You are on page 1of 15

‫التعليم العربي في إمارة آدماوا ‪-‬نيجيريا‪.

‬‬
‫(دراسة للماضي ورصد للحاضر)‬

‫اعداد‪:‬‬

‫يونس علي‬
‫‪Department of Arabic Language Education‬‬
‫‪College of Continuing Education‬‬
‫‪Adamawa state Polytechnic, Yola‬‬
‫‪Adamawa state Nigeria‬‬
‫‪E-mail: yunusmalkohi@gmail.com‬‬
‫‪GSM: +2348057160067, +2347035654845‬‬

‫مقالة قدمت في المؤتمر الدولي الخامس للغة العربية‪" ،‬حال اللغة العربية وأحوالها على‬
‫طاولة عشاقها"‪ ،‬المنعقد خالل الفترة من‪ 7-4‬مايو‪2016‬م الموافق‪ 30 – 27‬رجب‪1437‬هـ‬
‫في دبي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ملخص المقالة‬

‫قام العلماء في نيجيريا بعدة اسهامات في سبيل تقدم اللغة العربية والثقافة اإلسالمية في المنطقة‬
‫منذ دخول اإلسالم فيها إلى عهد الشيخ عثمان بن فودي وإلى يومنا هذا‪ .‬وللعلماء عبر العصور‬
‫جهود بارز في ميدان التعليم والتعلم‪ ،‬ولم تزل مجهوداتهم الباهرة في هذه الظاهرة مشكورة‪.‬‬
‫وفي منطقة آدماوا التي تمثل إحدى اإلمارات التابعة للدولة العثمانية السابقة في نيجيريا‪ ،‬اشتهر‬
‫بعض العلماء بالتعليم والتعلم وانشاء المعاهد العلمية والمدارس اإلسالمية المتنوعة وقرض‬
‫الشعر وتأليف الكتب العربية واإلسالمية‪ ،‬قضوا حياتهم في سبيل تعليم وتثقيف اآلخرين بدون‬
‫أن يتقاضوا رواتب شهرية من أية جهة رسمية كانت أو غير رسمية‪ ،‬فجزاهم هللا على هذا‬
‫العمل الخيري خيرا‪.‬‬

‫هذه المقالة تهدف إلى القاء الضوء على اإلسهامات التي قام بها علماء منطقة آدماوا نحو نشر‬
‫اللغة العربية والثقافة اإلسالمية في المنطقة‪ .‬وتهدف أيضا إلى إبراز إنتاجاتهم الكثيرة الدفينة في‬
‫الخزائن التي ال يعرفها كثير من الباحثين وطالب العلم‪ .‬وقد لعب هؤالء العلماء دورا بارزا في‬
‫سبيل التنهض باللغة العربية والثقافة اإلسالمية‪.‬‬

‫وتأتي أهمية هذا البحث من أنه يقدم صورة واضحة للدور الفعال الذي يقوم به علمائنا األجالء‬
‫الذين أخلصوا عملهم لوجه هللا تعالى في نشر اللغة العربية‪.‬‬

‫سيتبع هذا البحث المنهج الوصفي التاريخي فيعرض نشاطات هؤالء العلماء نحو التعلم والتعليم‪،‬‬
‫تحقيقا للهدف المذكور قسم البحث إلى المحاور اآلتية‪:‬‬

‫‪ . 1‬نبذة عن منطقة آدماوا‪.‬‬

‫‪ . 2‬دخول اإلسالم واللغة العربية في آدماوا‪.‬‬

‫‪ . 3‬تأسيس المدارس القرآنية والمعاهد العلمية في آدماوا‪.‬‬

‫‪ . 4‬اإلنتاجات الشعرية‪.‬‬

‫‪ .5‬الخاتمة والتوصية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫نبذة عن منطقة آدماوا‪:‬‬

‫إن كلمة (أدماوا) مشتقة من (آدم) نسبة إلى مودبو آدم زعيم حركة الدعوة اإلصالحية في‬
‫وكانت المنطقة تسمى بفو ْمبنا(‪)Fombina‬‬ ‫‪1‬‬
‫القرن التاسع عشر الميالدي في تلك المنطقة‪.‬‬
‫بمعنى اليمين من قبل‪ .‬الذين أسموا المنطقة بهذا اإلسم هم فالنيون الذين أتوا من مملكة بورنو‬
‫ورنو‪ ،‬وم ْندرا‪ .‬والشيخ عثمان بن فودي لما ولى مودبو آدم أميرا‬
‫(‪ ،)Borno‬فيعنون به يمين ب ْ‬
‫للجهاد في تلك المنطقة سماه أمير اليمن‪ )Lamido Fombina( .‬ولكن اإلسم الذي كان يستعمله‬
‫‪2‬‬
‫سكان المنطقة قبل قدوم الفالنيين إليها غير معروف‪.‬‬

‫فاسم أدماوا جاء من قبل المستعمر الغاشم الذين استعمروا البالد في القرن العشرين‪ ،‬وذلك‬
‫أنهم بعد غلبتهم على ملك زبير (‪1901-1890‬م) سموا المنطقة بمديرية يوال‪ ،‬في شهر‬
‫أغسطس سنة ‪1901‬م‪ .‬و في سنة ‪1926‬م لما أعادوا نظام إدارة مديريات شمال نيجيريا‪،‬‬
‫انضمت مديرية مر (‪ )Muri‬إلى مديرية يوال فأصبحتا مديرية واحدة سموها "مديرية أدماوا"‪.‬‬
‫قيل إن الحاكم المسؤول عن هذه المديرية هو الذي اختار لها هذا االسم‪ ،‬وذلك أنه أراد االسم‬
‫الذي يكون الئقا ويكون سهل النطق لشعب المنطقة فاختار اسم أدماوا نسبة إلى مودبو آدم ‪،‬‬
‫فأطلق عليها اسم‪ :‬مديرية أدماوا‪ )Adamawa Emirate( .‬هذه المديرية تضم أربعة أقاليم هي‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫يوال‪ ،‬ونم ْن‪ ،‬وغشك‪ ،‬ومر عاصمتها يوال‪.‬‬

‫غر(‪( )Tinger‬في جمهورية‬


‫وهي أكبر إمارة الدولة العثمانية في نيجيريا‪ ،‬وهي تمتد من ت ْ‬
‫الكمرون حاليا) يمينا‪ ،‬إلى جبال مندرا شماال‪ ،‬ومن حدود د ْمني (‪ )Dumne‬غربا‪ ،‬إلى ب ْند ْر‬
‫(‪( )Bindir‬في جمهورية تشاد حاليا) شرقا‪ .‬وكانت مساحتها بين ‪ ٣٥,٠٠٠‬و‪ ٤٠,٠٠٠‬ميال‬
‫مربعا‪ .‬وأما مديرية أدماوا التي أنشأها المستعمر في سنة ‪1926‬م فهي تقل عن منطقة أدماوا‬

‫‪1‬‬
‫عيسى أبه ألقايل‪ ،‬اإلسالم يف آدماوا يف القرن التاسع عشر والقرن العشرين‪ ،‬حبث مقدم إىل كلية عبد هللا ابيرو‪ ،‬جامعة أمحد بللو زاراي‪ ،‬للحضول على شهادة املاجستري يف‬

‫‪1975‬م‪ ،‬ص‪8:‬‬ ‫التاريخ‪ ،‬سنة‬


‫‪2‬‬
‫‪Kirk-Green A.H.M. (1969), “Adamawa past and present”, London, Dawsons. p.91‬‬

‫‪3‬‬
‫الدكتورة يف‬ ‫وايل‪ ،‬يوسف‪١٩٩٧(،‬م)‪،‬الثقافة العربية يف إمارة أدماوا من ‪١٨٨٤‬م إىل‪١٩٩٠ .‬م‪ ،‬حبث تكميلي لنيل درجة‬

‫اللغة العربية وآداهبا‪ ،‬جامعة ابيرو كنو ‪ ،‬ص‪64:‬‬

‫‪3‬‬
‫القديمة بكثير‪ ،‬ألن جل أراضي آدماوا القديمة تقع اليوم في جمهورية كمرون وتشاد وجمهورية‬
‫الوسطى‪.‬‬ ‫اإلفريقية‬
‫‪4‬‬

‫دخول اإلسالم واللغة العربية في المنطقة‪:‬‬


‫ذهب المؤرخون الذين كتبوا عن آدماوا إلى أن القبائل الثالث‪ :‬غد وكنوري وفالني هي التي‬
‫أدخلت اإلسالم في المنطقة في القرن التاسع عشر الميالدي‪ .‬ولكنه لم ينتشر انتشارا واسعا اال‬
‫بعد الجهاد الذي قام به مودبو آدم‪ .‬يقول األستاذ الدكتور سعد أبوبكر‪" :‬إن انتشار اإلسالم في‬
‫إمارة فومبن المعروف بآدماوا كان في القرن التاسع عشر الميالدي"‪.‬‬

‫ذهب مودبو مع نفر من أهله إلى صكتو لمبايعة الشيخ عثمان بن فودي فاستقبله الشيخ‬
‫ومبن(‪ ،)Fombina‬وأمره أن يصنع ألوية مثل لوائه هذا‬
‫وأعطاه اللواء وجعله أميرا على ف ْ‬
‫ويوزعها على أمراء منطقته‪.5‬‬
‫وبعد عودة مودبو آدم في شهر مارس سنة ‪1806‬م مع مذكرة تعيينه أمير اليمن " الميطو‬
‫فومبن"‪ ،‬بايعه الفالنيون وأخذوا األلوية منه وشرعوا في الجهاد‪ .‬بدأ الجهاد مباشرة فاستمر به‬
‫وما زال يحالفه النصر حتى فتح هللا علي يديه بلدانا كثيرة‪ ،‬وأسس إمارة واسعة تحكم بالشريعة‬
‫اإلسالمية السمحة‪ ،‬وكانت عاصمتها مدينة يوال وبقيت عاصمة اإلمارة طيلة حياته ولم تزل‬
‫العاصمة إلى يومنا هذا‪ .‬وقد توفي رحمه هللا في مدينة يوال في عام ‪1841‬م‪ ،‬في سن سبع‬
‫وسبعون سنة‪ .‬وترك إمارة واسعة تعترف باهلل ربا وباإلسالم دينا وبالقرآن والحديث دستورا‬
‫‪6‬‬
‫والعربية اللغة الرسمية‪.‬‬
‫وأما عن اللغة العربية أثبت البحث أن العالقة التجارية الموجودة بين العرب والنيجيريين في‬
‫القديم هي أول عامل لدخول اللغة العربية إلى نيجيريا‪ ،‬إذ كان من المتحتم أن يتفاهم البائع‬
‫العربي والمشتري النيجيري فيما بينهما عبر اللغة عند المساومة على البضائع ومن التحايا‬
‫والتلفظ بأسماء البضائع وصيغ العقود فيما بينهم‪.‬‬
‫وتلو هذا ظهر العامل الديني الذي جعل كل مسلم مضطرا إلى تعلم اللغة العربية ألداء‬
‫الضروريات الدينية وذلك بين القرنين الحادي والرابع عشرة من الميالد حين انفجار اإلسالم‬
‫بأرض نيجيريا‪ .‬وفي إثرهذا أخذ مسلموا نيجيريا يؤسسون الحلقات الدراسية ألخذ مبادئ‬
‫الدراسات العربية واإلسالمية‪ ،‬وفي الطليعة القرآن الكريم ثم فقه اإلمام مالك وقواعد اللغة‬

‫‪4‬‬
‫يونس علي (‪2010‬م)‪ ،‬مسامهة بعض العلماء التجانيني يف تطور العلم والثقافة اإلسالمية يف والية آدماوا من سنة ‪ 1960‬اىل سنة‬
‫‪2006‬م‪ ،‬حبث تكميلي لنيل شهادة املاجستيىر يف الدراسات اإلسالمية‪ ،‬جامعة ابيرو كنو‪ ،‬ص‪.16 :‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Abubakar, S.,(1977), Lamibe Fombina, Zaria, Ahmadu Bello University Press Limited, p.36‬‬

‫‪Migeod, C.O.,(1972), Gazetteer of Yola Province, London, Frank p.14 .‬‬


‫‪6‬‬

‫‪4‬‬
‫العربية ‪.‬وهناك مصطلحات دينة أخرى دخلت بدخول اإلسالم مثل الحاج والنبي والحرام والعادة‬
‫والزكاة والنية وغيرها‪ ،‬وقد أصبحت هذه األلفاظ جز ًءا اليتجزأ من لسان أهل البالد إلى الوقت‬
‫الراهن‪ .‬استمرالحال على هذا ردحا من الزمن إلى أن استغلظت الثقافات العربية واستوت على‬
‫سوقها ببركة إنشاء المعاهد العلمية في أهم المراكز التجارية القديمة أمثال كنو وكتشنا‬
‫‪7‬‬
‫وغيرهما‪ ،‬وقد نزل بهذه المراكز الزوار وفودا وأفرادا من العلماء األجانب ونشروا فيها العلم‪.‬‬
‫هذا هو نفس ما حدث في منطقة آدماوا‪ ،‬التي هي إحدى الواليات الشمالية النيجيرية‪ ،‬قد مسها‬
‫ما أصاب باقي الواليات‪.‬‬

‫تأسيس المدارس القرآنية والمعاهد العلمية في آدماوا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المدارس القرآنية‪ :‬إن تعليم القرآن مهم جدا بالنسبة للمسلمين ألنه أساس العلم‪ ،‬منه‬
‫استنبطوا شرائعهم وقواعدهم الدينية‪ ،‬وعليه أقاموا أساس حياتهم وطريق معيشتهم الدنيوية‬
‫وكذلك عليه أسسوا حياتهم العقلية‪ .‬ولمعرفة هذه األهمية أقام المسلمون في العالم اإلسالمي‬
‫أجمع مدارس يدرسون فيها أبنائهم القرآن رغبة في إبقائه في صدورهم لمعرفة شرائعهم‪ .‬وقد‬
‫بذلوا جهودا جبارة في تعليمه وتعليم قراءته الصحيحة وإتقانه وحفظه‪.‬‬

‫فالمجتمع اآلدماوي كغيره من المجتمعات اإلسالمية‪ ،‬هذه المدارس منتشرة فيه يصعب‬
‫حصرها‪ ،‬قلما تجد بلدا من بالده إال وجدت مدرسة قرآنية فيه كبيرة أو صغيرة‪ .‬ألن كل من‬
‫يسر هللا له أن ختم القرآن قراءة‪ ،‬فإنه على األقل يدرس أبنائه وأبناء عشيرته األقربين وجيرانه‪،‬‬
‫لذلك كثرت هذه المدارس في المنطقة‪ .‬قلما يجد المرئ ولدا أو بنتا لم يلتحق بها‪ ،‬إذ أن ضمير‬
‫األب المسلم ال يرتاح إال بعد أن يدخل ولده فيها‪ .‬يلتحق الولد أو البنت بهذه المدرسة عندما يبلغ‬
‫من العمر سبع سنوات غالبا‪ ،‬وأحيانا في سن خمس سنوات‪.‬‬

‫فطريقة التعليم في هذه المدارس فهي أن يكتب المعلم للولد الحروف الهجائية أوال غير‬
‫مشكولة على اللوح يتعلمها‪ .‬ثم يكتب له سورة الفاتحة غير مشكولة أيضا ليتعلم النطق بحروفها‬
‫متصلة ‪ .‬ثم المعوذتين‪ ،‬ثم سورة اإلخالص فسورة اللهب‪ ،‬فسورة النصر‪ ،‬وهكذا حتى يصل إلى‬
‫سورة الهمزة‪ .‬ثم يعود إلى األول أي سورة الفاتحة ليتعلم نفس هذه السور وهي مشكولة إلى‬
‫آخر سورة الهمزة‪ .‬ثم يرجع الصبي إلى أول سورة الفاتحة أيضا كتابة وقراءة‪ .‬ومن هنا يبدأ‬
‫التلميذ يتعلم كيفية الكتابة‪ ،‬حيث يدربه أستاذه على ذلك‪ .‬ثم يواصل قراءة السور مع الحفظ حتى‬

‫‪ 7‬أمحد أبو بكر عبد هللا و مصلح الدين يوسف املرتضى (‪2013‬م)‪" ،‬ازدهار اللغة العربية و آداهبا يف نيجرياي‪ :‬روافد‬
‫والعوائق"‪ٌ ، ،‬‬
‫حبث مقدم إىل املؤمتر الدويل الثاين للغة العربية يف ديب‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫يصل إلى سورة األعلى‪ .‬وهنا تنتهي مطالبته بالحفظ ‪ .‬والغرض لحفظ هذه السور ألنها هي‬
‫المستعملة في الصلوات المفروضة غالبا‪ .‬ثم يواصل التلميذ قراءة السور حتى يختم القرآن كلها‬
‫‪8‬‬
‫قراءة‪.‬‬

‫وهناك سور معينة وأحزاب يطالب المعلم أبا الطالب بالتصدق إذا وصل إليها‪ ،‬وهذه السور‬
‫هي‪ :‬البينة‪ ،‬والفجر‪ ،‬والملك‪ ،‬وص‪ ،‬ويـس‪ ،‬ومريم‪ ،‬والبقرة‪ .‬وهذه الصدقات طبعا تذهب إلى‬
‫المعلم‪ 9.‬والسبب في أخذ أمثال هذه الصدقات هو أن معظم اآلباء أو أولياء األوالد ال يعطون‬
‫المعلم شيئا مقابل تعليمه ألوالدهم‪ .‬لذلك اخترع المعلمون هذه الطريقة وأوهموا اآلباء أن عدم‬
‫‪10‬‬
‫القيام بهذه الصدقة يجعل الولد ثقيل الفهم‪.‬‬

‫والجدير بالذكر أن الولد إذا ختم القرآن الكريم فال بد أن يقيم له والده احتفاال كبيرا يحضره‬
‫األقارب واألصدقاء ليباركوا للولد أو البنت‪ ،‬وفي أثناء تلك الحفلة يكتب على لوح الولد آخر‬
‫سورة البقرة من آية ‪ ٢۸٣‬أي قوله تعالى‪ (:‬وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان‬
‫مقبوضة‪ )...‬إلى آخر السورة‪ .‬وسورة الفاتحة بكاملها‪ ،‬هذه اآليات يقرؤها الولد علنا أمام‬
‫الحضور بواسطة أحد العلماء‪ .‬وبعد ذلك فإن العلماء الحاضرين يباركون الحفلة باألدعية‬
‫وبعض النصائح تقدم للتلميذ والحاضرين‪ .‬ويذبح بقرة بل وأكثر من بقرة أحيانا‪ ،‬ويقدم أصناف‬
‫األطعمة واألشربة حسب منزلة األهل ودخلهم وطبقتهم‪ .‬والهدف من هذه الحفلة هو اإلعتراف‬
‫بجميل الصنع للولد المحتفل والتشجيع لسائر األوالد الذين لم يختموا القرآن بعد‪ .‬فالحفلة في‬
‫األصل ليست واجبة‪ ،‬ولكن عندنا في آدماوا يعتقد بعض الناس أن الولد الذي لم تقم له مثل هذه‬
‫‪11‬‬
‫الحفلة قد يصاب بالجنون‪.‬‬

‫والجدير بالذكر أيضا أن هذه الحفلة تستغل كذلك لتكوين الولد وتحنيكه اجتماعيا واقتصاديا‪،‬‬
‫وذلك عن طريق التحف والهدايا التي تقدم له من قبل األقارب‪ ،‬فيتحفه أبوه أوال بما تيسر له من‬
‫بقر أو غنم ثم يتبعه األعمام والعمات‪ ،‬ثم أصدقاء األب وذوو الضمير الحي من األهالي‪ .‬فيؤخذ‬
‫بعد ذلك مع زمرة أصدقائه من التالميذ إلى والدته ‪ ،‬وهي محاطة بزمرة من صديقاتها وأقاربها‬
‫فتتحفه بدورها مما تيسر لها وتدعو له بالخير والنماء‪ ،‬وتتحفه أقارب األم وصديقاتها بدورهن‬

‫‪ 8‬يونس علي‪ ،‬مسامهة بعض علماء التجانيني يف نشر العلم والثقافة اإلسالمية يف والية آدماوا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.70 :‬‬
‫‪9‬‬
‫عيسى أبه ألقايل‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪60 :‬‬
‫‪ ،‬الدكتور علي أبوبكر ‪1972( ،‬م)‪ ،‬الثقافة العربية يف نيجرياي‪ ،‬بريوت‪،‬ط‪ ،1‬مؤسسة عبد احلفيظ البساط‪ ،.‬ص‪.152 :‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪ 11‬يوسف وايل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪46 :‬‬

‫‪6‬‬
‫بعد ذلك وهن متبركات بمسح رأس التلميذ والدعاء له بالخير وطول العمر‪ .‬فيقضي التلميذ يومه‬
‫ذلك في بهجة وسرور وهو مرفوع الرأس بين أقرانه‪ ،‬وهم يتمنون وصول مرتبته ومرحلته‬
‫‪12‬‬
‫هذه‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المعاهد العلمية‪ :‬هي عبارة عن حجرة لجلوس الشيخ‪ ،‬قد تكون كبيرة أو صغيرة حسب‬
‫إمكانيات صاحبها‪ ،‬وقد تكون مفروشة بحصر أو فراء‪ ،‬وقد ال يكون فيها فراش إال في مجلس‬
‫‪13‬‬
‫الشيخ وحده‪ .‬فهي حجرة جلوس الشيخ مع ضيوفه وفي الوقت نفسه معهد دروسه‪.‬‬

‫ففيها يتعلم الناس أنواعا من العلوم والمعارف‪ ،‬من تفسير وحديث وفقه وتوحيد وبعض كتب‬
‫اللغة العربية وكتب أخرى مفيدة‪ ،‬وكان معظم طالبها كبار ختموا القرآن الكريم‪.‬‬

‫والمنهج المتبع في هذه المعاهد هو المنهج التقليدي الفردي‪ ،‬حيث يقوم األستاذ بتدريس كل‬
‫طالب على حدة‪ ،‬إال أن األستاذ يالحظ األسبقية‪ .‬يفتح الطالب كتابه أمام الشيخ الذي يقرأ عليه‬
‫الدرس بالعربية ثم يترجمه له إلى اللغة المحلية إلى أن يصل الطالب حيث يريد الوقوف فيقول‪:‬‬
‫الحمد هلل‪ .‬فينصرف ويتقدم من يليه حسب األسبقية‪ .‬ومن أجل ذلك يقضي الشيخ ساعات طويلة‬
‫في التدريس وخاصة إذا كان له طالبا كثيرين‪ .‬والجدير بالذكر أن هؤالء العلماء ال يتقاضون‬
‫‪14‬‬
‫مرتبا شهريا‪ ،‬وإنما يقومون به في سبيل هللا وحبا في نشر العلم‪ .‬فجزاهم هللا خيرا‪.‬‬

‫ومقرر الدراسة في هذه المعاهد في آدماوا‪ ،‬فهو أن يبدأ الطالب بتعلم كتب الفقه األولية‬
‫ككتاب األخضري للشيخ عبد الرحمن بن محمد األخضري‪ ،‬وكتاب العشماوي للشيخ عبد الباري‬
‫العشماوي‪ ،‬وكتاب منظومة القرطبي ليحيى القرطبي‪ ،‬ومنظومة ابن عاشر "المرشد المعين"‪،‬‬
‫والمقدمة العزية ألبي الحسن علي الشاذلي في الفقه المالكي‪ .‬ثم ينتقل إلى رسالة أبي زيد‬
‫القيرواني‪ .‬وأحيانا قد يتوقف في دراسة كتب الفقه عند إتمام كتاب المقدمة العزية‪ ،‬و ينتقل إلى‬
‫دراسة كتب األدب العربي من شعر ونثر وأحيانا قد ال يتوقف حتى يكمل دراسة رسالة أبي زيد‬
‫القيرواني‪ .‬والكتب المقررة في ذلك العشرينيات لأللفازازي‪ ،‬ومختارات الشعر الجاهلي الذي‬
‫رواه األصمعي‪ ،‬وقصيدة البردة والهمزية لإلمام البوصري‪ ،‬وقصيدة الدالية إلبن ناصر‪،‬‬
‫وقصيدة ابن دريد‪ ،‬ومقامات الحريري‪ ،‬والعشريات‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫‪ 12‬يونس علي وآدم عمر ملكوحي ود‪.‬عمر يونس‪ :‬استخدام اللغة الفالنية يف تعليم القرآن الكرمي يف مقاطعة آدماوا‪ ،‬مقالة قدمت يف املؤمتر الدويل‬
‫لتكرمي الشيخ إسحاق رابع الذي نظمته جامعة ابيرو كنو نيجرياي‪ ،‬من خالل ‪ 15 – 13‬أوغسطس ‪2015‬م‪.‬‬
‫‪ 13‬الدكتور علي أبوبكر‪ ،‬الثقافة العربية يف نيجرياي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪155 :‬‬
‫‪ 14‬يونس علي‪ ،‬مسامهة بعض العلماء التجانيني يف نشر العلم والثقافة اإلسالمية يف والية آدماوا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪120 :‬‬

‫‪7‬‬
‫وبعد أن يتقن الطالب هذه الكتب يشرع في دراسة النحو والصرف‪ ،‬فيبدأ بكتاب األجرومية‬
‫ألبي عبد هللا محمد بن داود الصنهاجي‪ ،‬وملحة اإلعراب للحريري‪ ،‬والتحفة الوردية لعمر بن‬
‫الوردي‪ ،‬وصوال إلى ألفية ابن مالك في النحو والصرف‪ .‬ثم يرجع ثانية إلى أمهات كتب الفقه‬
‫فيقرأ مختصر الخليل للشيخ خليل‪ ،‬والموطأ لإلمام مالك بن أنس ونحوهما‪ .‬ثم ينتقل إلى دراسة‬
‫علوم القرآن والتفسير‪ ،‬فيقرأ مفتاح التفسير للشيخ عبد هللا بن فودي‪ ،‬وأسباب النزول للواحدي‪،‬‬
‫وتفسير الجاللين لجالل الدين السيوطي وجالل الدين المحلي‪ ،‬ثم كتاب تفسير كفاية الضعفاء‬
‫للشيخ عبد هللا بن فودي‪ ،‬ثم كتاب تفسير ضياء التأويل للمؤلف نفسه‪ .‬بعد ذلك ينتقل إلى دراسة‬
‫علوم الحديث فيقرأ ألفية الحديث للعراقي‪ ،‬والتقريرات السنية في شرح المنظومة البيقونية‬
‫لحسين محمد المشاط وغيرها‪ .‬وإذا أتم الطالب هذا المقرر على هذا المنهج أصبح عالما متفننا‬
‫‪15‬‬
‫فيتصدى للتدريس‪.‬‬

‫وأما عن كيفية اإللتحاق بهذه المعاهد فإن الطالب يحضر دروس الشيخ ويستمع إليه مرة أو‬
‫مرتين‪ .‬وفي المرة األخيرة يبدي الطالب رغبته في اإللتحاق بمعهد الشيخ وعادة ال يرد الشيخ‬
‫من طلب منه اإللتحاق بمعهده‪ .‬هذا هو النظام المتبع في المعاهد العلمية في وال ية آدماوا‬
‫‪16‬‬
‫كلها‪.‬‬

‫وفي الحقيقة أسهمت هذه المعاهد وال تزال تسهم في دفع عجلة اللغة العربية والثقافة اإلسالمية‬
‫نحواألمام وجعلت أبناء آدماوا من األئمة واألدباء والمؤلفين والداعين إلى دين هللا الحنيف‪.‬‬

‫اإلنتاجات الشعرية لعلماء آدماوا‪:‬‬


‫علماء آدماوا مثقفون بالثقافة العربية واإلسالمية وكانوا واسعوا االطالع‪ ،‬خلّفوا لنا مؤلفات‬
‫كثيرة ألفوها في شتى فنون العلوم اإلسالمية والعربية‪ ،‬كالتصوف‪ ،‬والتوحيد‪ ،‬والفقه والنحو‬
‫واألدب والصرف وغيرها‪ .‬بعضها بالعربية وبعضها باللغة الفالنية‪ ،‬فمنها على سبيل المثال ال‬
‫الحصر‪- :‬‬
‫‪ - 1‬إنتاجات الشيخ مودبو عبد هللا غامو‪- :‬‬
‫إن األديب الشيخ عبد هللا غامو من كبار علماء آدماوا الذين قدموا عدة‬
‫مساهمات في سبيل نشر اللغة العربية في آدماوا‪ ،‬وكان يتمتع بملكة شعرية لما‬

‫‪ 15‬الدكتور يوسف وايل‪ ،‬الثقافة العربية يف إمارة آدماوا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪65 :‬‬
‫‪ 16‬املرجع السابق نفسه‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫حواه من العلوم العربية والدينية‪ ،‬مما ساعده على إنشاد القصائ د في مناسبات‬
‫‪17‬‬
‫مختلفة‪ ،‬ومن بين قصائده‪- :‬‬
‫‪ - 1‬قصيدة "توضيح الغرام بمدح سيد الكرام"‪ ،‬قالها في مدح الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم في العام ‪ 2010‬م‪ .‬وعدد أبياتها تسعون ومئتا بيت وقد جعلها‬
‫مجموعات حيث خصص لكل عشر أبيات رويا متميز ورتب هذه المجموعات‬
‫على حسب الحروف الهجائية على نظام األلفبائي‪ .‬جاء فيها قوله‪:‬‬
‫إليك رسول هللا أهدي ثنـــــــــــــاء ** وحســن نظامي سنا وسنـــــــاء‬
‫وإنك خير العالمين جمــــــــــيعهم ** وأنـت نجيب جاء من نجـــــــباء‬
‫أمين لذاك الجن واإلنس أفصـحت ** بـمدحــك يـا من فيـه نيل عطاء‬
‫قد أرسلك المولى الى الخلق رحمة ** لنا منك خير الخلق كشف غطـاء‬
‫ومدحك خير الخلق حقــــــا أتى به ** كتاب من المــــولى بغير مــــراء‬
‫أال يا رسـول هللا يا أجــــود الورى ** سكوتي عن الحاجات عين حظاء‬
‫عليه صـــالة هللا ثم ســــــــــــالمه ** وآل وأصــحــاب علــــــــو بوالء‬
‫‪ - 2‬القصيدة الالمية قالها في مناجاة خالقه سبحانه وتعالى‪ ,‬وتقع في تسعة‬
‫وعشرين بيتا وهي من البحر البسيط‪ ،‬ابتدأها بقوله‪:‬‬
‫حملت حمال ثقيال قدما حمال ** مثل له يا ترى بل قط ما فعال‬
‫إني فقير وقير باب ذي كرم ** أتيت مستمطرا جودا ومنتحال‬
‫أتيته بحقير ليــس يقبــــله ** من الحقارة أحد بل ولو هــزال‬
‫‪ - 3‬القصيدة الرائية التي ت ّو جها بعدد حروف صالة الفاتح أي كل بيت في‬
‫القصيدة يبدأ بحرف من حروف صالة الفاتح إلى آخر الحروف‪ ،‬وعدد أبياتها‬
‫سبعة و مائه بيتا‪ ،‬افتتحها بما يلي‪:‬‬
‫أ – إلهي عبيد خائـف مـتــحــير ** لكثرة آثــــام أتــاك يغفـــر‬
‫ل – لك الحمد موال أيا رب ذاالعال** غفورا أيا ستار ذنبي تغـفر‬
‫فـ ‪ -‬فيك حاجات ولــــيس قضــاؤه**عليك عســير بل وكل ميسر‬
‫هـ – هو هللا ال أبغي سـواه وال أرى**سواه على كل األمور يؤثر‬

‫‪ 17‬طاهر حيىي‪ :‬األمساء املنصوبة يف قصيدة توضيح الغرام مبدح سيد الكرام صلى هللا عليه وسلم‪ .‬ملودبو عبد هللا غامو‪ .‬دراسة حنوية‪ ،‬حبث غري‬
‫منشور قدم إىل قسم اللغة العربية جامعة عثمان ين فوديو صكتو للحصول على شهادة املاجستري يف اللغة العربية‪ ،‬سنة ‪2014‬م‪ ،‬ص‪18 :‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ - 4‬القصيدة البائية التي قالها بمناسبة تجديد بناء مسجد ال جامع الكبير لمدينة‬
‫يوال الموسوم بمسجد مودبو آدم المركزي بيوال‪ ،‬ونظمها عام ‪ 2000‬م وتقع في‬
‫خمسة وثالثين بيتا‪ ،‬وهي من البحر الطويل‪ ،‬ومطلعها‪:‬‬
‫بحمدك يا منان يا ذا المواهب**اله جميع الناس معطي الرغائب‬
‫بدأت مقالتي شاكرا لك خالقي**على نعــم فاتت يــدا حاســــب‬
‫نعد د في النعماء تجديد مسـجد**قد أسس بالتقـوى المراقــــــب‬

‫‪ - 5‬القصيدة التائية التي قالها بمناسبة مشاركته لمؤتمر التصوف اإلسالمي في‬
‫مدينة فاس المغربي ونظمها عام ( ‪ 2007‬م) مادحا بها الشيخ أحمد التجاني‬
‫رحمه هللا‪ ،‬افتتحها بما يلي ‪:‬‬
‫بحمد اله الناس أبدأ مدحتي ** لس ر سري للسر بحر الحقيقة‬
‫مـمد جميع األولياء إمامهم** وقدوتهم حقا وثالث نقطــــــة‬

‫‪ -2‬إنتاجات الشيخ أبي بكر الشاعر بن الحاج عبد هللا بن عمر‪- :‬‬
‫ولد بمدينة نم ْن سنة ‪1970‬م‪ .‬وللشاعر عدة قصائد تقع في مختلف األغراض الشعرية‪ ،‬وله‬
‫ديوان مطبوع أسماه "ديوان سبائك الذهب والفضة في أمداح صاحب الفيضة الشيخ إبراهيم‬
‫انياس"‪ .‬اشتمل الديوان على ستة قصائد بخمسمائة وتسعة أبيات‪ ،‬وأخرجه مطبوعا إلى أيدي‬
‫‪18‬‬
‫القراء ألول مرة في عام ‪2000‬م ويقع في ثالث وثالثين صفحة‪.‬‬
‫ومن قصائد الديوان‪:‬‬
‫أ)القصيدة الهمزية‪ ،‬جاء فيها قوله‪:‬‬
‫إنه نور أحمد وهداه ** ونداه وروضــــــه الغناء‬
‫فتأمل فيوضه وصفاه ** تتراءى منه لك األضواء‬
‫فتحقق خالفة وكماال ** فيه كلت عن ذينك الخلفاء‬
‫ب) القصيدة الثانية الميمية‪ ،‬فقال فيها‪:‬‬
‫سجع الحمام أراق الدمع فانسجما ** مثل اللجين على الخدين مضطرما‬
‫ذكرى الذي لم يغب عني فأذكره ** لكنما غيبتي ما هيــــــــــج األلما‬

‫‪ 18‬الدكتور علي أبوبكر أبه‪2006 (:،‬م)"النكت األدبية يف ديوان سبائك الذهب والفضة يف أمداح صاحب الفيضة للشيخ‬
‫أيب بكر الشاعر"‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬ص‪50 :‬‬

‫‪10‬‬
‫حي الحمول نحت تلقاء كولخ في ** جنح الظالم وأولت أذنها الصمما‬
‫حي كريم متى ما حل زائــــرهم ** قد حل إقبالهم بالبشر والــــتزما‬
‫ت) القصيدة الثالثة النونية‪ ،‬قال‪:‬‬
‫الشيخ راحي وروحي ثم ريحاني ** غوثي الذي قد سقاني كأس تجاني‬
‫إني أهيم به ما عشــــــت في وله ** وليس ما نابني إيــــــــــاه أنساني‬
‫وهللا يعلم أني غافــــــــــــل وجل ** لكن بحبك أزهو بيــــــــــن أقران‬
‫وإن سئلت فما المأكول عندك والـ ** مشروب يا بكر قلت الشيخ هاذان‬
‫إليه إن سرت يوما بل علــــيه إذا ** عولت فيه مكانـــــــــاتي وأزماني‬
‫ث) القصيدة الرابعة دالية‪ ،‬قال الشيخ‪:‬‬
‫ومحبتي في الشيخ لم تحتج إلى الــ ** برهان إذ فيها أروح وأغــتدي‬
‫وسبرت غور العقل في أوصــافه ** حتى استنار بمدحـــــه كالفرقد‬
‫مالي فنون العلم إال أنـــــــــــــني ** عندي فنون الشوق نحو المرشد‬
‫برهام عبد هللا مفــــــــــــتاح العلـو ** م الفائضات الغاليات زبــــرجد‬
‫هو مفخري هو مفزعي هو ملجئي ** هو سر السر نور مـــــــــــحمد‬
‫ج) القصيدة الخامسة‪ ،‬ميمية على بحر الكامل‪ ،‬جاء فيها قوله‪:‬‬
‫إني ضعيف يا إلـــهي فارحم ** ذلي وضعفي يا كريم وكـــــــــرم‬
‫ولقد أتيت ببرهام لحضرة الــ ** ملك الكبيرالقادر المـــــــــــترحم‬
‫سبحان يعفو عن العبد الحقيــ ** رويجزل اإلعطا بجــــــــــاه مكتم‬
‫غوث البرية ملجأ اللهفان من ** أرجوه في الدارين مسرى مغرمي‬
‫ح) القصيدة السادسة‪ ،‬حائية على بحر الطويل‪ ،‬وتقع في خمسة وسبعين بيتا‪ ،‬جاء من أبياتها‪:‬‬
‫أحبك طبعا يا خليل وإنـــني ** ضعفت عن المصداق إال السوافح‬
‫وإال مديح طاب رباه نحوكم ** متى صفح األوراق صب مسامح‬
‫غيابكم عني عذاب مــــــؤلم ** حضورك أعياد لـــــــــدي فوائح‬
‫وإنك نون ثم راء توسط؟ــت ** هما الواو بل سين وراء وفـــاتح‪.‬‬
‫وللشاعر قصائد أخرى غير الديوان المذكور‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪)1‬يقول في مدح خير األنام سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫الشعر راحي متى ما رحت أمتدح ** خير األنام وللــمرضات أقترح‬
‫مدح المبجل صفو الود فـــــضله ** من فضل الود ذاك الشيخ يرتبح‬
‫هل المدح وإن عزت مــــــداركه ** سوى التشفع منـــه الروح تنتقح‬

‫‪11‬‬
‫والمصطفى ضامن لـــكل مادحه ** شفاعة ودليل المدح متـــــــضح‬
‫‪19‬‬
‫هللا مادحه قبل الوجود من ال** آزال وهو إلى اآلباد ممتدح‪.‬‬
‫‪ ) 2‬ويقول في قصيدة أخرى يمدح بها الرسول صلى هللا عليه وسلم فهي تبتدئ وتنتهي‬
‫باسمه "محمد" صلى هللا عليه وسلم وهي مكونة من واحد وأربعين بيتا‪ ،‬جاء فيها‪:‬‬
‫محمد ذات الحمد والحمد أحمد ** وحامد محــــــــمود حميد محمد‬
‫محمد سر للكيان ونـــــــــوره ** جود وممدود الظــــــالل محمد‬
‫محمد أسمى ولد آدم كــــــــله ** حبيب خليل ال حــــــجاب محمد‬
‫محمد إني عدتي ثم عـــــمدتي ** مديحك يوم الحشر فاشفع محمد‬
‫‪ )3‬وله قصيدة أخرى مدح بها الشيخ الشريف عمر الحفيد‪ ،‬يبلغ عدد أبياتها خمسا‬
‫وعشرين بيتا‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫جمال يحير العقل كا من نــظر ** جمالك يا فاروق يا شيخـــنا عمر‬
‫فكن لي ركــــــنا ال يهدم إنـني ** عدمت سواكم في بطون وما ظهر‬
‫فأنت أبي شيخي حبيبي مؤملي ** وأنت مالذي عند خــطب إذا خطر‬
‫رأيتك أهال للوساطة أقــرب الـ ** وسائل يا غطريف يا شمس يا قمر‬
‫‪ )4‬وله قصيدة أخرى مدح بها الشيخ مودبو جيالني يوال‪ ،‬حيث يقول فيها‪:‬‬
‫إلى سيدي جيالني أزكى تحيتي ** تمازج بالريحان في وسط روضة‬
‫تحية صب ال يزال مــــــــهيما ** بأشواقه في كل حين ولـــــــــحظة‬
‫إلى خير حبر للفضائل جـــــمع ** مشتت أنواع المناكر قــــــــــــدوتي‬
‫لقد عاش يقفو منهج الختم دائـما ** بقمع الهوى والنفس عن كل خطوة‬

‫‪ – 3‬انتاجات يعقوب بابا زكرياء‪:‬‬


‫ولد الشاعر يعقوب بابا زكرياء سنة ‪1974‬م في مدينة موبي والية آدماوا نيجيريا‪،‬‬
‫ونشأ بها‪ ،‬تلقى علومه في المدارس اإلسالمية المختلفة وحفظ القرآن الكريم‪ .‬تخرج من جامعة‬
‫‪20‬‬
‫ميدغوري في قسم اللغة العربية في سنة ‪1998‬م‪.‬‬

‫‪ -19‬علي أبوبكر أبَّ ْه‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪42:‬‬


‫‪20‬آدم مغاجي (‪2011‬م)‪ ،‬ديوان يعقوب اباب زكرايء‪ :‬مجعا ودراسة‪ ،‬حبث مقدم إىل قسم اللغة العربية جامعة عثمان بن فودي صكتو لنيل شهادة‬
‫املاجستري يف اللغة العربية ‪ ،‬ص‪.15:‬‬

‫‪12‬‬
‫لهذا الشاعر انتاجات أدبية كثيرة ما بين الشعر والنثر المخطوطة منها والمطبوعة‪ .‬وله‬
‫ديوان جمع فيه ما يربو على خمسين قصيدة‪ ،‬كما أورد ذلك آدم مغاج في بحثه‪ .‬ومن نماذج‬
‫‪21‬‬
‫قصائده‪:‬‬
‫أ)قصيدة طريق القوم‪ ،‬وهي قصيدة تقع في خمس وعشرين بيتا قالها في مدح الطريقة التجانية‪،‬‬
‫فاستهلها بقوله‪:‬‬
‫رأيت طريق القوم أكبر قاهر ** لجند هوى كل الشريد وبائر‬
‫تزود منها المنتمون بها هدوا ** إلى طيب األقوال من كل ذاكر‬
‫وجدت طريقي مأمنا فالتزمته ** به نلت أرباحي فلست بخاسر‬
‫الى أن ختمها بقوله‪:‬‬
‫تفانوا لدى حب الحبيب محمد ** غدوا فيه راحوا كالطيور البواكر‬
‫ب)مرحبا بكم‪ :‬وهي قصيدة نظمها الشاعر لترحيب الشيخ زبدنه رئيس كلية الكانمي ميدغوري‬
‫سابقا‪ ،‬حين زار مدينة موبي مسقط رأس الشاعر‪ ،‬تقع القصيدة في سبع وعشرين بيتا‪ ،‬استهلها‬
‫بقوله‪:‬‬
‫مرحبا بقدومكم يا سيد الكرماء ** بل مرشدي لطريقة النجباء‬
‫غادرت يا بشرى مدينة لنــــدن ** ونزلت أرضا بعد كل عناء‬
‫فغدوت شمسا للنجاح بأرضــنا ** غراء ال تخفى على النبهاء‬
‫إلى أن ختم القصيدة بقوله‪:‬‬
‫من قال إن الجهل بعد ســــينتهي ** ما لم يجد من فيضك المعطاء‬
‫لو كنت في عصر الصحابة يومها ** لبنيت مسجده الذي بقــــــــباء‬
‫ت) سيدي شيخ يونس موبي‪ :‬وهي قصيدة مدح بها شيخه في الطريقة التجانية الشيخ يونس‬
‫موبي‪ ،‬وتوسل به ليقربه إلى الشيخ برهام إنياس الكولخي‪ ،‬تقع القصيدة في عشرين بيتا‪ .‬وجاء‬
‫فيها قوله‪:‬‬
‫مديحك يا فيض الكرامات مؤنس ** فأنت مراد للمريدين تــــــــــؤنس‬
‫أراك قريب الوصل للفيض مجريا ** أفض لي فال ألفى زمــــاني أيئس‬
‫أ تيت وهل يرضى مديحي جنـــابه ** فذاك منائي فيك يا شــــــيخ يونس‬
‫لبحرك آوي نائال منه غـــــــــرفة ** فأمحو به رجس الهــــوى وأطمس‬
‫وكن سندي كي ال أغر بزهــــــرة ** سبتني وشيطان الهوى إذ يوسوس‬

‫‪ 21‬آدم مغاجي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪28 :‬‬

‫‪13‬‬
‫فإنك من أوتاد شيخي وســـــــيدي ** سنى العلم والعرفان وهو المؤسس‬
‫ث) يوميات العريس‪ ،‬وهي قصيدة نظمها الشاعر يوم تزوج فيه صديقه علي وهو ينصحه فيها‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫تحرك قرطاسي سرورا ولــقلقي ** وأمطر ماءا من قواف بــوارق‬
‫لخير عروس بل وخير مـــعاشر ** أقمت به دهري لماض وال حق‬
‫فأنت كريم نال وصل الكـــــرائم ** فبوركت خيرا من حبيب مرافق‬
‫فأصيك والنفس التي بين أضلعي ** بتقوى إله العرش ربي وخــالقي‬
‫فإن كنت ذا عقل ودين ومنـــطق ** ففي عقلها نقص ودين ومنــطق‬
‫ح) بسمات من الشوق‪ ،‬تقع القصيدة في عشر أبيات‪ ،‬نظمها في الحب‪ ،‬جاء فيها هذه األبيات‪:‬‬
‫لقد علمت حوراء أني مــــــعلم ** ولكنها األهواء فإنـــــــــي متيم‬
‫أبى القلب إال أن يكون مناصر ** لجند هواها فهو جـــــند عرمرم‬
‫أسائلها لما علي تبرقــــــــــعت ** وكان سؤالي في دمـــوع تترجم‬
‫ثوى حبها قلبي كضـــيف أكرم ** أمن حقه الترحال أم سوف يلزم‬
‫أشارت وقلبي باإلشــــــارة يفهم ** وكان رجائي ليتها تتـــــــــــكلم‬
‫ج) نفحات‪ ،‬وهي قصيدة في الحب أيضا تشتمل على خمس وعشرين بيتا‪ .‬قال‪:‬‬
‫تعلق روحي روحها قبل خلقها ** وبالحب لو عشنا نسير إلى اللحد‬
‫فما ذكر األحباب إال ذكــــرتها ** وال الحسن إال خلتها جوهر الفرد‬
‫سبتني بعينيها وقد خلت مهامها ** سوى أنني إلف بها ســـابق العهد‬
‫إذا كان رشدا حبها أو غــــواية ** دخلت به في النار أو جــنة الخلد‬
‫وأعلب ظني أنه جنة الـــــهوى ** فهي جنة الدنيا وتي جــــــنة الخلد‬
‫وهناك علماء كثيرون لهم انتاجات شعرية كثيرة غير ما ذكرنا مثل مودبو نانا يوال‪ ،‬له عدة‬
‫قصائد مثل‪ :‬قصيدة تسلية الضدور بفراق صاحب النور أبي الفتح‪ ،‬نظمها لرثاء شيخه أبي‬
‫الفتح‪ ،‬وله قصائد أخرى غير هذه كحديقة األحباب‪ ،‬وتبشرة اإلخوان لحياة موالنا مودبو‬
‫جيالني‪ ،‬وتهنئة النفوس في رحلة الشيخ حسن علي سيسي‪ .‬ومنهم الشيخ علي زمعة الخير له‬
‫عدة قصائد في مختلف األغراض‪ ،‬ومنهم مودبو راجي بن علي له انتاجات كثيرة منها‪ :‬كتاب‬
‫إرشاد الحبيب إلى مقاصد اللبيب‪ ،‬وكتاب تحذير السعداء الفائزين من اتباع األشقياء الخاسرين‪،‬‬
‫وكتاب تزهيد النفس عن حب الدنيا المخنس‪ ،‬وله قصيدة تكلم فيها عن التوحيد‪ ،‬وقصيدة بلغة‬
‫الفالني ذكر فيها ميل أهل الحل والعقد عن مسؤوليتهم الدينية إلى اللهو والترف‪ ،‬وله قصيدة‬

‫‪14‬‬
‫أخرى ذكر فيها أحوال اآلخرة‪ .‬وقصيدة أخرى في التصوف أسماها الشيخ مرآة القلب في‬
‫‪22‬‬
‫معرفة الرب وغيرها‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫توصل هذا البحث المتواضع من خالل النماذج المقدمة والدراسة المتواضعة أن علماء آدماوا‬
‫قدموا اسهامات جبارة في نشر وتطوير اللغة العربية والثقافة اإلسالمية ليس في مقاطعة آدماوا‬
‫‪ ،‬وظهرت تلك اإلسهامات في المدارس القرآنية والمعاهد العلمية المختلفة التي أنشؤوها في‬
‫ربوع بالد آدماوا‪ ،‬وكذلك األشعار العربية التي نظموها في مختلف األغراض الشعرية‪.‬‬

‫التوصية واإلقتراحات‪:‬‬
‫توصي المقالة بما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬إمداد المدارس العربية األهلية والمدرسين بالدعامات المادية والمعنوية لتشجيعهم وحثهم‬
‫على مواصلة المسيرة‪.‬‬
‫‪ – 2‬على العلماء في المعاهد العلمية أن ينظموا اإلمتحان لطالبهم‪ ،‬ألن العرف عندهم عدم‬
‫اإلمتحان‪.‬‬
‫‪ - 3‬على كل من يقوم بتدريس اللغة العربية والدراسات اإلسالمية في هذه البالد‪ ،‬أن يعد مهنته‬
‫من أسمى المهن‪ ،‬وأشرف األعمال وعليه أن يحاول في ترغيب الناس في كلتي المادت‬

‫‪22‬يونس علي‪ ،‬مسامهة بعض العلماء التجانيني يف نشر العلم والثقافة اإلسالمية يف والية آدماوا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪20 :‬‬

‫‪15‬‬

You might also like