You are on page 1of 8

‫الدولة املوحدية ‪668-541‬ه‪1269-1156/‬م‬

‫ع رفت بالد املغ ارب كمج ال جغ رافي وسياسي خالل ف ترة حكم الخالف ة املوحدي ة تجرب ة‬
‫وحدوي ة مثلت النم وذج األمث ل والوحي د ملع نى "الوح دة املغاربي ة"؛ ال تي دامت أزي د من‬
‫قرن وعشرين سنة من الزمن (‪668-541‬هـ‪1269-1146/‬م‪.‬‬
‫نشأت الحركة املوحدية في جنوب املغرب األقصى سنة (‪515‬هـ‪1121/‬م)‪ ،1‬على يد‬
‫الزعيم الروحي املهدي بن تومرت‪ ،2‬املنتمي إلى قبيلة هرغة إحدى بطون مصمودة‪3‬؛ تلقى‬
‫املعارف بالعدوة األندلسية بعد أن انتقل إليها في سنة ‪500‬هـ‪1106/‬م وقيل سنة (‪501‬هـ‪/‬‬
‫‪1107‬م) ‪ ،4‬حيث أخد العلم في مدينة قرطبة ثم في مدينة أملـرية؛ ومنها رحل إلى املشرق‪،‬‬
‫ون زل باإلس كندرية وأخ ذ عن عامله ا األندلسي أبي بك ر الطرطوشي‪ ،5‬ثم رح ل إلى بغ داد‬

‫‪ -1‬محم د ول د داده‪ -‬مفه وم املل ك في املغ رب من انتص اف الق رن األول إلى انتص اف الق رن الس ابع "دراس ة في الت اريخ‬
‫السياسي"‪-‬دار الكتاب اللبناني‪-‬بيروت‪ -‬دار الكتاب املصري‪ -‬القاهرة‪ -‬ط‪-1977-1‬ص ‪.127‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًال‬
‫‪ -2‬امله دي بن ت ومرت‪ :‬ت رجم ل ه ابن العم اد الحنبلي فق ال عن ه‪ " :‬كان رج ورع ‪ ،‬س اكن ناس ك في الجمل ة‪ ،‬زاه د متقش ف‬
‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا ًال‬ ‫ًا‬
‫شجاع جل د ع اق ‪ ،‬عمي ق الفك ر بعي د الغ ور‪ ،‬فص يح مهيب ‪ ،‬لذت ه في األم ِر ب املعروف والنهي عن املنك ِر ‪ ،‬والجه اد‪ ،‬ولكن‬
‫جره إقدامه وجرأته على حب الرئاسة ‪ ،...‬وهو هرغي بربري وهو إمام معصوم‪ "...‬شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ -‬حققه‬
‫وعلق عليه محمود األرناؤوط‪-‬أشرف على تحقيقه وخرج أحاديثه‪-‬عبد القادر األرناؤوط‪ -‬دار ابن كثير‪ -‬دمشق‪ ،‬بيروت‪-‬ط‪-1‬‬
‫‪-1986‬مج‪-6‬ص‪ /117‬ينظ ر أيض ا‪ :‬الن ويري‪-‬الغ رب اإلس المي في العص ر الوس يط(افريقي ة واملغ رب واألن دلس‪،‬ص يقلية‬
‫وأقريطش)‪-‬تحقيق‪-‬مصطفى أبو ضيف أحمد‪-‬دار النشر املغربية‪-‬الدار البيضاء‪ .1985--‬ص‪395‬‬
‫‪ -‬مص مودة‪ :‬قبيل ة بربري ة من ال برانس‪ -‬ابن خل دون‪-‬الع بر ودي وان املبت دأ والخ بر وت اريخ الع رب والعجم وال بربر ومن‬ ‫‪3‬‬

‫عاصرهم من ذوي السلطان األكبر‪-‬اعتنى به وراجعه‪ -‬درويش الجويدي‪ -‬املكتبة العصرية‪ -‬صيدا‪ -‬بيروت‪ -‬ط‪-2013‬مج‪-2‬ص‬
‫‪/ 1899‬القلقشندي‪-‬نهاية األرب في معرفة أنساب العرب‪ -‬تحقيق إبراهيم األبياري‪ -‬دار الكتاب االلبناني‪ -‬بيروت‪ -‬ط ‪1980-2‬م‪-‬‬
‫ص‪.422‬‬
‫‪ -4‬البيدق‪ -‬أخبار املهدي بن تومرت‪ -‬تحقيق وتعليق‪-‬عبد الحميد حاجيات‪ -‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ -‬الجزائر‪-‬ط‪-1986-2‬‬
‫ص‪.29‬‬
‫‪- 5‬الطرطوشي‪ :‬يك نى أب ا بكر‪ ،‬ه و محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أي وب الفه ري الطرطوشي‪ -‬نش أ في‬
‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫األندنس بمدينة طرطوشة‪ ،‬ثم انتقل للمشرق‪ ،‬أخذ عنه الناس هناك العلم وقيل أنه كان متقدم في الفقه مذهب وخلق ‪-‬‬
‫ابن فرح ون‪ ،‬ال ديباج املذهب في معرف ة أعي ان علم اء املذهب‪ ،‬تحقي ق‪ -‬م أمون بن محي ال دين الجن ان‪ -‬دار الكتب العلمي ة‪-‬‬
‫بيروت‪ --‬ط‪-1996 -1‬صص ‪.372-371‬‬
‫حيث أقام فيها ملدة‪ ،‬وهناك قال ابن القطان أنه التقى باإلمام أبي حامد الغزالي‪ ،6‬ليعود‬
‫منها إلى بالد املغرب‪ ،‬داعيا إلى األمر باملعروف وناهيا عن املنكر‪.2‬‬
‫ذك ر البي دق أن ت اريخ عودت ه كان س نة (‪510‬هـ‪1116/‬م)‪ ،‬م ر خالله ا بمدين ة ط رابلس‬
‫واملهدي ة وت ونس‪ ،‬إذ كان يقيم بكل مدين ة م َّر به ا ‪ ،3‬ثم ن زل مدين ة بجاي ة‪ ،‬حيث جلس‬
‫هن اك لت دريس العلم والوع ظ‪ ،‬ثم خ رج منه ا واس تقر بض يعة مالل ة‪ ،4‬إذ يص رح ابن‬
‫خلدون إلى التقاء املهدي بن تومرت بخليفته عبد املؤمن بن علي‪ ،‬إثر خروجه من بجاية‬
‫بضيعة تبعد عنها بفرسخ واحد‪ ،5‬الذي كان قاصدا املشرق لطلب العلم؛ إال أن املهدي بن‬
‫تومرت استطاع أن يقنعه بأن العلم الذي يريده في املشرق يمكنه أن يتحصل عليه هنا في‬
‫املغ رب‪ ،‬ليخ رج امله دي بن ت ومرت ومع ه عب د املؤمن بن علي عائ دا إلى املغ رب األقصى‬
‫لينزل بعدها بمدينة مراكش‪.‬‬
‫حيث ب دأ إلق اء ال دروس واعظ ا‪ ،‬ي أمر الن اس ب املعروف وينهى عن املنك ر‪ ،‬بع دها ص ار‬
‫املهدي بن تومرت إلى تينملل املكان الذي ستنطلق منه الدعوة املوحدية‪ ،6‬إذ أعلن عداءه‬
‫فيها للمرابطين‪ ،‬وحث الناس على محاربتهم‪.‬‬
‫ستدشن هذه الدعوة الجديدة مرحلة صراع بين املوحدين واملرابطين‪ ،‬حيث تعد موقعة‬
‫البح يرة‪ 7‬س نة (‪524‬هـ‪1130/‬م)من أهم األح داث العس كرية‪ ،‬ال تي نشبت بين الجيش‬
‫املوحدي بقيادة البشير الونشريسي والجيش املرابطي بقيادة علي بن يوسف بن تاشفين‪،‬‬
‫‪ -‬ابن القط ان‪ -‬نظم الجم ان ل ترتيب م ا س لف من أخب ار الزم ان‪ -‬درس ه وق دم ل ه وحقق ه‪ :‬محم ود علي مكي‪ -‬دار الغ رب‬ ‫‪1‬‬

‫اإلسالمي‪ -‬تونس‪ -‬ط‪1990-1‬م‪ -‬ص ‪/.73‬ينظر أيضا‪ :‬النويري‪-‬املصدر السابق‪-‬ص‪.396‬‬


‫‪ - 2‬عبد املجيد النجار‪ -‬املهدي بن تومرت "حياته وآراؤه وثورته الفكرية واالجتماعية وأثره باملغرب‪ -‬دار الغرب اإلسالمي‪-‬‬
‫بيروت‪-‬ط‪-1983-1‬ص ‪.84‬‬
‫‪ - 3‬البيدق‪ -‬املصدر السابق‪ -‬ص‪.29‬‬
‫‪ - 4‬عبد الواحد املراكشي‪ -‬املصدر السابق‪ -‬ص ‪.137‬‬
‫‪ - 5‬ابن خلدون‪ -‬املصدر السابق‪ -‬مج‪ -2‬ص‪.1910‬‬
‫‪ - 6‬عبد الواحد املراكشي‪ -‬املصدر السابق‪-‬ص ‪.140‬‬
‫‪ - 7‬البحيرة‪ :‬تعرف أيضا ببحيرة الرقاق البسيط‪،‬تقع قرب باب الدباغين وباب أيالن من مراكش‪ ،‬الذي جرت فيه الوقعة‬
‫الكبيرة عام ‪524‬هـ‪1130/‬م‪ -‬ابن األحمر‪ -‬بيوتات فاس الكبرى‪ -‬دار املنصور للطباعة والوراقة –الرباط‪، 1972-‬ينظر هامش‬
‫‪-‬ص ‪/.32‬النويري‪-‬املصدر السابق‪-‬صص‪.404-403‬‬
‫وال تي انتهت بقت ل قائ د املوح دين وهزيم ة جيوش هم‪ ،8‬لم يلبت امله دي بن ت ومرت ط ويال‬
‫بع د ه ذه الهزيم ة ح تى ت وفي في نفس الس نة‪ ،2‬ولم يعلن عن وفات ه إال بع د م رور ثالث‬
‫س نوات‪ ،‬وكان ذل ك س نة ‪527‬هـ‪1132/‬م ليعين مكان ه عب د املؤمن بن علي‪ ،‬فيكون أول‬
‫خلفاء الدولة املوحدية متبعا نظام توريت الحكم من بعده‪.‬‬
‫فكانت الدولة املوحدية أعظم دولة عرفتها املنطقة املغاربية بفعل امتداد سلطتها؛‬
‫أي "من طرابلس شرقا إلى املحيط األطلسي غربا‪ ،‬مع تبعية العدوة األندلسية مللكهم‪.3‬‬
‫املرحل ة األولى(‪524‬ه‪1145-540/1139-‬م)‪ :‬تم فيه ا التص ادم م ع جيش الدول ة املرابطي ة‬
‫واإلستيالء على م راكش وس هلها الفس يح ومعظم القالع املرابطي ة‪ ،‬وق د غ زا املوح دون‬
‫بالد الس وس كم ا اس تولوا على ف اس وتلمس ان وت اقرارت وتمكن وا من إخض اع ب ني عب د‬
‫الواد‪.‬‬
‫املرحل ة الثاني ة (‪549-541‬ه‪1154-1145/‬م)‪ :‬تمكن فيه ا املوح دون من بس ط س يطرتهم‬
‫على برغواطة جنوب املغرب األقصى‪ ،‬واستولوا على جزائر بني مزغنة ووصلوا إلى غاية‬
‫بجاي ة‪ ،‬وفي ه ذه املرحل ة وص ل وف د من األن دلس ي رغب عي د املؤمن بن علي الج واز إلى‬
‫األندلس‪ ،‬وقد تم ذلك بناء على طلب أهل األندلس فعبروا إليها عبر مضيق الزقاق‪.4‬‬
‫املرحل ة الثالث ة (‪555-549‬ه‪1160-1154/‬م)‪ :‬في ه ذه املرحل ة كانت الدول ة‬
‫املوحدية قد عبرت إلى األندلس وتوسعت أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬حيث بسطت وجودها‬
‫على قرطبة وجيان وبعض الثغور واألمصار في األندلس‪ ،‬وقد عرف تاريخ ‪555‬ه ﺑ (سنة‬
‫األخم اس) ففي ه ذه الس نة بلغت الدول ة املوحدي ة أقصى اتس اعها‪ ،‬وب ذلك تكون ه ذه‬

‫‪- 1‬ابن سماك العاملي‪ -‬الحلل املوشية في ذكر األخبار املراكشية‪-‬تحقيق‪ :‬عبد القادر بوباية ‪-‬دار الكتب العلمية‪-‬بيروت‪ -‬ط‪-1‬‬
‫‪2010‬م‪-‬ص ‪.186‬‬
‫‪ - 2‬ابن القطان‪ -‬املصدر نفسه‪ -‬ص ‪.167‬‬
‫‪ - 3‬حسين مؤنس‪-‬املرجع نفسه‪ -‬ص ‪.56‬‬
‫‪4‬‬
‫علي محـمد محـمد الص البي‪ -‬ص فحات من الت اريخ اإلس المي في الش مال اإلف ريقي (دول ة املوح دين)‪ -‬دار البي ارق‪ -‬عم ان‪-‬‬
‫‪.‬األردن‪ -1998 -‬ج‪ -5‬صص ‪114-113‬‬
‫السنة تايخا فاصال‪ ،‬فقد امتدت حدودها من حدود طرابلس إلى املحيط األطلسي تحت‬
‫إمرة خليفة واحد يديرها من مراكش‬
‫أحداث مهمة في تاريخ الدولة املوحدية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬موقع ة األرك (‪591‬ه‪1195/‬م)‪ :‬وقعت املعرك ة في مكان فس يح عن د حص ن األرك‬
‫جن وب طليطل ة بين جيش ألفونس و الث امن م دعما بجيش مملك تي لي ون وناف ار‪ ،‬وبين الجيش‬
‫املوح دي بقي ادة أبي يوس ف يعق وب املنص ور‪ ،‬وكان من نت ائج ه ذه املعرك ة انتص ار الجيش‬
‫املوحدي وانحصار املد الصليبي بفرار ألوفونسو الثامن ومن معه إلى طليطلة‬
‫‪-‬موقعة العقاب (‪609‬ه‪1212/‬م)‪ :‬بالرغم من أن املوحدين استطاعوا إخماد الكثير من‬
‫الثورات واالنتصار في الكثير من املعارك ويبقذوا حكمهم من السقوط‪ ،‬إال أن معركة العقاب‬
‫بين الجيش املوحدي بقيادة الخليفة املوحدي الرابع أبو محمد عبد هللا الناصر وبين الجيوش‬
‫اإلسبانية بقيادة ألفونسو الثامن الذي عقد العزم على األخذ بالثأر لهزيمة األرك‪ ،‬فقد أخذ‬
‫هذا األخير مباركة الكنيسة البابوية واستعان بملوك قشتالة وليون ونافار وأرغون‪ ،‬ومعظم‬
‫كبار فرسان إسبانيا النصرانية‪.‬‬
‫لقد مثل هذا الحدث العسكري في تاريخ املغرب اإلسالمي حدثا حاسما ارتبط بخريطة‬
‫تحولية في املنطقة بأسرها‪ ،‬واعتبر لدى املؤرخين املعاصرين للفترة وكذا الدارسين األكادميين‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫الذين عالجوا الحدث ودرسوه بأنه قد أحدث بالفعل تغيير كبير على املجال املغاربي‪ ،‬حيث‬
‫ت رتب عن ه تص دع الرقع ة املوحدي ة ب املغرب واألن دلس أوال‪ ،‬فض ال عن مس اهمته في تش كيل‬
‫قوى سياسية وعسكرية جديدة متنافسة ومتصارعة فيما بينها ثانيا‪.‬‬
‫الدولة الزيانية‪633 :‬ه‪1235/‬م ‪962/‬هـ‪1554 -‬م‬

‫ش هدت منطق ة بالد املغ رب اإلس المي خالل الق رن الس ابع الهج ري الث الث عش ر‬
‫َا‬ ‫َا‬
‫امليالدي انقساما سياسي كبير نتج عن تهاوي صرح الخالفة املوحدية التي حكمت بالد املغرب‬
‫اإلس المي ملدة تزي د عن ق رن من ال زمن‪ ،‬يلح ظ املتتب ع للخريط ة الجيوسياس ية لبالد املغ رب‬
‫ظه ور كيان ات قبلي ة س عت جاه دة إلى اس تغالل ه ذا الض عف لتحقي ق مش روعها السياسي‬
‫وتأس يس دول مس تقلة‪ :‬فملكت قبيل ة ب ني عب د ال واد‪ i‬تلمس ان ون واحي من املغ رب األوس ط‬
‫(وس ط وغ رب الجزائ ر حالي ا) س نة ‪633‬ه‪1235/‬م‪ ،‬كم ا اس تقل ب ني حفص‪ ii‬ب املغرب األدنى‬
‫ًا‬
‫(تونس حاليا‪ ،‬وجزء من شرق الجزائر‪ :‬بجاية و قسنطينة تحديد ) سنة ‪627‬ه‪1229/‬م‪ ،‬بينما‬
‫ملكت قبيلة بني مرين‪ iii‬املغرب األقصى بعد القضاء على الخالفة املوحدية في سنة ‪668‬ه‪12/‬‬
‫‪69‬م‪.‬‬
‫نجم عن هذه التحوالت العميقة عدة تغيرات طرأت على بنية العالقات السياسية بين‬
‫دول املغ ارب ال تي ق امت عقب نهاي ة الخالف ة املوحدي ة‪ ،‬حيث تم يزت ه ذه الف ترة بالتص ادم‬
‫والعداء بين هذه الدول الراغبة في فرض سلطتها وبسط نفوذها وهيمنتها على منطقة الساحل‬
‫الجنوبي للمتوسط‪ ،‬وادعاء كل واحدة منها أنها الوريثة الشرعية للتركة املوحدية‪ ،‬فكان هذا‬
‫أحد العوامل التي أعاقت وأفشلت قيام وحدة سياسية جديدة ذات سلطة مركزية‪.‬‬
‫الدول ة الزياني ة ( بن و عب د ال واد)‪ :‬تنتمي قبلي ة ب ني عب د ال واد إلى قبائ ل زنات ة‪ ،1‬ال تي كانت‬
‫ترتاد جبال وصحراء املغرب األوسط‪ ،‬بشروع املوحدين في فتح هذه البالد كان بنو عبد الواد‬
‫العون القوي لهم واملخلصين في خدمتهم‪ ،‬ألجل هذا نالوا مقابل ذلك إقطاعات شملت منطقة‬
‫وهران وما يليها غربا حتى تلمسان‪ ،2‬لقد استغلت قبيلة بني عبد الواد ضعف الدولة املوحدية‬
‫‪ - 1‬ابن خلدون‪ -‬املصدر السابق‪ -‬مج‪-2‬ص ‪.2109‬‬
‫‪ - 2‬ابن األحمر‪ -‬تاريخ الدولة الزيانية بتلمسان‪ -‬تحقيق هاني سالمة‪ -‬مكتبة الثقافة الدينية‪ -‬ط‪2001 -1-‬م‪ -‬ص ‪/.10‬جورج‬
‫مارسيه‪ -‬بالد املغرب وعالقاته باملشرق اإلسالمي في العصور الوسطى‪ -‬ترجمة محمود عبد الصمد هيكل‪ -‬مراجعة مصطفى‬
‫لتسيطر على مدينة تلمسان‪ ،‬فكان أمرهم في البداية لشيخهم جابر بن يوسف الذي عقد له‬
‫الخليف ة املوح دي املأمون إقليم تلمس ان وم ا يلي ه س نة ‪627‬هـ‪1229 /‬م‪ ،‬حيث أخ ذ ج ابر ي دير‬
‫ش ؤون اإلقليم ويوس ع رقعت ه ويوط د أركان ه‪ ،‬فأطاع ه بن و عب د ال واد باستثناء أه ل ندرومة‪،1‬‬
‫الذين تخلفوا عن مبايعته؛ مما دفع بني عبد الواد ملحاصرتهم لكن زعيمهم جابر بن يوسف‬
‫لقي حتفه سنة ‪629‬هـ‪1231/‬م‪ ،2‬ليتولى بعده ابنه الحسن بن جابر الذي تخلى عن الحكم بعد‬
‫ستة أشهر لصالح عمه عثمان بن يوسف‪ ،‬لقد أساء هذا األخير السيرة فعزل‪ ،‬وكان ذلك سنة‬
‫‪631‬هـ‪1233/‬م‪ 3‬ليخلف ه ابن عم ه ع زة بن زي ان بن ث ابت‪ ،‬ف التفت حول ه األع راش والقبائ ل‬
‫باستثناء "بني مطهر" ال ذين عارضوه رفقة حلفائهم من "بني راش د"‪ ،4‬فقام بمحاربتهم إال أنه‬
‫قتل أثناء هذه الحرب سنة ‪633‬هـ‪1235/‬م‪ ،5‬ليخلفه السلطان يغمراسن بن زيان‪ ،6‬الذي يعتبر‬
‫املؤسس الحقيقي للدولة العبد الوادية ( الزيانية)‪.‬‬
‫لم تكن للدولة الزيانية حدود ثابتة ومستقرة بل كانت حدودها تتسع وتتقلص حسب‬
‫قوتهم العسكرية واالقتصادية‪ ،‬وحسب وحدة سالطينهم وانسجام قبائلهم‪ ،7‬فالناحية الغربية‬
‫ظلت ثابت ة من ذ تأسيس ها وال تي يح دها حس ب م ا ورد عن د الحس ن ال وزان" واد زا ونه ر‬
‫ملوي ة"‪،8‬بينم ا ح دودها الش رقية املتاخم ة للدول ة الحفص ية ظلت مج اال للتوس ع كلم ا أتيحت‬
‫‪10 9‬‬
‫الفرصة لسالطينها ‪.‬‬

‫أبو ضيف‪ -‬منشأة املعارف‪ -‬اإلسكندرية‪ -‬دط‪ -‬دت‪ -‬ص ‪.317‬‬


‫‪1‬‬
‫‪ -‬ندرومة‪ :‬مدينة بقرب من تلمسان‪ ،‬وهي من املدن الكبيرة العامرة اآلهلة ولها مزارع عدة‪ -‬اإلدريسي ‪-‬نزهة املشتاق في اختراق اآلفاق‪ -‬اعتنى به‪ -‬طالل‬
‫سالم الحديثي –دار العراب و دار حوران للدراسات والنشر والترجمة‪-‬دمشق‪-‬ط ‪2016‬م‪-‬ص ‪.324‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬يحـى بن خلدون‪ -‬بغية الرواد في ذكر امللوك من بني عبد الواد‪ -‬تقديم وتحقيق وتعليق‪ :‬عبد الحميد حاجيات‪-‬عالم املعرفة‪-‬الجزائر‪ -‬ط ‪2011‬م‪ -‬ج‪- 1‬‬
‫‪.220‬‬
‫‪ - 3‬ابن خلدون‪ -‬مج‪ -2‬ص ‪.2111‬‬
‫‪ - 4‬بنو راشد‪ :‬ينتمون لقبيلة زناتة‪ -‬مواطنهم بالصحراء ثم استوطنوا جبل بني راشد وهو يعرف حاليا ( بجبال عمور)‪ -‬ينظر ابن خلدون ‪ -‬مج‪ -2‬ص ‪2103‬‬
‫‪ - 5‬ابن خلدون‪-‬املصدر نفسه‪ -‬مج‪-2‬ص ‪.2111‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬يغمراسن بن زيان‪ :‬أبو يحـي‪ ،‬بويع سنة ‪633‬هـ‪1235/‬م بعد مقتل أخيه أبي عزة‪ ،‬كان شجاعا فاضال‪ ،‬حكيما‪ ،‬متواضعا ‪ -‬يحي بن خلدون‪-‬نفسه‪-‬ج ‪-1‬ص‬
‫‪ /225‬ينظر أيضا تعريف ابن خلدون‪ -‬املصدر نفسه ‪-‬مج‪ -2‬ص‪.2113‬‬
‫‪ - 7‬عبد العزيز فياللي‪-‬املرجع السابق‪-‬ج‪ -1‬صص ‪.43‬‬
‫‪ - 8‬الحسن الوزان ‪-‬وصف إفريقيا‪-‬ترجمه عن الفرنسية‪ :‬محمد حجي و محمد األخضر‪-‬دار الغرب اإلسالمي‪-‬بيروت‪-‬ط‪-1983-2‬ج‪-2‬ص‪.7‬‬
‫‪ - 9‬عبد العزيز فياللي‪-‬املرجع السابق‪ -‬ص‪.44‬‬
‫‪10‬‬
‫‪i‬‬
‫‪ -‬بو عيد الواد‪ :‬هو فرع من الطبقة الثانية من قبيلة زناتة‪ ،‬تعود تسمية بني عبد الواد الى عابد الوادي‪ ،‬يعود نسبهم الى زحيك بن واسين بن ورشيك بن جانا‬
‫وينتسب ينو عبد الواد الى عدة بطون‪:‬بنو ياتكين وبنو وللو وبنو ورصطف ومصموحة وبنو تومرت وبنو القاسم الذي ينسب اليهم بنو عبد الواد وأول مؤسس‬
‫لدولتهم يغمراسن بن زيان بن ثابث بويع ‪633‬ه‪1235/‬م (ت ‪681‬ه‪ ،)1283/‬أبي زكريا يحي ابن خلدون‪ ،‬بغية الرواد في ذكر امللوك من بني عبد الواد‪ ،‬تقديم وتحقيق‬
‫وتعلي ق عب د الحمي د جاجي ات‪ ،‬ع الم املعرف ة‪ ،‬الجزائ ر‪ ،‬ط ‪ ،2011‬ج‪،1‬ص‪/207‬ابن خل دون‪ ،‬كت اب الع بر ودي وان املب دأ والخ بر في أي ام الع رب والعجم وال بربرومن‬
‫عاصرهم من ذوي السلطان األكبر‪ ،‬املكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪-‬بيروت‪ ،‬ط ‪/.2109- ،2013‬التنسي‪ ،‬تاريخ بني زيان ملوك تلمسان مقتطف من نظم الدرر والعقيان في‬
‫بيان شرف بني زيان‪ ،‬تحقيق محمود بوعياد‪ ،‬الجزائر‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬دط‪،1985‬ص‪.109‬‬
‫‪ii‬‬
‫‪-‬بن و حفص‪ :‬نسبة إلى أبي حفص عمر بن يحي الهنت اتي‪ ،‬من قبائل املصامدة‪ ،‬كانوا السباقين لدعوة املهدي بن ت ومرت‪ ،‬امتد نفوذ الحفصيين حتى بالد افريقية‬
‫ش رق الدول ة الزياني ة‪ ،‬يع د أب و زكري ا الحفصي املؤس س الحقيقي للدول ة الحفص ية س نة ‪ 625‬ه‪1227/‬م‪ .‬ابن الش ماع ‪ -‬األدل ة البين ة في مف اخر الدول ة الحفص ية‪،‬‬
‫تقدبم وتحقيق‪ ،‬الطاهر بن محمد املعموري‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬ط ‪1984‬م‪ ،‬صص ‪ /.49-48‬ابن قنفد القسنطيني‪ ،‬الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية ‪،‬تقديم‬
‫وتحقيق‪ ،‬محمد الشادلي النيفر و عبد املجيد التركي‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪1968 ،‬م‪ ،‬صص ‪.107-100‬‬
‫‪iii‬‬
‫‪-‬بن و م رين‪ :‬من بط ون زنات ة وهم أوالد عموم ة ب ني عب د ال واد‪ ،‬ج دهم م رين بن ورت اجن بن م اخوخ بن ج ديج بن ف اتن بن ي در ‪ ،‬قض وا على دول ة املوح دين‬
‫باس قاط م راكش عاص متهما س نة ‪668‬ه‪1269/‬م‪. ،‬ابن ابي زرع الفاسي‪ ،‬ال دخيرة السنية في ت اريخ الدول ة املرين ة‪ ،‬دار املنص ور‪ ،‬الرب اط‪1972 ،‬م ص ص‪ /15-14‬ابن‬
‫الس ماك الع املي‪ ،‬الحل ل املوش ية في ذك ر األخب ار املراكش ية‪ ،‬دراس ة وتحقي ق‪ ،‬بوباي ة عب د الق ادر‪ ،‬دار الكتب العلمي ة ب يروت‪،‬لبن ان‪ ،‬ط ‪2010 ،1‬م‪ ،‬ص ص‪-283‬‬
‫‪/. 284‬اسماعيل بن االحمر‪ ،‬روضة النسرين في دولة بني مرين‪ ،‬مطبوعات القصر امللكي‪ ،‬الرباط‪،1962،‬صص‪ /.9-8‬ابن خلدون‪ ،‬املصدر نفسه‪ ،‬ج‪،7‬ص‪.197‬‬

You might also like