Professional Documents
Culture Documents
حقيقة مصدرية القرار الاداري للالتزام 231129 002657
حقيقة مصدرية القرار الاداري للالتزام 231129 002657
181 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
مقارنة ،سنحرص على اتباع املنهج التحليلي من خ�لال دراس��ة النصوص القانونية
الواردة في القانون املدني العراقي التي تناولت موضوع البحث والوقوف على مضامني
هذه النصوص وحتليلها واستنباط األحكام منها خلدمة موضوع البحث ،مع القيام
بعملية مقارنة بني نصوص القانون املدني العراقي وب�ين ما يقابلها أو يقاربها من
نصوص في القانون املدني املصري والقانون املدني األردني وقانون املعامالت املدنية
اإلم��ارات��ي ،أما املقارنة بالقانون املدني الفرنسي فسنقوم بها بالقدر املتاح أمامنا من
النصوص واملراجع.
وفي خامتة البحث أوردنا مجموعة من نتائج توصلنا إليها ،وتوصيات تقدمنا بها إلى
املش ِّرع العراقي ،ومن هذه النتائج ،أن القرار اإلداري قد يكون كاشفا ً لاللتزام ،وهنا
يقتصر دوره على تقرير حالة موجودة من قبل وغير محققة بذاتها لآلثار القانونية،
كما وأن ال�ق��رار اإلداري ق��د يكون م�ص��درا ً مباشرا ً ل�لال�ت��زام ،وليس فقط تطبيقا ً من
تطبيقات القانون ،وإن صدر طبقا ً له ،وذلك عندما تتمتع اإلدارة في الظروف االستثنائية
بصالحيات خاصة تتيح لها اتخاذ ق��رارات إداري��ة تفرض التزامات على األف��راد في
املجاالت التي هي من اختصاص السلطة التشريعية في األصل .ومن أهم التوصيات التي
تقدمنا بها للمشرع العراقي هي إضافة نص إلى القانون املدني يتناول فيه دور القرار
اإلداري في إنشاء االلتزام.
كلمات دالة :مبدأ الشرعية ،االل�ت��زام��ات القانونية ،االختصاص املقيد ،السلطات
االستثنائية لإلدارة ،االستيالء املؤقت ،فعل األمير.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 182
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
املقدمة
إن من نتائج تقديس النصوص القانونية وإفراغها في قوالب جامدة محددة ،جعل السلطة
اإلدارية ملزمة باحترام نص القانون وعدم اخلروج على أحكامه ،فتقوم بوظيفتها في
إطار تطبيق القانون طبقا ً ملبدأ الشرعية ،الذي يفترض تكفل القانون بالنص على التزام
معني وتفصيله وتنظيمه بواسطة قواعد وأحكام عدة ،ويقع على عاتق السلطة اإلدارية
واجب احترامه وتطبيقه حرفياً ،في أعمالها املختلفة ومنها القرارات اإلدارية ،وفي ظل
احلالة األخيرة ال ميكننا اعتبار القرار اإلداري الصادر باالستناد إلى القانون مصدرا ً
لاللتزام ،وإمنا مجرد تطبيق من تطبيقاته(.)1
لكن ه��ذا االستخالص ال ميكن األخ��ذ به على إطالقه ،حيث ال يشكل القانون مصدرا ً
لاللتزام بصفة مطلقة وفي جميع األحوال ،وهذا العتبارين أساسيني ،أولهما ألن اإلدارة
تسهر على مواكبة التطورات احلاصلة في احلياة العملية ،في إطار تكريسها ملبدأ قابلية
املرفق العام للتعديل والتطوير ،وهذا الوضع يجعل من غير املمكن أن يكون اختصاصها
مقيدا ً في جميع األحوال ،وثانيهما أن القانون قد ال يتضمن – أحيانا ً -تفصيل أحكام
االلتزام ،وفي هذه احلالة يصعب القول بأن القرار اإلداري الصادر باالستناد إليه يشكل
تطبيقا ً من تطبيقات القانون.
ولهذه الدراسة أهمية موضوعية كبيرة خصوصا ً في ظل عدم كفاية املعاجلة الفقهية له،
وهذا من أجل بيان مدى قدرة القرار اإلداري على إنشاء التزام بوصفه مصدرا ً مستقالً
لاللتزام ،وع��دم حتجيم دوره بوصفه مجرد تطبيق من تطبيقات القانون ،ال��ذي ُيعد
مصدرا ً جلميع االلتزامات ،بصورة مباشرة أو غير مباشرة ،حسب ما درج الفقه على
تبنيه منذ حقبة طويلة؛ فالقرار اإلداري ال ميكن أن ُيستغنى عن دوره في إنشاء االلتزام
بالقانون ،ذلك ألن اإلدارة قد متارس سلطتها التقديرية في إنشاء االلتزامات ،وفي هذه
احلالة يكون االلتزام قد نشأ مباشرة من القرار ذاته ،باعتباره مصدر نشأتها وآثارها،
شأنه في ذلك شأن العقد وغيره من مصادر االلتزام التقليدية.
وهنا نشير بأنه ال يسعنا القول ب��أن االل�ت��زام��ات الناشئة عن ال�ق��رار اإلداري تستمد
– دائما ً -مصدرها من القانون ،وف��ي املقابل ليس مبقدور جميع ال�ق��رارات اإلدارية
إنشاء االلتزامات ،فقد تكون االلتزامات – أحيانا ً -ناشئة عن القانون مباشرة ،وهذا
(1) A propos des fondements juridiques et objectifs du principe traditionnel celui de la
légitimité des actes des pouvoirs administratifs Voir: Miaille (M), l’Etat de droit, P.U,
de Grenoble, France, 1978, p. 198.
183 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
االستخالص يجعلنا نتساءل عن نصيب القرار اإلداري في إحداث هذا األثر؟ وهل أن
استناد اإلدارة في قراراتها إلى نصوص قانونية ،يجعل من القانون مصدرا ً لاللتزام في
جميع األحوال ،وما القرار اإلداري إال تطبيقا ً من تطبيقات القانون؟ لذا جاء بحثنا ليضع
حلوالً ملشكلة البحث املذكورة ،من خالل دراسة دور كل من القانون والقرار اإلداري في
إنشاء االلتزام باملعنى املقرر في فقه القانون املدني ،وبالتالي بيان حقيقة مصدرية التزام
اإلدارة بقراراتها اإلدارية.
ولكي منضي في دراستنا هذه ،ارتأينا اتباع املنهج التحليلي القائم على استنباط األحكام
من اآلراء الفقهية واألحكام القضائية ،السيما مواقف الفقه والقضاء الفرنسيني ،مبا
يعطي للدراسة أهمية في بيان حقيقة املصدر املنشئ لاللتزام الناجم عن تطبيق القرار
اإلداري؛ وقد جاء تقسيم البحث حسب اآلتي:
املبحث األول :القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام واالستغناء عن دور القرار
اإلداري.
املبحث الثاني :خصوصية القرار اإلداري بوصفه مصدرا ً لاللتزامات القانونية.
وسننهي البحث بخامتة ،نبني فيها أهم النتائج والتوصيات.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 184
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
املبحث األول
القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام
واالستغناء عن دور القرار اإلداري
قد يكون القانون منشئا ً لاللتزام ،وهنا ال يعدو دور القرار اإلداري مجرد مقرر لاللتزام
الذي تكفل نص القانون بتنظيم أحكامه ،سواء من حيث النشأة أو من حيث اآلثار املترتبة
عليه ،ولإلحاطة مبوضوع دور القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام يتعني علينا
حتديد دور القانون بوصفه مصدرا ً لاللتزام ،وكذلك بيان االختصاص املقيد لإلدارة.
وسنتناول ذلك في مطلبني مستقلني على النحو اآلتي:
املطلب األول -القانون بوصفه مصدرا ً لاللتزام.
املطلب الثاني -االختصاص املقيد لإلدارة.
املطلب األول
القانون بوصفه مصدرا ً لاللتزام
كل التزام البد أن يرد من القانون بوصفه املرجع املنظم لعالقات اإلنسان في املجتمع(،)2
وهذا يعني بأن القانون يشكل املصدر غير املباشر لتحديد كل التزام ،سواء أكان ناشئا ً
عن العقد أم اإلرادة املنفردة أم العمل غير املشروع أو اإلثراء بال سبب أو القرار اإلداري،
بغض النظر عن املصدر املباشر لكل التزام على حدة ،لكن في املقابل ليست كل االلتزامات
من صنف واحد ،فهناك التزامات مرتبطة بالقانون مباشرة ،وهناك التزامات مرتبطة
بنصوص خاصة ،يتعني الرجوع إليها من أجل معرفة أحكام هذه االلتزامات.
بنا ًء على ما تقدم ،سوف نتناول في هذا املطلب القانون بوصفه منظما ً لاللتزام ،وكذلك
بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام ،وذلك في فرعني على النحو اآلتي:
الفرع األول -القانون بوصفه منظما ً لاللتزام.
الفرع الثاني -القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام.
(2) Voir: Robert Pelloux, le citoyen devant l’Etat, collection: que sais-je?, PUF, 4ème
édition, Paris, 1972, p. 122. Voir aussi: Burdeau (G), Traité de science politique, Tome
IV, LGDJ, Paris, 1984, p. 12.
185 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
الفرع األول
القانون بوصفه منظما ً لاللتزام
ميثل القانون ضرورة حتمية الستقرار وتوازن العالقات اإلنسانية ،فالتداخل املستمر
بني األفراد يفترض حصول اصطدامات وصراعات بينهم ،أساسها تغليب الذات واألنانية
التي متثل أهم سمات الطبيعة البشرية ،ولذلك كان من الضروري االستعانة بالقانون من
أجل حسم هذه النزاعات وفرض النظام هذا من جهة ،ومن جهة أخرى أن القانون ميثل
مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام ،وهذه اخلاصية حتمل معنى مزدوجاً ،فالقانون عندما ينشئ
التزاما ً معينا ً على عاتق أحد األفراد فهو – في الوقت ذاته -يقرر حقا ً لفرد آخر ،لكن القول
بذلك ال يعني بالضرورة أن يكون دور القانون دائما ً إنشاء احلقوق أو فرض االلتزامات
على األفراد ،فقد يحصل أن يكون مصدر إنشاء هذه احلقوق وااللتزامات وقائع وأحداث
معينة ال دخل فيها للقانون ،وفي هذه احلالة يكون دور هذا األخير تنظيميا ً بحتا ً ال يتعدى
حدود تنظيم هذه احلقوق وااللتزامات ،وهو االجتاه الذي أيده جل الفقه الفرنسي(.)3
ونشير في هذا الصدد بأن حتديد مدى تأثر دور القانون ليكون بصفته منظما ً لاللتزام
أو مصدرا ً مباشرا ً له إمنا يرجع إلى طبيعة املذهب السائد في الدولة ،ففي ظل املذهب
الفردي – مثالً -يرتكز النظام القانوني كله على حقوق األفراد ،أي على احلق بوصفه
ميز ًة لألفراد ،وفي هذه احلالة يضيق تدخل القانون فينحصر دوره في تنظيم االلتزام
فقط ،في حدود التنصيص على حقوق األفراد وتثبيتها والدفاع عنها ضد أي اعتداء(،)4
وهو بتدخله هذا يكون مدفوعا ً بدافع التنظيم ،لكن هذا ال يعني بأن القانون قد أضحى
مصدرا ً لاللتزام وسببا ً لكسب احلقوق ،طاملا أن دوره في التنظيم ينحصر في حدود
حمايتها واحلفاظ عليها ومنع تعارضها( ،)5من خالل قواعد ملزمة مقترنة بجزاء مادي.
وإذا ما نظرنا إلى تنظيم القانون املدني للحقوق الشخصية والعينية ،جند أنه غالبا ً ما
ينظمها بقواعد مكملة ومقررة إلرادة املتعاقدين ،وهنا ال يكون دوره منشئا ً لهذه احلقوق،
(3) Sur ce point d’analyse voir: Carbonnier J., Théorie des obligations, PUF, Paris,
1963, p. 153. Carbonnier J., Sociologie juridique, PUF, Paris, 1994, p.53. Carbonnier
J., Flexible droit, 10ème éd., LGDJ, Paris, 2001, p. 98. Colin A. et Capitant H. par
Julliot de la Morandière, Traité de droit civil, tome II, Dalloz , Paris, 1959, p. 225.
((( د .عبد املجيد احلكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير ،الوجيز في نظرية االلتزام في القانون
املدني العراقي ،ج( ،1مصادر االلتزام) ،وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ،1986 ،ص306؛ د .حسن
علي الذنون ،فلسفة القانون ،دار السنهوري ،بغداد ،بدون سنة النشر ،ص.123-122
(5) Haberle (P), l’Etat de droit, Dalloz, Paris, 1996, p. 65. Rouvillois (F), le droit, Ed.
Flammarion, Paris, 1999. p. 56 et s.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 186
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
بل مجرد منظم لها ،وهو االجتاه الراجح في هذا الصدد ،رغم أن املش ِّرع العراقي خالفه
عندما نص على مصادر احلقوق الشخصية أو عند تعريفه للحقوق العينية مبقتضى
املادة ( )67مدني عراقي ،معتبرا ً إياها مجموعة سلطات مينحها القانون لشخص معني
على شيء معني ،وهذا يعني بأن القانون هو مصدر احلقوق املالية بنوعيها الشخصية
والعينية( ،)6ولتدارك ذلك نوصي املش ِّرع العراقي مبراجعة وتعديل نص املادة السابق
ذكرها على نحو يتفق مع دور القانون في تنظيم احلق العيني.
على صعيد آخرُ ،يعتبر القانون مرجعا ً غير مباشر لاللتزام الناشئ عن املصادر التقليدية
وكذا املصادر غير املسماة ،ذلك ألن األفراد بإبرامهم العقود املختلفة ،فإنهم يسهمون
في إنشاء قواعد قانونية خاصة ،يقتصر حكمها على العالقة القائمة بينهم ،يترتب عليها
حقوق والتزامات لكال طرفي العقد ،وهنا يقتصر دور القانون على تنظيم هذه احلقوق
وااللتزامات( ،)7في حني أنه بالنسبة لاللتزامات التي ترجع نشأتها إلى اإلرادة املنفردة،
فإنها تقوم على اإلرادة املنفردة لشخص واحد فقط ،أي أنها تقوم على التصرف القانوني
الصادر من جانب واحد ،وفي هذه احلالة يقتصر دور القانون على إقرار قدرة اإلرادة
املنفردة على إنشاء االلتزام(.)8
أما بخصوص االلتزام املترتب على إحلاق الضرر بالغير ،فإنه يرجع إلى واقعة العمل
غير املشروع الصادر من امللتزم ،وهنا يتمثل دور القانون في إقرار مسؤولية من صدر
منه الفعل الضار( ،)9وكذلك األمر بالنسبة حلالة اإلثراء بال سبب حيث يلتزم الشخص
املثري ب��رد قيمة ما أث��ري ب��ه ،وه��و التزام ينشأ عن الواقعة التي أدت إل��ى إث��راء املدين
وافتقار الدائن ،وفي هذه احلالة أيضا ً يتمثل دور القانون في إقرار التزام من أثري دون
سبب برد قيمة اغتنائه( ،)10وهي الفكرة نفسها التي تنطبق على حالة التزام اإلدارة بدفع
مكافأة مالية ملوظف ما ،فهذا االلتزام ينشأ عن القرار اإلداري الصادر من اإلدارة ،والذي
مبقتضاه ألزمت اإلدارة نفسها بدفع مبلغ معني لهذا املوظف بواسطة قرارها ،فهنا أيضا ً
ينحصر دور القانون في إطار تنظيم موضوع صرف املكافأة املالية ،وهذا من خالل
((( د .محمد سليمان األحمد ،فلسفة احلق ،منشورات زين احلقوقية ،بيروت ،لبنان ،2017 ،ص 412وما
بعدها.
((( د .محمد سليمان األحمد ،قنونة العقد ،بحث منشور في مجلة دراسات قانونية وسياسية ،كلية القانون
والسياسة ،جامعة السليمانية ،السنة األولى ،العدد الثاني ،كانون األول/ديسمبر ،2013 ،ص.8
((( املادة ( )1/184مدني عراقي التي تقابلها املادة ( )1100الفقرة األولى من األمر رقم 131 – 2016املؤرخ
في 2016/2/10املعدل واملتمم للتقنني املدني الفرنسي.
((( املواد ( )186و( )191و( )202و( )204مدني عراقي.
( ((1املواد ( )233و( )235و( )237و( )238و( )239و( )240و( )241و( )242و( )243مدني عراقي.
187 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
حتديد احلد األعلى للمكافأة التي بإمكان اإلدارة دفعها للموظف وكذلك السقف الزمني
لدفع املكافأة(.)11
يتبني مما سبق ،أن القانون بصفة أساسية يتناول تنظيم العالقات التي تنشأ بني األفراد,
وأن دوره في دائرة االلتزامات يكون أكثر تنظيمياً ،وهناك تطبيقات كثيرة في القانون
املدني وغيره من القوانني تبني دور القانون بوصفه مصدرا ً غير مباشر لاللتزام ،أما
بخصوص دور القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام فسوف نتناوله في الفرع
الثاني من هذا املطلب.
الفرع الثاني
القانون بوصفه مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام
يعد القانون املصدر العام جلميع احلقوق وااللتزامات ،كما يشكل مرجع القوة امللزمة
التي تتمتع بها ،فالقانون بهذه املثابة ميثل املصدر غير املباشر جلميع االلتزامات ،مبا فيها
االلتزامات الناشئة عن القرار اإلداري ،لكن في املقابل توجد طائفة أخرى من االلتزامات
تستمد مصدرها من القانون بصفة مبتدأة (مباشرة) ونهائية في آن واحد( ،)12باعتبارها
التزامات غير إرادية تنشأ مستقلة عن إرادة ذوي الشأن ،ولهذا يشكل القانون مصدرا ً
مباشرا ً لها ،طاملا أنه ال ميكن ردها إلى أي مصدر من مصادر االلتزامات األخرى ،وفي
هذه احلالة يتحدد دور القانون في التنصيص على هذه االلتزامات وتنظيمها من حيث
حتديد أركانها ومداها وأحكامها(.)13
إن االلتزامات القانونية كغيرها من االلتزامات الناشئة عن املصادر األخرى لاللتزام،
تكون إما التزاما ً بنقل ملكية شيء معني أو التزاما ً بعمل أو التزاما ً باالمتناع عن عمل،
ومن األمثلة على االلتزام القانوني االلتزام بالنفقة الذي يلزم األب باإلنفاق على زوجته
وأوالده ،واالل �ت��زام بدفع الضرائب وال��رس��وم للدولة ،وال �ت��زام رب العمل بتعويض
العامل عن مخاطر العمل ،فكلها تشكل التزامات تستمد مصدرها من القانون مباشرة،
ومن أمثلة االلتزام بعمل التزام القيم بإدارة أموال القاصر أو الغائب أو املفقود ،وأخيرا ً
االلتزام القانوني باالمتناع عن العمل كالتزامات اجلوار التي تلزم اجلار بعدم اإلضرار
( ((1املادة ( )18من قانون رقم ( )1لسنة 2013قانون املوازنة العامة إلقليم كوردستان -العراق للسنة
املالية .2013
( ((1د .منذر الفضل ،الوسيط في شرح القانون املدني ،ط ،1دار آراس للطباعة والنشر ،أربيل،2006 ،
ص.23
Molinas (J-C), la norme et la conduite, 3éme édition, LGDJ, Paris, 2005, p. 71.
( ((1د .عبد املجيد احلكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير ،مرجع سابق ،ص.306
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 188
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
بجاره( ،)14وهو ما أقره املشرع العراقي صراحة مبقتضى نص املادة ( )245من القانون
املدني التي جاء فيها« :االلتزامات التي تنشأ مباشرة من القانون وحده تسري عليها
النصوص القانونية التي أنشأتها»( ،)15وتقابلها املادة ( )1100الفقرة األولى من التقنني
املدني الفرنسي املعدل واملتمم التي نصت على أن« :تنشأ االلتزامات من التصرفات
القانونية أو الوقائع القانونية أو من السلطة الوحيدة للقانون.)16(»...
في هذا الصدد استخلص جانب من الفقه( )17بأنه رغم الصياغة الصريحة والواضحة
للمادة ( )198من القانون املدني املصري التي تنص على أن« :االلتزامات التي تنشأ
مباشرة من القانون وحده تسري عليها النصوص القانونية التي أنشأتها» ،أي أن مصدر
االلتزام القانوني هو دائما ً التشريع ،فإنه ينبغي األخذ باحلسبان بأن املعنى املراد هنا
من مصطلح «القانون» القانون مبفهومه الواسع ،وهذا يعني بأن كل مصدر من مصادر
القانون -ومثالها الفقه والقضاء -يصلح أن يكون مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام القانوني
بجانب التشريع( ،)18كما هو الشأن بالنسبة لاللتزام بضمان السالمة في عقد النقل،
وهو االجتاه الذي ال نؤيده بصفة مطلقة ،ذلك ألن القانون -كما نعلم -يحتمل معنيني
أساسيني( ،)19األول وهو املعنى العام أو الواسع للقانون ،الذي يشتمل على جميع القواعد
القانونية التي تنظم سلوك األشخاص في املجتمع أيا ً كان مصدرها ،والثاني وهو املعنى
اخلاص للقانون والذي نقصد به القواعد القانونية التي تصدرها السلطة التشريعية،
فإذا أخذنا باالجتاه الفقهي السابق ،فهذا يعني أننا أدرجنا مصادر القانون من العرف
والفقه اإلسالمي ومبادئ العدالة والقضاء في نطاق مصدرية القانون لاللتزام إلى جانب
التشريع ،في حني أنه في ظل مفهوم القانون مبعناه اخلاص يكون التشريع وحده هو
( ((1د .منذر الفضل ،الوسيط في شرح القانون املدني ،مرجع سابق ،ص.25
(ُ ((1تقابلها :املادة ( )337من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية املتحدة رقم 5لسنة ،1985
واملادة ( )198من القانون املدني املصري رقم 131لسنة ،1948واملادة ( )312من القانون املدني
األردني رقم 43لسنة .1976
(16) L’article (1100) alinéa 1 de l’ordonnance No 2016 –131 du 10/2/2016 modifiant et
‚complétant code civil Français stipule «Les obligations naissent d’actes juridiques
de faits juridiques ou de l’autorité seule de la loi….».
( ((1د .سمير عبد السيد تناغو ،مصادر االلتزام ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،2005 ،ص.352
( ((1جتدر اإلشارة إلى أن صاحب هذا الرأي وقع في التناقض ،فهو من جهة يرى بأن االلتزامات التي
أنشأها القضاء كااللتزام بضمان السالمة في عقد النقلُ ،تعد من االلتزامات القانونية التي يعد القانون
مصدرها املباشر ،نظرا ً ألن كل مصدر من مصادر القانون وبضمنها القضاء يعد مصدرا ً لاللتزام
القانوني ،ومن جهة أخرى يذهب إلى أن االلتزام الذي ينشأ عن احلكم القاضي يسمى بااللتزام
القضائي ،فيكون حكم القاضي منشئا ً -وليس فقط كاشفا ً -ومصدرا ً لهذا االلتزام.
( ((1د .منذر الفضل ،تاريخ القانون ،ط ،2دار آراس للطباعة والنشر ،أربيل ،2005 ،ص.19،18
189 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
املقصود بكالمنا عن مصدريته لاللتزام ،والدليل على ذلك إجماع غالبية التشريعات
املعاصرة على إقرار هذا االجتاه األخير ،السيما املادة ( )245مدني عراقي املذكورة واملادة
( )337من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية املتحدة ،وكذلك املادة ( )198من
القانون املدني املصري واملادة ( )312من القانون املدني األردني ،وأيضا ً املادة ()1100
من القانون املدني الفرنسي(.)20
كذلك يتعني علينا -في هذا الصدد -اإلش��ارة إلى مسألتني رئيسيتني ،املسألة األولى
أن عبارة مصدرية االلتزام ال تنطبق على القانون املدني فحسب ،وإمنا ميكن توسيع
تطبيقها على فروع القانون األخ��رى كااللتزامات الناشئة عن القوانني املالية مباشرة
كااللتزام بدفع الضرائب ،وكذلك االلتزامات الناشئة عن قانون األسرة رقم 84لسنة
،1984ومثالها التزام األب بالنفقة على أوالده(.)21
أما املسألة الثانية فمفادها أن االلتزامات التي ُيعد القانون مصدرا ً مباشرا ً لها قليلة
ومبعثرة في شتى فروع القانون اخلاص والعام ،نظرا ً ألن تدخل الدولة لتنظيم العالقات
بني األفراد كان استثنائيا ً أول األمر ،ولكن عددها بدأ في التزايد خالل الفترة األخيرة،
بسبب اجتاه الدولة إلى تغليب مصلحة اجلماعة على مصلحة الفرد ،عالوة على تزايد
تدخل السلطات العامة في تكوين األعمال القانونية وترتيب أثرها هذا من جهة( ،)22ومن
جهة أخرى فإن جميع مصادر االلتزام األخرى ومن ضمنها القرار اإلداري ،يفترض
فيها القانون استكمال شروط معينة إلنتاج آثارها ،وهي الشروط التي تقيد وتعرقل
دورها كمصدر من مصادر االلتزام.
املطلب الثاني
االختصاص املقيد لإلدارة
نتيجة لتعدد وظائف الدولة احلديثة واتساعها ،ازدادت معها أعباء ومسؤوليات املوظفني
اإلداري�ين ،األمر الذي لم يعد معه مبدأ الفصل بني السلطات مقتصرا ً على الفصل بني
(20) Pour aller loin voir: Puig (P.), Hiérarchie des normes: du système au principe, RTC,
Paris, octobre-décembre 2001, n°4, p. 749. Puigelier (C.) [sous la direction de], La
loi. Editeur Economica, 2005. Benoit Jeanneau, droit constitutionnel et institutions
politiques, 5ème édition, DALLOZ, Paris, 1978, p.222. Michel Miaille, une
introduction critique au droit, Ed. François Maspero, Paris, 1982, p. 243.
( ((2د .عبد املجيد احلكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير ،مرجع سابق ،ص306؛ د .منذر الفضل،
الوسيط في شرح القانون املدني ،مرجع سابق ،ص.26
( ((2د .منذر الفضل ،الوسيط في شرح القانون املدني ،مرجع سابق ،ص.26
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 190
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
السلطات الثالث فقط ،بل تعداه إلى فصل االختصاصات داخل السلطة الواحدة خصوصا ً
السلطة التنفيذية ،نظرا ً لتعدد هيئاتها وسلطاتها املركزية والالمركزية ،اإلقليمية منها
واملرفقية ،وقطاعاتها ونشاطاتها اإلدارية ،ومبا أن الوسيلة األساسية التي تستعني بها
السلطة التنفيذية أي اإلدارة ملمارسة هذه النشاطات هي القرار اإلداري ،وجب أن يكون
االختصاص ركنا ً أساسيا ً في القرار اإلداري ،وهو األمر الذي جتلى من خالل تنظيم هذا
الركن من طرف املش ِّرع نفسه وجعل قواعده من النظام العام(.)23
في هذا الصدد وردت عدة تعاريف لركن االختصاص في القرار اإلداري ،فقد ع َّرفه بعض
الفقه بأنه« :ميثل القواعد التي حتدد األشخاص والهيئات التي متلك إبرام التصرفات»(،)24
في حني ع َّرفه البعض اآلخر بأنه« :ميثل األهلية أو القدرة القانونية الثابتة جلهة اإلدارة،
أو األشخاص التابعني لها ،في إص��دار ق��رارات محددة من حيث موضوعها ونطاقيها
الزمني واملكاني»( ،)25أو أنه« :السلطة أو الصالحية القانونية التي يتمتع بها متخذ القرار
في إص��داره لقراره من الناحية النوعية أي املسائل واملوضوعات التي يجوز إصدار
القرار بشأنها ،والزمنية أي املدة التي ميكن اتخاذ القرارات خاللها ،واملكانية أي الرقعة
اجلغرافية أو اإلقليمية التي ميكن لإلدارة مباشرة نشاطاتها فيها»(.)26
من هذه الزاوية يتضح بأن حتديد االختصاص هو عمل يرجع إلى مبادرة املش ِّرع ،فقد
يلزم اإلدارة باتخاذ قرار معني في حاالت معينة ،بحيث ال يكون لها احلرية في اتخاذ
القرار من عدمه ،وفي حاالت أخرى ال يفرض القانون على اإلدارة تصرفا ً معينا ً إزاء
وضع ما ،فتكون هذه األخيرة حرة في اتخاذ القرار ،وهذا يعني تباين سلطة اإلدارة في
إصدار القرار اإلداري ،فقد تكون مقيدة وقد تكون تقديرية(.)27
في هذا الشأن نشير إلى أن االختصاص املقيد لإلدارة يرتبط بالصياغة اجلامدة للقاعدة
في تفصيل ذلك راجع :كنتاوي عبد الله ،ركن االختصاص في القرار اإلداري ،مذكرة ماجستير في (((2
القانون العام ،كلية احلقوق ،جامعة أبو بكر بلقايد ،اجلزائر ،2010 ،ص .11راجع أيضاً :د .رضوان
بوجمعة ،املقتضى في القانون اإلداري املغربي ،ط ،1مطبعة النجاح ،الدار البيضاء ،1999 ،ص .182
د .سليمان الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية ،ط ،5دار الفكر العربي ،القاهرة ،1984 ،ص (((2
.312
د .عبد العزيز عبد املنعم خليفة ،القرار اإلداري في قضاء مجلس الدولة ،املركز القومي لإلصدارات (((2
القانونية ،القاهرة ،2008 ،ص .49
د .ماجد راغب احللو ،القانون اإلداري ،دار املطبوعات اجلامعية ،اإلسكندرية ،1982 ،ص .475
(((2
‚Voir également: Lombard Martine‚ droit administratif‚ 6 éme édition‚ Dalloz‚ Paris‚ 2005
pp. 208–209.
(27) Charlier (R.E), «l’administration et son droit, leur logique et leur inconséquence»,
Ed Economica, Paris, 1984, p. 27–32.
191 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
القانونية ،فقد يتولى املش ِّرع صياغة القواعد القانونية بصورة جامدة ،وتطبيق السلطة
اإلدارية للقواعد القانونية املصاغة بصياغة جامدة يعني أن اختصاصها الوارد في هذه
القواعد هو اختصاص مقيد( ،)28وفي مثل هذه احلاالت يكون األثر املترتب على القرار
اإلداري أث��را ً كاشفاً ،وبنا ًء على ما تقدم ،سوف نتناول في هذا املطلب األث��ر الكاشف
للقرار اإلداري ،وكذلك التطبيقات القانونية والقضائية على القرار اإلداري الكاشف،
وذلك في فرعني هما:
الفرع األول -األثر الكاشف للقرار اإلداري.
الفرع الثاني -التطبيقات القانونية والقضائية على القرار اإلداري الكاشف.
الفرع األول
األثر الكاشف للقرار اإلداري
ُيقصد بالقرارات اإلدارية الكاشفة تلك القرارات التي ال تستحدث جديدا ً في عالم القانون،
بل يقتصر تطبيقها على إثبات أو تقرير حالة موجودة من قبل ،وغير محققة بذاتها لآلثار
القانونية( ،)29ومثال ذلك قرار منح العالوة الدورية للموظفني ،والقرار الصادر بإحالة
املوظف إلى التقاعد لبلوغه السن القانونية ،ففي مثل هذه الفروض يكون أثر القرار
كاشفا ً حلق ثابت في القانون ،أي أن كل ما يفعله القرار هو الكشف عن هذا احلق وليس
إنشاؤه بصفة مبتدأة ،وهذا يعني بأن األثر املترتب على القرار اإلداري ال يكون ناشئا ً عن
القرار نفسه ،وإمنا ُيعد ناشئا ً عن القانون مباشرة.
بيد أن القول باألثر الكاشف للقرار اإلداري ال يعني جتريده من أي دور ،فاحلقوق
املنصوص عليها في القوانني ال تتسم بالثبات واالستقرار إال بعد إص��دار القرارات
اإلدارية الكاشفة لها ،ومثال ذلك حق املوظف في احلصول على العالوات الدورية ،فهذه
العالوات تكون مقررة سلفا ً في القانون ،ولكن صرفها للموظف موقوف بصدور القرار
( ((2د .سامي جمال الدين ،قضاء املالءمة والسلطة التقديرية لإلدارة ،مطبعة أطلس ،القاهرة،1991 ،
ص .14د .أحسن رابحي ،األعمال القانونية اإلدارية ،ط ،2دار الكتاب احلديث ،القاهرة ،2016 ،ص 89
وما بعدها.
Voir également: Heraud (G), l’ordre juridique et le pouvoir originaire, thèse de
doctorat en droit, université de Toulouse, France, 1946, p. 10 et S. Voir: Waline (M),
Traité de droit administratif, éd Montchrestien, Paris, 2002, p. 118 et s.
( ((2د .سليمان الطماوي ،النظرية العامة للقرارات اإلدارية ،مرجع سابق ،ص.419
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 192
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
( ((3جتدر اإلشارة إلى أنه باإلضافة إلى أن منح العالوة الدورية للموظف مرهون بصدور القرار اإلداري
مبنح املوظف للعالوة ،بيد أن املوظف يستحق العالوة من تاريخ استحقاقه لها ،بغض النظر عن تاريخ
صدور القرار اإلداري مبنح العالوة ،ألنه ال يجوز أن يضار األفراد من تراخي اإلدارة في إصدار
قرارات إدارية كاشفة ،متى كانوا يستمدون أصل حقهم من القانون مباشرة ،كما وإن العالوة في
حقيقتها جزء من املرتب ،وهي كحق دوري متجدد يسقط مبضي خمس سنوات باالستناد إلى املادة
( )430مدني عراقي ،ومن ثم فإن عدم مطالبة املوظف بالعالوة -باعتبارها حقا ً دوريا ً متجددا ً -ملدة
خمس سنوات يسقط حقه فيها.
( ((3في تفصيل هذه الفكرة الحظ :د .سمير عبد السيد تناغو ،مرجع سابق ،ص.534
Voir également: Robineau (A), recherches sur la notion d’effets impératifs des actes
administratifs unilatéraux, Thèse de Doctorat en droit, université de Montpellier,
France, 1973, p. 147 et s.
( ((3د .محمد رفعت عبد الوهاب ،القضاء اإلداري -الكتاب األول ،منشورات احللبي احلقوقية ،بيروت،
،2005ص.201
( ((3د .سليمان محمد الطماوي ،مبادئ القانون اإلداري :دراسة مقارنة ،ط ،8دار الفكر العربي ،القاهرة،
،1966ص .875
193 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
الفردي ،ومن أمثلة القرارات الشرطية قرار قبول طالب في جامعة معينة ،حيث يستند
هذا القبول إلى مركز قانوني عام قائم وفقا ً لقانون التعليم العالي ،إال أن شغل الطالب لهذا
املركز يرتبط بالقرار الفردي( ،)34وكذلك التعيني في إحدى الوظائف هو مركز قانوني عام
والقرار الصادر بالتعيني هو الذي يحدد الفرد الذي تسند إليه الوظيفة( ،)35ويترتب على
القرار الشرطي بهذا املعنى أنه في حالة حصول أي تغيير أو تعديل في اللوائح التي متنح
مزايا مبقتضى قرار تنظيمي فال يستطيع األف��راد التمسك إال مبا اكتسبوه من القرار
الفردي ،أي ال يتمسكوا باملزايا املمنوحة حسب اللوائح(.)36
هذا وحتديدا ً بنطاق البحث ،نقول أن القرار الشرطي بوصفه ق��رارا ً فرديا ً منشئا حلق
يدخل في نطاق فكرة القرار املضاد ووسيلة إنهائه ،وفقا ً ملا اجته إليه الفقه تكون عن
طريق قرار إداري مضاد محكوم بنص ،ويترتب على ذلك أمران :األول أن قاعدة توازي
الشكل واإلجراءات ال جتد مجال إعمالها في القرارات الشرطية طاملا تبنى النص حتديد
ذلك ،الثاني على اإلدارة أن تتقيد بالشروط الواردة في النص وهي تسلك سبيل إنهائها،
وهذا ما أكده الفقيهان «دويز» و«دوبيز» بالقول« :إن إلغاء التراخيص اخلاصة باملنشآت
املقلقة للراحة واخلطرة ال يتم دون قيد أو شرط ،إمنا يتحتم على اإلدارة أن تستند في
إلغائها إلى تخلف املرخص له عن تنفيذ االلتزامات املعروضة ،ووسيلة اإللغاء تكون
بقرار مضاد شرطي» ،وباملعنى نفسه جاء حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية ريفرز
Riversعام .)37(1947
الفرع الثاني
التطبيقات القانونية والقضائية للقرار اإلداري الكاشف
إن تناول التطبيقات القانونية والقضائية للقرار اإلداري الكاشف سيساعد على بيان
األثر الكاشف له ،وسيتضح ذلك من خالل عرض بعض منها في مقصدين كاآلتي:
املقصد األول -تطبيقات قانونية على القرار اإلداري الكاشف.
املقصد الثاني -تطبيقات قضائية على القرار اإلداري الكاشف.
د .عبد الفتاح حسن ،مبادئ القانون اإلداري الكويتي ،دار النهضة العربية ،بيروت ،1969 ،ص .639 (((3
د .سمير صادق املرصفاوي ،املبادئ العامة في القضاء اإلداري املصري ،دار الفكر احلديث للطباعة (((3
والنشر ،القاهرة ،1964 ،ص .617
د .أحمد فؤاد مهنا ،القانون اإلداري املصري واملقارن ،ج ،1اإلسكندرية ،1958 ،ص .578 (((3
د .ثروت بدوي ،تدرج القرارات اإلدارية ومبدأ املشروعية ،الدار العربية للموسوعات ،القاهرة،1982 ، (((3
ص .93
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 194
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
( ((3كمال أنور يابه ،املنازعة الضريبية في قانون ضريبة الدخل العراقي :دراسة مقارنة ،أطروحة دكتوراه
مقدمة إلى كلية القانون والعلوم السياسية ،جامعة صالح الدين ،العراق( ،2016 ،غير منشور)،
ص.28
A propos des dimensions objectifs de l’assiette impôt voir: Farjat G., Droit
économique, PUF, Paris, 1984, p. 36 et s. Chantebout (B), Organisation économique
de l’Etat, Ed. Sirey, Paris, 1965, p. 238. Dé Laubadere (A), droit public économique,
2ème édition, Dalloz, Paris, 1976‚ p. 35 et s. Paul Leroy-Beaulieu, Traité de la science
des finances, 2 tomes, Guillaumin et Cie, Alcan, Paris, 1996, p. 135. Michel Bouvier,
Introduction au droit fiscal et à la théorie de l’impôt, LGDJ, Paris, 2009, p.89. Pierre
Beltrame, La fiscalité en France, Hachette, Paris, 2005, p. 56. Jean-Jacques Bienvenu
et Thierry Lambert, Droit fiscal, PUF, Paris, 2003, p. 35. Martin Collet, Droit fiscal,
PUF, Paris, 2009, p. 335. Jacques Grosclaude et Philippe Marchessou, Droit fiscal
général, Dalloz, Paris, 2015, p. 89. Jean Lamarque et Olivier Négrin et Ludovic
Ayrault, Droit fiscal général, Litec, Paris, 2009, p. 246.
( ((3يقصد مببدأ قانونية الضريبة أنه ال ضريبة إال بقانون صادر عن السلطة التشريعية ،فالقانون هو
املصدر الوحيد لاللتزام بدين الضريبة ،وهذا اإللزام يفرض على املكلف أداء مبلغ نقدي يحدده القانون
والزمان واملكان الذي أوجب االلتزام به استنادا ً للقانون (د .حسني خالف ،األحكام العامة في قانون
الضريبة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،1966 ،ص.)112
195 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
الضرائب في يد السلطة التشريعية بوصفها أساس التمثيل النيابي في الدولة ،ويتم ذلك
وفق شروط وإج��راءات منظمة سلفا ً بواسطة الدستور والنصوص القانونية األخرى
املفسرة له( ،)40وهذا ما تبنته غالبية الدساتير املعاصرة( )41ومنها الدستور العراقي(.)42
ومن أهم النتائج املترتبة على مبدأ قانونية الضريبة عدم جواز تفويض السلطة التنفيذية
باالختصاصات احلصرية للسلطة التشريعية واملتعلقة بفرض الضريبة أو جبايتها
أو تعديلها أو اإلعفاء منها ،وبالنسبة للمش ِّرع الدستوري العراقي فإنه لم يكتف مبنع
السلطة التنفيذية أو تفويضها صالحية التشريع في شؤون الضرائب خالل األوضاع
العادية فحسب ،بل منعها ذلك أيضا ً حتى في ظل في الظروف االستثنائية( ،)43في حني
أنه بالنسبة لبعض الدساتير املقارنة نالحظ بأن مبدأ قانونية الضريبة لم يعد يتمسك
به بصفة مطلقة بل مت إدراج بعض االستثناءات عليه ،ومثالها الدستور الفرنسي النافذ
وال�ص��ادر في ،4/10/1958حيث أج��ازت امل��ادة ( )38منه للسلطة التشريعية تفويض
السلطة التنفيذية اختصاص إصدار لوائح لها قوة القانون نفسه ،تندرج موضوعاتها
ضمن املجاالت احملجوزة للسلطة التشريعية مبقتضى الدستور ،ويكون ذل��ك مقيدا ً
بتحقق بعض الشروط وأهمها غياب البرملان بسبب العطلة أو احلل ،ومن أهم املوضوعات
( ((4د .هاشم اجلعفري ،مبادئ املالية العامة والتشريع املالي ،ط ،3مطبعة سليمان األعظمي ،بغداد،1967 ،
ص.79
Lequét (P), «le budget de l’Etat, préparation, exécution, contrôle», imprimerie Bialec,
Nancy, France, 1982, p. 47.
( ((4املادة ( )38من الدستور املصري لسنة ،2014واملادة ( )126من دستور اإلمارات العربية املتحدة
لسنة 1971املعدل ،واملادة ( )111من الدستور األردني لسنة 1952املعدل ،واملادة ( )34من الدستور
الفرنسي لسنة 1958النافذ.
L’article 34 de la Constitution française du 04 octobre 1958‚ (modifier par la Loi
constitutionnelle n° 724–2008 du 23 juillet 2008 de modernisation des institutions
de la Ve République)‚ stipule que: «La loi fixe les règles concernant: l’assiette, le
taux et les modalités de recouvrement des impositions de toutes natures; le régime
d’émission de la monnaie. …».
( ((4املادة ( /28أوالً) من الدستور العراقي االحتادي لسنة 2005النافذ.
( ((4د .عامر عياش عبد ود .أحمد خلف حسني ،دستورية الضرائب في العراق ،مجلة الرافدين للحقوق،
كلية القانون ،جامعة املوصل ،املجلد ،13العدد ،49السنة ،16شباط/فبرابر ،2011 ،ص.227-226
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 196
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
اخلاضعة لهذا االستثناء الضرائب( ،)44وهو االجتاه الذي ك َّرسه أيضا ً الدستور املصري
لسنة 1971بواسطة امل��ادة ( )108التي خولت رئيس اجلمهورية عند الضرورة وفي
األحوال االستثنائية صالحية إصدار قرارات لها قوة القانون ،في املوضوعات التشريعية
ومنها موضوع الضرائب(.)45
أما بالنسبة لنا فإننا ال نؤيد املوقف املقارن األخير ،بالعكس نؤيد جدا ً موقف املش ِّرع
الدستوري العراقي القاضي مبنع إج��راء التفويض التشريعي ،وخصوصا ً في مجال
ف��رض وتنظيم ال�ض��رائ��ب ،ونعتبره انتهاكا ً ملبدأ قانونية الضريبة حتى ول��و أحيط
بضمانات ،ألن من شأن التفويض التشريعي فتح املجال أمام حتكم السلطة التنفيذية
بخصوص فرض الضريبة أو اإلعفاء منها.
بنا ًء على ما تقدم ،نستنتج بأن القرار الصادر من جهة اإلدارة بدفع الضريبة ال يعد
املصدر املباشر لاللتزام بدفع الضريبة ،طاملا أن اجلهة اإلداري��ة القابضة للضرائب ال
متلك السلطة التقديرية التي تخولها تقرير إصدار أو عدم إصدار القرار املتضمن فرض
الضريبة ،كما ال متلك صالحية حتديد مضمون هذا القرار (حتديد محل التزام املكلف
بدفع الضريبة) بناء على تقديراتها الذاتية ،والدليل على ذلك أن القانون يسمح للمكلف
بالضريبة -في بعض احلاالت -أن يقوم من تلقاء نفسه بدفع الضريبة من واقع إقراره،
حتى قبل وصول قرار الربط إليه من جهة اإلدارة القابضة(.)46
197 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
ثانياً -الرسوم
تع ُّد كل من الضرائب والرسوم من االقتطاعات املالية الرئيسية التي تستعني بها الدولة
من أجل تغطية نفقاتها العامة املتزايدة واملتباينة ،لكن هذا التجانس ال يعني متاثلهما من
حيث املفهوم والطبيعة والشروط القانونية املقررة لكل منهما ،فالضريبة متثل مبلغا ً نقديا ً
يدفع جبرا ً من الشخص املعني إلى الدولة بدون مقابل ،في حني أن الرسوم عبارة عن
مبلغ نقدي تأخذه الدولة جبرا ً من األفراد مقابل خدمة معينة تقدمها الدولة لدافعه(.)47
نص الدستور العراقي االحتادي لسنة 2005النافذ( )48على أحقية الدولة في هذا الصدد َّ
في فرض التكاليف املالية -ومنها الرسوم -بواسطة املعيار التشريعي ،أي بواسطة
القانون الصادر عن السلطة التشريعية وفق الشروط واإلجراءات التي يفرضها القانون،
والنتيجة األولى التي نستخلصها من ذلك أن الدستور العراقي النافذ ساوى بني الضرائب
والرسوم من حيث إلزامية فرضهما مبقتضى نص قانوني صادر عن البرملان ،وهذا ما
نطلق عليه مببدأ قانونية الضريبة والرسم ،كما توخى إخضاعهما للشروط واإلجراءات
القانونية نفسها ،السيما من حيث حمايتهما باحلصانة الدستورية نفسها املتمثلة في أن
فرض أي منهما أو تعديله أو اإلعفاء منه أو إلغاءه ال يكون إال مبوجب نص القانون ،وهذا
الوضع يقودنا للقول بأن القرار اإلداري الصادر بخصوص الرسم -فرضا ً أو تعديالً أو
إعفا ًء أو إلغا ًء -ال يعد مصدرا ً لاللتزام به ،شأنه في ذلك شأن الضريبة ،بل يعد القانون
املصدر املباشر لهذا االلتزام ،طاملا أنه ينفرد بفرضه وتنظيمه.
املقصد الثاني -تطبيقات قضائية على القرار اإلداري الكاشف
كما ذكرنا سابقاً ،قد يحصل أن يلزم املش ِّرع اإلدارة باتخاذ قرار معني على نحو معني،
وال يترك لها أي مجال الستعمال سلطتها التقديرية في مجال املوافقة على اتخاذ هذا
القرار من عدمه ،وتتحقق هذه احلالة في تلك الفروض التي تكون فيها القواعد القانونية
قد حددت بطريقة مسبقة تصرفا ً ومسلكا ً معينا ً بالذات يجب على اإلدارة أن تسلكه ،إذا
ما حتققت شروط معينة أو ظروف حددها النص( ،)49وهنا تكون اإلدارة ملتزمة بالتدخل
وإصدار القرار على النحو الذي حدده القانون ،طاملا حتققت الشروط واألوضاع التي
( ((4د .رائد ناجي أحمد ،مدى اختصاص احملافظات غير املنتظمة بإقليم بفرض الضرائب والرسوم ،مجلة
كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية ،جامعة كركوك ،العراق ،املجلد ،4اإلصدار ،12جزء،2015 ،1
ص.370
( ((4املادة ( /28أوالً) من الدستور العراقي االحتادي لسنة 2005النافذ.
(49) Bourjol (M), droit administratif, T2, le contrôle de l’action administrative, ED
Masson, Paris, 1973‚ p. 61 et s.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 198
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
نص عليها القانون ،و ُيكيَّف قرارها في مثل هذه الفروض بأنه قرار كاشف عن حق ثابت
مبقتضى نص القانون.
ومن تطبيقات ذلك في قضاء احملكمة اإلداري��ة العليا في مصر ،حكمها الصادر في 10
أبريل 2004والذي جاء فيه« :املبادئ األساسية املتعلقة بالضرائب والرسوم التي أوردها
الدستور متثل مبدأ شرعية الضرائب والرسوم ،الذي يتحتم مبقتضاه أن ينظم بالقانون
وحده األركان األساسية واجلوهرية التي يقوم عليها النظام القانوني للضرائب والرسوم،
ويتعني أن ينظم بالقانون وليس ب��أداة تشريعية أدن��ى منه حتديد الشخص اخلاضع
للضريبة ،وكذلك الوعاء اخلاضع للضريبة ،والسعر الذي تتحدد به الضريبة (القواعد
األساسية لتحصيل الضريبة) ،وفي هذه احلالة تكون قرارات اإلدارة الضريبية املخالفة
للدستور أو القانون قابلة لإللغاء ،ولو مضى عليها زمن طويل ،ما لم ينص القانون على
غير ذلك صراحة بنصوص صريحة وقاطعة الداللة»( ،)50ومن األمثلة التطبيقية أيضا ً على
القرارات اإلدارية الكاشفة حكم احملكمة اإلدارية العليا في مصر املؤرخ في 20ديسمبر
2003واملتضمن أن« :املش ِّرع تكفل بتحديد الشروط الواجب توافرها في الصيدليات،
ونظم إجراءات الترخيص بها تنظيما ً دقيقاً ،حدد فيه نطاق سلطة اجلهة اإلدارية ،بحيث
يقف عند حد التحقق من توافر شروط الترخيص كما رسمها القانون ،دون أن يخول هذه
اجلهة أي مجال للتقدير في شأن منح الترخيص أو منعه خارج هذا اإلطار»(.)51
من جهته تطرق مجلس الدولة الفرنسي إلى موضوع القرارات الكاشفة مميزا ً إياها عن
القرارات املنشئة ،وذلك في عدة قرارات له أهمها قراره الصادر سنة 2008في قضية
الفيدرالية الوطنية للمستشفيات اخلاصة وال��ذي جاء فيه...« :ينحصر دور القرارات
الكاشفة في تأكيد مركز قانوني موجود من قبل ،أو تقرير حالة قائمة بصفة مسبقة،
وال حت��دث تغييرا ً في املراكز القانونية القائمة ،وتبرز أهمية ه��ذا التمييز بينها وبني
القرارات املنشئة من ناحيتني ،أوالً في مجال مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية ،إذ إن
القرارات املنشئة ال تنتج آثارا ً إال بالنسبة للمستقبل ،أما القرارات الكاشفة فإن آثارها
تنتج من تاريخ نشأة املركز القانوني الذي تكشف عنه ،فهي تكشف عن املركز القانوني
محل ال�ق��رار وال تنشئه؛ ألن أص��ل احل��ق مستمد من القانون بصفة مباشرة ،وثانيا ً
( ((5حكم احملكمة اإلدارية العليا في مصر ،الطعن رقم 3745لسنة 45قضائية بتاريخ 10أبريل ،2004
مجموعة املبادئ القانونية التي قررتها احملكمة اإلدارية العليا ،السنة التاسعة واألربعون ،من أول
أكتوبر 2003إلى آخر سبتمبر ،2004ص.574
( ((5حكم احملكمة اإلدارية العليا في مصر ،الطعن رقم 7809لسنة 45قضائية بتاريخ 20ديسمبر ،2003
مجموعة املبادئ القانونية التي قررتها احملكمة اإلدارية العليا ،مرجع سابق ،ص.178
199 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
، حيث يجوز سحب القرارات الكاشفة بشكل مطلق،في مجال سحب القرارات اإلدارية
في حني أن القرارات املنشئة ال يجوز،دون أن تتقيد اإلدارة املعنية في ذلك مبيعاد محدد
على أن تتقيد اإلدارة أثناء إجراء السحب مبيعاد، بل يجوز سحب بعضها،سحبها كلها
.)52(»الطعن باإللغاء
(52) TC, 27 novembre 1952, Préfet de Guyane Rec. p. 642; JCP G 1953, II, 7598, note
Vedel. CE, 27 janvier 1982, requête numéro 29523, Bertin (Rec. p. 37; AJDA 1982,
p. 401, obs. SS; D. 1982, p. 177, conclusion Stirn). CE, 14 mai 2003, requête numéro
251481, Maron (JCPA 2003, 1637, note Taillefait). CE, 26 octobre 2011, requête
numéro 350081, Beaumont (Rec. tables p.838; Droit administratif. 2012, 9, note
Fleury). Est ainsi consacrée la solution retenue par le Conseil d’Etat dans son arrêt
d’Assemblée du 5 mars 1999, Président de l’Assemblée communale APC (requête
numéro 163328: Rec. p. 42, conclusion Bergeal; CJEG 1999, p. 181, conclusion
Bergeal; AJDA 1999, p. 409, chronique.
م2019 هـ – ديسمبر1441 ربيع اآلخر – جمادى األول- 28 العدد التسلسلي- السنة السابعة- 4 العدد- مجلة كلية القانون الكويتية العالمية 200
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
املبحث الثاني
خصوصية القرار اإلداري بوصفه مصدرا ً لاللتزامات القانونية
أشرنا سابقا ً إلى أن القانون قد يكون مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام ،وذلك عند خضوع اإلدارة
ألحكام القانون فتطبقه في حدود اختصاصها املقيد ،وهنا يكون األثر املترتب على القرار
اإلداري كاشفا ً حلق ثابت في القانون ،لكن ليس ثمة شك في أن اإلدارة متلك سلطة
إصدار التشريع الفرعي (اللوائح أو األنظمة) والتي ال ميكن اعتبارها مجرد تطبيق لقاعدة
قانونية قائمة من قبل ،بل إنها تصدر مستقلة عن هذه القواعد ومتضمنة لقواعد جديدة،
فضالً عن ذلك فإن املش ِّرع قد مينح اإلدارة سلطة تقديرية في حاالت معينة ،فتمارس
هذه األخيرة مبقتضاها حرية واسعة نسبيا ً في مجال تقدير مالءمة األعمال والقرارات
التي تتخذها ،وفي مثل هذه احلاالت قد ال يكون عمل اإلدارة في مجال مباشرتها لهذه
السلطة التقديرية مجرد عمل تنفيذي لنصوص القانون ،وهذا يعني أنه في ظل احلالتني
املذكورتني أعاله يكون القرار اإلداري مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام .باإلضافة إلى ما سبق
بيانه ،فإنه قد يسمح املش ِّرع لإلدارة أحيانا ً باخلروج على مبدأ (خضوع اإلدارة للقانون
وع��دم اخل��روج على أحكامه) وذل��ك عند وج��ود ظ��روف استثنائية ،حيث تتمتع اإلدارة
بصالحيات خاصة تتيح لها اتخاذ ق��رارات إداري��ة ،تفرض التزامات على األف��راد في
املجاالت التي هي من اختصاص السلطة التشريعية في األصل ،وكذلك األمر بالنسبة
لالمتيازات والسلطات التي تتمتع بها اإلدارة في مجال تعديل العقد اإلداري بإرادتها
املنفردة ،حيث ميكنها إصدار قرارات إدارية منفصلة عن العقد اإلداري ،من شأنها زيادة
األعباء الواقعة على كاهل املتعاقد معها ،وهو ما ميثل خروجا ً على األس��اس القانوني
التقليدي القائم على فكرة توازن التزامات األطراف.
ولإلملام بهذه الفكرة ،فقد فضلنا تقسيم هذا املبحث إلى مطلبني أساسيني ،يعرض األول
لنظرية السلطات االستثنائية لإلدارة ،بينما يتضمن الثاني نظرية فعل األمير.
وسنتناول ذلك على النحو اآلتي:
املطلب األول
نظرية السلطات االستثنائية لإلدارة
من املتفق عليه أن القوانني واألنظمة إمن��ا وضعت لتطبق في الظروف العادية ،ولكن
قد تطرأ على املجتمع ظ��روف استثنائية ،كاألزمات االقتصادية واحل��روب والكوارث
الطبيعية ،مثل الفيضانات والزالزل وغيرها ،ففي مثل هذه الظروف ال جتدي األساليب
201 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
التي قررتها القوانني في الظروف العادية ،توسيع اختصاصات وسلطات اإلدارة بصفة
مؤقتة ،في إطار ما يسمى بالشرعية االستثنائية التي تعوض الشرعية العادية خالل هذه
الظروف( ،)53لذلك يصبح بإمكان اإلدارة اتخاذ تدابير استثنائية تتسم باملخالفة الصريحة
للقوانني ،بشكل ال يتناسب مت��ام�ا ً م��ع مقتضيات مبدأ املشروعية ف��ي ظ��ل الظروف
العادية( ،)54ومن تطبيقات ذلك خروج بعض القرارات اإلدارية الصادرة في ظل الظروف
االستثنائية من اخلضوع لقواعد املشروعية ،بالقدر الالزم ملجابهة الظروف الواقعة.
في ضوء ما تقدم ،سنقسم هذا املطلب إلى فرعني ،أولهما سيتناول مفهوم السلطات
االستثنائية لإلدارة ،وثانيهما يكون مخصصا ً لالستيالء املؤقت على العقار كتطبيق من
تطبيقات السلطات االستثنائية لإلدارة ،وذلك على النحو اآلتي:
الفرع األول
مفهوم السلطات االستثنائية لإلدارة
جتد نظرية سلطات اإلدارة في ظل الظروف االستثنائية -أي نظرية الظروف االستثنائية-
مصدرها من فكرة الضرورة( ،)55وذلك عند تعرض البالد لظروف استثنائية كاحلرب
أو الفيضان أو تفشي الوباء وغير ذلك من ك��وارث محدقة ،وأثناء حدوث ذلك تسارع
السلطات اإلدارية إلى اتخاذ تدابير وإجراءات استثنائية عديدة ،من بينها متكني السلطة
التنفيذية من مجابهة الظرف االستثنائي ،من خالل تخويلها صالحية سن التشريعات
املالئمة الستتباب األمن العام(.)56
د .حسني عثمان محمد عثمان ،قانون القضاء اإلداري ،منشورات احللبي احلقوقية ،بيروت،2010 ، (((5
ص.65-64
يقصد مببدأ املشروعية سيادة أحكام القانون في الدولة ،وهو ما يقتضي أن تخضع الدولة بهيئاتها (((5
وأفرادها جميعهم ألحكام القانون وأال تخرج عن حدوده ،ومن ثم ال يكفي أن يخضع األفراد وحدهم
للقانون في عالقاتهم اخلاصة ،بل إنه من الضروري أن تخضع له أيضا ً السلطات العامة -التشريعية
والتنفيذية والقضائية -في الدولة ،فال تستطيع أن تتخذ قرارا ً أو عمالً إال ما كان متفقا ً مع أحكام القانون
وفي إطاره ،د .أحمد مدحت علي ،نظرية الظروف االستثنائية ،الهيئة املصرية العامة للكتاب ،القاهرة،
،1978ص7؛ د .مازن ليلو راضي ،أصول القضاء اإلداري ،ط ،1دار نيبور للطباعة والنشر والتوزيع،
العراق ،2016 ،ص17؛ د .محمد رفعت عبد الوهاب ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.12
نظرية الضرورة هي نظرية متكاملة وشاملة ،وجدت جذورها وأصلها في الشريعة اإلسالمية، (((5
وقد توجد تطبيقاتها في مختلف فروع القانون اخلاص والقانون العام ،فهي موجودة في القانون
املدني بوصفها سببا ً من أسباب التخفيف أو اإلعفاء من املسؤولية ،كما أنها مطبقة في قانون
األحوال الشخصية ،وفي فروع القانون العام جند لها تطبيقات كثيرة مثل القانون اجلنائي واإلداري
والدستوري.
د .أحسن رابحي ،النشاط التشريعي للسلطة التنفيذية ،دار الكتاب احلديث ،القاهرة ،2013 ،ص.82 (((5
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 202
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
مبدئيا ً نشير إلى أن نظرية الظروف االستثنائية هي نظرية قضائية يرجع مصدرها
وأساسها إلى بعض أحكام مجلس الدولة الفرنسي التي أصدرها بعد احلرب العاملية
األولى ،والتي نظمت بشكل متفرق الزوايا املوضوعية والقانونية للنظرية ،والتي مفادها
أن سلطات اإلدارة تكون أكثر اتساعا ً ومرونة خالل األوقات االستثنائية ،من أجل متكني
هذه األخيرة من السيطرة على الوضع وفرض النظام العام ،وهنا نضيف بأن نظرية
الظروف االستثنائية وإن ارتبطت -منذ حقبة طويلة -مبوضوع الضبط اإلداري (األمن
العام) ،إال أن ذلك ال يعني حصر نطاق تطبيقها في هذا املجال فحسب ،بل يتعني تعميم
تطبيقها على مستوى املجاالت املتعلقة بتنظيم وتسيير املرفق العام(.)57
من بني األعمال اإلداري��ة األكثر تأثرا ً بهذا التكييف املؤقت واالستثنائي نذكر القرارات
اإلداري���ة ،خصوصا ً تلك املتعلقة بتنظيم وس��ائ��ل وأه ��داف األم��ن ال�ع��ام ،حيث تصبح
القرارات اإلدارية ،التي تكون غير مشروعة في ظل قواعد املشروعية العادية ،مشروعة
نتيجة وجود الظروف االستثنائية( ،)58لكن ذلك لن يكون بشكل مطلق ،فالضرورة يجب
أن تُقدر بقدرها ،وه��ذا يعني بأن ص��دور القرار باملعنى السابق يجب أن يكون الزما ً
وضروريا ً بالقدر املالئم ملواجهة الظرف االستثنائي(.)59
وفضالً عن أحكام القضاء اإلداري ،تستمد نظرية الظروف االستثنائية بعض أسسها
وقواعدها أيضا ً من التشريعات املختلفة (القوانني واللوائح) ،السيما تلك املنظمة ملهام
وسلطات الهيئات اإلدارية املختلفة خالل حدوث تلك الظروف أو قبلها ،وهذا ما نصت
عليه -على سبيل املثال -كل من املادة ( )16من الدستور الفرنسي النافذ الصادر عام
،)60(1958وامل��ادة ( )156من دستور مصر لسنة ،2014وكذلك امل��ادة (/58تاسعاً) من
( ((5كاظم علي اجلنابي ،سلطات رئيس الدولة التشريعية في ظل الظروف االستثنائية :دراسة مقارنة،
رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون ،جامعة بغداد ،1995 ،ص.54
(58) Wachsmann (P), «la légalité administrative est – elle en crise?», in droit, N°4, Paris,
1986, pp. 9–20.
( ((5د .محمد رفعت عبد الوهاب ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها.
( ((6نصت املادة ( )16من الدستور الفرنسي على أن لرئيس اجلمهورية سلطات واسعة في الظروف
االستثنائية شرط تعرض الدولة خلطر جسيم وحال تهدد أنظمة اجلمهورية أو استقالل الوطن
أو سالمة أراضيه أو تنفيذ تعهداته الدولية ،إضافة إلى ذلك يجب أن يؤدي ذلك اخلطر إلى انقطاع
السلطات العامة الدستورية عن مباشرة مهماتها ،وإلى جانب هذين الشرطني املوضوعيني ملمارسة
هذه السلطات ،يلزم الدستور توافر شرط شكلي يتمثل بإجراء التشاور مع الوزير األول أو رؤساء
املجالس واملجلس الدستوري وإخطار الشعب بذلك.
Article 16 de la Constitution Française du 04 octobre 1958. Sur ce point d’analyse
voir: Beaud (O), Traité de droit constitutionnel et institutions politiques, LGDJ, Paris,
2004, pp. 171–186.
203 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
الفرع الثاني
االستيالء املؤقت على العقار تطبيقا ً للسلطات االستثنائية لإلدارة
من خالل هذا الفرع ،سوف نحاول اإلملام مبوضوع االستيالء املؤقت على العقارات من
خالل حتديد مفهومه (أوالً) ،بيان تأصيله القانوني (ثانياً) ،وأخيرا ً االلتزامات الناشئة
عن القرار اإلداري املتضمن االستيالء املؤقت (ثالثاً).
وذلك في ثالثة مقاصد أساسية وهي:
املقصد األول -مفهوم االستيالء املؤقت على العقار
بداية يتعني علينا التوضيح بأن لالستيالء املؤقت أنواع عديدة ،منها ما يرد على العقارات
ومنها ما يرد على املنقوالت ،ولكن ما يهمنا أكثر في هذه الدراسة هو االستيالء املؤقت
( ((6املادة ( /58تاسعاً) من الدستور العراقي االحتادي لسنة 2005النافذ ،حيث تنص على أن« :ج -يخول
رئيس مجلس الوزراء الصالحيات الالزمة التي متكنه من إدارة شؤون البالد خالل مدة إعالن احلرب
وحالة الطوارئ ،وتنظم هذه الصالحيات بقانون ،مبا ال يتعارض مع الدستور».
(62) Savatier R., La théorie des obligations en droit privé économique, 4ème édition
Dalloz, Paris, 1979‚ p. 34 et s.
( ((6ألن األصل في القواعد العامة تقضي بعدم حرمان أحد من ملكه ومنافعه إال للمصلحة العامة والنفع
العام مقابل تعويض عادل .الحظ :املادة ( )23من الدستور العراقي االحتادي لسنة ( )2005النافذ،
واملادة ( )1050من القانون املدني العراقي.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 204
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
على العقارات ،والذي ع َّرفه جانب من الفقه بأنه« :إجراء إداري تقوم به اإلدارة ،بإرادتها
املنفردة وبصفة مؤقتة ،ولضرورات استثنائية عامة تقدرها ،باالستيالء على العقار أو
العقارات اململوكة لقاء تعويض عادل ،مع احتفاظ املالك مبلكه»( ،)64في املقابل لم تأخذ
غالبية التشريعات املقارنة على عاتقها عناء تعريف هذا اإلجراء ،بل اكتفت بالتركيز على
دواعيه وشروطه القانونية( ،)65من أجل ضمان املوازنة بني الضرورات العملية التي
تفرض على اإلدارة اللجوء إلى تطبيق هذا اإلج��راء االستثنائي ،واملقتضيات القانونية
املقررة في الدستور( )66والقانون( ،)67والتي تكرس حماية فعلية للملكية اخلاصة(،)68
وهي الفكرة التي مت تعزيزها فعالً من طرف املش ِّرع ،من خالل تضييق نطاق تطبيق
إج��راء االستيالء املؤقت على العقارات اململوكة لألفراد ،فقط خالل األوق��ات الطارئة
()70
واالستثنائية ،دون األوق��ات ال�ع��ادي��ة( ،)69وه��ذا ما أخ��ذ به كل من امل�ش� ِّرع العراقي
والفرنسي( )71وامل �ص��ري( ،)72مع وج��ود بعض االختالفات بينهم ،السيما بني قانون
االستمالك العراقي النافذ والقانون املصري رق��م 10لسنة 1990بشأن ن��زع امللكية
للمنفعة العامة ،وهذا بخصوص عنصري املدة والتعويض كأهم عناصر إجراء االستيالء
املؤقت على العقار ،كما سنرى ذلك الحقاً.
( ((6نقالً عن :د .كالويز مصطفى إبراهيم و د .رعد أدهم عبد احلميد ،النطاق القانوني لسلطة اإلدارة في
االستيالء :دراسة مقارنة ،مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية ،جامعة كركوك ،العراق،
املجلد الرابع ،العدد ،2015/5/1 ،13ص.7
Chapus (R), droit administratif général, 15ème Edition, Ed Montchrestien, Paris,
2001, p. 25. Déforges (J .M), droit administratif, PUF, Paris, 1991‚ pp. 123,136.
( ((6الحظ :املادة ( )26من قانون االستمالك العراقي رقم 12لسنة 1981النافذ ،وتقاربها املادة ( )15من
القانون املصري رقم ( )10لسنة 1990بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة.
( ((6الحظ :املادة ( )23من الدستور العراقي االحتادي لسنة 2005النافذ ،وتقاربها املادة ( )35من دستور
جمهورية مصر لسنة ،2014واملادة ( )21من دستور اإلمارات العربية املتحدة لسنة 1971املعدل،
واملادة ( )11من دستور األردني لسنة 1952املعدل.
( ((6املادة ( )1050مدني عراقي حيث تنص على أنه« :ال يجوز أن يحرم أحد من ملكه ،إال في األحوال
التي قررها القانون وبالطريقة التي يرسمها ،ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل يدفع إليه مقدماً»،
وتقابلها املادة ( )805من القانون املدني املصري ،وتقاربها املادة ( )1135من قانون املعامالت املدنية
لدولة اإلمارات العربية املتحدة واملادة ( )1020من القانون املدني األردني ،واملادة 544من القانون
املدني الفرنسي.
الحظ :املادة ( /26ثانياً) من قانون االستمالك العراقي النافذ. (((6
الحظ :املادة ( )15من القانون املصري رقم ( )10لسنة 1990بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة. (((6
الحظ :املادة ( /26أوالً) من قانون االستمالك العراقي النافذ. (((7
املادة ( )12من األمر رقم 1345 - 2014املؤرخ في 2014/11/6املتعلق بقانون نزع امللكية من أجل (((7
املنفعة العامة.
قانون رقم 10لسنة 1990املتعلق بنزع امللكية للمنفعة العامة. (((7
205 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
( ((7تقاربها املادة ( )15من القانون املصري رقم 10لسنة 1990بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة.
( ((7وهي سنتان مبوجب املادة ( )28من قانون االستمالك العراقي لسنة 1981النافذ ،تبدأ املدة من تاريخ
صدور القرار باالستيالء على العقار.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 206
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
( ((7إن املادة ( )2/6من القانون املصري رقم 49لسنة 1977بشأن إيجار األماكن تنص على أنه« :تعتبر
األماكن الصادر في شأنها قرارات استيالء لشغلها مؤجرة إلى اجلهات التي مت االستيالء لصاحلها»،
الحظ :د.سمير عبد السيد تناغو ،مرجع سابق ،ص ،557وال مقابل لهذا النص في القانون العراقي.
( ((7الحظ :املادة ( )15من القانون املصري رقم 10لسنة 1990بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة ،وكذلك
املادة ( )445من القانون املدني الفرنسي (املعدل واملتمم) ،لكن في املقابل ُيالحظ أن قانون االستمالك
العراقي رقم 12لسنة 1981النافذ لم يتناول موضوع تعويض مالك العقار املستولى عليه مقابل عدم
انتفاعه بالعقار طيلة مدة االستيالء ،وموقف املشرع العراقي بهذا اخلصوص منتقد ويعد هذا نقصا ً
في القانون ال بد من تالفيه؛ ألن األصل في القواعد العامة تقضي بعدم حرمان أحد من ملكه ومنافعه
إال للمصلحة العامة والنفع العام مقابل تعويض عادل .الحظ :املادة ( )23من الدستور العراقي
االحتادي لسنة ( )2005النافذ ،واملادة ( )1050من القانون املدني العراقي.
( ((7د .سمير عبد السيد تناغو ،مرجع سابق ،ص.557
207 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
يختلف متاما ً عن التزام اإلدارة بدفع التعويض عن عدم انتفاع مالك العقار مبلكه
طيلة فترة االستيالء ،ولهذا االختالف عدة أوجه ،أوالً :اختالف من حيث املصدر،
إذ إن التزام اإلدارة بدفع التعويض مصدره القرار اإلداري باالستيالء املؤقت
على العقار ،في حني التزام املستأجر بدفع األجرة مصدره عقد اإليجار ،ثانياً:
اختالف من حيث املقابل املالي ،إذ إن مقدار األجرة يتم حتديدها باتفاق املتعاقدين
(املؤجر واملستأجر) ،وفي احلاالت التي يغفل فيها املتعاقدان حتديد هذه األجرة
أو يتعذر عليهما حتديدها يلتزم املستأجر بدفع أجرة املثل( ،)78في حني أن مبلغ
التعويض الذي يتعني على اإلدارة دفعه ملالك العقار عن فترة عدم انتفاعه بالعقار
املستولى عليه( )79يتم تقديره من قبل جلنة خاصة تُش َّكل لهذا الغرض( ،)80ثالثا ً
وأخ �ي��راً :يتقادم دي��ن األج��رة بخمس سنوات يبدأ حسابها من تاريخ وجوب
أدائ��ه على املدين ،باعتبار األج��رة من الديون الدورية املتجددة( ،)81في حني أن
دعوى التعويض عن احلرمان من حق امللكية ،ومنها التعويض عن قرار اإلدارة
باالستيالء املؤقت على العقار تسقط بانقضاء مدة التقادم الطويل ،وهو ما أكده
مجلس الدولة الفرنسي في عدة قرارات له( ،)82قبل أن يتم تكريسه أيضا ً من طرف
محكمة النقض املصرية(.)83
.2التزام اإلدارة باحملافظة على العقار املستولى عليه وتعويض مالك العقار عما
الحظ :املادة ( )738مدني عراقي ،وتقابلها املادة ( )562من القانون املدني املصري ،غير أن بعض (((7
القوانني املدنية اتخذت موقفا ً مغايراً ،ويشترط أن تكون األجرة معلومة ،وإذا كانت األجرة مجهولة
جاز فسخ اإلجارة ،الحظ :املادة ( )748من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية املتحدة
واملادتني ( )663و( )664من القانون املدني األردني.
الحظ :املادة ( )15من القانون املصري رقم ( )10لسنة 1990بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة. (((7
الحظ :املادة ( )6من القانون املصري رقم ( )10لسنة 1990بشأن نزع امللكية للمنفعة العامة. (((8
الحظ :املادة ( )1 /430مدني عراقي ،وتقابلها املادة ( )1/375من القانون املدني املصري ،وتقاربها (((8
املادة ( )474من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية ،واملادة (/445فقرة ثانية) من التقنني
املدني الفرنسي ،واملادة (/9فقرة )1من القانون الفرنسي املتعلق بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة
املعدل بواسطة األمر رقم ( 2014 - 1345السابق ذكره).
(82) Conseil d´Etat, Assemblée, 30 mars 1966, Département administratif territorial
d’Orléans: Rec. tables, p. 757 et 995 requête numéro 50515; AJDA 1966, p. 350,
chronique, Puissoche et Lecat; D, 1966, p. 582 note Madrague; JCP 1967, 150, note
Dehaussy; RDP 1966, p.774, conclusion Bernard p. 995, note Waline. -V. sur ces
questions infra p.643 s.).. Rec. p. 138; RDP 1947, p. 95, note Waline; S. 1947, III,
p. 89, conclusion Celier.
( ((8الحظ :الطعن رقم 2650لسنة 59ق ،جلسة ،1994/12/27أشار إليه :د .صبري محمد السنوسي
محمد ،أحكام التقادم في مجال القانون العام ،مطبوعات جامعة الكويت ،2005 ،ص.210
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 208
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
209 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
.2التزام مالك العقار بصيانة العقار املستولى عليه ،وهذا في حال حدوث أي خلل
في العقار من شأنه أن يؤدي إلى اختالل في املنفعة املقصودة منه ،وهو التزام
لم تنص عليه غالبية التشريعات املقارنة ،السيما التشريعني العراقي واملصري،
لكن يستدل عليه بالرجوع إلى القواعد العامة املنصوص عليها في القانون املدني،
والتي تقضي بأن اإلدارة تدفع مقابالً ملالك العقار نظير انتفاعها بالعقار ،ولهذا
يكون من حقها أن تطالبه بإصالح ما يحدث من خلل أو اضطراب في االنتفاع
به.
.3التزام مالك العقار املستولى عليه بالضمان ،كما ذكرنا ذلك سابقا ً عند التطرق إلى
التزامات اإلدارة ،فإن األخيرة ملزمة بدفع تعويض عادل للمالك ،مقابل انتفاعها
بالعقار طيلة مدة االستيالء املؤقت عليه ،وهذا يعني -وفقا ً للقواعد العامة املقررة
في القانون املدني -إقرار التزام املالك بضمان حق اإلدارة في االنتفاع بالعقار
املستولى عليه ،وه��و االجت��اه التشريعي الراجح في الوقت احلاضر ،بخالف
املشرع العراقي الذي قصر التزام مالك العقار املستولى عليه في حدود تسليم
العقار إلى اإلدارة فقط ،دون االلتزام بصيانته أو ضمانه ،ومرجع ذلك أن قانون
االستمالك العراقي ال مينح مالك العقار أي حق في احلصول على تعويض مقابل
عدم انتفاعه بالعقار طيلة مدة االستيالء املؤقت على العقار (كما أشرنا إلى ذلك)،
وبالتالي فإن إلزامه بالصيانة والضمان يعتبر مجحفا ً جدا ً وغير منطقي.
املطلب الثاني
نظرية فعل األمير
من املبادئ املستقرة في القانون اخلاص قاعدة (العقد شريعة املتعاقدين) ،والتي تعني أنه
على املتعاقدين تنفيذ العقد طبقا ً ملا اشتمل عليه ،وبطريقة تتفق مع ما يوجبه مبدأ حسن
النية ،ومن ثم ال يجوز ألي منهما التحلل من التزاماته بصورة منفردة ،أو تعديل العقد
أو نقضه إال باتفاق مع املتعاقد اآلخر ،وهي القاعدة املكرسة أيضا ً في إطار العقد اإلداري
الذي يستمد أسسه وقواعده من أحكام العقد املدني ،بغض النظر عن بعض اخلصائص
اخلاصة التي يتميز بها العقد اإلداري دون العقد املدني ،السيما خاصية عدم مساواة
وتكافؤ مركز املتعاقد مع مركز اإلدارة املتعاقدة منه ،بحكم تفاوت األهداف التي يسعى
إليها كل منهما ،فاإلدارة تستهدف حتقيق مصلحة عليا هي املصلحة العامة ،ولذلك تُعطى
لها األفضلية واألولوية على حساب مصلحة املتعاقد اخلاصة واملتمثلة في حتقيق الربح،
وتبعا ً لذلك يكون بإمكان اإلدارة التحلل من التقيد بقاعدة العقد شريعة املتعاقدين ،من
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 210
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
خالل تعديل العقد اإلداري بإرادتها املنفردة ،دون حاجة لطلب موافقة الطرف املتعاقد
معها ،ودون حاجة للجوء إلى القضاء كما هو احلال بالنسبة للعقود املدنية املبرمة بني
األفراد ،لكن سلطة اإلدارة في تعديل العقد ليست مطلقة ،بل مقيدة بإعادة التوازن املالي
للعقد ،من خالل تعويض املتعاقد على األعباء اجلديدة التي تكبدها بسبب تعديل العقد،
وهي الفكرة التي تستمد مرجعها من نظرية عريقة ذات أصول قضائية هي نظرية فعل
األمير ،التي سوف نحاول اإلحاطة بها من خالل دراسة فكرتني رئيسيتني وهما مفهوم
نظرية فعل األمير (الفرع األول) ،ودور القرار اإلداري بوصفه مصدرا ً لاللتزام على
طرفي العقد اإلداري (الفرع الثاني) ،وذلك على النحو التالي:
الفرع األول
مفهوم نظرية فعل األمير
سنتناول مفهوم نظرية فعل األمير من خالل التطرق إلى مضمون نظرية فعل األمير
أوالً ،وبيان أساس التعديل االنفرادي للعقد اإلداري ثانياً ،وذلك في مقصدين كاآلتي:
املقصد األول -مضمون نظرية فعل األمير
ُيقصد بفعل األمير اإلج��راءات واألعمال الصادرة من اجلهة اإلداري��ة املتعاقدة ،والتي
من شأنها أن تؤدي إلى زيادة أعباء املتعاقد عما هو محدد في العقد ،ولهذا تلتزم اإلدارة
بتعويض املتعاقد معها عن األض��رار التي حلقت به ج��راء ذل��ك( ،)91كما عرفت محكمة
القضاء اإلداري في مصر هذه النظرية بقولها ...« :إن املقصود بنظرية فعل األمير هو كل
إجراء تتخذه السلطة العامة ويكون من شأنه زيادة األعباء املالية للمتعاقد مع اإلدارة أو
في االلتزامات التي ينص عليها العقد ،وهو ما يطلق عليه باملخاطر اإلدارية»(.)92
في هذا الصدد نشير بأن القاعدة العامة تقتضي لزوم العقد لعاقديه ،وعدم جواز نقضه
أو تعديله إال مبوافقة أطرافه( ،)93أو باإلرادة املنفردة ألحد أطرافه استنادا ً إلى نص في
( ((9د .محمد فؤاد عبد الباسط ،أعمال السلطة اإلدارية (القرار اإلداري ،العقد اإلداري) ،دار الفكر اجلامعي،
اإلسكندرية ،دون سنة نشر ،ص.466
Voir aussi: Richer (L.), Le contrat de mandat au risque du droit administratif, CJEG,
Paris, 1999, p.127. Weil (P.), Le critère du contrat administratif en crise, Mélanges
Waline, Paris, p. 847.
( ((9حكم محكمة القضاء اإلداري في ،1957/6/30املبادئ التي قررتها احملكمة اإلدارية العليا ،مرجع
سابق ،ص.607
( ((9الحظ :املادة ( )1/146مدني عراقي ،و ُتقاربها املادة ( )267من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات
العربية املتحدة واملادة ( )1/147من القانون املدني املصري.
211 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
القانون( ،)94وهذا األمر ُيعد منطقيا ً بالنسبة للعقود العادية التي يبرمها األفراد فيما بينهم،
والتي تفترض مساواتهم وتكافؤهم في املراكز العقدية والقانونية .أما بالنسبة للعقود
اإلدارية فإن تعميم تطبيق هذه القاعدة عليها أيضا ً من شأنه أن يؤدي إلى حصول عدة
إشكاالت عملية ،أهمها تعطيل أحد أهم املبادئ في القانون اإلداري وهو مبدأ استمرارية
املرفق العام ،الذي يرتبط بفكرة ضمان نشاطات املصلحة العامة بصفة دائمة ومنتظمة،
والذي بدوره ميثل املرجع األساسي لكل السلطات االستثنائية التي تتمتع بها اإلدارة
العامة( ،)95لذلك كان من الضروري منح اإلدارة مركزا ً تعاقديا ً أسمى مقارنة مع مركز
الطرف املتعاقد معها ،مينحها احلق في تعديل العقد بصفة منفردة -بواسطة قرارات
إدارية منفصلة -متى وجدت ضرورة لذلك تفرضها املصلحة العامة.
لكن هذه التعديالت من شأنها أن تؤدي إلى إرهاق املتعاقد مادياً ،بسبب زيادة األعباء
( ((9أعطت املادة ( )2/146مدني عراقي للمحكمة سلطة تعديل العقد في حالة الظروف االستثنائية الطارئة
التي جتعل تنفيذ العقد أمرا ً مرهقا ً للمدين ،وأجازت للمحكمة بعد املوازنة بني مصلحة الطرفني أن
تنقص االلتزام املدين املرهق إلى احلد املعقول ،و ُتقابلها املادة ( )2/147مدني مصري واملادة ()249
من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية املتحدة ،واملادة ( )205من القانون املدني األردني،
وكذلك أعطت املادة ( )2/167مدني عراقي للمحكمة سلطة تعديل عقد إذا مت بطريق اإلذعان وتضمن
شروطا ً تعسفية ،و ُتقابلها املادة ( )248من قانون املعامالت املدنية لدولة اإلمارات العربية املتحدة،
واملادة ( )149مدني مصري ،واملادة ( )204من القانون املدني األردني.
(95) Sur ce point d’analyse voir: Amselek (P.), Une méthode peu usuelle d’identification
des contrats administratifs: l’identification directe, Revue Administrative, Presses
Universitaires de France (PUF), Paris, 1973, p. 633. Elisabeth (A.) et Raynaud (J.),
Regards dubitatifs de juristes de droit privé sur la clause exorbitante: Mélanges,
Guibal, Presses de la Faculté de Droit de Montpellier, France, 2006, t. 1, p. 783.
Fardet (C.), La clause exorbitante et la réalisation de l’intérêt général, AJDA,
Paris, 2000, p.115. Haïm (V.), Le choix du juge dans le contentieux des contrats
administratifs, AJDA, Paris, 1992, p. 315. Macagno (F.), Le Grenelle II et la nature
administrative des contrats d’achat d’électricité: Contrats-marchés publié, 2011,
étude 1. Ménéménis (A.), Contentieux des contrats, AJDA, Paris, 2011, p. 308.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 212
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
املالية امللقاة على كاهله ،وهو ما ميثل إخ�لاالً مببدأ التوازن املالي للعقد( ،)96لذلك كان
من الضروري حماية حقوق املتعاقد مع اإلدارة ،من خالل حتميل هذه األخيرة على
تعويضه جلبر الضرر الالحق به نتيجة املساس بالتوازن املالي للعقد ،وهنا نضيف بأن
فكرة حماية التوازن املالي للعقد ملصلحة املتعاقد ال ترتبط أبدا ً بخطأ اإلدارة أو -من باب
أولى -بخطأ املتعاقد ،وإمنا مرجعها ضرورة املوازنة بني مصلحتني متقابلتني ،املصلحة
العامة لإلدارة ومصلحة املتعاقد في حتقيق الربح(.)97
ونظرا ً ملرونة نظرية فعل األمير ،فقد عمد الفقه والقضاء اإلداريني إلى تنظيمها وضبطها
مبجموعة من الشروط تشمل ما يلي:
.1ترتبط نظرية فعل األمير فقط بالعقود اإلداري��ة ،ويتم تطبيقها فقط باملنازعات
املتعلقة بهذه العقود ،في املقابل ال ميكن متديد تطبيقها في إطار العقود العادية أو
إدراجها في خضم منازعات العقود العادية.
.2يجب أن يكون اإلجراء الضار باملتعاقد مع اإلدارة صادرا ً من جهة اإلدارة املتعاقدة
معه ،ويستوي في ذلك أن يكون مثل هذا اإلجراء صادرا ً في مجال الضبط اإلداري
أو في مجال تنظيم املرافق العامة ،كما يستوي في ذلك أيضا ً أن يكون اإلجراء
( ((9يختلف مفهوم التوازن املالي للعقد اإلداري عن التوازن االقتصادي للعقد ،فاألول يعطي املتعاقد
حق املطالبة بتعويض كامل ملا يتحمله املتعاقد من أعباء مالية نتيجة لتعديل العقد من قبل اإلدارة،
أما التوازن االقتصادي فهو فكرة عامة تطبق على العقود املدنية والتجارية واإلدارية على حد سواء،
في حني جند أن فكرة التوازن املالي تقتصر على العقد اإلداري ،فضالً عن أن فكرة التوازن املالي
تعد جتسيدا ً لفكرة العدالة التي أقيمت على أساسها نظرية عمل األمير ،وهي متنح املتعاقد احلق في
مطالبة اإلدارة بتعويض كامل ،في حني تعد فكرة التوازن االقتصادي أيضاً جتسيداً لفكرة العدالة ،إال
أنه يؤخذ بها في حاالت االستغالل ،الغنب مع التغرير ،اإلذعان والظروف الطارئة ،فضالً عن ذلك فإن
فكرة التوازن املالي تهدف إلى تعويض املتعاقد ،في حني تهدف فكرة التوازن االقتصادي إلى إعادة
التوازن االقتصادي املختل إلى سابق عهده .الحظ :د .فؤاد نصر الله عوض ،سلطة اإلدارة (صاحبة
املناقصة) في تعديل العقود اإلدارية وحق املتعاقد معها في توفير الضمانات املالية له ،مجلة البحوث
القانونية واالقتصادية ،اجلزء األول ،كلية احلقوق ،جامعة املنصورة ،جمهورية مصر العربية ،العدد
اخلامس واخلمسون ،أبريل ،2014 ،ص.408-407
Voir également: Antoine (J.), La mutabilité contractuelle née de faits nouveaux
extérieurs aux parties: RFDA, Paris, 2004, p. 80. Delvolvé (P.), Les nouveaux
pouvoirs du juge administratif dans le contentieux des contrats, Mélanges Perrot,
Dalloz, Paris, 1996, p. 83. Eckert (G.), Les pouvoirs de l’Administration dans
l’exécution du contrat et la théorie générale des contrats administratifs, Contrats-
Marchés publié en 2010, étude 9.
( ((9د .محمد رفعت عبد الوهاب ،مبادئ وأحكام القانون اإلداري ،منشورات احللبي احلقوقية ،بيروت،
،2005ص.539
213 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
الضار صادرا ً في صورة إجراء عام أو خاص ،أو في صورة تصرف إيجابي من
اإلدارة املتعاقدة بإصدار قرار معني ،أو في صورة تصرف سلبي باالمتناع عن
تطبيق القوانني أو األنظمة (اللوائح) ،إذا ترتب على ذلك أعباء جديدة على املتعاقد
معها(.)98
.3أن يكون اإلجراء الضار غير متوقع حصوله وقت إبرام العقد ،فإذا كان اإلجراء
الضار متوقعا ً من املتعاقد أو مفترضا ً حصوله بحكم ظروف الواقع أو من السهل
التنبؤ بحدوثه ،زال حق املتعاقد في مطالبة اإلدارة بالتعويض وفقا ً لنظرية فعل
عمل األمير.
ُ .4يشترط لتطبيق نظرية فعل األمير عدم وقوع خطأ من اإلدارة ،حيث يفترض أن
تكون اإلجراءات التي اتخذتها اإلدارة املتعاقدة بشأن تنفيذ التزاماتها التعاقدية
إجراءات سليمة من الناحية القانونية وفي حدود سلطاتها.
.5يشترط لتطبيق نظرية فعل األمير أن يترتب على اإلج��راء الضار الصادر عن
اإلدارة املتعاقدة ضرر فعلي للمتعاقد معها ،وأن يكون مؤكدا ً ومباشرا ً دون أن
يشترط في هذا الضرر درجة معينة من اجلسامة ،فقد يكون هذا الضرر جسيما ً
أو يسيرا ً أو مجرد نقص في األرباح التي أسس عليها املتعاقد مقابله املالي.
في األخير نستخلص بأن االعتراف لإلدارة بسلطة تعديل شروط العقد بزيادة أو إنقاص
التزامات املتعاقد معها بإرادتها املنفردة ،البد أن يقابله من جانب آخر حق املتعاقد في
احلصول على تعويض ع��ادل ،يالئم ال��زي��ادة احلاصلة في التزاماته ،طاملا أن العدالة
تقتضي أن حتقق العقود اإلدارية توازنا ً بني األعباء التي يتحملها املتعاقد واملزايا التي
ينتفع بها ،ولعل هذه الفكرة -بدورها -تقودنا إلى بحث املعيار القانوني الذي كان وراء
التعديل اإلداري للعقد أي القرار اإلداري املنفصل املتعلق بتنفيذ العقد ،وال��ذي سوف
نتناوله في املقصد الثاني.
املقصد الثاني -أساس التعديل االنفرادي للعقد اإلداري
كما أشرنا إلى ذلك سابقاً ،تُعتبر نظرية فعل األمير نظرية قضائية املنشأ ،حيث يرجع
الفضل في ظهورها وبلورتها بالشكل الذي نعرفه اليوم ،إلى جهود مستشاري مجلس
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 214
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
الدولة الفرنسي( ،)99أما بالنسبة للتشريع والفقه اإلداريني فلم يسهما إال بقدر قليل جدا ً
في تطوير األبعاد املوضوعية للنظرية ،لذلك نرى بأنه من الضروري العودة إلى القواعد
العامة املقررة في القانون املدني من أجل معرفة مدى إمكانية تطبيق هذه النظرية في
ضوء القانون املدني ،والسيما القانون املدني العراقي.
تاريخيا ً عرف املبدأ التقليدي في القواعد العامة املعروف بـ (العقد شريعة املتعاقدين)
فترة طويلة من الشهرة والقدسية ،خصوصا ً عند أنصار مبدأ سلطان اإلرادة ،لكن هذه
األهمية سرعان ما تالشت وضعفت بسبب التدخالت املتزايدة للمش ِّرع ،مبناسبة تنظيمه
للمعامالت التعاقدية ،والتي على إثرها ظهرت أصناف جديدة من العقود ُيطلق عليها
العقود املوجهة( ،)100مبوجبها يمُ كن للمش ِّرع التدخل بصفة غير مباشرة لتعديل مضمون
العقد ،وهو ما نصت عليه -على سبيل املثال -املادة ( )2/146من القانون املدني العراقي
بخصوص دور املشرع في تعديل آثار العقد طبقا ً ملا يسمى بنظرية الظروف الطارئة ،التي
متثل خروجا ً عن مبدأ القوة امللزمة للعقد ،بحكم تنصيصها على إمكانية تعديل مضمون
العقد ،ليس استنادا ً إلى اإلرادة املشتركة للمتعاقدين ،ولكن عن طريق التحديد التشريعي
غير املباشر ،الذي يقتضي رد االلتزام الذي أصبح مرهقا ً بسبب الظرف الطارئ ،إلى
حده املعقول ،بغية إعادة التوازن املالي للعقد ،وبذلك حقق املش ِّرع العراقي التوازن بني
إط�لاق مبدأ (العقد شريعة املتعاقدين) وبني ضمان التدخل غير املباشر للمش ِّرع في
مجال تعديل مضمون العقد ،من أجل حتقيق التكافؤ بني حقوق والتزامات كال طرفي
العقد ،وهنا نشير بأن القانون املدني العراقي لم ينص صراحة على تخويل اإلدارة حق
(99) CE, Ass., 17 juin 1932, Ville de Castelnaudary, Rec. p.595, CE 1er avril 1964, Ville
;de Menton, Rec. p.176, CE 29 décembre 1947, Commune d’Ostricourt, n°170606
CE 8 mars 1955, Préfecture de Loire, Rec. p.73; voir sur ce point: Emmanuel
Glaser, conclusions sur CE, Ass., 28 décembre 1969, Commune de Béziers,
Rec. p.509, p.5. Benoît Plessix, «La théorie des vices du consentement dans les
contrats administratifs», RFDA, Paris, 2006, p.12. Voir sur ce point: Emmanuel
Glaser, conclusions, précitées, p.78. Benoit (F.-P), De l’inexistence d’un pouvoir
de modification unilatérale dans les contrats administratifs, JCPG, Paris, 1963, I,
p.1775. Brenet (F.), La théorie du contrat administratif: Evolutions récentes, AJDA,
Paris, 2003, p.919. Dantonel-Cor (N.), Le critère de la clause exorbitante - un Janus
à deux visages, JCPA, Paris, 2008, p.2047. De Laubadere (A.), Du pouvoir de
l’administration d’imposer unilatéralement des changements aux dispositions des
contrats administratifs, RDP, Paris, 1954, p. 36.
( ((10د .عبد العزيز املرسي ،نظرية إنقاص التصرف القانوني في القانون املصري ،دار الشمس للطباعة،
القاهرة ،2006 ،ص.58
215 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
التعديل االنفرادي ملضمون العقد اإلداري ،بواسطة القرارات اإلدارية املنفصلة ،ولكن
هذا االستخالص ميكن االستدالل عليه بجالء من خالل العناصر التالية:
.1ال ميكن القول بأن تدخل اإلدارة في تعديل مضمون العقد اإلداري ،يتنافى مع
القواعد العامة املقررة في القانون املدني ،ألن القانون املدني العراقي -على
سبيل املثال -تدخل من خ�لال نص امل��ادة ( )2/146في تعديل مضمون العقد
بصورة غير مباشرة ،وذلك من خالل تخويل القاضي صالحية تعديل مضمون
العقد ،من أجل إعادة التوازن االقتصادي املختل بسبب الظروف الطارئة ،وهذا
يقودنا لربط صالحية التدخل القضائي بالغاية املرجوة منه وهي حماية املصالح
اخلاصة ألطراف العقد ،التي مت االعتداء عليها بسبب اختالل التوازن املالي للعقد،
رغم أن ذلك ُيشكل مساسا ً مببدأ سلطان اإلرادة ،القائم على قاعدة (العقد شريعة
املتعاقدين) ،مبوجب هذا النص ميكننا االستدالل على إمكانية تعديل العقد اإلداري
بناء على اإلرادة املنفردة لإلدارة ،بواسطة قرار إداري منفصل من أجل حتقيق
املصلحة العامة ،التي تقتضي تعديل العقد (نظرية فعل األمير) ،فوجود مصلحة
مهددة باملساس في كلتا احلالتني (مصلحة خاصة في احلالة األولى ومصلحة
عامة في احلالة الثانية) هو الذي يوجب التدخل لتعديل العقد ،ولذلك نستنتج بأن
التعديل بواسطة القرار اإلداري وإن لم يتم التنصيص عليه صراحة في القانون
املدني العراقي ،فإن ذلك ال يتنافى مع أحكامه ومبادئه.
.2نصت املادة ( )2/150من القانون املدني العراقي بأنه« :ال يقتصر العقد على إلزام
املتعاقد مبا ورد فيه ،ولكن يتناول أيضا ًما هو من مستلزماته وفقا ًللقانون والعرف
والعدالة ،بحسب طبيعة االلتزام» ،وهي تسمح لنا بإبراز السند القانوني للتعديل
االنفرادي للعقد اإلداري وفقا ً للقواعد العامة للقانون املدني ،القاضي بإمكانية
تدخل اإلدارة في تعديل بعض بنود العقد اإلداري بالزيادة أو النقصان ،وفقا ً
ملقتضيات موضوعية يفرضها القانون أو العرف أو العدالة ،وفي إطار القانون
اإلداري ترتبط كل هذه املقتضيات بغاية واح��دة جوهرية هي حتقيق املصلحة
العامة ،بكل الوسائل التي تستعملها اإلدارة في ممارسة نشاطها اإلداري ،ولذلك
نستنتج -مرة أخرى -بأن إعطاء اإلدارة سلطة التعديل االنفرادي للعقد اإلداري
وإن لم يتم التنصيص عليه صراحة في القانون املدني العراقي ،فإن ذلك ال يتنافى
مع أحكامه ومبادئه.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 216
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
الفرع الثاني
دور القرار اإلداري بوصفه مصدرا ً لاللتزام على طرفي العقد اإلداري
أشرنا سابقا ً بأنه من نتائج تطبيق نظرية فعل األمير متكني اإلدارة من إصدار قرارات
إداري��ة منفصلة أثناء مرحلة تنفيذ العقد اإلداري ،ويكون من شأنها تعديل التزامات
املتعاقد مع اإلدارة ،إما بالزيادة أو النقصان ،دون أن يكون لهذا احلق التمسك بالتنفيذ
احلرفي لبنود العقد كما مت االتفاق عليها وقت إبرامه ،وهذه السلطة االستثنائية التي
متنح لإلدارة تكون مقيدة بالتزام هذه األخيرة بضمان إعادة التوازن املالي للعقد ،من
خالل منح املتعاقد تعويضا ً عادالً عن التعديالت واإلضافات اجلديدة التي أدخلتها هي
بإرادتها املنفردة ،وب��دون ثبوت خطأ املتعاقد ،ومن ثم يظهر بأن ال�ق��رارات املنفصلة
التي تتخذ في إطار نظرية فعل األمير ،تتضمن مجموعتني من االلتزامات ،التزامات تقع
على عاتق الطرف املتعاقد مع اإلدارة (املقصد األول) ،والتزامات تقع على عاتق اإلدارة
(املقصد الثاني) ،وسنتناول ذلك على النحو التالي:
(ُ ((10يعد عقد النقل عقدا ً مدنيا ً بطبيعته ،ويكون عقدا ً إداريا ً إذا توفرت فيه الشروط الواجب توافرها في
العقود اإلدارية ،فإن افتقدت هذه الشروط أو بعضها ،فإن العقد يكون من عقود القانون اخلاص.
( ((10د .حمدي أبو النور السيد عويس ،مقتضيات املصلحة العامة في العقد اإلداري ،دار الفكر اجلامعي،
اإلسكندرية ،2017 ،ص.33
Voir aussi: Benoit (F.-P), De l’inexistence d’un pouvoir de modification unilatérale
dans les contrats administratifs, op. cit., p. 182. Brenet (F.), op. cit., p. 936. Dantonel-
Cor (N.), op. cit., p. 1081. De Laubadère (A.), op. cit., p. 52.
217 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
( ((10د .هيام مروة ،القانون اإلداري اخلاص ،املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت،
،2003ص.232
( ((10يعد عقد التوريد عقدا ً مدنيا ً في األصل ،لكن إذا كان املتعاقد مع املورد شخصا ً عاما ً وكان التوريد
للمرفق العام ،كان عقد التوريد إدارياً.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 218
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
املصروفات الفعلية التي أنفقها املتعاقد ،والتي تختلف باختالف األحوال وطبيعة
التعديل ونتائجه ،ومثالها إذا طلبت اإلدارة من املتعاقد اإلسراع في إجناز األعمال
وإمتامها قبل الوقت املتفق عليه في العقد ،فإن ذلك قد يؤدي إلى زيادة التكاليف
على املتعاقد ،بدفع أثمان مرتفعة أو زيادة في أجور األيدي العاملة .أما العنصر
الثاني في التعويض فيشمل ما فات املتعاقد مع اإلدارة من كسب ،كان من املمكن
له احلصول عليه لو لم يختل التوازن املالي للعقد نتيجة لفعل األمير ،وبالنسبة
لهذا العنصر األخير من التعويض فيتم تقدير مبلغه مسبقا ً باتفاق الطرفني ،كما
يتم قيده ضمن بنود العقد عند حترير العقد اإلداري ،فإذا لم يتم تقديره بدقة أو
في حال وجود خالف بني الطرفني بخصوصه ،فهنا يتدخل القضاء لتحديد مبلغ
التعويض(.)105
في ه��ذا الصدد نشير إل��ى أن استحقاق املتعاقد مع اإلدارة للتعويض ،بسبب
اخلسائر التي حلقت به من جراء تطبيق نظرية فعل األمير ،مرهون بتحقق جملة
من الشروط القانونية ،ولعل أهمها أال تكون اإلجراءات التي زادت من أعباء املتعاقد
متوقعة وقت التعاقد ،بل يجب أن تكون مفاجئة وغير متوقعة وقت إبرام العقد؛
وعلة ذلك أنه لو كانت هذه اإلج��راءات متوقعة وقت إبرام العقد ،فإن املتعاقد مع
اإلدارة يكون قد أبرم العقد وهو مقدر لهذه الظروف ،األمر الذي يترتب عليه تعذر
االستناد إلى نظرية فعل األمير ،وما ذلك إال تطبيق للقواعد العامة في املسؤولية
التعاقدية ،التي تقضي بضرورة توقع الضرر عند إبرام العقد للحكم على املدين
بالتعويض عن الضرر الناشئ عن إخالله بتنفيذ التزامه( .)106كما أن املتعاقد ال
يستحق تعويضا ً إال عما حتقق وقوعه من أضرار نتيجة تطبيق فعل األمير ،أما
األض��رار احملتمل حدوثها فال تعويض عليها ،وما ذلك إال إعماالً للقواعد العامة
للقانون املدني التي ال جتيز التعويض عن األضرار احملتملة ،وإمنا تعوض فقط
عن األضرار التي حتقق وقوعها فعالً في الواقع.
.2الدفع بعدم التنفيذ
إن طبيعة العقود املدنية تقضي بأن يكون التزام كل من املتعاقدين مرتبطا ً بالتزام
املتعاقد اآلخ��ر ،ف��إذا لم يقم أحد املتعاقدين بتنفيذ التزامه ،جاز للمتعاقد اآلخر
( ((10د .سليمان محمد الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،ط ،2دار الفكر العربي ،القاهرة ،دون سنة
النشر ،ص 649وما بعدها؛ سامال إسكندر محمد الباجالن ،سلطات اإلدارة والقيود الواردة عليها في
العقود اإلدارية ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية ،2017 ،ص.227-226
( ((10د .عبد املجيد احلكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير ،مرجع سابق ،ص.169
219 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
أن يوقف من جانبه تنفيذ ما بذمته من التزام ،إال أننا جند أن الدفع بعدم التنفيذ
غير جائز كأصل ع��ام في العقود اإلداري ��ة ،ف��إذا أخلت اجلهة اإلداري��ة املتعاقدة
بالتزاماتها ،فليس بإمكان املتعاقد مع اإلدارة أن يوقف تنفيذ العقد ،وذلك حفاظا ً
واطراد ،ولكن يستثنى من املبدأ العام الذي على استمرارية املرفق العام بانتظام ِّ
يقضي بعدم جواز الدفع بعدم التنفيذ في العقود اإلدارية بعض احلاالت ،وإحدى
هذه احل��االت هي إذا أدى إخ�لال اجلهة اإلداري��ة بالتزاماتها إلى استحالة تنفيذ
العقد ،جاز للمتعاقد مع اإلدارة التمسك بعدم تنفيذ العقد الستحالة التنفيذ(،)107
وبذلك نستنتج بأنه إذا تضمن القرار اإلداري الصادر من اجلهة اإلدارية تعديل
العقد ،وترتب على ذلك استحالة تنفيذ املتعاقد مع اإلدارة اللتزاماته بسبب ذلك،
جاز لألخير الدفع بعدم تنفيذ اإلدارة اللتزاماتها ،واالمتناع -من جهته -عن
تنفيذ التزاماته ،هذا إلى جانب حقه في املطالبة بالتعويض ،عما حلقه من خسارة
وما فاته من كسب.
.3عدم فرض الغرامات التأخيرية
الغرامات التأخيرية هي مبالغ إجمالية توقعها اإلدارة على املتعاقد معها بقرار
منها مبجرد تأخير املتعاقد تنفيذ التزاماته عن الوقت املتفق عليه في العقد ،غير
أن للمتعاقد مع اإلدارة -في ه��ذه احلالة -حق املطالبة بعدم ف��رض الغرامات
التأخيرية ،إذا كان التأخير يعزى إلى فعل األمير( ،)108أي أنه إذا كان التأخير راجعا ً
إلى التعديالت اجلديدة التي أدخلتها اإلدارة على العقد مبوجب القرار اإلداري
املنفصل ،أمكن للمتعاقد املطالبة بإعفائه من دف��ع الغرامة التأخيرية .وجتدر
اإلشارة إلى أن ما ذهب إليه بعض من الفقهاء بأن من حق املتعاقد مع اإلدارة أن
يطالب بفسخ العقد ،وذلك إذا ما ترتب على فعل األمير أن زادت أعباؤه بدرجة
كبيرة ،بحيث ال حتتملها إمكانياته املالية ،فإننا ال نؤيد ذلك لثالثة أسباب ،أوالً :ألن
الفسخ يقع كجزاء ملخالفة اجلهة اإلدارية اللتزاماتها بدرجة كبيرة من اجلسامة،
وهذا الشرط اجلوهري غير محقق في احلالة السابقة ،ثانياً :أن الفسخ يمُ ثل جزا ًء
أو عقوبة تنفرد بإقرارها اجلهة القضائية املختصة وفق شروط معينة( ،)109أما
املتعاقد فال ميلك حق توقيعها بنفسه ،ثالثا ً وأخيراً :فإن نظرية فعل األمير وإن كانت
( ((10د .شريف يوسف خاطر ،مبادئ القانون اإلداري :دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة،
،2011ص 715وما بعدها.
( ((10د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص.649
( ((10د .شريف يوسف خاطر ،مرجع سابق ،ص.723،722
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 220
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
تقوم على أساس املسؤولية العقدية ،فإنها تكيف -في الواقع -بأنها مسؤولية
عقدية بال خطأ ،ألن فعل األمير يفترض أن اإلدارة لم تخطئ في إعمال سلطتها
حني تصرفت( ،)110ومن ثم فإنه ليس بإمكان املتعاقد مع اإلدارة أن يطالب بفسخ
العقد ،في حني أنه إذا انطوى تصرف اإلدارة على خطأ ،فإنها تسأل على أساس
هذا اخلطأ وليس على أساس فعل األمير.
من خالل كل ما تقدم من هذا البحث املعنون بحقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها
طبقا ً للقانون ،جند بأنه من الضروري اإلشارة إلى أن القانون يعتبر مصدرا ً أساسيا ً
لكل التزام ،وهذه الفكرة تستمد جذورها من الفلسفة الوضعية (املدرسة الوضعية) التي
تعتبر بأن القانون هو مصدر كل احلقوق التي يتمتع بها األفراد( ،)111وهو االجتاه الذي مت
()112
تكريسه في إطار النظريات ذات البعد الوضعي -وأبرزها مدرسة الشرح على املتون
-التي ربطت بني القانون والدولة ،معتبرة بأن كل حق أو التزام يجد أساسه في القانون
املتمثل بالتشريع ،وهكذا يعتبر القانون املصدر الوحيد للحقوق ،وفي املنطلق نفسه ذهب
جانب آخر من الفقهاء( )113الذين استخلصوا بأن مصدر االلتزامات كلها هو القانون ،وإن
ما أطلق عليها «مصادر أخرى لاللتزام» ،إمنا ميثل انحرافا ً عن املنطق القانوني ،ومخالفة
ألسس وفلسفة القانون ذاتها ،وهذا راجع إلى أن القول بأن التشريع يمُ ثل مصدرا ً وحيدا ً
لاللتزام ،إمنا ينطوي على إنكار صريح للمصادر األخرى لاللتزام ،وهو إنكار يفنده
واقع احلياة القانونية ،ألن التشريع ال ميكن أن يستوعب جميع احللول للوقائع القانونية
غير املتناهية.
وحتى بالنسبة للفقيه الفرنسي (ديجي ( - )Duguit( )Lاملنطلق من أرضية وضعية -
يذهب إلى أن احلقوق ال تنشأ إال من القاعدة القانونية ،وأن التصرف القانوني -السيما
العقد -ليس بقادر على إنشاء احلقوق بصفة مبتدأة ،بحجة أن اإلرادة غير قادرة على
إنشاء أي تصرف قانوني ،حتى ولو تضافرت مع إرادة أو عدة إرادات أخرى ،ولذلك
( ((11د .سليمان الطماوي ،األسس العامة للعقود اإلدارية ،مرجع سابق ،ص.623
( ((11د .محمد سليمان األحمد ،فلسفة احلق ،مرجع سابق ،ص.123،122
( ((11نشأت مدرسة الشرح على املتون في فرنسا في الفترة ما بني 1804و 1820والتي قدست النصوص
القانونية املش ِّرعة ،حيث يتبني ذلك بوضوح من قول الفقيه الفرنسي (بونيه )Bonnierحني يقول:
«إني ال أعرف القانون املدني ،بل أعلم مجموعة نابليون» ،فال ميكن أن جند في التقنني املدني ثغرات أو
نقصا ً أو تناقضاً .د .عبد الرحمن رحيم عبد الله ،محاضرات في فلسفة القانون ،مطبعة جامعة صالح
الدين ،أربيل ،2000 ،ص.85
( ((11د .مصطفى إبراهيم الزملي ،االلتزامات في ضوء املنطق والفلسفة ،دار إحسان للنشر والتوزيع،
أربيل ،2014 ،ص 28وما بعدها.
221 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
فإن القانون وحده هو القادر على إنشاء اآلثار القانونية( ،)114كما يضيف الفقيه «ديجي»
بأن احلق ال ينشأ من العمل غير املشروع ،سواء أكان ذلك العمل جرمية أم فعالً ضارا ً
بالغير ،ومرجع ذلك -على حد تعبيره -أن احلق ال ينشأ من الالقانون( ،)115وهو الرأي
الذي ال نتفق معه ،ألن اإلرادة ال تستطيع أن تنشئ أي أثر قانوني بذاتها ،وأن القانون
وحده هو القادر على إنشاء اآلثار القانونية ،ومن ثم فإن األثر القانوني -كما ذهب جانب
من الفقه( - )116هو مزيج من اإلرادة والقانون في آن واحد ،إال أن احليز احملجوز لكل
منهما يختلف مقارنة بني العقد اإلداري والقرار اإلداري ،ففي احلالة األولى يكون نصيب
اإلرادة أكبر من نصيب القانون ،وهنا يقتصر دور القانون على ترتيب األثر الذي ترسمه
اإلرادة ،أما في حالة القرار اإلداري فأحيانا ً يكون نصيب القانون في إحداث هذا األثر أكبر
مقارنة مع نصيب اإلرادة ،وأحيانا ً أخرى يكون األثر املترتب عن القرار اإلداري ناشئا ً
عن القانون مباشرة ،وهنا يكون دور القرار اإلداري كاشفا ً لاللتزام ،كما في االلتزام
بدفع الضرائب والرسوم ،وفي حاالت أخرى يكون دور القرار اإلداري منشئا ً لاللتزام،
كما في التزام اجلهة اإلدارية بدفع املكافآت املالية ملوظفيها ،وكذا التزامات اإلدارة ومالك
العقار الناشئة عن القرار اإلداري املتضمن االستيالء املؤقت على العقار ،وكذلك التزامات
اإلدارة واملتعاقد معها الناشئة عن القرار اإلداري املنفصل املتعلق بتعديل العقد اإلداري
استنادا ً إلى فعل األمير.
صدى لهذه األفكار (الفلسفة الوضعية) فيما ذهب إليه البعض
()117
ً على صعيد آخر جند
من أن اإلرادة املنفردة ليست مصدرا ً لاللتزام اإلرادي ،وأن جميع االلتزامات الناشئة
عنها ترجع -في الواقع -إلى نص القانون مباشرة الذي يعتبر مصدر كل االلتزامات
اإلرادي��ة؛ ألن هذه االلتزامات ال تقوم مبقتضى أصل عام يقرره القانون ،بل مبقتضى
نصوص قانونية خاصة ومحددة ،وعلى هذا األساس ينبغي القول بأن أي التزام تنشئه
اإلرادة املنفردة يجب أن ينص عليه القانون ،ومن ثم كان الواجب َع ُد أي التزام ينشأ عن
( ((11د .محمد سليمان األحمد ،فلسفة احلق ،مرجع سابق ،ص.237
( ((11املرجع السابق نفسه ،ص.235
( ((11د .عبد الرزاق السنهوري ،التصرف القانوني والواقعة القانونية ،القاهرة ،1954 ،ص.114
( ((11د .عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون املدني -مصادر االلتزام ،دار إحياء التراث
العربي ،بيروت ،دون سنة النشر ،ص1292؛ د .سليمان مرقس ،موجز أصول االلتزامات ،املطبعة
العاملية ،القاهرة ،1962 ،ص.589
Voir également: Benoit (F.-P), op. cit., p.196.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 222
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
اإلرادة املنفردة التزاما ً مصدره القانون( ،)118ولعل األخذ مبنطق هذا الرأي يقتضي منا
القول بأن التزامات اإلدارة ومالك العقار في االستيالء املؤقت على العقار مصدره نص
املادة ( )26من قانون االستمالك العراقي النافذ ،وليس القرار اإلداري الصادر من اإلدارة
باالستيالء املؤقت على العقار؛ ألن هذا القرار -في احلقيقة -يصدر استنادا ًلنص القانون
(النص املذكور) ،وأن جميع االلتزامات الناشئة عن االستيالء إمنا ترجع إلى نص القانون
مباشرة ،والشيء نفسه بالنسبة اللتزام اجلهة اإلدارية بدفع مكافأة مالية ملوظفيها ،فال
يعتبر القرار اإلداري مصدرا ً لها ،بل مصدرها املباشر هو نص املادة ( )18من القانون
رقم 1لسنة 2013املتعلق بقانون املوازنة العامة إلقليم كوردستان -العراق للسنة املالية
،2013ألن اإلدارة تستند إلى املادة املذكورة عند إصدارها القرار اإلداري بدفع املكافأة،
وهو املنطق الذي ال نتفق معه (الفلسفة الوضعية) ،بالعكس نؤيد ما ذهب إليه جانب من
الفقه( )119على اعتبار أن اإلرادة املنفردة ميكنها أن تكون مصدرا ً منشئا ً لاللتزام في حاالت
خاصة ،وبشروط معينة حددها القانون ،لكنها ال متثل التزاما ً قانونيا ً باملعنى الدقيق؛ ألن
وجود االلتزام الناشئ من القانون مباشرة يقتضي توافر ثالثة شروط أساسية ،أوالً:
وجود نص في القانون ينشئ هذا االلتزام بدون تطلب أي فعل إيجابي أو سلبي من جانب
امللتزم ،ثانياً :أن ُيعني هذا النص أحكام هذا االلتزام تعيينا ً وافياً ،وعلى وجه اخلصوص
ما يتعلق بوقت وكيفية نشوء هذا االلتزام ،ثالثا ً وأخيراً :أن االلتزام ال يرتبط باألهلية،
إذ ميكن أن يحمل به حتى عدمي األهلية أو ناقصها ،وهذه الشروط الثالثة ال تتوافر في
احل��االت التي نصت عليها القوانني املدنية من تطبيقات اإلرادة املنفردة ،كما ال تتوافر
أيضا ً بالنسبة اللتزامات اجلهة اإلدارية ومالك العقار في االستيالء املؤقت على العقار،
وبالتالي ال ميكن َع ُد نص املادة ( )26من قانون االستمالك العراقي النافذ مصدرا ً مباشرا ً
لتلك االلتزامات ،وإمنا منشأ تلك االلتزامات يرجع إلى القرار اإلداري الصادر بناء على
السلطة التقديرية لإلدارة ،ألنه وإن كانت اجلهة اإلدارية تصدر القرار اإلداري باالستيالء
املؤقت استنادا ً إلى نص املادة املذكورة ،إال أن اإلدارة تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في
إصدار القرار باالستيالء املؤقت على العقار من عدمه ،كما متلك تقدير وقت إصدار القرار،
وكذلك تعيني العقار اخلاضع إلجراء االستيالء ،واملالحظة ذاتها نبديها بشأن التزام اجلهة
اإلدارية بدفع املكافآت املالية ملوظفيها ،فال ينشأ التزام اإلدارة بدفع املكافأة مباشرة من
نص املادة ( )18من قانون املوازنة العامة إلقليم كردستان -العراق ،بل البد من صدور
( ((11د .عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون املدني ،مصادر االلتزام ،مرجع سابق ،ص
.1788
( ((11د .الشني محمد يونس الغياتي ،اإلرادة املنفردة كمصدر لاللتزام بني النظرية والتطبيق ،مكتبة جامعة
طنطا ،1986 ،ص.65
223 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
عمل إيجابي من جانب اإلدارة ،يتمثل في إصدار القرار اإلداري القاضي بدفع املكافأة،
والذي بواسطته يتم تقدير مبلغ املكافآت ووقت صرفها وكذا املوظفني املستحقني لها،
وهذا يعني بأنه من غير الصائب اعتبار االلتزامات الناشئة عن القرار اإلداري -سواء
بالنسبة لالستيالء املؤقت على العقار أو دفع مكافأة املوظفني -التزامات مصدرها نص
القانون ،حتى وإن كان القانون قد نص عليها ،فعالً القانون ميثل املصدر غير املباشر
لكل هذه االلتزامات ،لكن القرار اإلداري يعتبر مصدرها املباشر الوحيد ،بحكم انفراده
بتحديد أسسها الرئيسية ،السيما نشأتها ومداها وآثارها.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 224
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
اخلامتة
نختم بحثنا بأهم االستنتاجات التي توصلنا إليها مع التوصيات:
أوالً -االستنتاجات
.1إن دور القانون ف��ي دائ��رة االل�ت��زام��ات ،ه��و أق��رب ل�ل��دور التنظيمي منه للدور
اإلنشائي ،فهناك تطبيقات كثيرة في القانون املدني وغيره من القوانني تبني دور
القانون بوصفه مصدرا ً غير مباشر لاللتزام ،ألن القانون في معظم األحوال ال
ينشئ حقوقا ً لألفراد ،وال يفرض التزامات عليهم ،وإمنا توجد تصرفات قانونية
أو وقائع قانونية تنشئ حقوقا ً لبعض األف��راد في مقابل التزامات على البعض
اآلخر ،فال يكون دور القانون سوى منظم لهذه احلقوق وااللتزامات.
.2إن تدخل القانون في تنظيم احلقوق ومصادر االل�ت��زام يكون بدافع احلماية،
فالقانون ُيدرك دوره احلمائي الف َّعال للحقوق ،والذي ينبني عليه حتقق عنصر
املسؤولية في كافة االلتزامات املدنية ،دون أن يعني -بتدخله -أنه أصبح مصدرا ً
لهذه االلتزامات ،بل ينحصر دوره في حماية احلقوق ومنع تعارضها واحلفاظ
عليها.
.3قد يكون القرار اإلداري كاشفا ً لاللتزام ،وهنا يقتصر دوره على تقرير حالة
موجودة من قبل وغير محققة بذاتها لآلثار القانونية ،و ُيعد القرار اإلداري بفرض
الضرائب والرسوم من تطبيقات القرار اإلداري الكاشف ،ألن جهة اإلدارة ال متلك
سلطة تقديرية في إصدار القرار بفرض الضريبة والرسم أو عدم إصداره ،وال
متلك حتديد مضمون هذا القرار.
.4قد يكون القرار اإلداري مصدرا ً مباشرا ً لاللتزام ،وليس فقط تطبيقا ً من تطبيقات
القانون ،حتى وإن صدر طبقا ً له ،وخصوصا ً عندما تتمتع اإلدارة -السيما في
ظل الظروف االستثنائية -بصالحيات خاصة تتيح لها اتخاذ ق��رارات إدارية،
تفرض -مبوجبها -التزامات على األف��راد ،واقعة ضمن املجاالت التي هي من
اختصاص السلطة التشريعية في األصل.
.5إن ل�لإدارة -مبا لها من امتيازات وسلطات التعديل االنفرادي للعقد اإلداري،
وبالنظر إلى قدرتها على إصدار ق��رارات إداري��ة منفصلة عن هذا العقد -يكون
قرارها مصدرا ً مباشرا ً اللتزامات املُلقاة على عاتق كل من طرفي العقد اإلداري،
أي اإلدارة والطرف املتعاقد معها ،وبالنسبة لها يكون مصدر التزامها هو إرادتها
225 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
امل�ن�ف��ردة ،رغ��م أن ه��ذا التكييف ال يتم ذك��ره ضمن تطبيقات اإلرادة املنفردة
باعتبارها مصدرا ً لاللتزام.
.6إن تعديل العقد اإلداري باإلرادة املنفردة لإلدارة (القرار اإلداري) وفقا ً ملقتضيات
املصلحة العامة ،ال يتنافى مع قواعد وأح�ك��ام القانون املدني العراقي ،وذلك
العتبارين أساسيني ،أولهما :أن القانون املدني العراقي خـ َّول القاضي تعديل
مضمون العقد إلع��ادة التوازن االقتصادي املختل ،وهنا ال يقتصر العقد على
إلزام املتعاقد مبا ورد فيه فحسب ،ولكن يتناول أيضا ً ما هو من مستلزماته وفقا ً
للقانون والعرف والعدالة ،ولهذا فإن منح اإلدارة سلطة التعديل االنفرادي للعقد
اإلداري نعتبره من ضمن مستلزمات العقد وفقا ً للقانون اإلداري ،التي تفرض
التعديل كلما اقتضت املصلحة العامة ذلك.
.7ال ُيعد القانون مصدرا ً لاللتزام ملجرد وجود نص قانوني يتضمن التزاما ً معيناً،
بل ال بد أن يعني القانون أحكام هذا االلتزام تعيينا ً وافياً ،نافيا ً ألي شك بأي دو ٍر
ملصادر االلتزام املسماة في القانون أو غير املسماة فيه ،وه��ذا من حيث وقت
وكيفية نشوئه ومداه وآثاره ،وبنا ًء على ذلك ندعو املشرع إلى تعديل نص املادة
( )245من القانون املدني العراقي على نحو يتفق مع دور القانون بوصفه مصدرا ً
لاللتزام ،وهذا ما سنوضحه ضمن توصيات البحث في اآلتي.
ثانياً -التوصيات
.1ندعو املش ِّرع العراقي إلى إعادة النظر في نص الفقرة األولى من املادة ( )67من
القانون املدني بالشكل الذي يتفق مع دور القانون في تنظيم احلق العيني ،وذلك
من خالل إعادة صياغته على الشكل اآلتي« :احلق العيني هو سلطة مباشرة على
لشخص معني».ٍ شيء معني ،يقررها القانون ويحميها،
.2نوصي املش َّرع العراقي بتعديل نص املادة ( )245من القانون املدني لتكون على
الشكل اآلتي« :االلتزامات التي تنشأ مباشرة من القانون ،والتي ُيعني أحكامها
تعيينا ً كافيا ً من حيث نشوئها ومداها وآثارها ،تسري عليها النصوص القانونية
التي أنشأتها».
.3نوصي املش ِّرع العراقي بإضافة نص يتناول فيه دور القرار اإلداري في إنشاء
االلتزام ،ويكون حسب اآلتي -1« :تلتزم اإلدارة مبا تصدره من ق��رارات طبقا ً
لسلطتها التقديرية ،وتُعيِّـن حدود التزاماتها وفقا ً ملا تقتضيه املصلحة العامة-2 .
يكون للقرار اإلداري قوة في إلزام املتعاملني مع اإلدارة ،بشرط عدم تعسفها،
وعدم إهدارها للحقوق املقررة قانوناً».
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 226
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
املراجع
أوالً -باللغة العربية
أ -الكتب
-د .أحسن رابحي:
• األعمال القانونية اإلدارية ،ط ،2دار الكتاب احلديث ،القاهرة.2016 ،
• النشاط التشريعي للسلطة التنفيذية ،دار الكتاب احلديث ،القاهرة.2013 ،
-د .أحمد مدحت علي ،نظرية الظروف االستثنائية ،الهيئة املصرية العامة للكتاب،
القاهرة.1978 ،
-د .هاشم اجلعفري ،مبادئ املالية العامة والتشريع املالي ،ط ،3مطبعة سليمان
األعظمي ،بغداد.1967 ،
-د .هيام م��روة ،القانون اإلداري اخل��اص ،الطبعة األول ��ى ،املؤسسة اجلامعية
للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت -لبنان.2003 ،
-د .حسن علي الذنون ،فلسفة القانون ،دار السنهوري ،بغداد ،دون سنة النشر.
-د .حسني خ�لاف ،األح�ك��ام العامة ف��ي ق��ان��ون الضريبة ،دار النهضة العربية،
القاهرة.1966 ،
-د .حسني عثمان محمد ع�ث�م��ان ،ق��ان��ون ال�ق�ض��اء اإلداري ،م�ن�ش��ورات احللبي
احلقوقية ،بيروت -لبنان.2010 ،
-د .حمدي أبو النور السيد عويس ،مقتضيات املصلحة العامة في العقد اإلداري،
الطبعة األولى ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية.2017 ،
-د .الشني محمد يونس الغياتي ،اإلرادة املنفردة كمصدر لاللتزام بني النظرية
والتطبيق ،الطبعة األولى ،مكتبة جامعة طنطا ،طنطا.1986 ،
-د .مازن ليلو راضي ،أصول القضاء اإلداري ،دار نيبور للطباعة والنشر والتوزيع،
العراق.2016 ،
-مجموعة املبادئ القانونية التي قررتها احملكمة اإلداري��ة العليا ،السنة التاسعة
واألربعون ،من أول أكتوبر سنة 2003إلى آخر سبتمبر سنة .2004
-د .محمد رفعت عبد الوهاب ،القضاء اإلداري ،الكتاب األول ،منشورات احللبي
احلقوقية ،بيروت -لبنان.2005 ،
227 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
-د .محمد رفعت عبد الوهاب ،مبادئ وأحكام القانون اإلداري ،منشورات احللبي
احلقوقية ،بيروت -لبنان.2005 ،
-محمد طه البشير و د.غني حسون طه ،احلقوق العينية ،القسم األول ،احلقوق
العينية األصلية ،مطبعة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ،بغداد.1982 ،
-د .محمد سليمان األح�م��د ،فلسفة احل��ق ،منشورات زي��ن احلقوقية ،بيروت-
لبنان.2017 ،
-د .محمد فؤاد عبد الباسط ،أعمال السلطة اإلدارية (القرار اإلداري ،العقد اإلداري)،
دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية ،دون سنة نشر.
-د .مصطفى إبراهيم الزملي ،االلتزامات في ضوء املنطق والفلسفة ،الطبعة األولى،
دار إحسان للنشر والتوزيع ،أربيل.2014 ،
-د .منذر الفضل ،الوسيط في شرح القانون املدني ،دار آراس للطباعة والنشر،
أربيل.2006 ،
-د .منذر الفضل ،تاريخ القانون ،ط ،2دار ئاراس للطباعة والنشر ،أربيل.2005 ،
-د .سامال أسكندر محمد الباجالن ،سلطات اإلدارة والقيود ال��واردة عليها في
العقود اإلدارية ،الطبعة األولى ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية.2017 ،
-د .سامي جمال الدين ،قضاء املالءمة والسلطة التقديرية لإلدارة ،مطبعة أطلس،
القاهرة.1991 ،
-د .سليمان الطماوي:
• النظرية العامة للقرارات اإلداري��ة ،الطبعة اخلامسة ،دار الفكر العربي ،القاهرة،
.1984
• األسس العامة للعقود اإلدارية ،الطبعة الثانية ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،بدون
سنة النشر.
-د .سليمان مرقس ،موجز أصول االلتزامات ،املطبعة العاملية ،القاهرة.1962 ،
-د .سمير عبد السيد تناغو ،مصادر االلتزام ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية.2005 ،
-د .صبري محمد السنوسي محمد ،أحكام التقادم في مجال القانون العام ،الطبعة
األولى ،من مطبوعات جامعة الكويت.2005 ،
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 228
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
-د .عبد الرحمن رحيم عبد الله ،محاضرات في فلسفة القانون ،الطبعة األولى،
مطبعة جامعة صالح الدين ،أربيل.2000 ،
-د .عبد الرزاق السنهوري:
• التصرف القانوني والواقعة القانونية ،القاهرة.1954 ،
• الوسيط في شرح القانون املدني ،مصادر االلتزام ،دار إحياء التراث العربي،
بيروت ،بدون سنة النشر.
-د .عبد العزيز املرسي ،نظرية إنقاص التصرف القانوني في القانون املصري ،دار
الشمس للطباعة ،القاهرة.2006 ،
-د .عبد املجيد احلكيم وعبد الباقي البكري ومحمد طه البشير ،الوجيز في نظرية
االلتزام في القانون املدني العراقي ،اجلزء األول (مصادر االلتزام) ،وزارة التعليم
العالي والبحث العلمي.1986 ،
-د .شريف يوسف خاطر ،مبادئ القانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،دار النهضة
العربية ،القاهرة.2011 ،
ج -البحوث
-د .كالويز مصطفى إبراهيم و د .رعد أدهم عبد احلميد ،النطاق القانوني لسلطة
اإلدارة ف��ي االس�ت�ي�لاء :دراس ��ة م�ق��ارن��ة ،مجلة كلية ال�ق��ان��ون للعلوم القانونية
والسياسية ،جامعة كركوك ،العراق ،املجلد الرابع ،العدد ( ،)13السنة .2015/5/1
-د .محمد سليمان األحمد( ،قنونة) العقد ،مجلة دراسات قانونية وسياسية ،كلية
القانون والسياسة ،جامعة السليمانية ،العراق ،السنة األولى ،العدد الثاني ،كانون
األول.2013 ،
229 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
-د .عامر عياش عبد ود .أحمد خلف حسني ،دستورية الضرائب في العراق ،مجلة
الرافدين للحقوق ،كلية القانون ،جامعة املوصل ،العراق ،املجلد ،13العدد ،49
السنة ،16شباط/فبراير.2011 ،
-د .عبد الباسط علي جاسم الزبيدي ،مدى قانونية القرارات الضريبية الصادرة
عن سلطة االئتالف املؤقتة ،مجلة الرافدين للحقوق ،كلية القانون ،جامعة املوصل،
العراق ،املجلد ،11العدد .2009 ،42
-د .ف��ؤاد نصر الله ع��وض ،سلطة اإلدارة (صاحبة املناقصة) في تعديل العقود
اإلدارية وحق املتعاقد معها في توفير الضمانات املالية له ،مجلة البحوث القانونية
واالقتصادية ،اجل��زء األول ،كلية احلقوق ،جامعة املنصورة ،جمهورية مصر
العربية ،العدد اخلامس واخلمسون ،أبريل.2014 ،
-د .رائ��د ناجي أح�م��د ،م��دى اختصاص احملافظات غير املنتظمة بإقليم بفرض
الضرائب وال��رس��وم ،مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية ،جامعة
كركوك ،العراق ،املجلد ،4اإلصدار ،12جزء.2015 ،1
- Bienvenu (J.J) et Lambert (T), Droit fiscal, Presses Universitaires de
France (PUF), Paris, 2003.
- Burdeau (G), Traité de science politique, Tome IV, LGDJ, Paris, 1984.
- Carbonnier (J), Flexible droit, 10ème éd., LGDJ, Paris, 2001.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 230
حسيب صالح إسماعيل. أحسن رابحي و د. محمد سليمان األحمد و د. د.أ
- Colin (A) et Capitant (H), Traité de Droit Civil, tome II, Paris, 1959.
- Chantebout (B), Organisation économique de l’Etat, Ed. Sirey, Paris, 1965.
- Chapus (R), droit administratif général, 15ème Edition, Ed. Montchres-
tien, Paris, 2001.
231 م2019 هـ – ديسمبر1441 ربيع اآلخر – جمادى األول- 28 العدد التسلسلي- السنة السابعة- 4 العدد- مجلة كلية القانون الكويتية العالمية
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
- Lamarque (J) et Négrin (O) et Ayrault (L), Droit fiscal général, Litec,
Paris, 2009.
- Lequét (P), «le budget de l’Etat, préparation, exécution, contrôle», im-
primerie Bialec, Nancy, France, 1982.
- Leroy-Beaulieu (P), Traité de la science des finances, T. 2, Guillaumin
et Cie, Alcan, Paris, 1996.
- Miaille (M), une introduction critique au droit, Ed. François Maspero,
Paris, 1982.
- Miaille (M), l’Etat de droit, P.U, de Grenoble, France, 1978.
- Molinas (J-C), la norme et la conduite, LGDJ, 3éme édition, Paris, 2005.
- Pelloux (P), le citoyen devant l’Etat, collection: que sais-je?, 4ème édi-
tion, Presses Universitaires de France (PUF), Paris, 1972.
- Puigelier (C)‚ La loi, Editeur Economica, 2005.
- Richer (L), Le contrat de mandat au risque du droit administratif, CJEG,
Paris, 1999.
- Rouvillois (F), le droit, Ed. Flammarion, Paris, 1999.
- Savatier R., La Théorie des Obligations en Droit Privé Économique,
4ème édition, Dalloz, Paris, 1979.
- Waline (M), Traité de droit administratif, éd Montchrestien, Paris, 2002.
- Weil (P), Le critère du contrat administratif en crise, Mélanges Waline.
B- Thèses
- Heraud (G), l’ordre juridique et le pouvoir originaire, thèse de doctorat
en droit, université de Toulouse, France, 1946.
- Robineau (A), recherches sur la notion d’effets impératifs des actes
administratifs unilatéraux, Thèse de Doctorat en droit, université de
Montpellier, France, 1973.
م2019 هـ – ديسمبر1441 ربيع اآلخر – جمادى األول- 28 العدد التسلسلي- السنة السابعة- 4 العدد- مجلة كلية القانون الكويتية العالمية 232
حسيب صالح إسماعيل. أحسن رابحي و د. محمد سليمان األحمد و د. د.أ
C- Articles
- Plessix (B), La théorie des vices du consentement dans les contrats ad��-
ministratifs, RFDA, Paris, 2006.
233 م2019 هـ – ديسمبر1441 ربيع اآلخر – جمادى األول- 28 العدد التسلسلي- السنة السابعة- 4 العدد- مجلة كلية القانون الكويتية العالمية
حقيقة مصدرية التزام اإلدارة بقراراتها طبقاً للقانون
احملتوى
الصفحة املوضوع
181 امللخص
183 املقدمة
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م 234
أ .د .محمد سليمان األحمد و د .أحسن رابحي و د .حسيب صالح إسماعيل
الصفحة املوضوع
الفرع الثاني -دور القرار اإلداري بوصفه مصدرا ً لاللتزام على طرفي
217
العقد اإلداري
225 اخلامتة
227 املراجع
235 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية -العدد - 4السنة السابعة -العدد التسلسلي - 28ربيع اآلخر – جمادى األول 1441هـ – ديسمبر 2019م