Professional Documents
Culture Documents
1
تأسيس مدينة المريه واهمية موقعها
شهدت االندلس في العصر األموى نشاطا واضحا سجلة امراء هذه الدولة وخلفاؤها
الذين كانوا يحرصون على احاطة دولتهم بكل مظاهر الترف والفخامة احياء
لحضارتهم في الشرق ،ولهذا السبب انطاق أمويو األندلس بكل طاقاتهم الى تشجيع
البنيان و تعمير المدن ( ) ۱و أول من نشط في هذا المجال من االمراء االمويين
باألندلس االمير عبد الرحمن الداخل ( ۱۷۲ - ۱۳۸هـ ۷۸۸ - ۷٥٦م ) ،مؤسس
الدولة وذلك عندما اقدم على انشاء مدينة الرصافة التي اعتبرت ربضا شماليا ً لقرطبه
احياء لذكرى رصافه هشام :رض الشام ( ، ) ۲و إليه في هذا المضمار االمير عبد
الرحمن بن الحكم بن هشام ( ۲۳۸ - ۲٠٦ه ۸٥۲ - ۸۲۱ /م ) ،الذي ينسب إليه
بنيان مدينة مرسيه ( . ) 3و في عهد االمير محمد بن عبد الرحمن االوسط
( ) 1السيد عبد العزيز سالم :تاريخ المسلمين وآثارهم في االندلس ،بيروت ۲ : ۱۹ ،ص ٠٤
( ) 2المقرى ( أحمد بن محمد ) ،نفح الطيب من غصن أندلس الطيب ،تحقيق محيى الدين عبد الحميد ۲ ٠ ،
،المكتبة التجارية ,القاهرة ، ۱۹٤۹ ،ص ، ۱۱وأنظر أيضا ،السيد عبد العزيز سالم ،قرطبة حاضرة
الخالفة في االندلس ،ج ، 1دار النهضة العربية ،بيروت ، ۱۹۷۱ ،ص ، ۱۱أحمد مختار العبادي ،في
تاريخ المغرب واالندلس مؤسسة النقابة الجامعية باالسكندرية ، ۱۹۷۱ ،ص ۱۱۳
( ) ۳ان سعيد ( علي بن موسى المغربى ) :المغرب في على المغرب ،تحقيق شوق صف ج ، ۱دار المعارف
بصر ، ۱۹٠۳ ،ص ، ۹۸المبري ( أبو عبد هللا محمد (
2
۲۷۲ه ۸۸٥ - ۸٥۲ /م ) ،أسست مدينة بجانه ( ) ۱و بطليوس ( . ) ۲أما مدينة
المريه فقد كان انشاؤها من أجل مآثر الخليفه عبد الرحمن بن محمد الناصر لدين هللا ،
فقد أمر ببنائها في عام 344ه ( ۹٥٥م ) ( ، ) ۳لتكون مرقبا للساحل الجنوبي الشرقي
االندلس و قاعـدة بحرية رئيسية لالسطول االموى ،وكان الناصر اكثر خلفاء بني اميه
ولعا ً بالبناء والتشييد ( ، ) ٤اذ كان يربط بين البنيان والعظمة والسطوه والسلطان ()٥
ولهذا فان مدينة المرية تدخل في نطاق المدن المحدثة ( . )٦وسوف نهتم في هذا الفصل
= عبد هللا : --كتاب الروض المعطار في خبر االقطار تحقيق ايفي بروفنسال ،مطيعة لجنة النا ايف والترجمة
والنشر ،القاهرة ، ۱۹۳۷ ،ص ) ۳ ( . ۱۸۱الجمبرى :الروض المعطار ،ص ) 4 ( . ۱۸۳المقري :نفح
الطيب ،ح ا س ۳۴۷مملكة المرية ان ...
( ) 2ابن القوطية ( أبو بكر محمد بن عمر القرطبي ) ،تاريخ أفتتاح االندلس تحقيق خوليان ريبيرا ،مدريد
، ۱۹۲٦ص ۱٠
( ) 5نفس المصدر ،ج ، ۳ص ، ۱٠۱وينسبون الى الخليفة عبد الرحمن الناصر
3
ألمرية مدينة إسبانية أندلسية وعاصمة مقاطعة ألمرية ،تقع في جنوب شرق إسبانيا
المرية مدينة حديثة النشأة نسبيا ً مقارنة بباقي مدن إسبانيا أمر ببنائها الخليفة عبد
الرحمن الناصر لدين هللا سنة ( 344هـ) ،وجاء اسمها من وظيفتها إذ كانت تتخذ مرأى
ومرصدًا لمدينة بجانة وهناك قول آخر في سبب تسميتها وهو أن المدينة سميت بالمرآية
(من كلمة المرآة) ألن المدينة ومعالمها تنعكس على المياه من حولها وكأنها مرآة .لما
قدم المجوس (االسم الذي اطلقه العرب على النورمان) إلى المرية ،وأغاروا عليها
ابتنيت فيها المحارس حتى صارت هي وبجانة بابى الشرق ،وصارت منذ ( 310هـ)
ذات مكانة كبرى ،وفي عهد المستنصر ارتفعت المرية إلى مصاف المدن األندلسية
أصبحت المرية أهم موانئ األندلس في القرن الرابع الهجري .وفي ( 344هـ) أمر
الخليفة عبد الرحمن الناصر ببناء مركب كبير للغاية في دار الصناعة بالمرية ،وفي
عام ( 344هـ) اضطر المعز الفاطمي إلى إرسال أسطول إلى المرية ،وأخرى ما كان
راسيًا به من مراكب ،وكذلك نزل فريق من البحارة إلى المدينة ،وأحرقوا ودمروا
4
احتفظت المرية في عصر ابن أبي عامر بالمركز العالي في التفوق البحري ،وكانت
المرية مركزا ً للسفن القادمة من المشرق ،وعلى إثر سقوط الخالفة األموية باألندلس
تفككت الدولة األندلسية واقتسم رؤساء األندلس أهم مدنها فيما عرف بعصر الطوائف.
تغلب على المرية خيران العامرى فتى المنصور بن أبي عامر سنة ( 405هـ) ،ثم
أصبحت مملكة المرية بعد ذلك تابعة لمعن بن صمادح ،وخلفه ابنه أبو يحيى محمد بن
معن .ووقعت المرية تحت حكم المرابطين بعد معركة الزالقة ( 484هـ) ،وبعد ضعف
دولة المرابطين وقعت تحت حكم الموحدين عام ( 542هـ) .واستسلمت إلى الملوك
األندلسي. من أشهر من ولي قضاء المرية المفسر عبد الحق بن عطية
5
الخصائص الجغرافية لمدينة المرية:
تعتبر منطقة شرق األندلس المطلة على البحر المتوسط ،أكثر األقاليم األسبانية تعربًا
ويرجع ذلك إلى نشاط اليمنيين القضاعيين ،الذين أسند إليهم األمويين حراسة هذه
المنطقة و ِعمارتها بما لديهم من خبرة مالحية قديمة في المشرق ،لذا سميت بأرض
اليمن أي عطيتهم وإقطاعهم ،وتعتبر مدينة المرية القاعدة التجارية الرئيسية لهذا اإلقليم
مري إذا
( (1المرية بالفتح ثم الكسر وتشديد الياء بنقطتين من تحتها يجوز أن تكون ِ
جرى ،والمرآة مرئية ،ويكون من الشئ المرئي ،وهي مدينة كبيرة من كورة إلبيرة من
أعمال األندلس وكانت هي وبجانة بابيى الشرق ومنها يركب التجار وفيها تحل مراكب
التجار ،وفيها مرفأ ومرسى للسفن والمراكب يضرب ماء البحر سورها( )2
-2ياقوت الحموي (شهاب الدين بن أبي عبدهللا) ،معجم البلدان ،ج ،5طبعة
6
كانت المرية في العصر اإلسالمي تشغل نفس الموضع الذي تقوم عليه مدينة المرية
ً
ممتازا ،وتمتد ما بين الحديثة ،وكانت تقع على خليج واسع سمي باسمها ،وتعتبر مرفأ ً
رأس قابطة بني أسود شرقًا ورأس سابينال غربًا( )3؛ ويحدها من الشرق أي ً
ضا أرض
مثلثة الشكل وأراضي منبسطة في إمتداد متصل يبلغ ثمانية أميال تقريبًا شرقي المرية
بين سلسلة جبال رأس القبطة في الجنوب الشرقي من المرية وجبل الحمة في الشمال
الشرقي منها ( (4وهكذا نالحظ أن مدينة المرية تحدها الجبال من جميع الجهات عدا
الجهة
الجنوبية منها ،وسجل الشريف اإلدريسي هذه الحقيقة (موضع المرية من كل جهة
إستدارت به صخور مكدسة وأحجار صلبة مضرسة ال تراب عليها ،كأنما غربلت
3البكري (أبو عبيد هللا بن عبد العزيز) ،المغرب في ذكر بالد أفريقية
-4السيد عبدالعزيز سالم ،تاريخ مدينة المرية اإلسالمية ،مؤسسة شباب الجامعة
7
8