Professional Documents
Culture Documents
"
ِ قصة" :
ضاء يكسو ك ّل رقعٍة على ال َجبين ،ويتحدّث بعنفٍ كلّما ح ّل البردُ ،هناك تكلّمت
سواد ليا ِلي البي َ
"شارع
ِ ت البردَ أل ّنه ع ّمق الهزيمة .على امتدا ِد
عها وخاص َم ِ ْ
شكت جو َ أمعدة ٌ كثيرة ٌ إلى األرض،
كثير م ّمن ال مأوى ل ُهم ،يلتحقون سريعًا بأقصى الحا ِئط
ٌ المومن" تنتشِر ّ
الظلمة ويصفّق ْ عبد
ويلتفّون دونَ ّ
تأو ٍه أو تذ ّم ٍر.
جلست فتاة ٌ هزيلةٌ إلى جا ِنب أ ّمها ،وه ْمه َمت لل ّنافذة من خالل أنفا ِسها ،ث ّم رس َمت
ْ ّ
بالطرامواي،
قلبًا ،وكت َبت حرفًا سأعرف فيما بعدُ أ ّنه الحرف ّ
األول من اسم أبيها ،ارتدّت سريعًا وحاولت
األنامل ال تكذِب في أغلب األوقات!
ِ أناملها، ضا م ّما استشعر ْته ِ
قريحتها وجادَت به ِ أن تخفي بع ً
ونظرت بلطفٍ فيه من الحدّة ال ّ
شيء الوازن ،ثم ْ سكتَت ً
قليال ث ّم أمسكت بعنفٍ لي ٍّن يدَ أ ّمها،
موضع القلب المرسوم على زجاج ال ّنافذة ،وقالت برف ٍ
ق وعناي ٍة زائديْن: ِ أشارت إلى
-غدًا سأقابل أبي ،دا ِئ ًما ما أفعل ذ ِلك نهايةَ ك ّل أسبوع ..سأعصي له ك ّل طل ٍ
ب ولن أجي َبه أو
للعيش معنَا يا أ ّمي ،لكن ال تقلقي أنا
ِ أقبل هداياه ،أليس كذَلك!؟ لو أرادني أن أفعل لَكان قد قدِم
سأهت ّم بهذا األمر ،سأف ِه ُمه إيّاه..
تعتري اليوم الواحدَ عدّة نهاياتٍ! ال ّناس في البيْضاء ،ال يتكلّم ال ّناس عن نهاي ٍة واحدةٍ في ْ
اليومِ ،
هنَا أفوا ٌج ،واالنتماء إلى أحد األفواج ال يُعرف ّإال من خالل مع َي ٍ
ار واح ٍد بسيطٍ " :وقتُ التّوجه
ي" ،هذا وحده كفي ٌل بأن يحدّد لك فوجك ويُدخ ِلك إلى مجموعة أفراد ال محطة ّ
الطراموا ْ ّ إلى
باستمرار.
َ الرمادي للج ّمازة وتبادل التّحديق
اختالط األنفاس داخل الفضاء ّ
ِ سوى
قاسم بينكم َ
َ
ّ
محط ِة "أنوال" وقَبلَها "عبد المومن" مستقر على وق ٍ
ت واحد في تو ّجهي إلى ٍّ رغم أ ّني غير
َ
ي البيضاء) لك ّنني أح َ
سسْت بانتمائي في العديد ي من شبكة طرموا ْ ّ
الخط الثّان ّ ي قبل إطالق
(أ ْ
حيث أتذ ّكر وجوه بعض األفراد أكثر من ِ
غيرهم. ُ سة،ساد ّمن المرات إلى فوج ال ّ
استقرت الفتاة الهزيلة وأ ّمها ،كنت أراقبٌ في صم ٍ
ت ّ ُ
حيث ال َبارحة ،وقبل أن أقلّب نظري إلى
بعض المقاع ِد الفارغة ،كنتُ أتع ّجب لحاله،
ِ بالرغم من وجود ً
رجال دائ ًما ما يفضّل البقا َء واقِفًا ّ
الطريق كلّها واقِفًا
وأسأل نفسي وبفلسف ٍة زائدة عن اللّزوم؛ ما الذي قد يجعل إنسيًّا يفضّل قضاء ّ
ي ،أوح َيا لي دا ِئ ًما بأ ّنه لن يكون الجلديّة ومعطفُه األنيق ّ
الرماد ّ شاق من العمل؟ ِمحف َ
ظتُه ِ يوم ّ ٍ
بعد ٍ
ي أو مسؤول الموارد البشريّة بإحدى كبر َيات ال ّ
شركات التي تستلقي على طول إطار بنك ّ
ٍ سوى
ْ
المومن". شارع عبد
" ِ
ت األ ّم مراوغةً.
" --ليس وقت هذا ،إ ّننا نكاد نصل!" استطرد ِ
مدار أيّام
ِ ت وعلى شيء الكثير بال ّنسبة لمسامعي ،على امتداد سنوا ٍصوتٌ فيه من األُلفة ال ّ
ودماغي يصدح ب ِه بينما يكون الهيًا يرقص التّانغو على عتبات جدار الذّاكرة الدّاخل ّ
ي.