Professional Documents
Culture Documents
اإلخـراج الفين
حسـن عبد القادر العـزاني
تأليف
شــروق مـحـمـد سـلـمــان
مدققة لغوية أوىل بإدارة البحــوث
افتتاحـية
احلم�د هلل رب العاملين ،والصالة والسلام عىل س�يدنا
حممد وعىل آله وصحبه و َم ْن تبعهم بإحسان إىل يوم الدين..
وبعـــ�د :فيسر « دائ��رة الش��ؤون اإلس�لامية والعم��ل
إصداره�ا اجلدي�د
َ الخي��ري بدب��ي -إدارة البح��وث » أن تق�دِّ م
« ح�ظ العربية ..في ش�هر القرآن » جلمهور القراء من الس�ادة
الباحثني واملثقفني واملتطلعني إىل املعرفة.
وت�أيت هذه الرس�الة مع مناس�بة عظيمة القدر ،هي ش�هر
رمضان املبارك ،وهو ش�هر القرآن كما قال عز وجل﴿ :ﮘ
ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ
ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ﴾ [البق�رة ،]185:ومل�ا كان
القرآن قد نزل بلس�ان عريب مبني فقد وج�ب التنبيه عىل فضل
إتق�ان العربي�ة ألهن�ا مفت�اح فه�م كت�اب اهلل وتدبره ،ليفس�ح
املؤمن�ون هل�ا جم�اال يف حياهتم ال س�يام مع قدوم الش�هر املعظم
لي�ؤدوا واح�دة م�ن الش�عائر اجلليل�ة وه�ي التفك�ر والتدبر:
﴿ﮑ ﮒ ﮓ ﴾[النساء.]82:
وهذا اإلنجاز العلمي جيعلنا نقدم عظيم الشكر والدعاء
ألرسة آل مكت�وم حفظه�ا اهلل تع�اىل الت�ي حتب العل�م وأهله،
وت�ؤازر قضاي�ا اإلسلام والعروب�ة ب�كل متي�ز وإق�دام ،ويف
مقدمتها صاحب الس�مو الش�يخ حممد بن راش�د بن سعيد آل
مكت�وم ،نائب رئيس الدولة ،رئيس جملس الوزراء ،حاكم ديب
الذي يش�يد جمتمع املعرف�ة ،ويرعى البحث العلمي ويش�جع
أصحابه و ُطالبه .
راجني من العيل القدي�ر أن ينفع هبذا العمل ،وأن يرزقنا
التوفي�ق والس�داد ،وأن يوف�ق إىل مزيد من العط�اء عىل درب
التميز املنشود.
ىَّ
وصل اهلل عىل وآخ�ر دعوانا أن احلم�د هلل رب العاملني،
النَّبي األمي اخلاتم س ّيدنا حممد وعىل آله وصحبـه أمجعني.
القرآن واللسان العربي
* ﴿ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ﴾[يوسف.]2:
* ﴿ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﴾ [الرعد.]37:
* ﴿ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ
[النحل.]103: ﭡ﴾
*﴿ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ
[طه.]113:
ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ﴾
* ﴿ ﮓﮔﮕﮖ*ﮘﮙ ﮚ ﮛ*ﮝﮞ
ﮟ ﮠ ﮡ * ﮣ ﮤ ﮥ ﴾ [الشعراء.]195-192:
* ﴿ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ
ﯡ * ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﴾ [الزم�ر:
.]28-27
*﴿ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﴾
[فصلت.]3:
* ﴿ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ
ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ
[فصلت.]44: ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﴾
* ﴿ ﮏﮐ ﮑ ﮒﮓﮔﮕ ﮖﮗ
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
[الشورى.]7: ﮥ ﴾
*﴿ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﴾
[الزخرف.]3:
* ﴿ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ
ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾
[األحقاف.]12:
***
املقدمة
احلم�د هلل ال�ذي جعل رمض�ان أفضل الش�هور،
وخص�ه بالترشي�ف عىل م�ر الدهور ،احلم�د هلل الذي
أنزل الق�رآن هداية للعاملني ،وجعله ش�فاء للمؤمنني،
َ
اللسان العريب املبني، وهدى للمتفكرين ،وجعل لسانه
وصيه سبيال إىل التعقل إىل يوم الدين.
رّ
والصالة والسلام عىل رس�وله املصطف�ى ،النبي
املجتب�ى ،أفص�ح ناطق بالض�اد ،وخرية بن�ي عدنان،
الذى تلقى القرآن نور ًا وضياء ورمحة للخلق أمجعني.
وبعــ�د :فهذه كلم�ة جالت يف الذه�ن ،وماجت
يف القل�ب ،وأبت إال أن يدفعها م�داد القلم إىل الورق
لتصافحه�ا أعني القارئين ،ناطقة بوضع م�ز ٍر آل إليه
ح�ال لغة الق�رآن بني أهليه�ا ،داعية إىل اس�تعادة هيبة
لسان القرآن ،واختاذه سبي ً
ال للتقرب إىل اهلل بغية التدبر
يف كتابه ،والتفكر يف آياته.
***
10
حظ العربية ..يف شهر القرآن
كلمة ودمعة:
مررت بأحدهم وهو يقول :سمعت أغنية للمطربة
عيني ،ومعه أخته تقول:
(فالنة) عن القدس فأدمعت ّ
ش�اهدت املسلس�ل الفالين فأبكاين موق�ف االعتذار،
والسامحة التي أبداها املجني عليه.
قلت يف نفيس :مجيل أن يكون للمرء نفس حساسة
تش�عر بقضايا األمة ،وتتفاعل مع املواقف التي تتجىل
فيها األخالق الرفيعة يف أهبى صورها فتأرس القلوب.
ثم سألت هذا وتلك :هل تبكي عند قراءة القرآن
أو سامعه؟
أطرقا حياء وقد بدا اخلجل عىل حميامها.
11
قل�ت :م�ا ال�ذي جعلكما تبكي�ان م�ع القصي�دة
ُ
واملسلسل؟
قاال :تأثرنا باملوضوع الذي يعرب عنه ،والذي يمثل
أمرا هيمنا أو مش�كلة تؤرقنا كالقدس ،أو حيمل موقفا
مثاليا ّ
قل أن يرى املرء مثله.
قلت :أفال تبكيان إن ذكرمتا اجلنة أو النار؟
صمت حلظات أعطيهام فرصة التفكري ثم تابعت:
ّ
إن أبكاكما موقف الرمحة والتس�امح م�ن العباد وهذا
أم�ر حس�ن ي�دل على رق�ة النفس ومج�ال اخلل�ق أال
تبكيكما رمح�ة اهلل وس�عة مغفرت�ه ،وتك�راره الوع�د
بالنعي�م والرضوان ،وبس�طه األمل بالتوب�ة ،وتفضله
ِ
ومنحهم اجلنة وهو الذي خلقهم ِ
بالغف�ران عىل عباده
وأنع�م عليهم وعصوه -وال خيلو من ذلك أحد -ثم
غفر هلم ؟
12
وم�ا ال�ذي فعل�وه ؟ وم�اذا قدم�وا لينال�وا جنت�ه
ورض�اه ؟ أهو االلتزام بالطاع�ات ؟ وإن التزموا فامذا
تك�ون طاعاتنا مهام بلغت أم�ام نِ َعم اهلل عز وجل وهو
خالقنا ورازقنا ومالك أمرنا ؟
13
وأضافت هي بصوت متعث�ر :والذهن يرشد عند
التالوة .
ملع�ت عيناي انتص�ار ًا ألين مخنت الس�بب قبل أن
ينطق�ا ،ث�م ملعتا برتق�رق الدم�ع فيهام حزنا عىل س�وء
أحوالنا ،ومضيت أفكر :ترى ما الس�بب يف هذه احلال
الت�ي نحن فيه�ا؟ لن أحتدث ع�ن الرين ال�ذي يغطي
القلب فيغشيه ،وال عن الشيطان وهو يسوق العقل يف
مراتع الدنيا يف تلك اللحظات ،ولكني س�أحتدث عن
س�بب آخر مهم لعلنا إن عرفناه وجاهدنا أنفس�نا عليه
وعرف اهلل صدقنا فيه أن يفتح قلوبنا لنور القرآن.
أفكار وخواطر:
وقبل هذا أبدأ بالتساؤل :ترى لو كنا نحب ما نقرأ
فه�ل كان ذهننا س�يرشد أثن�اء قراءته؟ ول�و كنا نحب
صاحب الكالم هل كنا سنغفل عن كالمه؟
14
فإن ادعينا وجود هذا وذاك فام السبب الذي جيعلنا
ال نش�عر بمرور هذه املعاين علين�ا وال نتفاعل معها أو
نتأثر هبا ؟
15
إن كلامت القرآن وآياته إذا تليت عىل جبل خلش�ع
من خش�ية اهلل ،لكنن�ا نقرأ وال نتأث�ر إال من رحم اهلل!
أمل يق�ل اهلل عز وج�ل ﴿ :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﴾ [احلرش.]21:
وقال الشاعر:
آيـات ،إذا ُت ِلي ْت عىل اجلبلِ َ
األ َص ِّم تأ َّثرا الفي ِ
اض َ
َ ٌ نورك َّ يف
عب�د الرمح�ن العشماوي ،يف قصي�دة ألقاه�ا عن�د افتتاح أحد
مؤمترات اإلعجاز العلمي للقرآن .
16
ذات الس�يادة يف حياتن�ا! واللغ�ة الت�ي يعتاده�ا امل�رء
ويتم�رس فيه�ا تصبح هي لغ�ة تفكريه وحيات�ه ،وأما
غريها فيغدو هامشي ًا .
والكالم يقال
ُ ٍ
ومع�ان، ٌ
وحروف كلامت
ٌ ُ
والق�رآن
مصطلح يطلـق عىل اللغـة،
ٌ ُ
واللسـان ويقـرأ باللسـان،
﴿ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ﴾ [النحل.]103:
17
فحس�ب بل يش�مل عدم التمرس يف اللغة األم إىل حد
جيعله�ا غريبة على اآلذان والقلوب فينت�ج عنها عدم
تذوق ما ُكتب هبا كام أرشت آنفا.
18
لفهمنا تلك املعاين عند ورودها إلينا ،ومل نكن نمر عىل
اآليات ونحن غافلون ،أو تتلفظ هبا ش�فاهنا ونحن يف
عامل آخر سائحون!
19
ابن عباس « :التفسير عىل أربعة أوجه..
وقد قال ُ
ٍ
وتفسير ال يعذر أحدٌ العرب من كالمها،
ُ ٍ
وج�ه تعرفه
ٍ
وتفسير ال يعلمه بجهالت�ه ،وتفسير يعلم�ه العلماء،
إال اهلل » ،وج�زء كبري من القرآن هو من القس�مني
األولني.
20
ه�ل جي�وز أن نس�مع كلمات القارع�ة والطام�ة
والصاخة دون أن نستش�عر شيئا مما كان يقع يف نفوس
املرشكين -الذي�ن تن�زل يف عرصه�م -م�ن اهليب�ة
جرس�ا ومعن�ى؟ هل جيوز
إلحساس�هم هبذه الكلامت ْ
أن يفه�م ذل�ك الكاف�ر م�راد اهلل حين يق�ول زاجرا:
« كال » ..يف بع�ض آيات الكتاب ،ونمر نحن بالكلمة
م�رورا عابرا دون أن تثري فينا ش�يئا مم�ا أثارته يف نفس
ذلك الرجل من اهليبة واخلوف والزجر؟ وأنى للقارئ
أن خيشع حينها أو يتدبر أو يرتدع عن غي أو هيتدي إىل
صواب ؟
***
21
أوجه احلاجة إىل اللغة العربية:
إن ق�راءة القرآن تتطلب معرفة لغته وإتقاهنا قراءة
وفهام ،فاللغة ال تنفك عن القرآن ،فهي الوعاء احلامل
وفهم ِه
ِ وسبيل تدب ِر ِه
ُ مفتاح قـراءتـه
ُ لكلامت اهلل ،وهي
ومن َث َّم العمل به.
22
وهذا هو اإلقالب وتلك القلقلة وغريها من األحكام
التي اهتم هبا علم التجويد.
23
« م�ن ك�ذب علي متعم�دا فليتب�وأ مقعده م�ن النار »
ألن�ه ﷺ مل يك�ن يلح�ن ،فمهما روي�ت عن�ه وحلنت
فقد كذبت .
24
من رس�وله فأنا أبرأ منه! فبلغ خبره عمر بن اخلطاب
فاس�تدعاه وسأله ،فأخربه بام س�مع ،فقال عمر :ليس
هك�ذا يا أعرايب .قال :كيف هي؟ قال « :أن اهلل بريء
م�ن املرشكني ورس�و ُله » برف�ع كلمة الرس�ول .فقال
األعرايب :وأنا واهلل أبرأ مما برئ ُ
اهلل ورس�و ُله منه .فأمر
عمر أال يقرئ القرآن إال عامل بلغة العرب.
إن تلاوة القرآن عبادة نرج�و أجرها ،فهل نؤدي
العبادة أداء خاطئا ثم ننتظر قبوهلا ؟
نع�م ..نطم�ع يف قبوهلا من اهلل ع�ز وجل الرحيم
بنا ،العالمِ بسوء أوضاعنا واعوجاج ألسنتنا ،ولكن هل
قدمن�ا عذر ًا يلقى قبو ً
ال؟ هل جاهدنا لفهم كتابه؟ هل
اجتهدنا يف تعلم لغته؟
انظر :سبب وضع علم العربية ونزهة األلباء البن األنباري .
25
اللغة العربية مفتاح التدبر:
26
املعن�ى الع�ام ال�ذي تقصده اآلي�ات ،ون�درك لطائفه
وإشاراته ونفقه ِ
احلكم التي تؤخذ منه ،وباللغة العربية
نفه�م تك�رار مقاص�د اآلي�ات وأرسار البي�ان وحكم
التعبري القرآين ،ونفهم رس آياته املتش�اهبات ونفطن إىل
مواضع اختالف التفسريات وندرك أسباهبا بتوفيق اهلل
عز وجل ،فينطلق لس�اننا بالتس�بيح لقائل هذا الكالم
املعج�ز يف كل لفظ�ة ،املتق�ن يف كل ح�رف ،حملقني يف
آفاق�ه الرحب�ة بجناح�ي التدبر واخلش�وع لي�ؤيت ذلك
التسبيح ُأ ُكله :إجال ً
ال يف القلب ،والتزاما يف اجلوارح،
ويصل املرء إىل تذوق حالوة االلتزام الصادق واإليامن
الراسخ.
***
27
من أقفال القلوب:
وق�د ق�ال تع�اىل﴿ :ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ
ﮕ ﮖ ﮗ﴾ [محم�د ،]24:وق�د يك�ون -واهلل
أعل�م -تقصرينا يف فهم العربية من تلك األقفال التي
متن�ع القلوب من التدبر املطلوب إذ تقف حاجزا كبريا
يعي�ق الفهم وحيرم لذة القراءة ومج�ال التأمل وحالوة
التعامل مع اآليات الباهرة التي تقود إىل حب عميق هلل
عز وجل ولرسوله ﷺ.
28
نحسبها غامضة ..مستعصية عىل الفهم ،فإذ هبا تتكشّ ف
له ،و يس�تنبطها بفهمه ،وبام أفاد م�ن علم العلامء .هنا
فقط يس�تطيع أن يتلذذ بالقرآن ..و يتد ّبره؛ ألنه ينفعل
بآياته ومقاصدها؛ فتسعد به القلوب وتستمتع العقول
وختش�ع النفوس فتكون تل�ك اللحظات واحات غناء
ُيستظل هبا يف هجري هذه الدنيا املضطربة.
آيات ومعان:
29
وه�ل ندرك معن�ى التوحي�د اخلال�ص والعبودية
اخلالصة يف قوله تعاىل ﴿ :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ﴾
[الفاتح�ة ]5:بتقديم الضمري عىل الفعـل دون أن يقول:
(نعب�دك ونس�تعينك) مل�ا فيه�ا م�ن احتمال أن تتوجه
العبودي�ة واالس�تعانة إلي�ه جل وعلا وإىل غريه؟ هل
نش�عر بذل�ك التخصي�ص بالعبودي�ة واالس�تعانة هلل
الواح�د األحد؟ هل نش�عر بالتوجه اخلاش�ع إليه وأنه
ال رب لن�ا س�واه؟ ه�ل تدفعنا تلك اآلية إىل الس�كينة
والطمأنينة ونحن نتلوه�ا يف صالتنا؟ هل حتفظ ذهننا
م�ن أن يسرح هن�ا أو هناك ه�ل تغرس فين�ا االعتامد
الراس�خ واليقين العميق ب�اهلل تعاىل ال�ذي هو وحده
يستعان به وهو وحده القادر عىل دفع الرض؟
30
وج�ل﴿ :ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﴾ [التوب�ة]82:؟
لقد ُح�ذف املفعول املطلق وبقي�ت صفته (كثريا) ويف
حذف�ه مجع ملع�ان ،فق�د يك�ون التقدي�ر (فليضحكوا
ضح�كا قليلا وليبك�وا ب�كاء كثيرا) ،وق�د يك�ون
(فليضحك�وا زمن�ا قليلا وليبك�وا زمنا كثيرا) ،ومع
احل�ذف يبق�ى االحتمال هل�ذا وذاك ،فيجم�ع املعنيني
وخيتصر يف اللفظ ..وهكذا هي آيات الكتاب العزيز،
حتمل املعاين الغزيرة يف األلفاظ اليسرية.
31
األوىل؟ وه�ل نش�عر بتواف�ق هذه الش�دة م�ع صعوبة
األمر املطلوب (الصرب واملغفرة ملن أس�اء)؟ فاإلنسان
قد يقوى عىل الصرب عىل املصائب التي تناله ،لكن يقل
صبره أمام املصائب التي يس�ببها له إنس�ان مثله وهو
ق�ادر عىل االنتقام منه ،فرتش�ده اآلية إىل اقرتان الصرب
باملغف�رة وه�ي تع�رف مش�قته على النفس اإلنس�انية
الضعيفة لذلك تزيد التوكيد فتقول «إن ذلك ملن عزم
األمور».
32
ال�كالم أن « كلمة
ُ « كلم�ة الذي�ن كفروا » لئلا يوهم
اهلل » كانت سفىل ،فصارت بعد اهلجرة عليا .
***
33
اخلامتة
رمضان شهر القرآن ..نسمعها ونرددها باستمرار،
وعلينا أن نحقق رشوطها ليصبح يف حياتنا شهر القرآن
َ
رمضان هذا العام فرصة ملراجعة ح ّق ًا ،فهل نجعل من
أنفس�نا ومعرفة تقصرينا ثم ملحاول�ة إصالح يشء من
ذل�ك؟ واإلصالح يسير وباهلل التوفيق فه�و يتمثل يف
الت�زام صحبة القرآن بحس�ن تالوته واإلصغ�اء إليه،
وورود املناب�ع العذب�ة للغة القرآن :نس�تقي منها ما قد
يطف�ئ غلة الس�نني التي قصرّ ن�ا فيها جتاه كت�اب ربنا،
ون�زداد فهما بمفردات�ه وإعراهب�ا ،ونتعرف على لغته
وقواعدها وأس�اليبها ،ونقدم عذرن�ا خلالقنا ،ووعدَ نا
باجله�د يف س�بيل تدب�ر كتاب�ه؛ فنضبط نطقن�ا ،ونقوم
لس�اننا ،ونتفيأ ظالل كلامته ومعانيه ،ونتلمس مواضع
إعجازه.
34
ع�ز ّ
وج�ل يكف�ل مل�ن ق�دّ م وعم�ل ،وثاب�ر واهلل ّ
واجته�د أن يوفق�ه ويتقبل عمل�ه﴿ :ﮠ ﮡ
ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﴾
[العنكبوت.]69:
***
35
املراجع
-1تدري�ب ال�راوي يف رشح تقري�ب الن�واوي،
جلال الدي�ن الس�يوطي ،الطبع�ة األوىل ،مؤسس�ة
الرسالة.
36
-5املعجزة اخلالدة ،حممد متويل الشعراوي.
***
37
38
الفهرس
ص املوضــــــــوع
5 افتتاحية
9 املقدمـــة
39
28 من أقفال القلوب
34 اخلامتــــــة
36 املراجــع
39 الفهرس
***
40