Professional Documents
Culture Documents
عمر ياسف
عمر ياسف
عمــــر ياســـــف
من اعداد :
عمر الصغير..
فارس حي القصبة وبطل معركة الجزائر
ولد عمر الصغير في 07كانون الثاني/جانفي 1944في بيت جده في حي القصبة ،وكان الثالث من
بين تسعة أطفال ،كان والده أحمد صانع زراب ومدرًبا في فن المالكمة ،أما والداته السيدة ذهبية كانت
ربة بيت ُت شرف على أبنائها التسعة والعائلة الكبيرة ياسف.
كان يسكن عمر الصغير رفقة عائلة ياسف الكبيرة ،بين أحضان جده وجدته وصحبة أعمامه وأبناء
عمومته على غرار عمه ياسف سعدي ،وقد ترك الدراسة في السنوات األولى ،إذ انتفض رافًض ا وهو
تلميذ في السنوات األولى من التعليم النشيد الفرنسي واالحتفاء بالتاريخ الفرنسي ،وتمرد على التمييز
العنصري في حق أطفال الجزائر.
البدايات
مع بداية اندالع الثورة ،كانت القصبة قلعة للثوار ،وقلب العمليات الفدائية ،ومسرًح ا للكمائن واالشتباكات
المسلحة ،وشهد بيت ومخبزة عائلة ياسف حركية ونشاًطا ثورًيا بارًز ا ،األمر الذي أثار في نفسية عمر
الصغير فضواًل ورغبة في خدمة الثورة ،مؤمًنا أنه مع موعد تاريخي هام.
كان عمر الصغير رفقة أطفال القصبة يلعبون في أزقة شوارع المدينة ،لكن كانت أعين عمر ال تنام وال
تغفل عن أّية حركة مشبوهة أو شخص مجهول َيلج الحي ،فبينما عمر يلعب رفقة ابن عمه محمود تسلل
شخص غريب عن الحي ،أثار تردد وسلوك الغريب شكوك عمر الصغير ،الذي بات يراقبه عن بعد،
اقترب منه عمر الصغير موجًها له رسالة مشفرة "رد بالك ..المشورة تعك راهي تبان" "منديلك يتدلى
سيدي" َفهم الغريب أن عمر يقصد أن المسدس المخبأ تحت الجاكيت َظهر للعيان.
في البداية اعتدل الرجل وقام بحركة سريعة وعفوية وأعاد إخفاء المسدس ،بعدها أخبر الغريب عمر
الصغير أنه أضاع الطريق ،وطلب منه إرشاده إلى عنوان يقع وسط مدينة القصبة ،وهي المهمة التي
أداها عمر بإتقان واحترافية ،حتى تردد أن عمر قد اختطفه رجل غريب.
ٌأخبر عمه ياسف سعدي الذي كان قائد المنطقة المستقلة للعاصمة بالقصبة ،واستحسن التدبير الطفل رغم
خوفه على الصغير ،وشَر ع ياسف سعدي باالستعانة بابن أخيه من أجل مرافقة واستقبال الثوار في أحياء
القصبة وشراء الجرائد ،كما بايع عمر الصغير على حفظ السر والكتمان والنظام.
مهمة أخيرة
بعد إضراب 28كانون الثاني/جانفي 1957شهدت القصبة أكبر عمليات التمشيط ومداهمات البيوت
وحملة االعتقاالت ،وبحسب مصادر تاريخية بلغت عدد المعتقلين أكثر من 25ألف معتقل ،تسببت في
اختفاء قسري ألكثر من 9000جزائري ،وقد اشتد الحصار على القصبة أقصاه.
كانت آخر مهمة قام بها عمر الصغير ،هي تسليم رسالة من "علي البوانت بخط حسيبة بن بوعلي إلى
مقر محل حالقة بحي سوسطارة ،حينها تمكن عمر من اإلفالت من قبضة عساكر فرنسا التي كانت تتفقد
آثاره نظًرا إلى خطورته.
بعدها أحس عمر الصغير أن موعد الرحيل قد اقتربت ساعته ،فكان ال بد من إلقاء النظرة وتوديع والدته
التي لم يراها طوال ستة أشهر األخيرة ،وتمكن عمر من ترتيب لقائه األخير مع والدته السيدة ذهبية،
حيث تجلت أسمى صور براءة الطفل وهو يحتضن أمه ،راجًيا منها السماح له أن ينام آلخر ليلة بجانب
أفراد عائلته وأخوته الصغار ،ولكن ألسباب أمنية ووقائية رفضت األم حمايًة له ولباقي الفدائيين.
كانت الرسالة التي وصلت إلى محل الحالقة ،تتداول بين أيادي العدو الفرنسي ،وكانت الرسالة تتضمن
عنوان إقامة كل من "علي البوانت" وحسيبة بن بوعلي ومحمود بوحميدي وعمر الصغير.
في الثامن من شهر تشرين األول /أكتوبر 1957كان الموعد مع مرور شاحنة لجمع النفايات بعد حظر
التجول لَتنُقَل كل من علي وحسيبة ومحمود وعمر خارج القصبة ،غير أن ساعتان قبل الموعد كانت
القوات االستعمارية من المظليين تحاصر البناية الواقعة أسفل القصبة ،Rue Abderames 05وهي
دويرة تابعة لعائلة موساوي بوعالم يطلق عليها "دار لڨالص".
قوات االستعمار الفرنسي قصفت المنزل الذي يختبئ فيه عمر الصغير رفقة مجاهدين
وكان عمره ال يتجاوز 12سنة
عبر مكبرات الصوت طالبت قوات الفوج المظليين عمر الصغير باالستسالم ،يسكن الصمت المكان،
ثم تطالب من حسيبة بن بوعلي الخروج من المخبأ ،حينها يخترق السكون صوت حسيبة عالًيا :أفضل
الموت رفقة إخواني على أن أسلم نفسي إلى العدو" .تصدر األوامر بتفجير البناية ،وتدوي زغاريد
وَت ُع َج سماء القصبة بصيحات "تحيا الجزائر" معلنة استشهاد أبطال معركة الجزائر ،كان الطفل عمر
الصغير من بين من صنع مجدها.