You are on page 1of 6

‫ٌ‬

‫دادات للتيه"‬‫قصة‪" :‬ام ِت‬


‫القلم على الطاولة هناكَ يُغريني بارتكاب‬‫سهُ باليد! استلقا ُء ِ‬‫الصمتُ في غرفتي هذه يمكن لم ُ‬
‫تزو َج القلم بالورقة؟ يبدو أنهما فاقا المثاليةَ كثنائي‪ ،‬سأكون َّأو َل الحاضرين‬
‫فعل الكتابة‪ :‬ماذا لو َّ‬
‫لحفل زفافهم الذي سيُقا ُم حت ًما في إحدى المكتبات الفخمة‪ ،‬ستغدو خربشاتي ت ُ َحفًا نَفيسةً في هذا‬
‫سالم وأنا أهنئُهم متمنيًا لهم "إفرا ً‬
‫طا في ال ُخلود"!‪.‬‬ ‫خواط َر األمل وال َّ‬
‫ِ‬ ‫اإلطار ال ُمفتَ َعل‪ ،‬سأنثر‬
‫ِ‬
‫ي؟ ال بد أن إسرافي في التحدث عن األشياء أو األشخاص‬ ‫مهال! أين أنا من هذا النسج الكالم ّ‬‫ً‬
‫اآلخرين ما هو إال وجهٌ من أَو ُجه هروبي من اإلختالء بنفسي‪ .‬غريبٌ عن هذه األخيرة وعن‬
‫الغياب في سبع ٍة أي ٍّام‪ ،‬وبدون ُم َع ِلّم‪ ،‬لم‬
‫َ‬ ‫علَّ َمتني كيف َّ‬
‫أتعودُ‬ ‫هذه المدينة‪ُ ،‬م ْم ِع ًنا في الوحدةِ التي َ‬
‫ت ألعث ُ َر عل َّ‬
‫ي ِمن جديد‪.‬‬ ‫غير التبعث ُ ِر في الكلما ِ‬
‫يبقَ لي ُ‬

‫للدوامة القادمة‪ ،‬لقد وص َل‬ ‫ّ‬ ‫ت الخامسة والنصف مسا ًءا‪ ،‬يجب أن أستعدَّ‬ ‫الساعةُ َ‬
‫قار َب ْ‬
‫ت أعل ُم ما الذي يعني ِه كال ُم ُمدَ ِ ّخنيه‪:‬‬ ‫الحشيش ُّ‬
‫قط لكنني ِب ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِروة‪ ،‬لم أُدَ ِ ّخن‬
‫"الالوضوح" إلى الذّ َ‬
‫عيناي ما زا َل بدون ِوج َهة! كيف يُعقَل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫األزرق تحت‬ ‫ُ‬
‫الطريق‬ ‫المرآة‪:‬‬
‫نظر إلى ِ‬‫"ترفَ ْعت‪ ."!1‬أ َ ُ‬
‫ط على سريري‬‫يوم واحد؟ أعود شريدًا إلى غرفتي ألتساق َ‬
‫يتقدم المر ُء كل هذه السنين في ٍ‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫ت مسموع كي ال أ ُ َج ّن‪ .‬هل سينتهي كل شيءٍ في‬
‫قطعةً قطعة‪ ،‬صرتُ أتحدث مع نفسي بصو ٍ‬
‫النوم‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫التمزق؟ أم سيأتي يو ٌم آخر ينتهي بحال ٍة من "الرفع"؟ أعل ُم أن‬ ‫الصباح؟ هل سيلت ِئ ُم كل هذا‬
‫أغادر فيه‬
‫ُ‬ ‫صباح‬
‫ٍ‬ ‫سيخو ُنني مع الجميع كعاد ِته‪ ،‬لكنني سأنتظره حتى ينتهي ألغفو في انتظار‬ ‫َ‬
‫هذه المدينة‪.‬‬

‫عملتُ بنصيحة أ ّمي‪" :‬عندما تأتي المرة القادمة اجلب فقط األشياء التي تحتاجها في حقيب ِة ٍ‬
‫ظهر‬
‫سط‬
‫خفيفة"‪ .‬ألتقي ب" َمجيد" قرب بوابة المحطة‪" ،‬مجيد الكورتيي" أربعيني أسمر البشرة متو ّ‬
‫الطول ويميل إلى ال َبدانة بعض الشيء‪ ،‬ال تكاد قُبعتة السوداء من نوع "‪ "Lacoste‬تفارق‬
‫شخص طيّب و "يتعامل" كما نقول بلهجتنا‪ ،‬ال يمكنك القدوم إلى هذه المدينة‬
‫ٌ‬ ‫رأسه! "مجيد"‬
‫دون أخذ رقم هاتفه لت ُبرم َج معه رحالتك في الحافالت‪ ،‬لقد أخبرني المرة الماضية أنه سيذهب‬

‫‪ 1‬ارتفعتُ عن األرض‪.‬‬
‫إلى بلغاريا هو وأبناؤه‪ ،‬لكن يبدو أن حنينه إلى المحطة قد غلب رغبته في العيش الرغيد‪ ..‬ربما‬
‫يكون "مجيد" قد ف َّك َر في الذهاب إلى بلغاريا بمحض تسلية نفسه أو الحيلولة دون انكساره أمام‬
‫الحواس أو باألحرى‪ :‬ال َيق َبلُه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫شه‪ .‬دما ُ‬
‫غنا ال يكفيه ما يفد إليه من‬ ‫الواقع ال ُم ّر الذي يبدو أنه يعي ُ‬
‫ألننا لو تأملنا لوهل ٍة الحقيقةَ على ما هي عليه لوجدنا أنها ال تُحتمل!‬

‫جئتُ قبل موعد الحافلة كأنني َم ِلكُ الوقت‪ .‬اشتريتُ التذكرة وصعدتُ الحافلة مثل شجرة‪ .‬في‬
‫األيام الخالية‪ ،‬كنتُ كثير الحركة‪ ،‬ال تمر دقيقة ّإال وتحركتُ فيها أو َّ‬
‫حركتُ جز ًءا من جسدي‪،‬‬
‫لكن اآلن صرتُ أسهو للحظات! أحاول معرفة من أنا وإلى أين تتجه بي هذه الحافلة؟ هل أنا‬
‫وشخص ما ال أدري ما دوره‬
‫ٌ‬ ‫شخص آلي ولم أكتشف األمر بعد؟‪ .‬يبدأ السائق و"الكريسور"‬
‫سهو‬
‫س َيقودون طائرة في مهمة مستحيلة! ٌ‬ ‫في الحافلة باإلستعداد وقفل األبواب لإلنطالق كأنهم َ‬
‫تظهر بعد كل انكسار! رغم‬
‫ُ‬ ‫لذيذٌ يستبدُّ بي كلما حدقتُ وراء النافذة‪ ،‬يبدو أن طريقةً للنجاة‬
‫مستمرة‪ ،‬أفكر لو‬
‫ّ‬ ‫مستمر في النجاة‪ ،‬النجاة عملية‬
‫ٌّ‬ ‫مرض فقدان المعنى الذي أصا َبني ّإال أنني‬
‫أنني عشت حياة ً عادية كل ما فيها كان "عاديًّا" فقط‪ ،‬دون اغ ِترا ٍ‬
‫ب في الوطن‪ ،‬دون انكسارا ٍ‬
‫ت‬
‫ودون خَيبات‪ ،‬هل كنتُ سأصل لهذه المرحلة؟ هل كنت ألفكر بكتابة هذه الكلمات ألحافظ على‬
‫"نجاتي"؟ ربما كنتُ اآلن مستلق ًيا على سريري‪ ،‬وزني يقارب المئة كيلو‪ ،‬أتصفح "فيسبوك"‬
‫أو "تيكتوك"‪ ،‬أو ربما كنت ال أزال نائ ًما اآلن‪.‬‬

‫ال أحد يأبه بحديث السائق و"ال َكريسور" ِأل َ ْن ال يست ِبدّ بهم النعاس وسط طري ٍ‬
‫ق تمتدُّ إلى ما‬
‫وراء األفق‪" :‬ياودّي العواشر‪ 2‬معا الناس الزينين ماشي معا هاد الكمامر"‪ .‬ماذا لو ارتفع مؤشر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫جنب الطريق ويبدأ بتصفية الخواطر‪ ،‬وان ِتزاعِ‬
‫َ‬ ‫السائق‬ ‫ليتوقف‬
‫َ‬ ‫البؤس إلى الدرجة الحرجة!‬
‫الس َّماعات من اآلذان واإلشارة لألشياء البسيطة كتساقط حبات المطر على الزجاج‪ ،‬والغيوم‬

‫باركة‪.‬‬
‫‪ 2‬أيا ٌم ُم َ‬
‫الرمادية وهي تحط كقُبّع ٍة على رؤوس الجبال‪ ،‬وانكسار موجات الرمال على شاطئ الطريق‪،‬‬
‫والصوت الخافت لألمداح ال ُمنب ِعث من الراديو‪..‬‬

‫اخت ُ ِطفَت واخت ُ ِطفتُ معها من قِبل كائنا ٍ‬


‫ت‬ ‫وصلت الحافلة كما كان متوقعًا‪ ،‬ليتها ْ‬
‫ْ‬ ‫سحقًا لقد‬
‫ُ‬
‫فَضائية‪ ،‬أنا مستعدٌّ أن يُجروا عل َّ‬
‫ي تجارب لها عالقة بالخيال والكون وتلك األشياء الغامضة‪،‬‬
‫لقد سئمت التوا ُجدَ في هذه األرض‪ ،‬أريد أن أشغل قطعةً من السماء‪ ،‬ال يهمني كيف سأصعد‬
‫إلى هناك‪ ،‬ربما سأستدعي بعض الكائنات الفضائية (بالطبع سيكون هذا بعد إجراءهم التجارب‬
‫علَي واإلستفادة مني بطريقة أو بأخرى‪ ،‬وبعد مصادقتهم و َب ْوحهم لي بطريقة استدعائهم‬
‫َ‬
‫ضا‪.)..‬‬
‫أي ً‬

‫ألول مرة أرتبكُ فيما يتعلق بالمدينة حيت أنا! هل الشخص اآللي يرتبك أي ً‬
‫ضا؟ هل حقا أنا في‬
‫"وجدة‪"3‬؟ مهالً َ‬
‫علَي النظر والتأكد‪ :‬إنني في المحطة الطرقية‪ ،‬ما زالت عبارة‬
‫"‪ "Khoustoùù‬مكتوبة على جدار المحطة بالبخاخ‪ ،‬يبدو أنهم لم يقوموا بتحديث المحطة كما‬
‫في المدن الداخلية‪ ..‬لماذا لم أختفي في الطريق؟ فقط هكذا أختفي؟ مللتُ الوصو َل والمغادرة‪..‬‬
‫ُ‬
‫تبحث عن قو ِتها بأي‬ ‫قطا؟ يبدو أن القطط ال تنتحر‪ ،‬هي اآلن في الشوارع‪،‬‬ ‫ماذا لو صرتُ ًّ‬
‫ب‬
‫مكان رط ٍ‬‫ٍ‬ ‫َ‬
‫تبحث عن‬ ‫طا أُخرى‪ ،‬ثم عليها أن‬‫دمي قط ً‬
‫طريقة ممكنة‪ ،‬ولو أدى بها األمر أن ت ُ َ‬
‫شاردٌ على غفل ٍة لكنها في رمش ِة ٍ‬
‫عين تستعد‬ ‫وهادئ كي تحظى بقسطٍ من النوم‪ .‬قد يو ِقظها كلبٌ ِ‬
‫لإلنقضاض على هذا الكلب التعيس وال تحسب حسابًا لتَ َعبها من النوم‪ ..‬رغم كل هذا‪ ،‬لم أسمع‬
‫انتحرت !‬
‫َ‬ ‫من قب ُل بأن قطةً ما‬

‫‪ 3‬مدينة بأقصى الشمال الشرقي للمغرب‪.‬‬


‫"براكة‪ "4‬ما ألستعطف‬
‫صغيرا! هل سألجأ إلى ّ‬
‫ً‬ ‫أخاف أن أصبح‪ ،‬بعد عملية التحول‪ًّ ،‬‬
‫قطا‬
‫منتظرا فتاة ً‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ألبث مكاني‬ ‫ي ب"فرماجة‪ "5‬إن كان يستلطف القطط؟ أم‬ ‫علَّهُ يجود َ‬
‫علَ َّ‬ ‫صاحبها َ‬
‫بورجواريةً تعشق القطط لتتلقفني من الشارع؟ سيكون األمر أفضل لو صرتُ ًّ‬
‫قطا يافعًا! أعلم‬
‫متجر أو منز ٍل ما وأبحث عن "الفرماج" أو "الكفتة‪ "6‬أو‬
‫ٍ‬ ‫الح َيل كي أتمكن من اقتحام‬
‫اآلن كل ِ‬
‫وأقوم‬
‫َ‬ ‫مرن عضالتي على فتح الثالجات‪،‬‬ ‫معزوال أل ُ ّ‬
‫ً‬ ‫"الصوصيص‪ ."7‬قبل هذا‪ ،‬سأختار مكا ًنا‬
‫ضا لترويض نفسي على الهروب عندما سأسمع أحدهم يقول‪" :‬ولد‬
‫بحصص جري سريع أي ً‬
‫الحرام َح ْل الثالجة َكاع"‪..‬‬

‫يبدو أن التفكير في القطط ليست طريقة ناجحة من أجل التحول إليهم! احتماالت غريبةٌ يفتحها‬
‫تفكيرنا رغم أنها نادرة الحدوث‪ ،‬ال بأس إن كانت تُنجينا من واقعنا ال ُم ّر الذي نعي ُ‬
‫شه‪ُ .‬ج ُّل‬ ‫ُ‬
‫األشخاص الذين نراهم على متن القطار أو الحافالت أو جالسين وحدهم يتأملون البحر‪ ،‬نجدهم‬
‫مستغرقين في التفكير محاولين الهرب بكل الطرق الممكنة من هذا الواقع الذي يزداد ضبابيةً‬
‫يو ًما بعد يوم‪ .‬ال ِزلتُ أذ ُك ُر صديقي "عثمان" من أيام الجامعة‪ ،‬لم ي ُكن صديقي هذا ِمثل‬
‫اآلخرين‪ ،‬لقد كان موضوع حديثه هو التفكير‪ .‬كنتُ ‪-‬قبل"عثمان"‪ -‬مجرد مراه ٍ‬
‫ق اجتاز‬
‫البكالوريا ليكمل دراسته في الجامعة‪ ،‬لم أكن أعي أهمية الجلوس والتفكير بعمق والتأمل كما‬
‫سور يطل على الطريق‬
‫ٍ‬ ‫كان يفعل صديقي‪ ..‬كنا في بعض األحيان نذهب مسا ًءا ونجلس على‬
‫ال رئيسية التي تؤدي للجامعة‪ ،‬كان صديقي "عثمان" يتحدث حول المدينة الفاضلة‬
‫يفكر في هذه المدينة؟ يمكننا أن نخلُ َ‬
‫ص إلى أشيا َء‬ ‫َ‬ ‫ل"أفالطون"‪ " :‬كيف استطاع أفالطون أن‬
‫سنا من جديد‪."..‬‬ ‫خارقة للعادة فقط في مكاننا ونحن نف ّكر‪ ..‬يمكن للتفكير أن يؤ ِ ّ‬
‫س َ‬

‫‪ 4‬بيت مصنوع من اللوح أو القصدير ونحوهما‪.‬‬


‫‪ُ 5‬جبنة‪.‬‬
‫‪ 6‬لحم مفروم‪.‬‬
‫‪ 7‬نقانق‪.‬‬
‫أعيش‬
‫َ‬ ‫ي أن‬
‫أين ذهب بي تفكيري؟ أين أنا اآلن؟ عمل َّيتا الشهيق والزفير تع ِنيان أنني أتنفس‪ ،‬عل َّ‬
‫كوث في الخيال معظم الوقت‪ ،‬لذا يجب أن أ ُ َق ّ‬
‫س َِم تفكيري بين‪ :‬التفكير وطرح‬ ‫إذن! ال يمكنني ال ُم ُ‬
‫التساؤالت التي يبدو أنها لن تنتهي‪ ،‬وبين "محاولة" العَيْش في الواقع! أشرتُ إلى تاكسي أحمر‬
‫وسألني "إلى أين؟"‪ ،‬كنت سأقول‪":‬ال أعلم!" أو " ُخذني إلى حيث أردت" لكنني استجمعتُ ما‬
‫الشموخ رغ ًما ع ّني‪ ،‬سألتني‬
‫ِ‬ ‫تبقى لي من شجاع ٍة وقلتُ له‪":‬فيالج الن َكادي‪ .. "8‬اتخذتُ وض َع‬
‫عد أتعرف على نفسي‬
‫عساي أقول؟ هل أقول أنني لم أ ُ‬
‫َ‬ ‫أمي كيف حالك فقلتُ ‪ :‬أنا بخير‪ .‬وماذا‬
‫صباح آخر ألذهب للبحر‬
‫ٍ‬ ‫انتظار‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫في المرآة؟ أم أقو ُل أ َّنني أصبحتُ شخ ً‬
‫صا آليًّا؟ أظن أن عل َّ‬
‫وأبو َح بكل هذا الخَراب بداخلي إليه‪..‬‬

‫لم يُخطئ صديقي "جواد" عندما أخبرني أن "السعيدية‪ "9‬تغدو مهجورة ً في فص ِل الشتاء‪ .‬يبدو‬
‫البحر هادئًا‪ ،‬أحب المدن الخالية‪ ،‬أحب اإلنفرادَ وحيدًا مع البحر‪ ،‬ال أصدق أنه بكل هدوءه هذا‬
‫ُ‬
‫يستطيع تح ُّم َل كل هرج فصل الصيف واألجسادَ التي تندفع إليه لي َل نهار‪ .‬يذ ِ ّك ُرني البحر هذه‬
‫مؤخرا على مشاهدتها كلما‬
‫ً‬ ‫الخراز‪ "10‬الشيّقة‪ ،‬التي واضبتُ‬
‫ّ‬ ‫األيام بإحدى حلقات "عبد القادر‬
‫غرفَتي‪ ،‬كانت تدور أحداثها حول‪ ،‬ال يمكن أن نقول جريمة‬
‫ب النو ُم على الهروب من ُ‬
‫ض َ‬
‫وا َ‬
‫شخص‬
‫ٍ‬ ‫جرم هُنا ليس إنسانا‪ ،‬بل المشتبه به الرئيس كان‪ :‬البحر! يحكي "الخراز" عن‬
‫ألن ال ُم ِ‬
‫ما كان زميلَه في العمل يُدعى "السي علي"‪ ،‬وجدوه واألمواج تتكسر على ُجثَّته قرب شاطئ‬
‫كيلومترا! الشيء الغامض أنهم لم يعثروا على أثر لكدما ٍ‬
‫ت‬ ‫ً‬ ‫َيبعُد عن منزله حوالي ثمانية عشر‬
‫آثارا في دَمه على مادةٍ قد تتسبب في قتله أو تجعلهم يتأكدون أنه ماتَ‬
‫آثارا على اإلعتداء أو ً‬
‫أو ً‬
‫منتحرا‪ ،‬باإلضافة إلى أن الجثة لم تكن منفوخةً‪ ،‬يعني هذا أنه لم ي ُمت غرقًا‪ ..‬من قتل "السي‬
‫ً‬
‫علي"؟ أيمتلك البحر أيا ٍد خفيَّة يفتك بها بعيدًا عن األعيُن؟ ال أحد يستطيع أن ّ‬
‫يفك ألغاز البحر‪،‬‬
‫فرط في الشساعة‪..‬‬
‫ق‪ ،‬أو ُم ِ‬
‫ال يجب أن ن ِثقَ في شيءٍ عمي ٍ‬

‫‪ 8‬حي شعبي بمدينة وجدة المغربية‪.‬‬


‫‪ 9‬مدينة سياحية ساحلية بأقصى الشمال الشرقي للمغرب‪.‬‬
‫‪ 10‬ضابط شرطة مغربي متقاعد يشارك الجرائم التي عايَشَها مع باقي المغاربة من خالل فيديوهات على اليوتوب‪.‬‬
‫ً‬
‫مجاال للتحدث مع البحر‪ ،‬وضعتُ الس َّماعات"‬ ‫يترك لي إدماني على الخَيال والموسيقى‬
‫لم ُ‬
‫صة‪ ،‬توقفتُ‬
‫المن َّ‬ ‫وبدأت المشي على الشاطئ‪ ..‬لكن ما إن صعَدَ ْ‬
‫ت أغنية "‪ِ "7ARI - 3AYM11‬‬
‫نفص ًال تما ًما عن العالَم ألتيهَ في‬
‫عيناي ُم ِ‬
‫َ‬ ‫فجأة ً عن المشي ونظرتُ إلى البحر لوهلة‪ ،‬أغمضْتُ‬
‫ي في سبيلي عندما وصل‬ ‫ض َّ‬
‫إيقاف األغنية وال ُم ِ‬
‫َ‬ ‫األغنية بك ِّل ما أوتيتُ ِمن ُم َخ ِّيلة‪َّ .‬‬
‫قررتُ‬
‫المقطع‪" :‬ماشي ذنبي إلى ال َح ْلمة كانت كبيرة‪ ،‬موهيم شي نهار غادي نديرها‪.."12‬‬

‫‪ 11‬أغنية مغربية شعبية تدور معاني كلماتها حول محاولة الهجرة سعيًا إلى العيش الكريم‪.‬‬
‫كبيرا‪ ،‬ما يهم هو أنني سأحققه يو ًما ما‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ 12‬ليس ذنبي إن كان ال ُحلم‬

You might also like