You are on page 1of 13

ISSN :1112-4377 ‫مجلة المعيار‬

6266 :‫ ) السنة‬26 ‫ (رت‬7 :‫ عذد‬62 :‫مجلذ‬

‫آليات اشتغال الخبر في الرحمة العمية إلى منطقة توات لمحمد باي بمعالم‬
The mechanisms of operating the news on the attic trip to the Touat region
by Muhammad Bey Belalem
1
‫محمد سرير‬
‫جامعة يحيى فارس المدية‬
Serirmohamed_2017@yahoo.com

2322/00/35 ‫ النشر على الخط‬2322/03/23 ‫ القبول‬2322/30/03 ‫تاريخ الوصول‬


Received 03/30/2322 Accepted 23/03/2322 Published online 35/00/2022
:‫ممخص‬
‫ وعملت على ربريك اجلانب‬،‫تتميز الكتابات الرحلية بثراء وتنوع زلتواىا بقضايا انسانية واجتماعية شغلت بال الرحالة‬
،‫ وىو بذلك يورد رلموعة من األخبار ادلختلفة‬،‫ كما يعترب الرحالة ناقال للمعرفة من سلتلف مصادرىا الشفاىية والكتابية‬،‫ادلعرُب فيو‬
‫ عامال على كتابة ذلك ضمن نسيج ونسق سردي ؼلاطب فيو‬،‫وقد تضم اخلرب االجتماعي والديٍت والسياسي والثقاُب واجلغراُب‬
‫ حيث يعمل الرحالة على انتقاء اخلرب‬،‫ ليكون النص بذلك وسيلة اخبارية ضمن خطاب سردي رحلي‬،‫ادلتلقي بطريقة مباشرة‬
.‫ وفق مايراه يتوافق مع مكتسباتو ادلعرفية‬،‫وطريقة تقدؽلة للقارئ‬
.‫ معرفة‬،‫ خطاب‬،‫ سرد‬،‫ خرب‬،‫ رحلة‬:‫الكممات المفتاحية‬
Abstract:
The nomadic writings are characterized by the richness and diversity of their content with human
and social issues that preoccupied the travellers and worked to move the inner side of knowledge.
Writing it within a narrative fabric and format in which it addresses the recipient in a direct way so
that the text becomes a news medium within a travelling narrative discourse, where the traveller
works on selecting the news and the way to present it to the reader, according to what he sees
consistent with his knowledge acquisitions

Keywords: journey, news, narration, discourse, knowledge

Serirmohamed_2017@yahoo.com :‫الربيد االلكًتوين‬ ‫ محمد سرير‬:‫ ادلؤلف ادلرسل‬-1


054
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 62 :‬عذد‪( 7 :‬رت ‪ ) 26‬السنة‪6266 :‬‬

‫‪ .1‬مقدمة‪:‬‬
‫عرف السرد الرحلي العديد من الكتابات ادلمتدة ُب الزمن‪ ،‬فقد كان ىناك ابن فضالن ُب القرن الرابع اذلجري‪ ،‬وادلسعودي‬
‫ُب كتابو أخبار الزمان‪ ،‬وابن بطوطة وابن جبَت األندلسي‪ ،‬كما صلد ادلقري التلمساين وابن خلدون‪ ،‬فقد كتبوا عن أخبار تنوعت‬
‫رلاالهتا بُت الثقاُب والديٍت واالجتماعي والتارؼلي‪ ،‬وكان كل ذلك ربت سلطة السرد الذي حوى الذات ُب نظرهتا لآلخر من‬
‫جوانب سلتلفة‪.‬‬
‫إضافة إىل ذلك صلد تواصل السرد الرحلي ُب الكتابات احلديثة على ادلستوى العريب مثل أمُت الرػلاين الرحالة اللبناين‪ ،‬ورفاعة‬
‫رافع الطهطاوي‪ ،‬وعلى ادلستوى اجلزائري صلد رحلة ابن ضبادوش اجلزائري‪ ،‬والشيخ احلسُت بن زلمد الورثالين‪ ،‬كما صلد الرحلة العلية‬
‫لصاحبها الشيخ زلمد باي بلعامل‪ ،‬وىي رحلة معاصرة حاولنا من خالذلا طرح اشكالية اشتغال آلية اخلرب ُب النص السردي‪ ،‬وكيف‬
‫سبت تشكيالتو ضمن ادلنت الرحلي؟‪.‬‬
‫فقد قام الرحالة بكتابة ىذه الرحلة اليت تعترب كشكول منوع أو نص ثقاُب يعرفنا على العادات والتقاليد ادلعروفة ُب ادلنطقة‪،‬‬
‫كما تعترب بطاقة تعريفية للمنطقة دبا ربمل من مدارس قرآنية وزوايا تعليمية‪ ،‬ضف إىل ذلك طريقة ربفيظ القرآن الكرمي‪ ،‬وذكر‬
‫تقارير عن مراحل تارؼلية عرفتها ادلنطقة إبان فًتة االحتالل الفرنسي‪ ،‬كما أربف الرحالة كتابو ىذا دبناظرات فكرية ودينية حوت‬
‫العديد من ادلسائل الفقهية‪.‬‬
‫وصاحب الرحلة ىو الشيخ أبو عبد اهلل زلمد عبد القادر بن زلمد بن ادلختار بن أضبد القبلوي اجلزائري الشهَت بالشيخ‬
‫باي‪ ،‬ولد سنة ‪ُ 0391‬ب قرية ساىل والية أدرار‪ ،‬نشأ وسط عائلة عرفت بالعلم والتدين‪ ،‬فاكتسب بذلك ثورة علمية أىلتو لبلوغ‬
‫مراتب سامية ُب العلم‪ ،‬بسبب ما كتبو من علوم شىت تفرقت بُت الفقو والتفسَت واحلديث‪ ،‬إضافة إىل ذلك علمو بالتاريخ وبعلم‬
‫اإلنسان الذي سبرس ُب دراستو كثَتا‪ ،‬كما تعد مناظراتو وحلقاتو العلمية مادة أولية لكتابو الرحلة العلية‪ ،‬توُب سنة ‪.9113‬‬
‫إن الدراسة التحليلة للخطاب السردي تطلبت منا توظيف ادلنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬مع االستعانة بآليات ادلنج االجتماعي‬
‫وادلنهج التأويلي ُب فهم دالالت النص ادلخبوءة ربت داللة األلفاظ ضمن سياقاهتا ادلختلفة‪ ،‬ىادفُت بذلك إىل معرفة سبظهرات‬
‫اخلرب عرب اخلطاب السردي الرحلي‪ ،‬ومعرفة طبيعة الكتابة الرحلية ُب النص السردي ادلعاصر‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلطار الزماني والمكاني لمرحمة‬
‫قد عمل الرحالة على كتابة ىذه الرحلة ُب مرحلة متأخرة عن الزمن الفعلي للرحلة‪ ،‬خاصة رحلتو إىل ادلغرب األقصى‬
‫سنة ‪ 0339‬وكان من أىدافها زيارة قرب شيخو الويل "موالي أضبد الطاىري"‪ ،‬واغتنم الفرصة ُب ذلك دلالقاة ثلة من األدباء‬
‫والفقهاء‪ ،‬واألىل واألصحاب‪ ،‬طبعا صلد الشخص ية العلمية للرحالة تفرض نفسها طيلة ادلسار الرحلي‪ ،‬فهو ذو ثقافة دينية‬
‫متشبع حبب الدين والشريعة‪ ،‬لذلك نراه يعمل على تأثيث نصو الرحلي دبا يوافق مذىبو العلمي‪ ،‬كما عمل الرحالة على ادلزج‬
‫بُت أزمنة متعددة ُب الرحلة‪ ،‬فقد رجع ُب بعض ادلناسبات إىل بداية تكوين منطقة توات‪ ،‬كما أرخ للعديد من القبائل كمنطقة‬
‫تيميمون‪ ،‬تيدكلت‪ ،‬كما عمل على التدرج ُب السلم الزمٍت متتبعا تطور وتغَت العادات والتقاليد‪ ،‬حىت وصل إىل الزمن ادلعاصر‪،‬‬
‫الذي يذكر فيو ثلة من ادلسؤولُت الذين كان ذلم الفضل ُب كثَت من األعمال الصاحلة‪ ،‬ويذكر على رأسهم الرئيس عبد العزيز‬

‫‪054‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 62 :‬عذد‪( 7 :‬رت ‪ ) 26‬السنة‪6266 :‬‬
‫بوتفليقة‪ ،‬كما حظي زمن االستعمار الفرنسي دبساحة البأس هبا‪ ،‬فقد ذكر العديد من األحداث وادلعارك اليت مسع هبا ومنها‬
‫من عاشها‪ ،‬فقد كانت كتابتو دبثابة التسجيل التارؼلي ألحداث قد يغفلها ادلؤرخ البعيد عن احلدث‪.‬‬
‫كما حوت الرحلة ُب إطارىا ادلكاين منطقة توات دبقاطعاهتا الثالث‪ :‬تيدكلت‪ ،‬توات‪ ،‬قرارة تيميمون‪ ،‬زلاوال ذكر جل‬
‫القبائل اليت استوطنت ادلنطقة‪ ،‬مركزا على مناخها وأىم النباتات اليت تغطي سطحها اجلغراُب‪ ،‬ضف إىل ذلك الوديان اليت‬
‫تتمركز هبا‪ ،‬كما اتسع الفضاء الرحلي ليشمل منطقة ادلغرب األقصى اليت كانت فرصة لو لزيارة وزلاورة شيوخ الدين وزيارة بعض‬
‫الزوايا‪ ،‬كزاوية أوالد السباعي دبراكش‪ ،‬وزاوية زلمد احلبيب الدرقاوية دبكناس‪ ،‬وجامع القرويُت بفاس‪ ،‬ومقام الشيخ عبد السالم‬
‫بن مشيش ُب قمم جبال مشال ادلغرب‪ ،‬كما زين الرحالة مدونتو الرحلية بذكر ألىم الزوايا ادلوجودة ُب ادلدن اجلزائرية‪ ،‬لتكون‬
‫الرحلة بذلك قاموسا ثريا دلنطقة توات وقاموسا معرفيا للباحثُت والطالب‪.‬‬
‫‪ .3‬الخبر االجتماعي‬
‫جاء اخلرب االجتماعي خاضعا للتنوع ادلعرُب‪ ،‬حيث صلد الرحالة يورد أخبارا مستوحاة من قبل اجملتمع وذلك باعتباره فاعال‬
‫اجتماعيا‪ ،‬يتأثر دبا ىو زليط بو‪ ،‬كما ػلاول التقرب من ادلتلقي الذي يدرك أنو جامع دلعلومات عامة‪ ،‬لكن ىدف إفادة اخلرب تبقى‬
‫قائمة وىي من الدوافع األساسية للكتابة الرحلية‪ ،‬حىت ولوعمل الرحالة على نقل اخلرب من مصدر معُت ٍب يعيد صياغتو بنفس‬
‫السند فهو بذلك ناقل للمعرفة وىذا من قواعد نقل العلم الذي يعتمد على الرواية والتدوين‪" ،‬ولوال تقييد العلماء خواطرىم على‬
‫الدىر‪ ،‬ونقرىم آثار األوائل ُب الصخر‪ ،‬لبطل أول العلم وضاع آخره‪ ،‬ولذلك قيل‪" :‬اليزال الناس خبَت ما بقي األول يتعلم منو‬
‫اآلخر"‪ ،1‬وأول ما يثَته الرحالة ىو أصل ونسبة ادلنطقة اليت ينتمي إليها‪ ،‬يقول‪" :‬مسيت توات خالل سنة ‪805‬ه اشتق امسها من‬
‫األتوات‪ ،‬وىي ادلغارم وقيل من الفواكو واخلضر اليت دفعت مقابل األتوات للملوك ادلوحدين‪ ،‬وقيل اشتق امسها من أحد البطون‬
‫ادلنحدرة من سكان الصحراء ادللثمُت‪ ،‬وىذا رأي الرصاع‪ ،‬وقيل مشتقة من مرض الرجلُت يسمى (توات) وىذا من خالل قصة‬
‫تنسب إىل السلطان كنكان موسى أثناء سفره للحج‪ ،‬وُب منطقة توات زبلف عنو كثَت من أصحابو لوجع أصاهبم يسمى تواتا‪،‬‬
‫فسكنوا فيها فسمي ادلوضع باسم ادلرض‪ ،‬وقيل مسيت بذلك ألهنا تواٌب للعبادة واالستقرار"‪ ،2‬نلمس األسلوب اخلربي الّذي يتّبعو‬
‫الرحالة ُب الكتابة‪ ،‬ألجل تن بيو القارئ وبلوغ درجة التأثَت‪ ،‬حىت يضمن صلاحا خلطابو‪ ،‬معتمدا على الذاكرة وتعدد أوجو اخلرب‪ ،‬وعلى‬
‫ادلقارنة ىادفا بذلك إىل إقناع القارئ‪ ،‬بأن يوصل إليو ثقافة حقيقية‪ ،‬ذبد مكانا ذلا ضمن مكتسباتو ومرجعيتو ثقافية‪ ،‬فيخلق فيو‬
‫شيئا من التفكَت والتدبر‪ ،‬دون أن ؼلرجو من عامل ادلتعة والتسلية‪.‬‬
‫العدو "وأما القصبات ُب سائر الدوائر وىي كانت‬
‫ومن عادات اجملتمع التواٌب إنشاء ما يسمى بالقصبات كحصن يقيهم شر ّ‬
‫احلصون ُب ادلاضي‪ ،‬وما من قصبة إال ػليط هبا خندق وعند الباب توجد قنطرة ولكن الكثَت من القالع أي القصايب خربت وبقيت‬
‫آثارىا وبقي االسم على القرية مثل قصبة بالل مثال‪ ،‬وقصبة ميخاف ُب أولف الوسط‪ ،‬وقصبة السيّد‪ ،‬وقصبة اجلنات ُب سبقطن"‪،3‬‬

‫‪ - 1‬اجلاحظ‪ ،‬الرسائل‪ ،‬ربقيق عبد السالم زلمد ىارون‪ ،‬مكتبة اخلاصلي‪ ،‬القاىرة‪،‬ج‪ ،9‬ص ‪.959‬‬
‫‪ - 2‬بلعامل زلمد باي‪ ،‬الرحلة العلية إىل منطقة توات لذكر بعض األعالم واآلثار وادلخطوطات والعادات وما يربط توات من اجلهات‪ ، ،‬ادلعرفة الدولية للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪،9108 ،‬ج‪ 10‬ص‪.83‬‬
‫‪ - 3‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪054‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 62 :‬عذد‪( 7 :‬رت ‪ ) 26‬السنة‪6266 :‬‬
‫يشَت الرحالة إىل عادة اجتماعية مارسها اجملتمع التواٌب كوسيل للحماية‪ ،‬إال أن ىذه القالع اندثرت‪ ،‬ػلاول الرحالة بدأ اخلرب من‬
‫أولو ٍب ػليل على هنايتو‪ ،‬عامال على سلاطبة ذىن القارئ وتوقع األسئلة ادلمكنة وربضَت اإلجابة ادلالئمة لذلك‪.‬‬
‫ومن أقوال الرحالة وصفو لعشبة الشاىي ومنافعها الصحية وىي للعارف باهلل سيدي زلمد البكري بن عبد الرضبن التنالين‬
‫التواٌب ‪:‬‬
‫ملوكو بسبب فاصلربا‬ ‫ظهر بالصُت لبعض وزرا‬
‫فربءوا منو بغب خوُب‬ ‫واستعملوه لوىيج اجلوَب‬
‫من بعد األلف نعمة على البشر‬ ‫وذاك يا ذا اللب ُب احلادي عشر‬
‫والتخم والعفينة ُب األبدان‬ ‫وينفع الشاىي من األحزان‬
‫والنوم والتخدير واجلموده‬ ‫وثقل األعضاء والربوده‬
‫ووجع الركب ُب ادلروي‬ ‫وضرر العقرب واجلدري‬
‫وضرر الدم وضر العظم‬ ‫ووجع الصدر وشر البلغم‬
‫‪1‬‬
‫وضرر ادلداغ دون مُت‬ ‫كذا الزكام وسقام العُت‬
‫وتطول القصيدة ُب ذكر منافع عشبة الشاىي واليت يصل عدد أبياهتا إىل ‪ 50‬بيتا‪ ،‬يشَت الرحالة إىل ادلكان اليت ظهرت فيو‪،‬‬
‫سلربا عن فوائدىا اجلمة اليت يراىا تفيد القارئ‪ ،‬إنو يعمل على انتاج معرفة تفيد اجملتمع‪ ،‬فهي خالصة ذبربة فردية يعمل على تقدؽلها‬
‫ُب قالب شعري‪ ،‬وىو فن وافق ىوى ُب النفس وصلد ُب ذكره زلاكاة للًتاث العريب الذي جعل ُب الشعر أخبار أيامو وفضائل‬
‫حكمو‪.‬‬
‫ىناك عادة اجتماعية أخرى هتدف إىل تعليم الطفل القرآن الكرمي‪ ،‬وقد زبتلف الطريقة من منطقة ألخرى على حسب‬
‫الظروف ادلتوفرة وُب ىذه ادلنطقة يكون "التحاق الصيب بادلدرسة القرآنية لتعليم كتاب اهلل تعاىل ؼلتلف باختالف الصيب‪ ،‬فتارة يكون‬
‫ذلك ُب سن مبكرة وتارة على العكس على حسب إفصاح الصيب‪ ،‬وُب الغالب يوجو إىل ادلدرسة القرآنية ُب السنة الرابعة‪ ،‬وادلدرسة‬
‫القرآنية وهلل احلمد موجودة ُب كل قرية من قرى ىذا القطر ادلومن باهلل تعاىل‪ ،‬ادلتشبع دبحبة اهلل تعاىل وزلبة رسولو وزلبة القرآن‬
‫وضبلتو والعلم وأىلو"‪.2‬‬
‫ويعرب عن ىذه ادلناسبة السعيدة بوليمة ػلضرىا أقارب الصيب ورجال احلي‪ ،‬وتكون عادة اإلطعام عادة سبتد ُب تارؼلها إىل‬
‫عادة الكرم واجلود الل ذين عرفا ُب اإلنسان ُب عدة مناطق سلتلفة "وهبذه ادلناسبة مناسبة التحاق الطفل بالكتاب القرآين يقام حفل‬
‫عظيم وتصنع مائدة تشتمل على التمر واللنب واخلريرة واخلبز الرقيق احمللى ادلأدوم بالسمن اللذيذ يدعى لتلك ادلائدة رجال احلي وُب‬
‫مقدمتهم تال ميذ ادلدرسة القرآنية‪ ،‬فيتناولون الطعام وبثثر ذلك يقدم لوح الصيب للمعلم فيكتب فيو بعد البسملة اآليات االخَتة من‬

‫‪ - 1‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.992‬‬


‫‪ - 2‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.939‬‬
‫‪054‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 62 :‬عذد‪( 7 :‬رت ‪ ) 26‬السنة‪6266 :‬‬
‫سورة اإلسراء (قل ادعوا اهلل او ادعوا الرضبن) اإلسراء‪ 001 :‬إىل آخر السورة‪ ،‬وىو تفاؤل حسن ألن تلك اآليات كما تعلم تدعوا‬
‫إىل عبادة اهلل تعاىل وتصحيح العقيدة"‪.1‬‬
‫ػلاول الرحالة نقل صورة اجتماعية لآلخر الذي قد غلهل ىذه ادلعلومة‪ ،‬ويؤكد الرحالة على صحتها‪ ،‬معتمدا ُب ذلك الواقع‬
‫اجلماعي‪ ،‬حىت يكسب خطابة نوعا من الصدق‪ ،‬ويكسب بذلك ثقة القارئ‪ ،‬كما نرى توظيفو للخطاب القرآين الرامز إىل الثقافة‬
‫الدينية‪ ،‬اليت تنبئ عن روح اجلماعة ادلراد اإلخبار عنها‪.‬‬
‫‪ .4‬الخبر الجغرافي‪:‬‬
‫يعمل الرحالة على تتبع ادلسالك اجلغرافية وأحوال الطقس وما يلحق ذلك من نباتات وحيوانات‪ ،‬زلاوال بذلك نقل‬
‫مشاىدات مباشرة للقارئ‪ ،‬ويعد العامل اجلغراُب من العناصر البنائية للخطاب الرحلي‪ ،‬وقد سبيز العرب ُب ىذا اجملال عن باقي‬
‫الشعوب األخرى‪" ،‬ولكن غلب االعًتاف بأن ادلنهج الثاين‪ ،‬أي منهج اجلغرافيا الوصفية ىو الذي يسًتعي النظر بغزارة مادتو وىو‬
‫الذي يغلب على األدب اجلغراُب العريب ويسبغ عليو طابعو ادلميز ويعطيو شكلو اخلاص بو شلا يصعب إغلاد مثيل لو ُب آداب االمم‬
‫األخرى"‪ 2‬حيث كانت ذلم أسبقية الكتابة فيو‪ ،‬فقد حوى الشعر العريب الكثَت من أوصاف وأخبار ادلواقع اجلغرافية‪ ،‬وصلد ىنا‬
‫الرحالة ػلدد جغرافية منطقة توات "توات منطقة جزائرية ال تتجزأ منها‪ ،‬دينها اإلسالم‪ ،‬وموقعها اجلنوب اجلزائري وتنقسم إىل ثالثة‬
‫مناطق‪ :‬أوال‪ :‬تديكلت من فقارة الزوى شرق عُت صاحل إىل تيمقطن‪ ،‬ثانيا‪ :‬ادلنطقة الوسط من عريان الراس (تسابيت) إىل انتهنت‬
‫(رقان) ثالثا‪ :‬منطقة قرارة (تيميمون) إىل تبلكوزة‪ ،‬ػلدىا مشاال واد الساورة‪ ،‬وجنوبا تنزروف‪ ،‬وغربا عالق أركشاش‪ ،‬وشرقا آمقيد ُب‬
‫اجلنوب الشرقي واذلقار وُب الشرق الشمايل ادلنيعة"‪.3‬‬
‫كما يعمل الرحالة على توظيف اخلرب اجلغراُب سلربا عن أصل السكان‪ ،‬وىذا ينبئ عن ثقافتو وسعة اطالعو على تاريخ‬
‫ادلنطقة‪ ،‬فالرحالة يعترب خزانا للمادة العلمية ادلراد التعبَت عنها‪ ،‬كما يعد ىنا سلربا عن منطقة ينتمي إليها‪ ،‬عارفا بأحواذلا وتقاليدىا‪،‬‬
‫إنو ينطل ق من ثقافتو العادلة‪ ،‬ليعمل بذلك على التعريف بذاتو أمام صبهور القراء‪ ،‬يقول‪" :‬وسكاهنا يتألفون من قبائل متعددة نزحوا‬
‫ذلا من مشال الوطن وغربو وشرقو ومن ادلغرب العريب ومن الشرق األقصى ومن أفريقيا السوداء‪ ،‬تاريخ عمارهتا يرجع إىل ما قبل‬
‫اإلسالم وكانت تسمى بالصحراء القبلية –بكاف معقودة‪ٍ -‬ب كثرت عمارهتا بعد جفاف (هنر جَت) ُب غضون القرن الرابع للهجرة‬
‫وىي أرض ذات سباخ كثَتة الرمال والرياح ال ربيط هبا جبال وال أشجار"‪.4‬‬
‫كما يركز الرحالة على عنصر مهم سبثل ُب منبع ادلاء الذي ؼلرج بطريقة معينة تسمى الفقاقَت وىي تعترب من خصائص‬
‫ادلنطقة الصحراوية‪ ،‬اليت قد غلهلها من ىو بعيد عنها‪ ،‬من ىنا جاء اخلرب اجلغراُب كمادة تثقيفية وتعليمية تفيد ادلتلقي‪ ،‬كما تعمل‬
‫على نشر ثقافة األنا مقابل اآلخر‪ ،‬الذي يراه الرحالة ُب حالة افتقار للمعرفة يقول‪" :‬فادلوارد ادلائية اليت ىي روح الفالحة تتمثل ُب‬
‫ال فقاقَت‪ ،‬وحيث أن منطقتنا صحراء جرداء ال توجد هبا حبار وال سدود شاءت احلكمة اإلذلية أن يلهم سكان الناحية عملية‬

‫‪ - 1‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.939‬‬


‫‪ - 2‬كراتشكوفسكي‪ ،‬تاريخ األدب اجلغراُب‪ ،‬ترصبة صالح الدين عثمان ىاشم‪ ،‬مطبعة جلنة التأليف والًتصبة والتوزيع‪،0329 ،‬ص ‪.05‬‬
‫‪ - 3‬بلعامل زلمد باي‪ ،‬الرحلة العلية‪ ،‬ج‪ ،10‬ص ‪83‬‬
‫‪ - 4‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪050‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 62 :‬عذد‪( 7 :‬رت ‪ ) 26‬السنة‪6266 :‬‬
‫أحداث الفقاقَت والتوسع ُب ىندستها‪ ،‬والفقارة عبارة عن سلسلة من اآلبار بُت كل بئر وبئر مثل درجات السلم‪ ،‬نفق يبدأ العمل‬
‫فيها من مكان عايل وال يزال ينحدر من أعلى إىل أسفل وقد يوجد ُب عمق بعض اآلبار ما يزيد على أربعُت مًتا(‪ 01‬م) ٍب‬
‫ينخفض العمق إىل أن زبرج على وجو األرض فهي غريبة ُب شكلها وُب زبطيطها وىندستها"‪ ،1‬ؽلتد السرد الرحلي ليتم عملية‬
‫اإلخبار اليت زبلف مصادرىا وتتنوع مادهتا‪ ،‬وبذلك يتحول السرد إىل كتابة تقريرية تزيد من أحقية ومصداقية ادلعلومة ُب نفس‬
‫القارئ‪" ،‬إن السرد ُب خطاب الرحلة ىو دبثابة اإلطار‪ ،‬ويأٌب التقرير ليتضمن السرد‪ ،‬وينتهي التقرير بظهور فعل سردي جديد‪،‬‬
‫ينقلنا إىل فضاء يقدم بوساطة التقرير"‪.2‬‬
‫تبعا للمورد ادلائي الباطٍت ينتقل الرحالة إىل ذكر األودية ادلتواجدة على سطح ادلنطقة‪ ،‬واليت تتوزع على مساحات سلتلفة‬
‫وتنمو خالذلا نباتات متباينة‪ ،‬ىذا التعبَت الناقل دلشهد مباشر بأسلوب بسيط‪ ،‬فالرحالة يهدف من خالل كتابتو إىل تقدؽلها لقارئ‬
‫عام يستطيع فهم فحوى اخلطاب الرحلي‪ ،‬ويذكر أمساء بربرية تنم عن الثقافة السائدة ُب ادلنطقة‪" ،‬وىذه األودية ربمل نباتات‬
‫وأشجار من الربيع‪ ،‬زبتلف ألوان تلك النباتات واألشجار ومن ادلالحظ أن أكثر األودية ادلتواجدة ذلا اسم بربري دليل على أن الرببر‬
‫والتوارق كانوا يسكنون ُب ىذه النواحي‪ ،‬فنذكر بعض تلك األودية عل سبيل ادلثال ال علي سبيل احلصر‪ ،‬واد سبكطن‪ ،‬واد تسديد‪،‬‬
‫واد تفركماسن ُب البيضاء‪ ،‬واد الطلحاي‪ ،‬واد أكلكالت‪ ،‬واد مكركر‪ ،‬واد اسكاف‪ ،‬واد امسيده‪ ،‬وديان اجلرف"‪.3‬‬
‫يواصل الرحالة اإلخبار عن الثقافة الرببرية وذلك بذكر األمساء الرببرية لشجرة النخيل مثل‪" :‬ذبازة‪ ،‬تناصر‪ ،‬ورقلية‪ ،‬مسعودية‪،‬‬
‫دبخلوف‪ ،‬أ حرطان‪ ،‬تزرزاي‪ ،‬تنكعشت‪ ،‬تنقربوش‪ ،‬أشداخ‪ ،‬تدمام‪ ،‬تنبوزيري‪ ،‬تندكان‪ ،‬تنقورة‪ ،‬تنجدل‪ ،‬الشيخ ازلمد‪ ،‬تلمسوا‪،‬‬
‫أدكلي‪ ،‬لعظم‪ ،‬أغموا‪ ،‬بزول العود‪ ،‬سبليحة‪ ،‬بفقوس‪ ،‬تنقسري‪ ،‬إقنقن"‪ ،4‬ىذا التزاوج بُت الثقافتُت العربية والرببرية ينم عن توحد‬
‫الشعبُت فقد صبعتهما أرض واحدة وتاريخ واحد‪ ،‬فقد جاء اخلطاب الرحلي كهمزة وصل بُت أزمنة سلتلفة‪ ،‬عملت على احتواء‬
‫الفكر اإلنساين حاملة إياه على العمل اجلماعي الذي ػلقق الوحدة القومية ويفرض التعايش السلمي‪ ،‬ومثال ذلك أمساء بعض‬
‫النباتات ُب ادلنطقة اليت ال تزال شاىدة على ثقافة قدؽلة توارثتها األجيال والزالت قائمة إىل يومنا ىذا‪" :‬أم ركبة‪ ،‬تطرات‬
‫(العطاسة)‪ ،‬احلدج (احلنظل)‪ ،‬البتينة‪ ،‬ذبركن‪ ،‬اطليحة‪ ،‬احلشيش‪ ،‬أدرين (احللفة)‪ ،‬السلو‪ ،‬احلمى‪ ،‬احلريشة‪ ،‬وادلكر‪ ،‬احللمة‪ ،‬احلبالية‪،‬‬
‫والغسال‪ ،‬والنكد‪ ،‬والركيك‪ ،‬والطلح‪ ،‬وسبات‪ ،‬اليعضيض"‪.5‬‬
‫ىذه األمساء حققت التواصل احلضاري‪ ،‬ورمست طريقا واضح ادلعامل ألبناء الزمن احلديث‪ ،‬الذين يعيشون ُب ظل ثقافة‬
‫مهيمنة على األنا اجلماعي‪ ،‬واليت جاء الرحالة كمتحدث ومبلغ عنها "إن الرحلة إذا قدؽلة قدم اإلنسان ذاتو‪ ،‬وكما لعبت دورىا ُب‬
‫الكشف اجلغراُب فقد ػلصل معها أيضا االتصال بُت الشعوب‪ ،‬واكتساب معرفة الواحد باآلخر‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق باللغة‬
‫والتقاليد والعادات"‪.6‬‬

‫‪ - 1‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.002‬‬


‫‪ - 2‬يقطُت سعيد ‪ ، ،‬السرد العريب‪ ،‬ذبليات و مفاىيم‪ ،‬رؤية للنشر و التوزيع‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪ ،9112 ،0.‬ص‪.905‬‬
‫‪ - 3‬بلعامل زلمد باي‪ ،‬الرحلة العلية ‪ ،‬ج‪ 19‬ص ‪.989‬‬
‫‪ - 4‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.099‬‬
‫‪ - 5‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ 19‬ص ‪.989‬‬
‫‪ - 6‬حسُت زلمد فهيم‪ ،‬أدب الرحالت‪ ،‬عامل ادلعرفة‪ ،‬اجمللس الوطٍت للثقافة والفنون واألداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬عدد ‪ ،095‬ص ‪.99‬‬
‫‪055‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 62 :‬عذد‪( 7 :‬رت ‪ ) 26‬السنة‪6266 :‬‬

‫‪ .5‬الخبر الثقافي‪:‬‬
‫يؤكد الرحالة على ثقافة ادلنطقة اآلىلة بعلمائها وفقهائها‪ ،‬ويعد اجملتمع ىو احلاضن األول للثقافة‪ ،‬لتكون احلياة االجتماعية‬
‫بذلك احلقل الذي يتحرك فيو العامل حيث يبدا جبمع البيانات وتصنيفها ٍب يعمد إىل دراستها ليحقق بذلك نظريات وقوانُت‬
‫تستخدم كمرجعيات ُب البحث العلمي‪ ،‬فالسارد الرحلي يعمد إىل ذكر ثقافة ادلنطقة وما شاهبا من أحداث ومشاىد‪ ،‬يقول‪" :‬فثن‬
‫تواتا حبكم موقعها اجلغراُب وماضيها التارؼلي واحلضاري ومقاطعاهتا الثالث‪ :‬تديكلت‪-‬توات‪ -‬قرارة كانت وال تزال تلعب دورا بالغ‬
‫األعلية ُب نشر اإلسالم والثقافة العربية ال ُب الصحراء فحسب‪ ،‬بل ُب الكثَت من بقاع العامل‪ ،‬وقد كانت آىلة بالعلماء واألدباء"‪،1‬‬
‫ىي رسالة موجهة للغَت تنم عن شساعة الثقافة التواتية اليت سبتد ُب التاريخ‪ ،‬وقد عمل الرحالة على تأطَت ىذه الثقافة وفق قواعد‬
‫ومفاىيم ُب سلتلف ادليادين‪ ،‬وذلك ليعكس احلالة العلمية للمنطقة‪.‬‬
‫فقد عمل على توجيو اخلرب الثقاُب ضلو العلماء وادلعلمُت‪ ،‬بصفتهم القاعدة األوىل للفكر التواٌب‪ ،‬كما اىتم بذكر أوصافهم‬
‫اخللقية ادلتمثلة ُب التواضع وحب العلم وتعليمو‪" ،‬لقد كان أولئك األسالف اجملاىدون ال يعرفون الدرىم وال الدينار‪ ،‬مقابل التعليم‬
‫فضال عن الوظيفة‪ ،‬وبفضلهم حفظ اهلل لنا ىذا الدين اإلسالمي واللغة العربية‪ُ ،‬ب وقت كان األعداء من مبشرين ومستعمرين‬
‫ػلاولوا أن يسلخونا من ديننا وثقافتنا‪ ،‬فأىب اهلل إال أن يتم نوره ولوكره الكافرون"‪ ،2‬يبُت الرحالة وجها من أوجو الثقافة التواتية اليت‬
‫رباول أخذ تعليماهتا األساسية من العقيدة اإلسالمية‪ ،‬وذلك دبحاكاة الرعيل األول من السلف الصاحل الذين وىبوا حياهتم للعلم‬
‫وللدين‪ ،‬كما يرمز إىل قمة التحدي‪ ،‬فكما صلد من غلتهد ويعمل ألجل الدين صلد ُب ادلقابل من يعمل للتفرقة والتشتيت‪ ،‬ىي ثنائية‬
‫ضدية وسنة كونية‪ ،‬حيت ؽليز اهلل احلق من الباطل‪.‬‬
‫يواظب طالب العلم علي حفظ القرآن وإضافة إىل ذلك يفرض عليو حفظ متون العقائد "أما بالنسبة لتعليم ادلبادئ الدينية‬
‫ُب ادلدرسة القرآنية‪ ،‬فثن ادلعلم يكتب للصيب ربت لوحو كل يوم قسطا من متوهنا ويفصل خبط بُت القرآن وغَته فيبتدئ لو من‬
‫العقائد‪ٍ ،‬ب شروط الصالة‪ ،‬وما يتعلق هبا ومن ادلتون الفقهية الصغرى كادلرشد ادلعُت‪ ،‬والعبقري والقرطبية وغَتىا‪ ،‬لتًتيب نفسو على‬
‫زلبة الدين والتفقو فيو ولينطبع فقو العبادة ُب قلبو"‪ ،3‬ؽلكننا القول أن الرحالة ىنا وظف آلية العُت لينقل لنا ىذا ادلشهد الثقاُب‪،‬‬
‫زلددا لنا تراتبية دراسية ؼلضع ذلا طالب العلم‪ ،‬ليكون بذلك اخلرب الثقاُب الذي يعد نواة فعل السفر‪ ،‬ونستطيع القول أن السفر ىو‬
‫رلموع ادلالحظات اليت يلتقطها الرحالة من خالل تنقالتو ُب ادلكان والزمان‪ ،‬زلاوال ُب ذلك ربريك ذاكرتو‪ ،‬ومزجها مع ما ىو آين‪،‬‬
‫ليخرج دبقارنة بُت ذاتو واآلخر‪ ،‬قابال دلا وافقو‪ ،‬ورافضا بشكل فٍت ما خالفو‪.‬‬
‫ويقول‪" :‬ومن العادة عندنا ُب ادلناطق التواتية إىداء التمر للمدارس القرآنية من طرف ادلوسرين لتوزع على الطلبة بعد صالة‬
‫العصر‪ ،‬وذلك ُب شهر ماي عندما تن فذ الثمار ويتعرض الفقراء للمجاعة‪ ،‬وإذا حل الوباء بالبلد فثن ادلعلم يأمر الطلبة أن غلمعوا‬
‫الصدقة من الديار تشفيا هبا وتطبيقا للحديث الشريف "الصدقة تدفع البالء والدعاء يرفع الوباء"‪ ،‬فيجمعون ما بُت الشفاءين‬

‫‪ - 1‬بلعامل زلمد باي‪ ،‬الرحلة العلية ‪ ،‬ص ‪.090‬‬


‫‪ - 2‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.098‬‬
‫‪ - 3‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.938‬‬
‫‪054‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 62 :‬عذد‪( 7 :‬رت ‪ ) 26‬السنة‪6266 :‬‬
‫الدعاء والصدقة ٍب يطوف الطلبة حول القرية يردد صغارىا اسم اهلل اللطيف وأما كبارىم فثهنم يقومون بثنشاء قصائد األمداح‬
‫النبوية يستشفعون بذلك إىل اهلل رفع ما حل هبم"‪.1‬‬
‫يتواصل السرد الرحلي بايراد صبلة من األخبار اليت تشعر القارئ بادلتعة‪ ،‬ألنو بصدد اكتشاف فضاء جديد‪ ،‬كما يكتشف‬
‫ذاتا جديدة من خالل الكتابة اليت تعد إعادة تنظيم للواقعي‪ ،‬ليكون احلكي بذلك صبعا بُت التخيلي والواقعي‪.‬‬
‫كما سبثل الطب التقليدي ُب منطقة توات بعدة صور سبثلت ُب "ربط الكسر التقليدي ىذه العملية قدؽلة وناجحة بنسبة‬
‫شبانُت ُب ادلائة من ادلصابُت بالكسر وال زالت تستعمل إىل اآلن وتتم عن طريق معجون الدقيق والبيض واخلرف"‪ ،2‬كما صلد عادة‬
‫احلقن واجلراحة "اجلراحة واستخراج األمراض من البطن وخياطة اجلرح بعد شق البطن قد كانت ىذه العملية ُب القرون ادلاضية ُب‬
‫زاوية الشيخ البكري وُب انزصبَت وبعض القصور لكنها عملية قليلة جدا الدفن ُب الًتاب للمصابُت بالروماتيزم احلجامة للدغ العقرب‬
‫وغَته الكي قطع العُت بأنبوبة من القصبة كي الضرس بالنار اللدد ُب األنف"‪.3‬‬
‫ػلاول الرحالة إعطاء صورة عامة للحياة الثقافية ُب ادلنطقة‪ ،‬عامال على ذكر ادلمارسات الفردية دلختلف الصناعات الطبية‪،‬‬
‫واليت تبدو ُب ظاىرىا أهنا متوارثة عن األجداد‪ ،‬خاضعة دل بدأ التجربة‪ ،‬صلد الرحالة يعمل على تكثيف اخلرب الثقاُب لتأثيث عملية‬
‫السرد‪ ،‬زلاوال توسيع دائرة اخلرب بتنويع ادلكان والزمان‪ ،‬زلققا بذلك تعريفا للذات الساردة‪.‬‬
‫كما يذكر أىم الصناعات التقليدية مثل ادلنتوجات احلجرية‪" :‬الرحي لطحن احلبوب ادلهارس لصنع اخللوق وأدوية العيون‪،‬‬
‫الصفا للخبز صياغة الذىب والفضة مثل اخلالخل واخلزاًب واألساور واخلالالت وىذه الصنعة كانت ُب القدمي ُب سبنطيط وُب‬
‫تيدماين"‪ ، 4‬ويذكر أيضا الفن ادلعماري "يتمثل الفن ادلعماري ُب القدمي ُب بناء القالع والقصور والسكن باللنب غالبا إذ مادة الطُت‬
‫تالئم طقس ادلنطقة احلارة ويطول عمره اكثر من بناء اإلمسنت وال تؤثر فيو احلرارة ولقد شاىدنا جدرانا مرت عليها القرون وال زالت‬
‫على طبيعتها رغم تعاقب الدىور"‪ ، 5‬ػلاول الرحالة ربقيق ما يسمى بالوظيفة التواصلية بينو وبُت القارئ بواسطة النص‪ ،‬فهو ػلمل‬
‫رلموعة من الصور الثقافية ادلاثلة ُب مكان الرحالة‪ ،‬إنو ناقل لثقافة زللية ػلاول إعطاءىا صبغة وطنية أو عادلية‪ ،‬عرب الكتابة ُب فن‬
‫الرحلة‪ ،‬وىي طريقة طريفة على التعلم‪ ،‬دبعٌت أنو أوجد طريقة جديدة لتسويق ثقافتو عرب أسلوب أديب بعيد عن جفاء اللغة‬
‫التجريدية العلمية‪ ،‬فخلق بذلك جوا من التآلف ب ينو وبُت النص وبُت القارئ‪" ،‬الصلة احلقيقية بُت الراوي وادلروي ػلددىا الراوي‬
‫نفسو‪ ،‬وربددىا الوظيفة اليت يراد للمروي أن يقوم هبا‪ ،‬وربددىا طقوس الرواية وتقاليدىا"‪ ،6‬كما نلمس ُب بنية اخلطاب الرحلي قربو‬
‫من الفن الشفاىي الذي يعتمد البساطة ُب اللفظ وادلعٌت‪ ،‬فالسارد ىنا كان دبثابة احملول للممارسة الشعبية من طابعها الشفاىي‬
‫عامال على تثبيتها بواسطة الكتابة‪ ،‬اليت طادلا مارسها ورأى من اجلدير إبالغ القراء دبا يعد تراثا شعبيا زلليا‪.‬‬

‫‪ - 1‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.932‬‬


‫‪ - 2‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ 19‬ص ‪.980‬‬
‫‪ - 3‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ 19‬ص ‪.980‬‬
‫‪ - 4‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،19‬ص ‪.929‬‬
‫‪ - 5‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،19‬ص ‪.928‬‬
‫‪ - 6‬عبد اهلل ابراىيم‪ ،‬موسوعة السرد العريب‪ ،‬ادلؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بَتوت‪ ، 9115 ،‬ص‪.03‬‬
‫‪054‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 62 :‬عذد‪( 7 :‬رت ‪ ) 26‬السنة‪6266 :‬‬

‫‪ .6‬الخبر السياسي‪:‬‬
‫قد تضمن اخلطاب السردي الرحلى صبلة من األخبار السياسية‪ ،‬فالرحالة يتنقل ُب وسط تكتنفو رلموعة من األحكام‬
‫والقوانُت‪ ،‬وىو خاضع ذلا وصلد مثيل ىذا ما ُب رحلة ابن جبَت حُت كان ُب القارىرة وذكر ما حدث لو مع صبارك ادليناء وما حلق بو‬
‫مر هبا‪ ،‬فالعامل‬
‫من ظلم‪ ،‬كما صلد ذلك عند ابن فضالن حُت ارربل لبالد الًتك والصقالبة وما حدث لو مع امراء ادلناطق اليت ّ‬
‫السياسي بؤثر بصفة مباشرة على اخلطاب الرحلي‪.‬‬
‫كما يعد ادلنت السياسي من ادلواضيع اليت تؤثث السرد الرحلي‪ ،‬وال يكتف الرحالة حباضر ادلنطقة بل نراه يعود دلاضيها وىو‬
‫بذلك ػلاول إعطاء صورة عامة للقارئ يقول‪" :‬لقد عرفت ادلنطقة غارات وحشية منذ تأسيسها إىل بزوغ مشس االستقالل وذلك‬
‫من طرف األعراب سكان البادية وغَتىم إذ مل يكن آنذاك احًتام احلدود واحًتام اجلوار فكانت الغارات تنتاهبا من حُت آلخر‬
‫نتيجة ضعف أىلها ؼلرج أىل القرية لقرية أخرى ألداء صالة اجلمعة مثال فيجدون العدو قد خلفهم ُب ذراريهم وأمواذلم وىذا ىو‬
‫السبب الرئيسي الذي جعل اجلمعات تتعدد ُب توات ىنا وىناك"‪.1‬‬
‫يتواصل السرد الرحلي موظفا اخلرب السياسي الذي ػلاول فيو الرحالة التعريف ببعض القبائل التواتية‪ ،‬مع ذكر رلموعة من‬
‫األحداث اليت يراىا ذات أعلية فثنو ينتقي ما يراه خادما لنسقو ادلعرُب‪ ،‬وما يالحظ على اخلطاب الرحلي الذي بُت أيدينا خلوه من‬
‫شيوخ القبائل أو القادة السياسيُت‪ ،‬إال ما كان عفويا من ذكر ألمساء الوالة وذكر الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة بأسلوب‬
‫زلتشم‪ ،‬لكن القادة الفاعلُت خاصة ُب القدمي ال صلد ذلم أثرا‪ ،‬بل يذكر لنا الوقائع مقًتبا ُب ذلك من األسلوب البسيط‪ ،‬لنراه‬
‫القص يقول‪" :‬وُب سنة ‪0190‬ه نزل اوال باضبوا ُب بودة أخذوا منها قافلة ونزلوا بتمنطيط فتبعهم أىل بودة‬
‫يقًتب من أسلوب ّ‬
‫ووقعت بينهم معركة حذو سبنطيط فدخل اوالد باضبو إىل سبنطيط فاخرجهم منها اىلها فنزلوا بغابة "نوم الناس" ورجعوا بكرة‬
‫لتمنطيط فأخذوا أربعة وثالثُت ضبارا واثٍت عشر طفال وساروا إىل "تيطاف" فتبعهم أىل سبنطيط ووقعت بينهم معركة خارج تكوزة‪،‬‬
‫فخرج أىل تيطاف وأصلحوا بُت الطائفتُت واشًتوا منهم احلمَت باثٍت عشر مثقاال لكل ضبار واألطفال بعشرين مثقاال لكل طفل‬
‫فرجع أىل سبنطيط بدواهبم وأطفاذلم وافًتق اجلمعان‪ٍ ،‬ب بعد ثالثة أيام جاء أىل تيطاف لتمنطيط وطلبوا منهم ما دفعوا ألوالد‬
‫باضبو فامتنعوا فرفع األمر لقاضي اجلماعة الشيخ سيدي عبد الكرمي بُت سيدي زلمد فأثٌت على أىل تيطاف خَتا وضبد سياستهم‬
‫أمر أىل سبنطيط بدفع ذلك العدد ففعلوا"‪ ،2‬ؼلربنا الرحالة هباتو القصة واليت نشعر أنو قد اختصرىا‪ ،‬كما أنو عاد إىل ذاكرتو‬
‫مستعيد ا القصة وقد تكون حضرتو زمن الكتابة‪ ،‬لكننا لو عدنا إىل الزمن احلقيقي للحادثة لوجدنا فيها أكثر من ىذا بكثَت‪ ،‬وىنا‬
‫يدخل العامل التخيلي‪ ،‬ويتحول اخلرب السياسي من الطول إىل القصر "ومسي اخلرب الطويل قصصا‪ ،‬ألن بعضو يتبع بعضا حىت‬
‫يطول‪ ،‬وإذا استطال السامع احلديث قال ىذا قصص‪ ،‬واحلديث يكون عمن سلف وعمن حضر ويكون طويال وقصَتا"‪،3‬‬
‫كما يذكر السياسة االستعمارية اليت تعتمد على توظيف أشخاصا من بٍت ادلنطقة ٍب تبعثهم كجواسيس وخدم ذلا‪ ،‬وىنا‬
‫نلمس الوظيفة الًتبوية للسرد حيث يتقمص الرحالة شخصية الناصح وادلصلح‪ ،‬مظهرا بذلك النقاط السلبية ُب اجملتمع‪ ،‬يقول‬

‫‪ - 1‬بلعامل زلمد باي‪ ،‬الرحلة العلية ‪ ،‬ص ‪.009‬‬


‫‪ - 2‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.000‬‬
‫‪ - 3‬العسكري أبو ىالل‪ ،‬الفروق اللغوية‪ ،‬حققو وعلق عليو‪ ،‬زلمد ابراىيم سليم‪ ،‬دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫‪054‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 62 :‬عذد‪( 7 :‬رت ‪ ) 26‬السنة‪6266 :‬‬
‫الرحالة على لسان ادلستعمر "ضلن طلطط ذلم وىم ينفذون ضلن نسدد الضربات من اخلارج وىم ؼلربون من الداخل‪ ،‬ىذا ىو‬
‫التخطيط االستعماري اإلجرامي الذي نفذه ىؤالء العمالء األنذال الذين باعوا ضمائرىم وذبردوا من إحساسهم الديٍت وشعورىم‬
‫القومي وفقدوا غَتهتم الوطنية وشخصيتهم اإلسالمية‪ ،‬بل زيفوىا لتضليل الناس وخداعهم دبظاىرىم الكاذبة وأقواذلم اخلادعة‪،‬‬
‫وزعموا أهنم علماء الدين وأتوا بالبدع واخلرافات وادلنكرات"‪.1‬‬
‫يعود الرحالة لؤلسلوب العلمي الذي يعتمد على التقيد بالتاريخ‪ ،‬حيث يعمل عل تقريب الكتابة من اليقُت‪ ،‬بالرغم من أننا‬
‫ال صلد السند الذي اعتمده الرحالة ومنو "تصبح إذ ذاك ادلعرفة الشخصية للرحالة معرفة يقينية‪ ،‬على القارئ الواقعي الذي يشاركو‬
‫النسق أن يتقبلها على سبيل التأكيد واليقُت واحلقيقة"‪.2‬‬
‫نرى ىذا النموذج الذي يقدمو لنا الرحالة ادلتمثل ُب استيالء فرنسا على منطقة الصحراء‪ ،‬لكننا نراه يقدمو بطريقة مباشرة وال‬
‫يذكر لو تعليقا‪ ،‬فهو بصدد تقدمي حدث تارؼلي مقيد ُب الكتب التارؼلية‪ ،‬ويتلخص موقفو ُب ذكر احلدث مفردا‪" ،‬فقد استوىل‬
‫الفرنسيون على منطقة القرارة ُب ‪ 92‬يناير عام ‪ 0311‬م وازبذوا من مدينة تيميمون وىي أكرب مدينة بادلنطقة مركزا حربيا لعملياهتم‬
‫ُب الصحراء وُب شهر يوليو من نفس العام استولوا على منطقة توات وفرضت فرنسا بعد ذلك احلكم العسكري على كافة الصحراء‬
‫اجلزائرية وىو احلكم الذي استمر ساريا حىت حصول اجلزائر على استقالذلا"‪.3‬‬
‫بعد ذكر حدث االستعمار نرى ربرك ذات الرحالة مقدما نقدا لؤلوضاع ادلزرية‪ ،‬نرى ػليطها احلزن والبؤس‪ ،‬فعملت على‬
‫توظيف عنصر الوصف اخلارجي اذلادف إىل إثارة نفسية ادلتلقي وجعلو يعيش معو نفس احلالة الشعورية من خالل شلارسة فعل‬
‫القراءة‪ ،‬يقول واصفا صورة اجملازر اليت خلفها ادلستعمر الفرنسي دبنطقة تيدلكت‪":‬سادت ُب ىذه ادلنطقة الدماء الزكية والدموع‬
‫الغالية وأزىقت األرواح ا لطيبة وبقيت األجساد العارية وماتت البواسل وسجنت األبطال وهنبت األموال ورحلت النسوان وشردت‬
‫الصبيان وقطعوا الرؤوس واغتصبوا احلقول واستولوا على احلصون‪ ،‬سكنوا بعضها وىدموا بعضها واحرقت الكتب"‪ .4‬يعتمد الرحالة‬
‫ُب ذكر اخلرب على روايات مكتوبة وىي ضمن حبث قام بو‪ ،‬وقد صرح سابقا أن ىذه الرحلة صبع دلختلف ادلعلومات والعادات‬
‫واألخبار اليت رأى أهنا تستحق التدوين‪" ،‬ال يكتفي الرحالة بتقدمي ادلرئيات ادلباشرة ُب زمنها احلاضر‪ ،‬بل إن طبيعة ادلوصوفات‬
‫اجملهولة لدى الرحالة‪ ،‬والقارئ أيضا‪ ،‬دفعت بالرحالة إىل تقدمي ىذه ادلوصوفات من خالل ادلصدر التارؼلي‪ ،‬سواء كان شفهيا او‬
‫مكتوبا"‪.5‬‬
‫‪ .7‬الخبر الديني‪:‬‬
‫قد حاز اخلرب الديٍت على اجلزء األكرب من الرحلة وذلك يرجع إىل ميول الرحالة وزبصصو‪ ،‬فهو بالدرجة األوىل رجل دين‬
‫وفقو وعقيدة‪ ،‬وكتبو ادلقدمة وادلطبوعة شاىدة على ذلك‪ ،‬وقد أورد الكثَت من األخبار الدينية وعلى رأسها التعريف بشيوخ ادلنطقة‬
‫وعلمائها وصلد من بينهم الشيخ السيد زلمد بن عبد الكرمي ادلغيلي التلمساين ادلتوُب سنة ‪313‬ه‪ ،‬وقد دخل توات سنة ‪551‬ه‬

‫‪ - 1‬بلعامل زلمد باي‪ ،‬الرحلة العلية ‪.929 ،‬‬


‫‪ - 2‬بوشعيب الساوري‪ ،‬الرحلة والنسق دراسة ُب إنتاج النص الرحلي رحلة ابن فضالن ظلوذجا‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،9115 ،‬ص‪.055‬‬
‫‪ - 3‬بلعامل زلمد باي‪ ،‬الرحلة العلية‪ ،‬ج‪ ،19‬ص ‪.02‬‬
‫‪ - 4‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،19‬ص ‪.913‬‬
‫‪ - 5‬مودن عبد الرحيم‪ ،‬الرحلة ادلغربية ُب القران التاسع عشر‪ ،‬دار السويدي للنشر والتوزيع‪ ،‬أبو ظيب‪ ،‬ص ‪.955‬‬
‫‪054‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 62 :‬عذد‪( 7 :‬رت ‪ ) 26‬السنة‪6266 :‬‬
‫ولو فتوى ُب طرد اليهود من ادلنطقة مفادىا‪" :‬إن يهود توات وتكورارين قد حلت دماءىم وأمواذلم ونساؤىم ألنو الذمة اليت ترفع‬
‫السيف عنهم ىي الذمة الشرعية‪ ،‬ال الذمة اجلاىلية وإظلا تكون ذلم الذمة الشرعية مع إعطاء اجلزية عن يد وىم صاغرون‪ ،‬وغلب أن‬
‫يلتزموا جبميع أحكام أىل الذمة‪ ،‬ألن اخلالف بُت الفقهاء ُب نقض عهدىم كان ُب الذمي الذي أخل ببعض األحكام من غَت‬
‫تصميم واستمرار"‪.1‬‬
‫يقدم الرحالة صورة دينية يصور فيها صورة اليهود الذي نقضوا العهود وادلواثيق‪ ،‬ومل ػلًتموا مذىب أىل الذمة‪ ،‬ىذه الصورة‬
‫اليت تعكس لنا موقف الرحالة شلا مسعو من أخبار اليهود ومل يره‪ ،‬إنو ينقل خربا قد رسم لو إطارا معينا ُب سليلتو وأراد أن يشارك‬
‫القارئ فيو‪ ،‬قد أحضر من ادلاضي صورة اليت قد تكون " سبثيلية فردية أو صباعية‪ ،‬حيث تدخل عناصر ثقافية وعاطفية موضوعية‬
‫وذاتية"‪ ،2‬فالرحالة يريد أ ن يعكس واقعا معينا من خالل ربطو بادلاضي‪ ،‬الذي يرى فيو متنفسا وأمال غلب أن يذكره للجيل اجلديد‪،‬‬
‫فهي بذلك رسالة تًتجم ذات الرحالة أمام اآلخر‪.‬‬
‫يدرك الرحالة أن خطاب الرحلة قد يتداولو العريب وغَت العريب‪ ،‬فهو متيقن أن ىناك آخرا يريد االطالع على ثقافتو‪ ،‬كما‬
‫اطلع ىو على ثقافة الغَت‪ ،‬كما ينظر لليهودي وللفرنسي وحىت للصحراوي من بٍت جلدتو الذي خالفو الرأي والعادة واذلوية‪ ،‬آخرا‬
‫يدفعو إىل الكتابة دبنطق اإلفهام وإقامة احلجة‪ ،‬حىت ػلقق تواصال معو "اآلخر الذي تقضي الذات دبخالفتو ذلا وربكم باختالفو‬
‫عنها ُب نظم احلياة كلها‪ُ :‬ب العادات والتقاليد واألذواق واللسان والدين… والفاحص مىت نظر ُب الصورة اليت ترمسها الذات‬
‫لآلخر‪ ،‬فثنو يتبُت أن تلك الصورة مزيج غريب وغَت متجانس من العواطف واألحكام‪ ،‬فقد تكون ُب الوقت ذاتو ربمل مشاعر‬
‫اإلشباع واالستهجان واالستغراب من جهة‪ ،‬وتطفح دبشاعر االستحسان والتقدير والتعظيم من جهة أخرى"‪.3‬‬
‫يورد الرحالة نص رسالة بعثها الشيخ زلمد البكري إىل السيد الشريف ادلنيف موالي أضبد بن موالي ادلهدي الًتذاليت يقول‬
‫ُب جزء منها‪" :‬ودلا نسي أىل زماننا ما خلقوا ألجلو واشتغلوا باألسباب وغابوا عن مسببها وعن طاعتو سلبوا الرشد ُب أمر الدارين‬
‫فال ترى ذا حرفة ثابتا فيها ال يتحول عنها لغَتىا بل تراه يتكلف جبمع حرف فال ذبد بركة واحدة وال يناذلا ألن طلب الشيء من‬
‫وجو واحد أقرب حلصولو وإليو أشار بقولو عليو السالم‪" :‬إذا رزق أحدكم من وجو فال يدعو"‪ ،‬فانظر إىل القدماء واشتغال كل‬
‫واحد منهم حبرفتو اليت قسمت لو ال يتعداىا لغَتىا‪ ،‬إال إذا حصل لو اإلذن باالشتغال‪ ،‬خبالف بٍت الزمان ألن الدنيا قد أذنت‬
‫باالرربال‪ ،‬وىي اآلن عجوز ُب الغابرين‪ ،‬فال بد من أسباب تنهدم هبا دعائم ىذا العلم شيئا فشيئا‪ ،‬إىل أن ينهدم بالصحفة مرة‬
‫واحدة"‪ . 4‬قد عاش الرحالة مع قومو زمنا يسمح لو دبعرفتو‪ ،‬ويدرك أغواره فيحكم على احلالة الراىنة دبا توفر لو من مقومات فكرية‪،‬‬
‫وذكره ذلذه الرسالة من الزمن ادلاضي ما ىو إال دليل تشابو ُب األحداث بُت ادلاضي واحلاضر‪ ،‬فهو يذكر نصا ماضيا ليقيم بو احلجة‬
‫على احلاضر‪ ،‬بالرغم من أنو مل يذكر خربا عن الزمن احلاضر‪ ،‬وىذا السكوت ينم عن تغييب حلقيقة قد يقول أىل الزمان اهنا مألوفة‬

‫‪ - 1‬بلعامل زلمد باي‪ ،‬الرحلة العلية ‪ ،‬ص ‪.095‬‬


‫‪ - 2‬علوش سعيد‪ ،‬مكونات األدب ادلقارن ُب العامل العريب‪ ،‬الشركة العادلية للكتاب‪ ،‬دار الكتاب اللبناين‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪ ،0355 ،0.‬ص‪.059‬‬
‫‪ - 3‬العلوي سعيد بنسعيد ‪ ،‬أوربا ُب مرآة الرحلة‪ ،‬صورة اآلخر ُب أدب الرحلة ادلغربية ادلعاصرة‪ ،‬كلية اآلداب الرباط‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫ط‪ ، 0338 ،0.‬ص ‪.00‬‬
‫‪ - 4‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.993‬‬
‫‪044‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 62 :‬عذد‪( 7 :‬رت ‪ ) 26‬السنة‪6266 :‬‬
‫وواضحة فاستعمل األسلوب غَت ادلباشر لذكرىا‪" ،‬فاالختالط واحلياة مع الشعوب ادلختلفة‪ ،‬إضافة إىل االجتهاد ُب دراسة أخالقهم‬
‫وطبا عهم والتحقق ُب دياناهتم و نظم حكمهم‪ ،‬غالبا ما تضع أمام الفرد رلاال طيبا للمقارنة كما تساعده ‪-‬وال شك‪ -‬على تقييم‬
‫‪1‬‬
‫نظم و تقاليد بلده وموطنو"‬
‫الرحالة يعمل على استنباط مسات دالة‪ ،‬صبع فيها بُت العقل والذات‪،‬‬
‫إ ّن حركية الرحلة ادلستمرة ُب الزمان وادلكان‪ ،‬جعلت ّ‬
‫زلاوال استيعاب اآلخر واحتواءه‪ ،‬وفق مايراه خادما لرحالتو‪ ،‬فنلمس بذلك سلطة اآلخر تتحكم ُب ادلسار الرحلي‪ ،‬فالكتابة قد‬
‫أحكمت دبشاىد وزلادثات وقعت أثناء الرحلة‪ ،‬فهي الفعل ادلسيطر على السارد‪ ،‬الذي اتسمت كتابتو بوظيفة تعليمية‪ ،‬حددىا‬
‫السؤال الشفاىي ادلتكرر عرب زلطات اخلطاب الرحلي‪ .‬ومن ىذه األسئلة اليت تواجهو على سبيل ادلثال‪ :‬ما التصوف وما حقيقتو‪،‬‬
‫وما عالقة أىل الزمان بو؟‪ .‬ويقول رليبا‪ٍ" :‬ب اعلم يا أخي أن السادة الصوفية نقحوا طريقهم وىذبوىا وحصنوىا بالشريعة‪ٍ ،‬ب مضى‬
‫زمنهم وخلف من بعدىم خلف اكتسبوا االسم واالنتساب وتركوا العمل واجملاىدة دلخالفة النفس وانكبوا على شهواهتم وما يوافق‬
‫نفوسهم فثذا وجدوا قوال من أحد ال يوافق ما ىم عليو تبجحوا بكلمة من واجب قائلها أن زبمد أنفاسو وىي ضلن أىل الباطن‬
‫‪2‬‬
‫وأنتم أىل الظاىر وما الشريعة إال قشر للحقيقة‪ ،‬وأمثال ىذا كثَت"‬
‫يعمل الرحالة على ن قل صورة دينية عرفت ُب ادلنطقة متبعا ُب ذلك أسلوب االصالح الذي نراه جاء مضمرا ُب اخلطاب‬
‫الرحلي‪ ،‬فالطرق الصوفية زاد اتساعها وكثر منتسبوىا‪ ،‬الذين عرف عنهم اجلهل والسذاجة‪ ،‬ويتبعون ما يقولو زعماءىم الذين زاغوا‬
‫عن الطريق الصحيح‪ ،‬ىي مفارقة بينية ػلاول الرحالة الوقوف عليها ُب كتاباتو‪"،‬ومع أن الغالب ىو ارربال من مكان إىل آخر‪ ،‬لكن‬
‫ذلك قد يًتافق مع ارربال ُب الزمان‪ ،‬أو ارربال ُب األفكار‪ ،‬فال يشًتط باالرربال أن يقتصر على اإلنتقال بُت األمكنة‪ ،‬إظلا قد‬
‫يكون اررباال من ا حلاضر إىل ادلاضي‪ ،‬أو يكون حبثا ُب قضية أو فكرة‪ ،‬هبدف كشفها‪ ،‬وكل ذلك يتيح للشخصية ان زبوض ذبارب‬
‫‪3‬‬
‫مغايرة‪ ،‬تتصل باختالف األزمنة و األمكنة‪ ،‬والقضايا اليت يروم السرد سبثيلها"‬
‫رباول الذات إدراك ما ػليط هبا من متغَتات داخلية وخارجية‪ ،‬لذا صلدىا هترع إىل الكتابة كنوع من التفريغ اآليل متوجهة ُب‬
‫خطاهبا إىل اآلخر مستعملة ُب ذلك آلية اخلرب ضمن نسيج سردي خاص‪ ،‬وقد ؼلتار الكاتب جنس الرحلة دلا غلد فيو من فسحة‬
‫ُب الكتابة‪ ،‬وتشريح للذات وفهم للواقع كل ذلك ُب إطار زبيلي يتالعب فيو بالزمان وادلكان وفق ما يراه ؼلدم نسقو ادلعرُب‪.‬‬
‫‪ .8‬خاتمة‪:‬‬
‫عرف اإلنسان الكتابة منذ العهود األوىل‪ ،‬عامال ُب ذلك على ترصبة سلتلف مستويات اخلرب اليت ربيط بو‪ ،‬فكان بذلك اخلرب‬
‫االجتماعي الذي حاول فيو فهم النسيج االجتماعي وعالقة الفرد باجملتمع‪ ،‬كما عمل على زلاورة اخلرب الديٍت الذي يعد من الركائز‬
‫األساسية اليت تنبٍت عليها الذات‪ ،‬مضيفا إىل ذلك اخلرب التارؼلي الذي ػلاول رؤية ذاتو فيو وعمل على م ّد جسر ثقاُب بُت ادلاضي‬
‫واحلاضر‪ ،‬ليتحول إىل اخلرب الثقاُب الذي ينبئ عن احلالة الثقافية السائدة ُب اجملتع مع ذكر أىم العادات والتقاليد اخلادمة للفكر‬
‫اإلنساين‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسُت زلمد فهيم‪ ،‬أدب الرحالت‪ ،‬سلسلة عامل ادلعرفة‪ ،‬العدد ‪ ،095‬مطابع الرسالة‪ ،‬الكويت‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪ -2‬بلعامل زلمد باي‪ ،‬الرحلة العلية‪ ،‬ص ‪.012‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل ابراىيم‪ ،‬موسوعة السرد العريب‪ ،‬ج‪ 19‬ص ‪030‬‬
‫‪044‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 62 :‬عذد‪( 7 :‬رت ‪ ) 26‬السنة‪6266 :‬‬
‫تعد الكتاب ة الرحلية ذات تنوع أجناسي‪ ،‬فثننا صلد األسلوب التقرير‪ ،‬والعلمي‪ ،‬إضافة إىل األسلوب األديب الذي يتخللو‬
‫اجلانب اخليايل ُب الرحلة‪ ،‬ويتجلى ذلك ُب استحضار أزمنة وأمكنة سلتلفة‪ ،‬وكذلك شخصيات متنوعة زبدم اجلانب ادلعرُب للنص‬
‫الرحلي‪ ،‬كما تربز لنا قيمة الشخصية ادلرربلة‪.‬‬
‫تعمل الرحلة على زلاورة ادلتلقي الذي يعترب الدافع األول للكتابة‪ ،‬فالكاتب الرحالة يريد إيصال فكرة معينة للقارئ‪ ،‬لذا نراه‬
‫ؼلتار ألفاظو وعباراتو‪ ،‬بأسلوب قصصي وعلمي‪ ،‬عامال على زرع روح التشويق ُب نفس القارئ‪.‬‬
‫الرحلة العلية من األدب اجلزائري ادلعاصر‪ ،‬فهي تعترب وعاء ثقاُب لثقافات متنوعة‪ ،‬ومصدرا علميا لتساؤالت الكثَت من‬
‫الباحثُت‪ ،‬كما أهنا أفادت السَتة العربية بذكر أىم الشيوخ والعلماء‪ ،‬بًتصباهتم وعلومهم اليت الزال ينتفع هبا الكثَت من الناس‪.‬‬
‫قد عمل السرد الرحلي على زلاورة الذات فكان بذلك الوسيلة اليت حققت التواصل مع اآلخر ُب إطار تفاعلي‪ ،‬مستخدمة‬
‫صبلة من ادلفاىيم اإلنسانية لرسم قالب الكتابة الذي ربدده العناصر الثقافية دبختلف ميادينها‪.‬‬
‫‪ .9‬قائمة المراجع‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ –0‬اجلاحظ‪ ،‬الرسائل‪ ،‬ربقيق عبد السالم زلمد ىارون‪ ،‬مكتبة اخلاصلي القاىرة‪،‬ج‪،9‬‬
‫‪ - 9‬العلوي سعيد بنسعيد ‪ ،‬أوربا ُب مرآة الرحلة‪ ،‬صورة اآلخر ُب أدب الرحلة ادلغربية ادلعاصرة‪ ،‬كلية اآلداب الرباط‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪.0338 ،0.‬‬
‫‪ -9‬العسكري أبو ىالل‪ ،‬الفروق اللغوية‪ ،‬حققو وعلق عليو‪ ،‬زلمد ابراىيم سليم‪ ،‬دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫‪ - 0‬بلعامل زلمد باي‪ ،‬الرحلة العلية إىل منطقة توات لذكر بعض األعالم واآلثار وادلخطوطات والعادات وما يربط توات من‬
‫اجلهات‪ ، ،‬ادلعرفة الدولية للنشر والتوزيع اجلزائر‪.9108 ،‬‬
‫‪ - 8‬بوشعيب الساوري‪ ،‬الرحلة والنسق دراسة ُب إنتاج النص الرحلي رحلة ابن فضالن ظلوذجا‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪.9115 ،‬‬
‫‪ - 2‬حسُت زلمد فهيم‪ ،‬أدب الرحالت‪ ،‬عامل ادلعرفة‪ ،‬اجمللس الوطٍت للثقافة والفنون واألداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬عدد ‪.095‬‬
‫‪ - 5‬عبد اهلل ابراىيم‪ ،‬موسوعة السرد العريب‪ ،‬ادلؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بَتوت‪.9115 ،‬‬
‫‪ - 5‬علوش سعيد‪ ،‬مكونات األدب ادلقارن ُب العامل العريب‪ ،‬الشركة العادلية للكتاب‪ ،‬دار الكتاب اللبناين‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪.0355 ،0.‬‬
‫‪ - 3‬كراتشكوفسكي‪ ،‬تاريخ األدب اجلغراُب‪ ،‬ترصبة صالح الدين عثمان ىاشم‪ ،‬مطبعة جلنة التأليف والًتصبة والتوزيع‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫‪.0329‬‬
‫‪ - 01‬مودن عبد الرحيم‪ ،‬الرحلة ادلغربية ُب القران التاسع عشر‪ ،‬دار السويدي للنشر والتوزيع‪ ،‬أبو ظيب‪.9112 .‬‬
‫‪ -44‬يقطُت سعيد ‪ ،‬السرد العريب‪ ،‬ذبليات و مفاىيم‪ ،‬رؤية للنشر و التوزيع‪ ،‬القاىرة‪ ،‬ط‪.9112 ،0.‬‬

‫‪044‬‬

You might also like