You are on page 1of 11

‫ت‬

‫البدَ ا َيا ِ‬ ‫كان‪ِ ،‬إاَّل َأنَّ المَاسِ ي والقطائع ال َتحْ ُل ِإاَّل َبعدَ ت َ‬
‫ِلك ِ‬ ‫وهذا ما َ‬

‫ان الرَّ ُج ُل‬ ‫طيعون حملَهُ‪ ،‬وهكذا أوى َ‬


‫الجمي ُع لِفِراشِ ِهم‪َ ،‬و َقد َك َ‬ ‫َ‬ ‫ولكنه في لحظة واحدة قد سقط فوق أكتافهم َورُؤوسهم‪َ ،‬فال َيس َت‬
‫ال َعجُو ُز َقد َأ َع َّد َم َكا ًنا‬

‫الجميلة غير المتوقعة‪.‬‬

‫ير‪َ ،‬ك َما َأنْ دَ َع ْو َت ُه لَهُم‪ ،‬لَم تكن إال بقصد األذية والشرور ‪ ...‬ترى ماذا قد‬
‫في الحقيقة لم يكن ذلك العجوز سوى ساح ٍِر شِ رْ ٍ‬
‫ين يُسيرون عبر الغابة الكبيرة التي تفصل مملكة الجن عن مملكة‬ ‫يُض ِم ُر َسا ِح ٌر شِ رِّ يرٌ‪ ،‬لِ َثال َث ِة مساف ِِر َ‬

‫ك ال َعجوز سبعة‪ ،‬فوقع عالم السحر الذي كانت الخافي زراعة‬ ‫ون فِي َنوم ِِهم‪َ ،‬ف َر َ‬ ‫الثال َثت ِِهم لِيُستريحوا فِيهِ‪َ ،‬و َبي َنما هُم مُسْ َتعْ ِرقُ َ‬
‫كل محتويات الكوع فتحول الحائط الخشبي الكبير لمكتبة َعظي َم ٍة َملِي َن ٍة ِبمخطوطات السحر وال َّش َع َو َذةِ‪َ ،‬ت َزيَّنُ ُر َفو َق َها َج َما ِج ُ‪D‬م‬
‫ِي َت َس َب ُح في ماد ٍة َأرْ َج ٍة َخضراء‪،‬‬ ‫قدور ُزجا ِج َّي ٍة َعظي َمة‪َ ،‬وه َ‬‫ٍ‬ ‫ت بعناية‪ ،‬داخل‬ ‫َب َش ِري ٌَّة‪َ ،‬ورُؤوسُ َح َي َوا َناتٍ‪َ ،‬ووُ حُوشُ وُ ضِ َع ْ‬
‫ت تَشغَ ُل َأ َح ٌد أركان كوخه‪ ،‬حتى "القدر" الذي أ َع َّد ِب ِه َ‬
‫العجُو ُز‬ ‫بينما أقفاص الحيوانات البرية التي يحتفظ بها العجوز‪ ،‬كا َن ْ‬
‫َأ‬ ‫ال َع َشا َ‪D‬ء لِ َّشيوفِ ِه َّ‬
‫مراءُ‪ ،‬تضيء في الظالم‪ ،‬بينما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫دور الس ََّح َرةِ‪َ ،‬ت َزيَّنُ َحواف ُه ِكتا َبات َونقوشُ َح َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الثال َثةِ‪ ،‬لم َي ُكن سِ وى َح ٍد قُ ِ‬
‫ض َر ُم َق ُزز َن َظ َر السَّا ِح ُر في مكتبته الكبيرة‪ ،‬واستخرج أحد الكتب القديمة والعتيقة للغاية‪،‬‬ ‫َأ‬
‫الحسا ُ‪D‬ء فِي الدَّاخ ِِل ذو لون حْ َ‬
‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت الحمَاسِ َّي ِة َوت َرانِي َم ك ِت َبت ِبلغَا ِ‪D‬‬‫ياطين َوال ُّنجْ َما ِ‪D‬‬
‫ِ‬ ‫ُور ال َّش‬
‫والمليئ ِة ِبص ِ‬

‫البشر ؟!‬

‫المذاق ِبشكل لم تعهده "أونا" َواَل‬


‫ِ‬ ‫قدم العجوز الطيوفك الحساء‪ D‬الساخن والذي كانت الشونة لكها غريبة َولَ ِك َّنها حُلوة‬
‫الح َسا ِء‪َ D،‬فَأ َجا َب ُه السَّا ِح ُر ِبَأنَّ السِّرُّ َيكمُنُ في األعشاب والراهور البرية‪ ،‬كما‬ ‫ارسُ ‪َ ،‬ولَكِنَّ ال َق ْو َم ه َُو َمن َسَألَ ُه َعن سِ رْ لَ َك َه ِة َ‬
‫ال َف ِ‬
‫أنه يستخدم المطر البري الطارح الذي قلما يوجد حتى في مطابخ المُلوكِ ‪َ ،‬و َقد وا َف َق ْت ُه األميرةُ فيما قال‪َ .‬بع َد َأن َتناول‬
‫وم‪َ ،‬ك َما لَو َأنَّ ُك َّل تعب الرحلة‪َ ،‬‬
‫كان ُم َعلَّ ًفا ِب ُخطافات غير‬ ‫ار َم ٍة فِي ال ُّن ِ‬
‫ِرون َّ‬
‫الثاَل َث ُة ِب َرعْ َب ٍة َع ِ‬ ‫الجميع َع َشا َءهُم‪َ ،‬ش َع َر المُساف َ‬
‫ت فَوقَ رُؤوسِ ِهم‬‫الو ْق ِ‬‫مرئية طوال َ‬

‫في نهاية طلسمه‪:‬‬

‫غير معروفة أخذ يرددها بمفرده في السالم‪ ،‬إذا كان مثالبة بكلي تعويدة سحرية قوية المفعول على ضيوفه‪ ...‬لم يكن‬
‫ُ‬
‫عرفت طريقها ِلرُؤوس‬ ‫العجوز ساحِرً ا شريرً ا َف َحسْ بُ ين كان بارعا فيما يفعل‪ ،‬وهنا أرسلت تعويذة األحالم البغيضة التي‬
‫ُؤوس‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫ٌ‬
‫ة‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ت َأحالما مسحور ًة‪ ،‬عند االستيقاظ َت َظ ُّل ِ‬
‫اب‬‫ق‬‫َ‬ ‫كانت أحالمًا َورُؤى كابوسِ ي ًَّة‪َ ،‬ولَ ِك َّنها َأيضً ا كا َن ْ‬
‫ْ‬ ‫ال َّن َ‬
‫اِئمين‪...‬‬
‫ب‬
‫ضرُو ٍ‬ ‫َّ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضُحاياها‪ ،‬مِث َل ذكريات قديمة‪ ،‬ال يُميز المر ُء َهل كانت َحقِيقِيَّة م ن َها مِن ُ‬

‫رس َل دُف َع ًة ُأخرى من طالسمه السحريةِ‪َ ،‬وأوحى‬ ‫القد ِر ال َمغلي نفس األحالم التي يُرسلها للفارس‪َ ،‬ويُشا ِهدُها َم َعهُ‪َ ...‬أ َ‬ ‫صفحة ْ‬
‫ُب ِب َحياتِه‪َ ،‬و َي ْب َتعِدَ َعن "أونا" ِب َق ْد ِر ما يُمكن ‪ ...‬قا َل السَّا ِح ُر ويكون بخيالها في‬ ‫َأ‬
‫الفارسُ ‪ ،‬ه َُو ن َي ْهر َ‬ ‫ْ‬ ‫لَ ُه ِبَأنْ َأ ْف َ‬
‫ض َل َما َقد َيف َعل ُه‬
‫ِ‬
‫الصباح الباكر من اليوم التالي‪ ،‬ومن قبل أن تستيقظ "أونا" كان الفارسُ َقد أيقف الطريق وترك األميرة في فراشها‪ ،‬وطلب‬
‫منه أن يُع ُّد لَ ُه شرحة وحصانة وهكذا غادَ َر كالهما كوخ الساحر‪ ،‬وتركا اَأل َ‬
‫مير َة َناِئ َم ًة ِب ُم َف َر ِد َها َلدَى السَّاح ِِر الَّذِي َك َ‬
‫ان َما‬
‫العجوز‪َ ،‬وه َُو َيقفُ م َُو ِّدعًا ِإيَّاهُما‪ ،‬أمام باب کوجی‬
‫ب َ‬ ‫َيزا ُل َي َّتخ ُِذ َهيَئ َة الرَّ ج ُِل َّ‬
‫الط ِّي ِ‬
‫ارسُ المُض َط ِرب في َنو ِمهِ‪ ،‬ي َُرد ُّْد َن َ‬
‫فس ال َكلِماتِ‪ ،‬هامشه‬ ‫ان ال َق ِ‬
‫الخلفِ َّيةِ‪َ ،‬ك َ‬
‫وفي َ‬

‫لما نواة بلغات‬

‫الط ِّي َب َة َو َّ‬


‫الث َقا َء‪،‬‬ ‫ظه ُر َّ‬ ‫كان الفارس األحمر يرى ُأمورً ا غَ ري َب ًة َومُشِ يَئ ًة َعن "أونا"‪َ ،‬ب ْ‬
‫دَت مثل َف َتا ٍة َخ ِبي َث ٍة َوم َُحا ِد َعةٍ‪ُ ،‬ت ِ‬ ‫في منامه َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الحقِيق ِة لم تكن سوى ساحرة بغيضة‪ ،‬تت َج َّسد ل ُه في صورة األمير ِة التي فقدَت مملكتها وتطلب مساعدته‪ ...‬لقد‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َولَ ِك َّن َها فِي َ‬
‫ض ِة‬ ‫َأل‬ ‫َأ‬
‫نجحت بسحرها في خداع ملكة ال ِح ْن َباتِ‪َ ،‬واآلن َتكا ُد ن َتخدَ َع ُه ه َُو اآلخ ُر في نومه‪ ...‬كان الفارسُ ا حم ُر يُمسِ ُ‬
‫ك ِب َق ْب َ‬
‫العجوز َوالَّذِي َك َ‬
‫ان ي َُرى في‬ ‫تل‪َ ،‬ولَكِنَّ السَّاح َِر َ‬
‫َسيفِهِ‪َ ،‬وه َُو َي َت َوع ُد "أونا ِبال َق ِ‬

‫"ألوذ بحياتي‪ ...‬ألوذ بحياتي"‪.‬‬

‫الخيال‬

‫سو ِة الَّتِي‬ ‫دَت َرفِيقيها َو َقد َت َخلَّ َيا َعن َها‪َ ،‬و َت َر َكاها بمفردها‪ ...‬لم تستطع "أونا" أمام هذه ال َق َ‬
‫األميرةُ "أونا" َو َج ْ‬
‫َ‬ ‫عندما استيقظت‬
‫َأظ َه َرها رفيقاها وحياتهما لها سوى أن لكن بقرارا‪ ،‬ولكنها لم تستسلم التنوع والسكان كما كان يتمنى السا ِح ُر الذِي را َد ن‬
‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫َّ‬
‫َي َّت ِخ َذها خا ِد َم ًة عِ ندَ هُ‪.‬‬

‫الثال َل بمفردها‪ ،‬وتجوب الوديان المغفرة ال َتعلَ ُم َهل‬ ‫ص َع ُد َّ‬


‫وهكذا استمرت األميرةُ َوحيدَ ًة فِي ِر ِح َلتِها َي ْومًا َبعدَ َي ٍ‬
‫وم‪َ ،‬ت َ‬
‫ُ‬
‫ين هُما َرفيقا رحلتها‪ ،‬ترى ما حل‬ ‫َأ‬
‫َّوام َت َت َسا َءلُ‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫طريقها ُي َقرِّ بُها من مملكة َأ َب َو ْي َها‪َ ،‬أم َأ َّن ُه َيحملها ً‬
‫ِي َعلى الد ِ‬ ‫بعيدا عنها‪َ ،‬وه َ‬
‫يف َت َخلَّى‬ ‫ُأَل‬
‫ار َسا‪َ ...‬و َك َ‬‫ير َة الفُؤادِ‪َ ،‬ي َم الحُزنُ َقلبها في ُك ِّل لَح َظ ٍة َت َت َذ َّك ُر َف ِ‬ ‫ت َكسِ َ‬‫ص َن َعاهُ؟ َكا َن ْ‬ ‫بهما؟ ولماذا صنعا بها ذل َِك الَّذِي َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ت السَّعادَ ة التِي لم تكنْ تت َوفعُها لِترْ َح ْل سري ًعا بهذا الشكل المُخيف والمشين ؟! لماذا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َعنها بعدما تعلَّق به قلبها! لماذا أن ِ‬
‫َأ‬
‫ِي ْب َع ُد َما َتكونُ َع ِن‬ ‫ُأ‬
‫تصرف هذا الفارس ال ُم َه َّذبُ ال َكري ُم في ُكل أعماله وأقوالِهِ‪َ ،‬و َف َع َل مورً ا ه َ‬

‫ت مِن ُج ْهدٍ‪َ ،‬لم َت ُكنْ لِ َتستطيع أن‬ ‫حاو ُل اللَّ َحاقَ ِب َرقِيقيها‪َ ،‬و َلكِنَّ بالطبع مهما َب َّد َل ْ‬
‫ت َتم َتطي حمارها األبيض‪ُ ،‬ت ِ‬ ‫سار َع ْ‬ ‫ولكنها َ‬
‫ك اليوم كان قد أطلق‬ ‫ِ َ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫باح‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫في‬ ‫ه‬‫ب‬ ‫ض‬ ‫غَ‬
‫َ ِ َِِ‬‫ل‬ ‫م‬‫َّ‬ ‫ل‬ ‫س‬‫ت‬‫َ‬ ‫اسْ‬ ‫ِي‬
‫ذ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫الفارس‬ ‫أن‬ ‫خاصة‬ ‫بالغين‪،‬‬ ‫حصانين‬ ‫يلحق‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫ن‬ ‫مسكي‬ ‫ا‬ ‫حمارً‬ ‫تجعل‬
‫الجدِيدِ‪ ،‬خاصةً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُسرعًا َويُغادر كوخ العجوز‪َ ....‬ول َقد َبذ َل ال َق ْو ُم َمجهو ًدا مُصْ نِيا في اللحاق ِب َس ْي ِد ِه َ‬ ‫صا ِن ِه لِ َيعدُو م ِ‬‫العنان لح َ‬
‫ك التي شاهدها الفارس‬ ‫مسحور ًة‪ ،‬لَم َت ُكنْ َأهْ ُل بُعْ ضًا مِن تِل َ‬ ‫َ‬ ‫َبعدَما الليل وحسن الطلقة شا َهدَ ه َُو اآلخ ُر في أحالمه منامات‬
‫األحمر‪.‬‬

‫لقد أمان كرانتها وأدلها كما أسم ينقل القليل من قبل واآلن هي خزينة َألنَّ قلبها المسكين ال يمنحها ال َك َرا ِه َية التي تحتاج‬
‫إليها‪ ،‬عندما تذكره‪ ....‬وهكذا َنعْ ِرفُ َنحنُ َأنَّ األميرة لم يكن لديها َأي فُ َ‬
‫رص ٍة ل ِْل ِ‬
‫حاق ِب َرفيقيها‪ ،‬ولكن هي تبكي َو َتن َتحِبُ ‪،‬‬
‫ِت َيدفعُها لكي تستمر في المحاولة‪.‬‬ ‫كان اَأل َم ُل َ‬
‫الخاف ْ‬ ‫وم َشا َهدَ ْت ُه ِبدِرعِ ِه الاَّل م ِِع في ذلك الوقت َ‬ ‫َأ‬
‫َولَ ِك َّنها ما تزال َت َت َذ َّك ُر ْو َل َي ٍ‬
‫وشاراته الحربية‪َ ،‬وه َُو َي ْخ ُر ُج ِمن بين الحشد الواقف في بالط ملكة ال ِج ِّنيَّا ِ‬
‫ت‬
‫ت َمل َك ُة ال ِج ِّنيّات به‪ ...‬كيف النمنت ُه‬ ‫روح ُه َو َسي َف ُه ُن َ‬
‫صرةٌ لِ َقضِ َّي ِة األميرة ‪ ...‬كيف َو َت َق ْ‬ ‫َ‬ ‫ض ُع َسي َف ُه َأ َما َم ال َملَ َكةِ‪ ،‬لِ َيعْ ِرضُ‬
‫َو َي َ‬
‫َعلَيْها َو َعلى َق ْومِها؟؟ آه‪ ...‬ال َق ْو ُم!!‬
‫َ‬

‫عندما كشر عن أنيابه الطويل ِة الَّتِي َأ ِج َفلَ ِ‬


‫ت األميرة‪.‬‬
‫ب مِنها َو َت َطلَّع لوجهها الجميل‪َ ،‬ح َّتى َخ ُر َجا ِث َيا َأ َما َمها‪َ ،‬و َب َداًل من أن يعرفها الطلع صغيرا ويلتهمها اال‬
‫ول ِك َّن ُه ما ِإن ا ْق َت َر َ‬
‫يقليه يظهر الحسن األميرة‬

‫ت َث َق َة َوالِ َديْها الغالية‪ِ ...‬إ َّنهُما‬ ‫صغِي ُر الَّذِي غَ دَ َر بها في أول فرصة ‪ ...‬من في هذا العالم َيسْ َتح ُِق ِث َق َت َها‪ُ ،‬ث َّم َت َذ َّك َر ْ‬ ‫ك اللَّني ُم ال َّ‬‫ذلِ َ‬
‫يهما بالنجدة ‪ ...‬واآلن هي ال تعرف الطريق‪ ،‬ال لِ َممْ لَ َك ِة ال ِجن َوال لِ َممْ لَ َك ِة ال َبشر وهكذا‪ ...‬وفي أحد األيام‬ ‫َ‬
‫ِإ ِ‬ ‫ل‬ ‫عودَ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫اِئ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ظِ‬ ‫َين َت‬
‫ت َعنها مع َط َفها‪D‬‬ ‫ت التستريح أسفل إحدى األشجار في الغابة‪َ ،‬وان َت َز َع ْ‬ ‫ميرةِ‪َ ،‬جلَ َس ْ‬
‫َ‬ ‫َأل‬ ‫ا‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫اسُ‬‫ب‬ ‫ال‬
‫َ َ‬‫و‬ ‫ء‬‫ُ‬ ‫اإلعيا‬ ‫فيها‬ ‫انتصر‬ ‫التي‬
‫لق‪َ ،‬ك َما لَو َأ َّن ُه َوج ُه َأ َح ٍد مَالِئ َك ِة‬ ‫األسود المخللي جاية تعزها الذهبي يسدل بحرية من خوب وجهها الذي كان يُضِ ي ُء َو َي َتَأ ُ‬
‫كانت تتوارى َخ ِجلَ ٌة لِ َمكان بعيد من فرط حسن وجمال األميرة‪ .‬وبينما‬ ‫ْ‬ ‫السَّما ِ‪D‬ء الَّتِي لَم َي َرها ال َب َش ُر مِن قبل‪ ،‬حتى الشمس‬
‫ُطاراهُ َولنهمة‪ ،‬وعندما‬ ‫هي على هذه الحال‪ِ ،‬إ ْذ ِبَأ َس ِد غاضب يندفع نحوها من بين األحراش‪ ...‬كان األسد يبحث عن شي ٍء ي َ‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫دَت َعلَى َوج ِه َ‬
‫خاصة‬ ‫ات ال َّنهُم َوالج ِ‬
‫ُوع‪،‬‬ ‫حش َعال َم ُ‬
‫الو ِ‬ ‫حوها َو َقد َب ْ‬ ‫ض َن َ‬ ‫لفح األميرة أوال َر َك َ‬

‫ان َقد ُرهُم‬ ‫ِين ُت َق ِابلُهُم‪ ،‬مهما َك َ‬


‫مع ُك َّل ال َب َش ِر الَّذ َ‬ ‫فعل ُه األسود َ‬ ‫األس ُد برفق نحو يديها ُي َق ِّبلُهُما‪ ،‬وهذا اَألم ُر ال َت َ‬
‫وروعتها‪ ،‬فانحنى َ‬
‫ِير ًة َتع َتني ِب ِه فِي قصرها‪َ ،‬قب َل قُدوم‬ ‫َ َ‬ ‫غ‬ ‫ص‬ ‫ٌ‬
‫ة‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ف‬ ‫طِ‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫كا‬ ‫عندما‬ ‫األميرة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫د‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫َأل‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ك‬ ‫تذ‬ ‫لقد‬ ‫الحقيقة‪،‬‬ ‫في‬ ‫ولكن‬ ‫ِمن حُسن وجمال‪،‬‬
‫مير ِة َب َح َيوانِها‬
‫َ‬ ‫َأل‬ ‫َّ‬
‫مير ِة َك َما َت َعلقَ َقلبُ ا‬
‫َ‬ ‫َأل‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َأل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫التين ِب َسنواتٍ‪َ ،‬و َقتها لم َيك ِن ا َس ُد سِ وى شبل صغير في حجم القِطةِ‪َ ...‬ت َعلقَ َقل ُب ُه ِبا‬ ‫ِ‬
‫ك اَأل َس ِد عِ ندَما‬‫يخافان َعلى ابنتهما من ذل َ‬ ‫ِ‬ ‫وان األليف‪ ،‬وكانا‬ ‫الح َي ِ‬
‫يس ِب َ‬‫يعرفان َأنَّ اَألسْ دَ لَ َ‬
‫ِ‬ ‫األليف‪ .‬ولكن الملك والملكة كانا‬
‫ِيرةِ‪ِ" :‬إنَّ اَأل َس َد َم َكا ُن ُه فِي الغَا َبةِ‪ ،‬وليس في المنزل‬ ‫ك لَِألم َ‬ ‫َي ْك َبرُ‪َ ،‬و َه َك َذا‪ ،‬عِ ندما اس َت َب ْد ِب ِهما القلق‪ ،‬أطلقاه في البرية‪ ...‬قال ال َملِ ُ‬
‫!"‪...‬‬

‫ان‬ ‫ات َّ‬


‫الز َم ِ‬ ‫صاِئبُ َّ‬
‫الذ َه ِر َوغَ دَ َر ُ‬ ‫ت َح َي َوا َنها األليف‪َ ،‬وَأ َ‬
‫نس ْت َها َم َ‬ ‫ت "أونا" َو َنسِ َي ْ‬
‫َك ِب َر ْ‬

‫ب الصيف الهزيلة‪ .‬أنا األنسا فما يول يتذكر هللا أميرته التي كانت تعاني‬ ‫تالشت مِث َل سُحْ ِ‬‫ُ‬ ‫كل ذكريات طفولتها السعيدة التي‬
‫صر‪َ ،‬وتل َعبُ َم َع ُه ِبالك َر ِة َوالجبال‪َ ...‬و ِب َرعْ ِم الفترة الطويلة التي عاشها في‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض ُه فِي َحدِيق ِة الق ِ‬ ‫صغِيرً ا َو ُت َروِّ ُ‬‫به ما كان شيال َ‬
‫مير ِة َو ِر ْف َق َها ِبهِ؛ لِذلك لَم َي ُكنْ السنوات‬ ‫َ‬ ‫َأل‬‫حوهُ‪َ ،‬واَل َك َر َم ا‬ ‫العطف َن َ‬ ‫َأ‬
‫الغابة بين الحيوانات والوحوش لم ينس وَّ َل َبد ام َتد ْ‬
‫َّت ِب َ‬
‫الطويلة أثر في قناعاته التي لم تتغير حتى تلك المحمية لم تكن "لونا" تتذكر‪ ،‬وربما لن تعرف أننا كيف تحول دالة السبل‬
‫حوهُ‪،‬‬‫ت َتس َتش ِع ُر اَألل َق َة َن َ‬
‫ك َكا َن ْ‬ ‫ت َتظ ُّن ُه َجرُوا إلى هذا الوحش العمالق الجاثي عند قدميها! َول ِك ْنها َم َع َذلِ َ‬ ‫الصغير الذي كا َن ْ‬
‫ِب َرعْ ِم َأ َّن َها اَل َت َف ُه ْم َس َب َب َها َواَل َت َت َذ َّك ُرهُ إال أنها استسلمت لتلك البهجة الغريبة التي َح َملَ ْتها لَها اَألقدارُ‪َ .‬ففِي لحظة هجوم اَأل َس ِد‬
‫ت‬‫ين َأنياب األسد‪ ،‬ولكن في نفس اللحظ ِة تَغَ ي ََّر ْ‬ ‫رو َت َها‪َ ،‬و َس َتن َت ِهي ُك ُّل َمآسيها ش َمر َق ًة َب َ‬ ‫ت "أونا" َأنَّ ُك َّل َأحزاِئ َها َبلَ ْ‬
‫غَت ُذ َ‬ ‫َش َع َر ْ‬
‫ْأ‬
‫خلوق َقد َت َت َو َّف ُع مِن ُه الرَّ َف َة َوال َم َح َّب َة‬ ‫حو َثم تنو ْق ُعهُ‪َ ،‬و َرأ ِ‬
‫ٍ‬ ‫آخر َم‬
‫ت ال َعطف والمواساة من ِ‬ ‫حالها َعلَى َن ِ‬

‫ارفِ لِ َما َأ ْظ َه َرهُ َ‬


‫الوحْ شُ مِن َّنب ٍْل‬ ‫الج ِ‬
‫باالمتنان َ‬
‫ِ‬ ‫ان َقلب "أونا" الحزينُ َيشعر‬
‫َك َ‬

‫ت ُدمُوعُها َتن َه ِم ُر فَوقَ َرْأسِ هِ‪َ ،‬ب ْي َن َما اَأْل َس ُد َي ْل َع ُق َيدَ َها َو ُي َقبلُها‪ ...‬لم يتخل األسد عن األميرة‪ ،‬واسْ َت َم ُر‬ ‫فَاقَ ِب ِه ال َب َش َر‪َ ،‬و َكا َن ْ‬
‫ْ‬ ‫َأ‬
‫ِي َتاِئ َم ٌة سْ َف َل ال َّش َج َر ِة مُطمَِئ َّن ُة لِوُ جوده بجوارها‪َ ،‬وفِي َب َق َط ِت َها َك َ‬
‫ان يَسِ ي ُر َخلَ َق َها مثل كلب مخلص‬ ‫َيحْ ُر ُس َها َويُراقِ ُب َها‪َ ،‬ب ْي َن َما ه َ‬

‫ان َقد َت َسَألَ ُه "أونا" عن الفارس األحمر‪ ،‬وأخيراً في إحدى‬ ‫اري‪َ ،‬و َل ِك َّنهُما َلم َين َتقِيا في َأي مَرَّ ٍة ِبَأي ِإن َس ٍ‬ ‫َمعًا َت َجوال َغي َْر ال َب َر ِ‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫األمسيات‪ D‬شاهدا امرأة شابة تحاول تسلق طريق جبلي شديد االنحدار‪ ،‬بينما تحمل َجرَّ ة م َِن المياه فوق ظهرها‪ ،‬نادَت عليها‬
‫جميلة َوَأ َس ًدا! َفَأ ْق َز َعها َه َذا ال َم ْش َه ُد َو َماَل َقلبها بالخوف‪،‬‬
‫ً‬ ‫ت المرَأةُ َج َه َة الصوت َح َّتى َشا َه ْ‬
‫دَت َسيْدَ ًة‬ ‫إن ْال َت َف َت ِ‬ ‫األميرة‪ ،‬ولكن ما ِ‬
‫ِرار ُتري ُد ال َّن َجا َة بخيالها وبالطبع تخطنب النجر از شعر جالها الشعرت‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ال‬‫ب‬‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫الذ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫أرضًا‪،‬‬ ‫ط‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫س‬‫ت‬‫َ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫رْ‬ ‫الج‬
‫ت َ‬ ‫حتى إ َّنها َت َر َك ِ‬
‫الولة باألنساب وهي تراقب الفتاة المذعورة تهرول وهي تصعد الجبل‪.‬‬
‫ير ًة‪َ ،‬و َما ِإنْ َبلَغَ ِ‬
‫ت‬ ‫ت َس ِّي َد ًة مُسِ َّن ٌة َو َ‬
‫ض ِر َ‬ ‫ك ال َفتاةُ َم َع والدتها َوالَّتِي َكا َن ْ‬ ‫ُ‬
‫عاشت في ِه تِل َ‬ ‫ُناك كوخ صغير‬
‫ان ه َ‬ ‫الج َب ِل َك َ‬
‫فوق قِمَّة َ‬
‫نْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ميرة "أونا" َوا َس َد تت َّبعًا خطاها‪َ ،‬ولم َيك مِن العسير‬ ‫َ‬ ‫َأل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الباب خلق َها ِبالمزالج‪َ ،‬ولكِنَّ ا‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ار َعت تغلق‬ ‫َّ‬
‫ال َفتاةُ كوخها‪َ ،‬حتى َس َ‬
‫الباب ِب ْدراعِ ِه القوي‪ ،‬وبالطبع لم‬ ‫َ‬ ‫َأل‬
‫عليهما أن يهتديا لذلك الكوخ ذي الباب الموصد‪ .‬وعندما وصال إلى الكوخ‪َ ،‬د َف َع ا َس ُد‬
‫ان‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫وابنتها‪-‬‬ ‫العجوز‬ ‫رأة‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ال‬ ‫َّيدنان‬
‫ِ‬ ‫ت الس‬ ‫تتحمل مفاصل الباب مثل تلك الدفعة القوية‪َ ،‬فان َف َتح على الفور‪ .‬في الدَّاخ ِِل كا َن ِ‬
‫الخوفِ في رُكن مُظلِم م َِن الكوخ تكادان أن تفقد الوعي‪ ،‬مِن َم ْش َه ِد اَأل َس ِد الَّذِي يقِفُ ِبقدَميه األماميتين داخل كوخهما‬
‫َ‬ ‫م َِن َ‬
‫َأ‬
‫ت َظ ِه َرهُ‪َ ،‬تس َتخ ِد ُم ُه َك َح ٍد ‪ ...!!.‬كانت‬ ‫الخلفِيُّ َما َي َزا ُل يقف خارج الباب‪ ،‬وتلك األميرة الجميلة‪ ،‬قد َعلَ ْ‬ ‫ير‪َ ،‬ب ْي َن َما َنصفُ ُه َ‬
‫ص َغ ِ‬
‫ال َّ‬
‫األمير ِة مِن َروعِ هما‪ ،‬واستأذنتهما بلطف في‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫السيدتان أن تفقدا حياتيهما لو استسلمنا للرعب والخوف لوال أن هدأت كلِ َم ‪D‬‬
‫ان َأ ْنهُما في موقف األغراس !!‪...‬‬ ‫أن تقضي لَيلَ َتها َم َعهُما في هذا الكوخ َك َمأوى لها‪ .‬لم َتشع ُِر ال َمرْ َأ َت ِ‬

‫ين‪َ ،‬ولَ ِك َّنهُما ِبالطبع لم ُتحسنا وفا َد َتها أو ضيا َف َتها‪َ ،‬كما لَم ُت َق ِّدما َلها َط َعا َم‬ ‫مير ِة مُرغَ َم َت ِ‬ ‫ب اَأل َ‬ ‫بول َط َل ِ‬ ‫يُس َمحْ لَهُما سوى ِب َق ِ‬
‫ِلك اللَّيلَةِ‪،‬‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫منتصف‬ ‫في‬ ‫لها‪.‬‬ ‫وسادة‬ ‫األسد‬ ‫كتف‬ ‫من‬ ‫للعذة‬ ‫الكوع‬ ‫أرضية‬ ‫مقترنة‬ ‫األميرة‬ ‫تلفت‬ ‫ء‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ال َع َشا ِء‪َ D،‬وعِ ندَ َما َح َّل ال َ َ‬
‫س‬ ‫م‬
‫اب َوالَّذِي لم َيكنْ سِ وى لِص شریر‪ ،‬اعتاد سرقة المنازل‪ ،‬وإحضار الحاجيات‪ D‬التي يسرقها لهاتين‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُق ال َب َ‬ ‫َجا َء َمن َيطر ُ‬
‫صفِ الكرخ ولم تستطع أي منهما أن تخرج‬ ‫ان اَأل َسدَ ال َّناِئ َم فِي مُن َت َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫تر‬ ‫تزاالن‬ ‫ما‬ ‫المرأتان‬ ‫كانت‬ ‫لقد‬ ‫الشيئتين‪...‬‬ ‫المرأتين‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ير اسْ تن َد ِ‬
‫ان‬ ‫نز َل من غَ ِ‬ ‫ب قد كسِ َرت‪ ،‬ف َدف َع ُه َودَخ َل ال َم ِ‬ ‫ض الحظ نَّ مَفاصِ َل ال َبا ِ‬ ‫ب َولكِنَّ الل َ‬ ‫ولقان الطيات الذي تلف خارج البا ِ‬
‫ب‬‫ت اَأل َسدَ‪َ ،‬ف َو َث َ‬ ‫صبحانه أيق َط ِ‬ ‫ين‪َ ،‬ولكِنْ َ‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫َأ‬‫ر‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ح‬‫ُ‬ ‫يصب‬ ‫ذ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫خ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫الخارج‪،‬‬ ‫في‬ ‫انتظاره‬ ‫ب طول‬ ‫الغَضبُ ِب َس َب ٍ‬ ‫َ‬ ‫َو َق ِد اس َت َب َّد ِب ِه‬
‫ت ال َمرأتين على‬ ‫ر‬
‫َ َ ِ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ا‪،‬‬ ‫باكرً‬ ‫"أونا"‬ ‫ُ‬
‫استيقظت‬ ‫التالي‬ ‫اليوم‬ ‫صباح‬ ‫في‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫ِير‬
‫غ‬
‫َ َ‬ ‫ص‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َّا‬
‫ي‬ ‫ا‬
‫َ ِ ِ َ ِإ ِ‬‫ق‬‫ً‬ ‫ِّ‬
‫ز‬ ‫م‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ما‬ ‫ُرعان‬ ‫حوهُ‪َ ،‬وس‬ ‫َن َ‬
‫ْ‬
‫بارحا ال ُغرْ َف َة المُظلِ َم َة‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫َّ‬
‫ان‪َ ،‬فلَم ُت ِ‬ ‫ت ِبصُح َب ِة سْ دِها‪ ،‬أ َما ال َمر َت ِ‬ ‫ضيافتهما‪َ ،‬و َر َحل ْ‬

‫المكان‪َ ،‬ف َع َت َر َنا َعلَى َ‬


‫الج َّن ِة‬ ‫َ‬ ‫يل‪َ ،‬و َبعدَ َأن َتْأ ُكدَ َنا مِن مُغادَ َر ِة ال َفتا ِة َواَأل َس ِد للكوخ‪َ ،‬خ َر َج َنا َت َت َفقدان‬ ‫التي اختفتا فيها طوال اللَّ ِ‬
‫حو "أونا"‬ ‫ضبُ َوال َك َرا ِه َي ُة َن َ‬ ‫ير والذي كان شريكة لهما في كل أعمالهما البقيقة‪َ .‬و َه َك َذا َمَأَلهُما ال َغ َ‬ ‫ال ُم َم َّز َق ِة ل ِْلصِّ ال َّشرِّ ِ‬
‫َوَأسْ دِها‪ ،‬وان َف َعلتا ُتريدان التحاق بها‪ ،‬ولكنهما وجدناها ما َتزا ُل ِبصُحبة األسد‪ ،‬فلم تستطيعا سوى أن تكيال لها الشتائم‬
‫حو قِ َّم ِة الجبل ومنعهما‪ D‬صيحة واحدة من البيرة الجهوري عادة‬ ‫وتنعتاها بأفظع األسماء‪َ ،‬وعِ ندَ َما ْال َتفَتَ اَأل َسدُ‪َ ،‬و َن َظ َر َن َ‬
‫للمنز ِل‪َ ،‬قا َبلَ َنا‬ ‫ِ‬ ‫ت ال َّس ْيدَتان البغيضتان في طريقهما‬ ‫المالية الكوخ تخليتان فيه ‪ ...‬وهكذا غادرت "أونا" تلك البقعة‪ .‬وبينما كا َن ِ‬
‫َ‬
‫ين‪َ ،‬و َه َكذا َقا َد‬ ‫َأ‬
‫ث عن "أونا ‪ ...‬وسرعان ما استطاع تمييزها من وصفِ ال َمرْ َت ِ‬ ‫بح ُ‬
‫كان ما َيزا ُل َي َ‬ ‫السَّاح َِر الشرير والذي َ‬
‫س اَأْلحْ َم ِر‪ ،‬بدروعه الفضية‬ ‫ِ ِ‬ ‫ار‬‫ف‬‫َ‬ ‫ال‬ ‫ة‬‫ِ‬ ‫َئ‬ ‫ي‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ًا‬‫م‬ ‫ما‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ح‬ ‫ب‬
‫ِ َ‬ ‫صْ‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫َئ‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫َ َ َ‬‫ْ‬ ‫ح‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫عاويذ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ِ َ‬‫ِ‬ ‫حر‬ ‫سِ‬ ‫استخدام‬ ‫ار ُد اَأل َ َ ِ‬
‫ب‬ ‫و‬ ‫َ‪،‬‬ ‫ة‬‫مير‬ ‫السَّا ِج ُر َف َر َسهُ‪ُ ،‬ي َط ِ‬
‫كان َج َس ُد السَّاحِر العجوز‬ ‫وشار ِت ِه الحمراء‪ ،‬وأسفل تلك الدروع الالمعة‪َ ،‬‬ ‫َ‬

‫ثانية من أجلها أخيرً ا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فار َسها الوحيد والحقيقي‪ ،‬قد عاد‬ ‫يتوارى‪ ،‬وعندما لمحته "أونا" من َبعي ٍد َيْأتي في إثرها‪َ ،‬ظ َّن ْ َأ‬
‫ت نَّ ِ‬
‫ماع َكلِ َما ِت ِه مِن‬
‫ت بأن قلبها يكا ُد يُنتزع منها‪ ،‬ل َِس ِ‬ ‫ارسُ اَألحْ َمرُ‪َ ،‬و َش َع َر ْ‬ ‫َأ‬
‫َّث السَّا ِح ُر إلى "أونا"‪َ ،‬كما لَو َّن ُه ِبالفِعْ ِل ه َُو ال َف ِ‬
‫َت َحد َ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َأل‬
‫الحق‪ ،‬لم تكن "أونا" َوح َدها َمن‬ ‫ُسن َ‬ ‫َجدِيدٍ‪َ ،‬واكنسى َو َج ْه َها‪ D‬ا بيضُ الشاحب‪ D‬بحمرة الحجل والفرحة من جديد‪َ .‬ولكِنْ َولح ِ‬
‫ت مِن َتعويذة السَّاح ٍِر الذي الخلفية الفارس األحمر هللا جدع فيه أيضا سانسولي‪ ،‬وهو مقابل خشن وشرير كان ألم هللا‬ ‫ُخ ِد َع ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ار ِت ِه الحمراء‪َ ،‬و َهكذا لم يُطِ ق "سانسولي"‬ ‫َ‬
‫له قال في مبارة مع الفارس األحمر‪ ،‬وها هو ذا َب َراهُ مِن َجدِي ٍد ِبدرعِ ِه الفِضَّيِّ َوش َ‬
‫ب َعلَى‬ ‫باعتبار َأ َّن ُه َقا ِت ُل َأخِيهِ‪َ ،‬و َه َك َذا َت َو َج َ‬
‫ٍ‬ ‫ُسرعً ا َيقصد الساحر‬ ‫انطلَقَ م ِ‬ ‫االنتظار قبل أن ينتقم مِن َقات ِِل َأخِيهِ‪َ ،‬فلَ َكرْ َف َر َسهُ‪َ ،‬و َ‬
‫السَّاح ٍِر العجوز أن يُحارب‪ ،‬سواء أراد ذلك أم ال!! ولكن "سانسولي " المحارب الم َُخضْ َر َم َح َم َل فِي قِتالِ ِه َعلى السّاجر‬
‫العجوز‪َ ،‬واش َت ُد في َ‬
‫ضرْ باِئ ِه ِبالسَّيف‬

‫وأصابة في عدة أماكن قبل أن بواقعة في النهاية عن ظهر جمانه السلط السَّا ِح ُر م َُخضْ بًا ِب ِدمَاِئهِ‪ُ ،‬ث َّم ان َت َز َع "سانسولي"‬
‫س القارس األحمر الشاب‬ ‫ارسُ اَألحْ َمرُ‪َ ،‬و َب َداًل مِنْ َأن َي ِج ْد َرْأ َ‬ ‫ض َرب ُع ْنقِهِ‪ ،‬م ً َأ‬
‫ُعتقدا َّن ُه ال َف ِ‬ ‫خودة النار‪ ،‬وكان على َو َشكِ َ‬
‫ْأ‬
‫َ‬
‫َس ْيفِهِ‪َ ،‬وش َع َر‬ ‫تحتَ‬ ‫جور ِذي الحية ولم ومادي محمد والحيرة من ذلك الشيخ العالم‬ ‫س شيخ َع ٍ‬ ‫َ‬ ‫ت َعيْناهُ َعلَى َر ِ‬
‫الوسيم‪َ ،‬و َق َع ْ‪D‬‬
‫اج َع ل َِلو َرا ِء ولم يرده أكثر مما فعل‬ ‫ض َر‪َ ،‬و َيعْ َتذ َِر َلهُ‪َ ،‬ف َت َر َ‬ ‫َأ‬
‫ِباالشمئزاز مِن َن ْفسِ ِه َوآ َث َر ال َه َرب َعلى ن يُواجة الشيخ المُح َت َ‬
‫كانت عليه من بهاء وجمال‪ ،‬انتزعها بذراعه القوية من فوق الحمار‬ ‫ْ‬ ‫بالفعل‪ ،‬ولما وقعت فيداء على األميرة "أوال ورأى ما‬
‫وجة ل ُه وعدما أضر األسد الخطر التعمل بنية له‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫الصغير الذي كانت تمنطيه‪ .‬لقد أرادَ اختطافها‪َ ،‬وَأن َيجْ َع َل ِمن َها َز َ‬
‫ْ‬
‫ب فَوقَ‬ ‫والطريقة القطة التي عامل بها سانسولي" أميرته‪ ،‬أدرك من قوره َأ َّن ُه لَ َ‬
‫يس ِإاَّل َعد ًُّوا اَل ‪َ ...‬و َث َ‬
‫ارسُ "سانسولي" من قبل منتبها لوجو ِد اَأل َس ِد خِال َل مُعْ َر َك ِت ِه َم َع الساحر‪ ،‬لذلك‬ ‫وق حِصانِه لَم َي ُك ِن ال َق ِ‬ ‫الفارس‪َ ،‬وان َت َز َع ُه مِن َف ِ‬
‫اعتة َولكِن َبعدَ ن َسقط كِالهُما َوتد َح َرجا َمعا في الترابِ‪ ،‬استطاع "سانسوني" أن يصل إلى‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ت َهج َم ْت ُه مُفا ِج َّن ًة َو ُم َب َ‬
‫َكا َن ْ‬
‫ب "سانسولي"‬ ‫بات ا َس ِد َعلى درع الفارس‪َ ،‬س َح َ‬ ‫َأل‬ ‫ض َر ُ‬ ‫ْت َ‬ ‫انصب ُ‬
‫ت ا َسدِ‪َ ،‬وتِي َنما َ‬ ‫َأل‬ ‫درعه الدائري والذي احتمى ب ِه مِن َه َج َما ِ‪D‬‬
‫صاح‬
‫َ‬ ‫ك اَأْل َس ِد المُخلِص ألميرتي‪...‬‬ ‫ب َذلِ َ‬ ‫ت فِي َق ْل ِ‬ ‫غَاِئر ًة َو َق َع ْ‬
‫َ‬ ‫ت َط َع َن ًة‬ ‫َسي َف ُه فِي غَ ْفلَ ٍة مِنْ اَأل َسدِ‪َ ،‬و َط َع ْت ُه َأسْ َف َل َر َق َب ِت ِه ‪َ ...‬كا َن ْ‬
‫األخير ِة في َحيا ِنهِ‪َ ،‬و َز َف َر أعدائية األخيرة وغيدة مطلقان بأميرته بعمل عن تقديم المساعدة لها أو‬ ‫َ‬ ‫اَأل َس ُد م َِن المِها لِل َمرْ ِة‬
‫ت فِي ِه ِبأمس الحاجة إلى نصرته ‪ ...‬وهكذا َس َق َط الوحش ال ّنبيل ضريعً ا‪َ ،‬و َح َم َل "سانسولي" األميرة‬ ‫َنصْ ِرها في وقت كا َن ْ‬
‫َأ‬ ‫َأل‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ميرة تبكِي َوتنتحِبُ ‪ ،‬تت َوك ُل إلى خاطِ ِئها ن يُطلق سراحها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قَ‬ ‫َ‬
‫هر ف َرسِ هِ‪َ ،‬وانطل ِبها بعيدا‪ ...‬كان ِ‬ ‫َ‬ ‫"أونا" أمامه فَوقَ َظ ِ‬
‫ت لَها‪ .‬في هللا الحطة بما أن العالم لم يعد فيه من صديق األول‬ ‫َولَكِنَّ "سانسولي" لَم َي ُكنْ يُنصِ ُ‬

‫كانت تلك هي اإلطاللة الكريهة للسّاح ِِر العجوز ‪ ...‬شعر "سانسولي" بالخوف‬

‫اويةِ‪َ ،‬أو َعلَى اَأل ْق ُل ال َ‬ ‫ْأ‬


‫ص ِديقَ قد يقدم لها المسافة التي تحتاج إليهم إلى‬ ‫ت َوحيدَ ًة في رحلَتِها َوم َُعا َم َر ِت َها‪ D‬ال َم َس ِ‬
‫سار ْ‬
‫التي َ‬
‫الحمار األبيض المغير أسرع‬

‫دون َس ْيدَته! َه َب َط اللَّ ْيلُ‪،‬‬ ‫لف َف َر س "سانسولي"‪ :‬ألنه استشعر الخوف‪ ...‬ماذا قد يفعل في هذا العالم مِن ِ‬ ‫يلحق بها ويعدو َخ َ‬
‫األمير ِة ال َّتعيسة الخط! أوقف‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َأ‬
‫دَت َكما َلو َّنها َتن َتحِبْ في السماء‪ D‬حزنا ألجل‬ ‫ٌ‬
‫ات َعا َية في الحزن‪َ ...‬ب ْ‬ ‫ت َنجْ َم ٌ‬ ‫َو َم َع ُه َأ ْش َر َق ْ‬
‫"سانسولي" َفرْ َس ُه المودة وأنزل األميرة من ظهرها في بالل العطاء الكتلت األميرة خوفا من هذا الفارس البغيض‪َ ،‬ح َّتى‬
‫كانت من‬‫ْ‬ ‫ب َش ِدي ٍد فصرخت بصوت عال تطلب النجدة‪ ،‬وتستجديها‪َ ،‬وَأِلنْ ه ِذ ِه ال َعا َب ُة المُظلِ َم َة‬ ‫ض فِي عُن ٍ‬ ‫حو اَأْلرْ ِ‬
‫ِإ َّن ُه دَ َف َع َها‪َ D‬ن َ‬
‫َأِل‬ ‫ِّ‬ ‫َقبل َأ َ‬
‫ار َعظِ ي َمةٍ‪َ ،‬فلَم‬ ‫استحالت أروا ُج ُه ُم ال ُم َعذ َب ُة سْ َج ٍ‬
‫ْ‬ ‫يث قُتِل فيها الكثي ُر م َِن األبريا ِء‪ِ ،‬بمُرور َّ‬
‫الز َم ِن‬ ‫عر َك ِة َقدي َم ٍة َح ُ‬ ‫رض َم َ‬
‫األمير ِة َتطلُّبُ ال َّن ِج َدةَ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫ص َر َحا ِ‬ ‫ت اَأل َ‬
‫شجا ُر َ‬ ‫الظلم واإلها َن َة الَّتِي َت َت َعرَّ ضُ لَ َها اَأْلم َ‬
‫ِيرةُ‪َ ،‬ف َر َّد َد ِ‬ ‫ت ُّ‬ ‫ك ال َّش َج َرا ِ‬ ‫رض َأي مِن تِل َ‬ ‫َت َ‬
‫ت غَ ير طبيعي !!‬ ‫واستغاثاتها تتك ُر ُر مِثل صدى صو ٍ‬

‫ِّين ‪...‬‬ ‫‪ .‬وهكذا َبلَ ْ‬


‫غَت تلك االستغاثات أذان سكان الغابة‪ ،‬وكان هؤالء قوما وحشِ ي َ‬

‫ُقيمون َح ْملَ ًة شواء ورقص في الغابة‪ ،‬عندما سمعوا‬


‫َ‬ ‫هم أقرب للوحوش والحيوانات من كونهم ِرجااًل َون َِساءٌ‪َ ،‬وكانوا ي‬
‫ُ‬
‫يحدث في الجوار ومن‬ ‫األشجار مِن َحول ِِهم ُت َر ِّد ُد اسْ تِغا َث َة اَأل َ‬
‫مير ِة "أونا"‪َ ،‬ف َت َو َّقفوا َع ِن الرَّ قص! َوَأصْ َغوا جي ًدا لتعرفوا ماذا‬
‫صرحة األميرة‪...‬‬ ‫يتتبعون َ‬
‫َ‬ ‫أين تأتي أصوات االستغاثة‪ ،‬وعندها انطلقوا‬

‫ون َو َيرْ قُص َ‬


‫ُون‬ ‫األميرةِ‪َ ،‬فصاروا ُي َع ُن َ‬
‫َ‬ ‫وعندما استشعر هؤالء ثقة األميرة بهم عادوا لتستكملوا َح ْملَ ْت ُه ُم الَّتِي َف َطعوها إلنقاذ‬
‫ُون مِث ُل الق َِردَ ِة المُشعرة لَ َق ِد انتزعوا عن أشجار الغابة الفروع‬ ‫جون مِن حول األميرة ويتقا َفر َ‬‫ت َجمَاعِ ي ًَّة‪َ ،‬و َي َتدَ َح َر َ‬ ‫َر َف َ‬
‫صا ٍ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الخضراء الغَضْ ة‪َ ،‬و َم ْهدُوا مِنها ط ِريقا نضِ رً ا ل ْينا السير قولة األميرة ومتعوا لها القليال من أوراق األشجار‪ ،‬وأجلسوها على‬ ‫َ‬
‫فرش من القصب جدارة من أقصان الشجرة وريبوة بأورالها‪ ،‬جائلين إنها ميكة عليهم‬

‫وكانت األشجار المسكونة واألرواح تأنهم على الطريق الم األخر أن مهم وأدرى األميرة في لحظة نظر لحوظة الفارس‬
‫الطويلَ َة َوَأرْ ُجلَهُم َوَأ ْد ُر َع ُه ُم المُشع َِرةَ‪َ ،‬و َت َّطلَ َع فِي وجوههم الوحشية الغريبة‪،‬‬
‫عور ُه ُم ال َّشعْ َت َة ُّ‬
‫ش َ‬ ‫البغيض "سالسولي‪َ .‬و َتَأ َّم َل ُ‬
‫هر َف َرسِ ِه السوداء‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َفَأ َ‬
‫ُحاص َر ِتهِ‪َ ،‬ق َفر "سانسولي" فَوقَ ظ ِ‬
‫نج َح المتوحشون في استكمال م َ‬ ‫الخوفُ ‪َ ،‬و َقب َل ن َي َ‬ ‫صا َب ُه الدُّع ُر َو َ‬
‫وانطلق يعدو بها مُب َتع ًِدا في ظلمات الغابة‪ ،‬تارك األميرة بمفردها‬

‫بان‪َ :‬فعِندما‪ D‬شاهدوا‬ ‫مير ِة مِن َذل َِك الفارس َ‬


‫الج ِ‬ ‫أكثر لُطفا َو َرا َف ًة ِباَأل َ‬ ‫وسط المتوحشين‪َ .‬ولَكِن ُس َك َ‬
‫ان الغابة المتوحشين كانوا َ‬
‫َ‬ ‫َأ‬
‫ان كث َر مما‬ ‫َأل‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫الدهر َوالرُّ عب مُر َتسِ مْة َعلى َوجْ ِه األميرة الجميلة "أونا"‪ ،‬ذلك الوجه الذي شا َه َد م َِن الخِيا َنا ِ‬
‫حر ِ‬
‫ت َوا َ‬ ‫ِ‬ ‫َمالمِح‬
‫ُعلنين ُخضو َعهُم‬
‫األرض تَحتَ َقدَفيها‪ D،‬م َ‬
‫َ‬ ‫يتحمله شبابها النصر‪ ،‬سارعوا جمي ًعا باالبتسام لها‪ ،‬كما انحنوا لها‪ .‬وقبلوا‬
‫ين‬ ‫حْ‬ ‫َ‬ ‫وف مِن َش َع ِ‬
‫ب الغابة ال ُمت َو شِ َ‬ ‫َوام َثالَهُم لِحُكمها‪ D،‬وهكذا لم تعد "أونا" َتس َتش ِع ُر َ‬
‫الخ َ‬

‫ور َي ُ‬
‫ات الغَا َب ِة الجميلة من كان يعلم أن هذا الشعب المنوط ( األجسام‬ ‫نز ِل َزعيم ِِه ُم الَّذِي َرحْ َ‬
‫ب ِب َها ه َُو َو َح ِ‬ ‫وهكذا اقتادوها ِل َم ِ‬
‫المشعرة يمتاز بكل تلك األخالق الكريمة‪ ،‬حتى إن حوريات الغابة جنن للترحيب‬

‫الج َما َع ِة َّ‬


‫الط ِري َق ِة الَّتِي لَم َت ُع ُد نخشى جانبهم بل اطفالك‬ ‫باألميرة عندما علمن بقدومها لفترة طويلة‪ ،‬عا َش ْ‬
‫ت "أونا" وسط َه ِذ ِه َ‬
‫فهم أكثر من أي إنسان عرفة أو منحة لفتها‬
‫َت "أونا" فيها أن تنسى رحلتها‪،‬‬ ‫ت كاد ْ‬ ‫الوق ِ‬ ‫كما أنهم أيضا عهدوا إليها بتفهم واتخذوها ملكه عليل وبعد معي فترة م َِن َ‬
‫ت ضبابية شاحبة‪،‬‬ ‫ْ‬
‫رسان‪ ،‬مِث َل ِذك َر َبا ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫صار ماضيها ال َّتعيسُ َم َع الس ََّح َر ِة َوالف‬ ‫ت البرج النحاسِ ي‪َ ،‬و َ‬ ‫ب الَّذِي َأِلجلِه َت َر َك ِ‬ ‫َوال َّس َب َ‬
‫ين الصغار ولكن وقع أخيرا شيء ما أعاد لها كل تلة الذكريات‬ ‫ت َو َم َر ِح ال ُم َت َوحُشِ َ‬‫ت َأ َما َم ضِ حْ كا ِ‪D‬‬ ‫صمد بلحظا ٍ‬ ‫بالكا ِد َقد َن َ‬
‫رع الالمع األحد الفرسان يجوب بمفرده الغَا َب ُة‪،‬‬ ‫الذ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ين‪َ ،‬شا َهدَ ِ‬
‫غَار ال ُم َت َوحْ شِ َ‬ ‫ْ‬
‫كانت تلهو في الغابة َم َع صِ ِ‬ ‫الموحلة فبينما‬
‫عرفُ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫با‬ ‫ِين‬
‫َ‬ ‫ذ‬‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ُشِ‬ ‫ح‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ِن‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ِ‪،‬‬‫ة‬‫مير‬
‫َ‬ ‫َأل‬‫ا‬ ‫ة‬‫ِ‬ ‫ِر‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫لذا‬ ‫البغيضة‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫يا‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫ل‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫قفز‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ن‬ ‫َأ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫و‬‫َ‬ ‫‪....‬‬ ‫ين‬‫َ‬ ‫شِ‬ ‫حْ‬‫و‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫يَقصِ ُد َف ِر َي َة ال‬
‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫َأ‬
‫ِي َسي َدة ك ِري َمة مِن أصل‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َار القا َمةِ‪ ،‬بينما والِ َدن ُه ه َ‬ ‫َ‬ ‫ين صِ غ ِ‬ ‫َ‬
‫ال ال ُمت َوحشِ َ‬ ‫ُ‬
‫ان َوالِدهُ م َِن الرَّ َج ِ‬ ‫سك َ‬ ‫َ‬ ‫ار َ‬ ‫لُ َغ َتهُم َو ُت ِجيدُها ِب نَّ َهذا الف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ين‪ ،‬اعتاد‬ ‫ين ال ُم َت َوحُشِ َ‬ ‫صغِيرً ا َيعِيشُ َب َ‬ ‫َ‬ ‫اًل‬ ‫راع ِة َعن َوالِ ِدهِ‪َ ،‬وعِ ندما كان طف‬ ‫شجاعًا ال يقل في ال َب َ‬ ‫ُحاربًا ُ‬‫الفارسُ م ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان‬‫قبيل‪َ .‬‬
‫ضعْ ُه فَوقَ‬‫صغِيرً ا َي َ‬ ‫ذلك الفارس أن يسرق أشبال األسود من ُأمهاتها‪ ،‬فقط ألجل المرح!! (‪َ )1‬ويُصْ َنعْ لِ َن ْفسِ ِه ل َِجامًا َ‬

‫ت مِن ُتمور الوشق َو َّ‬


‫الط َبا ِء‬ ‫ات خيوال حقيقية‪ ،‬بل كا َن ْ‬ ‫الح َي َوا َن ُ‬
‫ِلك َ‬ ‫ت ال َبرِّ َّيةِ‪ُ ،‬م َّتخ َِذا مِنها َخياًل َلهُ‪َ ،‬و ِب َّ‬
‫الط َب ِع َلم َت ُكنْ ت َ‬ ‫الحيوانا ِ‬
‫َأ‬
‫اس التِي َو ِرث َها َعن َوالِ ِدهِ‪ ،‬مِث َل يُّ م َِن المتوحشين ولكنه أيضا‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫فات القوَّ ِة َوال َب ِ‬‫ِي صِ ُ‬ ‫ِلك ه َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ير ال َبرِّ َّي ِة َوالنمور!! كا َنت ت َ‬ ‫َو َ‬
‫ناز ِ‬
‫الخ ِ‬
‫لعظم من والدته حسن الحق واألدب إلى مخاطبة النساب‪ D‬والمطلب‪ ،‬وأن ال يتطلى عن الصورة محتاج وال يدير ظهرة‬
‫ارسُ ال َّش ِه ُم لألميرة "أونا"‪ ،‬وهي تروي له حكايتها باهتمام بالغ‪ ،‬وما جرى لها مع‬ ‫األرملة أو ضرير؛ لِذل َِك اسْ َت َم َع َذل َِك ال َف ِ‬
‫ت والحوادث التي وقفت لها حتى نزلت بأرض الموظفين كان يُصفي بينما قلبه‬ ‫األحمر َواَأْل َسدِ‪َ ،‬و ُك َّل الم َُعا َم َرا ِ‪D‬‬
‫ِ‬ ‫الفارس‬
‫ِين َج َعلُو َها َم ِل َك ٌة َعلَي ِْهم لَن‬
‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ين‬ ‫حْ‬
‫َ شِ َ‬‫و‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫نَّ‬‫َأ‬ ‫"أونا"‬ ‫ُ‬ ‫ة‬‫مير‬
‫َ‬ ‫َأل‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫ف‬
‫َ َ ِ‬‫ر‬ ‫ع‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫و‬‫َ‬ ‫الحظ‪...‬‬ ‫السيئة‬ ‫األميرة‬ ‫تلك‬ ‫ألجل‬ ‫بالحزن‬ ‫يمثلى‬
‫َيْأ َذ ُنوا‬

‫لها بمغادرتهم‪ ،‬فرغم أنهم يكرمونها إال أنهم أن يتخلوا أنها من عليكيهم (‪ )1‬من المؤكد أن هذه ليست عاد ًة َج ْي َد ًة‪ ،‬وتسببت‬
‫في الكثير من األلم لتلك الخيوانات سواء األمهات‪ D‬أو األبناء‪ ..‬ولكن ربما كانت مثل تلك األمور ُتقال من قبل المبالغة‪ ،‬أو‬
‫بير م َِن ال َقسْ َو ِة َوالغِلظة‪.‬‬ ‫ْ‬
‫كانت َعلى َشي ٍء َك ِ‬ ‫أن الحياة التي عاشها أبناء العصور الوسطى‪،‬‬

‫ت وا ِح ًدا مِنهُم في نهاية األمر‪ .‬قال‬ ‫س َأيْضًا َملِ َك ًة َعلَي ِْهم مِن َق ْبلُ‪َ ،‬وان َتهى بها الحال أن َت َز َّو َج ْ‬ ‫ت َوالِدَ ًة َ‬
‫ذاك ال َف ِ‬
‫ار ِ‬ ‫ِإ ْذ َكا َن ْ‬
‫َأ‬
‫اف َّن ُه لَن َي َت َخلَّى َعن "أونا"‪َ ،‬و َس ْيسَاعِ ُد َها‬ ‫َأ‬
‫ان‪َ ،‬ولَن َت َت َغي َْر َولَ ِك َّن ُه َ‬ ‫ِيم َّ‬ ‫ُ‬
‫ص َ‬ ‫الز َم ِ‬ ‫وم مِن َقد ِ‬‫عادات هؤالء ال َق ِ‬ ‫الفارس‪" :‬هكذا هي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الحياةَ‪َ ،‬و َه َج َرت َعالم ال َبش ِر طواعية دون إجبار‬ ‫ْ‬
‫اختارت َه ِذ ِه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الفرسان‪ ،‬فوالِدَ ت ُه مِن ق ْب ُل ق ِد‬
‫ِ‬ ‫ِب ُك ِّل ال ُّسب ُِل الَّتِي َيعْ َتضِ ي َها ش َرفْ‬
‫َ‬
‫ٌ‬
‫من أحد‪ ،‬ولكن لألميرة "أونا" حكاية أخرى‪ .‬ول حياتها غاية يجب أن تسعى جاهدة لتحقيقها‪ ،‬وهذه الغاية بعيد ًة ُكل البعد‬
‫ت فِي َها‬ ‫ت "أونا" رسالة اعتذار َذ َك َر ْ‬ ‫ين‪َ ،‬بعد أن َت َر َك ْ‬ ‫االثنان مُرو َبهُما مِن َقرْ َي ٍة ال ُم َت َوحْ شِ َ‬ ‫ِ‬ ‫عن غابة المُتوحشين !‪ ...‬وهكذا دَ ب ََّر‬
‫كان ال ُم َت َوح َ‬
‫ُشون‬ ‫ً‬
‫ين الذين أكرموها كل الظروف التي اضطرتها المغادرتهم‪ ،‬وتركت مع الرسالة َزن َب َقة َحمراة (‪َ )1‬‬ ‫لِل ُم َت َوحْ شِ َ‬
‫ين فِي حُزنهم على فراق ملكتهم‪،‬‬ ‫ضعون بها التيجان واألكاليل الزهرية التي يصنعو َنها ِل َملِ َكت ِِهم‪ ...‬ولنترك ال ُم َت َوحُشِ َ‬ ‫َ‬ ‫يُرْ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ولتعرف ماذا جرى لـ "أونا" و"الفارس" بعد أن ت َسلال مِن قرْ َي ٍة‬

‫ت اَأْلم َ‬
‫ِيرةُ‬ ‫غير‪َ ،‬كا َن ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ُش َ‬ ‫المتوطنين في جنح عام المبين قبل ظهور الطعام األول النهار‪ ،‬وقيل أن َيس َتيقِ َظ َأ َّو ُل ُم َت َوح ِ‬
‫ين ُماَل َحلَ َتهُم‬
‫وم المُسْ ع ِِر َ‬ ‫ك ال َق ِ‬ ‫قدور ُأولِئ َ‬
‫ين‪َ ،‬ولَم َيعْ ُد ِب َم ٍ‬ ‫صال إلى حدو ِد غا َب ِة ال ُم َت َوحْ شِ َ‬ ‫ارسُ ‪َ ،‬قد َق َط َعا َم َسا َف ًة َكث َ‬
‫ِير ًة َح َّتى َو َ‬ ‫َوال َق ِ‬
‫يق‪َ ،‬وه َُو‬ ‫ِ ِ‬‫ر‬ ‫َّ‬
‫الط‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ُل‬
‫م‬ ‫الذير‬ ‫ُهبان‬ ‫ر‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ج‬ ‫و‬
‫ٍ َ َ‬ ‫‪،‬‬ ‫عجوز‬ ‫شيخ‬ ‫في‬ ‫بل‬ ‫ُشعرين‬ ‫م‬‫ال‬ ‫هؤالء‬ ‫في‬ ‫ن‬ ‫ك‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬
‫ة‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ُصي‬ ‫م‬‫ال‬ ‫ك‬‫َ‬
‫َ ِنَّ‬‫ل‬‫و‬ ‫رادوا‪،‬‬ ‫لَو َأ‬
‫ِ‬
‫ِلحياةِ‪َ ،‬و َه َك َذا َفبينما‬
‫ب مِن ُه ل َ‬
‫قر َ‬‫ت َيومَِئ ٍذ َأ َ‬ ‫الحيا ِة َوال َموتِ‪َ ،‬وِإنْ َك َ‬
‫ان لِل َمو ِ‬ ‫ين َ‬ ‫ض ْ‬
‫ت َو َجدوهُ َب َ‬ ‫شهور َم َ‬
‫ٍ‬ ‫نزفُ ال ِّد َما َء منذ عدة‬
‫َي ِ‬
‫ير‪َ ،‬وهُم‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ُون َعلى عِ الج السَّا ِج ِر الشرِّ ِ‬ ‫كان رُهبان الدير َيس َهر َ‬ ‫كانت "أونا" تحظى بالعطف م َِن المتوحشين‪َ ،‬‬

‫ال يعلمون شيًئ ا َعن َحقِي َق ِة َ‬


‫ضيفهم‪.....‬‬

‫ارسُ اَألحمرُ‪َ ،‬ك َرسم قولى درعه القطي‪ ،‬ولما‬ ‫ض ُع ُه ال َف ِ‬ ‫الزنبقة الحمراء‪ :‬كانت تلك الزهرة هي الشعار الذي َي َ‬ ‫(‪)1‬‬
‫ت َتضْ ُح‬ ‫ادَت َو َت َذ َّك َر ْ‬
‫ت َم َحبَّتها القديمة لذلك الفارس‪ ،‬وكا َن ْ‬ ‫ين‪َ ،‬ع ْ‬‫عثرت عليها األميرة " أونا" في غابة ال ُم َت َوحْ شِ َ‬
‫تلك الزنبقة فوق األكاليل التي تصنعها الحوريات والمتوحشون لها‪ ،‬فلما رأى هؤالء القو ُم َمحبَّة "أونا" لتلك‬
‫الزنبقة‪ ،‬صاروا يُزينون لها التيجان بها‪ ،‬ويحوكون لها القالئد والزينات من تلك األنيقة‪ ،‬ولكن أيا منهم لم يقطن‬
‫لير تلك األنيقة‬

‫اع مُغادَ َر ًة فِراشِ ِه اَأل َبي ِ‬


‫ْض‪َ ،‬و َت َج َّو َل في كل مكان بالدير يبحث ويفكر في‬ ‫وبمرور األيام استعا ُد السَّا ِح ُر عافي َت ُه َواسْ َت َط َ‬
‫أعدات وكيف ينله القامة منهما‬

‫ك اَأل َماك ِ‬
‫ِن‪،‬‬ ‫ِثل تِل َ‬ ‫الخبي َن ُة َت ُ‬
‫نوق لِم ِ‬ ‫ت َنف ُس ُه َ‬‫ير وبالطبع كا َن ْ‬ ‫ك ب َُرجً ا َقدِيمًا َو َم ْهجُورً ا ِبال ِّد ِ‬ ‫ف السَّا ِح ُر َأنْ هُنا َ‬ ‫َو َبي َنما ه َُو َكذل َِك‪ ،‬اك َت َش َ‬
‫َأ‬
‫ت َقب َل ن َي َت َذ َّك َر‬ ‫يمض ال َكثِي ُر م َِن َ‬
‫الوق ِ‬ ‫َأ‬
‫يان َقد َشيْدت فِي ِه ع َشا َش َها‪َ ،‬ولَم ِ‬ ‫العدي ُد م َِن الغِرْ ِ‬‫صعِدَ س ُْل َم البرج‪َ ،‬و َجدَ َ‬ ‫َوعِ ندما َ‬
‫َ‬
‫يس لهُ‪ ،‬فِي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُرج ِإِل َرا َد ِتهِ‪َ ،‬و َج َعلها َجمِيعًا ت َع َمل ك َجواسِ َ‬ ‫ض َع ِبها غِ رْ َ‬ ‫َأ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َاَل‬ ‫َ‬
‫السَّا ِج ُر عادا ِت ِه ال َمشؤو َمة َوط سِ َم ُه القدي َمة التِي حْ َ‬
‫بان الب ِ‬
‫مس لِ ُت َق ِّد َم َتقريرها لِلسَّاح ِِر ‪ ....‬وبالطبع لم يفلح أي طراب منها في الكلور‬ ‫ب ال َّش ِ‪D‬‬ ‫ُك ِّل صباح ُتغا ِد ُر البرج‪ ،‬وتعو ُد َم َع ُغرو ِ‬
‫على "أوال" طوال الفترة التي قضاها تحت أشجار غابة الملوحتين الكاليفة األوراق واألغصان ولكن في صباح اليوم الذي‬
‫ُخب َر َس ْي َدهُ بما قد َشا َه َدهُ؛ َط َمعًا فِي المُكا َفا ِة‪َ D،‬وَأ َماًل في َأن‬
‫ُسرعًا لِي ِ‬ ‫الغربان‪َ ،‬وعادَ م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت فِي ِه ِبمُغادَ َر ِة غَا َبت ِِهم‪َ ،‬شا َهدَ ها َأ َح ٌد‬
‫َن َج َح ْ‬
‫النوع م َِن الخِدماتِ‪َ ،‬ولَ ِك َّن ُه لسوء‬ ‫ِ‬ ‫يُعقِ َي ُه َس ْي ُدهُ م َِن ال َمزيد من هذا‬

‫إخو ِت ِه َقد َس َب َقوهُ لِتبليغ السَّا ِج ِر!‬


‫الحظ َو َجدَ هُنال َِك في الدير ثالثة من َ‬

‫على أي حال لم َيعْ ِد الساحر في حاجة إلى البقاء في الدير أو االستعانة‬

‫ُض ْ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ُور م َ‬
‫شه ٍ‬‫ان ُي َط ْو ُق ِر َقا َبهُم مِّن ُّد ُ‬
‫وق ال ُّن َحاسِ يَّ المسحور الَّذِي َك َ‬ ‫الغربان‪َ ،‬ف َتال طالسِ َم ُه َو َحرَّ َر َها م َِن ُّ‬
‫الط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِبَأيِّ مِن ت َ‬
‫ِلك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َّ‬
‫ت الكثِي ُر م َِن ال َهرْ ُج َوال َمرْ ِج َغ ِ‬
‫ير‬ ‫تحررت الغربان وغادرت الدير َولكِنْ ِبالطبع وسط فرحتِها ِبالحُرِّ َّي ِة َحدَ ث ِ‬

‫ير‪َ ،‬وه َُو‬ ‫الرهبان َو َعا َد ُر ال ِّد َ‬


‫ِ‬ ‫ُنشغلين ِب ُك ِّل ما يدور من حولهم سرق السَّا ِح ُر َمالبس أحد‬ ‫َ‬ ‫المفهوم للرهبان ‪ ...‬وبينما كانوا م‬
‫صار يُنقِنُ العديد من عادات‬ ‫َ‬ ‫ض‪َ ،‬و ِبالطبع‬ ‫شهور ال َمرْ ِ‬
‫ِ‬ ‫خالل‬ ‫طالت‬ ‫يضاء‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ة‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫ة‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫َيحْ ِم ْل َعصا ال َّنسَاكِ في َي ِدهِ‪َ ،‬ولَ ُه لِ‬
‫َ‬
‫كان َعلى َع َجل ٍة مِن‬ ‫ان ك ُّل َمن ُيق ِابل ُه فِي الطريق يتوقف ِل َيتبارك به‪ ،‬ولكنه بالطبع َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِظ َها ِب ِع َنا َيةٍ‪ ،‬فك َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫كان يُالح ُ‬
‫الرهبان التي َ‬
‫س الذِي املة أنه كان ساسولي ؟؟ ولكن‬ ‫َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ار‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ال‬‫و‬‫َ‬ ‫"أونا"‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ق‬‫َ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ان‬ ‫قَ‬ ‫ِّ‬
‫ق‬ ‫ُح‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫األمور‪:‬‬ ‫تلك‬ ‫مثل‬ ‫في‬ ‫ِه‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫و‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫إضا‬ ‫مره‪ ،‬ال يُري ُد‬ ‫َأ‬
‫ِ‬
‫ورةِ‪ ،‬يَغسِ ُل َسي َفهُ‪َ ،‬ويُعالج بالماء جراحة‬ ‫عربيا لحل به وهو في الطريق وأخبرة بأن "سانسولي" في المدين ِة َيقفُ عِ ن َد ال َّنافُ َ‬
‫ُّ‬
‫وق النحاسِ ي‪َ ،‬واسْ َت ْم ُر َيج َت ِه ُد‬ ‫من معركة خرج منها بأعجوبة‪َ .‬فر َح السَّا ِح ُر ِبه ِذ ِه األخبار أيما فرحة َوَأعْ تَقَ ُغ َرا َب ُه م َِن الط ِ‬
‫ُّ‬
‫يرهِ‪َ ،‬وه َُو َيقُولُ‪:‬‬‫فِي َس ِ‬
‫ت فِي‬‫ك اسْ َتمَرَّ ْ‬ ‫لم لكن أنا سعيدة بكل من تسمح بالرغم من أن الفارس األحترام ُي َسبِّبُ لَها سوى ال َّش َقا ِء َوال َّت َعا َسةِ‪َ ،‬و َم َع َذلِ َ‬
‫ال‪ُ ،‬ث َّم َسا َق ْت َها أقدامها لراهب عجوز‪ ،‬ذي لحية طويلة‪ ،‬يجلس على حافة‪َ D‬أ َح ِد الجُسور الحجرية العتيقة التي تع ُب ُر َح َد‬
‫َأ‬ ‫َ‬ ‫الس َُّو ِ‬
‫ت الطويلة التي‬ ‫غير ال َّس َنوا ِ‬ ‫ت َمالمِحة‪ D‬تشي بالكثير م َِن الطيبة والوقار والحكمة التي اكتسبها َ‬ ‫ِيرةِ‪َ ...‬كا َن ْ‬
‫صغ َ‬‫او ِل الرِّ يفِ ال َّ‬
‫َجدَ ِ‬
‫الح ُة‬‫عرفُ ‪ ...‬وهكذا ساقها َ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫األحمر‪،‬‬ ‫الفارس‬ ‫كونُ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫عاشها‪ .‬قالت "أونا"‪" :‬إن كان هذا الرَّ اهِبُ ال َّشي ُخ اَل َيعرفُ َأ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َوَأ َف َس ُ‬
‫دت‬ ‫ت َخ ْل َو َت َ‬ ‫أكون َقد َق َط َع ْ‪D‬‬
‫َ‬ ‫ال َّتعيسُ لِلمرة الثالثة وجمعها بالساحر‪ ،‬قالت األميرة ع ُْدرً ا َأيُّها الشيخ الراهب‪ ...‬أتمنى أال‬
‫ضاللة‪ ،‬ولكني أنيس فعرفتة وحكمته أن تساعدني ألجد ضالتي‪....‬‬

‫عِ ندَ َما ُتمطِ ُر ال َّس َماءُ‪َ ،‬ف ِه َي َت َت َخلَّى َعن ُك ِّل ال ِم َيا ِه ال َع ْد َب ِة الَّتِي َح َج َب ْت َها َع ِن النقي‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فكما يسقط النظم دفعة واحدة تتسقط‬
‫ت َح ْل َق ْتها‬ ‫س الَّذِي يَسِ ي ُر ِبصْ ِح َب ِة اَأل َ‬
‫مير ِة َأو َنا َولَكِن لالنتقام كا َن ْ‬ ‫أمالي اليوم دفعة واحدة ربما لَم َي ُك ِن السَّا ِح ُر ه َُو َذل َِك ال َف ِ‬
‫ار َ‬
‫واسِ َع ًة لتطوق الجميع ‪ ...‬و في طريقه لتنفيذها كان حفلة الطاليي مشغوال بإحكام ثلة الخلقة ال يقطع الكارة الحبيبة سوى‬
‫العجوز الَّذِي َس َرقَ الساحر خلته"‪.‬‬ ‫ب َ‬ ‫ت م َِن الرَّ ا ِه ِ‬ ‫يطلبون ال َب َر َكا ِ‬
‫َ‬ ‫المزارعين َوال َفاَل ح َ‬
‫ِين‪،‬‬ ‫َ‬

‫س األحمر‪ ،‬ولكن أنا منهم لم يكن يسيرة‪ .‬كانت‬ ‫ت ُتحاول سُؤال المار ِة َع ِن ال َف ِ‬
‫ار ِ‬ ‫صلَ ْ‬
‫ت "أونا" إلى الطريق‪ ،‬كا َن ْ‬ ‫عِ ندما َو َ‬
‫رحلون‪َ ،‬و َخيرة هو أختهم‪ ،‬ولكن ال أخذ منهم‬
‫َ‬ ‫ون َو َي‬ ‫ُ‬ ‫ْأ‬
‫الفرسان َي ت َ‬
‫َ‬ ‫استوفت الغربات والمزارعين‪ ،‬وكانوا يُجيبونها بأن‬
‫بالحوار‪ ..‬وريما في ذلك خيرا ألن الفرسان ال َيْأتي من ورائهم غير المتاعب‪.‬‬

‫كانوا يقولون هذه العبارة‪ ،‬وهُم يُشيرون للقاري الضخم القوي البنية الذي يقف بجوارها‪ ،‬كما لو أنهم يستنكرون‬ ‫(‪)1‬‬
‫َأ‬
‫سؤالها لهم عن الفرسان بينما َح ُدهُم ِإلى َج َو ِ‬
‫ار َها‪َ ،‬وه َُو‬

‫بالفرسان م َِن الفالحين والمزارعين‬


‫ِ‬ ‫أعلم‬

‫ارسُ الَّذِي َي َ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬


‫ض ُع شعارا له فوق درعه على شكل زنبقة‬ ‫هل َر يتَ أو َس ِمعتَ ِب يِّ َخ َب ٍر َعن فارسي الحقيقي‪ ...‬ذل َِك ال َف ِ‬
‫حمراء؟"‪.‬‬

‫أجاب الراهب العجوز (السا ِحرُ)‪:‬‬

‫"آه‪ ...‬بالطبع ذلك الفارس ‪ ... ...‬اآلن أتذكر‪ ...‬وكيف لي أن أنسى وأنا أجنس هنا فوق هذا الجسر‪ ،‬ال َأ ْف َع ْل َش ْيًئ ا سِ وى‬
‫أفلحت‪َ ،‬فَأن ِ‬
‫ت اآلن يا صغيرتي ُتعيدين‬ ‫ُ‬ ‫يان وياليتني أفلحت ‪ ...‬وحتى إن ُك ُ‬
‫نت قد‬ ‫ُحاولَ ِة ال َّنسِ ِ‬
‫م َ‬

‫صورةٌ َش ِ‬
‫مس الشهيرة‪ ،‬فبدت كما‬ ‫َ‬ ‫ت فَوقَ ِبَأ ْو َراتِها‬
‫انع َك َس ْ‪D‬‬
‫ت َفضْ َّيةٍ‪َ ،‬‬ ‫ت َعينا "ُأ َ‬
‫ون ِبدَ َم َعا ٍ‪D‬‬ ‫لي كل تلك الذكريات"‪َ .‬و ُه َنا َت َر َق َر َق ْ‪D‬‬
‫لو أنها قطرات من ذهب سهون‪ :‬الظلم ال تتركني‬

‫هكذا!"‪.‬‬

‫ُ‬
‫شهدت ال َيو َم‬ ‫رأيت هذا الفارس اليوم ‪ ...‬رأي ُت ُه ال َيو َم بين الحياة والموت‪ ...‬لقد‬
‫ُ‬ ‫(السَّا ِحرُ)‪" :‬مهال مهال يا صغيرتي‪ ...‬لقد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س آخر‪ ...‬وفي نهاية القتال انتصرْ َعلي ِه َعدُوهُ َوقتلهُ"‪.‬‬ ‫َمعْ َر َك ًة َعنِي َق ًة َبي َن ُه َو َب َ‬
‫ين َف ِ‬
‫ار ِ‬
‫ت ال َعالَ َم ُكلَّ ُه َير ْقصُ َو َيدو ُر مِن حولها‪ ،‬كما لو‬ ‫ُ‬
‫الكلمات في قلب "أونا" قبل أن تلتقطها أسماعها‪ ،‬حتى َرأ ِ‬ ‫وما ِإنْ َو َق َع ْ‬
‫ت هذه‬
‫جوز‬ ‫ُ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َأ َّنها ما تزال في إحدى خلقات رقص المُتوحشين تدور وتدو ُر َ‬
‫ب ال َع ِ‬
‫هار‪ ...‬كانت صوات الفارس والرَّ ا ِه ِ‬ ‫وسط الن ِ‬
‫َتذوبُ وتتالشى تمامًا‪ ،‬مثل العالم المنظور من حولها‬

‫"ليس بعيدا عن هنا‪ ...‬بل ستجده بالجوار‪ ...‬لقد َت َرك ُت ُه عِ ندَ النافورة‪ ،‬يُغسِ ُل‬

‫راح ُة َوال َّد َما َء الَّتِي َعلِ َق ْ‬


‫ت ِب َسيق ِِها‬ ‫ِج َ‬

‫ارسُ غا َب ِة ال ُم َت َوحُشِ َ‬ ‫َأ‬


‫ين‪ ،‬يُعدو نحو النافورة ِليُقابل القاِئل‪ ،‬بينما لوا تحاول اللحاق به‪ ،‬ولكنها بالطبع لم تكن‬ ‫وهكذا سْ َر َع َف ِ‬
‫التجاري قطري العسكرية األشبه بالقفزات القصيرة‪ ،‬وهكذا َس َبقَ الفارس األميرة في الوصول إلى النافورة ليجد بالفعل‬
‫ارسُ ِإاَّل "سانسولي"‪ ،‬ذل َِك‬ ‫يع لَم َي ُكنْ ذلِ َ‬ ‫َّ‬ ‫ِلك الَّتِي َعلِ َق ْ‬
‫ك ال َف ِ‬ ‫ت ِب ْدرُوعِ هِ‪َ :‬و ِبالط ِ‬ ‫مس ُح ال َّد َما َ‪D‬ء َعن جراحةِ‪َ ،‬وت َ‬‫الفرسان َي َ‬
‫ِ‬ ‫هناك أحد‬
‫عر ْف ُه والذي فان أند أونا‪ ،‬وهم باختطاف األميرة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ِي‬ ‫ذ‬‫ال َّشرِّ ي ُر الَّ‬

‫اع َأن يُهدى‬


‫ارسُ ال ُّش َجا ُع َيح ِم ُل األميرة‪ ،‬ومددها فوق حجازة الجسر‪ ،‬وحاول ِب ُك ِّل َما اسْ َت َط َ‬ ‫سازع ال َف ِ‬
‫َ‬ ‫لتسقط مغشيا عليها!‬
‫ان فِي َق ْل ِب َه ا ولكنها كانت في عالم آخر تظلم وكتيب وخزين فلم لفتح كلماته في نزع ولوَ‬ ‫َأْل‬ ‫َ‬ ‫مِن َروعِ ها َوي َُخ ِّف َ‬
‫ف مِن َوق ِع ا حْ َر ِ‬
‫ب َوالرَّ عْ َب ُة في االنتقام‪َ ،‬وه َُو‬ ‫ض ِ‬ ‫ت َوج َه ُه َن َظ َرةُ ال َغ َ‬‫العجوز‪ ،‬وقد َعلَ ْ‬
‫ب َ‬‫سير مِن سهام األلم‪ ...‬وهكذا ْال َتفَتَ ِباِئسً ا لِلرَّ ا ِه ِ‬ ‫َشي ٍء َي ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َأل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حمر الذِي انتز َع ِمنا ك َّل ا هْ ِل َوالسَّعا َد ِ‪D‬ة التِي تاقت لها سيدتي أجاب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َأل‬ ‫سا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َيقُولُ‪َ" :‬أ َ‬
‫ِ‬ ‫ار ِ‬‫ين شا َهدت هذا الرَّ ُج َل‪ ،‬قا ِت َل الف ِ‬
‫الشاعر‪ ،‬هللا أدرك أن الحملة صارت السير على النحو الذي نفاذ‬

‫اعةٍ‪َ ،‬وه َُو َيقُولُ‪" :‬لقد ذبحث الفارس األحمر‪ ...‬تعال َو َقات ِْلنِي‬ ‫ين‪َ ،‬و َقد َأ ْش َه َر سِ َق ُه ِب َش َج َ‬‫ارسُ غَا َب ِة ال ُم َت َوحُشِ َ‬ ‫حوهُ َف ِ‬‫اندفع َن َ‬
‫َ‬
‫يرةُ َوال ُّشكوك ‪َ ...‬من َقد َيكونُ هذا العدو الجديد‬‫َ‬ ‫َ‬
‫الخ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫ر‬
‫َ َ‬‫ساو‬ ‫وقد‬ ‫"سانسولي"‬ ‫أجاب‬ ‫!!"‪.‬‬ ‫ِك‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫فعا‬ ‫َأ‬ ‫ً‬
‫ة‬ ‫ب‬ ‫غ‬
‫َ َ‬‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫َك َر ٍ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫‪..‬‬ ‫ُل‬
‫ج‬
‫َأْل‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫َو َه ِذ ِه ال ُخصو َمة التِي ه َُو فِي غِ َنى َعن َها‪َ ،‬ب ْي َن َما َحق ُه ال َمشوُ و ُم َيق ِذف ُه ِبا عْ دَ ا ِء‬

‫أينما ذهب‬

‫أنا لم أقل أبذا المارين األصفر" قالها بغضب‪ ،‬وأكمل "ولو كنت فعلها الكانت تلك مفخرة لي أعلنتها وال أنكرها‪ ،‬ولكني لم‬
‫ب َس ِّيَئ ُه مِن َع َم ِد ِه َوه َُو َيقُولُ‪" :‬أما أنت‪ ...‬فلقد أرسلك أعداؤك لي لكي تقتل‪ ...‬فعد لو ُكنتَ تعقل‬ ‫أنه ليس بعد ُث َّم َس َح َ‬
‫ي ف َعق َع ُ‪D‬ه السيوف من جانب كال الفارسين‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬
‫ِي آخ َِر َما ُسم َِع قب َل ن ت َد ْو َ‬
‫ت هذه ال ُج َمل والعبارات العاجلة ه َ‬ ‫الكلمات !!"‪ .‬كا َن ْ‬
‫ُصار َعةِ‪َ ،‬بل َعليه أن‬ ‫ت الم َ‬ ‫في ساحة المدينة‪ ...‬لقد انخرط كالهما في عراك بربري ومتوحش ال يُصادق ُه ال َمرْ هُ في َحلَبا ِ‬
‫يف َتسْ َت ِبك الوحوش ال َبرْ َي ُة في قبال ال تستعرض فيه قواها وال تروقها‪ ،‬بل كل‬ ‫يرتحل إلى الجبال والوديان الثانية؛ لِ ُي َشاهِدَ َك َ‬
‫َأ‬
‫مهاراتها في الكتاب بخصوبها وأعدائها من األحول االسانسولي" وأذي كان فارسا فارغ الطول في وقفته ش َب ُه ِبدُبْ‬
‫ب َقاِئ ًم ا على قدميه الخلفيتين‪ ،‬يحمل في يده سيف طويال‪ ،‬يُشبه الرمح‪ ،‬ولكن ُه مطروق ومصقول‪ُ ،‬ي َط ْو ُح ُه‬ ‫ض َ‬ ‫عِ مالق قد ان َت َ‬
‫حو َقتِ‪،‬‬ ‫اَل‬ ‫َ‬
‫ير ال َقا َمةِ‪َ ،‬على َن ِ‬
‫ان َقصِ َ‬ ‫َّ‬ ‫آْل‬
‫ارسُ ا َخ ُر َوالذِي َك َ‬ ‫َأ‬
‫ب َو َك َرا ِه َية‪ ،‬مَّا ال َف ِ‬
‫غَض ٍ‬
‫َ‬ ‫حو َخص ِم ِه فِي‬
‫َن َ‬
‫ربما بسبب تسبه للمتوحشين‪ ،‬ولكنه لم يكتسب منهم فقط قصر القامة‬

‫ض َر ُ‬
‫بات سيف‬ ‫ُحاربُ مِثلَهُم‪ ...‬يتقا َف ُر َعن يمين ويسار "سانسولي " َكما لَو َأ َّن ُه َأ َح ُد فرود األشجار الغريبة‪َ ،‬فكا َن ْ‪D‬‬
‫ت َ‬ ‫كان ي ِ‬
‫بل َ‬
‫"سانسولي" العمالق تخطئة على الدوام‪ ،‬وهو يستلد الواد وعزيمته مع كل ضربة دون أن تحاول السديد أن ضربة‬
‫الخصيه وعلى العكس كانت كل ضربات العاري الصغير‬
‫اجَأ ِب َطعْ َن ٍة‬
‫السفير "سانسولي" للمزيد من القلب والهياج العارم‪ ،‬وفي كل لحظة كان اإلرهاق يتسلل لـ"سانسولي"‪ ،‬كان ُي َف َ‬
‫الفارسُ‬
‫ِ‬ ‫َغي ِْر َقا ِتلَ ٍة ي َُس ُددُها‬

‫ين َل َنا يا درعِ ِه ‪ ....‬كانت قطع الدروع تتساقط عن "سانسولي" مثل أوراق الخريف‪ ...‬لم تكن أوراقا‬ ‫صغِي ُر ِب ِد ْق ٍة ُم َت َنا ِه َي ٍة َب َ‬
‫ال َّ‬
‫األمير ِة‬
‫َ‬ ‫فارسُ‬
‫ِ‬ ‫قدمها‬ ‫التي‬ ‫البهلوانية‬ ‫االستعراضات‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِل‬
‫ت‬ ‫ل‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫غم‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ب‬‫و‬‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫حش‬ ‫الو‬
‫َ‬ ‫ء‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫غَت‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫اصْ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫حمراء‬ ‫ل‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ً‬
‫ة‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ذاب‬
‫ِ‬ ‫صفراء‬
‫اس‪ ،‬حتى أعدائه‪َ .‬ف َم َع ُكل مَرَّ ٍة كان‬ ‫ف َويُحْ سِ نُ ُم َعا َملَ َ‪D‬ة ال َّن ِ‬ ‫ض َغي ُر ِإاَّل َأ َّن ُه لَم َي ُكن بربريا في قتاله‪ ،‬بل َ‬
‫كان َن ِبياًل يمتلك ال َّش َر َ‬ ‫ال ُّ‬
‫َاِئرةُ‪،‬‬
‫تغ َ‬ ‫ارتِها عالما ٍ‬ ‫ُّيوف فَوقَ ح َِج َ‬
‫ت الس َ‬ ‫َّ‬
‫ور ِة التِي َن َف َش ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ناو َل كوبًا م َِن الما ِء م َِن الناف َ‬‫اح ِة لِ َي َت َ‬ ‫ْأ‬
‫"سانسولي" َيسْ َت ذِنُ فِي الرَّ َ‬
‫وف‬‫َس َ‬

‫ان َي َم َنحْ ُه ُك َّل‬ ‫ارسُ الصَّغي ُر َي َتأ ُخ ُر أو َير ُفضُ َطلَ َ‬


‫ب َغ ِري ِمهِ‪َ ،‬بل َك َ‬ ‫ُون‪َ ،‬و َي َت َذ َّكر َ‬
‫ُون تلك المعركة‪ .‬لم َي ُك ِن ال َف ِ‬ ‫يطالعها ال َّناسُ ِلقُر ِ‬
‫ث مَرَّ اتٍ‪ ،‬بنا ًء على طلب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الوقت الذي يطل ُبهُ‪َ ،‬و َيقفُ بانتظاره ُمتكنا َعلى َسيفه في تلك االستراحات التِي ُربَّما تكرُرْ ت لِثال ِ‬
‫"سانسولي"‪ ،‬وعندما كان‬

‫ف مِن مِياه النافورة مباشر ًة‪َ ،‬كما اعتاد أن يفعل في جداول الغابة‪ .‬لم‬ ‫برْأسِ ِه ِل َيرْ َتشِ َ‬
‫فارسُ األميرة يش ُع ُر بالعطش‪ ،‬وينحني َ‬
‫س الصغير والذي كان ينجح في‬ ‫ار‬
‫ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ال‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫فوقَ‬ ‫يفه‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫هوي‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ُسار‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫ِلك الهُد َن‬
‫يكن "سانسولي" البغيض يحترم ت َ‬
‫اللحظة األغبيراء في تفادي شربات "سانسولي" القاتلة‪.‬‬

‫صغِيرً ا‬ ‫ك ال َقا ُر الصغي ُر سِ وى "سانسولي" الَّذِي َبدَا َ‬ ‫صغِيرً ا اصْ َطادَ هُ لِل َّتو في الحقيقة لم َي ُكنْ ذلِ َ‬ ‫قط يُدَ اعِ بُ َفَأرً ا َ‬‫كما لو َأ َّن ُه َّ‬
‫َ‬
‫ان األطفا ُل َيج َمعُونها‬ ‫ِج ًّدا َأ َما َم َر َشاف ِ‪D‬ة َوس ُِر َع ِة ِري ِم ِه َوط َعناته النافذة‪ ...‬تناث َرت دماء "سانسولي" َوتساقطت دُرو ُع ُه التِي ك َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫غَ‬ ‫َ‬
‫بات َسيف المحارب‪ D‬العمالق على األرض الحجرية َأش َب ُه بالمطرقة‪ ،‬لها صوت مرتفع‬ ‫ض َر ُ‬ ‫مِن َحولِهِ‪َ ،‬بي َنما َفعْ لَ َع ُة السيوف َو َ‬
‫كانت أونا" ثقف بين هذا الجمع‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫المشاهدين ِل َي َتجمعوا في َح ْل َق ٍة َحو َل المتبارزين‪.‬‬
‫َ‬ ‫من أجراس الكنيسة‪ ،‬تدعو المزيد من‬
‫َأ‬
‫ت نَّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت ال َمعْ َر َكة قبيل الراحة األولى‪َ ...‬ش َع َر ْ‬ ‫ْ‬
‫اح ِة ال َبلدَ ةِ‪ ،‬وغادَ َر ِ‬ ‫ت في َس َ‬ ‫َّ‬
‫القطائع التِي َو َق َع ْ‬ ‫ولكنها لم تتحمل مشاهدة تلك‬
‫ِ‬
‫َّاحةِ‪َ ،‬ب َداًل مِن َأن َتسْ َم َع‬
‫يع الشعوة أمام الوحش قابل حبيبها كانت مع كل معلوا ابتعد بها عن الس َ‬ ‫ار َس َها الضَِّئي َل لَن َيسْ َتطِ َ‬ ‫َف ِ‬
‫َ‬
‫ِي َما ت َدوّ ي من حولها‪ .‬سيف َعظِ ي ٌم َيهوي َعلى‬ ‫ُ‬ ‫ات السَّيفِ ه َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َو ْق َع نعلها فوق األرض المرصوفة بـ "البازلت"‪ ،‬كانت طرْ ف ‪D‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُنازلة الحديد بالحديد‪....‬‬ ‫الحجْ َر‪َ ،‬وال يوجد سيف أمامة ي ِ‬ ‫ش ُق َ‬ ‫ض َو َي ُ‬ ‫اَأْلرْ ِ‬

‫بات السيف ُتناديها ترى كم م َِن المُمكن أن كيفية قبل أن يتوقف صوت القبل لَم َت ِ‬
‫عرفُ ‪:‬‬ ‫ض َر ُ‬ ‫ت َت َر ْكضُ مُبتعِدَ ًة‪َ ،‬بي َنما َ‬‫كا َن ْ‬
‫ك‬ ‫َ‬
‫ِير َيت َحرَّ ُ‬
‫صغ َ‬‫اِئن ال َّ‬ ‫َ‬
‫ك الك َ‬ ‫َ‬ ‫َأِل َّن َها ت َوففت ف َج ة َعن َركضِ َها ِلت َراق َ‬
‫ِب ذلِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬

‫ين أشجار الغابة القريبة‪ ،‬كما لو أ َّن ُه َي َتحا َشى َأن َت َق َع َعينُ َأ َح ِدهِم َعلَ ْي ِه والكلها كانت تعرفة إنها تذكرة إنه هوال صاحت‬ ‫َب َ‬
‫"أونا وهي تابع دالك الحرم الصغير يتصل من بين أشجار غابة الصنوبر لم َي ُك ِن ال َقرْ ُم َيهرُبُ مِنْ َأ َحدٍ‪ ...‬في الحقيقة لم‬
‫ُّون النا الموقرة أو الفضول‬ ‫كان يُحاول اللحاق بها‪ ،‬ولكن َتعادَ ِة اَألقزام‪ ،‬هُم ال ُي ِحب َ‬ ‫ب َح َّتى من "أونا"‪ ،‬بل َ‬ ‫َي ُكنْ ي ِ‬
‫ُحاو ُل ال َه َر َ‬
‫َأ‬ ‫َ‬
‫اق ِب َها‪َ ،‬و ُم َقا َبلتِها عِ ن َد طراف المدينة‪" .‬هذا‬ ‫َّ‬ ‫ْأ‬ ‫اَل‬
‫حول أعمالهم‪ ،‬وطالما كانت الون السير مستعدة َع ِن ال َمدِي َنةِ‪َ ،‬ف َب َ‬
‫س م َِن الل َح ِ‬
‫آ َمنُ ‪ ...‬هذا أفضل"‪.‬‬

‫األميرةُ مُبكرً ا‪َ ،‬و َق َط َع ِ‬


‫ت‬ ‫َ‬ ‫هكذا َف َّك َر ال َقرْ ُم‪َ ،‬ولكِنْ ُخ َّط َت ُه لَم َتسِ رْ َعلى النحو المثالي الحاذق الذي رسمة عندما انتب َه ْ‬
‫ت َل ُه‬
‫حوهُ‪َ ،‬و َه َك َذا َخلَعْ‬
‫ال ُم َسا َف َ‪D‬ة َن َ‬
‫الخ ِبي َن ِة‬
‫ير ِة َو َ‬ ‫مور ال َّشرِّ َ‬‫ت باحتضانه‪ُ ،‬م َتناسِ َي ٌة ُك َّل اُأل‬ ‫ار َع ْ‬ ‫مير ِتهِ‪َ ،‬والَّتِي َس َ‬ ‫ال َق ْو ُم َق ْب َع َتة الحمراء (‪ ،)1‬وانحنى ِل ُي َق ِّد َم ال َّت ِح َّي َة َأِل َ‬
‫ِ‬
‫ازي الَّتِي َت َم ْث ُتها فلقد أخبرها ال َقرْ ُم بتلك‬ ‫ت ال َق ْو ِم َو ِح َكا َي ِت ِه ُك َّل ال َّت َع ِ‬ ‫دَت في َكلِما ِ‬ ‫ت مِن ُه مِن َق ْبلُ‪َ .‬ولَكِنَّ "أونا" َو َج ْ‬ ‫الَّتِي َبدَ َر ْ‬
‫ارس األحمر‪ ،‬من بعد أن غادرا كوخ ساحر الغابة‪ ،‬وهما تحت تأثير سحره‬ ‫ت لَ ُه َولِل َق ِ‬ ‫ب التِي َو َف َع ْ‬ ‫َّ‬ ‫ير ِة َوالمَصاِئ ِ‬ ‫األمور ال َّشرِّ َ‬
‫ير ِة الَّتِي ال تستقيم مع ُك َّل ما َع َر َفاهُ عنها من أخالق َط ِّي َب ٍة‬ ‫مور ال َّس ِّيَئ ِة َوال َّشرِّ َ‬ ‫المشؤوم والذي َج َعلَهُما َي ْط َنان فيها ُك َّل اُأل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح َقاِئقَ َعن أعينهما فسارا في طريقهما ِبال ه ًُدى‪َ ،‬و َقد‬ ‫ت َ‬ ‫يال َحقِي َق ًة‪َ ،‬ب ْي َن َما َح َب َس ِ‬ ‫ت م َِن َ‬
‫الخ ِ‬ ‫َو َنبيلة‪َ ،‬ولَكِنْ َتعاوي َذ السَّاح ٍِر َج َعلَ ْ‬
‫الح َسنُ َع ْن ُه َما‪َ ،‬فلَم َي ِجدا سوى المتاعب أينما رخال! وفى النهاياء الهت كل مغائرات الفارسي‬ ‫الطيِّبُ َوال َفَأ ُل َ‬
‫الح ُّط َّ‬ ‫َت َخلَى َ‬
‫األصفر بشكل مؤسف‬

‫ِي َأبعد ما تكونُ عن هيئة القبعات‪ ،‬ومع ذلك تفضل‬


‫الحقِي َق ِة ه َ‬
‫عادة ما تكون قبعات األقزام تشبه القلنسوة‪ ،‬وفي َ‬ ‫(‪)1‬‬
‫األقزام أن تسميها قبعات‪ ،‬وبالطبع الفرق بين االثنين معروف‬

‫للجميع فيما عدا األقزام‪.‬‬

‫اع الهروب؛ َأِلنَّ‬ ‫عِ ندما َو َق َع أسيرً ا لدى َأ َح ِد ال َع َمالِ َفةِ‪َ ،‬والَّذِي احتفظ ِب ِه َس ِجي ًنا دَ ا ِخ َل َكهْفِ م ُْظلِم وكتيب‪َ ،‬ولَكِنَّ ْال َق ْو َم َق ِد اسْ َت َط َ‬
‫ين ال َع َمالِ َقةِ‪َ ،‬لم َت ُكن تصلح الحتجاز األقزام‪ ...‬على األقل قد نجا بحيا ِت ِه َولَم َي ْق ُتلُ ُه العمالق‪ ،‬وهكذا انطلق القوم‬ ‫از ِ‬‫بان َز َن ِ‬
‫ص َ‬ ‫قُ َ‬
‫ُ‬ ‫َأِل‬
‫يهيم في األرض يبحث في الية أو أي مساعدة هللا يجاهد أليها أقرب لم تفكر "أونا" َكثِيرً ا؛ نَّ فُؤادَها لَم َيعْ ُد َم َع َها مُنذ َز َم ِن‬
‫ت عِ ندما عرفت أنه ما يزال على قيد‬ ‫ت جراح قلبها لبعض الوق ِ‬ ‫ت ألجل الفارس األحمر‪ُ ،‬ر َّب َما ال َّتْأ َم ْ‬ ‫ِإنْ َم َحبَّتها الوحيدة كا َن ْ‬
‫َأْل‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َّ‬
‫س ا حْ َم ِر‬ ‫ادَت َتسْ َم ُع َن َبضا ِتهِ‪ ،‬عِ ندما ْخ َب َر َها ال َق َز ُم َعن َو ُرط ِة ال َف ِ‬
‫ار ِ‬ ‫لب الذِي لل َّت ْو َع ْ‬ ‫ك ال َق َ‬‫الحياة‪ ،‬ولكن األلم عاذ َيعْ َتصِ ُر ذلِ َ‬
‫الوديان‪،‬‬
‫َ‬ ‫تجتاز‬ ‫أن‬ ‫عليها‬ ‫تحتم‬ ‫وهكذا‬ ‫وتحريره‪،‬‬ ‫فارسها‬ ‫إلنقاذ‬ ‫القرم؛‬ ‫مع‬ ‫العودة‬ ‫على‬ ‫قرارها‬ ‫ْ‬
‫عزمت‬ ‫َم َع العمالق ‪ ...‬ولكنها‬
‫ً‬
‫ارة‪َ ،‬ت ِج ُد ارة وتهبط بها دارة‪ ،‬وتسير في أماكن ثانية ال تجد فيها خلفا من زقات األمطار‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تارة‪َ ،‬ت َ‬ ‫ص َع ُد ِبها َ‬ ‫َو َت َت َسلَّقَ َّ‬
‫الثال َل‪َ ،‬ت َ‬
‫الح َس َنة‪ ،‬ودعوات والدها ووالدتها‬ ‫صدَقَ َ‬ ‫وال حاجرا يتحول فينها توزين الرياح التابعة لترال من يملك في طريقي ولكن ال ُّ‬
‫الحبيشين في برج ال ُّنحاس‬

‫ان َيسلَّ َك ُه‬ ‫يق ِرح ِت َها ال َغريبُ َم َع َط ِريقَ َ‬


‫آخ َر َك َ‬ ‫طر ُ‬ ‫لَم َت َت َخ َّل َأ َب ًدا َع ِن ابنتهما في أي لحظ ٍة مِن لَ َح َظا ِ‬
‫ت َش َقاِئ َها لِذل َِك َت َ‬
‫قاط َع ِ‬
‫َأ‬
‫ارسُ ُه َما ٌم ه َُو َوم َُرافِقُهُ‪ .‬ولحسن الحظ في هذ ِه المَرَّ ةِ‪َ ،‬ج َم َع ْتها الصُّد َق ُة ِب ْش َرفِ فُرسان إنجلترا والذي لم يكن سوى األخير‬ ‫َف ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫احت ِب ِحكا َي ِت َها‪D،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ت َعلى َحد َس َوا َء‪َ ،‬وِإلي ِه ِب َ‬ ‫ِّ‬
‫النشر َوال ِجن َيا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الزار ‪ ،‬والذي كان أكثر الفرسان كيال وشهامة في كل مِن َمملكتي‬
‫الزاح َة"‪ .‬هكذا لحدث األمير اكثر الكليب بعد أن‬ ‫َ‬ ‫َّت َعلى َمسامِعه‪ D‬مأساتها‪" D.‬هوني عليك‪َ ،‬و ْل َتطِ ب روحك وتحدي‬ ‫َو َقص ْ‬
‫استمع إليها‪ ،‬وقال "التي ان العلي َأ َب ًدا عنك‪ ،‬حتى أخرر الفارس األحمر‪َ ،‬وَأ َر َّدهُ َلكِ سالما ‪ ...‬ولقد حافظ األمي ُر آرثر على‬
‫ت مِن َجديد بفارسها األحمر‪،‬‬ ‫ت األميرة "أونا"‪ ،‬واجتم َع ْ‪D‬‬ ‫وف ُتخبرك حكاية القديس جورج والنتين‪ ،‬كيف عاد ِ‬ ‫وعده لها‪َ .‬ولَ َس َ‬
‫ت السعادة العامرة ألتي االتقهما‬ ‫ص َف ْ‬ ‫وكيف نسبيا األحران القطيفة والمامي الكبيرة التي فضلت بهما وسط َع َ‬

‫األمير "آرثر " ‪)the good Prince Arthur -‬‬ ‫(‪)1‬‬

You might also like