Professional Documents
Culture Documents
القيود الواردة على مبدأ السلطان الإدارة في مجال العقود-1
القيود الواردة على مبدأ السلطان الإدارة في مجال العقود-1
املتواضع و أثني و أصلي و أسلم على نبيه الكريم عليه أفضل الصلوات و
الدكتور يرمش مراد املشرف على الرسالة نظير ما قدم ووجه ،فكان ألاخ
في تواضعه و رحابة صدره ،و الصديق في رعايته و توجيهه و ألاستاذ الذي
تجاوز بوقته و جهده واجبات إلاشراف ليثري هذه الرسالة بعمله ،و بتذليل
و كذلك أتوجه بالشكر لكل من ساعدني في إنجاز هذه املذكرة سواء كان
و شكــــــــــــرا للجمــــــيع.
مسعودة
اإله ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــداء
إلى أروع
زوجي:
الى أروع من جسد الحب بكل معانيه فكان السند و العطاء قدم لي الكثير في صور من
صبر و أمل و محبة لن أقول شك ار بل سأعيش الشكر معك دائما.
والدتي:
ربما ال تتاح الفرصة دائما لي ألقول لك شك ار و ربما ال أممك دائما جرأة التعبير عن
اإلمتنان و العرفان الى نبع العطف و الحنان الى أجمل ابتسامة في حياتي ،الى أروع امرأة
في الوجود :أمي الغالية أطال هلل عمرك .
أخواتي
و كان هذا ختام موضوعنا حول إهداء إلى أخي الكبير أبي بعد أبي (عيسى) فاالخ الكبير
هو من نعم هلل العظمى عمى اإلنسان أن يهبه اخا محبا و دافعا له الذي تستطيع ان ترتكز
عميه بشدة فاالخ كنز ضخم ال يستطيع اي انسان أن يستغني عنه أطال هلل عمرك و أدام
عافيتك .
املقدمة
كما هو معروف إن العقد هو المصدر األساسي لنشؤ االلتزام إذ أنه يقوم على مبدأين
أساسين هما مبدأ سلطان اإلرادة و الذي يقوم بدوره على عنصرين أساسين أولهما هو كفاية
اإلرادة بذاتها لإلنشاء التصرفات القانونية و هو ما يعبر عنه بمبدأ الرضائية و ثانيهما قدرة
اإلرادة على تحديد أثار العقد التصرف القانوني و هو ما يعبر عنه بقاعدة "العقد شريعة
المتعاقدين " و القوة الملزمة للعقد التي يكسبها من إرادة المتعاقدين و اتجاهها إلى ترتيب
أثاره.
و هذا يقودنا الى الحديث على مبدأ سلطان اإلرادة الذي تطور عبر مراحل التشريع
عموما و بتطور القانون المدني خاصة ،فظهر بظهور التشريع الروماني حيث كان أصل
إبرام العقود كتابة ،و استثناء تبرم شفاهة فلم تكن اإلرادة تكفي إذ ال تنشأ العقود أال بإتباع
شكلية معينة كما أن أثاره ال تتولد عن اإلرادة بل عن اإلجراءات الشكلية التى رسمها
القانون.
فالسلطان الذي كان سائدا في هذا القانون هو سلطان الشكل وهو مصدر االلتزام ،
إضافة إلى ذلك ال يجوز الطعن في العقد الشكلي بالغلط أو التدليس أو اإلكراه أو غير ذلك
من الدفوع الموضوعية ،و هذه المرحلة تميزت بشدة و الصرامة في مراعاة عدة صور
كاأللفاظ المح ددة و الدقيقة التى تتناسب مع فئة من التصرفات استعماال بحسب اختالفها و
تنوعها ،ومثال ذلك سبائك الذهب التي استعملت كرمز عن الثمن في عقد البيع مكان النقود
التى لم تكن معروفة آنذاك.
و لقد ظلت هذه الشكلية المقدسة مسيطرة على العقد و على ملكية االعيان عند
الرومان لفترة طويلة من الزمن .
لكن بعيوب المذهب االشتراكي فأصبحت اإلرادة وحدها تكفي إلبرام العقود كأصل عام
و استثناء صياغة االتفاق في شكل معين لكن مع ظهور عقود جديدة و توسع مجال
المعامالت و النشاطات أصبحت هناك ضرورة ملحة لمواكبة التطور السريع في العالقة
2
التعاقدي ة من جهة ثانية و تحقيقها للعدالة من جهة أخرى ،فنتج عن ذلك عدة قيود تحد من
مبدأ سلطان اإلرادة وردت على شكل استثناءات منها ما ورد في القانون المدني باعتباره
الشريعة المتعلقة بالعمل و بمجال االستهالك و التأمينات ،و هي استثناءات كلما تم التوسيع
فيها كلما ضاق مجال تطبيق و إعمال مبدأ سلطان اإلرادة سواء من حيث شكل العقود او
موضوعها.
كما أن اإلرادة مقيدة في مجال العالقات التعاقدية بفكرة النظام العام و اآلداب العامة ،
فأي أتفاق يخالف النظام العام و اآلداب العامة يعتبر باطال بطالنا مطلقا.
إن موضوع القيود الواردة على مبدأ سلطان الإلرادة في مجال العقود هو موضوع
عملي ،ذو أهمية قانونية ،اقتصادية،و اجتماعية فهو يبين:
مدى أهمية العقود التى نبرمها في حياتنا اليومية و مدى التزام األطراف المتعاقدة
بتنفيذ التزاماتهم.
و كذالك تظهر أهمية البحث في ايجاد رسائل تضمن حماية المصلحة المشتركة
ألطراف العقد فضال عن حماية المصلحة العامة و المحافظة على التوازن االجتماعي و
استق ارره عن طريق حماية الفئات الضعيفة.
كما أن هذه الدراسة من شأنها تسليط الضوء على أهمية التى خولها المشرع للقاضي
سلطة تعديل العقد بما يتماشى مع هذا المبدأ ،و حفاظا على التوازن العقدي خاصة في ظل
تطور نظرية العقد و خلق النظام العام الحمائي ،الذي يسعى الى حماية الطرف الضعيف
سواء في مرحلة إبرام العقد أو تنفيذه،و ذلك من خال ل التدخل القضائي أو التشريعي لتحقيق
العدالة العقدية.
3
ثانيا:أسباب اختيار موضوع البحث:
لقد اخترت أن يكون موضوع هذا البحث "القيود الواردة على مبدأ سلطان االرادة في مجال
العقود " ولقد دفعني إلى اختيار هذا الموضوع عدة أسباب نجملها فيمايلي:
إن أسباب اختياري لدراسة موضوع القيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة في مجال
العقود ترجع الى جملة من أسباب الذاتية :ميلي لهذه الدراسات القانونية رغبتي الذاتية
(الشخصية) في البحث في هذا الموضوع الجامع و المرتبط بمسائل الناس الحياتية وفق
المعامالت و القضاء في ان واحد.
أنه ال يخفى على ذي بصيرة ما للعقود من أهمية تتعلق بحياة الناس فال يكاد يوجد شخص
أهال للتعاقد إال و يتوقف كثير من أموره الحياتية على أبرام الكثير من العقود فلو تركت
لألفراد حرية المطلقة في إبرام العقود أو رفض إبرامها ألدى ذلك إلى نوع من الظلم لذلك
أوجب المشرع أن تكون هذه العقود في إطار التوازن فيه الحرية مع العدالة.
له من القمة ما يلفت االنتباه لدراسة باعتباره يتناول جانبا حساسا هو جانب المعامالت
بين األفراد،و التى يسعى القانون دائما الى حمايتها و تنفيذها ،بما يتفق و ضمان حقوق
األفراد في إطار قانوني منظم .
الموضوع ذو صلة كبيرة بالواقع االجتماعي ،اذ ان الشخص يعقد في اليوم الواحد
الكثير من العقود و غالبا ما يؤدي النزاع في تنفيذها ألي سبب من األسباب الى رفع األمر
الى القضاء.
أن اسهم قدر استطاعتي مع من سبقوني في تناول هذا الموضوع في استجالء و بيان
أهم القيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة.
4
أنني قد وجدت أغلب الباحثين في القانون المدني بصفة عامة و في مبدأ سلطان
اإلرادة بصفة خاصة قد اهتموا بعرض هذا المبدأ دون أن يتعرضوا للقيود الواردة على هذا
المبدأ على الرغم من أهمية دراستها في العقود.
أنني قد وجدت أن دراسة القيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة مدى اهتمام الفقهاء
بتحقي ق االستقرار في المعامالت و تحقيق االئتمان و الثقة و حماية مصلحة الغير مما
يؤدي الى تحقيق االستقرار في المجتمع و بالتالي يبين مدى اهتمامهم بتحقيق قدر من
العدالة في العالقات التعاقدية
ويتجسد الهدف من وراء دراستنا لهذا الموضوع في جملة من نقاط نذكر منها :
رابعا:صعوبات البحث:
من الطبيعي أن أي باحث ستصادفه صعوبات و عوائق أثناء إعداد بحثه ،و من بين
الصعوبات التى واجهتنا :
الحديث عن موضوع القيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة في مجال العقود تجعلنا
نصطدم مع أهم مبدأ من مبادئ القانون و هو " مبدأ سلطان اإلرادة " الذي يحكم العقد و
5
ك ذا القوة المنبثقة عنه كالقوة الملزمة للعقد لذالك يعتبر هذا الموضوع من أكثر المواضيع
المثيرة للجدل.
موضوع القيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة في مجال العقود موضوع متشعب
يندرج تحته العديد من المواضيع الهامة ضمن النظرية العامة للعقد في القانون المدني منها
( عقد اإلذعان ،االستغالل ،نظرية الظروف الطارئة) و كل منها تصلح موضوع بحث .
ندرة األبحاث المتخصصة في هذا الموضوع الذي فرض بذل مجهود أكبر ككل بهذه
الدراسة المتواضعة التى نرجو أن تكون لبنة تمهد لدراسات الحقة تكون أكثر شموال و تعمقا.
خامسا:اشكالية البحث
اذا كان المبدأ "مبدأ سلطان أإلرادة في ابرام العقود هو األصل فما هي أهم القيود و
الضوابط التي تحد من هذا المبدأ ؟
في إطار درستنا التفصيلية لهذا الموضوع اتبعنا المنهج التحليلي للنصوص القانونية
المرتبطة بالقيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة في مجال العقود ،كما اعتمدنا المنهج
الوصفي في عملية سرد و عرض المواد و األحكام المتعلقة بالبحث معتمدين على المعيار
القضائي في التقسيم من خالل البدء بالشكل ثم التطرق الى الموضوع.
بما أن موضوع الدراسة يدور حول القيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة في مجال
العقود و بما أن درستنا اقتصرت على قيدين فإن خطة البحث ستكون ثنائية مكونة من
فصلين .
6
تناولنا في الفصل األول :القيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقود
و قسمنا هذا الفصل الى مبحثين اقتضتها طبيعة الموضوع حيث تناولنا في المبحث األول :
الشكلية المتطلبة لالنعقاد كقيد على حرية اإلرادة في إنشاء العقد(اشتراط الشكلية المباشرة)
،و في حين خصصنا المبحث الثاني الشكلية الغير المتطلبة لالنعقاد كقيد على اإلرادة
(اشتراط الشكلية غير المباشرة و تفسير الشك) .
أما الفصل الثاني فقد خصصناه للقيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث
موضوع العقود ،و قسمنا هذا الفصل الى مبحثين ،حيث تناول المبحث األول القيود الواردة
على المبدأ أثناء تكوين العقد أما المبحث الثاني تناولنا فيه القيود الواردة على مبدأ من حيث
الموضوع بعد تكوين العقد .
7
الفصل الاول:
القيود الواردة على مبدأ سلطان
إلارادة من حيث شكل العقود
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
شكل العقود:
إن القاعدة العامة التي تحكم شكل العقود هي مبدأ الرضائية وهو احد نتائج واثأر
إعمال مبدأ سلطان اإلرادة كأساس في مجال التعاقدي مثل ما جاء في احد ق اررات الغرفة
المدنية في إحدى حيثيات ان العقد ال ينعقد إال إذا توافرت أركانه التي يتطلبها القانون ومنها
ركن الرضا الذي يصدر عن صاحبه بكامل إرادته وال يجوز إلزام الشخص بالتعبير عن
1
و تعني قيام و انعقاد العقد بمجرد توافر إرادته و هو ما يتقاض مع مبدأ سلطان اإلرادة
عنصر التراضي بين المتعاقدين إذ ال يكفي صدور إيجاب من الطرف ليقابله قبول من
الطرف األخر حتى ينعقد العقد ،و هو ما نص عليه المشرع بموجب المادة 95من قانون
المدني.2
إال أن المشروع أورد قيودا على هذا المبدأ حيث اشترط في بعض منها توفر شكلية
معينه دون االكتفاء بالتوافق تطابق إرادتي المتعاقدين ومن بين االعتبارات التي جعلت
مشروع يستلزم تلك الشكلية هناك اعتبار يتعلق بالمصالح الخاصة لألشخاص حيث ال يتم
النظر الى الشكلية كقيد على اإلرادة و إنما هي من أجل حماية وتحصين إرادة المتعاقد
وسالمة رضائه و وسيله ائتمان وضمان يتم استعمالها إلثبات الحق مستقبال واعتبار يتعلق
بالمصالح العامة من خالل تدخل الدولة بتسيير وتوجيه منظومتين اقتصادية واجتماعيه
واعماال لمراقبتها على تصرفات المتعاملين االقتصاديين وتحصيل إيرادات للخزينة العمومية
من وراء هذه الشكلية من جهة أخرى .
1
-مجلة المحكمة العليا ،العدد األول ،1122،ص ،221ملف رقم 965655قرار بتاريخ
،1122/16/11قضية(ب.ب) ضد(ن.خ).
2
-أنظر المادة 95من أمر رقم 96-69مؤرخ في 15سبتمبر سنة ، 2569يتضمن القانون المدني ،المعدل و
المتمم.
9
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
وقد تشمل الشكلية إفراغ العقد في شكل معين وهذه هي الشكلية المباشرة وقد تكتفي
بمجرد القيام بمجموعة من اإلجراءات الالحقة على التصرف القانوني أو استعمالها كأداة
إثبات 1وهذا ما تناولناه في مبحثين.
المبحث األول :الشكلية المتطلبة لالنعقاد كقيد على حرية اإلرادة في
إنشاء العقد (اشتراط الشكلية المباشرة)
قد يشترط المشرع أحيانا شكلية معينة يراها الزمة لقيام العقد و يترتب البطالن على
عدم توفرها ،و على المتعاقدين مراعتها حتى يقوم العقد صحيحا ،و تسمى هذه الشكلية
بالشكلية المباشرة التصالها مباشرة بتكوين العقد ،إذ ال بد لقيامه من توافرها كركن رابع
إضافة إلى التراضي و المحل و السبب و من ثمة يلزم الطرفين بكتابة العقد ،و قد تكون
هذه الكتابة التى تترجم ركن الشكلية كتابة رسمية أو كتابة عرفية ،كما يشترط التسليم في
العقد إلنعقاده.
و ت تجلى الشكلية المباشرة في إشتراط الكتابة في العقود الشكلية ،أو إشتراط التسليم في
العقود العينية.
فالعقود الشكلية التي تستوجب الشكل اضافة إلى أركان األخرى من التراض ومحل
وسبب تحتاج كذلك إلى شكل معين ،وتتجسد في شكلية رسمية أو شكلية عرفية.
1
-فياللي علي،النظرية العامة للعقود ،موفم للنشر،،الجزائر،1112،ص.152-152
10
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
إن من بين األهداف التي جعلت المشرع يستلزم الشكلية الرسمية كركن النعقاد بعض
العقود تمكن في أهميتها أالقتصاديه كعقود الشركات وعقود الواردة على العقارات ...الخ أو
كونها قد تستغرق أجال طويال النتهائها مع ما تتضمنه من مسائل وبنود تحتاج إلى نوع من
التفصيل فيها يستحيل معه تحصينها أو المحافظة عليها إال من خالل الشكلية كذلك ارتباط
وتعلق محل هذه العقود بالنظام العام مثل العقود الواردة على العقارات ،إذ أوجب المشرع
اتباع اجراءات شكليات معينة لضبطها.
وقبل اإلشارة إلى العقود التي استلزم المشرع فيها ركن الشكلية الرسمية يتوجب علينا
أوال التطرق إلى تعريفها و شروط هذه الشكلية .
تنص المادة 213معدلة 1من القانون المدني الجزائري على أن " العقد الرسمي عقد
يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ،ما تم لديه أو ما تلقاه
من ذوي الشأن و ذلك طبقا لألشكال القانونية و في حدود سلطته و اختصاصه ".
فالكتابة الرسمية تعني وضع المحرر في قالب رسمي من قبل شخص له الصفة
القانونية و له مهمة المعاينة و التحقيق بصفة رسمية عن وقائع معينة .2
1
-أنظر الجريدة الرسمية عدد ، 26الصادرة بتاريخ 13أي .2566
2
-بلقاضي كريمة ،الكتابة الرسمية ،التسجيل و الشهر في نقل الملكية العقارية ،رسالة ماجيستر ،جامعة الجزائر كلية
الحقوق ،سنة ،1119ص.16
11
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
كنت قد أشرت الى التغيير الذي لحق بمحتوى المادة 213من القانون المدني السيما
من حيث استبدالها للفظ " الورقة " ب " العقد" ،حيث رأى الكثيرون أنه تعبير غير دقيق.1
و بغض النظر عن اختالف تلك األلفاظ و دقة التعبير المستعمل فإنه يشترط في
المحررات ثالث أركان لكي تعتبر رسمية ،و هي كاألتي :
-أن يقوم بها موظف أو ضابط عمومي ،أو شخص مكلف بخدمة عامة.
-أن يكون الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة عامة ،مختصا في الموضوع وفي
المكان بالكتابة ،أي في حدود سلطته و في نطاق اختصاصه.
-أن يراعي الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة عامة في الكتابة ما يوجبه القانون.
* أن يكون محرر العقد موظفا ،ضابطا عموميا ،أو مكلفا بخدمة عامة و بيان هذا
كاألتي:
-2الموظف :الموظف شخص عرفته المادة 13من القانون األساسي للوظيفة العامة
الصادر باألمر رقم 12-15المؤرخ في 1115/15/29بأنه " كل عون عين في
وظيفة عمومية دائمة و رسم في السلم اإلداري . 2
و قد استثنت المادة 11من األمر نفسه في فقرتها األخيرة القضاة و المستخدمون
العسكريون و المدنيون للدفاع الوطني و مستخدمو البرلمان .1
1
-و قد اختلف التشريعات في ذكر المصطلحات التي تعبر عن معنى هذا اللفظ فيطلق عليها السندات الرسمية ،
الوثائق الرسمية ،المح اررات الرسمية ،العقود الرسمية ،و كلها في الحقيقة تؤدي نفس المعنى ،غير أن لفظة " المحرارت"
أو الورقة" عامة و تشمل العقود كما تشمل األوراق السياسية ،المحررات التشريعة ،المحررات القضائية ،أو المحررات
الصادرة ،عن الخبراء و المحضرين القضائين و غيرهم "أنظر جميل الشرقاوي ،نظرية بطالن التصرف القانوني في
القانون المدني ،رسالة دكتوراه،جامعة القاهرة،مصر العربية ، 2595،ص.225
2
-لقد جاء األمر رقم 12-15المؤرخ في 1115/15/29المتعلق بالقانون األساسي للوظيفة العمومية ليغلي األمر رقم
222-55المؤرخ في 2555/15/11المتضمن القانون التأسيسي للوظيفة العمومية و الذي كان يعرف الموظف في المادة
األولى منه يعتبر الموظفين األشخاص المعينون في وظيفة دائمة الذين رسموا في درج التسلسل في اإلدارات المركزية
التابعة للدولة و المصالح الخارجية تابعة لهذه اإلدارات و الجماعات المحلية و كذلك المؤسسات و الهيئات العمومية حسب
كيفيات تحدد بمرسوم راجع في هذا الجريدة الرسمية رقم 35الصادرة بتاريخ ،2555/15/16ص.31
12
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
و في هذا السياق جاءت القواعد المنظمة للمرفق العام لتحدد اختصاص الضابط
العمومي حيث على سبيل المثال المادة الثالثة من القانون 11-15المؤرخ في
1115/11/11المتضمن تنظيم مهنة التوثيق ،و التي نصت على أن الموثق ضابط
عمومي مفوض من قبل السلطة العمومية ،يتولى تحرير العقود التي يشترط فيها القانون
1
-عويطي فريد ،و عاشوري عبد العزيز ،الشكلية في التصرفات القانونية ،مذكرة تخرج لنيل اجازة المدرسة العليا
للقضاء ،الدفعة السادسة ،سنة ،1116ص.16
2
-أنظر الجريدة الرسمية رقم ، 22الصادرة بتاريخ .2569/12/13
3
-علي فياللي ،الشكلية في العقود،مقال منشور،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية و االقتصادية و السياسية،عدد ،12
ص.156
4
-محمد صبري السعدي ،الواضح في شرح القانون المدني ،اإلثبات في المواد المدنية و التجارية ،دار الهدى،عين
مليلة ،ص.91
5
-تنص المادة 12من القانون رقم 11-15المؤرخ في 1115/11/11المتضمن تنظيم مهنة التوثيق على أن الموثق
ضابط عمومي مفوض من قبل السلطة العمومية ،يتولى تحرير العقود التي يشترط فيها القانون الصبغة الرسمية ،راجع
أكثر ،بلقاضي كريمة ،مرجع سابق ،ص.26
13
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
الصيغة الرسمية ،و كذا العقود التي يرغب األطراف إعطاءها هذه الصبغة و تقضي المادة
العاشرة من نفس القانون بأن يتولى الموثق حفظ العقود التي يقوم بتحريرها ،أو يتسلمها
لإليداع و يسهر على تنفيذ اإلجراءات المنصوص عليها قانونا ال سيما التسجيل و إعالن و
نشر و شهر العقود في اآلجال المحددة قانونا.
إذن صفة الضابط العمومي تثبت لكل شخص حامل ألختام الدولة و له صالحية
المعدة من طرف المحضر القضائي ، 1أو العقود التي يحدد القانون صيغتها الرسمية أو
تلك التي يود األطراف إعطاءها هذه الصيغة حيث يلجأون إلى الموثق الذي يقوم بذلك .2
1
-يعتبر المحضر القاضي ضابطا عموميا طبقا ألحكام المادة 19من القانون رقم 12/52المؤرخ في 2552/12/16
المتضمن تنظيم مهنة المحضر القضائي.
2
-تجدر االشارة الى ان العقود التي كانت تحرر سابقا من قبل ما يعرف بالقاضي الشرعي فهي تكتسي نفس الطابع
الرسمي الذي يضفي على العقود التي تحرر اليوم من قبل الموظف العام أو الضابط العمومي ،و هو ما كرسته المحكمة
العليا في ق ارراها رقم 31156المؤرخ في ،2565/15/12راجع في هذا المجلة القضائية سنة ،2551العدد ، 12ص
.225
3
-لقد اختلف الفقه في إمكانية وصف المحررات الصادرة عن الخبراء بالرسمية ،بداعي أن محرريها لم يكلفوا بخدمة
عامة من طرف المشرع ،راجع في هذا بلقاضي كريمة ،نفس المرجع ،ص .26
4
-علي فياللي ،المرجع السابق،ص.155
14
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
يتلقاه من ذوي الشأن ،االشكال التي يقررها القانون في تحرير الورقة ،فالقضاة في تحريرهم
لألحكام ،و موظفو المحاكم في كتابتهم لإلعالنات و محاضر التنفيذ ،ملزمون بمراعاة
تلك االوضاع ،و من أمثلة األوضاع المقررة قانونا ،ما نصت عليه المادة 213مكرر 1
من أنه "توقع العقود الرسمية من قبل األطراف و الشهود عند االقتضاء و يوشر الضابط
العمومي في اخر العقد تصريحاتهم في شـأن و يضعون بصماتهم ما لم يكن هناك مانع
قاهر".
و من قبيل ذلك أيضا ما جاء في الفقرة الرابعة من نص المادة نفسها ،حيت يجب أن
" يبين الضابط العمومي في العقود الناقلة أو المعلنة عن ملكية عقارية ،طبيعية و حاالت و
مضمون و حدود العقارات و أسماء المالكين السابقين ،و عند اإلمكان صفة و تاريخ
التحويالت المتتالية ".
* شرط االختصاص:
ال يكفي لصحة الكتابة الرسمية أن تصدر من موظف أو ضابط عمومي مكلف بخدمة
عامة ووفق األشكال المقررة قانونا ،و انما يلزم زيادة على ذلك كله أن يكون من تصدر منه
الورقة الرسمية صاحب والية و اختصاص ،فالمادة 213مدني تشترط أن يقوم بعمله في
حدود سلطته و اختصاصه ،و المقصود بالسلطة في هذه الحالة أن يكون الموظف أو
المكلف بالخدمة العامة ،أو الضابط العمومي ذا والية في تحرير الورقة ،حيث يكون قائما
بعمله قانونيا وقت تحرير الورقة ،فان كان قد عزل أو نقل زالت واليته ،و فقدت بذلك
الورقة صفة الرسمية ،و من ناحية أخرى يجب أن تكون كتابة الورقة الرسمية من اختصاص
كاتبها ،فال يجوز أن يقوم كاتب في المحكمة مثال بتحرير عقد رهن رسمي أو عقد زواج.1
و زيادة على ذلك فإن القانون ق د يحدد االختصاص االقليمي أو المكاني لمحرر الورقة
الرسمية ،و على هذا األخير أن يعمل ضمن محيط الدائرة اإلقليمية المسموح له فيها
بمباشرة اختصاصه ،و في هذا االطار منح المشرع االختصاص اإلقليمي للموثق عبر
كامل التراب الوطني، 2بينما حدد نفس االختصاص بالنسبة للمحضر القضائي و جعله
1
-أنظر المادة 11من القانون 16-66المؤرخ في 21يوليو 2566المتضمن قانون التوثيق.
2
-أنظر المادة 19من القانون رقم 12-52المؤرخ في 2552 /12/16المتضمن لتنظيم مهنة المحضر القضائي.
15
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
محصو ار على المستوى الوالئي ( يكون اختصاص المحضر القضائي تابعا إلقليم المجلس
القضائي المتواجد على مستوى الوالية) .1
ثالثا :الشكلية الرسمية في العقود المدنية (العقود الواجبة إفراغها في شكلية الرسمية)
لقد نص المشرع الجزائري في المادة 213مكرر 2على انه " زيادة على العقود التي
يأمر القانون بإخضاعها الى شكل رسمي يجب تحت طائلة البطالن تحرير العقود التي
تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية أو محالت تجارية أو صناعية أو كل عنصر من
عناصرها أو التنازل عن أسهم ال شركة أو حصص فيها ،أو عقود إيجار زراعية أو تجارية
أو عقود تسيير محالت تجارية أو مؤسسات صناعية في شكل رسمي ،و يجب دفع الثمن
لدى الضابط العمومي الذي حضر العقد".
كما يجب تحت طائلة البطالن اثبات العقود المؤسسة أو المعدلة لشركة بعقد رسمي و
تودع األموال الناتجة عن هذه العمليات لدى الضابط العمومي المحرر للعقد.
إن المشرع الجزائري من خالل هذه المادة ااشترط التوثيق و اعتبره ركنا لقيام العقود
التي ذكرها ،بحيث إذا لم يتم توثيقها اعتبرت باطلة بطالنا مطلقا ،ا سنتطرق الى أهم
تطبيقات الشكلية الرسمية في العقود المدنية باعتبارها من مقومات كل من عقد بيع العقار و
عقد الرهن الرسمي و عقد الهبة ،و كذا انعقاد عقد الشركة المدنية.
تعتبر الملكية العقارية المجال الخصب لتطبيق الشكلية الرسمية في العقود التي تنشأ
في دائرتها و أهمها ع قد البيع الواقع على العقار ،فبعد ما كان أطراف العقد أح ار ار في
تحرير عقودهم في شكل رسمي أو عرفي قبل صدور األمر 52-61المتضمن تنظيم هنة
التوثيق ،2اشترط المشرع الجزائري في العقود الناقلة للملكية العقارية أن تتم في شكل رسمي،
هذا ما أكدته المادة 21من هذا األمر و التي استحلفت بالمادة 213مكرر من ق م ج.
1
-علي فياللي ،المرجع السابق،ص.155
2
-األمر رقم 52-61مؤرخ في 29سبتمبر ، 2561يتضمن تنظيم مهنة التوثيق ،ج.ر ،العدد .62
16
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
و عليه فعدم إتباع أحكام الشكل في عقد بيع العقار يؤدي الى بطالنا مطلقا ،و هذا
البطالن يتقرر لكل من له حق يتأثر بوجود العقد أو بزواله و يثبت هذا الحق للخلف العام و
الخاص و يجوز ل لمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها طبقا ألحكام المادة 211من ق م
ج و هذا ما كرسه القضاء بقوله " :أن الشكل الرسمي في عقد البيع يعد شرطا ضروريا
لصحته و أن تحرير هذا العقد في شكله األخر يخالف القانون و يؤدي الى بطالن ذلك
العقد.1.
إن ما يقال في بيع العقار من أحكام خاصة بالبطالن يقال أيضا في الوعد بالبيع
فيجب أن يتوافر فيه الشكل الخاص الذي يجب توافره في العقد المنتظر طبقا ألحكام المادة
11/62من ق.م.ج و التي تنص على أنه ..":إذ اشترط القانون لتمام العقد استفاء شكل
معين فهذا الشكل يطبق أيضا على االتفاق المتضمن الوعد بالتعاقد ".
فالشكلية حسب هذه الفقرة تعتبر ركنا الزما إلبرام عقد الوعد بيع العقار ،إلضافة الى
أنه في هذه الحالة ال يمكن إجبار الواعد على تنفيذ وعده تنفيذا عينيا ،بل البد أن يتدخل
الواعد بنفسه إلتمام رسمية بيع العقار الموعود به الن تخلف الشكلية في هذه الحالة يجعل
العقد باطال و لو جاز الحصول على مثل هذا الحكم رغم عدم توافر الشكلية في هذه الحالة
ألمكن للطرفين اللجوء إلى إبرام عقد بيع العقار دون إجراء الرسمية التي فرضها القانون
فيقتصران بذلك على وعد بالتعاقد غير رسمي ثم يلجأ إلى القضاء الستصدار حكم يقوم
مكان عقد البيع و في هذا تحايل على القانون .2
لقد نظم المشرع عقد الرهن الرسمي و اعتبره عقدا شكليا فهو ال ينشأ إال بورقة رسمية
كما تنص على ذلك 12/665من ق.م.ج على انه ":ال ينعقد الرهن إال بعقد رسمي أ حكم
أو بمقتضى القانون ، "...كما نصت المادة 665من ق.م..ج على أنه ..." :ويرد هذا
التعين إما في عقد الرهن ذاته أو في عقد رسمي الحق و إال كان الرهن باطال".
1
-القرار رقم 225295مؤرخ في ، 2556/11/26المجلة القضائية لسنة ،2556العدد ، 2ص.21
2
-محمد صبري السعدي ،الواضح في شرح القانون المدني ،النظرية العامة لاللتزامات ،مصادر االلتزام دار الهدى،عين
مليلة ،الجزائر ،1115ص .226
17
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
يتضح من خالل المادتين 662و 665من ق.م.ج ،أن الرهن الرسمي ال ينعقد إال
في شكل رسمي ،نفس هذا اإلجراء يتم في العقد الالحق الذي يتم فيه تعيين العقار المرهون
1
،مع أن المشرع في المادة 662من ق.م.ج لم يتبين الجزاء المترتب على عدم مراعاة
هذه الشكلية ،إال أنه بالرجوع إلى المادة 213مكرر ( )2من ق.م.ج ،نجد أنها تنص على
العقود ال تي يأمر القانون بإخضاعها للشكل الرسمي تكون تحت طائلة البطالن ،و عقد
الرهن الرسمي من العقود التي تتضمن حقوقا عقارية و التي الزم المشرع بتحريرها في شكل
رسمي و إال كانت باطلة ،لذا فتخلف الشكل الرسمي في عقد الرهن الرسمي جزاءه البطالن
المطلق.
لقد عرف المشرع الجزائري في الفقرة األولى من المادة 111من قانون األسرة الهبة
بأنها تمليك بال عوض و اعتبرها من العقود الشكلية ،إذ ال يكفي النعقادها وجود التراضي
بين المتعاقدين و إنما يلزم إفراغ هذا التراضي في شكل رسمي ،حيث تنص الفقرة األولى
من المادة 115ق.أ.ج على أنه " :تنعقد الهبة باإليجاب و القبول ،و تتم الحيازة ،و
مراعاة أحكام قانون التوثيق في العقارات و اإلجراءات الخاصة في المنقوالت ، "...و لم
تختلف أغلب التشريعات على اشتراط الشكلية الرسمية في عقد الهبة و إنما اختلفت في نوع
الشكلية الواجبة فيه ،إذ يمكن تقسيمها إلى نوعين :أحدهما ال يقع على إرادة المتعاقدين
فتنعقد الهبة بالتراضي و لكن البد من تمامها على وجه نهائي بتصديق السلطة القضائية أو
إقرار منها ،أما النوع الثاني من الشكلية فينصب على التراضي ذاته إ إذ ال بد أن يصدر
في شكل خاص أمام موظف مختص ،2و هذا ما اخذ به المشرع الجزائري في رسمية الهبة
1
-محمد حسنين ،الوجيز في الـأمينات الشخصية و العينية في القانون الجزائري ،بدون طبعة ،المؤسسة الوطنية
للكتاب ،الجزائر ، 2565 ،ص .211
2
-دحماني لطيفة ،الشكلية في مادة العقود المدنية ،مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون الخاص،جامعة
تلمسان ، 1112-1111ص.59
18
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
الواقعة على العقارات و ذلك بتحرير عقد الهبة غي عقد توثيقي Acte noariéتحت طائلة
البطالن .1
لقد تدخل المشرع الجزائري في تنظيم عقد الشركة و ذلك بفرض إتباع أركان شكلية
النعقاده ،و رتب الجزاء على مخالفتها ،فلقد نص المادة 326من ق.م .ج على أنه ":
يجب أن يكون عقد الشركة مكتوبا و إال كان باطال و كذلك يكون باطال كل ما يدخل على
العقد من تعديالت إذا لم يكن له نفس الشكل الذي يكتسبه ذلك العقد "...
استنادا إلى هذه المادة يتضح تأكيد المشرع على ضرورة كتابة عقد الشركة و اعتبارها
ركنا من أركانه مع أنه من خالل النص العربي لم يحدد نوع الكتابة الواجبة النعقاد عقد
الشركة المدنية ،فيمكن أن تكون الكتابة رسمية أو عرفية و اقتصر على القول بضرورة كتابة
عقد الشركة في مرحلة إبرامه و لكن باإلطالع على النص الفرنسي لنفس هذه المادة ،نالحظ
أنه يشترط لقيام عقد الشركة المدنية إفراغه في الشكل الرسمي
زيادة على ذلك فان الكتابة و إن كانت واجبة في عقد الشركة فهي ضرورية بنفس
الدرجة ف ي جميع التعديالت التي تط أر على عقد الشركة كالزيادة أو التخفيض في رأس المال
أو إحالة الحصص كما تنص على ذلك المادة 326من ق.م.ج ،و هو ما أكده قرار
المحكمة العليا رقم 19531المؤرخ في 2561/19/16الذي فضت فيه بمايلي " :و متى
كانت المادة 21من األمر رقم 52-61المؤرخ في 2561/21-29تشترط ...أو التخلي
عن أسهم من الشركة أو جزء منها إال بالشكل الرسمي تحت طائلة البطالن و كانت المادة
961من ق.ت .ج هي األخرى تنص على عدم إمكانية إثبات إحالة الحصص إال بموجب
عقد رسمي.
خالصه القول عن القيد الوارد على مبدأ سلطان اإلرادة وعلى مبدأ الرضائية في العقود
والمتمثل في اشتراط الشكلية الرسمية لالنعقاد هو في الحقيقة ال يعد قيدا على حرية التعاقد
بقدر ما هو ضمانة للمتعاقد نفسه وتحصينا إلرادته وتنبيها له ألهمية التصرف المقدم عليه
من جهة.
1
-مصطفى لعروم ،عقد الهبة ،نشرة الموثق ،العدد ، 2555، 6ص.11
19
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
ومن جهة أخرى يندرج هذا العقد ضمن صور تدخل الدولة لتنظيم وضبط األنشطة
االقتصادية والمحافظة على النظام العام من خالل إبراز دور وأهميه الشركات في دعم
االقتصاد ،وأخي ار تعلق العقارات وارتباطها بنظام قانوني الخاص.
إن هذه العقود سابق ذكرها تندرج ضمن األول من الشكلية أال وهو الشكلية الرسمية
وهناك نوع ثاني يعد هو األخر قيد على مبدأ سلطان اإلرادة وهو الشكلية العرفية
الفرع الثاني :الشكلية العرفية:
إضافة إلى الكتابة الرسمية التي اشترطها المشرع في بعض العقود و التي تعد ركنا في
العقد ،فإنه يرى أحيانا ضرورة توفر الكتابة في العقد الذي يقوم به الطرفان وال يشترط أن
تكون هذه الكتابة رسمية و لكنه يقرر بطالن العقد الذي يتم بدونها فتعد حينئذ قيدا على
إرادة المتعاقد في إنشائهما للعقد ،والبد إذن من مراعاة هذه الشكلية ألجل صحة العقد.
وبالتالي تعد الكتابة العرفية الصورة األخرى للشكلية الالزمة النعقاد بعض العقود ،
تضاف إلى الشكلية الرسمية ،وقبل تحديد العقود التي تقوم على الشكلية أو الكتابة العرفية
،ينبغي علينا أوال تعريفها و تحديد شروط اكتمالها وتحققها باعتبارها ركنا لالنعقاد أو يمكن
استعمالها في اإلثبات مستقبال.
أوال :تعريف الكتابة العرفية:
المحرر العرفي هو المحرر الذي يتولى المتعاقدان كتابته و توقيعه ،و يشمل ركن
الشكلية في هذا النوع من العقود إذا في الكتابة العرفية ال غير ،و لقد نصت المادة 216
ق.م.ج على أنه "يعتبر المحرر العرفي صاد ار ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب
إليه من خط و إمضاءه"
لم يضع المشرع الجزائري تعريفا خاصا للعقد العرفي ،لكن هناك من الفقه من يعرفه
على "أنه كل سند معد لإلثبات ،يتولى تحريره و توقيعه أشخاص عاديون ،بدون تدخل
الموظف العام ،1فالكتابة العرفية هي تلك الكتابة التي تفرغ في محرر ما و تتبع بتوقيع من
أصحاب الشأن الذين يتولون ذلك بأنفسهم ،و هي ذلك الشكل الذي تعارف عليه الناس و
1
-محمد صبري السعدي ،شرح القانون المدني الجزائري النظرية العامة لاللتزامات،التصرف القانوني(العقد االرادة
المنفردة)،الجزء األول،الطبعة الثانية ،دار الهدى،عين مليلة،الجزائر ، 1113،ص 99و مايلها .
20
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
اتخذوه وسيلة إلثبات تصرفاتهم القانونية ،ثم قننه المشرع و أعطاه تسمية العقد العرفي ،و
قد نظمه في نصوص القانون المدني السيما المادتين 216و 216منه.
و كما تكون الكتابة العرفية لإلثبات فإنها قد تكون لالنعقاد أيضا فعلى سبيل المثال
نجد أن المشرع و عند تنظيمه لعقد المرتب مدى الحياة في القانون المدني السيما المادة
529منه ،و التي نصت على ان " العقد الذي يقرر المرتب ال يكون صحيحا إال إذا كان
مكتوبا "...
واضح أن لفظ الكتابة في هذا النص جاء عاما ،و عليه فالكتابة الالزمة النعقاد هذا
العقد يمكن أن تكون رسمية أو عرفية و يعتبر من قبل العقود العرفية تلك المحررات المعدة
من قبل األطراف أنفسهم أو أحد األشخاص اآلخرين في الشكل الذي يرضونه و بالطريقة
التي يحددونها ،شرط أن يحمل العقد إحدى العالمات الشخصية الواردة في المادة 216من
القانون المدني.1
و يكون للكتابة العرفية عدة صور ،فال عقد الرسمي الذي اختلت شروطه يعتبر عقدا
عرفيا بحكم القانون ( المادة 215مكرر 1من القانون المدني) ،و هو كل عقد يحرره
موظف عام عديم الكفاء ة ،أو أن يحرره ضابط عمومي ال تتوفر لديه األهلية المطلوبة أو
يخالف الشكل المطلوب قانونا متي كان موقعا من قبل األطراف .2
ثانيا :شروط الكتابة العرفية:
لكي تكون الكتابة العرفية دليال كامال في االثبات على النحو المبين سابقا فإنه البد
من توافر شرطين أساسين ،الشرط األول وهو التصور الكتابي (أوال) ،والشرط الثاني وجد
التوقيع ( ثانيا) .
1
-نصت المادة 216من القانون المدني على " يعتبر العقد العرفي صاد ار ممن وقعه سالم يذكر صراحة ما هو منسوب
إليه من خط و إمضاء ،أما ورثته أو خلفه فال يطلب منهم اإلنكار و يكفي أن يحلفوا يمينا أنهم ال يعلمون أن الخط أو
اإلمضاء هو لمن تلقوا منه هذا الحق.
2
-أنظر قار المحكمة العليا رقم 222631المؤرخ في ، 2553/11/61المجلة القضائية لسنة ، 2553العدد، 1
ص ، 295و الذي جاء فيه " أن العقد المؤرخ في 2569/21/22ليس عقدا رسميا رغم تحريره من طرف موثق ألنه
اكتفى بقيد اتفاق األطراف فقط و لم يتم تسجيله أو شهرة وليس له رقم تسلسلي وال يحمل رقم الفهرس لهذا فاألمر يتعلق
بمجرد عقد لفيف و يعتبر بمثابة العقد العرفي.
21
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
*الكتابة :
وال يستلزم في هذا النوع من الكتابة شروط معينة ،حيث يكفي الن تكون دليال في
اإلثبات أن تكون العبارات مخطوطة ،أيا كانت لغة التعبير أو طريقة التحرير و أيا كان
الشخص الذي تولى كتابتها فهي تصح بلغة أجنبية ،أو برموز متفق عليها و تصح أن
تكون بالمداد أو بالرصاص و غيرهما كما أنها تصح حتى من الشخص الذي ال يكون
مؤهال البرام التصرف الثابت في الورقة العرفية ،ألنه ليس أداة للتعبير عن إرادة أصحاب
الشأن . 1
و ال يشترط القانون كتابة التاريخ على الورقة العرفية إال أنها ال تكون حجة على الغير
إالّ إذا كان لها تاريخ ثابت حسب المادة 216من القانون المدني.
و على ذلك فقد يوجب القانون على سبيل االستثناء ذكر التاريخ على بعض المحررات
العرفية و مثال ذلك السفتجة المادة 251من التجاري الشك 631من القانون التجاري ،
السند ألمر المادة 359من القانون التجاري و لكن عم ذكر التاريخ فيها ال يشكل سببا من
أسباب البطالن.
و إذا تعددت التواريخ في المحرر العرفي فإن التاريخ األخير هو الذي يجب أخذه بعين
االعتبار إال إذا ثبت تزويره.
*التوقيع :
يتمثل التوقيع على الورقة العرفية في أن يضع الشخص بخط يده عليها لقبه أو اسمه
أو هما معا أو كنيته أو أية كتابة أخرى و من ثم البد أن يكون التوقيع باليد ،و أما في
المواد التجارية فإن باإلمكان أن يكون التوقيع بوضع ختم خاص في شكل توقيع.2
و ال يمكن إعطاء أية قيمة للتوقيع إال إذا كان صاد ار من الطرف الذي ينسب إليه و
لذلك فإن الوكيل ال يوقع باسم موكله ولو تلقى تعليمات في ذلك و إنما يجب أن يوقع باسمه
الشخصي و بصفته نائبا عن موكله.
1
-يحي بكوش ،أدلة اإلثبات في القانون المدني الجزائري و الفقه الإلسالمي ،الشركة الوطنية للنشر و التوزيع ،
الجزائر ، 2562،ص .215
.LA GRIFFE - 2
22
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
وال يشترط لصحة العقد العرفي إال توقيع المدين بااللتزام الثابت فيه ،و إذا كان العقد
الثابت فيه عقدا ملزما للجانبين كعقد البيع ،وجب أن يحمل العقد توقيع كل من البائع و
المشتري إذ كالهما مدين بااللتزام األول بنقل ملكية المبيع و الثاني بدفع الثمن فيكون توقيع
كل منهما بحجة على من صدر منه ،و ال يشترط شكال خاصا في هذا التوقيع ،حيث
يكفي أن يكون هو التوقيع الذي اعتاد عليه من صدر منه ، 1بحيث يمكن أن يكون بصمة
أو ختما أيضا .2
و قد يقع التوقيع على الورقة العرفية من طرف جميع ذوي الشأن في وقت واحد كما
أنه قد يتم متفرقا أو على مراحل أو في أماكن مختلفة.
و قد يكون التوقيع قبل كتابة النص و على ورقة بيضاء ليقع ملؤها فيما بعد و هذا ما
يسمى بالتوقيع على بياض مهما كانت غفلته يستطيع أن يتصل من االلتزام المضاف على
تلك الورقة يوقع على بياض مهما كانت غفلته يستطيع أن يتنصل من االلتزام المضاف
على تلك الورقة فيثبت أن البيانات الموجودة بها ليست مطابقة لنواياه الحقيقة ،و قد أضاف
المشرع الجزائري إثر تعديل القانون المدني وفق القانون رقم 21-19المؤرخ في 11يونيو
1119يعدل و يتمم القانون المدني البصمة ،و هذا طبقا لنص المادة 36منه.
و التوقيع ببصمة اإلصبع لم يكن التقنين القديم ينص عليه إال أنه ظهر في العمل
3
أكثر ضمانا من التوقيع المذكور أعاله ،حيث أثبت العلم أن بصمات األصابع ال تتشابه
و قد جعل المشرع الجزائري للبصمة قوة اإلمضاء تلبيه للطرف األخر الذي يقصد التحفظ
من الطعون التي قد توجه في المستقبل إلى صحة اإلمضاء.
و قد أضاف المشرع الجزائري إثر التعديل السابق ذكره :أنه يعتد بالتوقيع االلكتروني
و هذا طبقا للمادة 212مكرر. 2
1
-موالك بختة ،المادة 213مكرر من القانون المدني و تطبيقاتها على البيع ،مقال منشور في المجلة الجزائرية للعلوم
القانونية واالقتصادية و السياسية ،عدد ، 13سنة ،2552ص.636
2
عويطي فريد ،عشوري عبد العزيز ،المرجع السابق ،ص.11
3
-د عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،المرجع السابق ،ص.212
23
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
24
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
-3عقد اإليجار:
اشترط المشرع الشكلية كقيد على المبدأ الرضائية في عقد اإليجار دون أن يحدد
طبيعتها ،مما يعني اعتبارها شكلية عرفية ويرجع ذلك إلى هدف المشرع لوضع حد
1
وذلك استنادا إلى المادة 356مكرر من قانون المدني ، للفوضى في ميدان المعامالت
والتي تنص على اشتراك الكتابة في عقد اإليجار تحت طائلة البطالن .
-4عقد التنازل عن حق المؤلف :
يرى األستاذ علي فياللي بان عقد التنازل عن حق المؤلف من العقود التي استوجب
فيها المشرع الشكلية العرفية لالنعقاد استنادا إلى المادتين 51و 53من األمر 12-19
المؤرخ في 21جويلية ، 1112والمتعلق بحقوق المؤلف وحقوق المجاورة.
صفوه القول عن اشتراط المشرع الشكلية االنعقاد – الرسمية أو العرفية -في بعض
العقود ،كقيد وارد على مبدأ الرضائية ،يرجع إلى أهميه العقد من جهة ،ورغبة المشرع في
تحصين إرادة األشخاص وحفظها وفض المنازعات مستقبال وتحقيقا الستقرار المعامالت من
جهة أخرى .
إضافة إلى هذا النوع من القيود هناك نوع أخر منها يتمثل في التسليم الذي يشترط
في العقود العينية وهو احد أركانها.
المطلب الثاني :العقود العينية(اشتراط التسليم في العقود العينية ) :
إضافة إلى الشكلية التي اشترطها المشرع النعقاد العقد و التي يفرغ التراضي فيها في
شكل كتابة عرفية أو في في شكل سند رسمي يقوم بتحريره موظف مختص ،فقد اشترط
شكال اخر هو التسليم.
يعتبر فعل التسليم شكلية البد منها لقيام العقد وتبعا لذلك يتوجب علينا التطرق ماهية
العقود العينية كصورة من صور الشكلية المباشرة ثم تحديدها .
1
-ذيب عبد السالم ،عقد االيجار المدني ،دار هومة ،الجزائر ، 1115،ص .59
25
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
1
-فياللي علي ،المرجع السابق ،ص .56
26
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
أما الرهن الحيازي فهو عقد يلتزم به شخص ضمانا لدين عليه أو على غيره ،أن
يسلم إلى الدائن آو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان شيئا يرتب عليه للدائن حقا عينيا يخوله
حبس الشيء إلى أن يستوفي الدين ،وان يتقدم الدائنين العاديين والدائنين التالين له في
المرتبة في أن يتقاضى حقه من ثمن هذا الشيء في اي يد يكون .1
يعتبر المشرع قد حذا حذو القوانين العربية في استبعاد هذه العقود ،القرض ،الوديعة،
العارية والرهن الحيازي من نطاق العقود العينية ،إذ لم يستلزم النعقادها عنصر التسليم.
وال مجال العتبار عقد الوديعة في التشريع الجزائري عقدا عينيا حتى وان كان ينص
في المادة 951من القانون المدني بأنها عقد يسلم بمقتضاه المودع شيئا منقوال إلى المودع
عنده فليس من شأن هذا النص القول بأن المشرع اشترط التسليم كركن ،حيث ولو كان
المشرع يريد جعل عقد الوديعة عقدا عينيا ألضاف عبارة ( أنها عقدا عينيا ) مثل ما فعل
المشرع الفرنسي الذي يعتبرها عقدا عينيا ،ويعتبر فيها التسليم ركنا وليس مجرد اثر عن
العقد ،و ذلك بموجب ( م 2525ق ،م ،ف ) « ll n’est parlait que par la :
« tradition réelle ou feinte de la chose déposée
مما يعني أن هذه العقود -القرض والوديعة والعارية والرهن الحيازي -عقود رضائية
يعتبر فيها التسليم أث ار عن العقد في التشريع الجزائري وليس ركنا لالنعقاد.
ثانيا بالنسبة لعقد الهبة الوارد على المنقول :
بالرجوع إلى المادة 115من قانون أ نجدها تنص على انه تنعقد الهبة باإليجاب
والقبول وتتم الحيازة ،ومراعاة أحكام التوثيق ،فتعتبر الهبة الواقعة على المنقول من العقود
العينية التي اشترط المشرع الجزائري عنصر التسليم -الحيازة – لالنعقاد.
أي أن عقد الهبة يتم بتسليم المنقول إلى الموهوب له وتمكنه من حيازته كما جاء في
احد ق اررات المحكمة العليا بالغرف المجتمعة في إحدى حيثيات انه يكفي لصحة هذا
الرجوع باعتباره من األعمال اإلدارية مراعاة الشكل الذي تميله طبيعة المال الموهوب 2واذا
1
-انظر المواد 536 ، 951 ، 926 ، 391من األمر 96-69المتضمن القانون المدني ،المعدل و المتمم.
2
-مجلة المحكمة العليا ،العدد األول ، 1115 ،ص ، 221ملف رقم 333355قرار بتاريخ 12فيفري 1115
(الغرف المجتمعة).
27
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
كان نقل الحيازة المنقول تستلزم بعض اإلجراءات كنقل حيازة سيارة وجب استيفاء هذه
اإلجراءات.
وكان من األول بالمشرع عند صياغته للنص عدم إسقاط ( الباء ) حتى تكون
الصياغة أكثر وضوحا في مسالة ركن التسليم إذ األصح في النص .... " :أن تتم
(بالحيازة) وليس الحيازة " ويتمثل الهدف من اشتراط ركن التسليم النعقاد العقود العينية في
حماية المالك ليتفطن و ينتبه لقيمة العمل الذي يقدم عليه عندما يريد التجرد من الشيء
محل العقد كالهبة.1
إن اشتراط المشرع للشكلية المباشرة سواء أكانت رسمية أو عرفية لالنعقاد أو لإلثبات
في بعض العقود أو التسليم في عقود أخرى ،ليست وحدها قيدا على مبدأ سلطان اإلرادة
فهناك نوع أخر وهو الشكلية غير المتطلبة لالنعقاد كقيد على اإلرادة (الشكلية الغير
مباشرة).
1
-فياللي علي ،المرجع السابق ،ص .56
28
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
المقصود بالشكلية غير المباشرة هي تلك اإلجراءات التي تحد من إرادة المتعاقدين بعد
تكوين العقد ،حيث يشترط المشرع توافر الشكلية إلثبات بعض العقود أو يستلزم اتخاذ
إجراءات قانونية معينة تتبع انعقادها لتحقيق أهداف تتعلق بالصالح العام أو دعما لالقتصاد
الوطني ،أو الستقرار المعامالت من خالل إعالم الغير بهذه التصرفات.
الفرع األول :اشتراط الشكلية لإلثبات :
إن التصرفات القانونية التي يستلزم فيها المشرع الشكلية لإلثبات هي تصرفات يمكن
أن تنعقد صحيحة حتى و إن لم يتم إبرامها في شكل معين ،لكن يشترط في حالة نشوب
خالف أو منازعة حولها ،أن يتم إثباتها بوسائل و طرق معينة و محددة ،و من بين
التصرفات القانونية التي أوجب المشرع إلثباتها شكال معينا نجد التصرف القانوني الذي تزيد
قيمته عن 211.111دينار جزائري في غير المسائل التجارية ،كذلك عقد التأمين
أوال :اشتراط الكتابة كقاعدة عامة إلثبات التصرفات غير التجارية التي تزيد قيمتها عن
مائة ألف دينار جزائري أو تكون غير محددة القيمة (بالنسبة للتصرف القانوني الذي تزيد
قيمته عن 011.111دج)
فاستنادا الي المادة 222من القانون المدني اشترط المشرع إلثبات التصرف القانوني
الذي تزيد قيمته عن مبلغ 211.11دج و في غير المسائل التجارية أن يتم ذلك بمحرر
عرفي أو رسمي.
و يكمن هدف المشرع من وراء إيراد هذا القيد في جعل المتعاقد يحتاط لنفسه من سوء
نية المتعاقد معه عن طريق مبرر مكتوب يجسد االتفاق و يضمنه ،إضافة إلي لفت انتباه
المتعاقدين إلي خطورة العقد مما يدفع إلي تحديد أثاره و تطابقه بشكل دقيق.
و من شأن إعمال شكلية اإلثبات في هذه الحالة أن تجعل المتعاقد الدائن الذي لم
يجسد االتفاق كتابة في وضع صعب بخصوص إثبات وجود العقد ،إال أن ذلك ال يعني
1
في حالة استحالة اإلثبات ،و إنما له االحتكام إلي إقرار المتعاقد األخر أو الى اليمين
عدم وجود إثبات كتابي للدين ،لكن الوضع يختلف بالنسبة لعقد التامين.
1
-فياللي علي ،المرجع السابق ،ص .212-156
29
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
1
-ذيب عبد السالم ،المرجع السابق .61 ،
30
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
يشترط المشرع أحيانا القيد في بعض التصرفات العقارية لتثبيت الحق العيني التبعي و ذلك
الحتجاج به على الغير ،و حتى بالنسبة للطرفين.
أوال :اشتراط التسجيل :
ألزم المشرع الجزائري النتقال الملكية وجوب القيام بإجراء التسجيل ،التسجيل ،بحيث
اعتبره إجراء ملزم تدفع من خالله الرسوم قبل إتمام إجراء التسجيل ،حسب نص المادة 61
من األمر ،219/65كما أن لتسجيل العقود دو ار في إثبات تاريخ المحررات العرفية و التي
يحررها األطراف دون تدخل ضابط عمومي أو موظف عام و حسب ما نصت عليه المادة
216من ق.م .ج حيث أن العقد العرفي ال يكون حجية على الغير إال إذا كان تاريخه ثابتا
و يكون تاريخ هذا العقد ثابتا في اربع حاالت و التي من بينها التسجيل .1
رجوعا إلي المواد 259و 652من القانون المدني و 21من قانون التوثيق يتضح
أن انتقال الملكية في العقارات أو الحقوق العينية األخرى – كحق االرتفاق أو االنتفاع – ال
تتم إال بعد اتخاذ التسجيل المنصوص عليها قانونا ،سواء بالنسبة للمتعاقدين أو الغير ،يتم
بمجرد انعقاد العقد ،سواء تعلق األمر بمنقول أو عقار ،أما انتقال ملكية العقارات أو
الحقوق العينية األخرى و أثرها بالنسبة للغير فانه يستوجب اتخاذ إجراءات التسجيل.
أي أن األثر العيني لعقد البيع المتمثل في انتقال الملكية في مجال العقارات ال يتحقق
بمجرد انعقاد العقد و تحريره أمام الموثق بل يتم بإجراء عملية التسجيل بمصلحة التسجيل و
الضرائب ،سواء بين متعاقدين أو الغير.
يعرف على أنه عملية أو إجراء إداري يقوم به الموظف العام في هيئة عمومية،
بواسطته يحفظ أثر العملية القانونية التي يقوم بها األشخاص الطبيعيون أو المعنويون و
التي ينجم عنها دفع ضريبة إلى الموظف،حيث تسمى هذه األخيرة بحق التسجيل
و للتسجيل – خاصة في مجال التصرفات الواردة على العقارات – أهمية جبائية
اجتماعية و قانونية.
1
-خليل أحمد حسن قتادة ،الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري عقد البيع ،الجزء الرابع ،الطبعة الرابعة ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر ، 1119،ص.216
31
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
1
-قان أمين،نقل الملكية في عقد بيع العقار في القانون الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة ماجيستر في الحقوق ،اختصاص
قانون االعمال المقارن ،جامعة وهران . 1121/1122ص 62و.63
32
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
و من أهم أهداف اشتراط الشهر العقاري هو تامين استقرار المعامالت العقارية ،
تحقيق االئتمان ا لعقاري ،غلق الطريق أمام محاولة إنكار الحقوق العقارية للمعتدين في
مواجهة أصحابها ،جعل أموال األشخاص مصانة محفوظة وال يمكن للغير الحصول عليها
بغير طريق القانون .1
و هناك نظامان للشهر العقاري ،شخصي و عيني.
الفرع الثالث :اشتراط القيد و التصريح االجباري
كذلك قد يشترط المشرع بعد تكوين و انعقاد العقد القيام بإجراء ما يتطلب شكلية معينة
كالقيد في السجل التجاري أو التصريح االجباري لدى توظيف اليد العاملة األجنبية من أجل
إعمال الدولة مراقبتها على هذه العقود.
أوال :اشتراط القيد في السجل التجاري
استنادا إلي المادة 935من القانون التجاري التي تنص أنه ال يمكن االعتراف للشركة
بالشخصية المعنوية إال من تاريخ قيدها في السجل التجاري ،إذ ال يمكن كقاعدة عامة
للشركات التجارية بمختلف أنواعها سواء أكانت شركات أشخاص أو كانت شركات أموال أن
تباشر أعمالها وتصرفاتها القانونية إال من تاريخ قيدها في السجل التجاري.
ويقصد بالقيد في السجل التجاري -كقيد يرد على مبدأ السلطان اإلرادة -باعتباره
يمثل شكلية غير مباشرة يفرضها المشرع بعد انعقاد بعض العقود بشكل صحيح كعقد الشركة
،وهو قيام بتدوين بعض البيانات اإللزامية المتعلقة بهذه الشركة في دفتر معد لذلك و
تشمل تلك البيانات الوقائع المتصلة بالنشاط التجاري لهذه الشركة و متابعة كل ما يط أر عليه
من تغيرات إضافة إلى بيانات أخرى.
ويهدف نظام القيد في سجل التجاري إلى تمكين الغير من وقوف على المركز القانوني
والمالي للشركة ،دعم االئتمان التجاري ،ويعد أداة شهر قانوني من شأنه بعث الثقة
واالطمئنان في نفوس المتعاملين معها وتسهيل العمليه التجارية .2
إن التاجر او رب العمل إذا استخدم يدا عاملة فهو مجبر على التصريح بها خاصة
إذا كانت أجنبية .
1
-وزاني وسيلة ،وظيفة التوثيق في النظام القانوني الجزائري ،دار هومة ،الجزائر ، 1115 ،ص.226-226
2
-عمورة عمار ،المرجع السابق ،ص.235-216
33
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
- 1أنظر املادة 111من امر رقم 75-57مؤرخ يف 12سبتمرب سنة ، 1757يتضمن القانون املدين ،املعدل و املتمم.
2
-فياللي علي ،المرجع السابق ،ص.229
34
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
1
-انظر علي سليمان ،المرجع نفسه ،ص .212
2
-أنظر عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،المرجع السابق ط 1113ص .912
3
-أنظر محمد حسين منصور ،النظرية العامة لاللتزام ،مصادر االلتزام،دار الجامعة.
الجديدة،اإلسكندرية،ط،1115ص.251
35
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
- 1بودايل حممد ،الشروط التعسفية يف العقود يف القانون اجلزائري ،دراسة مقارنة مع القوانني فرنسا و أملانيا و مصر ،دار هومة ،اجلزائر
،1005،ص.21
36
الفصــــــــــل األول :القـــــــــــــيود الـــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقـــــــــود
و يتضمن القانون الفرنسي نصوصا أكثر وضوحا في مسألة تفسير العقود لمصلحة
المستهلك ،إذ يقرر ق اعدة تفسير الشك في عقود اإلذعان لمصلحة المذعن حتى و إن كان
دائنا و يلزم البائع باإليضاح ما يلتزم به المشتري ،فإذا تبين وجود غموض أو إبهام في
العقد فسر ضده سواء كان دائنا أو مدينا ،و في الجزائر فإن المادة 222فقرة 1من قانون
االستهالك تقضي بوجوب كتابة شروط العقود المقترحة من قبل المحترفين على المستهلكين
أو غير المحترفين بشكل واضح ومفهوم ،و أن تفسر في حالة الشك بالمعنى األصح
1
. للمستهلك أو غير المحترف
مما يعني أن تلك القيود التي أوردها المشرع على مبدأ سلطان اإلرادة و التي تتعلق
بشكل العقود ،من اشترط الشكلية المباشرة لالنعقاد واشترط الشكلية غير المباشرة ،و قاعدة
تفسير الشك لصالح طرف على حساب طرف أخر هي في الحقيقة ال يمكن اعتبارها قيودا
وفقط بل هي أبعد من ذلك إذ تمثل تحصينا إلرادة األطراف و تحقيقا للعدالة و خدمة
للصالح العام وبالتالي تحقيق االستقرار في المعامالت و تحقيق االئتمان و ثقة لحماية
مصلحة الغير مما يؤدي الى تحقيق االستقرار في المجتمع.
و بالتالي نكون قد تكلمنا عن قيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل
العقود و في الفصل التالي سنتحدث عن القيود التي ترد عليه من حيث موضوعها.
1
-فياللي علي ،المرجع السابق ،ص.15
39
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
أي مبدأ حرية عدم التعاقد –يعني عدم إجبار أو حمل األشخاص على إبرام عقود هم غير
راغبين في إبرامها ،و أخي ار مبدأ حرية التعاقدية الذي بمقتضاه تخول إرادة األطراف السلطة
و الحرية في تحديد مضمون و بنود العقد من حقوق و التزامات دون أية إمالءات خارجية.
إال أن لهذه المبادئ و النتائج قيودا و حدودا قررها المشرع إما حفاظا على النظام
العام بمفهومه العام ،النظام العام و اآلداب العامة أو خدمة للنظام العام االقتصادي أو
حماية للنظام العام االجتماعي تحقيقا للعدالة التعاقدية أو العدالة االجتماعية .
المطلب األول :القيود الواردة على حرية التعاقد و حرية عدم التعاقد
قد تؤدي عوامل مختلفة بالمشرع الى فرض قيود على حرية التعاقد أو عدمها ،و إن
هذه القيود إما أن تؤدي إلى فرض التعاقد و إما أن تؤدي إلى حضر التعاقد من قبل
المشرع.
و يكون التعاقد جبريا في الحاالت التي ال يملك فيها المتعاقد حرية عدم إجراء العقد و
انما يجبر على ابرام هذا النوع من العقود .
و قد يمنع المشرع التعاقد بغض النظر عن توافق الإلرادتين في عدة حاالت يعود
معظمها لمخافة النظام العام و اآلداب العامة ،حيث أنه إذا تجاوز المتعاقدان الحدود التى
رسمها النظام العام و اآلداب العامة يكون عقدهما عرضة للبطالن المطلق و فكرة النظام
العام و اآلداب العامة فكرة نسبية و متطورة و لكنها موجودة منذ القدم و في مختلف
المجتمعات .
استقراء لمختلف النصوص القانونية المتعلقة بتنظيم العالقة التعاقدية بين األشخاص
يمكننا إجمال القيود التي تحد من حرية إرادة األشخاص في إبرام ما يشاءون من عقود
و التع امل في ما يشاءون من أشياء نستخلص منع و إبطال عقود يكون محلها أشياء
مخالفة للنظام العام أو اآلداب العامة أو مخالفة للقانون ،كذلك منع إبرام عقود يكون السبب
40
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
و الباعث مخالفا للنظام العام و اآلداب العامة ،إضافة إلى عدم جواز تعامل شخص في
تركه إنسان على قيد الحياة .
نتكلم عن القيد المتعلق بمشروعية المحل ثم ( )2القيد المتعلق بمشروعية السبب. () 5
القيــد الــمتعلق بــمشروعية الــمحل : -1
عرف محل الــعقد الدكتور بلحاج العربي بأنـ ـ ـ ـ ــه هو العملي ـ ــة القانوني ـ ــة الت ــي ت ارضـ ــا
الطرفان على تحقيقها و الــمحل يجب أن يكون موجودا أو ممكنا ،و معينا و مشروعا.
فاألصل عند التعامل في األشياء هو اإلباحة و جواز التعامل فيها و القيــد الوارد عليها
هو عدم جواز إبرام عقود يكون محلها غبر مشروع باعتباره مخالفا للنظام العام أو اآلداب
العامة ،فيتمثل ذلك أحد القيود التي تقف أمام إرادة األشخاص في التعاقد.
و هذا ما ضمنه المشرع في القواعد العامة المتعلقة بشروط تكوين العقد ،أو في
القواعد الخاصة بكل عقد من العقود المسماة ،إذ نجد المشرع دائما يشترط مشروعية محل
1
العقد و عدم مخالفته للنظام العام و اآلداب العامة فنجد مثال المادة 39من القانون المدني
تنص على انه ال يجوز لألشخاص التعاقد على التجارة بالمــخدرات أو شراء أصوات
الناخبين أو التعامل في الحيوانات المصابة باألمراض المعدية ،أو مواد سامة ،أو التعامل
في جسم اإلنسان أو أعضاءه ،لما يشكل ذلك مساسا بالنظام العام و اآلداب العامة.
1
-أنظر المادة 39من قانون رقم 55-51مؤرخ في 25جوان ، 2551التضمن القانون المدني ،المعدل و المتمم :إذ
كان محل االلتزام مستحيال في ذاته أو مخالفا للنظام العام أو اآلداب العامة كان العقد باطال بطالنا مطلقا.
2
-أنظر المادة 39من قانون رقم 55-51مؤرخ في 25جوان ، 2551التضمن القانون المدني ،المعدل و المتمم:
إذ التزم المتعاقد لسبب غير مشروع لسبب مخالف للنظام العام أو اآلداب العامة كان العقد باطال .
41
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
1
هو أن يكون مشروعا من خالل عدم مخالفة الباعث و الغرض من التعاقد لآلداب العامة
و في إطار تبني المشرع هذا التفسير فيعتبر بذلك قد وضع قيدا أخر على حرية األشخاص
في التعاقد ،حيث اعتبر أي عقد يكون غرضه مخالفا للنظام العام أو اآلداب العامة عقدا
باطال بطالنا مطلقا ،فال يجوز مثال إبرام عقد إيجار بغرض استغالل العين المؤجر للقيام
بممارسات منافية لآلداب العامة ،ال يجوز مثال إبرام عقد هبة بغرض دفع الموهوب له على
ارتكاب جريمة معينة.
ثانيا :القيد المتعلق بالتعامل في تركة إنسان على قيد الحياة
من القيود التي أوردها كذلك المشرع على حرية األشخاص في التعاقد ،القيد المتعلق
بعدم جواز أن يكون محل العقد هو تركة إنسان على قيد الحياة و ذلك بموجب المادة 32
2
،التي تجعل من العقد في هذه الحالة باطل بطالن مطلقا ،مما ينبغي من القانون المدني
تعلق المسألة بالنظام العام و اآلداب العامة.
و المقصود بهذا التعامل هو ظهور الشخص بصفة الوارث في التعامل مع الشخص
أخر في ما عسى أن يؤول إليه من التركة ،و أن يحل الشخص األخير محل هذا الشخص
الظاهر بصفة الوارث ،مقابل أن يسلمه مبلغا من المال و من االعتبارات التي جعلت
المشرع يحظر هذا النوع من الممارسات.
-5اعتبار هذا النوع من التعامل صورة من صور عقود الغرر التي اعتمد فيها المشرع
قاعدة عامة و هي الحظر و المنع.
-2كذلك عدم معرفة الشخص الذي سيتوفى قبل اآلخر ،مع إمكانية و احتمال وفاة من
يدعي صفة الوارث قبل من يعتقد أنه سيكون مورثا ،كذلك عدم معرفة مصير و مال أموال
الشخص ،مع إمكانية أن يتصرف فيها قبل وفاته.
فيعتبر إذن منع و حظر التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة و لو برضاه ،قيدا
أخر يقف أمام حرية األشخاص في التعاقد .
1
-بودالي محمد ،المرجع السابق ،ص.11-15
2
- -أنظر المادة 32من القانون المدني ،المعدل و المتمم.
42
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
يقوم كذلك مبدأ سلطان اإلرادة كما سبق القول على عدم إجبار و إكراه شخص على
إبرام عقد هو غير راغب في إبرامه ،بل من شأن حصول ذلك في مجال العقود أن يجعل
العقد قابال لإلبطال طبقا للمادة 93من القانون المدني ،أما إذا كنا بصدد اإلكراه المادي
فمن شأن ذلك أن يعرض صاحبه لعقوبات جزائية نتيجة االعتداء على إرادة الشخص.
إال أن لهذا المبدأ قيودا و حدودا أوردها المشرع الجزائري ،من خاللها يجبر و يلزم
الشخص على التعاقد بقوة القانون ،و إال تعرض لعقوبات و متابعة جزائية ،و نعني بذلك
عقود التأمين اإللزامية ،كما يتابع و يعاقب الشخص نتيجة امتناعه عن ممارسة البيع دون
مبرر مشرع ،و نعني بذلك حظر رفض البيع دون مبرر شرعي.
يمثل عقد التأمين اإلجباري على السيارات من أبراز الصور التي فيها مساس بحرية
عدم التعاقد المادة 535من قانون التأمينات 1التي تمثل هي األخرى صورة من صور
التأمينات اإللزامية ،التي ال يترك فيها المؤمن له سلطة االختيار ،بل هو ملزم بها إذ
بمجرد وضع المركبة على الطريق العمومي ،يترتب عنه إلزاميا التأمين على المخاطر التي
قد تترتب عنها ،و تتحقق صفة اإللزامية و اإلجبارية هذه من خالل ترتيب الجزاء و األثر
القانوني على الفعل السلبي ،إذ من شأن امتناع الشخص مقتني المركبات التأمين أن
يتعرض بعقوبات جزائية . 2
و يرجع الفقه مسألة إلزامية التأمين على السيارات ،كقيد وارد على حرية الشخص في
عدم التعاقد الي :
1
-أنظر المادة 535من أمر رقم 59-31مؤرخ في 21يناير ، 5331المعدل و المتمم بالقانون رقم 55-50مؤرخ
في 25فيفري ، 2550يتعلق بالتأمينات.
2
-حكم صادر بتاريخ 2551/55/50رقم الفهرس 51/51550عن قسم الجنح لمحكمة بوقادير بمجلس قضاء الشلف
،قضية ضد (ي-ر) عن تهمة عدم االمتثال اإللزامية التأمين عن السيارات.
43
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
-5أهمية و ضرورة هذا التأمين من الناحية االقتصادية ،إذ ال يمكن تصور قيام الدولة
بمفردها بتعويض المتضرر من حوادث تلك السيارات.
-2البعد االجتماعي ،و يعني أن اإللزامية هي حماية للطرف المتضرر من حوادث
السيارات باعتباره طرفا ضعيفا و عاج از عن إثبات خطأ الطرف اآلخر مم يستوجب
االعتراف له بحقه في التعويض.
ثانيا :القيد المتعلق بحظر رفض البيع دون مبرر شرعي
األصل و وفقا لمبدأ سلطان اإلرادة ولمبدأ حرية عدم التعاقد هو حرية الشخص في أال
يتعامل ويتعاقد مع األشخاص ،فعلى سبيل المثال حرية البائع أو المنتج في االمتناع عن
تقديم سلع و منتجات لبعض األشخاص.
فيكون بذلك المشرع قد نص على نوعين من القيود على حرية العون االقتصادي في
رفض البيع دون مبرر مشروع ،فيتعلق النوع األول بالمادة 55من قانون المنافسة و يكون
برفض صادر من عون اقتصادي مستغل لوضعية التبعية في مواجهة عون اقتصادي آخر
و يتعلق النوع الثاني بالمادة 51من قانون الممارسات التجارية حيث يكون رفض البيع
الصادر من عون اقتصادي سواء في مواجهة عون اقتصادي أخر أو مستهلك.
و حتى تتحقق صفة الحظر في مثل هذا النوع من الممارسات اشترط المشرع :
-5صدور طلب من قبل عون اقتصادي أو المستهلك في مواجهة عون اقتصادي أخر
يتضمن أداء البيع.
1
-أنظر المادة 51من قانون رقم 52-55المتعلق بقانون الممارسات التجارية ( يمنع رفض بيع سلعة أو تأدية خدمة
بدون مبرر شرعي ،إذا كانت هذه السلعة معروضة بالبيع و متوفرة).
2
-أنظر المادة 55من األمر رقم 59-59مؤرخ في 53جويلية ، 2559يتعلق بالمنافسة ،معدل و متمم.
44
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
-2صدور رفض فعلي و بات عن ممارسة البيع أو أداء خدمة من قبل العون.
-9تواجد و توافر المنتوج لدى العون ،مما يجعل رفضه رفضا غير مشروع ،و البعد
الذي يرمي إليه المشرع من هذا القيد هو حماية للطرف المستهلك الضعيف .1
و لم يشر المشرع ال في قانون المنافسة و ال في قانون الممارسات التجارية الى معيار
أو ضابط يحدد المبرر الشرعي الذي من شأنه أن ينزع صفة الحظر عن رفض البيع من
قبل العون ،مما يعني ترك سلطة تقدير ذلك إلى مجلس المنافسة كسلطة ضبط السوق فيما
يتعلق بأحكام قانون المنافسة و إلى الهيئة القضائية باعتبارها صاحبة االختصاص األصيل
في تطبيق قواعد الممارسات التجارية ،فال مجال إذن للقول بأن حظر و منع رفض التعاقد
أو رفض البيع يصطدم مع مبدأ سلطان اإلرادة كون هذا األخير قد تراجع كثي ار نتيجة تغيير
الظروف و تعقدها ،و أصبحت الغاية األولى هي حماية المستهلك .2
المطلب الثاني :القيود الواردة على حرية التعاقد حول تحديد مضمون العقد
كذلك من نتائج التسليم بمبدأ سلطان اإلرادة من الناحية القانونية أن ذلك يؤدي الى
القول بأن أطراف العقد أحرار في تضمين ما شاءوا من الشروط التي تحقق مصالحهم على
3
أي الحرية التعاقدية حول مضمون أساس أن العقد هو قانون المتعاقدين و هو شريعتهم
العقد من حقوق و التزامات.
إال أنه و نتيجة لتغيير الظروف االقتصادية و االجتماعية و تفاوت المراكز القانونية
بين األشخاص بدأت حرية األشخاص في تحديد بنود و شروط العقد تضيق و برزت الى
وجود عقود تولى القانون تحديد مضمونها من حقوق و التزامات األطراف نتيجة صعوبة
وصول أطراف العالقة التعاقدية الى اتفاق حولها كعقد العمل و عقود اإلذعان ،كما ظهر
1
-بن طاوس ايمان ،مسؤولية العون االقتصادي في ضوء التشريع الجزائري و الفرنسي ،دار هومة ،الجزائر ،
ص.35
2
-السيد محمد السيد عمران ،حماية المستهلك أثناء تكوين العقد ،دراسة مقارنة ،الدار الجامعية ،بيروت ، 2559 ،
ص.99-99
3
-بودالي محمد ،المرجع السابق ،ص .15
45
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
نوع من العقود من شأنه أن يرتب أثا ار قانونية على أشخاص لم يكونوا طرفا فيه كعقود
األعمال نظ ار لما من أهمية في دعم االقتصاد الوطني.
يعتبر كل من عقد الع مل و عقود اإلذعان ،من أبرز المجاالت التي تغيب فيها حرية
و إرادة األشخاص في تحديد أثار و مضمون و بنود العقد ،بل يجد األطراف أنفسهم أمام
شروط لم يتولى كالهما أو أحدهما وضعها.
يعتبر عقد العمل من أولى العقود في فرنسا التي تدخل فيها المشرع الفرنسي و تولى
تنظيم أحكامها من خالل تحديد حقوق و التزامات أطراف العالقة التعاقدية مسبقا ،ثم تبعه
بعد ذلك عقد االستهالك.
و من االعتبارات التي ساقت المشرع الفرنسي و غيره من التشريعات إلى تنظيم ذلك
العقد و تحديد أثاره هو اختالف و التفاوت االقتصادي الكبير بين أطرافه ،ووجود تضارب
في المصالح االقتصادية بينهما يستحيل من خاللها الوصول إلى اتفاق حول مضمونه الذي
كان يجسد اإلرادة الفردية ،فأصبحت تتدخل فيه إرادة الدولة عن طريق القانون بمشاركة
األطراف في تكوينه ،و تحديد مضمونه بل أكثر من ذلك االستغناء عن بنود العقد و
بطالنها ،و حلول القوانين و التنظيمات محلها طبقا للمادة 590من قانون رقم 55-35
المتعلق بعالقات العمل " :يكون باطال و عديم األثر كل بند في عقد العمل مخالف
لألحكام التشريعية و التنظيمية المعمل بها ،و تحل محاه أحكام هذا القانون بقوة القانون " .
كذ لك من شأن القيود الواردة على حرية التعاقدية فيما يتعلق بأحكام عالقات العمل
نجد الحد من مبدأ األثر إلى أشخاص أخرى لم تكن طرفا في العقد كاتفاقيات العمل
الجماعية .1
1
-فياللي علي ،المرجع السابق ،ص .11-12
46
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
مما يجعل المصدر الرئيسي لتحديد مضمون العالقة التعاقدية بين العامل و رب العمل
يكمن في قانون العمل ثم اتفاقيات العمل الجماعية ثم عقد العمل ،و يرجع ذلك الى ارتباط
مؤسسات العمل و التشغيل بالجانب االقتصادي من جهة ،ووجود مراكز قانونية متفاوتة
ومتباينة أحد أطرافها في مركز ضعيف يستوجب نوعية من الحماية من جهة أخرى مما
يجعل النظام العام الخاص بالعمل نظام عام ذو طبيعة خاصة يوازي بين الجانب
االقتصادي و الجانب االجتماعي.
و يعتبر النظام العام الخاص بالعمل نظام ذو طبيعة خاصة ،حيث نجده يقوم على
مبدأ المفاضلة و الذي يعني جواز اتفاق األطراف على مخالفة قواعد و أحكام هذا النظام
و تفضيل تطبيق قواعد معينة كقانون العمل أو اتفاقيات العمل الجماعية أو بنود العمل ،
متى كانت تصب في مصلحة العامل أي أن نظام العمل و ما يقوم عليه من قانون أو
اتفاقيات جماعية باعتبارهما قيودا ترد على الحرية التعاقدية ،هو نظام يراعي الجانب
االقتصادي من جهة ،و الجانب االجتماعي من جهة أخرى.
األصل في مبدأ سلطان اإلرادة كأساس في العقود هو أن العقود القائمة بين األطراف
هي عقود مساومة نشأت بنودها و شروطها عن طريق المناقشة و التفاوض و المساومة بين
األطراف ،إال أن هناك قيودا ترد على سلطة و إرادة األشخاص في المناقشة و التفاوض
حول مضمونها ،و التي في الغالب تكون عقودا معدة و مهيأة سلفا وفقا لنموذج معين ،ما
على األشخاص الراغبين االنضمام إليها إال قبولها أو رفضها دون أية مناقشة ،و نعني بذلك
العقود النموذجية.
و يقصد بعقد اإلذعان االتفاق الذي يسلم فيه القابل بالمحتوى التعاقدي الذي يضعه
الموجب ،و ال يقبل مناقشة و يعتبر محله سلعة أو مرفقا ضروريا يكون محل احتكار
قانوني أو فعلي ،أو تكون المنافسة محدودة النطاق بشأنه و قد أصبحت عقود اإلذعان
– وفقا لهذا المعنى – مصد ار للحقوق و إطار قانونية للعالقات القائمة بين المنشأة و زبائنها
،عقود جاءت نتيجة الظروف االقتصادية فأملت على الموجب صاحب االحتكار أن يحدد
47
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
االلتزامات التبادلية و يضع شروطا عامة و مجردة تراعي وضع منشأته و وضع المتعاقد
األخر ،فأصبح العقد يتعدى العالقات الفردية ليعطيها طابع المصلحة العامة .1
فنتيجة للقوة االقتصادية الكبيرة ألحد أطراف عقد اإلذعان و لسلطته االحتكارية للمنتوج
أو الخدمة ،فمن شأن ذلك أن يجعل العقود التي يبرمها عقودا غير تفاوضية ،فأصبحت
العقود نموذجية و موحدة أي ما يمسى بعقود الجمهور ،و التي ال يملك أحد مناقشتها ،فإما
أن يقبلها أو يرفضها ،و في الغالب سيذعن ال محالة لما للمحترف من سلطة احتكار ،
و تكون بذلك عقود اإلذعان النموذجية قد أدت إلى جعل الحرية االقتصادية تحل محل
الحرية التعاقدية . 2
إعماال لمبدأ سلطان اإلرادة كأساس في العقد هو القول باألثر النسبي للعقد بمعنى أن
القوة اإللزامية التي تترتب عن العقد و التي يفرضها هي قوة ال تتصرف إال إلى أطرافه فال
يمكن إجبار أو إنشاء التزام في ذمة شخص هو غير طرف في العالقة التعاقدية.
إال أنه و بظهور نوع جديد من العقود و نعني بذلك عقود األعمال القائمة بين رجال
األعمال في وسط البيئة التجارية برزت قيود على فكرة األثر النسبي لمضمون العقد حيث
من شأن عقود األعمال هذه إنشاء و ترتيب أثار قانونية معينة بالنسبة ألطرافها يكون لها
امتداد الى أشخاص آخرين غير أطراف فيها ،إال أن هناك عالقة اقتصادية مفترضة قائمة
و موجودة كل ذلك من اجل أهمية و دور هذه العقود في دعم االقتصاد و من أهمها عقد
تحويل الفواتير و عقد نقل البضائع.
خالصة القول الحديث عن القيود الواردة على المبدأ من حيث موضوع العقد أثناء
تكون العقد يفتح المجال إلى التطرق إلى القيود الواردة على المبدأ من حيث الموضوع بعد
ابرام العقد وهو ما سيكون موضوع المبحث الثاني.
1
-لعشب محفوظ بن حامد ،عقد اإلذعان في القانون المدني الجزائري و المقارن ،المؤسسة الوطنية للكاتب ،الجزائر
، 5335 ،ص .20-50
2
-بودالي محمد ،المرجع السابق ،ص .52
48
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
المبحث الثاني :القيود الواردة على المبدأ من حيث الموضوع بعد إب ارم
العقد
إن القاعدة المستقر عليها في مجال العقود بعد تكوينها هي أن العقد شريعة
المتعاقدين و التي تعني أن العقد وما تضمنه من بنود و شروط يعد بمثابة قانون ،فال
يجوز إلرادة أحد األطراف بمفردها و ال يجوز بأي حال من األحوال ال للقانون و ال للقضاء
أن يتدخل لتعديل أو إنهاء هذا العقد و ال يتحقق ذلك إال بموجب اتفاق جديد و متبادل.
إال أن لهذه القاعدة التي تمثل أحد ركائز كمبدأ سلطان اإلرادة بعض القيود أوردها
المشرع إما تحقيقا للعدالة أو مراعاة للصالح العام أو لخصوصية العقد ،و تتجلى في تدخل
القانون من جهة بالنص على إم كانية تعديل العقد خاصة في حالتي االستغالل و الغبن أو
النص على إنهاء العقد بإرادة منفردة أو بقوة القانون ،كما تتجلى من جهة أخرى في تدخل
القانون بمنح القاضي سلطة تعديل العقد أو إلغاء بعض الشروط ذات الطبيعة التعسفية ،أو
منح المدين مهلة للوفاء.
يتدخل القانون في مجال العقود كقيد يرد على مبدأ سلطان اإلرادة و على مبدأ العقد
شريعة المتعاقدين ،على حاالت إما لتعديل العقد و اما إلنهاء العقد.
األصل أن االلتزامات التي تضمنها العقد هي تعبير عن عدالة هذا العقد ،كون أن
مصدرها هو االتفاق و اإلرادة السلمية لكن قد ال تعبر في بعض الحاالت عن تلك العدالة
و إنما توجد بصورة متفاوتة و غير متوازنة بشكل كبير ،و ترجع إما نتيجة لإلرادة غير
السلمية للمتعاقد كحالة االستغالل أو ترجع نتيجة لظروف اقتصادية أو اجتماعية جعلت
الشخص يقدم على هذا التعاقد الذي جعله في موضع المغبون ،مما استوجب تدخل المشرع
49
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
إلعادة التوازن المالي للعقد تحقيقا للعدالة و ألهمية و طبيعة العقود التي يقبل فيها الطعن
بالغبن خاصة في العقارات ،و ذلك بموجب حالتي االستغالل و الغبن . 1
نص المشرع الجزائري على حالة االستغالل كعيب من عيوب اإلرادة بمقتضى المادة
35من القانون المدني الذي يعتبر وضعية غير قانونية تتيح التدخل إلعادة التوازن المالي
للعقد – أي تعديله – وهو األصل.
االستغالل فإنه ال يكفي فيه أن يختل التوازن بين االلتزامات المتبادلة و إنما يلزم
فضال عن ذلك أن يستغل أحد الطرفين حالة ضعف يوجد فيها المتعاقد المغبون 2و قد أخذ
المشرع الجزائري بفكرة االستغالل مع اإلبقاء على بعض الحاالت في الغبن بنصوص
متفرقة.3
إن االلتزامات المتعاقدين و إن لم تكن متساوية تماما في كل األحوال إال انه البد أن
يكون هناك تناسب بينها فإذا ما اختل هذا التناسب بالشكل الذي يجعل العالقة التعاقدية غير
متوازية و كان هذا االختالل ناتجا عن استغالل أحد المتعاقدين للطرف األخر لما غلب
عليه من طيش أو هوى جاز للقاضي أن يتدخل بطلب من المتعاقد المستغل في العقد
بإبطاله أو إنقاص التزاماته .4و حتى تتحقق حالة التدخل لتعديل العقد و إعادة التوازن له
بمقتضى االستغالل يجب أن تتوافر شروطه و عناصره كعيب من عيوب اإلرادة.
1
-أنظر المادة 35من أمر رقن 99-91مؤرخ في 20سبتمبر سنة ، 5391يتضمن القانون المدني المعدل و المتمم
،و كذلك المواد 919و 913و 905منه.
2
-توفيق حسن فرج ،النظرية العامة لاللتزام (مصادر االلتزام) الطبعة الثالثة،دار الجامعية،بيروت،لبنان،بدون سنة
النشر ،ص.505
3
-المادة 35من القانون المدني الجزائري.
4
-المادة 35الفقرة االولى من القانون المدني الجزائري.
50
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
لم يترتب القانون في كل أحوال على دعوى االستغالل اإلبطال و إنما أجاز إبقاء العقد
مع إنقاص التزامات الطرف المستغل حتى تتحقق العدالة و التوازن في العقد ،وال يجوز
للقاضي أن يزيد التزامات المتعاقد األخر . 2
مع وجوب أن ترف ع الدعوة خالل سنة من إبرام العقد و هي مدة سقوط هذا في حالة
االستغالل الذي يختلف عن الغبن.
تمثل حالة دعوى الغبن في مجال العقود – هي األخرى – قيدا من القيود القانونية
الواردة على قاعدة عدم جواز تعديل العقد إال باتفاق الطريفين و هي حالة أوردها المشرع
الجزائري و حصرها في بعض العقود دون غيرها ،ووضع لها ضوابط و شروطا معينة
حتى ال يكون هناك توسع في هذا القيد و تفقد بذلك قاعدة العقد شريعة المتعاقدين مضمونها
ومن بين االعتبارات التي ساقت المشرع إلى تقرير هذا القيد هو تحقيقا للعدالة و التوازن
1
-مجلة المحكمة العليا ،العدد األول ، 2553ص ، 529الغرفة المدنية ،ملف رقم 529133ق ار ر بتاريخ
، 2559/53/59قضية(ق.ح) ضد (ق.ل و من معه).
2
-علي علي سليمان ،النظرية العامة لاللتزام مصادر االلت از م ،الطبعة السادسة،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،
، 1551ص .09-09
51
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
ال مالي للعقد من جهة حماية للطرف الضعيف ،و من جهة أخرى ارتباط محل هذه العقود
–العقارات – بالنظام العام و مدى أهميتهاٌ اقتصاديا و اجتماعيا.
ويمثل األساس القانوني لحالة الطعن بالغبن المواد 919و 913و 905من القانون
المدني و المتعلقة بحالة الغبن في بيع العقا ارت و المادة 551من القانون المدني المتعلقة
بحالة الغبن في المقايضة ،و أخير المادة 992من القانون المدني المتعلقة بالغبن في
القسمة.
لكن إذا كان الهدف الذي أدى بالمشرع الى النص على جواز الطعن بالغبن في مجال
العقود الواردة على العقارات ،و هو النظر إلى قيمتها االقتصادية فكان من األولى أن يوسع
مجال الطعن بالغبن في المنقوالت التي قد تفوق في بعض الحاالت قيمة العقار بشكل كبير.
إال أن المشرع لم يتناول الطعن بالغبن إال في مجال العقارات بخالف ما وصل اليه
القضاء الفرنسي من إمكانية قبول الطعن بالغبن في غير المجاالت المحددة قانونا ،و هو
ما فعله في القضية المعروفة باإلرث الضائع ،حيث تعود وقائعها إلى تعهد الموثق اتجاه
بعض العائالت للبحث عن إرث ضائع لهم لعدد من السنين فدفعوا له بالمقابل أمواال طائلة
دون أن يحقق و ينفذ التزامه في األخير ،و ما حصلوا عليه من الموثق – فقضى القضاء
الفرنسي بالتعويض لهم إعماال لنظرية السبب المباشر المتمثل في وجود التزام دون أن يقابله
أخر.
و وفقا للقانون الجزائري حتى يتم إعمال حالة تدخل القانون لتعديل العقد بناء على
الغبن في عقد بيع العقارات خصوصا ،اشترط المشرع مجموعة من الشروط.
1
-مجلة المحكمة العليا – العدد األول ، 2555ص، 551الغرفة المدنية ،ملف رقم 195095قرار بتاريخ
، 2555/59/22قضية (ن.ز) ضد (ع.ب) .
52
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
أ .أن يكون في المبيع عقا ار و يستوي في ذلك أن يكون المبيع حق ملكية على عقار أو
أن يكون حقا عينيا أخر يرد على عقار ،و سوى المشرع الجزائري في هذه الحلة بين
كامل األهلية و ناقصها ،فكالهما يستفيدان من الحماية.
ب .أن يكون في البيع غبن يزيد عن خمس ثمن المثل وقت المبيع ،فيجب أن يكون الغبن
فاحشا ،و العبرة بتقدير هذا الغبن هو وقت البيع.
ج .أن ال يكون البيع قد تم بطرق المزاد العلني بمقتضى القانون و الحكمة في ذلك تكمن
في أن القانون في هذه الحالة يفرض إجراءات معينة تهدف الى أن يتم البيع بالمزاد
العلني بأعلى ثمن ممكن ،و المفروض أن المزاد العلني يكفل تجنب الغبن و لتشجيع
الجمهور على التقدم للشراء أما حالة البيع بالمزاد العلني االختياري فال مانع من تطبيق
أحكام الغبن.
-2اآلثار القانونية لرفع دعوى الغبن في بيع العقارات
و هذا يبرر تدخل القانون كقيد يرد على مبدأ سلطان اإلرادة في تعديل العقد من خالل
تمكين الطرف المغبون ،من طلب تكملة الثمن الى أربعة أخماس قيمة العقار و يجب أن
ترفع خالل ثالث سنوات من انعقاد العقد بالنسبة لكامل األهلية ،و من يوم زوال سبب
1
نقص األهلية بالنسبة لناقص األهلية مع وجوب شهر هذه الدعوى.
فتمثل حالة دعوى الغبن في مجال العقود المتعلقة بالعقارات قيدا قانونيا يرد على قاعدة
العقد شريعة المتعاقدين و ذلك تحقيقا للعدالة و التوازن في العقد ،و ألهمية و قيمة
العقارات في النظام القانوني المعمول به في الجزائر ،إال أننا نرى وجوب إعادة النظر
في إمكانية اشتمال الغبن في المنقوالت.
في األخير يتبين لنا مما سبق انه كان لألطراف الحرية الكاملة في إدراج بنود العقد
التي يرونها مناسبة و موافقة لمصالحهم إال أن وجود اختالل في توازن العقد بعد إبرامه
يؤدي إلى تدخل لتعديل العقد حسب كل حالة إذا توفر شروطها و هذا قصد إعادة التوازن
بين االلتزامات و تكريس العدالة العقدية.
1
-محمد صبري السعدي ،المرجع السابق ،ص .09-02
53
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
تقييدا لقاعدة عدم جواز تعديل أو إنهاء العقد إال باتفاق جديد من الطرفين نجد بعض
النصوص القانونية من شأنها السماح و منح إرادة أحد األطراف إنهاء العقد بإرادة منفردة
حماية له باعتباره طرفا ضعيفا في العالقة التعاقدية ،أو من شأنها إنهاء العقد بقوة القانون
دون عبرة إلرادة الطرفين نظ ار لخصوصية و االعتبارات التي تقوم عليها هذه العقود.
القاعدة العامة أن العقد ،اليجوز إنهاؤه بإرادة منفردة ،أي بإرادة أحد طرفيه،استنادا الى
قاعدة ( العقد شريعة المتعاقدين ) إال أنه توجد حاالت إستثنائية ،يجوز فيها اإلنهاء بإرداة
منفردة نظ ار لتواجد أحد األطراف في بعض العالقات التعاقدية في مركز ضعيف يحتاج الى
نوع من الحماية من جهة ،و نظ ار لالعتبارات الشخصية التي تقوم عليها بعض العقود ،
إضافة إلى عدم تصور استمرار االلتزامات بالنسبة لألطراف قائمة في العقود إلى األبد من
جهة أخرى ،سمح المشرع لألطراف و بإرادة منفردة في إنهاء العقد و فسخه.
-1حالة إنهاء عقد اإليجار غير محدد المدة و محدد المدة باإلرادة المنفردة
يمكن إنهاء عقد اإليجار بإرادة منفردة إذا كان غير محدد المدة شرط التزام من يريد
1
للطرف األخر وفقا لشروط معينة عن طريق إنهاءه توجيه إنذار أو تنبيه باإلخالء
المحضر القضائي عادة ،بل من المستقر عليه قضاء أن إجراء التنبيه باإلخالء هو إجراء
2
من النظام العام ،يتوقف عليه قبول دعوى الطرد وفقا لما خلصت إليه المحكمة العليا.
كما خول المشرع استثناء للمستأجر إنهاء عقد اإليجار بإ اردة منفردة قبل انتهاء المدة
المحددة سلفا ،لكن بشرط أن يكون بمبرر عائلي أو مهني و شرط أخر هو إخطار المؤجر
1
-مجلة المحكمة العليا – العدد األول ، 2553ص، 535الغرفة التجارية و البحرية ،ملف رقم 155955قرار بتاريخ
، 2553/59/55قضية ( ورثة ك.ج و من معهم ) ضد (ر أ ) .
2
-ذيب عبد السالم المرجع السابق ،ص .35
54
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
1
و ترجع هذه الحالة إلى حماية الطرف الضعيف في هذه بذلك بموجب إشعار لمدة شهرين
العالقة التعاقدية ،أما مبرر إنهاء عقد اإليجار غير محدد المدة بإرادة منفردة فيتمثل أساسا
في أنه ال يمكن للشخص أن يبقى ملزما مدى الحياة بل يجب أن يكون اللتزامه نهاية محدد.
كذلك أجاز القانون المدني في عقد العارية غير محدد المدة إنهاء بإرادة منفردة من
قبل أحد أطرافه سواء المعير أو المستعير ،و ذلك طبقا لنص المادة 150من القانون
المدني التي تنص ... " :فان لم يكن هناك سبيل لتعيين مدة العارية ،جاز للمعير أن
يطلب إنهاءها في أي وقت و في كل حال يجوز للمستعير أن يرد الشيء المعار قبل انتهاء
العارية ، " ...و دائما يبرر هذا القيد على أساس أنه ال يبقى التزام الشخص التزاما مؤبدا.
لم يتطرق المشرع الفرنسي إلمكانية إنهاء عقد العمل باإلرادة المنفردة ضمن أحكام و
قواعد قانون العمل ،و لكنه أشار الي ذلك ضمن قواعد القانون المدني ،أما بالنسبة
للتشريع الجزائري فال يوجد نص قانوني ال في قانون العمل و ال في القانون المدني يسمح
ويجيز إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بإرادة منفردة إال في حالتين :
هناك حاالت يتدخل فيها المشرع لينهي العقد دون رضا الطرفين وال يملك القاضي فيها
سلطة تقديرية في ابقاء العقد أو انهائه.
1
-أنظر المادة 503مكرر 5من أمر رقم 99-91مؤرخ في 20سبتمبر سنة ، 5391يتضمن القانون المدني ،
المعدل و المتمم.
2
-مجلة المحكمة العليا – العدد األول ، 2553ص، 595الغرفة االجتماعية ،ملف رقم 123250قرار بتاريخ
، 2553/55/55قضية ( م ش) ضد (الشركة ذات المسؤولية المحددة (ت .ت ) ،و العدد الثاني ، 2555ص، 590
ملف رقم 191990قرار بتاريخ 2555/55/50قضية مكتب الدراسات التقنية و االقتصادية ضد ( د أ ).
55
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
خالصة القول أن كل حاالت تدخل القانون تعديال للعقد أو إنهاء له هي إما لحماية
إرادة المتعاقد الناقصة أو لطبيعة و خصوصية بعض العقود التي تستدعي ذلك ،كما توجد
حاالت يتدخل القاضي بشأنها.
1
-عمورة عمار ،شرح القانون التجاري الجزائري ،دار المعرفة ،الجزائر ، 2555 ،ص .255
2
-أنظر المادة 159من أمر رقم 19-91مؤرخ في 20سبتمبر ، 5391يتضمن القانون المدني ،المعدل و المتمم.
56
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
إنهائه أو إلغاء بعض شروطه أو بنوده ذات الطبيعة التعسفية أو تمديد أجل العقد من خالل
منح المدين مهلة للوفاء كل ذلك تحقيقا للعدالة و مراعاة للصالح العام.
تفترض نظرية الظروف الطارئة وجود حادث غير متوقع أثناء تنفيذ العقد يؤدي الى
إخالل التوازن االقتصادي مما يلحق بالمدين خسارة فادحة و يصبح تنفيذ االلتزام مرهقا
بالنسبة إليه من جهة ،و يتعارض مع العدالة و نية المتعاقدين من جهة أخرى ،إذ لو
توقعوا تلكك التغيرات ما أبرموا العقد. 1
لقد تبنى المشرع الجزائري هذه النظرية في الفقرة الثالثة من المادة 559من ق.م.ج
التي تنص على أنه " :غير أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة ،لم يكن في الوسع
توقعها و ترتب على حدوثها أن تنفيذ االلتزام التعاقدي ،و إن لم يصبح مستحيال ،صار
مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعا للظروف ،و بعد مراعاة
لمصلحة الطرفين أن يرد االلتزام المرهق إلى الحد المعقول و يقع باطال كل اتفاق على
خالف ذلك".
كما نجد تطبيقات لهذه النظرية في عدة عقود منها عقد المقاولة طبقا للمادة 9/105
من القانون المدني الجزائري و عقد اإليجار طبقا ألحكام المادة 155من ق.م.ج.
و قد خول المشرع الجزائري للقاضي سلطة تعديل العقد عند تحقق الظرف الطارئ
إلعادة التوازن االقتصادي في العقد ،و ذلك برد االلتزام المرهق الى الحد المعقول.
ولكن حتى يتمكن القاضي من تطبيق هذه النظرية طبقا ألحكام المادة 59/559من
ق.م.ج وجب توفر مجموعة من الشروط.
فما هي إذن شروط تطبيق هذه النظرية ؟ و ما مدى سلطة القاضي في تعديلها؟
1
-عبد السالم الترمانيني ،نظرية الظروف الطارئة (،دراسة مقارنة) ،بدون طبعة ،دار الفكر ،5395 ،ص.502
57
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
لتطبيق نظرية الظروف الطارئة وجب أن يكون العقد المراد تعديله مت ارخي التنفيذ و أن
يط أر حادث استثنائي عام غير متوقع أثناء مرحلة التنفيذ ،و أن يؤدي هذا الحادث استثنائي
الى جعل تنفيذ االلتزام مرهقا.
-5أن يكون العقد المراد تعديله متراخي التنفيذ:
مفاد العقد المتراخي التنفيذ ،أن تكون هناك مدة زمنية من تاريخ انعقاد العقد و تاريخ
نفاذه ،و هذا غالبا ما نجده في العقود الزمنية التي تقتضي بطبيعتها أن يمر تنفيذها على
مراحل متتالية عبر الزمن ،سواء كانت مستمرة التنفيذ كعقد اإليجار أو دورية التنفيذ كعقد
التوريد ،كما انه للقاضي سلطة في تطبيق نظرية الظروف الطارئة على العقود الفورية التي
ال يكون الزمن عنص ار جوهريا فيها و لكن قد يتم تأجيل تنفيذها الى أجال متتالية و ذلك
بموجب اتفاق األطراف على تأجيلها تأجيل دفع الثمن في البيع بالتقسيط أو تأجيل تسليم
المبيع ،كما تطبق هذه النظرية أيضا على العقد الفوري إذا وقع ظرف طارئ مباشرة بعد
1
انعقاده.
و عليه فنظرية الظروف الطارئة تطبق على جميع العقود التي يتراخى تنفيذها و يط أر
خاللها حادث استثنائي عام غير متوقع يؤدي إلى إرهاق في تنفيذ االلتزام سواء كانت عقودا
زمنية أو فورية ،إال أنه يستثني من هذه الفئة العقود االحتمالية ، 2التي تحتمل بطبيعتها
الكسب و الخسارة و العقود التي يكون محل التزامها نقودا طبقا للمادة 31من القانون
المدني الجزائري و قد سكت المشرع الجزائري في المادة 9/559من ق.م.ج عن ذكر هذا
الشرط إال أنه ال يمكن تجاهله أثناء التطبيق ،خاصة و أن للقاضي سلطة تقديرية في هذا
الشأن.
-2أن يط أر حادث استثنائي عام غير متوقع أثناء مرحلة التنفيذ
يشترط المشرع في الحادث الطارئ أن يكون استثنائيا و عاما و غير متوقع.
1
-محمد حسين منصور ،النظرية العامة لاللتزام (،مصادر االلتزام)،بدون طبعة،الدار الجامعية الجديدة للنشر
،بيروت،2555،ص.919
2
-محمد حسين منصور ،المرجع نفسه،ص.915
58
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
-أن يكون الحادث استثنائيا :مفاد الحادث االستثنائي أن يكون الحادث الطارئ غير
مألوف و نادر الوقوع ،فإذا كان مألوفا فال يعتد به ألنه من عادة األلوف أن يكون محتمال
بحكم العادة أو التعامل 1و يلحق وصف االستثنائية بأثر الظرف دون النظر الى طبيعة أو
منشأ فقد يكون الظرف الطارئ عاديا مألوفا ،و لكن ما يترتب عنه من نتائج و أثار تؤدي
إلى إخالل التوازن في العقد و تجعل تنفيذ االلتزام مرهقا ، 2فمثال إصابة المحصول بالدودة
حادث مألوف و لكن قد يبلغ من الجسامة حدا غير مألوف فينطبق عليه وصف الحادث
االستثنائي ،لذا فالعبرة إذن ليست بالحادث فقط بل أيضا باآلثار المترتبة عنه. 3
-أن يكون الحادث االستثنائي عاما :معنى الحادث االستثنائي العام أن ال يكون
خاصا بالمدين وحده ،وال يشترط فيه أن يعم جميع البالد بل يكفي أن يشمل أثره عددا كبي ار
من الناس ينتمون إلى إقليم أو مدينة واحدة ،أما إذا كان الحادث استثنائي خاصا بالمدين
وحده فال تطبق عليه النظرية ،فإفالس المدين ،أو هالك بضاعته أو مرضه كل هذه
الحوادث خاصة به و ليست عامة. 4
-أن يكون الحادث االستثنائي غير متوقع :يجب أن يكون الحادث الطارئ غير متوقع
غير أن توقعه أو عدم توقعه من األمور الذاتية التي يخلف تقديرها باختالف الناس ،لذا
فالمعيار المتفق عليه في تحديدها هو المعيار الموضوعي ،فإذا كان الحادث مما يمكن
للرجل المعتاد أن يتوقعه وقت التعاقد كاالرتفاع أو الهبوط المألوف في األسعار فانه ال
يشكل حادث استثنائي ،ألنه يعتبر من االحتماالت المألوفة التي يتوقعها المتعاقد و عليه
أن يتحمل خطرها ،أما إذا كان الحادث مما ال يمكن للرجل المعتاد أن يتوقعه ،كقيام
الحرب أو وقوع الزلزال أو انتشار وباء ،فهو حادث استثناني ألنه من االحتماالت غير
المألوفة و ليس في وسع المتعاقد أن يحسب لها حساب وقت العقد ، 5كما أن المدين ال
يستطيع تفاديه أو دفعه عن نفسه أو حتى التقليل من أثاره ،و قد أشارت الى ذلك المحكمة
1
-عبد السالم الترمانيني ،المرجع السابق،ص .590
2
-جميلة بولحية ،نظرية الظروف الطارئة ،رسالة ماجستير ،جامعة الجزائر ،معهد الحقوق و العلوم اإلدارية ،
،5395ص . 559
3
-جميلة بولحية ،نفس المرجع ،ص .550
4
-عبد السالم الترمانيني ،المرجع السابق ،ص . 599
5
-عبد السالم الترمانيني ،المرجع السابق ،ص. 593
59
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
العليا في ق ارراها الصادر بتاريخ 55أكتوبر ، 5339ملف رقم ، 33035حيث قضت بأنه
" :حيث أن السوق محل العقد المبرم بين المستأنف و المستأنف عليه بقي مغلقا بسبب
مرض الحمى الذي أصاب المواشي ،فعلى ذلك يعد حادثا استثنائيا غير متوقع".1
-أن شرط عدم توقع الحادث يغني عن كونه استثنائيا الن الحادث االستثنائي قد يكون
متوقعا و على العكس من ذلك فان الحادث غير المتوقع البد أن يكون استثنائيا و بالتالي ال
جدوى من ذكره كشرط لتطبيق نظرية الظروف الطارئة.2
-3أن يؤدي هذا الحادث االستثنائي إلى جعل تنفيذ االلتزام مرهقا
مفاد هذا الشرط طبقا للمادة 9/559من التقنين المدني الجزائري أن الحادث
االستثنائي يهدد المدين بخسارة فادحة ،مما يؤدي إلى إرهاق تنفيذ التزامه دون استحالة ذلك
و اإلرهاق إذا كان الفرق كبي ار بين قيمة االلتزام المحددة في العقد و قيمة العقد الفعلية عند
التنفيذ ،و لو كان المدين يملك من الوسائل ما يمكنه من تنفيذه دون عناء ،ألن الغاية من
النظرية هي تعديل التوازن االقتصادي للعقد إذا وجدت خسارة فادحة و غير مألوفة حصلت
من حادث غير متوقع ،فإذا لم تلحق المتعاقد أيه خسارة ،أو لحقت به خسارة ال تزيد عن
الحد المألوف فال مجال لتطبيق نظرية الظروف الطارئة في هذه الحالة.3
اما المشرع الجزائري و طبقا للمادة 9/559من ق.م.ج فإنه لم يحدد مقدار االرهاق
بل اكتفى بان تكون الخسارة فادحة أي غير مألوفة و فيها نوع من الظلم للمدين و ترك
للقاضي سلطة تقديرية واسعة في ذلك حسب الظروف المحيطة بالعقد.
متى توافرت شروط الظرف الطارئ جاز للقاضي طبقا لنص المادة 9/559من ق.مج
أن يتدخل لتعديل العقد La révision du contratفي حدود مهمته و ذلك برد االلتزام
1
-المجلة القضائية ،العدد األول ،لسنة ، 5335ص.259
2
-عبد المنعم فرج الصده ،نظرية العقد في قوانين البالد العربية ،بدون طبعة ،دار النهضة ،بيروت 5395 ،ص.10
3
-عبد السالم الترمانيني ،المرجع السابق ،ص.505
60
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
المرهق إلى حد المعقول كما له أن يختار بين أكثر من وسيلة لهذا التعديل ما دام انه يسعى
إلى إعادة التوازن في العقد و توزيع تبعة الحادث الطارئ على الطرفين.1
فقد يرى القاضي ضرورة إنقاص التزام المدين ،و في هذه الحالة يلتزم هذا األخير
بااللتزام الذي حدده القاضي فقط ،و يعتبر إنقاص التزام الوسيلة العادية لرفع اإلرهاق عن
المدين ،و يكون إما بإعفاء المدين من تنفيذ قسط معين مما التزام به إن أو تخفيض ثمن
الشراء إذا كانت قيمة الشيء مرهقة بالنسبة للمشتري ،و قد يتمثل اإلنقاص كذلك في إعفاء
المدين من بعض الشروط المرهقة كالتي تتعلق بأجل التنفيذ أو بجودة الشيء.
كما قد يلجأ القاضي إلى زيادة االلتزام المقابل لاللتزام المرهق بتوزيع الزيادة على كل
من الدائن و المدين تماشيا مع العدالة و حسن النية بعد إجراء الموازنة بين مصلحة
الطرفين مع أن المشرع الجزائري طبقا ألحكام المادة 9/559من ق.م.ج و حسب النص
الفرنسي لم يأخذ بوسيلة زيادة االلتزام المقابل بل اكتفى بعبارة اإلنقاص réduireو التي
تعبر عن اإلرادة الحقيقية للمشرع ،2و لم يأخذ بوسيلة الزيادة في قدر االلتزام المقابل إال
كحل استثنائي كما هو الحال في نص المادة 105من ق.م.ج الن وسيلة الزيادة في االلتزام
و إن كانت توجد في العقود الملزمة للجانبين ،فإنه يصعب التسليم بها في العقود الملزمة
لجانب واحد ألنه ليس ثمة التزام مقابل.
و في األخير يمكن للقاضي اللجوء الى وسيلة وقف تنفيذ العقد إذا تبين له أن الظرف
الطارئ مؤقت و يمكن زواله و أن اللجوء إلى وسائل أخرى من زيادة أو إنقاص من شأنه
أن يؤدي إلى إخالل في توازن العقد و مثال ذلك أن يتعهد مقاول بإقامة بناء و ترتفع أسعار
مواد و أدوات البناء ارتفاعا فاحشا سيزول بعد طرح كميات من هذه المواد في السوق كما
نصت على ذلك المادة 2/295من ق.م.ج بأنه ... " :و يجوز للقضاة نظ ار لمراكز
المدين ،و مراعاة للحالة االقتصادية أن يمنح آجال مالئمة للظروف دون أن تتجاوز هذه
المدة سنة و ان يوقفوا التنفيذ مع بقاء جميع األمور على حالها."...
1
-بلحاج العربي ،النظرية العامة ااإلتزام في القانون المدني الجزائري،التصرف القانوني(العقد واإلرادة المنفردة)،الجزء
الثاني،بدون طبعة،الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية،بن عكنون،الجزائر ، 5333،ص.219
2
-علي فياللي ،االلتزامات (النظرية العامة للعقد)،بدون طبعة،المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية وحدة الرغاية
،الجزائر ، 2555،ص.239
61
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
إن سلطة القاضي في تعديل العقد سبسب الظروف الطارئة –سواء كانت بإنقاص
االلتزامات أو الزيادة فيها أو وقف تنفيذ العقد – ليست مطلقة بل مقيدة بالظروف المحيطة
بالقضية ،فالقاضي مثال ملزم باللجوء الى وسيلة وقف تنفيذ العقد ،بدال من الزيادة في
االلتزامات المتقابلة أو اإلنقاص إذا تبين له من الظروف أن الحادث االستثنائي مؤقت
و قريب الزوال ،كما تقيد أيضا بضرورة الموازنة بين مصلحة المتعاقدين ،إذ يجب عليه
أثناء قيامه بتوزيع عبئ الظرف الطارئ بين المتعاقدين توقي الدقة بهدف تحقيق العدالة
العقدية 1و هذا ما تضمنته المادة 59/559من ق.م.ج فعلى القاضي إذن االبتعاد –أثناء
تطبيق نظرية الظروف الطارئة عن كل ظلم يسببه أحد المتعاقدين ،ألن وظيفته طبقا لهذه
النظرية تقتصر على تحقيق التوازن العادل لطرفي العقد.
خالصة القول أن سلطة القاضي في مراجعة و تعديل العقد بناءا على نظرية
الظروف الطارئة ،كقيد يرد على قوة اإللزامية للعقد و على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين هي
مراعاة و حماية للطرف الضعيف و المتضرر و تحقيقا للعدالة و إعادة التوازن المفقود في
العقد و ارتباط هذا القيد بالنظام العام.
الفرع الثاني :حالة الشروط التعسفية
إن القاعدة و المبدأ المعمول به في مجال العقود هو الحرية التعاقدية كما سبق القول
و تعني جواز األطراف تضمين العقد ما يشاءون من شروط ما لم تخالف النظام و اآلداب
العامة.
إال أن الوضع أصبح خالف ذلك في المجال االقتصادي حيث أصبح السائد هو
انتشار العقود النموذجية المحددة مسبقا ،و انفراد األطراف األقوياء اقتصاديا بتضمين
العقود شروطا قد تعتبر في بعض الحاالت مجحفة و تعسفية بالنسبة للطرف األخر ،مما
استوجب على المشرع التدخل و منح القاضي سلطة لمواجهة مثل هذه الشروط حماية للنظام
العام االجتماعي أي تحقيقا للعدالة و حفاظا عل االقتصاد بمراعاة النظام العام االقتصادي
من جهة أخرى.
1
-علي علي سليمان ،نظرات قانونية مختلفة ،بدون طبعة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الساحة المركزية بن عكنون،
الجزائر ، 5335 ،ص.593
62
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
و لقد تنوعت و تعددت التعريف الفقهية و القضائية في مسألة تعرف الشروط التعسفية
إال أنه يمكننا إجمالها في الشروط التي أوردها المتعاقد في العقد أثناء تعاقده مع طرف اخر
و التي شأنها أن تؤدي إلى عدم التوازن الفاحش بين حقوق و االلتزامات الطرفين و يتم
تقديرها وقت إبرام العقد تبعا لظروف التعاقد.1
و قبل الكالم عن السلطات المخولة للقاضي لمواجهة الشروط التعسفية خاصة في
مجا ل عقود االستهالك ينبغي علينا أوال اإلشارة إلى عناصر الشرط التعسفي ،ثم اإلشارة
الى بعض تطبيقات هذه الشروط في العقود و آثارها.
أوال :عناصر الشرط التعسفي
بمقتضي المادة 59من القانون رقم 52-55المتعلق بالممارسات التجارية يمكن
تحديد العناصر المشكلة للشرط التعسفي في عقود االستهالك و التي من شأنها أن تحدد
الطابع التعسفي لها مما يستوجب حماية المستهلك منها في :
-5أن نكون بصدد عقد إذعان مكتوب محله منتوج أو خدمة و يتحقق و يكتمل هذا
العنصر من خالل وجود شخص محتكر لسلعة معينة أو خدمة معينة ،تعتبر هذه
األخيرة من الضروريات و المتعلقة بالمصلحة العامة ،من شأن هذه الوضعية أن
تجعله يعد عقودا نموذجية مسبقا تكون موجهة إلى العامة أي عامة ،األشخاص
و محل هذه العقود يتعلق بمنتوج أو خدمة .
-2أن نكون بصدد عقد أحد طرفيه محترف و األخر مستهلك و لقد تناول المشرع
تعريف و تحديد كل من المحترف و المستهلك بموجب قانون رقم 52-55المتعلق
بالممارسات التجارية و القانون رقم 59-53المتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش.
-9أن يكون من أثار الشروط التي تضمنها العقد إخالل ظاهر بالتوازن بين حقوق و
التزامات الطرفين و الذي يعتبر معيا ار اعتمده المشرع الجزائري لتحديد الطابع
التعسفي للشرط ،و يعتبر مجرد ترديد لمعيار الميزة المفرطة و التعسف في استعمال
القوة االقتصادية و الذي اعتمده المشرع الفرنسي سابقا.2
1
-بوالكور رفيقة ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية ،مذكرة لنيل شهادة الماجيستر في القانون ،تخصص قانون
السوق ،كلية الحقوق و العلوم السياسية ،جامعة جيجل ، 2559 ،ص.59
2
-بوالكور رفيقة ،نفس المرجع ،ص .53
63
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
بموجب بعض النصوص القانونية وردت بعض الشروط التي اعتبرها المشرع ذات
طابع تعسفي أو يكتنفها نوعى من عدم التوازن البين مما يستوجب بطالنها.
أورد المشرع بعض الشروط التي يمكن أن توصف بأنها تعسفية و اعتبرها باطلة مع
بقاء العقد قائما من خالل :
-الشرط الرامي إلى إسقاط أو إنقاص الضمان القانوني للعيب الخفي من قبل البائع إذا كان
البائع عالما به و تعمد إخفاءه.
-الشرط الذي يورده الناقل لإلعفاء من المسؤولية في حالة تلف األشياء المنقولة أو فقدها
كليا أو جزئيا.
-
بطالن شروط اإلعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها على أساس أن أحكام المسؤولية
التقصيرية من النظام العام .1
-2بعض الشروط التي ترد في وثيقة التأمين
فلم يكتفي المشرع الجزائري بتقرير حماية للمتعاقد من الشروط التعسفية بموجب المادة
555من القانون المدني ،و إنما أدرج نصوص قانونية خاصة لحماية المؤمن له منها،و
التي يمكن أن ترد في وثيقة التأمين و ذلك بموجب المادة 022من القانون المدني بحيث
نص على بطالن هذه الشروط التعسفية التي تضمنتها المادة و هي باطلة بقوة القانون و ال
يملك فيها القاضي أية سلطة تقديرية.
كذلك هناك بعض الشروط التي اعتبرها المشرع ذات طبيعة تعسفية يمكن أن تضعها
المؤسسة في عقود القروض االستهالكية و من شأنها مخالفة قواعد تنفيذ هذا العقد و منها
1
المبالغة في تحديد سعر الفائدة و التزام المستهلك بتعويض مبالغ فيه.
1
-بودالي ،المرجع السابق ،ص .25-29
64
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
تعتبر هذه أمثلة عن الشروط التعسفية في بعض العقود التي يكون للقاضي سلطات
في مواجهتها.
خول المشرع للقاضي بموجب المادة 555من القانون المدني سلطة تعديل تلك
الشروط التي تعتبر ذات طبيعة تعسفية مع الحفاظ و اإلبقاء على العقد أو إنهاء تلك
الشروط دون أن يمس بهم الم تكن تلك الشروط ذات أهمية كبيرة هذا و يكون المشرع
الجزائري قد خالف المشرع الفرنسي في سلطات القاضي في مواجهة الشروط التعسفية ،إذ
اقتصر المشرع الفرنسي في سلطة القاضي على اعتبار الشرط تعسفي الغيا دون سلطة
التعديل.
هذا و قد مكن المشرع الجزائري القاضي من سلطة منح أجل للمدين المعسر ،أو ما
يعرف بالنظرة إلى ميسرة.
األصل في مجال تنفيذ العقود أنه بمجرد حلول أجال تنفيذ االلتزامات يجب على
المتعاقد تنفيذها ،إال أنه قد تكون حالة أحد المتعاقدين غير ميسورة فأجاز المشرع للقاضي
منح المدين مهلة قضائية للتنفيذ و الوفاء و قد يجد القاضي نفسه غير ملزم بمنحها .
إن النظرة الميسرة هي المهلة التي يمنحها القاضي للمدين بالوفاء بدين متفق األداء و
ذلك بتأجيل ميعاد الوفاء المتفق عليه بين األطراف المتعاقدة أو المنصوص عليه في القانون
نتيجة للظروف التى يتواجد فيها هذا.2
1
-بوالكور رفبقة ،المرجع السابق ،ص .15
2
-عبد المنعم موسى إبراهيم ،حسن النية في العقود ،دراسة مقارنة ،منشورات زين الحقوقية ،بيروت ،لبنان 2550
،ص.553
65
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
طبقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين فال يجوز نقضه أو تعديله إال باتفاق الطرفين ،او
لألسباب التي يقررها القانون ،أي أن العقد منذ إتمامه بين المتعاقدين تصبح أحكامه بمثابة
القانون دون أن يملك أحد حق التعديل أو نقض ما جاء في العقد، 1و إذا كانت هذه القاعدة
العامة فإن المشرع الجزائري استثنى منها أيضا نظرة ميسرة و ذلك ما جاء في نص الفقرة
الثانية من المادة 295و المادة 52/553ق.م.2
إن أغلب التشريعات الحديثة قدت تضمنت فكرة االلتزام و ذلك منح القاضي سلطة في
تعديل األجل المتفق عليه مما يعد خروجا على مبدأ سلطان اإلرادة الذي يهيمن على
العالقات العقدية في بعض القوانين كالقانون الفرنسي و القوانين المستمدة منه 3و على
العموم فإن النصوص القانونية التي نظمها المشرع الجزائري في هذا السياق هي المواد
، 255،553،295من ق.م.ج
الشرط األول :أن ال يكون هناك نص أو مانع يمنع من منع النظرة الميسرة و على سبيل
المثال ما جاء في القانون التجاري الجزائري بعدم جواز منح نظرة الميسرة للمدين بورقة
تجارية 4و بالتالي القاضي ال يمكنه في هذه المرحلة منح األجل و يتعرض حكمه للنقض إذا
خالف القانون حيث أن سلطة القاضي ممنوحة من قبل المشرع و ممارستها تكون تطبيقا
للنصوص القانونية.5
1
-خليل احمد حسن قدادة ،الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري ،ج،5ديوان المطبوعات الجامعية ،بن عكنون ،
الجزائر ، ،2551 ،ص.550
2
-جاء في نص المادة " 295غير انه يجوز للقضاء نظ ار لمركز المدين و مراعاة للحالة االقتصادية ان يمنحوا أجاال
مالئمة لظروف دون ان تتجاوز هذه مدة سنة و أن يقفوا التنفيذ مع ابقاء جميع األمور على حالها ".
-المادة " 2/ 533يجوز للقاضي أن يمنح المدين اجال حسب الظروف " .
3
-محمد علي الخطيب،سلطة القاضي في تعديل العقد ،رسالة دكتوراه ،جامعة عين الشمس ،مصر ،5332 ،
ص.991
4
-محمد علي الخطيب ،المرجع نفسه ،ص.552
5
-عبد المنعم موسى ابراهيم ،المرجع السابق ،ص.559-552
66
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
الشرط الثاني :و هي الحالة التي يكون فيها المدين في عسرة مؤقتة ينتظر زوالها بشرط أن
يكون حسن النية عند تأخره في تسديد التزامه لديه القدرة على الوفاء بالتزامه مثل أن يكون
المدين موارد سيقبضها في المستقبل و هذا الشرط يتبين من نص المادة 2/553ق.م.ج
التي تنص على أنه "يجوز للقاضي أن يمنح األجل حسب الظروف".
الشرط الثالث :أال يلحق الدائن من هذا التأجيل ضر ار جسيما على سبيل المثال كأن يكون
الدائن محوال على دين في إبرام صفقة و بالتالي يتعرض لخسائر و فوات الفرصة ،إذن أن
مصلحة الدائن يجب هي أيضا أن تتحضى برعاية و ليس من العدل إغاثة المدين عن
طريق الحاق ضرر بدائن و يستند القاضي في سلطته التقديرية الى العناصر منها ظرف
المدين إذا استدعت الظروف أو حالته ذلك و كذا لظروف الدائن و منا يلحق به من هذا
التأخير (ضرر جسيم) . 1
الشرط الرابع :هو المدة أو المهلة التي يجب أن تكون معقولة و تقاس بقدر ما هو ضروري
ليتمكن المدين من الوفاء و قد تكون المهلة ـو األجل معقول و األمر يبقى متروك للقاضي
إن كان ثمة ما يستدعي منح المدين النظرة الميسرة.2
إن سلطة القاضي في تحديد األجل في نظرة الميسرة تتمثل في ثالث حاالت :
-5يتمثل تدخل القاضي في تحديد أو تعيين ميعاد مناسب لحلول األجل في حالة ما إذا
كان االتفاق على الوفاء بااللتزام عند المقدرة أو الميسرة و نشأ بشأنه خالف بين المتعاقدين
-2حالة ما إذا كان تنفيذ االلتزام الملقى على عاتق المدين محددا بأجل معين اتفق عليه
المتعاقدين سابقا و عند حاول هذا األجل لم يتمكن المدين من ذلك بسبب إعساره .
1
-عبد المنعم موسى ابراهيم ،المرجع السابق ،ص.525
2
-عبد المنعم موسى ابراهيم ،المرجع السابق ،ص.522
67
الفصــــــــل الثاني :الـــــــــــــقيود الـــــــــواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث موضوع العقـــــد
-9الحالة الثالثة تكمن إخالل بااللتزامات من قبل أحد الطرفين ضمن عقود معاوضة الملزمة
للجانبين أثناء طلب الفسخ من طرف الذي حصل الخالل بحقه صراحة أو ضمنا عند رفع و
عرض النزاع إلى القاضي حول ذلك و بشرط أن تتوافر في هذه الحالة شروط الفسخ .1
و على العموم فإن هذه الحاالت تتعلق إما بخالف أثناء دعوى التنفيذ أو تكون في
حالة إخالل أحد المتعاقدين بإلزامه فيلجأ الطرف االخر إلى طلب الفسخ فيتدخل القاضي
قبل حكمه بالفسخ فبالنسبة لألجل اللمنوح بمناسبة دعوى التنفيذ مسلطة القاضي في منح هذا
األجل واسعة من حيث عدد المرات و أن يمنح المدين أكثر من أي اجال متتالية كل ما
استدعت حالة المدين لذلك أما سلطة القاضي في منح المهلة أو نظرة الميسرة خالل دعوى
الفسخ فإنها تكون ضيقة و ال يمكن للقاضي أن يمنح أكثر من أجل واحد،اي ان العقد
يصبح مفسوخا من تلقاء نفسه في حالة انقضاء المهلة التى منحها له القاضي و حتى لو لم
2
الن المبرر ينص القاضي بمنح النظرة الميسرة و هذا و ذهب اليه إلب الفقه في مصر
في األجل الممنوح في دعوى التنفيذ قائم على ضرورة مصلحة الطرفين و رغبة كل منهم في
االبقاء على العقد ،اما بخصوص منح االجل دعوى الفسخ فلقد تم مراعاة فيها عدم اإلضرار
بالطرف االخر .3
قد يجد القاضي نفسه غير مضطر لمنح المدين مهلة قضائية للوفاء بالتزامه و ذلك
في الحاالت أهمها إذا تبين من ظروف و المالبسات القضية عدو جدوى المهلة ،حيث حتى
و لو منح المدين أجال للوفاء فال يستطيع الوفاء عند ذلك األجل نظ ار إلعساره.
1
-محمد صبري السعدي ،النظرية العامة لإللتزامات ،دار الكتاب الحديث ،القاهر،2555،ص.999
2
-عبد الرزاق السنهوري ،نظرية العقد ،منشورات الحقوقية،ج،2ط،2،5339لبنان،ص.020
3
-محمد علي الخطيب ،المرجع السابق ،ص.555
68
الخاتمة
الخـــــــــــــــــــــــاتمـــــــــــــــة
بعد العرض التفصيمي لمختمف جوانب بحثنا ،و الذي مكننا من اإلجابة عمى
اإلشكالية الرئيسية التى طرحنيا في مقدمة ىذه الدراسة و المتمثمة في :إذا كان مبدأ سمطان
اإلرادة في إبرام العقود ىو األصل فما ىي أىم الضوابط و القيود التي تحد من ىذا المبدأ ؟
خمصنا الى جممة من النتائج أىميا:
ضرورة التمييز مابين سمطان االرادة و مبدأ الرضائية حيث سيعتبر األول ىو - 1
األساس و القاعدة العامة في التعاقدات أما المبدأ الثاني و ىو مبدأ الرضائية و تحديد مدى
كفاية االتفاقات أو التوافق بين اإلرادتين فسيعتبر اإلطار القانوني المحدد لكيفية الكفاية
انعقاد العقد.
اذا كانت حرية التعاقد ىي عمى كل حال قوام العقود ،و ىي التي تقرر قواعد العقد و - 2
اصولو و أحكامو ،اال أن ىناك اعتبارات من شأنيا أن تمس بيذه الحرية ،و تجعل أحد
المتعاقدين غير متمتع بيا تمام التمتع .و بالتالي فإن الدور الذي تتمتع بو اإلرادة في
المجال العقود ليس مطمقا إذ أن ىناك قيودا عديدة فرضيا المشرع في كل المراحل التي يمر
بيا العقد ،إال أن ىذا التقييد لو في المقابل ما يبرره.
فالنسبة لمشكمية و إن كانت تحد من دور اإلرادة في انشاء العقود فإن الفقو الحديث - 3
يجمع عمى أنيا أصبحت من أحدث أدوات النظام العام لحماية الرضا ،فيي تيدف إلى
التأكد من توافر ىذا األخير لدى أحد الطرفين في العقود ذات األىمية و الغرض من ذلك
ىو تنبيو أحد المتعاقدين أو كمييما إلى خطورة اآلثار التي تترتب عمى العقد الذي يبرمانو ،
كعقد ىبة العقار و بيعو ،وعقد الرىن الرسمي ....الخ حيث يصدر الرضا عن بصيرة
و عمم بحقيقة و طبيعة التصرف ،إضافة الى اشتراط الكتابة لإلثبات يتسم بالوضوح
أخرى كما أن فكرة و يحقق قد ار كبي ار من األمان ألطراف العقد ال توفره ليم طرق إثبات
الشير _ و إن كانت تشكل شرطا الحتجاج بالتصرف عمى الغير – فإنيا في المقابل تسمح
بالتعبير عمى اإلرادة و بسط نفوذىا في نطاق أكثر اتساع تحوطو الثقة و االستقرار ،و ذلك
بافتراض العمم بوجود التصرف لدى الكافة ،و ذلك يتحقق التوازن بين الحرية و إبرام العقود
دون شكل معين تصب فيو إرادة المتعاقدين و بين تأكيد و حماية ىذه اإلرادة بفرض شكمية
معينة يجب احتراميا بمناسبة إبرام العقد.
70
الخـــــــــــــــــــــــاتمـــــــــــــــة
كما أن مسألة حماية الطرف الضعيف في العقد ،و التي شكمت موضع اىتمام كل - 4
التشريعات جعمت المشرع الجزائري يتدخل بنصوص امرة في مضمون العقد قصد إعادة
التوازن.
إضافة الى ذلك فقد أقر المشرع الجزائري مبدأ القوة الممزمة لمعقد ،بما يوحي أنو - 5
اطمق دور اإلرادة في تنفيذ العقود التى تبرميا إال أنو أورد عمى ذلك قيودا مختمفة و ذلك
بمنح القاضي السمطة التقديرية في تعديمو حسب الحالة المعروضة عميو كمما توفرت
شروطيا القانونية ،و جعل إتفاق األطراف عمى خالف ذلك من نظام العام.
أن التقييد الوارد عمى اإلرادة في مجال العقود سواء في انشاء العقد أو تحديد أثاره - 6
االنتباه يجب أن ال يقودنا الى االعتقاد بأن حرية اإلرادة لم يعد ليا دور ،و انما ذلك يمفت
فقط إلى أنيا لم تعد ليا السيادة المطمقة،و تبقى ىذه القيود رغم تزيدىا مجرد استثناءات
عمى المبادئ العامة التي تحكم العقد.
إن التطور الحديث لفكرة النظام العام و االداب العامة قد أثر عمى دور اإلرادة في - 7
ىذا المجال بزياد القيود الواردة عمييا ،و لكنو في المقابل جسد مضمونا جديدا تمثل في
حماية اإلرادة ذاتيا فمم يعد يقتصر عمى حماية المتعاقد في إبرام العقد و تحديد أثاره ،
و إنما امتد ذلك الى دعم حريتو في التعاقد ابتداء و ضمان سالمة رضاه قبل إبرام العقد .
إن مسألة التدخل المتزايد لممشرع في تنظيم الحياة العقدية ،ما ىو إال تمشيا مع نفس - 8
أساس االلتزام العقدي و مع الفكرة التعاقدية الصحيحة التي تقوم عمى أساس قيام العقد
وال يعني ذلك المتوازن بين المتعاقدين بعيدا عن غبن أو استغالل أحد االطراف لألخر ،
تدىور العقد و اضمحالل أىميتو ،بل يعود السبب في ذلك إلى عالقة التدرج التي يجب أن
تقوم بين قواعد النظام القانوني .فالتشريع باعتباره قانونا موضوعيا يعمو العقد بحسبانو
مصد ار لمحقوق الشخصية ،و ليذا فالعقد يتقيد بالتشريع الذي يتقدمو في سمم التدرج.
يجب تقييد مبدآ سمطان اإلرادة في إنشاء التصرفات القانونية بالقيود التى تتوازن فييا - 9
اإلرادة مع العدالة و الصالح العام .
ىناك بعض القيود التي تبرم عمى اإللزام القانوني ،و التي يمكن تسميتيا ب (العقود - 10
اإللزامية (الجبرية) و التي ال يمعب فييا الرضا دو ار كبي ار في مناقشة شروط العقد عند إبرام
العقد ،و انما يطبق طرفي العقد نظاما رسميا مفروضا عمييم بمقتضى القانون .
71
الخـــــــــــــــــــــــاتمـــــــــــــــة
اإللزامية ) عمى رضاء أما فيما يخص األثر الذي يتركو ىذا االلزام ( في العقود - 11
المتعاقد،و بالتحديد فيما يتمق بمدى اعتبار التصرف القانوني عقدا فينا نقول بأنو لو نظرنا
لألمر من منظار مبدأ سمطان اإلرادة بصورة مجردة ألصبح من العسير جدا اعتبار
التصرفات الصادرة من المتعاقد عقودا رضائية عمى النحو المعروف ،نظ ار النتفاء
الرضاء،فالمتعاقد قد يعتبر مكرىا عمى اإلقدام بإبرام العقد.
أما إذا نظرنا الى االمر وفق التصورات الحديثة لمعقد ووفق المفيوم المعاصر لمبدأ - 12
سمطان اإلرادة ،حيث أصبحت اإلرادة مقيدة بحدود و قيود يفرضيا المشرع مراعيا تحقيق
العدل و المصمحة العامة ،فعند ذاك يختمف األمر .ففي ضوء التطورات االقتصادية
و االجتماعية ينبغي التخفيف من صرامة مبدأ سمطان اإلرادة ،و من ثم يتوجب التسميم
بوجود عقد ،إذ أن العالقة بين األطراف تبقى محتفظة بطبيعتيا التعاقدية .فالقول بتدىور
العقد شيء و القول بتقييد الحرية التعاقدية شيء أخر.
مع إق اررنا بأىمية مبدأ(العقد شريعة المتعاقدين)نستطيع القول بأن ازدياد تدخل المشرع - 13
المتزايد في تحديد مضمون العقد بعد بروز الحاجة االجتماعية إلى ذلك التدخل في بعض
موضوعية العقود إلعادة التوازن االقتصادي لممتعاقدين،و من ثم تقييد كال المتعاقدين ب
االرادة التعاقدية أصبح من الضروري القول بأن"العقد شريعة المتعاقدين بشرط أن يكونا
متكافئين متعادلين ،أما إذا اختمفت قوة كل منيما في العقد فمن الظمم القول بأنو شريعتيم" .
و نقترح عمى المشرع أن يبادر بتعديل القانون المدني و ذلك نظ ار لمتطور الذي مس
نظرية العقد نتيجة تأثرىا بتطور االقتصادي.
يعد مبدأ سمطان اإلرادة أساس قوام العقد و ىذا مبدأ تحكمو عدة قيود التى أوردىا
المشرع في نصوص متفرقة ،لذلك نقترح عمى المشرع أن يخصص قسما يتناول جانب مبدأ
سمطان اإلرادة و القيود الواردة عميو حى يسيل عمى الباحثين تقديم دارسات حولو .
72
قائمة املراجع
واملصادر
قـــــــــــــــــــائــــــــــــمـــــــــة الـــــمــــصــــــادر و الــــمـــراجــــــــع
النصوص التشريعية:
قانون رقم 11-48مؤرخ في 90جوان سنة ، 1048يتضمن قانون األسر ،جريدة -1
رسمية عدد ، 48صادر 14يونيو ، 1048معدل و متمم ،بأمر رقم 94-90مؤرخ
في 42فيفري سنة ، 4990جريدة رسمية عدد ، 10صادر في .4990-94-42
قانون رقم 94-98مؤرخ في 42جوان سنة ، 4998يحدد القواعد المطبقة على -4
الممارسات التجارية ،جريدة رسمية عدد ، 81صادر ، 4998/90/42معدل و متمم ،
بالقانون رقم 90-19مؤرخ في 10أوت سنة ، 4919جريدة رسمية عدد ، 80صادر
في .4919-94-14
قانون رقم 19-90مؤرخ في 49جوان ، 4990التضمن القانون المدني ،المعدل -2
و المتمم :إذ التزم المتعاقد لسبب غير مشروع لسبب مخالف للنظام العام أو اآلداب
العامة كان العقد باطال.
قانون رقم 94-90مؤرخ في 49فيفري ،4990يتضمن تنظيم مهنة التوثيق. -8
قانون رقم 14-94مؤرخ في 40جوان سنة ،4994جريدة رسمية عدد ، 20صادر -0
في .4994-92-94
قانون رقم 92-90مؤرخ في 40فيفري سنة ، 4990يتعلق بحماية المستهلك و -0
قمع الغش ،جريدة رسمية عدد ، 10صادر في .4990-92-94
قانون رقم 90-19مؤرخ في 10أوت سنة ، 4919جريدة رسمية عدد ، 80 -2
صادر في .4919-94-14
األمر رقم 04-20مؤرخ في 40سبتمبر سنة ، 1020المتضمن القانون المدني -4
جريدة رسمية ،عدد ،24الصادرة في ،1020/90/21المعدل و المتمم بالقانون رقم
19/90المؤرخ في 90فيفري ، 4990جريدة رسمية ،عدد ،88الصادرة في 40جوان
.4990
األمر رقم 24-20مؤرخ في 40سبتمبر سنة ، 1020يتضمن القانون المدني ، -0
المعدل و المتمم.
قـــــــــــــــــــائــــــــــــمـــــــــة الـــــمــــصــــــادر و الــــمـــراجــــــــع
المؤلفات
المؤلفات العامة
العربي بلحاج ،النظرية العامة لاللتزام في القانون المدني الجزائري ،التصرف -1
القانوني (العقد و اإلرادة المنفردة )،الجزء الثاني ،بدون طبعة ،الديوان الوطني
للمطبوعات الجامعية ،بن عكنون ،الجزائر .1000
العربي بلحاج ،مصادر االلتزام في القانون المدني الجزائري ،دار هومة ،الجزائر ، -4
.4918
توفيق حسن فرج ،النظرية العامة لاللتزام (مصادر االلتزام) الطبعة الثالثة ،دار -2
الجامعية ،بيروت،لبنان،بدون سنة النشر.
خليل أحمد حسن قدادة ،الوجيز في شرح القانون المدني الجزائر عقد البيع ،الجزء -8
الرابع ،الطبعة الرابعة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر .4990 ،
سليمان أحمية ،الوجيز في قانون عالقات العمل في التشريع الجزائري ،د م ج ،ط -0
.4914 ،
عبد الرزاق السنهوري ،شرح القانون المدني ،النظرية العامة لاللتزامات ،نظرية -0
العقد الجزء ، 91الطبعة الثانية الجديدة ،منشورات حلبي الحقوقية بيروت لبنان ،
.1004
عبد المنعم موسى إبراهيم،حسن النية في العقود (دراسة مقارنة) ،بدون طبعة -2
،منشو ارت زين الحقوقية ،بيروت ،لبنان.4990،
قـــــــــــــــــــائــــــــــــمـــــــــة الـــــمــــصــــــادر و الــــمـــراجــــــــع
عبد الناصر توفبق العطار ،مصادر االلتزام ،دار الكتاب الحديث ،مؤسسة -4
البستاني للطباعة .1009 ،
علي فياللي ،االلتزامات النظرية العامة للعقد ،موفم للنشر ،الجزائر ، 4919 ، -0
الطبعة الثالثة .4912 ،
-19علي علي سليمان ،نظرات قانونية مختلفة ،بدون طبعة ،ديوان مطبوعات الجامعية
،الساحة المركزية بن عكنون ،الجزائر .1008،
-11علي علي سليمان ،النظرية العامة لاللتزام ،الطبعة السادسة ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،الجزائر .4990 ،
-14عمورة عمار ،شرح القانون التجاري الجزائري ،دار المعرفة ،الجزائر .4919 ،
-12محمد بودالي ،مكافحة الشروط التعسفية في العقود ،دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،
دار الفجر للنشر و التوزيع .4992،
-18محمد بودالي ،الشروط التعسفية في العقود في القانون الجزائري ،دراسة مقارنة مع
القوانين فرنسا و ألمانيا و مصر ،دار هومة ،الجزائر .4992،
-10محمد حسنين ،الوجيز في الـأمينات الشخصية و العينية في القانون الجزائري ،بدون
طبعة ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر .1040 ،
-10محمد حسين منصور ،النظرية العامة لاللتزام (،مصادر االلتزام)،بدون طبعة،الدار
الجامعية الجديدة للنشر ،بيروت.4999،
-12محمد حسين منصور ،النظرية العامة لاللتزام ،مصادر االلتزام ،دار الجامعة الجديدة
اإلسكندرية .4990 ،
-14محمد صبري السعدي ،الواضح في شرح القانون المدني ،اإلثبات في المواد المدنية
و التجارية ،دار الهدى ،عين مليلة ،الجزائر . 4990
-10محمد صبري السعدي ،شرح القانون المدني الجزائري ،النظرية العامة لاللتزامات ،
التصرف القانون ( العقد ،اإلرادة المنفردة ) الجزء ، 91الطبعة الثانية ،دار الهدى عين
مليلة ،الجزائر .4998 ،
-49محمد صبري السعدي ،الواضح في شرح القانون المدني عقد البيع و المقايضة ،
دراسة مقارنة في القوانين العربية ،دار الهدى ،الجزائر .4994 ،
قـــــــــــــــــــائــــــــــــمـــــــــة الـــــمــــصــــــادر و الــــمـــراجــــــــع
-41محمد صبري السعدي ،شرح القانون المدني الجزائري ،النظرية العامة لاللتزامات ،
مصادر االلتزام ،دار الهدى عين مليلة ،الجزائر .4914 ،
-44يحي بكوش ،أدلة اإلثبات في القانون المدني الجزائري و الفقه اإلسالمي ،الشركة
الوطنية للنشر و التوزيع ،الجزائر.1041،
المؤلفات الخاصة
-1اسيا دوة و رمول خالد ،اإلطار القانوني و التنظيمي لتسجيل العقارات في التشريع
الجزائري و الفرنسي ،دار هومة ،الجزائر .4914 ،
-4السيد محمد السيد عمران ،حماية المستهلك أثناء تكوين العقد ،دراسة مقارنة ،الدار
الجامعة ،بيروت .4992
-2إيمان بن طاوس ،مسؤولية العون االقتصادي في ضوء التشريع الجزائري و الفرنسي ،
دار هومة ،الجزائر ،دراسة مقارنة ،الدار الجامعية ،بيروت .4992 ،
-8إيمان بن وطاس ،مسؤولية العون االقتصادي في ضوء التشريع الجزائري و الفرنسي ،
دار هومة ،الجزائر .4914 ،
-0عبد السالم الترمانيني ،نظرية الظروف الطارئة (دراسة مقارنة)،بدون طبعة ،دار
الفكر.1021،
-0عبد السالم ذيب ،عقد اإليجار المدني ،دراسة نظرية و تطبيقية من خالل الفقه و
اجتهاد المحكمة العليا،الطبعة األولى،الديوان الوطني لألشغال التربوية .4991،
-2عبد السالم ذيب ،عقد اإليجار المدني ،دار هومة الجزائر .4990 ،
-4لعشب محفوظ بن حامد ،عقد اإلذعان في القانون المدني الجزائري و المقارن ،
المؤسسة الوطنية للكاتب ،الجزائر .1009 ،
-0وازني وسيلة ،وظيفة التوثيق في النظام القانوني الجزائري ،دار هومة ،الجزائري ،
.4990
قـــــــــــــــــــائــــــــــــمـــــــــة الـــــمــــصــــــادر و الــــمـــراجــــــــع
األطروحات:
مذكرات الماجستير:
أمين قان ،نقل الملكية في عقد بيع العقار في القانون الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة -1
ماجيستر في الحقوق ،اختصاص قانون األعمال المقارن ،جامعة وهران .4914/4911
جميلة بولحية ،نظرية الظروف الطارئة ،رسالة ماجستير ،جامعة الجزائر ،معهد -4
الحقوق و العلوم اإلدارية.1048 ،
رفيقة والكور ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة -2
الماجيستر في القانون تخصص قانون السوق ،كلية الحقوق و العلوم السياسية ،جامعة
جيجل .4994 ،
كريمة بلقاضي ،الكتابة الرسمية ،التسجيل و الشهر في نقل الملكية العقارية ، -8
رسالة ماجيستر ،جامعة الجزائر كلية الحقوق ،سنة.4990
لطيفة دحماني ،الشكلية في مادة العقود المدنية ،مذكرة لنيل درجة الماجستير في -0
القانون الخاص،جامعة تلمسان4992-4994
فريد عويطي ،و عاشوري عبد العزيز ،الشكلية في التصرفات القانونية ،مذكرة تخرج -0
لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ،الدفعة السادسة ،سنة 4994
سكينة بوشاربي و آخرون ،عقد النقل البحري للبضائع في التشريع الجزائري ، -2
مذكرة لنيل شهادة ليسانس في الحقوق ،جامعة جيجل .4919 ،
مذكرات دكتوراه:
جميل الشرقاوي ،نظرية بطالن التصرف القانوني في القانون المدني ،رسالة -1
دكتوراه،جامعة القاهرة،مصر العربية .1000 ،
قـــــــــــــــــــائــــــــــــمـــــــــة الـــــمــــصــــــادر و الــــمـــراجــــــــع
المقاالت الفقهية:
بختة موالك ،المادة 248مكرر من القانون المدني و تطبيقاتها على البيع ،مقال -1
منشور في المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية و السياسية ،عدد ، 98سنة
.1002
عادل بيسوني ،مبدأ سلطان اإلدارة في الشريعة اإلسالمية ،مجلة جامعة القاهرة -4
بالخرطوم ،جامعة القاهرة .1020 ،
علي فياللي ،الشكلية في العقود،مقال منشور،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية و -2
االقتصادية و السياسية،عدد .92
مصطفى لعروم ،عقد الهبة ،نشرة الموثق ،العدد . 1000 ، 2 -8
مجالت قضائية
-مجلة المحكمة العليا ،الجزائر ،لسنوات .4911-4990-4992
-موسوعة االجتهاد القضائي :موقع https//droit.mjusticce.dz
الفهرس
مقدمة10...............................................................................
الفصل األول :القيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة من حيث شكل العقود10...........
المبحث األول :الشكلية المتطلبة لإلنعقاد كقيد على حرية اإلرادة في إنشاء
العقد01................................................................................
أوال :اشتراط الكتابة كقاعدة عامة لإلثبات التصرفات غير التجارية التي تزيد قيمتها عن
011.111دج10.....................................................................
المبحث األول :القيود الواردة على المبدأ من حيث الموضوع قبل إبرام
العقد00.............................................................................. ..
المطلب االول :القيود الواردة على حرية التعاقد و حرية عدم التعاقد21....................
المطلب الثاني :القيود الواردة على حرية التعاقد حول تحديد مضمون العقد22............
المبحث الثاني :قيود الواردة على المبدأ من حيث الموضوع بعد إبرام العقد20............
الخاتمة20......................................................................... ...
المصادر
الفهرس
:ملخص
:ملخص
و من هذا التالقي ينشأ التراضي، إن جوهر العقد و أساس وجوده هو تالقي إرادة المتعاقدين
كما أن تحديد مضمون العقد و تعديله و إنهائه مرده في أغلب، الذي يمثل أساس كل إتفاق
و قد يتدخل المشرع في توجيه هذه اإلرادة بالقدر الذي يسمح، األحيان إلى إرادة طرفيه
بتوفير االستقرار في المراكز القانونية و إحداث التوازن في العقود و كذا حماية اإلرادة ذاتها
.لما لها من دور في المجال التعاقدي
:الكلمات المفتاحية
. تعديل العقد- مبدأ سلطان اإلرادة – الحرية التعاقدية – تقييد اإلرادة
Summary :
Contract essence and its existence are justified by the meeting of
contractor will. This meeting emerges consent which represents the
basis of every agreement .As determination and cancellation are
usually done by the two parts . In addition ; the legislator can
intervene to guide the will in order to stabilize lawful positions and to
balance contracts.Thus he protects the will-itself-because of the role
that played in contractual field
Key words :
The principal of will independence – The contractual freedom- The
will – restriction – The contract modification.