
‫دقيقا ولكنه لم يكن يعرف سأأأأأوى معمودية يوحنا فشأأأأأرع يتكلم في المجمع بجرأة)‪ ،‬إلى أن يقول‪:‬‬
‫(فقد كان يرد على اليهود عالنية ردا قويا مبينا من الكتب إن يسأأأوع هو المسأأأيح‪ ،‬وبينما أَبُلُّس في‬
‫كورنثوس و صل بولس إلى أف سس بعدما جاز أعالي البالد فلقي فيها بعض التالميذ فقال لهم ‪ :‬هل‬
‫نلتم الروح القأدس حين آمنتم؟ قأالوا‪ :‬ال‪ ،‬حتى إننأا لم نسأأأأأأمع إن هنأاك روح قأدس‪ ،‬فقأال ‪ :‬فأأ ية‬
‫معمودية أعتمدتم؟ قالوا‪ :‬معمودية يوحنا‪ ،‬فقال بولس ‪ :‬إن يوحنا عمد معمودية التوبة طالبا من‬
‫الشعب أن يؤمنوا بالذي يأتي بعده أي يسوع‪ ،‬فلما سمعوا ذلك اعتمدوا باسم الرب يسوع ووضع‬
‫بولس يده عليهم!)‪.‬‬
‫من هذا النص نسأأتنتج إن أَبُلُّس كان متعمقا في دراسأأة اإلنجيل وتعاليم يسأأوع المسأأيح ومن هذه‬
‫صأأأأأأفاته ال يخفى عليه أمر المعمودية‪ ،‬وحيث انه كان يعمد بمعمودية يوحنا فهذا يدل على إنها‬
‫نفسها معمودية المسيح وان المسيح لم يغ ِيّرها أو يأمر بتغييرها بعده‪ ،‬وكان بطرس يعمد بمعمودية‬

‫‪ 02‬العهد الجديد ( المطبعة الكاثوليكية ) ـ ص‪.453‬‬


‫‪26‬‬
‫يوحنا أيضأأأا (أي التعميد بالماء) فقد روى لوقـأأأأأأأأا عنه في أعمال الرسأأأل (‪{ )1::45‬الكاثوليكية}‪:‬‬
‫( فقال بطرس‪ :‬أيسأأأأأأتطيع أحد أن يمنع هؤالء من ماء المعمودية وقد نالوا الروح القدس مثلنا)‪،‬‬
‫وفيليبس عمد وزير ملك الحبشأأأأأأة بالماء أي بمعمودية يوحنا‪ ،03‬فهي إذن معمودية أكابر الرسأأأأأأل‬
‫تالميذ المسيح والتي أبدلها بولس بمعمودية جافة! بوضع اليد فقط‪.01‬‬

‫‪ .4‬الخالف بين يعقوب وبولس‬


‫‪00‬‬
‫هو يعقوب أخو الرب كما أطلق بولس هذا االسأأم عليه ‪ ،‬ورد ذكره في إنجيل متى (‪ )00:43‬من‬
‫بين اخوة يسوع المسيح‪ ،‬وفي العهد الجديد رسالة باسمه‪ ،‬وصار رئيس كنيسة أورشليم بعد ترك‬
‫بطرس لها‪ ،01‬وقيل انه يعقوب بن حلفي أحد التالميذ االثني عشر‪ ،0:‬يروي لوقا في أعمال الرسل‬
‫(‪41 :40‬و‪25‬و‪ ) 2:‬إن يعقوب هذا هو الذي اقترح عدم إلزام المؤمنين من أصأأأأأأأل وثني (غير‬
‫يهودي) بالعمل بالشريعة (التوراة) وان مجمع سنة ‪05‬م قد اخذ برأيه‪.‬‬
‫وفي المقابل فان يعقوب هذا كان من اشأأأد المدافعين عن مسأأأالة وجوب إلزام المؤمنين من اصأأأل‬
‫يهودي بالعمل بالشأأأأريعة (التوراة) ورسأأأأالته في العهد الجديد والتي وجهها إلى المؤمنين من بني‬
‫إسرائيل طافحة بهذه الدعوة‪ ،‬ومما جاء فيها {الكاثوليكية}‪( :‬وقد يقال‪ :‬أنت تؤمن وأنا اعمل‪ ،‬فارني‬
‫إيمانك من غير أعمال أ ُ ِركَ بأعمالي أيماني‪ ،‬أنت تؤمن بان هللا واحد فقد أصأأبت وكذلك الشأأياطين‬
‫تؤمن به وترتعد‪ ،‬أتـحب أن تعلم أيها األبـله إن األيمان من غيـر أعمال شيء عقيم)‪.0:‬‬
‫لكننا نجد إن بولس وهو من اصأأأل يهودي قد تخلى عن العمل بالشأأأريعة ( التوراة ) واتخذ لنفسأأأه‬
‫شأأأأأأريعةً جديدة ً ودينا ً جديداً‪ ،‬وهو يعترف بذاك عن نفسأأأأأأأه فيقول كما في ‪4‬كور (‪)23-41 :1‬‬
‫{الكاثوليكية}‪( :‬وصرت ألهل الشريعة من أهل الشريعة وان كنت ال اخ ضع للشريعة)…‪(.‬مع إن‬
‫لي شريعة من هللا بخضوعي لشريعة المسيح)‪.‬‬

‫أعترافات بولس بوجود الخالف مع تالميذ المسيح قادة اليهود المسيحيين‪:‬‬


‫وللتأكيد على ما ورد في إنجيل برنابا من وجود الخالف العقائدي بين برنابا وبولس فقد وردت‬
‫في رسأأأأأائل بولس العديد من االعترافات الصأأأأأريحة المباشأأأأأرة وغير المباشأأأأأرة بوجود مثل تلك‬
‫الخالفات بينه وبين تالميذ المسأأأأيح الذين أطلق عليهم هو نفسأأأأه اسأأأأم "أكابر الرسأأأأل" أو "فائقي‬
‫الرسأأل" بحسأأب اختالف الترجمات‪ ،‬وسأأوف نسأأتعرض تلك االعترافات حسأأب تسأألسأألها الزمني‬
‫وكاآلتي ‪:‬‬

‫‪ 03‬أعمال الرسل (‪.)3:::‬‬


‫‪ 01‬أعمال الرسل (‪ )1:41‬و الرسالة إلى العبرانيين (‪.)2:1‬‬
‫‪ 00‬رسالة بولس إلى أهل غالطية (‪.)41:4‬‬
‫‪ 01‬العهد الجديد (بولس باسيم) ـ ص‪ 044‬الهامش‪.‬‬
‫‪ 0:‬المصدر السابق ـ ص ‪.:12‬‬
‫‪ 0:‬رسالة يعقوب (‪4: :2‬ـ‪.)25‬‬
‫‪26‬‬
‫‪ )4‬رسالة بولس األولى إلى أهل تسالونيكي…كتبها حوالي (‪)02-04‬م‪.‬‬
‫افتتحها بذكر اسأأمه واسأأم معاونيه سأألوانس (سأأيال) وتيموثاوس‪ ،‬أما سأألوانس فهو من اصأأل غير‬
‫يهودي (اصأأأأأأأل وثني)‪ ،01‬واما تيموثاوس فهو من أم يهودية وأب يوناني‪ ،15‬ولم يذكر بولس في‬
‫هذه الرسأأأأأالة أيا ً من تالميذ المسأأأأأيح مثل بطرس وبرنابا ويعقوب وغيرهم‪ ،‬وهذا يدل على انه لم‬
‫يكن على نفس منهجهم الفكري والعقائدي وإال لكان ذكرهم جميعا ً ولتحدث باسأأمهم جميعا السأأيما‬
‫وانهم اقدم منه إيمانا ً وهم الشأأأهود على التعاليم الحقيقية التي جاء بها يسأأأوع المسأأأيح‪ ،‬وعدم ذكره‬
‫أسمائهم في جميع رسائله هي ظاهرة جديرة باالهتمام ألنـأأأأأأها تؤكـأأأأأأد ما ذكرناه من الخالف بينه‬
‫وبينهم‪.‬‬

‫‪ )2‬رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي…كتبها حوالي (‪) 02-04‬م‪.‬‬


‫أفتتحها أي ضا ً بذكر ا سمه وا سم سلوانس ( سيال) وا سم تيموثاوس فقط دون اإل شارة إلى غيرهم‬
‫من الرسل والتالميذ‪.‬‬

‫‪ )3‬رسالة بولس إلى أهل غالطية … كتبها حوالي سنة ‪01‬م‪.‬‬


‫افتتحهـا بولس بذكر اسمه فقط‪ ،‬وذكـر فيـها صراحة وجود مخالفـين لـه فـي العقيدة فقال في (‪:4‬‬
‫‪1‬و‪{ ):‬الكاثوليكية}‪( :‬عجبت لسأأأرعة تخليكم هذه عن الذي دعاكم بنعمة المسأأأيح وانصأأأرافكم إلى‬
‫إنجيأأل آخر ومأأا هنأأاك إنجيأأل آخر بأأل هنأأاك قوم يلقون البلبلأأة بينكم وبغيتهم أن يبأأدلوا إنجيأأل‬
‫المسيح)‪.14‬‬

‫‪ )1‬رسالة بولس األولى إلى أهل كورنثوس…كتبها في ربيع سنة ‪0:‬م‪.‬‬


‫ذكر فيها صراحة وجود مؤمنين ال يعترفون بصلب المسيح كما هو حال برنابا في إنجيله‪ ،‬فقال‬
‫في (‪{)4::4‬الكاثوليكية}‪( :‬الن الكالم على الصليب حماقة عند الذين يسلكون سبيل الهالك)‪.‬‬

‫‪ )0‬رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس…كتبها في خريف سنة ‪0:‬م‬


‫يذكر فيها بولس صراحة وجود دعوات مخالفة لدعوته من بين أكابر الرسل‪ ،‬قال كما في (‪:44‬‬
‫‪1‬و‪{ ) 0‬الكاثوليكية}‪( :‬فلو جاءكم أحد يبشأأأأركم بيسأأأأوع آخر لم نبشأأأأركم به ويعرض عليكم روحا‬
‫غير الذي نلتموه وأنجيل غـأأأير الـأأأذي قبلتمـأأأوه الحتملتموه أحسـأأأن احتمـأأأال‪ ،‬وأرى أني لست أقل‬
‫شأنا ً من أولئك الرسل األكابر)‪ ،‬فبين إن أصحاب الدعوات المضادة هم أكابر الرسل تالميذ يسوع‬
‫المسأأأيح ومنهم بطرس ويعقوب وبرنابا وأَبُلُّس ثم اخذ يشأأأتم أكابر الرسأأأل تالميذ المسأأأيح فقال في‬
‫ع َملَة مخادعون يتزيون بزي رسأأأل‬ ‫(‪{)40-43 :4‬الكاثوليكية}‪( :‬الن هؤالء القوم رسأأأل كذابون و َ‬
‫المسأأأيح وال عجب فالشأأأيطان نفسأأأه يتزيا بزي مالك النور فليس بغريب أن يتزيا خدمه بزي خدم‬

‫‪ 01‬يدل على ذلك إن بولس لم يذكره مع من ذكرهم من اتباعه الذين هم من اصل يهودي في رسالته إلى أهل كولوسي‬
‫(‪45 :1‬و‪ ،)44‬باإلضافة إلى إن لديه اسمين غير يهوديين‪.‬‬
‫‪ 15‬أعمال الرسل ( ‪.) 3-4 :41‬‬
‫‪ 14‬رسالة بولس إلى أهل غالطية ( ‪1 :4‬و‪.) :‬‬
‫‪28‬‬
‫البر ولكن عاقبتهم تكون على قدر أعمالهم)‪ ،‬ثم يعود ليبين إن أصأأأحاب الدعـأأأأأأأأوات المخالفـأأأأأأأأة‬
‫ظموا‬ ‫لدعوتـأأأأأأأأأه هم أكابر الرسأأأل فيقول في (‪{ )44:42‬الكاثوليكية}‪( :‬فكان من حقي عليكم أن ت ُ َع ِ ّ‬
‫شأني ولستُ أق ُل شأنا ً من أولئك الرسل األكابر)‪.‬‬
‫ويشأأأأأأير بولس الى ان اصأأأأأأحاب الدعوات المخالفة لدعوته قد حققوا نجاحا ً ادى الى فقدانه نفوذه‬
‫العقائدي في اسيا حيث يقول في (‪{)::4‬الكاثوليكية}‪( :‬فانّا النريد أيها االخوة ان تجهلوا الشدَّة التي‬
‫أل َّمت بنا في اسيا فثقُلَت علينا جدا ً وجاوزت طاقتنا حتى يئسنا من الحياة)‪.‬‬

‫‪ )1‬رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس‪..‬كتبها حوالي سنة ‪11‬م‪ ،‬قبل مقتله بسنة واحدة‪.‬‬
‫يعترف فيها بحدوث االنشقاق بينه وبين تالميذ يسوع المسيح وهم كنيسة أورشليم وكنيسة إنطاكية‬
‫س‬‫فيقول في (‪{)40:4‬الكاثوليكية}‪( :‬أنت تعرف ان جميع الذيـأأأأأن في اسـأأأأأيا تخلّو عني ومنهم فيجلُّ ُ‬
‫وهرموجينيس)‪.‬‬

‫وهكذا يتضأأأح جليا ً وجود الخالف العقائدي بين أكابر الرسأأأل قادة اليهود المسأأأيحيين وبين بولس‪،‬‬
‫بين الذين رأوا يسأأوع المسأأيح وآمنوا به من جهة وبين من اضأأطهد يسأأوع وحاول صأألبه وقتله ثم‬
‫ابتدع األيمان بأنَّه "ابن اإلله"‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬

‫ومن المهم الرجوع الى نص رسالة بولس الى اهل غالطية حيث يشير فيها بولس الى ان بطرس‬
‫من اليهود وانه هو نفسه كان يعتبر نفسه من اليهود ايضاً‪ ،‬وهو االمر المتعارف في زمانهم‪ ،‬فهم‬
‫بإيمانهم بالمسيح لم يخرجوا من دائرة اليهودية‪ .‬ففي (‪( :)43:2‬وراءى معه باقي اليهود أيضا‪،‬‬
‫حتى إن برنابا أيضا انقاد إلى ريائهم)‪ .‬وفي (‪ )41:2‬يقول بولس لبطرس‪( :‬إن كنت وأنت يهودي‬
‫تعيش أمميا ال يهوديا‪ ،‬فلماذا تلزم األمم أن يتهودوا؟)‪ .‬ويقول بولس في (‪( :)40:2‬نحن بالطبيعة‬
‫يهود ولسنا من األمم خطاة)‪.‬‬
‫هكذا كان تالميذ المسيح واتباعهم ينظرون الى انفسهم كيهود مسيحيين‪ ،‬يهود مؤمنين بالمسيح‪،‬‬
‫وليس كباقي اليهود الفريسيين والصدوقيين‪ ،‬الى ان نجح بولس من خالل دعوته الى فصل اتباعه‬
‫من الجسد اليهودي معلنا ً نشوء الدين المسيحي المفصول تماما ً عن شريعة التوراة‪.‬‬

‫‪ ‬بخصوص قضية نَيل االنسان للبِ ّر هل هو بااليمان ام باالعمال ام بكليهما‪ ،‬يذهب بولس الى‬
‫انه بااليمان وحده‪ ،‬فنجده يقول في رسالته (‪{ )41:2‬فاندايك}‪( :‬إذ نعلم أن اإلنسان ال يتبرر بأعمال‬
‫الناموس‪ ،‬بل بإيمان يسوع المسيح‪ ،‬آمنا نحن أيضا بيسوع المسيح‪ ،‬لنتبرر بإيمان يسوع ال بأعمال‬
‫الناموس‪ .‬ألنه بأعمال الناموس ال يتبرر جسد ما)‪.‬‬
‫ُبر ألنه يعمل بأحكام الشريعة‪ ،‬بل ّ‬
‫ألن‬ ‫وفي ترجمة الطبعة الكاثوليكية‪( :‬فنحن نعلم أن االنسان ال ي ّ‬
‫له اإليمان بيسوع المسيح‪ ،‬ونحن أيضا ً آمنّا بيسوع المسيح كما يَبَ َّرنا االيمان بالمسيح‪ ،‬ال العمل‬
‫بأحكام الشريعة‪ ،‬فإنَّه ال يُبَ ُّر ٌ‬
‫بشر لعمله بأحكام الشريعة)!‬
‫وهذا الموضوع احد نقاط الخالف بين تعاليم بولس وتعاليم اليهود المسيحيين‪ ،‬حيث نقرأ في رسالة‬
‫يعقوب ما يبيّن ان االنسان ينال البر بااليمان واالعمال‪ ،‬فيقول في (‪( :)41 :2‬ما المنفعة يا إخوتي‬
‫إن قال أحد إن له إيمانا ً ولكن ليس له أعمال‪ ،‬هل يقدر اإليمان أن يخلصه؟)‪ .‬وفي (‪:)21-4: :2‬‬
‫(لكن يقول قائل‪« :‬أنت لك إيمان‪ ،‬وأنا لي أعمال» أرني إيمانك بدون أعمالك‪ ،‬وأنا أريك بأعمالي‬
‫إيماني‪ .‬أنت تؤمن أن هللا واحد‪ .‬حسنا تفعل‪ .‬والشياطين يؤمنون ويقشعرون! ولكن هل تريد أن تعلم‬

‫‪29‬‬
‫أيها اإلنسان الباطل أن اإليمان بدون أعمال ميت؟ ألم يتبرر إبراهيم أبونا باألعمال‪ ،‬إذ قدم إسحاق‬
‫ابنه على المذبح؟ فترى أن اإليمان عمل مع أعماله‪ ،‬وباألعمال أكمل اإليمان‪ ،‬وتم الكتاب القائل‪:‬‬
‫«فآمن إبراهيم باهلل فحسب له برا» ودعي خليل هللا‪ .‬ترون إذا أنه باألعمال يتبرر اإلنسان‪ ،‬الباإليمان‬
‫وحده‪ .‬كذلك راحاب الزانية أيضا‪ ،‬أما تبررت باألعمال‪ ،‬إذ قبلت الرسل وأخرجتهم في طريق آخر؟‬
‫ألنه كما أن الجسد بدون روح ميت‪ ،‬هكذا اإليمان أيضا بدون أعمال ميت)‪.‬‬

‫وألن كالم بولس غير قابل للتطبيق‪ ،‬فقد عمدت الكنائس المسيحية الى وضع شريعة جديدة بدالً من‬
‫شريعة التوراة ولم يتمكنوا من االستغناء عن وجود الشريعة بتاتاً! وابرز مثال هو انهم حينما ألغوا‬
‫الختان استعاضوا عنه بالمعمودية‪ ،‬ثم اختلفت الكنائس هل تتم المعمودية بالماء ام بوضع اليد على‬
‫الرأس فقط! ووضعوا شريعة جديدة بتفاصيل متشعبة بدالً من شريعة التوراة! مع ان شريعتهم‬
‫وضعية وضعها القساوسة لهم بينما شريعة التوراة إلهية! فعلى سبيل المثال نجد في الالهوت الطقسي‬
‫شرعوه ألنفسهم‪:‬‬ ‫ضمن طقوس الكنيسة القبطية عناوين لبعض ما ّ‬

‫أسرار الكنيسة السبعة‪:‬‬


‫‪ )4‬سر اإلفخارستيا ‪ -‬القداس اإللهي‬
‫• تأمالت في القداس اإللهي‬
‫• رفع بخور عشية وباكر‬
‫• القداس الباسيلى‬
‫• القداس الغريغوري‬
‫• القداس الكيرلسي‬
‫• صلوات القسمة‬
‫• مردات الشماس‬
‫‪ )2‬سر الكهنوت‬
‫• رتب الكهنوت‬
‫‪ )3‬سر المعمودية‬
‫‪ )1‬سر الميرون المقدس‬
‫‪ )0‬سر التوبة واإلعتراف‬
‫‪ )1‬سر مسحة المرضى‬
‫‪ ):‬سر الزيجة ‪ -‬اإلكليل المقدس‬
‫طقس قداس المياه ( قداس اللقان )‬
‫خدمة النيل‬
‫طقس الجناز‬
‫• صالة اليوم الثالث‬
‫طقس إستقبال الكاهن الجديد‬
‫طقس بناء وتدشين الكنائس‬
‫• اللوح المقدس‬
‫• صلوات التبريك‬
‫• صالة أبوتربو‬
‫• الدراسات الطقسية‬

‫‪30‬‬
‫• تأمالت في القراءات الكنسية‬
‫مصطلحات كنسية‬ ‫•‬
‫• التقويم القبطي وحساب األبقطي‬
‫• درجة الشماسية‬
‫• سالسل الدراسات الطقسية‬
‫قسم األلحان‬ ‫•‬
‫• لحن الهيتينيات‬
‫• ألحان عيد الميالد المجيد‬
‫• الترانيم الروحية‬
‫• التسبحة السنوية‬
‫• الطروحات اآلدام‬
‫• اإلبصاليات الواطس‬
‫• اإلبصاليات اآلدام‬
‫• الطروحات الواطس‬
‫• ألحان أسبوع اآلالم‬
‫• لحن كيه إيبرتو‬
‫• لحن طاي شوري الحزايني‬
‫• أمانة اللص‬
‫• المدائح والتماجيد‬
‫كتب القراءات الكنسية‬ ‫•‬
‫• السنكسار‬
‫• سالسل كتب الطقوس‬
‫• قطمارس األيام‬
‫• قطمارس الخماسين المقدسة‬
‫• قطمارس الصوم الكبير‬
‫• قطمارس صوم يونان‬
‫• قطمارس قراءات اآلحاد‬
‫• اإلبصلمودية الكيهكية‬
‫• الخوالجي المقدس‬
‫• كتب صلوات التجنيز‬
‫• دالل أسبوع اآلالم‬
‫• الدفنار‬
‫• األجبية‬
‫• صالة باكر‬
‫• صالة الساعة الثالثة‬
‫• صالة الساعة السادسة‬
‫• صالة الساعة التاسعة‬
‫• صالة الساعة الحادية عشر ‪ -‬الغروب‬
‫• صالة الساعة الثانية عشر ‪ -‬النوم‬
‫• صالة نصف الليل‬

‫‪31‬‬
‫• صالة الستار‬
‫• الثالث تقديسات‬
‫• اإلبصلمودية المقدسة السنوية‬
‫• اإلبصاليات‬
‫• تأمالت في االبصلمودية المقدسة السنوية‬
‫• الثيئوطوكيات‬
‫• الذكصولوجيات‬
‫أعياد الكنيسة القبطية‬ ‫•‬
‫األعياد الشهرية‬ ‫•‬
‫• تذكار العذراء مريم ‪ -‬الحادي و العشرين من كل شهر‬
‫• تذكار رئيس المالئكة ميخائيل ‪ -‬الثاني عشر من كل شهر‬
‫• تذكار البشارة و الميالد و القيامة ‪ -‬التاسع و العشرين من كل شهر‬
‫• األعياد غير السيدية‬
‫• تذكار أطفال بيت لحم‬
‫• عيد الرسل‬
‫• عيد النيروز‬
‫• أعياد الكنيسة القبطية مجمعة‬
‫• رأس السنة الميالدية‬
‫• الخماسين المقدسة‬
‫• األعياد السيدية الكبرى‬
‫• عيد القيامة المجيد‬
‫• عيد العنصرة ‪ -‬عيد حلول الروح القدس‬
‫• عيد الصعود‬
‫• عيد البشارة المجيد‬
‫• عيد الميالد المجيد‬
‫• عيد الغطاس ‪ -‬الثيئوفانيا ‪ -‬الظهور اإللهي‬
‫• أحد الشعانين ‪ -‬أحد السعف‬
‫• األعياد السيدية الصغرى‬
‫• خميس العهد‬
‫• عيد الختان‬
‫• عيد عرس قانا الجليل‬
‫• عيد أحد توما‬
‫• عيد دخول السيد المسيح الهيكل‬
‫• عيد التجلي‬
‫• عيد دخول السيد المسيح أرض مصر‬
‫• عيد الصليب‬
‫• أعياد القديسين‬
‫• أصوام الكنيسة القبطية‬
‫• صوم يومي األربعاء والجمعة‬
‫• صوم الميالد ‪ -‬شهر كيهك‬

‫‪32‬‬
‫صوم يونان ‪ -‬صوم نينوى‬ ‫•‬
‫الصوم الكبير المقدس‬ ‫•‬
‫جمعة ختام الصوم‬ ‫•‬
‫أحد الرفاع‬ ‫•‬
‫أحد الكنوز‬ ‫•‬
‫أحد التجربة‬ ‫•‬
‫أحد االبن الضال‬ ‫•‬
‫أحد السامرية‬ ‫•‬
‫أحد المخلع‬ ‫•‬
‫أحد التناصير ‪ -‬المولود أعمى‬ ‫•‬
‫صوم السيدة العذراء مريم‬ ‫•‬
‫صوم اآلباء الرسل‬ ‫•‬
‫أسبوع اآلالم ‪ -‬البصخة المقدسة‬ ‫•‬
‫ليلة أبو غالمسيس ‪ -‬ليلة سبت النور‬ ‫•‬
‫إثنين البصخة المقدسة‬ ‫•‬
‫ثالثاء البصخة المقدسة‬ ‫•‬
‫أربعاء البصخة المقدسة‬ ‫•‬
‫الجمعة العظيمة‬ ‫•‬
‫سبت لعازر‬ ‫•‬

‫باالضافة الى ان اتباع بولس لم يتمكنوا من اهمال اسفار التوراة واالنبياء وبقية اسفار (التناخ)‬
‫اليهودي فأضافوها تحت عنوان (العهد القديم) الى االسفار القانونية التي يعترفون بها (العهد الجديد)‬
‫في مجلّد واحد أطلقوا عليه اسم (الكتاب المقدس)!‬
‫فكل ما نجح بولس في فعله هو قطع المسيحيين من جذورهم اليهودية وعباداتهم التوراتية وتشريع‬
‫شريعة جديدة وطقوس جديدة لهم! ‪ ...‬فما حدا مما بدا‪.‬‬

‫‪ ‬رفض بولس للعمل بشريعة التوراة‬


‫يصرح بولس بعقيدته الجديدة حيث يقول {فاندايك}‪( :‬ألن جميع الذين هم من أعمال‬ ‫ّ‬ ‫في غل (‪)45:3‬‬
‫ُ‬
‫الناموس هم تحت لعنة)‪ ،‬ونقرأها في الترجمة الكاثوليكية‪( :‬إن دعاة العمل بأحكام الشريعة لعنوا‬
‫جميعا ً)! فالموضوع بالنسبة لبولس ليس باعتناق بعض الوثنيين المسيحية ويجدون الختان او شريعة‬
‫بأن بولس كان رافضا ً لشريعة التوراة بر ّمتها‪ ،‬واعتبر ايمانه‬
‫التوراة صعبة التطبيق‪ ،‬بل الموضوع َّ‬
‫الجديد سببا ً لترك االيمان اليهودي وشريعة التوراة‪ ،‬ولذلك كان يقول‪( :‬كل األشياء تحل لي)‪،12‬‬
‫ولذلك ايضا ً نجده كان يعلم اليهود ترك العمل بالتوراة كما تركها هو نفسه‪ .‬وكالمه في هذا النص‬
‫عام يشمل المؤمنين بالمسيح من اليهود والوثنيين‪.‬‬

‫العالقة بين الشريعة وااليمان عند بولس‬ ‫‪‬‬

‫‪ 12‬رسالة بولس االولى الى اتباعه في مدينة كورنثوس (‪.)42:1‬‬


‫‪33‬‬
‫في غل (‪{ )21-41 :3‬فاندايك}‪( :‬وأما المواعيد فقيلت في إبراهيم وفي نسله‪ .‬ال يقول‪« :‬وفي‬
‫األنسال» كأنه عن كثيرين‪ ،‬بل كأنه عن واحد‪« :‬وفي نسلك» الذي هو المسيح‪ .‬وإنما أقول هذا‪ :‬إن‬
‫الناموس الذي صار بعد أربعمئة وثالثين سنة‪ ،‬ال ينسخ عهدا قد سبق فتمكن من هللا نحو المسيح‬
‫حتى يبطل الموعد‪ .‬ألنه إن كانت الوراثة من الناموس‪ ،‬فلم تكن أيضا من موعد‪ .‬ولكن هللا وهبها‬
‫إلبراهيم بموعد‪ .‬فلماذا الناموس؟ قد زيد بسبب التعديات‪ ،‬إلى أن يأتي النسل الذي قد وعد له‪ ،‬مرتبا‬
‫بمالئكة في يد وسيط‪ .‬وأما الوسيط فال يكون لواحد‪ .‬ولكن هللا واحد‪ .‬فهل الناموس ضد مواعيد هللا؟‬
‫حاشا! ألنه لو أعطي ناموس قادر أن يحيي‪ ،‬لكان بالحقيقة البر بالناموس‪ .‬لكن الكتاب أغلق على‬
‫الكل تحت الخطية‪ ،‬ليعطى الموعد من إيمان يسوع المسيح للذين يؤمنون‪ .‬ولكن قبلما جاء اإليمان‬
‫كنا محروسين تحت الناموس‪ ،‬مغلقا علينا إلى اإليمان العتيد أن يعلن‪ .‬إذا قد كان الناموس مؤدبنا‬
‫إلى المسيح‪ ،‬لكي نتبرر باإليمان‪ .‬ولكن بعد ما جاء اإليمان‪ ،‬لسنا بعد تحت مؤدب‪ .‬ألنكم جميعا أبناء‬
‫هللا باإليمان بالمسيح يسوع‪ .‬ألن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح‪ :‬ليس يهودي وال‬
‫يوناني‪ .‬ليس عبد وال حر‪ .‬ليس ذكر وأنثى‪ ،‬ألنكم جميعا واحد في المسيح يسوع‪ .‬فإن كنتم للمسيح‪،‬‬
‫فأنتم إذا نسل إبراهيم‪ ،‬وحسب الموعد ورثة)‪.‬‬
‫وفي ترجمة الطبعة الكاثوليكية نقرأ النص نفسه بمعاني اوضح‪( :‬على ان المواعيد قد ُوج ِهت الى‬
‫ابراهيم والى نسله‪ ،‬ولم يقل‪" :‬الى انساله" بصيغة الجمع‪ ،‬بل "الى نسله" بصيغة المفرد‪ ،‬اي المسيح‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬إن عهدا ً أثبته هللا ال تنقضه شريعة جاءت بعد اربعمائة وثالثين سنة فتبطل الموعدة‪ .‬فإذا‬
‫كان الميراث يحصل عليه في الشريعة فإنه ال يحصل عليه بالوعد وقد انعم هللا على ابراهيم بموعدةٍ‬
‫وعده اياها‪ .‬فما معنى الشريعة؟ إنها أضيفت بداعي المعاصي الى ان يأتي النسل الذي ُج ِع َل له‬
‫الموعد‪ .‬اعلنها المالئكة على يد وسيط‪ ،‬والواحد ال وسيط له‪ ،‬وهللا واحد‪ .‬أفتُخالف الشريعة مواعد‬
‫هللا؟ حاشى لها! ألنه لو أعطيت شريعةٌ بوسعها أن تحيي‪ ،‬لص ّح أن ال ِبر يحصل عليه بالشريعة‪.‬‬
‫ولكن الكتاب أغلق على كل شيء وجعله في حكم الخطيئة ليوهب الوعد للمؤمنين إليمانهم بيسوع‬
‫المسيح‪ .‬فقبل ان يأتي االيمان‪ ،‬كان مغلقا ً علينا بحراسة الشريعة الى أن يتجلّى االيمان المنتظر‪.‬‬
‫فالشريعة كانت مؤديا ً لنا الى مجيء المسيح لننال البر بااليمان‪ .‬فلما جاء االيمان‪ ،‬لم نبقَ في حراسة‬
‫المؤدِّب‪ ،‬ألنكم جميعا ً أبناء هللا بااليمان بالمسيح يسوع‪ ،‬فإنّكم‪ ،‬وقد اعتمدتم جميعا ً في المسيح‪ ،‬قد‬
‫لبستم المسيح‪ :‬فلم يبقَ من بعد يهودي أو يوناني‪ ،‬عبد أو حر‪ ،‬ذكر وانثى‪ ،‬ألنكم جميعا ً واحدٌ في‬
‫المسيح يسوع‪ .‬فإذا كنتم للمسيح فأنتم إذا رسل ابراهيم وأنتم الورثة على ما قضى الوعد)‪.‬‬

‫ويمكن تلخيص اهم معطيات النص باآلتي‪:‬‬


‫‪ ‬وعد ابراهيم ونسله‪.‬‬
‫‪ ‬الشريعة جاءت بعد ‪ 135‬سنة من الوعد‪.‬‬
‫‪ ‬الشريعة كانت مؤدِّب وطريق الى ما قبل مجيء المسيح‬
‫‪ ‬بمجيء المسيح اصبح البر بااليمان‬
‫‪ ‬المسيحيون هم ورثة الوعد‬

‫وجاء في الكتاب المقدس الدراسي‪( :‬يكاد يرتقي سجين الناموس الى سجين الخطيئة (اآلية‪ ،)22‬ألن‬
‫الشريعة تكشف الخطيئة وتثيرها‪ ،‬انظر اآلية ‪ 41‬والتعليق‪ ،‬قارن بما جاء في كو ‪)25:2‬‬
‫وتعليقه على الجملة (‪ )41‬هو قوله‪( :‬إظهارا ً للمعاصي‪ :‬ليستعلنها بل أيضا ً يزيدها)‪.‬‬
‫وما جاء في كورنثوس (‪{ )23-25:2‬فاندايك} هو‪( :‬إذا إن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان العالم‪،‬‬
‫فلماذا كأنكم عائشون في العالم؟ تفرض عليكم فرائض‪« :‬ال تمس! وال تذق! وال تجس!» التي هي‬

‫‪34‬‬
‫جميعها للفناء في االستعمال‪ ،‬حسب وصايا وتعاليم الناس‪ ،‬التي لها حكاية حكمة‪ ،‬بعبادة نافلة‪،‬‬
‫وتواضع‪ ،‬وقهر الجسد‪ ،‬ليس بقيمة ما من جهة إشباع البشرية)‪.‬‬
‫ونفس النص في ترجمة الكاثوليكية‪( :‬فأ ّما وقد ُمتُّم مع المسيح متخلّين عن اركان العالم‪ ،‬فما بالكم‪،‬‬
‫تمس"‪ ،‬وتلك‬
‫ّ‬ ‫كما لو كنتم عائشين في العالم‪ ،‬تخضعون لمثل هذه النواهي‪" :‬ال تأخذ‪ ،‬ال تذق‪ ،‬ال‬
‫االشياء كلها تؤول باالستعمال الى الزوال؟ إنها وصايا ومذاهب بشرية معروفة بالحكمة لما فيها‬
‫من نَ ْف ٍل‪ 13‬وتواضع وقلّة مراعاة الجسد‪ ،‬ولكن ال قيمة لها ألنها غير صالحة اال إلرضاء الهوى‬
‫البشري)‪.‬‬

‫وفي "التفسير التطبيقي للكتاب المقدس" في التعليق على غل (‪4: :3‬و‪( :)41‬للناموس وظيفتان‪:‬‬
‫فمن الناحية االيجابية‪ ،‬يعلن طبيعة هللا ومشيئته‪ ،‬ويبين للناس كيف يعيشون‪ .‬ومن الناحية السلبية‪،‬‬
‫يبرز خطايا الناس ويريهم انه من المستحيل إرضاء هللا بإطاعة كل نواميسه بالتمام‪ .‬لقد كان وعد‬
‫هللا إلبراهيم على اساس إيمانه‪ ،‬بينما يركز الناموس على االفعال‪ .‬فالعهد مع ابراهيم يثبت ان اإليمان‬
‫هو الطريق الوحيد للخالص‪ ،‬أما الناموس فيبين لنا كيف نحيا حياة الخالص‪ ،‬فااليمان ال يلغي‬
‫الناموس‪ ،‬ولكن كلما زادت معرفتنا باهلل‪ ،‬نكتشف كم نحن خطاة‪ ،‬فنجد انه ال سبيل امامنا سوى‬
‫االستناد على إيماننا بالمسيح وحده للخالص)‪.‬‬
‫وفي تعليقه على غل (‪( :)25:3‬هذا سبب آخر يقدمه الرسول بولس إلثبات سمو عهد ابراهيم‬
‫(االيمان) على نواميس موسى (االعمال) للخالص‪ ،‬بينما عكس التهوديون األمور‪ .‬ان النواميس‬
‫نبعت من االيمان ولم تكن شرطا ً له‪ ،‬وبالمثل فإن حياة االستقامة ليست شرطا ً لاليمان‪ ،‬ولكنها نتيجة‬
‫له‪ .‬عندما ندرك قوة االيمان في التغيير‪ ،‬فالبد ان نسعى ألن نحيا بصورة تُظهر هذا التغيير)‪.‬‬

‫فالنصوص المنسوبة الى بولس‪ ،‬والنصوص الشارحة لها‪ ،‬تفترض ان الشريعة هي مرحلة خارج‬
‫اطار االيمان‪ ،‬وان االيمان جاء مع المسيح! وهذه الفكرة تتناقض أو على االقل ال تنسجم مع المزاعم‬
‫بأن العهد القديم جاء بنصوص تشير الى المسيح ومجيئه! وكأنما الشريعة خالية من المضامين‬ ‫القائلة َّ‬
‫االيمانية!! ويقولون ان ابراهيم نال الوعد إليمانه فقط‪ ،‬متجاهلين المواقف واالفعال العظيمة للنبي‬
‫حطم اصنام قومه وما في ذلك‬ ‫ابراهيم (عليه السالم) والتي كشفت عن عمق إيمانه‪ ،‬كموقفه حينما ّ‬
‫من جرأة وخطورة كبيرة وكيف كان محتسبا ً ومتفانيا ً في سبيل هللا حينما اراد قومه رميه في النار‬
‫عقابا ً له على تحطيمه االصنام‪ ،‬وكذلك موقفه بإطاعته أمر هللا بأن يذبح ابنه وامتثاله لهذا األمر بكل‬
‫طواعية‪ .‬فالعهد والوعد الذي حصال عليه النبي ابراهيم (عليه السالم) إنما كان بإيمانه وأفعاله‪ ،‬لكن‬
‫هذه النصوص التي نقلناها تغفل ذلك!!‬
‫والشريعة في نظر بولس هي مجرد احكام تحمي االنسان من الخطيئة او تكون هي سببا ً للخطيئة‬
‫بحسب نص آخر لبولس‪ ،‬إذ يقول أنَّه بال شريعة يكون االنسان بال خطيئة!! ثم يظن ان االيمان هو‬
‫مصدر ال ِب ّر‪ .‬وغاب عن بولس ما هو حال الفترة طيلة الـ ‪ 135‬سنة بين الوعد وظهور الشريعة!‬
‫هل كان االنسان بدون شريعة وبجدون ايمان! ام كانت لديه شريعة غير تلك الشريعة وايمان غير‬
‫البر باالسمان بعد مجيء المسيح فلماذا وضعت المجامع‬ ‫ذلك االيمان! ثم إذا صح ان االنسان ينال ّ‬
‫المسيحية ورجال الدين المسيحيون هذا الكم الهائل من الشريعة المسيحية الجديدة بتفاصيلها التي‬
‫توازي في تعقيدها شريعة التوراة!!‬
‫وهل كان زمن الشريعة خاليا ً من ال ِب ّر! هل كان زمن موسى ويوشع والقضاة واشعياء وارميا‬
‫وحزقيال ودانيال وايوب ويونان خاليا ً من ال ِب ّر وااليمان!!‬

‫‪ 13‬في هامش الطبعة الكاثوليكية‪ ،‬نَ ْف ٍل‪ :‬ما يفعله االنسان زيادة على ما تفرضه الشريعة‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫البر بااليمان وحده دون‬
‫وتقيّمنا لهذ النص انه سفسطائي الغرض منه االنتصار لعقيدة بولس في ان ّ‬
‫االعمال خالفا ً لعقيدة اليهود المسيحيين الذين تمثلهم رسالة يعقوب المذكورة في العهد الجديد والتي‬
‫تنص على ان البر هو بااليمان واالعمال الصالحة‪.‬‬

‫‪ ‬صراع على إيمان أهل غالطية‬


‫في غل (‪ )25-42 :1‬يكشف النص عن جانب من الصراع بينه وبين قادة اليهود المسيحيين في‬
‫االستحواذ على ايمان اهل غالطية‪ ،‬حيث يقول {فاندايك}‪( :‬أتضرع إليكم أيها اإلخوة‪ ،‬كونوا كما أنا‬
‫ألني أنا أيضا كما أنتم‪ .‬لم تظلموني شيئا‪ .‬ولكنكم تعلمون أني بضعف الجسد بشرتكم في األول‪.‬‬
‫وتجربتي التي في جسدي لم تزدروا بها وال كرهتموها‪ ،‬بل كمالك من هللا قبلتموني‪ ،‬كالمسيح يسوع‪.‬‬
‫فماذا كان إذا تطويبكم؟ ألني أشهد لكم أنه لو أمكن لقلعتم عيونكم وأعطيتموني‪ .‬أفقد صرت إذا عدوا‬
‫لكم ألني أصدق لكم؟ يغارون لكم ليس حسنا‪ ،‬بل يريدون أن يصدوكم لكي تغاروا لهم‪ .‬حسنة هي‬
‫الغيرة في الحسنى كل حين‪ ،‬وليس حين حضوري عندكم فقط‪ .‬يا أوالدي الذين أتمخض بكم أيضا‬
‫إلى أن يتصور المسيح فيكم‪ .‬ولكني كنت أريد أن أكون حاضرا عندكم اآلن وأغير صوتي‪ ،‬ألني‬
‫متحير فيكم)‪.‬‬
‫وقد جاء في "الكتاب المقدس الدراسي" التعليق التالي على (‪( :)4::1‬إن اولئك المعلمين‪ .‬يقصد‬
‫المتهودين)‪.‬‬
‫وفي "التفسير التطبيقي للكتاب المقدس" في التعليق على نفس الجملة (‪( :)4::1‬ادَّعى اولئك‬
‫المعلمون الكذبة أنهم أصحاب سلطات دينية وانهم خبراء باليهودية وبالمسيحية‪ .‬واذ استغلوا رغبة‬
‫المؤمنين في عمل الصواب‪ ،‬استطاعوا أن يجذبوا وراءهم مجموعة من االتباع‪ .‬لكن الرسول بولس‬
‫قال انهم مخطئون ودوافعهم انانية‪ .‬وكثيرا ً ما يكون المعلمون الكذبة اناسا ً محترمين وقادرين على‬
‫االقناع‪ ،‬ولهذا يلزم فحص كل تعليم في ضوء الكتاب المقدس)‪.‬‬
‫فهذه النصوص تكشف بوضوح ان الصراع كان بين بولس وعقيدة البر بااليمان من جهة واليهود‬
‫المسيحيين وعقيدتهم البر بااليمان واالعمال معاً‪.‬‬

‫‪ ‬صراع مستمر بين دعاة الشريعة ودعاة االيمان‬


‫في غل (‪{ )21:1‬فاندايك}‪( :‬ولكن كما كان حينئذ الذي ولد حسب الجسد يضطهد الذي حسب الروح‪،‬‬
‫هكذا اآلن أيضا)‪ .‬وهذا النص يدور ايضا ً في فلك الصراع بين بولس واليهود المسيحيين‪.‬‬
‫وجاء التعليق التالي في هامش الطبعة الكاثوليكية‪( :‬جاء في بعض كتب التفسير اليهودية ان اسماعيل‬
‫كان يضطهد اسحاق‪ ،‬فاسماعيل يمثل الذين يضطهدون المسيحيين ويريدون اخضاعهم للختان‬
‫واحكام شريعة موسى فال بد من طردهم كما طرد اسماعيل)!‬
‫وقال بولس الفغالي في هامش الطبعة الرعائية للترجمة العربية المشتركة في التعليق على (‪:)21:1‬‬
‫( تروي التقاليد اليهودية ان اسماعيل {بحكم الجسد} اضطهد اسحاق {بحكم الروح}‪ .‬وذاك هو‬
‫الوضع اآلن‪ ،‬حيث المسيحيون المتهودون "يضطهدون" الوثنيين الذين صاروا أبناء الوعد بعد ان‬
‫ووسموا بالعماد)‪ .‬وفي تعليقه على (‪ )35:1‬قال‪( :‬وانطلق بولس من الكتاب {تك‬ ‫نالوا االيمان ُ‬
‫ّ‬
‫‪ }45:24‬فدعا الغالطييّن الى طرد هاجر التي تمثل المتهودين‪ ،‬من الكنيسة‪ ،‬واالبتعاد عنهم)‪.‬‬
‫ومن المفيد ان نتوسع في نقل تعليقات بولس الفغالي على العبارات التالية‪ ،‬حيث نجده يقول في‬
‫تعليقه على (‪( :)34:1‬المؤمنون هم ابناء ابناء الوعد ويعيشون في االيمان {‪ .}21 ،: :3‬فما عاد‬
‫للشريعة من سلطة عليهم وال هي تستطيع بعد ان تستعبدهم)‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫وتعليقه على (‪( :)4:0‬ا ّما الحريّة التي يتحدّث عنها الرسول‪ ،‬فانعتاق من نير الشريعة وبالتالي نير‬
‫الخطيئة‪ .‬ونير الشريعة هو في النهاية نير العبودية الثقيل‪ ،‬تجاه نير المسيح اللّين وحمله الخفيف)‪.‬‬
‫والتعليق التالي في هامش الكاثوليكية على نفس (‪( :)4:0‬ال يستطيع المسيحي ان يجمع بين التمسك‬
‫بأحكام شريعة موسى وااليمان بأن الخالص يأتينا من السيد المسيح‪ ،‬فال بد له من اختيار احد‬
‫األمرين)!‬
‫وتعليق بولس الفغالي على (‪َ ( :)::0‬من الذي أغرى الغالطيين؟ أهو المسيح أم بولس الرسول؟ بل‬
‫المتهودون الذين يريدونهم أن يعودوا الى ممارسة الشرائع الموسوية)‪.‬‬
‫ّ‬
‫وجاء التعليق التالي على (‪ )24:1‬في هامش التفسير التطبيقي للكتاب المقدس‪( :‬وكانت إساءة هاجر‬
‫لسارة {تك ‪ }1:41‬شبيهة باالضطهاد الذي عاناه المسيحيون األمم من التهوديين الذين أصروا‬
‫على حفظ الناموس للخالص‪ ،‬ولكن انتصرت سارة أخيراً‪ ،‬ألن أبنها كان ابن الموعد من هللا)!‬
‫فكل هذه النصوص تكشف عن وجود صراع بين بولس وقادة اليهود المسيحيين‪ ،‬وأبرز ما نقرأه‬
‫فيها وصفها الشريعة بانها سجن للعبوديّة!! متناسين ما نسبه انجيل متى (‪ )41-4: :0‬للمسيح من‬
‫قوله (فاندايك)‪ ( :‬ال تظنوا أني جئت ألنقض الناموس أو األنبياء‪ .‬ما جئت ألنقض بل ألكمل‪ .‬فإني‬
‫الحق أقول لكم‪ :‬إلى أن تزول السماء واألرض ال يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس‬
‫حتى يكون الكل‪ .‬فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا‪ ،‬يدعى أصغر في‬
‫ملكوت السماوات‪ .‬وأما من عمل وعلم‪ ،‬فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات)‪.‬‬
‫فمن الذي نقض وصايا الشريعة سوى بولس واتباعه؟! ومن الذي "عمل وعلم" سوى اليهود‬
‫المسيحيين!‬

‫‪ ))4‬رسالة بولس االولى الى اتباعه في مدينة كورنثوس (‪4‬كور)‬


‫ان بولس زار هذه‬‫يضع سفر اعمال الرسل بولس في كورنثوس لمدة ‪ 4:‬شهر‪ ،‬ويقدر ديفيد سيلفا َّ‬
‫المدينة في اواخر سنة ‪05‬م ومكث فيها الى اوائل سنة ‪02‬م‪ .11‬وهناك احتمال كبير ان تكون رسالتا‬
‫تسالونيكي االولى والثانية قد كتبتا فيها‪.10‬‬
‫اما رسالتاه الى اهل هذه المدينة فهما في الفترة حوالي سنة (‪)0:‬م‪ .‬االولى كتبها في أفسس والثانية‬
‫كتبها في مكدونية‪ .‬وهما من الرسائل االربع ذات الموثوقية بان بولس هو كاتبها بحسب بعض‬
‫علماء المسيحية‪.‬‬

‫وأهم االثارات في هذه الرسالة‪:‬‬


‫‪ ‬انقسام إيمان اهل كورنثوس واختالفهم حول الصليب‬
‫وقد شمل هذا القسم في الرسالة ‪4‬كور(‪ .)25:1 – 45:4‬يقول بولس (‪( :)42-45 :4‬ولكنني أطلب‬
‫إليكم أيها اإلخوة‪ ،‬باسم ربنا يسوع المسيح‪ ،‬أن تقولوا جميعكم قوال واحدا‪ ،‬وال يكون بينكم انشقاقات‪،‬‬
‫بل كونوا كاملين في فكر واحد ورأي واحد‪ ،‬ألني أخبرت عنكم يا إخوتي من أهل خلوي أن بينكم‬

‫‪ 11‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.433‬‬


‫‪ 10‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.433‬‬
‫‪36‬‬
‫خصومات‪ .‬فأنا أعني هذا‪ :‬أن كل واحد منكم يقول‪« :‬أنا لبولس»‪ ،‬و«أنا ألبلوس»‪ ،‬و«أنا لصفا»‪،‬‬
‫و«أنا للمسيح»)‪.‬‬
‫وهذا النص يكشف الصراع بين بولس من جهة وزعماء المسيحيين اليهود من جهة اخرى‪ .‬واإل فإن‬
‫ظاهر ما جاء في اعمال الرسل ان بولس كان متعاونا ً مع بطرس ويعقوب وبرنابا وبقية اكابر‬
‫الرسل‪ ،‬فكيف يحدث االنشقاق لوال ان لكل من الطرفين دعوة تختلف عن الطرف اآلخر! ولذلك‬
‫يؤكد بولس في هذه الرسالة (‪ )23:4‬انه ينادي بمسيح مصلوب‪ ،‬قال‪( :‬نحن نكرز بالمسيح مصلوبا ً)‪،‬‬
‫ألن الطرف اآلخر ال يعترفون بصلب المسيح فقد ظهر لهم واخبرهم بنجاته‪.‬‬
‫بأن المسيح مات مصلوباً‪ ،‬فيقول كما في ‪4‬كور(‪( :)4::4‬ألن الكالم على‬ ‫ويؤكد بولس عقيدته َّ‬
‫الصليب حماقة عند الذين يسلكون سبيل الهالك)‪ ،‬فمن هم هؤالء‪ ،‬بالتاكيد هو ال يقصد اليهود ألنهم‬
‫في ذلك الزمن كانوا يعترفون بأنهم صلبوا يسوع المسيح‪ ،‬فبالتأكيد هو يشير الى جماعة المسيحيين‬
‫اليهود الذين كان يختلف معهم في هذه القضية‪.‬‬

‫‪ ‬المسيح في مرتبة ادنى من اإلله‬


‫بولس المسي َح في مرتبة ادنى من هللا سبحانه‪ ،‬فيقول ‪4‬كور(‪( :)23:3‬وأما أنتم فللمسيح‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يضع‬
‫والمسيح هلل)‪ .‬ونجد هذه الفكرة في جميع رسائل بولس‪ ،‬فهو لم يكن يعتقد َّ‬
‫بأن المسيح مسا ٍو لإلله بل‬
‫هو ابن اإلله المولود منه والمرسل منه‪ ،‬وعقيدة بولس هذه هي العقيدة المسيحية االولى قبل تطورها‬
‫بفعل اآلباء المؤسسون للمسيحية فيما بعد حتى اصبح المسيح مساويا ً لإلله وحتى قيل عنه انه اإلله‬
‫نفسه! وجعل اإلله ثالثة أقانيم! فهذه االفكار المسيحية الحالية جميعها ً لم تكن موجودة في ذهن بولس‪،‬‬
‫وكل ما كان بولس يعتقده ان المسيح هو الرب ابن اإلله المولود عنه‪.‬‬

‫‪ ‬رفض بولس العمل بالتوراة حتى بالنسبة لليهود المسيحيين‬


‫يشير اليهم في ‪4‬كور(‪ ):-1 :0‬الى ترك العمل بالتوراة‪ ،‬فيقول لهم ان المسيح هو فصحهم بدالً من‬
‫الفصح اليهودي! مع انه في هذه الرسالة لم يكن يخاطب المسيحيين من اصل وثني فقط بل عامة‬
‫المسيحيين ومنهم المسيحيون اليهود‪ .‬وكذلك في (‪ )4:::‬حينما يقول لهم‪( :‬دعي أحد في الغرلة‪ ،‬فال‬
‫يختتن ) أي الذي يؤمن بالمسيح وهو غير مختون فال يختتن‪ ،‬وهذا بخالف شريعة التوراة‪ .‬وفي‬
‫(‪ )24:1‬يعلن صراحة رفضه للشريعة بقوله انه ليس من أهل الشريعة! وهو بهذا يخالف وصايا‬
‫المسيح التي نقلتها االناجيل‪ ،‬كما في انجيل متى (‪( :)41-4: :0‬ال تظنوا أني جئت ألنقض‬
‫الناموس‪ 11‬أو األنبياء‪ .‬ما جئت ألنقض بل ألكمل‪ .‬فإني الحق أقول لكم‪ :‬إلى أن تزول السماء‬
‫واألرض ال يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل‪ .‬فمن نقض إحدى هذه‬
‫الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا‪ ،‬يدعى أصغر في ملكوت السماوات‪ .‬وأما من عمل وعلم‪ ،‬فهذا‬
‫يدعى عظيما في ملكوت السماوات)‪ .1:‬وفي انجيل لوقا (‪( :)41:41‬ولكن زوال السماء واألرض‬
‫أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس)‪ !1:‬وهذا احد اسباب الخالف بينه وبين تالميذ المسيح‬
‫اكابر الرسل‪.‬‬

‫‪ ‬خطأ معرفي حول الختان!‬

‫‪ 11‬الناموس‪ :‬شريعة التوراة‪.‬‬


‫‪ 1:‬إنجيل متى (‪.)41-4: :0‬‬
‫‪ 1:‬إنجيل لوقا (‪.)41:41‬‬
‫‪38‬‬
‫في ‪4‬كور(‪{ )4:::‬فاندايك}‪( :‬دعي أحد وهو مختون‪ ،‬فال يصر أغلف‪ .‬دعي أحد في الغرلة‪ ،‬فال‬
‫يختتن)‪.‬‬
‫الختان)‪.‬‬
‫بن ِ‬ ‫ُعي أقلف فال يطلُ َّ‬ ‫َّ‬
‫يحاولن إزالة ختانه‪ ،‬وغن د َ‬ ‫ُعي مختون فال‬
‫وفي الكاثوليكية‪( :‬فإن د َ‬
‫وفي الهامش التعليق التالي‪( :‬كان بعض اليهود يجرون عملية جراحية لستر الختان مجاراة للوثنيين‬
‫الذين كانوا يزدرون المختونين ويسخرون منهم)‪.‬‬
‫وفي الحقيقة ال توجد عملية جراحية لستر الختان واعادة الغلفة في ذلك الوقت‪ .‬وهذا النص يكشف‬
‫عن ان كاتبه كان من الوثنيين المعتنقين لاليمان المسيحي ولم يكن يعرف ما هو الختان بصورة‬
‫فعلية‪ ،‬واال فموضوع إعادة الغلفة بعد ختانها لم يكن واردا ً ال في ذلك الزمان وال في زماننا هذا‪.‬‬
‫وفي الطبعة الرعائية للعهد الجديد قال األب بولس الفغالي‪( :‬ال يصبح الوثني يهودياً‪ ،‬وال يتخلّى‬
‫ي عن العالمة الخارجية ليهوديته {‪4‬مك ‪ ،40:4‬هكذا فعل بعض اليهود في زمن المكابيين})‪.‬‬ ‫اليهود ّ‬
‫وهذا النص يشير الى ما ورد في سفر المكابيين االول (‪{ )41:4‬اليسوعية}‪( :‬وعملوا لهم غلفا‬
‫وارتدوا عن العهد المقدس‪ ،‬ومازجوا األمم وباعوا أنفسهم لصنيع الشر)‪ .‬والظاهر ان المقصود بهذا‬
‫النص هو ان اليهود تركوا الختان فلم يعودوا يختتنون بالنسبة لالجيال الجديدة‪ ،‬وليس كما فهم بولس‬
‫{أو كاتب نص ‪4‬كور (‪ })4:::‬من ان اليهود اعادة الغلفة بعد ختانها! وهو أمر غير ممكن من‬
‫الناحية الواقعية خصوصا ً في تلك األزمنة‪.‬‬
‫أن هناك أزمة فهم عند كاتبه سواء كان بولس نفسه أو احد تالميذه‪ ،‬رغم ان هذه‬ ‫فهذا النص يكشف َّ‬
‫الرسالة (كورنثوس االولى) تصنَّف من قبل علماء المسيحية بأنَّها من الرسائل الموثوقة الصدور‬
‫عن بولس!‬

‫‪ ‬عقيدة بولس الثنائية‪ :‬إله واحد هو هللا‪ ،‬ورب واحد هو المسيح‬


‫في ‪4‬كور(‪( :)1::‬لكن لنا إله واحد‪ :‬اآلب الذي منه جميع األشياء‪ ،‬ونحن له‪ .‬ورب واحد‪ :‬يسوع‬
‫المسيح‪ ،‬الذي به جميع األشياء‪ ،‬ونحن به)‪.‬‬
‫وهي تختصر عقيدة بولس‪( :‬إله واحد هو األب‪ ،‬ورب واحد هو المسيح)‪ .‬فلم يكن بولس يؤمن‬
‫بالثالوث وال بشيء أسمه اقانيم ولم يرد في رسائله أيا ً من هذه التعابير‪.‬‬
‫وسنناقش هذه العبارة بتفصيل في كالمنا عن رسالة بولس الى تيطس (‪ ،)1:4‬لنرى ان آريوس كان‬
‫يستمد أفكاره من بولس‪ ،‬وأنَّه هو األقرب الى بولس في فكره المسيحي‪ ،‬ولنكتشف أن بولس لم يخرج‬
‫عن التوحيد بل خلطه مع شريك لإلله هو الرب المسيح‪ ،‬فكان يعتقد بوجود إله واحد‪ ،‬ولكن يرى ان‬
‫المسيح هو الرب الذي بواسطته خلق اإلله الكون!!‬

‫‪ ‬عبارات لعن تخالف مفاهيم المحبة والتسامح‬


‫في ‪4‬كور(‪{ )22:41‬فاندايك}‪( :‬إن كان أحد ال يحب الرب يسوع المسيح فليكن أناثيما! ماران أثا)‪.‬‬
‫وفي الكاثوليكية‪( :‬إن كان أحدٌ ال يحب الرب‪ ،‬فاللعنة عليه! "ماران أ َتا")‪ .‬وفي الهامش التعليق‬
‫التالي عن عبارة (ماران أ َتا)‪( :‬عبارة باللغة اآلرامية معناها "رب هل َّم" او "الرب آت")‪.‬‬
‫أن بولس‬‫وهذه العبارة غريبة جدا ً فهي تتعارض مع مفاهيم المحبة والتسامح المسيحية‪ ،‬وال ننسى َّ‬
‫ختم هذه الرسالة بخط يده‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ ))5‬رسالة بولس الثانية الى اتباعه في مدينة كورنثوس (‪2‬كور)‬
‫أن بولس كتبها حينما كان في مكدونية حوالي سنة ‪0:‬م‪ .‬ويقول بعض علماء‬ ‫يقول التقليد المسيحي َّ‬
‫المسيحية ان رسالة بولس الثانية الى أهل كورنثوس هي رسالة مركبة من عدّة رسائل في وق ٍ‬
‫ت ما‬
‫من قبل شخص مجهول الهوية!!‪ .11‬وهذا يعني إننا ال نجهل فقط من هو الذي قام يتجميع عدة‬
‫رسائل وابرازها كرسالة بولس الثانية الى اتباعه في كورنثوس‪ ،‬بل نجهل فيما اذا كانت الرسائل‬
‫أن معها رسائل ألشخاص آخرين من تالميذه‬ ‫التي تم تجميعها هي فعالً جميعها من كتابة بولس أم َّ‬
‫او من غيرهم!!‬
‫وهذه الرسالة ليست مرسلة الى كورنثوس وحدها بل الى آخائية (جنوب اليونان) أيضا ً وهو ما‬
‫يقوي انها أكثر من رسالة تم تجميعها!‬

‫وأهم اإلثارات في رسالته الثانية‪:‬‬


‫‪ ‬تعاليم تالميذ المسيح تخالف تعاليم بولس‬
‫تذكر الرسالة بوضوح ان أكابر الرسل تالميذ المسيح وهم زعماء المسيحيين اليهود يبشرون بتعليم‬
‫عن يسوع المسيح يختلف عن تعليمه‪ ،‬فيقول في ‪2‬كور(‪1 :44‬و‪{ )0‬فاندايك}‪( :‬فإنه إن كان اآلتي‬
‫يكرز بيسوع آخر لم نكرز به‪ ،‬أو كنتم تأخذون روحا آخر لم تأخذوه‪ ،‬أو إنجيال آخر لم تقبلوه‪ ،‬فحسنا‬
‫كنتم تحتملون‪ .‬ألني أحسب أني لم أنقص شيئا عن فائقي الرسل)‪ .‬وفي الكاثوليكية‪( :‬فلو جاءكم أحد‬
‫يبشركم بيسوع آخر لم نبشركم به ويعرض عليكم روحا غير الذي نلتموه وأنجيل غـير الـذي قبلتمـوه‬
‫الحتملتموه أحسـن احتمـال‪ ،‬وأرى أني لست أقل شأنا ً من أولئك الرسل األكابر)‪.‬‬
‫ثم يتّهم اولئك الرسل األكابر بأنهم رسل الشيطان!! فيقول (‪{ )40-43 :44‬الكاثوليكية}‪( :‬ألن مثل‬
‫هؤالء هم رسل كذبة‪ ،‬فعلة ماكرون‪ ،‬مغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح‪ .‬وال عجب‪ .‬ألن الشيطان‬
‫نفسه يغير شكله إلى شبه مالك نور! فليس عظيما إن كان خدامه أيضا يغيرون شكلهم كخدام للبر‪.‬‬
‫الذين نهايتهم تكون حسب أعمالهم)! وهذا يكشف عن الفجوة الكبيرة التي وصل اليها حاله مع قادة‬
‫اليهود المسيحيين في اورشليم‪.‬‬
‫وهو هنا يعترف بأن الشيطان يغير شكله الى شبه مالك نور‪ ،‬فما أدراه ان ما رآه وهو في طريقه‬
‫الى دمشق حينما كان يهوديا ً ليس بشيطان ظهر له ليغيّر إيمانه ويؤسس دين المسيحية الجديد!!‬

‫‪ ‬تجاهل كاتب اعمال الرسل لصعوبات بولس في تبشيره‬


‫تعرض له بولس في ‪2‬كور(‪ )2:-23 :44‬يقول‪( :‬أهم خدام المسيح؟‬ ‫يرد وصف لمشقّات وتعذيب ّ‬
‫أقول كمختل العقل‪ ،‬فأنا أفضل‪ :‬في األتعاب أكثر‪ ،‬في الضربات أوفر‪ ،‬في السجون أكثر‪ ،‬في الميتات‬
‫مرارا كثيرة‪ .‬من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إال واحدة‪ .‬ثالث مرات ضربت بالعصي‪،‬‬
‫مرة رجمت‪ ،‬ثالث مرات انكسرت بي السفينة‪ ،‬ليال ونهارا قضيت في العمق‪ .‬بأسفار مرارا كثيرة‪،‬‬
‫بأخطار سيول‪ ،‬بأخطار لصوص‪ ،‬بأخطار من جنسي‪ ،‬بأخطار من األمم‪ ،‬بأخطار في المدينة‪،‬‬
‫بأخطار في البرية‪ ،‬بأخطار في البحر‪ ،‬بأخطار من إخوة كذبة‪ .‬في تعب وكد‪ ،‬في أسهار مرارا‬
‫كثيرة‪ ،‬في جوع وعطش‪ ،‬في أصوام مرارا كثيرة‪ ،‬في برد وعري)‪ .‬ولم يرد أي شيء من هذه‬

‫‪ 11‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪ 400‬و‪.40:‬‬


‫‪40‬‬
‫االحداث من قبل كاتب ِسفر أعمال الرسل عدا الجلد والرجم مرة واحدة لكليهما! وكأن كاتب اعمال‬
‫الرسل كان بعيدا ً عن بولس بحيث يجهل عنه امور مهمة عديدة!! فكيف يقولون ان كاتبه هو لوقا‬
‫تلميذ بولس الذي كان يصفه بـ (الحبيب)!!‬

‫‪ ‬تجاهل كاتب اعمال الرسل لزيارات بولس الى كورنثوس‬


‫قال في ‪2‬كور(‪{ )4:2‬فاندايك}‪( :‬ولكني جزمت بهذا في نفسي أن ال آتي إليكم أيضا في حزن)‪ .‬وفي‬
‫الترجمة الكاثوليكية‪( :‬وقد عزمتُ أن ال أعود إليكم فأ ُنزل بكم الغم)‪ ،‬وفي هامشها كتبوا التعليق‪:‬‬
‫(اشارة الى زيارة قام بها الى مدينة قورنتس فيما بين كتابته لرسالته االولى والثانية) اي سنة ‪0:‬م‪.‬‬
‫مرة‬
‫ثم في ‪2‬كور(‪{ )4:43‬فاندايك}‪( :‬هذه المرة الثالثة آتي إليكم)‪ ،‬وفي الكاثوليكية‪( :‬انا قادم إليكم ّ‬
‫ثالثة)‪ ،‬وفي هامشها التعليق التالي‪( :‬زار بولس قورنتس مرة اولى لما انشأ فيها الكنيسة وزارها‬
‫مرة ثانية لما عاد اليها ليرعى شؤونها ويعاقب المتامردين فيها)‪.‬‬
‫ولكن في اعمال الرسل ال نجد اثرا ً اال لزيارة واحدة قام بها بولس هي المذكورة في (‪!)4:4:‬‬
‫فهذا موضع آخر يبين عدم اطالع كاتب اعمال الرسل على جميع سيرة بولس!‬

‫‪ ‬الفصل التاسع رسالة منفصلة لبولس‬


‫الفصل التاسع في هذه الرسالة يراه عدد من علماء المسيحيين انها رسالة منفصلة كتبها بولس وتم‬
‫دمجها مع رسالته هذه! حيث جاء في هامش الطبعة الكاثوليكية بخصوص هذا الفصل‪( :‬استغرب‬
‫كثير من الناس هذا القول بعدما جاء في الفصل الثامن عن جمع الهبات ألسعاف كنيسة اورشليم‪.‬‬
‫ولذلك ذهب بعض المفسرين الى القول ان الفصل التاسع رسالة كتبها بولس الى كنائس آخائية‬
‫وأضيفت فيما بعد الى رسالته الى اهل قورنتس)‪.‬‬
‫مر علينا ان هناك‬
‫وهذا يسلط الضوء على كيفية نقل رسائل بولس منذ الجيل المسيحي االول‪ ،‬وقد ّ‬
‫رسالتان اخريتان قد ضاعتا من رسائل بولس الى هذه المدينة‪ ،‬ورسالة الى مدينة أخرى تم دمجها‬
‫مع هذه الرسالة! وهناك رسائل أخرى فيها مشاكل مماثله من قبيل دمج أكثر من رسالة في رسالة‬
‫واحدة! فأين هي المخطوطات التي يزعمون انها نقلت رسائل بولس بأمانة! واين هو التقليد المسيحي‬
‫االمين على التراث المسيحي!! كل هذا يدفعنا الى الشك في اصالة رسائل بولس‪ ،‬وانه هو كاتبها‬
‫فعالً‪ ،‬باالضافة الى شك عقالئي بأنها نُ ِقلَت بأمانة جيالً بعد آخر في ظل فترات االضطهاد المتعددة‬
‫مرت بها المسيحية في القرون الثالثة االولى‪.‬‬‫التي ّ‬

‫‪ ‬اصداء الخالف بين تالميذ المسيح وبولس‬


‫‪ ‬في ‪2‬كور(‪1 :44‬و‪{ )0‬فاندايك}‪( :‬فإنه إن كان اآلتي يكرز بيسوع آخر لم نكرز به‪ ،‬أو كنتم‬
‫تأخذون روحا آخر لم تأخذوه‪ ،‬أو إنجيال آخر لم تقبلوه‪ ،‬فحسنا كنتم تحتملون‪ .‬ألني أحسب أني لم‬
‫أنقص شيئا عن فائقي الرسل)‪.‬‬
‫وفي الطبعة الكاثوليكية‪( :‬فلو جاءكم أحد يبشركم بيسوع آخر لم نُبشركم به‪ ،‬ويعرض عليكم روحا ً‬
‫غير الذي نلتموه وبشارة غير التي قبلتموها الحتملتموه أحسن احتمال‪ .‬وأرى أنّي لستُ أقَ َّل شأنا ً من‬
‫سل األكا ِبر)‪.‬‬
‫الر ُ‬
‫اولئك ُ‬
‫بأن خالفه هو مع اكابر الرسل (تالميذ المسيح) أي بطرس ويعقوب‬ ‫إذن بولس في هذا النص يعترف َّ‬
‫صا ً اوضح من هذا على وجود خالف بينه وبين‬ ‫ويوحنا بن حلفى وغيرهم‪ .‬فهل يريد المسيحيون ن ّ‬
‫تالميذ المسيح وعلى إنفصال بشارتهما وما يدعون اليه والذي يعني إنفصال إيمانهما!!‬

‫‪41‬‬
‫وفي الترجمة الرعائية للعهد الجديد كتبوا بدالً من مصطلح‪( :‬فائقي الرسل) و(أكابر الرسل)‪،‬‬
‫سل ال ِعظام)‪.‬‬
‫الر ُ‬
‫مصطلح‪ُ ( :‬‬
‫ويعترف األب بولس الفغالي بأن هذا النص يخص اليهود المسيحيين‪ ،‬قال‪( :‬في الواقع‪ ،‬بدأ ضالل‬
‫المتهودين الذين ينادون‬
‫ّ‬ ‫جماعة كورنثوس ألنها تعلقت بشخص ونسيت رسولها‪ .‬ما هي سلطة هؤالء‬
‫باألمانة للشريعة ويعارضون سلطة الرسول؟ فيسوع الذي يقدّمونه يدخل في إطار يهودي‪ ،‬بحيث‬
‫صارت الكنيسة معهم شيعة يهوديّة‪ .‬في آ‪ 22‬نعرف ان معارضي بولس هم يهود‪ .‬روح آخر‪ :‬هو‬
‫روح العبودية والمخافة (رو ‪4 ، 40::‬كور ‪ ،)42:2‬ال روح الحريّة والمحبة والفرح والسالم‬
‫(‪ ،4::3‬رو ‪ .)4::41‬بشارة (إنجيل) اخرى‪ :‬هل هناك انجيل وانجيل؟ رج غل ‪.1-1 :4‬‬
‫احتملتموه‪ :‬ما عرف الكورنثيون أن يميّزوا هذا "الكاذب" فاحتملوه‪ ،‬وما احتملوا رسولهم (آ‪.) !)4‬‬
‫ثم يعلّق األب بولس الفغالي على ‪2‬كور(‪ )0:44‬فيقول‪( :‬الرسل العظام‪ :‬هم الرسل الكذبة‪ .‬انتحلوا‬
‫اسم الرسل االثني عشر وما كانوا رسالً‪ .‬ه ّمهم أن يحطموا سلطة بولس باسم ممارسة دقيقة للشريعة‪.‬‬
‫فكشفهم تكبّرهم (‪.) )42:45‬‬
‫انظروا كيف يصف شريعة التوراة بانها "روح العبودية والمخافة" بينما يصف الشريعة المسيحية‬
‫بانّها "روح الحريّة والمحبة والفرح والسالم"! مع ان شريعة التوراة مصدرها هللا سبحانه‪ ،‬بينما‬
‫شرعها رجال الدين‬ ‫يشرعها بولس وال تالميذ المسيح االثني عشر بل ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشريعة المسيحية لم‬
‫المسيحيون تباعا ً في مناسبات شتّى!!‬
‫وهكذا ترون كيف حاول األب بولس الفغالي تغيير معنى النص بقوله في تعليقه على هذه العبارة‪:‬‬
‫(الرسل العظام‪ :‬هم الرسل الكذبة‪ .‬انتحلوا اسم الرسل االثني عشر وما كانوا رسالً)!! كيف يصفهم‬
‫بولس في رسالته بأنهم رسل عظام وانهم أكابر الرسل في حين يتهمهم بولس الفغالي بأنهم كذبة!‬
‫وأنهم ليسوا تالميذ المسيح!! فمن هم إذن؟! فهل كان بولس قاصرا ً عن وصفهم بالكذب وانهم‬
‫منتحلون ألسم الرسل األثني عشر! بال شك ما نجده من جرأة في رسائل بولس على مخالفيه يجعلنا‬
‫ال نتقبل ان يغيّر بولس الفغالي المعنى بأن يجعل اكابر الرسل رسالً كذبة في محاولة منه لقطع‬
‫عالقتهم بكونهم الرسل األثني عشر تالميذ المسيح!‬
‫س‬

‫وليس بولس الفغالي وحده من فعل ذلك بل نجد أمرا ً مماثالً في "الكتاب المقدس الدراسي" حيث‬
‫ترجموا (الرسل العظام) بـ (الرسل المتفوقين) وجاء فيه‪( :‬يسوع آخر لم نبشّر به نحن‪ :‬إنه يسوع‬
‫آخر تخيلته التعاليم التهودية (ألن خصوم بولس الرسول كانوا من اليهود‪ ،‬انظر اآلية ‪ .)22‬تنالون‬
‫روحا ً آخر‪ :‬روح قيود وخوف ودينونة) ثم يقول في تعليقه على ‪2‬كور(‪( :)0:44‬الرسل المتفوقين‪:‬‬
‫أسلوب بولس الرسول الساخر في االشارة للرسل الزائفين الذين تسللوا الى كنيسة كورنثوس وهم‬
‫في الحقيقة ليسوا رسالً على االطالق فيما عدا من وجهة نظرهم المتكبّرة المنتفخة)‪.‬‬
‫حرف المعلمون الكذبة‬‫وفي "التفسير التطبيقي للكتاب المقدس" نقرأ في تعليقه على ‪2‬كور(‪ّ ( :)1:44‬‬
‫الحق المختص بالمسيح)!‬
‫وكل من يقرأ عبارة ‪2‬كور(‪ )1:44‬كاملة يجد انه من غير المعقول ان يكون بولس ساخرا ً في كالمه‬
‫سل‬ ‫ألنه قرن نفسه مع اولئك الرسل االكابر‪ ،‬حيث قال‪( :‬وأرى أنّي لستُ أقَ َّل شأنا ً من اولئك ُ‬
‫الر ُ‬
‫األكا ِبر)! فهو يقارن نفسه وعلو شأنها بأولئك الرسل األكابر‪ ،‬ولو كان يستصغر شأنهم أو يسخر‬
‫منهم لما قارن نفسه معهم‪.:5‬‬

‫‪ :5‬هل يُعقل ان يقول بولس انه ليس اقل شأنا ً من اولئك الكاذبين! أو أقل شأنا ً من اولئك الزائفين! ألن هذا التعبير‬
‫يفترض انه يكون مساويا ً لهم في الكذب والزيف!!‬
‫‪42‬‬
‫وحينما يصف بولس الفغالي اكابر الرسل بالكاذبين‪ ،‬نجد ديفيد سيلفا يسميهم (السفسطائيين‬
‫بأن اليهود المسيحيين لم يكونوا يحملون أية صفة من صفات السفسطائيين‬‫المسيحيين)‪ !:4‬وال نشك َّ‬
‫اليونانيين الذين اقتبس ديفيد سيلفا وصف هؤالء منهم! فكل ذنب اليهود المسيحيين انهم كانوا‬
‫يلتزمون العمل بشريعة التوراة تبعا ً لتعاليم المسيح الذي كان يرشدهم للتمسك بها في اكثر من‬
‫مناسبة! وآخرها في ساعة رفعه الى السماء حيث قال لهم‪( :‬وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم‬
‫به)‪ ،:2‬ومما اوصاهم به {فاندايك}‪( :‬ال تظنوا أني جئت ألنقض الناموس‪ :3‬أو األنبياء‪ .‬ما جئت‬
‫ألنقض بل ألكمل‪ .‬فإني الحق أقول لكم‪ :‬إلى أن تزول السماء واألرض ال يزول حرف واحد أو‬
‫نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل‪ .‬فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس‬
‫هكذا‪ ،‬يدعى أصغر في ملكوت السماوات‪ .‬وأما من عمل وعلم‪ ،‬فهذا يدعى عظيما في ملكوت‬
‫السماوات)‪ .:1‬وقال‪( :‬ولكن زوال السماء واألرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس)‪!:0‬‬
‫وإذا قارنّا بين المباديء السفسطائية والمسيحية لوجدنا المسيحية أولى بهذا الوصف‪ ،‬فالسفسطة هو‬
‫كل ما يخالف المنطق والعقل البديهي‪ ،‬وكان السفسطائيين قبل ظهور سقراط وافالطون وارسطو‬
‫ذوي خطابة وتأثير في المستمعين رغم اسلوبهم واستدالالتهم المخالفة للمنطق والمباديء العقلية‬
‫البديهية! وإذا تعمقنا في رسائل بولس ومبادئه وعموم العقيدة المسيحية لوجدناها تتضمن تناقضات‬
‫إن لم تكن هي سفسطة فعالً‪ ،‬من قبيل ان االيمان يجب ان يسبق التعقّل!‬
‫وأفكار هي أقرب للسفسطة ْ‬
‫وأن اإلله أزلي ويتكون من ثالثة اقانيم – رغم ان بولس لم يكن يقول بذلك! ‪ -‬بثالثة شخصيات‬
‫متميزة أحدها عن اآلخر فجمعوا بين األزلية والحد والجهة في إله واحد مع ان الحد والجهة هي من‬
‫صفات المحدثات ال من صفات األزليّة!! وغيرها من لوازم السفسطة التي تتضمنها المسيحية‪.‬‬

‫‪ ‬الشيطان يظهر بمظهر المالك‬


‫في ‪2‬كور(‪{ )40-43 :44‬فاندايك}‪( :‬ألن مثل هؤالء هم رسل كذبة‪ ،‬فعلة ماكرون‪ ،‬مغيرون شكلهم‬
‫إلى شبه رسل المسيح‪ .‬وال عجب‪ .‬ألن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه مالك نور! فليس عظيما‬
‫إن كان خدامه أيضا يغيرون شكلهم كخدام للبر‪ .‬الذين نهايتهم تكون حسب أعمالهم)‪.‬‬
‫يهاجم بولس قادة اليهود المسيحيين الذين كان يسميهم قبل قليل (اكابر الرسل) ويصفهم بانهم "رسل‬
‫كذبة" وأنهم كالشيطان يغيرون شكلهم‪ ،‬كما ان الشيطان يمكن ان يظهر بمظهر كالك النور!! عجبا ً‬
‫هل نسي بولس ان هناك مالكا ً أو وضوءا ً ظهر له في صحراء العرب وهو في طريقه الى دمشق‬
‫وقال له (أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده)‪ ،:1‬فما ادراه ان ذاك ليس شيطانا ً قد ظهر له‬
‫بمظهر مالك النور كما يعترف هو نفسه في هذا الموضع من رسالته!‬

‫‪ ‬انخطاف بولس الى السماء‬


‫في ‪2‬كور(‪( :)0-2 :42‬أعرف إنسانا في المسيح قبل أربع عشرة سنة‪ .‬أفي الجسد؟ لست أعلم‪ ،‬أم‬
‫خارج الجسد؟ لست أعلم‪ .‬هللا يعلم‪ .‬اختطف هذا إلى السماء الثالثة‪ .‬وأعرف هذا اإلنسان‪ :‬أفي الجسد‬

‫‪ :4‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.4::‬‬


‫‪ :2‬إنجيل متى (‪.)25:2:‬‬
‫‪ :3‬الناموس‪ :‬شريعة التوراة‪.‬‬
‫‪ :1‬إنجيل متى (‪.)41-4: :0‬‬
‫‪ :0‬إنجيل لوقا (‪.)41:41‬‬
‫‪ :1‬أعمال الرسل (‪.)::22‬‬
‫‪43‬‬
‫أم خارج الجسد؟ لست أعلم‪ .‬هللا يعلم‪ .‬أنه اختطف إلى الفردوس‪ ،‬وسمع كلمات ال ينطق بها‪ ،‬وال‬
‫يسوغ إلنسان أن يتكلم بها‪ .‬من جهة هذا أفتخر‪ .‬ولكن من جهة نفسي ال أفتخر إال بضعفاتي)‪.‬‬
‫يتحدث بولس هنا عن نفسه بأنه انخطف الى السماء اي ذهب اليها على حين غفلة‪ ،‬وانه تلقى ديانته‬
‫تعرف عليها في انخطافه الى‬ ‫من المسيح مباشرة! ولنا ان نتسائل لماذا اختلفت عقيدة بولس التي ّ‬
‫السماء مع عقيدة تالميذ المسيح وباقي اليهود المسيحيين الذين اخذوها من المسيح حال حياته بينهم!!‬

‫‪ ))6‬رسالة بولس الى اتباعه في مدينة رومية (روم)‬


‫لم يذهب بولس الى مدينة روما (رومية) بإرادته بل ذهب مخفورا ً اليها بعد االضطرابات التي‬
‫تسبب بها في نهاية رحلته الثالثة‪ .‬ويقال أنَّه كتب هذه الرسالة قبل ذلك بسنوات‪ ،‬حينما كان في‬
‫كورنثوس حوالي خريف ‪ 0:‬أو ربيع ‪0:‬م‪ .‬وهذه الرسالة هي احدى الرسائل االربع ذات الموثوقية‬
‫بأن بولس هو كاتبها‪ ،‬وفقا ً لبعض علماء المسيحية‪.‬‬
‫َّ‬

‫وابرز االثارات التي وجدناها في رسالته الوحيدة الى اتباعه في هذه المدينة‪:‬‬
‫‪ ‬مشكلة عدم إكمال بولس لعباراته‬
‫في هذه الرسأأأأأأالة وعدّة رسأأأأأأائل أخرى لبولس‪ ،‬هناك مشأأأأأأكلة وهي عدم اكمال بولس لعباراته‪،‬‬
‫والترجمات الحديثة تحاول التغطية على هذه المشأأكلة وعدم االشأأارة اليها من خالل اضأأافة كلمات‬
‫او تغيير في معنى عباراته التي تعاني من هذه المشأأأأأأكلة! وفيما يلي اسأأأأأأتعراض لمواضأأأأأأع هذه‬
‫المشكلة في رسالته الى اتباعه في رومية‪:‬‬
‫ـ في روم(‪{ )41:2‬الكاثوليكية}‪( :‬وسيظهر ذلك كله)‪ ،‬وفي الهامش التعليق التالي‪( :‬اضيفت هذه‬
‫الكلمات التي لم ترد في االصل ليستقيم المعنى‪ .‬واالرجح ان هذه اآلية تتمة لما جاء في اآلية ‪.43‬‬
‫ورد مثل ذلك غير مرة في رسائل بولس‪ ،‬ألنه كان يملي رسائله فكان يبدأ في الجملة ثم ينسى ان‬
‫يتمها)!‬
‫وفي روم(‪{ )25:2‬الكاثوليكية}‪( :‬ألن لك في الشريعة اصول المعرفة)‪ ،‬وفي الهامش التعليق التالي‪:‬‬
‫(لم يتم بولس المعنى المقصود‪ .‬راجع ما جاء في حاشية اآلية ‪!)41‬‬
‫ـ في روم(‪{ )21:1‬الكاثوليكية}‪( :‬بل من بين الوثنيين أيضا ً ‪ .)...‬وفي الهامش التعليق التالي‪( :‬لم يتم‬
‫بولس الجملة كما لم يتمها في مواضع اخرى {‪.)}21-23 :40 ، 42:0‬‬
‫وقد وجدنا ظهور مثل هذه المشأأأأأأكلة في رسأأأأأأالة بولس الى اتباعه في أفسأأأأأأس (‪4 :3‬و‪ ،)2‬كما‬
‫سنتناولها في موضعها‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ ‬بولس يجيز الكذب من اجل البشارة!‬
‫في روم(‪ { )::3‬فاندايك}‪ ( :‬فإنه إن كان صأأأأأأأدق هللا قد ازداد بكذبي لمجده‪ ،‬فلماذا أدان أنا بعد‬
‫كخاطئ؟)‪.‬‬
‫وقد تج َّنب اصأأأأأأدار "الكتاب المقدس الدراسأأأأأأي" التعليق على هذه العبارة! وكذلك تجنب التعليق‬
‫عليها كل من‪ :‬الطبعة الكاثوليكية للعهد الجديد‪ ،‬الطبعة اليسأأأأأأوعية للكتاب المقدس‪ ،‬الخوري بولس‬
‫الفغالي في الطبعة الرعائية للعهد الجديد‪ ،‬و"التفسير التطبيقي للكتاب المقدس"!‬
‫وهذه العبارة تعني بوضأأأأوح جواز الكذب من اجل االنتصأأأأار للبشأأأأارة واإليمان!! فكيف سأأأأتكون‬
‫هناك ثقة بكالم بولس او بغيره من القساوسة ورجال الدين المسيحيين!!‬
‫فإن جواز الكذب يعني جواز تغيير معاني كلمات أو حذفها أو إضأأأافتها‪.‬‬ ‫وكما يفهم القاريء اللبيب َّ‬
‫أن َم ْن هذا ديدنه سأأأيبقي على بشأأأارات ظهور رسأأأول آخر الزمان محمد (صأأألى هللا‬ ‫فكيف نتوقع َّ‬
‫عليه وآله وسلم)‪.‬‬

‫‪ ‬عبارة سفسطائية لبولس حول االيمان واالعمال‬


‫في روم(‪( :)34-2: :3‬إذا نحسأأب أن اإلنسأأان يتبرر باإليمان بدون أعمال الناموس‪ .‬أم هللا لليهود‬
‫فقط؟ أليس لألمم أيضأأا؟ بلى‪ ،‬لألمم أيضأأا‪ .‬ألن هللا واحد‪ ،‬هو الذي سأأيبرر الختان باإليمان والغرلة‬
‫باإليمان‪ .‬أفنبطل الناموس باإليمان؟ حاشا! بل نثبت الناموس)‪.‬‬
‫وهذه العبارة سفسطائية فكيف يقول بولس انه يثبت العمل بالشريعة من حيث انه يدعو لعدم العمل‬
‫بها!!‬
‫وإذا كان موقفه هو فقط الغاء العمل بالشأأأأريعة بالنسأأأأبة للوثنيين المعتنقين لاليمان بالمسأأأأيح لربما‬
‫تفهمنا ذلك‪ ،‬ولكنه بالحقيقة امتنع هو نفسأأأأأه وهو اليهودي من العمل بالشأأأأأريعة التوراة بعد اعالنه‬
‫ع في رسأأائله اليهود من اتباعه المؤمنين بالمسأأيح الى االسأأتمرار‬ ‫اعتناق االيمان بالمسأأيح‪ ،‬ولم يد ُ‬
‫بالعمل بشأأأريعة التوراة!! مما يكشأأأف ان بولس وضأأأع دينا ً جديدا ً ألتباعه وهو نبذ العمل بشأأأريعة‬
‫التوراة بغض النظر عما اذا كان المؤمن به من اصل يهودي او وثني!!‬

‫‪ ‬تكفير اآلخر في كالم بولس‬


‫في روم(‪{ )34:40‬فاندايك}‪( :‬لكي أنقذ من الذين هم غير مؤمنين في اليهودية)‪.‬‬
‫في اليسوعية‪( :‬حتى انجو من الكفرة الذين في اليهودية)‪.‬‬
‫في الكاثوليكية‪( :‬ألنجو من الكفار الذين في اليهودية)‪.‬‬
‫في الرعائية‪( :‬ليُنقذني من أيدي الخارجين على اإليمان في اليهودية)‪.‬‬
‫وفي طبعة رجارد واطس ‪4:33‬م على ترجمة رومية ‪41:4‬م‪( :‬النجو من الكافرين الذين هم في‬
‫اليهودية)‪.‬‬
‫وفي طبعة القمص قزمان البراموسي ‪41:4‬م‪( :‬ألنجو من الكافرين في اليهودية)‪.‬‬
‫وفي الطبعة البولسية ‪255:‬م‪( :‬لكي أنجو من الكفرة الذين في اليهودية)‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫وفي ترجمة العالم الجديد لشهود يهوه‪( :‬لكي أُنقَذ من غير المؤمنين في اليهودية)‪.‬‬
‫بينما الطبعات االنجليزية اختلفت بين ترجمتها الى التعابير التالية (‪ )unbelievers‬غير المؤمنين‪،‬‬
‫(‪ )disobedient‬المتمردين‪ )unfaithful( ،‬غير المخلصين‪.‬‬
‫ففي ترجمة الملك جيمس االنجليزية‪.)from them that do not believe in Judaea( :‬‬
‫وفي طبعة جنيف ‪4011‬م‪.)disobedient in Judea( :‬‬
‫وفي االسبانية [طبعة ‪ )los rebeldes( :]Reina-Valera 1960‬أي المتمردين!‬
‫وفي االلمانية [طبعة لوثر ‪ )den Ungläubigen( :]Luther Bibel 1545‬الكفار‪.‬‬
‫وفي الفرنسية [طبعة ‪ )des incrédules( :]Louis Segond‬الكفار‪.‬‬

‫وهذه العبارة هي احد المواضع التي ورد فيها لفظ التكفير في الكتاب المقدس‪ ،‬وهناك مواضع اخرى‬
‫نذكر منها‪:‬‬
‫ـ في يشوع بن سيراخ (‪{ )::41‬اليسوعية}‪( :‬في مجمع الخطاة تتقد النار وفي االمة الكافرة يضطرم‬
‫الغضب)‪.‬‬
‫ـ في سفر المكابيين االول (‪{ )::3‬اليسوعية}‪( :‬وجال في مدن يهوذا‪ ،‬وأهلك الكفرة منها‪ ،‬وصرف‬
‫الغضب عن إسرائيل)‪.‬‬
‫ـ في سفر المكابيين االول (‪{ )40:3‬اليسوعية}‪( :‬ثم تجهز للخروج وخرج معه جيش قوي من الكفرة‬
‫يظاهرونه وينتقمون من بني إسرائيل)‪.‬‬
‫ـ في سفر المكابيين االول (‪{ )0::‬اليسوعية}‪( :‬فآتاه جميع رجال النفاق والكفر من إسرائيل وفي‬
‫مقدمتهم ألكيمس‪ ،‬وهو يطمع أن يصير كاهنا أعظم)‪.‬‬
‫ـ في سفر المكابيين االول (‪{ )34::‬اليسوعية}‪( :‬فلما رأى نكانور أن مشورته قد كشفت‪ ،‬خرج‬
‫لمالقاة يهوذا بالقتال عند كفر سالمة)‪.‬‬
‫ـ في سفر المكابيين االول (‪{ )20:1‬اليسوعية}‪( :‬فاختار بكيديس الكفرة منهم‪ ،‬وأقامهم رؤساء على‬
‫البالد)‪.‬‬
‫ـ في سفر المكابيين الثاني (‪{ )4::4‬اليسوعية}‪( :‬ففي كل شيء تبارك إلهنا الذي أسلم الكفرة)‪.‬‬
‫ـ في سفر المكابيين الثاني (‪{ )43:1‬اليسوعية}‪( :‬فإنه إذا لم يهمل الكفرة زمنا طويال‪ ،‬بل عجل عليهم‬
‫بالعقاب؛ فذلك دليل على رحمة عظيمة)‪.‬‬
‫ـ في سفر المكابيين الثاني (‪{ )24:1‬اليسوعية}‪( :‬فخال به الموكلون بأمر الضحايا الكفرية لما كان‬
‫بينهم وبينه من قديم المعرفة)‪.‬‬
‫ـ في سفر المكابيين الثاني (‪{ )41::‬اليسوعية}‪( :‬وباع اخرون كل ما كان باقيا لهم وكانوا يبتهلون‬
‫الى الرب ان ينقذهم من نكانور الكافر الذي باعهم قبل الملتقى)‪.‬‬
‫ـ في سفر المكابيين الثاني (‪{ )33::‬اليسوعية}‪( :‬وبينا هم يحتفلون بالظفر في وطنهم؛ أحرقوا‬
‫كلستانيس وقوما معه في بيت كانوا قد فروا إليه‪ ،‬وكانوا قد أحرقوا األبواب المقدسة فنالهم الجزاء‬
‫الذي استوجبوه بكفرهم)‪.‬‬
‫ـ في سفر المكابيين الثاني (‪{ )23:42‬اليسوعية}‪( :‬وشد يهوذا في آثارهم‪ ،‬يثخن في أولئك الكفرة‪،‬‬
‫حتى أهلك منهم ثالثين ألف رجل)‪.‬‬
‫ـ في رسالة بولس الى اهل رومية‪ ،‬ذكرنا النص اعاله‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫ـ في رسالة بولس الثانية الى اتباعه في كورنثوس (‪3 :1‬و‪{ )1‬الكاثوليكية}‪( :‬عن الكفار الذين اعمى‬
‫بصائرهم إله هذه الدنيا)‪.‬‬
‫ـ في رسالة بولس الثانية الى اتباعه في كورنثوس (‪{ )41:1‬الكاثوليكية}‪( :‬ال تكونوا مقرونين بالكفار‬
‫في نير واحد)‪.‬‬
‫ص بعد َجهدٍ‪ ،‬فما هي حالةُ‬‫البار يخلُ ُ‬
‫ُّ‬ ‫ـ في رسالة بطرس االولى (‪{ )4::1‬الكاثوليكية}‪( :‬واذا كان‬
‫الكافر والخاطيء؟)‪.‬‬

‫‪ ‬تحيات بولس بالتقبيل حولوها الى السالم!‬


‫في الفصأأل السأأادس عشأأر من هذه الرسأأالة هناك تكرار لعبارات السأأالم على اشأأخاص متعددين‬
‫رجاالً ونسأأأا ًء‪ .‬وقد وجدتُ ان عبارات السأأأالم المتعددة في هذا الفصأأأل قد تمت ترجمتها في طبعة‬
‫سأارة هدجسأتون ‪4:44‬م باللغة العربية الى كلمات القبالت والمصأافحات‪ ،‬بينما ت ّمت ترجمتها في‬
‫ترجمات أخرى الى كلمة (سأأالم) او (يسأ ِألّم)‪ .‬وننقل النص كامالً للفصأأل السأأادس عشأأر من طبعة‬
‫سأأأأأارة هدجسأأأأأتون ‪4:44‬م ليتضأأأأأح للقاريء ما تحتويه هذه الطبعة من ترجمة الظاهر انها طبق‬
‫االصل للمخطوطات المنقولة عنها بينما الطبعات الحالية قامت بإخفاء الموضوع واستبداله بالسالم‬
‫بدالً من القبالت والمصافحات دفعا ً إلحراجٍ محتمل!!‬
‫‪::‬‬
‫نص هو‪[ :‬واستودعكم فيفن اختنا شماسة الكنيسة التي في كنخرااس * لتقبلوها بالرب بما هو‬ ‫وال ّ‬
‫اهال للقديسين وتقيموا لها باي امر تحتاجه منكم النها هي قد صارت قيمة بكثيرين وبي انا نفسي *‬
‫صافحوا ابرسكيال واكيالن مساعدي في يسوع المسيح * اللذين من اجل نفسي بذال اعناقهما اللذين‬
‫لسأأأأت انا وحدي شأأأأاكر لهما بل وجميع كنايس االمم * والكنيسأأأأة التي في منزلهما قبلوا اباناطون‬
‫حبيبي الأأذي هو مقأأدمأأة اخأأاييأأا لأأدي المسأأأأأأيح * صأأأأأأأافحوا مريم التي تعبأأت فيكم كثيرا ً * قبلوا‬
‫اندرونيكوس ويونيا نسيبي والمستاسرين معي‪ ::‬الذين هما في الرسل جليلين ال صايرين في محبة‬
‫المسأأيح قبلي * صأأافحوا امبليان حبيبي بالرب * قبلوا اورفانوس معيننا في المسأأيح واسأأطاشأأيس‬
‫حبيبي * اقروا السأأأأالم علي ابللس المجرب في ديانة المسأأأأيح سأأأألموا علي ارسأأأأطوفولس * قبلوا‬
‫ايروديرنا نسأأأأأأيبي صأأأأأأافحوا اهل نركيصأأأأأأص الذين هم للرب * قبلوا تريفانا وتريفاسأأأأأأا التعبين‬
‫الشأأأاخصأأأين في الرب صأأأافحوا ابرسأأأيده الحبيبة التي تعبت في مودة الرب كثيرا * سأأألموا علي‬
‫روفس المصأأأأأطفي للرب وامه اياه وامي انا ايضأأأأأا * قبلوا اسأأأأأنقريطن وفالفونطا ارمان وارمين‬
‫واالخوة الذين معهم * صأأأأافحوا فيلولوغس ويوليان ونيرااس واخته واوليميان وجماعة القديسأأأأين‬
‫الذين معهم * صأأافحوا بعضأأكم بعض أا ً بقبلة قديسأأة ويصأأافحكم كافة كنايس جماعات المسأأيح * يا‬
‫اخوتي اتضأأأأأرع اليكم ان تترقبوا الصأأأأأانعين الشأأأأأقاقات والفتن بخالف التعليم الذي تعلمتموه انتم‬
‫واجنحوا عنهم * الن الذين هم مثل هوالء ما يخدمون ربنا يسأأأأأأوع المسأأأأأأيح بل يخدمون بطنهم‬
‫وبالكالم الطيب والتبريك يطغون قلوب السأأأأأأأاذجين * الن طاعتكم قد ورد خبرها الي الكل وانا‬
‫مسأأأرور بما فيكم واريدكم ان تكونوا في الخير حكماء وفي الشأأأر ودعاء * واله السأأأالمة يسأأأحق‬
‫الشأأأأيطان تحت اقدامكم سأأأأريعا نعمة ربنا يسأأأأوع المسأأأأيح معكم * يصأأأأافحكم تيموثاوس معيني‬
‫ولوكيوس وياصن وسوسيباطرس انسبايي * اقبلكم انا ترتيوس كاتب هذه الرسالة بالرب * يسلم‬

‫‪ ::‬المقصود هنا (التقبّل) من القبول‪ .‬وفي ترجمة العهد الجديد ‪4:41‬م‪( :‬ان تتقبّلوها في الرب)‪.‬‬
‫‪ ::‬كانا مع بولس في سجنه‪ ،‬باالضافة الى ارسطرخس المذكور في رسالته الى كولوسي (‪.)45:1‬‬
‫‪46‬‬
‫عليكم غاييوس ضايفي وضايف الجماعة كلها يسلم عليكم اراسطس خازن المدينة وكوارطس االخ‬
‫* نعمة ربما يسأأوع المسأأيح مع جماعتكم امين * واالاله الحكيم وحده يسأأوع المسأأيح المسأأتطيع ان‬
‫ي ثبتكم علي بشارتي وكرازة يسوع المسيح على ما يختص باعتالن السر المصموت عنه في سنين‬
‫ابدية * والظاهر االن بكتب انبيايه علي ما يختص بامر اإلاله االبدي والمعروف لطاعة االيمان‬
‫في االمم كلها * له المجد الي الدهور كلها امين]‪.‬‬
‫السأأأأأأفر‬
‫ويمكن للقاريء ان يقوم بمقارنة هذا النص مع اية ترجمة في اي طبعة أخرى لديه لهذا ِ‬
‫صين!‬‫ليتعرف على االختالف في الترجمة بين الن ّ‬‫ّ‬
‫وهذا الموضأأأأأأوع يكشأأأأأأف عن الحاجة الى االطالع على المخطوطات القديمة للكتاب المقدس‪،‬‬
‫ورسأأأائل بولس خاصأأأة‪ .‬كما ان هذا الموضأأأوع يسأأألط الضأأأوء على حقيقة انه ال توجد مخطوطة‬
‫واحدة كاملة عند الكنائس يمكن ان يبرزوها ويقولوا للمسأأأأأأيحيين هذه مخطوطة لكتابكم المقدس‪،‬‬
‫بدون ادخال تعديالت وتغييرات في ترجمتها!! وربما موضأأوع السأأالم بالقبالت والتقبيل هو واحد‬
‫من اسباب ذلك!!‬

‫وال يقف موضأأأأأأوع التقبيل بين المسأأأأأأيحيين عند هذا الحد‪ ،‬بل يمتد ليشأأأأأأكل جزءا ً من الطقوس‬
‫المسيحية‪ .‬فقد كتب مايكل فيليب بين‪ Michael Philip Penn :1‬مقاالً بعنوان (تاريخ موجز لقبلة‬
‫الطقوس المسأأيحية) جاء فيه ان اقدم الوصأأايا للمسأأيحيين بتبادل القُبلَة وردت في رسأأائل بولس في‬
‫ن ها ية رسأأأأأأأا لة تسأأأأأأأالونيكي األولى ‪ ،‬وكورنثوس االولى ‪ ،‬وكورنثوس ال ثان ية ‪ ،‬وروم ية‪ ،‬وهم‬
‫متطابقون تقريبًا في صأأأأأأياغتهم‪" :‬سأأأأأألموا بعضأأأأأأكم على بعض" (أو تسأأأأأأالونيكي األولى ‪" ،‬كل‬
‫اإلخوة") "قُبلَة مقدسأأأأأأة"‪ .‬على الرغم من أن هذه الجمل المكونة من سأأأأأأطر واحد ال تحتوي على‬
‫الكثير من البيانات التي يمكن من خاللها إعادة بناء الطقوس‪ ،‬إال أنها تشأأأأأأكل األسأأأأأأاس للعديد من‬
‫النظريات العلمية المتعلقة بأصل القُبلَة‪ .‬ويذكر "مايكل فيليب بين" ثالثة احتماالت حول ن شوء هذا‬
‫التقليد المسأأأأيحي‪ ،‬االول ان مصأأأأدره هو يسأأأأوع نفسأأأأه وانه اول من ابتدأ القُبلَة الطقسأأأأية‪ ،‬ولكنه‬
‫يستدرك بأنه من الصعب تتبع طقس منسوب الى يسوع وهو غير مذكور في كتابات العهد الجديد‪،‬‬
‫ويقول‪( :‬إذا كان يسأأأوع هو من ابتدأ القُبلَة الطقسأأأية ‪ ،‬فلماذا ال ينسأأأب مؤلفو القرن األول أو الثاني‬
‫أن لبولس دور فعال في إنشاء قُبلَة‬ ‫أن احد علماء المسيحية يقترح َّ‬ ‫أو الثالث أساسها إليه؟!)‪ ،‬ويذكر َّ‬
‫الطقوس عن قصد أو على األقل تشجيعها! ويقول‪( :‬لم يقدم بولس في رسائله أي تفسير لماذا ومتى‬
‫وكيف ينبغي على المسأأيحيين تقبيل بعضأأهم البعض‪ .‬حتى في رسأأالة رومية‪ ،‬وهي رسأأالة موجهة‬
‫إلى جماعة لم يعثر عليها ‪ ،‬يفترض بولس أن المتلقين على دراية بقُب َلة الطقوس‪ .‬إذا كان بولس ‪،‬‬
‫كما تشير هذه البيانات ‪ ،‬ينقل ببساطة تقليدًا موجودًا مسبقًا ‪ ،‬فيجب على علماء العهد الجديد إضافة‬
‫القُب َلة إلى قائمة طقوس ما قبل بولس إلى جانب الطقوس مثل التعميد والوجبة المشأأأأأأتركة‪ ،‬يعد‬
‫التقبيل جز ًءا من أقدم طبقات ممارسأأة الطقوس المسأأيحية)! ويجادل عالم مسأأيحي آخر بأن رسأأائل‬
‫بولس خلقت بالصدفة قُبلَة الطقوس‪ .‬لقد استخدم بولس ببساطة اصطال ًحا إلكترونيًا واسع االنتشار‬
‫مشأأاب ًها للعصأأر الحديث "أعطه قُبلَة من أجلي" ؛ ولم يكن يقصأأد حقًا أن على متلقي الرسأأائل تقبيل‬
‫بعضأأأأهم البعض في خدمة العبادة‪ .‬لم يدرك مسأأأأيحيو القرن الثاني‪ ،‬مثل العلماء المعاصأأأأرين ‪ ،‬أن‬

‫‪:1‬‬
‫مدرس الدين في كليّة ماونت هوليوك ‪ ،Mount Holyoke College‬ومؤلف كتاب‪ :‬تقبيل المسيحيين‪ :‬طقوس‬
‫ّ‬
‫ومجتمع في أواخر الكنيسة القديمة ( ‪Kissing Christians: Ritual and Community in the Late‬‬
‫‪.)Ancient Church‬‬
‫‪48‬‬
‫بولس كان يسأأأأتخدم صأأأأيغة رسأأأأالية معيارية‪ .‬بدال من ذلك ظنوا أنه كان يتحدث حرفيا عن تقبيل‬
‫بعضأأهم البعض‪ .‬أصأأبح هذا الخطأ التفسأأيري في النهاية مسأأؤوالً عن المسأأيحيين الالحقين بما في‬
‫ذلك القُبلَة في ليتورجيا الكنيسأأأة‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬نظرا ً لوجود عدد قليل جدًا من األمثلة غير المسأأأيحية‬
‫للقُبلَة كإغالق للرسأأأأأائل ‪ ،‬كل ذلك في رسأأأأأائل تبدو أكثر حميمية من القُبلَة‪ ،‬وفقًا إلدوارد فيليبس‪،‬‬
‫بغض النظر عما إذا كانت القُبلَة المسيحية قد أسسها يسوع أو بولس (عمدًا أم بغير قصد) أو (كما‬
‫يبدو على األرجح) واحد أو أكثر من المسأأأأأأيحيين األوائل غير المعروفين‪ ،‬يبقى السأأأأأأؤال ما هو‬
‫مصأأدر اإللهام لهذه الطقوس؟ يجادل العلماء بأن الممارسأأات من مجموعة واسأأعة من المجموعات‬
‫‪ -‬اليهود‪ ،‬الغنوصيين قبل المسيحيين‪ ،‬والعبادات اليونانية الغامضة ‪ ،‬والفيثاغوريون الجدد ‪ -‬أثرت‬
‫في إنشأأأأأأأاء القبلة المسأأأأأأيحية‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬تظل كل هذه االقتراحات غير مدعومة ألن مؤيديها لم‬
‫يتمكنوا من العثور على أي إشأأأارة إلى أعضأأأاء هذه المجتمعات يتبادلون قُبلَة طقسأأأية مع بعضأأأهم‬
‫البعض‪ .‬حتى اليهودية المبكرة ‪ ،‬وهي مصأأأأأأدر مهم للعديد من الطقوس المسأأأأأأيحية ‪ ،‬ال يبدو أنها‬
‫طا وثيقًا بقُبلَة الطقوس المسأأيحية‪ .‬ونظرا ً لندرة اإلشأأارات‬‫كانت تمارس أي ممارسأأة مرتبطة ارتبا ً‬
‫المسأأأأأيحية في القرن األول إلى القُبلَة وعدم وجود أعمال مسأأأأأيحية قبل القرن الرابع تناقش بدايات‬
‫القُبلَة أو أوجه التشأأابه غير المسأأيحية الصأأريحة ‪ ،‬فإن أي محاولة الكتشأأاف أصأأل القُبلَة الطقسأأية‬
‫تظل تخمينية للغاية‪ .‬وبسبب قيود المصدر هذه ‪ ،‬يقول مايكل فيليب بين أنه أقل اهتما ًما ببداية القُبلَة‬
‫مقارنةً بتفسأأأأأأيرها وتطورها الحقًا‪ .‬ومع ذلك يقترح جانبين من جوانب التقبيل القديم المتأخر الذي‬
‫ربما أدى إلى استخدام القبلة كطقوس في المجتمعات المسيحية األولى‪ .‬وبمجرد أن كتب بولس عن‬
‫القُبلَة وأصبحت كتاباته موثوقة بشكل متزايد ‪ ،‬كان للكنيسة تفويض واضح لدور القُبلَة في طقوس‬
‫مسيحية‪ .‬باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬أصبح المسيحيون األوائل على دراية بكيفية تبادل الكنائس المجاورة‬
‫للقُبلة وغال بًا ما يقلدون (أو في بعض الحاالت يتحدون) الطريقة التي تم إجراؤها‪ .‬نتيجة لذلك‪،‬‬
‫على عكس ندرة المصأأأأأأادر المتعلقة ببدايات القُب َلة‪ ،‬هناك ثروة من المعلومات حول ممارسأأأأأأاتها‬
‫وتفسأأأأيرها الالحقين‪ .‬وتأتي اإلشأأأأارة األخيرة للقُبلة الطقسأأأأية في القرن األول من رسأأأأالة بطرس‬
‫األولى (‪" :)41:0‬سلموا بعضكم على بعض بقُبلة حب‪ .":5‬يُظهر الفرق بين "قُبلَة بولس المقدسة"‬
‫و "قُب َلة ال ُحب" لبطرس األول أ نه‪ ،‬حتى في القرن األول‪ ،‬لم يسأأأأأأت خدم جميع المسأأأأأأيحيين نفس‬
‫المصطلح لوصف القُبلَة الطقسية‪ .‬وتشير هذه اإلشارات الخمس للقُبلَة في القرن األول إلى أنه في‬
‫وقت مبكر من عام ‪ 05‬م ‪ ،‬ش ّكل التقبيل جز ًءا من ممارسة طقوس العديد من المجتمعات المسيحية‪.‬‬
‫ويشأأير أثيناغوارس ‪ Athenagoras‬إلى التبادل الدقيق للقُبلة كمثال على ضأأبط النفس المسأأيحي‪.‬‬
‫ويحذر كليمنت اإلسأأأكندري ‪ Clement of Alexandria‬من أن التحية الجريئة بين المسأأأيحيين‬
‫هي مثل عض العناكب في الشأأأفتين‪ .‬لتجنب "سأأأم الفسأأأق" هذا‪ ،‬يجب على المسأأأيحيين أن يتبادلوا‬
‫القُبلَة بـأأأأأأأ "بفم عفيف ومغلق"‪ .‬يرى كال المؤلفين القُبلَة على أنها تحية ‪ ،‬مما يدل على وجود صلة‬
‫بأوامر العهد الجديد لتحية بعضأأهما البعض بقُبلَة‪ .‬إن تشأأبيه كليمنت لعنكبوت يقوم بحقن السأأم عن‬
‫طريق لمس الفم وتحذيره من القُبالت "غير العفيفة" أصبح أول المؤشرات في العديد من المصادر‬
‫المسأأيحية المبكرة على أن القُبلَة الطقسأأية كانت قُبلَة على الشأأفاه‪ .‬باالقتران مع اقتراح أثيناغوراس‬
‫بأن القُبلَة المفرطة في الحماسأأأة يمكن أن تفسأأأد أجسأأأاد أولئك الذين يطلق عليهم اإلخوة واألخوات‬
‫وإشارة كليمنت إلى "االستخدام المخزي للقُبلَة"‪ ،‬تشهد على تقبيل الرجال والنساء في أواخر القرن‬

‫‪ :5‬في اغلب الترجمات االنجليزية كتبوها‪ ،)kiss of love( :‬والقليل منها كتبوها‪ )loving kiss( :‬و( ‪kiss of‬‬
‫‪!)charity‬‬
‫‪49‬‬
‫الثأأاني لبعضأأأأأأهم البعض‪ .‬و بحلول منتصأأأأأأف القرن الثأأالأأث ‪ ،‬تتحأأدث كتأأابأأات من رومأأا وأثينأأا‬
‫واإلسكندرية وقرطاج وشمال إفريقيا وآسيا الصغرى وسوريا عن طقوس التقبيل بين المسيحيين‪.‬‬
‫ال يزال ترتليان وأوريجانوس والتقليد الرسأأأأأأولي يربط القُبلَة بنهاية الصأأأأأأالة ‪ ،‬على الرغم من أن‬
‫أيضأأا أول كاتب يربط مباشأأرة بين القُبلَة الطقسأأية والقربان المقدس‪ .‬يشأأهد التقليد‬
‫أوريجانوس هو ً‬
‫القبر صي والتقليد الر سولي القبلة كجزء من مرا سم التعميد‪ .‬يعطي التقليد الر سولي أول مثال على‬
‫اسأأتخدام القُبلَة في الكهنوت‪ .‬وعلى الرغم من أن معظم المصأأادر المسأأيحية المبكرة تشأأير إلى أن‬
‫القُب َلة تكون على الشأأأأأأفاه ‪ ،‬إال أن هناك أعمال ابوكريفا ‪ the Apocryphal Acts‬تعدّلها لتكون‬
‫قُبلة للقدمين أو اليدين‪ .‬وعلى عكس النصأأوص السأأابقة التي سأأمحت للنسأأاء والرجال بتبادل القُبلَة‬
‫مع بعضأأأهم البعض ‪ ،‬فإن التقليد الرسأأأولي هو المصأأأدر األول على وجه التحديد الذي يحظر هذه‬
‫الممارسأأأأأأأة‪ .‬بحلول نهاية القرن الرابع ‪ ،‬ظهرت العديد من هذه االتجاهات ‪ -‬انتقال القُب َلة من ختم‬
‫الصالة إلى التحضير لالفخارستيا ‪ ،‬واستخدام القُبلَة في عدد متزايد من األوضاع الليتورجية وغير‬
‫الليتورجية ‪ ،‬وفرض قيود إضافية على َم ْن يُق ِبّل َم ْن ‪ -‬تصبح ممارسة قياسية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬يظهرون قيودًا متزايدة على كيفية تبادل المسيحيين للقُبلَة‪ .‬على غرار التقليد‬
‫الرسولي ‪ ،‬تقصر الدساتير الرسولية ‪ The Apostolic Constitutions‬القُبلَة على نفس الجنس‪.‬‬
‫مثل األعمال الملفقة ‪ ، Apocryphal Acts‬الرسالة الثانية الزائفة لكليمنت حول العذرية ‪the‬‬
‫‪ ،ascetic Pseudo-Clement's Second Letter on Virginity‬لم يعد فيها مسيحيون من‬
‫ضا وجود انقسام بين عامة الناس‬ ‫جنسين مختلفين يتبادلون قُبلَة شفوية‪ .‬تؤكد وثائق القرن الرابع أي ً‬
‫ورجال الدين‪ :‬تنص الدساتير الرسولية ‪ The Apostolic Constitutions‬على أن رجال الدين‬
‫يُقَ ِبّلون فقط رجال الدين اآلخرين وعامة الناس يُقَ ِبّلون عامة الناس اآلخرين‪!:4‬‬

‫وكتبت مارين جاسك‪ ( :‬يشجع القديس بولس المسيحيين على تقبيل بعضهم البعض بسالم على‬
‫أفواههم‪ .‬لكن بعد قرنين ‪ ،‬في عام ‪ ، 31:‬حظرها مجلس قرطاج بين الرجال والنساء‪ .‬يجب القول‬
‫أن الكنيسة تعتقد أنها تخلق الفجور‪ ،‬يبدأ بقبلة على الشفاه أثناء القداس وينتهي عاريا ً في‬
‫االعتراف)‪!:2‬‬
‫وقال األب بولس الف غالي في تعلي قه على ‪4‬كور(‪( :)25:41‬بقبلة مقدسةةةةةةةة‪ .‬تد ّل على االحترام‬
‫المتبادل والوحدة‪ .‬ما زالت في عدد من الكنائس تمارس خالل الليتورجيا والخدمة اإللهيّة)‪.:3‬‬

‫فالرسائل الخمسة التي ورد فيها األمر بالتقبيل بين المسيحيين هي‪:‬‬
‫‪ .4‬رسالة بولس االولى الى اهل تسالونيكي (‪( :)21:0‬سلموا على اإلخوة جميعا بقبلة مقدسة)‪.‬‬
‫‪ .2‬رسالة بولس االولى الى اهل كورنثوس (‪( :)25:41‬سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة)‪.‬‬

‫‪ :4‬مقال بعنوان (‪ ،)A Brief History of the Christian Ritual Kiss‬بقلم ‪،Michael Philip Penn‬‬
‫منشور في الموقع االلكتروني (‪ ،)Church Life Journal‬بتاريخ ‪ 40‬شباط ‪2524‬م‪ ،‬عبر الرابط‪:‬‬
‫‪https://bit.ly/2ScAvR1‬‬
‫‪ :2‬مقال بعنوان (‪ ،)Le bisou sur la bouche, ou l’histoire du roulage de pelle‬بقلم ‪MARINE‬‬
‫‪ ،GASC‬منشور في الموقع االلكتروني (‪ ،)Raconte-moi l'Histoire‬بتاريخ ‪2541/4/25‬م ‪ ،‬عبر الرابط‪:‬‬
‫‪https://bit.ly/3f5hRU4‬‬
‫‪ :3‬العهد الجديد‪ ،‬قراءة رعائية – التعليق على ‪4‬كور (‪ – )25:41‬ص‪.0:3‬‬
‫‪50‬‬
‫‪ .3‬رسالة بولس الثانية الى اهل كورنثوس (‪( :)42:43‬سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة)‪.‬‬
‫‪ .1‬رسالة بولس الى اهل رومية (‪( :)41:41‬سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة)‪.‬‬
‫‪ .0‬رسالة بطرس االولى (‪( :)41:0‬سلموا بعضكم على بعض بقبلة المحبة)‪.‬‬
‫هذا بحسب الترجمات المعاصرة‪ ،‬وإال فقد بيّنا آنفا ً ان طبعة سارة هودجسون للكتاب المقدس‬
‫بالعربية ‪4:44‬م تحتوي على مواضع اخرى ذُ ِكر فيها التقبيل‪.‬‬
‫وفي هذا الطبعة (طبعة سأأأارة هودجسأأأون ‪4:44‬م) نقرأ بخصأأأوص تحية التقبيل مواضأأأع اخرى‬
‫في العهد الجديد‪:‬‬
‫‪ ‬في رسأأأالة بولس الى رومية (‪( :)22:41‬اقبلكم انا ترتيوس كاتب هذه الرسأأأالة بالرب)‪ ،‬بل ما‬
‫ورد في الفصل السادس عشر كله كما بيناه آنفاً‪.‬‬
‫‪ ‬في رسأأالة بولس االولى الى كورنثوس (‪( :)25:41‬يسأألم عليكم االخوة اجمعون ليقبل بعضأأكم‬
‫بعضا بقبلة قديسة)‪{ .‬اشرنا اليها آنفاً}‬
‫‪ ‬في رسأأالة بولس الثانية الى كورنثوس (‪( :)42:43‬ليقبل بعضأأكم بعض أا ً بقبلة قديسأأة)‪{ .‬اشأأرنا‬
‫اليها آنفاً}‬
‫‪ ‬في رسالة بولس الى فيلبي (‪( :)24:1‬قبّلوا كل قديس بيسوع المسيح يصافحكم من االخوة الذين‬
‫معي)‪.‬‬
‫‪ ‬في رسالته االولى الى تسالونيكي (‪( :)21:0‬قبلوا االخوة كلهم بقبلة قديسة)‪{ .‬اشرنا اليها آنفاً}‬
‫‪ ‬في الرسالة الى العبرانيين (‪( :)21:43‬قبلوا جماعة روسايكم وكافة القديسين يسلم عليكم الذين‬
‫من ايطاليا)‪.‬‬
‫‪ ‬في رسأأالة بطرس االولى (‪43 :0‬و‪( :)41‬تقبلكم البيعة المختارة التي ببابل التي معنا ومرقص‬
‫ابني * ليقبل بعضأأأأأكم بعضأأأأأا ً بقبلة قديسأأأأأة)‪ .‬والمثير ان ترجمة فاندايك حذفت كلمة (البيعة) التي‬
‫تعني الكنيسأأأأة! فكتبتها هكذا‪( :‬تسأأأألم عليكم التي في بابل المختارة معكم‪ ،‬ومرقس ابني * سأأأألموا‬
‫بعضكم على بعض بقبلة المحبة)!‬
‫‪ ‬في رسأأأالة يوحنا الثالثة (‪( :)40:4‬السأأأالم لك يقبلك اصأأأدقاوك سأأألم علي اصأأأدقاينا كل واحد‬
‫باسأأأأأأمه)‪ .‬بينما ترجمة فاندايك كتبتها هكذا‪( :‬سأأأأأأالم لك‪ .‬يسأأأأأألم عليك األحباء‪ .‬سأأأأأألم على األحباء‬
‫بأسمائهم)!!‬

‫ويمكن للقاريء ان يقارن هذه النصأأأأأأوص مع مثيالتها في الطبعات الموجودة لديه للكتاب المقدس‬
‫او العهد الجديد ليرى كيف تم تبديل النصوص بحذف كلمة قبلوا او التقبيل واستبدالها بتحية السالم‬
‫او التسليم‪ ،‬في اغلب المواضع المذكورة!!‬

‫‪ ‬مجاهيل وأسماء ال يعرفون هل هي لرجال ام لنساء!‬


‫في روم(‪{ )::41‬فاندايك}‪( :‬سلموا على أندرونكوس ويونياس نسيبي‪ ،‬المأسورين معي‪ ،‬اللذين هما‬
‫مشهوران بين الرسل‪ ،‬وقد كانا في المسيح قبلي)!‬
‫ي في األسأأأر‪ ،‬فهما من كبار‬ ‫وفي الكاثوليكية‪( :‬سأأألّموا على أندرونيقُس ويونِياس نسأأأيب َّ‬
‫ي وصأأأاحب ّ‬
‫سل‪ ،‬بل اهتديا قبلي الى المسيح)!‬ ‫الر ُ‬
‫ُ‬
‫‪51‬‬
‫وفي طبعة العهد الجديد ‪4113‬م‪( :‬اقروا السأأأأأالم على اندرونيقوس ويونيا قريبي اللذان كانا سأأأأأبيا‬
‫معي وهما معروفان عند الرسل وكانا قد تقدماني في االيمان بالمسيح)‪.‬‬
‫ي والمستاسرين معي ‪ ،‬اللّذين‬ ‫وفي طبعة العهد الجديد ‪4:3:‬م‪( :‬صافحوا اندرونيكوس ويونيا نسيب ّ‬
‫هما في الرسل جليلين‪ ،‬الصايرين ايضا ً في المسيح قبلي)‪.‬‬
‫وفي الكتأأاب المقأأدس طبعأأة سأأأأأأأارة هودجسأأأأأأون ‪4:44‬م‪( :‬قبّلوا انأأدرونيكوس ويونيأأا نسأأأأأأيبي‬
‫والمسأأتاسأأرين معي الذين هما في الرسأأل جليلين الصأأايرين في محبة المسأأيح قبلي)‪ .‬الحظ ان هذا‬
‫النص هو نفس النص في طبعة ‪4:3:‬م سوى تبديل كلمة (صافحوا) بكلمة (قبّلوا)!‬
‫وفي طبعة رجارد واطس ‪4:33‬م عن ترجمة رومية ‪41:4‬م‪( :‬اقروا السأأأأأأالم علي اندرونيقوس‬
‫ي اللذان كانا سبيا معي وهما معروفان في الرسل وكانا قد تقدماني في المسيح)‪.‬‬ ‫ويونيا قريب ّ‬
‫ي ورفيقي في السأأأأجن اندرونيقوس‬ ‫وفي طبعة العهد الجديد في الهند ‪4:41‬م‪( :‬وسأأأألّموا على قريب ّ‬
‫ويرنيا المشهورين بين الحواريين الّذين انتسبا الى المسيح قبلي)‪.‬‬

‫وفي ترجمة الملك جيمس ‪4144‬م‪:‬‬


‫‪"Salute Andronicus and Junia, my kinsmen, and my fellow-prisoners, who‬‬
‫‪are of note among the apostles, who also were in Christ before me".‬‬
‫أي‪( :‬سأألموا على أندرونيكوس ويونيا ‪ ،‬وأقاربي ‪ ،‬وزمالئي األسأأرى ‪ ،‬الذين هم من الرسأأل‪ ،‬وهم‬
‫ايضا ً كانوا في المسيح قبلي)‪.‬‬

‫وفي ترجمة لوثر ‪4041‬م‪:‬‬


‫‪"Grüßet den Andronikus und den Junias, meine Gefreundeten und meine‬‬
‫‪Mitgefangenen, welche sind berühmte Apostel und vor mir gewesen in‬‬
‫‪Christo".‬‬
‫أي ( سأأأأألموا على أندرونيكوس ويونياس ‪ ،‬أصأأأأأدقائي وزمالئي األسأأأأأرى ‪ ،‬الذين هم من الرسأأأأأل‬
‫المشهورين وكانوا قبلي في المسيح)‪.‬‬

‫وفي طبعة [‪ ]1940Bulgarian Bible‬البلغارية ‪:‬‬


‫‪"Поздравете Андроника и Юния, моите сродници и <някога> заедно с‬‬
‫‪мене затворници, които между апостолите <се считат> за бележити и‬‬
‫‪които още преди мене бяха в Христа".‬‬
‫أي‪( :‬سأأأأألموا على أندرونكوس ويونياس ‪ ،‬أقاربي واألسأأأأأرى معي ‪ ،‬الذين هم من الرسأأأأأل والذين‬
‫كانوا قبلي في المسيح)‪.‬‬

‫سلّموا على أَندرونِ ُكوس ويُني َ‬


‫اس‬ ‫وفي طبعة العهد الجديد (العالم الجديد) الصادرة عن شهود يهوه‪ِ ( :‬‬
‫ي في األسر‪ ،‬اللَّذين هما مشهوران بين الرسل وقد كانا في اتحاد بالمسيح قبلي)‪ .‬انظر‬ ‫ي ورفيق َّ‬
‫نسيب َّ‬
‫الى هذه الترجمة الذكية باسأأأأأأتخدام تعبير‪( :‬اتحاد بالمسأأأأأأيح قبلي)! للتعبير عن االيمان بالمسأأأأأأيح‬
‫والتذكير بأن هذا االيمان هو االتحاد الجسأأأأأأأدي به عبر الكنيسأأأأأأأة! هي ترجمة ال تعبّر عن واقع‬

‫‪52‬‬
‫الكلمات اال صلية ولكنها تدغدغ م شاعر القاريء‪ ،‬وكأنما المترجم اكثر تع ّمقا ً في االيمان من بولس‬
‫نفسه!‬

‫وتقول كارين كينج‪( :Karen L. King :1‬تم حجب مكانة امرأة واحدة على األقل في التاريخ‬
‫بتحويلها إلى رجل! في رومية ‪ ، : :41‬ير سل الر سول بولس تحياته إلى امرأة ا سمها يونيا‪ .‬يقول‬
‫عنها وعن شأأريكها أندرونيكوس إنهما "أقاربي وزمالئي في األسأأر ‪ ،‬وبارزين بين الرسأأل وكانوا‬
‫في المسأأأأيح قبلي"‪ .‬اسأأأأتنتا ًجا بأن النسأأأأاء ال يمكن أن يصأأأأبحن رسأأأأل ‪ ،‬قام محررو النصأأأأوص‬
‫والمترجمون بتحويل جونيا إلى جونياس ‪ ،‬رجل)‪!:0‬‬

‫وجاء في الكتاب المقدس الدراسأأأي‪( :‬يونياس‪ .‬الطريقة المفضأأألة لقراءة هذا االسأأأم باللغة اليونانية‬
‫هي "جونيا"‪ ،‬وهو اسأأم مؤنث‪ .‬ربما كان أندرونيكس ويونياس زوجين (قارن مع بريسأأكال وأكيال‬
‫{آية ‪ }3‬فيلولوغوس وجوليا {آية ‪ .}40‬بين الرسل‪ .‬لهذه العبارة تفسيران محتمالن‪ )4( :‬تستخدم‬
‫كلمة "رسأأأل" بمعنى أوسأأأع من االثني عشأأأر‪ ،‬فتعني المبشأأأرين باإلنجيل المعروفين من الكنائس‬
‫(انظر أع ‪ 1:41‬والتعليق‪41،‬؛ ‪ 4‬تس ‪ )2( .)1:2‬كلمة "رسأأأأأأل" هنا معرفة‪ ،‬فربما يعني هذا أن‬
‫المقصأأود بها االثني عشأأر‪ .‬لو كان االمر كذلك فسأأيكون المعنى أن هذين الشأأخصأأين كانا متميزين‬
‫في نظر الرسل)‪.:1‬‬
‫بينما التفسأأأأأأير التطبيقي للكتاب المقدس يقول عنهما‪ ( :‬جاء في بعض الترجمات أن اندرونيكوس‬
‫ويونياس كانا "م شهورين بين الر سل"‪ ،‬ويحتمل جدا ً أنهما كانا مر سلين بارزين‪ .‬وليس من المؤكد‬
‫عند العلماء ما إذا كان االسأأأأأأم الثاني وهو "يونياس" (مذكراً) أو "يونيا" (مؤنثاً)‪ ،‬فإذا صأأأأأأح أنه‬
‫"يونيا" فاألرجح عند البعض أنها كانت زوجة ألندرونيكوس)‪.::‬‬

‫وهكذا نجد ان هذين الشخصين المهمين هما مجهولي الحال بل ان احدهما ال يُعرف هل هو ذكر أم‬
‫أنثى! فلم يرد بهما تعريف ال في العهد الجديد وال في تواريخ المسيحيين االولى! وكم من شخصية‬
‫مجهولة في الكتاب المقدس والعهد الجديد! وهذه صأأأأفة تضأأأأاف الى صأأأأفاته األخرى وهي صأأأأفة‬
‫وجود أشأأخاص مجهولين فيه‪ ،‬الى جانب ان مجهولية ُكتّاب بعض اسأأفاره‪ ،‬وضأأياع البعض اآلخر‬
‫منها‪ ،‬والتناقضات بين مواضع بين اسفاره‪ ،‬والتغيير في ترجمة العديد من كلماته!‬

‫‪ ))7‬رسالة بولس الى اتباعه في مدينة فيلبي (فل)‬


‫زار بولس هذه المدينة اول مرة في رحلته الثانية وللمرة الثانية في رحلته الثالثة‪.‬‬

‫‪ :1‬كارين إل كينج أستاذة دراسات العهد الجديد وتاريخ المسيحية القديمة بجامعة هارفارد في كلية الالهوت‪ .‬لها‬
‫منشورات كثيرة في مجاالت الغنوصية والمسيحية القديمة ودراسات المرأة‪.‬‬
‫‪ :0‬مقال بعنوان (‪ ،)Women In Ancient Christianity: The New Discoveries‬بقلم ‪،Karen L. King‬‬
‫منشور في الموقع االلكتروني (‪ ،)FRONTLINE‬عبر الرابط‪https://to.pbs.org/3f5p1Yk :‬‬
‫‪ :1‬الكتاب المقدس الدراسي – ص‪.2:15‬‬
‫‪ ::‬التفسير التطبيقي للكتاب المقدس – ص‪.2140‬‬
‫‪53‬‬
‫وابرز اإلثارات في هذه الرسالة التي يُقال انه كتبها وهو في السجن في رومية سنة ‪13‬م‪ ،‬غير ان‬
‫الرأي االغلب هو انه كتبها وهو في أفسس سنة ‪01‬م‪:::‬‬

‫‪ ‬عقيدة ال معقولة‬
‫في رسالته فل(‪ )44-0 :2‬نقرأ نصا ً عن عقيدة بولس‪ ،‬وهي عقيدة بدائية‪ ،‬رغم ما فيها‪ ،‬قبل ان‬
‫تتطور من قبل رجال الدين المسيحيين بصورة تدريجية‪ ،‬حيث يقول (فاندايك)‪( :‬فليكن فيكم هذا‬
‫الفكر الذي في المسيح يسوع أيضا‪ :‬الذي إذ كان في صورة هللا‪ ،‬لم يحسب خلسة أن يكون معادال‬
‫هلل‪ .‬لكنه أخلى نفسه‪ ،‬آخذا صورة عبد‪ ،‬صائرا في شبه الناس‪ .‬وإذ وجد في الهيئة كإنسان‪ ،‬وضع‬
‫نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب‪ .‬لذلك رفعه هللا أيضا‪ ،‬وأعطاه اسما فوق كل اسم لكي تجثو‬
‫باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على األرض ومن تحت األرض‪ ،‬ويعترف كل لسان أن‬
‫يسوع المسيح هو رب لمجد هللا اآلب)‪ .‬وفي الترجمة الكاثوليكية‪( :‬وال ينظرن احد الى منفعته‪ ،‬بل‬
‫تجرد‬
‫الى منفعة غيره‪ .‬تخلقوا بخلق المسيح‪ ،‬فمع انه في صورة هللا لم يعد مساواته هلل غنيمة‪ ،‬بل ّ‬
‫من ذاته متخذا ً صورة العبد وصار على مثال البشر‪ ،‬وظهر بمظهر االنسان‪ ،‬فوضع نفسه واطاع‬
‫حتى الموت‪ ،‬الموت على الصليب‪ .‬لذلك رفعه هللا ووهب له األسم الذي يفوق جميع االسماء‪ ،‬كيما‬
‫تجثوا ألسم يسوع كل ركبة في السماء وفي االرض وفي الجحيم‪ ،‬ويشهد كل لسان ان يسوع المسيح‬
‫هو الرب تمجيدا ً هلل اآلب)‪.‬‬
‫فهذا النص يكشف ع ّما تعانيه المسيحية من تناقضات وال معقولية! فقوله‪( :‬فمع انه في صورة هللا‬
‫لم يعد مساواته هلل غنيمة) يخالف العقيدة المسيحية التي تقول ان المسيح هو هللا وانه ابن هللا وانه‬
‫وان االقانيم الثالثة متساوية في القيمة! بينما النص يجعل المسيح في مرتبة ادنى‬ ‫االقنوم الثاني‪َّ ،‬‬
‫ولكونه أصبح مساويا ً هلل اال انه ال يعد تلك المساواة غنيمة!!‬
‫تجرد من ذاته متخذا ً صورة العبد وصار على مثال البشر)‪ ،‬فأ ّما ان المسيح وهو األقنوم‬ ‫وقوله‪( :‬بل ّ‬
‫بالتجرد من ذاته أي إنّه ترك ألوهيته أو أخلى ذاته من اللوهية‬
‫ّ‬ ‫الثاني بحسب العقيدة المسيحية يقوم‬
‫سد بمعنى‬ ‫وأصبح بصورة إنسانية! وهذا مخالف للعقيدة المسيحية التي تقول ان االقنوم الثاني لم يتج ّ‬
‫ان الطبيعة اإللهية تلبست بجسد بشري‪ ،‬بل كان هناك اتحاد بين طبيعتين االولى إلهية والثانية بشرية‬
‫وتجرد من ذاته كما يقول بولس!!‬ ‫ّ‬ ‫بدون امتزاج وال انفصال!! فليس ان المسيح تخلى عن ألوهيته‬
‫ومن الناحية العقلية البديهية فهذا النص سفسطائي بإمتياز ألن اإلله ال يمكن ان يتخلى عن ألوهيته‪،‬‬
‫فهذا األمر ممتنع‪ ،‬لكون اإلله أزلي في وجوده‪ .‬وهناك عدة امور ممتنعة بذاتها‪ ،‬هذا واحد منها‪،‬‬
‫ومن األمور األخرى الممتنعة ذاتا ً على سبيل المثال ال الحصر‪ :‬ان يموت اإلله‪ ،‬ان يكون لإلله‬
‫شريك في األلوهية‪ ،‬أن يكون اإلله فقيراً‪ ،‬وأن يكون له حد وان يكون له جهة‪ ،‬وغيرها من الممتنعات‬
‫لذاتها‪.‬‬
‫تجرد المسيح من ذاته متخذا ً صورة العبد يخالف العقل البديهي كما يخالف عقيدة‬ ‫فهذا النص عن ّ‬
‫المسيحيين بخصوص وجود طبيعتين للمسيح!‬
‫وقوله (رفعه هللا ووهب له األسم الذي يفوق جميع االسماء)‪ ،‬يبين ان هللا أعلى مرتبة من المسيح‪،‬‬
‫وهذا مخالف لعقيدة المسيحيين التي تقول ان هللا هو المسيح‪ ،‬وان المسيح هو ابن هللا وإنَّن المسيح‬
‫هو االقنوم الثاني وهو مسا ٍو ألقنوم األب في المرتبة واالعتبار!!‬
‫وا ّما قوله (تمجيدا ً هلل اآلب) فهو يوضح فكرة بولس عن ان اإلله هو األب وما المسيح اال ابن له‬
‫ادنى مرتبة‪ ،‬فلم تكن فكرة األقانيم الثالثة المتساوية موجودة في ذهن بولس‪.‬‬
‫وهذه العبارات تكشف عن تدرج في تكوين العقيدة المسيحية ابتداءا ً من عصر بولس!‬

‫‪ ::‬المدخل الى رسالة بولس الى اهل فيلبي‪ ،‬في الطبعة الكاثوليكية‪ ،‬ص‪.11:‬‬
‫‪54‬‬
‫‪ ‬رسالة مفقودة الى اتباعه في فيلبي‬
‫في فل(‪{ )4:3‬فاندايك}‪( :‬أخيرا يا إخوتي افرحوا في الرب‪ .‬كتابة هذه األمور إليكم ليست علي ثقيلة‪،‬‬
‫وأما لكم فهي مؤمنة)‪ .‬وفي الطبعة الكاثوليكية نقرأها‪( :‬وبعدُ‪ ،‬ايها األخوة ‪ ،‬فافرحوا في الرب‪ .‬ال‬
‫ي أن أكتب إليكم باألشياء نفسها‪ ،‬ففي ذلك أمان لكم)‪ .‬وفي الهامش‪ ،‬ص‪ ،10:‬التعليق التالي‪:‬‬ ‫يثق ُل عل َّ‬
‫(قد يكون في هذه العبارة اشارة الى رسالة كتبها بولس قبل هذه الرسالة ولكنها فقدت فيما بعد فلم‬
‫تقع الى ايدينا)‪ .‬إذن هناك رسالة ضائعة من بولس الى اهل فيلبي سبقت هذه الرسالة‪ ،‬وهذا يعني ان‬
‫اإلله لم يحفظ النصوص المقدسة لدينه!!‬
‫وربما لذلك يقول بعض علماء المسيحية ان رسالة بولس الى أهل فيلبي هي في األصل ثالث رسائل‬
‫ت ما من قبل شخص مجهول لتصبح رسالة واحدة!!‪ .:1‬مما يعني ان هناك‬ ‫تم تجميعها في وق ٍ‬
‫رسالتان مفقودتان الى اهل فيلبي وليس رسالة واحدة فقط!!‬

‫‪ ‬إشارة الى خالف بولس مع تالميذ المسيح‬


‫في فل(‪ )0-2 :3‬نقرأ {فاندايك}‪( :‬انظروا الكالب‪ .‬انظروا فعلة الشر‪ .‬انظروا القطع‪ .‬ألننا نحن‬
‫الختان‪ ،‬الذين نعبد هللا بالروح‪ ،‬ونفتخر في المسيح يسوع‪ ،‬وال نتكل على الجسد‪ .‬مع أن لي أن أتكل‬
‫على الجسد أيضا‪ .‬إن ظن واحد آخر أن يتكل على الجسد فأنا باألولى‪ .‬من جهة الختان مختون في‬
‫اليوم الثامن‪ ،‬من جنس إسرائيل‪ ،‬من سبط بنيامين‪ ،‬عبراني من العبرانيين‪ .‬من جهة الناموس‬
‫فريسي)‪.‬‬
‫ونقرأ في الطبعة الكاثوليكية التعليق التالي على كلمة (الكالب) الواردة في النص اعاله‪( :‬عبارة‬
‫تحقير كان اليهود يستعملونها في كالمهم على الوثنيين‪ .‬والمراد بها في هذه اآلية اليهود الذين ارادوا‬
‫فرض عاداتهم على المسيحيين)‪ .‬وقوله (انظروا القطع)‪( :‬ته ّكم بأنصار الختان)!‬
‫فلم تخ ُل هذه الرسالة من اصداء الخالف بين بولس وقادة اليهود المسيحيين‪ ،‬بل نجد فيها تصعيد‬
‫باستخدام ألفاظ حادّة! وهذا يعني انه في هذه الفترة العالقات بينهما قد تكون سيئة أو مقطوعة تماماً!‬

‫‪ ‬مساعدات مالية الى بولس‬


‫في فل (‪ )40:1‬يبين ان اتباعه في فيلبي هم الوحيدون الذين يساعدونه بالمال‪ ،‬قال {فاندايك}‪( :‬وأنتم‬
‫أيضا تعلمون أيها الفيلبيون أنه في بداءة اإلنجيل‪ ،‬لما خرجت من مكدونية‪ ،‬لم تشاركني كنيسة واحدة‬
‫في حساب العطاء واألخذ إال أنتم وحدكم)‪.‬‬
‫ولم يرد تعليق على هذا الموضوع في الطبعة الكاثوليكية للعهد الجديد وال في التفسير التطبيقي‬
‫للكتاب المقدس‪ ،‬وال في الحواشي على الطبعة اليسوعية‪ .‬كما انهم في اصدار "الكتاب المقدس‬
‫الدراسي" تهربوا من الموضوع بمهارة رغم تعليقهم على العبارة!‬

‫‪ :1‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪ 201‬و‪.215‬‬


‫‪55‬‬
‫وفي الطبعة الرعائية للعهد الجديد كتب بولس الفغالي في التعليق على هذه العبارة‪( :‬األخذ والعطاء‪.‬‬
‫أخذت الجماعة من بولس الروحيات واعطته الماديات‪ ،‬أي المعونة الماديّة‪ .‬تلك هي المشاركة الحقة‬
‫التي عاشها بولس مع كنيسة فيلبي)‪.15‬‬

‫‪ ))8‬رسالة بولس الى اتباعه في مدينة كولوسي (كول)‬


‫كتب بولس هذه الرسالة في أواخر حياته‪ ،‬وبعد تكوين نظرياته الدينية‪ .‬لم يزر بولس مدينة كولوسي‬
‫"فإن قوما ً من تلك المدينة سمعوا كالمه إذ كان يبشر بالدين المسيحي في‬
‫َّ‬ ‫وال أنشأ الكنيسة فيها‪،‬‬
‫أفسس حيث أقام اكثر من سنتين (رسل ‪ 4:41‬و‪ )45::‬فآمنوا بالسيد المسيح ثم عادوا الى مدينتهم‬
‫فهدوا جماعة من اهلها الى الدين المسيحي"‪ .14‬كتب بولس رسالته هذه وهو في السجن‪ .‬وكان من‬
‫اتباعه في كولوسي مسيحيون من اصول وثنية وكذلك من اصول يهودية‪.‬‬
‫كتب الخوري بولس الفغالي‪( :‬كتب بولس الرسالة الى كولوسي خالل اسره األول (‪.12))13-14‬‬
‫ويذكر ديفيد سيلفا ان علماء المسيحية منقسمون حول هوية مؤلف هذه الرسالة‪ ،‬أي ان هناك منهم‬
‫من يشكك في ان بولس هو كاتب هذه الرسالة فعالً‪ ،13‬وابرزهم فرديناند كريستيان باور‪F. C. 11‬‬
‫‪ Baur‬ومدرسته‪.10‬‬

‫وأبرز اإلثارات في هذه الرسالة‪:‬‬


‫‪ ‬بولس ضد المباديء العقلية‬
‫سنّة‬
‫في كول(‪::2‬و‪ )1‬الكاثوليكية‪( :‬إياكم وأن يخلبكم أحد بالفلسفة‪ ،‬بذلك الغرور الباطل القائم على ُ‬
‫الناس وأركان العالم‪ ،‬ال على المسيح‪ ،‬ففيه يحل جميع كمال األلوهيّة ُحلوالً جسديا ً)!‬
‫وفي الترجمة الرعائية‪( :‬وانتبهوا لئال يسلُب أحد عقولكم بالكالم الفلسفي والغرور الباطل القائم على‬
‫تقاليد البشر وقوى الكون االولية‪ ،‬ال على المسيح‪ .‬ففي المسيح يحل مل ُء اإللوهيّة كلُّهُ ُحلوالً جسديّا ً)‪.‬‬
‫وهنا يكشف بولس بوضوح ان دين المسيحية الذي اعلنه ال يخضع لمقاييس العقل والبديهيات‪ ،‬فليس‬
‫المقصود بالفلسفة في كالمه تلك الفلسفة الظنية الذوقية المبنية على الراي واالحتماالت‪ ،‬بل‬
‫سنّة الناس وأركان العالم)‪.‬‬
‫المقصود الفلسفة المبنية على العقل والبديهيات الفطرية‪ ،‬لقول بولس ( ُ‬
‫ويقصد باركان العالم القوانين الطبيعية التي ينتظم وفقا ً لها ومن اهمها القوانين البديهية التي وضعها‬
‫هللا سبحانه في عقل كل إنسان عاقل‪.‬‬

‫‪ 15‬العهد الجديد ‪ ،‬قراءة رعائية‪ ،‬كتب مداخلها وهوامشها بولس الفغالي ‪ /‬جمعية الكتاب المقدس ‪ /‬االصدار االول‬
‫الطبعة االولى ‪ ،2551‬لبنان – ص‪.1:5‬‬
‫‪ 14‬العهد الجديد ‪ /‬الطبعة الكاثوليكية‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪41::‬م – المدخل الى رسالة بولس الى اهل قولسي –‬
‫ص‪.113‬‬
‫‪ 12‬العهد الجديد ‪ ،‬قراءة رعائية‪ ،‬كتب مداخلها وهوامشها بولس الفغالي – ص‪.1:2‬‬
‫‪ 13‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.335‬‬
‫‪ 94‬جاء في موسوعة الويكيبيديا العربية‪{ :‬فرديناند كريستيان باور (بالالتينية ‪ )Ferdinand Christian Baur‬ثيولوجي ألماني وقائد‬
‫مدرسة توبنغن الثيولوجية التي سميت نسبة لجامعة توبنغن‪ .‬اتبع ديالكتيك هيغل ووضع أدلة بأن مسيحية القرن الثاني كانت مركبة من‬
‫توجهين مختلفين هما المسيحية اليهودية والمسيحية البولصية‪ .‬في النقد العالي اقترح تاريخا متأخرا لرسائل بولس الشخصية}‪.‬‬
‫‪ 10‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.331‬‬
‫‪56‬‬
‫ولنا ان نتسائل لماذا يعلّم بولس ضد القوانين العقلية البديهية ويضع االيمان بالمسيح بديالً لها؟!‬
‫سد‬
‫الجواب هو ان االيمان بالدين الذي وضعه بولس يتعارض مع األسس العقلية البديهية‪ ،‬فقضية تج ّ‬
‫سد فيعني ذلك‪:‬‬ ‫اإلله تتعارض مع العقل ألن اإلله اذا تج ّ‬
‫انه يحتاج الجسد البشري الذي خلقه! وهذا يتعارض مع كماله كغني عن مخلوقاته‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫احتياج اإلله لخشبة الصليب ليغفر خطايا المؤمنين به! وهذا االحتياج يجعل من اإلله فقيرا ً‬ ‫‪.2‬‬
‫ومحتاجا ً الى مخلوقاته!!‬
‫ان اتحاد الطبيعتان الالهوتية والناسوتية في جسد بشري واحد سيجعل من اإلله محدودا ً بحدود‬ ‫‪.3‬‬
‫الجسد‪ ،‬وفي جهة هي التي تحتوي الجسد‪ ،‬وبذلك يكون محتاجا ً للحد والجهة‪ ،‬ومن هذه صفاته‬
‫يكون محدثا ً وليس قديماً‪ .‬أي ال يمكن أن يكون إلها ً وهو محتاج للحد والجهة‪.‬‬
‫عقيدة بولس بتضحية اإلله بأبنه ليصبح له الحق في غفران الخطايا! بينما اإلله قدير وعظيم‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫وال يحتاج لمبرر أو وسيلة لغفران خطايا التائبين‪ ،‬بل حتى غفران خطايا المذنبين إذا شاء ذلك‬
‫وفقا ً لحكمته سبحانه‪ .‬وهذه هي صفات اإلله في العهد القديم‪ ،‬فما حدا مما بدا وتغيّرت صفاته‬
‫بعد ظهور بولس ودينه الجديد؟!‬

‫ونقصد بالعقل القضايا الفطرية الراسخة فيه والتي ال يختلف عليها اثنان والتي تسمى أيضا ً‬
‫بالمنطق‪ ،‬وال يقصد بالعقل مجرد اآلراء الشخصية واالستحسانات الذهنية الشخصية‪.‬‬
‫نظر رجال الدين المسيحيون الى‬ ‫فالعقدة التي تعاني منها المسيحية هي تعارضها مع العقل‪ ،‬ولذلك يُ ِ ّ‬
‫تقديم االيمان على العقل!! وهم يتباهون بأن عقيدتهم المسيحية غير معقولة وال يدركها العقل‬
‫والمنطق!! يقول احدهم‪" :‬ولكن كيف صار هذا االتحاد‪ ،‬أو كيف يكون لطبيعة السيد المسيح الواحدة‬
‫صفات الالهوت وصفات الناسوت معا ً بدون اختالط وبدون امتزاج وبدون تغيير‪ ،‬أو كيف يكون‬
‫للسيد المسيح صفات الطبيعتين وال تكون له الطبيعتان‪ ،‬هذا ما ال نعرفه!! إنه سر من األسرار‬
‫االلهية‪ ،‬ال يمكن أن نفهمه أو نعيه أو نحتويه في عقولنا‪ .‬من هنا سمي في االصطالح الكنسي بسر‬
‫التجسد االلهي‪ .‬فنحن نؤمن بنوع من االتحاد يفوق كل فهم بشري وكل تصور‪ .‬قد تكون هذه مشكلة‬
‫كبيرة بالنسبة للعقل الفلسفي أو للعقل المادي‪ ،‬وقد يكون فيها تناقض‪ ،‬وقد يكون فيها ما يتعارض‬
‫مع قوانين العقل والمنطق والحس والمادة والمصطلحات الفلسفية‪ .‬كل هذا قد يكون صحيحا ً ‪ ،‬ولكننا‬
‫نصدق ونؤمن بتجربة باطنية روحية صوفية عالية على كل منطق وعقل‪ .‬أن هذا أمر ممكن ‪ ،‬ذلك‬
‫ألن هللا أراده ‪ ،‬وإذا أراد هللا شيئا ً فهو ممكن‪ ،‬وحتى لو كان هذا غير معقول للعقل فإنه معقول للعقل‬
‫الروحاني الذي ال يعرف لقدرة هللا حدوداً‪ .‬وهذا هو ((االيمان الذي بال فحص)) الذي يصرخ من‬
‫أجله الكاهن القبطي في القداس االلهي"‪.96‬‬
‫انظروا لعظمة اإلسالم وتهاوي العقائد الباطلة‪ ،‬االسالم الذي يدعوا الى التعبد بعقل وفهم ومعرفة‪،‬‬
‫والمسيحية التي تدعوا للتعبد بإيمان ال يمكن تعقله!!؟ ففي االسالم‪ ،‬روى الشيخ الصدوق في أماليه‬
‫عن االمام محمد الباقر (عليه السالم) انه قال‪( :‬لما خلق هللا العقل استنطقه‪ ،‬ثم قال له أقبل فأقبل‪،‬‬
‫كملُكَ إال‬
‫وعزتي وجاللي ما خلقت خلقا هو أحبّ إلي منك‪ ،‬وال ا ُ ِ‬‫َّ‬ ‫ثم قال له أدبر فأدبر‪ ،‬ثم قال له‪:‬‬
‫أحب‪ ،‬أ َما إنّي إياك آمر‪ ،‬وإياك أنهى‪ ،‬وإياك أثيب)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فيمن‬

‫‪ 11‬تعليم كنيسة االسكندرية فيما يختص بطبيعة السيد المسيح ‪ /‬وهيب عطا هللا جرجس‪ /‬يونيو‪ –4114‬ص‪ 4:‬و‪.4:‬‬
‫‪56‬‬
‫إن االنسان الذي ال يتعبد بما يعقله يصبح كالمجنون الذي ال تكليف له! ألن‬ ‫لقد غفل المسيحيون عن َّ‬
‫يثيب هللاُ اإلنسانَ ويحاسبه‪ ،‬فإذا كانت العقيدة‬
‫ُ‬ ‫الفرق بين العاقل والمجنون هو العقل الذي من خالله‬
‫االيمانية غير معقولة تساوى امامها العقالء والمجانين!!‬

‫‪ ‬قرائن على َّ‬


‫أن هذه الرسالة الى كولوسي ُكتِبَت بعده‬
‫في كول(‪0 :4‬و‪( :)1‬من أجل الرجاء الموضوع لكم في السماوات‪ ،‬الذي سمعتم به قبال في كلمة‬
‫حق اإلنجيل‪ ،‬الذي قد حضر إليكم كما في كل العالم أيضا‪ ،‬وهو مثمر كما فيكم أيضا منذ يوم سمعتم‬
‫وعرفتم نعمة هللا بالحقيقة)‪ .‬وفي (‪( :)23:4‬إن ثبتم على اإليمان‪ ،‬متأسسين وراسخين وغير منتقلين‬
‫عن رجاء اإلنجيل‪ ،‬الذي سمعتموه‪ ،‬المكروز به في كل الخليقة التي تحت السماء‪ ،‬الذي صرت أنا‬
‫بولس خادما له)‪.‬‬
‫وهاذان النصان هما احد القرائن على ان رسالة كولوسي كتبت في زمن بعد عصر بولس‪ ،‬ألن‬
‫انتشار المسيحية في عصر بولس لم يكن على النحو الموصوف في النص‪( :‬في كل العالم) و(في‬
‫كل الخليقة التي تحت السماء)‪.‬‬
‫أن "كل‬ ‫أن كولوسي ‪ ،23 ،1:4‬التي تقول َّ‬ ‫ويقول ديفيد سيلفا‪( :‬بعض الدارسين العلماء الحظوا َّ‬
‫الخليقة" قد سمعت اإلنجيل‪ ،‬ينبغي أن تكون عالمة على تأليف ما بَعد‪-‬بولسي‪ ،‬بما أنَّه ال يمكن تقديم‬
‫فإن هذا‬ ‫تصريح كهذا عن إتّساع مدة انتشار اإلنجيل الى هذا الحد في زمن بولس‪ .‬على أية حا ٍل َّ‬
‫مجرد مبالغة أو مغاالة في المرحلة ما بعد‪-‬البولسية {بالحقيقة‪ ،‬حتى وقتنا‬ ‫ّ‬ ‫التصريح قد يكون‬
‫‪1:‬‬
‫الحاضر} كما في زمن حياة بولس‪ ،‬فهذا النوع من الدليل غير مساعد) ‪ .‬ويظن البعض ان ادّعاء‬
‫أن‬ ‫المبالغة للنص تجنّبهم إحراجه! فوجود نص يفترض أنَّه إلهي ووحي ومقدس ومع ذلك يوصف ب َّ‬
‫ان هناك خلالً في مكان ما!! السيما وان ديفيد سيلفا نفسه يقول بأ َّن‬
‫فيه مبالغة أو مغاالة فهذا يعني َّ‬
‫المبالغة والمغالة مستمرة الى وقتنا الحاضر!‬
‫ويعلل بعض رجال الدين المسيحي هذا النص {قول بولس‪ :‬في كل العالم} بقولهم‪ 1:4( :‬في العالم‬
‫أجمع‪ .‬مبالغة القصد منها تصوير االنتشار السريع لرسالة االنجيل في جميع أرجاء اإلمبراطورية‬
‫الرومانية على مر ثالثة عقود بدءا ً من يوم الخمسين {انظر اآلية ‪ ، 23‬رو ‪ ::4‬والتعليق‪4::45 ،‬‬
‫‪ .}41:41 ،‬يدحض بولس الرسول اتهامات المعلمين الكذبة مؤكدا ً أن اإليمان المسيحي ليس ّ‬
‫مجرد‬
‫إيمان محلي أو إقليمي وإنما عالمي في نطاقه)‪ .1:‬وهذا النص يل ّمح الى خالف بولس مع اكابر‬
‫شِر‬‫الرسل تالميذ المسيح الذين كانوا يقتصرون على تبشير اليهود‪ ،‬فيقول لهم بولس ان الدين الذي يب ّ‬
‫شِر الوثنيين‪ ،‬وهم في كل مكان!‬‫به سينتشر في جميع انحاء االرض ألن بولس يب ّ‬

‫‪ ‬تعبير يظهر مرة واحدة في العهد الجديد!‬


‫وهو تعبير (كلمة المسيح) الذي نجده في كول(‪{ )41:3‬فاندايك}‪( :‬لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى‪،‬‬
‫وأنتم بكل حكمة معلمون ومنذرون بعضكم بعضا‪ ،‬بمزامير وتسابيح وأغاني روحية‪ ،‬بنعمة‪،‬‬
‫مترنمين في قلوبكم للرب)!‬

‫‪ 1:‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا ‪ -‬ج‪ 2‬ص‪.331‬‬


‫‪ 1:‬الكتاب المقدس الدراسي – ص‪.2::5‬‬
‫‪58‬‬
‫وسوف نستعرض عدّة ترجمات لهذا النص وكيف ت ّمت ترجمة العبارة ( كلمة المسيح)‪ ،‬وهي عبارة‬
‫لم تتكرر في العهد الجديد!ولم يستعملها اي كاتب آخر من كتبة اسفاره!!‬
‫في ترجمة العهد الجديد العربية ‪4113‬م‪( :‬لتحل فيكم كلمته‪ 11‬ويعينكم بكل حكمة وكونوا تعلمون‬
‫نفوسكم وتودبونها بالمزامير والتسابيح واغاني الرواح وبالنعمة كونوا ترتلون هللا في قلوبكم)‪.‬‬
‫في ترجمة العهد الجديد العربية ‪4:3:‬م‪( :‬قول المسيح فليسكن فيكم بسع ٍة لكافة الحكمة‪ .‬معلّمين‬
‫انفسكم وموعظيها بالمزامير والتسابيح والترنّيمات الروحانية‪ .‬مترنّمين بنعم ٍة في قلبكم للربّ )‪.‬‬
‫في ترجمة الكتاب المقدس العربية ‪4:44‬م‪( :‬وليسكن فيكم قول هللا بغزارة بكافة الحكمة اذ تعلمون‬
‫انفسكم وتعظونها بالمزامير والتسابيح والترنمات الروحانية مترنمين للرب في قلوبكم)‪.‬‬
‫في ترجمة هنري مارتن المطبوعة بالهند للعهد الجديد ‪4:41‬م‪( :‬ولتستقم فيكم كلمة المسيح بانواع‬
‫الحكمة كلّها استقامة كاملة وانتم تتواعظون وتتناصحون بالمزامير والتسابيح والتّرنّمات الروحانية‬
‫وتترنمون بالنعمة للرب في قلبوكم)‪.‬‬
‫في طبعة رجارد واطس ‪4:33‬م على ترجمة رومية ‪41:4‬م‪( :‬لتحل كلمة المسيح فيكم بفضل بكل‬
‫حكمة وكونوا تعلّمون نفوسكم وتعظون بالمزامير والتسابيح واغاني الروح بالنعمة تكونوا ترتلون‬
‫هلل في قلوبكم)‪.‬‬
‫وفي ترجمة الدومينيكان ‪4::0‬م‪( :‬لتح ّل كلمة المسيح فيكم بتفاضل وبكل حكمة كونوا معل ّمين‬
‫وواعظين بعضكم بعضا ً بالمزامير والتسابيح واغاني روحيّة بالنعمة‪ .‬مترنّمين قي قلوبكم)‪.‬‬
‫لبعض بكل‬
‫ٍ‬ ‫معلّمين وناصحين بعضكم‬
‫وفي اليسوعية ‪4:1:‬م‪( :‬ولتح َّل كلمة المسيح فيكم بكثرة ِ‬
‫حكمة وبمزامير وتسابيح وأغاني روحيّة مرنّمين في قلوبكم بالنعمة هلل)!‬
‫لتعلّموا بعضكم بعضا ً وتتبادلوا النصيحة‬
‫في الكاثوليكية ‪41::‬م‪( :‬لينزل فيكم كالم المسيح وافرا ً ِ‬
‫بكل حكمة‪ .‬رتلو هللا من صميم قلوبكم شاكرين بمزامير وتسابيح وأناشيد ُروحانيَّة)!‬
‫ُعلّم‬
‫بفيض بكل حكمةٍ‪ ،‬لي ِ‬
‫ٍ‬ ‫وفي ترجمة القمص قزمان البرموسي ‪41:4‬م‪( :‬ليُ ِقم فيكم كال ُم المسيح‬
‫وينصح بعضكم البعض‪ ،‬وسبحوا الرب في قلوبكم واشكروه بمزامير وتسابيح وبأناشيد روحيّة)‪.‬‬
‫وفي الطبعة البولسية ‪4110‬م‪( :‬لتحل فيكم كلمة المسيح بوفرة‪ ،‬علّموا وانصحوا بعضكم بعضا ً بكل‬
‫حكمة‪ ،‬رنموا بالنعمة هلل في قلبوكم بمزامير وتسابيح وأناشيد روحية)‪.‬‬
‫علّموا وتنبّهوا‬
‫وفي طبعة العهد الجديد الرعائية ‪2551‬م‪( :‬لتحل في قلوبكم كلمة المسيح بكل غناها لت ُ ِ‬
‫ض ُكم بعضا ً بكل حكمةٍ‪ .‬رتلوا المزامير والتسابيح واألناشيد الروحيّة شاكرين هللا من أعماق‬ ‫بع ُ‬
‫قلوبكم)‪.‬‬
‫مرة واحدة في العهد الجديد‪ ،‬بين (كلمة المسيح)‬
‫هكذا حاروا في ترجمة هذا التعبير الذي ظهر ّ‬
‫و(كالم المسيح)! وشتان بين كلمة (المسيح) ككلمة وبين كلمة (المسيح) كقضية أقنومية كالتي بدأ‬
‫بها انجيل يوحنا! وألن من المستبعد ان يكون المقصود بها القضية االقنومية فقد ترجمها بعض‬
‫رجال الدين المسيحيين بـ (كالم المسيح) دفعا ً لالشتباه!‬

‫‪ 11‬اي المسيح‪ ،‬ألن الجملة التي سبقتها كتبوها هكذا‪( :‬وكونوا تشكرون المسيح) فيكون الضمير في (كلمته) يعود‬
‫على المسيح‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫وتوسع بعض رجال الدين المسيحيين في هذا النص المحيّر في معناه فألصقوا به معاني الهوتية‬
‫واسعة ال يحتملها النص‪ .‬ولو كان المقصود به تلك الالهوتيات التي ألصقوها به فلماذا لم يتكرر‬
‫مرة واحدة على األقل؟!‬
‫هذا التعبير في رسائل بولس ولو ّ‬
‫يقول بولس الفغالي في هامش الطبعة الرعائية للعهد الجديد‪( :‬كلمة المسيح {أو‪ :‬كلمة الرب ‪ ،‬كلمة‬
‫هللا}التعليم المسيحي كما وصل بطريقة شفهيّة الى الكولوسيين)‪ .455‬فهو يعلم انه من غير الممكن‬
‫ان يكون المقصود بـ (كلمة المسيح)‪( :‬كالم المسيح) المكتوب أي االناجيل ألن االناجيل لم تكن‬
‫مكتوبة حينذاك‪ ،‬وإذا كان هذا هو المقصود فعالً – كما في بعض الترجمات ‪ -‬فهو يعني وجود‬
‫اناجيل كانت متداولة حينذاك (ولو من قبل المسيحيين اليهود اتباع تالميذ المسيح) زمن كتابتها‬
‫يسبق زمن كتابة االناجيل االربعة‪.‬‬
‫مرة واحدة هو من القرائن‬
‫إن عدم تكرار هذا التعبير في رسائل بولس وظهوره في هذه الرسالة ّ‬
‫التي يستند اليها بعض العلماء المسيحيين في القول َّ‬
‫بأن هذه الرسالة ليست من كتابة بولس بل هي‬
‫منحولة له!‬
‫فهذه العبارة تحمل معنى غنوصي واضح يتضمن الحلول والتق ّمص الباطني‪ .‬وهي من االدلة على‬
‫ان كاتب هذه الرسالة كانت له تجربة غنوصية القت بظاللها عليها‪ ،‬ولذلك تجدون في الترجمة‬
‫الرعائية كتبوها (لتحل في قلوبكم كلمة المسيح) فجعلوا الحلول في القلب‪ ،‬في محاولة للخروج من‬
‫شهبة التق ّمص والغنوصية!‬

‫‪ ‬فقدان رسالة بولس الى مدينة الودكية‬


‫في كول(‪( :)41:1‬ومتى قرئت عندكم هذه الرسالة فاجعلوها تقرأ أيضا في كنيسة الالودكيين‪ ،‬والتي‬
‫من الودكية تقرأونها أنتم أيضا)‪.‬‬
‫وهذا النص يكشف عن ضياع عدد من رسائل بولس‪ ،‬من ضمنها هذه الرسالة الى اهل الودكية‬
‫(الذقيّة)‪.‬‬
‫الدوارة التي‬
‫يقول بولس الفغالي‪( :‬رسالة الودكية‪ .‬ضاعت هذه الرسالة‪ ،‬اال اذا كانت تلك الرسالة ّ‬
‫ارسلت الى افسس والودكية وكنائس أخرى)‪.454‬‬
‫وفي التفسير التطبيقي للكتاب المقدس‪( :‬يظن البعض أن "الرسالة الى كنيسة الالودكيين" هي‬
‫الرسالة الى أفسس‪ ،‬ولكن األكثراحتماالً أنه كانت هناك رسالة خاصة الى الكنيسة في الودكية‪،‬‬
‫ليست بين أيدينا اآلن‪ ،‬إذ يبدو أن الرسول بولس كتب بعض رسائل أخرى لم تصل إلينا)‪.452‬‬
‫وقد ذكرنا آنفا ً في تعليقنا على رسالة بولس الى اتباعه في فيلبي (‪ )4:3‬ان هناك رسائل أخرى‬
‫وان فقدان عدد من رسائل بولس يعني أنها بإعتبارها وحيا ً كما يزعم رجال الدين المسيحيين‬
‫مفقودة‪َّ ،‬‬
‫لم تكن من االهمية بحيث يحفظها اإلله من الضياع في تلك المرحلة المبكرة من عمر الدين‬
‫المسيحي!‬

‫‪ 100‬العهد الجديد ‪ ،‬قراءة رعائية – ص‪.683‬‬


‫‪ 101‬العهد الجديد‪ ،‬قراءة رعائية – ص‪.685‬‬
‫‪ 102‬التفسير التطبيقي للكتاب المقدس – ص‪.2569‬‬

‫‪60‬‬
‫وأصبح عدد الرسائل المفقودة من رسائل بولس أربع رسائل هي‪:‬‬
‫‪ .1‬رسالة بولس إلى أهل الالذقية ‪ :‬ورد ذكرها في رسالة بولس إلى أهل كولوسي (‪.)41:1‬‬
‫‪ .2‬رسالة بولس األولى إلى أهل فيلبي ‪ :‬ورد ذكرها في رسالة بولس إلى أهل فيلبي (‪.)4:3‬‬
‫‪ .3‬رسأأأأأالة لبولس إلى أهل كورنثوس ‪ :‬ورد ذكرها في رسأأأأأالة بولس األولى إلى أهل كورنثوس‬
‫(‪.)1:0‬‬
‫‪ .4‬رسأأأأأأالة لبولس إلى أهل كورنثوس ‪ :‬ورد ذكرها في رسأأأأأأالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس‬
‫(‪.):::‬‬

‫‪ ))9‬رسالة بولس الى اتباعه في مدينة أفسس (اف)‬


‫زار بولس مدينة أفسس مرتين االولى في رحلته الثانية والثانية في رحلته الثالثة‪ .‬كتب رسالته الى‬
‫أفسس وهو في السجن في روما (او اقامته االجبارية) اي في الفترة (‪)13-14‬م‪.‬‬
‫وأبرز اإلثارات التي وجدناها في هذه الرسالة التالي‪:‬‬

‫‪ ‬تركه جميع اتباعه في أفسس!‬


‫في اف(‪ ( :)40:4‬لذلك أنا أيضأأأأأأأا إذ قد سأأأأأأمعت بإيمانكم بالرب يسأأأأأأوع‪ ،‬ومحبتكم نحو جميع‬
‫القديسين)!‬
‫لماذا يقول بولس انه سمع بأيمانهم مع انه سبق له ان اقام في افسس حوالي ‪ 3‬سنوات! الظاهر ان‬
‫جميع اتباعه الذين اتّبعوه حينما كان في أفسأأأأس قد تركوه‪ ،‬وانه يكتب رسأأأأالته هذه الى اتباع جدد‬
‫آمنوا بتبشأأأأأيره ودينه من خالل سأأأأأماعهم له! حيث سأأأأأبق لبولس ان كتب في رسأأأأأالته الثانية الى‬
‫كورنثوس ور سالته الثانية الى تيموثاوس انه فقد جميع اتباعه في آ سية (وأف سس عا صمة مقاطعة‬
‫آسية)‪.‬‬
‫أشأار بولس في رسأالته الثانية الى أهل كورنثوس (‪ )::4‬الى الشأدّة التي أل َّمت به في آسأيا‪ ،‬فيقول‬
‫في حوالي ‪0:‬م‪( :‬فانّا النريد أيها االخوة ان تجهلوا الشأأأدَّة التي أل َّمت بنا في اسأأأيا فثقُلَت علينا جدا ً‬
‫وجاوزت طاقتنا حتى يئسنا من الحياة)‪ .‬وفي ورسالته الثانية الى تيموثاوس (‪ )40:4‬حوالي (‪-11‬‬
‫‪)1:‬م‪( :‬أنت تعلم هذا أن جميع الذين في أسيا ارتدوا عني‪ ،‬الذين منهم فيجلس وهرموجانس)‪.‬‬
‫فكيف إذن يقول بولس ان جميع الذين في آسأأأأية تركوه وهو يكتب هذه الرسأأأأالة الى بعض اتباعه‬
‫فيها؟! االحتمال االول انه كان يتحدث مع تيموثاوس عن جماعة محددة يعرفها تيموثاوس‪ ،‬وكأنما‬
‫كان تيموث اوس يعرف جميع اتباعه في آسأأأأأأيا وهؤالء هم الذين تركوا بولس‪ ،‬وهم الذين يعنيهم‬
‫بولس‪ ،‬بخالف الجماعة الجديدة في أفسأأأأأأس التي آمنت بعد ذلك وال يعرفهم بولس‪ .‬واالحتمال‬

‫‪61‬‬
‫الثاني أن رسأأأأأأالة بولس الى تيموثاوس لم تكتب حوالي (‪)1:-11‬م بل في وقت اكثر مبكر‪ ،‬ربما‬
‫كتبت قبل رسأأأأأالته الى أفسأأأأأس (‪)13-14‬م‪ .‬وبذلك يجب علينا أن نعيد النظر في الترتيب الزمني‬
‫لرسائل بولس‪َّ ،‬‬
‫وان رسالته الثانية الى تيموثاوس ليست هي آخر ما كتبه بولس في حياته‪.453‬‬

‫‪ ‬عبارات ناقصة بدون تتمة!‬


‫في اف(‪4 :3‬و‪{ )2‬الكاثوليكية}‪( :‬لذلك انا بولس سأأأجين المسأأأيح في سأأأبيلكم ايها الوثنيون ‪ ...‬وقد‬
‫سأأأأأأمعتم كيف اوليت نعمة هللا من أجلكم)‪ .‬وجاء في الهامش التعليق التالي على كلمة (الوثنيون)‪:‬‬
‫(لم يتم بولس هذه الجملة الزدحام المعاني في صدره‪ .‬وهذا شأنه في غير ذلك من رسائله)! وهذا‬
‫يكشف عن تشتت ذهني كان يعاني منه بولس وهو يكتب رسائله!‬
‫وتحاول بقية ترجمات التغطية في الترجمة على هذا االنقطاع في المعنى‪ ،‬فنقرأ هاتين الجملتين في‬
‫ترجمة الفاندايك‪( :‬بسبب هذا أنا بولس‪ ،‬أسير المسيح يسوع ألجلكم أيها األمم‪ ،‬إن كنتم قد سمعتم‬
‫بتدبير نعمة هللا المعطاة لي ألجلكم)!!‬

‫‪ ‬يخلط بين الشعر وكالم االنبياء‬


‫في اف(‪ ) 41:0‬يذكر بولس ع بارة باعت بار ها مقتبسأأأأأأأة من ك تب االنب ياء ولكن ها بالحقي قة غير‬
‫موجودة‪ ،‬قال {فاندايك}‪( :‬لذلك يقول‪« :‬ا ستيقظ أيها النائم وقم من األموات في ضيء لك الم سيح»)‪.‬‬
‫وفي الكاثوليكية‪( :‬ولذلك قيل‪" :‬تنبّه أيها النائم وقم من بينم االموات‪ ،‬يضيء لك المسيح")‪ .‬ووضع‬
‫أن هناك عبارة مماثلة لها في اشأأعياء (‪ )41:21‬و(‪ ،)4:15‬ولكن‬ ‫بعض المسأأيحيين اشأأارات الى َّ‬
‫هاتان العبارتان هما على التوالي‪( :‬تحيا أمواتك‪ ،‬تقوم الجثث‪ .‬ا ستيقظوا‪ ،‬ترنموا يا سكان التراب‪.‬‬
‫ألن طلك طل أعشأأأأاب‪ ،‬واألرض تسأأأأقط األخيلة)‪ ،‬و(قومي اسأأأأتنيري ألنه قد جاء نورك‪ ،‬ومجد‬
‫الرب أشأأأأأرق عليك)‪ .‬وكما ترون فان العبارتين ليس فيهما المعنى الذي ذكره بولس! ولذلك كتبوا‬
‫في هامش الطبعة الكاثوليكية تعليقا على كالم بولس‪( :‬ير ّجح ان هذه العبارات مأخوذة من نشأأأأأأيد‬
‫مسأأأأيحي قديم‪ ،‬كما هو االمر في ‪ 4‬طيم (‪ .)41:3‬المعمودية نور (راجع عب (‪)32:45( ، )1:1‬‬
‫‪ ،‬روم (‪ .) )1:1‬والذي ورد في رسأأأأأالة بولس االولى الى تيموثاوس (‪ )41:3‬هو ايضأأأأأا نشأأأأأيد‬
‫مسأأأأأيحي قديم آخر بحسأأأأأب التعليق في هامش الطبعة الكاثوليكية‪ .‬فهذا هو ترجيحهم للموضأأأأأوع‬
‫الغامض بعد ان عجزوا عن معرفة مصأأأأأدر هذه العبارات الواردة في رسأأأأأالة بولس!! فهل كان‬
‫بولس يستند في تبشيره الى اناشيد مسيحية يكتبها عامة المسيحيين في عصره بدال من االستشهاد‬
‫بنصوص االنبياء او المسيح وتالميذه؟!!‬

‫‪ ))12‬رسالة بولس الى فيلمون (ف)‬

‫‪ 453‬راجع وصف األب بولس الفغالي هذه الرسالة بأنها آخر ما كتبه بولس‪ ،‬في طبعة العهد الجديد‪ ،‬قراءة رعائية –‬
‫ص‪.:22‬‬
‫ونفس الوصف تم ذكره في مقدمة نفس الرسالة في الطبعة الكاثوليكية‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫فيلمون هو مسيحي من مدينة كولوسي‪ .451‬كتب اليه بولس وهو مسجون في روما (‪ ،)12-14‬وفي‬
‫الحقيقة فقد كان بولس تحت االقامة االجبارية فيها رغم انه كان يسمي نفسه "سجين المسيح"‪،‬‬
‫وربما كان في اول االمر مسجونا ً ثم تحول سجنه الى االقامة االجبارية!‬
‫هذه الرسالة قصيرة جداً‪ ،‬فقط (‪ )20‬جملة‪ ،‬ولها هدف واحد محدد يخص فرار احد العبيد من سيده‬
‫ثم ايمانه بتعاليم بولس‪ ،‬فيتوسط له بولس عند سيده ليعفو عنه‪ .‬ورغم قصرها فهي تحتوي على‬
‫اسماء شخصيات مجهولين هما (أبفية) جاء في هامش الطبعة الكاثوليكية‪( :‬قد تكون زوجة فيلمون)‪،‬‬
‫رخبُّس)‪ ،‬جاء في هامش الكاثوليكية‪( :‬قد يكون ابن فيلمون ويستدل من قوله "صاحبنا في‬ ‫و(أ َ ِ‬
‫الكفاح"على ان ارخبس كان يقوم بخدمة االنجيل)‪ .‬وال يوجد سبب واضح انهم احتملوا ان يكون‬
‫االسمان لزوجة فيلمون وابنه‪ ،‬فقد يكونان ألخته واخيه‪ ،‬او اثنان من معارفه من المؤمنين بتعاليم‬
‫بولس في مدينته!‬

‫‪ ))11‬رسالة بولس االولى الى تيموثاوس (‪4‬تم)‬


‫تيموثاوس اسم علم يوناني مر ّكب معناه (خائف هللا) او (متقي هللا)‪ ،‬كان ابوه وثنيا ً وامه وجدته ألمه‬
‫تعرف الى بولس واصبح معاونا ً له‪.450‬‬ ‫يهوديتان‪ ،‬وقد اعتنقتا المسيحية وتعلمها تيموثاوس منهما‪ ،‬ثم ّ‬
‫ُكتِبَت هذه الرسالة حوالي (‪)10-13‬م‪.‬‬
‫وهناك خالف بين علماء المسيحية هل ان بولس هو فعالً من كتب هذه الرسالة‪.451‬‬

‫وابرز االثارات في رسالته‪:‬‬


‫‪ ‬في ‪4‬تم(‪( :)1:4‬وال يصغوا إلى خرافات وأنساب ال حد لها‪ ،‬تسبب مباحثات دون بنيان هللا الذي‬
‫في اإليمان)‪.‬‬
‫وهذه العبارة تهاجم االنساب التي يمتليء الكتاب المقدس بها! فقد كان بولس يتكلم قبل كتابة غنجيلي‬
‫متى ولوقا المتضمنين ألنساب هاجم مثلها بولس في عبارته هذه!‬
‫ولمناسبة الكالم عن االنساب ندرج فيما يلي بحثا ً كنا قد كتبناه قبل أكثر من عشرين سنة حول نسب‬
‫المسيح‪ ،‬نذكره هنا إتماما ً للفائدة‪.‬‬
‫نسب يسوع المسيح‪ :‬قضى هللا عز وجل في التوراة أن يتولى سبط الوي من بين أسباط بني‬
‫إسرائيل خدمة خيمة االجتماع (مسكن الشهادة) ومن ثم هيكل سليمان‪ ،‬وان يكون الكهنة من ذرية‬
‫هارون بالتحديد‪.45:‬‬
‫وحدث في زمن موسى أن انتشر الفساد بين بني إسرائيل وشاع زنى بني إسرائيل مع بنات قبيلة‬
‫موآب فسجدوا آللهتهن وعبدوا إلههم بعل فغور‪ ،‬فنهاهم الرب عن ذلك فلم ينتهوا حتى انتفض‬

‫الفغالي – ص‪.662‬‬ ‫‪ 104‬العهد الجديد ‪ ،‬قراءة رعائية‪ ،‬كتب مداخلها وهوامشها بولس‬
‫‪ 450‬المدخل الى رسالة بولس االولى الى تبموثاوس في طبعة العهد الجديد‪ /‬المطبعة الكاثوليكية‪ ،‬الطبعة الخامسة‬
‫‪41::‬م – ص‪.:52‬‬
‫‪ 451‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.43‬‬
‫‪ 45:‬العدد (‪ 4 :20‬ـ ‪. )41‬‬

‫‪63‬‬
‫فينحاس بن العازار بن هارون الكاهن وقتل زمري ابن سالور وهو من زعماء سبط شمعون عندما‬
‫كان يزني مع كزبى بنت صور وأبوها من زعماء مديان وقد قتلها فينحاس أيضا‪ .45:‬فرضي الرب‬
‫عن فينحاس وكافأه فقال لموسى‪( :‬ها انذا أعطيه ميثاقي ميثاق السالم فيكون له ولنسله من بعده‬
‫ميثاق كهنوت ابدي ألجل انه غار هلل وكفر عن بني إسرائيل)‪.451‬‬
‫وهكذا انحصر منصب الكاهن في ذرية فينحاس بن العازار بن هارون‪.‬‬
‫ب والدة معجزة حيث حملت به‬‫ويتفق المسيحيون مع المسلمين في ان يسوع المسيح ولد من غير أ ٍ‬
‫أمه الطاهرة مريم العذراء بمشيئة هللا القادر على كل شيء‪ ،‬وتعارف على تسميته (ابن مريم) في‬
‫الديانتين المذكورتين‪.445‬‬
‫وقد ورد في األناجيل أن اليزابيث (اليصابات) زوجة زكريا هي من أقارب مريم العذراء (عليها‬
‫السالم)‪ ،444‬وبما أن اليزابيث هي من ذرية هارون الكاهن‪ ،442‬فتكون مريم العذراء (عليها السالم)‬
‫هي من ذرية هارون أيضا‪ ،‬أي أن يسوع المسيح يعود في نسبه الى هارون أول كهنة بني إسرائيل‪.‬‬
‫وبذلك نفهم أن ليسوع المسيح إضافة لوظيفته النبوية وظيفة كهنوتية أيضا باعتباره آخر كهنة الهيكل‬
‫من ذرية فينحاس بن العازار بن هارون الكاهن وهو ما سنتطرق أليه الحقا بمشيئة هللا جل وعال‪.‬‬
‫ونسب مريم العذراء الى هارون أخي موسى (عليهم السالم) يكشف لنا عن تفسير إحدى آيات القرآن‬
‫المجيد وهي ما جاء بالقرآن المجيد (سورة مريم عليها السالم‪ ،‬اآلية ‪ )2:‬في الخطاب لمريم العذراء‬
‫َارونَ )‪ ،‬وهذا ما يؤكد إنها من نسل هارون الن القرآن قد نزل بلغة‬ ‫(عليها السالم)‪( :‬يَا أ ُ ْختَ ه ُ‬
‫العرب‪ ،‬والعرب كانت إذا خاطبت شخصا عربيا تقول له ‪( :‬يا أخا العرب) وللهاشمي ‪( :‬يا أخا‬
‫هاشم)‪ ،‬ومثل هذه الشواهد في القرآن المجيد ما جاء في سورة الشعراء (اآليتان ‪450‬و‪ )451‬قال‬
‫سلِينَ * إِ ْذ قَا َل لَ ُه ْم أ َ ُخو ُه ْم نُو ٌح أ َ َال تَتَّقُونَ ) وفي نفس السورة اآليتان‬ ‫ت قَ ْو ُم نُوحٍ ْال ُم ْر َ‬
‫تعالى‪َ ( :‬كذَّبَ ْ‬
‫سلِينَ * ِإ ْذ قَا َل لَ ُه ْم أ َ ُخو ُه ْم ُهودٌ أَالَ تَتّقُونَ )‪ ،‬فيكون المقصود من‬ ‫عادٌ ْال ُم ْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫(‪ 423‬و‪َ ( : )421‬كذّبَ ْ‬
‫َارونَ ) إنها من ذرية هارون أخي موسى كما أسلفنا‪ ،‬وقد ذهب الى‬ ‫خطاب مريم العذراء (يَا أ ُ ْختَ ه ُ‬
‫هذا التفسير أيضا الشيخ موسى السوداني في كتابه (البرهان لعلوم القرآن) ج‪ 4‬ص‪. 352‬‬

‫نسب مريم العذراء برأي اتباع بولس‪ :‬يذهب بعض اتباع بولس الى جعل مريم العذراء (عليها‬
‫السالم) من نسل داود النبي (عليه السالم)‪ ،‬واستدلوا بأدلة ال تدل على مرادهم حيث جاء في حواشي‬
‫الطبعة اليسوعية‪( :‬لما كان يوسف خطيبا لمريم العذراء وقد ثبت انه من بيت داود كان ذلك تأكيدا‬
‫لكون مريم أيضا من البيت عينه بدليل ما ورد في سفر العدد من قوله ‪( :‬كل بنت ترث ميراثا من‬
‫أسباط بني إسرائيل فلتكن زوجة لواحد من عشيرة سبط آبائها) (‪ ،): : 31‬وما ذكر في إنجيل لوقا‬
‫حيث قال ‪ :‬صعد يوسف من الجليل من مدينة الناصرة الى اليهودية الى مدينة داود التي تدعى بيت‬

‫‪ 45:‬المصدر السابق ‪.‬‬


‫‪ 451‬العدد (‪ 42 :20‬و ‪. )43‬‬
‫‪ 445‬في القرآن المجيد (‪ ، )10 : 3‬وانجيل مرقس (‪. )3 : 1‬‬
‫‪ 444‬إنجيل لوقا (‪ ، )31 : 4‬وبعض الطبعات العربية للكتاب المقدس تستبدل كلمة (قريبة) بكلمة (نسيبه) ليضيع‬
‫المعنى المقصود‪ ،‬وفي طبعة الملك جيمس باللغة اإلنكليزية استعملوا كلمة (‪ )cousin‬التي تعني ابنة العم أو ابنة‬
‫الخالة‪.‬‬
‫‪ 442‬إنجيل لوقا ( ‪. ) 0 : 4‬‬
‫‪64‬‬
‫لحم النه كان من بيت داود ومن عشيرته ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة (‪ 1 : 2‬و‪ )0‬فتبين من‬
‫هنا أن مريم كانت من بيت داود ألنها صعدت مع يوسف إلى مدينة بيت لحم بنفس السبب الذي صعد‬
‫يوسف ألجله وهو كون كل منهما من بيت داود)‪.443‬‬
‫وهذا االستدالل متهافت جدا بل ومريب من حيث أمانته العلمية‪ ،‬وال يمكن ألي إنسان يبحث عن‬
‫الحق المفقود في عالم الكذب والخداع أن يتقبله‪ ،‬واليك األسباب ‪:‬‬
‫‪ .4‬إن ما ذكره نقال عن سفر العدد (‪ ) : : 31‬تكملته في الجملة (‪ :‬و‪( : )1‬لكي يرث بنو إسرائيل‬
‫كل واحد نصيب آبائه‪ ،1 ،‬فال يتحول نصيب من سبط الى سبط آخر بل يالزم أسباط بني إسرائيل‬
‫كل واحد نصيبه)‪.‬‬
‫فهذا النص في التوراة خاص بمسألة اإلرث والزم هذا النص كل بنت ترث ميراثا أن تتزوج من‬
‫نفس عشيرتها‪ ،‬فهو إذن ال يخص المرأة التي ال تملك ميراثا إذ أنها حرة بالزواج من عشائر بني‬
‫إسرائيل‪.‬‬
‫ولذلك وجدنا أن ميكال بنت شاول من سبط بنيامين‪ 441‬قد تزوجت من داود‪ 440‬وهو من سبط‬
‫يهوذا‪ ،441‬وبنات القاضي يفتاح الثالثون قد تزوجن جميعهن من رجال من غير عشيرتهن‪ ،44:‬وابنة‬
‫شيشان بن يشعي تزوجت من عبد مصري كان عبدا عند أبيها‪.44:‬‬
‫‪ .2‬إن صاحب االستدالل المذكور لم يلتزم باألمانة العلمية النه‪ :‬أوالً‪ :‬نقل نصا مبتورا ً من التوراة‬
‫وهو ما جاء في سفر العدد (‪ ): : 31‬وقد بينا تتمته آنفا‪ ،‬فقد تعمد البتر للتمويه بان الحكم عام لجميع‬
‫بنات إسرائيل فيما هو حكم خاص بذوات اإلرث منهن‪ .‬وثانيا ‪ :‬أن صاحب االستدالل نفسه قد ذكر‬
‫عند تعليقه على ما جاء في سفر القضاة (‪( : ): : 4:‬وكان غالم من بيت لحم يهوذا ن عشيرة يهوذا‬
‫وهو الوي متغرب هناك) قال ‪( :‬هذا الفتى كانت أمه من سبط يهوذا وأبوه من سبط الوي)‪ ،441‬مما‬
‫يعني انه كان يعلم جواز أن تتزوج امرأة من سبط يهوذا رجال من سبط الوي‪ ،‬فكيف ينكر ذلك عند‬
‫حديثه عن نسب مريم العذراء ويموه انه غير جائز للبنت أن تتزوج من غير عشيرتها؟! ‪ ...‬الجواب‬
‫هو عدم التزامه باألمانة العلمية ……‪ .‬مع األسف ‪.‬‬
‫‪.3‬بعد موت سليمان انقسمت مملكته الى قسمين هما مملكة يهوذا بزعامة رصبعام بن سليمان وتضم‬
‫سبطي يهوذا بنيامين وكهنة الهيكل وهم سبط الوي‪ ،‬ومملكة إسرائيل وتضم بقية األسباط بزعامة‬
‫يربعام االفرايمي‪ ،425‬فعاشت هذه األسباط الثالثة سوية وكونت شعبا واحدا‪ ،‬وصاحب االستدالل‬
‫الذي نفنده قال أيضا في تعليقه على ما جاء في سفر الملوك الثاني (‪ )4: : 4:‬ما نصه‪( :‬يراد بيهوذا‬
‫في هذا الموضع سبطا الوي وبنيامين أيضا النهما اتحدا بسبط يهوذا حين أقاما بمملكة يهوذا حتى‬

‫‪ 443‬الكتاب المقدس ‪ /‬الطبعة اليسوعية ‪ /‬صادق على اعادة طبعها مطران بيروت اغناطيوس زيادة ـ الحواش على‬
‫إنجيل متى‪ ،‬ص ‪.11:‬‬
‫‪ 441‬صموئيل األول (‪ 4 : 1‬و‪. ) 2‬‬
‫‪ 440‬صموئيل األول (‪. ) 2: : 4:‬‬
‫‪ 441‬أخبار األيام األول (‪ 3 : 2‬ـ ‪. ) 40‬‬
‫‪ 44:‬القضاة (‪ ،)1 : 42‬وهي طبعة الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة) حذف من النص الجملة التي تقول أنهن‬
‫تزوجن من غير رجال عشيرتهن‪ ،‬لعن هللا التحريف‪.‬‬
‫‪ 44:‬أخبار األيام األول (‪. ) 30 : 2‬‬
‫‪ 441‬الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة) ـ قسم الحواش ص ‪. 1‬‬
‫‪ 425‬الملوك األول (‪ 4 : 42‬ـ ‪. ) 21‬‬
‫‪65‬‬
‫صارت الثالثة األسباط شعبا واحدا ً)‪ ،424‬وبعد سبي نبو خذ نصر الكلداني لمملكة يهوذا إلى مدينة‬
‫بابل عام ‪ 0:1‬ق‪.‬م ازداد اندماج هذه األسباط الثالثة التي كونت الشعب اليهودي ال سيما بعد عودتهم‬
‫إلى مدنهم في عهد كورش‪.‬‬
‫فأصبح واضحا ً لنا أن ذهاب مريم العذراء مع يوسف النجار إلى مدينة واحدة لتسجيل أنفسهم في‬
‫اإلحصاء ال يقتضي كونهم من سبط واحد حيث بينا إن المدن اليهودية أصبحت تحوي خليطا ً من‬
‫األسباط‪.‬‬
‫وهكذا يتضح تهافت المزاعم القائلة بأن نسب مريم العذراء ينتهي لسبط يهوذا والصحيح هو ما‬
‫ذكرناه من إن نسبها يعود إلى هارون الكاهن أخي موسى النبي‪.‬‬

‫نسب يسوع المسيح عند العامة من اليهود‪ :‬بعد والدة يسوع المسيح والدته المعجزة من غير أب‪،‬‬
‫بدأ يوسف النجار يشرف على تربيته وتنشأته ورعايته حتى بلغ مرحلة الشباب ألن أمر الوالدة‬
‫المعجزة يسوع المسيح ظل خافيا على معظم اليهود وال سيما بعد محاولة الحاكم الروماني هيرودس‬
‫قتل يسوع بعد والدته مباشرة‪ ،‬لذلك نشأ وترعرع واليهود يظنونه ابن يوسف النجار من سبط يهوذا‬
‫الن يوسف النجار كان من سبط يهوذا‪.‬‬
‫وعندما بدأت الوظيفة النبوية ليسوع المسيح‪ ،‬اخذ الكثير من عامة اليهود يدعونه بلقب (ابن داود)‪،‬‬
‫وقد ورد ذلك في األناجيل األربعة بكثرة‪ .‬وال نستبعد أن بعض هذه المواضع مكذوبة الن هناك من‬
‫كان يرى مصلحة في إطالق لقب (ابن داود)على يسوع المسيح ال سيما بولس واتباعه كما سنبين‬
‫الحقا‪.‬‬

‫موقف الكتبة من نسب يسوع المسيح‪ :‬الكتبة هم علماء الكتاب المقدس ويقال لهم معلمو الشريعة‪،422‬‬
‫وكانوا يفسرون التوراة للشعب‪ ،423‬كانوا يعتمدون في تعليمهم على أقوال السلف فيكثرون من ذكر‬
‫آراء المعلمين األقدمين‪ ،‬وقد اخذ عليهم يسوع المسيح تشددهم وقساوتهم وتمسكهم باأللفاظ دون‬
‫المعنى‪.421‬‬
‫وعندما ظهر يسوع المسيح وأعلن لليهود وظيفته النبوية والكهنوتية وأخذ يعلم في الهيكل ويقوم‬
‫بواجبات الكاهن من شفاء األمراض‪ ،420‬ثم قام بطرد الباعة من الهيكل وقلب مناضد الصيارفة‬
‫ومقاعد باعة الحمام ومنع كل من يحمل بضاعة أن يمر من داخل الهيكل‪ ،421‬وفي المقابل رفض‬
‫الكتبة الخضوع ليسوع المسيح واتهموه بالكذب والخداع وانه يخرج الشياطين من البشر بواسطة‬
‫سيد الشياطين بعلزبول‪ ،42:‬والنه أعلن نفسه كاهنا ً سماويا ً أي باختيار مباشر من هللا عز وجل كما‬
‫اختار من قبل هارون أخي موسى فقد اخذ الكتبة والكهنة يشيعون عن يسوع انه ال يمكن أن يكون‬

‫‪ 424‬الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة ) ـ قسم الحواش ص ‪.42‬‬


‫‪ 422‬إنجيل لوقا ( ‪ )4: : 0‬و (‪. )30 : 45‬‬
‫‪ 423‬العهد الجديد (المطبعة الكاثوليكية ) ـ الفهرس السابع ص ‪. 1::‬‬
‫‪ 421‬العهد الجديد (بولس باسيم ) ـ ص ‪( 01‬الهامش) ‪.‬‬
‫‪ 420‬انظر سفر الالويين الفصلين (‪ )43‬و (‪. )41‬‬
‫‪ 421‬إنجيل مرقس (‪ 40 : 44‬ـ ‪. )4:‬‬
‫‪ 42:‬إنجيل متي (‪. )21 : 42‬‬
‫‪66‬‬
‫كاهنا ً النه من ذرية داود (كما هو الشائع عند عامة اليهود وكما أسلفنا قبل قليل) والكهنة هم من‬
‫ذرية هارون سبط الوي كما قال هللا عز وجل‪ ،‬وهكذا قاوم الكتبة والكهنة كهنوت يسوع المسيح‪.‬‬
‫وقبل ظهور المسيح كان الكتبة يعتقدون أن المسيح المنتظر سوف يظهر من ذرية داود النهم كانوا‬
‫يفسروا نبوءة اشعياء (‪ )4 : 44‬على إن المسيح من ذ رية يسى أبى داود أي من ذرية داود وأشاعوا‬
‫بين الناس هذا األمر‪ ،42:‬وكانوا يتوقعون أن يكون المسيح منقذا ً دنيويا ً سياسيا ً‪ ،421‬في حين إن يسوع‬
‫المسيح كان يأمرهم بدفع الجزية لقيصر ويقول‪( :‬أدّوا ما لقيصر لقيصر وما هلل هلل)‪ ،435‬فانكر الكتبة‬
‫والكهنة يسوع المسيح ورفضوا أن يذعنوا له النه يدعوهم للتوبة وعمل البر‪ ،‬وليس إلى الثورة ضد‬
‫قيصر واعادة مجد مملكة داود المنقرضة‪.‬‬
‫وهكذا أعلن يسوع نفسه مسيحا وكاهناً‪ ،‬فرفضه اليهود من حيث انه المسيح الموعود النه ال يدعوهم‬
‫لحرب قيصر واعادة مملكة داود‪ ،‬ورفضوا كونه كاهنا النه بحسب توهمهم ليس من ذرية هارون‬
‫حيث اشتهر بينهم ابن يوسف النجار من ذرية داود‪.‬‬

‫إعالن يسوع المسيح حقيقة نسبه‪ :‬اخذ يسوع المسيح يعلن للناس عن حقيقة نسبه وانه ينتمي إلى‬
‫سبط الوي وان هللا عز وجل قد بعثه نبيا ً وكاهنا ً وآتاه المعجزات التي رآها الناس‪ ،‬ففي إنجيل متى‬
‫(‪ )11 - 14 : 22‬ما نصه‪( :‬وبينما الفريسيون مجتمعون سألهم يسوع ‪ :‬ما رأيكم في المسيح ؟ ابن‬
‫من هو ؟ قالوا له‪ :‬ابن داود‪ ،‬قال لهم ‪ :‬فكيف يدعوه داود ربا ً بوحي من الروح إذ يقول ‪( :‬قال الرب‬
‫لربي ‪ :‬اجلس عن يميني حتى اجعل أعدائك تحت قدميك‪ ،‬فأذا كان داود يدعوه ربا ً فكيف يكون ابنه‬
‫؟ فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة وال جروء أحد منذ ذلك اليوم ان يسأله عن شيء)‪.‬‬

‫موقف بولس واتباعه من نسب يسوع المسيح‪ :‬رفض الكتبة كهنوت يسوع لما شاع عنه من انه‬
‫يوسف النجار من ذرية داود الن الكهنة من ذرية الوي‪ ،‬ورفضوا نبوة يسوع ألنهم كانوا ينتظرون‬
‫نبيا ً مخلصا ً دنيويا ً وسياسيا ً يعيد لهم مملكة داود المنقرضة‪ ،434‬وألن يسوع لم يعمل أو يد ُ‬
‫ع العادة‬
‫مملكة داود‪.‬‬
‫وفي المقابل وجدنا بولس واتباعه بعد أن تبنوا عقيدتهم في ألوهية يسوع اخذوا يردون على الكتبة‬
‫واليهود ليثبتوا كهنوت يسوع المسيح ولكن بصيغة أخرى!! حيث جعلوا من يسوع قربانا كهنوتيا‬
‫حيث قدم يسوع الكاهن نفسه قربانا ليفتدي المؤمنين به من الخطيئة!!‬
‫وتعتبر (الرسالة إلى العبرانيين) التي كتبها بولس أو أحد تالمذته خير مصدر لفكرة كهنوت المسيح‬
‫وفق العقيدة البولسية وابرز ما جاء فيها هو فكرته في انتقال الكهنوت من سبط الوي إلى سبط يهوذا‬
‫بحسب مزاعمه‪ ،‬فقال ‪(:‬فلو كان بالكهنوت الالوي كمال وقد اخذ الشعب الناموس تحته إذن أية ُحاجة‬
‫كانت بعدُ أن يقوم كاهن آخر على رتبة ملكي صادق‪ 432‬ولم يقل على رتبة هارون‪ ،‬الن عند تحول‬
‫الكهنوت البد من تحول الناموس‪،‬والحال أن الذي يقال هذا فيه إنما نسبه في سبط آخر لم يالزم أحد‬

‫‪ 42:‬إنجيل يوحنا (‪ ،)12 : :‬وسنناقش الحقا هذه النبوءة بالتفصيل ‪.‬‬


‫‪ 421‬العهد الجديد (بولس باسيم) ـ ص ‪( 01‬الهامش) ‪.‬‬
‫‪ 435‬إنجيل مر قس (‪. )4: : 42‬‬
‫‪ 434‬كما في نبوءة صموئيل الثاني (‪( : )43 : :‬وأنا اثبت كرسي مملكته إلى األبد) ‪.‬‬
‫‪ 432‬إشارة لما ورد في المزامير (‪( : )1 : 445‬أنت كاهن إلى األبد على رتبة ملكي صادق )‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫منه المذبح النه من الواضح أن ربّنا! ‪ -‬يقصد يسوع ‪ -‬خرج من يهوذا من السبط الذي لم يصفه‬
‫موسى بشيء من الكهنوت‪ ،‬ومما يزيد األمر وضوحا انه يقوم على مشابهة ملكي صادق كاهن آخر‬
‫ال يُنصب حسب ناموس وصي ٍة جسدية بل حسب قوة حياة ال تزول‪ ،‬النه يشهد أن أنت كاهن إلى‬
‫األبد على رتبة ملكي صادق)‪.433‬‬
‫وهذا كله تمويه للواقع الن ملكي صادق المذكور في سفر المزامير (‪ )1 : 445‬قد انتهت به مرحلة‬
‫تاريخية وبدأت أخرى بظهور النبي إبراهيم ألن اللقاء بين ملكي صادق والنبي إبراهيم يرمز لبدء‬
‫إن ملكي صادق الذي كان كاهنا ً هلل العلي قد‬
‫تلك المرحلة الجديدة (يذكر سفر التكوين (‪َّ )4: : 41‬‬
‫إلتقى النبي إبراهيم) وكذلك فأن يسوع المسيح وهو على رتبة ملكي صادق فأن ذلك يعني أن يسوع‬
‫قد انتهت به مرحلة تاريخية أخرى وبدأت مرحلة جديدة تمثلت بظهور النبي محمد (صلى هللا عليه‬
‫وآله)‪.‬‬
‫ومن التمويهات في ادعاءات اتباع بولس ما جاء في الرسالة إلى العبرانيين ‪ 1: :( :‬و‪ )44‬ونصه‪:‬‬
‫( حتى انه يسوغ أن يقال أن الوي نفسه الذي يأخذ العشور قد أدى العشور في إبراهيم النه حين‬
‫خرج ملكي صادق لملتقى إبراهيم كان هو في صلبه)!!‬
‫وكذلك كان يهوذا في صلبه أيضا!! وهل يعنون أن يسوع المسيح كان في صلب يهوذا عندما زنى‬
‫مع كنته ثامار زوجة ابنه ِعي َْر فأنجبت له ابنه فارص‪ 431‬وهو من األجداد المزعومين ليسوع‬
‫المسيح؟!‬
‫أن المسلمين ال يرتضون ليسوع المسيح وال لغيره من األنبياء عليهم السالم هذا النسب الملطخ‬
‫بالفحش والزنى‪ ،‬فهل يرتضي المسيحيون لـ"ربهم" هذا النسب‪430‬؟‬
‫على كل حال فقد حاول بولس واتباعه حشو أفكار الناس بفكرة أن يسوع هو من ذرية داود ومن ث ّم‬
‫قاموا بحشو األناجيل التي كتبوها والرسائل بتلك الفكرة‪ ،‬وألن هناك من (أكابر الرسل) من كان‬
‫يعرف حقيقة يسوع المسيح ونسبه الالوي فقد بدأت معارضة أفكار بولس واتباعه بنشر النسب‬
‫الحقيقي ليسوع بين الناس من قبلهم فأثاروا بذلك بما لديهم من حجج وبراهين بلبلة كبيرة في صفوف‬
‫المؤمنين واتباع بولص خاصة وعليه فقد عمد بولس إلى التحذير من الخوض في مسألة األنساب‬
‫فقال في رسالته االولى إلى تيموثاوس (‪( : )1:4‬وتوصي بعض الناس إال يعلموا تعليما مخالفا وال‬
‫ينصرفوا إلى خرافات وانساب ليس لها نهاية تثير المجادالت اكثر مما تعمل للتدبير اإللهي المبني‬
‫على اإليمان)‪.‬‬
‫وهذه التعليمات التي أصدرها بولس لتيموثاوس تدل على آالتي ‪:‬‬
‫‪ .4‬وجود تيار فكري مخالف لبولس واتباعه‪.‬‬
‫‪َّ .2‬‬
‫إن تسخيف بولس لألنساب ونبزها بلفظ (الخرافات) يعتبر طعنا في قدسية الكتاب المقدس عامة‬
‫والعهد القديم خاصة النه يحوي على تفاصيل كثيرة ألنساب البشر من آدم إلى يسوع المسيح‪.‬‬

‫‪ 433‬الرسالة إلى العبرانيين (‪ 44 : :‬ـ ‪. )4:‬‬


‫‪ 431‬التكوين (‪ 4 : 3:‬ـ ‪. )21‬‬
‫‪ 430‬انظر النسب المنسوب ليسوع المسيح في إنجيل متى (‪. )41 : 4‬‬
‫‪68‬‬
‫‪ . 3‬أن تسخيف بولس لألنساب ودعوته إلى عدم االلتفات لها لم يمنعه من إعطاء الضوء األخضر‬
‫لتلميذه الحبيب‪ 431‬لوقا ليكتب نسبا ً مزعوما ً ليسوع المسيح في اإلنجيل الذي كتبه حيث جعله فيه من‬
‫ذرية داود‪ ،‬مما يعني أن بولس كان يحارب األنساب المخالفة ألفكاره والتي تجعل من يسوع المسيح‬
‫من ذرية هارون ومن سبط الوي أما األنساب التي تجعل المسيح من ذرية داود فال بأس بها من‬
‫وجهة نظر بولس‪.‬‬

‫تهافت النسب المزعوم‪ :‬ورد في إنجيلي متي ولوقا نسبين مختلفين‪ 43:‬ليسوع المسيح ينتهيان به‬
‫إلى داود‪ ،‬وحيث أن النسبين المذكورين مختلفين وال يوجد مرجح لصحة أحدهما دون اآلخر لذا فأن‬
‫النسبين يسقطان معا عن االعتبار لتعارضهما وعدم ترجيح أحدهما على اآلخر‪.‬‬
‫وقد حاول ـ دون جدوى ـ بعض اتباع بولس الدفاع عن االختالف بين النسبين بقولهم‪( :‬واما الفرق‬
‫الذي بين نسب المسيح في إنجيل متى ونسبه في إنجيل لوقا فأنما سببه أن يعقوب الذي ولد يوسف‬
‫خطيب مريم العذراء كان بعدما توفي عالي أخوه قد تزوج امرأته عمال بما أمر هللا به في الناموس‬
‫(الشريعة) حيث يقول ‪ :‬إذا قام أخوان معا ثم مات أحدهما وليس له عقب فال تصير زوجة الميت‬
‫إلى خارج لرجل أجنبي بل أخوه يدخل عليها ويتخذها زوجة له ويقيم عقبا ألخيه (تثنية ‪،)0 : 20‬‬
‫وعليه فقد كان ليوسف نسبان أحدهما طبيعي واآلخر شرعي النه كان ابن عالي بحسب الناموس‬
‫وابن يعقوب بحسب الطبيعة فذكر متى نسبه الطبيعي ولوقا نسبه الشرعي)‪.43:‬‬
‫انظر أيها القارئ‪ ،‬بهذا التفسير الساذج يريدون أن يخدعوك ويبررون لك االختالف في النسبين‬
‫المزعومين ليسوع في إنجيل متى وانجيل لوقا وليتهم اتخذوا تبريرا مقنعا وتفسيرا مقبوال احتراما‬
‫لعق لك ووقتك الذي قد تهدره في قراءة ما يكبوه من أكاذيب في كتبهم المقدسة! فببساطة نقول ‪ :‬أن‬
‫المذكور‪:‬‬
‫في إنجيل متى‪ :‬يوسف بن يعقوب بن متان بن العازر بن اليهود … الخ‬
‫وفي إنجيل لوقا‪ :‬يوسف بن عالي بن متات بن الوي بن ملكي … الخ‬
‫فيعقوب بن متان ليس أخا العالي بن متات الن أسماء أجدادهما مختلفة فكيف يكونان أخوين يا اتباع‬
‫بولس ؟!‬
‫ولع ّل مكابر يقول بأنهما أخوين من جهة أالم! فنقول انه على افتراض هذا االدعاء (الذي ليس له‬
‫اصل)‪ ،‬فأن عدد األباء بين يعقوب وداود بحسب إنجيل متى هو (‪ )21‬أب وعدد األباء بين عالي‬
‫وداود بحسب إنجيل لوقا هو (‪ )31‬أب‪ ،‬وحيث انهم زعموا أن عالي ويعقوب أخوين وافترضا انهما‬
‫أخوين من جهة أالم فعلى ذلك يكونان في زمن واحد وعصر واحد فيجب أن يكون عدد آبائهما‬
‫متقارب‪ ،‬وهذه مسألة طبيعية يعرفها كل خبير في التاريخ واألنساب‪ ،‬في حين أن نسب عالي يزيد‬
‫بـ (‪ )40‬أب عن نسب يعقوب مما يعني إن هناك خلال في أحد النسبين على هذا النحو‪ ،‬فيسقطان‬
‫عن االعتبار حيث ال مرجح الحدهما على اآلخر‪.‬‬

‫‪ 431‬أطلق بولس لقب (الطبيب الحبيب) على تلميذه لوقا في رسالته إلى أهل كولسي (‪. )41 : 1‬‬
‫‪ 43:‬إنجيل متى (‪ 4 : 4‬ـ ‪ )41‬وانجيل لوقا (‪ 23 : 3‬ـ ‪. )3:‬‬
‫‪ 43:‬الكتاب المقدس ‪ /‬الطبعة اليسوعية (بمصادقة مطران بيروت اغناطيوس زيادة) ـ الحواش على إنجيل متى ص‬
‫‪.11:‬‬

‫‪69‬‬
‫ومن الدالئل على إن الذين كتبوا األناجيل أقحموا لفظة (ابن داود) كلقب ليسوع المسيح ما جاء في‬
‫إنجيل مرقس (‪( : )3 : 1‬أما هو النجار بن مريم) مما يعني بان يسوع المسيح كان ينسب المه‬
‫صراحة ًفي ذلك الزمن وكما خاطبه القرآن المجيد بعد ذلك بقرون‪ ،‬في حين إن كاتب إنجيل متى‬
‫(‪ )00: 43‬بدل العبارة لتصبح هكذا ‪( :‬أما هو ابن النجار‪ ،‬أليست أمه تدعى مريم) والتي تعني أن‬
‫يسوع هو ابن يوسف النجار وهو من ذرية داود‪ ،‬ونحن نقول أن كاتب إنجيل متى غيّر عبارة إنجيل‬
‫مرقس متعمدا ً ألن اتباع بولس (علماء المسيحية) يقولون بان كاتب إنجيل متى قد اطلع على إنجيل‬
‫مرقس ونقل عنه كما في صفحة (‪ )20‬من طبعة العهد الجديد (الطبعة الكاثوليكية)‪ 431‬عند مناقشة‬
‫ما يسمى بالمسألة االزائية ‪.‬‬
‫وهكذا شوهوا التاريخ ونسبوا اليسوع المسيح نسبا قسريا بعيدا عن الحقيقة‪ ،‬فاقتلعوه من جذوره‬
‫الالويّة وصنعوا له جذورا ً يهوذية‪ ،‬وما يخدعون آال أنفسهم وما يشعرون‪.‬‬

‫‪ ‬مشكلة التقليد المسيحي‬


‫في ‪4‬تم(‪25 :1‬و‪{ )24‬فاندايك}‪( :‬يا تيموثاوس‪ ،‬احفظ الوديعة‪ ،‬معرضا عن الكالم الباطل الدنس‪،‬‬
‫ومخالفات العلم الكاذب االسم‪ ،‬الذي إذ تظاهر به قوم زاغوا من جهة اإليمان)‪.‬‬
‫والمالحظات على هذا النص في قسمين‪:‬‬
‫االول‪ :‬يخص الكالم عن الوديعة ومعناه وارتباطه بالتقليد المسيحي‪.‬‬
‫في الطبعة اليسوعية للكتاب المقدس‪ ،‬قسم الحواشي‪ ،‬نقرأ في تعليقهم على الفصل السادس هذا‬
‫النص‪( :‬الوديعة ههنا انما هي كنز التعاليم المسيحية ومعنى الكتب االلهية والعقائد الدينية وهذا كله‬
‫صرح بذلك القديس يوحنا الذهبي الفم وثاوفيلكتس في شرح‬ ‫اراد بولس ان يُنشَر بطريقة التقليد كما ّ‬
‫قول الرسول هذا‪ .‬وقد اشار الى ذلك ايريناوس فقال ان الرسل قد جعلوا الكنيسة خزانة الحق الوافرة‬
‫وكل ما هو مختص به فوضوه اليها بجملته‪ .‬وقال في موضع آخر ينبغي لكل من هو في الكنيسة ان‬
‫يسمع من الكهنة خلفاء الرسل فانهم قد ُمنحوا بحسب رضى اآلب مع خالفة االسقفية مسحة الحق‬
‫ألمر تيموثاوس بحقظ‬‫َ‬ ‫المدونة واال‬
‫ّ‬ ‫الثابتة‪ .‬فمن الواضح اذن ان بولس يريد بالوديعة التقاليد غير‬
‫الكتب االلهية في الصناديق ال بحفظ كالمه في قلبه بالروح القدس ولما قال له وما سمعته ‪ ...‬مني‬
‫ُعلّ ُموا اآلخرين بل كان يقول له أوعز الى الكتبة بتكثير نُسخ الكالم‬‫استودعه اناسا ً امناء اهالً ألن ي ِ‬
‫الذي كتبتهُ‪ .‬فتأمل)‪.415‬‬
‫وسبق لنا في تعليقنا على ما ورد في رسالة بولس الثانية الى اهل تسالونيكي (‪ )40:2‬التطرق الى‬
‫موضوع التقليد المسيحي واختالفه بين الطوائف المسيحية‪ ،‬فراجعه في ذلك الموضع‪.‬‬

‫ومن المفيد ان نذكر هنا أهم مميزات االيمان البروتستانتي وما يختلفون به عن سائر المسيحيين‪:‬‬
‫* اإليمان بأن الكتاب المقدس فقط‪ ،‬وليس البابوات وال التقاليد‪ ،‬هو مصدر المسيحية‪.‬‬

‫‪ 431‬التي صادق على طبعها النائب الرسولي لالتين بولس باسيم‪.‬‬


‫‪ 415‬الكتاب المقدس ‪ /‬الطبعة اليسوعية‪4113 ،‬م ‪ /‬دار الكتاب المقدس في الشرق االوسط ‪ /‬صادق على اعادة‬
‫طبعها مطران بيروت اغناطيوس زيادة – ص‪.111‬‬
‫‪60‬‬
‫* إجازة قراءة الكتاب المقدس لكل أحد‪ ،‬كما له الحق بفهمه دون االعتماد في ذلك على فهم‬
‫بابوات الكنيسة‪.‬‬
‫* عدم اإليمان بـاألسفار األبوكريفا السبعة‪.‬‬
‫* عدم االعتراف بسلطة البابا وحق الغفران وبعض عبادات وطقوس الكنيسة الكاثوليكية‪.‬‬
‫* يعتبر اللوثريون أن الخالص ال يأتي باألعمال الصالحة بل باإليمان بيسوع المسيح مخلصا ً‬
‫وفاديا‪ ،‬أما األعمال فإنها واجبه بعد الخالص (سوال فيدي) أما عند الكالفينية فالشخص مخلص‬
‫بنعمة المسيح فقط‪.‬‬
‫* لكل كنيسة بروتستانتية استقاللها التام‪.‬‬
‫* يمنع البروتستانت الصالة بلغة غير مفهومة كالسريانية والقبطية في الكنيسة‪ ،‬ويرونها واجبة‬
‫باللغة التي يفهمها المصلون‪.‬‬
‫* يرحب البروتستانت بزواج القساوسة ويرون انه ليس من الضروري أن يكون القس بتوال‪.‬‬
‫* ويتفق البروتستانت مع الكاثوليك في انبثاق الروح القدس من األب واالبن كما يوافقونهم في‬
‫أن للمسيح طبيعتين (إلهية وبشرية) ومشيئتين‪.414‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬يخص الكالم عن مهاجمة بولس للفلسفة‪ ،‬وما ذلك اال لكون مبادئها االساسية (علم‬
‫المنطق) يبين خطأ العقيدة المسيحية واستحالة حقانيتها‪.‬‬
‫وفي الكاثوليكية نقرأ ‪4‬تم (‪25 :1‬و‪( :)24‬يا طيموتاوس‪ ،‬احفظ الوديعة‪ ،‬واجتنب الكالم الفارغ‬
‫الفاسد ونقائض المعرفة الكاذبة‪ ،‬وقد اعلنها بعضهم فحادوا عن اإليمان)‪ .‬وفي الهامش التعليق التالي‪:‬‬
‫(اشارة الى بعض الفالسفة الذين كانوا يلهون بإثبات رأيين ينقض احدهما اآلخر)‪ .‬وهذا النص فيه‬
‫تناقض‪ ،‬فمن جهة يقول ان الذم موجه للفالسفة ومن جهة يقول ان سبب الذم هو لهوهم بأثبات رأيين‬
‫فإن هذا هو فعل السفسطائيين الذين سبقوا الفالسفة في الظهور!‬ ‫ينقض احدهما اآلخر! وفي الحقيقة َّ‬
‫وليس من فعل الفالسفة‪ .‬وهذا النص يبين ان بولس لم يكن يميّز بين السفسطة والفلسفة ومرحلة‬
‫ظهور كل منهما وميزاته!‬
‫بينما يرى بولس الفغالي ان النص يخص الغنوصيين‪ ،‬قال‪( :‬اعتبر الغنوصيّون أنّهم يخلصون فقط‬
‫بالمعرفة الباطنيّة‪ ،‬بحيث ال يحتاجون الى من يعلّمهم)‪ .412‬والغنوصيّون (الصوفيّون) يلجأون الى‬
‫الكشف والشهود لتحصيل المعرفة الباطنية بحسب ظنّهم! فهل كان بولس فعالً يقصدهم بكالمه هذا؟‬
‫ألم يكن بولس يدّعي المعرفة وقد تلقاها من المسيح مباشرة بدون تعليم على يد أحد من تالميذ‬
‫المسيح؟! أال تندرج هذه المعرفة ضمن المعرفة الغنوصية؟! وهل هذا هو السبب ان بعض رجال‬
‫الدين المسيحيين يقولون بأن بولس اخذ التقليد عن مسيحيين آخرين‪ ،‬بدون أن يقدموا دليالً على‬
‫كالمهم‪ ،‬فقط من أجل أن يدفعوا عن بولس شبهة الغنوصيّة!!‬

‫والملفت ان "التفسير التطبيقي للكتاب المقدس" لم يتطرق للتعليق على هذه العبارة في رسالة بولس‬
‫رغم أهميتها‪ ،‬وتجاهلها تماماً!!‬

‫الحرة‪ ،‬تحت عنوان (بروتستانتية)‪ ،‬عبر الرابط‪:‬‬


‫ّ‬ ‫‪ 414‬الموقع االلكتروني ويكيبيديا الموسوعة‬
‫‪https://bit.ly/3ff2ib7‬‬
‫‪ 412‬العهد الجديد‪ ،‬قراءة رعائية – التعليق ص‪،:24‬‬
‫‪61‬‬
‫‪ ))10‬رسالة بولس الى تيطس (تي)‬
‫ت هذه الرسالة حوالي (‪)10-13‬م‪ .‬وهناك خالف بين علماء المسيحية هل ان بولس هو فعالً‬
‫ُكتِبَ ْ‬
‫‪413‬‬
‫من كتب هذه الرسالة ‪.‬‬

‫‪ ‬عقيدة بولس‪ :‬اإلله األب‬


‫في تي(‪ )1:4‬ورد تعبير‪( :‬هللا اآلب)! وهو يكشف عن مرحلة بدائية في تشكيل العقيدة المسيحية‪،‬‬
‫فهو يقول ان اإلله هو األب‪ ،‬أي االقنوم االول! بينما يشير بولس في رسائله‪ ،‬في مواضع اخرى‪،‬‬
‫الى المسيح بإعتباره "الرب" وليس اإلله!‬

‫ويقول بعض المسيحيين ان بولس ذكر في رسائله ان المسيح هو (اإلله) أو (هللا) تعالى ع ّما‬
‫يصفون‪ ،‬وذلك في ثالثة مواضع‪:‬‬
‫االول‪ :‬في رسالته االولى الى تيموثاويس (‪( :)41:3‬وباإلجماع عظيم هو سر التقوى‪ :‬هللا ظهر‬
‫في الجسد‪ ،‬تبرر في الروح‪ ،‬تراءى لمالئكة‪ ،‬كرز به بين األمم‪ ،‬أومن به في العالم‪ ،‬رفع في‬
‫المجد)‪.‬‬
‫بأن المسيح إله‪ ،‬ألن من المحتمل ان قوله (هللا ظهر في‬ ‫وهو ليس نص صريح على إيمان بولس َّ‬
‫أن قوة هللا وعظمته ظهرت في عبده المسيح المبعوث نبيا ً من خالل المعجزات التي‬ ‫الجسد) يعني َّ‬
‫كان يأتي بها‪ .‬وليس المقصود ان هللا يظهر ظهورا ً واقعياً‪ ،‬ألن أي عاقل يعلم أن هللا سبحانه ليس‬
‫بجسم مادي لكي يظهر للعيان‪ .‬يقول القديس اوغسطين‪( :‬مما ال شك فيه ّ‬
‫أن هللا ال يحدّه جسم وال‬
‫يستطيع أحد أن يتصور له أعضاء وأصابع كما هي الحال عندنا)‪ .411‬ومن الغرابة ان يصدر هذا‬
‫سد اإلله وانَّه ّ‬
‫مكون من ثالثة أقانيم! فما هذه التناقضات التي‬ ‫الكالم الرائع عن رجل دين يؤمن بتج ّ‬
‫يقع فيها رجال الدين المسيحيون نتيجة تقديمهم اإليمان على العقل!؟ عموما ً فالنص ال يدل على‬
‫َّ‬
‫إن بولس كان يرى ان المسيح هو اإلله!‬

‫الثاني‪ :‬في رسالته الى أهل فيلبي (‪( :)44-1 :2‬الذي إذ كان في صورة هللا‪ ،‬لم يحسب خلسة أن‬
‫يكون معادال هلل‪ .‬لكنه أخلى نفسه‪ ،‬آخذا صورة عبد‪ ،‬صائرا في شبه الناس‪ .‬وإذ وجد في الهيئة‬
‫كإنسان‪ ،‬وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب‪ .‬لذلك رفعه هللا أيضا‪ ،‬وأعطاه اسما فوق‬
‫كل اسم‪ .‬لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على األرض ومن تحت األرض‪،‬‬
‫ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد هللا اآلب)! {وقد ناقشنا مفاهيم هذا النص في كالمنا‬
‫عن رسالة بولس الى اتباعه في مدينة فيلبي}‪.‬‬
‫وجاء في هامش الطبعة الكاثوليكية تعليقا ً على عبارة (رفعه هللا)‪( :‬صار السيد المسيح إنسانا ً‬
‫واطاع طاعة العبد‪ ،‬ولكن اآلب رفعه إليه وجعله ربّا ً كما ورد في اآلية ‪ ،)44‬والجملة (‪ )44‬هي‬

‫‪ 413‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.43‬‬


‫‪ 411‬تعليم المبتدئين أصول الدين المسيحي‪ ،‬في الحياة السعيدة‪ ،‬في الكذب ‪ /‬القديس اوغسطينُس ‪ /‬ترجمة الخورأسقف‬
‫يوحنا الحلو ‪ /‬طبع بموافقة بولس دحدح النائب الرسولي ّلالتين في لبنان ‪ /‬دار المشرق‪ ،‬بيروت ‪ /‬طبعة اولى‪،‬‬
‫‪ - 255:‬ص‪.13‬‬
‫‪62‬‬
‫{فاندايك}‪( :‬ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد هللا اآلب)‪ ،‬وفي الكاثوليكية‪...( :‬‬
‫يسوع المسيح هو الرب تمجيدا ً هلل اآلب)!‬
‫وتثير عبارة (رفعه هللا) إشكالية كبيرة‪ ،‬فكيف يرفعه هللا لو لم يكن أدنى مرتبة منه! وواضح ان‬
‫المقصود بعبارة (رفعه هللا) هو (رفعه األب) ‪ -‬أي األقنوم االول عند المسيحيين اليوم ‪ -‬النه عاد‬
‫في الجملة (‪ )44‬ليقول (لمجد هللا اآلب) فاهلل هنا في مقصد بولس هو (األب)! فعملية الرفع تعني‬
‫عدم المساواة بينهما‪ ،‬وهو بخالف العقيدة المسيحية!‬
‫وهناك سؤال فرعي‪ :‬لماذا لم يقم الهوت المسيح برفع ناسوته بينما قام األب هو برفع ناسوت‬
‫المسيح؟! هل فقد الهوت المسيح قدرته على رفع ناسوته في ذلك الحال؟!!‬

‫فأين الداللة في النص ان بولس كان يرى ان المسيح هو هللا مع ما ذكره من تفاوت بينهما‪ ،‬وان‬
‫المسيح هو (رب) كما يكرر بولس في رسائله‪ ،‬ولم يشر إليه بأنَّه (إله)!‬
‫وجاء في هامش الطبعة الكاثوليكية للعهد الجديد تعليقا ً على ما ورد في النص (وأعطاه اسما فوق‬
‫كل اسم)‪( :‬األسم‪ :‬الرب‪ ،‬وهو من األسماء الحسنى‪ 410‬الخاصة باهلل‪ ،‬وفي هذه اآلية وغيرها دليل‬
‫على اعتقاد بولس بأن يسوع هو هللا)! وهو وهم من قبلهم فكلمة (الرب) تطلق على اإلله ج َّل شأنه‬
‫ويمكن أن تطلق على مصاديق أخرى من قبيل‪ :‬رب األسرة‪ ،‬رب العمل‪ ،‬وغيرها‪ .‬فليس وصف‬
‫بولس للمسيح بأنه (ربّ ) وامتناعه عن وصفه بأنه (إله) دليل على انه يعتبره إلها ً واال فهي سفسطة‬
‫واضحة!!‬

‫وال ننسى ان هاتين الرسالتين "االولى الى تيموثاوس" و"الى اهل فيلبي" يفترض أنَّهما ُكتِبَتا بعد‬
‫سنة ‪ 13‬م حينما كان بولس في سجنه أو إقامته االجبارية في روما‪ ،‬مما يعني انه طيلة سنوات‬
‫التبشير لم يرد عنه أي نص ولو على سبيل اإلحتمال أن المسيح هو إله‪ ،‬فقط ما ورد انه (ربّ )‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬في رسالة بولس الى اتباعه في رومية (‪ )0:1‬هناك نص اختلفت ترجماته بين الطبعات‬
‫المتعددة‪ ،‬الى اربع أو خمس ترجمات مختلفة‪ ،‬احداها فقط تعني ألوهية المسيح‪ .‬فكيف يمكن ان‬
‫نعتبر هذا النص نصا ً قاطعا ً على ألوهية المسيح بينما الحقيقة هي انه ت ّمت ترجمته ليعني ذلك‪،‬‬
‫وهناك ترجمات أخرى صادرة عن رجال دين مسيحيين‪ ،‬كتبوها على نحو مختلف ال تؤدي الى‬
‫القول بإلوهية المسيح‪ .‬فلماذا ير ّجحون الترجمة الوحيدة التي توافق هواهم على الترجمات االربعة‬
‫االخرى التي ير ّجح انها أقرب للنص األصلي‪ ،‬لكون مترجميها هم أيضا ً من المسيحيين القائلين‬
‫بإلوهية المسيح ومع ذلك لم يترجموا النص وفق اهوائهم‪ .‬وما هو النص األصلي في‬
‫إن المخطوطات أيضا ً مختلفة فيما بينها!!‬
‫المخطوطات؟! أم َّ‬

‫الترجمة األولى‪:‬‬
‫نجدها في الترجمات التالية‪:‬‬
‫ـ في ترجمة فاندايك‪( :‬ولهم اآلباء‪ ،‬ومنهم المسيح حسب الجسد‪ ،‬الكائن على الكل إلها مباركا إلى‬
‫األبد‪ .‬آمين)‪.‬‬
‫وهذا النص هو األكثر إيهاما ً من بين نصوص رسائل بولس بأن بولس يقول بأن المسيح إله‪.‬‬

‫‪ 410‬تستخدم هذه الطبعة للعهد الجديد تعابير إسالمية من قبيل (األسماء الحسنى) و(آية) لتجميل النص بحسب ظنّهم!‬
‫‪63‬‬
‫ـ جاءت الترجمة في طبعة جنيف االنجليزية ‪4011‬م كالتالي‪:‬‬
‫‪"Of whom are the fathers, and of whom concerning the flesh,‬‬
‫‪Christ came, who is [f]God over all, blessed forever, Amen".‬‬
‫وفي هامشها التعليق التالي‪:‬‬
‫]‪[f‬‬
‫‪" A most manifest testimony of the Godhead and divinity of Christ".‬‬
‫أي‪ :‬الشهادة األكثر وضوحا عن الهوت المسيح وألوهيته‪.‬‬
‫ففي رسائل بولس جميعها بل العهد الجديد كله يعتبرون هذه العبارة وفق هذه الترجمة‪ ،‬العبارة‬
‫االكثر وضوحا ً على الهوت المسيح {أي أن المسيح إله}! وهذا إعتراف بأنه ال توجد في رسائل‬
‫بولس عبارات واضحة كوضوح هذه الترجمة بخصوص هذا المضمون!!‬

‫ـ نفس الترجمة نجدها في اصدار لوثر ‪4010‬م‪:‬‬


‫‪LUTH1545: "welcher auch sind die Väter, und aus welchen Christus‬‬
‫‪herkommt nach dem Fleisch, der da ist Gott über alles, gelobt in Ewigkeit.‬‬
‫‪Amen".‬‬

‫الترجمة الثانية‪:‬‬
‫وفي ترجمات اخرى يترجمها مسيحيون آخرون وكنائس أخرى لتعطي معنى ال يتوافق مع‬
‫االعتراف بألوهية المسيح‪ .‬حيث كتبوها بمعنى‪ :‬هللا المتسلط على الكل ليكن مباركا ً الى االبد‪.‬‬
‫وهذا المعنى نجده في الترجمات التالية‪:‬‬
‫ـ في ترجمة (العالم الجديد) العربية‪( :‬ليكن هللا الذي هو فوق الجميع مباركا ً الى األبد)‪.‬‬

‫السارة‪ ]Good News Translation (GNT)[ 411‬كتبوها‪ :‬إلهي المتسلط‬


‫ّ‬ ‫ـ في ترجمة االخبار‬
‫على الجميع‪ ،‬ليتبارك الى االبد‪.‬‬
‫‪GNT: "they are descended from the famous Hebrew ancestors; and Christ,‬‬
‫‪as a human being, belongs to their race. May God, who rules over all, be‬‬
‫‪praised forever! Amen".‬‬

‫ـ ايضا نفس المعنى نجده في ترجمة الكتاب المقدس االمريكي الجديد (طبعة منقحة) [ ‪New‬‬
‫)‪:]American Bible (Revised Edition) (NABRE‬‬

‫‪ 411‬جاء في التعريف بهذا االصدار للكتاب المقدس‪:‬‬


‫نُشرت ترجمة األخبار السارة (‪ ، )GNT‬التي كانت تُسمى سابقًا الكتاب المقدس لألخبار السعيدة أو النسخة‬
‫اإلنجليزية الحالية ‪ ،‬ألول مرة على أنها كتاب مقدس كامل في عام ‪ 41:1‬من قبل جمعية الكتاب المقدس األمريكية‬
‫باعتبارها "لغة مشتركة"‪ .‬إنها ترجمة حديثة واضحة وبسيطة وفية للنصوص األصلية العبرية واليونانية واآلرامية‪.‬‬
‫أخبارا جيدة‬
‫ً‬ ‫‪ GNT‬نسخة موثوقة للغاية‪ .‬ظهرت ألول مرة في صيغة العهد الجديد في عام ‪ 4111‬باعتبارها‬
‫لإلنسان المعاصر‪ :‬العهد الجديد في النسخة اإلنجليزية الحالية ‪ ،‬ترجمها الدكتور روبرت ج‪ .‬براتشر ‪Robert G.‬‬
‫‪ Bratcher‬بالتشاور مع لجنة عينتها جمعية الكتاب المقدس األمريكية‪.‬‬
‫‪64‬‬
NABRE: "theirs the patriarchs, and from them, according to the flesh, is
the Messiah. God who is over all be blessed forever. Amen".

Revised Standard Version [ "‫ـ ايضا نفس المعنى نجده في ترجمة "االصدار القياسي المنقّح‬
:](RSV)
RSV: "to them belong the patriarchs, and of their race, according to the
flesh, is the Christ. God who is over all be blessed for ever. Amen".
‫ـ ايضا نفس المعنى نجده في ترجمة إصدار (الكتاب المقدس ويكليف) تيمنا ً بمترجم الكتاب المقدس‬
:]Wycliffe Bible (WYC)[ ‫م‬43:2 ‫ سنة‬JOHN WYCLIFFE ‫جون ويكليف‬
WYC: "whose be the fathers, and of which is Christ after the flesh, that is
God above all things, blessed into worlds. Amen".

:‫الترجمة الثالثة‬
‫ وهذا ال يعطي معنى ألوهية المسيح‬.]‫ تبارك هللا الى االبد‬،‫ [المسيح فوق الجميع‬:‫ترجموها بمعنى‬
:‫ نجد هذا المعنى في الترجمات التالية‬.‫كما هو واضح‬
‫ الطبعة االولى‬،‫عربي) الصادرة عن دار الكتاب المقدس في مصر‬-‫ـ في ترجمة العهد الجديد (قبطي‬
.)‫ آمين‬.‫ الذي هو على الكل هللاُ المبارك الى األبد‬،‫ (وأيضا ً منهم جاء المسيح حسب الجسد‬:‫م‬254:
،"‫ "المسيح فوق الجميع" و"تبارك هللا الى األبد‬:‫م فقد كتبوا ان‬4144 ‫ـ في ترجمة الملك جيمس‬
:‫ ونص هذه الترجمة‬.‫ فال تعطي العبارة حينئ ٍذ معنى ألوهية المسيح‬،‫على نحو منفصل‬
KJV: "Whose are the fathers, and of whom as concerning the flesh Christ
came, who is over all, God blessed for ever. Amen".

]Complete Jewish Bible (CJB)[ ‫ـ في ترجمة الكتاب المقدس اليهودي الكامل االنجليزية‬
:‫م‬411:
CJB: "the Patriarchs are theirs; and from them, as far as his physical
descent is concerned, came the Messiah, who is over all. Praised
be ADONAI for ever! Amen".
:‫ منها‬،‫ـ وفي ترجمات انجليزية عديدة بنفس الطريقة‬
DARBY: "whose [are] the fathers; and of whom, as according to flesh, [is]
the Christ, who is over all, God blessed for ever. Amen".
DLNT: "of whom are the fathers, and from whom is the Christ according-
to the flesh, the One being over all, God, blessed forever, amen".

65
DRA: "Whose are the fathers, and of whom is Christ, according to the
flesh, who is over all things, God blessed for ever. Amen".
AKJV: "whose are the fathers, and of whom as concerning the flesh
Christ came, who is over all, God blessed for ever. Amen".
MEV: "to whom belong the patriarchs, and from whom, according to the
flesh, is Christ, who is over all, God forever blessed. Amen".
NASB: "whose are the fathers, and from whom is the Christ according to
the flesh, who is over all, God blessed forever. Amen".
NKJV: "of whom are the fathers and from whom, according to the flesh,
Christ came, who is over all, the eternally blessed God. Amen".
NASB1995: "whose are the fathers, and from whom is the Christ according
to the flesh, who is over all, God blessed forever. Amen".
NLV: "The early preachers came from this family. Christ Himself was born
of flesh from this family and He is over all things. May God be honored
and thanked forever. Let it be so".
NRSV: "to them belong the patriarchs, and from them, according to the
flesh, comes the Messiah, who is over all, God blessed forever. Amen".
NRSVA: "to them belong the patriarchs, and from them, according to the
flesh, comes the Messiah, who is over all, God blessed for ever. Amen".
NRSVACE: "to them belong the patriarchs, and from them, according to
the flesh, comes the Messiah, who is over all, God blessed for ever. Amen".
NRSVCE: "to them belong the patriarchs, and from them, according to the
flesh, comes the Messiah, who is over all, God blessed forever. Amen".
TLV: "To them belong the patriarchs—and from them, according to the
flesh, the Messiah, who is over all, God, blessed forever. Amen".
VOICE: "The patriarchs are theirs, too; and from their bloodline comes
the Anointed One, the Liberating King, who reigns supreme over all things,
God blessed forever. Amen".
WEB: "of whom are the fathers, and from whom is Christ as concerning
the flesh, who is over all, God, blessed forever. Amen".
YLT: "whose [are] the fathers, and of whom [is] the Christ, according to
the flesh, who is over all, God blessed to the ages. Amen".
:]La Biblia de las Américas (LBLA)[ ‫ـ ونفس المعنى في الترجمة االسبانية‬

66
LBLA: "de quienes son los patriarcas, y de quienes, según la carne,
procede el Cristo, el cual está sobre todas las cosas, Dios bendito por los
siglos. Amén".
:‫ـ ونفس المعنى في الترجمات الفرنسية االربعة‬
BDS: "à eux les patriarches ! Et c’est d’eux qu’est issu Christ dans son
humanité ; il est aussi au-dessus de tout, Dieu béni pour toujours. Amen !"
LSG: "et les promesses, et les patriarches, et de qui est issu, selon la chair,
le Christ, qui est au-dessus de toutes choses, Dieu béni éternellement.
Amen!"
NEG1979: "et les patriarches, et de qui est issu, selon la chair, le Christ,
qui est au-dessus de toutes choses, Dieu béni éternellement. Amen!"
SG21: "et les patriarches; c'est d'eux que le Christ est issu dans son
humanité, lui qui est au-dessus de tout, Dieu béni éternellement. Amen!"

:‫ـ ونفس المعنى في الترجمتين االلمانيتين‬


SCH1951: "ihnen gehören auch die Väter an, und von ihnen stammt dem
Fleische nach Christus, der da ist über alle, hochgelobter Gott, in Ewigkeit.
Amen!"
SCH2000: "ihnen gehören auch die Väter an, und von ihnen stammt dem
Fleisch nach der Christus, der über alle ist, hochgelobter Gott in Ewigkeit.
Amen!"

:‫الترجمة الرابعة‬
‫ كتبوها (المسيح‬،)‫وهي مقاربة للترجمة السابقة ولكن بدالً من كتابة عبارة (المسيح فوق الجميع‬
!)‫ وبعدها عبارة (تبارك هللا الى االبد‬،)‫المتسلط على الجميع‬
‫ نجد هذا المعنى في اصدار (الكتاب‬.‫وهي أيضا ً ال تعطي معنى ألوهية المسيح كما هو واضح‬
:]Living Bible (TLB)[ )‫المقدس الحي‬
TLB: "Great men of God were your fathers, and Christ himself was one of
you, a Jew so far as his human nature is concerned, he who now rules over
all things. Praise God forever!"

66
‫الترجمة الخامسة‪:‬‬
‫وهي ترجمة المانية مقاربة للترجمة السابقة ولكن بدالً من كتابة عبارة (المسيح فوق الجميع)‪،‬‬
‫كتبوها (المسيح رب كل شيء ‪ )Christus, der Herr über alles‬باستخدام كلمة (رب) وهو‬
‫نفس االستخدام الذي اعتاد بولس عليه في رسائله‪ ،‬وليس كلمة (إله)‪.‬‬
‫هذه الترجمة االلمانية نجدها في إصدار (ترجمة جنيف الجديدة) [ ‪Neue Genfer‬‬
‫)‪:]Übersetzung (NGU-DE‬‬
‫‪NGU-DE: "Sie sind Nachkommen der Stammväter, die Gott erwählt hat,‬‬
‫‪und aus ihrer Mitte ist seiner irdischen Herkunft nach der Messias‬‬
‫‪hervorgegangen, Christus, der Herr über alles, der für immer und ewig zu‬‬
‫‪preisende Gott. Amen".‬‬

‫هذه ابرز الترجمات لما ورد في رسالة بولس الى اتباعه في رومية (‪ ،)0:1‬وهي تبيّن بوضوح‬
‫انه ال يمكن الركون الى ترجمة واحدة من بين عدّة ترجمات مخالفة لها‪.‬‬

‫إذن بولس لم يكن يقول عن المسيح سوى انه (رب)‪ ،‬وكان يميّز بينه وبين اإلله‪ .‬ومما يؤيد هذا ما‬
‫ذكره هو نفسه في رسالته الى اتباعه في رومية (‪ )1:45‬حيث يذكر ما يسميه بكلمة االيمان‬
‫(فاندايك)‪( :‬ألنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع‪ ،‬وآمنت بقلبك أن هللا أقامه من األموات‪ ،‬خلصت)‪.‬‬
‫فيسوع هو الرب‪ ،‬وهللا أقامه من االموات‪ ،‬هكذا يرى بولس انفصال كينونة المسيح عن كينونة هللا‪،‬‬
‫وانهما منفصالن الهوتاً‪ ،‬فهذا "رب" وذاك اإلله‪.‬‬
‫وحول معنى كلمة (الرب) يقول وليم باركلي‪( :41:‬اللقب المفضّل للمسيح عند بولس هو لقب (رب)‬
‫وهو يعني السيد الذي يملك شخصا ً أو شيئا ً بغير منازع‪ .‬إنها تعني (مالك) و(سيد) بكل ما للسيادة‬
‫والملكية من حقوق)‪.41:‬‬
‫وقال بولس في رسالته االولى الى اهل كورنثوس (‪( :)1::‬لكن لنا إله واحد‪ :‬اآلب الذي منه جميع‬
‫األشياء‪ ،‬ونحن له‪ .‬ورب واحد‪ :‬يسوع المسيح‪ ،‬الذي به جميع األشياء‪ ،‬ونحن به)‪ .‬وهو نص واضح‬
‫وصريح بتمييز بولس بين (اإلله) وبين (الرب)‪ .‬فاإلله هو (األب) بينما (الرب) هو (المسيح)‪ .‬وقوله‬
‫أن اإلله بواسطة المسيح خلق‬ ‫(الذي به جميع األشياء) يقوي القول بأن المسيح هو خالق الكون‪ ،‬أو َّ‬
‫الكون‪ ،‬كما هي عقيدة آريوس الذي كان ينكر أن يكون المسيح إلها ً بل يراه المخلوق االول الصادر‬
‫عن اإلله والذي بواسطته خلق الكون كله‪ .‬فيكون المسيح (رباً) للكون أي خالقا ً له أو صادرا ً عنه!‬
‫وهي عقيدة فلسفية تسمى بالصادر االول!‬

‫ويقول بولس في رسالته الى اتباعه في كولوسي (‪40 :4‬و‪{ )41‬فاندايك}‪( :‬الذي هو صورة هللا غير‬
‫المنظور‪ ،‬بكر كل خليقة‪ .‬فإنه فيه خلق الكل‪ :‬ما في السماوات وما على األرض‪ ،‬ما يرى وما ال‬
‫يرى‪ ،‬سواء كان عروشا أم سيادات أم رياسات أم سالطين‪ .‬الكل به وله قد خلق)‪ .‬فقوله (بكر كل‬
‫خليقة) يعني انه اول مخلوق‪.‬‬

‫‪ 41:‬استاذ العهد الجديد بجامعة كالسكو ‪ Glasgow‬في اسكتلندا‪.‬‬


‫‪ 41:‬تفسير العهد الجديد – رسالة رومية ‪ /‬وليم باركلي ‪ /‬ترجمة القس منيس عبد النور ‪ /‬دار الثقافة في القاهرة ‪،‬‬
‫‪41:2‬م ‪ -‬ص‪.21‬‬
‫‪68‬‬
‫ويؤكد بولس معنى ان المسيح هو البكر بين مخلوقين عديدين‪ ،‬فيقول في رسالته الى رومية (‪)21::‬‬
‫{فاندايك}‪( :‬ألن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه‪ ،‬ليكون هو بكرا بين‬
‫إخوة كثيرين)‪.‬‬

‫فهذه هي حقيقة عقيدة بولس‪( :‬إله واحد هو األب‪ ،‬ورب واحد هو المسيح)! وإذا كان المسيح أبن‬
‫اإلله ومولود منه‪ ،‬فهو بذلك يحاكي الفالسفة القائلين بالصادر االول‪ ،‬وان "الواحد ال يصدر عنه اال‬
‫واحد"! فهذا الصدور الفلسفي يسميه بولس بالوالدة! وهذا يعني ان المسيح في فكر بولس لم يكن‬
‫ازليّاً‪ ،‬رغم انه بواسطته ُخلِقَ الكون‪( :‬الذي به جميع األشياء) {‪4‬كور(‪.})1::‬‬
‫فهل كان آريوس يستمد عقيدته من فكر بولس بخالف بقية رجال الدين المسيحيين في مجمع نيقية‬
‫سنة ‪330‬م؟!‬

‫‪ ‬عبارة الهوتية مزيّفة‬


‫في تي(‪{ )43:2‬فاندايك}‪( :‬منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد هللا العظيم ومخلصنا يسوع‬
‫المسيح)‪.‬‬
‫المرجوة وتجلّي مجد إلهنا العظيم ومخلصنا يسوع‬
‫ّ‬ ‫بينما في الطبعة الكاثوليكية‪( :‬منتظرين السعادة‬
‫المسيح)‪ .‬وفيه التعليق التالي على عبارة (مجد إلهنا العظيم)‪( :‬تأكيد صريح إليمان بولس بالهوت‬
‫السيد المسيح)! فموضوع عدم وجود عبارة صريحة لبولس حول الهوت المسيح تقلق رجال الدين‬
‫ي عنق النص" ليصبح معبّرا ً عن أفكارهم‬ ‫المسيحيين ولذلك يتحينون كل فرصة ليحاولوا "ل َّ‬
‫واهوائهم! وإال فالترجمة بين الفاندايك والكاثوليكية مختلفة! فالفاندايك تعطي معنى ظهور مجد هللا‬
‫وظهور المخلّص يسوع‪ ،‬بينما الكاثوليكية تعطي معنى ان المخلص يسوع هو ألههم‪.‬‬

‫وهكذا انقسمت ترجمات الكتاب المقدس بمختلف اللغات بين قائل بظهورين (كطبعة الفاندايك) االول‬
‫لمجد هللا والثاني للمسيح المخلّص‪ ،‬وبين قائل بظهور واحد لمجد "اإلله المسيح المخلّص" (كالطبعة‬
‫الكاثوليكية)‪.‬‬
‫فنقرأ عبارة "الظهورين" في اصدارات الكتاب المقدس‪ :‬الدومينيكانية باللغة العربية‪ ،‬والملك جيمس‬
‫باللغة االنجليزية ‪4144‬م (‪ ،)KJV‬وطبعة جنيف االنجليزية ‪4011‬م (‪ ،)GNV‬ترجمة لوثر‬
‫االلمانية ‪4010‬م (‪ ،)LUTH1545‬وطبعة ويكلف االنجليزية ‪4310‬م‪ ،‬وطبعة تيندال ‪4021‬م‪،‬‬
‫وطبعة ترجمة فارس الشدياق ‪4:0:‬م‪ ،‬وطبعة سارة هودجسون العربية ‪4:44‬م‪ ،‬وطبعة رجارد‬
‫واطس في لندن على ترجمة رومية ‪41:4‬م العربية‪ ،‬وطبعة (العالم الجديد) الصادرة عن شهود‬
‫يهوه‪ ،‬وغيرها من الطبعات‪.‬‬
‫ونقرا عبارة "الظهور الواحد" في الطبعة اليسوعية‪ ،‬وطبعة الترجمة العربية المشتركة‪ ،‬والطبعة‬
‫البولسية‪ ،‬باالضافة الى الكاثوليكية‪ ،‬وطبعات أخرى‪.‬‬

‫فكيف يصح ترجيح ترجمة الكاثوليكية‪( :‬مجد إلهنا العظيم ومخلصنا يسوع المسيح) الدالة على‬
‫الهوت المسيح وهي معارضة بترجمات مهمة كالتي ذكرناها آنفا ً وهي ال تدل على الهوته؟!! بل‬
‫إن كفّة الترجيح تميل نحو الترجمات التي ال تدل على ألوهية المسيح بخصوص هذا النص‪.‬‬
‫َّ‬

‫‪69‬‬
‫‪ ‬شخصيات مجهولة في رسائل بولس‬
‫في تي(‪( :)43:3‬جهز زيناس الناموسي وأبلوس باجتهاد للسفر حتى ال يعوزهما شيء)‪.‬‬
‫وال يعرف المسيحيون اليوم اية معلومات عن (زيناس) المذكور في النص‪ .‬وليس هو الشخصية‬
‫المجهولة الوحيدة في النص بل هناك العديد من الشخصيات المجهولة والمذكورة في رسائل بولس‪.‬‬
‫وال يعير المسيحيون اهمية لمجهولية هؤالء االشخاص وكأنما الموضوع ال عالقة له بالموثوقية‬
‫التاريخية لرسائل بولس!!‬
‫ومن االشخاص المجهولين ايضا‪ً:‬‬
‫ـ هيمينايس وفيليتس‪ ،‬ورد ذكرهما في رسالة تيموثاوس الثانية (‪.)4::2‬‬
‫ـ ينيس ويمبريس‪ ،‬ورد ذكرهما في رسالة تيموثاوس الثانية (‪.)::3‬‬
‫ـ ديماس‪ ،‬ورد انه معاون لبولس دون اي تفاصيل اخرى ورد ذكره في رسالة كولوسي (‪)41:1‬‬
‫ورسالة فيلمون (‪ ،)21‬وورد في رسالة تيموثاوس الثانية (‪ )45:1‬انه ترك بولس رغبة في الدنيا‬
‫وذهب الى تسالونيكي! وال نعرف عنه اي شيء آخر‪.‬‬
‫ـ كريسكيس‪ ،‬ورد ذكره في رسالة تيموثاوس الثانية (‪.)45:1‬‬
‫ـ كاربس‪ ،‬ورد ذكره في رسالة تيموثاوس الثانية (‪.)43:1‬‬
‫ـ هيمينايس واإلسكندر ورد ذكرهما في رسالة تيموثاوس االولى (‪.)25:4‬‬
‫ـ إسكندر النحاس‪ ،‬ورد ذكره في رسالة تيموثاوس الثانية (‪.)41:1‬‬

‫‪ ‬إزدراء االنساب‬
‫في تي(‪ )1:3‬يكرر بولس ازدراءه لالنساب فيقول‪( :‬وأما المباحثات الغبية‪ ،‬واألنساب‪،‬‬
‫والخصومات‪ ،‬والمنازعات الناموسية فاجتنبها‪ ،‬ألنها غير نافعة‪ ،‬وباطلة)‪.‬‬
‫وقد ناقشنا هذا الموضوع في تعليقنا على ما ورد في رسالة بولس االولى الى تيموثاوس (‪.)1:4‬‬

‫‪ ))13‬رسالة بولس الثانية الى تيموثاوس (‪2‬تم)‬


‫ُكتِبَت هذه الرسالة حوالي (‪)1:-11‬م‪ ،‬وهناك خالف بين علماء المسيحية هل ان بولس هو فعالً من‬
‫كتب هذه الرسالة‪.411‬‬
‫وفيما يلي ابرز االثارات في هذه الرسالة‪:‬‬
‫‪ ‬تخلي اتباع بولس عنه‬
‫في ‪2‬تم(‪( :)40:4‬أنت تعلم هذا أن جميع الذين في أسيا ارتدوا عني‪ ،‬الذين منهم فيجلس‬
‫وهرموجانس)‪.‬‬
‫يشكو بولس في هذا النص من ترك العديد من اتباعه له واتباعهم لتعاليم اخرى‪ ،‬هي بال شك تعاليم‬
‫اكابر الرسل من المسيحيين اليهود‪.‬‬

‫‪ 411‬مقدمة للعهد الجديد ‪ /‬ديفيد أ‪ .‬دِه سيلفا – ج‪ 2‬ص‪.43‬‬


‫‪80‬‬
‫وسبق لبولس ان اشار في رسالته الثانية الى أهل كورنثوس (‪ )::4‬الى الشدّة التي أل َّمت به في آسيا‪،‬‬
‫فيقول‪( :‬فانّا النريد أيها االخوة ان تجهلوا الشدَّة التي أل َّمت بنا في اسيا فثقُلَت علينا جدا ً وجاوزت‬
‫طاقتنا حتى يئسنا من الحياة)‪.‬‬
‫أن رسالتا بولس الى كورنثوس قك ُكتِبتا الى اتباعه في هذه المدينة في الفترة حوالي سنة‬ ‫ونحن نعلم َّ‬
‫(‪)0:‬م‪ .‬االولى كتبها في أفسس والثانية كتبها في مكدونية‪ ،‬وأفسس تقع في مقاطعة آسية وهي‬
‫عاصمتها‪ .‬فالظاهر ان بولس ما ان انتقل من أفسس الى مكدونية حتى تركه اتباعه الذين كانوا معه‬
‫في أفسس!‬

‫*)) الرسالة الى العبرانيين (عب)‬


‫ُكتِبَت قبل ‪:5‬م ‪ ،‬وقيل ‪10‬م‪ .‬وهناك خالف بين علماء المسيحية حول هوية كاتبها‪ ،‬فالتقليد المسيحي‬
‫ينسبها الى بولس وعلماء النقد واغلب علماء المسيحيين حاليا ً يرفضون هذه النسبة ويقولون ربما‬
‫هي ألحد تالميذه‪ .‬جاء في مقدمة هذه الرسالة في الطبعة الكاثوليكية‪( :‬يرى علماء الكتاب المقدس‬
‫في عصرنا‪ ،‬على اختالف مذاهبهم‪ ،‬ان كاتب هذه الرسالة ليس القديس بولس‪ .‬فقد خلت في اولها‬
‫من ذكر اسمه واسم الذين وجهها اليهم‪ ،‬ومن عادته ان يفتتح بهما جميع رسائله‪ .‬ثم ان انشاء كاتب‬
‫هذه الرسالة يختلف عن انشائه‪ ،‬فهي مكتوبة بلغة متقنة وكالمها منسجم وعباراتها حسنة التنسيق‬
‫وليس فيها الجمل المعترضة التي تجعل اسلوب القديس بولس معقّداً‪ .‬وإذا كان في هذه الرسالة ما‬
‫يشبه اقوال بولس في الخالص بااليمان بيسوع وعظمة صليب السيد المسيح‪ ،‬ففيها أيضا ً ما ال ذكر‬
‫له في رسائله كالكالم الطويل على كهنوت السيد المسيح الحبر االعظم السماوي الذي يشفع للناس‬
‫لدى هللا في السماء‪ .‬ولذلك يذهب كثير من العلماء الى قول بعض االقدمين‪ ،‬امثال اوريجينس‬
‫المصري‪ ،‬ان كاتب هذه الرسالة هو واحد من تالمذة بولس‪ ،‬له معرفة باليونانية حسنة واطالع‬
‫واسع على االسفار المقدسة والعقيدة اليهودية‪ .‬وقد يكون ابلّس الذي ورد اسمه في كتاب اعمال‬
‫الرسل ‪" :21/4:‬وقدم أفسس يهودي يدعي أبلّس‪ ،‬من أهل االسكندرية‪ ،‬فصيح اللسان‪ ،‬متبحر في‬
‫الكتب‪ .‬وكان قد لُقن دين الرب فاندفع يخطب بحمية ويعلّم تعليما ً صحيحا ً ما يختص بيسوع"‪ .‬وربما‬
‫كتبت هذه الرسالة عن أمر بولس سنة أو سنتين قبل استشهاده في السنة الـ ‪.1:‬واالرجح انها كتبت‬
‫في ايطالية‪ ،‬فقد جاء فيها (‪" :)21/43‬يسلّم عليكم الذين في ايطالية")‪.405‬‬
‫وقال االب بولس الفغالي‪( :‬هل نستطيع ان نتعرف الى كاتب هذه الرسالة؟ هو ال شك ينتمي الى‬
‫المدرسة البولسيّة‪ ،‬ولو كان بولس نفسه العترفت كنيسة رومة سريعا ً (ال تُذكر في قانون موراتوري‬
‫الذي يعود الى القرن الثاني) بهذه الرسالة التي وصلت إليها فك ّملت ما جاء في رسالة بولس الى‬
‫رومة‪ .‬قالوا‪ :‬هو لوقا أو أبلوس أو برنابا أو غيرهم‪ .‬ولكن األوفر حظا ً هو أبلوس‪ :‬هو من‬
‫عرف بعالقته‬‫االسكندرية‪ .‬وكان عارفا ً بالكتب المقدسة‪ ،‬واشتهر ببالغته (أع ‪ ،)2:-21 :4:‬كما ُ‬
‫ببولس {‪4‬كور ‪ ،42:41 ،1-1 :3 ،42:4‬تي ‪.404)}43:3‬‬

‫‪ 405‬العهد الجديد ‪ /‬المطبعة الكاثوليكية في بيروت ‪ /‬الطبعة الخامسة ‪41::‬م‪ -‬ص‪.:15‬‬


‫‪ 404‬العهد الجديد‪ ،‬قراءة رعائية – مقدمة الرسالة الى العبرانيين – ص‪.:11‬‬
‫‪81‬‬
‫ولذلك فنحن في دراستنا لهذه الرسالة ليس لكونها من انتاجات بولس بل هي ربما اول انتاجات‬
‫تطورت خطوة اخرى نحو ما هو‬
‫ّ‬ ‫تالميذه‪ ،‬فنرى مدى ظهور عقيدة بولس في هذه الرسالة وهل‬
‫موجود من المسيحية اليوم!‬
‫ولذلك ينبغي ان نؤكد على ان عقيدة بولس في رسائله المنسوبة اليه‪ ،‬الثالث عشرة رسالة‪ ،‬هي‬
‫التالي‪:‬‬
‫يؤمن بإله واحد هوهللا األب ورب واحد هو يسوع المسيح‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫يؤمن أن المسيح هو ابن اإلله‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يؤمن ان المسيح به كان كل شيء‪ ،‬اي ان كل شيء ُخلِقَ بواسطته‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫يؤمن ان المسيح مات مصلوباً‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫يؤمن بقيامة المسيح بعد موته‪.‬‬ ‫‪.0‬‬
‫لم يرد في رسائله كالم عن الثالوث‪ ،‬ولم يذكر ما يظهر انه يؤمن بأن اإلله مكون من‬ ‫‪.1‬‬
‫ثالوث‪.‬‬
‫لم يرد في رسائله لفظ (أقنوم)‪ ،‬وال يظهر انه كان يؤمن به وال بمفهومه‪.‬‬ ‫‪.:‬‬
‫ان افكار بولس قريبة جدا ً من الفكرة الفلسفية القائلة بالصادر االول الذي صدر عن اإلله‪،‬‬ ‫‪.:‬‬
‫وهو يرى ان ذلك الصادر هو المسيح‪ ،‬وان هذا الصادر االول (المسيح) هو خلق كل شيء‪.‬‬

‫أهم اإلثارات في هذه الرسالة‪:‬‬


‫‪" ‬الصادر االول" في فكر بولس‬
‫في عب(‪{ )1-4 :4‬فاندايك}‪( :‬هللا‪ ،‬بعد ما كلم اآلباء باألنبياء قديما‪ ،‬بأنواع وطرق كثيرة‪ ،‬كلمنا في‬
‫هذه األيام األخيرة في ابنه‪ ،‬الذي جعله وارثا لكل شيء‪ ،‬الذي به أيضا عمل العالمين‪ ،‬الذي‪ ،‬وهو‬
‫بهاء مجده‪ ،‬ورسم جوهره‪ ،‬وحامل كل األشياء بكلمة قدرته‪ ،‬بعد ما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا‪،‬‬
‫جلس في يمين العظمة في األعالي‪ ،‬صائرا أعظم من المالئكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم)‪.‬‬
‫وفي الطبعة الكاثوليكية‪( :‬وبه انشأ العالمين‪ .‬هو شعاع مجده وصورة جوهره)‪ .‬وفي الهامش جاء‬
‫التعليق التالي‪( :‬في هاتين العبارتين المأخوذتين من تعليم مفكري االسكندرية في ذلك العصر‬
‫اعتراف بالهوت السيد المسيح والوحدة التي بينه وبين اآلب‪ .‬فالمجد من صفات هللا‪ ،‬واالبن شعاع‬
‫ذلك المجد‪ ،‬أي نوره‪ ،‬وهو صورة جوهره كالصورة التي يتركها الخاتم في االشياء)‪ .‬ويشيرون‬
‫الى ما ورد في رسالة بولس الى اتباعه في كولوسي (‪( :)4:-40:4‬هو صورة هللاِ الذي ال يُرى‪،‬‬
‫كر الخالئق كلّها‪ .‬ففيه ُخلِقَ ك ُّل شيء مما في السموات ومما في االرض‪ ،‬ما يُرى وما ال يُرى‪،‬‬ ‫وبِ ُ‬
‫عرش كانوا أم سيادة أم رئاس ٍة أم سلطة‪ .‬ك ُّل شيء ُخلِقَ ب ِه وله‪ .‬كان قبل ك َّل شيء وبه‬
‫ٍ‬ ‫أأصحاب‬
‫قوام ك ّل شيء)‪.‬‬
‫‪ ...‬ويقول القس انطونيوس فكري في تفسير عبارة (وبه انشأ العالمين)‪( :‬فالمسيح هو خالق السماء‬
‫واألرض (يو‪ .)3:4‬خالق الخليقة السمائية واألرضية‪ .‬المنظور وغير المنظور‪ ،‬الزمني واألبدي‪.‬‬
‫هو اللوغوس هو قوة هللا وحكمته)‪.402‬‬

‫‪ 402‬مقال تفسير الرسالة الى العبرانيين للقس انطونيوس فكري‪ ،‬منشور في الموقع االلكتروني (األنبا تكال هيمانوت‬
‫الحبشي) القبطي اآلرثوذكسي‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫هذه الفكرة عند بولس وتالميذه والمأخوذة من تعليم مفكري االسكندرية هي من الفلسفة الغنوصية‪،‬‬
‫وتعتبر االسكندرية من اهم مراكز الغنوصية في القرنين الميالديين االول والثاني‪ .‬ومن الغنوصية‬
‫انتقلت فكرة "الصادر االول" الى المسيحية عبر بولس وتالميذه‪ .‬وممن تحدث عن "الصادر االول"‬
‫من المدرسة االفالطونية الحديثة والتي ابرز رموزها الفيلسوف اليهودي فيلون اإلسكندري‬
‫أن االسكندرية في‬‫(‪35‬ق‪.‬م‪05 -‬م) والفيلسوف المسيحي المصري افلوطين (‪250‬م‪2:5-‬م)‪ ،‬علما ً َّ‬
‫تلك الفترة من التاريخ كانت من اهم مراكز الغنوصية في العالم‪ .‬وتعني كلمة الغنوص ‪Gnosis‬‬
‫"المعرفة الحدسية الباطنية‪ ،‬أو العرفان بمصطلح التصوف االسالمي‪.‬والعارفون هم الغنوصيون‬
‫‪ Gnostics‬الذين يتواصلون من خالل بصيرتهم الداخلية بالحقيقة الكليّة‪ .‬أما خصومهم فهم غير‬
‫العارفين ‪ agnostics‬الذين وقفوا عند ظاهر التعاليم الدينية ولم ينفذوا الى باطنها"‪ .403‬والباحث‬
‫في سيرة بولس يجد ان آثار المعرفة الغنوصية واضحة عليها‪ ،‬فهو اعتنق االيمان بالمسيح فجأة‬
‫نتيجة تجربة غنوصية داخلية وهو في طريقه الى دمشق‪ ،‬كما انه حصل على معرفته الدينية من‬
‫ف الى السماء! وهي تجربة غنوصية‪ ،‬ولم يكن لديه اساتذة من‬ ‫المسيح مباشرة كما يقول‪ ،‬ل ّما اخت ُ ِط َ‬
‫بأن المسيح هو رب وانه مولود من اإلله وانه ابنه هو أمر مماثل للفكرة‬ ‫بين تالميذ المسيح‪ .‬وقوله َّ‬
‫بأن اإلله واحد وال يصدر عنه سوى صادر واحد هو أول وآخر ما‬ ‫الفلسفة الغنوصية التي تقول َّ‬
‫يصدر عنه‪ ،‬وال يمكن تعدد ما يصدر عنه‪ ،‬وهذا "الصادر االول" هو الذي خلق الكون‪ .‬واإلله ال‬
‫يخلق "الصادر االول" بل هو يصدر عنه على نحو الفيض‪ ،‬كما هو تعبير بولس وتالميذه بأن‬
‫المسيح مولود من اإلله وله نفس جوهره وصورته!‬
‫وفكرة "الصادر االول" تبنّتها المدرسة االفالطونية الحديثة والتي ابرز رموزها الفيلسوف اليهودي‬
‫فيلون اإلسكندري (‪35‬ق‪.‬م‪05 -‬م) والفيلسوف المسيحي المصري افلوطين (‪250‬م‪2:5-‬م)‪.‬‬
‫كان فيلون االسكندري يرى َّ‬
‫أن عناية هللا بالعلم ليست مباشرة‪ ،‬ولكنها تتخذ وسطاء‪"،‬فاهلل ال يستطيع‬
‫أن يتصرف في العالم مباشرة‪ ،‬وذلك ألن هذا سيتضمن الحط من شأنه بالهيولى‪ ،‬وتحديد ال تناهيه‪،‬‬
‫ولهذا توجد كائنات روحية وبسيطة تخلق العالم وتديره باعتبارها وراء هللا"‪ .‬وكذلك ال تبلغ النفس‬
‫إلى هللا إال بوسطاء ‪.‬والوسيط األول هو "اللوغوس " أو الكلمة ابن هللا نموذج العالم‪ ،‬ويليه الحكمة‬
‫فرجل هللا أو آدم األول‪ ،‬فالمالئكة‪ ،‬فنفس هللا‪ ،‬وأخيرا القوات وهي كثيرة من مالئكة وجن نارية أو‬
‫هوائية تنفذ األوامر اإللهية‪ .‬وكل هذه الوسائط واردة في اللوجوس الذي هو التفكير العقالني الذي‬
‫يحكم العالم‪ ،‬وعالقة هللا باللوجوس‪ ،‬وعالقة اللوجوس بالعالم هي عالقة فيض‪ ،‬ولكن فكرة الفيض‬
‫عنده‪ ،‬بل وفكرة اللوجوس غير واضحة‪،‬فهناك في تفسيره "أقوال متعددة متباينة فاللوغوس تارة‬
‫الوسيط الذي به خلق هللا العالم‪ ،‬كمايصنع الفنان بآلة‪ ،‬والذي به نعرف هللا‪ ،‬والذي يشفع لنا عند هللا‪،‬‬
‫وهو طورا مالك هللا الذي ظهر لآلباء وأعلن إليهم أوامر هللا‪ ،‬على ما تذكر التوراة‪ ،‬وهو مرة قانون‬
‫العالم"‪" .‬وتعتبر فكرة الفيض أو الكلمة ‪ logos‬هي أهم الجوانب التي أضافها فيلون‪ ،‬تلك الفكرة‬
‫التي قبلها كثير من فالسفة المسلمين قبوال مصحوبا باإلعجاب"‪.401‬‬
‫وكان أفلوطين يؤمن بأ ن هللا واحد بسيط من كل وجه‪ ،‬وأن الواحد ال يصدر عنه إال واحد‪ ،‬وكان‬
‫أفلوطين مشغوال بمشكلة فلسفية وهي كيف صدرت الكثرة عن الواحد البسيط؟ أو كيف وجدت هذه‬
‫الموجودات المتكثرة عن الواحد "‪ .‬فمذهب أفلوطين هو عبارة عن تسلسل مراتب الوجود ابتداء‬

‫‪ 153‬المصدر السابق – ص‪.66‬‬


‫‪ 154‬مقال بعنوان (النظر في األسس التي قامت عليها مدرسة األفالطونية المحدثة) بقلم أ‪.‬د‪ /‬محمود محمد حسين‬
‫علي‪ ،‬قسم الدعوة وأصول الدين‪ ،‬كلية العلوم اإلسالمية – جامعة المدينة العالمية ‪ ،‬شاه علم – ماليزيا‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫من المركز األول‪ ،‬وامتدادا حتى أكثر درجات الوجود تفرقا وتبددا ‪.‬فهو يشرح سير موكب الوجود‬
‫من الواحد تدريجيا حتى ينتهي إلى المادة التي تعد عنده أحط الموجودات مرتبة‪.400‬‬
‫فلم يكن في فكر بولس وجود إله ثالوث‪ ،‬بل كان ما يدور في ذهنه هو وجود إله واحد للكون هو هللا‬
‫(أو يهوه بحسب تسمية اليهود)‪ ،‬ورب واحد خالق للكون هو المسيح‪ .‬وحول هذه الفكرة (األب اإلله‬
‫واألبن الرب) تدور كل عقيدة بولس وتالميذه المبثوثة في أسفار العهد الجديد‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال نقرأ في نفس الرسالة (‪( :):-0 :4‬ألنه لمن من المالئكة قال قط‪« :‬أنت ابني أنا‬
‫اليوم ولدتك»؟ وأيضا‪« :‬أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا»؟ وأيضا متى أدخل البِكر إلى العالم‬
‫يقول‪« :‬ولتسجد له كل مالئكة هللا»‪ .‬وعن المالئكة يقول‪« :‬الصانع مالئكته رياحا وخدامه لهيب‬
‫نار»)‪.‬‬
‫انظر الى وصف المسيح بأنّه (بِكر) و(وبِ ُ‬
‫كر الخالئق) كيف يتكرر في رسائل بولس {انظر‪ :‬كولوسي‬
‫‪ ،}40:4‬ألنه يعتبر المسيح "الصادر االول" عن اإلله‪ ،‬وأول المخلوقات‪.‬‬
‫ولم يتطرق بولس الى عالقة مماثلة بين األب والروح القدس‪ ،‬ألنه ال يعتبر الروح القدس " ِبكر‬
‫الخالئق" وال يعتبره "الصادر االول" إنما هو بمثابة "قوة إلهية" أو شيء من هذا القبيل‪.‬‬
‫ومن خالل هذه الفكرة الثنائية (اإلله األب والرب األبن) يمكن للقاريء أن يفهم كل نصوص العهد‬
‫الجديد‪.‬‬

‫‪ ‬خلو رسائل بولس من كالم "الروح القدس"‬


‫في عب(‪( :)1-: :3‬لذلك كما يقول الروح القدس‪« :‬اليوم‪ ،‬إن سمعتم صوته فال تقسوا قلوبكم‪ ،‬كما‬
‫في اإلسخاط‪ ،‬يوم التجربة في القفر حيث جربني آباؤكم‪ .‬اختبروني وأبصروا أعمالي أربعين سنة)‪.‬‬
‫في الكتاب المقدس الدراسي‪ ::3( :‬الروح القدس‪ .‬للتأكد من أن الروح القدس هو المتكلم أيضا ً في‬
‫العهد القديم)‪ .‬وهي اول مرة يظهر كالم منسوب الى عمل الروح القدس‪ ،‬حيث تخلو رسائل بولس‬
‫مرة أخرى في نفس الرسالة (‪( :)::1‬معلنا الروح القدس‬ ‫من هذا المعنى‪ .‬ويظهر نفس هذا المعنى ّ‬
‫بهذا أن طريق األقداس لم يظهر بعد‪ ،‬ما دام المسكن األول له إقامة)‪ .‬وهذا اول تطور نلحظه في‬
‫الفكر الديني عند تالميذ بولس {فأحدهم هو كاتب الرسالة الى العبرانيين}‪.‬‬
‫يقول بسام مدني‪( :‬من المهم أن نالحظ بهذا الصدد أن كاتب الرسالة ينظر إلى كلمات المزمور‬
‫ككلمات الروح القدس أي أن كلمات الكتاب يجب أال ينظر إليها ككلمات بني البشر وإن كانت تأتي‬
‫إلينا بقالب بشري‪ .‬وهكذا علينا أال نهمل إنذارات وإرشادات كلمة هللا التي تتطلب الطاعة التامة من‬
‫مستمعيها)‪ .401‬وقال في موضع سابق‪( :‬أن نذكر أن الروح القدس الذي أوحى بمحتويات جميع‬
‫أسفار الكتاب المقدس من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا أثناء حقبة طويلة من الزمن شاء بأن يعطينا‬
‫سفرا ً واحدا ً من أسفار العهد الجديد بدون أن نعرف كاتبه البشري)‪.40:‬‬
‫وهكا نجد ان الروح القدس وضيفته (الوحي) وأن كل الكالم الموحى به في العهدين القديم والجديد‪،‬‬
‫بحسب عقيدة المسيحيين‪ ،‬هو من وحي الروح القدس‪ .‬وهذه وظيفة اساسية تظهر في فكر تالميذ‬
‫بولس من خالل هذه الرسالة‪ ،‬رغم اننا ال نجد لها صدى في رسائل بولس‪.‬‬

‫‪ 155‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 401‬تفسير الرسالة الى العبرانيين ‪ /‬بسام مدني ‪ /‬الخدمة العربية للكرازة باالنجيل‪ ،‬مطبوعات ساعة االصالح – ص‪.40‬‬
‫‪ 40:‬المصدر السابق – ص‪.1‬‬
‫‪84‬‬
‫‪ ‬كهنوت المسيح وملكي صادق‬
‫في عب(‪( :)25:1‬حيث دخل يسوع كسابق ألجلنا‪ ،‬صائرا على رتبة ملكي صادق‪ ،‬رئيس كهنة إلى‬
‫األبد)‪.‬‬
‫مرة يتم التحدث عن هذا الموضوع هو من‬‫هذ النص يتحدَّث عن الوظيفة الكهنوتية للمسيح‪ ،‬وأول ّ‬
‫قبل تالمذة بولس في هذه الرسالة‪ ،‬حيث تخلو رسائل بولس من االشارة الى هذا الموضوع!‬

‫ولدينا بحث كنّا قد كتبناه قبل حوالي اكثر من ‪ 20‬عاما ً بعنوان (يسوع المسيح كاهن الهيكل) من‬
‫المفيد ان ندرجه هنا‪.‬‬

‫يسوع المسيح كاهن الهيكل‬


‫أمرت التوراة أن يتولى سبط الوي من بين أسباط بني إسرائيل خدمة خيمة االجتماع مسكن الشهادة)‬
‫ومن ثم هيكل سليمان)‪ ،‬وان يكون الكهنة من ذرية هارون بالتحديد‪.‬‬
‫وحدث في زمن موسى أن انتشر الفساد بين بني إسرائيل وشاع زنى بني إسرائيل مع بنات قبيلة‬
‫موآب فسجدوا آللهتهن وعبدوا إلههم بعل فغور‪ ،‬فنهاهم الرب عن ذلك فلم ينتهوا حتى انتفض‬
‫فينحاس بن العازار بن هارون الكاهن وقتل زمري ابن سالور وهو من زعماء سبط شمعون عندما‬
‫كان يزني مع كزبى بنت صور وأبوها من زعماء مديان وقد قتلها فينحاس أيضا‪ .‬فرضي الرب عن‬
‫فينحاس وكافأه فقال لموسى ‪ ( :‬ها انذا أعطيه ميثاقي ميثاق السالم فيكون له ولنسله من بعده ميثاق‬
‫كهنوت ابدي ألجل انه غار هلل وكفر عن بني إسرائيل)‪ ،‬وهكذا انحصر منصب الكاهن في ذرية‬
‫فينحاس بن العازار بن هارون‪.‬‬
‫ب والدة معجزة حيث حملت به‬ ‫ويتفق المسيحيون مع المسلمين في ان يسوع المسيح ولد من غير أ ٍ‬
‫أمه الطاهرة مريم العذراء بمشيئة هللا القادر على كل شيء‪ ،‬ووردت تسميته (ابن مريم) في الديانتين‬
‫المذكورتين‪.‬‬
‫وقد ورد في األناجيل أن اليزابيث (اليصابات) زوجة زكريا هي من أقارب مريم العذراء‪ ،‬وبما أن‬
‫اليزابيث هي من ذرية هارون الكاهن‪ ،‬فتكون مريم العذراء هي من ذرية هارون أيضا‪ ،‬أي أن‬
‫يسوع المسيح يعود في نسبه الى هارون أول كهنة بني إسرائيل‪ ،‬وبذلك نفهم أن ليسوع المسيح‬
‫إضافة لوظيفته النبوية وظيفة كهنوتية أيضا باعتباره آخر كهنة الهيكل من ذرية هارون الكاهن‪.‬‬
‫ونسب مريم العذراء الى هارون أخي موسى يكشف لنا عن تفسير إحدى آيات القرآن المجيد وهي‬
‫ما جاء بالقرآن المجيد (سورة مريم عليها السالم اآلية ‪ )2:‬في الخطاب لمريم العذراء‪(( :‬يا أخت‬
‫هارون))‪ ،‬وهذا ما يؤكد إنها من نسل هارون الن القرآن الكريم قد نزل بلغة العرب‪ ،‬والعرب كانت‬
‫إذا خاطبت شخصا عربيا تقول له ‪( :‬يا أخا العرب)‪ ،‬وللهاشمي ‪( :‬يا أخا هاشم)‪ ،‬ومثل هذه الشواهد‬
‫في القرآن الكريم ما جاء في (سورة الشعراء اآليتان ‪450‬و‪ )451‬قوله تعالى ‪(( :‬كذبت قوم نوح‬
‫المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوح أال تتقون)) وفي (سورة الشعراء اآليتان ‪423‬و‪ )421‬قوله تعالى‬
‫‪(( :‬كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود أال تتقون))‪ ،‬فيكون المقصود من خطاب مريم‬
‫‪85‬‬
‫العذراء ((يا أخت هارون)) إنها من ذرية هارون أخي موسى كما أسلفنا‪ ،‬وقد ذهب الى هذا التفسير‬
‫أيضا الشيخ موسى السوداني رحمه هللا في كتابه (البرهان لعلوم القرآن) ج‪ 4‬ص‪.352‬‬
‫إذن فالمسيح عليه السالم هو من نسل هارون النبي عليه السالم وهو من ساللة كهنة الهيكل‪ ،‬فكان‬
‫هو الكاهن الشرعي المنصوب من قبل هللا تعالى‪ ،‬وهذا أحد أسباب رفض اليهود وكهنتهم له ألن‬
‫دعوته ووجوده فيه تهديد لمصالحهم الدنيوية‪.‬‬
‫إن إعالن المسيح كاهنا للهيكل هو السبب في ذهاب يسوع المسيح للهيكل‪ ،‬فقلب مناضد الصيارفة‬ ‫َّ‬
‫وكراسي باعة الحمام وطرد الباعة من الهيكل ولم يدع أحد يجتاز الهيكل بمتاع كما في إنجيل مرقس‬
‫(‪ 40 :44‬و‪ )41‬النه هو كاهن الهيكل والمسؤول عنه‪ ،‬فللمسيح وظيفة كهنوتية إضافة لوظيفته‬
‫النبوية كما اسلفنا‪.‬‬
‫وقد بين المسيح ألنصاره حقيقة نسبه بال شك‪ ،‬وفي إنجيل متى (‪ 14 : 22‬ـ ‪ )11‬نقرأ ‪( :‬وفيما كان‬
‫الفريسيون مجتمعين سألهم يسوع قائال ‪ :‬ماذا تظنون في المسيح‪ ،‬ابن من هو قالوا له‪ :‬ابن داود‪ ،‬قال‬
‫لهم ‪ :‬فكيف يدعوه داود بالروح ربا قائال ‪ :‬قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك‬
‫موطئا لقدميك‪ ،‬فان كان داود يدعوه ربا فكيف يكون ابنه ؟! فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة‪ ،‬ومن‬
‫ذلك اليوم لم يجسر أحد أن يسأله بتة )‪ ،‬فالمسيح كان يعلمهم أنه ليس من ذرية داود‪ ،‬وأنه آخر كهنة‬
‫الهيكل‪ ،‬حيث قد ذكرنا في مقال سابق حول نسب المسيح أنه بعد والدة يسوع المسيح والدته المعجزة‬
‫من غير أب‪ ،‬بدأ يوسف النجار يشرف على تربيته وتنشأته ورعايته حتى بلغ مرحلة الشباب ألن‬
‫أمر الوالدة المعجزة ليسوع المسيح ظل خافيا على معظم اليهود بسبب محاولة الحاكم الروماني‬
‫هيرودس قتل يسوع بعد والدته وهرب أمه مريم به مع يوسف النجار ـ ال سيما وقد تكتم على أمر‬
‫تكلم المسيح في المهد من حضر الحادثة من اليهود خوفا ً من اإلضطهاد ـ لذلك نشأ وترعرع واليهود‬
‫يظنونه ابن يوسف النجار من سبط يهوذا الن يوسف النجار كان من سبط يهوذا‪.‬‬
‫وعندما بدأت الوظيفة النبوية ليسوع المسيح‪ ،‬اخذ الكثير من عامة اليهود يدعونه بلقب (ابن داود)‪،‬‬
‫وقد ورد ذلك في األناجيل األربعة بكثرة‪ ،‬وال نستبعد أن بعض هذه المواضع مكذوبة الن هناك من‬
‫كان يرى مصلحة في إطالق لقب (ابن داود) على يسوع المسيح ال سيما بولس واتباعه‪.‬‬
‫وهذا النص الذي ذكره إنجيل متى فيه إشارة لما ورد في المزامير (‪( : ):-4 : 445‬قال الرب لربي‬
‫اجلس على يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك يرسل الرب قضيب عزك من صهيون‪ ،‬تسلّط‬
‫في وسط أعدائك‪ ،‬شعبك منتدب في يوم قوتك في زينة مقدسة من رحم الفجر لك ط ّل حداثتك‪.‬اقسم‬
‫الرب ولن يندم أنت كاهن إلى األبد على رتبة ملكي صادق‪ ،‬الرب عن يمينك يحطم في يوم غضبه‬
‫ملوكا‪ ،‬يدين بين األمم‪ ،‬مأل جثثا ً أرضا ً واسعة سحق رؤوسها من النهر يشرب في الطريق لذلك‬
‫يرفع الرأس)‪ ،‬وقد يقصد بقوله (إلى األبد) االستغراق في الزمن‪ ،‬أي فترة طويلة‪ ،‬وهو أي يسوع‬
‫المسيح آخر الكهنة من سبط الوي من ذرية هارون‪ ،‬ويقصد بقوله (على رتبة ملكي صادق)‪ ،‬هو‬
‫أن ملكي صادق المذكور في تكوين (‪ )4: : 41‬كان كاهنا وهو يمثل نهاية مرحلة تاريخية (مرحلة‬
‫ما بعد الطوفان) وبداية مرحلة أخرى هي مرحلة الوعد اإللهي إلبراهيم وذريته (بنو إسرائيل)‪،‬‬
‫واما يسوع المسيح وهو كاهن أيضا ً فهو يمثل نهاية مرحلة تاريخية (مرحلة الوعد لبني إسرائيل)‬
‫وبداية مرحلة جديدة تمثلت بظهور النبي العربي الصادق األمين محمد (صلى هللا عليه وآله) من‬
‫جبل فاران كما في سفر حبقوق (‪ )3: 3‬وكما في سفر التثنية (‪ )2 : 33‬ونبوءة اشعياء (‪،)43 : 24‬‬
‫الصادق األمين الذي ذكره يوحنا الالهوتي في رؤياه (‪.)44 : 41‬‬
‫‪86‬‬
‫وإذا كان ملكي صادق قد التقى إبراهيم في بداية المرحلة التاريخية تلك فان يسوع المسيح قد التقى‬
‫النبي العربي محمد (صلى هللا عليه وآله) في بداية المرحلة التاريخية الجديدة في أورشليم في بيت‬
‫المقدس عند اإلسراء بالنبي محمد (صلى هللا عليه وآله) وإذا كان يسوع قد دخل أورشليم عالنية‬
‫بقافلة تتقدمها مجموعة من المؤمنين به وبالهتاف له ـ كما في إنجيل متى (‪ : : 24‬ـ ‪ )44‬ـ فان النبي‬
‫محمد (صلى هللا عليه وآله) قد دخل أورشليم بصورة فجائية وغير متوقعة أي (بغتة) كما ذكرت‬
‫نبوءة مالخي (‪( : )4 : 3‬ويأتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه) فمرتبة ملكي صادق أذن هي‬
‫نهاية مرحلة تاريخية وبداية أخرى‪ ،‬وكذلك كانت مرتبة يسوع المسيح الذي أنتهت مرحلته بظهور‬
‫اإلسالم‪ ،‬وأنتقال القبلة إلى أورشليم الجديدة المذكورة في رؤيا يوحنا الالهوتي (‪ )41:24‬وهي‬
‫المكرمة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مكعبة الشكل (الطول والعرض واألرتفاع متساوية) في مكة‬

‫‪86‬‬

You might also like