You are on page 1of 66

‫‪1‬‬

‫محاضرات في األدب األندلسي لطالبات االنتساب‬

‫تمهيد‬
‫تاريخ الحضـارة األندلسـية‬
‫ظه ــرت الحض ــارة األندلس ــية عن ــد قي ــام ط ــارق بن زي ــاد فتح بالد األن ــدلس‪ ،‬حيث‬
‫كانت شبه الجزيرة األيبرية (اسـبانيا) تحت حكم الملوك الُقوط الذين هاجــروا اليهـا من‬
‫داخــل اوروبــا وقــد عــانى االســبان كثــيرا من ظلمهم وســوء ادارتهم وقــد كــانوا يتح ــينون‬
‫الُفرص للتخلص منهم‪.‬‬
‫ح ــانت الفرصـ ــة ع ــندما جـ ــاء م ــلك الق ـُـ ــوط لذريـ ــق إل ــى الحـكـ ــم بعـ ــد ان اغتـص ـ ــب‬
‫الُح ـك ــم من المـل ــك الشــرع ــي واغتيالــه فقد طلب بع ــض االســبان النجــدة من موســى بن‬
‫نص ــير الـذي أرس ــل قــائدًا شـ ــابًا مـع جـيــش صـغــير مــن المس ــلمين‪ .‬كـان هـذا الق ــائد هـو‬
‫(طــارق بن زيــاد) الذي وطأت اقدامه هو وجيـشـه ارض االندلـس في شـهر رجـب ‪92‬ه ـ‬
‫‪711‬م عــند المضيق المسـمى باســمه لهـذا اليوم (جبل طارق)‪.‬‬
‫لم تكن سيطرة المسلمين على اسـبانيا كاملة تمامًا اذ بقيت جيوب صغيرة لألســبان‬
‫في الشــمال والشــمال الغــربي في المنــاطق الجبليــة الــوعرة كــانوا ينفذون منهــا للهج ــوم‬
‫والتخ ــريب‪ .‬لم َي دْر في خل ــد المسـ ــلمين الفاتحين‪ .‬إن ه ــذه الجـ ــيوب الصـ ــغيرة س ــوف‬
‫تك ــون ن ــواة لممال ــك االسـ ــبان مس ــتقبًال لينطلقـ ــوا منه ــا في التهـ ــام ممال ــك االسـ ــالم في‬
‫اسـبانيا الواحـدة تلـو االخــرى عنـدما ضـعف المسـلمون ولم يكن طمـوح االســبان لينتهي‬
‫إّال بطـرد المسـلمين بصورة نهائية كما سوف نرى‪.‬‬
‫تسمية األندلس يعــود أصـل تســمية األنــدلس باألنــدلس إلى أســاطير واحتمـاالت‪ ،‬إن‬
‫الغالبيــة العظ ــمى من المــؤرخين الع ــرب والمســلمين وخاص ــة مؤرخ ــي العصــور القديمــة‪،‬‬
‫يعتمدون على الروايات والقصص الدينية في البحث عن أصول شعب أو أرض ما‪.‬‬
‫• ي ــذُك ر كث ــير من المؤرخيـ ــن العـ ــرب أن األن ــدلس ُس ميت به ــذا االسـ ــم نس ــبة إلى‬
‫أندلس بن يافث بن نوح الذي هو أول من عّم رها‪.‬‬
‫• كما ذكـر ابن خـلدون إّن أول من سـكنها بعد الطـوفان لسفينة نـوح قوم ُيع ــرفون‬
‫‪2‬‬

‫باألندلـش ـ بشين ُمعجـمة ـ ثم عـّر ب هذا االسم بعد ذلك بسين مهملة‪.‬‬
‫• أم ــا عب ــد ال ــرحمن الحجي فإن ــه ي ــذكر في كتاب ــه (الت ــاريخ األندلس ــي) أن أص ــل‬
‫مصـ ــطلح األنـ ــدلس مـ ــأخوذ من قبائـ ــل الونـ ــدال (‪ )Vandalos‬الـ ــتي تعـ ــود إلى أصـ ــل‬
‫جرمــاني‪ ،‬احتلت شــبه الجزيــرة األيبيريــة حــوالي القرن الثــالث والرابــع وحــتى الخــامس‬
‫الميالدي‪ ،‬وس ـ ــميت باس ـ ــمها فاندلسـ ــيا ‪ Vandalusia‬أي ب ـ ــالد الونـ ــدال ثم ُنطقت‬
‫بالعربية األندلس‪.‬‬
‫• ذك ــر النويـ ــري أن النص ــارى أي األسـ ــبان‪ ،‬تس ــمي األن ــدلس إشـ ــبانية باسـ ــم رج ــل‬
‫صلب فيهـا يقــال لـه إشـبانش وقيـل‪ :‬باسـم ملـك كـان لهـا في الزمـان األول اسـمه إشــبان‬
‫بن طيطش‪.‬‬
‫• على مّر السـنين دخل الكـثير من االسبان في االسالم وكثر التزاوج بين الفاتحـين‬
‫واألسـ ــبان‪ ،‬بحيث نش ــأ جي ــل كب ــير من المول ــودين ال ــذين يحمل ــون في عـ ــروقهم دم ــاء‬
‫اســبانية إضــافة إلى الدمــاء العربيـة والبربريــة وقـد ارتقى الكــثير منهم في مناصـب الدولـة‬
‫العالية مثل ابن حزم االندلسـي الذي اعتنق جده االسالم‪.‬‬
‫• دخلت االندلـ ــس المرحـ ــلة الثـ ــانية من تاريخـ ــها السياس ــي عن ــدما فّو ض ــت أرك ــان‬
‫الخـالفة على بنـي أمية في دمشق حيث هزم اخـر خلفائهم مروان بن محمد امام ج ــيوش‬
‫العباسـيين في معركة الـّز اب سنة ‪132‬هـ‪.‬‬
‫• ولى هائمـًا على وجهــه وكـأن االرض ال تســع لهربــه بمـا وســعت ليلقى حتفه على‬
‫ي ــد العباس ــيين ولتـ ــبدأ مرحل ــة دموي ــة ك ــان االموي ــون وُقـ ــوُدها‪ ،‬حيث أذاق بن ــو العب ــاس‬
‫االمــويين َح ِّر الح ــديد وَب ْأَس الس ــيف وجرعــوهم مــرارة الــذل والهــوان وش ــردوهم وراء‬
‫كل حجٍر ومـدْر ‪ .‬نجـا من تلـك المـذابح شــاب امـوي اســمه عبـد الـرحمن اســتطاع عبـور‬
‫الفرات وهـرب إلى شمال افريقيا‪.‬‬
‫وبمسـاعدة اخواله البربر استطاع العـبور إلى االندلـس استطاع عبــدالرحمن الملقب‬
‫(الداخـ ــل) من ت ــأليف القـ ــبائل اليماني ــة ال ــتي ك ــانت ناقـ ــمة على هيمن ــة القـ ــبائل القيسـ ــية‬
‫وبمساعدة البربر استطاع ان يخضع االندلس لسـيطرته وان يبـايعوه أهــل االنـدلس اميــرًا‬
‫عليها سنة ‪138‬هـ ‪755‬م‪ .‬حاول الخليفة ابو جعفر المنصـور عبثـًا ِإخضـاع عبـدالرحمن‬
‫‪3‬‬

‫الداخل حيث اســتطاع عبـدالرحمن الناصـر هـذا الـذي لقبــه المنصـور بـ(صـقر قـريش) أن‬
‫يهـزم جيش المنصور وأن يبرد برؤوس قادة الجــيش إلى المنصـور لتصـله إلى مكــة اثنـاء‬
‫موسم الحج‪.‬‬
‫‪-‬اتخذ عبدالرحمن قرطـبة عاصـمة له وبدأ ببن ــاء وتوس ــعة مســجدها فــدخلت قرطبــة‬
‫مرحلة مزدهرة اصبحت معها فيما بعد محط االنظار ومهد الحضارة‬
‫اســـتمرت الُّس ـ ــاللة االموي ــة في حكـ ــم االن ــدلس حيث بلغت أوج حكمه ــا في زمن‬
‫عبـدالرحمن الثــالث الــذي دام حكمـه ألكـثر من خمســين عامـًًا وامتـد ُس لطانه إلى شــمال‬
‫افريقيا وليقهــر األســبان وليجعــل من (اســبانيا) قبلـة االمصـار وعـروس اوروبــا‪ .‬إليهــا تشـّد‬
‫الرحـال لطـلب العلم واألدب والفنـون وحتى صارت اللغة العربية هي لغة العلم حتى في‬
‫اوروبا‪.‬‬
‫• بــدأ ُح ك ــم عبــدالرحمن الثــالث في ســنة‪300‬ه ـ وانتهى عــام ‪350‬ه ـ واســتطاع أن‬
‫يخلع على نفسه لقب أمير المؤمنين وسّم ى نفسه الناصر لدين اهلل‪.‬‬
‫• وبهـ ــذا اصـ ــبحت دار االسـ ــالم يحكمهـ ــا ثالثـ ــة خلفاء هم‪( :‬االم ـ ــوي والعباس ـ ــي‬
‫والفاطمـي) في آن واحد‪.‬‬
‫• جدول يبين حكم األندلس حسب الفترات الزمنية‪.‬‬
‫• ‪ .1‬عصر الوالة الحــاكــم من الى المالحضات‬
‫• طـارق بـن زيــاد ‪ 93 92‬أول من دخلها وأميرا للجيش‬
‫• موسى بن نصير اللخمي ‪94 93‬‬
‫• أبو عبد الرحمن بن موسى بن نصير ‪95 94‬‬
‫• * هناك عدد كبير من الحكام ال يسع ‪138 59‬‬
‫الوقت لذكرهم ونوجز هنا في ذكر‬
‫الحكام الذين كانت لهم صبغة في‬
‫حكم األندلس‪.‬‬
‫جدول يبين حكم األندلس حسب الفترات الزمنية‪.‬‬
‫‪ .2‬الحكام األمويون في األندلس (األمراء) من الى مالحظات‬
‫‪4‬‬

‫أول الحكام من األمراء ‪ 172 138‬مدة حكمة ‪ 34‬سنة وتمتاز بطابعها الشامي‬
‫أبو المطرف "الداخل" عبد الرحمن‬
‫بن معاوية صقر قريش‬
‫جدول يبين حكم األندلس حسب الفترات الزمنية‪.‬‬
‫الحاكم من الى المالحظات‬
‫أبو المطـرف "الناصـر لـدين اهلل" ‪ 350 300‬دام ملكـه خمسـين حـوًال وكـان عهـدًا‬
‫زاهرًا وبلغت األندلس أوج حكمها‬
‫عبدالرحمن (‪ )3‬بن محمد‬
‫جدول يبين حكم األندلس حسب الفترات الزمنية‪.‬‬
‫‪ -3‬عصر الطوائف من الى المالحظات‬
‫استطاعت األسر القوية أن تســتقل ببعض األقــاليم فهنــاك ‪ 633 629‬ثم دخــول بن‬
‫األحمر وأخيرا سقطت في أيدي القشتاليين‬
‫بنو جهور في قرطبة‪ -‬بنو ذي النون في طليطلة‪-‬‬
‫بنو هود في َس َر ُقْس طة‪ -‬بنو األفطس في بطليموس‬
‫‪ -‬بنو عبد العزيز في بلنسية‪ -‬بنو عّباد في أشبيليا‬
‫أخر الحكام كان من عمال بني هود‬
‫* في عام ‪633‬هـ سقطت (غرناطـة) واألندلس في أيدي األسبان‪.‬‬
‫مدن االندلس قرطبه‪:‬‬
‫مدينة أندلسية تقع في الغرب األسباني تتفرع سـفوح جبالها من سـلسلة جبال ســيرا‬
‫مورينا‪ ،‬الممتـدة شــمالي المدينــة‪ .‬وتمتـد قرطــبة على الضـفة اليمـنى لنهـر الـوادي الكــبير‬
‫الذي ينحني طفيفا في مجراه نحو الغـرب‪ُ ،‬مؤلفا أهم طريق طبيعي في أســبانيا الجنوبيـة‪.‬‬
‫وقرطبة مدينة‬
‫إيبيرية قـديمة البناء كان اسـمها‬
‫(إيبيري بحت) وترجم للعربيـة إلى‬
‫قرطبة‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫سقوط قرطبه‪ :‬دخول ايزابيـال وفريـديناند الى غرناطة عشـية سقوطها‪.‬‬


‫اشبيليه‪ :‬تقع إشبيبلة إلى الجنوب الغربي من قرطبــة وفي ش ــمال قــادس على مس ــيرة‬
‫(‪ )60‬ميال من ساحل المحيط األطلسي‪ .‬واالســم القدي ــم لمدينــة إشــبيلية هــو إشــبالي من‬
‫أصل إيبيري‪ ،‬ثم تحول هذا االسم إلى اسم التيني‪Hispalis‬‬
‫بعد أن غزاها الرومان عام ‪ 205‬قبل‬
‫الميالد‪ ،‬وَعَّر َب المسلمون هذا االسم‬
‫إلى إشبيلية ومن هذا االسم المتعِّر ب‬
‫اشتق األسـبان االسم الحالي‬
‫غرناطه‪ :‬تقع غرناطة على بعد‪267‬ميال جنوب‬
‫مدينة مدريد (عاصمة أسبانيا)‪ .‬وهي‬
‫إحدى واليات الجنوب األسباني وتطل‬
‫على البحر المتوسط من الجنوب ونهر‬
‫شنيل وبساتين قصور الحمراء وَتِّلهـا العـالي وهي تعلـو قرابـة (‪ )669‬م فـوق سـطح‬
‫البحر مما جعل مناخها غاية في اللطف والجمال‪ .‬ومنــه اشــتق اســمها‪ ،‬حيث تعــني كلمــة‬
‫غرناطـة عند عجم األندلس "رمتنة" وذلك لحسنها وجمالها‬
‫بلنسية‪ :‬بلنسية مدينة شهيرة تقع شـرقي مدينتي‬
‫تدميـر‪ ،‬وقرطـبة‪ ،‬وتتصـل بزمام إقليم‬
‫مدينة تدمير‪ ،‬وبلنسية مدينة برية بحـرية‬
‫ذات أشجار وأنهار‪ ،‬وتعرف باسم مدينـة‬
‫التراب‪ .‬ويغلب على شـجرها القراسـيا‪،‬‬
‫وال يخلــو منهــا س ــهل وال جبــل‪ ،‬وينبت في ضــواحيها الزع ــفران‪ ،‬وكــان الــروم قــد‬
‫ملك ـــوها عـــام ‪487‬هـ ــ ـ ــ ‪1094‬م‪ ،‬واسـ ــتردها الُم لثمـــون (الُم وِح ُد ون) عـــام ‪495‬هـ ــ ـ ــ‬
‫‪1101‬م‪.‬‬
‫طليطلــه‪ُ :‬طليطلــة مدينــة أندلســية عريقة في الق ــدم تقع على بعــد ‪ 75‬كم من مدريــد‬
‫العاصمة األسبانية‪ .‬وتقع على مرتفع منيع تحيط به أودية عميقة وأجراف عميقة‪ ،‬تتدف ــق‬
‫‪6‬‬

‫فيها مياه نهر تاجة‪.‬‬


‫ويحيط وادي تاجـة بطليطلة من ثالث جهـات ُمسـاهما بذلك في حصانتها ومنعتها‪.‬‬
‫عمارة االندلس‪ :‬بلغت األندلس أوج ازدهارها في ظـل ”عبد الــرحمن الناصــر“ أول‬
‫خليفة أم ــوي في األن ــدلس بع ــد أن اتخ ــذ منه ــا عاص ــمة لدولت ــه وجعله ــا ك ــبرى الم ــدن‬
‫األوروبية في عهده وأكثرها أْخ ـذًا بأسباب الثقـافة‪.‬‬
‫لقد أص ـ ــبحت قـرطـ ــبة مقر خ ـ ــليفة المس ـ ــلمين في الع ـ ــالم الغربـ ــي‪ ،‬وك ــانت قرطـ ــبة‬
‫العاصـمة الكبـرى إلسـبانيا‪َ ،‬يِف ـد إليها الملـوك والسفراء يقدمون للخــليفة فـروض الطاعــة‬
‫والـوالء‪ .‬فقد كانت الدولة المسـيحية حـتى القرن الحــادي عشـر أشـبه بالمحميـة للدولـة‬
‫اإلسالمية‪ .‬وفـي هـذا العهــد نافـســت قرطـبة بُأَّبـَه ـِتها وعــمرانها وحــالتها الثقــافيـة كبريات‬
‫المـدن اإلسـالمية كالقـاهـرة‪ ،‬ودمشــق‪ ،‬وبغـ ــداد والقيروان حـتى أطلـق عليهـا األوروبيـون‬
‫(جوهرة العالم)‪.‬‬
‫علمــاء اندلســيون‪َ :‬ر اَج ت الثقافــة في األنــدلس وعّز زهــا الخ ــلفاء فنقلــوا من الشــرق‬
‫العّباس ـ ــي أهم م ـ ــا ُصنّـ ف في العلـ ــوم وأسس ـ ــوا المعاه ـ ــد في الم ـ ــدن والق ـ ــرى وشـ ـ ـّيدوا‬
‫المكاتب‪ ,‬وشّج عوا الحركة العقلّية‪.‬‬
‫من العلمــاء واألطبــاء ابن البيطــار أحــد مش ــاهير األطبــاء في ذاك العصــر الــذي بحث‬
‫في رحالتـ ــه الطويلـ ــة عن األعشـ ــاب حـ ــتى اصـ ــبح حّج ة في معرفـ ــة انواعهـ ــا وأصـ ــنافها‬
‫وأماكنها وخصائصها‪ .‬ومن مؤلفات ابن البيطار‪:‬‬
‫‪ .1‬تفسير كتاب ديسقوريدس‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلبانة واألعالم بما في المناهج من خلل وأوهام‪.‬‬
‫‪ .3‬الجامع لمفردات األدوية واألغذية‪.‬‬
‫‪ .4‬األفعال الغريبة والخواص العجيبة‪.‬‬
‫‪ .5‬رسالة في تداوي الّس موم‪.‬‬
‫‪ .6‬المغنى في األدوية المفردة‪.‬‬
‫‪ .7‬ميزان الطبيب‪.‬‬
‫• اشــتهر في قرط ــبة كثــير من العلمــاء المســلمين في شــتى مجــاالت المعرفــة‪ .‬فمن‬
‫‪7‬‬

‫العلماء الشرعيـين كـان أبـو محمـد علي بن أحمـد بن سـعيد الشـهير بـإبن حـزم وهـو فقيـه‬
‫من أكبر علماء المذهب الظاهري‪.‬‬
‫• وكذلك محمد بن فتوح بن عبد اهلل‬
‫الحميدي وكان مؤرخا ومن الفقهاء‬
‫ظاهري المذهب‪.‬‬
‫• ومن أطبـاء األنـدلس أبـو داود ســليمان بن حســان األندلسـي الشـهير بـابن جلجـل‬
‫وك ــان ب ــارزا في َح ْق ـ ــلي الطـ ــب والنب ــات‪ ،‬وك ــذلك أب ــو بك ــر محم ــد بن عب ــد المل ــك بن‬
‫محمد ولد قريبا من قرطبة ودرس العلوم الدينية وكان قاضيا‪.‬‬
‫• وكذلك أبو القاسم خلـف بن العبـاس الزهــراوي وكـان من أشــهر أطبـاء وجــراحي‬
‫عصره‪.‬‬
‫• ومن علمــاء النبــات اشــتهر أبــو المطــرف عبــد الــرحمن بن محمــد المعــروف بــإبن‬
‫واف ــد وك ــان فقيه ــا بالعقاقير واألدوي ــة وعالم ــا بالفالحـ ــة‪ ،‬وأب ــو جعفر أحم ــد بن محم ــد‬
‫األندلسي الغافقي وكان من كبار األطـباء والنباتيين في األندلس‪.‬‬
‫• ومن الفيزيائيين أبو القاسـم العباس بن فرناس وك ــان صــاحب أول محاولــة بشــرية‬
‫للطــيران وكانت له دراية بعلم الكيمياء وتوصل إلى اكتشافات في هذا المجال‪.‬‬
‫• ومن الجغـرافي ــين أبــو عبــد اهلل محمــد بن محمــد بن عبــد اهلل بن إدريس الحســيني‬
‫المعــروف بالشــريف إلدريســي وكــان كتابــه (نزه ــة المش ــتاق) الــذي أه ــداه إلى (روج ــيه‬
‫الثــاني النورمانــدي) ملــك صــقلية من أعظم الكتب وهــو رحالــة وعالمــا باألدويــة المف ــردة‬
‫الفلك والنبات‪.‬‬
‫• ومن الفلكــيين ابن الزرقــالي الــذي صــنع أص ــطرالبا ع ــرف باســمه‪ ,‬وحظ ــي بأهميــة‬
‫كــبرى في ميــدان علم الفلــك‪ ,‬وك ــان أكــبر راصــد في عصــره‪ .‬شــارك في وضــع جــداول‬
‫فلكية لمدينة طليطلة نقل عنها (كوبرنيك)‪.‬‬
‫• ومن األطباء الفالسفة كان أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد وكـان أوحــد أهــل‬
‫زمانه في الفقـه وتميز في علم الطب وله فيه مؤلفات كثيرة‪.‬‬
‫• ويعتبر ابن رشد الفـقيه الطبيب‬
‫‪8‬‬

‫الفيلسـوف‪ ،‬اشـتهر في أوروبا‬


‫شـهرة كبيرة حيث اعـتمد على‬
‫مؤلفاته في القـرون الوسـطى‪.‬‬
‫ولــد ابن رشــد في ســنة‪520‬هـ ـ وهي نف ــس الس ــنة الــتي تــوفى فيهــا جــده‪ .‬ونش ــأ في‬
‫مدينة قرطبة‪ .‬وحفظ القرآن الكريــم‪ ،‬وحفظ كتـاب الموطـأ لإلمــام مالــك‪ ،‬ودرس الفقــه‬
‫ونبــغ في ــه‪ ،‬كمــا درس علــوم الحســاب والفلــك وعلم الهيئــة ثم درس الط ــب وتعمــق في‬
‫دراس ـ ــته‪ ،‬وفي ع ـ ــام ‪565‬ه ـ ـ ـ ت ـ ــولى القض ـ ــاء في أشـ ـ ــبيليه‪ ،‬ثم في قرطب ـ ــة ع ـ ــام ‪567‬هـ‪،‬‬
‫واشتهرت أحكامه بالعدل والنزاهة‪ ،‬فتولى قاضي القضــاة وألــف عــدة كتب منهــا‪" :‬بدايــة‬
‫المجتهـ ـ ــد ونهايـ ـ ــة المقتصـ ـ ــد" وكتـ ـ ــاب "تهـ ـ ــافت التهـ ـ ــافت" وألـ ـ ــف في الطب كتـ ـ ــاب‬
‫"الكليات”‪.‬‬
‫• أهم المراكـز الثقافيـة والتعليميـة‪ :‬جامعة قرطبــة الــتي أسســها عبــد الــرحمن الثــالث‬
‫بجوار الجامع الكبير‪ ،‬من أشهر المؤسسات الثقافية‪.‬‬
‫• مكتبة قرطبة والتي كـانت تحوي علـى أكـثر من ‪ 4000‬مجلد‪.‬‬
‫• مدرسة مسلمة المجريطي في الكيمياء والرياضيات والفـلك‪.‬‬
‫• مدرسة أبو القاسم الزهراوي في الطب‪.‬‬
‫أهم المواقـع التاريخيـة‪ :‬قلعة الملك في الخضراء‪.‬‬
‫• الح ــمامات‪ :‬كــان أهــل قرطبــة يســترخون في حمامــات عامــة وخاصــة كلهــا ُم دفأة‬
‫وتجري فيها المياه الساخنة والباردة‪.‬‬
‫• وكــانت الح ــمامات العامــة تعتــبر من أهم المنش ــآت المدني ــة في المدينــة لك ــثرتها‬
‫وتع ــددها من ج ــهة‪ ،‬والرتباطهــا الوثي ــق بالط ــهارة المتأصــلة بع ــمق في اإلســالم من جهــة‬
‫أخرى‪ ،‬وقد تميزت قرطـبة بوجـه خاص بكـثرة حـماماتـها حتى قيـل إن عـددها بلـغ ‪300‬‬
‫حمام‪.‬‬
‫• ومن اآلثار اإلسـالمية الباقـية في قرطبة حـمامان األول صغير المسـاحة‪ ،‬عـثر عليه‬
‫عام ‪1321‬هـ ‪1903‬م في جوف األرض في المنطــقة المعــروفة بســاحة الشــهداء داخــل‬
‫نطاق القصر الخالفي بقرطبة‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫مثقـفو وشـعراء األندلس‪:‬‬


‫• هنــاك العديــد من المثقفين والشــعراء األندلســيين ُنوِج ــز بعض ـًا من الــذين وضــعوا‬
‫بصماٍت تاريخيٍة في تاريخ األندلسي في المديح والهجاء والغزل والرثاء‪.‬‬
‫• لقد انتشرت المدارس في قرطبة حتى لم يعد فيها شــخص واحــد اليجيـد القراءة‬
‫والكتابة‪ .‬واشتهرت قرطبــة بالعلم ــاء والش ــعراء‪ ،‬والكثــير منهم كــانوا من أه ــل الحكم أو‬
‫البيت الحاكـم مثل الخليفة الحكم‪ ،‬والشاعر أبي عبد الملك مروان حـفيد عبد الــرحمن‬
‫الث ــالث‪ ،‬والخليفة المس ــتعين باهلل‪ ،‬وال ــوزير أب ــو الغ ــيرة بن ح ــزم وه ــو ابن عم فيلس ــوف‬
‫قرطبــة الش ــهير محمــد بن ح ــزم‪ ،‬والــوزير عبــد الملــك بن جهــور‪ ،‬والــوزير المصــحفي‪،‬‬
‫باإلضافة إلى عشرات بل مئات العلماء في كافة المجاالت كـابن ُطفيل وابن رشــد وابن‬
‫باج ــه في الفلس ــفة‪ ،‬وأب ــو عب ــد اهلل القرط ــبي في العـ ــلوم الش ــرعية‪ ،‬والقاض ــي أب ــو الولي ــد‬
‫الب ــاجي وأب ــو الحس ــن على بن القط ــان القرط ــبي في الح ــديث النب ــوي‪ ،‬ومن ــذر بن س ــعيد‬
‫قاضــي الجماعــة بقرطبــة‪ ،‬وَز ْرَي اب الموســيقى‪ ،‬وابن عبــد ربــه اللغــوي األديب‪ ،‬وغــيرهم‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫• ابن خفاجـ ــة األندلسـ ــي (‪533-450‬هـ)‪ .‬إبـ ــراهيم بن أبي الفتح بن عبـ ــد اهلل بن‬
‫خفاج ــه اله ــواري األندلسـ ــي أب ــو إسحـ ــاق‪ .‬من أعالم الش ــعراء األندلس ــيين في القرنيـ ــن‬
‫الخامس والسادس‪ُ .‬عِر ف عنه بالتأنق في مظهره ومطعمه‪ ،‬ولم يشـتغل بعمل ولم يتزوج‬
‫قــط‪ .‬وكـان نزيــه النفس ســمي بـ”الجّّن ان“ اشــهر قصــيدة لــه ”وصـف الجبـل“ وهي تشــف‬
‫عن رؤيته للموت والحياة‪ ،‬ويصـور من خـاللها كيف أن الجبل يحس السأم لطــول بقائــه‬
‫ويتمنى الموت والفناء‪ .‬اشتهرت أبياته التي تصـف األندلس وطبيعتها الجميلة‪:‬‬
‫ِظ‬
‫• يا َأْه ـل أندلـس هلل َد ّر ُك ُم ** ماٌء و ٌل وأزَه ـاٌر وأْش َج اُر‬
‫ِد‬
‫• ما جّنٌة الخل ِإّال في دَياركم ** ولو تخيرُت هذا كنت أختاُر‬
‫• من قصائد ابن خفاجة االندلسي (حلو اللمى)‬
‫ِت‬ ‫ِك‬
‫• وأغيـٌد ُح ْلو الّلـمى‪ ,‬أْم ل ـَـٌد ُيْذ ي َعلـى ِو ْج َن ه الَجْم ـُر‬
‫ِب ِف‬ ‫ِج‬ ‫ِب‬
‫• ـُّت ُأَنا ـْيـه ‪ ,‬وال ِر ْيـبَـٌة َتَعـّلق ـي يـه ‪َ ,‬و ال ِو ْز ُر‬
‫ِس‬ ‫ِن‬ ‫ِس‬
‫• َو اللْيـُل ْتٌر َو ُدو ـَنا َو ُمْر ٌل َقْد َطـّر زْتُه َأْنُج ـُم ُحْم ـُر‬
‫‪10‬‬

‫ِف‬ ‫ِت‬ ‫ِف‬ ‫ِج‬ ‫ِك‬


‫• أْب ي َو ُيْش ْيني ‪َ ,‬ف ي ِو ْج ـَن ي َماٌء ‪َ ,‬و ْي ِو ْج ـَنَتْيه َخ ـْم ُر‬
‫ِه‬ ‫ِم‬ ‫ِب ِه‬
‫• َو أْقـَر ُأ اْلُحْس ـَن ـ ُس ـوَر ٌة أَن َلها ‪ْ ,‬ن َو ْج ِه ‪َ ,‬عـْش ُر‬
‫ِق‬
‫• َو بأت ُيْس ـ ْيني َو َتْح ـت الُّد َج ى َم ْش ُم ولٌة‪َ ,‬يْمُزُج ـها اْلَق ـْطُر‬
‫ِف‬ ‫ِه‬
‫• واْبَتَس مْت ‪َ ,‬عْن َو ْج ـِه ‪َ ,‬لْيَلـٌة َك َأّنُه ‪ ,‬ـي َو ْج ِه ـَه ا ‪َ ,‬تْغُر‬
‫ابو البقاء الُر ندي‬
‫هــو صــالح بن يزيــد بن صــالح بن موســى بن أبي القاســم بن علي بن شــريف الرنــدي‬
‫األندلسي‪ .‬من أهل (ُرنـدة) قرب الجزيرة الخضراء‪ ،‬من ُح فـاظ الحــديث والفقهــاء‪ .‬كــان‬
‫بارعــا في منظــوم الكالم ومنثــوره مجيــدا في المــديح والغــزل والوصــف والزهــد‪ ،‬ولكن‬
‫ترجـع ُش ـهرته إلى قصيدٍٍة نظمها بعد ضياع عدد من المدن األندلسية‪.‬‬
‫وفي قصيدته التي نظمها يستنصـر أهـل الُع دوة اإلفريقيـة من بـني ُم رين لمـا أخـذ ابن‬
‫األح ــمر محمــد بن يوس ــف أول س ــالطين غرناطــة يتنــازل لألس ــبان عن عــدد من القالع‬
‫والمــدن إرضــاء لهم وأمال في أن يبقى لــه حكمــه الُم قلق ــل في غرناطــة وُتعــرف قصــيدته‬
‫بمرثية األندلس وفيها يقول‪:‬‬
‫ِلُك ِّل َش ْي ٍء ِإَذا َماَتم ُنـْق َص اُن‬
‫َفال ُيَغَّر ِبِط يِب الَعْيِش إْنَس اُن‬
‫ِه َي األُموُر َك َم ا َش اَه دُتها ُدوٌل‬
‫َمْن َس ّر ه َز َمٌن َس اَءْته َأْز َماُن‬
‫ِذِه الّد ا َال ِق ى َعَلى َأ ٍد‬
‫َح‬ ‫ُر ُتْب‬ ‫َو َه‬
‫َو َال َيُد وُم َعَلى َح اٍل لَه َا َش اُن‬
‫ِّز ُق الَّد ْه ْتمًا ُك َّل اِبَغٍة‬
‫َس‬ ‫ُر َح‬ ‫ُيَم‬
‫ِإَذا َنَم ْت َم ْش َر فّياٌت وُقْر َص اُن‬
‫أْيَن المُلوُك َذِو ْي التِّيَج اِن ِم ْن َيَم ٍن‬
‫َو أْيَن ِم ْنهُم َأَك اِلْيٌل َو ِتْيَج ـاُن‬
‫أْين َما َش اَد ه َش ـّد اُد من ِإ ٍٍم‬
‫َر‬ ‫َو‬
‫َو أْين َما َس اَس ه في الُفرِس َس اَس اُن‬
‫‪11‬‬

‫وأْين َما َح اَز ه َقاُروُن ِم ْن َذَه ٍب‬


‫َو أْيَن َعـاٌد وَشّد اٌد وَقْح َطاُن‬
‫أتى َعلى اْلُك ِّل َأْم ٌر ال َمَر َّد له‬
‫َح َّتى َقَض وا َفَك أن الَق وم ما َك اُنوا‬
‫ار ما كان ِم ْلٍك وِم ِلٍك‬
‫ْن َم‬ ‫ْن ُم‬ ‫َو َص‬
‫َك َم ا َح َك ى َعْن َخ َيال الّطْيف وْس َناُن‬
‫من الشعراء السجناء‪:‬‬
‫‪ ‬الشاعر الشريف الطــليق (ت ‪ 396‬هـ) الــذي ســجن وهــو فـتى يــافع مــع جــماعة‬
‫من األدباء فلم يزل يأخذ عنهم حتى (ثري تربه وطار شــعره) فكــان السـجن لـه المدرســة‬
‫التي علمته األدب وفتحت قريحته الشعرية‪.‬‬
‫‪ ‬الشـ ــاعر يوسـ ــف بن هـ ــارون الرمـ ــادي ‪ 403‬هـ ـ ـ الـ ــذي سـ ــجن على يـ ــد الحكم‬
‫المستنصــر ألشــعار كــان ينُظــمها هــو وج ــماعة من الش ــعراء يتبــارون في هجــاء الخليفة‪،‬‬
‫وضع في سجنه كتابا سماه (الطـير)‪.‬‬
‫‪ ‬الشـاعر عبـد الملـك بن غصــن الحجــازي (ت ‪454‬هـ) في سـجنه وضــع رســالة‬
‫في (صــفة الســجن والمســجون والحــزن والمحــزون) واودعهــا الــف بيت من شــعره في‬
‫االستعطاف‪ ،‬وكانت سببا في العفو عنه‪.‬‬
‫‪ ‬ابن االبار (ت ‪658‬هـ) ألف أثناء نفيه الى بجاية مؤلفه (أعتاب الكتاب)‪.‬‬
‫‪ ‬وكان من بين الشعراء األندلسيين الذين ُس جنوا عدد ال بأس به من كبار شعراء‬
‫األندلس وأدبائها من امثال‪:‬‬
‫‪ ‬يحيى بن الحكم الغزال‪ ،‬وابن شــهيد وابن زيمن والمعتمــد بن عبــاد‪ ،‬وابن حــزم‬
‫األندلسي‪ ،‬ولسان الدين بن الخطيب‪.‬‬
‫ادبيات وشاعرات‪:‬‬
‫من أشـهر شاعرات األندلس حسانة التميمية وقمر البغدادية وكانتــا في زمن اإلمــارة‬
‫األمويـ ــة (‪138‬ـ ـ ـ‪316‬هـ)‪ ،‬وعائشـ ــة بنت أحمـ ــد القرطبيـ ــة والغس ـ ــانية البج ـ ــانية في زمن‬
‫الخـالفة األموية (‪316‬ـ‪422‬هـ)‪ ،‬والدة بنت المستكفي وأم العـالء الحجارية وأم الك ــرم‬
‫‪12‬‬

‫بنت المعتص ـ ــم بن ص ـ ــمادح في زمن ملـ ــوك الطوائـ ــف (‪422‬ـ ـ ـ‪483‬هـ) و نزه ـ ــون بنت‬
‫القالعـي الغرناطية في زمن المرابطين‪ ،‬و حفصة بنت الحاج الركونيـة وحمـدة بنت زيـاد‬
‫المؤدب في زمن الموحدين‬
‫نزهون بنت القالعي الغرناطية‪ :‬شـاعرة مرحة ُح لوة الحديث ذات طبــع نــدي معطــاء‬
‫ونفس شـفافة عرفت بسرعة البديهة روي أنها كانت تقرأ يومًا على أبي بكــر المخـزومي‬
‫األعمى فــدخل عليهمــا أبــو بكــر الكتنــدي فقال مخاطب ـًا الشــاعر المخــزومي األعمى لــو‬
‫كنت تبصر من تجالسه؟ وصمت المخزومي ُبرهـة يفكر! ولكنه لم يجْر جوابًا‪ ،‬وبسرعة‬
‫فائقة أجابت عنه نزهون فقالت‪:‬‬
‫َلَغَد وَت أْخ َرَس مْن َخ الِخ ِله‬
‫البد يْطـُلع ِم أِز ِتـِه‬
‫ْن ّر‬ ‫ُر‬
‫والُغ ـن ر في َغالِئِلِه‬
‫ْص َيْم ُح‬
‫غـاية الُم َنى‪ :‬هي شـاعرٌة أندلسيٌة لطيفٌة جيء بها إلى المعتصم بن صــمادح راغبــا في‬
‫امتحانها ليعرف مستواها االدبي فقال‪ :‬ما إسمك؟ قالت‪ :‬غاية المنى قال‪ :‬أجيزي؟‬
‫فقال‪ :‬اسألوا غاية المنى؟؟‬
‫من َك َس ا ِج ْس مي الّضَنا ‪.......‬‬
‫فقالت‪ :‬على الفور‪:‬‬
‫أَر اِنـي ُمَتـّيمًا ‪َ ..‬س يُقوُل اْلَه وَى َأَنا‬
‫صــفية بنت عبداهلل الـّر ي‪ :‬شــاعرة لم تعش طــويال ودعت الشــباب وهي تتــألق بهجــة‬
‫وحيوية لم يعثر على أخبارها إال القليل القليل‪ ،‬ذات مرة عابتهــا امــرأة على رداءة خطهــا‬
‫فقالت‪:‬‬
‫وَعاِئَبًة َخ ِّطـي َفُقْلَت َلها اْقِص ِر ي‬
‫َفَس وَف ُأِر يِك الُّد َّر ِفْي َنْظِم َأْس ُطِر ي‬
‫ناَدْيُت َك ِّف ـي َك ْي َتُج وَد ِبَخ ِّطَه ا‬
‫َو َقـّر ْبُت أْقـَالِم ي َو ورقي َو ِم ْح َبِر ي‬
‫َفَخ َّطـْت ِبأْبَيـاٍت َثَالٌث َنَظْم ُتها‬
‫‪13‬‬

‫ِلَيْبُد و ِبَه ا َخ ـِّطي َو ُقْلت َلَه ا اْنُظـِر ي‬


‫• بثينة بنت المعتمد بن عبــاد‪ :‬بنت ملــك ش ــاعر وبنت شــاعرة ظريفة فال عجب إن‬
‫ُأشربت ُح ب الشـعر منذ أن كانت ُبرعمـًا يتفتح للحيـاة‪ ،‬إذ حلت بأبيهــا النكبـة المعروفـة‬
‫وُس بيت فأص ــبحت من جمل ــة العبي ــد تب ــاع في األس ــواق واش ــتراها رج ــل من اش ــبيليا ثم‬
‫وهبها ألبنه ولكنه لمـا أراد البنـاء بهــا امتنعت وأعلنت عن نفســها وقـالت ال يكــون ذلــك‬
‫إال بموافقة أبي وكتبت له قصيدة تحكي له قصتها في اسى وحسرة فتقول‪:‬‬
‫اسمع َك الِم ي واْسَتِم ِل َق اَلِتي ‪َ ..‬فِه ي الُّس ُلوك َدْت من األجياِد‬
‫َب‬ ‫ْع َم‬
‫ال ْنـِكروا أِّني ِبيُت وأَّنني ‪ِ ..‬بْنٌت ِل لٍك من ِنـي عـباِد‬
‫َب‬ ‫َم‬ ‫ُس‬ ‫ُت‬
‫نساء اندلسيات‪:‬‬
‫• كما اشتهرت المـرأة االندلسـية في المجـال الثقافي‪ ،‬فنـذكر القرطــبية وّّالدة بنت‬
‫الخـليفة الُمْس ـتكفي الشاعرة األديبة صاحبة الصالون األدبي الشهير‪ ،‬ومــريم ابنـة يعقوب‬
‫الشاعرة األديبة‪.‬‬
‫• وعائشة بنت أحمد التي كانت ُمربية وُمعلمة لولــد المنصــور ابن أبي ع ــامر أش ــهر‬
‫وأقوى وزراء الدولة األموية في األندلس‪.‬‬
‫التراث االندلسي‪:‬‬
‫يوج ــد في األن ــدلس ث ــرواٌت نفيسـ ـٌة من ال ــتراث ك ــانت تن ــافس ال ــثروات في بغ ــداد‬
‫ودمشــق والقيروان وبالد الني ــل والدولــة العثمانيــة وعنــد ســقوط غرناطــة وأشــبيلية ُنهبت‬
‫وُس رقت هذه الثروات إلى اسبانيا ومنها ما تم تصديره إلى فرنسا وإلى انجلترا‬
‫المخطوطات النادره‪ :‬يوجد في األندلس مخطوطـات عديـدة وقديمـة وموثقة توثيـق‬
‫تأريخي منها القرآن الكريم الـذي كتب في خــط اليـد االندلسـي‪ ،‬وكـذلك مخطوطـة ابن‬
‫البيطـار وهذه المخطوطات ما زالت محفوظة في المتحف األسباني‬
‫العمالت في االنــدلس‪ :‬اســتخدمت في العصــر األندلســي عــدة أشــكال من العمالت‬
‫األسالمية ضرب عليها ”الشـهادتين“ على الوجهـين وأسماء الحكـام آنذاك‬
‫مقتنيـ ــات وحلي اندلسـ ــية‪ :‬تتمـ ــيز الحلي األندلسـ ــية بعراقتهـ ــا ودق ـ ــة صـ ــياغتها حيث‬
‫كـانت تلبسـها النسـاء في المناســبات وكـانت تصـنع من الفضـة وبعض المعــادن األخـرى‬
‫‪14‬‬

‫مثل الذهب والنحاس‬


‫محققين وكت ــاب معاص ــرين‪ :‬من الكت ــاب الـــذي كتب ــوا عن تاريـ ــخ األنـــدلس ُك ثر‪،‬‬
‫نستخلص منهم الكتاب البارزين الذين أثـروا السـاحة العربيـة بتحقيقاتهم األندلسـية ومن‬
‫هؤالء الكتاب‪ ،‬الكاتب الكبير”إحسـان عباس“ الذي حقـق الكثير في التأريخ األندلسي‪.‬‬
‫فعباس ـًا كــان أكــثر اهتمام ـًا بالشــعر في األنــدلس وخارجهــا‪ .‬وقــد بــدأ اهتمامــه التحقيقي‬
‫بالنش ــرات العـ ــلمية ل ــدواوين األندلسيـ ــين والصقليـ ــين‪ ,‬مث ــل‪" :‬ابن حم ــديس الصـ ــقلي (‬
‫‪ ,)1960‬والرصــافي البلنــسي (‪ ,)1960‬واألعلى التطــيلي (‪ ,)1963‬والكتيبـة الكامنـة‬
‫للسان الدين ابن الخطيب في أشـعار األندلسيين (‪ ,)1963‬والتشبيهات من أشــعار أهــل‬
‫األندلـس البن الكتاني (‪ ,)1966‬وتحفة القادم البن األّبار (‪ ,)1986‬ومعجــم الشـعراء‬
‫الصقلـيين (‪.")1995‬‬
‫الدكتور والشاعر والمـترجم ”عبـد اهلل حمـادي“ خــريج جامعــة مدريـد المركزيـة في‬
‫إسـ ــبانيا عـ ــام‪1980‬م ومتخصـ ــص في األدب األندلسـ ــي واإلسـ ــباني والالتينـ ــو أمـ ــيركي‪،‬‬
‫ويعـمل حـاليا أستاذا لمادة األدب في جامعة قســنطينة بـالجزائر‪ ،‬كمـا يتـولى رئاســة قسـم‬
‫الترجم ــة فيه ــا‪ .‬وطيل ــة ســـنوات دراســـته في إســـبانيا جعلت ــه يحت ــك بأدبائه ــا‪ ،‬وشـــعرائها‬
‫القـ ــدامى والمحـ ــدثين وك ــأن شـ ــيئا غامض ــا يجذب ــه إلى أعم ــاق األن ــدلس ليك ــون مص ــدر‬
‫إلهامـ ــه‪ .‬ولهـ ــذا جـ ــالت معظ ـ ــم مؤلفاتـ ــه في فلـ ــك األنـ ــدلس ومـ ــدى تأثيرهـ ــا على األدب‬
‫اإلنساني عامة واإلسباني خاصة‪ ،‬من مثل‪ :‬مــدخل إلى الشــعر اإلســباني المعاصــر‪ ،‬قصــائد‬
‫غجرية وأندلسيات‬
‫يــأتي كتابــه الجديــد القديم "األنــدلس بين الحلم والحقيقة" الجديــد ألنــه صــدر في‬
‫العام الحالي‪ 2004‬والقديم ألنه‬
‫وليـد مطـلع التسعـينيات َتمخّـض مـن خالل‬
‫فكــرة التبــادل الشــعوري والفك ــري بيــن‬
‫الضـفـتين‪ :‬األندلس من جـهـة والس ــاحـل‬
‫األفريقي الشـمالي من جهة أخـرى‪ .‬وُرغـم‬
‫استكمال مادته فإنه لْم يـَر النـور في أوانه‬
‫‪15‬‬

‫بسـ ــبب الظ ــروف األمنـي ــة الت ــي عــرفت ــها الجـ ــزائر في تلــك الفت ــرة المعروفــة بعشــرية‬
‫الدماء والدموع‪.‬‬
‫‪ ‬الشـعر في قرطـبة تأليـف‪ :‬د‪ .‬محمد سعيد محمد صادر‬
‫عن المجمع الثقافي ‪ .2003‬يتكــلم الكــاتب عن في كــتابه الشـعر في قرطبـة حيث‬
‫يقول‪ ”:‬تعد قرطبة مركزًا مهمًا للعلوم والفنون ولم تصل إلى هذه المكانة إال بفضل‬
‫القادة العظـام ومنهم عبدالرحمن الثالث‪،‬‬
‫فجعلوا البالد تعـيش في اسـتقرار الذي‬
‫جعل رقعة قرطبة تتسع والحـياة األدبية‬
‫تنشط مع التشجيع المتواصل من قبل واله األمر للشعراء‪.‬‬
‫من النساء في العصـر الحديث كــتبت األديبـة والمؤلفة‪ :‬رضـوى عاشــور عن الحيـاة‬
‫األندلسية في‬
‫كتابها (ثالثية غرناطـة) سـنة النشـر‬
‫‪ 2001‬ومؤلفها يقع في ‪ 502‬صفحـة‬
‫وأبرزت جـميع المراحل التي مرت بها‬
‫االندلـس وهـو كـتاب قِّيـٌم للغايـة‪.‬‬
‫تواريخ سقوط بعض المدن االندلسية‪:‬‬
‫• برشـلونة ‪74‬هـ ‪985‬م قــرط ـب ــة ‪633‬هـ ‪1236‬م‬
‫• قرطاج ــنة ‪640‬هـ ‪1242‬م‬
‫• مرس ـ ـ ـيـة ‪641‬هـ ‪1443‬م‬
‫• لشـ ـ ــبونـة ‪645‬هـ ‪1247‬م‬
‫• إش ـ ــبيـليـة ‪646‬هـ ‪1248‬م‬
‫• جبل طارق ‪702‬هـ ‪1310‬م‬
‫• رنـ ـ ـ ـ ــدة ‪890‬هـ ‪1485‬م‬
‫• غــرناطــة ‪898‬هـ ‪1492‬‬
‫• لي ـ ـ ــون ‪392‬هـ ‪1002‬م‬
‫‪16‬‬

‫• سـلمنـقـة ‪446‬هـ ‪1055‬م‬


‫• مــدريـد ‪476‬هـ ‪1084‬م‬
‫• طليطــلة ‪477‬هـ ‪1085‬م‬
‫• سرقسطة ‪512‬هـ ‪1119‬م‬
‫• م ـ ــاردة ‪619‬هـ ‪1222‬م‬
‫• يابس ـ ــة ‪632‬هـ ‪1235‬م‬
‫الخاتمـ ــه‪ :‬ال بـ ــد لنـ ــا ان نعـ ــرج ولـ ــو باختصـ ــار على الجـ ــانب الحضـ ــاري لمس ـ ــلمي‬
‫االنـدلس‪ .‬فقد ترعـرعت حضـارة زاهيـة في ربـوع االنـدلس كـان لسـانها العربيـة ومادتهـا‬
‫االســالم‪ .‬وقــد شــملت هــذه الحضــارة مختلــف الجــوانب كالزراعــة والصــناعة والتجــارة‪،‬‬
‫االدب والفن‪،‬المعمــار والفلســفة وفن الحــروب والفروســية‪ .‬فقد انشــأ المســلمون نظــام‬
‫ري اسـ ـ ــتطاع ان يحي الكثـ ـ ــير من ارض المـ ـ ــوات وتحـ ـ ــولت ارض اسـ ـ ــبانيا الى مـ ـ ــروج‬
‫خضراء‪ ،‬وقد دخل الفاتحون معهم المحاصيل الزراعية الــتي لم تكن معروفـة في اســبانيا‬
‫من قب ــل مث ــل النخي ــل وال ــرز وقص ــب الس ــكر‪ .‬كم ــا برع ــوا في تربي ــة دود القز وص ــناعة‬
‫الحريــر‪ ،‬أمــا بالنســبة للفن المعمــاري فنظــرة فاحصــة إلى قصــر الحمــراء ومســجد قرطبــة‬
‫وقصــر اشــبيلية جــديرة أن تثبت مــا وصــل إليــه المســلمون من درجــة عاليــة من الــرقي في‬
‫الفـن المعماري والذي ال يزال محط انظار العالم إلى وقتنا الحاضر‪.‬‬

‫المحاضره الثانية‪:‬الشعر االندلسي‬


‫‪ .1‬عهد الوالة‪.‬‬
‫‪ .2‬عهد بنو أمية‪.‬‬
‫‪ .3‬عهد ملوك الطوائف‪.‬‬
‫‪ .4‬عهد المرابطون‪.‬‬
‫‪ .5‬عهد الموحدون‪.‬‬
‫‪ .6‬عهد بنو األحمر‪.‬‬
‫‪17‬‬

‫ك ــان َص ـ ــدى الِّش ــعر فـي عـ ـهــد الـ ــوالة َض ـ ــعيفًا بالنسـبة للشـعر الش ــرق ـ ــي وت ــرٍد فــي‬
‫معانيـ ــه وأس ــاليبه‪ .‬أهم الشعراء في عهد الوالة‪:‬‬
‫‪ .1‬بكـر الكـناني‬
‫‪ .2‬عباس بن ناصح‬
‫‪ .3‬يحيى بن حكم الغزال‬
‫‪ .4‬حسانة التميمية‬
‫عهــد بنــو اميــة‪ :‬ازداد الشــعر ازديــادا لمــا اواله الحكــام كم عنايــة ولمــا كــان هنــاك‬
‫حركة علمية وادبيه وهي اشبه بحركة اوائل العهد العباسي في الشرق‬
‫• اهم الشعراء في عهد بنو امية‪ :‬ابن دراج القسطلي‬
‫• ابن شـهيد‬
‫• ابن حـزم‬
‫• عه ــد مل ــوك الطوائ ــف‪ :‬تنافس ــوا فـ ــي نظـ ــم الشـ ــعر وكـ ــانو يتراسـ ـ ــلون فيم ــا بينهم‬
‫شـعرا‪ ،‬ويحـاولون أن يعيش ــون حياة ش ــعرية والسـبب تحول بالد األنــدلس إلى أمـ ــارات‪،‬‬
‫وتــنافس فيها الحكام فـي طلب العلم واألخذ بأسباب األدب وتقريب الشعراء‪.‬‬
‫• أهم شعراء فـي عهد‬
‫مل ـ ـ ـ ــوك الطـ ـ ــوائف‬
‫• المعتمد بن عباد‬
‫• ابن زيـدون‬
‫• والدة بنت المستكفي‬
‫• عهــد المرابطــون‪ :‬انحــط الشــعر انحطاطــا ل ـُقصِر عهــد المرابطـ ــين وذل ــك بسـ ــبب‬
‫انهــيار المشـ ــرق‪ ،‬تضـ ــاءل الشــعر وتالشى ونزع نزعة الزجل والتوشيح‪ .‬ممـا جعـل أحــد‬
‫أهل الحرص على جـمع الشـعر األندلســي خشية عليه أن يضيع‪ ،‬مثل ابن بسـام في كتابه‬
‫(الـ ــذخيرة في محاسـ ــن أهـ ــل الجـ ـ ــزيرة) وك ـ ــذلك كتـ ــاب ابن خاقـ ـ ــان القالع ـ ـ ــي (قالئـ ــد‬
‫العقيان)‪.‬‬
‫• أهم شعراء في عهد المرابطون‪:‬‬
‫‪18‬‬

‫• ابواسحاق ابن خفاجة‬


‫• يحي بن الزقاق‬
‫• األعـ ــمى التطــيلي‬
‫• ابن قزمان‬
‫• عهد الموحـدين‪ :‬عهـد هـدوء وسـكينة‪ ،‬كمـا كـان عهـد عـِـل ـ ـٌم ُعــرف فيـ ــه العـدي ــد‬
‫من األدبــاء والشعراء البارزين‪.‬‬
‫• أهم الشعراء في عهد الموحدون‪:‬‬
‫• ابن الطفيل‬
‫• ابن رشد‬
‫• ابن البيطار‬
‫• الرص ـ ـ ــافـي‬
‫• حفصة الركونية‬
‫• عهد بنو االحمر‪ :‬كان عهد بنو األحمر عهد انحالل وفوضى اشتهر فيه عدد من‬
‫الشعراء البارزين‪.‬‬
‫• أهم الشعراء في عهد بنو األحمر‪:‬‬
‫• لسان الدين الخطيب‬
‫مراحل الشعر االندلسي‪ :‬حمل العرب إلى األندلس طبيعتهـم الش ــعرية كــما حـ ـمـلوا‬
‫نزعــات ـه ــم العِـرقّيـ ــة‪ ،‬وقـ ـ ــد نـظـ ــر الغـ ــرب إلـ ــى الشـ ــرق نظـ ــر الفـ ــرع إل ــى األصـ ـ ــل‪ ،‬ونظـ ــر‬
‫الشـ ــرق إلـ ــى الغـ ــرب نظـ ــرة اسـتصـ ــغار‪ ،‬وانتـش ـ ــر الشـ ـ ــعر ف ــي جميــع الطـ ـ ــبقات ومــا أن‬
‫كـ ــان الق ــرن الحـادي عش ـ ــر حتــى قويــت الشــخصية األندلســية وحــتى أخــذ األندلســيون‬
‫يعرضون شيئًا فشيئًا عن المشارقة‪.‬‬
‫عهد الوالة‪ :‬كان الشعر األندلسـي فـي عهد الوالة صدًا للشعر المشــرقي تتردد فيــه‬
‫مع ـ ـ ــانيه وأسـ ـ ـ ــاليبه‪ ،‬وق ـ ــد ظه ـ ــرت في ه ـ ــذا العه ـ ــد األراجـ ـ ــيز التاريخي ـ ــة كـ ـ ــما ظه ـ ــرت‬
‫الموشــحات‪ ،‬وانتشـر شــعر الّن ــوريات إلى ج ــنب الُّز هــديات و التاريخــيات‪ .‬ومن ش ــعراء‬
‫تلـ ــك الفـ ـ ــترة بكـ ـ ــر الكـ ـ ــناني‪ ،‬عبـ ــاس بن ناصـ ـ ـ ــح‪ ،‬يـحـ ـ ــيى بن ح ـكـ ـ ــم الغـ ـ ــزال‪ ،‬حسـ ـ ــانة‬
‫‪19‬‬

‫التميمية‪.‬‬
‫ومن شعراء فترة الوالة أبو األجــرب جعـونة بن الِّص ـَّم ة‪ ،‬وقيــل أن هــذا الشــاعر كــان‬
‫بمرتبة جرير والفرزدق‪ ،‬كـما روي أن أبا نــواس ســأل عنه عباس ب ــن ناصـ ــح األندلـسـ ــي‪،‬‬
‫حين التقى أبــو نــواس بــابن ناصـ ــح في العــراق‪ ،‬والشــاعر أبــو الخطـ ــار ُح ســام بن ض ـ ــرار‪،‬‬
‫وهـ ــو من أش ــراف القحط ــانين باألنــدلس وكـان شــاعرًا فارسـًا؛ لــذا لقب بــعنترة األنــدلس‬
‫وهذان الشاعران لـم يــعثر إال على القليل من أشـعارهما‪.‬‬
‫عهــد بنو أميـة‪ :‬ازداد الشــعر انتشــارًا لما ك ــان مــن حرك ــة علميـة وأدبيـة ولمـا أواله‬
‫الحك ـ ــام من عـ ـ ــناية‪ ،‬وقـ ــد اشـ ـ ــتهر من الش ـع ـ ــراء ابن عبـ ــد رب ـ ــه‪ ،‬وابن هـ ـ ــاني اإللبـ ــيري‪،‬‬
‫والَّز بـيِد ي‪ ،‬وابن دّر اج القســطلي‪ ،‬واشــتهر في فـترة االنتقال من العهــد األمــوي إلى عهــد‬
‫ملـوك الطوائـف ابن ُش ـَهْيد‪ ،‬وابن َح ـْز م‪ ،‬وقـد شـهدا سـقوط الخالفـة األمويـة وبكيـا قصـر‬
‫الخالفة فـي قرطبة‪.‬‬
‫عهـ ــد ملـ ــوك الطـ ــوائف‪ :‬تنافس ـ ــوا ف ــي نظ ـ ــم الش ـ ــعر وكــانوا يتراس ـ ــلون فيمــا بينهم‬
‫شـعرًا‪ ،‬ويحـاولون أن يعيشـون حيـاة شــعرية والســبب تحـول بالد األنــدلس إلى إم ــارات‪،‬‬
‫وتنافــس فيها الحك ــام فــي طــلب العل ــم واألخــذ بأســباب األدب وتقريب الشــعراء‪ .‬وقـد‬
‫اشتهر فـي تلك الفترة المعتمد بن عباد ابن زيــدون ووالدة بنت المستكفي‪.‬‬
‫عهــد المرابطــون‪ :‬انحـ ــط الشـ ــعر انحط ــاطًا منـ ــها قـصـ ــر عهـ ــدهم الــذي لم ي ــهيأ مــا‬
‫يـهـ ــذب خـشـ ــونـتـ ــهم ويرقـ ـ ــق أذواق ـ ــهم‪ ،‬وك ـ ــذلك بسـ ـ ــبب انه ـ ــيار المشـ ـ ــرق‪ ،‬تضـ ـ ـ ــاءل‬
‫الشــعر وتالشــى ونـ ــزع نزع ــة الزجــل والتوش ــيح‪ .‬م ــما جعـ ــل أحـ ــد أهـ ــل الحــرص يجـ ــمع‬
‫الشـ ــعر خش ــية ع ــليه أن يض ـ ــيع‪ ،‬مث ــل ابن بس ـ ـ ــام ف ــي ك ـ ــتابه الذخـ ــيرة ف ــي محاسـ ــن أهــل‬
‫الجـ ــزيرة وكـذلك كتاب ابن خاقــان القالعي قالئد العقيان‪.‬‬
‫وق ــد تغلب في ه ــذا العهـ ــد ذوق الع ـ ــوام‪ ،‬وم ــال الش ـ ــعر إلى ك ـ ــل م ــا ه ـ ــو ُس ـوقـ ـّي ‪،‬‬
‫واتســم بس ـ ــمٍة البـذاءة‪ ،‬والهـجــاء الالذع والمتحـِّر رين والمجـان‪ ،‬وعهـد كبـار الزجــالين‪.‬‬
‫وقــد اشــتهر من الشــعراء أبــو إســحاق بن خفاجــة‪ ،‬وابن أخ ــته يحي بن الزقــاق‪ ،‬واألعمى‬
‫التطيلي‪ ،‬وابن قزمان‪.‬‬
‫عه ــد الموح ــدون‪ :‬ك ــان عهــد هـ ــدوء وسـ ــكينة كمــا كــان عهــد علم عــرف فيــه ابن‬
‫‪20‬‬

‫الطـفيل وابن رشد ابن البيطار وغــالب البلنسـ ــي المعــروف بالُّر صــاف ــي‪ ،‬واشــتهر عــدد من‬
‫النسـ ــاء اللـ ــواتي ي ـت ـعـاطـ ــين القريـ ــض ‪ ،‬منهـ ــن حفصـ ــة الركـ ــونية‪ ،‬كـ ــما اشـ ــتهر ابن األّب ار‬
‫الُقَض اعي‪.‬‬
‫اتجاهات الشعر االندلسـي‪ :‬هنـاك ثالث اتجاهـات للشـعر األندلســي وإذا نظــرنا إلى‬
‫الش ــعر في بدايــة األمــر وجــدنا أنــه ســار في اتجـاه المدرســة المشـ ــرق ـي ــة المحافظـ ــة‪ .‬وإن‬
‫أو مظ ــهر من مظــاهر هـذا االتجاه المحافــظ هــو االلت ــزام بالموضـ ــوعات التقـ ــليدية‪ ،‬كـ ــما‬
‫كـ ــان يسـ ـ ــير ع ــلى من ـهـ ــج األقــدم ـي ــن ف ـ ــي بن ـ ــاء القصــيدة وفي تجميــع صــورها من عــالم‬
‫الباديــة وتــأليف أســلوبها ف ــي األعـ ــم األغ ــلب على األســلوب الــذي يعتمــد على األلفاظ‬
‫الجـزلة والعــبارات الفخــمة‪ ،‬كـما يميـل إلى األبحر الطويلة ذات القوافـي الرنانة‪.‬‬
‫ومن أمثلــة ذل ــك قــول أب ــو المخش ــي من قص ــيدة يمــدح به ــا عبــد ال ــرحمن ال ــداخل‬
‫ويصف الرحلة إليه فيقول‪:‬‬
‫اْمَتَط ـْيــنَـا ِس ـ ـ ـَم انًا ُبـ ـ ـْد نا َفَتركْــَناها َنَض ـ ــاء بالـَع ــنا‬
‫وُذرْيـَنى قْد َتجَــاَو زْت ِبَه ــا َمهَم ها قفرًا إلى أْه ل الّندى‬
‫َقاِص دا َخ ير َم ناٍف ُك لها وَم ناٌف َخ يُر من َفوِق الّثـَر ى‬
‫وردت هــذه األبـي ــات فـي ( اإلحاطـ ـ ــة) البـ ــن الخ ـط ـ ـ ــيب (مخطــوط باإلســكولاير رقم‬
‫‪ ،1673‬ورقـ ــة‪ )352‬نق ـ ـ ـًال عن أحمـ ــد هيكـ ـ ـ ــل‪ ،‬األدب األندلسـ ـ ــي ص‪ .82‬ويتـ ـصـ ـ ــل‬
‫نس ــب الشـاعر بالعب ــاد نص ــارى الح ــيرة‪ ،‬وك ــان أب ــوه مـع جنـد الشـام الـذين وفـدوا على‬
‫األندلس في فترة الوالة‪ ،‬وكان أبا المخشــي ذا بــذاء زائد يتســرع به من ال يوافق ـ ــه مـ ــن‬
‫الن ــاس‪ ،‬وذا هجـ ــاء يمـ ــس الح ـ ــرم ويتـ ـ ــناول األع ـ ـ ــراض؛ لــذا كــان الشــعراء يجــدون ف ــي‬
‫أصله النصــراني البعيد مغمزًا يعيرونه به‪،‬‬
‫وقد ذكر فـي إحدى مدائحــه بيتـًا من ال ــشعر اعتــبره هشــام بن عبــد الــرحمن الــداخل‬
‫تعريضًا به‪ .‬وهــو هـذا البيت‪:‬‬
‫وَلْيُس وا ِم ْثَل من إْن َس يل عرفا‬
‫ُيـ ـَق ـِّلــب ُمْق ـَلــة ِفْي ـ ـَه ــا ِإعْــ ـِو َر ار‬
‫فه ـشـ ــام ك ـ ـ ــان أح ـ ـ ــول فاغـ ـتـ ــاظ مـ ــن أب ـ ــي المخـ ـشـ ــي‪ ،‬فاسـ ــتدعاه إلى مدي ـ ــنة م ــاردة‬
‫‪21‬‬

‫وكــان هشام واليها فـي حياة أبيه فخــرج إليه طامعًا فـي عطائه‪ ،‬فلــما دخــل عليه قال لــه‪:‬‬
‫"يــا أبــا المخش ــي إن الم ــرأة الــتي ه ــوت ابنهــا‪ ،‬فقذفتها فأفحشـ ــت فيهــا‪ ،‬قــد أخلصــت‬
‫دعاءها هلل فـي أن ينتقــم لهــا منـك‪ ،‬فاس ــتجاب رجـ ــاءها‪ ،‬وســلطـ ــني ألق ــتص لهــا" ثم أمــر‬
‫به فقطــع بعض لســانه وس ــملت عيناه‪ ،‬فعظــم مصابه وكــثرت شــكواه فـي أشعاره‪.‬‬
‫ولما بلغ عبد الرحمن الداخــل صــنيع ابنه عــنفه‪ ،‬ثـم قدم الشـاعر على عبـد الـرحمن‬
‫وأنشـده قصيدته التي صـدرها بتصـوير محنـة العمى‪ ،‬فـرق لــه األميــر وأجــازه بألفــي دينـار‬
‫وضـاعف ديـته‪ ،‬ولمـا ص ــار األمــر إلى هــشام بعــد أبيـه استشــعر النـدم ممـا أصـاب الشــاعر‬
‫على يديه‪ ،‬فتــرض ــاه وضــاعف ديتــه كـذلك‪ .‬وردت أخـ ـبـاره فـي المغرب البن ســعيد‪ ،‬ج‬
‫‪ ،2‬ص‪.124‬‬
‫االتجاه المحدث أو الجديد ونعــني بهــذا االتجــاه‪ ،‬االتجـاه الــذي ســار فــي المشــرق‬
‫مثـل أبي نـواس ومس ــلم بن الوليـد وأبـو العتاهيـة وأمثـالهم من المجـددين‪ ،‬والـذي تزعمـه‬
‫أبو نواس حــين ثار عـلى االتجــاه المح ــافظ ون ـّد د بطــريقتــه وراح يطـرق أغـراض جديــدة‬
‫وبنهج وأسـ ــلوب محــدث ثـ ــار ع ـ ــلى المق ـ ــدمة الطـ ـ ـ ـ ــللية ك ـ ــما ثــار على الموضـ ـ ـ ـ ــوعات‬
‫التق ــليدية وأه ــتم بأغـ ــراض شـ ــعرية لم تـ ــكن ش ـ ــائعة من قبــل وتوســع في الغــزل والخمــر‬
‫ووصفها‪.‬‬
‫فمن المعـ ـ ــروف أن أص ـ ـ ــل نشـ ـ ــأة ه ـ ــذا االتجـ ــاه ف ـ ــي الشـ ـ ــرق كـ ـ ــان أثـ ـ ــرًا للحـ ـ ــياة‬
‫الج ــديدة التي عاش ــها الناس فــي العـ ـص ــر العـباســي األول وأخ ـ ــذ‬
‫النـاس يفتح ــون عــيونـهـم ع ـلــى‬
‫دهشـ ــة مسـ ـت ـحــدثات الحض ــارة‬
‫لقــد ك ــان لهذه الحركــة التــي‬
‫تزعمها أبو نواس ومعاصروه أثرًا‬
‫على بعض الش ــعراء‪..‬‬
‫من هؤالء الــشعراء عبـاس ابن ناصـح الـذي س ــافر إلى المشـ ــرق والتــقى بـأبي نـواس‬
‫فـي العــراق وســمع شــعره وعاد إلى األندلس فأشاعه بينهــم وما لبث أن تــمثلوه وأنتجوا‬
‫شعرًا مشابهًا به بل يفوقه في بعض األحايين ونتيجـ ــة الحـ ــياة الجـ ــديدة أيضـ ـًا الــتي بــدأت‬
‫‪22‬‬

‫يح ــيونها العرب في بالد األندلس ظهرت تلك األشعار المحدثة التي أخـ ــذت اتجـ ــاهات‬
‫جــديدة مثل‪ :‬الخـ ـ ـ ـ ـم ـ ــريـ ــات‪ ،‬والمجـ ــون ـي ــات‪ ،‬وظــهر الغـ ـ ــزل الشـ ـ ــاذ‪.‬‬
‫ومن أمثل هذا االتجاه قول المطرف بن عبد الرحمن األوسط‪:‬‬
‫أْفَنيُت ُعْم ري بالُّش ْر ِب والُو ُج وه الـِم الح‬
‫وَلْم أَض يع أصيًال وال إِّطالع َصَباح‬
‫ُأحـّي الّلياِلــي ُس ْه دًا فـي َنْش ــوٍة وِم ـَر اح‬
‫ولم أْس ـَم ـع َماذا َيُقــول َداِع الَف ـالح‬
‫* فاألبيات صريحة في المجون والعبث وضياع الوقت بين الخمر والملذات‪.‬‬
‫فيمكــن أن نجــمل خص ــائص االتجـاه المحــدث بأنــه اتجــاه فيـه ثــورة على األغـراض‬
‫القديمة؛ ولذلك فموضــوعـاته جديدة‪ ،‬ومن حيث األسـلوب فنالحـظ أنه واضـح وس ـ ــهل‬
‫واأللفاظ تعـ ــبر عن المعـ ــاني دون تكلـ ــف‪ ،‬ويض ـ ــاف إلى ذلـ ــك أنـ ــه أسـ ــلوب يميـ ــل إلى‬
‫التفصيل ويتجه أحيانًا إلى القص‪ ،‬وتشـع فيه روح الدعـ ــابة والسـ ــخرية والتحـ ــرر الزائ ــد‪،‬‬
‫أما الموســيقى فهــذا االتجــاه يتجــه نحــو البحــور القصـ ــيرة والقوافي الرقيقة‪.‬‬
‫• ومن أمثلة ثورة أبو نواس والتعريض بكل واقــف على األطالل والنيــل من العــرب‬
‫في سخرية قوله‪:‬‬
‫ُقْل ِلَم ْن َيْبِكي َعَلى َر ْس ِم َد ْر ٍس‬
‫ِق‬
‫َو ا فًا ما َض ّر َلْو َك اَن َج َلْس‬
‫اْتُر ْك الّر ْبَع َو َس ْلَم ى َج اِنبًا‬
‫ِخ ِم‬ ‫ِب‬
‫واْص َط ْح َك ْر يَّـَة ْثل اْلَق َبْس‬
‫وظهـ ــر االتـجـ ــاه المحافـ ــظ الجـ ــديد فـ ــي المـش ـ ــرق ك ـ ــرد فع ـ ــل لالتجـ ــاه المحــدث‬
‫الــذي تزع ــمه أبــو نــواس والــذي خــرج بالشــعر العــربي عن كـ ــثير من تقـ ــاليده فج ــاء هــذا‬
‫االتجـاه المحافظ ال ــجديد ليعــيد إلى الشــعر الــعربي ط ــبيعــته العـربيــة دون الوقــوف عــلى‬
‫أو الج ـمـ ــود‪ ،‬ومـ ــن ه ـن ــا كـ ـ ــان ه ـ ــذا االتجـ ـ ـ ــاه محافظ ـًا من جـ ــانب ومجـ ــددًا من جـ ــانب‬
‫آخ ـ ــر‪ ،‬فهـ ــو محافـ ــظ ف ـ ــي منهـ ـ ــج القصـ ـ ــيدة ولغ ـت ـ ــها ومــوســيقـ ـ ــاها ثـ ـ ـ ــم ف ـ ــي روحـ ـ ـ ــها‬
‫وأخالقياتها‪ ،‬وهو مجــدد فـي معاني الشعر وصـوره وأسـلوبه وجمالياته‪.‬‬
‫‪23‬‬

‫ومـ ــن خص ـ ــائص هـ ــذا االتجـ ــاه المحافـ ــظ الجـ ــديد أنـ ــه يسـ ــير على الطـ ــريقة الق ــديمة‬
‫ف ــي البــدء بالبك ــاء على األطالل أو االفتتــاح بالغ ــزل‪ ،‬ثم االنتقال إلى الغ ــرض األساســي‬
‫الــذي قـد يســبق فــي وصـف رحلـة الشــاعر وقـد يــتبع بالفخ ــر‪ .‬وكــذلك من ناح ــية اللغ ــة‬
‫يفضــلون أصحاب هذا االتج ــاه األس ـلــوب القــديــم ذا األلفــاظ القويــة الج ــزلة‪ ،‬وفخا ــمة‬
‫العــبارة‪.‬‬
‫ومن ح ــيث الموســيقـ ــى يـؤثـ ــرون األوزان الطـ ــوي ــلة ذات النغـ ــم الوقـ ــور‪ ،‬والقواف ــي‬
‫القــوي ـ ــة ذات الرن ـ ــين الرزيـ ــن‪ .‬ومن حيث روح الش ـ ــعر وأخ ـ ــالقيته يبتعـ ــد أص ــحب ه ــذا‬
‫االتج ـ ـ ـ ــاه عـ ـ ــن اإلفـ ـ ـ ــراط فـ ـ ــي المج ـ ـ ــون والمجــاهـ ــرة فـ ـ ــي العص ـ ــيان واج ـ ــتناب الفخ ـ ــر‬
‫بارتكــاب الرذائل‪.‬‬
‫ومن حيث معان ـ ــي الش ــعر وص ـ ــوره فقـ ــد كـ ــانوا يس ـ ــيرون مسـ ــيرة المجـ ـ ــددين فـ ــي‬
‫البحث عــن المبتــكر الرائـع‪ ،‬ومن تلــك ص ــور تشــخيص ــية ورائ ــعة ل ــواٍد ظ ــليل ت ـق ــدمه ــا‬
‫الشــاعرة حــمدة بن ــت زي ــاد المؤدب إذ تقول‪:‬‬
‫وَقــاَنا َلْف ـِة ال َض ــاِء اٍد‬
‫َو‬ ‫َح ّر ْم‬
‫َس َق اُه ُمَض اَعُف الَغْيِث الَعِم يِم‬
‫َح ـَلْلَنا دْو حـُه َفَح ـّنا َع ـ ـَلْينـا‬
‫ُح ُنَّو اْلُم رِض َعاِت َعَلى الَف ِط ـْيــم‬
‫وأْر َش ـْف َنا عَــلى َظــمٍأ ُزَالًال‬
‫َأَل ـُّذ م ـِـ ـْن اُلُم ـ ـَد اَم ـ ـ ـِة للَّن ـِد ي ـ ـِم‬
‫َيُصُّد الَّش ْم َس أَّنى واَج َه ْتَنا‬
‫َفي ـَـْح ُج ـُبَه ا وَيــْأَذُن ِللَّنِس ـ ـي ــم‬
‫وح ـ ــمدة بنت الم ــؤدب تسـ ــمى (حـ ـ ــمدونة) ونسـ ــب إليه ــا أهـ ــل المغ ـ ــرب األبي ــات‬
‫الشــهيرة المنســوبة للمنــازي الشــاعر المشــهور وهــو أحمــد بن يوســف المنــازي المتــوفى‬
‫سنة سبع وثالثين وأربعمائة‪*:‬‬
‫َو َق ــاَنا َلْف َح ـ ـَة الّر ْم َض ـ ــاء َو اٍد َس َق اه ًم َض اَعف الَغْيِث الَعِم ْيم‬
‫َنَز ْلَنا َدْو َح ـ ـُه َفحَــّنا َعـ ـَلْينا ُح ُنّو اْلُم رِض َعاِت َعَلى الَف ِط ْي ــم‬
‫‪24‬‬

‫َو َأْر َش ـ ـْف َنا َعـ ـَلى ظَــَم أ ُزَالًال َيـُر ُّد ال ـُّر وَح ِللَق ــْلِب الَّس ـ ـِق يـْـم‬
‫َيُصُّد الَّش ْم َس أَّنى َو اَج َه ْتنا َفَيْح ـ ـُج ـُبها َو َيــْأَذُن ِلل ـَّنِس ـ ـْيم‬
‫َيُر وُع َحَص اه َح اِلَيَة الَعَذ اَر ى َفَتْلَم ُس َج اِنَب اْلِعْق د الّنِظ ْيم‬

‫المحاضره الثالثه‪:‬‬
‫موضوعات الشعر‪:‬المدح من ابرز شعراء االندلس في المدح قمر البغدادية‪َ :‬م ا في‬
‫الَم َغاِر ِب ِم ْن َك ريٍم ُيرَتَج ى‬
‫ِِد ِه‬ ‫ِـ‬
‫إّال َح ل يُف الُج و اْبَر ا ـْيُم‬
‫ِإِّني ـَلْلُت َلَد ِه ْنِز َل ِن ٍة‬
‫ْع َم‬ ‫ْي َم‬ ‫َح‬
‫ِم‬
‫ُك َّل الَم َنـاِز َل َما َعَد اُه َذ ْيـُم‬
‫الرثاء‪ /‬ابو البقاء الرنـدي في قصـيدته رثـاء االنـدلس لكـل شـي‪"...‬الى خيـال الطيـف‬
‫وسنان‬
‫المعتمد بن عباد رثا نفسهعندما نفاه يوسف بن تاشفين الى مدينة اغمات التي مــات‬
‫فيها فقيرا مأسورا‬
‫ِفْيَم ا َم َض ى ُك نَت ِباألّياِم َم ْسُر وَر ا‬
‫َفَج اَءَك الِعْيُد ِفي أْغماِت َمْأُس وَر ا‬
‫َتَر ى َبَناِتَك فـي األْطـمَـاِر َعاِر َيًة‬
‫َيَطْأَن ِفي الطْيِن َما َيْم ِلْك َن ِقْطِم يَر ا‬
‫• الغزل‪ :‬تناول كثير من الشُّـعراء في األنـدلس شــعر الغــزل في قصـائدهم خصوصـا‬
‫من ُه ـم قـريــبون من الحَّك ام‪ ،‬أو اللذيــن ت ــم س ــجنهم‪ ،‬ومن أبـرز مـا كــتب في الغـزل ابن‬
‫خــفاجــة فـي قص ـ ــيدته المشـ ـهــورة‪ُ( :‬ح لو الّلمى)‪ :‬وأغيٌد ُح ْلو الّلمى‪ ,‬أْم َلٌد ** ُي ْذ ِكي َعلى‬
‫ِت‬
‫ِو ْج َن ه الَجْم ُر‬
‫ِب ِف‬ ‫ِج‬ ‫ِب‬
‫• ُّت ُأَنا ْيه ‪ ,‬وال ِر ْيبَـٌة**َتَعـّلق ي يه‪َ ,‬و ال ِو ْز ُر‬
‫ِس‬ ‫ِن‬ ‫ِس‬
‫• َو اللْيُل ْتٌر َو ُدو َنا َو ُمْر ٌل**َقْد َطّر زْتُه َأْنُج ُم ُحْم ُر‬
‫‪25‬‬

‫ِف‬ ‫ِت‬ ‫ِف‬ ‫ِج‬ ‫ِك‬


‫• أْب ي َو ُيْش ْيني َف ي ِو ْج َن ي**َماٌء َو ْي ِو ْج َنَتْيه َخ ْم ُر‬
‫هــذه هي حفصــة الركونيــة تعــبر للــوزير الوســيمابي جعفر عن ولعهــا بــه ونهمهــا الى‬
‫حب ي ــدفع به ــا الى الغ ــيرهثم ينتقل به ــا من مرحل ــة الغ ــيره الى مرحل ــة االث ــره واالناني ــة‪:‬‬
‫أَخ اُف َعَليَك ‪ِ ,‬م ْن َعْيِني وِم ِّني‬
‫وِم ْنَك ‪ِ ,‬م َز انَك ‪ ,‬وال َك اِن‬
‫َم‬ ‫َو ْن َم‬
‫َو َلْو أِّني َخ ـَّبْأُتَك ِفي ُعـُيوِني‬
‫إَلـى َيْو ِم الِق ـَياَمِة َما َك ـَف اِني‬
‫• لم تلفت وّالدة من شعر إبن زيـدون وه ــو يج ــوب ُقرطـ ــبة وض ــاحــيتـ ـه ــا الزهـ ــراء‬
‫عاش ـ ــقًا ومولـ ـع ـ ـًا ومتي ــمًا ِبُح ـ ــب والدة بن ــت الُم س ــتكـ ــفي‪ ،‬وق ــد كتب فيهــا الكثــير‪ ،‬ومن‬
‫شعره‪:‬‬
‫• إني َذَك رُتِك بالّز ْه َر اِء ُمْش َتاَقا **َو اُألْفُق َطْلٌق َو َمْر أى األْر ِض َقْد َر اَقا‬
‫• َو ِللّنِس ـيُم إْع ِتالٌل في أَص اِئِلِه ** َك ـأّنُه َر َّق ِلْي َفاْع ـَتّل إْش ـَف اَقا‬
‫• َنْلُه و ِبَم ا َيْس َتِم يَل الَعْيَن ِم ْن َزْه ٍر ** َج اَل الّنَد ى ِفيه َح تى َماَل أْع َناَقا‬
‫• َك أّن أْع ُيُنه إْذ َعاَيْنت أْر َقـي ** َبَك ْت ِلَم ا ِبي َفَج اَل الّد ْم ُع ِر ْقَر اَقا‬
‫• الهجــاء‪ :‬لْم َتُقم ل ــه س ــوق رائ ــد ف ــي األن ــدلس وال س ــيما الهجــاء السـ ــياسي لقلّـ ة‬
‫األحزاب الســياســية وقد ظـهـر فـي عهـد األمـراء هجــاء بين الـُم ضــرّية واليمنّي ة‪ ،‬ولكن لم‬
‫يحفظ لنا منه شيئا‪.‬‬
‫• لم يكن هن ــاك هجـ ــاء سياسـ ــي ب ــالمعنى المعـ ــروف عن ــد المشـ ـ ــارق كالدف ـ ــاع عن‬
‫الُعرِف وذم الشـ ــعوبية ألن الشعوبية لم يكن لها شأن فـي األندلس‪.‬‬
‫وعلى ك ــل حـــال ف ــإن الش ــعراء الل ــذين مارســـوا ه ــذا الغ ــرض لم يبلغ ــوا في ــه شـــأن‬
‫المشــارقة‪ ،‬وأشـ ــهر من ُع رف بهــذا الفن أبــو بكــر المخــزومي األعمى‪ .‬بينــه وبين نزهــون‬
‫القالعي الغرناطية معابثات فاحشة قال فيها المخزومي‬
‫على وجه نزهون من الحسن مسحًة‬
‫وتحت الثياب العار لو كان باديا‬
‫قواصد نزهوٍن توارك غيرها‬
‫‪26‬‬

‫ومن قصد البحَر استلقى السواقيا‬


‫فأجابته نزهون‬
‫إْن َك اَن َما ُقْلَت َح ـقـًّــا مْن َبْع ِد َعْه ـ ـٍد َك ِر ْيم‬
‫َفص ـَــار ِذ ْك ـَر ى َدَمـ ـْيما ُيـْعَز ى إلَى ُك ـ ـَّل َل ـ ـْو م‬
‫َو ِص ـ ـْر َت أْقــبَــ ـَح َش ـ ـْي ٍء فـي ُصوَر َة اْلَم ْخ ُز وِم ي‬

‫• الخمر‪ :‬حظي الخــمر بنصـيٌب كبـير من الشـعر األندلس ــي‪ ،‬وكــان أكــثر مـا تــناوله‬
‫ُه ـم العاشـقون الهـائمون‪ ،‬ومن أشــعارهم في الخمر‪.‬‬
‫• قال علي بن أبي الحسن في وصف الراح‪:‬‬
‫ِك‬ ‫ِف‬ ‫ِم‬
‫• َيُر وُج ْن اْلَخ طِّي ْيها َك وا ٌب‬
‫• َلَه ا مْن ُقُلوِب اْلُم ْج ِر ميَن َم َناِز ُل‬
‫• َتَر ّدْت ُنُح وَل الَعاِش ِق يـَن َك أّنَم ا‬
‫ِم ِب‬ ‫ِب ِم‬
‫• َه ا ْن َتَباِر ْيـِح الَغـَر ا َبَال ُل‬
‫• وقال شاعر آخر‪:‬‬
‫َنِد يـ ِه ـَت في َغ ِتِه‬
‫ّر‬ ‫َو ٌم ْم‬
‫ِبُش ِِب الَّر اِح م ا ـِتِه‬
‫ْن َر َح‬ ‫َو ْر‬
‫ُك ّلَم ا اْسَتيَق َظ مْن َس كْـَر ِته‬
‫َج َذ َب الِّز َّق إِلْيه واَّتَك ا*َو َس َق اِني َأْر َبَعا ِفْي أْرَبع‬
‫وقال الغزال في وصف الخمر‪:‬‬
‫َو َما َر أْيُت الُّش رَب أْك َدْت َسَم اُؤ هم‬
‫َتأّبْطُت ِز ِّقـي َو اْحَتَس ـبُت َعَناِئي‬
‫وهذا أبو زكريا يحيى بن محمد المعتصم بن معـن‪ ,‬رفيـع الدولـة يصـف مجلس لهـو‬
‫وخمر‪:‬‬
‫أَبا الَعالُء‪ُ ,‬ك ُؤ وس الَخ ْم ِر ُمْتَر َعٌة‬
‫وِللّنَد اَمى ُس ُر وٌر في َتَعاِط ْيَه ا‬
‫‪27‬‬

‫وِلْلُغُصوِن َتثن َفْو َقَه ا َطَر با‬


‫َو ِلْلَح َم اِئِم َس ْجٌع في َأَعاِلْيَه ا‬
‫َفاْش َعلى الَّنْه ِر م ْه اٍء اِف ٍة‬
‫ْن َص َب َص َي‬ ‫َر ْب‬
‫كَأّنها ُعِص َر ت مْن َخ ِّد َس اِقْيها‬
‫• الوصف‪ :‬إن أكــثر مــا تم وصــفه في األنــدلس هــي المـزارع أو أراض ــي الف ــالحين‬
‫ح ــيث ك ــان لهــم اهتمـام ك ــبير فــي الط ــبيعة ل ـَم لهـا من تأثيـ ــر نفس ــي وعمـق تأصــيلي في‬
‫الحياة ومن تلك األوصاف نذكر مــا قـ ــاله‪ :‬األمي ــر عبــدالملك بن بشـ ــر بن عبــدالملك بن‬
‫مروان‪:‬‬
‫• َتَبّد ت َلَنا َو َس ـَط الّر َص ـاَفة َنْخ ـَلٌة‬
‫• َتَناءْت بَأْر ٍض الَغْر ِب َعن َبَلِد الّنْخ ـِل‬
‫• َفُقْلت َش ـِبْيهي ِفي الّتَغرِب والّنـَو ى‬
‫• وُطوَل الّتَنـائي عْن َبِنْي وعْن أْه لِـي‬
‫• َنَش أُت بأْر ٍض أْنَت ِفْيـَه ـا َغِر يبـٌة‬
‫• َفِم ْثُلَك في اِإل ْقَص ـاِء والُم ْنَتـأى ِم ْثِلي‬
‫• َس َق ْتَك َغَو اِد ي الُم ْز َن ِم ن َصْو ِبَه ا اّلذي‬
‫• َيُس ـُّح َو َيْس َتمِر ي الّسَم اِكين ِبالَو ْبل‬
‫• ِبَم ْه لَك ٍة ُيْس َتهَلُك الُج ْه د َعْف ِو ها‬
‫• َو َيْترَك َش ْم َل الَعْز ِم َو هو ُمَبّد د‬
‫• َتَر ى َعاِص َف األْر َو اِح ِفْيَه ا َك أّنَه ا‬
‫• ِم ْن اَألْيِن َتْم ِش ي َظاِلٍع أْو ُمَق يّد‬
‫• العفه‪ :‬من الخص ـ ــال ال ــتي تم ـ ــيز به ـ ــا أه ـ ــل االندلـ ــس (العـّف ـ ــة) والمحــفاظ ـ ــة على‬
‫خصـال الحيـاء‪ ،‬وتعتـبر العفة صـفة محمـودة في ذاك العصــر الرائـع ق ــال أحـ ــد الش ـ ــعراء‬
‫المج ـهــوليـن يصـ ــف األخالق والعفة‪ :‬وَطاِئَعَة اْلِو َص اِل َعَف ْف ُت َعـْنَه ا‬
‫• َو َما الّش ـْيَطاُن ِفْيـها ِبالُم َطاَو ِع‬
‫• َبَدْت ِفي الّلْيِل َس ـاِفـَر ًة َفَباَنْت‬
‫‪28‬‬

‫• َدَياِج ـي الّليُل َس ـاِفَر َة الِق ـَناِع‬


‫• َو َما ِم ـْن َلْح ـَظـٍة إّال وِفْيـها‬
‫• إلى ِفَتـِن الُقـُلوِب َلها َد َو اِع ي‬
‫• َفَم ّلْك ُت الُّنَه ى َج َم حات َش ـْو ِقي‬
‫• ألْج ِر ي ِفي الَعَف اِف َعلى ِط َباِع ي‬
‫• الحماسه‪ :‬من شـعِر الحماسِة ما قاله الفاتح طـارق بن زي ــاد وهــو َيحُّث المســلمين‬
‫على حمـاس الجهــاد عـبر مس ــيرته الط ـّــويلة في الـذود عن دمـ ــاِر االس ــالم والترغ ــيب في‬
‫الحـرب والِّنضـال من أجل إعالء كلمة اهلل ورفع راية االســالم في األندلـس‬
‫• َر ِكـْبنا َس ـِف ينًا بالَم َج ـاِز ُمِق ـيرا‬
‫• َعَس ى أْن َيُك وَن اهلل ِم ّنا َقْد اْش تَـَر ى‬
‫• ُنُف وَس ـًا َو أْم ـَو اًال َو أْه ـًال ِبَج ـنة‬
‫• إَذا َما اْش َتَهْينا الّش يء ِفْيَه ا َتَيسّـرا‬
‫• َو َلْس َنا ُنَباِلي َك ْيَف َس اَلت ُنُف وَس ـَنا‬
‫• إَذا َنْح ُن َأْد َر ْك َنا اّلذي َك اَن أْج ـَد َر ا‬
‫وقال األمير بن ردنيش يصف الحماسة والشــجاعة في المعركــة‪َ :‬أُك ُّر َعَلى الَك ِت ِة‬
‫ْيَب‬ ‫ُم‬
‫َال ُأَباِلي‬
‫َأْحَتِف ي َك ان ِفْيَه ا أْم ِس َو اَه ا‬
‫الزهد‬
‫» هــو إنص ــراف اإلنســان عن متــاع الــدنيا وحطامهــا اللــذين يكونــان ســببا في خطيئــة‬
‫اإلنس ــان واإللتفات إلى ع ــبادة اهلل وطاعتــه‪ ،‬وقــد اختلفت دواع ــي لج ــوء الش ـ ــعراء إلى‬
‫الزهــد‪ ،‬فمنه ــم من‬
‫أص ــبح زاهــدا بعـد أن أس ــرف فـي‬
‫اقتراف المعاصي واقتناص الملذات‬
‫بكـل أنواعــها‪.‬‬
‫قال الشاعر ابو الوليد الباجي‪:‬‬
‫‪29‬‬

‫إذا ُك ْنُت اْع َلُم ِع ْلمًا يقينًا‬


‫َفِلَم ال أكــوُن َض ــنينًا بِــها‬
‫بأّن مي اتي َك اعٍة‬
‫َس‬ ‫َج َع َحَي‬
‫واْجَعلَه ا في َص ـَالٍح َو َطـاعْة‬
‫• المدح‪ :‬من أبـرز ُش ــعراء المــدح فــي االندلــس نـذكــر للعـرض ال للحصـر‪ ،‬شــاعرة‬
‫عالي ــة القام ــة في الش ــعر‪ ،‬ذات رأي س ــديد وج ــواب ش ــاف‪ ،‬ومنط ــق ص ــائب‪ ،‬هي (قَـ َم ر‬
‫البغداديـة) التي امتدحت موالها ابراهيم بن حجاج اللخـمي‪:‬‬
‫• َما في الَم َغاِر ِب ِم ْن َك ريٍم ُيرَتَج ى‬
‫ِِد ِه‬ ‫ِـ‬
‫• إّال َح ل يُف الُج و اْبَر ا ـْيُم‬
‫• ِإِّني ـَلَلُت َلَد ِه ْنِز ل ِن ٍة‬
‫ْع َم‬ ‫ْي َم‬ ‫َح‬
‫ِم‬
‫• ُك َّل الَم َنـاِز َل َما َعَد اُه َذ ْيـُم‬
‫• الحكمـ ــة‪ :‬إّن الشـ ــعراء األندلسـ ــيين بـ ــدت حكمتهم سـ ــاذجة لم تنشـ ــر في تلـ ــك‬
‫الرب ــوع‪ ،‬ب ــل ت ــأخر ظه ــور الفالســـفة إلى آواخـــر القرن الخ ــامس في عص ــر الم ــرابطين‬
‫والموحــدين فقد كــان هــذا العصــر عصــر فلســفة وتــأليف‪ .‬فيــه ظهــر ابن باجــة وابن رشــد‬
‫وابن طفيل‪.‬‬
‫فقد كان للفقهاء سلطانا على ملوك األندلس فقد ضّيقوا حرية التفكير وكفروا كل‬
‫ُمتفلسف وأفتوا بنفيه وإحراق كتبه‪ .‬فكانت العامة ُتجاري أهواء الفقهاء لذلك لم يظهــر‬
‫شعر الحكمـة في شـعراء االنـدلس وإن كـان إبن هـانئ أكـثر الشـعراء األندلسـيين إهتمامـًا‬
‫بالحكمة في شعره فهو بذلك محاوًال تقليد المتنبي‪.‬‬
‫وحكتمــه تــدور حــول شــكوى الــدهر والتحــذير من الــدنيا‪ ،‬فكــانت كحمــة غــيره من‬
‫الشــعراء مبتذلــة بعيــدة عن النضــج‪ .‬ومن قولــه في قصــيدة يــرثي فيهــا ولــدًا إلبــراهيم بن‬
‫جعفر بن علي أحد ممدوحيه‪:‬‬
‫وهب الدهر نفيسًا فاسترد ربما جاد بخيًال فحسد‬
‫خاب من يرجو زمانا دائمًا تعرف البأساء منه والنكد‬
‫‪30‬‬

‫الموشحات األندلسية‬

‫الموشح ‪:‬ع ـّر ف ابن ســناء الملـك الموشح فقـ ــال‪ :‬الموشـ ــح كالم منظــوم على وزن‬
‫مـخصــوص‪ ،‬ومـن ُه ــنا نـعـلم بـأّن الموّش ـحــات تـخ ــتلــف عــن القصـائد بخروجهــا عن مبــدأ‬
‫القافي ــة الواح ــدة ب ــل تعتم ــد على ُج ـ ــملٍة من القــوافـ ــي المتــناوب ـ ــة والمتناظ ـ ــرة وف ــق نس ــق‬
‫معين‪ .‬والموشــحات تخ ــتلف عن الشـ ــعر من ناحـ ــية أخـ ـ ــرى‪ ،‬ح ـ ــيث أنه ـ ـ ــا تـنطـ ـ ـ ــوي فـ ــي‬
‫بع ــض أجــزائها وبخـاص ــة خاتمــتها على العبـ ـ ــارة العامي ـ ـ ــة دون الُف ـ ـصـ ـ ــحى كـ ـ ــما تـتـ ـ ـص ــل‬
‫الموشـ ــحات اتصـ ــاًال وثــيقًا بفن الموســيقى وطريقة الغناء فـي األندلس‪.‬‬
‫بدايـ ــة الموشـ ــح االندلسـ ــي‪ :‬بـ ــدأت الموشـ ــحات فـ ـ ــي األنـ ــدلس منـ ــذ الق ـ ــرن الرابـ ــع‬
‫الهج ـ ــري وال زال ـ ـ ــت ُتغَــن ـ ـ ــى كــأغ ـ ـ ــاٍن للمج ـمــوعـ ـ ـ ــة ف ـ ــي ك ـ ــل من ليـبـي ـ ـ ــا والج ــزائ ـ ـ ــر‬
‫والمغــرب وموريتـانيا حتى اآلن‪.‬‬
‫تسمية الموشح‪ :‬تسمية الموشح استعيرت من الوشـاح والـذي يّع رف فــي المعـاج ــم‬
‫"سـيٌر منسوج من الجلـِد ُمرّصـ ــع بالجــواهر واللـؤلــؤ تـتــزين بـه المـرأة“ ولهـذا ســمي هـذا‬
‫النمـط بالمـوشح لما انطــوى عليه مـن ترصيع وتزيين وتناظر صنعه‪.‬‬
‫تلحين الموش ــح‪ :‬تلح ـ ــن الموش ـ ــحات على الـموازي ـ ــين الـمســتع ـ ــملة فـ ــي الموس ــيقى‬
‫العربيـ ــة ويستحسـ ــن أن تلحن على المـ ــوازيين الكبـ ــيرة كـ ــالمربع والمحجـ ــر والمخمس‬
‫والفاخــت أو من أي وزن آخر يقســم الـموشــح عنـد تلحــينه إلى ثــالثــة أقس ــام ويسـ ـم ــى‬
‫القس ــم األول بالــدور ويقـاس عـليــه القســم الثــالـث وزنـ ـًا وتلحـ ـي ــنًا ‪ ،‬أمــا القسـ ــم الث ـ ــاني‬
‫فيسـ ــمى الخـ ــانة وغـ ــالبًا مــا يخـ ــتلف الــوزن والتلح ـ ــين ف ــي هــذا القســم عن الــدور األول‬
‫والثالث‪.‬‬
‫انواع الموشح‪ُ :‬ه ناك عدة أنواع من الموشح تخـتلـف بعضـها عـن األخر‪ ،‬من حيث‬
‫الوزن والشـكل والرسـم والبيئــة وكــذلك من ح ـيــث التـوشـ ــح به ــا كـلحنــا أو لفظـًا ـ ـ أي‬
‫الموشح ـ كصــوتا‪.‬‬
‫الكـار‪ :‬وهـو الذي يبدأ بالتـرنُّـم ويكـون على إيقـاع كبير كموشح‬
‫“برزت شـمس الكـمال“‬
‫‪31‬‬

‫ألبي خليل الق ــباني‪.‬‬


‫الك ـ ــار الن ــاطق‪ :‬وه ــو ال ــذي يك ــون ملحن ـًا على إيقـاع ـ ــات متوس ـطـ ــة م ــع توري ـ ــة فـ ــي‬
‫الشـ ـعـر باســم المقــامات كــموشح‪:‬‬
‫َغـّنـت ُس ـليَم ى ِفـي الِح َج از‬
‫َو أطـ ـْـ ـَر بَــْت أهْــ ـَل الع ـِـ ـ ـَر اق‬
‫النق ـ ــش‪ :‬وهـ ــو الـ ــذي يك ـ ــون ُملحن ـ ـًا من ثالث ـ ــة إيقاعـ ــات إلى خمس ـ ــة غـ ــير محـ ــددة‬
‫كموشح‬
‫"ن ـَـّبه الّنـْد َمان َص ـاح"‬
‫الزنجــير العربـي‪ :‬وهـو الذي يكـون ُملحـنًا من خــمســة إيقاع ــات غ ـيــر ُمحــددة مـث ـ ــل‬
‫موسـيقــى نقـش الظــرافات‪.‬‬
‫نموذج لموشح الكار البن معتز‬
‫أُّيها الّس اقي إليَك المْش تَك ى**َقْد َدَعوَناك وإْن َلـْم َتْس مِع‬
‫ونديـ ـ ِه ـ ت فــي َغ ـ ـ تِـِه ** وبـ ـِــش رِب ال ـ ا من ا ـتـِــِه‬
‫ّر َح َر َح‬ ‫ُـ‬ ‫ّر‬ ‫ٌم ْم‬
‫ُك لما اْس تيَق َظ ِم ْن َس كْـرِته‬
‫َج ـ ـ ـَذ َب الِّز َّق إلي ـِه واّت ـ ـ ـَك ـ ــا‬
‫َو َس ــقاِني أْرَبـع ــا فـ ــي أْرَبـ ــع‬
‫َما ِلعَـْيـنـي َعِش ـَيْت بالّن ـَظــر‬
‫أْنَك ـَر ت َبْع َد ِك َض ـْو ء القـ ـَـَم ر‬
‫وإذا َما ِش ـْئت فاْس ـَم ع َخ َبري‬
‫َعِش َيت َعْيناي ِم ْن ُطول الُبكا**َو َبكا َبْع ِض ي َعلى َبْع ِض ي َمِعي‬
‫الّز ْنِج ـير التركي‪ :‬وهـو الذي يكــون ُمل ـحــنًا مــن خمســة إيقاعــات محــددة‪.‬‬
‫الُّضـ ــرَبان‪ :‬وهو الذي يتــألف من إيقــاعــين غــير محــددين ‪ ،‬فيــكون الدور من إيقــاع‬
‫والخــانة من إيقـاع آخر كموشح ”ريم الغاب ناداني“ لنديـم الدرويش‪.‬‬
‫ال ــمألوف‪ :‬ويتــألف من دورين وخانــة وغط ــاء ويســمى سلســلة وهــو من إيقاع واحــد‬
‫ومثاله”امأللي األقداح“‬
‫‪32‬‬

‫الَق ـ ـْد ‪ :‬موشــح من إيقاع ص ــغير كالوحــدة وأولـ ــه ي ــبدأ ك ــمذهب يـ ــردده المغـ ـن ــون ‪،‬‬
‫وأول ما ُلِّح ـَن هذا اللــون سـمي بالـموشحات الصغيرة وال يجوز أن نطلق عليه أغنيــة بــل‬
‫نقول قد وجمعه قدود‪.‬‬
‫اش ــهر الموش ــحيين االندلس ــيين‪ :‬من اشـ ـ ــهر الـموش ـ ــحين األندلسـ ـي ـي ـ ــن ابن ق ــزم ـ ــان‬
‫األصـ ــغر وهــو محمــد بن عيســى بن عبــد الملــك بن عيسـ ــى‪ ,‬أبــو بـ ــكر‪ ,‬المع ـ ــروف بــابن‬
‫قــزمـ ــان األصـ ــغر‪ ,‬تميــيزا لــه عن عمــه أبي بكــر مح ــمد بن عبــدالملك (ت ‪508‬هـ)‪ .‬من‬
‫أهـل قرطبة كان إمام الزجالين باألندلس‪ ,‬تناقل الناس أزجاله فـي أيامه‪.‬‬
‫كـان ينظم الموشحات بكالم العـامــة حين رأى نف ـ ــسه ُمقِّص را عن أنــدادِه وُمعاصــريه‬
‫فـي نظـم الش ــعر بك ــالم الفصــحاء من الش ــعراء كـابن خـ ــفاجـ ــة وابن حــمديس وغيرهما‪.‬‬
‫فـي شــعره جرأة وشيء من النقـد االج ــتماعي‪ ,‬وله ديــوان فيه مديــح وغزل وخمريات‪.‬‬

‫قال فـي الموازنة بين الفارس واألديب‪:‬‬


‫ُيْم ِس ـك الَف اِر س ُرْم حًـا بِـي ـَـْد‬
‫َو أن ـَــا ُأْم ـِس ـُك ِفْيهَــا َقَص ــبَــة‬
‫ِفَك ـَالن ــا ط ـ ـ ِفــي ـ بـ ـِـ ـِه‬
‫َـ َب َـ ٌل َح ْر‬
‫ِإّنمـَــا األق ـْـ ـَالُم ُرْم ـَح اْلَك ـَتبَــة‬
‫وله فـي الهرم بعد الشباب‪:‬‬
‫َو َعْه ـِد ي ِبالش ـّـَباِب َو ُحْس ـَن َقــِّدي‬
‫َح ـَك ى أْلـَف اْبن ُمْقَلَة فـي الِكَتاب‬
‫َفُص ـْر ُت الَي ـْو َم ُمْنَح ـِنيًــا َك ــأنِّـي‬
‫ُأَفِّتُش ِفــي ال ـُّتـَر اِب َعـَلى َش ـ ـَباِبي‬
‫وهن ـ ــاك ابن الص ـ ــابوني اإلش ـ ــبيلي‪ :‬وه ـ ــو محم ـ ــد بن أبي العب ـ ــاس أحم ـ ــد بن محم ـ ــد‬
‫الصابوني اإلشبيلي‪ .‬كان يلقب بالحمار‪ ,‬لّقبه به أبــو علي الشــلوبين (ت ‪546‬هـ) فلزمـ ــه‬
‫ه ــذا اللق ــب ‪ ,‬ألنـ ــه ض ـ ـ ــيق الصـ ـ ــدر مري ــض األعصـاب‪ ,‬شــديد االنحـراف عن المسـلك‬
‫االجتماعي السـوي ‪ ,‬سيئ التصرف‪ .‬كــان شــاعرا جــيد المعــاني‪ ,‬متين السبك‪ ,‬جزل‬
‫‪33‬‬

‫لــه موشــحات ‪ ,‬لكــن تطــرف ــه فــي اإلعج ــاب بنفسـ ــه أكس ــبه عـداوات كثـيرة وألقى‬
‫ستارا على شهرته‪ .‬اتصـل برجـال الدولتـين الـموحدية والحفصـية فلم يَـنْل مــا كــان ُيَؤ ِم ُل ه‬
‫ف ـع ــزم على الرحـل ــة إلى مصـ ــر‪ ,‬فلمــا وصــلها لم يجــد من ُيَق دره َق ْد َر ه وعاجلتــه المنيــة‬
‫فمـ ــات ف ــي الطـ ــريق إلى اإلس ـكـ ــندرية‪ .‬قــال عـ ــنه ابن األبــار (ختمت األنــدلس شــعراءها‬
‫بابن الصابوني)‪.‬‬
‫من موشحاته‪:‬‬
‫َقَس ًم ا بالَه َو ى ِلِذ ي َحَج ٍر * َما ِلّلْيِل الُم َش وِق ِم ـْن َفْج ر‬
‫َخ ـ ـَم ُد الُّصبْــُح َلْيَس ُيْطـ ـُر د‬
‫م ـَــا ِلَلْي ـلِـي ِفْيم ـَــا أُظـُّن َغــد‬
‫َص ـْح يَــا َلْي ـُل أن ـّـ ـَك اَألبـ ـَـ ــد‬
‫أْو َتَق ّضْت َقـَو اِد َم الّنْس ِر * َفُنُج ـوَم الّس ـَم اِء َال َتْس ـِر ي‬
‫ابن الجـ ــيان أبــو ع ــبد اهلل‪ :‬هــو مح ــمد بن مح ــمد بن أحمــد األنصـ ــاري‪ ,‬أبــو عبــد اهلل‬
‫بن الجـ ــيان‪ ,‬من أه ــل (مرســية)‪ .‬من الكــتاب الش ــعراء‪ .‬ك ــان قص ــيرا ج ــدا يظن من يــراه‬
‫من خـ ــلف أن ــه ابن ثـ ــمانية أع ــوام‪ .‬خ ـ ــرج من بلنس ـ ــية س ــنة ‪640‬ه ـ ـ حين اس ــتولى عليه ــا‬
‫األســبان واســتقر فـي (بج ـ ــاية) بالــمغرب األوســط (الج ــزائر) وك ــانت بينـه وبــين كـ ــتاب‬
‫عص ــره مكـاتبـات ظــهرت فيها براعته‪ .‬توفـي فـي (بجاية)‪.‬‬
‫له موشـحة فـي مدح الرســول صلى اهلل عليه وسلم يقول فيها‪:‬‬
‫اُهلل َز اَد ُم ـَح ـ ـ ـ ـّم ـًد ا َتـ ـ ـ ـْك ـ ــريـْــ ـ ـ ـمـ ــا‬
‫َو َح بَـــاه َفْض ـ ـًال ِم ـْن َلُد ْنُه َعِظ ـ ـْيــما‬
‫َو اْخ َتّص ـ ـ ـُه ِفــي الـُمْر َس ِلْين َك ـِر ْيما‬
‫َذا َر ْأَفـ ـٍة بِـالـُم ـْؤ مِــن ـِـْيـ ـَن َرَح ـ ـ ـْي ـم ــا‬
‫َص ــلّــ ــوا َع ـَليْــِه َو َس ـ ـِّلِم وا َتْس ـ ـِلْيما‬
‫هـناك عدد كــثير من الـموشــحين األندلسـيـيـن نذكـر بعضا منهـم ال للحصر‪:‬‬
‫‪ .1‬ابن اللبانــة‪ .‬هــو محمــد بن عيســى بن مح ـمـ ــد اللخـ ــمي الدانـ ــي ‪ ,‬أبـ ــو بكـ ـ ــر مـ ــن‬
‫أه ـ ــل (دان ـي ـ ـ ــة) باألنــدلس وإليهــا نســبته‪ .‬واللبان ــة هي أمـ ــه الت ــي كـ ــانت فيمــا يبــدو تــبيع‬
‫‪34‬‬

‫اللبن‪ .‬أديب نــاثر‪ ,‬شــاعر‪ُ ,‬مكـث ــر وُمجيـ ــد ف ــي نـثـ ـ ــره وش ـع ـ ــره ولـ ــه ق ـصـ ـ ـ ــائد وموش ــحات‬
‫يتصرف فيها فـي الـمعاني بقليل من التكلف‪.‬‬
‫‪ .2‬ابن حزمون المرســي‪ .‬هــو علي بن عبـد الــرحمن بن حــزمون‪ ,‬شــاعر يغــلب عليـه‬
‫نظـ ــم الموش ــحات‪ .‬ك ــان كث ــير المي ــل إلى الهج ــاء‪ .‬لم ــا ع ــاد من وقـ ــعة (األرك) منتص ــرا‬
‫ومطلعها‪:‬‬
‫َح ّيْتَك ًمَعّطـَر َة اْلَّنَف ْس * َنَف َح ـاُت الَف ْتِح ِبَأْنَد ُلس‬
‫َف ـَذ ْر الُك فَّـــاَر َو مَــْأَتِم ِه ْم * إّن اإلْس ـ ـَالَم َلفِــي ُع ـْر س‬
‫‪ .3‬ابن سناء الملك‪ .‬هو هبة اهلل بن جـعفر بــن سناء الملــك أبو ع ــبد اهلل محــمد بن‬
‫ه ــبة اهلل الس ـ ــعدي المص ــري من مص ــنفاتــه (ديــوان رس ــائل) و (ديـ ــوان شــعر) ثم دي ــوان‬
‫موشحات س ــماه (دار الط ــراز) ول ــه كتاب (روح الحيوان) اختصره من كــتاب الحيــوان‬
‫للجاحظ وغير ذلك توفي في القاهرة عن ‪ 73‬عاما‪.‬‬
‫والبن سناء موشح فـي الغزل بعد المديح‪:‬‬
‫َو َغـاِنــيَــة َلـْم َتْع ـد ِع ْش ـ ـِر ْيَن ُح ـَّج ـ ــة‬
‫أق ـُـ ــوُل َله ـَــا قَــ ـْو ًال َل ـ ـَد ْي ـ ـِه ث ـَـ ـ ـ ـ ـَو اب‬
‫َعَلْي ـِك َزَك اٍة َفاْجَعِلَيَه ـا ِو َص ـ ــاَل ـَنا‬
‫ألنَّـِك ِفـي اْلِعْش ـِر ْيَن َو ِه ـَي ِنَص ـ ـ ــاب‬
‫َو مَــا َط ـ ـَلـبِــي إّال ُقـ ـُبــوٌل َو ُقـ ـ ـْب ــل ـَـ ـ ـًة‬
‫َو َم ـ ـ ــا َأْر ِب ـ ـ ـْي إّال ِر ضَــ ـ ــى َو ِر َض ـ ـ ـ ــاب‬
‫قائم ــة بالوش ــاحيين االندلس ــيين حس ــب ال ــترتيب الزم ــني‪ :‬ابن الص ــابون األشـ ـ ـ ــبيلي‬
‫‪634‬هـ‬
‫أبو الحج ــاج األشـ ـ ــبيلي ‪636‬هـ‬
‫شـ ـه ــاب الديــن العـ ـ ــزازي ‪710‬هـ‬
‫صــدر الدين أبو الوك ــيل ‪716‬هـ‬
‫الده ـ ـ ــان الدمشـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ــي ‪720‬هـ‬
‫إب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن اللب ـ ـّـــان ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪507‬هـ‬
‫‪35‬‬

‫ابن قـ ــزمــان الك ـ ـ ـ ــبيـر ‪508‬هـ‬


‫أبو العباس التطـ ـي ــلي ‪525‬هـ‬
‫ابـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن عُــ ـ ـ ـ ـ ـْر لـَــ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪554‬هـ‬
‫ابن ق ــزمان األص ـ ـ ـ ــغر ‪555‬هـ‬
‫مذعـليــس ‪555‬هـ‬
‫أبو الح ـس ــن بن ن ـ ـ ــزار ‪570‬هـ‬
‫اب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــردوس ‪573‬هـ‬
‫اب ـ ـ ـ ــن س ـ ـ ـ ــناء الـملك ‪608‬هـ‬
‫ابـ ــن ه ــزمــون الـمرسي ‪614‬هـ‬
‫الواسـ ـطـي القـاس ـ ـ ـ ـ ــم ‪614‬هـ‬
‫ابن الجـيـان أبو عـبداهلل ‪650‬هـ‬
‫شهاب الدين الـموصـلي ‪683‬ه ـ‬

‫المحاضره السادسة ‪:‬االزجال‬


‫{ بسم اهلل الرحمن الرحيم}‬
‫الحمدهلل المنعوت بجميل الصفات‪ ,‬وصلى اهلل على سيدنا محمد أشــرف الكائنــات‬
‫المبعوث بالهدى ودين الحق وعلى آله وصحبه أجمعين‪...‬‬
‫وأشرعت األندلس العظيمة أبوابها لقادة راَح مجدهم التليد في بالد العرب فبحثوا‬
‫عنه فلم يجدوه إال في أحضانها‪ ...‬هكــذا هم القادة األمــويين‪ ..‬هكــذا هــو عبــد الــرحمن‬
‫الــداخل يشــمر عن ســاعديه ليؤســس حضــارة إســالمية تليــدة شــهدت بهــا قصــور الزهــراء‬
‫والحم ــراء‪ ..‬ش ــهدت به ــا الكتب والمخطوط ــات‪ ..‬ش ــهدت به ــا الفن ــون والعل ــوم‪ .‬نعم‪..‬‬
‫الزجــل الــذي كــان كالموشــحات أنــد لســي النشــأة والــوالدة‪ ,‬وأن األندلســيين اســتحدثوه‬
‫بعــدما شــاع فن التوشــيح عنــدهم وبلــغ الغايــة‪ ,‬والحقيقة أن الحــديث عن نشــأة األزجــال‬
‫أصعب بكثـير من الحـديث عن نشـأة الموشـحات‪ ,‬فـإذا كـانت الموشـحات وليـد األغنيـة‬
‫التي يقترن ظهورها بقيام مجالس األنس والطرب في قصور الملوك واألمــراء والــوزراء‪,‬‬
‫‪36‬‬

‫فإن األزجال وليدة البيئة العامية‬


‫ويبدو أن أنقالبًا خطــيرًا وقــع ألهــل األنــدلس من قبــل الموشــحات‪ ,‬يــوم قضــت على‬
‫مح ــاولتهم األولى في مرحل ــة مبك ــرة عن ــدما ك ــانت المنظوم ــات الغنائي ــة ال ت ــزال تحب ــو‬
‫رويــدًا‪ ,‬وتخطــو خطواتهــا األولى نحــو التطــور‪ ,‬فلم تبــق لهم من اغــنيتهم الشــعبية بلغتهم‬
‫الدارجـ ــة غـ ــير " الخرجـ ــة" وقـ ــد تمكنت الموشـ ــحات من نفوس األندلسـ ــيين لعـ ــدوبتها‬
‫وأناقته ــا‪ ,‬وحالوة الخرج ــة فيه ــا‪ ,‬فأنس ــتهم م ــا ك ــان من أم ــر ث ــورتهم وانقي ــادهم للغتهم‬
‫العامي ــة‪ ,‬ولكن لم تك ــد الفرص ــة المواتي ــة ُتت ــاح لهم‪ ,‬ح ــتى س ــارعوا ب ــدافع من ش ــوقهم‬
‫وحــنينهم إلى لغتهم الدارجــة‪ ,‬يعــبرون من خاللهــا عن شــؤونهم وقضــاياهم‪ ,‬وعن مظــاهر‬
‫حياتهم العامة بجدها وهزلها‪ ,‬وأفراحها وأحزانها‪.‬‬
‫هذا هو فن الزجل فن حديث استحدثه أهـل األنـدلس‪ ,‬وســوف يـرد المزيـد عنـه في‬
‫ثنايا بحثنا هذا وإن دل على شيء إنما يدل على حضارة المسلمين وفنهم الرفيع‪.‬‬
‫• متى وكيف ظهر الزجل‪ :‬الزجل فُُن من فنــون الشــعر الــتي أســتحدثها األندلســيون‬
‫‪ ،‬وعلى هذا فهو وليد البيئة األندلسية‪ ،‬وقد شاع الزجــل بعـد أن كـانت الموشــحات قـد‬
‫أحتلت مكانتها العتيدة وثبتت أقدامها ورسخت أركانها في المجتمع األدبي األندلسي‪.‬‬
‫• وطــبيعي َأْن يشــكل الزجــل المرحلــة الثالثــة من مراحــل تطــور الشــعر األندلســي‪،‬‬
‫فالمرحلــة األولى شــملت مــا قالــه الشــعراء من الشــعر الفصــيح ‪ ،‬والمرحلــة الثانيــة كــانت‬
‫إدخـــال بعض األلفاظ العامي ــة في ذاك الشـــعر الفص ــيح ‪ ,‬وبعـــد ذلـــك ظهـــر الزجـــل في‬
‫المرحلة الثالثة التي تمثلت في تحوير بناء القصيدة ودخول بعض المقطوعات التي تعبر‬
‫عن رغبات العامة وتتفق مع ميولهم‬
‫• َأَّم ا عن مخـترع الزجـل فـإَّن مؤرخـو الشـعر األندلسـي َلْم ُيشـيروا ال من قـريب أو‬
‫من بعيد إلى مخترع هذا الفن ألَّن الزجل " عبـارة عن األغنيـة الشـعبية وهي عـادة تكــون‬
‫من تــأليف العــوام من النــاس أي مجهولــة المؤلــف‪ ،‬إال أنهم ذكــروا أول َمُن أبــدع القول‬
‫فيــه وهــو أبن قزمــان ـ على أن ذلــك فيــه خالف ســوف نشــير إليــه عنــد الحــديث عن أبن‬
‫قزمان ـ فهذا عبد الملك بن سعيد(ت‪685‬هـ‪ ).‬يقول عن ذلــك " قيلت ـ األزجــال ـ قبـل‬
‫أبي بكر بن قزمان ‪ ،‬ولكن َلُم تظهر حالها‪ ،‬وال أنسبكت معانيها‪ ،‬وال اشتهرت رشاقتها‬
‫‪37‬‬

‫إال في زمانه‬
‫• الزجل ظهر في عهد المرابطين مع أن في هذا العصر أنحــط الشــعر الفصــيح ألنــه‬
‫لم يوجد مايهيء أو يهذب خشــونة أصــحاب ذاك العصــر ويرقــق أذواقهم فغلب في هــذا‬
‫العهد ذوق العوام فنزع نزعة الزجل والتو شيح‪ .‬كما أن الزجل نشأ وظهـر في القصـائد‬
‫والموشــحات الــتي التــرقى إليهــا أفهــام العامــة ‪ ,‬فــأن لهــؤالء العامــة أيضـًا شــعرهم الشــعبي‬
‫ممثًال في أغانيهم الشعبية التي هي مظهـر لحيـاتهم العقليـة‪ ،‬وآرائهم االجتماعيـة وآدابهم‬
‫وأخالقهم‪.‬‬
‫• تعري ــف الزج ــل‪ :‬الزج ــل في اللغ ــة‪ :‬الَّص ْو ت يقال‪ :‬س ــحاب َز ِج ل‪ :‬إذا ك ــان في ــه‬
‫الرعد‪ .‬ويقال لصوت األحجار والحديد والجماد أيضًا‪ :‬زجل‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫• مررُت على وادي ِش ياٍث َفراغي به َز ج اَألحجار تحت المعادِل‬
‫ُل‬
‫• والزجل في لسان العرب‪ :‬اللعب والجلية ورفع الصوت‪ ،‬وخص به التطريب‪.‬‬
‫• وه ـ ــذه الفن ـ ــون تختل ـ ــف بحس ـ ــب اختالف بالد مخترعيه ـ ــا وتفاوت اص ـ ــطالح‬
‫مبتدعيها‪:‬‬
‫• فمنها ما يكون له وزن واحد‪ ،‬وقافية واحدة‪ ،‬وهو الكاْن وكاْن ‪.‬‬
‫• ومنها ما يكون له وزن واحد‪, ،‬أربع قواٍف ‪ ،‬وهو العوالّيا‪.‬‬
‫• ومنها ما يكون له وزنان‪ ،‬وثالث قواٍف ‪ ،‬وهو الُقُو َم ا‪.‬‬
‫• ومنها ما يكون له عدذ أوزان‪ ،‬وعدة قواٍف ‪ ،‬وهو الزجل‪.‬‬
‫• لم ــا س ــمي الزج ــل به ــذا االس ــم‪ :‬س ــمي ه ــذا الفن زجًال‪ ،‬ألن ــه ال يلت ـُّذ ب ــه‪ ،‬وتفهم‬
‫مقاطع أوزانه‪ ،‬ولزوم قوافيه حتى ُيغنى به وُيوت‪ ،‬فيزول اللبس بذلك‪.‬‬
‫وسمي أيضًا بذلك لترجيع الصوت به في اإلنشاء‬
‫• اقســام الزجــل‪ :‬للزجــل أربعــة أقســام يفرق بينهــا بمضــمونها المفهــوم ال بــاألوزان‬
‫واللزوم فلقبوا ‪:‬‬
‫• ‪1‬ـ ما تضمن الغزل والنسيب زجًال‪.‬‬
‫• ‪2‬ـ ما تضمن الهزل والخالعة واألحماض ُبّلْيقا‪.‬‬
‫• ‪3‬ـ ما تضمن الهجاء والَّثْلب قرقّيا‪.‬‬
‫‪38‬‬

‫• ‪4‬ـ وما تضمن المواعظ والحكم مَك فرا ولقبه مشتق من تكفير الذنوب‪.‬‬
‫• ابن قزمان‪ :‬بما أن أبن قزمان إمام الزجالين على اإلطالق نورد نبذه عنه‪.‬‬
‫• هو أبو بكــر محمـد بن عيســى بن عبـد الملـك بن عيســى بن قزمــان األصـفر‪ ،‬أمــام‬
‫الزجالين باألندلس‪ .‬ولد في مدينة قرطبة العريقة سنة‪406‬ه ـ ـ ‪1068‬م ‪ ،‬وقيــل ‪480‬ه ـ‬
‫‪ ،‬أما وفاته فقد كانت في ‪554‬هـ ـ ‪1160‬م‪ ،‬في الوقت الذي حاصر فيــه األمــير محمــد‬
‫بن ســعد بن مــرنيش قرطبــة‪ .‬وقــد بــدا حياتــه شــاعرًا فلمــا أحس بأنــه لن يصــل على مرتبــة‬
‫شــعراء عصــره كــابن خفاجــة‪ ,‬وأنس في الــوقت نفســه القدره على الزجــل واإلبــداع فيــه‬
‫أنصرف إليه بكل طاقته‬
‫• فتفوق على جميع معاصريه في هذا الفن‪ .‬لم يكن ابن قزمان المبتكر األول لهذا‬
‫الفن ‪ ،‬وإنما سبقه إليه آخرون غال أن أبن قزمان يزعم أن هؤالء كانوا ال يعرفون طريق‬
‫األزجال الصحيحة‪.‬‬
‫• وقـ ــد درس الـ ــدكتور األهـ ــواني ابن قزمـ ــان من أزجالـ ــه دراسـ ــة دقيقة تفصـ ــيلية‪,‬‬
‫وصورته الشخصية فيها أنه‪ :‬طويــل القامــة ابيض الوجــه اشــعر اللحيـة ازرق العيـنين وهــذا‬
‫قــد يــوحي بأنــه كــان جميًال إال أن أبن ســعيد يــذكر في ترجمتــه نزهــون الغرناطيــة أن ابن‬
‫قزمان كان قبيح المنظر وأنه لبس مرة عفارة صـفراء فرأتـه نزهـون وقـالت لـه‪ :‬أصـبحت‬
‫كبقرة بني إسرائيل ولكن ال تسر الناظرين‬
‫• لقد عاشت أزجـال أبن قزمـان وأولـع بهـا النـاس خصوصـًا المشـارقة‪ ،‬حـتى كـانت‬
‫في القرن السابع كما قـال ابن ســعيد العــربي مرويــة في بغــداد أكـثر ممـا هي في حواضـر‬
‫المغ ــرب‪ ،‬وك ــان أه ــل األن ــدلس يقول ــون " أبن قزم ــان في الزج ــالين بمنزل ــة المتن ــبي في‬
‫الشعراء" ولقد كانت فلسفة ابن قزمان في الدنيا تقوم على أن عمر اإلنسان ذاهب ‪.‬‬
‫• فإذا حاول أحد أن يحاكيه وجده ال ُيدرك وال ُيلحق‪.‬‬
‫موضوعات الزجل‪ /‬وصف الطبيعه‬
‫• إذا ك ــانت بيئ ــة األن ــدلس الطبيعي ــة ق ــد فتنت الش ــعراء والوش ــاحين فال ش ــك أن‬
‫الزجــل ال يســتطيع أن يتخلــف عن المشــاركة في هــذا الميــدان‪ ،‬وهــذا أبــو علي الــدباغ‬
‫يقدم هذا الزجل في وصف الطبيعة فيقول ‪:‬‬
‫‪39‬‬

‫• ال شراْب إال في بستاْن والربيع قد فاح نواُر‬


‫• يبكي الغمام ويضح ــك أقحوان مع به ـ ــار‬
‫• والمياه مثل الثعـابيـن في ذاك السواقي داُر‬
‫• الهج ــاء‪ :‬ه ــو الط ــرف المن ــاقض للم ــديح‪ ،‬فإن ــه من الط ــبيعي أن يط ــرق موض ــوع‬
‫الهجــاء‪ ,‬لقد طرقــه بقســوة وإقــذاع وتــدّن ‪ ،‬إن شــعراء الفصــحى في األنــدلس قــد أســرفوا‬
‫في فحشهم حينما طرقوا هذا الموضوع‪ ،‬فمن المتوقع أن يكون الزجــالون أكــثر فحشـًا‬
‫وأشد إقذاعا‪ ،‬ولكن ذلك لم يمنع من وجــود أهــاجي زجليــه تتســم بخفة الــروح والنكتــة‬
‫البارعــة مــع اصــطناع الســخرية الالذعــة‪ ,‬ومن هــذا النــوع مــا أنشــأه أبــو علي الــدباغ في‬
‫هجاء طبيب‪:‬‬
‫أن ريت من عداك يشتكي من تلطيخ‬
‫وتريـد أن يقب ـ ـ ــر أحمُل للمـ ـ ـ ــريخ‬
‫قد حلف ملك الموت بجميع أيماُن‬
‫أال يبرح ساعة من جوار دك ــان‬
‫ويريــح روٌٌٌح ويعظ ـ ــم شـ ـ ــاُن‬
‫• التصوف‪ :‬فقد ظهرت نزعة التصوف في القرن السابع‪ ،‬ومن شعراء الصوفية أبــو‬
‫الحس ــن الش ــنتري وقيم ــة ه ــذا الش ــاعر الكب ــير تتمث ــل في غ ــزارة أدب ــه الص ــوفي المن ــوع‬
‫األشــكال وفي انــه الناقــل الحقيقي للزجــل من الموضــوعات الدنيويــة المحّس ة كالعشــق‬
‫الحسي والغزل في الغلمان والخمر‪ ،‬إلى جو هو تمجيد اهلل والهيام في حبه‬
‫• الغــزل‪ /‬لن نشــأته أتت مصـاحبه للغــزل واللهــو المجـون وغيرهــا من الموضـوعات‬
‫الزجالين لمدحهم بالغزل‪ ،‬كما فعــل أبن قزمــان في مدائحـه جريـًا على التقاليـد الموروثــة‬
‫في بناء القصيدة العربية وبعضهم مزج غزله بوصف الخمر ومثال ذلك‪:‬‬
‫• الذي يعشق مليـ ــح والذي يشرب عتي ـ ــق‬
‫• المليح أبيض سمين والشراب أصفر رقيق‬
‫• طريقة بناء االزجال‪ :‬بناء األزجال هي األقرب إلى بناء القصيدة الشعرية منها فن‬
‫التــو شــيح في طريقة بنــاء هيكــل الزجــل‪ .‬ويعــد الزجــل من الفنــون الملحونــه" هــو أرفعهــا‬
‫‪40‬‬

‫رتب ــة‪ ،‬وأش ــرفها نس ــبة ‪ ،‬وأكثره ــا أوزان ـًا ‪ ،‬وأرجحه ــا ميزان ــا‪ ،‬ولم ت ــزل إلى عص ــرنا ه ــذا‬
‫أوزانه متجددة‪ ،‬وقوافيه متعددة‪ ،‬ومخترعوه أهل المغرب‪ ،‬ثم تداوله الناس بعدهم ‪.‬‬
‫فالزجل يبدأ بمطلع ويســتمر في النظـام حــتى االنتهــاء من زجلـه‪ ،‬واألزجــال ال تتقيـد‬
‫بعدد من األقفال واألبيات‪ ،‬ويكون بنائه على الشكل اآلتي‪:‬‬
‫• ‪ )1‬المطلع ‪.‬‬
‫• ‪ )2‬الـقف ــل‪.‬‬
‫• ‪ )3‬البيـ ــت‪.‬‬
‫‪ )4‬الخرجة‬
‫تاريخ الزجل حسب القرون‬
‫في القرن الخامس ‪.‬‬
‫• ق ــدر الدارس ــون أن الزج ــل ظه ــر في ال ــوقت ال ــذي أخ ــذ في ــه التوش ــيح يتج ــه إلى‬
‫التعقيـــد والتكلـــف ويبتعـــد عن البســـاطه األولى ‪ ....‬ومعـــنى هـــذا أن الزجـ ــل يرجـ ــع إلى‬
‫أواخـر القرن الهجـري‪ ،‬حيث عـاش عبـادة بن مـاء السـماء ويوسـف بن هـارون الرمـادي‪،‬‬
‫وهم ـ ــا الل ـ ــذان أدخال التغي ـ ــير على التوش ـ ــيح‪ ،‬حس ـ ــب نص أبن بّس ام‪.‬ولن نس ـ ــتطيع أن‬
‫نتحدث حديثًا طويًال عن الزجــل خالل القرون الخــامس الهجــري ألن نصــوص األزجــال‬
‫في ذلك القرن قد ضاعت كلها‪ ،‬ولم يصل إلينا عن الزجل غير أشــارات مــوجزه نجـدها‬
‫في المقدمة التي كتبها أبن قزمان ‪.‬‬
‫• ابن قزم ــان يؤك ــد أن الزج ــالين في القرن الخ ــامس ك ــانوا يقتربون في فنهم من‬
‫الوشاحين‪ ،‬وأنهم كــانوا يتــأثرون بهم‪ ،‬ومعــنى هــذا إنهم كــانوا من المثقفين الــذين أرادوا‬
‫لغتهم أن ينتشر بين طبقات من الخاصـة‪ ،‬ولم يقصـدوا بــه جمـاهير العامــة ‪ ،‬ولعــل َك ســاد‬
‫أزجـ ــالهم يرتـ ــد إلى أن القرن الخـ ــامس‪ ،‬وهـ ــو عصـ ــر الطوائـ ــف‪ ،‬كـ ــان قـ ــرن التوشـ ــيح‬
‫والقصــائد‪ ،‬إذ أن ملــوك الطوائــف كــانوا يتشــبهون في حيــاتهم األدبيــة بالعصــور الذهبيــة‬
‫للشــعر العــربي في بالط العباســيين‪ ،‬فلم يكن لألزجــال ولكــل مــاهو ملحــون مكــان كبــير‬
‫عندهم‪.‬‬
‫• ‪ -2‬الزجل في القرن السادس‬
‫‪41‬‬

‫• إذا كنــا ال نعــرف من أســماء الزجــالين قبــل ابن قزمــان غــير اســمين أو ثالثــة فإننــا‬
‫نعرف من معاصري ابن قزمان‪ ،‬أي ممن عاشوا في القرن السادس الهجري‪ ،‬ضعف هذا‬
‫العصـر‪ ،‬فلـدينا غـير أبن قزمــان بعض من ذكـر أســمائهم معــه في جوالتــه في أشــبيلية وفي‬
‫تنزهانه‪.‬‬
‫• ومن أش ــهر زج ــالي ه ــذا العص ــر أب ــو عم ــرو بن الزاه ــد وه ــو اش ــبيلي أيضــًا وأب ــو‬
‫الحسن المقرئ الداني‪ ،‬أبو بكر بن مرتيت‪ .‬وهؤالء الزجالين فيمــا عــدا أبن قزمــان وأبن‬
‫الزاهد ال تعرف عنهم غير أسمائهم وال نجد لهم غير مقطوعة واحدة ‪.‬‬
‫• ‪-3‬الزجل في القرن السابع‪.‬‬
‫• وال نعــرف عن الزجــالين الــذين عاشــوا في القرن الســابع الهجــري ومــا بعــده إال‬
‫أسماء قليلة‪ ,‬وبعض مختارات ال تتجاوز أسطرًا ال يتضح منها سيء عن حياة الزجال أو‬
‫عن األطــوار الــتي تقلب فيهــا الزجــل‪.‬وال يــذكر غــير أســطر قليلــة عن أثــنين من الزجــالين‬
‫وهم ــا أبن جح ــد ر ال ــذي فض ــل الزج ــالين في فتح ميورق ــه‪ ،‬وق ــد جعل ــه أبن س ــعيد إم ــام‬
‫عصره في قوله أثنـاء الحـديث أبن قزمـان‪ .‬غـير أن زجـاًال آخـر في عصـر أبن سـعيد وهـو‬
‫أبو علي الحسن بن أبي نصر الذباغ ألف كتابًا في مختار ما للزجالين المطبوعين أعتمد‬
‫عليه أبن سعيد ونقل منه مختارات لزجالي القرن السابع ‪،‬‬
‫• وإذا جاز لنا بعد هذا أن نحكم على الزجل في القرن السابع الهجري‪ ،‬فليس لنـا‬
‫ما نقوله إال أن الزجــل من ناحيـة شــكله ونظامــه الخـارجي ظـل متجهـًا إلى تقليـل القوافي‬
‫والبعد عن مزاحمة الفقرات وتعددها‪ .‬أما موضوعات الزجل أو أغراضه فقد ظل الحب‬
‫يستأثر فيه بالمكان األول وكذلك الحديث عن الرياض وجمال الطبيعة وكل ما يســجل‬
‫في يبدو أنهــا اســتحدثت في هــذا القرن ومــع ذلــك فال يتبقى أن ننســى أن القرن الســابع‬
‫كان قرن المحنة الكبرى لألندلس ففيه سقطت قرطبة‪ ,‬وضــاعت أشــبيلية‪ ،‬والــتي جعلت‬
‫أهل األندلس ينتظرون سقوط األندلس كلها عامًا بعد عام‪.‬‬
‫• ‪-4‬الزجل في القرن الثامن ‪.‬‬
‫• ومن أهم الزج ــالين في ه ــذا العص ــر ال ــوزير اب ــو عب ــد اهلل ابن الخطيب ل ــه ثالث‬
‫مقطوع ــات قص ــيرة في الش ــراب والتص ــوف ناحيـ ـًا فيه ــا منحى الشش ــتري‪ ,‬وأخب ــار ابن‬
‫‪42‬‬

‫الخطيب كثــيرة جــدًا ولقد وصــلت إلينــا مؤلفاتــه منهــا مخطــوط ومنهــا مــاهو مطبــوع ‪ ،‬و‬
‫شهرة أبن الخطيب وحياته ومؤلفاته في شيء غير الزجل وزجله مــع ذلــك لم يصــل إلينــا‬
‫إال من خالل مــا ذكــره أبن خلــدون‪ ,‬ويظهــر لنــا أن الزجــل كــان عارض ـًا في أنتــاج هــذا‬
‫الـ ــوزير السياسـ ــي الطـ ــبيب المـ ــؤرخ الشـ ــاعر الوشـ ــاح وال يمكن أن نعـ ــده من الزجـ ــالين‬
‫لمشاركه اليسيرة في فن الزجل ولك ال يخلو إنتاجه الضخم من شيء منه‪.‬‬
‫تاريخ الزجل حسب الفئات‬
‫الزجل عند المدجنين‪.‬‬
‫في القرون الوسطى وجد نصَا لشاعر من اشهر شعراء اللغـة األسـبانية على اإلطالق‬
‫هو المسمى قسيس هيتا الـذي عـاش في منتصـف القرن الرابـع عشـر الميالدي‪ ،‬أي قبـل‬
‫س ــقوط غرناط ــة بقرن ونص ــف‪ ،‬له ــذا الش ــاعر دي ــوان بعن ــوان ‪ellipro do buen‬‬
‫‪ amor‬يقص فيــه الشــاعر حياتــه ومغامراتــه‪ .‬وقــد تحــدث فيــه الشــعر الــذي ينظمــه وعــد‬
‫من بين م ــا ينظم ــه ش ــعرًا يص ــنعه لنس ــاء مس ــلمات ‪ moras‬وه ــو هن ــا يري ــد الجماع ــات‬
‫اإلسالمية التي كانت تعيش تحت حكم الدول المسيحية‪ ،‬يعرفـون بأسـم ( المـد جنـيين)‬
‫في العربيــة وال نــدري إال أي حــد كــان القســيس يعــرف العربيــة‪ .‬ولكن هــذه المنظومــات‬
‫التي كان يصنعها للمسلمات كانت فيما يعتقد الباحثون مكتوبة في اللغــة األســبانية الــتي‬
‫كــان يعرفهــا المــدجنون‪ ،‬ولكنهــا على نمــط األغــاني العربيــة الــتي كــانت ال تــزال متوارثــة‬
‫بين ه ــذه الجماع ــات‪ ،‬ال ــتي احتفظت باإلس ــالم على أن النص ــوص األس ــبانية كث ــيرة فيم ــا‬
‫يتص ــل بنش ــاط الم ــد جن ــيين واش ــتراكهم في إحي ــاء الحفالت بالغن ــاء وال ــرقص‪ ،‬ح ــتى أن‬
‫مجم ــع القساوســـة الـــذي انعقد في بل ــد الولي ــد ســـنة‪1322‬م شـــكا من أن المســـيحيين‬
‫يدخلون الكنائس نفسها المسلمين واليهود‪ ،‬يغنون ويعزفون على اآلالت الموسيقية‪.‬‬
‫• زجــل عنــد المتصــوفين ‪ :‬فلقد ظهــر قبــل ذلــك بقرون واســم الششــتري مقرون‬
‫دائمًا بالزجل التصوفي‪ ,‬وأبو الحسن علي بن عبداهلل الششتري من رجال القرن الســابع‬
‫الهجــري ولــد في األنــدلس وعــاش فيهــا منــذ صــباه وشــبابه‪ ،‬ولــه ديــوان كبــير فيــه قصــائد‬
‫وموشـــحات وأزجـــال‪ ،‬ول ــه رســـائل وكتب في التص ــوف‪ ،‬وق ــد تح ــدث عن ــه كث ــيرًا من‬
‫تالميذه وزجله كإنتاجــه اآلخــر يصـور مذهبـه التصـوفي‪ ،‬والقول بوحــدة الوجــود‪ ،‬ولكننـا‬
‫‪43‬‬

‫إذا تركن ــا جانبـ ـًا ه ــذه الناحي ــة التص ــوفية أو الفلس ــفية في منظومات ــه وحاولن ــا أن نلتمس‬
‫صــورة إنســانية لحيــاة هــذه الشخصــية العظيمــة حقًا‪ ,‬وجــدنا هــذه الصــورة وإن ضــاقت‬
‫حدودها في الزجل‪ ،‬أكثر مما نجد في الشعر‬
‫• زجــل عنــد المصــريين ‪ :‬كــان للزجــل عنــد المصــريين تــاريخ خــاص لموافقة هــذه‬
‫الطريقة مـ ــافي طبـ ــاعهم من اللين ومشـ ــايعة الكالم بشـ ــيء من التهكم الـ ــذي بعث عليـ ــه‬
‫صفوة الفتور الطبيعية فيهم‪ ،‬ويقال فيها ( ذوق حالوة النيل )‪.‬‬
‫• ـ أنواع الزجل عند المصريين وسبب تسمية كل نوع بهذا االسم‪:‬‬
‫• كان الزجل عند المصريين على ضربين‪:‬‬
‫• األول ُعرف بالبليقة وعرف الثاني باسم القرقيه‪.‬‬
‫• وسميت البليقة بهذا االسم مأخوذة من البلق وهو أختالف األلوان‪.‬‬
‫• أم ــا القرقي ــة س ــميت ك ــذلك من القرق‪ ،‬وهي لعب ــة يلعب به ــا ص ــبيان األع ــراب‪,‬‬
‫وذك ــر ه ــذه اللعب ــة ص ــاحب القاموس‪ :‬القِر ق ‪ ،‬ووص ــفها ورس ــمت خطوطه ــا في ت ــاج‬
‫العروس‪.‬‬
‫• الفرق بن البليقة والقرقية وبين الزجل‪:‬‬
‫• أن الزجل متى جاء فيه الكالم المعرب كان معيبًا له‪ ،‬أما البليقة لبست كالزجــل‪،‬‬
‫بل يذكر فيها المعرب وغير المعرب‪.‬‬
‫• والبليقة ال تزيـد عن خمس حشـوات غالبـًا‪ ,‬وقـد تنتمي إلى السـبع قليًال والقرقيـة‬
‫تزيد كثيرًا على حكم الزجل‪.‬‬
‫• من أخترع البليقة والقرقيات‪:‬‬
‫• اخ ــترعت البليقة في القرن الس ــابع‪ ،‬لكنهم تبس ــطو فيه ــا ح ــتى ظه ــر عن ــدهم م ــا‬
‫يسمى بالقرقيات‪ ،‬وال تحقق تاريخهـا ولكنهـا متـأخرة عن المائـة السـابعة حتمـًا‪ ،‬والـدليل‬
‫على ذل ــك م ــا ورد في ترجم ــة ص ــدر ال ــدين بن الرح ــل المت ــوفى س ــنة ‪716‬ه ـ ـ بالقاهرة‬
‫صاحب كتاب( فوات الوفيـات) والمعــروف كـذلك بــابن الوكيـل المصـري حيث قـال‪":‬‬
‫وشعره مليح للقرقيات يدل على أنها كانت غير معروفة في ذلك الوقت وإن كانت من‬
‫الزجل‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫• ـ أشهر نوابـغ المصـريين في األزجــال من المتقدمين‪ :‬الغبـاري كـان من المصـريين‬


‫الدين نبغوا في األزجال وكان ذلـك في عهـد السـلطان حسـن‪ ،‬فقد كـان ألزجالـه شــهرة‬
‫بعيــدة لمــا تــوفر فيهــا من دقــة الصــنعة وإبــداع المعــاني وكــثرة التفنن‪ .‬وفي مجموعــة من‬
‫مدائحه حمًًال زجليًا( أهل هذا الفن يسـمون مـا يعـادل القصـيدة في الشـعر منـه ‪ :‬حمًال )‬
‫ل ــرئيس العام ــة على عه ــد محم ــد علي باش ــا‪ ,‬وه ــو محم ــد الحب ــاك القشاش ــي‪ ،‬ي ــزاهي (‬
‫‪ ) 560‬بيتًا‪ ،‬مدح فيه أهل مصر على طريقة عامية ذكره في الزجــل‪ ،‬وقــال‪ :‬إن الغبــاري‬
‫ما أستطاع أن يضبط محاسن مصر فيما وصف‪.‬‬
‫• مدى شهرة الزجل في مصر‪:‬‬
‫• ال زال ه ــذا الفن مش ــهورًا بمص ــر على عه ــدنا‪ ,‬وألهل ــه في ــه إحس ــان كث ــير وهم‬
‫يرتجلونه ويحاضرون به‪ ،‬فقد ذكر األذيب ( عبداهلل نــديم المصــري ) الشــهير في مجلــة‬
‫األستاذ واقعة في المساجلة بالزجل مع بعض روؤساء الفن من العامة‪ ،‬وكان الشــرط أن‬
‫من تلعثم أو اســتبلع اآلخــر ريقه يبتغي بــذلك مهــل البديهــة وخلســة الفكــر فهــو المغلّب ‪،‬‬
‫وذكر هناك بعض األوزان التي أخذوا فيها‪.‬‬
‫زجــل عنــد االوربــيين‪ :‬فيمــا يتصــل باللغــة البرتغاليــة توجــد أشــعار جــاءت في قــالب‬
‫زجلي في ديوان الفاتيكانة وفي مختارات برانكوتي وتظهر أيضًا في قصــائد فرنــان فلهــو‬
‫شاعر من عصر الملك الفونسو العاشر الملقب بالعالم وفي ديوان الشاعر بايوسواريز‪.‬‬
‫في أنجلـ ــتر نلتقي بأغـ ــان شـ ــعرية قديمـ ــة موجهـ ــة إلى العـ ــذراء أو تقال في أعيـ ـ ـ ـ ـ ــاد‬
‫الميالد‪ ،‬صبت في هذا القالب الشعري األندلســي وحــتى يومنــا ال نــزال نجــد في األغــان‬
‫الشـ ــعبية في إسـ ــكوتالنده‪ ،‬وفي إيرلنـ ــدة‪ ،‬رباعيـ ــات جـ ــاءت على نمـ ــط أزجـ ــال مسـ ــلمي‬
‫األندلس‪.‬‬
‫• فيمــا يتصــل بأســبانيا احتفضــت هــذه بشــكل الزجــل حيـًا خالل العصــور الوســطى‪،‬‬
‫وفي العصـــر الـ ــذهبي لألدب اإلسـ ــباني ( القرن السـ ــادس عشـ ــر الميالدي ) ولقد حـ ــاز‬
‫العلمــاء فقه اللغــة زمنـًا في أوزان أغــاني الفونســو العاشــر‪ ،‬أمــا اآلن وبعــد أن قــام خوليــان‬
‫ريبـ ــيرا بدراسـ ــة موسـ ــيقاها على نحـ ــو رائـ ــع وخالـ ــد‪ ،‬فيمكن تفسـ ــيرها في ضـ ــوء الزجـ ــل‬
‫األندلسي قالبًا ووزنًا‪ ،‬فإذا كتبت هذه األغاني دون أن نقطع األبيات إلى أشــطار وجــدنا‬
‫‪45‬‬

‫معظمها من طراز األزجال‪ ,‬وإن كان القفل ينظم على قافية سابقة‪.‬‬
‫زجــل عنـد المســيحيين‪ :‬كـان لزجــل الــديني صـَّد في العــالم المســيحي المعاصـر كمـا‬
‫أشار إليه" رامون لول " هو من أهل جزيرة " ميورقه كبرى "‬
‫لكن ما وصـل إلينـا من هـذا الزجــل الـديني بغض النظـر عن الششـتري‪ ،‬قـد ظـل هـذا‬
‫النـ ــوع يحمـ ــل ذكـ ــرى انتسـ ــابه إلى الزجـ ــل الـ ــدنيوي في خرجاتـ ــه‪ ،‬فكثـ ــير من أزجـ ــال‬
‫الششــتري تحتفظ بخرجيهمــا كــانت موجــودة من قبلــه في أزجــال أبن قزمــان‪ ،‬ويســتتبع‬
‫وجود هذه الخرجات التزام نفس الوزن ونفس نظام القوافي‪.‬‬
‫• بيئــة الزجــل في االنــدلس‪ :‬أن األزجــال الصــوفية وجــدت لهــا بيئــة خاصــة عاشــت‬
‫فيها‪ ,‬وكذلك وجدت األزجال الغزلية بيئة أخرى خاصة بهــا بيئــة األولى جماعــة الفقراء‬
‫ال ــذين خلع ــوا ال ــدنيا وه ــاموا في حب اهلل س ــائحين مقتربين ينش ــدون أزج ــال الشش ــتري‬
‫ويغنون فيها‪ ،‬بل يرقصون على ألحانها وبيئة الثانية طبقة من الشــباب األرســتقراطيين من‬
‫أهــل قرطبــة وأشــبيلية وبقيــة المــدن األندلســية وجــدوا بين أيــديهم مــاًال‪ ,‬ووجــدوا بطالــة‬
‫مصدرها انحالل المجتمع األندلسي وابتعاده عن مسح الحــوادث الكــبرى‪ ،‬حيث أنفرد‬
‫بت ــدبيره ال ــبربر المرابط ــون من جه ــة والقش ــتاليون من الجه ــة األخ ــرى‪ :‬إنهم جماع ــة من‬
‫الش ــباب ال يب ــالون بغ ــير الل ــذة والله ــو والعك ــوف على الش ــراب وإحي ــاء اللي ــالي بالغن ــاء‬
‫والرقص والبحث عن العشق وغالب الظن أن الحروب الكثيرة قد ذهب ضــحيتها كثــير‬
‫من الرجــال أهــل الســن‪ ,‬وخلفوا شــبابًا ورثــوا عنهم بعض المــال فــأنفقوه في شــهواتهم و‬
‫ولم يجدوا أبًا يرعاهم أو عمًال يشغلهم وديوان أبن قزمــان يعطينـا صـورة لهــذا المجتمـع‬
‫األندلسي‪.‬‬
‫• تــاثر القصــائد في االزجــال‪ :‬لقد ظهــر تــأثير القصــيدة جلي ـًا واضــحًا في األزجــال‪,‬‬
‫ظه ــر في ش ــكلها الخ ــارجي‪ ,‬كم ــا ظه ــر في أس ــلوبها وأص ــول الص ــنعة فيه ــا‪ ,‬وظه ــر في‬
‫معانيها وأخيلتها‪.‬‬
‫• ومهمــا تكن قــدم هــذه القصــائد أو تأخرهــا من ناحيــة الــزمن‪ ,‬فأنهــا ســتظل شــاهدًا‬
‫على سلطان القصيدة على الزجل والزجالين‪.‬‬
‫• وقــد رأينــا أن الموضــوعات الكــبرى الــتي تناولتهــا القصــيدة تناولهــا الزجــال أيضـًا‬
‫‪46‬‬

‫فالنســيب والمــديح والخمريــات‪ ,‬والهجــاء والفخــر والرثــاء وأحيانـًا‪ ,‬كــل ذلــك لم يوجــد‬
‫في الزجــل وجــودًا مســتقًال وإنمــا وجــد قبــل كــل شــيء ألنــه كــان موجــودًا في القصــيدة‬
‫ونسجل منها بعض هذه الظواهر‪.‬‬
‫• الغزل مقدمة للمديح‪:‬‬
‫• المديح موجود في األزجال وأكبر مجموعة وصل إلينـا من األزجــال ـ نحـو ثالثـة‬
‫أرباعها لم تخل من إشارة غلى ممدوح وإنمــا هــو فيمــا نعتقد‪ ،‬تقليــد للقصــيدة‪،‬ومحاكــاة‬
‫لها‪.‬‬
‫• الخروج إلى المديح‪:‬‬
‫أن العلم ــاء عن ــوا بمس ــألة الخ ــروج من الغ ــزل إلى الم ــديح وإن منهم من يطغى إلى‬
‫ذلك دون تمهيد قائًال ( دع عنك هذا ) أو ما يشبه ذلك من العبارات‪.‬‬
‫دُع ذا كل فلس فيه فابد وما مضى الكالم فيه زايد‬
‫وامدح بنا الوزير القايـد اب ــن سع ــاد انو ع ــبد اهلل‪.‬‬
‫• معاني المديح ‪:‬‬
‫ول ـ ــو نظرن ـ ــا في المع ـ ــاني ال ـ ــتي م ـ ــدح به ـ ــا الزج ـ ــال ممدوحيـ ــه‪ ،‬والتش ـ ــبيهات ال ـ ــتي‬
‫أســتخدمها‪ ،‬وأنــواع المجــاز لوجــدنا في مواضــيع كثــيرة جــدًا صــورة الشــعراء تطــل علينــا‬
‫من خلف هذه النصوص‪ ،‬ورأينا جمًال وتراكيب ألفناها في القصائد مثل ‪:‬‬
‫إذ ُتس ـ ـ ــاق إلى أياديه فالسحاب إلى يسثاق‪.‬‬
‫ولم يقف تأثير الشعراء في الزجاليين عند المعاني واألســاليب والصــنعة الفنيــة وإنمــا‬
‫كان لهم أثرهم في خلق هذا الوضع اإلجتماعي ‪ ,‬الذي جعل الصلة بين الزجال واألمير‬
‫كالصلة بين الشاعر واألمير نريد مادحًا وممدوحًا‪.‬‬
‫• تأثير القصيدة في أبواب أخرى‪:‬‬
‫وقد أثرت القصيدة العربية في كل األبـواب األخـرى‪ ،‬الـتي عالجهـا الزجـالون‪ ،‬فهي‬
‫واضحة التأثير في الشراب والخمر وفي الوصف وفي الفخر وفي الغزل أيضًا‪.‬‬
‫• والمقابالت البالغية بين الشراب والمعشوق انتقلت أيضًا إلى الزجل‪:‬‬
‫الــذي نعشق مليــح وال ـ ــذي نشرب عتيق‬
‫‪47‬‬

‫المليح أبيض سمين وتالشراب أصفر رقيق‬


‫• وصف الطبيعة ‪:‬‬
‫• وكذلك في وصف الطبيعة نجد عند أبي علي الذباغ هذه الصور‪.‬‬
‫ألشرب إال في يستان والربيع قد فاح األنوار‬
‫يبكر الغمام ويضحك اقـ ــحوان مع بهـ ـ ـ ــار‬
‫ومال يقال عن الوصف يقال أيضًا عن جانب كبير من الغزل ‪.‬‬
‫والمعــاني العاميــة في هــذا الفن الجديــد هــو الــذي أكســب الزجــل طرافتــه‪ ,‬والــذي‬
‫جعلــه يس ــتطيع الش ــباب أم ــام أصــحاب القصــيدة ألن ــه ل ــو ظــل قانع ـًا بال ــدائرة القديمــة ال‬
‫يخرج عنها‪ ،‬لحكم على نفسه بالموت‪.‬‬
‫• تاثير الشعبي في الزجا‪ :‬فالزجل أدب واقعي كلة محادثات فيها حياة فنحن لسـنا‬
‫أم ــام ش ــاعر يتخي ــل المواق ــف تخيًال‪ ,‬وإنم ــا نحن أم ــام زج ــل أندلس ــي يعيش في قرطب ــة‬
‫بأزقتها‪ ..‬عاداتها‪ ..‬شبانها ونسائها‪ ..‬لذلك رأينا أن نستعرض بعض ما أستوقفنا من تلك‬
‫األزجــال ومــا فيهــا من معــاني وصــيغ وطرافــة يســتمتع فيهــا القارىء‪ ..‬وقــد تجيء هــذه‬
‫الحي ــاة في الزج ــل عن غ ــير ت ــركيب ع ــامي وعن غ ــير ألفاظ جدي ــدة‪ ،‬فيكفي أن ي ــذكر‬
‫الزج ــال لفظ‪"..‬ي ــاابني" مك ــان ك ي ــاُبَني" ال ــتي يس ــتخدمها الش ــاعر لنحس بنعم ــة جدي ــدة‬
‫كقولةه في مطلع زجل‪:‬‬
‫ترى يا قّم تي متى تنجلي واش ذا الهجران يااْبني يا علي‬
‫• وق ــد يكتس ــب الزج ــل طرافت ــه من أس ــماء األص ــوات ال ــتي يك ــثر منه ــا الزج ــالونن‬
‫فتصور للسامع المكان والزمان مع الحركة والسرعة‪:‬‬
‫َطق من بالباب؟ أن هو خ ـ ــرْج لي‬
‫• وقد تجيء قوة التعبير من ذكر ألوان أقترنت في أذهان الناس بمعان مثل‪:‬‬
‫يوم نراك ياعين يا بياض‬
‫• فهــذه كلهــا أســاليب من الحــديث اليــومي أنتقلت إلى األزجــال زلكنهــا لم تنتقل‬
‫على القصــائد‪ .‬ومن الزجــل لمــا اراد الزَّج ال أن يعــبر عن عصــيان المعشــوق‪ ,‬ومعاكســة‬
‫لرغبات العاشق قال ‪:‬‬
‫‪48‬‬

‫لم قط ُيرى معشوق إال ُمخالف إن قلت له أجلس يقوم واقف‬


‫• كذلك ما يقوله الزجال عن ممدوح له‪:‬‬
‫ًلفظه ُيغنيك عن العشا والغذا‬
‫ك ــل ه ــذا في ــه بس ــاطة ومبالغ ــة لطيفة وفي ال ــوقت نفس ــه‪ ,‬وه ــو مع ــنى مت ــداول عن‬
‫الحديث الممتع والحديث المشبع‪.‬‬
‫هــل الزجــل فن شــعبي‪ :‬نالحــظ من دراســة ازجــال أبن قزمــان دراســة دقيقة إن هــذه‬
‫االزج ــال مهم ــا ك ــان ح ــظ الخي ــال الع ــامي فيه ــا والمع ــاني الش ــعبية‪ ,‬لم تكن فنـ ـًا ش ــعبيًا‬
‫صحيحًا‪ ،‬وإنما كانت مزيجًا من فنيين فن خاص قديم يتداول بين الشعراء والوشاحين‪.‬‬
‫• وفن شعبي ال سند له من التراث المكتوب‪.‬‬
‫وأن جمه ـ ــور الزج ـ ــل لم يكن الش ـ ــعب في األزق ـ ــة والح ـ ــارات كم ـ ــا لم يكن أيضـ ـ ـًا‬
‫الجماعة الضيقة لمحدوده التي نظم لها الشعراء والقصائد‪.‬‬
‫العالقه بين الزجل والموشحات‪ -1 :‬البناء‪.‬‬
‫يتشـ ــابه الموشـ ــح مـ ــع الزجـ ــل حيث يبـ ــنى كـ ــل منهمـ ــا المطلـ ــع واألبيـ ــات واألقفال‬
‫والخرجــة عــدا أن بنــاء المطلــع في الموشــح يختلــف عن بنائــه في الزجــل؛ ففي الموشــح‬
‫المطلع يكون مثل بناء األقفال والخرجة ؛ فعلى سبيل المثال‪:‬‬
‫ياوالة الحَّب إن دمي سفتكتُه األعيُن الَّنجُل‬
‫فالمطلع يتكون من جزأين وكذلك بقية األقفال ن فالقفل األول‪:‬‬
‫فتكت بي فتك منتقم بسهام راشها الكحُل‬
‫والقفل الثاني ‪:‬‬
‫صنُُم‪ ,‬ناهيك من صنم حائُُر في خَّد ه االخجُل‪,.‬‬
‫وهكذا في باقي األقفال حتى الخرجة‬
‫فكماُل الحسن بالكرم والذي يزرى به البِخ ُل‪.‬‬
‫فعدد األجزاء في المطلع هي نفسها عدد األجزاء في األقفال والخرجة‪.‬‬
‫فبناء المطلع مع األقفال والخرجة ال يتغير‬
‫اما الزجل‪ :‬فيختلف عن الموشح في هذا البناء وقد يتشابه وهذا نادرو فعلى ســبيل‬
‫‪49‬‬

‫المثال الزجل الذي مطلعه‪:‬‬


‫نهو ط ـ ــباخ أفك ـ ـ ــاري خل ناري تقيدْه‪.‬‬
‫يارب عبذ وبسورة الدخان ياحميد يا مجيْد ‪.‬‬
‫والقفل األول‪:‬‬
‫وفي دست الهوان على قلبي غلي ـ ــا نو شديد‪.‬‬
‫حتى يصل إلى الخرجة فيقولك‬
‫م ــثل ماجا يقاس الفضــة والذهب بالحديد‬
‫والزجـل يتكـون من تسـعة أقفال مكونـة من جـزأين متفقه في التقفيـة الخارجيـة فهنـا‬
‫أتفاق مـابين المطلـع واألقفال ولكن هنـاك أزجـاًال أختلـف عن هـذا البنـاء كالزجــل الـذي‬
‫مطلعه‪ :‬الزمان سع ــيد مواتى والحبيــب حلو رشيْق‬
‫والربيع بساط أخضر والشراب اصفر مروق‪.‬‬
‫والقفل األول ‪:‬‬
‫والهزار يعمل طرايق في الغنا مزمور ومطلْق ‪.‬‬
‫والقفل الثاني‪:‬‬
‫ال تخاف الصبح يهجم دع يجي ويركب أبلْق ‪.‬‬
‫والخرجة ‪:‬‬
‫زعقت‪ :‬حرام زوجي والنبي غدا نطلْق‬
‫ويتشابه الموشح ع الزجل في التقفيــة الخارجيــة لألقفال غال أن أجــزل األقفال في‬
‫الموشحة قد تأتي معقدة أو كثيرة على خالف الزجل كالموشح التالي‪:‬‬
‫شعاعها بكَّف ي يخل جنى عند الغنَّى وقد شربتها كتى‬
‫توقعنى في سكره تجدبني بعطفّى ‪.‬‬
‫وكثر هذا النوع في الموشحات في العصر الملوكي‪.‬‬
‫• ‪ -2‬الخرجـه وكـذلك تتشـابه الموشـح مـع الزجـل في الخرجـة غال أن الخرجـات‬
‫أتت في الموش ــح على األن ــواع " العامي ــة ‪ ,‬والمعرب ــة‪ ,‬والمقتبس ــة‪ ,‬واألعجمي ــة" أم ــا في‬
‫الزجل فأتت على نوعين " العامية والمقتبسة"‪.‬‬
‫‪50‬‬

‫• فالخرج ــة العامي ــة‪ :‬تمت ــاز بالبس ــاطة لتش ــبه ح ــديثًا عاديـ ـًا إذا أقيس ــت بالموش ــحة‬
‫فالوشــاح يخــرج من المعــرب إلى العــامين وأن مثــل هــذه الخرجــات في الموشــحات هي‬
‫التي ادت إلى ظهور فن الزجل‪.‬‬
‫‪ -3‬اللغه‬
‫يتشــابه الموشــح مــع الزدجــل في اللغــة العاميــة في خرجــة الموشــح‪ ,‬وقــد كتبت في‬
‫العصر المملوكي بعض الموشحات باللغة العامية وهــذا مــادفع بعض البـاحثين إلى القول‬
‫إن" لغ ــة الموش ــحات يغلب عليه ــا الض ــعف والرك ــة وأس ــاءة من ه ــذه الناحي ــة إلى اللغ ــة‬
‫العربيــة فأصــبح الشــاعر الوشــاح ال يجــد حرج ـًا في التســاهل اللغــوي طالمــا يبقى أذواق‬
‫العامــة" وهــذا الحكم يعتــد بــه في الخرجــات ألن بعضــها كتب باللغــة العاميــة القريبــة من‬
‫لغـ ــة اللصـ ــوص وغـ ــيرهم والموشـ ــحات " سـ ــاعدت على تـ ــدعيم مكانـ ــة الفصـ ــحى ألنهـ ــا‬
‫أش ــاعت ه ــذه اللغ ــة الجميل ــة بين الن ــاس‪ ,‬ومن ثم ح ــالت دون س ــيطرة العام ــة‪ ,‬وجعلت‬
‫للزجل مكانة ثانوية في األدب"‬
‫• وأتت لغة بعض الموشحات فصيحة زجله والبعض اآلخر فصيحة سهلة‪.‬‬
‫• وأتت لغة الزجل سهلة بسيطة تتماشى طبيعة البيئة ‪.‬‬
‫س ــمات الزج ــل‪ 1 :‬ـ ـ وهن ــاك ظ ــاهرة أخ ــرى في الزج ــل هي ح ــذف الهم ــزة تخفيفًا‬
‫وذلك كما في قول العزاري ‪:‬‬
‫بُت مَُش غوفًا بحب َر شا‬
‫بين حبات القلوب رشا‬
‫قد براه اهلل كيف يش ــا‬
‫‪ 2‬ـ ـ وهــذه الظــاهرة واضــحة بكــثرة في الزجــل ‪ ,‬ومن المظــاهر الواضــحة أيض ـًا في‬
‫الموشحات ابدال السين ثاء كقول أحمد الوصل‪:‬‬
‫ما كمحبوبي وال خلقـ ــا‬
‫غصن بان في كثيب نقا‬
‫سينه ث ـ ــاء إذا انطلق ــا‬
‫مثكر المثطار من لعث وتحيق المثك لي نفث‪.‬‬
‫‪51‬‬

‫‪ 3‬ـ ـ ومن الظ ــواهر الملفت ــه تتط ــرفي األزج ــال ع ــدم تقي ــد الزج ــل بالقواع ــد النحوي ــة‬
‫والصرفية‪.‬‬
‫‪4‬ـ واستخدام صيغ وتراكيب معينه استقاها الزجالون من أفواه العامة كمــا يســتخدم‬
‫كلمة " اش" وهي لهجة عامية كقول عالء الدين بن مقاتل‪:‬‬
‫اش لو تكون يا جاري‬
‫تدعني من فيك أشبع قال أش يكون لك اشعْب ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ ـ وكــذلك ظهــر بوضــوح بعض األلفاظ العلميــة المتداولــه مثــل " والنــبي" كقول‬
‫فخر الدين بن مكانس‪:‬‬
‫والنبي زاد بوهيامى وال نسمع لوم اليم‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ واستخدم الزجالون صيغ التصغير وذلك في قول أبن النبيه‪:‬‬
‫آه على قبله في جيدوا وأخرى في ذا القميم‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ ومن تلك الظواهر حذف حرف وإشباع حركته كقول فخر الدين بن مكانس‪:‬‬
‫أي قوم خلص مميشق كنوا إال اسمر مثقف‬
‫‪ 8‬ـ أو حذف الحرف كقول فخرا لدين بن مكانس في الزجل نفسه‪:‬‬
‫وبقي يخجل مسيكين ويقول لى كلْت تفاح‪.‬‬
‫إلى غير ذلك من سمات خاصه بالزجل‪.‬‬
‫الخاتمة‬
‫ومهم ــا قي ــل في األزج ــال من أنه ــا األدب الش ــعبي ال ــذي يص ــور األحاس ــيس وخ ــير‬
‫مصــور لحيــاة العام ــة بجــدها وهزله ــا‪ .‬ويس ــجل العواطــف ال ــتي تثــور به ــا نفوس العام ــة‪,‬‬
‫وأفئ ــدة ال ــدهماء‪ ,‬فإنن ــا ال نراه ــا إال عنوانــًا على تخل ــف اللغ ــة‪,‬وهج ــر الفص ــحى‪ ,‬وع ــدم‬
‫العنايــة بالضــاد‪ ,‬أو األقبــال عليهــا‪ ,‬وال يشــتغل النــاس بهــا‪ ,‬ويجعلونهــا لســان تصــويرهم‬
‫وتعبيرهم من تــرف في البيــان‪ ,‬وتقويم في اللســان وازدهــار لألدب‪ ,‬ولنهم يفرون غليهــا‬
‫من إفالس وفقر‪ ،‬وهــزال ومــرض‪ ,‬وضــعف وانتكــاس‪ ,‬حينمــا يطغى تيــار العجمــة‪ ,‬وتحــل‬
‫العامية محل الفصحى‪.‬‬
‫• والعربي ــة الص ــحيحة مهم ــا ك ــانت ثقيل ــة على الط ــالب‪ ,‬أو بغيض ــة إلى الناش ــئ‪ ,‬أو‬
‫‪52‬‬

‫متشعبة المسـالك على المتعلم‪ ،‬فهي ـ على كـل حـال ـ اللسـان الـذي ال ينحـرف والبيـان‬
‫الذي ال يزيغ‪ ,‬والهادي الذي ال يضل‪ ,‬والرائد الذي ال يكذب أهله‪ ,‬والصديق الــذي ال‬
‫يخون صديقه‪ ,‬وال‬
‫يتخلى عنه‪ ,‬وال يمل صحبته‪ ,‬وال يكره معاشرته‪ ,‬وال تختلــف معاملتــه للنــاس‪ ...‬أمــا‬
‫العامية فهي كالمنافق الذي يلقى كل واحد بوجـه‪ ,‬وكـل صـديق بـدعوى‪ ,‬وكـل صـاحب‬
‫بمقال‪ ,‬وكــل رفيــق بلــون‪ ,‬وعاميــة المدينــة غــير عاميــة القريــة‪ ,‬وعاميــة قطــر غــير عاميــة‬
‫األخر‪ ,‬وهكذا تكون بلبلة اللسـان والبيـان‪ ,‬وللفكـر والـرأي‪ ,‬والعقل والمنطـق‪ ,‬والهـوى‬
‫والميـــل‪ ,‬والـ ــذين يـ ــدعون إليهـ ــا‪ ,‬أو يتشـ ــجعون عليهـ ــا‪ ,‬ربمـــا غـــاب عنهم أنهم فتنـــة في‬
‫األرض وفساد كبير‪.‬‬
‫• فالزجل فن شعبي عبر عن فلسفة الطبقات الشعبية في الحياة ونظــرتهم إليهــا‪ ,‬إال‬
‫أن ــه يع ــد رجع ــة إلى ال ــوراء‪ ,‬م ــع أن س ــنة التط ــور في الحي ــاة تحتم على األدب أن يرتفع‬
‫بمستوى جمهور الناس فيسمو بسموه في الشكل والمضمون ال أن يــنزل إلى مســتواهم‬
‫فتنحدر لغته وتختل قيمه وتهتز صوره‪.‬‬

‫محاضره‪ :‬ابن زيدون‬


‫ُو ِلَد ابن زيــدون ف ــي قرطبــة ســنة ‪394‬هـ ـ ‪1003‬م واس ـمـ ــه أح ـم ــد بن ع ــبد اهلل ب ــن‬
‫زي ــدون أب ــوه فقـيه من س ــاللــة بن ــي مخـ ــزوم القـ ــرش ـيــين‪ ،‬وجـُّد ه ألمـه صــاح ــب األحكــام‬
‫الوزيــر أبو بك ــر محـ ــمد ابن محـ ــمد بن إبراه ـيــم‪ ،‬و صــاح ــب األحكــام تعــني أنــه اش ــتغل‬
‫بالفقــه والقضــاء‪.‬‬
‫تـ ـعَّلم اب ــن زيـ ــدون في جامـعـ ــة قرطـبـ ــة الت ـ ــي كـ ــانت أه ـ ــم جـ ــامعات األندلـ ــس ي ـَـفِـُد‬
‫إليـهـا طـ ـ ــالب الع ـلـ ــم مــن المـمال ـ ــك اإلسـ ـ ــالميـ ــة والنصـ ــرانية على السـ ــواء‪ ..‬ولــمع بين‬
‫أقرانه كشاعر‪.‬‬
‫ك ـ ــان الش ـ ــعر بداي ـ ــة تـ ـعُّر فه بَف ـَر اَش ـ ـ ـِة ذلـ ــك العص ـ ــر والدة بنت المس ــتكفي الخليفة‬
‫األمـــوي الضـ ــعيف المع ـ ــروف "بالتخ ـ ــلف والركــاكـ ـ ــة‪ ،‬مش ــته ـ ــرًا بالشـ ـ ــرب والبط ــالـ ــة‪،‬‬
‫ســقيـ ـ ــم الِّس ـ ـ ــر والعالنيـ ــة‪ ،‬أسـ ــير الشـ ــهوة‪ ،‬عـ ــاهر الخلـ ــوة" ك ـ ــما يقول عنـ ــه أبـ ــو حيـ ــان‬
‫‪53‬‬

‫التوحيدي‪.‬‬
‫أحب ابن زيدون والدَة ُح ـ ـًّبا َم َل َك عليـه حياتـه وأَح ـ ـّبتُه هي أيض ــا‪ ،‬وعـاش معـ ــها فــي‬
‫الســعادة أيامـا‪ ،‬ثـم هجــرتـه لس ــبب تاف ــه اخـ ـتــلف فيـ ــه المؤرخــون بغــناء إحــدى جواريهـا‬
‫فـي حضــورها فأغض ــبها منه ذلك‪ .‬ولك ــي ُتـغـيظ ــه وج ــدت عاشـًق ا جديــدًا هــو الــوزير أبــو‬
‫عامر بن عبدوس‪.‬‬
‫عندما غضبت عليه والدة كتبت له تقول‪:‬‬
‫َلو ُك نت ُتنصف في الَه َو ى ما َبْيَننا‬
‫َلْم َتْه ـ ـَو جـَــاِر َيتــي َو َلْم تَـَتـَخ ـ ـَّير‬
‫َترْك ـ ـُت ُغ ـ ـَنا ثـِم ــرًا ِب ـ ـ ـاِلـِه‬
‫َج َم‬ ‫ْص ُم‬ ‫َو‬
‫َو َج َنْح ُت ِلْلُغْص ِن اّلِذ ي َلْم ُيْثِم ر‬
‫َو َلَق ـْـد َع ـِل ـْم ُت ِبَأّنـِنــي َبـْد َر السّــَم ـا‬
‫َلِك ـْن َو ِلْع ـ ـَت ِلَش ــوِقي ِبالـمُـْش ـ ـَتري‬
‫حــاول ابن زيــدون جاهــدًا إبعــاد والدة عن ابن عبــدوس‪ ،‬واسـ ــتعادة األيــام الجـ ــميلة‬
‫الماضــية‪ ،‬لك ــنهـا رفض ـ ــت‪ ،‬واته ـم ــه اب ــن ع ــبدوس بأن ــه ضـالع في مـؤامرة سياسـية لقلب‬
‫نظام الحكم وُزَّج به في السجن‪.‬‬
‫كتب ابن زيدون قصائد كـثيرة يســتع ـطــف فيهـا "أبا الح ــزم جهـ ــور" حاك ــم قرطـ ــبة‪،‬‬
‫كـ ـمــا كتب قصائـد أخــرى ألبي الوليد بـن أبي الحزم ليتوســط لدى أبيــه‪ ،‬وكــان‬
‫أبو الوليــد يح ــب ابن زيـدون‬
‫لكن وســاط ــته لم تنفــع‪.‬‬
‫ه ــرب ابن زي ـ ــدون من الس ـ ـ ــجن‪ ،‬واختب ــأ فـ ــي إح ــدى ض ــواحي قرطب ــة وظ ــل يرس ــل‬
‫المراســيل إلى الوليــد وأبيــه حــتى تَّم الع ــفو عنــه‪ ،‬فلـ ــزم أبــا الوليــد حــتى ُت ـُو ِّفَي أبــو ال ــحزم‬
‫وخلفه أبو الوليــد الذي ارتـفع بابن زيـدون إلى مرتــبة الوزارة‪.‬‬
‫لم َيْنَس ابن زيدون حبه الكبير لوالدة التي أهملتـه تماًم ا‪ ،‬فجــعله أبـو الوليـد س ــفيًر ا‬
‫لــه لــدى ُملــوك الطوائــف حــتى يتسـ ــلى عن حبــه باألس ــفار وينسـ ــاه‪ ،‬لكن السـ ــفر زاد من‬
‫حــب ابن زي ــدون لـوالدة وش ــوقه إليها‪ ،‬فعــاد إلــى قرطبة‪.‬‬
‫‪54‬‬

‫ُأِّتِه م مــرة أخرى باالشتراك في محاولة قلب نظام الحكم على أبي الوليد بن جه ــور‬
‫الذي غضـب عليـه‪ ،‬فارتــحل ابن زيـدون عن قرط ــبة وذه ـ ــب إل ــى ب ــالط المع ـت ـضـ ــد بـ ــن‬
‫عــباد فـي أشـبيلية‪ ،‬وهــناك لق ــي تكــريًم ا لم يســبق له مثيل‬
‫ظــل ابن زيـدون حتى آخــر يــوم فـي حــيات ــه شاعًر ا عاشًق ا‪ ،‬فبالشــعر عشــق‪ ،‬وبالشــعر‬
‫خرج من الس ـجـ ــن‪ ،‬وبالشـ ــعر ن ــال ح ـظــوظ ـ ــه مـ ــن الحيــاة‪ ..‬ولم ينس أب ــدا ذك ــرى والدة‬
‫وأيامه الجميلة معها‪.‬‬
‫ظ ـ ـ ـّل ابن زيـ ــدون اسـ ـ ـ ــير ح ـ ــب بنت المســتكـف ـ ــي حـ ــتى أثـ ــر عليـ ــه شـ ـ ــرب المدامـ ــة‬
‫وكــادت تذهب عقله‪ ،‬وكتب إليها يستديم عهدها‪ ،‬ويؤكــد ودهــا‪ ،‬ويع ـت ــذر م ــن فــراق ـ ــها‬
‫بالخ ـطــب الــذي خشــيه‪ ،‬واالمتحان الــذي غشــيه‪ ،‬ويعلمهــا أنــه مــا ســالها بخــمر وال خبـا‬
‫ما فـي ضـلوعه من ملتهب الجمر‪.‬‬
‫قصيدة ابن زيدون المسماة ”بالنونية“تعتبر من نــوادر الشــعر العــربي‪ ،‬ح ــيث تمكـ ــن‬
‫مــن وصـف مؤثر وحياكــة بالغــة فـي‬
‫النــص والــتي نـورد بعضــا‬
‫من أبياتها ألهميتها‪.‬‬
‫َأْض َح ى الَّتَناِئي َبِد ْيًال ِم ْن َتداِنْينا‬
‫َو َناَب َعْن ِط ْيِب ُلْق َياَنا َتَج اِفْيَنا‬
‫أال وَقْد َح اَن ُصبح الَبْيِن َص َّبحنا‬
‫ِح يٌن فقام بنا للِح ين ناِع ينا‬
‫َمن ُمبلغ الُم ْبِلسينا باْنِتزاِح هم ُح زًنا‬
‫َمَع الّد هِر ال َيْبلى وُيبِلينا‬
‫أّن الّز َمان الِذ ي َما َز ال ُيْض ِح ُك نا‬
‫ُأْنًس ا ِبُقْر ِبهم َقْد َعاد ُيبكينا‬
‫غيَظ الِعدى َمن ُتَس اِقينا الَه َو ى َفَد عوا‬
‫ِبأّن َنُغَّص َفَق ال الّد هُر آِم يَنا‬
‫َفاْنَح َّل َما َك ان َمْع ُقوًدا ِبأْنٌفِس نا‬
‫‪55‬‬

‫وأْنَبَت ما َك ان َم وُصوًال بأْيِد ينا‬


‫ِق‬
‫َلْم َنْع ت د َبْع َد ُك م إّال الَو َفاَء َلُك ْم‬
‫َر أًيا َو َلم َنَتقّلد َغيَر ُه ِد ْينا‬
‫ا ِّق َنا أْن ُتِق ِّر وا َعي ِذ ي ٍد‬
‫َن َح َس‬ ‫َم َح‬
‫ِبنا‪َ ،‬و ال أْن ٌُتِس ِّر وا َك اِش ًح ا ِفْيَنا‬
‫ُك نا َنرى الَيأَس ُتَس لْينا َعواِر ُضه‬
‫وَقْد يِئْس نا َفَم ا ِللَيْأِس ُيْغِر ْينا‬
‫ِبْنُتْم َو ِبَّنا َفَم ا اْبَتَّلْت َج َو اِنُح َنا‬
‫َش ْو ًقا إَلْيُك م َو ال َج َف ْت َمآِقْينا‬
‫َنَك اُد ِح ْيَن ُتَناِج ْيُك م َض َم اِئُر نا‬
‫َيْق ِض ي َعَلْينا األَس ى َلْو ال َتأِّس ْينا‬
‫َح اَلْت ِلَف ْق ِد ُك م أّياُمَنا َفَغَدْت‬
‫ُس وًدا َو َك اَنْت ِبُك م ِبْيًض ا َلَياِلْينا‬
‫ا ار ال ِق َغاِد الَق َفاِس ٌق ِبِه‬
‫ْص َر‬ ‫َي َس َي َبْر‬
‫َمْن َك ان َص ْر َف الَه َو ى واْلِو ُّد ُيْس ِق ْينا‬
‫واْس َأْل ُهَناَك َه ْل َعَّني ُتَذ ِّك ُر نا‬
‫إْلفًا‪ُ ،‬تَذ ّك ُر ه َأْم َس ى ُيَعِّنْينا‬
‫َو َيا َنِس ْيَم الِّص َبا َبِّلْغ َتِح َّيِتَنا‬
‫َمْن َلو َعلى اْلُبْع د َح ًّيا َك اَن ُيْح ِيْينا‬
‫َفَه ْل َأَر ى الَّد ْه َر ُيْق ِص ْينا ُمَس اَعفًة‬
‫ِم ْنُه َو َلْم َيُك ْن ِغ ًّبا َتَق اِض ْينا‬
‫ومن اشعاره‬
‫قال ابن زيدون يخاطب ابن عــبدوس الشتراكه معـه في هوى ـ محبوبته ـ والدة‪:‬‬
‫أْثَر ت ُهْز َبَر الِّش رى إْذ َرَبْض‬
‫َو َنّبهتُه إْذ َه َد ا َفأْغَتمْض‬
‫‪56‬‬

‫َو َما ِز ْلُت َتْبُس ط ُمْس َترِس ال‬


‫إَلْيه َيُد الَبِّض ِلَم ا اْتَق َبْض‬
‫َح َذ ار َح َذ ار‪َ ،‬فإّن الَك َر يَم‬
‫إَذا ِس يَم َخ ْس فًا أَبى َفاْم َتَعْض‬
‫َلَعْم ري َف ْقَت َس ْه ِم الِّنَض اِل‬
‫ّو‬
‫َو َأْر ِس ْلُه َلو َأَصْبَت الَغَر ْض‬
‫َغ ّك ِم َعْه ِد ّالَد ٍة‬
‫َو‬ ‫َو ّر ْن‬
‫َس َر اٍب َتَر اَءى َو َبْر ٍق َو َم ْض‬
‫ِه َي اْلَم اُء َيُعُّز َعَلى َقاِبٍض‬
‫َو َيْم َنع ُزْبَدَتُه َمْن َم َخْض‬
‫ومن اشعاره في وداع والدة‬
‫لما عزم ابن زبدون على الرحيل إلى إشبيلة‬
‫كتب إليها مودعا‪:‬‬
‫َو ِّدْع الَّصـ ـْبَر ُمِح ـ ـٌّب َو ّدَع ـْك‬
‫َذاِئـٌع ِم ـْن ِس ـِّر ِه َم ـا اْس ـَتْو َدَعْك‬
‫َيْق ـَر ع الِّس ــن َعـلى أْن َلـْم َيُك ـْن‬
‫َز اَد ِفــى ِتْل ـَك اْلُخ َطـا إْذ َش ـّيَعْك‬
‫َيــا َأَخ ــا الَب ـْد ِر َس ـَناٌء َو َس ـَنا‬
‫َح ـ ـِف َظ الّل ـُه َز َمانــا َأْطَلَع ـْك‬
‫ِل‬ ‫ِط‬
‫إْن ُي ـْل َبْع ـَد ك َلْي ـ ي َفَلُك ـْم‬
‫ِبــُّت َأْش ـُك و ُقْص ـَر الَّليْـِل َمَعـْك‬
‫البعد بين ابن زيدون ووالده‪:‬‬
‫حدثت بين والدة وابن زيدون جـفـوة وانقطعا عن التالقي فكتبت إليه‪:‬‬
‫أال َه ـ َلـَنـا ِم ـ ـْع ـِد َه ـَذ ا اْلّتـَف ـُّر ِق‬
‫ْن َب‬ ‫ْل‬
‫َس ـِبيٌل َفَيْش ـُك و ُك ّل َص ـٍّب ِبَم ـا َلِق ي?‬
‫‪57‬‬

‫َو َقـْد ُك ـْنُت َأّيـاَم الـّتـَز اِو َر ِفـي الِّش ـَتا‬


‫َأِبْيـُت َعـَلى ـ ٍر ِم الَّش ِق ْح ِر ِق‬
‫َج ْم َن ْو ُم‬
‫ابن زيدون‬
‫َفَك ـ َف َقـْد أ ـ ُت ِفـي اِل َقْطِعِه‬
‫َح‬ ‫ْي َو ْم َس ْي‬
‫َلَق ـْد َعّج ـَل اْلَم ْق ـُد وِر َم ـا ُك ـْنت َأّتِق ي‬
‫َتُم ـر الّلَيـاِلي َال َأَر ى اْلَبْيـَن َيْنَق ِض ـي‬
‫َو ال الّصْـبر ِم ـْن ِرِّق الَّتَش ـوِق ُمْع ِتِق ي‬
‫َس ـَق ى الّلـه َأْر َض ـا َقْد َغَدْت َلَك َم ْنِز ال‬
‫ِبُك ـِّل ـُك وِب َعـاِط اْلـ ْبِل ْغـَد ِق‬
‫َل َو ُم‬ ‫ُس‬
‫رد ابن زيدون على والدة وقيل أّنها آخر ما‬
‫كتب لهـا‪:‬‬
‫َلَح ــا اللّـه َيومـًا َلْس ـ ـُت ِفِْي ـِه ِبُم ْلَتـ ـٍق‬
‫ُمَحّيـاِك ِم ـ أْج ـِل النّــ ى الّتَف ـُّر ِق‬
‫َو َو‬ ‫ْن‬
‫ـ ٍة‬ ‫ِد‬ ‫ِط‬
‫َو ك ـَـْيَف َي يْـُب اْلَعْيَش ْيـُن َم َس ّر‬
‫َو َأُّي ُس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوٌر ِلْلك ـَـ ـِئ ـي ـِب اْلُم ـ ـ ــوِر ِق ?‬
‫أصبح ـــت حيـــاة وسـ ــيرة ابن زيـــدون المتقلبـــة‪ ،‬وحبـــه الكبـــير لـــوالدة باإلضـــافة إلى‬
‫أع ـ ـ ــماله الش ــعرية والنثــريـ ــة الـمت ــمي ـ ــزة موضـوع ـ ــات لدراسـ ـ ــات وإبداع ـ ــات كث ــيرة لع ـ ــل‬
‫أشـ ـ ــهرها مسـ ـ ــرحية الشــاع ـ ــر المصـ ـ ــري فـ ـ ــاروق جـ ـ ــويدة "الوزي ـ ــر العاشـ ـ ــق" الت ـ ــي ق ـ ــام‬
‫بـبطـولتها عـبد اهلل غيث وسميحة أيوب‪.‬‬
‫ومن أهم أعم ــال ابن زيـــدون الباقي ــة إلى اآلن غ ــير أشـــعار "الرســـالة الجديـــة" الـــتي‬
‫اس ــتعطف في ـهـ ــا ابـ ــن جـ ـه ـ ــور ليخ ـ ــرجه مـ ــن السـ ـ ـ ــجن‪ ،‬و"الرسـ ــالة الهزليــة" الــتي كـ ــتبها‬
‫على لسـان والدة ذًّما في ابن عـبدوس حـبـيـبها الجــديد‪.‬‬
‫هاتان الرسالتان عـالمــة علـ ــى الموهـبــة الكبـيرة والثقافـة المتنوعـة الــتي تمـيز بهــا ابن‬
‫زيــدون فـي أعــماله الشــعرية والنثــرية عـلى الســواء‪.‬‬
‫‪58‬‬

‫النثر الفني في األندلس فنونه وخصائصه وأغراضه‬


‫تعريف النثر لغة‪:‬‬
‫من نثر الشيء بيده أي رماه بيده متفرقًا‬
‫تعريف النثر اصطالحا"‪:‬‬
‫هو الكالم غير المنظوم أو هو الكالم الذي ليس فيه الوزن ويعتمد على الحقائق ‪.‬‬
‫تطور النثر في مختلف أطوار العصر األندلسي‪:‬‬
‫عــرفت في الصــدر األول من الفتح نمــاذج قليلــة من النــثر اقتضــتها ظــروف الفتح‪،‬‬
‫كالخطابة التي تطلبتها مناسبات سياســية ودينيـة‪ ،‬والكتابـة الـتي اقتضـتها ظـروف الحكم‪،‬‬
‫وكتابة العهود والرسائل والتوقيعــات‪ .‬وهــو نــثر تغلب عليـه المســحة المشــرقية من حيث‬
‫الميل إلى الجزالة وقـوة العبـارة وعـدم اللجـوء إلى المحسـنات‪ ،‬مـا عـدا خطبـة طـارق بن‬
‫زياد التي يدور الشك حول نسبتها إليه‪.‬‬
‫وفي عهــدي بــني أميــة والطوائــف ظهــر نــوع من النــثر المتــأثر بنــثر الجاحــظ‪ ،‬وكــان‬
‫للحك ــام دور في تش ــجيع األدب ــاء على الت ــأليف‪ ،‬وإس ــناد ال ــوزارة إلى أص ــحاب الح ــذق‬
‫والمهارة‪ ،‬فقد ألف ابن فرج الجّياني كتاب «الحدائق» وقدمه للحكم المستنصر‪،‬‬
‫وقــد انتــدب المعتضــد ألعبــادي األديب الشــاعر ابن زيــدون لرئاســة الــوزارة وإمــارة‬
‫الجيش فسمي بذي الوزارتين‪ :‬وزارة السيف‪ ،‬ووزارة القلم‪.‬‬
‫وفي عهـ ــدي المـ ــرابطين والموحـ ــدين ظهـ ــرت طائفة من الكتـ ــاب عـ ــنيت بالكتابـ ــة‬
‫اإلنشـائية والتـأليف في مختلـف األغـراض‪ ،‬كمـا انتشـرت في عهـد الموحــدين المكتبـات‬
‫الــتي تضــم الكتب النفيســة‪ ,‬وفي عهــد بــني األحمــر اتســعت النمــاذج النثريــة فصــدر عن‬
‫الكتــاب النــثر الــديواني الــذي يضــم الرســائل‪ ،‬والكتابــات على شــواهد القبــور‪ ،‬والعالمــة‬
‫الســلطانية والنـثر أإلخــواني بين الكتـاب وذوي الســلطة‪ ،‬أو بين الكتـاب أنفســهم‪ ،‬والنـثر‬
‫الوصــفي الــذي يتنــاول وصــف الشخصــيات واألعالم‪ ،‬ووصــف المــدن والــرحالت مثــل‬
‫رحلــة البلــوى خالــد بن عيســى وكــثر التــأليف في المقامــات الــتي عــنيت بتســجيل همــوم‬
‫الحياة‪ ،‬وخرجت عن الكدية واالستجداء إال في القليل منها‬
‫فنون النثر األندلسي‬
‫‪59‬‬

‫تعــددت فنــون النــثر العــربي في األنــدلس ‪ ,‬فتنــاول األندلســيون مــا كــان معروفــا في‬
‫المش ـ ــرق من خطب ورس ـ ــائل و مناض ـ ــرات ومقام ـ ــات ‪ ,‬وزادوا عليه ـ ــا بعض م ـ ــا أملت ـ ــه‬
‫ضــروف حيــاتهم وبيئــاتهم ‪ ,‬وقــد شــاع فيهم تصــنيف كتب بــرامج العلمــاء‪ ,‬الــتي ضــمنت‬
‫ذكــر شــيوخهم ومرويــاتهم وأجــازاتهم ‪ .‬وكــان للكتــاب مزيــة الجمــع بين الشــعر والنــثر‬
‫واإلجادة فيها‪...‬‬
‫الخطابة‪:‬‬
‫كانت الخطابة وليدة الفتح‪ ،‬فقد استدعت الغزوات التي قام بها العـرب المسـلمون‬
‫قيام الخطباء باستنهاض الهمم‪ ،‬وإذكاء روح الحماسة للجهاد في سبيل اهلل‪.‬‬
‫ولم ـ ــا تم ـ ــزقت البالد‪ ،‬واس ـ ــتحالت إلى دويالت كث ـ ــيرة‪ ،‬واس ـ ــتعان بعض أص ـ ــحابها‬
‫باألعداء‪ ،‬كان الخطباء يقفون في المحافل العامة للدعوة إلى لم الشمل وترك التناحر‪.‬‬
‫ومن ــذ عص ــر الم ــرابطين‪ ،‬ح ــتى آخ ــر أي ــام المس ــلمين في األن ــدلس‪ ،‬ظه ــرت الخطب‬
‫المنمقة‪،‬ومنها التي تتضمن التورية بأسماء القرآن الكريم كمـا في خطبـة للقاضـي عيـاض‬
‫(‪544‬هـ) التي يقول فيها‪« :‬الحمد هلل الذي افتتح بالحمد كالمه‪ ،‬وبين في سورة البقرة‬
‫أحكامه‪،‬ومد في آل عمران والنساء مائدة األنعام ليتم إنعامه‪.»...‬‬
‫أشهر خطباء األندلس ‪:‬‬

‫طارق بن زياد فاتح األنـدلس ‪ ,‬واألمـير عبـد الـرحمن الـداخل المؤسـس األمـوي في‬
‫األندلس ‪ ,‬ومنذر بن سعيد البلوطي ‪ ,‬والقاضي عياض‪ ,‬ولسان الدين بن الخطيب‬
‫الرسالة‪:‬‬
‫كـ ــانت الرسـ ــالة في القرن األول من الفتح ذات أغـ ــراض محـ ــددة أملتهـ ــا ظـ ــروف‬
‫العصر‪ ،‬وكان ال يلتزم فيها سجع وال توشية‪ .‬ثم حظيت كتابـة الرسـائل بكتـاب معظمهم‬
‫من فرسان الشعر اســتطاعوا بمـا أوتــوا من موهبـة شــعرية وذوق أدبي أن يرتقوا بأســاليب‬
‫التعب ــير وأن يع ــالجوا ش ــتى الموض ــوعات‪ ،‬فظه ــرت الرس ــائل المتنوع ــة ومنه ــا الديواني ــة‬
‫واإلخوانية‪.‬‬
‫فمن الرسـ ــائل الديوانيـ ــة رسـ ــالة أبي حفص أحمـ ــد بن بـ ــرد (ت‪428‬هـ) (المعـ ــروف‬
‫‪60‬‬

‫باألصـغر تميـيزًا لـه من جـدها ألكـبر) من كتـاب ديـوان اإلنشـاء في دولـة العـامريين‪ ،‬وقـد‬
‫وجههــا لقوم طلبــوا األمــان من مــواله‪ .‬واســتخدم فيهــا األســلوب الــذي يخيــف بالكلمــة‬
‫المشبعة بالوعيد‪.‬‬
‫ومن الرسائل اإلخوانية رسالتا ابن زيدون الهزلية والجدية‪ ،‬ورســالة لســان الــدين بن‬
‫الخطيب إلى صديقه ابن خلدون في الشوق إليه‪.‬‬
‫وقــد شــاع اســتعمال لفظ «كتــاب» عوضـًا عن الرســالة‪،‬كمــا ورد في رســالة جوابيــة‬
‫كتبها ابن عبد البر (ت‪458‬هـ) إلى أحد إخوانه يعبر فيها عن مدى إعجابه بأدبه‪.‬‬
‫المناظرة‪:‬‬
‫وهي فن يه ــدف الك ــاتب في ــه إلى إظه ــار مقدرت ــه البياني ــة وبراعت ــه األس ــلوبية‪ ،‬وهي‬
‫نوعان خيالية وغير خيالية‪.‬‬
‫فمن المنــاظرات الخياليــة منــاظرة بين الس ــيف والقلم البن ب ــرد األصــغر‪ ،‬وقــد رم ــز‬
‫بالســيف لرجــال الجيش‪ ،‬وبــالقلم ألربــاب الفكــر‪ ،‬ثم أجــرى الحــوار بينهمــا‪ ،‬وانتهى فيــه‬
‫إلى ضرورة العدل في المعاملة بين الطائفتين‪.‬‬
‫ومن المن ــاظرات غ ــير الخيالي ــة م ــا تج ــري في ــه المن ــاظرة بين م ــدن األن ــدلس وم ــدن‬
‫المغــرب كمفاخرات مالقة وســال للســان الــدين بن الخطيب‪ ،‬وكــانت مالقة أيــام الدولــة‬
‫اإلس ــالمية من أعظم الثغ ــور األندلس ــية‪ ،‬أم ــا س ــال فهي مدين ــة روماني ــة قديم ــة في أقص ــى‬
‫المغرب‪ ،‬وقد فضل الكاتب مالقة‪.‬‬
‫المقامة‪:‬‬
‫وهي نوع من النثر الفني نشأ في المشــرق على يــد بــديع الزمــان الهمــذاني‪ ،‬ثم حــذا‬
‫ح ــذوه الحري ــري‪ .‬وفي األن ــدلس ع ــارض أب ــو ط ــاهر محم ــد التميمي السرقس ــطي (ت ــوفي‬
‫بقرطب ــة س ــنة ‪538‬هـ) مقام ــات الحري ــري الخمس ــين بكت ــاب الخمس ــين مقام ــة اللزومي ــة‪،‬‬
‫وهي المعروفة بالمقامات السرقسطية‪ ،‬ولــزم في نثرهــا المســجوع مــا ال يلــزم‪ .‬كتب أبــو‬
‫محمـ ــد عبـ ــد اهلل بن إبـ ــراهيم األزدي (ت‪750‬هـ) «مقامـ ــة العيـ ــد» الـ ــتي اسـ ــتكدى فيهـ ــا‬
‫أضحية العيد من حاكم مالقة الرئيس أبي سعيد فرج بن نصر‪.‬‬
‫كمــا أَّل ف لســان الــدين بن الخطيب مقامــات كثــيرة منهــا مقامتــه في السياســة‪ ،‬وقــد‬
‫‪61‬‬

‫بناهــا على حــوار بين بطلين همــا الخليفة هــارون الرشــيد وحكيم فارســي األصــل عــربي‬
‫اللســـان‪ ،‬وقـــد تض ــّم نت آراؤه وتجاربـــه الشخصـــية فيمـــا ينبغي أن تكـ ــون عليـــه سياسـ ــة‬
‫الحكم‪.‬‬
‫خصائص النثر األندلسي‪:‬‬
‫على الــرغم من تــأّثر الكّت اب األندلســيين بأســاليب المشــارقة‪،‬وطــرائقهم الفنيــة‪ ،‬فقد‬
‫كانت هناك خصائص امتاز بها نثرهم منها‪:‬‬
‫* الميل إلى الجمل المتقطعة‪..‬‬
‫• اإليجاز التام ‪..‬‬
‫• تزيين األسلوب بالسجع والمزاوجة ‪..‬‬
‫• االعتماد على الجمل القصار ووضعها في إطار محكم ‪..‬‬
‫• اإلتيان بالجملة مردفة وبجملة أخرى تشبهها أو تقاربها‪.‬‬
‫• االقتباس من القرآن الكريم ‪..‬‬
‫• كلها مع جمال اللفظ والمعنى‬
‫• اذكري أنواع الرسائل التي ظهرت في العصر األندلسي ؟؟؟‬
‫• ما أنواع المناظرات؟؟‬
‫• مالفنون النثرية التي أضافها األندلسيون على فنون النثر ؟؟‬
‫• اذكري أمثلة للرسائل الديوانية؟؟‬
‫• بما انتهى الحوار في مناظرة بين السيف والقلم؟؟‬
‫محاضرة‪:‬النثر االندلسي اغراضه وفنونه‬
‫تــأثر النــثر في األنــدلس بــالنثر في المشــرق العــربي‪ ،‬ولــذلك يالحــظ البــاحث أن أي‬
‫تطور في النثر المشرقي أو تجديــد فيــه ال بــد أن تنعكس آثــاره على أهــل األنــدلس‪ ،‬فــإذا‬
‫كن ــا ق ــد تعرفن ــا عن ــد دراس ــتنا للن ــثر العباس ــي على طريقة الجاح ــظ وابن العمي ــد وب ــديع‬
‫الزمان‪ ،‬فإننا سنجد أصداء ذلك في األندلس‪.‬‬
‫وقــد امتــاز كثــير من كتــاب األنــدلس بجمعهم بين الشــعر والنــثر كــابن زيــدون وابن‬
‫شهيد وابن برد ولسان الــدين بن الخطيب‪ ،‬فكــان لهــذا الجمـع بين الفنين أثــره في صـبغ‬
‫‪62‬‬

‫النثر بالصبغة الشعرية‪ ،‬مما أعطاه جماًال ورقة وحسن اختيار لأللفاظ واألساليب‪.‬‬
‫أهم فنون النثر االندلسي‬
‫للخطابة‬
‫عنــدما دخ ــل العــرب األنــدلس فــاتحين كــانوا بطــبيعتهم ميــالين إلى الخطابــة‪ ،‬ثم إن‬
‫عصر الوالة كان عصـر اضـطراب وحــروب وصـراع بين العصـبيات العربيـة‪ ،‬فكــان ذلـك‬
‫داعي ـًا إلى ازده ــار الخطاب ــة في األن ــدلس في ذل ــك العص ــر‪ ،‬فك ــانت الوس ــيلة الفعال ــة في‬
‫إشــعال الحــروب وتأييــد العصــبية القبليــة عنــدما تكــون الحــروب والنزاعــات بين العــرب‬
‫الع ــدنانيين والقحط ــانيين‪ ،‬وك ــانت الوس ــيلة فعال ــة في الحث على الجه ــاد وقت ــال الكفار‬
‫عندما تكون الحروب ضد نصارى األندلس‪.‬‬
‫وكــانت الخطابــة في تلــك الفترة تتمــيز بالســهولة والوضــوح واِإل يجــاز والبعــد عن‬
‫التكلــف؛ ألن الخطبــاء من الــوالة واألمــراء والقادة كــانوا عرب ـًا مطبــوعين على الخطابــة‬
‫واالرتجال‪.‬‬
‫ولكن عنــدما اســتقرت األمــور ومــال النــاس إلى الدعــة ضــعفت الخطابــة األندلســية‪،‬‬
‫وتفوق الشعر والنثر الفني عليهـا‪ ،‬وإن كـانت الخطابـة الدينيـة قـد ازدهـرت بفضـل بعض‬
‫العلماء الذين كانوا يجيدون الخطابة كالقاضي منذر بن سعيد البلوطي‪.‬‬
‫وعندما عـادت األنـدلس إلى عصـر االضـطراب والحـروب في عهـد ملـوك الطوائـف‬
‫والمرابطين والموحدين كانت الملكة والسليقة العربية قد ضــعفت‪ ،‬فلم تزدهــر الخطابــة‬
‫من جديــد مــع وجــود دواعي االزدهــار‪ ،‬بــل دخلهــا كثــير من الصــنعة اللفظيــة‪ ،‬وامتألت‬
‫بالسجع المتكلف فضعفت‪ ،‬ولم يعد لها تأثير يذكر‪.‬‬
‫وأش ــهر خطب ــاء األن ــدلس‪ :‬ط ــارق بن زي ــاد ف ــاتح األن ــدلس‪ ،‬واألم ــير عب ــد ال ــرحمن‬
‫الـ ــداخل مؤسـ ــس الحكم األمـ ــوي في األنـ ــدلس‪ ،‬ومنـ ــذر بن سـ ــعيد البلـ ــوطي‪ ،‬والقاضـ ــي‬
‫عياض‪ ،‬ولسان الدين بن الخطيب ‪.‬‬
‫نماذج للخطابه‪:‬‬
‫خطبـ ــة طـ ــارق بن زيـ ــاد فـ ــاتح األنـ ــدلس‪" ]1[:‬أيهـ ــا النـ ــاس‪ ،‬أين المفر‪ ،‬البحـ ــر من‬
‫ورائكم‪ ،‬والعــدو أمــامكم‪ ،‬وليس لكم واهلل إال الصــدق والصــبر‪ .‬واعلمــوا أنكم في هــذه‬
‫‪63‬‬

‫الجزي ــرة أض ــيع من األيت ــام في مأدب ــة اللئ ــام‪ ،‬وق ــد اس ــتقبلكم ع ــدوكم بجيش ــه‪ ،‬وأقوات ــه‬
‫موفـ ــورة وأنتم ال وزر[‪ ]2‬لكم إال سـ ــيوفكم‪ ،‬وال أقـ ــوات لكم إال مـ ــا تستخلصـ ــونه من‬
‫أيــدي أعــدائكم‪ .‬وإن امتــدت لكم األيــام على افتقاركم‪ ،‬ولم تنجــزوا لكم أمــرًا‪ ،‬ذهبت[‬
‫‪ ]3‬ريحكم‪ ،‬وتعوض ــت القل ــوب من رعبه ــا منكم الج ــرأة عليكم‪ ،‬ف ــادفعوا عن أنفس ــكم‬
‫خــذالن هــذه العاقبــة من أمــركم بمنــاجزة[‪ ]4‬هــذا الطاغيــة‪ ،‬فقد ألقت بــه إليكم مدينتــه‬
‫الحص ـ ــينة‪ .‬وإن انته ـ ــاز الفرص ـ ــة في ـ ــه لممكن إن س ـ ــمحتم ألنفس ـ ــكم ب ـ ــالموت‪ ،‬وإني لم‬
‫أحذركم أمرًا أنا عنه بنجوة[‪ ،]5‬وال حملتكم على خطــة أرخص فيهــا متــاع النفوس إال‬
‫وأن ــا أب ــدأ بنفس ــي‪ .‬واعلم ــوا أنكم إن ص ــبرتم على األش ــق قليال اس ــتمتعتم باألرف ــه األل ــذ‬
‫طويًال‪ ،‬فال ترغبوا بأنفسكم عن نفسي‪ ،‬فما حظكم فيه بأوفى من حظي‬
‫وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيــرة من الحـور الحســان من بنـات اليونــان الــرافالت‬
‫في الدر والمرجان‪ ،‬والحلل المنســوجة بالعقيــان[‪ ،]6‬والمقصــورات في قصــور الملــوك‬
‫ذوي التيجــان‪ .‬وقــد انتخبكم الوليــد بن عبــد الملــك أمــير المؤمــنين من األبطــال عزبانــا[‬
‫‪ ،]7‬ورض ــيكم لمل ــوك ه ــذه الجزي ــرة أص ــهارا[‪ ]8‬وأختان ــا[‪ ...]9‬ليك ــون حظ ــه منكم‬
‫ثــواب اهلل على إعالء كلمتــه‪ ،‬وإظهــار دينــه بهــذه الجزيــرة‪ ،‬وليكــون مغنمهــا خالصــا لكم‬
‫من دونـــه ومن دون المؤمـــنين سـ ــواكم‪ ،‬واهلل تعـــالى ولي إنجـــادكم على مـــا يكـ ــون لكم‬
‫ذكـ ــرا في الـ ــدارين‪ .‬واعلمـ ــوا أني أول مجيب إلى مـ ــا دعـ ــوتكم إليـ ــه‪ ،‬وأني عنـ ــد ملتقى‬
‫الجمعين حامل بنفسي على طاغية القوم لذريق فقاتلــه إن شــاء اهلل تعــالى‪ ،‬فــاحملوا معي‪،‬‬
‫فان هلكت بعده فقد كفيتكم أمره‪ ،‬ولم يعوزكم بطل عاقل تسـندون أمـوركم إليـه‪ ،‬وإن‬
‫هلكت قبل وصولي إليه فـاخلفوني في عزيمـتي هـذه‪ ،‬واحملـوا بأنفسـكم عليـه‪ ،‬واكتفوا‬
‫الهَّم من فتح هذه الجزيرة بقتله‪ ،‬فإنهم بعده ُيْخ ذلون"‪.‬‬
‫مميزات النثر االندلسي‪:‬‬
‫الشـــعر في األنـــدلس امتـــداد للشـــعر العـــربي في المشـــرق؛ فقد كـــان األندلســـيون‬
‫متعلقين بالمشـرق‪ ،‬ومتـأثرين بكـل جديـد فيـه عن طريـق الكتب الـتي تصـل إليهم منـه‪ ,‬أو‬
‫العلم ــاء ال ــذين يرحل ــون من الش ــرق أو األندلس ــيين ال ــذين يفدون إلى الش ــرق للحج أو‬
‫لطلب العم ــل‪ ,‬فك ــانت حب ــال ال ــود ووش ــائج القربى قوي ــة بين مش ــرق الع ــالم اإلس ــالمي‬
‫‪64‬‬

‫ومغربه‪.‬‬
‫وكان األندلسيون ينظرون إلى الشــرق ومــا يــأتي منـه نظـرة إعجـاب وتقدير؛ فكــانوا‬
‫في غـ ــالب أمـ ــرهم مقلـ ــدين للمشـ ــارقة‪ ,‬ويبـ ــدو ذلـ ــك واضـ ــحا في ألقاب الشـ ــعراء وفي‬
‫معارضاتهم لشعراء المشرق‪.‬‬
‫ولكن هذا التقليد لم يمنعهم من اإلبداع واالبتكار‪ ,‬والتميز بميزات تخصهم نتيجـة‬
‫لعوامــل كثــيرة‪ ,‬أهمهــا البيئــة األندلســية الجديــدة الجميلــة الــتي طبعت األدب األندلســي‬
‫بطابع خاص‪.‬‬
‫ويمت ــاز الش ــعر األندلس ــي في ألفاظ ــه ومعاني ــه وأخيلت ــه بس ــمات تب ــدو واض ــحة في‬
‫مجمله‪ ,‬ومنها‪:‬‬
‫‪ .1‬وضوح المعنى‪ ,‬والبعد عن التعقيد الفلسفي أو الغوص على المعاني وتشقيقها‪.‬‬
‫‪ .2‬ســـهولة األلفاظ وسالســـتها‪ ,‬والبع ــد عن التعقي ــد والغم ــوض‪ ,‬وذل ــك ن ــاتج عن‬
‫بساطة األندلسيين وبعدهم عن التعقيد في كل شيء‪ .‬ويستثنى من ذلك شــعر ابن هــانيء‬
‫وابن دارج‪ ,‬فهما يقربان من شعر المشارقة من حيث الجزالة والقوة‪.‬‬
‫‪ .3‬قل ــة ال ــدخيل واأللفاظ األعجمي ــة؛ فقد الح ــظ الدارس ــون أن األندلس ــيين أك ــثر‬
‫تمسكا بالعربية الفصحى من غيرهم‪.‬‬
‫‪ .4‬التجديــد في بعض أغــراض الشــعر والتفوق فيهــا‪ ,‬ويبــدو ذلــك واضــحا في رثــاء‬
‫الممالك الزائلة‪ ,‬وفي وصف الطبيعة‪.‬‬
‫‪ .5‬الخي ــال المجنح‪ ,‬وبراع ــة التص ــوير‪ ,‬واالن ــدماج في الطبيع ــة‪ ,‬ووص ــف مناظره ــا‬
‫الخالبة‪ ,‬وذلك أثر من آثار جمال الطبيعة األندلسية‪ ,‬وتعلق األندلســيين بطبيعــة بالدهم‪,‬‬
‫وانعك ــاس ذل ــك على ش ــعرهم س ــواء من ناحي ــة األلفاظ المنتقاة أو الخي ــال أو التص ــوير‬
‫والتشخيص‪.‬‬
‫‪ .6‬التجديـ ـ ــد في األوزان‪ ,‬وذلـ ـ ــك بـ ـ ــاختراع الموشـ ـ ــحات‪ ،‬وسـ ـ ــوف نتحـ ـ ــدث عن‬
‫الموشحات حديثا مفصال‪.‬‬
‫‪ .7‬البعــد عن المحســنات اللفظيــة المتكلفة والمبالغــة‪ ,‬وبــروز التشــبيهات الجميلــة‬
‫واالستعارات الدقيقة وحسن التعليل‪.‬‬
‫‪65‬‬

‫والخالصــة أن األندلســيين قــد قلــدوا المشــارقة‪ ,‬ولكن هــذا لم يمنعهم من االبتكــار‬


‫والتفوق في مجاالت عديدة ورد ذكرها فيما سبق‪.‬‬
‫قصيدة النثر واستدعاء‬
‫النموذج االندلسي‬
‫تعّر ف قصيدة النثر بأنها قصيدة تتميز بواحدة أو أكثر من خصــائص الشــعر الغنــائي‪،‬‬
‫غـ ــير أنه ـ ــا تع ـ ــرض في المطبوعـ ــات على هيئـ ــة النـ ــثر وهي تختلـ ــف عن الش ـ ــعر النـ ــثري‬
‫‪ Poetic prose‬بقص ــرها وبم ــا فيه ــا من ترك ــيز‪ .‬وتختل ــف عن الش ــعر الح ــر ‪Free‬‬
‫‪ Verse‬بأنهـ ــا ال تهتم بنظـ ــام المتواليـ ــات البيتيـ ــة‪ .‬وعن فقرة النـ ــثر بأنهـ ــا ذات إيقاع‬
‫ومؤثرات صوتية أوضح ممـا يظهـر في النـثر مصـادفة واتفاقـًا من غـير غـرض‪ .‬وهي أغـنى‬
‫بالص ــور وأك ــثر عناي ــة بجمالي ــة العب ــارة‪ ،‬وق ــد تك ــون القص ــيدة من حيث الط ــول مس ــاوية‬
‫للقصــيدة الغنائيــة لكنهــا على األرجح ال تتجــاوز ذلــك وإال احتســبت في النــثر الشــعري(‬
‫‪.)1‬‬
‫وقد عمد بعض رّو اد حركة الحداثة في الشعر العربي إلى تنظير سوزان برنــار لهــذه‬
‫القص ــيدة ف ــاقتبس أنس ــي الح ــاج وأدونيس(‪ )2‬كالهم ــا التعري ــف ال ــذي يقوم على بي ــان‬
‫طبيعــة هــذا اللــون األدبي باإلش ــارة إلى مــا فيــه من َو ْح دة وإيجــاز تركــيز ومجانيــة‪ ،‬أي‪:‬‬
‫خلوهـ ــا من الغـ ــرض التعليمي أو التثقيفي الـ ــذي يمكن أن يهـ ــدف إليـ ــه النـ ــثر(‪ .)3‬وهـ ــذا‬
‫التعري ــف ـ ـ في الواق ــع ـ ـ ال يتمّت ع ب ــأي تحدي ــد منطقي للمع ــرف‪ .‬فالقص ــيدة الغنائي ــة هي‬
‫األخرى تتميز بالوحدة‪ ،‬والتركيز‪ ،‬والبعد عن أن يكون لها مقابل نثري‪.‬‬
‫وتبــدو المشــكلة نابعــة من مغالطــة المصــطلح نفســه‪" :‬قصــيدة النــثر" فهــذه التســمية‬
‫ال ــتي أْج م ــع عليه ــا بعض الش ــعراء تنس ــب القص ــيدة إلى الن ــثر وليس إلى الش ــعر‪ .‬ونس ــبة‬
‫الش ــيء إلى ش ــيء آخ ــر تجعل ــه ج ــزءًا من ــه‪ ،‬وص ــفاته الفني ــة والجمالي ــة كص ــفاته‪ .‬فنس ــبة‬
‫القصيدة إلى النثر توجب أن نتوقع خصائص النثر فيها ال خصــائص الشــعر‪ .‬والحــيرة في‬
‫تسمية هذا الذي هو قريب إلى الشعر وبعيد عن النثر حيرة ليست جديدة‪.‬‬
‫• فقد أطلــق أمين الريحــاني على مــا كتبــه من قصــائد تخلــو من األوزان والقوافي‬
‫ش ــعرًا ح ــرًا قرن ــه بش ــعر والت وايتم ــان(‪ .)4‬وس ــماه ميخائي ــل نعيم ــة بالش ــعر الُم ْنَس ِرح‪.‬‬
‫‪66‬‬

‫وس ـّم اه رئيــف خ ــوري س ـْج عًا نتيجــة التزام ــه ب ــالقوافي(‪ .)5‬واس ــتخدم اس ــتخدامًا مقرون ـًا‬
‫بالتحّف ظ تعبــير الشــعر المرســل ‪ Blank Verse‬للداللــة على هــذا النــوع من الشــعر‪.‬‬
‫واس ــتخدمت جماع ــة ال ــديوان ه ــذا المص ــطلح فيم ــا اس ــتخدمت جماع ــة أبول ــو مص ــطلح‬
‫الشـ ــعر الحـ ــر ‪ Free Verse‬في وصـ ــف مـ ــا يكتبونـ ــه من شـ ــعر تمـ ــتزج فيـ ــه البحـ ــور‬
‫واألوزان‪ .‬وذلــك مــا أوضــحه أحمــد زكي أبــو شــادي في غْي ر مْو ضــع(‪ .)6‬وقــد ظهــرت‬
‫هذه المصطلحات جميعًا ولم يـبرز في ســياق التـداول االصـطالحي تعبـير "قصـيدة النـثر"‬
‫إال بعــد ظهــور مجّل ة شــعر وتقديم ســعيد عقل لــديوان المجدليــة وعرضــه لــديوان توفيــق‬
‫صــايغ ثالثــون قصــيدة(‪ .)7‬واخُتلــف فيمن كتب "قصــيدة النــثر" أوًال‪ .‬فمنهم من ينســب‬
‫فضل الّر يادة فيها للريحاني(‪ .)8‬ومنهم من ينسبها إلى توفيق صايغ‪ ،‬ومنهم من يــرى في‬
‫جبرا إبراهيم جبرا رائدًا لهذا النوع من الشعر(‪.)9‬‬
‫وليس المهم من هــو أول من كتب قصــيدة النــثر‪ .‬ولكن األكــثر أهمّي ة هــو أّن هــذه‬
‫القصيدة فرضت نفسها على القارئ‬

‫أستاذ المادة ‪:‬‬


‫د‪ .‬كوثر محمد القاضي‬
‫أستاذ األدب الحديث و السعودي المساعد بكلية اللغة العربية ‪ /‬جامعة أم القرى‬
‫‪dr.kawthar-algady@hotmail.com‬‬

‫‪http://www.facebook.com/kawtharalgady?ref=tn_tnmn‬‬

You might also like