You are on page 1of 2

‫الجهوية المتقدمة وانعكاساتها المستقبلية على االستثمار الجهوي‬

‫حظوظ المقاوالت الصغرى والمتوسطة في نظام اإلدارة الترابية الجديد‬

‫قرر المغرب قبل ‪ 13‬سنة تفعيل التنمية الجهوية‪ ،‬من خالل التدبير الالمركزي لالستثمار وأطلق في ‪ 9‬يناير‬
‫‪ 2002‬نظام المراكز الجهوية لالستثمار عبر ‪ 16‬جهة‪ ،‬أسهم هذا النظام في تطوير المشهد المقاوالتي‬
‫بالمغرب من خالل تبسيط مساطر إنشاء المقاوالت وتقديم المعلومات وتجاوز البيروقراطية اإلدارية‪ ،‬التي‬
‫كانت عائقا في وجه خلق المقاوالت‪ .‬حسب إحصاء عام ‪ 2011‬تمكنت المراكز الجهوية لالستثمار (الستة‬
‫عشر) إعطاء الحياة لـ ‪ 35‬ألفا و‪ 280‬مشروعا‪ ،‬خالل هذه السنة‪ ،‬وهو رقم أخذ في االرتفاع بنسبة تتراوح بين‬
‫‪ 1.8‬في المائة و‪ 2.3‬في المائة بين سنة ‪ 2010‬و‪ ،2014‬إال أنه تبين من خالل التوزيع الجهوي لعدد‬
‫المقاوالت المنشأة تمركز أزيد من ‪ 64‬في المائة منها على مستوى خمس جهات فقط‪ ،‬وهي جهات‬
‫الدارالبيضاء الكبرى (‪ 28‬في المائة)‪ ،‬جهة الرباط سال زمور زعير (‪ 14‬في المائة)‪ ،‬وجهة الغرب الشراردة‬
‫‪.‬بني حسن (‪ 8‬في المائة)‪ ،‬وجهتا مكناس تافياللت وسوس ماسة درعة ‪ 7‬في المائة‬
‫شكل نظام المراكز الجهوية لالستثمار حجر الزاوية في المخطط التنموي‪ ،‬الذي يروم المغرب تنفيذه على‬
‫المستويين الوطني والمحلي‪ ،‬وكان من الضروري مرافقته بسلسلة من التعليمات والتوصيات الموجهة إلى‬
‫السلطات المحلي‬
‫التنمية الجهوية في أفق الجهوية المتقدمة‬
‫في ‪ 4‬يناير ‪ ،2010‬أطلق المغرب مشروع الجهوي ة الموس عة‪ ،‬وش كل لجن ة خاص ة إلع داد مش روع‬
‫جدي د خ اص بنظ ام اإلدارة الترابي ة في البالد‪ ،‬يت أتى على ض وئه تحقي ق تنمي ة اقتص ادية جهوي ة‬
‫حقيقية مقرونة بإدارة جهوية فعالة من شأنها وضع حد للعراقيل والمطبات التي تالزم بشكل تلقائي‬
‫‪.‬النظام المركزي البيروقراطي‬
‫التعليمات الملكية الموجهة إلى رئيس لجنة إعداد مشروع الجهوية الموسعة‪ ،‬عمر عزيمان‪ ،‬انص بت‬
‫على أخذ كافة المعطيات المحلية االقتص ادية واالجتماعي ة والثقافي ة بعين االعتب ار‪ ،‬والتعام ل معه ا‬
‫(أي مع تلك المعطيات المحلية) بحسابات منطقية لف رز تقطي ع جه وي يس مح في النهاي ة بتمكين‬
‫كل جهة من الموارد الطبيعية والبنيات التحتية الالزمة‪ ،‬ال تي تؤهله ا لتش كيل قطب تنم وي جه وي‬
‫متقدم‪ .‬بعد سنة من العمل أنجزت اللجنة مشروع الجهوية المتقدم ة‪ ،‬ال ذي تض من ‪ 12‬جه ة‪ ،‬وه و‬
‫مش روع أخ ذ مس ارا جدي دا في ظ ل دس تور ‪ ،2011‬حيث ينتظ ر الجمي ع أن يبت مجلس الن واب‬
‫(المنتخب في ‪ 25‬شتنبر ‪ )2011‬في القانون التنظيمي الخاص بالجهوية المتقدمة‪ ،‬وه و األم ر ال ذي‬
‫لم يتحقق بعد‪ ،‬حتى أن الغرفة الثانية بمجلس المستشارين ال تي من المف ترض أن تتش كل طب ق‬
‫الدستور الجديد من نتائج االنتخابات المحلية والجهوية أرجئ – بش أنها ‪ -‬موع د االنتخاب ات المحلي ة‬
‫إلى شتنبر ‪ .2016‬تترقب األوساط االقتصادية والمالية داخل المغرب وخارجه موع د تط بيق الجهوي ة‬
‫المتقدمة‪ ،‬لتتخذ قراراتها بشأن التعامل مع الوضع الجديد‪ ،‬وحسب المؤشرات ال تي خلفه ا مش روع‬
‫الجهوية المتقدم ة‪ ،‬ف إن نظ ام اإلدارة الترابي ة الجدي د يض يف لبن ة جدي دة في بن اء الص رح التنم وي‬
‫الجهوي‪ ،‬ويعتبر فرصة حقيقية لدفع ك ل جه ة في المغ رب نح و حلب ة الس باق لجلب االس تثمارات‬
‫واستغالل القطاعات األساسية للتنمية المحلية‪ ،‬خاصة في مجاالت الس ياحة والفالح ة والص ناعات‬
‫التحويلية‪ .‬إن السياسة االستثمارية وفق نظام الجهوية المتقدم ة‪ ،‬تس مح لك ل جه ة رب ط عالق ات‬
‫مباشرة ومستقلة م ع جه ات أخ رى‪ ،‬س واء داخ ل المغ رب أو خارج ه‪ ،‬وه ذا أم ر س يدفع في ظ ل‬
‫المنافس ة ك ل جه ة على ح دة لالنفت اح على المحيطين اإلقليمي وال دولي لجلب رؤوس األم وال‬
‫وإطالق المشاريع‪ ،‬وهو الوضع الذي يتطلع إليه رجال المال واألعمال‪ ،‬مع رغب ة أك بر في التح رر من‬
‫إدارة المركز وكس ر العراقي ل البيروقراطي ة وتج اوز عقب ة الفس اد اإلداري‪ .‬من ذ اإلعالن عن مش روع‬
‫الجهوية المتقدمة احتضنت مدن المملكة في جه ات مختلف ة ن دوات وأي ام دراس ية ح ول "الجهوي ة‬
‫وآفاقها االقتصادية والتنموية"‪ ،‬واستضافت خبراء مغارب ة وأج انب وممثلين عن مقاطع ات جهوي ة من‬
‫فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وإيطاليا‪ ،‬أجمعوا على اختالف آراءهم وجنسياتهم أن هناك توجه ا للمن اطق‬
‫الجهوية في دول االتحاد األوروبي للتعامل ولالستثمار في جهات معينة في المغرب‪ ،‬مؤك دين وج ود‬
‫‪.‬دوافع أقوى للتعامل المباشر‪ ،‬في ظل النظام الجهوي المتقدم‬
‫المقاوالت الصغرى والمتوسطة أساس التنمية المحلية‬
‫يجمع خبراء االقتصاد االجتماعي على أن أهم أس باب ض عف التنمي ة وبطئه ا في المن اطق الهش ة‬
‫يرج ع إلى أن انحس ار تل ك المن اطق وغرقه ا في العزل ة‪ ،‬فهي مقص ية من اهتم ام رج ال الم ال‬
‫واألعمال‪ ،‬وبعيدة كل البعد عن دائرة المش اريع الص ناعية الك برى‪ ،‬وأن حب ل النج اة األول يوج د في‬
‫المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬التي تنشأ بدافع اجتماعي يتصل مباشرة بالتنمية البش رية‪ ،‬وليس‬
‫بمنطق البوروصات‪ .‬لهذا تحتل المقاوالت الصغرى والمتوسطة حج ر األس اس في التنمي ة المحلي ة‪،‬‬
‫ونجاحها رهين بمناخ األعمال المحي ط به ا‪ .‬فالمق اوالت الص غرى والمتوس طة ال يمكن أن تنش أ في‬
‫فضاء فارغ‪ ،‬فال بد لها من مقاوالت كبرى في فضاء التنمية‪ ،‬وإن كانت المقاوالت الكبرى تبدو محتك رة‬
‫أو منافسة شرسة فإنها تخلق مساحة لتوسيع اآلف اق وفي بعض األحي ان تك ون بحاج ة لمق اوالت‬
‫صغرى ومتوسطة تشترك معها في سلسلة اإلنتاج‪ .‬في ظل الجهوي ة المتقدم ة يتوق ع أن تس تفيد‬
‫المقاوالت الصغرى والمتوسطة من مناخ االس تثمار ي وفره الوض ع الجدي د‪ ،‬س واء عن طري ق مرافق ة‬
‫المق اوالت الك برى الواف دة على الجه ة‪ ،‬أو عن طري ق الحص ول على تم ويالت مباش رة إلطالق‬
‫مشاريعها‪ .‬وفي هذا السياق ك انت المؤسس ات البنكي ة س باقة في خل ق أنظم ة جهوي ة لتس يير‬
‫فروعها مع منح بعض االستقاللية في اتخاذ القرارات محلي ا‪ ،‬وك ان بعض ها أك ثر ش جاعة في تق ديم‬
‫تمويالت لفائدة المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ .‬وحسب مراقبين فإن القطاع ات األساس ية للتنمي ة‬
‫المحلية المتمثلة في السياحة والفالحة‪ ،‬والصناعات الفالحية‪ ،‬والصناعات التحويلية الخفيفة والبناء‪،‬‬
‫باإلضافة إلى قطاع الخدمات‪ ،‬ستشكل محور نشاط المقاوالت الصغرى والمتوس طة‪ ،‬كم ا ي رتقب أن‬
‫تتحول بعض التعاونيات المحلية في مجاالت مختلفة إلى مقاوالت بع د تحقيقه ا نجاح ات ملموس ة‪.‬‬
‫ويتوقع أن تعرف المقاوالت الصغرى والمتوسطة ازدهارا أثناء مرحل ة تط بيق الجهوي ة المتقدم ة‪ ،‬من‬
‫خالل تعزيزها للنسيج االقتصادي الجهوي‪ ،‬حيث ستكون الجهة في أمس الحاجة إليه ا لرف ع نس بة‬
‫النمو‪ ،‬وتقليل نسبة البطالة‪ ،‬وتحسين مس توى العيش‪ ،‬وهي مؤش رات ض رورية للحكم على األداء‬
‫‪.‬الجهوي وتقييم التجربة الديمقراطية المحلية‬

You might also like