You are on page 1of 57

‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫د‪ .‬أحسن رابحي‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد‬


‫أستاذ القانون العام املشارك‬ ‫أستاذ القانون املدني‪ ،‬جامعة السليمانية‪ ،‬العراق‬
‫جامعة الشارقة‪ ،‬اإلمارات‬ ‫وأستاذ زائر‪ ,‬جامعة الشارقة‪ ،‬اإلمارات‬

‫د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬


‫مدرس القانون املدني‪ ،‬وزارة التعليم العالي‬
‫حكومة إقليم كوردستان‪ ،‬العراق‬
‫امللخص‬
‫يقدم البحث محاولة لدراسة ق��درة القرار اإلداري على إنشاء االلتزام باملعنى الوارد‬
‫في فقه القانون املدني‪ ،‬ويتمحور حول دراس��ة قدرة كل من القانون والقرار اإلداري‬
‫على إنشاء االلتزام‪ ،‬وقد وجدنا بأن األثر القانوني يترتب على كل من القانون والقرار‬
‫عي نص القانون‬ ‫اإلداري‪ .‬وقد يكون القانون مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام‪ ،‬وذلك عندما ُي نِّ‬
‫أحكام هذا االلتزام تعيينا ً كافيا ً من حيث نشوئه وآث��اره‪ .‬ولهذا املوضوع أهمية كبيرة‬
‫تتمثل في دراسته ألثر القرار اإلداري في نطاق القانون اخلاص‪ ،‬إذ يوجد إحجا ٌم عن‬
‫معاجلة هذا املوضوع فقها ً بصورة وافية‪ ،‬كما وتظهر أهمية هذا املوضوع في بيان مدى‬
‫قدرة القرار اإلداري على إنشاء التزام بوصفه مصدرا ً مستقالً لاللتزام‪ ،‬وعدم حتجيم‬
‫دوره على كونه من تطبيقات القانون‪.‬‬
‫وتتمثل مشكلة بحثنا في عدم وضوح الرؤية القانونية التي حتيط بوظيفة القرار اإلداري‬
‫املنشئ لاللتزام باملعنى ال��وارد في فقه القانون املدني‪ ،‬وقلة املصادر التي تناولت هذا‬
‫املوضوع بالتحليل والدراسة‪ ،‬ومن ثم تُثار العديد من التساؤالت التي تهدف الدراسة‬
‫اإلجابة عليها‪ :‬ما هو دور كل من القانون والقرار اإلداري في إنشاء االلتزام باملعنى‬
‫املقرر في فقه القانون املدني؟ وما هو نصيب القرار اإلداري في إحداث هذا األثر؟ هل ُيعد‬
‫القانون مصدرا ً منشئا ً لاللتزام في جميع األحوال وال يعدو دور القرار اإلداري مجرد‬
‫مقرر لاللتزام الذي تكفل نص القانون بتنظيم أحكامه؟ وهل استناد اإلدارة في قراراتها‬
‫إلى نصوص قانونية يجعل من القانون مصدرا ً لاللتزام في جميع األح��وال‪ ،‬ويجعل‬
‫القرار اإلداري تطبيقا ً من تطبيقات القانون؟ لذا جاء بحثنا هذا ليجيب على التساؤالت‬
‫املذكورة التي تُشكِّـل مبجموعها مشكلة البحث‪ ،‬من خالل دراسة دور كل من القانون‬
‫والقرار اإلداري في إنشاء االلتزام باملعنى املقرر في فقه القانون املدني‪ ،‬وبالتالي بيان‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها اإلدارية‪ .‬كل ذلك‪ ،‬عبر دراسة قانونية حتليلية‬

‫‪181‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫مقارنة‪ ،‬سنحرص على اتباع املنهج التحليلي من خ�لال دراس��ة النصوص القانونية‬
‫الواردة في القانون املدني العراقي التي تناولت موضوع البحث والوقوف على مضامني‬
‫هذه النصوص وحتليلها واستنباط األحكام منها خلدمة موضوع البحث‪ ،‬مع القيام‬
‫بعملية مقارنة بني نصوص القانون املدني العراقي وب�ين ما يقابلها أو يقاربها من‬
‫نصوص في القانون املدني املصري والقانون املدني األردني وقانون املعامالت املدنية‬
‫اإلم��ارات��ي‪ ،‬أما املقارنة بالقانون املدني الفرنسي فسنقوم بها بالقدر املتاح أمامنا من‬
‫النصوص واملراجع‪.‬‬
‫وفي خامتة البحث أوردنا مجموعة من نتائج توصلنا إليها‪ ،‬وتوصيات تقدمنا بها إلى‬
‫املش ِّرع العراقي‪ ،‬ومن هذه النتائج‪ ،‬أن القرار اإلداري قد يكون كاشفا ً لاللتزام‪ ،‬وهنا‬
‫يقتصر دوره على تقرير حالة موجودة من قبل وغير محققة بذاتها لآلثار القانونية‪،‬‬
‫كما وأن ال�ق��رار اإلداري ق��د يكون م�ص��درا ً مباشرا ً ل�لال�ت��زام‪ ،‬وليس فقط تطبيقا ً من‬
‫تطبيقات القانون‪ ،‬وإن صدر طبقا ً له‪ ،‬وذلك عندما تتمتع اإلدارة في الظروف االستثنائية‬
‫بصالحيات خاصة تتيح لها اتخاذ ق��رارات إداري��ة تفرض التزامات على األف��راد في‬
‫املجاالت التي هي من اختصاص السلطة التشريعية في األصل‪ .‬ومن أهم التوصيات التي‬
‫تقدمنا بها للمشرع العراقي هي إضافة نص إلى القانون املدني يتناول فيه دور القرار‬
‫اإلداري في إنشاء االلتزام‪.‬‬
‫كلمات دالة‪ :‬مبدأ الشرعية‪ ،‬االل�ت��زام��ات القانونية‪ ،‬االختصاص املقيد‪ ،‬السلطات‬
‫االستثنائية لإلدارة‪ ،‬االستيالء املؤقت‪ ،‬فعل األمير‪.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪182‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫املقدمة‬
‫إن من نتائج تقديس النصوص القانونية وإفراغها في قوالب جامدة محددة‪ ،‬جعل السلطة‬
‫اإلدارية ملزمة باحترام نص القانون وعدم اخلروج على أحكامه‪ ،‬فتقوم بوظيفتها في‬
‫إطار تطبيق القانون طبقا ً ملبدأ الشرعية‪ ،‬الذي يفترض تكفل القانون بالنص على التزام‬
‫معني وتفصيله وتنظيمه بواسطة قواعد وأحكام عدة‪ ،‬ويقع على عاتق السلطة اإلدارية‬
‫واجب احترامه وتطبيقه حرفياً‪ ،‬في أعمالها املختلفة ومنها القرارات اإلدارية‪ ،‬وفي ظل‬
‫احلالة األخيرة ال ميكننا اعتبار القرار اإلداري الصادر باالستناد إلى القانون مصدرا ً‬
‫لاللتزام‪ ،‬وإمنا مجرد تطبيق من تطبيقاته(‪.)1‬‬
‫لكن ه��ذا االستخالص ال ميكن األخ��ذ به على إطالقه‪ ،‬حيث ال يشكل القانون مصدرا ً‬
‫لاللتزام بصفة مطلقة وفي جميع األحوال‪ ،‬وهذا العتبارين أساسيني‪ ،‬أولهما ألن اإلدارة‬
‫تسهر على مواكبة التطورات احلاصلة في احلياة العملية‪ ،‬في إطار تكريسها ملبدأ قابلية‬
‫املرفق العام للتعديل والتطوير‪ ،‬وهذا الوضع يجعل من غير املمكن أن يكون اختصاصها‬
‫مقيدا ً في جميع األحوال‪ ،‬وثانيهما أن القانون قد ال يتضمن – أحيانا ً ‪ -‬تفصيل أحكام‬
‫االلتزام‪ ،‬وفي هذه احلالة يصعب القول بأن القرار اإلداري الصادر باالستناد إليه يشكل‬
‫تطبيقا ً من تطبيقات القانون‪.‬‬
‫ولهذه الدراسة أهمية موضوعية كبيرة خصوصا ً في ظل عدم كفاية املعاجلة الفقهية له‪،‬‬
‫وهذا من أجل بيان مدى قدرة القرار اإلداري على إنشاء التزام بوصفه مصدرا ً مستقالً‬
‫لاللتزام‪ ،‬وع��دم حتجيم دوره بوصفه مجرد تطبيق من تطبيقات القانون‪ ،‬ال��ذي ُيعد‬
‫مصدرا ً جلميع االلتزامات‪ ،‬بصورة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬حسب ما درج الفقه على‬
‫تبنيه منذ حقبة طويلة؛ فالقرار اإلداري ال ميكن أن ُيستغنى عن دوره في إنشاء االلتزام‬
‫بالقانون‪ ،‬ذلك ألن اإلدارة قد متارس سلطتها التقديرية في إنشاء االلتزامات‪ ،‬وفي هذه‬
‫احلالة يكون االلتزام قد نشأ مباشرة من القرار ذاته‪ ،‬باعتباره مصدر نشأتها وآثارها‪،‬‬
‫شأنه في ذلك شأن العقد وغيره من مصادر االلتزام التقليدية‪.‬‬
‫وهنا نشير بأنه ال يسعنا القول ب��أن االل�ت��زام��ات الناشئة عن ال�ق��رار اإلداري تستمد‬
‫– دائما ً ‪ -‬مصدرها من القانون‪ ،‬وف��ي املقابل ليس مبقدور جميع ال�ق��رارات اإلدارية‬
‫إنشاء االلتزامات‪ ،‬فقد تكون االلتزامات – أحيانا ً ‪ -‬ناشئة عن القانون مباشرة‪ ،‬وهذا‬

‫‪(1) A propos des fondements juridiques et objectifs du principe traditionnel celui de la‬‬
‫‪légitimité des actes des pouvoirs administratifs Voir: Miaille (M), l’Etat de droit, P.U,‬‬
‫‪de Grenoble, France, 1978, p. 198.‬‬

‫‪183‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫االستخالص يجعلنا نتساءل عن نصيب القرار اإلداري في إحداث هذا األثر؟ وهل أن‬
‫استناد اإلدارة في قراراتها إلى نصوص قانونية‪ ،‬يجعل من القانون مصدرا ً لاللتزام في‬
‫جميع األحوال‪ ،‬وما القرار اإلداري إال تطبيقا ً من تطبيقات القانون؟ لذا جاء بحثنا ليضع‬
‫حلوالً ملشكلة البحث املذكورة‪ ،‬من خالل دراسة دور كل من القانون والقرار اإلداري في‬
‫إنشاء االلتزام باملعنى املقرر في فقه القانون املدني‪ ،‬وبالتالي بيان حقيقة مصدرية التزام‬
‫اإلدارة بقراراتها اإلدارية‪.‬‬
‫ولكي منضي في دراستنا هذه‪ ،‬ارتأينا اتباع املنهج التحليلي القائم على استنباط األحكام‬
‫من اآلراء الفقهية واألحكام القضائية‪ ،‬السيما مواقف الفقه والقضاء الفرنسيني‪ ،‬مبا‬
‫يعطي للدراسة أهمية في بيان حقيقة املصدر املنشئ لاللتزام الناجم عن تطبيق القرار‬
‫اإلداري؛ وقد جاء تقسيم البحث حسب اآلتي‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام واالستغناء عن دور القرار‬
‫اإلداري‪.‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬خصوصية القرار اإلداري بوصفه مصدرا ً لاللتزامات القانونية‪.‬‬
‫وسننهي البحث بخامتة‪ ،‬نبني فيها أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪184‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫املبحث األول‬
‫القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام‬
‫واالستغناء عن دور القرار اإلداري‬
‫قد يكون القانون منشئا ً لاللتزام‪ ،‬وهنا ال يعدو دور القرار اإلداري مجرد مقرر لاللتزام‬
‫الذي تكفل نص القانون بتنظيم أحكامه‪ ،‬سواء من حيث النشأة أو من حيث اآلثار املترتبة‬
‫عليه‪ ،‬ولإلحاطة مبوضوع دور القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام يتعني علينا‬
‫حتديد دور القانون بوصفه مصدرا ً لاللتزام‪ ،‬وكذلك بيان االختصاص املقيد لإلدارة‪.‬‬
‫وسنتناول ذلك في مطلبني مستقلني على النحو اآلتي‪:‬‬
‫املطلب األول‪ -‬القانون بوصفه مصدرا ً لاللتزام‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ -‬االختصاص املقيد لإلدارة‪.‬‬

‫املطلب األول‬
‫القانون بوصفه مصدرا ً لاللتزام‬
‫كل التزام البد أن يرد من القانون بوصفه املرجع املنظم لعالقات اإلنسان في املجتمع(‪،)2‬‬
‫وهذا يعني بأن القانون يشكل املصدر غير املباشر لتحديد كل التزام‪ ،‬سواء أكان ناشئا ً‬
‫عن العقد أم اإلرادة املنفردة أم العمل غير املشروع أو اإلثراء بال سبب أو القرار اإلداري‪،‬‬
‫بغض النظر عن املصدر املباشر لكل التزام على حدة‪ ،‬لكن في املقابل ليست كل االلتزامات‬
‫من صنف واحد‪ ،‬فهناك التزامات مرتبطة بالقانون مباشرة‪ ،‬وهناك التزامات مرتبطة‬
‫بنصوص خاصة‪ ،‬يتعني الرجوع إليها من أجل معرفة أحكام هذه االلتزامات‪.‬‬
‫بنا ًء على ما تقدم‪ ،‬سوف نتناول في هذا املطلب القانون بوصفه منظما ً لاللتزام‪ ،‬وكذلك‬
‫بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام‪ ،‬وذلك في فرعني على النحو اآلتي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ -‬القانون بوصفه منظما ً لاللتزام‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ -‬القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام‪.‬‬

‫‪(2) Voir: Robert Pelloux, le citoyen devant l’Etat, collection: que sais-je?, PUF, 4ème‬‬
‫‪édition, Paris, 1972, p. 122. Voir aussi: Burdeau (G), Traité de science politique, Tome‬‬
‫‪IV, LGDJ, Paris, 1984, p. 12.‬‬

‫‪185‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫الفرع األول‬
‫القانون بوصفه منظما ً لاللتزام‬
‫ميثل القانون ضرورة حتمية الستقرار وتوازن العالقات اإلنسانية‪ ،‬فالتداخل املستمر‬
‫بني األفراد يفترض حصول اصطدامات وصراعات بينهم‪ ،‬أساسها تغليب الذات واألنانية‬
‫التي متثل أهم سمات الطبيعة البشرية‪ ،‬ولذلك كان من الضروري االستعانة بالقانون من‬
‫أجل حسم هذه النزاعات وفرض النظام هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى أن القانون ميثل‬
‫مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام‪ ،‬وهذه اخلاصية حتمل معنى مزدوجاً‪ ،‬فالقانون عندما ينشئ‬
‫التزاما ً معينا ً على عاتق أحد األفراد فهو – في الوقت ذاته ‪ -‬يقرر حقا ً لفرد آخر‪ ،‬لكن القول‬
‫بذلك ال يعني بالضرورة أن يكون دور القانون دائما ً إنشاء احلقوق أو فرض االلتزامات‬
‫على األفراد‪ ،‬فقد يحصل أن يكون مصدر إنشاء هذه احلقوق وااللتزامات وقائع وأحداث‬
‫معينة ال دخل فيها للقانون‪ ،‬وفي هذه احلالة يكون دور هذا األخير تنظيميا ً بحتا ً ال يتعدى‬
‫حدود تنظيم هذه احلقوق وااللتزامات‪ ،‬وهو االجتاه الذي أيده جل الفقه الفرنسي(‪.)3‬‬
‫ونشير في هذا الصدد بأن حتديد مدى تأثر دور القانون ليكون بصفته منظما ً لاللتزام‬
‫أو مصدرا ً مباشرا ً له إمنا يرجع إلى طبيعة املذهب السائد في الدولة‪ ،‬ففي ظل املذهب‬
‫الفردي – مثالً ‪ -‬يرتكز النظام القانوني كله على حقوق األفراد‪ ،‬أي على احلق بوصفه‬
‫ميز ًة لألفراد‪ ،‬وفي هذه احلالة يضيق تدخل القانون فينحصر دوره في تنظيم االلتزام‬
‫فقط‪ ،‬في حدود التنصيص على حقوق األفراد وتثبيتها والدفاع عنها ضد أي اعتداء(‪،)4‬‬
‫وهو بتدخله هذا يكون مدفوعا ً بدافع التنظيم‪ ،‬لكن هذا ال يعني بأن القانون قد أضحى‬
‫مصدرا ً لاللتزام وسببا ً لكسب احلقوق‪ ،‬طاملا أن دوره في التنظيم ينحصر في حدود‬
‫حمايتها واحلفاظ عليها ومنع تعارضها(‪ ،)5‬من خالل قواعد ملزمة مقترنة بجزاء مادي‪.‬‬
‫وإذا ما نظرنا إلى تنظيم القانون املدني للحقوق الشخصية والعينية‪ ،‬جند أنه غالبا ً ما‬
‫ينظمها بقواعد مكملة ومقررة إلرادة املتعاقدين‪ ،‬وهنا ال يكون دوره منشئا ً لهذه احلقوق‪،‬‬

‫‪(3) Sur ce point d’analyse voir: Carbonnier J., Théorie des obligations, PUF, Paris,‬‬
‫‪1963, p. 153. Carbonnier J., Sociologie juridique, PUF, Paris, 1994, p.53. Carbonnier‬‬
‫‪J., Flexible droit, 10ème éd., LGDJ, Paris, 2001, p. 98. Colin A. et Capitant H. par‬‬
‫‪Julliot de la Morandière, Traité de droit civil, tome II, Dalloz , Paris, 1959, p. 225.‬‬
‫((( د‪ .‬عبد املجيد احلكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير‪ ،‬الوجيز في نظرية االلتزام في القانون‬
‫املدني العراقي‪ ،‬ج‪( ،1‬مصادر االلتزام)‪ ،‬وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪ ،1986 ،‬ص‪306‬؛ د‪ .‬حسن‬
‫علي الذنون‪ ،‬فلسفة القانون‪ ،‬دار السنهوري‪ ،‬بغداد‪ ،‬بدون سنة النشر‪ ،‬ص‪.123-122‬‬
‫‪(5) Haberle (P), l’Etat de droit, Dalloz, Paris, 1996, p. 65. Rouvillois (F), le droit, Ed.‬‬
‫‪Flammarion, Paris, 1999. p. 56 et s.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪186‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫بل مجرد منظم لها‪ ،‬وهو االجتاه الراجح في هذا الصدد‪ ،‬رغم أن املش ِّرع العراقي خالفه‬
‫عندما نص على مصادر احلقوق الشخصية أو عند تعريفه للحقوق العينية مبقتضى‬
‫املادة (‪ )67‬مدني عراقي‪ ،‬معتبرا ً إياها مجموعة سلطات مينحها القانون لشخص معني‬
‫على شيء معني‪ ،‬وهذا يعني بأن القانون هو مصدر احلقوق املالية بنوعيها الشخصية‬
‫والعينية(‪ ،)6‬ولتدارك ذلك نوصي املش ِّرع العراقي مبراجعة وتعديل نص املادة السابق‬
‫ذكرها على نحو يتفق مع دور القانون في تنظيم احلق العيني‪.‬‬
‫على صعيد آخر‪ُ ،‬يعتبر القانون مرجعا ً غير مباشر لاللتزام الناشئ عن املصادر التقليدية‬
‫وكذا املصادر غير املسماة‪ ،‬ذلك ألن األفراد بإبرامهم العقود املختلفة‪ ،‬فإنهم يسهمون‬
‫في إنشاء قواعد قانونية خاصة‪ ،‬يقتصر حكمها على العالقة القائمة بينهم‪ ،‬يترتب عليها‬
‫حقوق والتزامات لكال طرفي العقد‪ ،‬وهنا يقتصر دور القانون على تنظيم هذه احلقوق‬
‫وااللتزامات(‪ ،)7‬في حني أنه بالنسبة لاللتزامات التي ترجع نشأتها إلى اإلرادة املنفردة‪،‬‬
‫فإنها تقوم على اإلرادة املنفردة لشخص واحد فقط‪ ،‬أي أنها تقوم على التصرف القانوني‬
‫الصادر من جانب واحد‪ ،‬وفي هذه احلالة يقتصر دور القانون على إقرار قدرة اإلرادة‬
‫املنفردة على إنشاء االلتزام(‪.)8‬‬
‫أما بخصوص االلتزام املترتب على إحلاق الضرر بالغير‪ ،‬فإنه يرجع إلى واقعة العمل‬
‫غير املشروع الصادر من امللتزم‪ ،‬وهنا يتمثل دور القانون في إقرار مسؤولية من صدر‬
‫منه الفعل الضار(‪ ،)9‬وكذلك األمر بالنسبة حلالة اإلثراء بال سبب حيث يلتزم الشخص‬
‫املثري ب��رد قيمة ما أث��ري ب��ه‪ ،‬وه��و التزام ينشأ عن الواقعة التي أدت إل��ى إث��راء املدين‬
‫وافتقار الدائن‪ ،‬وفي هذه احلالة أيضا ً يتمثل دور القانون في إقرار التزام من أثري دون‬
‫سبب برد قيمة اغتنائه(‪ ،)10‬وهي الفكرة نفسها التي تنطبق على حالة التزام اإلدارة بدفع‬
‫مكافأة مالية ملوظف ما‪ ،‬فهذا االلتزام ينشأ عن القرار اإلداري الصادر من اإلدارة‪ ،‬والذي‬
‫مبقتضاه ألزمت اإلدارة نفسها بدفع مبلغ معني لهذا املوظف بواسطة قرارها‪ ،‬فهنا أيضا ً‬
‫ينحصر دور القانون في إطار تنظيم موضوع صرف املكافأة املالية‪ ،‬وهذا من خالل‬

‫((( د‪ .‬محمد سليمان األحمد‪ ،‬فلسفة احلق‪ ،‬منشورات زين احلقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2017 ،‬ص‪ 412‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫((( د‪ .‬محمد سليمان األحمد‪ ،‬قنونة العقد‪ ،‬بحث منشور في مجلة دراسات قانونية وسياسية‪ ،‬كلية القانون‬
‫والسياسة‪ ،‬جامعة السليمانية‪ ،‬السنة األولى‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬كانون األول‪/‬ديسمبر‪ ،2013 ،‬ص‪.8‬‬
‫((( املادة (‪ )1/184‬مدني عراقي التي تقابلها املادة (‪ )1100‬الفقرة األولى من األمر رقم ‪ 131 – 2016‬املؤرخ‬
‫في ‪ 2016/2/10‬املعدل واملتمم للتقنني املدني الفرنسي‪.‬‬
‫((( املواد (‪ )186‬و(‪ )191‬و(‪ )202‬و(‪ )204‬مدني عراقي‪.‬‬
‫(‪ ((1‬املواد (‪ )233‬و(‪ )235‬و(‪ )237‬و(‪ )238‬و(‪ )239‬و(‪ )240‬و(‪ )241‬و(‪ )242‬و(‪ )243‬مدني عراقي‪.‬‬

‫‪187‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫حتديد احلد األعلى للمكافأة التي بإمكان اإلدارة دفعها للموظف وكذلك السقف الزمني‬
‫لدفع املكافأة(‪.)11‬‬
‫يتبني مما سبق‪ ،‬أن القانون بصفة أساسية يتناول تنظيم العالقات التي تنشأ بني األفراد‪,‬‬
‫وأن دوره في دائرة االلتزامات يكون أكثر تنظيمياً‪ ،‬وهناك تطبيقات كثيرة في القانون‬
‫املدني وغيره من القوانني تبني دور القانون بوصفه مصدرا ً غير مباشر لاللتزام‪ ،‬أما‬
‫بخصوص دور القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام فسوف نتناوله في الفرع‬
‫الثاني من هذا املطلب‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام‬
‫يعد القانون املصدر العام جلميع احلقوق وااللتزامات‪ ،‬كما يشكل مرجع القوة امللزمة‬
‫التي تتمتع بها‪ ،‬فالقانون بهذه املثابة ميثل املصدر غير املباشر جلميع االلتزامات‪ ،‬مبا فيها‬
‫االلتزامات الناشئة عن القرار اإلداري‪ ،‬لكن في املقابل توجد طائفة أخرى من االلتزامات‬
‫تستمد مصدرها من القانون بصفة مبتدأة (مباشرة) ونهائية في آن واحد(‪ ،)12‬باعتبارها‬
‫التزامات غير إرادية تنشأ مستقلة عن إرادة ذوي الشأن‪ ،‬ولهذا يشكل القانون مصدرا ً‬
‫مباشرا ً لها‪ ،‬طاملا أنه ال ميكن ردها إلى أي مصدر من مصادر االلتزامات األخرى‪ ،‬وفي‬
‫هذه احلالة يتحدد دور القانون في التنصيص على هذه االلتزامات وتنظيمها من حيث‬
‫حتديد أركانها ومداها وأحكامها(‪.)13‬‬
‫إن االلتزامات القانونية كغيرها من االلتزامات الناشئة عن املصادر األخرى لاللتزام‪،‬‬
‫تكون إما التزاما ً بنقل ملكية شيء معني أو التزاما ً بعمل أو التزاما ً باالمتناع عن عمل‪،‬‬
‫ومن األمثلة على االلتزام القانوني االلتزام بالنفقة الذي يلزم األب باإلنفاق على زوجته‬
‫وأوالده‪ ،‬واالل �ت��زام بدفع الضرائب وال��رس��وم للدولة‪ ،‬وال �ت��زام رب العمل بتعويض‬
‫العامل عن مخاطر العمل‪ ،‬فكلها تشكل التزامات تستمد مصدرها من القانون مباشرة‪،‬‬
‫ومن أمثلة االلتزام بعمل التزام القيم بإدارة أموال القاصر أو الغائب أو املفقود‪ ،‬وأخيرا ً‬
‫االلتزام القانوني باالمتناع عن العمل كالتزامات اجلوار التي تلزم اجلار بعدم اإلضرار‬

‫(‪ ((1‬املادة (‪ )18‬من قانون رقم (‪ )1‬لسنة ‪ 2013‬قانون املوازنة العامة إلقليم كوردستان ‪ -‬العراق للسنة‬
‫املالية ‪.2013‬‬
‫(‪ ((1‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني‪ ،‬ط‪ ،1‬دار آراس للطباعة والنشر‪ ،‬أربيل‪،2006 ،‬‬
‫ص‪.23‬‬
‫‪Molinas (J-C), la norme et la conduite, 3éme édition, LGDJ, Paris, 2005, p. 71.‬‬
‫(‪ ((1‬د‪ .‬عبد املجيد احلكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.306‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪188‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫بجاره(‪ ،)14‬وهو ما أقره املشرع العراقي صراحة مبقتضى نص املادة (‪ )245‬من القانون‬
‫املدني التي جاء فيها‪« :‬االلتزامات التي تنشأ مباشرة من القانون وحده تسري عليها‬
‫النصوص القانونية التي أنشأتها»(‪ ،)15‬وتقابلها املادة (‪ )1100‬الفقرة األولى من التقنني‬
‫املدني الفرنسي املعدل واملتمم التي نصت على أن‪« :‬تنشأ االلتزامات من التصرفات‬
‫القانونية أو الوقائع القانونية أو من السلطة الوحيدة للقانون‪.)16(»...‬‬
‫في هذا الصدد استخلص جانب من الفقه(‪ )17‬بأنه رغم الصياغة الصريحة والواضحة‬
‫للمادة (‪ )198‬من القانون املدني املصري التي تنص على أن‪« :‬االلتزامات التي تنشأ‬
‫مباشرة من القانون وحده تسري عليها النصوص القانونية التي أنشأتها»‪ ،‬أي أن مصدر‬
‫االلتزام القانوني هو دائما ً التشريع‪ ،‬فإنه ينبغي األخذ باحلسبان بأن املعنى املراد هنا‬
‫من مصطلح «القانون» القانون مبفهومه الواسع‪ ،‬وهذا يعني بأن كل مصدر من مصادر‬
‫القانون ‪ -‬ومثالها الفقه والقضاء ‪ -‬يصلح أن يكون مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام القانوني‬
‫بجانب التشريع(‪ ،)18‬كما هو الشأن بالنسبة لاللتزام بضمان السالمة في عقد النقل‪،‬‬
‫وهو االجتاه الذي ال نؤيده بصفة مطلقة‪ ،‬ذلك ألن القانون ‪ -‬كما نعلم ‪ -‬يحتمل معنيني‬
‫أساسيني(‪ ،)19‬األول وهو املعنى العام أو الواسع للقانون‪ ،‬الذي يشتمل على جميع القواعد‬
‫القانونية التي تنظم سلوك األشخاص في املجتمع أيا ً كان مصدرها‪ ،‬والثاني وهو املعنى‬
‫اخلاص للقانون والذي نقصد به القواعد القانونية التي تصدرها السلطة التشريعية‪،‬‬
‫فإذا أخذنا باالجتاه الفقهي السابق‪ ،‬فهذا يعني أننا أدرجنا مصادر القانون من العرف‬
‫والفقه اإلسالمي ومبادئ العدالة والقضاء في نطاق مصدرية القانون لاللتزام إلى جانب‬
‫التشريع‪ ،‬في حني أنه في ظل مفهوم القانون مبعناه اخلاص يكون التشريع وحده هو‬

‫(‪ ((1‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫(‪ُ ((1‬تقابلها‪ :‬املادة (‪ )337‬من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية املتحدة رقم ‪ 5‬لسنة ‪،1985‬‬
‫واملادة (‪ )198‬من القانون املدني املصري رقم ‪ 131‬لسنة ‪ ،1948‬واملادة (‪ )312‬من القانون املدني‬
‫األردني رقم ‪ 43‬لسنة ‪.1976‬‬
‫‪(16) L’article (1100) alinéa 1 de l’ordonnance No 2016 –131 du 10/2/2016 modifiant et‬‬
‫‚‪complétant code civil Français stipule «Les obligations naissent d’actes juridiques‬‬
‫‪de faits juridiques ou de l’autorité seule de la loi….».‬‬
‫(‪ ((1‬د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2005 ،‬ص‪.352‬‬
‫(‪ ((1‬جتدر اإلشارة إلى أن صاحب هذا الرأي وقع في التناقض‪ ،‬فهو من جهة يرى بأن االلتزامات التي‬
‫أنشأها القضاء كااللتزام بضمان السالمة في عقد النقل‪ُ ،‬تعد من االلتزامات القانونية التي يعد القانون‬
‫مصدرها املباشر‪ ،‬نظرا ً ألن كل مصدر من مصادر القانون وبضمنها القضاء يعد مصدرا ً لاللتزام‬
‫القانوني‪ ،‬ومن جهة أخرى يذهب إلى أن االلتزام الذي ينشأ عن احلكم القاضي يسمى بااللتزام‬
‫القضائي‪ ،‬فيكون حكم القاضي منشئا ً ‪ -‬وليس فقط كاشفا ً ‪ -‬ومصدرا ً لهذا االلتزام‪.‬‬
‫(‪ ((1‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬تاريخ القانون‪ ،‬ط‪ ،2‬دار آراس للطباعة والنشر‪ ،‬أربيل‪ ،2005 ،‬ص‪.19،18‬‬

‫‪189‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫املقصود بكالمنا عن مصدريته لاللتزام‪ ،‬والدليل على ذلك إجماع غالبية التشريعات‬
‫املعاصرة على إقرار هذا االجتاه األخير‪ ،‬السيما املادة (‪ )245‬مدني عراقي املذكورة واملادة‬
‫(‪ )337‬من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬وكذلك املادة (‪ )198‬من‬
‫القانون املدني املصري واملادة (‪ )312‬من القانون املدني األردني‪ ،‬وأيضا ً املادة (‪)1100‬‬
‫من القانون املدني الفرنسي(‪.)20‬‬
‫كذلك يتعني علينا ‪ -‬في هذا الصدد ‪ -‬اإلش��ارة إلى مسألتني رئيسيتني‪ ،‬املسألة األولى‬
‫أن عبارة مصدرية االلتزام ال تنطبق على القانون املدني فحسب‪ ،‬وإمنا ميكن توسيع‬
‫تطبيقها على فروع القانون األخ��رى كااللتزامات الناشئة عن القوانني املالية مباشرة‬
‫كااللتزام بدفع الضرائب‪ ،‬وكذلك االلتزامات الناشئة عن قانون األسرة رقم ‪ 84‬لسنة‬
‫‪ ،1984‬ومثالها التزام األب بالنفقة على أوالده(‪.)21‬‬
‫أما املسألة الثانية فمفادها أن االلتزامات التي ُيعد القانون مصدرا ً مباشرا ً لها قليلة‬
‫ومبعثرة في شتى فروع القانون اخلاص والعام‪ ،‬نظرا ً ألن تدخل الدولة لتنظيم العالقات‬
‫بني األفراد كان استثنائيا ً أول األمر‪ ،‬ولكن عددها بدأ في التزايد خالل الفترة األخيرة‪،‬‬
‫بسبب اجتاه الدولة إلى تغليب مصلحة اجلماعة على مصلحة الفرد‪ ،‬عالوة على تزايد‬
‫تدخل السلطات العامة في تكوين األعمال القانونية وترتيب أثرها هذا من جهة(‪ ،)22‬ومن‬
‫جهة أخرى فإن جميع مصادر االلتزام األخرى ومن ضمنها القرار اإلداري‪ ،‬يفترض‬
‫فيها القانون استكمال شروط معينة إلنتاج آثارها‪ ،‬وهي الشروط التي تقيد وتعرقل‬
‫دورها كمصدر من مصادر االلتزام‪.‬‬

‫املطلب الثاني‬
‫االختصاص املقيد لإلدارة‬
‫نتيجة لتعدد وظائف الدولة احلديثة واتساعها‪ ،‬ازدادت معها أعباء ومسؤوليات املوظفني‬
‫اإلداري�ين‪ ،‬األمر الذي لم يعد معه مبدأ الفصل بني السلطات مقتصرا ً على الفصل بني‬

‫‪(20) Pour aller loin voir: Puig (P.), Hiérarchie des normes: du système au principe, RTC,‬‬
‫‪Paris, octobre-décembre 2001, n°4, p. 749. Puigelier (C.) [sous la direction de], La‬‬
‫‪loi. Editeur Economica, 2005. Benoit Jeanneau, droit constitutionnel et institutions‬‬
‫‪politiques, 5ème édition, DALLOZ, Paris, 1978, p.222. Michel Miaille, une‬‬
‫‪introduction critique au droit, Ed. François Maspero, Paris, 1982, p. 243.‬‬
‫(‪ ((2‬د‪ .‬عبد املجيد احلكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪306‬؛ د‪ .‬منذر الفضل‪،‬‬
‫الوسيط في شرح القانون املدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫(‪ ((2‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪190‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫السلطات الثالث فقط‪ ،‬بل تعداه إلى فصل االختصاصات داخل السلطة الواحدة خصوصا ً‬
‫السلطة التنفيذية‪ ،‬نظرا ً لتعدد هيئاتها وسلطاتها املركزية والالمركزية‪ ،‬اإلقليمية منها‬
‫واملرفقية‪ ،‬وقطاعاتها ونشاطاتها اإلدارية‪ ،‬ومبا أن الوسيلة األساسية التي تستعني بها‬
‫السلطة التنفيذية أي اإلدارة ملمارسة هذه النشاطات هي القرار اإلداري‪ ،‬وجب أن يكون‬
‫االختصاص ركنا ً أساسيا ً في القرار اإلداري‪ ،‬وهو األمر الذي جتلى من خالل تنظيم هذا‬
‫الركن من طرف املش ِّرع نفسه وجعل قواعده من النظام العام(‪.)23‬‬
‫في هذا الصدد وردت عدة تعاريف لركن االختصاص في القرار اإلداري‪ ،‬فقد ع َّرفه بعض‬
‫الفقه بأنه‪« :‬ميثل القواعد التي حتدد األشخاص والهيئات التي متلك إبرام التصرفات»(‪،)24‬‬
‫في حني ع َّرفه البعض اآلخر بأنه‪« :‬ميثل األهلية أو القدرة القانونية الثابتة جلهة اإلدارة‪،‬‬
‫أو األشخاص التابعني لها‪ ،‬في إص��دار ق��رارات محددة من حيث موضوعها ونطاقيها‬
‫الزمني واملكاني»(‪ ،)25‬أو أنه‪« :‬السلطة أو الصالحية القانونية التي يتمتع بها متخذ القرار‬
‫في إص��داره لقراره من الناحية النوعية أي املسائل واملوضوعات التي يجوز إصدار‬
‫القرار بشأنها‪ ،‬والزمنية أي املدة التي ميكن اتخاذ القرارات خاللها‪ ،‬واملكانية أي الرقعة‬
‫اجلغرافية أو اإلقليمية التي ميكن لإلدارة مباشرة نشاطاتها فيها»(‪.)26‬‬
‫من هذه الزاوية يتضح بأن حتديد االختصاص هو عمل يرجع إلى مبادرة املش ِّرع‪ ،‬فقد‬
‫يلزم اإلدارة باتخاذ قرار معني في حاالت معينة‪ ،‬بحيث ال يكون لها احلرية في اتخاذ‬
‫القرار من عدمه‪ ،‬وفي حاالت أخرى ال يفرض القانون على اإلدارة تصرفا ً معينا ً إزاء‬
‫وضع ما‪ ،‬فتكون هذه األخيرة حرة في اتخاذ القرار‪ ،‬وهذا يعني تباين سلطة اإلدارة في‬
‫إصدار القرار اإلداري‪ ،‬فقد تكون مقيدة وقد تكون تقديرية(‪.)27‬‬
‫في هذا الشأن نشير إلى أن االختصاص املقيد لإلدارة يرتبط بالصياغة اجلامدة للقاعدة‬

‫في تفصيل ذلك راجع‪ :‬كنتاوي عبد الله‪ ،‬ركن االختصاص في القرار اإلداري‪ ،‬مذكرة ماجستير في‬ ‫(‪((2‬‬
‫القانون العام‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬اجلزائر‪ ،2010 ،‬ص‪ .11‬راجع أيضاً‪ :‬د‪ .‬رضوان‬
‫بوجمعة‪ ،‬املقتضى في القانون اإلداري املغربي‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعة النجاح‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1999 ،‬ص ‪.182‬‬
‫د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪ ،‬ط‪ ،5‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،1984 ،‬ص‬ ‫(‪((2‬‬
‫‪.312‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز عبد املنعم خليفة‪ ،‬القرار اإلداري في قضاء مجلس الدولة‪ ،‬املركز القومي لإلصدارات‬ ‫(‪((2‬‬
‫القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،2008 ،‬ص ‪.49‬‬
‫د‪ .‬ماجد راغب احللو‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1982 ،‬ص ‪.475‬‬
‫(‪((2‬‬
‫‚‪Voir également: Lombard Martine‚ droit administratif‚ 6 éme édition‚ Dalloz‚ Paris‚ 2005‬‬
‫‪pp. 208–209.‬‬
‫‪(27) Charlier (R.E), «l’administration et son droit, leur logique et leur inconséquence»,‬‬
‫‪Ed Economica, Paris, 1984, p. 27–32.‬‬

‫‪191‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫القانونية‪ ،‬فقد يتولى املش ِّرع صياغة القواعد القانونية بصورة جامدة‪ ،‬وتطبيق السلطة‬
‫اإلدارية للقواعد القانونية املصاغة بصياغة جامدة يعني أن اختصاصها الوارد في هذه‬
‫القواعد هو اختصاص مقيد(‪ ،)28‬وفي مثل هذه احلاالت يكون األثر املترتب على القرار‬
‫اإلداري أث��را ً كاشفاً‪ ،‬وبنا ًء على ما تقدم‪ ،‬سوف نتناول في هذا املطلب األث��ر الكاشف‬
‫للقرار اإلداري‪ ،‬وكذلك التطبيقات القانونية والقضائية على القرار اإلداري الكاشف‪،‬‬
‫وذلك في فرعني هما‪:‬‬
‫الفرع األول‪ -‬األثر الكاشف للقرار اإلداري‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ -‬التطبيقات القانونية والقضائية على القرار اإلداري الكاشف‪.‬‬

‫الفرع األول‬
‫األثر الكاشف للقرار اإلداري‬
‫ُيقصد بالقرارات اإلدارية الكاشفة تلك القرارات التي ال تستحدث جديدا ً في عالم القانون‪،‬‬
‫بل يقتصر تطبيقها على إثبات أو تقرير حالة موجودة من قبل‪ ،‬وغير محققة بذاتها لآلثار‬
‫القانونية(‪ ،)29‬ومثال ذلك قرار منح العالوة الدورية للموظفني‪ ،‬والقرار الصادر بإحالة‬
‫املوظف إلى التقاعد لبلوغه السن القانونية‪ ،‬ففي مثل هذه الفروض يكون أثر القرار‬
‫كاشفا ً حلق ثابت في القانون‪ ،‬أي أن كل ما يفعله القرار هو الكشف عن هذا احلق وليس‬
‫إنشاؤه بصفة مبتدأة‪ ،‬وهذا يعني بأن األثر املترتب على القرار اإلداري ال يكون ناشئا ً عن‬
‫القرار نفسه‪ ،‬وإمنا ُيعد ناشئا ً عن القانون مباشرة‪.‬‬
‫بيد أن القول باألثر الكاشف للقرار اإلداري ال يعني جتريده من أي دور‪ ،‬فاحلقوق‬
‫املنصوص عليها في القوانني ال تتسم بالثبات واالستقرار إال بعد إص��دار القرارات‬
‫اإلدارية الكاشفة لها‪ ،‬ومثال ذلك حق املوظف في احلصول على العالوات الدورية‪ ،‬فهذه‬
‫العالوات تكون مقررة سلفا ً في القانون‪ ،‬ولكن صرفها للموظف موقوف بصدور القرار‬

‫(‪ ((2‬د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬قضاء املالءمة والسلطة التقديرية لإلدارة‪ ،‬مطبعة أطلس‪ ،‬القاهرة‪،1991 ،‬‬
‫ص‪ .14‬د‪ .‬أحسن رابحي‪ ،‬األعمال القانونية اإلدارية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الكتاب احلديث‪ ،‬القاهرة‪ ،2016 ،‬ص ‪89‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪Voir également: Heraud (G), l’ordre juridique et le pouvoir originaire, thèse de‬‬
‫‪doctorat en droit, université de Toulouse, France, 1946, p. 10 et S. Voir: Waline (M),‬‬
‫‪Traité de droit administratif, éd Montchrestien, Paris, 2002, p. 118 et s.‬‬
‫(‪ ((2‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للقرارات اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.419‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪192‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫اإلداري املتعلق بها(‪.)30‬‬


‫وكما بيَّنا ذلك سلفاً‪ ،‬فإن مصدر احلق هو الذي يكون به احلق وبغيره ال يكون‪ ،‬لذا ُيشترط‬
‫في القرار اإلداري املنشئ للحق ‪ -‬باملعنى املقرر في فقه القانون املدني ‪ -‬أن يكون قد‬
‫صدر عن السلطة التقديرية لإلدارة‪ ،‬وجتعل هذه السلطة القرار اإلداري مصدرا ً مباشرا ً‬
‫إلنشاء احلق‪ ،‬وما القانون إال مصدر غير مباشر له‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للمصادر‬
‫األخرى لاللتزام‪ ،‬أما إذا لم يباشر رجل اإلدارة السلطة التقديرية في إصدار القرار‪ ،‬فقام‬
‫بتطبيق القانون في حدود اختصاصه املقيد‪ ،‬فإن األثر الذي يترتب على قراره ال ُيعد‬
‫ناشئا ً عن القرار نفسه‪ ،‬وإمنا ُيعد ناشئا ً عن القانون مباشرة(‪ ،)31‬وعلى سبيل املثال القرار‬
‫الصادر بالترقية على أساس األقدمية املطلقة‪ ،‬في هذه احلالة ال تتمتع اإلدارة بسلطة‬
‫تقديرية للموافقة أو رفض إصدار القرار املتضمن الترقية‪ ،‬طاملا أن الشروط القانونية‬
‫للترقية محققة في املوظف املعني‪ ،‬فعملها هنا يندرج ضمن مبدأ املطابقة وليس املالءمة‬
‫اإلدارية‪ ،‬ومن ثم يكون القرار اإلداري الصادر بترقية املوظف كاشفا ً حلق استمده األخير‬
‫من القانون مباشرة(‪.)32‬‬
‫إلى جانب القرار الكاشف‪ ،‬يندرج القرار الفردي الشرطي ضمن االختصاص املقيد‬
‫ل�ل�إدارة‪ ،‬و ُيقصد به القرار ال��ذي يولد مركزا ً قانونيا ً عاما ً يتعلق بفرد معني أو أفراد‬
‫معينني‪ ،‬فاملركز العام وفقا ً لهذا املعنى يظل شاغرا ً حتى يأتي العمل الشرطي ويسده(‪،)33‬‬
‫وبعبارة أخرى القرار الشرطي هو الذي ينقل املركز القانوني العام إلى فرد معني‪ ،‬ويسمى‬
‫هذا القرار فرديا ً ألنه يتعلق بفرد معني‪ ،‬ويسمى شرطيا ً ألنه مشروط بصدور القرار‬

‫(‪ ((3‬جتدر اإلشارة إلى أنه باإلضافة إلى أن منح العالوة الدورية للموظف مرهون بصدور القرار اإلداري‬
‫مبنح املوظف للعالوة‪ ،‬بيد أن املوظف يستحق العالوة من تاريخ استحقاقه لها‪ ،‬بغض النظر عن تاريخ‬
‫صدور القرار اإلداري مبنح العالوة‪ ،‬ألنه ال يجوز أن يضار األفراد من تراخي اإلدارة في إصدار‬
‫قرارات إدارية كاشفة‪ ،‬متى كانوا يستمدون أصل حقهم من القانون مباشرة‪ ،‬كما وإن العالوة في‬
‫حقيقتها جزء من املرتب‪ ،‬وهي كحق دوري متجدد يسقط مبضي خمس سنوات باالستناد إلى املادة‬
‫(‪ )430‬مدني عراقي‪ ،‬ومن ثم فإن عدم مطالبة املوظف بالعالوة ‪ -‬باعتبارها حقا ً دوريا ً متجددا ً ‪ -‬ملدة‬
‫خمس سنوات يسقط حقه فيها‪.‬‬
‫(‪ ((3‬في تفصيل هذه الفكرة الحظ‪ :‬د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.534‬‬
‫‪Voir également: Robineau (A), recherches sur la notion d’effets impératifs des actes‬‬
‫‪administratifs unilatéraux, Thèse de Doctorat en droit, université de Montpellier,‬‬
‫‪France, 1973, p. 147 et s.‬‬
‫(‪ ((3‬د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬القضاء اإلداري ‪ -‬الكتاب األول‪ ،‬منشورات احللبي احلقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص‪.201‬‬
‫(‪ ((3‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،8‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1966‬ص ‪.875‬‬

‫‪193‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫الفردي‪ ،‬ومن أمثلة القرارات الشرطية قرار قبول طالب في جامعة معينة‪ ،‬حيث يستند‬
‫هذا القبول إلى مركز قانوني عام قائم وفقا ً لقانون التعليم العالي‪ ،‬إال أن شغل الطالب لهذا‬
‫املركز يرتبط بالقرار الفردي(‪ ،)34‬وكذلك التعيني في إحدى الوظائف هو مركز قانوني عام‬
‫والقرار الصادر بالتعيني هو الذي يحدد الفرد الذي تسند إليه الوظيفة(‪ ،)35‬ويترتب على‬
‫القرار الشرطي بهذا املعنى أنه في حالة حصول أي تغيير أو تعديل في اللوائح التي متنح‬
‫مزايا مبقتضى قرار تنظيمي فال يستطيع األف��راد التمسك إال مبا اكتسبوه من القرار‬
‫الفردي‪ ،‬أي ال يتمسكوا باملزايا املمنوحة حسب اللوائح(‪.)36‬‬
‫هذا وحتديدا ً بنطاق البحث‪ ،‬نقول أن القرار الشرطي بوصفه ق��رارا ً فرديا ً منشئا حلق‬
‫يدخل في نطاق فكرة القرار املضاد ووسيلة إنهائه‪ ،‬وفقا ً ملا اجته إليه الفقه تكون عن‬
‫طريق قرار إداري مضاد محكوم بنص‪ ،‬ويترتب على ذلك أمران‪ :‬األول أن قاعدة توازي‬
‫الشكل واإلجراءات ال جتد مجال إعمالها في القرارات الشرطية طاملا تبنى النص حتديد‬
‫ذلك‪ ،‬الثاني على اإلدارة أن تتقيد بالشروط الواردة في النص وهي تسلك سبيل إنهائها‪،‬‬
‫وهذا ما أكده الفقيهان «دويز» و«دوبيز» بالقول‪« :‬إن إلغاء التراخيص اخلاصة باملنشآت‬
‫املقلقة للراحة واخلطرة ال يتم دون قيد أو شرط‪ ،‬إمنا يتحتم على اإلدارة أن تستند في‬
‫إلغائها إلى تخلف املرخص له عن تنفيذ االلتزامات املعروضة‪ ،‬ووسيلة اإللغاء تكون‬
‫بقرار مضاد شرطي»‪ ،‬وباملعنى نفسه جاء حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية ريفرز‬
‫‪ Rivers‬عام ‪.)37(1947‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫التطبيقات القانونية والقضائية للقرار اإلداري الكاشف‬
‫إن تناول التطبيقات القانونية والقضائية للقرار اإلداري الكاشف سيساعد على بيان‬
‫األثر الكاشف له‪ ،‬وسيتضح ذلك من خالل عرض بعض منها في مقصدين كاآلتي‪:‬‬
‫املقصد األول‪ -‬تطبيقات قانونية على القرار اإلداري الكاشف‪.‬‬
‫املقصد الثاني‪ -‬تطبيقات قضائية على القرار اإلداري الكاشف‪.‬‬

‫د‪ .‬عبد الفتاح حسن‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري الكويتي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،1969 ،‬ص ‪.639‬‬ ‫(‪((3‬‬
‫د‪ .‬سمير صادق املرصفاوي‪ ،‬املبادئ العامة في القضاء اإلداري املصري‪ ،‬دار الفكر احلديث للطباعة‬ ‫(‪((3‬‬
‫والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،1964 ،‬ص ‪.617‬‬
‫د‪ .‬أحمد فؤاد مهنا‪ ،‬القانون اإلداري املصري واملقارن‪ ،‬ج‪ ،1‬اإلسكندرية‪ ،1958 ،‬ص ‪.578‬‬ ‫(‪((3‬‬
‫د‪ .‬ثروت بدوي‪ ،‬تدرج القرارات اإلدارية ومبدأ املشروعية‪ ،‬الدار العربية للموسوعات‪ ،‬القاهرة‪،1982 ،‬‬ ‫(‪((3‬‬
‫ص ‪.93‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪194‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫املقصد األول‪ -‬تطبيقات قانونية على القرار اإلداري الكاشف‬


‫توجد تطبيقات قانونية عديدة على األثر الكاشف للقرار اإلداري‪ ،‬نذكر منها الضرائب‬
‫والرسوم‪ ،‬ولهذا سوف نحاول اإلملام مبوضوع هذا املقصد من خالل دراسة فكرتني‬
‫أساسيتني وهما الضرائب (أوالً) والرسوم (ثانياً)‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫أوالً‪ -‬الضرائب‬
‫يعد القانون مصدر االلتزامات الضريبية كلها‪ ،‬فالقانون وحده مختص بتحديد حقوق‬
‫والتزامات كل من الدولة والطرف املكلف بالضريبة‪ ،‬ولهذا يعد القانون املصدر املنشئ‬
‫لاللتزام‪ ،‬وهو وحده الذي يحدد طبيعة الواقعة املنشئة للضريبة‪ ،‬التي هي عبارة عن‬
‫مجموعة من الشروط أو الظروف أو األوضاع التي يتطلب القانون توفرها لترتيب أثره‬
‫في إنشاء االلتزام بالضريبة(‪.)38‬‬
‫من ه��ذا املنظور متثل الضريبة ض��رورة مهمة ال غنى عنها بالنسبة للدولة‪ ،‬فضمان‬
‫استمرارية الدولة وتأمني تلبية االحتياجات العامة للمجتمع‪ ،‬مرهون بتوفر الغالف‬
‫املالي الكافي لتحقيق هذه الغايات‪ ،‬ولعل الضرائب متثل أهم إيرادات الدولة التي يعتمد‬
‫عليها في إعداد غالبية ميزانيات دول العالم من أجل حتقيق الغايات املذكورة‪ ،‬ونظرا ً لهذه‬
‫األهمية العملية فقد تقرر مبدأ قانونية الضريبة(‪ )39‬الذي يقصر اختصاص فرض وتنظيم‬

‫(‪ ((3‬كمال أنور يابه‪ ،‬املنازعة الضريبية في قانون ضريبة الدخل العراقي‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‬
‫مقدمة إلى كلية القانون والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة صالح الدين‪ ،‬العراق‪( ،2016 ،‬غير منشور)‪،‬‬
‫ص‪.28‬‬
‫‪A propos des dimensions objectifs de l’assiette impôt voir: Farjat G., Droit‬‬
‫‪économique, PUF, Paris, 1984, p. 36 et s. Chantebout (B), Organisation économique‬‬
‫‪de l’Etat, Ed. Sirey, Paris, 1965, p. 238. Dé Laubadere (A), droit public économique,‬‬
‫‪2ème édition, Dalloz, Paris, 1976‚ p. 35 et s. Paul Leroy-Beaulieu, Traité de la science‬‬
‫‪des finances, 2 tomes, Guillaumin et Cie, Alcan, Paris, 1996, p. 135. Michel Bouvier,‬‬
‫‪Introduction au droit fiscal et à la théorie de l’impôt, LGDJ, Paris, 2009, p.89. Pierre‬‬
‫‪Beltrame, La fiscalité en France, Hachette, Paris, 2005, p. 56. Jean-Jacques Bienvenu‬‬
‫‪et Thierry Lambert, Droit fiscal, PUF, Paris, 2003, p. 35. Martin Collet, Droit fiscal,‬‬
‫‪PUF, Paris, 2009, p. 335. Jacques Grosclaude et Philippe Marchessou, Droit fiscal‬‬
‫‪général, Dalloz, Paris, 2015, p. 89. Jean Lamarque et Olivier Négrin et Ludovic‬‬
‫‪Ayrault, Droit fiscal général, Litec, Paris, 2009, p. 246.‬‬
‫(‪ ((3‬يقصد مببدأ قانونية الضريبة أنه ال ضريبة إال بقانون صادر عن السلطة التشريعية‪ ،‬فالقانون هو‬
‫املصدر الوحيد لاللتزام بدين الضريبة‪ ،‬وهذا اإللزام يفرض على املكلف أداء مبلغ نقدي يحدده القانون‬
‫والزمان واملكان الذي أوجب االلتزام به استنادا ً للقانون (د‪ .‬حسني خالف‪ ،‬األحكام العامة في قانون‬
‫الضريبة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1966 ،‬ص‪.)112‬‬

‫‪195‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫الضرائب في يد السلطة التشريعية بوصفها أساس التمثيل النيابي في الدولة‪ ،‬ويتم ذلك‬
‫وفق شروط وإج��راءات منظمة سلفا ً بواسطة الدستور والنصوص القانونية األخرى‬
‫املفسرة له(‪ ،)40‬وهذا ما تبنته غالبية الدساتير املعاصرة(‪ )41‬ومنها الدستور العراقي(‪.)42‬‬
‫ومن أهم النتائج املترتبة على مبدأ قانونية الضريبة عدم جواز تفويض السلطة التنفيذية‬
‫باالختصاصات احلصرية للسلطة التشريعية واملتعلقة بفرض الضريبة أو جبايتها‬
‫أو تعديلها أو اإلعفاء منها‪ ،‬وبالنسبة للمش ِّرع الدستوري العراقي فإنه لم يكتف مبنع‬
‫السلطة التنفيذية أو تفويضها صالحية التشريع في شؤون الضرائب خالل األوضاع‬
‫العادية فحسب‪ ،‬بل منعها ذلك أيضا ً حتى في ظل في الظروف االستثنائية(‪ ،)43‬في حني‬
‫أنه بالنسبة لبعض الدساتير املقارنة نالحظ بأن مبدأ قانونية الضريبة لم يعد يتمسك‬
‫به بصفة مطلقة بل مت إدراج بعض االستثناءات عليه‪ ،‬ومثالها الدستور الفرنسي النافذ‬
‫وال�ص��ادر في ‪ ،4/10/1958‬حيث أج��ازت امل��ادة (‪ )38‬منه للسلطة التشريعية تفويض‬
‫السلطة التنفيذية اختصاص إصدار لوائح لها قوة القانون نفسه‪ ،‬تندرج موضوعاتها‬
‫ضمن املجاالت احملجوزة للسلطة التشريعية مبقتضى الدستور‪ ،‬ويكون ذل��ك مقيدا ً‬
‫بتحقق بعض الشروط وأهمها غياب البرملان بسبب العطلة أو احلل‪ ،‬ومن أهم املوضوعات‬

‫(‪ ((4‬د‪ .‬هاشم اجلعفري‪ ،‬مبادئ املالية العامة والتشريع املالي‪ ،‬ط‪ ،3‬مطبعة سليمان األعظمي‪ ،‬بغداد‪،1967 ،‬‬
‫ص‪.79‬‬
‫‪Lequét (P), «le budget de l’Etat, préparation, exécution, contrôle», imprimerie Bialec,‬‬
‫‪Nancy, France, 1982, p. 47.‬‬
‫(‪ ((4‬املادة (‪ )38‬من الدستور املصري لسنة ‪ ،2014‬واملادة (‪ )126‬من دستور اإلمارات العربية املتحدة‬
‫لسنة ‪ 1971‬املعدل‪ ،‬واملادة (‪ )111‬من الدستور األردني لسنة ‪ 1952‬املعدل‪ ،‬واملادة (‪ )34‬من الدستور‬
‫الفرنسي لسنة ‪ 1958‬النافذ‪.‬‬
‫‪L’article 34 de la Constitution française du 04 octobre 1958‚ (modifier par la Loi‬‬
‫‪constitutionnelle n° 724–2008 du 23 juillet 2008 de modernisation des institutions‬‬
‫‪de la Ve République)‚ stipule que: «La loi fixe les règles concernant: l’assiette, le‬‬
‫‪taux et les modalités de recouvrement des impositions de toutes natures; le régime‬‬
‫‪d’émission de la monnaie. …».‬‬
‫(‪ ((4‬املادة (‪ /28‬أوالً) من الدستور العراقي االحتادي لسنة ‪ 2005‬النافذ‪.‬‬
‫(‪ ((4‬د‪ .‬عامر عياش عبد ود‪ .‬أحمد خلف حسني‪ ،‬دستورية الضرائب في العراق‪ ،‬مجلة الرافدين للحقوق‪،‬‬
‫كلية القانون‪ ،‬جامعة املوصل‪ ،‬املجلد ‪ ،13‬العدد ‪ ،49‬السنة ‪ ،16‬شباط‪/‬فبرابر‪ ،2011 ،‬ص‪.227-226‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪196‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫اخلاضعة لهذا االستثناء الضرائب(‪ ،)44‬وهو االجتاه الذي ك َّرسه أيضا ً الدستور املصري‬
‫لسنة ‪ 1971‬بواسطة امل��ادة (‪ )108‬التي خولت رئيس اجلمهورية عند الضرورة وفي‬
‫األحوال االستثنائية صالحية إصدار قرارات لها قوة القانون‪ ،‬في املوضوعات التشريعية‬
‫ومنها موضوع الضرائب(‪.)45‬‬
‫أما بالنسبة لنا فإننا ال نؤيد املوقف املقارن األخير‪ ،‬بالعكس نؤيد جدا ً موقف املش ِّرع‬
‫الدستوري العراقي القاضي مبنع إج��راء التفويض التشريعي‪ ،‬وخصوصا ً في مجال‬
‫ف��رض وتنظيم ال�ض��رائ��ب‪ ،‬ونعتبره انتهاكا ً ملبدأ قانونية الضريبة حتى ول��و أحيط‬
‫بضمانات‪ ،‬ألن من شأن التفويض التشريعي فتح املجال أمام حتكم السلطة التنفيذية‬
‫بخصوص فرض الضريبة أو اإلعفاء منها‪.‬‬
‫بنا ًء على ما تقدم‪ ،‬نستنتج بأن القرار الصادر من جهة اإلدارة بدفع الضريبة ال يعد‬
‫املصدر املباشر لاللتزام بدفع الضريبة‪ ،‬طاملا أن اجلهة اإلداري��ة القابضة للضرائب ال‬
‫متلك السلطة التقديرية التي تخولها تقرير إصدار أو عدم إصدار القرار املتضمن فرض‬
‫الضريبة‪ ،‬كما ال متلك صالحية حتديد مضمون هذا القرار (حتديد محل التزام املكلف‬
‫بدفع الضريبة) بناء على تقديراتها الذاتية‪ ،‬والدليل على ذلك أن القانون يسمح للمكلف‬
‫بالضريبة ‪ -‬في بعض احلاالت ‪ -‬أن يقوم من تلقاء نفسه بدفع الضريبة من واقع إقراره‪،‬‬
‫حتى قبل وصول قرار الربط إليه من جهة اإلدارة القابضة(‪.)46‬‬

‫‪(44) L’article 38 de la Constitution française du 04 octobre 1958 (modifié par la loi‬‬


‫‪constitutionnelle N 2008–724 du 23/7/2008 relative au modernisation des institutions‬‬
‫‪de la Vème République) stipule que: «Le Gouvernement peut, pour l’exécution de‬‬
‫‪son programme, demander au Parlement l’autorisation de prendre par ordonnances,‬‬
‫‪pendant un délai limité, des mesures qui sont normalement du domaine de la loi.‬‬
‫‪Les ordonnances sont prises en Conseil des ministres après avis du Conseil d’Etat.‬‬
‫‪Elles entrent en vigueur dès leur publication mais deviennent caduques si le projet de‬‬
‫‪loi de ratification n’est pas déposé devant le Parlement avant la date fixée par la loi‬‬
‫‪d’habilitation. Elles ne peuvent être ratifiées que de manière expresse. A l’expiration‬‬
‫‪du délai mentionné au premier alinéa du présent article, les ordonnances ne peuvent‬‬
‫‪plus être modifiées que par la loi dans les matières qui sont du domaine législatif».‬‬
‫(‪ ((4‬د‪ .‬عبد الباسط علي جاسم الزبيدي‪ ،‬مدى قانونية القرارات الضريبية الصادرة عن سلطة االئتالف‬
‫املؤقتة‪ ،‬مجلة الرافدين للحقوق‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة املوصل‪ ،‬املجلد ‪ ،11‬العدد ‪،2009 ،42‬‬
‫ص‪.186 -185‬‬
‫(‪ ((4‬د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.534‬‬

‫‪197‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫ثانياً‪ -‬الرسوم‬
‫تع ُّد كل من الضرائب والرسوم من االقتطاعات املالية الرئيسية التي تستعني بها الدولة‬
‫من أجل تغطية نفقاتها العامة املتزايدة واملتباينة‪ ،‬لكن هذا التجانس ال يعني متاثلهما من‬
‫حيث املفهوم والطبيعة والشروط القانونية املقررة لكل منهما‪ ،‬فالضريبة متثل مبلغا ً نقديا ً‬
‫يدفع جبرا ً من الشخص املعني إلى الدولة بدون مقابل‪ ،‬في حني أن الرسوم عبارة عن‬
‫مبلغ نقدي تأخذه الدولة جبرا ً من األفراد مقابل خدمة معينة تقدمها الدولة لدافعه(‪.)47‬‬
‫نص الدستور العراقي االحتادي لسنة ‪ 2005‬النافذ(‪ )48‬على أحقية الدولة‬ ‫في هذا الصدد َّ‬
‫في فرض التكاليف املالية ‪ -‬ومنها الرسوم ‪ -‬بواسطة املعيار التشريعي‪ ،‬أي بواسطة‬
‫القانون الصادر عن السلطة التشريعية وفق الشروط واإلجراءات التي يفرضها القانون‪،‬‬
‫والنتيجة األولى التي نستخلصها من ذلك أن الدستور العراقي النافذ ساوى بني الضرائب‬
‫والرسوم من حيث إلزامية فرضهما مبقتضى نص قانوني صادر عن البرملان‪ ،‬وهذا ما‬
‫نطلق عليه مببدأ قانونية الضريبة والرسم‪ ،‬كما توخى إخضاعهما للشروط واإلجراءات‬
‫القانونية نفسها‪ ،‬السيما من حيث حمايتهما باحلصانة الدستورية نفسها املتمثلة في أن‬
‫فرض أي منهما أو تعديله أو اإلعفاء منه أو إلغاءه ال يكون إال مبوجب نص القانون‪ ،‬وهذا‬
‫الوضع يقودنا للقول بأن القرار اإلداري الصادر بخصوص الرسم ‪ -‬فرضا ً أو تعديالً أو‬
‫إعفا ًء أو إلغا ًء ‪ -‬ال يعد مصدرا ً لاللتزام به‪ ،‬شأنه في ذلك شأن الضريبة‪ ،‬بل يعد القانون‬
‫املصدر املباشر لهذا االلتزام‪ ،‬طاملا أنه ينفرد بفرضه وتنظيمه‪.‬‬
‫املقصد الثاني‪ -‬تطبيقات قضائية على القرار اإلداري الكاشف‬
‫كما ذكرنا سابقاً‪ ،‬قد يحصل أن يلزم املش ِّرع اإلدارة باتخاذ قرار معني على نحو معني‪،‬‬
‫وال يترك لها أي مجال الستعمال سلطتها التقديرية في مجال املوافقة على اتخاذ هذا‬
‫القرار من عدمه‪ ،‬وتتحقق هذه احلالة في تلك الفروض التي تكون فيها القواعد القانونية‬
‫قد حددت بطريقة مسبقة تصرفا ً ومسلكا ً معينا ً بالذات يجب على اإلدارة أن تسلكه‪ ،‬إذا‬
‫ما حتققت شروط معينة أو ظروف حددها النص(‪ ،)49‬وهنا تكون اإلدارة ملتزمة بالتدخل‬
‫وإصدار القرار على النحو الذي حدده القانون‪ ،‬طاملا حتققت الشروط واألوضاع التي‬

‫(‪ ((4‬د‪ .‬رائد ناجي أحمد‪ ،‬مدى اختصاص احملافظات غير املنتظمة بإقليم بفرض الضرائب والرسوم‪ ،‬مجلة‬
‫كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة كركوك‪ ،‬العراق‪ ،‬املجلد‪ ،4‬اإلصدار‪ ،12‬جزء‪،2015 ،1‬‬
‫ص‪.370‬‬
‫(‪ ((4‬املادة (‪ /28‬أوالً) من الدستور العراقي االحتادي لسنة ‪ 2005‬النافذ‪.‬‬
‫‪(49) Bourjol (M), droit administratif, T2, le contrôle de l’action administrative, ED‬‬
‫‪Masson, Paris, 1973‚ p. 61 et s.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪198‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫نص عليها القانون‪ ،‬و ُيكيَّف قرارها في مثل هذه الفروض بأنه قرار كاشف عن حق ثابت‬
‫مبقتضى نص القانون‪.‬‬
‫ومن تطبيقات ذلك في قضاء احملكمة اإلداري��ة العليا في مصر‪ ،‬حكمها الصادر في ‪10‬‬
‫أبريل ‪ 2004‬والذي جاء فيه‪« :‬املبادئ األساسية املتعلقة بالضرائب والرسوم التي أوردها‬
‫الدستور متثل مبدأ شرعية الضرائب والرسوم‪ ،‬الذي يتحتم مبقتضاه أن ينظم بالقانون‬
‫وحده األركان األساسية واجلوهرية التي يقوم عليها النظام القانوني للضرائب والرسوم‪،‬‬
‫ويتعني أن ينظم بالقانون وليس ب��أداة تشريعية أدن��ى منه حتديد الشخص اخلاضع‬
‫للضريبة‪ ،‬وكذلك الوعاء اخلاضع للضريبة‪ ،‬والسعر الذي تتحدد به الضريبة (القواعد‬
‫األساسية لتحصيل الضريبة)‪ ،‬وفي هذه احلالة تكون قرارات اإلدارة الضريبية املخالفة‬
‫للدستور أو القانون قابلة لإللغاء‪ ،‬ولو مضى عليها زمن طويل‪ ،‬ما لم ينص القانون على‬
‫غير ذلك صراحة بنصوص صريحة وقاطعة الداللة»(‪ ،)50‬ومن األمثلة التطبيقية أيضا ً على‬
‫القرارات اإلدارية الكاشفة حكم احملكمة اإلدارية العليا في مصر املؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر‬
‫‪ 2003‬واملتضمن أن‪« :‬املش ِّرع تكفل بتحديد الشروط الواجب توافرها في الصيدليات‪،‬‬
‫ونظم إجراءات الترخيص بها تنظيما ً دقيقاً‪ ،‬حدد فيه نطاق سلطة اجلهة اإلدارية‪ ،‬بحيث‬
‫يقف عند حد التحقق من توافر شروط الترخيص كما رسمها القانون‪ ،‬دون أن يخول هذه‬
‫اجلهة أي مجال للتقدير في شأن منح الترخيص أو منعه خارج هذا اإلطار»(‪.)51‬‬
‫من جهته تطرق مجلس الدولة الفرنسي إلى موضوع القرارات الكاشفة مميزا ً إياها عن‬
‫القرارات املنشئة‪ ،‬وذلك في عدة قرارات له أهمها قراره الصادر سنة ‪ 2008‬في قضية‬
‫الفيدرالية الوطنية للمستشفيات اخلاصة وال��ذي جاء فيه‪...« :‬ينحصر دور القرارات‬
‫الكاشفة في تأكيد مركز قانوني موجود من قبل‪ ،‬أو تقرير حالة قائمة بصفة مسبقة‪،‬‬
‫وال حت��دث تغييرا ً في املراكز القانونية القائمة‪ ،‬وتبرز أهمية ه��ذا التمييز بينها وبني‬
‫القرارات املنشئة من ناحيتني‪ ،‬أوالً في مجال مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية‪ ،‬إذ إن‬
‫القرارات املنشئة ال تنتج آثارا ً إال بالنسبة للمستقبل‪ ،‬أما القرارات الكاشفة فإن آثارها‬
‫تنتج من تاريخ نشأة املركز القانوني الذي تكشف عنه‪ ،‬فهي تكشف عن املركز القانوني‬
‫محل ال�ق��رار وال تنشئه؛ ألن أص��ل احل��ق مستمد من القانون بصفة مباشرة‪ ،‬وثانيا ً‬

‫(‪ ((5‬حكم احملكمة اإلدارية العليا في مصر‪ ،‬الطعن رقم ‪ 3745‬لسنة ‪ 45‬قضائية بتاريخ ‪ 10‬أبريل ‪،2004‬‬
‫مجموعة املبادئ القانونية التي قررتها احملكمة اإلدارية العليا‪ ،‬السنة التاسعة واألربعون‪ ،‬من أول‬
‫أكتوبر ‪ 2003‬إلى آخر سبتمبر ‪ ،2004‬ص‪.574‬‬
‫(‪ ((5‬حكم احملكمة اإلدارية العليا في مصر‪ ،‬الطعن رقم ‪ 7809‬لسنة ‪ 45‬قضائية بتاريخ ‪ 20‬ديسمبر ‪،2003‬‬
‫مجموعة املبادئ القانونية التي قررتها احملكمة اإلدارية العليا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.178‬‬

‫‪199‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

،‫ حيث يجوز سحب القرارات الكاشفة بشكل مطلق‬،‫في مجال سحب القرارات اإلدارية‬
‫ في حني أن القرارات املنشئة ال يجوز‬،‫دون أن تتقيد اإلدارة املعنية في ذلك مبيعاد محدد‬
‫ على أن تتقيد اإلدارة أثناء إجراء السحب مبيعاد‬،‫ بل يجوز سحب بعضها‬،‫سحبها كلها‬
.)52(»‫الطعن باإللغاء‬

(52) TC, 27 novembre 1952, Préfet de Guyane Rec. p. 642; JCP G 1953, II, 7598, note
Vedel. CE, 27 janvier 1982, requête numéro 29523, Bertin (Rec. p. 37; AJDA 1982,
p. 401, obs. SS; D. 1982, p. 177, conclusion Stirn). CE, 14 mai 2003, requête numéro
251481, Maron (JCPA 2003, 1637, note Taillefait). CE, 26 octobre 2011, requête
numéro 350081, Beaumont (Rec. tables p.838; Droit administratif. 2012, 9, note
Fleury). Est ainsi consacrée la solution retenue par le Conseil d’Etat dans son arrêt
d’Assemblée du 5 mars 1999, Président de l’Assemblée communale APC (requête
numéro 163328: Rec. p. 42, conclusion Bergeal; CJEG 1999, p. 181, conclusion
Bergeal; AJDA 1999, p. 409, chronique.  

‫ م‬2019 ‫ هـ – ديسمبر‬1441 ‫ ربيع اآلخر – جمادى األول‬- 28 ‫ العدد التسلسلي‬- ‫ السنة السابعة‬- 4 ‫ العدد‬- ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‬ 200
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫املبحث الثاني‬
‫خصوصية القرار اإلداري بوصفه مصدرا ً لاللتزامات القانونية‬
‫أشرنا سابقا ً إلى أن القانون قد يكون مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام‪ ،‬وذلك عند خضوع اإلدارة‬
‫ألحكام القانون فتطبقه في حدود اختصاصها املقيد‪ ،‬وهنا يكون األثر املترتب على القرار‬
‫اإلداري كاشفا ً حلق ثابت في القانون‪ ،‬لكن ليس ثمة شك في أن اإلدارة متلك سلطة‬
‫إصدار التشريع الفرعي (اللوائح أو األنظمة) والتي ال ميكن اعتبارها مجرد تطبيق لقاعدة‬
‫قانونية قائمة من قبل‪ ،‬بل إنها تصدر مستقلة عن هذه القواعد ومتضمنة لقواعد جديدة‪،‬‬
‫فضالً عن ذلك فإن املش ِّرع قد مينح اإلدارة سلطة تقديرية في حاالت معينة‪ ،‬فتمارس‬
‫هذه األخيرة مبقتضاها حرية واسعة نسبيا ً في مجال تقدير مالءمة األعمال والقرارات‬
‫التي تتخذها‪ ،‬وفي مثل هذه احلاالت قد ال يكون عمل اإلدارة في مجال مباشرتها لهذه‬
‫السلطة التقديرية مجرد عمل تنفيذي لنصوص القانون‪ ،‬وهذا يعني أنه في ظل احلالتني‬
‫املذكورتني أعاله يكون القرار اإلداري مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام‪ .‬باإلضافة إلى ما سبق‬
‫بيانه‪ ،‬فإنه قد يسمح املش ِّرع لإلدارة أحيانا ً باخلروج على مبدأ (خضوع اإلدارة للقانون‬
‫وع��دم اخل��روج على أحكامه) وذل��ك عند وج��ود ظ��روف استثنائية‪ ،‬حيث تتمتع اإلدارة‬
‫بصالحيات خاصة تتيح لها اتخاذ ق��رارات إداري��ة‪ ،‬تفرض التزامات على األف��راد في‬
‫املجاالت التي هي من اختصاص السلطة التشريعية في األصل‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة‬
‫لالمتيازات والسلطات التي تتمتع بها اإلدارة في مجال تعديل العقد اإلداري بإرادتها‬
‫املنفردة‪ ،‬حيث ميكنها إصدار قرارات إدارية منفصلة عن العقد اإلداري‪ ،‬من شأنها زيادة‬
‫األعباء الواقعة على كاهل املتعاقد معها‪ ،‬وهو ما ميثل خروجا ً على األس��اس القانوني‬
‫التقليدي القائم على فكرة توازن التزامات األطراف‪.‬‬
‫ولإلملام بهذه الفكرة‪ ،‬فقد فضلنا تقسيم هذا املبحث إلى مطلبني أساسيني‪ ،‬يعرض األول‬
‫لنظرية السلطات االستثنائية لإلدارة‪ ،‬بينما يتضمن الثاني نظرية فعل األمير‪.‬‬
‫وسنتناول ذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫املطلب األول‬
‫نظرية السلطات االستثنائية لإلدارة‬
‫من املتفق عليه أن القوانني واألنظمة إمن��ا وضعت لتطبق في الظروف العادية‪ ،‬ولكن‬
‫قد تطرأ على املجتمع ظ��روف استثنائية‪ ،‬كاألزمات االقتصادية واحل��روب والكوارث‬
‫الطبيعية‪ ،‬مثل الفيضانات والزالزل وغيرها‪ ،‬ففي مثل هذه الظروف ال جتدي األساليب‬

‫‪201‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫التي قررتها القوانني في الظروف العادية‪ ،‬توسيع اختصاصات وسلطات اإلدارة بصفة‬
‫مؤقتة‪ ،‬في إطار ما يسمى بالشرعية االستثنائية التي تعوض الشرعية العادية خالل هذه‬
‫الظروف(‪ ،)53‬لذلك يصبح بإمكان اإلدارة اتخاذ تدابير استثنائية تتسم باملخالفة الصريحة‬
‫للقوانني‪ ،‬بشكل ال يتناسب مت��ام�ا ً م��ع مقتضيات مبدأ املشروعية ف��ي ظ��ل الظروف‬
‫العادية(‪ ،)54‬ومن تطبيقات ذلك خروج بعض القرارات اإلدارية الصادرة في ظل الظروف‬
‫االستثنائية من اخلضوع لقواعد املشروعية‪ ،‬بالقدر الالزم ملجابهة الظروف الواقعة‪.‬‬
‫في ضوء ما تقدم‪ ،‬سنقسم هذا املطلب إلى فرعني‪ ،‬أولهما سيتناول مفهوم السلطات‬
‫االستثنائية لإلدارة‪ ،‬وثانيهما يكون مخصصا ً لالستيالء املؤقت على العقار كتطبيق من‬
‫تطبيقات السلطات االستثنائية لإلدارة‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫الفرع األول‬
‫مفهوم السلطات االستثنائية لإلدارة‬
‫جتد نظرية سلطات اإلدارة في ظل الظروف االستثنائية ‪ -‬أي نظرية الظروف االستثنائية‪-‬‬
‫مصدرها من فكرة الضرورة(‪ ،)55‬وذلك عند تعرض البالد لظروف استثنائية كاحلرب‬
‫أو الفيضان أو تفشي الوباء وغير ذلك من ك��وارث محدقة‪ ،‬وأثناء حدوث ذلك تسارع‬
‫السلطات اإلدارية إلى اتخاذ تدابير وإجراءات استثنائية عديدة‪ ،‬من بينها متكني السلطة‬
‫التنفيذية من مجابهة الظرف االستثنائي‪ ،‬من خالل تخويلها صالحية سن التشريعات‬
‫املالئمة الستتباب األمن العام(‪.)56‬‬

‫د‪ .‬حسني عثمان محمد عثمان‪ ،‬قانون القضاء اإلداري‪ ،‬منشورات احللبي احلقوقية‪ ،‬بيروت‪،2010 ،‬‬ ‫(‪((5‬‬
‫ص‪.65-64‬‬
‫يقصد مببدأ املشروعية سيادة أحكام القانون في الدولة‪ ،‬وهو ما يقتضي أن تخضع الدولة بهيئاتها‬ ‫(‪((5‬‬
‫وأفرادها جميعهم ألحكام القانون وأال تخرج عن حدوده‪ ،‬ومن ثم ال يكفي أن يخضع األفراد وحدهم‬
‫للقانون في عالقاتهم اخلاصة‪ ،‬بل إنه من الضروري أن تخضع له أيضا ً السلطات العامة ‪ -‬التشريعية‬
‫والتنفيذية والقضائية‪ -‬في الدولة‪ ،‬فال تستطيع أن تتخذ قرارا ً أو عمالً إال ما كان متفقا ً مع أحكام القانون‬
‫وفي إطاره‪ ،‬د‪ .‬أحمد مدحت علي‪ ،‬نظرية الظروف االستثنائية‪ ،‬الهيئة املصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1978‬ص‪7‬؛ د‪ .‬مازن ليلو راضي‪ ،‬أصول القضاء اإلداري‪ ،‬ط‪ ،1‬دار نيبور للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫العراق‪ ،2016 ،‬ص‪17‬؛ د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫نظرية الضرورة هي نظرية متكاملة وشاملة‪ ،‬وجدت جذورها وأصلها في الشريعة اإلسالمية‪،‬‬ ‫(‪((5‬‬
‫وقد توجد تطبيقاتها في مختلف فروع القانون اخلاص والقانون العام‪ ،‬فهي موجودة في القانون‬
‫املدني بوصفها سببا ً من أسباب التخفيف أو اإلعفاء من املسؤولية‪ ،‬كما أنها مطبقة في قانون‬
‫األحوال الشخصية‪ ،‬وفي فروع القانون العام جند لها تطبيقات كثيرة مثل القانون اجلنائي واإلداري‬
‫والدستوري‪.‬‬
‫د‪ .‬أحسن رابحي‪ ،‬النشاط التشريعي للسلطة التنفيذية‪ ،‬دار الكتاب احلديث‪ ،‬القاهرة‪ ،2013 ،‬ص‪.82‬‬ ‫(‪((5‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪202‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫مبدئيا ً نشير إلى أن نظرية الظروف االستثنائية هي نظرية قضائية يرجع مصدرها‬
‫وأساسها إلى بعض أحكام مجلس الدولة الفرنسي التي أصدرها بعد احلرب العاملية‬
‫األولى‪ ،‬والتي نظمت بشكل متفرق الزوايا املوضوعية والقانونية للنظرية‪ ،‬والتي مفادها‬
‫أن سلطات اإلدارة تكون أكثر اتساعا ً ومرونة خالل األوقات االستثنائية‪ ،‬من أجل متكني‬
‫هذه األخيرة من السيطرة على الوضع وفرض النظام العام‪ ،‬وهنا نضيف بأن نظرية‬
‫الظروف االستثنائية وإن ارتبطت ‪-‬منذ حقبة طويلة ‪ -‬مبوضوع الضبط اإلداري (األمن‬
‫العام)‪ ،‬إال أن ذلك ال يعني حصر نطاق تطبيقها في هذا املجال فحسب‪ ،‬بل يتعني تعميم‬
‫تطبيقها على مستوى املجاالت املتعلقة بتنظيم وتسيير املرفق العام(‪.)57‬‬
‫من بني األعمال اإلداري��ة األكثر تأثرا ً بهذا التكييف املؤقت واالستثنائي نذكر القرارات‬
‫اإلداري���ة‪ ،‬خصوصا ً تلك املتعلقة بتنظيم وس��ائ��ل وأه ��داف األم��ن ال�ع��ام‪ ،‬حيث تصبح‬
‫القرارات اإلدارية‪ ،‬التي تكون غير مشروعة في ظل قواعد املشروعية العادية‪ ،‬مشروعة‬
‫نتيجة وجود الظروف االستثنائية(‪ ،)58‬لكن ذلك لن يكون بشكل مطلق‪ ،‬فالضرورة يجب‬
‫أن تُقدر بقدرها‪ ،‬وه��ذا يعني بأن ص��دور القرار باملعنى السابق يجب أن يكون الزما ً‬
‫وضروريا ً بالقدر املالئم ملواجهة الظرف االستثنائي(‪.)59‬‬
‫وفضالً عن أحكام القضاء اإلداري‪ ،‬تستمد نظرية الظروف االستثنائية بعض أسسها‬
‫وقواعدها أيضا ً من التشريعات املختلفة (القوانني واللوائح)‪ ،‬السيما تلك املنظمة ملهام‬
‫وسلطات الهيئات اإلدارية املختلفة خالل حدوث تلك الظروف أو قبلها‪ ،‬وهذا ما نصت‬
‫عليه ‪-‬على سبيل املثال‪ -‬كل من املادة (‪ )16‬من الدستور الفرنسي النافذ الصادر عام‬
‫‪ ،)60(1958‬وامل��ادة (‪ )156‬من دستور مصر لسنة ‪ ،2014‬وكذلك امل��ادة (‪/58‬تاسعاً) من‬

‫(‪ ((5‬كاظم علي اجلنابي‪ ،‬سلطات رئيس الدولة التشريعية في ظل الظروف االستثنائية‪ :‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،1995 ،‬ص‪.54‬‬
‫‪(58) Wachsmann (P), «la légalité administrative est – elle en crise?», in droit, N°4, Paris,‬‬
‫‪1986, pp. 9–20.‬‬
‫(‪ ((5‬د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ((6‬نصت املادة (‪ )16‬من الدستور الفرنسي على أن لرئيس اجلمهورية سلطات واسعة في الظروف‬
‫االستثنائية شرط تعرض الدولة خلطر جسيم وحال تهدد أنظمة اجلمهورية أو استقالل الوطن‬
‫أو سالمة أراضيه أو تنفيذ تعهداته الدولية‪ ،‬إضافة إلى ذلك يجب أن يؤدي ذلك اخلطر إلى انقطاع‬
‫السلطات العامة الدستورية عن مباشرة مهماتها‪ ،‬وإلى جانب هذين الشرطني املوضوعيني ملمارسة‬
‫هذه السلطات‪ ،‬يلزم الدستور توافر شرط شكلي يتمثل بإجراء التشاور مع الوزير األول أو رؤساء‬
‫املجالس واملجلس الدستوري وإخطار الشعب بذلك‪.‬‬
‫‪Article 16 de la Constitution Française du 04 octobre 1958. Sur ce point d’analyse‬‬
‫‪voir: Beaud (O), Traité de droit constitutionnel et institutions politiques, LGDJ, Paris,‬‬
‫‪2004, pp. 171–186.‬‬

‫‪203‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫الدستور العراقي االحتادي لسنة ‪ 2005‬النافذ (‪.)61‬‬


‫في هذا املجال نشير إلى أن نطاق دراسة نظرية الظروف االستثنائية ارتبطت منذ بداية‬
‫نشأتها بالقانون اإلداري والدستوري‪ ،‬مع أن القانون املدني ‪ -‬من جهته ‪ -‬ساهم بقسط‬
‫كبير في تنظيم وتطوير أسس ونتائج هذه النظرية‪ ،‬معتبرا ً بأنه بإمكان اإلدارة ممارسة‬
‫صالحيات واسعة جدا ً خالل األوقات االستثنائية‪ ،‬قد تصل هذه الصالحيات والسلطات‬
‫إلى حد إص��دار تدابير تنظيمية ذات طابع تشريعي من أجل معاجلة األوض��اع لم يقم‬
‫املش ِّرع بتنظيمها‪ ،‬فيكون دورها في مثل هذه احلاالت إما سد الفراغ التشريعي أو عرض‬
‫التفسير املالئم للتشريع‪ ،‬وهذا ما يسمح لنا بالقول بأن القرارات اإلدارية التي تصدر‬
‫بهذا املفهوم تعتبر وتكون مصدرا ً لاللتزام باملعنى املقرر في فقه القانون املدني‪ ،‬متاما ً‬
‫ألنه في حاالت فرض الضرائب والرسوم يكون القانون مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام(‪،)62‬‬
‫أو القرارات الصادرة في شأن االستيالء املؤقت على العقار(‪ ،)63‬كما سنستشف ذلك‬
‫بالتفصيل في خضم الفرع الثاني اآلتي ذكره‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫االستيالء املؤقت على العقار تطبيقا ً للسلطات االستثنائية لإلدارة‬
‫من خالل هذا الفرع‪ ،‬سوف نحاول اإلملام مبوضوع االستيالء املؤقت على العقارات من‬
‫خالل حتديد مفهومه (أوالً)‪ ،‬بيان تأصيله القانوني (ثانياً)‪ ،‬وأخيرا ً االلتزامات الناشئة‬
‫عن القرار اإلداري املتضمن االستيالء املؤقت (ثالثاً)‪.‬‬
‫وذلك في ثالثة مقاصد أساسية وهي‪:‬‬
‫املقصد األول‪ -‬مفهوم االستيالء املؤقت على العقار‬
‫بداية يتعني علينا التوضيح بأن لالستيالء املؤقت أنواع عديدة‪ ،‬منها ما يرد على العقارات‬
‫ومنها ما يرد على املنقوالت‪ ،‬ولكن ما يهمنا أكثر في هذه الدراسة هو االستيالء املؤقت‬

‫(‪ ((6‬املادة (‪ /58‬تاسعاً) من الدستور العراقي االحتادي لسنة ‪ 2005‬النافذ‪ ،‬حيث تنص على أن‪« :‬ج‪ -‬يخول‬
‫رئيس مجلس الوزراء الصالحيات الالزمة التي متكنه من إدارة شؤون البالد خالل مدة إعالن احلرب‬
‫وحالة الطوارئ‪ ،‬وتنظم هذه الصالحيات بقانون‪ ،‬مبا ال يتعارض مع الدستور»‪.‬‬
‫‪(62) Savatier R., La théorie des obligations en droit privé économique, 4ème édition‬‬
‫‪Dalloz, Paris, 1979‚ p. 34 et s.‬‬
‫(‪ ((6‬ألن األصل في القواعد العامة تقضي بعدم حرمان أحد من ملكه ومنافعه إال للمصلحة العامة والنفع‬
‫العام مقابل تعويض عادل‪ .‬الحظ‪ :‬املادة (‪ )23‬من الدستور العراقي االحتادي لسنة (‪ )2005‬النافذ‪،‬‬
‫واملادة (‪ )1050‬من القانون املدني العراقي‪.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪204‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫على العقارات‪ ،‬والذي ع َّرفه جانب من الفقه بأنه‪« :‬إجراء إداري تقوم به اإلدارة‪ ،‬بإرادتها‬
‫املنفردة وبصفة مؤقتة‪ ،‬ولضرورات استثنائية عامة تقدرها‪ ،‬باالستيالء على العقار أو‬
‫العقارات اململوكة لقاء تعويض عادل‪ ،‬مع احتفاظ املالك مبلكه»(‪ ،)64‬في املقابل لم تأخذ‬
‫غالبية التشريعات املقارنة على عاتقها عناء تعريف هذا اإلجراء‪ ،‬بل اكتفت بالتركيز على‬
‫دواعيه وشروطه القانونية(‪ ،)65‬من أجل ضمان املوازنة بني الضرورات العملية التي‬
‫تفرض على اإلدارة اللجوء إلى تطبيق هذا اإلج��راء االستثنائي‪ ،‬واملقتضيات القانونية‬
‫املقررة في الدستور(‪ )66‬والقانون(‪ ،)67‬والتي تكرس حماية فعلية للملكية اخلاصة(‪،)68‬‬
‫وهي الفكرة التي مت تعزيزها فعالً من طرف املش ِّرع‪ ،‬من خالل تضييق نطاق تطبيق‬
‫إج��راء االستيالء املؤقت على العقارات اململوكة لألفراد‪ ،‬فقط خالل األوق��ات الطارئة‬
‫(‪)70‬‬
‫واالستثنائية‪ ،‬دون األوق��ات ال�ع��ادي��ة(‪ ،)69‬وه��ذا ما أخ��ذ به كل من امل�ش� ِّرع العراقي‬
‫والفرنسي(‪ )71‬وامل �ص��ري(‪ ،)72‬مع وج��ود بعض االختالفات بينهم‪ ،‬السيما بني قانون‬
‫االستمالك العراقي النافذ والقانون املصري رق��م ‪ 10‬لسنة ‪ 1990‬بشأن ن��زع امللكية‬
‫للمنفعة العامة‪ ،‬وهذا بخصوص عنصري املدة والتعويض كأهم عناصر إجراء االستيالء‬
‫املؤقت على العقار‪ ،‬كما سنرى ذلك الحقاً‪.‬‬

‫(‪ ((6‬نقالً عن‪ :‬د‪ .‬كالويز مصطفى إبراهيم و د‪ .‬رعد أدهم عبد احلميد‪ ،‬النطاق القانوني لسلطة اإلدارة في‬
‫االستيالء‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة كركوك‪ ،‬العراق‪،‬‬
‫املجلد الرابع‪ ،‬العدد ‪ ،2015/5/1 ،13‬ص‪.7‬‬
‫‪Chapus (R), droit administratif général, 15ème Edition, Ed Montchrestien, Paris,‬‬
‫‪2001, p. 25. Déforges (J .M), droit administratif, PUF, Paris, 1991‚ pp. 123,136.‬‬
‫(‪ ((6‬الحظ‪ :‬املادة (‪ )26‬من قانون االستمالك العراقي رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 1981‬النافذ‪ ،‬وتقاربها املادة (‪ )15‬من‬
‫القانون املصري رقم (‪ )10‬لسنة ‪ 1990‬بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة‪.‬‬
‫(‪ ((6‬الحظ‪ :‬املادة (‪ )23‬من الدستور العراقي االحتادي لسنة ‪ 2005‬النافذ‪ ،‬وتقاربها املادة (‪ )35‬من دستور‬
‫جمهورية مصر لسنة ‪ ،2014‬واملادة (‪ )21‬من دستور اإلمارات العربية املتحدة لسنة ‪ 1971‬املعدل‪،‬‬
‫واملادة (‪ )11‬من دستور األردني لسنة ‪ 1952‬املعدل‪.‬‬
‫(‪ ((6‬املادة (‪ )1050‬مدني عراقي حيث تنص على أنه‪« :‬ال يجوز أن يحرم أحد من ملكه‪ ،‬إال في األحوال‬
‫التي قررها القانون وبالطريقة التي يرسمها‪ ،‬ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل يدفع إليه مقدماً»‪،‬‬
‫وتقابلها املادة (‪ )805‬من القانون املدني املصري‪ ،‬وتقاربها املادة (‪ )1135‬من قانون املعامالت املدنية‬
‫لدولة اإلمارات العربية املتحدة واملادة (‪ )1020‬من القانون املدني األردني‪ ،‬واملادة ‪ 544‬من القانون‬
‫املدني الفرنسي‪.‬‬
‫الحظ‪ :‬املادة (‪ /26‬ثانياً) من قانون االستمالك العراقي النافذ‪.‬‬ ‫(‪((6‬‬
‫الحظ‪ :‬املادة (‪ )15‬من القانون املصري رقم (‪ )10‬لسنة ‪ 1990‬بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة‪.‬‬ ‫(‪((6‬‬
‫الحظ‪ :‬املادة (‪ /26‬أوالً) من قانون االستمالك العراقي النافذ‪.‬‬ ‫(‪((7‬‬
‫املادة (‪ )12‬من األمر رقم ‪ 1345 - 2014‬املؤرخ في ‪ 2014/11/6‬املتعلق بقانون نزع امللكية من أجل‬ ‫(‪((7‬‬
‫املنفعة العامة‪.‬‬
‫قانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 1990‬املتعلق بنزع امللكية للمنفعة العامة‪.‬‬ ‫(‪((7‬‬

‫‪205‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫املقصد الثاني‪ -‬التأصيل القانوني لالستيالء املؤقت على العقار‬


‫أقر التشريع العراقي ‪ -‬على غرار التشريعات املقارنة األخرى ‪ -‬فكرة االستيالء املؤقت‬
‫على العقار‪ ،‬وهذا مبقتضى قانون االستمالك العراقي رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 1981‬النافذ‪ ،‬السيما‬
‫املادة (‪ )26‬منه(‪ )73‬التي نصت على أنه‪« :‬لدوائر الدولة والقطاع االشتراكي في احلاالت‬
‫االستثنائية الطارئة كالفيضان أو تفشي وباء أن تقرر االستيالء املؤقت على أي عقار‬
‫مل��دة حت��دد بقرار االستيالء‪ ،‬على أال تتجاوز سنتني من تاريخ ص��دور ال�ق��رار»‪ ،‬وهذا‬
‫االستخالص التشريعي الواضح والصريح يدل على تكريس الفكرة من حيث املبدأ‪ ،‬وكذا‬
‫ربط إمكانية تطبيقها بشرطني أساسيني األول يتعلق بتحقق احلالة االستثنائية الطارئة‬
‫كالفيضان أو تفشي وباء أو غيرهما‪ ،‬والثاني تأقيت مدة االستيالء على العقار‪ ،‬وهو‬
‫املوقف الذي لم يتم التنصيص عليه صراحة ال في إطار الدستور العراقي االحتادي لسنة‬
‫‪ 2005‬النافذ‪ ،‬وال في إطار القانون املدني العراقي (الذي ُيعد الشريعة العامة لكل القوانني)‬
‫رغم أن كليهما ال ينفي الوجود احلقيقي والفعلي لفكرة االستيالء املؤقت للعقار‪ ،‬والدليل‬
‫على ذلك فحوى املادة (‪ )23‬من الدستور العراقي النافذ التي نصت على أنه‪« :‬ال يجوز نزع‬
‫امللكية إال ألغراض املنفعة العامة‪ ،‬مقابل تعويض عادل‪ ،‬وينظم ذلك بقانون»‪ ،‬وهي تدل‬
‫بأن لإلدارة احلق في نزع امللكية حتقيقا ً للمصلحة العامة بشرط ضمان تقدمي تعويض‬
‫مالي عادل لصاحب العقار‪ ،‬وباعتبار أن االستيالء املؤقت على العقار ما هو إال نزع مللكية‬
‫العقار ملدة زمنية معينة(‪ ،)74‬فهذا يقودنا للقول بأن الدستور العراقي يتبنى هذا اإلجراء‬
‫بصفة غير مباشرة‪ ،‬مبناسبة تنظيمه إلجراء نزع امللكية من أجل املنفعة العامة‪.‬‬
‫وكذلك احلال بالنسبة للقانون املدني العراقي الذي لم ينص ‪ -‬هو اآلخر ‪ -‬على االستيالء‬
‫املؤقت على العقار‪ ،‬لكنه في املقابل أق َّره بصفة ضمنية بواسطة نصوصه املختلفة املنظمة‬
‫لوسائل حماية امللكية اخلاصة‪ ،‬ومثالها املادة (‪ )1050‬منه التي نصت على أنه‪« :‬ال يجوز‬
‫أن يحرم أحد من ملكه‪ ،‬إال في األح��وال التي قررها القانون وبالطريقة التي يرسمها‪،‬‬
‫ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل يدفع إليه مقدماً»‪ ،‬وهذا يعني بأنه بإمكان اإلدارة‬
‫حرمان املالك من ملكه مبوجب إجراء االستيالء املؤقت على العقار‪ ،‬على أن يكون ذلك‬
‫مقابل منحه تعويضا ً ع��ادالً‪ ،‬وأن يتم تطبيق اإلج��راء ‪ -‬فقط ‪ -‬في إط��ار احل��االت التي‬
‫يقررها القانون‪.‬‬

‫(‪ ((7‬تقاربها املادة (‪ )15‬من القانون املصري رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 1990‬بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة‪.‬‬
‫(‪ ((7‬وهي سنتان مبوجب املادة (‪ )28‬من قانون االستمالك العراقي لسنة ‪ 1981‬النافذ‪ ،‬تبدأ املدة من تاريخ‬
‫صدور القرار باالستيالء على العقار‪.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪206‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫املقصد الثالث‪ -‬االلتزامات الناشئة عن القرار اإلداري باالستيالء املؤقت على‬


‫العقارات‬
‫ُيكيَّف ق��رار االستيالء املؤقت على العقار بأنه ق��رار إداري منشئ اللتزامات متقابلة‪،‬‬
‫تقع على عاتق كل من اإلدارة ومالك العقار‪ ،‬ولكنه ‪ -‬باملقابل ‪ -‬ال ينشئ حقوقا ً عينية‪،‬‬
‫وهو األمر الذي دفع املش ِّرع املصري إلى تشبيه العالقة التي تربط اإلدارة مبالك العقار‪،‬‬
‫بالعالقة بني املؤجر واملستأجر‪ ،‬السيما من حيث اآلثار‪ ،‬بالرغم من االختالف اجلوهري‬
‫بينهما من حيث املصدر‪ ،‬حيث إن عقد اإليجار يستمد مصدره من العقد‪ ،‬في حني أن‬
‫مصدر االستيالء املؤقت على العقار هو القرار اإلداري الصادر بهذا اخلصوص(‪،)75‬‬
‫وهو االجتاه الذي خالفه املش ِّرع العراقي بعض الشيء‪ ،‬معتبرا ً أن عناصر التمايز بني‬
‫اإليجار واالستيالء املؤقت واضحة ومحققة ليس فقط على مستوى املصدر‪ ،‬ولكن‬
‫على مستوى النتائج واآلثار املترتبة على كل منهما‪ ،‬وهذا ما سوف نحاول اإلملام به في‬
‫فقرتني كاآلتي‪:‬‬
‫أوالً‪ -‬التزامات اإلدارة‬
‫ُيرتب القرار اإلداري املتضمن االستيالء املؤقت على العقار‪ ،‬جملة من االلتزامات على‬
‫عاتق اإلدارة تشمل ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬التزام اإلدارة بتعويض مالك العقار املستولى عليه‪ ،‬عن عدم انتفاعه بالعقار طيلة‬
‫مدة االستيالء(‪ ،)76‬وقد أطلق جانب من الفقه على هذا االلتزام تسمية االلتزام‬
‫اإلداري بدفع أج� ��رة(‪ ،)77‬وه��ي تسمية غير صحيحة ف��ي نظرنا‪ ،‬فعلى الرغم‬
‫من التشابه الكبير في االلتزامات الناشئة عن كل من القرار اإلداري املتضمن‬
‫االستيالء املؤقت على العقار وعقد اإليجار‪ ،‬إال أن التزام املستأجر بدفع األجرة‬

‫(‪ ((7‬إن املادة (‪ )2/6‬من القانون املصري رقم ‪ 49‬لسنة ‪ 1977‬بشأن إيجار األماكن تنص على أنه‪« :‬تعتبر‬
‫األماكن الصادر في شأنها قرارات استيالء لشغلها مؤجرة إلى اجلهات التي مت االستيالء لصاحلها»‪،‬‬
‫الحظ‪ :‬د‪.‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،557‬وال مقابل لهذا النص في القانون العراقي‪.‬‬
‫(‪ ((7‬الحظ‪ :‬املادة (‪ )15‬من القانون املصري رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 1990‬بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة‪ ،‬وكذلك‬
‫املادة (‪ )445‬من القانون املدني الفرنسي (املعدل واملتمم)‪ ،‬لكن في املقابل ُيالحظ أن قانون االستمالك‬
‫العراقي رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 1981‬النافذ لم يتناول موضوع تعويض مالك العقار املستولى عليه مقابل عدم‬
‫انتفاعه بالعقار طيلة مدة االستيالء‪ ،‬وموقف املشرع العراقي بهذا اخلصوص منتقد ويعد هذا نقصا ً‬
‫في القانون ال بد من تالفيه؛ ألن األصل في القواعد العامة تقضي بعدم حرمان أحد من ملكه ومنافعه‬
‫إال للمصلحة العامة والنفع العام مقابل تعويض عادل‪ .‬الحظ‪ :‬املادة (‪ )23‬من الدستور العراقي‬
‫االحتادي لسنة (‪ )2005‬النافذ‪ ،‬واملادة (‪ )1050‬من القانون املدني العراقي‪.‬‬
‫(‪ ((7‬د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.557‬‬

‫‪207‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫يختلف متاما ً عن التزام اإلدارة بدفع التعويض عن عدم انتفاع مالك العقار مبلكه‬
‫طيلة فترة االستيالء‪ ،‬ولهذا االختالف عدة أوجه‪ ،‬أوالً‪ :‬اختالف من حيث املصدر‪،‬‬
‫إذ إن التزام اإلدارة بدفع التعويض مصدره القرار اإلداري باالستيالء املؤقت‬
‫على العقار‪ ،‬في حني التزام املستأجر بدفع األجرة مصدره عقد اإليجار‪ ،‬ثانياً‪:‬‬
‫اختالف من حيث املقابل املالي‪ ،‬إذ إن مقدار األجرة يتم حتديدها باتفاق املتعاقدين‬
‫(املؤجر واملستأجر)‪ ،‬وفي احلاالت التي يغفل فيها املتعاقدان حتديد هذه األجرة‬
‫أو يتعذر عليهما حتديدها يلتزم املستأجر بدفع أجرة املثل(‪ ،)78‬في حني أن مبلغ‬
‫التعويض الذي يتعني على اإلدارة دفعه ملالك العقار عن فترة عدم انتفاعه بالعقار‬
‫املستولى عليه(‪ )79‬يتم تقديره من قبل جلنة خاصة تُش َّكل لهذا الغرض(‪ ،)80‬ثالثا ً‬
‫وأخ �ي��راً‪ :‬يتقادم دي��ن األج��رة بخمس سنوات يبدأ حسابها من تاريخ وجوب‬
‫أدائ��ه على املدين‪ ،‬باعتبار األج��رة من الديون الدورية املتجددة(‪ ،)81‬في حني أن‬
‫دعوى التعويض عن احلرمان من حق امللكية‪ ،‬ومنها التعويض عن قرار اإلدارة‬
‫باالستيالء املؤقت على العقار تسقط بانقضاء مدة التقادم الطويل‪ ،‬وهو ما أكده‬
‫مجلس الدولة الفرنسي في عدة قرارات له(‪ ،)82‬قبل أن يتم تكريسه أيضا ً من طرف‬
‫محكمة النقض املصرية(‪.)83‬‬
‫‪ .2‬التزام اإلدارة باحملافظة على العقار املستولى عليه وتعويض مالك العقار عما‬

‫الحظ‪ :‬املادة (‪ )738‬مدني عراقي‪ ،‬وتقابلها املادة (‪ )562‬من القانون املدني املصري‪ ،‬غير أن بعض‬ ‫(‪((7‬‬
‫القوانني املدنية اتخذت موقفا ً مغايراً‪ ،‬ويشترط أن تكون األجرة معلومة‪ ،‬وإذا كانت األجرة مجهولة‬
‫جاز فسخ اإلجارة‪ ،‬الحظ‪ :‬املادة (‪ )748‬من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية املتحدة‬
‫واملادتني (‪ )663‬و(‪ )664‬من القانون املدني األردني‪.‬‬
‫الحظ‪ :‬املادة (‪ )15‬من القانون املصري رقم (‪ )10‬لسنة ‪ 1990‬بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة‪.‬‬ ‫(‪((7‬‬
‫الحظ‪ :‬املادة (‪ )6‬من القانون املصري رقم (‪ )10‬لسنة ‪ 1990‬بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة‪.‬‬ ‫(‪((8‬‬
‫الحظ‪ :‬املادة (‪ )1 /430‬مدني عراقي‪ ،‬وتقابلها املادة (‪ )1/375‬من القانون املدني املصري‪ ،‬وتقاربها‬ ‫(‪((8‬‬
‫املادة (‪ )474‬من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية‪ ،‬واملادة (‪/445‬فقرة ثانية) من التقنني‬
‫املدني الفرنسي‪ ،‬واملادة (‪/9‬فقرة ‪ )1‬من القانون الفرنسي املتعلق بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة‬
‫املعدل بواسطة األمر رقم ‪( 2014 - 1345‬السابق ذكره)‪.‬‬
‫‪(82) Conseil d´Etat, Assemblée, 30 mars 1966, Département administratif territorial‬‬
‫‪d’Orléans: Rec. tables, p. 757 et 995 requête numéro 50515; AJDA 1966, p. 350,‬‬
‫‪chronique, Puissoche et Lecat; D, 1966, p. 582 note Madrague; JCP 1967, 150, note‬‬
‫‪Dehaussy; RDP 1966, p.774, conclusion Bernard p. 995, note Waline. -V. sur ces‬‬
‫‪questions infra p.643 s.).. Rec. p. 138; RDP 1947, p. 95, note Waline; S. 1947, III,‬‬
‫‪p. 89, conclusion Celier.‬‬
‫(‪ ((8‬الحظ‪ :‬الطعن رقم ‪ 2650‬لسنة ‪59‬ق‪ ،‬جلسة ‪ ،1994/12/27‬أشار إليه‪ :‬د‪ .‬صبري محمد السنوسي‬
‫محمد‪ ،‬أحكام التقادم في مجال القانون العام‪ ،‬مطبوعات جامعة الكويت‪ ،2005 ،‬ص‪.210‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪208‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫أصابه من ضرر بسبب االستيالء املؤقت(‪.)84‬‬


‫‪ .3‬عند انتهاء مدة االستيالء تلتزم اإلدارة برد العقار املستولى عليه إلى مالكه(‪،)85‬‬
‫بحالته األصلية نفسها‪ ،‬أي احلالة التي ك��ان عليها قبل االستيالء‪ ،‬وإال عدت‬
‫(‪)87‬‬
‫غاصبة للعقار ومعتدية على حق امللكية(‪ )86‬التي حتظى بحماية كل من الدستور‬
‫والقانون(‪ ،)88‬وهو االجتاه الذي تبناه املش ِّرع العراقي‪ ،‬مضيفا ً بأنه إذا كان الغرض‬
‫من االستيالء مازال موجودا ً وقائما ً بعد انتهاء مدته جاز لإلدارة طلب استمالكه‪،‬‬
‫فإذا لم تبد هذه األخيرة رغبتها في متلك العقار‪ ،‬جاز ملالكه أن يطلب من احملكمة‬
‫محل العقار استرداده أو متليكه إلى اإلدارة املستولية على العقار‪ ،‬مقابل منحه‬
‫تعويضا ً عادالً(‪.)89‬‬
‫ثانياً‪ -‬التزامات مالك العقار‬
‫في مقابل االلتزامات التي يضعها القرار اإلداري على عاتق اإلدارة املستولية على العقار‪،‬‬
‫يتعهد مالك العقار املستولى عليه بتنفيذ جملة من االلتزامات حيال اإلدارة‪ ،‬تشمل ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬التزام مالك العقار املستولى عليه بإخالء العقار وتسليمه إلى اإلدارة(‪.)90‬‬
‫الحظ‪ :‬املادة (‪ /27‬ثانياً) من قانون االستمالك العراقي النافذ‪ ،‬واملادة (‪ )16‬من القانون املصري رقم‬ ‫(‪((8‬‬
‫‪ 10‬لسنة ‪ 1990‬بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة‪.‬‬
‫حدد قانون االستمالك العراقي رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 1981‬النافذ في املادة (‪ )26‬منه مدة االستمالك املؤقت‬ ‫(‪((8‬‬
‫على العقار بسنتني من تاريخ نشر القرار‪ ،‬أما القانون املصري رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 1990‬بشأن نزع امللكية‬
‫للمنفعة العامة‪ ،‬فقد حدد هذه املدة في املادة (‪ )16‬منه بانتهاء الغرض املستولى عليه من أجله أو بثالث‬
‫سنوات من تاريخ االستيالء الفعلي أيهما أقرب‪.‬‬
‫الحظ‪ :‬املادة (‪ /27‬أوالً) من قانون االستمالك العراقي النافذ‪ ،‬واملادة (‪ )16‬من القانون املصري رقم ‪10‬‬ ‫(‪((8‬‬
‫لسنة ‪ 1990‬بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة‪.‬‬
‫الحظ‪ :‬املادة (‪ )23‬من الدستور العراقي االحتادي لسنة ‪ ،2005‬وتقاربها املادة (‪ )35‬من دستور‬ ‫(‪((8‬‬
‫جمهورية مصر العربية لسنة ‪ ،2014‬واملادة (‪ )21‬من دستور اإلمارات العربية املتحدة لسنة ‪1971‬‬
‫املعدل‪ ،‬واملادة (‪ )11‬من الدستور األردني لسنة ‪ 1952‬املعدل‪.‬‬
‫الحظ‪ :‬املادة (‪ )1050‬مدني عراقي‪ ،‬وتقابلها املادة (‪ )805‬من القانون املدني املصري‪ ،‬وتقاربها املادة‬ ‫(‪((8‬‬
‫(‪ )1135‬من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية‪.‬‬
‫محمد طه البشير ود‪ .‬غني حسون طه‪ ،‬احلقوق العينية ‪ -‬القسم األول‪ ،‬احلقوق العينية األصلية‪،‬‬ ‫(‪((8‬‬
‫مطبعة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬بغداد‪ ،1982 ،‬ص‪.67‬‬
‫الحظ‪ :‬كل من املادة (‪ )12‬من القانون الفرنسي املتعلق بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة (السابق‬ ‫(‪((9‬‬
‫ذكره) واملادة (‪ )14‬من القانون املصري رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 1990‬بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة‪ ،‬وبالرغم‬
‫من أن املشرع العراقي لم يشر إلى هذا االلتزام بنص صريح‪ ،‬إال أنه باإلمكان أن نستدل عليه من نص‬
‫املادة (‪ )16‬من قانون االستمالك النافذ الذي خول اإلدارة في احلاالت االستثنائية الطارئة إصدار قرار‬
‫االستيالء املؤقت على أي عقار‪ ،‬وفي حالة صدور هذا القرار ليس بإمكان مالك العقار املستولى عليه‬
‫االمتناع عن تسليمه لإلدارة‪.‬‬

‫‪209‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫‪ .2‬التزام مالك العقار بصيانة العقار املستولى عليه‪ ،‬وهذا في حال حدوث أي خلل‬
‫في العقار من شأنه أن يؤدي إلى اختالل في املنفعة املقصودة منه‪ ،‬وهو التزام‬
‫لم تنص عليه غالبية التشريعات املقارنة‪ ،‬السيما التشريعني العراقي واملصري‪،‬‬
‫لكن يستدل عليه بالرجوع إلى القواعد العامة املنصوص عليها في القانون املدني‪،‬‬
‫والتي تقضي بأن اإلدارة تدفع مقابالً ملالك العقار نظير انتفاعها بالعقار‪ ،‬ولهذا‬
‫يكون من حقها أن تطالبه بإصالح ما يحدث من خلل أو اضطراب في االنتفاع‬
‫به‪.‬‬
‫‪ .3‬التزام مالك العقار املستولى عليه بالضمان‪ ،‬كما ذكرنا ذلك سابقا ً عند التطرق إلى‬
‫التزامات اإلدارة‪ ،‬فإن األخيرة ملزمة بدفع تعويض عادل للمالك‪ ،‬مقابل انتفاعها‬
‫بالعقار طيلة مدة االستيالء املؤقت عليه‪ ،‬وهذا يعني ‪ -‬وفقا ً للقواعد العامة املقررة‬
‫في القانون املدني ‪ -‬إقرار التزام املالك بضمان حق اإلدارة في االنتفاع بالعقار‬
‫املستولى عليه‪ ،‬وه��و االجت��اه التشريعي الراجح في الوقت احلاضر‪ ،‬بخالف‬
‫املشرع العراقي الذي قصر التزام مالك العقار املستولى عليه في حدود تسليم‬
‫العقار إلى اإلدارة فقط‪ ،‬دون االلتزام بصيانته أو ضمانه‪ ،‬ومرجع ذلك أن قانون‬
‫االستمالك العراقي ال مينح مالك العقار أي حق في احلصول على تعويض مقابل‬
‫عدم انتفاعه بالعقار طيلة مدة االستيالء املؤقت على العقار (كما أشرنا إلى ذلك)‪،‬‬
‫وبالتالي فإن إلزامه بالصيانة والضمان يعتبر مجحفا ً جدا ً وغير منطقي‪.‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫نظرية فعل األمير‬
‫من املبادئ املستقرة في القانون اخلاص قاعدة (العقد شريعة املتعاقدين)‪ ،‬والتي تعني أنه‬
‫على املتعاقدين تنفيذ العقد طبقا ً ملا اشتمل عليه‪ ،‬وبطريقة تتفق مع ما يوجبه مبدأ حسن‬
‫النية‪ ،‬ومن ثم ال يجوز ألي منهما التحلل من التزاماته بصورة منفردة‪ ،‬أو تعديل العقد‬
‫أو نقضه إال باتفاق مع املتعاقد اآلخر‪ ،‬وهي القاعدة املكرسة أيضا ً في إطار العقد اإلداري‬
‫الذي يستمد أسسه وقواعده من أحكام العقد املدني‪ ،‬بغض النظر عن بعض اخلصائص‬
‫اخلاصة التي يتميز بها العقد اإلداري دون العقد املدني‪ ،‬السيما خاصية عدم مساواة‬
‫وتكافؤ مركز املتعاقد مع مركز اإلدارة املتعاقدة منه‪ ،‬بحكم تفاوت األهداف التي يسعى‬
‫إليها كل منهما‪ ،‬فاإلدارة تستهدف حتقيق مصلحة عليا هي املصلحة العامة‪ ،‬ولذلك تُعطى‬
‫لها األفضلية واألولوية على حساب مصلحة املتعاقد اخلاصة واملتمثلة في حتقيق الربح‪،‬‬
‫وتبعا ً لذلك يكون بإمكان اإلدارة التحلل من التقيد بقاعدة العقد شريعة املتعاقدين‪ ،‬من‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪210‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫خالل تعديل العقد اإلداري بإرادتها املنفردة‪ ،‬دون حاجة لطلب موافقة الطرف املتعاقد‬
‫معها‪ ،‬ودون حاجة للجوء إلى القضاء كما هو احلال بالنسبة للعقود املدنية املبرمة بني‬
‫األفراد‪ ،‬لكن سلطة اإلدارة في تعديل العقد ليست مطلقة‪ ،‬بل مقيدة بإعادة التوازن املالي‬
‫للعقد‪ ،‬من خالل تعويض املتعاقد على األعباء اجلديدة التي تكبدها بسبب تعديل العقد‪،‬‬
‫وهي الفكرة التي تستمد مرجعها من نظرية عريقة ذات أصول قضائية هي نظرية فعل‬
‫األمير‪ ،‬التي سوف نحاول اإلحاطة بها من خالل دراسة فكرتني رئيسيتني وهما مفهوم‬
‫نظرية فعل األمير (الفرع األول)‪ ،‬ودور القرار اإلداري بوصفه مصدرا ً لاللتزام على‬
‫طرفي العقد اإلداري (الفرع الثاني)‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫الفرع األول‬
‫مفهوم نظرية فعل األمير‬
‫سنتناول مفهوم نظرية فعل األمير من خالل التطرق إلى مضمون نظرية فعل األمير‬
‫أوالً‪ ،‬وبيان أساس التعديل االنفرادي للعقد اإلداري ثانياً‪ ،‬وذلك في مقصدين كاآلتي‪:‬‬
‫املقصد األول‪ -‬مضمون نظرية فعل األمير‬
‫ُيقصد بفعل األمير اإلج��راءات واألعمال الصادرة من اجلهة اإلداري��ة املتعاقدة‪ ،‬والتي‬
‫من شأنها أن تؤدي إلى زيادة أعباء املتعاقد عما هو محدد في العقد‪ ،‬ولهذا تلتزم اإلدارة‬
‫بتعويض املتعاقد معها عن األض��رار التي حلقت به ج��راء ذل��ك(‪ ،)91‬كما عرفت محكمة‬
‫القضاء اإلداري في مصر هذه النظرية بقولها‪ ...« :‬إن املقصود بنظرية فعل األمير هو كل‬
‫إجراء تتخذه السلطة العامة ويكون من شأنه زيادة األعباء املالية للمتعاقد مع اإلدارة أو‬
‫في االلتزامات التي ينص عليها العقد‪ ،‬وهو ما يطلق عليه باملخاطر اإلدارية»(‪.)92‬‬
‫في هذا الصدد نشير بأن القاعدة العامة تقتضي لزوم العقد لعاقديه‪ ،‬وعدم جواز نقضه‬
‫أو تعديله إال مبوافقة أطرافه(‪ ،)93‬أو باإلرادة املنفردة ألحد أطرافه استنادا ً إلى نص في‬

‫(‪ ((9‬د‪ .‬محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬أعمال السلطة اإلدارية (القرار اإلداري‪ ،‬العقد اإلداري)‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬دون سنة نشر‪ ،‬ص‪.466‬‬
‫‪Voir aussi: Richer (L.), Le contrat de mandat au risque du droit administratif, CJEG,‬‬
‫‪Paris, 1999, p.127. Weil (P.), Le critère du contrat administratif en crise, Mélanges‬‬
‫‪Waline, Paris, p. 847.‬‬
‫(‪ ((9‬حكم محكمة القضاء اإلداري في ‪ ،1957/6/30‬املبادئ التي قررتها احملكمة اإلدارية العليا‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.607‬‬
‫(‪ ((9‬الحظ‪ :‬املادة (‪ )1/146‬مدني عراقي‪ ،‬و ُتقاربها املادة (‪ )267‬من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات‬
‫العربية املتحدة واملادة (‪ )1/147‬من القانون املدني املصري‪.‬‬

‫‪211‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫القانون(‪ ،)94‬وهذا األمر ُيعد منطقيا ً بالنسبة للعقود العادية التي يبرمها األفراد فيما بينهم‪،‬‬
‫والتي تفترض مساواتهم وتكافؤهم في املراكز العقدية والقانونية‪ .‬أما بالنسبة للعقود‬
‫اإلدارية فإن تعميم تطبيق هذه القاعدة عليها أيضا ً من شأنه أن يؤدي إلى حصول عدة‬
‫إشكاالت عملية‪ ،‬أهمها تعطيل أحد أهم املبادئ في القانون اإلداري وهو مبدأ استمرارية‬
‫املرفق العام‪ ،‬الذي يرتبط بفكرة ضمان نشاطات املصلحة العامة بصفة دائمة ومنتظمة‪،‬‬
‫والذي بدوره ميثل املرجع األساسي لكل السلطات االستثنائية التي تتمتع بها اإلدارة‬
‫العامة(‪ ،)95‬لذلك كان من الضروري منح اإلدارة مركزا ً تعاقديا ً أسمى مقارنة مع مركز‬
‫الطرف املتعاقد معها‪ ،‬مينحها احلق في تعديل العقد بصفة منفردة ‪ -‬بواسطة قرارات‬
‫إدارية منفصلة ‪ -‬متى وجدت ضرورة لذلك تفرضها املصلحة العامة‪.‬‬
‫لكن هذه التعديالت من شأنها أن تؤدي إلى إرهاق املتعاقد مادياً‪ ،‬بسبب زيادة األعباء‬

‫(‪ ((9‬أعطت املادة (‪ )2/146‬مدني عراقي للمحكمة سلطة تعديل العقد في حالة الظروف االستثنائية الطارئة‬
‫التي جتعل تنفيذ العقد أمرا ً مرهقا ً للمدين‪ ،‬وأجازت للمحكمة بعد املوازنة بني مصلحة الطرفني أن‬
‫تنقص االلتزام املدين املرهق إلى احلد املعقول‪ ،‬و ُتقابلها املادة (‪ )2/147‬مدني مصري واملادة (‪)249‬‬
‫من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬واملادة (‪ )205‬من القانون املدني األردني‪،‬‬
‫وكذلك أعطت املادة (‪ )2/167‬مدني عراقي للمحكمة سلطة تعديل عقد إذا مت بطريق اإلذعان وتضمن‬
‫شروطا ً تعسفية‪ ،‬و ُتقابلها املادة (‪ )248‬من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية املتحدة‪،‬‬
‫واملادة (‪ )149‬مدني مصري‪ ،‬واملادة (‪ )204‬من القانون املدني األردني‪.‬‬
‫‪(95) Sur ce point d’analyse voir: Amselek (P.), Une méthode peu usuelle d’identification‬‬
‫‪des contrats administratifs: l’identification directe, Revue Administrative, Presses‬‬
‫‪Universitaires de France (PUF), Paris, 1973, p. 633. Elisabeth (A.) et Raynaud (J.),‬‬
‫‪Regards dubitatifs de juristes de droit privé sur la clause exorbitante: Mélanges,‬‬
‫‪Guibal, Presses de la Faculté de Droit de Montpellier, France, 2006, t. 1, p. 783.‬‬
‫‪Fardet (C.), La clause exorbitante et la réalisation de l’intérêt général, AJDA,‬‬
‫‪Paris, 2000, p.115. Haïm (V.), Le choix du juge dans le contentieux des contrats‬‬
‫‪administratifs, AJDA, Paris, 1992, p. 315. Macagno (F.), Le Grenelle II et la nature‬‬
‫‪administrative des contrats d’achat d’électricité: Contrats-marchés publié, 2011,‬‬
‫‪étude 1. Ménéménis (A.), Contentieux des contrats, AJDA, Paris, 2011, p. 308.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪212‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫املالية امللقاة على كاهله‪ ،‬وهو ما ميثل إخ�لاالً مببدأ التوازن املالي للعقد(‪ ،)96‬لذلك كان‬
‫من الضروري حماية حقوق املتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬من خالل حتميل هذه األخيرة على‬
‫تعويضه جلبر الضرر الالحق به نتيجة املساس بالتوازن املالي للعقد‪ ،‬وهنا نضيف بأن‬
‫فكرة حماية التوازن املالي للعقد ملصلحة املتعاقد ال ترتبط أبدا ً بخطأ اإلدارة أو ‪ -‬من باب‬
‫أولى ‪ -‬بخطأ املتعاقد‪ ،‬وإمنا مرجعها ضرورة املوازنة بني مصلحتني متقابلتني‪ ،‬املصلحة‬
‫العامة لإلدارة ومصلحة املتعاقد في حتقيق الربح(‪.)97‬‬
‫ونظرا ً ملرونة نظرية فعل األمير‪ ،‬فقد عمد الفقه والقضاء اإلداريني إلى تنظيمها وضبطها‬
‫مبجموعة من الشروط تشمل ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬ترتبط نظرية فعل األمير فقط بالعقود اإلداري��ة‪ ،‬ويتم تطبيقها فقط باملنازعات‬
‫املتعلقة بهذه العقود‪ ،‬في املقابل ال ميكن متديد تطبيقها في إطار العقود العادية أو‬
‫إدراجها في خضم منازعات العقود العادية‪.‬‬
‫‪ .2‬يجب أن يكون اإلجراء الضار باملتعاقد مع اإلدارة صادرا ً من جهة اإلدارة املتعاقدة‬
‫معه‪ ،‬ويستوي في ذلك أن يكون مثل هذا اإلجراء صادرا ً في مجال الضبط اإلداري‬
‫أو في مجال تنظيم املرافق العامة‪ ،‬كما يستوي في ذلك أيضا ً أن يكون اإلجراء‬

‫(‪ ((9‬يختلف مفهوم التوازن املالي للعقد اإلداري عن التوازن االقتصادي للعقد‪ ،‬فاألول يعطي املتعاقد‬
‫حق املطالبة بتعويض كامل ملا يتحمله املتعاقد من أعباء مالية نتيجة لتعديل العقد من قبل اإلدارة‪،‬‬
‫أما التوازن االقتصادي فهو فكرة عامة تطبق على العقود املدنية والتجارية واإلدارية على حد سواء‪،‬‬
‫في حني جند أن فكرة التوازن املالي تقتصر على العقد اإلداري‪ ،‬فضالً عن أن فكرة التوازن املالي‬
‫تعد جتسيدا ً لفكرة العدالة التي أقيمت على أساسها نظرية عمل األمير‪ ،‬وهي متنح املتعاقد احلق في‬
‫مطالبة اإلدارة بتعويض كامل‪ ،‬في حني تعد فكرة التوازن االقتصادي أيضاً جتسيداً لفكرة العدالة‪ ،‬إال‬
‫أنه يؤخذ بها في حاالت االستغالل‪ ،‬الغنب مع التغرير‪ ،‬اإلذعان والظروف الطارئة‪ ،‬فضالً عن ذلك فإن‬
‫فكرة التوازن املالي تهدف إلى تعويض املتعاقد‪ ،‬في حني تهدف فكرة التوازن االقتصادي إلى إعادة‬
‫التوازن االقتصادي املختل إلى سابق عهده‪ .‬الحظ‪ :‬د‪ .‬فؤاد نصر الله عوض‪ ،‬سلطة اإلدارة (صاحبة‬
‫املناقصة) في تعديل العقود اإلدارية وحق املتعاقد معها في توفير الضمانات املالية له‪ ،‬مجلة البحوث‬
‫القانونية واالقتصادية‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة املنصورة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬العدد‬
‫اخلامس واخلمسون‪ ،‬أبريل‪ ،2014 ،‬ص‪.408-407‬‬
‫‪Voir également: Antoine (J.), La mutabilité contractuelle née de faits nouveaux‬‬
‫‪extérieurs aux parties: RFDA, Paris, 2004, p. 80. Delvolvé (P.), Les nouveaux‬‬
‫‪pouvoirs du juge administratif dans le contentieux des contrats, Mélanges Perrot,‬‬
‫‪Dalloz, Paris, 1996, p. 83. Eckert (G.), Les pouvoirs de l’Administration dans‬‬
‫‪l’exécution du contrat et la théorie générale des contrats administratifs, Contrats-‬‬
‫‪Marchés publié en 2010, étude 9.‬‬
‫(‪ ((9‬د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلداري‪ ،‬منشورات احللبي احلقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص‪.539‬‬

‫‪213‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫الضار صادرا ً في صورة إجراء عام أو خاص‪ ،‬أو في صورة تصرف إيجابي من‬
‫اإلدارة املتعاقدة بإصدار قرار معني‪ ،‬أو في صورة تصرف سلبي باالمتناع عن‬
‫تطبيق القوانني أو األنظمة (اللوائح)‪ ،‬إذا ترتب على ذلك أعباء جديدة على املتعاقد‬
‫معها(‪.)98‬‬
‫‪ .3‬أن يكون اإلجراء الضار غير متوقع حصوله وقت إبرام العقد‪ ،‬فإذا كان اإلجراء‬
‫الضار متوقعا ً من املتعاقد أو مفترضا ً حصوله بحكم ظروف الواقع أو من السهل‬
‫التنبؤ بحدوثه‪ ،‬زال حق املتعاقد في مطالبة اإلدارة بالتعويض وفقا ً لنظرية فعل‬
‫عمل األمير‪.‬‬
‫‪ُ .4‬يشترط لتطبيق نظرية فعل األمير عدم وقوع خطأ من اإلدارة‪ ،‬حيث يفترض أن‬
‫تكون اإلجراءات التي اتخذتها اإلدارة املتعاقدة بشأن تنفيذ التزاماتها التعاقدية‬
‫إجراءات سليمة من الناحية القانونية وفي حدود سلطاتها‪.‬‬
‫‪ .5‬يشترط لتطبيق نظرية فعل األمير أن يترتب على اإلج��راء الضار الصادر عن‬
‫اإلدارة املتعاقدة ضرر فعلي للمتعاقد معها‪ ،‬وأن يكون مؤكدا ً ومباشرا ً دون أن‬
‫يشترط في هذا الضرر درجة معينة من اجلسامة‪ ،‬فقد يكون هذا الضرر جسيما ً‬
‫أو يسيرا ً أو مجرد نقص في األرباح التي أسس عليها املتعاقد مقابله املالي‪.‬‬
‫في األخير نستخلص بأن االعتراف لإلدارة بسلطة تعديل شروط العقد بزيادة أو إنقاص‬
‫التزامات املتعاقد معها بإرادتها املنفردة‪ ،‬البد أن يقابله من جانب آخر حق املتعاقد في‬
‫احلصول على تعويض ع��ادل‪ ،‬يالئم ال��زي��ادة احلاصلة في التزاماته‪ ،‬طاملا أن العدالة‬
‫تقتضي أن حتقق العقود اإلدارية توازنا ً بني األعباء التي يتحملها املتعاقد واملزايا التي‬
‫ينتفع بها‪ ،‬ولعل هذه الفكرة ‪ -‬بدورها ‪ -‬تقودنا إلى بحث املعيار القانوني الذي كان وراء‬
‫التعديل اإلداري للعقد أي القرار اإلداري املنفصل املتعلق بتنفيذ العقد‪ ،‬وال��ذي سوف‬
‫نتناوله في املقصد الثاني‪.‬‬
‫املقصد الثاني‪ -‬أساس التعديل االنفرادي للعقد اإلداري‬
‫كما أشرنا إلى ذلك سابقاً‪ ،‬تُعتبر نظرية فعل األمير نظرية قضائية املنشأ‪ ،‬حيث يرجع‬
‫الفضل في ظهورها وبلورتها بالشكل الذي نعرفه اليوم‪ ،‬إلى جهود مستشاري مجلس‬

‫(‪ ((9‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.543‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪214‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫الدولة الفرنسي(‪ ،)99‬أما بالنسبة للتشريع والفقه اإلداريني فلم يسهما إال بقدر قليل جدا ً‬
‫في تطوير األبعاد املوضوعية للنظرية‪ ،‬لذلك نرى بأنه من الضروري العودة إلى القواعد‬
‫العامة املقررة في القانون املدني من أجل معرفة مدى إمكانية تطبيق هذه النظرية في‬
‫ضوء القانون املدني‪ ،‬والسيما القانون املدني العراقي‪.‬‬
‫تاريخيا ً عرف املبدأ التقليدي في القواعد العامة املعروف بـ (العقد شريعة املتعاقدين)‬
‫فترة طويلة من الشهرة والقدسية‪ ،‬خصوصا ً عند أنصار مبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬لكن هذه‬
‫األهمية سرعان ما تالشت وضعفت بسبب التدخالت املتزايدة للمش ِّرع‪ ،‬مبناسبة تنظيمه‬
‫للمعامالت التعاقدية‪ ،‬والتي على إثرها ظهرت أصناف جديدة من العقود ُيطلق عليها‬
‫العقود املوجهة(‪ ،)100‬مبوجبها يمُ كن للمش ِّرع التدخل بصفة غير مباشرة لتعديل مضمون‬
‫العقد‪ ،‬وهو ما نصت عليه ‪ -‬على سبيل املثال ‪ -‬املادة (‪ )2/146‬من القانون املدني العراقي‬
‫بخصوص دور املشرع في تعديل آثار العقد طبقا ً ملا يسمى بنظرية الظروف الطارئة‪ ،‬التي‬
‫متثل خروجا ً عن مبدأ القوة امللزمة للعقد‪ ،‬بحكم تنصيصها على إمكانية تعديل مضمون‬
‫العقد‪ ،‬ليس استنادا ً إلى اإلرادة املشتركة للمتعاقدين‪ ،‬ولكن عن طريق التحديد التشريعي‬
‫غير املباشر‪ ،‬الذي يقتضي رد االلتزام الذي أصبح مرهقا ً بسبب الظرف الطارئ‪ ،‬إلى‬
‫حده املعقول‪ ،‬بغية إعادة التوازن املالي للعقد‪ ،‬وبذلك حقق املش ِّرع العراقي التوازن بني‬
‫إط�لاق مبدأ (العقد شريعة املتعاقدين) وبني ضمان التدخل غير املباشر للمش ِّرع في‬
‫مجال تعديل مضمون العقد‪ ،‬من أجل حتقيق التكافؤ بني حقوق والتزامات كال طرفي‬
‫العقد‪ ،‬وهنا نشير بأن القانون املدني العراقي لم ينص صراحة على تخويل اإلدارة حق‬

‫‪(99) CE, Ass., 17 juin 1932, Ville de Castelnaudary, Rec. p.595, CE 1er avril 1964, Ville‬‬
‫;‪de Menton, Rec. p.176, CE 29 décembre 1947, Commune d’Ostricourt, n°170606‬‬
‫‪CE 8 mars 1955, Préfecture de Loire, Rec. p.73; voir sur ce point: Emmanuel‬‬
‫‪Glaser, conclusions sur CE, Ass., 28 décembre 1969, Commune de Béziers,‬‬
‫‪Rec. p.509, p.5. Benoît Plessix, «La théorie des vices du consentement dans les‬‬
‫‪contrats administratifs», RFDA, Paris, 2006, p.12. Voir sur ce point: Emmanuel‬‬
‫‪Glaser, conclusions, précitées, p.78. Benoit (F.-P), De l’inexistence d’un pouvoir‬‬
‫‪de modification unilatérale dans les contrats administratifs, JCPG, Paris, 1963, I,‬‬
‫‪p.1775. Brenet (F.), La théorie du contrat administratif: Evolutions récentes, AJDA,‬‬
‫‪Paris, 2003, p.919. Dantonel-Cor (N.), Le critère de la clause exorbitante - un Janus‬‬
‫‪à deux visages, JCPA, Paris, 2008, p.2047. De Laubadere (A.), Du pouvoir de‬‬
‫‪l’administration d’imposer unilatéralement des changements aux dispositions des‬‬
‫‪contrats administratifs, RDP, Paris, 1954, p. 36.‬‬
‫(‪ ((10‬د‪ .‬عبد العزيز املرسي‪ ،‬نظرية إنقاص التصرف القانوني في القانون املصري‪ ،‬دار الشمس للطباعة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،2006 ،‬ص‪.58‬‬

‫‪215‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫التعديل االنفرادي ملضمون العقد اإلداري‪ ،‬بواسطة القرارات اإلدارية املنفصلة‪ ،‬ولكن‬
‫هذا االستخالص ميكن االستدالل عليه بجالء من خالل العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬ال ميكن القول بأن تدخل اإلدارة في تعديل مضمون العقد اإلداري‪ ،‬يتنافى مع‬
‫القواعد العامة املقررة في القانون املدني‪ ،‬ألن القانون املدني العراقي ‪ -‬على‬
‫سبيل املثال ‪ -‬تدخل من خ�لال نص امل��ادة (‪ )2/146‬في تعديل مضمون العقد‬
‫بصورة غير مباشرة‪ ،‬وذلك من خالل تخويل القاضي صالحية تعديل مضمون‬
‫العقد‪ ،‬من أجل إعادة التوازن االقتصادي املختل بسبب الظروف الطارئة‪ ،‬وهذا‬
‫يقودنا لربط صالحية التدخل القضائي بالغاية املرجوة منه وهي حماية املصالح‬
‫اخلاصة ألطراف العقد‪ ،‬التي مت االعتداء عليها بسبب اختالل التوازن املالي للعقد‪،‬‬
‫رغم أن ذلك ُيشكل مساسا ً مببدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬القائم على قاعدة (العقد شريعة‬
‫املتعاقدين)‪ ،‬مبوجب هذا النص ميكننا االستدالل على إمكانية تعديل العقد اإلداري‬
‫بناء على اإلرادة املنفردة لإلدارة‪ ،‬بواسطة قرار إداري منفصل من أجل حتقيق‬
‫املصلحة العامة‪ ،‬التي تقتضي تعديل العقد (نظرية فعل األمير)‪ ،‬فوجود مصلحة‬
‫مهددة باملساس في كلتا احلالتني (مصلحة خاصة في احلالة األولى ومصلحة‬
‫عامة في احلالة الثانية) هو الذي يوجب التدخل لتعديل العقد‪ ،‬ولذلك نستنتج بأن‬
‫التعديل بواسطة القرار اإلداري وإن لم يتم التنصيص عليه صراحة في القانون‬
‫املدني العراقي‪ ،‬فإن ذلك ال يتنافى مع أحكامه ومبادئه‪.‬‬
‫‪ .2‬نصت املادة (‪ )2/150‬من القانون املدني العراقي بأنه‪« :‬ال يقتصر العقد على إلزام‬
‫املتعاقد مبا ورد فيه‪ ،‬ولكن يتناول أيضا ًما هو من مستلزماته وفقا ًللقانون والعرف‬
‫والعدالة‪ ،‬بحسب طبيعة االلتزام»‪ ،‬وهي تسمح لنا بإبراز السند القانوني للتعديل‬
‫االنفرادي للعقد اإلداري وفقا ً للقواعد العامة للقانون املدني‪ ،‬القاضي بإمكانية‬
‫تدخل اإلدارة في تعديل بعض بنود العقد اإلداري بالزيادة أو النقصان‪ ،‬وفقا ً‬
‫ملقتضيات موضوعية يفرضها القانون أو العرف أو العدالة‪ ،‬وفي إطار القانون‬
‫اإلداري ترتبط كل هذه املقتضيات بغاية واح��دة جوهرية هي حتقيق املصلحة‬
‫العامة‪ ،‬بكل الوسائل التي تستعملها اإلدارة في ممارسة نشاطها اإلداري‪ ،‬ولذلك‬
‫نستنتج ‪ -‬مرة أخرى ‪ -‬بأن إعطاء اإلدارة سلطة التعديل االنفرادي للعقد اإلداري‬
‫وإن لم يتم التنصيص عليه صراحة في القانون املدني العراقي‪ ،‬فإن ذلك ال يتنافى‬
‫مع أحكامه ومبادئه‪.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪216‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫الفرع الثاني‬
‫دور القرار اإلداري بوصفه مصدرا ً لاللتزام على طرفي العقد اإلداري‬
‫أشرنا سابقا ً بأنه من نتائج تطبيق نظرية فعل األمير متكني اإلدارة من إصدار قرارات‬
‫إداري��ة منفصلة أثناء مرحلة تنفيذ العقد اإلداري‪ ،‬ويكون من شأنها تعديل التزامات‬
‫املتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬إما بالزيادة أو النقصان‪ ،‬دون أن يكون لهذا احلق التمسك بالتنفيذ‬
‫احلرفي لبنود العقد كما مت االتفاق عليها وقت إبرامه‪ ،‬وهذه السلطة االستثنائية التي‬
‫متنح لإلدارة تكون مقيدة بالتزام هذه األخيرة بضمان إعادة التوازن املالي للعقد‪ ،‬من‬
‫خالل منح املتعاقد تعويضا ً عادالً عن التعديالت واإلضافات اجلديدة التي أدخلتها هي‬
‫بإرادتها املنفردة‪ ،‬وب��دون ثبوت خطأ املتعاقد‪ ،‬ومن ثم يظهر بأن ال�ق��رارات املنفصلة‬
‫التي تتخذ في إطار نظرية فعل األمير‪ ،‬تتضمن مجموعتني من االلتزامات‪ ،‬التزامات تقع‬
‫على عاتق الطرف املتعاقد مع اإلدارة (املقصد األول)‪ ،‬والتزامات تقع على عاتق اإلدارة‬
‫(املقصد الثاني)‪ ،‬وسنتناول ذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫املقصد األول‪ -‬التزامات املتعاقد مع اإلدارة‬


‫ُيرتب القرار اإلداري املنفصل الصادر بهدف تعديل العقد اإلداري جملة من االلتزامات‪،‬‬
‫تقع على عاتق املتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬وتشمل ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬زيادة األعباء املالية على املتعاقد‪ ،‬ومثالها صدور قرار إداري منفصل يفرض على‬
‫الشركات امللتزمة باإلضاءة بالكهرباء أو بتوزيع املياه‪ ،‬زيادة مردود خدماتها‬
‫ملواجهة الضغط احلاصل بسبب زيادة عدد السكان‪ ،‬أو أن يفرض القرار اإلداري‬
‫على امللتزم بالنقل(‪ )101‬تسيير عدد من العربات أكثر من احلد األقصى املتفق عليه‬
‫في العقد(‪ ،)102‬وكذلك احلال في إطار عقود األشغال العامة‪ ،‬حيث ميكن أن يتضمن‬
‫القرار اإلداري املنفصل املتعلق بتنفيذها إلزام املتعاقد بالقيام بأعمال إضافية غير‬

‫(‪ُ ((10‬يعد عقد النقل عقدا ً مدنيا ً بطبيعته‪ ،‬ويكون عقدا ً إداريا ً إذا توفرت فيه الشروط الواجب توافرها في‬
‫العقود اإلدارية‪ ،‬فإن افتقدت هذه الشروط أو بعضها‪ ،‬فإن العقد يكون من عقود القانون اخلاص‪.‬‬
‫(‪ ((10‬د‪ .‬حمدي أبو النور السيد عويس‪ ،‬مقتضيات املصلحة العامة في العقد اإلداري‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،2017 ،‬ص‪.33‬‬
‫‪Voir aussi: Benoit (F.-P), De l’inexistence d’un pouvoir de modification unilatérale‬‬
‫‪dans les contrats administratifs, op. cit., p. 182. Brenet (F.), op. cit., p. 936. Dantonel-‬‬
‫‪Cor (N.), op. cit., p. 1081. De Laubadère (A.), op. cit., p. 52.‬‬

‫‪217‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫واردة في العقد‪ ،‬كبناء جدار دعم لتفادي انزالق التربة(‪.)103‬‬


‫‪ .2‬تقييد املتعاقد مع اإلدارة من ناحية املدة الزمنية املخولة له من أجل تنفيذ التزاماته‪،‬‬
‫ومثالها في عقود التوريد(‪ ،)104‬أن تقوم اإلدارة بإصدار قرار إداري منفصل أثناء‬
‫مرحلة تنفيذ العقد‪ ،‬ويتضمن إلزام املتعاقد أي املورد بتوريد الكمية نفسها املتفق‬
‫عليها من البضائع أو اخلدمات‪ ،‬لكن في مدة أقصر من املدة املتفق عليها أصالً في‬
‫العقد‪ ،‬كما هو احلال بالنسبة للمطاعم اجلامعية التي تتعرض إلى الضغط املفاجئ‬
‫بسبب زيادة عدد الطلبة املستفيدين منها‪.‬‬
‫‪ .3‬إنهاء العقد قبل انقضاء مدته‪ ،‬قد يحدث أن تتولى اإلدارة إص��دار ق��رار إداري‬
‫منفصل أثناء تنفيذ العقد اإلداري‪ ،‬يتضمن إنهاء العقد بصفة مسبقة قبل حلول‬
‫تاريخ النهاية احملددة في االتفاق‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لعقد النقل‪ ،‬حيث ميكن‬
‫لإلدارة إنهاء العقد قبل تنفيذه بسبب عدم وجود مصلحة عامة في اإلبقاء عليه‪،‬‬
‫كما هو الشأن في حال نفاذ كمية البضائع املتفق على نقلها‪.‬‬
‫املقصد الثاني‪ -‬التزامات اإلدارة‬
‫في مقابل االلتزامات التي تضعها نظرية فعل األمير على كاهل الطرف املتعاقد مع‬
‫اإلدارة‪ ،‬تقرر النظرية ذاتها ‪ -‬في املقابل ‪ -‬جملة من االلتزامات تتعهد اإلدارة بتنفيذها‪،‬‬
‫وهذا من أجل خلق نقطة التوازن بني االلتزامات املتقابلة لكال طرفي العقد‪ ،‬فتمكني اإلدارة‬
‫من تعديل العقد بإرادتها املنفردة‪ ،‬من شأنه أن يؤدي إلى زيادة األعباء املالية امللقاة على‬
‫عاتق املتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬وهذا ال بد أن يقابله حق املتعاقد في احلصول على التعويض‬
‫املالي املالئم لتغطية أعبائه التعاقدية اجلديدة‪ .‬وسنفصل ذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬تعويض املتعاقد‬
‫يترتب على توافر شروط تطبيق نظرية فعل األمير إعادة التوازن املالي للعقد‪ ،‬عن‬
‫طريق تعويض املتعاقد من جراء األضرار التي حلقت به نتيجة التدابير اجلديدة‬
‫التي اتخذتها اإلدارة‪ ،‬إذ يجب على اإلدارة أن تُعوض املتعاقد معها تعويضا ً كامالً‪،‬‬
‫يشمل ‪ -‬وفقا ً لقواعد القانون املدني ‪ -‬عنصرين أساسني‪ ،‬األول وهو التعويض‬
‫عما حلق املتعاقد من خسارة بسبب تطبيق فعل األمير‪ ،‬ويتضمن هذا العنصر‬

‫(‪ ((10‬د‪ .‬هيام مروة‪ ،‬القانون اإلداري اخلاص‪ ،‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ص‪.232‬‬
‫(‪ ((10‬يعد عقد التوريد عقدا ً مدنيا ً في األصل‪ ،‬لكن إذا كان املتعاقد مع املورد شخصا ً عاما ً وكان التوريد‬
‫للمرفق العام‪ ،‬كان عقد التوريد إدارياً‪.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪218‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫املصروفات الفعلية التي أنفقها املتعاقد‪ ،‬والتي تختلف باختالف األحوال وطبيعة‬
‫التعديل ونتائجه‪ ،‬ومثالها إذا طلبت اإلدارة من املتعاقد اإلسراع في إجناز األعمال‬
‫وإمتامها قبل الوقت املتفق عليه في العقد‪ ،‬فإن ذلك قد يؤدي إلى زيادة التكاليف‬
‫على املتعاقد‪ ،‬بدفع أثمان مرتفعة أو زيادة في أجور األيدي العاملة‪ .‬أما العنصر‬
‫الثاني في التعويض فيشمل ما فات املتعاقد مع اإلدارة من كسب‪ ،‬كان من املمكن‬
‫له احلصول عليه لو لم يختل التوازن املالي للعقد نتيجة لفعل األمير‪ ،‬وبالنسبة‬
‫لهذا العنصر األخير من التعويض فيتم تقدير مبلغه مسبقا ً باتفاق الطرفني‪ ،‬كما‬
‫يتم قيده ضمن بنود العقد عند حترير العقد اإلداري‪ ،‬فإذا لم يتم تقديره بدقة أو‬
‫في حال وجود خالف بني الطرفني بخصوصه‪ ،‬فهنا يتدخل القضاء لتحديد مبلغ‬
‫التعويض(‪.)105‬‬
‫في ه��ذا الصدد نشير إل��ى أن استحقاق املتعاقد مع اإلدارة للتعويض‪ ،‬بسبب‬
‫اخلسائر التي حلقت به من جراء تطبيق نظرية فعل األمير‪ ،‬مرهون بتحقق جملة‬
‫من الشروط القانونية‪ ،‬ولعل أهمها أال تكون اإلجراءات التي زادت من أعباء املتعاقد‬
‫متوقعة وقت التعاقد‪ ،‬بل يجب أن تكون مفاجئة وغير متوقعة وقت إبرام العقد؛‬
‫وعلة ذلك أنه لو كانت هذه اإلج��راءات متوقعة وقت إبرام العقد‪ ،‬فإن املتعاقد مع‬
‫اإلدارة يكون قد أبرم العقد وهو مقدر لهذه الظروف‪ ،‬األمر الذي يترتب عليه تعذر‬
‫االستناد إلى نظرية فعل األمير‪ ،‬وما ذلك إال تطبيق للقواعد العامة في املسؤولية‬
‫التعاقدية‪ ،‬التي تقضي بضرورة توقع الضرر عند إبرام العقد للحكم على املدين‬
‫بالتعويض عن الضرر الناشئ عن إخالله بتنفيذ التزامه(‪ .)106‬كما أن املتعاقد ال‬
‫يستحق تعويضا ً إال عما حتقق وقوعه من أضرار نتيجة تطبيق فعل األمير‪ ،‬أما‬
‫األض��رار احملتمل حدوثها فال تعويض عليها‪ ،‬وما ذلك إال إعماالً للقواعد العامة‬
‫للقانون املدني التي ال جتيز التعويض عن األضرار احملتملة‪ ،‬وإمنا تعوض فقط‬
‫عن األضرار التي حتقق وقوعها فعالً في الواقع‪.‬‬
‫‪ .2‬الدفع بعدم التنفيذ‬
‫إن طبيعة العقود املدنية تقضي بأن يكون التزام كل من املتعاقدين مرتبطا ً بالتزام‬
‫املتعاقد اآلخ��ر‪ ،‬ف��إذا لم يقم أحد املتعاقدين بتنفيذ التزامه‪ ،‬جاز للمتعاقد اآلخر‬

‫(‪ ((10‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون سنة‬
‫النشر‪ ،‬ص‪ 649‬وما بعدها؛ سامال إسكندر محمد الباجالن‪ ،‬سلطات اإلدارة والقيود الواردة عليها في‬
‫العقود اإلدارية‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2017 ،‬ص‪.227-226‬‬
‫(‪ ((10‬د‪ .‬عبد املجيد احلكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.169‬‬

‫‪219‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫أن يوقف من جانبه تنفيذ ما بذمته من التزام‪ ،‬إال أننا جند أن الدفع بعدم التنفيذ‬
‫غير جائز كأصل ع��ام في العقود اإلداري ��ة‪ ،‬ف��إذا أخلت اجلهة اإلداري��ة املتعاقدة‬
‫بالتزاماتها‪ ،‬فليس بإمكان املتعاقد مع اإلدارة أن يوقف تنفيذ العقد‪ ،‬وذلك حفاظا ً‬
‫واطراد‪ ،‬ولكن يستثنى من املبدأ العام الذي‬ ‫على استمرارية املرفق العام بانتظام ِّ‬
‫يقضي بعدم جواز الدفع بعدم التنفيذ في العقود اإلدارية بعض احلاالت‪ ،‬وإحدى‬
‫هذه احل��االت هي إذا أدى إخ�لال اجلهة اإلداري��ة بالتزاماتها إلى استحالة تنفيذ‬
‫العقد‪ ،‬جاز للمتعاقد مع اإلدارة التمسك بعدم تنفيذ العقد الستحالة التنفيذ(‪،)107‬‬
‫وبذلك نستنتج بأنه إذا تضمن القرار اإلداري الصادر من اجلهة اإلدارية تعديل‬
‫العقد‪ ،‬وترتب على ذلك استحالة تنفيذ املتعاقد مع اإلدارة اللتزاماته بسبب ذلك‪،‬‬
‫جاز لألخير الدفع بعدم تنفيذ اإلدارة اللتزاماتها‪ ،‬واالمتناع ‪ -‬من جهته ‪ -‬عن‬
‫تنفيذ التزاماته‪ ،‬هذا إلى جانب حقه في املطالبة بالتعويض‪ ،‬عما حلقه من خسارة‬
‫وما فاته من كسب‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم فرض الغرامات التأخيرية‬
‫الغرامات التأخيرية هي مبالغ إجمالية توقعها اإلدارة على املتعاقد معها بقرار‬
‫منها مبجرد تأخير املتعاقد تنفيذ التزاماته عن الوقت املتفق عليه في العقد‪ ،‬غير‬
‫أن للمتعاقد مع اإلدارة ‪ -‬في ه��ذه احلالة ‪ -‬حق املطالبة بعدم ف��رض الغرامات‬
‫التأخيرية‪ ،‬إذا كان التأخير يعزى إلى فعل األمير(‪ ،)108‬أي أنه إذا كان التأخير راجعا ً‬
‫إلى التعديالت اجلديدة التي أدخلتها اإلدارة على العقد مبوجب القرار اإلداري‬
‫املنفصل‪ ،‬أمكن للمتعاقد املطالبة بإعفائه من دف��ع الغرامة التأخيرية‪ .‬وجتدر‬
‫اإلشارة إلى أن ما ذهب إليه بعض من الفقهاء بأن من حق املتعاقد مع اإلدارة أن‬
‫يطالب بفسخ العقد‪ ،‬وذلك إذا ما ترتب على فعل األمير أن زادت أعباؤه بدرجة‬
‫كبيرة‪ ،‬بحيث ال حتتملها إمكانياته املالية‪ ،‬فإننا ال نؤيد ذلك لثالثة أسباب‪ ،‬أوالً‪ :‬ألن‬
‫الفسخ يقع كجزاء ملخالفة اجلهة اإلدارية اللتزاماتها بدرجة كبيرة من اجلسامة‪،‬‬
‫وهذا الشرط اجلوهري غير محقق في احلالة السابقة‪ ،‬ثانياً‪ :‬أن الفسخ يمُ ثل جزا ًء‬
‫أو عقوبة تنفرد بإقرارها اجلهة القضائية املختصة وفق شروط معينة(‪ ،)109‬أما‬
‫املتعاقد فال ميلك حق توقيعها بنفسه‪ ،‬ثالثا ً وأخيراً‪ :‬فإن نظرية فعل األمير وإن كانت‬

‫(‪ ((10‬د‪ .‬شريف يوسف خاطر‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،2011‬ص‪ 715‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ((10‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.649‬‬
‫(‪ ((10‬د‪ .‬شريف يوسف خاطر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.723،722‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪220‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫تقوم على أساس املسؤولية العقدية‪ ،‬فإنها تكيف ‪ -‬في الواقع ‪ -‬بأنها مسؤولية‬
‫عقدية بال خطأ‪ ،‬ألن فعل األمير يفترض أن اإلدارة لم تخطئ في إعمال سلطتها‬
‫حني تصرفت(‪ ،)110‬ومن ثم فإنه ليس بإمكان املتعاقد مع اإلدارة أن يطالب بفسخ‬
‫العقد‪ ،‬في حني أنه إذا انطوى تصرف اإلدارة على خطأ‪ ،‬فإنها تسأل على أساس‬
‫هذا اخلطأ وليس على أساس فعل األمير‪.‬‬
‫من خالل كل ما تقدم من هذا البحث املعنون بحقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها‬
‫طبقا ً للقانون‪ ،‬جند بأنه من الضروري اإلشارة إلى أن القانون يعتبر مصدرا ً أساسيا ً‬
‫لكل التزام‪ ،‬وهذه الفكرة تستمد جذورها من الفلسفة الوضعية (املدرسة الوضعية) التي‬
‫تعتبر بأن القانون هو مصدر كل احلقوق التي يتمتع بها األفراد(‪ ،)111‬وهو االجتاه الذي مت‬
‫(‪)112‬‬
‫تكريسه في إطار النظريات ذات البعد الوضعي ‪ -‬وأبرزها مدرسة الشرح على املتون‬
‫‪ -‬التي ربطت بني القانون والدولة‪ ،‬معتبرة بأن كل حق أو التزام يجد أساسه في القانون‬
‫املتمثل بالتشريع‪ ،‬وهكذا يعتبر القانون املصدر الوحيد للحقوق‪ ،‬وفي املنطلق نفسه ذهب‬
‫جانب آخر من الفقهاء(‪ )113‬الذين استخلصوا بأن مصدر االلتزامات كلها هو القانون‪ ،‬وإن‬
‫ما أطلق عليها «مصادر أخرى لاللتزام»‪ ،‬إمنا ميثل انحرافا ً عن املنطق القانوني‪ ،‬ومخالفة‬
‫ألسس وفلسفة القانون ذاتها‪ ،‬وهذا راجع إلى أن القول بأن التشريع يمُ ثل مصدرا ً وحيدا ً‬
‫لاللتزام‪ ،‬إمنا ينطوي على إنكار صريح للمصادر األخرى لاللتزام‪ ،‬وهو إنكار يفنده‬
‫واقع احلياة القانونية‪ ،‬ألن التشريع ال ميكن أن يستوعب جميع احللول للوقائع القانونية‬
‫غير املتناهية‪.‬‬
‫وحتى بالنسبة للفقيه الفرنسي (ديجي (‪ - )Duguit( )L‬املنطلق من أرضية وضعية ‪-‬‬
‫يذهب إلى أن احلقوق ال تنشأ إال من القاعدة القانونية‪ ،‬وأن التصرف القانوني ‪ -‬السيما‬
‫العقد ‪ -‬ليس بقادر على إنشاء احلقوق بصفة مبتدأة‪ ،‬بحجة أن اإلرادة غير قادرة على‬
‫إنشاء أي تصرف قانوني‪ ،‬حتى ولو تضافرت مع إرادة أو عدة إرادات أخرى‪ ،‬ولذلك‬

‫(‪ ((11‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.623‬‬
‫(‪ ((11‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد‪ ،‬فلسفة احلق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.123،122‬‬
‫(‪ ((11‬نشأت مدرسة الشرح على املتون في فرنسا في الفترة ما بني ‪ 1804‬و‪ 1820‬والتي قدست النصوص‬
‫القانونية املش ِّرعة‪ ،‬حيث يتبني ذلك بوضوح من قول الفقيه الفرنسي (بونيه ‪ )Bonnier‬حني يقول‪:‬‬
‫«إني ال أعرف القانون املدني‪ ،‬بل أعلم مجموعة نابليون»‪ ،‬فال ميكن أن جند في التقنني املدني ثغرات أو‬
‫نقصا ً أو تناقضاً‪ .‬د‪ .‬عبد الرحمن رحيم عبد الله‪ ،‬محاضرات في فلسفة القانون‪ ،‬مطبعة جامعة صالح‬
‫الدين‪ ،‬أربيل‪ ،2000 ،‬ص‪.85‬‬
‫(‪ ((11‬د‪ .‬مصطفى إبراهيم الزملي‪ ،‬االلتزامات في ضوء املنطق والفلسفة‪ ،‬دار إحسان للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫أربيل‪ ،2014 ،‬ص‪ 28‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪221‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫فإن القانون وحده هو القادر على إنشاء اآلثار القانونية(‪ ،)114‬كما يضيف الفقيه «ديجي»‬
‫بأن احلق ال ينشأ من العمل غير املشروع‪ ،‬سواء أكان ذلك العمل جرمية أم فعالً ضارا ً‬
‫بالغير‪ ،‬ومرجع ذلك ‪ -‬على حد تعبيره ‪ -‬أن احلق ال ينشأ من الالقانون(‪ ،)115‬وهو الرأي‬
‫الذي ال نتفق معه‪ ،‬ألن اإلرادة ال تستطيع أن تنشئ أي أثر قانوني بذاتها‪ ،‬وأن القانون‬
‫وحده هو القادر على إنشاء اآلثار القانونية‪ ،‬ومن ثم فإن األثر القانوني ‪ -‬كما ذهب جانب‬
‫من الفقه(‪ - )116‬هو مزيج من اإلرادة والقانون في آن واحد‪ ،‬إال أن احليز احملجوز لكل‬
‫منهما يختلف مقارنة بني العقد اإلداري والقرار اإلداري‪ ،‬ففي احلالة األولى يكون نصيب‬
‫اإلرادة أكبر من نصيب القانون‪ ،‬وهنا يقتصر دور القانون على ترتيب األثر الذي ترسمه‬
‫اإلرادة‪ ،‬أما في حالة القرار اإلداري فأحيانا ً يكون نصيب القانون في إحداث هذا األثر أكبر‬
‫مقارنة مع نصيب اإلرادة‪ ،‬وأحيانا ً أخرى يكون األثر املترتب عن القرار اإلداري ناشئا ً‬
‫عن القانون مباشرة‪ ،‬وهنا يكون دور القرار اإلداري كاشفا ً لاللتزام‪ ،‬كما في االلتزام‬
‫بدفع الضرائب والرسوم‪ ،‬وفي حاالت أخرى يكون دور القرار اإلداري منشئا ً لاللتزام‪،‬‬
‫كما في التزام اجلهة اإلدارية بدفع املكافآت املالية ملوظفيها‪ ،‬وكذا التزامات اإلدارة ومالك‬
‫العقار الناشئة عن القرار اإلداري املتضمن االستيالء املؤقت على العقار‪ ،‬وكذلك التزامات‬
‫اإلدارة واملتعاقد معها الناشئة عن القرار اإلداري املنفصل املتعلق بتعديل العقد اإلداري‬
‫استنادا ً إلى فعل األمير‪.‬‬
‫صدى لهذه األفكار (الفلسفة الوضعية) فيما ذهب إليه البعض‬
‫(‪)117‬‬
‫ً‬ ‫على صعيد آخر جند‬
‫من أن اإلرادة املنفردة ليست مصدرا ً لاللتزام اإلرادي‪ ،‬وأن جميع االلتزامات الناشئة‬
‫عنها ترجع ‪ -‬في الواقع ‪ -‬إلى نص القانون مباشرة الذي يعتبر مصدر كل االلتزامات‬
‫اإلرادي��ة؛ ألن هذه االلتزامات ال تقوم مبقتضى أصل عام يقرره القانون‪ ،‬بل مبقتضى‬
‫نصوص قانونية خاصة ومحددة‪ ،‬وعلى هذا األساس ينبغي القول بأن أي التزام تنشئه‬
‫اإلرادة املنفردة يجب أن ينص عليه القانون‪ ،‬ومن ثم كان الواجب َع ُد أي التزام ينشأ عن‬

‫(‪ ((11‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد‪ ،‬فلسفة احلق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.237‬‬
‫(‪ ((11‬املرجع السابق نفسه‪ ،‬ص‪.235‬‬
‫(‪ ((11‬د‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬التصرف القانوني والواقعة القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،1954 ،‬ص‪.114‬‬
‫(‪ ((11‬د‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني ‪ -‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون سنة النشر‪ ،‬ص‪1292‬؛ د‪ .‬سليمان مرقس‪ ،‬موجز أصول االلتزامات‪ ،‬املطبعة‬
‫العاملية‪ ،‬القاهرة‪ ،1962 ،‬ص‪.589‬‬
‫‪Voir également: Benoit (F.-P), op. cit., p.196.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪222‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫اإلرادة املنفردة التزاما ً مصدره القانون(‪ ،)118‬ولعل األخذ مبنطق هذا الرأي يقتضي منا‬
‫القول بأن التزامات اإلدارة ومالك العقار في االستيالء املؤقت على العقار مصدره نص‬
‫املادة (‪ )26‬من قانون االستمالك العراقي النافذ‪ ،‬وليس القرار اإلداري الصادر من اإلدارة‬
‫باالستيالء املؤقت على العقار؛ ألن هذا القرار ‪ -‬في احلقيقة ‪ -‬يصدر استنادا ًلنص القانون‬
‫(النص املذكور)‪ ،‬وأن جميع االلتزامات الناشئة عن االستيالء إمنا ترجع إلى نص القانون‬
‫مباشرة‪ ،‬والشيء نفسه بالنسبة اللتزام اجلهة اإلدارية بدفع مكافأة مالية ملوظفيها‪ ،‬فال‬
‫يعتبر القرار اإلداري مصدرا ً لها‪ ،‬بل مصدرها املباشر هو نص املادة (‪ )18‬من القانون‬
‫رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 2013‬املتعلق بقانون املوازنة العامة إلقليم كوردستان‪ -‬العراق للسنة املالية‬
‫‪ ،2013‬ألن اإلدارة تستند إلى املادة املذكورة عند إصدارها القرار اإلداري بدفع املكافأة‪،‬‬
‫وهو املنطق الذي ال نتفق معه (الفلسفة الوضعية)‪ ،‬بالعكس نؤيد ما ذهب إليه جانب من‬
‫الفقه(‪ )119‬على اعتبار أن اإلرادة املنفردة ميكنها أن تكون مصدرا ً منشئا ً لاللتزام في حاالت‬
‫خاصة‪ ،‬وبشروط معينة حددها القانون‪ ،‬لكنها ال متثل التزاما ً قانونيا ً باملعنى الدقيق؛ ألن‬
‫وجود االلتزام الناشئ من القانون مباشرة يقتضي توافر ثالثة شروط أساسية‪ ،‬أوالً‪:‬‬
‫وجود نص في القانون ينشئ هذا االلتزام بدون تطلب أي فعل إيجابي أو سلبي من جانب‬
‫امللتزم‪ ،‬ثانياً‪ :‬أن ُيعني هذا النص أحكام هذا االلتزام تعيينا ً وافياً‪ ،‬وعلى وجه اخلصوص‬
‫ما يتعلق بوقت وكيفية نشوء هذا االلتزام‪ ،‬ثالثا ً وأخيراً‪ :‬أن االلتزام ال يرتبط باألهلية‪،‬‬
‫إذ ميكن أن يحمل به حتى عدمي األهلية أو ناقصها‪ ،‬وهذه الشروط الثالثة ال تتوافر في‬
‫احل��االت التي نصت عليها القوانني املدنية من تطبيقات اإلرادة املنفردة‪ ،‬كما ال تتوافر‬
‫أيضا ً بالنسبة اللتزامات اجلهة اإلدارية ومالك العقار في االستيالء املؤقت على العقار‪،‬‬
‫وبالتالي ال ميكن َع ُد نص املادة (‪ )26‬من قانون االستمالك العراقي النافذ مصدرا ً مباشرا ً‬
‫لتلك االلتزامات‪ ،‬وإمنا منشأ تلك االلتزامات يرجع إلى القرار اإلداري الصادر بناء على‬
‫السلطة التقديرية لإلدارة‪ ،‬ألنه وإن كانت اجلهة اإلدارية تصدر القرار اإلداري باالستيالء‬
‫املؤقت استنادا ً إلى نص املادة املذكورة‪ ،‬إال أن اإلدارة تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في‬
‫إصدار القرار باالستيالء املؤقت على العقار من عدمه‪ ،‬كما متلك تقدير وقت إصدار القرار‪،‬‬
‫وكذلك تعيني العقار اخلاضع إلجراء االستيالء‪ ،‬واملالحظة ذاتها نبديها بشأن التزام اجلهة‬
‫اإلدارية بدفع املكافآت املالية ملوظفيها‪ ،‬فال ينشأ التزام اإلدارة بدفع املكافأة مباشرة من‬
‫نص املادة (‪ )18‬من قانون املوازنة العامة إلقليم كردستان‪ -‬العراق‪ ،‬بل البد من صدور‬

‫(‪ ((11‬د‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.1788‬‬
‫(‪ ((11‬د‪ .‬الشني محمد يونس الغياتي‪ ،‬اإلرادة املنفردة كمصدر لاللتزام بني النظرية والتطبيق‪ ،‬مكتبة جامعة‬
‫طنطا‪ ،1986 ،‬ص‪.65‬‬

‫‪223‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫عمل إيجابي من جانب اإلدارة‪ ،‬يتمثل في إصدار القرار اإلداري القاضي بدفع املكافأة‪،‬‬
‫والذي بواسطته يتم تقدير مبلغ املكافآت ووقت صرفها وكذا املوظفني املستحقني لها‪،‬‬
‫وهذا يعني بأنه من غير الصائب اعتبار االلتزامات الناشئة عن القرار اإلداري ‪ -‬سواء‬
‫بالنسبة لالستيالء املؤقت على العقار أو دفع مكافأة املوظفني ‪ -‬التزامات مصدرها نص‬
‫القانون‪ ،‬حتى وإن كان القانون قد نص عليها‪ ،‬فعالً القانون ميثل املصدر غير املباشر‬
‫لكل هذه االلتزامات‪ ،‬لكن القرار اإلداري يعتبر مصدرها املباشر الوحيد‪ ،‬بحكم انفراده‬
‫بتحديد أسسها الرئيسية‪ ،‬السيما نشأتها ومداها وآثارها‪.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪224‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫اخلامتة‬
‫نختم بحثنا بأهم االستنتاجات التي توصلنا إليها مع التوصيات‪:‬‬
‫أوالً‪ -‬االستنتاجات‬
‫‪ .1‬إن دور القانون ف��ي دائ��رة االل�ت��زام��ات‪ ،‬ه��و أق��رب ل�ل��دور التنظيمي منه للدور‬
‫اإلنشائي‪ ،‬فهناك تطبيقات كثيرة في القانون املدني وغيره من القوانني تبني دور‬
‫القانون بوصفه مصدرا ً غير مباشر لاللتزام‪ ،‬ألن القانون في معظم األحوال ال‬
‫ينشئ حقوقا ً لألفراد‪ ،‬وال يفرض التزامات عليهم‪ ،‬وإمنا توجد تصرفات قانونية‬
‫أو وقائع قانونية تنشئ حقوقا ً لبعض األف��راد في مقابل التزامات على البعض‬
‫اآلخر‪ ،‬فال يكون دور القانون سوى منظم لهذه احلقوق وااللتزامات‪.‬‬
‫‪ .2‬إن تدخل القانون في تنظيم احلقوق ومصادر االل�ت��زام يكون بدافع احلماية‪،‬‬
‫فالقانون ُيدرك دوره احلمائي الف َّعال للحقوق‪ ،‬والذي ينبني عليه حتقق عنصر‬
‫املسؤولية في كافة االلتزامات املدنية‪ ،‬دون أن يعني ‪ -‬بتدخله ‪ -‬أنه أصبح مصدرا ً‬
‫لهذه االلتزامات‪ ،‬بل ينحصر دوره في حماية احلقوق ومنع تعارضها واحلفاظ‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪ .3‬قد يكون القرار اإلداري كاشفا ً لاللتزام‪ ،‬وهنا يقتصر دوره على تقرير حالة‬
‫موجودة من قبل وغير محققة بذاتها لآلثار القانونية‪ ،‬و ُيعد القرار اإلداري بفرض‬
‫الضرائب والرسوم من تطبيقات القرار اإلداري الكاشف‪ ،‬ألن جهة اإلدارة ال متلك‬
‫سلطة تقديرية في إصدار القرار بفرض الضريبة والرسم أو عدم إصداره‪ ،‬وال‬
‫متلك حتديد مضمون هذا القرار‪.‬‬
‫‪ .4‬قد يكون القرار اإلداري مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام‪ ،‬وليس فقط تطبيقا ً من تطبيقات‬
‫القانون‪ ،‬حتى وإن صدر طبقا ً له‪ ،‬وخصوصا ً عندما تتمتع اإلدارة ‪ -‬السيما في‬
‫ظل الظروف االستثنائية ‪ -‬بصالحيات خاصة تتيح لها اتخاذ ق��رارات إدارية‪،‬‬
‫تفرض ‪ -‬مبوجبها ‪ -‬التزامات على األف��راد‪ ،‬واقعة ضمن املجاالت التي هي من‬
‫اختصاص السلطة التشريعية في األصل‪.‬‬
‫‪ .5‬إن ل�لإدارة ‪ -‬مبا لها من امتيازات وسلطات التعديل االنفرادي للعقد اإلداري‪،‬‬
‫وبالنظر إلى قدرتها على إصدار ق��رارات إداري��ة منفصلة عن هذا العقد ‪ -‬يكون‬
‫قرارها مصدرا ً مباشرا ً اللتزامات املُلقاة على عاتق كل من طرفي العقد اإلداري‪،‬‬
‫أي اإلدارة والطرف املتعاقد معها‪ ،‬وبالنسبة لها يكون مصدر التزامها هو إرادتها‬

‫‪225‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫امل�ن�ف��ردة‪ ،‬رغ��م أن ه��ذا التكييف ال يتم ذك��ره ضمن تطبيقات اإلرادة املنفردة‬
‫باعتبارها مصدرا ً لاللتزام‪.‬‬
‫‪ .6‬إن تعديل العقد اإلداري باإلرادة املنفردة لإلدارة (القرار اإلداري) وفقا ً ملقتضيات‬
‫املصلحة العامة‪ ،‬ال يتنافى مع قواعد وأح�ك��ام القانون املدني العراقي‪ ،‬وذلك‬
‫العتبارين أساسيني‪ ،‬أولهما‪ :‬أن القانون املدني العراقي خـ َّول القاضي تعديل‬
‫مضمون العقد إلع��ادة التوازن االقتصادي املختل‪ ،‬وهنا ال يقتصر العقد على‬
‫إلزام املتعاقد مبا ورد فيه فحسب‪ ،‬ولكن يتناول أيضا ً ما هو من مستلزماته وفقا ً‬
‫للقانون والعرف والعدالة‪ ،‬ولهذا فإن منح اإلدارة سلطة التعديل االنفرادي للعقد‬
‫اإلداري نعتبره من ضمن مستلزمات العقد وفقا ً للقانون اإلداري‪ ،‬التي تفرض‬
‫التعديل كلما اقتضت املصلحة العامة ذلك‪.‬‬
‫‪ .7‬ال ُيعد القانون مصدرا ً لاللتزام ملجرد وجود نص قانوني يتضمن التزاما ً معيناً‪،‬‬
‫بل ال بد أن يعني القانون أحكام هذا االلتزام تعيينا ً وافياً‪ ،‬نافيا ً ألي شك بأي دو ٍر‬
‫ملصادر االلتزام املسماة في القانون أو غير املسماة فيه‪ ،‬وه��ذا من حيث وقت‬
‫وكيفية نشوئه ومداه وآثاره‪ ،‬وبنا ًء على ذلك ندعو املشرع إلى تعديل نص املادة‬
‫(‪ )245‬من القانون املدني العراقي على نحو يتفق مع دور القانون بوصفه مصدرا ً‬
‫لاللتزام‪ ،‬وهذا ما سنوضحه ضمن توصيات البحث في اآلتي‪.‬‬
‫ثانياً‪ -‬التوصيات‬
‫‪ .1‬ندعو املش ِّرع العراقي إلى إعادة النظر في نص الفقرة األولى من املادة (‪ )67‬من‬
‫القانون املدني بالشكل الذي يتفق مع دور القانون في تنظيم احلق العيني‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل إعادة صياغته على الشكل اآلتي‪« :‬احلق العيني هو سلطة مباشرة على‬
‫لشخص معني»‪.‬‬‫ٍ‬ ‫شيء معني‪ ،‬يقررها القانون ويحميها‪،‬‬
‫‪ .2‬نوصي املش َّرع العراقي بتعديل نص املادة (‪ )245‬من القانون املدني لتكون على‬
‫الشكل اآلتي‪« :‬االلتزامات التي تنشأ مباشرة من القانون‪ ،‬والتي ُيعني أحكامها‬
‫تعيينا ً كافيا ً من حيث نشوئها ومداها وآثارها‪ ،‬تسري عليها النصوص القانونية‬
‫التي أنشأتها»‪.‬‬
‫‪ .3‬نوصي املش ِّرع العراقي بإضافة نص يتناول فيه دور القرار اإلداري في إنشاء‬
‫االلتزام‪ ،‬ويكون حسب اآلتي‪ -1« :‬تلتزم اإلدارة مبا تصدره من ق��رارات طبقا ً‬
‫لسلطتها التقديرية‪ ،‬وتُعيِّـن حدود التزاماتها وفقا ً ملا تقتضيه املصلحة العامة‪-2 .‬‬
‫يكون للقرار اإلداري قوة في إلزام املتعاملني مع اإلدارة‪ ،‬بشرط عدم تعسفها‪،‬‬
‫وعدم إهدارها للحقوق املقررة قانوناً»‪.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪226‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫املراجع‬
‫أوالً‪ -‬باللغة العربية‬
‫أ‪ -‬الكتب‬
‫‪ -‬د‪ .‬أحسن رابحي‪:‬‬
‫• األعمال القانونية اإلدارية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الكتاب احلديث‪ ،‬القاهرة‪.2016 ،‬‬
‫• النشاط التشريعي للسلطة التنفيذية‪ ،‬دار الكتاب احلديث‪ ،‬القاهرة‪.2013 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أحمد مدحت علي‪ ،‬نظرية الظروف االستثنائية‪ ،‬الهيئة املصرية العامة للكتاب‪،‬‬
‫القاهرة‪.1978 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬هاشم اجلعفري‪ ،‬مبادئ املالية العامة والتشريع املالي‪ ،‬ط‪ ،3‬مطبعة سليمان‬
‫األعظمي‪ ،‬بغداد‪.1967 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬هيام م��روة‪ ،‬القانون اإلداري اخل��اص‪ ،‬الطبعة األول ��ى‪ ،‬املؤسسة اجلامعية‬
‫للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪.2003 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حسن علي الذنون‪ ،‬فلسفة القانون‪ ،‬دار السنهوري‪ ،‬بغداد‪ ،‬دون سنة النشر‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حسني خ�لاف‪ ،‬األح�ك��ام العامة ف��ي ق��ان��ون الضريبة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.1966 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حسني عثمان محمد ع�ث�م��ان‪ ،‬ق��ان��ون ال�ق�ض��اء اإلداري‪ ،‬م�ن�ش��ورات احللبي‬
‫احلقوقية‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪.2010 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حمدي أبو النور السيد عويس‪ ،‬مقتضيات املصلحة العامة في العقد اإلداري‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2017 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬الشني محمد يونس الغياتي‪ ،‬اإلرادة املنفردة كمصدر لاللتزام بني النظرية‬
‫والتطبيق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة جامعة طنطا‪ ،‬طنطا‪.1986 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬مازن ليلو راضي‪ ،‬أصول القضاء اإلداري‪ ،‬دار نيبور للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫العراق‪.2016 ،‬‬
‫‪ -‬مجموعة املبادئ القانونية التي قررتها احملكمة اإلداري��ة العليا‪ ،‬السنة التاسعة‬
‫واألربعون‪ ،‬من أول أكتوبر سنة ‪ 2003‬إلى آخر سبتمبر سنة ‪.2004‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬منشورات احللبي‬
‫احلقوقية‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪.2005 ،‬‬

‫‪227‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬مبادئ وأحكام القانون اإلداري‪ ،‬منشورات احللبي‬
‫احلقوقية‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪.2005 ،‬‬
‫‪ -‬محمد طه البشير و د‪.‬غني حسون طه‪ ،‬احلقوق العينية‪ ،‬القسم األول‪ ،‬احلقوق‬
‫العينية األصلية‪ ،‬مطبعة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬بغداد‪.1982 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد سليمان األح�م��د‪ ،‬فلسفة احل��ق‪ ،‬منشورات زي��ن احلقوقية‪ ،‬بيروت‪-‬‬
‫لبنان‪.2017 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬أعمال السلطة اإلدارية (القرار اإلداري‪ ،‬العقد اإلداري)‪،‬‬
‫دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى إبراهيم الزملي‪ ،‬االلتزامات في ضوء املنطق والفلسفة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫دار إحسان للنشر والتوزيع‪ ،‬أربيل‪.2014 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني‪ ،‬دار آراس للطباعة والنشر‪،‬‬
‫أربيل‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬تاريخ القانون‪ ،‬ط‪ ،2‬دار ئاراس للطباعة والنشر‪ ،‬أربيل‪.2005 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سامال أسكندر محمد الباجالن‪ ،‬سلطات اإلدارة والقيود ال��واردة عليها في‬
‫العقود اإلدارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2017 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سامي جمال الدين‪ ،‬قضاء املالءمة والسلطة التقديرية لإلدارة‪ ،‬مطبعة أطلس‪،‬‬
‫القاهرة‪.1991 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪:‬‬
‫• النظرية العامة للقرارات اإلداري��ة‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1984‬‬
‫• األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون‬
‫سنة النشر‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سليمان مرقس‪ ،‬موجز أصول االلتزامات‪ ،‬املطبعة العاملية‪ ،‬القاهرة‪.1962 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.2005 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬صبري محمد السنوسي محمد‪ ،‬أحكام التقادم في مجال القانون العام‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬من مطبوعات جامعة الكويت‪.2005 ،‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪228‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد الرحمن رحيم عبد الله‪ ،‬محاضرات في فلسفة القانون‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫مطبعة جامعة صالح الدين‪ ،‬أربيل‪.2000 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪:‬‬
‫• التصرف القانوني والواقعة القانونية‪ ،‬القاهرة‪.1954 ،‬‬
‫• الوسيط في شرح القانون املدني‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬بدون سنة النشر‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد العزيز املرسي‪ ،‬نظرية إنقاص التصرف القانوني في القانون املصري‪ ،‬دار‬
‫الشمس للطباعة‪ ،‬القاهرة‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد املجيد احلكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير‪ ،‬الوجيز في نظرية‬
‫االلتزام في القانون املدني العراقي‪ ،‬اجلزء األول (مصادر االلتزام)‪ ،‬وزارة التعليم‬
‫العالي والبحث العلمي‪.1986 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬شريف يوسف خاطر‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.2011 ،‬‬

‫ب‪ -‬الرسائل اجلامعية‬


‫‪ -‬كاظم علي اجلنابي‪ ،‬سلطات رئيس الدولة التشريعية في ظل الظروف االستثنائية‪،‬‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون‪ ،‬جامعة بغداد‪.1995 ،‬‬
‫‪ -‬كمال أن��ور يابه‪ ،‬املنازعة الضريبية في قانون ضريبة الدخل العراقي‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫صالح الدين‪.2016 ،‬‬

‫ج‪ -‬البحوث‬
‫‪ -‬د‪ .‬كالويز مصطفى إبراهيم و د‪ .‬رعد أدهم عبد احلميد‪ ،‬النطاق القانوني لسلطة‬
‫اإلدارة ف��ي االس�ت�ي�لاء‪ :‬دراس ��ة م�ق��ارن��ة‪ ،‬مجلة كلية ال�ق��ان��ون للعلوم القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬جامعة كركوك‪ ،‬العراق‪ ،‬املجلد الرابع‪ ،‬العدد (‪ ،)13‬السنة ‪.2015/5/1‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد‪( ،‬قنونة) العقد‪ ،‬مجلة دراسات قانونية وسياسية‪ ،‬كلية‬
‫القانون والسياسة‪ ،‬جامعة السليمانية‪ ،‬العراق‪ ،‬السنة األولى‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬كانون‬
‫األول‪.2013 ،‬‬

‫‪229‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫‪ -‬د‪ .‬عامر عياش عبد ود‪ .‬أحمد خلف حسني‪ ،‬دستورية الضرائب في العراق‪ ،‬مجلة‬
‫الرافدين للحقوق‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة املوصل‪ ،‬العراق‪ ،‬املجلد ‪ ،13‬العدد ‪،49‬‬
‫السنة ‪ ،16‬شباط‪/‬فبراير‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الباسط علي جاسم الزبيدي‪ ،‬مدى قانونية القرارات الضريبية الصادرة‬
‫عن سلطة االئتالف املؤقتة‪ ،‬مجلة الرافدين للحقوق‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة املوصل‪،‬‬
‫العراق‪ ،‬املجلد ‪ ،11‬العدد ‪.2009 ،42‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ف��ؤاد نصر الله ع��وض‪ ،‬سلطة اإلدارة (صاحبة املناقصة) في تعديل العقود‬
‫اإلدارية وحق املتعاقد معها في توفير الضمانات املالية له‪ ،‬مجلة البحوث القانونية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬اجل��زء األول‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة املنصورة‪ ،‬جمهورية مصر‬
‫العربية‪ ،‬العدد اخلامس واخلمسون‪ ،‬أبريل‪.2014 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬رائ��د ناجي أح�م��د‪ ،‬م��دى اختصاص احملافظات غير املنتظمة بإقليم بفرض‬
‫الضرائب وال��رس��وم‪ ،‬مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة‬
‫كركوك‪ ،‬العراق‪ ،‬املجلد‪ ،4‬اإلصدار‪ ،12‬جزء‪.2015 ،1‬‬

‫ثانياً‪ -‬باللغة الفرنسية‬


‫‪A- Ouvrages‬‬

‫‪- Beltrame (P), La fiscalité en France, Paris : Hachette, Paris, 2005.‬‬


‫‪- Benoit (J), droit constitutionnel et institutions politiques, Dalloz, 5ème‬‬
‫‪édition, Paris,1978.‬‬

‫‪- Bienvenu (J.J) et Lambert (T), Droit fiscal, Presses Universitaires de‬‬
‫‪France (PUF), Paris, 2003.‬‬

‫‪- Bourjol (M), droit administratif, T2, le contrôle de l’action administra-‬‬


‫‪tive, ED Masson, Paris, 1973.‬‬

‫‪- Bouvier (M), Introduction au droit fiscal et à la théorie de l’impôt,‬‬


‫‪LGDJ, Paris, 2009.‬‬

‫‪- Burdeau (G), Traité de science politique, Tome IV, LGDJ, Paris, 1984.‬‬
‫‪- Carbonnier (J), Flexible droit, 10ème éd., LGDJ, Paris, 2001.‬‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪230‬‬
‫ حسيب صالح إسماعيل‬.‫ أحسن رابحي و د‬.‫ محمد سليمان األحمد و د‬.‫ د‬.‫أ‬

- Carbonnier (J), Sociologie Juridique, Presses Universitaires de Fran-


ce (PUF), Paris, 1994.

- Carbonnier (J), Théorie des Obligations, Presses Universitaires de


France (PUF), Paris, 1963.

- Colin (A) et Capitant (H), Traité de Droit Civil, tome II, Paris, 1959.
- Chantebout (B), Organisation économique de l’Etat, Ed. Sirey, Paris, 1965.
- Chapus (R), droit administratif général, 15ème Edition, Ed. Montchres-
tien, Paris, 2001.

- Charlier (R.E), «l’administration et son droit, leur logique et leur incon-


séquence», Ed. Economica, Paris, 1984.

- Collet (M), Droit fiscal, Paris, Presses Universitaires de France (PUF),


Paris, 2009.

- Delvolvé (P), Les nouveaux pouvoirs du juge administratif dans le


contentieux des contrats, Mélanges Perrot, Dalloz, Paris, 1996.

- Dé Laubadere (A), droit public économique, 2ème édition, Dalloz,


Paris, 1976.

- Déforges (J .M), droit administratif, Presses Universitaires de France


(PUF), Paris, 1991.

- Elisabeth (A), Raynaud (J.), Regards dubitatifs de juristes de droit privé


sur la clause exorbitante: Mélanges - Guibal, Presses de la Faculté de
Droit de Montpellier, France, 2006.

- Farjat (G), Droit économique, Presses Universitaires de France (PUF),


Paris, 1984.

- Grosclaude (J) et Marchessou (PH), Droit fiscal général, Dalloz,


Paris, 2015.

- Haberle (P), l’Etat de droit, Dalloz, Paris, 1996.

231 ‫ م‬2019 ‫ هـ – ديسمبر‬1441 ‫ ربيع اآلخر – جمادى األول‬- 28 ‫ العدد التسلسلي‬- ‫ السنة السابعة‬- 4 ‫ العدد‬- ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

- Lamarque (J) et Négrin (O) et Ayrault (L), Droit fiscal général, Litec,
Paris, 2009.
- Lequét (P), «le budget de l’Etat, préparation, exécution, contrôle», im-
primerie Bialec, Nancy, France, 1982.
- Leroy-Beaulieu (P), Traité de la science des finances, T. 2, Guillaumin
et Cie, Alcan, Paris, 1996.
- Miaille (M), une introduction critique au droit, Ed. François Maspero,
Paris, 1982.
- Miaille (M), l’Etat de droit, P.U, de Grenoble, France, 1978.
- Molinas (J-C), la norme et la conduite, LGDJ, 3éme édition, Paris, 2005.
- Pelloux (P), le citoyen devant l’Etat, collection: que sais-je?, 4ème édi-
tion, Presses Universitaires de France (PUF), Paris, 1972.
- Puigelier (C)‚ La loi, Editeur Economica, 2005.
- Richer (L), Le contrat de mandat au risque du droit administratif, CJEG,
Paris, 1999.
- Rouvillois (F), le droit, Ed. Flammarion, Paris, 1999.
- Savatier R., La Théorie des Obligations en Droit Privé Économique,
4ème édition, Dalloz, Paris, 1979.
- Waline (M), Traité de droit administratif, éd Montchrestien, Paris, 2002.
- Weil (P), Le critère du contrat administratif en crise, Mélanges Waline.
B- Thèses
- Heraud (G), l’ordre juridique et le pouvoir originaire, thèse de doctorat
en droit, université de Toulouse, France, 1946.
- Robineau (A), recherches sur la notion d’effets impératifs des actes
administratifs unilatéraux, Thèse de Doctorat en droit, université de
Montpellier, France, 1973.

‫ م‬2019 ‫ هـ – ديسمبر‬1441 ‫ ربيع اآلخر – جمادى األول‬- 28 ‫ العدد التسلسلي‬- ‫ السنة السابعة‬- 4 ‫ العدد‬- ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‬ 232
‫ حسيب صالح إسماعيل‬.‫ أحسن رابحي و د‬.‫ محمد سليمان األحمد و د‬.‫ د‬.‫أ‬

C- Articles

- Amselek (P), Une méthode peu usuelle d’identification des contrats


administratifs: l’identification directe, Revue Administrative, Presses
Universitaires de France (PUF), Paris, 1973.

- Antoine (J), La mutabilité contractuelle née de faits nouveaux exté-


rieurs aux parties, RFDA, Paris, 2004.

- Benoit (F-P), De l’inexistence d’un pouvoir de modification unilatérale


dans les contrats administratifs, JCPG, Paris, 1963, I.

- Brenet (F), La théorie du contrat administrative, Evolutions récentes,


AJDA, Paris, 2003.

- Danton (N), Le critère de la clause exorbitante: un Janus à deux visages,


JCPA, Paris, 2008.

- De Laubadere (A), Du pouvoir de l’administration d’imposer unilaté��-


ralement des changements aux dispositions des contrats administratifs,
RDP, Paris, 1954.

- Fardet (C), La clause exorbitante et la réalisation de l’intérêt général,


AJDA, Paris, 2000.

- Haïm (V), Le choix du juge dans le contentieux des contrats adminis-


tratifs, AJDA, Paris, 1992.

- Ménéménis (A), Contentieux des contrats, AJDA, Paris, 2011.


- Puig (P), Hiérarchie des normes: du système au principe, RTC, octobre-
décembre 2001, n°4.

- Plessix (B), La théorie des vices du consentement dans les contrats ad��-
ministratifs, RFDA, Paris, 2006.

- Wachsmann (P), La légalité administrative est – elle en crise?, in droit,


N°4, Paris, 1986.

233 ‫ م‬2019 ‫ هـ – ديسمبر‬1441 ‫ ربيع اآلخر – جمادى األول‬- 28 ‫ العدد التسلسلي‬- ‫ السنة السابعة‬- 4 ‫ العدد‬- ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‬
‫حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون‬

‫احملتوى‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬

‫‪181‬‬ ‫امللخص‬

‫‪183‬‬ ‫املقدمة‬

‫املبحث األول‪ -‬القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام واالستغناء عن‬


‫‪185‬‬ ‫دور القرار اإلداري‬

‫‪185‬‬ ‫املطلب األول‪ -‬القانون بوصفه مصدرا ً لاللتزام‬

‫‪186‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬القانون بوصفه منظما ً لاللتزام‬

‫‪188‬‬ ‫الفرع الثاني‪ -‬القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام‬

‫‪190‬‬ ‫املطلب الثاني‪ -‬االختصاص املقيد لإلدارة‬

‫‪192‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬األثر الكاشف للقرار اإلداري‬

‫‪194‬‬ ‫الفرع الثاني‪ -‬التطبيقات القانونية والقضائية للقرار اإلداري الكاشف‬

‫‪195‬‬ ‫املقصد األول‪ -‬تطبيقات قانونية على القرار اإلداري الكاشف‬

‫‪195‬‬ ‫أوالً‪ -‬الضرائب‬

‫‪198‬‬ ‫ثانياً‪ -‬الرسوم‬

‫‪198‬‬ ‫املقصد الثاني‪ -‬تطبيقات قضائية على القرار اإلداري الكاشف‬

‫املبحث الثاني‪ -‬خصوصية القرار اإلداري بوصفه مصدرا ً لاللتزامات‬


‫‪201‬‬
‫القانونية‬
‫‪201‬‬ ‫املطلب األول‪ -‬نظرية السلطات االستثنائية لإلدارة‬

‫‪202‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬مفهوم السلطات االستثنائية لإلدارة‬

‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬ ‫‪234‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد سليمان األحمد و د‪ .‬أحسن رابحي و د‪ .‬حسيب صالح إسماعيل‬

‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬

‫الفرع الثاني‪ -‬االستيالء املؤقت على العقار تطبيقا ً للسلطات االستثنائية‬


‫‪204‬‬
‫لإلدارة‬

‫‪204‬‬ ‫املقصد األول‪ -‬مفهوم االستيالء املؤقت على العقار‬

‫‪206‬‬ ‫املقصد الثاني‪ -‬التأصيل القانوني لالستيالء املؤقت على العقار‬

‫املقصد الثالث‪ -‬االلتزامات الناشئة عن القرار اإلداري باالستيالء املؤقت‬


‫‪207‬‬
‫على العقارات‬

‫‪207‬‬ ‫أوالً‪ -‬التزامات اإلدارة‬

‫‪209‬‬ ‫ثانياً‪ -‬التزامات مالك العقار‬

‫‪210‬‬ ‫املطلب الثاني‪ -‬نظرية فعل األمير‬

‫‪211‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬مفهوم نظرية فعل األمير‬

‫‪211‬‬ ‫املقصد األول‪ -‬مضمون نظرية فعل األمير‬

‫‪214‬‬ ‫املقصد الثاني‪ -‬أساس التعديل االنفرادي للعقد اإلداري‬

‫الفرع الثاني‪ -‬دور القرار اإلداري بوصفه مصدرا ً لاللتزام على طرفي‬
‫‪217‬‬
‫العقد اإلداري‬

‫‪217‬‬ ‫املقصد األول‪ -‬التزامات املتعاقد مع اإلدارة‬

‫‪218‬‬ ‫املقصد الثاني‪ -‬التزامات اإلدارة‬

‫‪225‬‬ ‫اخلامتة‬

‫‪227‬‬ ‫املراجع‬

‫‪235‬‬ ‫مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ‪ -‬العدد ‪ - 4‬السنة السابعة ‪ -‬العدد التسلسلي ‪ - 28‬ربيع اآلخر – جمادى األول ‪ 1441‬هـ – ديسمبر ‪ 2019‬م‬

You might also like