You are on page 1of 3

‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫ن ال َّنار ِ َوأُ ْدخِلَ ا ْل َ‬


‫ج َّن َة َف َقدْ َفا َز ‪)..‬‬ ‫القائل في كتابه ) َف َمن ُز ْ‬
‫حز ِ َح عَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحم ُد لله ذي الجالل واإلكرام‪ ،‬الكريمِ المنان‪،‬‬
‫لعبادي‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫أعددت‬ ‫ْ‬
‫وأشه ُد أنَّ محمداً عبدُه ورسو ُله القائل فيما يرويه عن ربه‪" :‬‬ ‫شريك له‪،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫وأشه ُد أنْ ال إِله إِال َّ هللا وحدَه ال‬
‫وأصحابه والتابعينَ‬
‫ِ‬ ‫قلب بشر"‪َّ ،‬‬
‫صلى هللا وسلم عليه‪ ،‬وعلى آله‬ ‫ِ‬ ‫ن سمعت‪ ،‬وال خط َر على‬ ‫ن ْ‬
‫رأت‪ ،‬وال أذ ٌ‬ ‫الصالحين ما ال عي ٌ‬
‫بإحسان‬
‫ٍ‬ ‫لهم‬
‫عرضها السماوات واألرض أُعدِّت‬
‫ونيل جن ٍة ُ‬
‫ِ‬ ‫طلب مغفرتِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫أما بعد‪ :‬فأوصيكم ونفسي بتقوى هللا جل وعال‪ ،‬والمسارعة إلى‬
‫للمتقين‪.‬‬
‫ق ُّم َت َقابِلِينَ‬ ‫َ‬
‫س َت ْب َر ٍ‬
‫س َوإِ ْ‬‫سن ُد ٍ‬ ‫ون * يَ ْل َب ُ‬
‫سونَ مِ ن ُ‬ ‫ج َّن ٍ‬
‫ات َو ُع ُي ٍ‬ ‫يقول هللا عز وجل في كتابه الكريم‪( ،‬إِنَّ ا ْل ُم َّتقِينَ ِفي َم َقامٍ أمِ ٍ‬
‫ين * ِفي َ‬
‫ن * يَدْ ُعونَ فِي َها بِكلِّ َفا ِك َه ٍة آمِ نِينَ [ )الدخان‪.]55-51:‬‬ ‫* ك ََذل َ‬
‫ِك َو َز َّو ْ‬
‫ج َناهُم بِ ُ‬
‫حور ٍ ِعي ٍ‬

‫ألحبابه‪ ،‬ومألها من رحمتِه وكرامتِه‬


‫ِ‬ ‫غرسها هللاُ بيده وجعلَها مقراً‬
‫َ‬ ‫والثواب الجزيل‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الجنة هي دا ُر الجزا ِء العظيم‪،‬‬ ‫عباد هللا‪:‬‬

‫ونقص" ‪ ،‬وأ كرمهم فيها بالنظر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عيب وآف ٍة‬‫ٍ‬ ‫بالملك الكبير ِ‪ ،‬وطهَّرها من كلِّ‬
‫ِ‬ ‫وم ْلكها‬ ‫نعيمها بالفوز ِ العظيمِ ‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ووصف‬ ‫ورضوانِه‪،‬‬
‫َ‬ ‫س َّما أُ ْ‬
‫ج َزاء ِب َما كَانُوا يَ ْع َم ُلونَ [ )‬ ‫ِي لَ ُهم ِّمن ُق َّر ِة أ ْع ُي ٍ‬
‫ن َ‬ ‫خف َ‬ ‫إلى وجهه الكريم‪ ،‬قال عنها خال ُقها جلَّ وعال‪َ ( :‬ف َال تَ ْعلَ ُم نَ ْف ٌ‬

‫ض ُع َقدَمٍ مِ نَ ا ْل َ‬
‫ج َّن ِة َ‬
‫خ ْي ٌر مِ نَ‬ ‫ح ِدك ُْم أَ ْو َم ْو ِ‬
‫س أَ َ‬ ‫اب َق ْو ِ‬ ‫خ ْي ٌر مِ نَ ال ُّدنْ َيا َو َما فِي َها ‪َ ،‬ولَ َق ُ‬‫حةٌ َ‬ ‫هللا أَ ْو َر ْو َ‬
‫َِّ‬ ‫يل‬
‫س ِب ِ‬ ‫وقال ﷺ‪َ « " :‬غدْ َوةٌ ِفي َ‬
‫ت َما بَ ْي َن ُه َما ‪َ ،‬ولَ َمألَ ْ‬ ‫ض ‪ ،‬أل َ َضا َء ْ‬ ‫ت إِلَى األ َ ْر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صي ُف َها‬‫حا ‪َ ،‬ولَ َن ِ‬‫ت َما بَ ْي َن ُه َما رِي ً‬ ‫اطلَعَ ْ‬ ‫ْل ا ْل َ‬
‫ج َّن ِة َّ‬ ‫ِسا ِء أه ِ‬ ‫ام َرأ ًة مِ نْ ن َ‬
‫ال ُّدنْ َيا َو َما فِي َها ‪َ ،‬ولَ ْو أنَّ ْ‬
‫خ َما َر ‪َ -‬‬
‫خ ْي ٌر مِ نَ ال ُّدنْ َيا َو َما فِي َها » رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪َ -‬ي ْعنِى ا ْل ِ‬

‫س َت ْفت ُِح‪َ ،‬ف َي ُق ُ‬ ‫َ‬


‫خازِنُ ‪َ :‬منْ‬ ‫ول ال َ‬ ‫ام ِة َفأ ْ‬ ‫ج َّن ِة يَ َ‬
‫وم ال ِق َي َ‬ ‫اب ال َ‬ ‫رسول هللا ‪-‬ﷺ‪ ،-‬قال عليه الصالة والسالم‪" :‬آ ِتي بَ َ‬ ‫ُ‬ ‫خلها‪:‬‬ ‫أول من يد ُ‬ ‫ُ‬
‫ك" (رواه مسلم)‪.‬‬ ‫ت َال أَ ْف َت ُح أل َ َ‬
‫ح ٍد َق ْبلَ َ‬ ‫ك أُمِ ْر ُ‬‫ول‪ :‬بِ َ‬‫ح َّمدٌ‪َ ،‬ف َي ُق ُ‬ ‫ول‪ُ :‬م َ‬ ‫ت؟‪َ ،‬فأَ ُق ُ‬ ‫أَنْ َ‬

‫سو ُلهُ‪،‬‬ ‫ح ّمدا عَ ْب ُد ُه َو َر ُ‬ ‫يك لَهُ‪َ ،‬وأَنّ ُم َ‬ ‫شر ِ َ‬ ‫ح َد ُه ال َ َ‬‫ش َه ُد أَنّ ال َ إِلَ َه إِال ّ هللا َو ْ‬ ‫اب‪ ،‬قال ‪-‬ﷺ ‪َ "-:‬منْ َقالَ ‪ :‬أَ ْ‬ ‫ُ‬
‫ثمانية أبو ٍ‬ ‫وأما أبوابُها‪ :‬فهي‬
‫اب‬ ‫خلَ ُه هللا مِ نْ أَ َ‬ ‫ح ّق‪ ،‬أَ ْد َ‬
‫ح ّق‪َ ،‬وأَنّ ال ّنا َر َ‬ ‫ح مِ ْنهُ‪َ ،‬وأَنّ ا ْل َ‬
‫ج ّن َة َ‬ ‫هللا َوابْنُ أَ َمتِ ِه َوكَل َِم ُت ُه أَ ْل َقاهَا إِلَى َم ْريَ َم َو ُرو ٌ‬
‫َ‬
‫ي أبْ َو ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ى عَ ْب ُد‬‫يس َ‬ ‫َوأنّ ِع َ‬
‫شا َء"‬ ‫ج ّن ِة ال ّث َمانِ َي ِة َ‬ ‫ا ْل َ‬

‫والياقوت‪ ،‬وترب ُتها‬


‫ُ‬ ‫المسك األذف ُر‪ ،‬وحصباؤها اللؤل ُؤ‬
‫ُ‬ ‫ومالطها‬
‫ُ‬ ‫ذهب‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫وأما بناؤها‪ :‬فيقول ﷺ " لبنةٌ من فضةٍ‪ ،‬ولبنةٌ من‬
‫يموت‪ ،‬ال تبلى ثيا ُبهم‪ ،‬وال يفنى شبا ُبهم" (رواه الترمذي‪ ،‬وصححه األلباني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫س‪ ،‬ويخلدْ ال‬‫ينعم ال يبأ ْ‬
‫ْ‬ ‫الزعفرانُ ‪ ،‬من يدخلها‬

‫خ ْمر ٍ لَّ َّذ ٍة لِّ َٰ َّ‬


‫لشر ِبِينَ‬ ‫ن لَّ ْم يَ َت َغ َّي ْر َط ْع ُم ُهۥ َوأَنْ َٰ َهرٌ ِّمنْ َ‬ ‫َ‬
‫ن َوأنْ َٰ َهرٌ ِّمن لَّ َب ٍ‬ ‫وأما أنهارها فيقول هللا عز وجل ‪ :‬فِي َها ٓ أَنْ َٰ َهرٌ ِّمن َّما ٓ ٍء َغ ْير ِ َء ِ‬
‫اس ٍ‬
‫ت َو َم ْغ ِف َرةٌ ِّمن َّر بِّ ِه ْم‬
‫ل ُّم َص ًّفى َولَ ُه ْم فِي َها مِ ن كُلِّ ٱل َّث َم َٰ َر ِ‬ ‫َ‬
‫َوأنْ َٰ َهرٌ ِّمنْ عَ َ‬
‫س ٍ‬
‫يقطعها‪ ،‬و اقرءوا إن شئتم‪َ ( :‬وظِ لٍّ َم ْمدُو ٍد)"‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مائة عامٍ ‪ ،‬ال‬ ‫الراكب في ظلِّها‬
‫ُ‬ ‫وأما أشجا ُرها‪ :‬فيقول ﷺ‪ ":‬إن في الجنة شجرةٌ يسي ُر‬
‫ك َذل َ‬
‫ِك ُه َو ا ْل َف ْو ُز ا ْلعَ ظِ يم[ )الدخان‪.]57-51 :‬‬ ‫حيم* َف ْضال ً ِّمن َّر بِّ َ‬ ‫ت إِال َّ ا ْل َم ْوتَ َة األُولَى َو َو َقاه ُْم عَ َذ َ‬
‫اب ا ْل َ‬
‫ج ِ‬ ‫ال َ يَ ُذ ُ‬
‫وقونَ فِي َها ا ْل َم ْو َ‬

‫أقول قولي وأستغفر هللا لي ولكم‬


‫الخطبة الثانية‪:‬‬

‫شريك له تعظيماً لشأنه‪،‬‬


‫َ‬ ‫ُّ‬
‫والشك ُر له على توفيقِه وامتنانِه‪ ،‬وأشه ُد أن ال إله إال هللا وحده ال‬ ‫الحم ُد لل ِه على فضلِه وإحسانِه‪،‬‬
‫وأشه ُد أن محمداً عب ُد هللاِ ورسوله الداعي إلى جنته ورضوانه‪ ،‬صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه‬

‫التمتع برؤية وجه هللا الكريم‪ .‬قال ‪.‬ﷺ‪(( :‬إذا دخل أهل الجنة الجنة‪ :‬يقول تبارك‬
‫ُ‬ ‫أال وإن أعظم ما في الجنة من النعيم‪،‬‬
‫وتعالى‪ :‬تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون‪ :‬ألم تبيض وجو هنا؟! ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار؟! قال‪ :‬فيكشف الحجاب؛‬
‫فما أُعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى)) رواه مسلم‪.‬‬
‫العظيم حيث يقول ( ُوجوهٌ يومئ ٍذ ناضرةٌ * إلى رب َها ناظ َرة[ )القيامة‪،]23 ،22 :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وصدق هللاُ‬

‫ومما بشرنا به النبي ﷺ أن أول أمة تدخل الجنة هي أمته ﷺ ‪ ،‬فقد روى البخاري ومسلم عن أَب َي ُه َر ْي َر َة رضي هللا عنه‪ ،‬أَنَّ ُه‬

‫السابِ ُقونَ يَ ْو َم ال ِق َي َ‬
‫امة‪.‬‬ ‫خ ُرونَ َّ‬
‫حنُ اآل ِ‬ ‫سولَ هللاِ ‪.‬ﷺ يَ ُق ُ‬
‫ول‪« :‬نَ ْ‬ ‫سمِ عَ َر ُ‬
‫َ‬

‫ُ‬
‫تقامة على اإليمان من أعظم أسباب دخول الجنان‪،‬‬ ‫واالس‬
‫ج ّن ِة َ‬
‫خالِدِينَ فِي َها‬ ‫اب ا ْل َ‬
‫ح ُ‬‫ِك أَ ْص َ‬
‫ح َزنُونَ }(‪{ )13‬أُ ْولـَئ َ‬ ‫امواْ َفال َ َ‬
‫خ ْو ٌف عَ لَ ْي ِه ْم َوال َ ه ُْم َي ْ‬ ‫هللا ثُ ّم ْ‬
‫اس َت َق ُ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬إِنّ الّذِينَ َقا ُلواْ َر بّ َنا ُّ‬
‫ج َزآ ًء ِب َما كَانُواْ َي ْع َم ُلونَ } [األحقاف‪.]14 ،13 :‬‬
‫َ‬

‫َ‬
‫هللاِ‬
‫َّ‬ ‫بيل‬
‫س ِ‬ ‫ج َّن َة‪ ،‬جا َه َد في َ‬
‫خلَ ُه ال َ‬
‫هللا أنْ ُيدْ ِ‬
‫َِّ‬ ‫ح ًّقا َ‬
‫على‬ ‫وصام َر َمضانَ ؛ كانَ َ‬
‫َ‬ ‫الص َ‬
‫الة‪،‬‬ ‫قام َّ‬ ‫آمنَ باللَّ ِه ِ‬
‫وب َرسولِهِ‪ ،‬وأ َ‬ ‫ويقول ﷺ‪َ " :‬من َ‬
‫هللا لِ ْل ُمجاهِ دِينَ‬
‫جةٍ‪ ،‬أعَ َّدها َُّ‬ ‫ج َّن ِة مِ ئ ََة َد َر َ‬
‫اس؟ قالَ ‪ :‬إنَّ في ال َ‬ ‫ش ُر ال َّن َ‬ ‫هللاِ‪َ ،‬‬
‫أفال نُ َب ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ض ِه الَّتي ُولِ َد فيها‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا َرسولَ‬ ‫س في أ ْر ِ‬‫جلَ َ‬‫أ ْو َ‬
‫ج َّن ِة وأَ ْع َلى ال َ‬
‫ج َّن ِة‬ ‫س؛ فإنَّه أ ْو َ‬
‫س ُط ال َ‬ ‫َ‬
‫فاسأ ُلو ُه ال ِف ْر َد ْو َ‬ ‫سأَ ْل ُت ُم َّ‬
‫هللاَ‪ْ ،‬‬ ‫ض‪ ،‬فإذا َ‬ ‫السما ِء واأل ْر ِ‬ ‫ج َت ْي ِ‬
‫ن كما ب ْينَ َّ‬ ‫هللاِ‪ ،‬ما ب ْينَ ال َّد َر َ‬
‫بيل َّ‬
‫س ِ‬ ‫في َ‬
‫ج َّن ِة‪.‬‬ ‫ن‪ ،‬ومِ ْن ُه تَ َف َّ‬
‫ج ُر أنْها ُر ال َ‬ ‫ح َم ِ‬
‫ش ال َّر ْ‬‫‪َ ،‬ف ْو َق ُه عَ ْر ُ‬

‫خ ْل َد في جنانِك‪،‬‬
‫ِل علينا رضوانَك‪ ،‬وارزقنا ال ُ‬
‫ال َّل ُه َّم أح َّ‬

‫ربنا هب لنا من أزواجنا وذ ّرياتنا ُقرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً‪،‬‬


‫ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين‬
‫ربنا آتنا في الدنيا حسنة‪ ،‬وفي اآلخرة حسنة‪ ،‬وقنا عذاب النار‪.‬‬
‫ِك يَا أ َ ْر َ‬
‫ح َم‬ ‫ح َمت َ‬ ‫يع ا ْل ُم ْ‬
‫سلِمِ ينَ ِب َر ْ‬ ‫جمِ َ‬ ‫الصالِحِينَ َو ْ‬
‫اغ ِف ْر َل َنا َولِ َوالِ َد ْي َنا َو َ‬ ‫سلِمينَ َوأ َ ْل ِ‬
‫ح ْق َنا ِب َّ‬ ‫ال َّل ُه َّم تَ َّ‬
‫وف َنا ُم ْ‬
‫ح ِب ِه أ َ ْ‬
‫ج َمعِ ين‪.‬‬ ‫وص ْ‬‫ح َّم ٍد َو َع َلى آلِ ِه َ‬ ‫ال َّراحِمِ ينَ ‪َ ،‬و َص َّلى هللاُ َع َلى ُم َ‬

You might also like