Professional Documents
Culture Documents
«رائع� ��ة ب ��كل ما حتمل الكلمة م ��ن معنى! وهكذا تكون احلكاية لل�ص ��غار،
م�ص ��تواها منا�ص ��ب ،واأ�ص� ��لوبها �ص ��ام ،وم�ص ��مونها اإ�ص ��امي النزعة ،و�ص ��ليم
العقيدة ..جت��ويد فني ومعنوي ،مل اأجد ما يعيب يف الق�ص�ص واحل�كايات..
واأرى لكاتبه��ا �ص� �اأنا واأي �ص� �اأن .اأحببته وكاأين اأ�ص ��مع احلكاي��ة منه واأنا طفل
بني يديه وال فخر!».
هذه الكلمات علق بها االأديب االأ�صتاذ حممد موفق �صليمة بخط يده على
ه ��ذه املجموع��ة الق�ص�ص ��ية (حكايات حماد) التي كتبته ��ا لاأطفال ،ودخلت
بها امل�صابقة التي اأعلنتها رابطة االأدب االإ�صامي العاملية يف اأدب االأطفال يف
ثاث��ة فروع ،هي االأنا�صيد ال�ص��عرية ،والق�ص�ص الق�صرية ،وامل�صرحية.
وقد فازت هذه املجموعة -واحلمد هلل -باجلائزة الثاني��ة يف امل�صابقة من
بني ما يزيد على ع�صرين جمموع��ة ق�ص�صية.
وقد غمرين ال�ص� ��رور بكلمات االأ�ص ��تاذ حممد موفق �ص ��ليمة -ع�صو جلنة
حتكيم امل�ص ��ابقة -اأكرث من فوزي باجلائزة ،فقد يفوز عمل ما يف م�ص � ��ابقة
ل�ص ��عف امل�ص ��اركات اأو قلته ��ا ،وه ��و ما كان منتفي� ��ا هنا .لذل ��ك اأعطتني تلك
الكلمات �ص ��عورا بالر�ص ��ا واالطمئنان الأنها �ص ��هادة من متخ�ص�ص وخبري يف
الكتاب��ة لاأطفال يف املجاالت الثاثة وغريها.
وهذه احلكايات الت�صع ماأخوذة من حياة الريف يف ال�صمال ال�صوري ،وهي
هادفة ،ل�صيق�ة باحلي��اة اليومي��ة للطفل ،تهدف اإىل تقومي العقيدة وال�صلوك،
وتنمية الروح االإيجابية ،وتعزيز ال�صعور االإن�صاين لدى النا�صئة.
املـــ�ؤلف
النمل واأب� اخلري
ُ
املخازن املخازن ُ
يقول: ِ عمال ُه َ
وقال ل ُه ْم :مدي ُر النمل َّ
رئي�س ِ بداأَ اجل ُّو ي ُرب ُد ،فجم َع ُ
إ�سراع مبَل ِئها.
ويجب ال ُ متتلئ بالغذا ِءُ ، مل ْ
أر�س �سيئاً. قالت منلةٌ :الفالحونَ يكنِ�سونَ بيا ِد َر ُهم ،ول يرتكونَ يف ال ِ ْ
وحتت الأحجا ِر
أع�س��ابَ ، ِ احلبوب الواقع َة بني ال
َ وقالت منل ٌة اأُخرى :اإذا مل ِ
نلتقط ْ
ف�سيكون م�ستقب ُلنا يف خطرٍ!
ُ
عام. حري�س) َّ
كل ٍ اخلارجيُ :كنا منالأُ املخازنَ من بيد ِر (اأبي ٍ ِّ العمل
م�سرف ِ قال ُ َ
بيد ُر ُه �س��غرياً ،فحمل ُه �سريعاً ،ومل ي ُرت ْك حب َة ٍ
قمح ،ول حب َة املو�س��م كان َ
ِ يف هذا
أخذ كفاي ِتنا من ُه. �سع ٍري واحد ًة!! فلم نقد ْر على ا ِ
يجم ُد اأطرايف ،هيا..
بال��كالم! الرب ُد يكا ُد ِّ
ِ الوقت
النمل :ل ت�س�� ِّي ُعوا َ
رئي�س ِ قال ُ َ
قبل اأن َ
ينزل املط ُر! العمل ب�سرع ٍة َهيا ..اخ ُرجوا اإىل ِ
5
باجتاهات خمتلف ٍة يف
ٍ اخلارج ،و�س��ارت
النمل اإىل ِ جموع العمالِ من قري ِة ِ ��ق ُ تد َّف َ
أر�س ما ْمل من ال ِ تلتقط َأع�ساب والأحجا ِر ُتفرقت ب َني ال ِ خطوط �سودا َء عري�س ٍة ،ثم ْ ٍ
ت�سلْ اإليه اأيدي الفالحني.
ال�سم�س تختفي ،وه َّب ْت ن�سم ُة هوا ٍء بار ٍد
ِ تتجم ُع ،واأ�س�� َّع ُة ِ
كانت الغيو ُم ال�س��ودا ُء َّ
النمال املنت�سر َة ُ ِحت ُّ�س باخلط ِر.
جعلت َ م�سبع بالرطوب ِة ِ ٍ
جميع ال ِِّنمالِ تط ُل ُب ُ�سر َع َة أر�سلت جمموع ُة الأر�سا ِد اجلو َّي ِة ا ٍ
إ�سارات �سريع ًة اإىل ِ ا ْ
العود ِة اإىل القري ِة!
6
حمل ما جمع ْت ُه وهي ُ
تتعاون يف ِ النمال يف العود ِةَ ،ن�س��طت ُ ِ
بحرك ٍة ِن�سط ٍة غ ِري عاد َّي ٍة!
بع�سها َ ُحت ُّث بع�ساً
كانت يف طري ِقها تلتقي للحظ ٍة عابر ٍة وكاأنَّ َ ْ
من ال�سرع ِة. مزيد َ على ٍ
7
و�س��قطت
ْ مدخل القري ِة،
وانح�س��رت احلرك ُة يف ِ
ِ النمل اإىل القري ِة،
عظم ِ دخل ُم ُ َ
النمالت الباقي�� ُة يف الدخولِ ،
ُ ِ
فتزاحمت َ
وهن��اك، حب��ات مط ٍر كبري ٌة متناث��ر ًة هنا
ُ
رب الناعم ُق َ
بال��رتاب ِ ِ العمل فخلط ْت ُه
أحد مراقبي ِ و�س��قطت حبة مط ٍر كبري ٌة عل��ى ا ِْ
أر�سل اإ�سار َة جند ٍة! حب ُة مط ٍر اأُخرى األ�سق ْت ُه ِ
بالطني ،فاأر�س َل ْت اإ�سار َة مدخل القري ِة ،فا َ ِ
ُ
الت�سال مع ُه!. اإغالقِ ال ِ
أبواب ،وانقط َع
8
ِ
و�سكرت احلبوب التي جلب ْتها يف ِ
املخازن، َ ِ
و�سعت بعد اأنْ
أنفا�سها َ التقطت ُ
النمال ا َ ِ
أمرين اأحزنا اجلمي َع ،و ُهما:
ولكن ا ِاهلل على نعمت ِه و�سالم ِتهاَّ ،
حتت املط ِر.
مات َالعمل ،الذي َ
أحد مراقبي ِ وغياب ا ِ
الطعامُ . عد ُم امتال ِء ِ
خمازن ِ
9
يف قرية النمل حتت الأر�ض
املنافذ خوفاً
غلقت جمي ُع ِ وقد اأُ ْ
أر���س ْ
حتت ال ِ يعي�س حيا َت ُه يف القري ِة َ
النمل ُب��داأَ ُ
ت�س��رب امليا ِه .وكانَ ال�س��تا ُء الذي بداأَ ف�س�� ًال طوي ًال َ
من الرب ِد واملط ِر ِ
والثلج ْقد ِ من
ْ
وجاءت ليل ٌة قا�سي ٌة على
ْ مرت الأيا ُم والأ�سابي ُع ب�سرع ٍة!كل �سي ٍءِ . األقى ب ِث ْق ِل ِه على ِّ
ال ِّنمالِ ْمل ت�س َتط ْع النو َم فيها ،لأنها جائعةٌ!
النمل اأ�سا�س��اً ل ُ
يعرف كل منل ٍة ،لأنَّ َتقليل كمي ِة الغ��ذا ِء التي تاأك ُلها ُّ
مل ينف�� ْع ُ
النا�س!
مثل ِ إ�سراف َال َ
10
هم!!
يتهد ُد ْ
تبحث الو�س َع اخلط َري الذي َّ اجتمعت ُ ْ َ
النمال الوقت ٌ
ليل اإل اأنَّ وم َع اأنَّ َ
قار�س،
أر�س ط ٌني ،والرب َد ٌ الوقت لأنَّ ال َ اخلروج يف هذا ِ النمل :ل ميك ُننا ُ رئي�س ِ قال ُ َ
بالطني!!
ِ ِ
بالتجمد اأو بالل�سوقِ مهد ٌد ِ
باملوت اإما يخرج فه َو َّ
واحد ُ وا ُّأي ٍ
رجل
بيت ٍ أعرف طريقاً يو�س�� ُلنا اإىل ِ واحد م��ن عمالِ الطرقِ َ ،
وق��ال :اأنا ا ُ تق��د َم ٌ
َّ
ر�سف طريقاً من بي ِت ِه اإىل البئ ِر التي طيب ل يوؤذي اأحداًَ ، رجل ٌ ُيدعى (اأبا اخلريِ)ٌ ..
اجلانبي الذي م َّر فو َق ُه!
َّ فلم ُي�س َّد َ
مدخل قري ِتنا و�سط دا ِر ِهْ ،
يف ِ
11
َ
الو�س��ول ب�س��هول ٍة اإىل الطريقِ ِ
وا�س��تطاعت العمالِ ، وفوراً ْ
حتركت جمموع ٌة من َّ
بيتداخل ِ
وا�سع فتح ُه فاأ ٌر اإىل ِ
ُقب ٍ خرجت ُ
النمال من ث ٍ ِ ِ
الر�سيف، الذي ب ِق َي َ
حتت
حتت
املفتوح َ
ِ أمان ،فتد َّف َق ُ
النمل ع َرب النفقِ أر�سلت املجموع ُة ا ِ
إ�سارات ال ِ اأبي اخلريِ! ا ِ
بجد ٍ
ون�ساط! الر�سيف! وبداأَ ُ
العمل ٍّ ِ
12
ري
خمزن اأبي اخل ِ
ِ ُ
النمل يف
��هم باأغطي ٍة �سوفي ٍة �سميك ٍة
ؤو�س ْ غطوا ُرو َ وقد َّ
كانَ اأبو اخل ِري وزوج ُت ُه واأول ُد ُه نائم َنيْ ،
من بر ِد ال�ستا ِء ِ
القار�س. خوفاً ْ
جاج �سوت ِ
حب�ات املط� ِر على ُز ِ ذلك َ ف�سم َع اأثنا َء َ
داخل فرا�س�� ِه ِ حت َّر َك اأبو اخل ِري َ
املو�سم جيداً اإن �سا َء اهلل!
و�سيكون ُ ُ احلمد ِهلل�ِ ،ستاوؤنا ماط ٌر،
فق�الُ : النافذ ِةَ ،
ال�سوت؟
ُ فقالت :ما هذا
اخلافتْ ، �سوت زوجِ ها ِ ا�ستيقظت اأ ُّم اخل ِري على ِ ْ
جاج النافذ ِة!
�سيب ُز َ حبات املط ِر ُت ُ
قال اأبو اخلريِ :املط ُرُ !.. َ
البيت يا َر ُج ُل!!
داخل ِ ال�سوت َ ُ قالت اأ ُّم اخلريِ :هذا
ْ
13
امل�سباح الغرف َة ب�سو ٍء اأ�سف َر ٍ
باهت. ُ وقامت فوراً ،ور َف ِ
عت الفتيلةَ ،فاأ�سا َء ْ
بيت املُون ِة!! و�سرخ ْت مذعور ًة :النمل ..النمل!! ُ
النمل يف ِ نظرت فيما حو َلها َ ْ
النمل ْقد ا َ
أحاط اخل�س��بي ،فراأى َ
ِّ القمح
خمزن ِ اعتدل اأبو اخل ِري بهدو ٍء ونظ َر نح َو َِ
كل ٍ
مكان! من ِّ ب ِه ْ
14
�سطح ِ
املخزن وبع�س��ها ين ُق ُلها من ِ
الداخلُ ،ِ القمح من
حبات ِ النمل ُيخ ِر ُج ِ بع�س ِ ُ
جاج النافذ ِة،
�س��وت ح َّب ِات املط ِر على ُز ِ
َ �س��وت ُي�سب ُه
ٌ أر�س ف َيخ ُر ُج
و ُيلقيها على ال ِ
ِ
الر�سيف ،والآخرونَ ُقب الفاأ ِر الذي ُيوؤ ِِّدي اإىل النفقِ َ
حتت مدخل ث ِوبع�سها ين ُق ُلها اإىل ِ
ُ
فقال� :س��بحانَ اهلل! ناك!!! اأبو اخل ِري مت َّل َك ُه ُّ
التعج ُب َّمما راأى َ م��ن ُه َ كمل��ونَ َ
العمل ْ ُي ِ
نفد! النمل ل يخ ُر ُج يف ال�ستا ِء ،ل َّبد اأنَّ طعا َم ِ
النمل ْقد َ �سبحانَ اهلل!! ُ
15
النمل! لتنق�س على ِ بيدها تنتظ ُر اإ�سار َة زوجِ ها َّ أخذت املِك َن�س َة ِ كانت اأ ُّم اخل ِري ْقد ا ِ
ْ
فقال لها :ت�س�� َّوري ي��ا اأُ َّم اخل ِري اأنَّ
اخلوف! َنظ�� َر اأبو اخل�� ِري اإليها فراأى يف عينيها َ
كنت تفعلني؟! يا اأ َّم جياع ..م��اذا ِ جن��د من ُيعطينا! واأول ُد ِك ٌ نفد ،و ْمل ْ طعا َمن��ا ْقد َ
أخذ اأك َرث م�ن حاج ِت ِه! القليل ،وه َو ل يا ُ
والنمل يكفي ِه ُ ُ القمح عندنا كث ٌري،
اخلريُِ :
وو�س��عت ا ِملك َن َ�س َة من ِيدها ِ التفتت اأ ُّم اخل ِري اإىل اأول ِدها النائم َني التفات ًة حانيةً،
ْ
احلمد هلل!!
احلمد هللُ .. وقالتُ :بهدو ٍءْ ،
أخذ كفاي َت ُه ،وبداأَ يرج ُع اإىل قري ِت ِهَّ ،ثم النمل حتى ا َ تابعان َ بق��ي اأبو اخل ِري وزوج ُته ُي ِ َ
بجانب اأول ِد ِهما.
عادا اإىل ال َّن ِوم ِ
16