You are on page 1of 22

‫ا‬

‫الغاريغ اسربى س‪٠‬‬


‫عبد عصودادقاريخ‬

‫مؤمترعقده احتاد املؤرخني العرب مبقره بألفأهرة‬


‫‪١٥‬‬

‫اساراإلفريقية ببن انروهاواسمين‬


‫‪٠١‬د‪ ٠‬حامد زيان غانم (خ)‬

‫تناول كثير من الباحثين العرب واألجانب الحديث عن النار اإلغريقية(؛)‪ ،‬معن حيه‬
‫خواصها وتركيبها وتاريخ صناعتها‪ ،‬ولئن الذي لم يتم إلقاء الضوء عليه هوكيفية انتقالها‬
‫إلى المسلمين‪ ،‬وهل عرفها تجل الروم شوب أخرى‪ ،‬ثم معرفة القدر الذي صار إليه تطور هذه‬
‫النار عند المسلمين‪ ،‬لدرجة أنهم أصبحوا سادة البحار‪ ،‬وخاصة ابحر المتوسط الذي كان‬
‫يعرف تجل نزول المسلين إليه أ ببجر الروم أ‪ .‬وهذا هو موضوع هذه الدراسة‪.‬‬
‫النار اإلغريقية من األسلحة البحرية الفتاكة التي شاع استعمالها في العصور الوسطى‪،‬‬
‫وخاصة عند الدولة البيزنطية في أول األمر‪ ،‬واحتفظ بسريتها أباطرة هذه الدولة‪ ،‬ولم‪ .‬يسمحوا‬
‫ألحد أن يعرف سر صناعتها‪ ،‬حتى تكون حكرا لهم(‪.)٢‬‬
‫أطلق الروم(‪ )٣‬على هذه النار عدة أسماء فكان من بينها‪ ٠:‬النار البحرية ‪،٠‬‬

‫(‪ )٠‬أستاذ تاريخ العصور الوسطي بكلية اآلداب جامعة القاهرة‪.‬‬


‫انطر على سبيل المثال ‪ :‬سعاد ماهر ‪ :‬البحرية في مصر اإلسالمية‪ ،‬القاهرة ‪١٩٧٩‬م؛ وسام‬ ‫(‪)1‬‬
‫فرج‪ :‬النار األغريقية طبيعة تركيبها وأثرها في نشاط المسلمين البحري‪ ،‬مقال في كتاب ابيزنطة‬
‫قراءة في التاريخ السياسيا‪ ،‬القاهرة ‪٢٠٠٤‬؛ طارق منصور ‪ :‬النار االغريقية‪ ،‬قراءة جديدة في‬
‫ضوء المصادر البيزنطية واإلسالمية‪ ،‬مقال منشور في حولية التاريخ اإلسالمي والوسيط عدد‬
‫(‪ )٤‬القاهرة ه * ‪٢ ٠‬م؛ طارق منصور ومحاسن الوقاد ‪ :‬النغطه استخدامه وتطوره عند المسلمين‪،‬‬
‫‪٠‬‬ ‫القاهرة ‪٢ ٠٠٦‬م‪.‬‬
‫>ا‪٣66‬ى ‪11 0۴‬اح!ة‪٢0‬م ‪1٦6‬خ ‪0‬خ ‪1011‬خ‪٧‬ا‪0‬ة ‪€‬اهأ‪0$5‬لؤ ع اا ‪,‬ل‪٧‬ا ‪٢06,‬ال‪. 311)1 8‬ل نم‪0‬كا‪8‬يخ‬
‫‪61]<11£, 1977-‬أ ‪16,‬اح‪5‬أ‪1‬اال‪٧230‬ة ااا‬
‫قسطنطين السابع ن إدارة اإلمبراطورية البيزنطية‪ ،‬ترجمة د‪ .‬محمود سعيد عمران‪ ،‬بيروت‬ ‫(‪)2‬‬
‫‪١٩٧٠‬م‪،‬ص‪.٦٨‬‬
‫الروم هو االسم الذي عرف به أهل الدولة البيزنطية‪ ،‬فهذه الدولة لي القسم الشرقي من‬ ‫(ه)‬
‫اإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬ولم نجد في أي مصدر يوناني كلمة بيزنطي‪ ،‬وهذا المصطلح األخير‪٠‬‬
‫بيزنطي * أطلق عليهم في العصور الحديثة عندما أخذ المؤرخون المحدثون يتناولون تاريخ هذه‬
‫الدولة‪ ،‬حتى يتم التغريق بينهم وبين أهل القسم الغربي من اإلمبراطورية‪ ،‬وكان للروم خصائص‬
‫تميزهم عن غيرهم‪ ،‬سواء في اللغة‪.‬حيث كانو‪ .‬ا يتحدثون اليونانية‪ ،‬وفي اندين حيث دانوا‬
‫بالمسيحية على المذهب األرثوذكسي* وقد نعتوا في القرآن الكريم بابروم‪ ،‬فقد جاء في التنزيل‬
‫العزيز < الم‪ ٠‬غلبت الوًا* في انفى األرض ونم مئ بعد عيهم سيجون)[سورة الروم ‪.]٣٠١‬‬
‫‪١١٦‬‬
‫!االنار السائلة أا‪ ،‬ا‪٠‬النار ‪١‬لروطذية ج‪.)،‬‬

‫أما الذي أطلى عليها اسم النار اإلغريقية ‪٢€‬ل] ط‪٣00‬ع فكان الفرنج الالتين؛ عندما‬
‫حضروا إلى الشرق في نهاية القرن الحادي عشر الميالدي ومطلع القرن الثاني عشر (أواخر‬
‫الخامس الهجري ومطلع القرن السادس)‪ ،‬ولم يكن لديهم أدش معرفة بهذا السالح للبحري‬
‫الفتاك‪ ،‬فقد فوجوئا به عندما بدأت أساطيلهم تغد من غرب أوربا إلى الشرق‪ ،‬خاصة أساطيل‬
‫مدينة بيزا التجارية‪ ،‬وأخذت سفقهم تحتك يسغن األسطول اليدزنطي‪ ،‬لكنها لم تستطع مقاومة‬
‫‪003‬ه‬ ‫سفن األسطول البيزنطي المسلح بتلك النار‪ ،‬فتروى المؤرخة اليونانية آنا كومنيتا‬
‫‪ €0010003‬ابنة اإلمبراطور الكسيوس األول كومنين ‪!38 1 €01111101108‬ة‪0‬ك (‪-٤٧٣‬‬
‫‪ ١٢‬هل‪ ١١١٨- ١٠٨١/‬م) ما حدثة عندما اشتبكت سفن األسطول الذي أعده والدها‬
‫اإلمبراطور الكسيوس كومتين في القسطنطينية‪ ،‬وما انضم إليه من سفن األقاليم البيزنطية‬
‫القريبة‪ ،‬حيث كان معلقا في مقدمة كل سفينة رأس سبع‪ ،‬أو ما يشههه من الحيوانات‬
‫المتوحشة‪ ،‬مصنوع من البرونز‪ ،‬والرؤوس فاغرة أفواهها‪ ،‬وتتصل أنابيب بهذه األفواه‪،‬‬
‫وتنطلق منها النار السائلة ا ‪0‬مال] ا‪€‬ا‪1‬أ‪0٩‬ا ا‪ ،‬فلم تستطع سفن بيزا الصمود أمام تلك النار‪.‬‬
‫وتؤكد آنا كومنينا أن الفرنجة الالتين (الصليبيون) لم يكن لديهم أدش معرفة بهذا السالح‬
‫البحري‪ ،‬لذلك فوجوئا به‪ ،‬ولم يستطيعوا الصمود أمامه‪ ،‬فهربت سفن بيزا طلبا للنجاة( )‪٠‬‬

‫من هنا أطلق الفرنج على ذلك السالح الفتاك الذي تميزت به دولة الروم اإلغريق اسم *‬
‫النار اإلغريقية ‪ً ]11*0‬اا‪ €٣00‬أ‪ ،‬ألده سالح انفرد به اإلغريق‪ ،‬أهللي اإلمبرطورية البيزنطية‪.‬‬

‫وفي تتبعنا لتاريخ استخدام النار في الحروب‪ ،‬وجد أن ذلك لم يكن وليد العصور‬
‫الوسطى فقط‪ ،‬فقد ذكر المؤرخ ثيوكيديدس ‪08‬ا)‪)11‬ال‪100‬ا‪ 1‬ما حدث عام ‪ ٤٢٤‬ق‪٠‬م من‬
‫استخدام الرومان لهذه النار‪ ،‬حيث وجهوا إلى مدينة ديليوم سفينة كانت تخرج منها النيران؛‬
‫بواسطة منفاخ‪-‬متصل بجزع شجرة مجوف‪ .‬كما ورد في بعض المصادر وصف معركة بحرية‬
‫القرن الثالث قبل الميالد؛ استخدم فيها براميل خشبية مملؤة بالقار والفحم‪ ،‬كانت‬ ‫حدثت في‬
‫توق وتقذف على سفن األعداء‪ .‬كذلك أشارت المصادر إلى استخدام تركيبات مختلفة من النار‬
‫في القرن الرايع ميالدي‪ ،‬حيث ادخل إليها الذغط(‪.)٦‬‬

‫(‪ )٠‬قسطئطين السابح ‪ :‬إدارة اإلمبراطورية البيزنطية‪ ،‬ص‪ ٦٨‬؛‬


‫; ‪ 1997, |3. 546‬ه ‪0X0 ,6‬اء؛‪11٣00‬ء ‪ً1٦6‬ا‪٣ :‬ه‪00۴655‬ء ‪113065‬إل‪ً1160‬ا‬
‫انظر أيضنا‪ :‬الحضارة البيزنطية‪ ،‬ترجمة عبدالعزيز توفيق جاويد‪ ،‬القاهرة ‪١٩٦١‬م‪ ،‬ص‪.١٨٢‬‬
‫; ‪3. 292-293‬ا‪00 1928,‬ه‪00‬أ ‪,‬ه‪3‬أإل‪6‬اهـ ‪ )00603 : 7116‬هء ‪003‬ه (‪) 1‬‬
‫وانظر أيضنا ‪ :‬الترجمة العربية التي قام بها د‪ .‬حسن حبشي‪ ،‬نشر المجلس األعلى للثقافة‪،‬‬
‫القاهرة ‪٢.٠٤‬م‪،‬صه‪.٤٤٧-٤٤‬‬
‫(ح) إرنل براد فورد ‪ :‬البحر المتوسط‪ ،‬ترجمة خليفة مخمد التليسي‪ ،‬تونس ‪٢٠٠٩‬م‪ ،‬ص‪٧‬ه ‪٨-٣‬ه ‪٣‬؛‬
‫ديليوم ‪ :‬لم نجد تعريف لهذه الجزيرة وربما يكون المقصود بهاجزيرة ديليوس إحدى البزر‬
‫‪١١٧‬‬
‫ومعنى ذلك أن استخدام النار في الحروب ووضعها على السفن لم يكن أمزا جديدل‬
‫ولكن الجديد بالنسبة لبدولة البيزنطية‪ :‬أنهم طوروا من هذه النار وأضافوا إليها تركيبات‬
‫جديدة‪ ،‬جعلتها أكثر فتكا‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر أن المسلمين غرفوا استخدام الحراقات‪ ،‬وهي السفن التي تقذف‬
‫الذار(‪ ،)٧‬منذ القرن الثاني الهجري ا التاسع الميالدي‪ ،‬فقد أشار الطبري إلى أن الخليفة‬
‫العباسي محمد األمين (‪ ١٩٨٠١٩٣‬ل‪٨١٣-٨٠٩/‬م) أ أمر بعمل خمس خراقات في دجلة‬
‫على خلقة األسد والغيل والئقاب والحدة والغرس‪ ،‬وأنفق في عملها ماأل عطينا أ‪ ،‬ويبدوأن‬
‫هذا العمل كان جديدا في نوعه في الدولة اإلسالمية‪ ،‬مما دفع الشاعر أبونواس إدى ندح‬
‫األمين وهوعلى ظهر نلك السسر)‪ ،‬مع مالحظة أن هذه الحراقات كاتت تعمل بالنغئد‪.‬‬

‫ثم شاع بعد ذلك استخدام هذه الحراقات في أنهار الدولة العباسية‪ ،‬فيشير ابن خلكان إلى‬

‫الواقعة في بحر إيجه‪ ،‬فقد شن الرومان عدة هجمات على هذه الجزر‪ ،‬انظر ‪:‬‬
‫‪3. 601.‬ا ‪ 1/‬ا‪ ٧3‬ؤ>ا‪ ¥٠٣‬د ‪ ٢١١‬ال؛أ‪3٢٦‬ح‪٦3۴٧٠۴ 8٧‬كا‪0‬؛أءا‪۴0٣)1 0‬ال‪ 0‬ج‪ً1٦‬ا‬
‫المؤرخ ثيوكيديدس‪ ،‬هو أحد قادة أثينا العسكريين (‪ ٣٩٦٠٤٧٠‬ق‪٠‬م)‪ ،‬اشترك في الحرب‬ ‫‪٠‬‬
‫البليبونيزية بين أثينا وأسيرطة‪ ،‬ثم ترك الخدمة في الجبش ليعكف على كتابة التاريخ‪ .‬انظر‪:‬‬
‫سيد الناصري ‪ :‬اإلغريق‪ ،‬القاهرة ‪ ،۴١٩٩٧‬ص‪٣٤٨-٣٤٣‬؛ حامد زيان‪ :‬منهج البحث‬
‫التاريخي‪ ،‬القاهرة د‪٠‬ت‪،‬ص‪٣‬ه‪٠١‬‬
‫(‪ )7‬الحراقة ا الحراقات ‪ :‬نوع من السفن الحربية‪ ،‬استخدمت لحمل األسلحة النارية‪ ،‬وهي سفن خفيفة‬
‫الحركة‪ ،‬ووصفها ابن مماتي في القرن السادس الهجري ا الثاني عشر الميالدي أنها كانت تعمل‬
‫بمئة مجداف‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬ابن مماتي ‪ :‬قوانين الدواوين‪ ،‬نشر عزيز سوريال عطية‪ ،‬القاهرة ‪١٩٩١‬م‪ ،‬ص‪٣٤٠‬؛‬
‫انظر ايضائ ‪ :‬درويش النخيلي ‪ :‬السفن اإلسالمية على خروف المعجم‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‬
‫‪١٩٧٤‬م‪،‬ص‪.٣٧-٣٢‬‬
‫(و) الطبري ‪ :‬تاريخ األمم والملوك‪ ٠،‬تحقيق ‪ :‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬القاهرة د‪٠‬ت‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪ ٠ ٩‬ه‪،‬‬
‫ديوان أبونواس‪.‬‬
‫أبو نواس هو أبو علي الحسن بن هانن‪ ،‬من أئمة شعراء العصر العباسي‪ ،‬اشتهر بوصفه‬ ‫‪٠‬‬
‫للخمر والنساء‪ ،‬اتصل بالخليفة محمد األمين وكان من أخص جلسائه‪ ،‬توفى عام‬
‫‪٢٨٥‬د‪٨٩٨/‬م‪ ٠‬انظر‪ :‬العمري ‪ :‬مسالك األبصار في ممالك األمصار‪ ،‬أبوظبي ‪٢٠٠٦‬م‪،‬‬
‫ج‪،١٤‬ج‪،٢‬ص‪.٣١-٢٩‬‬
‫‪ ٠‬من الملفت للنظر أن وصف المؤرخة آنا كومنينا للحراقات قاذفات النار اإلغريقية‪ ،‬يقترب من‬
‫وصف الحراقات التي استخدمها الخليفة األمين في نهر دجلة‪ ،‬فاألولى اتخذت أشكال رؤوس‬
‫الحيوانات المفترسة‪ ،‬والثانية على شكل األسد والغيل‪ ،‬وهو ما يجعلنا نالحظ ثمة تأثيرا‬
‫متبادالبين الجانبين‪ ،‬ولعل العباسيين هم الذين أخذوا ذلك عن الروم‪.‬‬
‫‪١١٨‬‬
‫أن القائد والوزير طاهر بن الحسبن(‪ ،)٩‬كانت له حراقة يركبها في نهر دجلة لئتزهة‬
‫والئثقل(‪ ،)١٠‬كذلك يذكر ابن األثير في األحداث التي واكبت مقتل الخليفة محمد األمين بن‬
‫هارون الرشيد (شهر المحرم عام ‪ ١٩٨‬دلم سبتمبر عام ‪٨١٣‬م) أن اا األمين حاول الهرب من‬
‫بغداد في حراقة هرثمة خوفا من اظاهر بن الحسينا)(‪ ،)١١‬وبعد مغتل األمين خمل ولديه موسى‬
‫وعبداهـ في حراقة‪ .‬إلى مدينة شينيا ثم أرسال إلى عمهما المأمون(‪.)١٢‬‬

‫وهكذا انتشرت الحراقات التي كانت تعمل بالنغط في نثك سرة في أنهار الدولة‬
‫التنقل والنزهة‪ ،‬فيشير الشابشتي إلى أن السيدة زبيدة زوجة‬ ‫العباسية‪ ،‬وكثر استخدامها في‬
‫الخليفة هارون الرشيد ا اجتازت يوهتا في دجلة بحزاقتها آ(‪٠)١ ٣‬‬

‫ومن المالحظ أن هذه الحراقات‪ -،‬التى استخدمت ‪-‬للنزهة والتثقل فى‪ -‬تلك سرة‪ ،‬كان‬
‫استخدامها قاصرا على الخلفاء وزوجاتهم وأمراء الدولة العباسية وقوادها‪ ،‬وذلك لما كانت‬
‫تتكلغه تلك الحراقات من نفقات باهظة‪ ،‬فقد أشار أبو هالل الصابي إلى ما كان ينفقه الوزير أبو‬
‫الحسن علي بن محمد بن موسى بن الغرات من أموال‪ ،‬ويتضح منها أنها كانت مبالغ مالية‬
‫كبيرة تنفق شهرنا على هذه الحراقات‪ ،‬خاصة المبالغ‪ -‬المخصصة لشراء النفط والمشاقة‬

‫(ه) هو أبو الطيب طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق ماهان‪ ،‬فارسي األصل‪ ،‬كان من أكبر أعوان‬
‫المأمون العباس‪ ،‬واستعان به األخير في محاربة أخيه األمين وقتله‪ ،‬ثم علت منزلته في الدولة‬
‫العباسية زمن المأمون‪ ،‬توفى عام ‪٢٠٧‬د‪٨٢٢/‬م‪ ٠‬انظر ‪ :‬ابن خلكان ‪ :‬وفيات األعيان وأنباء‬
‫الزمان‪ ،‬نشر دار صادر‪ ،‬بيروت د‪٠‬ت‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪١٧‬ه‪٢٣-‬ه‪ ،‬وعن حياة طاهر بن‬ ‫أبناء‬
‫الحسين‪ ،‬انظر ‪ :‬ابن طيفور ‪ :‬تاريخ بغداد‪ ،‬بيروت ‪٢٠٠٩‬م‪ ،‬ص‪٠١٠٩-٨١‬‬
‫(‪ )٤٠‬وفيات األعيان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٥١٩‬‬
‫(‪ )٤٤‬الطبري ; تاريخ األمم والملوك‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪٤٨‬؛ ابن األثير ‪ :‬الكامل في التاريخ‪ ،‬ج‪ ،٦‬صه‪.٢٨‬‬
‫(‪ )٤2‬السيد عبدالعزيز سالم‪ ،‬أحمد مختار العبادي ‪ :‬تاريخ البحرية اإلسالمية‪ ،‬بيروت ‪١٩٦٩‬م‪،‬‬
‫صه‪٠١١‬‬
‫شينيا ذقرهة بين بغداد وواسط‪ .‬انظر الصفدي ‪١:‬لوافيبالوفيات‪ ،‬بيروت ‪٢٠٠٠‬م‪ ،‬ج‪،٢٢‬‬ ‫ا‬
‫ص‪٠٩١‬‬
‫(‪ )٤٥‬الديارات إلى أماكن الزيارات‪ ،‬نشر كوركيس عواد‪ ،‬بغداد ‪١٩٦٦‬م‪ ،‬صه‪٠٤‬‬
‫‪١١٩‬‬
‫للذغاطات(‪.)١٤‬‬

‫ويستفاد من ذلك العرض أن استخدام النار المحمولة على الحراقات‪ ،‬سواء في الحروب‬
‫أو النزهة والتنقل‪ ،‬غرف منذ القدم‪ ،‬عرفه الرومان كما عرفه بعد ذلك المسلمون‪ ،‬في حين لم‬
‫يعرفه الفرنج الالتين إال فيما بعد‪.‬‬

‫الوسطى‪ ،‬حيث تم‬ ‫أما الجديد الذي حدث بالنسبة الستخدام النار‪ ،‬فيرجع الى الصور‬
‫اكتشاف تركيبة جديدة أشد فتكا وأكثر حرقا‪.‬‬

‫أما هذه التركيبة الجديدة فهي من اختراع مهندس يسمى كالينكوس ‪،111111€118‬ح أقام‬
‫في مدينة هليوبوليس (بعلبك) ببالد الشام في أواخر القرن السابع ا أوائل الثامن الميالدي‪،‬‬
‫د (‪ )١٥‬أنكالينكوس هرب‬ ‫ويذكر اإلمبراطور قسطنطين السابع (‪٩-٩١٢‬ه‪٩‬م‪٤٨-٣٠٠/‬‬
‫من هليوبوليس ولجأ إلى القسطنطينية زمن اإلمبراطور قسطنطين الرابع (‪-٦٦٨‬ه‪٦٨‬م)(‪.)١١‬‬
‫والمعروف أن الخليفة معاوية بن أبي سفيان (‪٦٠٠٤١‬هلم‪٦٨٠٠٦٦١‬م) كان قد شدد إغاراته‬
‫البحرية على شواطئ اإلمبراطورية البيزنطية بآسيا الصغرى‪ ،‬بعد أن أصبحت البحرية‬
‫اإلسالمية تتمتع بقوة كبيرة‪ ،‬وبمراكز بحرية هامة على حساب اإلمبراطورية البيزنطية في كل‬
‫من قبرس ورودس وبض جزر بحر إيجه‪ ،‬مثل جزر خيوس كما هيمنت على مواني ازمير‬
‫وليكبا وقيليقية‪ ،‬ولم يقف األمر عند ذلك بل تقدم األسطول األموي حتى وصل إلى القرب من‬

‫(‪ )14‬تحفة األمراء في تاريخ الوزراء‪ ،‬نشر خليل المنصور‪ ،‬بيروت ‪١٩٩٨‬م‪ ،‬ص ‪.٢٠‬‬
‫علي بن محمد بن موسى بن الغرات‪ ،‬ولد عام ‪٢٤١‬ه—اه ه‪٨‬م‪ ،‬وتوفى عام ‪٣١٢‬د‪٩٢٤/‬م‪،‬‬ ‫‪٠‬‬
‫تولى وزارة المعتز بالله العباسي (ه‪٣٢٠-٢٩‬د‪٩٣٢-٩٠٨/‬م)‪ ،‬ثالث مرات‪ ،‬كما تولى‬
‫المعتضد العباسي (‪٢٨٩ —٢٧٩‬هلم‪٩٠٢٠٨٩٢‬م)‪ ٠‬انظر ‪ :‬الصابي ‪ :‬تحفة‬ ‫وزارة الخليفة‬
‫األمراء‪ ،‬ص‪١ ١‬؛ الذهبي ‪ :‬تاريخ اإلسالم ووفيات المشاهير واألعالم‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى‬
‫عبدالقادر عطا‪ ،‬بيروت ه ‪٢٠٠‬م‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪٧١٣-٧١٢‬؛ العمري ‪ :‬مسالك األبصار في ممالك‬
‫األمصار‪ ،‬نشر مركز زايد للتراث والتاريخ‪ ،‬العين ‪٢٠٠٢‬م‪ ،‬ج ‪ ، ١١‬ص ‪.١١٥٠١١٣‬‬
‫المشاقة ‪ :‬جاء في المعجم الوسيط المشقة والمشاقة قطعة من القطن‪ ،‬استخدمت في الحراقات‬ ‫■‬
‫بأن تبلل بالئغط الستخدامها في النفاطات‪ .‬انظر ‪ :‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٩٠٧‬؛ الصابي ‪:‬‬
‫تحفة األمراء‪ ،‬ص ‪ ٢ ٠‬هامئى ‪.١‬‬
‫النفاطات ‪ :‬جمع نفاطه‪ ،‬وهي أذاة من النحاس كان يرمي بها النفط‪ .‬انظر ‪ :‬الصابي‪ :‬تحنة‬ ‫‪٠‬‬
‫األمراء‪ ،‬ص‪ ٢ ٠‬هامش ‪.٢‬‬
‫(‪ )15‬توج اإلمبراطور قنسطنطين السابع عام ‪٩١٢‬م عقب وفاة والده ليو السادس‪ ،‬لكنه لم يمارس‬
‫الحكم إال ءامه‪٩٤‬م‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪(. 132-247.‬ا ‪11* 1957,‬ج‪1‬م‪¥‬د|‪0€ 8*3*6, €٠‬؛*‪١6 6٧280‬ء*‪0٢٧ 0۴‬أ‪5‬ا‪1‬ر ‪)٧ :‬ا‪0٢5‬ج‪0$*٢0‬‬
‫(ح‪ )1‬إدارة اإلمبراطورية البيزنطية‪ ،‬ترجمة د‪ .‬محمود سعيد عمران‪ ،‬ص‪.١٨٢‬‬
‫حمل اإلمبراطور قسطنطين الرابع لقب آ بوجوناتوس ‪5‬ال*‪03‬هغ‪0‬م ا أي الملتحي‪ .‬انشر ‪:‬‬ ‫‪٠‬‬
‫الروم‪ ،‬القاهرة ‪١٩٦٣‬م‪،‬ص‪.٢٣١‬‬ ‫سيد الناصري‪:‬‬
‫‪١٢٠‬‬
‫سطئطيغية(‪٠)١٧‬‬

‫وإزاء تهديد المسلمين البحري للدولة البيزنطية‪ ،‬أخذ مهندسو‪,‬؛ وعلماء القسطنطينية في‬
‫التفكير في صناعة سالح بحري يدرءون به هذا الخطر‪ ،‬وحتى ال تقع القسطنطينية في يد‬
‫المسلمين‪ ،‬ومن هنا كان اختراع ‪ ٠‬النار السائلة ‪ ٠‬أو‪11‬النار البحرية ‪ ٠‬أوا النار الرومانية ‪٠٠‬‬
‫وتي شاع إطالق اسم ا) النار اإلغريقية أ عليها بعد ذلك‪.‬‬

‫وكما سبق القول فإن المهندس كالينيكوس السوري األصل الذي كان نقيعا بي‬
‫القسطنطينية آنذاك؛ قام بتطوير النار التي استخدمت في ‪-‬الحروب قديتا ليجحها أشد فغا‪،‬‬

‫فجطها مزيحا من النفط والزيت والكبريت‪ ،‬ويصب هذا المزيج في أنابيب من نحاس ذات‬
‫فوهة توقد منها ج األنابيب‪ ،‬وتوضع هذه األنابيب في اسطوانة مستديرة داخل المدفع‪ ،‬شذي‬
‫حملته الحراقات‪ ،‬ثم تقذف على سفن األعداء‪ ،‬وبمجرد ارتطامها بالهدف تشتعل نار فيها حتى‬
‫لوىنذلكفيشاء(‪.)١٨‬‬

‫وبعد أن تأكد الروم من فعالية هذا التركيب الجديد‪ ،‬أمر اإلمبراطور فسطفطين الرابع‬
‫بقذفه على سفن األسطول األموي الذي أخذ في مهاجمة القسطنطينية‪ ،‬ذلك الهجوم الذي استمر‬
‫خمس سنوات (‪٤‬ه‪٩-‬هد‪٦٧٩-٦٧٤/‬م)(‪ً١٩‬ا‪ ،‬إلى أن اشتد الروم في قذف المسلمين‬
‫بالناراإلغريقية‪ ،‬فأصاب تلك السفن الدمار واشتطت بها الحرائق‪ ،‬مما أدى إلى‪١‬فشل األسطول‬
‫األموي في تحقيق هدفه في االستيالء على القسطنطينية‪ ،‬وعادت بقية السفن دون أن تحرز‬
‫نجاحا‪ ،‬وفي أثناء عودتها صادفها عاصفة بحرية حطمت مطمها‪ ،‬وعجل ذلك بعقد اتفاقية‬
‫سالم ‪۴‬أ هدنة |ا بين معاوية بن أبي سفيان وقنسطنطين الرابع لمدة ثالثين عانا( ‪.)٢٠‬‬

‫ويرى بعض الباحثين أن هذه التركيبة الجديدة من النار اختراع مصري‪ ،‬ويطلون ذلك‬
‫بأن المهندس كالينكوس كان مقيائ في مدينة هليوبوليس المصرية (عين شمس الحالية)‪،‬‬

‫األمويون والبيزنطيون‪ ،‬القاهرة ‪١٩٥٣‬م‪ ،‬سه‪٠١٦‬‬ ‫(‪ )17‬إبراهيم العدوي ؛‬


‫(ها) وسام فرج ؛ الثار اإلغريقية طبيعة تركيبها وأثرها في نشاط السلمين البحري‪ ،‬مقال في كتاب‬
‫بيزنطة قراءة في التاريخ السياسي‪ ،‬القاهرة ‪٢٠٠٤‬م‪ ،‬ص‪٠١٤٧‬‬
‫(ها) لم يشر المؤرخون المسلمون إلى تلك الغزوات بالتفصيل باستثناء الطبري الذي تناولها باختصار‪،‬‬
‫األمم والملوك‪ ،‬جه‪ ،‬ص‪-٢٨٨‬ه ‪٣٠‬؛ في حين تناولها المؤرخ اليوناني البطريرك هرقل‬
‫بالتفصيل‪ ،‬انظر ‪, 1990/ 0. 87. :‬اا‪:0‬أج‪0‬ا‪3$1٦‬م‪ ١٨‬ا‪٠٢٧‬ي‪5‬ا‪ ٠٦‬ي‪: 5٠٦0٣‬‬
‫وانظر الترجمة العربية التي قام بها د‪ .‬هاني البشبر ‪ :‬البطريرك نقفور ‪ :‬التاريخ المختصر‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ،٢٠٠٧‬ص‪.٧٨-٧٧‬‬
‫(ه‪ )2‬الكندي ‪ :‬الوالة والقضاة‪ ،‬بيروت ‪ ،١٩٠٨‬ص‪٣٩‬؛ انظر أيفائ ‪ :‬السيد الباز العريني ‪ :‬تاريخ‬
‫الدولة البيزنطية‪ ،‬بيروت ‪١٩٨٢‬م‪ ،‬ص‪ ١-١٥٠‬ه ‪ .١‬يذكر نقفور أن معاوية بن أبي نفيان فل‬
‫أن يدفع سنونا جزية قدرها ثالثة أالف قطعة ذهبية وخسون أسيرا وخمسون ج—وادا‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪3. 87.‬اؤ‪0٣٧‬ع‪5‬ا‪٦‬ء؛‪5٠٦٥٣‬‬
‫‪١٢١‬‬
‫وليس هليوبوليس الشامية (بعلبك)(‪ .)٢١‬كما أن األسطول المصري قبل دخول اإلسم إلى مصر‬
‫كان سلنا بهذه النار‪ ،‬ويشير المؤرخ ألفرد بتلر أن المؤرخ سبيوس شاهد في مصر نوطا من‬
‫السفن الكبار‪ ،‬مجهزة باآلالت التي تقذف النار‪ ،‬وكانت مزيجا من مواد سريعة االشتعال‪ ،‬ويزيد‬
‫سبيوس على ذلك بأن السفن التي ننيت في اإلسكندرية‪ ،‬بعد الفتح اإلسالمي لها‪ ،‬جهزت‬
‫بمجانيق لقذف المواد الملقهبة(‪.)٢٢‬‬

‫وتشير الدكتورة سعاد ماهر(‪ )٢٣‬إلى أن المؤرخ جيبون يؤكد أن هذه النار من اختراع‬
‫أحد المصريين‪ ،‬ويعتمد في ذلك على ما ورد عند المؤرخ جورج كدرنيوس من أن ائلينيكوس‬
‫المصرية( ‪٠ )٢٤‬‬ ‫كان مصريا من مدينة هليوبوليس‬

‫ولكننا إذا أمعنا النظر لوجدنا أن هذه النار كانت سرا احتفظ به األباطرة البيزنطيين‪ ،‬ولم‬
‫يعرف سر صناعتها سواهم‪ ،‬وتسلحت به أساطيلهم‪ ،‬سواء سفن العاصمة أو أساطيل األقاليم‪،‬‬
‫وال يفي وجود هذا السالح على بعض سفن أساطيل األقاليم أنها هشت بهذا اإلقليم‪ ،‬فهناك‬
‫فرق بين أماكن وجود هذا السالح وبين أماكن تصنيعه‪ ،‬خاصة أنه لديغا توصية من اثنين من‬
‫أباطرة الدولة البيزنطية؛ يوصون فيها بادال يسمح البيزنطيون بأن يشرب سر صناعة هذا‬

‫(‪ )21‬سعاد ماهر ‪ :‬البحرية اإلسالمية‪ ،‬القاهرة ‪ ،۴١٩٧٩‬ص‪.٢٣٢-٢٣١‬‬


‫(‪ )22‬الغرد بتلر ‪ :‬فتح العرب لمعر‪ ،‬ص ‪٠١٥١‬‬
‫(‪ )25‬البحرية في مصر اإلسالمية‪ ،‬ص ‪٠٢٣١‬‬
‫‪1‬أج‪0٣‬ة‪ >3‬مؤرخ بيزنعلي (يوناني) عاش في القرن الحادي عشر‪.‬‬ ‫(‪ )24‬جورج كدرنيوس ‪5‬ال!‪٢٢١‬لء‪6‬ء‬
‫الميالدي ا الخامس الهجري‪ ،‬تناول في كتابه ‪ ٠‬خالصة التاريخ ‪٢٣١‬الاا‪0٢٢٦،36٠٦€‬ح ‪٦‬أ‪1‬ال‪01٢‬خ‪!$‬هخ‬
‫الخلق حتى عام ‪١ ٠ ٥٧‬م‪ ،‬اعتمد في ذلك على ما كتبه السابقين من‬ ‫تاريخ الخليقة منذ بدء‬
‫المؤرخين فيما عدا الفترة التي عاصرها‪ ،‬فكان شاهد عيان عليها‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬دونالد نيكول ‪ :‬معجم التراجم البيزنطية‪ ،‬القاهرة ‪٢٠٠٣‬م‪ ،‬ص ‪٢٥٣‬؛ آهال حامد زيان ‪:‬‬
‫الدور السياسي للمؤرخ ميخائيل بسللوس‪ ،‬القاهرة ‪٢٠١٠‬م‪ ،‬صه ‪٠٢‬‬
‫جيبون ة هو إدوارد جيبون ‪1٦‬ه‪3‬اة؛ذًا ه‪3٢‬تم‪١٨‬هع مؤرخ إنجليزي ولد عام ‪١٧٣٧‬م بجنوب‬ ‫‪٠‬‬
‫إنجلترا في أسرة غنية‪ ،‬وتوش عام ‪١٧٩٤‬م‪ ٠‬انظر مقدمة الترجمة العربية للدكتور أحمد‬
‫نجيب هاشم ‪ :‬جيبون‪ ،‬اضمحالل اإلمبراطورية الرومانية وسقوطه*؛‪ ،‬القاهرة ‪١٩٩٧‬م‪ ،‬ج‪،١‬‬
‫ص‪٠٢٧٠١٠‬‬
‫‪١٢٢‬‬
‫السالح إلى غيرهم من الشعوب أو البالداه ‪ .)٢‬ولذلك ظل تركيب هذه النار سرا احتفظ بسه‬
‫البيزنطيون دون سواهم فترة طويلة(‪.)٢٦‬‬

‫غير أنه يستشف من تلك التحذيرات‪ ،‬أنه كانت هناك محاوالت من قبل األمم المجاورة‬
‫للدولة البيزنطية‪ ،‬بأن يتعرفوا على سر صناعة هذه النار‪ ،‬حتى اليكونوا أقل قوة من قوة‬
‫البحرية البيزنطية‪ ،‬ومن بين تلك األمم كان المسلمون الذين فتكت بهم هذه النار مرتين‬
‫متتاليتين‪ :‬األولى أثناء محاصرة معاوية بن أبي سفيان للقسطنطينية وهو حصار السنوات‬
‫الخمس (‪٥٩٠٥٤‬هلم‪٦٧٩ - ٦٧٤‬م‪ ،‬والثانية أثناء محاصرة مسلمة بن عبدالملك بن مروان‬
‫للقسطنطينية عام ‪٩٩‬هلم‪٧١٧‬م(‪.)٢٧‬‬

‫وبالفعل‪ ،‬وبرغم كل ما أحاط به حكام الدولة البيزنطية هذه النار بالسرية‪ ،‬وإصدار‬
‫األوامر التي تحرم تصديرها إلى الدول المجاورة‪ ،‬فإن المسلمين استطاعوا الوصول الس سر‬
‫صناعتها‪ ،‬وقاموا بتطويرها بصورة جعلتها أكثر فتكا‪.‬‬

‫فقد وردت إشارة عند المؤرخ المغربي ابن ءذاري(‪ ،)٢٨‬إلى أن أسطول األغالبة الذي‬
‫توجه إلى صقلية عام ‪٢٢٠‬هلمه‪٨٣‬م بأوامر من الحاكم األغلبي زيادة اللهبناألغلب(‪-٢٠١‬‬
‫‪٢٢٣‬ه‪٠‬لم‪٨٣٧-٨١٦‬م)(‪ )٢٩‬وكان بقيادة إبراهيم بن عبدالله‪ ،‬كان من بين سغنه حراقات‪،‬‬

‫‪٩١٢٠٨٨٦( 160‬م‪٣٠٠-٢٧٣/‬ل) الذي حذر في كقابه‬ ‫(‪ )25‬اإلمبراطور األول هو ليو السادس ‪٧،‬‬
‫تكتيكا ‪||)3‬أ‪€‬ا‪3‬آ من اإلباحة بسر صناعة النار البحرية‪ ،‬كما فرض عقوبات صارمة على كل من‬
‫يمد البالد المعادية بالعتاد الحربي‪ ،‬أما اإلمبراطور الثاني فهوقنسطنطين السابع‬
‫ا|‪٩~٩١٢( ٧‬ه ‪٩‬م‪٣٤٨-٢٩٩/‬د) الذي حذر هو اآلخر في كتابه إدارة اإلمبراطورية البيزنطية‬
‫الذي أهداه لولده ووفي عهده رومانوس الثاني‪ ،‬حذر من تسريب سر صناعة النار السائلة إلى أي‬
‫دولة أخرى‪ ،‬ومن يفعل ذلك يطرد من رحمة الكنيسة‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬قسطنطين السابع ‪ :‬إدارة اإلمبراطورية البيزنطية‪ ،‬ص‪٦٨‬؛ وسام فرج ‪ :‬النار اإلغريقية‪،‬‬
‫ص‪.١٤٦‬‬
‫(‪ )26‬ستيفن رنسيمان ‪ :‬تاريخ الحضارة البيزنطية‪ ،‬القاهرة ‪١٩٦١‬م‪ ،‬ص‪١٨٢‬؛ السيد الباز العريني‪:‬‬
‫تاريخ الدوأل البيزنطية‪ ،‬ص‪.٣٦٣‬‬
‫)‬ ‫‪ 1997,‬ه‪0٢‬تك‪ 0‬د‪6‬ا‪٠‬ا‪٦‬ا‪٦٣0‬اع ‪6‬ارآ‪05 :‬ا‪(1٦8٣‬ا‪6٠‬أءآ (‪٣‬‬ ‫ع‪٦0٢‬ء‪٦0٢0$ : $‬ا(‪1>6،‬اال‪546*547; 1‬‬
‫;‪0٣٧, 9* 87‬أ‪$‬أا‪1‬‬
‫إبراهيم العدوي‪ :‬األمويون والبزينطيون‪ ،‬القاهرة ‪١٩٥٣‬م‪ ،‬ص؛ ‪١٧٠-١٦‬؛ وسام فرج‪ :‬العالقات‬
‫‪-‬بين اإلمبراطورية البيزنطية والدولة األموية‪ ،‬اإلسكندرية ‪١٩٨١‬م‪ ،‬ص‪.١٦١٠١٤٧‬‬
‫(‪ )23‬البيان المغرب في أخبار االدلس والمغرب‪ ،‬نشر كوالن بورفنسال‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ج ‪ ، ١‬صه ‪٠١٠٦— ١٠‬‬
‫(و‪ )2‬زيادة الله بن األغلب ‪ :‬هو أبومحمد زيادة الله بن إبراهيم بن األغلب‪ ،‬توفي والية‪ .‬أفريقية في ذي‬
‫الحجة عام ‪٢٠١‬د‪ /‬يونيه‪٨١٧ .‬م‪ ،‬اشتهر يسفك الدماء والغلظة في معاملة‪.‬الجند‪ ،,‬توش ض رجب‬
‫عام ‪٢٢٢‬هلم يونيه ‪٨٣٧‬م بعد أن حكم المغرب إحدى وعشرين عاائ‪ .‬انظر‪ :‬ابن عذاري؛ البيان‬
‫المغرب‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪١٠٧-٩٦‬؛ انظر أيفتا ‪ :‬محمد محمد زيتون‪ :‬القيروان ودورها في الحشارة‬
‫‪١٢٣‬‬
‫فأصاب له الئصارى حراقة من مراكبه أ‪ .‬والمعروف أن الحراقة كانت معدة لقذف ضار الحارقة‪،‬‬
‫ومعنى ذلك أن األغالبة استطاعوا اكتشاف سر صناعة هذه التار‪ ،‬وطحوا بها أساطيلهم في فترة‬
‫العصور الوسطى اإلسالمية خاصة في القرنين الثالث والرابع الهجريين ا القاسع والعاشر‬
‫للميالد‪.‬‬

‫وهتا البد من ذكر أن أساطيل المسلمين في البحر المتوسط‪ ،‬شان لها ثالث مراكز‬
‫رئيسية‪ :‬المركز األول في شرق البحر المتوسعد‪ ،‬وقواعده في كل من كريت ويالد الشام‬
‫ومصر‪ ،‬والمركز الثاني في غرب البحر المتوسط‪ ،‬وقواعده في االندلس‪ ،‬في حين كان المركز‬
‫الثالث لهذا األسطول في وسط البحر المتوسط‪ ،‬وقواعده في شمال أفريقية وصقلية بعد ذلك‪،‬‬
‫وهذا األسطول األخير هو الذي كانت تتواله دولة األغالبة‪.‬‬

‫ومن بين هذه األساطيل الثالثة؛ وصل أسطول األغالبة إلى سر صناعة ضار البحرية‪،‬‬
‫فكيف تم لهم ذلك ؟‬

‫إن األحداث السياسية‪ ،‬التي عاصرت تلك الفترة‪ ،‬هي القي ساعدت على معرفة األغالبة‬
‫سر صناعة النار البحرية‪ ،‬ذلك أن القائد البيزنطي‪-‬أيفيميوس ‪|(11011١108‬ال‪ £‬الذي كان قائد‬
‫األسطول البيزنطي بصقلية (طرنجار ‪3٢108‬ج‪ ،)1<٣00‬توجه إلى رادة الله بن االلب عام‬
‫‪٢١١‬د‪٨٢٦/‬م مستثجذا به(م‪.‬‬

‫فتروي المصادر التاريخية‪ :‬أنه حدث خالف شديد بين أيغيميوس واإلمبراطور البيزنطي‬
‫العموري (‪٨٢٩-٨٢ .‬م‪/‬ه ‪٢١٤-٢٠‬هـل) إثر اختطاف األول إلحدى الراهبات‬ ‫ميخائيل شاتي‬
‫والزواج منها باإلكراه‪ ،‬مما دفع اإلمبراطور إلى إصدار أوامراه الى قائد ثغر صقلية فوتينوس‬
‫‪ 1*1060108‬بالقبض على أيغيميوس وإحضاره إلى القسطنطينية‪-‬‬

‫غير أن أيغيميوس انتصر على القائد فوتينوس وأعلن نفسه إمبراطورا في صقلية‪ ،‬لكئه‬
‫لم يستطع صمود أمام القائد البيزنطي ابالطها؛ كما تسميه المصادر اإلسالمية‪ ،‬حيث أنزل‬
‫النجدة من زيادة الله بن األغلب‪ ،‬واعدا‪.‬إياه‬ ‫بإيفميوس هزيمة كبيرة‪ ،‬مما دفع األخير إلى طلب‬
‫ا بملك جزيرة صقلية ااأ أو على األقل يكو‪.‬ن تابتا له في صقلية ويدفع له جزية سنوية( ا‪.)٣‬‬

‫اإلسالمية‪ ،‬القاهرة‪١٩٨٨.‬م‪ ،‬ص‪-١٢٣‬ه‪ .١٢‬ويقول الذهبي فه توفى عام ‪٢٢٣‬هـ‪٨٣٨/‬م‪ ،‬شلر ‪:‬‬
‫تأريخ اإلسالم‪ ،‬بيروت ه ‪٢٠٠‬م‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪٩‬ه‪.‬‬
‫)‬ ‫‪0x101 ,6'01 1997,‬اءأ‪1٢00‬اء ‪00۴65501* : 1116‬ء‪|3118065.‬ه‪16‬اًا (‪1‬‬
‫انظر أيضا ‪ :‬فازيليف‪ ،‬العرب والروم‪ ،‬القابرة د‪.‬ت‪ ،‬ص‪٦٨‬؛ السيد البأز العريني ‪ :‬تاريخ الدولة‬
‫البيزنطية‪ ،‬ص‪.٢٧٣-٢٧٠‬‬
‫طرنجار ‪05‬أ‪3٢‬ج‪٢00‬ه ‪ :‬لقب حمله نائب قائد الثغر البحري ‪5‬الج‪6‬؛‪ 5 3‬وأطلق عليه كذلك‬ ‫ا‬
‫نائب‪.‬أمير‪.‬البجر‪ .‬انظر ‪ :‬رنسيمان ‪ :‬الحضارة البيزنطية‪ ،‬القاهرة ‪١٩٦١‬م‪،‬ص‪.١٧٧-١٧٦‬‬
‫(‪ )31‬النويري ‪ :‬نهاية األرب في فنون األدب‪ ،‬القاهرة ‪١٩٨٣‬م‪ ،‬ج‪ ،٢٤‬ص‪٤‬ه‪-٣‬هه‪٣‬؛ ابن األثير‪:‬‬
‫‪١٢٤‬‬
‫جاء هذا العرض على لهوى األغالبة‪ ،‬الذين كانوا تواقين لتحقيق نصر بحري كيير يتيح‬
‫لهم السبطرة على جزر البحر المتوسط المواجهة لهم‪ ،‬فقد سبق أن شنوا عدة إغارات عدى‬
‫صقلية لكن دون أن تحقق ذجلخا(‪٠)٣٢‬‬

‫ولذلك سارع زيادة الله إلى تلبية رغبة أيغيميوس عسى أن ينجح في بسط يده على‬
‫صقلية‪ ،‬ووافقه في ذلك بض فقهاء وعلماء القيروان(‪ ،)٣٣‬فتقرر بقاء أيغيميوس يسفنه في‬
‫ميناء سوسة حتى يتم إعداد الحملة المنشودة(‪ .)٣٤‬لكن كيف يتسنى لألغالية التعب على‬
‫األسطول البيزنطي الرابض بصقلية‪ ،‬وهو المعد إعدادا جيدا‪ ،‬ومسلخا بالنار اإلغريقية ؟‪ ،‬كل‬
‫هذا جعل األغالبة يفكرون في ضرورة أن تضم سفنهم حراقات تقذف النار الحارقة‪.‬‬

‫الباحثين أن األغالبة استعانوا بمعلومات وخبرة القائد البحري (طرنجار‬ ‫ال يستبعد بعض‬
‫البحر) إيفيميوس افي كشف سر صناعة هذه الغار(ه‪ ،)٣‬أثناء وجوده في ميناء سوسة منتظرا‬
‫إعداد الحملة التي وعده بها زيادة الله(‪ ،)٣٦‬وبطبيعة الحال فإن حقد وكره إيفيميوس‬
‫لإلمبراطور البيزنطي‪ ،‬ولمعظم القادة البيزنطيين في صقلية‪ ،‬هوالذي دفع أيغيميوس إلى إفشاء‬
‫سر صناعة النار الحارقة‪ ،‬وقبل ذلك االستعانة بالمسلمين(‪٠)٣٧‬‬

‫ودفع حرص األغالبة لمعرفة كافة التفاصيل عن صناعة النار البحرية‪ ،‬أنهم أخذوا‬
‫يتصيدون حراقات البيزنطيين حاملة هذه النار‪ ،‬أثناء المعارك البحرية‪ ,‬التي نشبث بينهم وبين‬

‫الكامل‪ -‬في التاريخ‪ ،‬ج‪ ،٦‬صه‪٣٣‬؛ انظر أيضائ‪ :‬فازيليف ‪ :‬العرب والروم‪ ،‬ص‪٠٦٩-٦٨‬‬
‫(‪ )32‬النويري نهاية األرب في فنون األدب‪ ،‬ج‪ ،٢٤‬صهه‪٣‬؛ انظر أيضثا ‪ :‬حامد زيان ‪ :‬الحضارة‬
‫اإلسالمية بصقلية‪ ،‬ص‪.١ ٨‬‬
‫(‪ )33‬النويري ‪ :‬نهاية األرب في فنون األدب‪ ،‬ج‪ ،٢٤‬صهه‪٦-٣‬ه‪٣‬؛ وسر أيضائ ‪ :‬تقي الدين عباس‬
‫الدوري ‪ :‬صقلية عالقاتها بدول البحر المتوسط اإلسالمية‪ ،‬العراق ‪١٩٨٠‬م‪ ،‬ص‪ .٤٨‬وعن‬
‫ادوامل التي ساعدت زيادة الله بن األغلب على غزوصقلية‪ .‬انظر ‪ :‬حامدزيان ‪ :‬دراسات في‬
‫تاريخ العالم اإلسالمي‪ ،‬القاهرة ‪٢٠١٠‬م‪ ،‬ص‪.١٣٦‬‬
‫)‬ ‫‪5‬ه (‪3‬‬ ‫‪٦6‬ااعا‪٧23٢‬ة؛‪0٣٧٠‬ي‪5‬ا‪٠‬ر‪>٧ :‬ا‪0٧٠٣5‬‬ ‫; ‪3. 183‬ا‪1950,‬‬
‫فازيليف ‪ :‬العرب والروم‪ ،‬القاهرة د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.٧٢‬‬
‫سوسه ‪ :‬يقول عنها الحميري أنها من بالد أفريقية على ساحل البحر‪ ،‬إليها تنسب الثياب‬ ‫‪٠‬‬
‫الرقيقة السوسية‪ ،‬ومنها ركب أسد بن القرات غازنا صقلية‪ .‬انظر ن الروض المعطار في خبر‬
‫األقطار‪،‬لبذان*‪١٩٨‬م‪،‬ص‪.٣٣١‬‬
‫(‪ )35‬السميد عبدالعزيز سالم‪ ،‬أحمد مختار العبادي ‪ :‬تاريخ البحرية اإلسالمية‪ ،‬بيروت ‪١٩٦٩‬م‪ ،‬صه ‪.١١‬‬
‫(‪ )36‬البكري ‪ :‬جغرافية األندلس وأوربا‪ ،‬نشر عبدالرحمن الحجي‪ ،‬بيروت ‪١٩٦٨‬م؛ ابن األثير ‪:‬‬
‫الكامل في التاريخ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪-٣٣٤‬ه‪.٣٣‬‬
‫)‬ ‫; ‪٦ 1912,298‬ا‪0‬سئ ‪٢€,‬أ‪)3‬آل‪1‬ع ‪30‬د‪6٢0‬أ‪5٤0٢٧ 0۴ 635‬أااه ‪1( 8٧٣¥ :‬‬
‫السيد الباز العريني ‪ :‬الدولة البيزنطية‪ ،‬بيروت ‪١٩٨٢‬م‪ ،‬ص ‪.٢٧١‬‬
‫‪١٢٥‬‬
‫البحرية البيزنطية‪ ،‬بعد توجه اسد بن ضرات بمراكيه إليها(‪ ،)٣٨‬ووفعه عام ‪٢١٣‬ه—‪٨٢٨/‬م‬
‫متأثرا بالوباء الذي تغشى في صقلية(‪ ،)٣٩‬ثم مواصلة القادة المسلمين عمليات الفتح‪ ،‬فيشير‬
‫مؤرخ ابن األثير الجزري‪ ،‬إلى أنه في هام ‪٢٢ ٠‬ه‪/٠‬ه‪٨٣‬م‪ ،‬بعد تولي أبو األغلب إبراهيم بن‬
‫عبداهـ أمر قيادة سيات السكرية في صقلية‪ ،‬اشتبك مع أسطول بيزنطي في رمضان من هذا‬
‫العام (مايو ه ‪٨٣‬م) وانتصر عليه‪ ،‬واستولى على معظم ما به من سفن‪ ،‬وسن بينها حراقة‬
‫بيزنطية((*)‪.‬‬

‫والشك في أن األغالبة استفادوا بما وجد على ظهر هذه الحراقة من آالت ومعدات لقذف‬
‫النار‪ ،‬وذلك حتى يتم لهم الوقوف على كل أسرار هذه الصناعة‪.‬‬

‫وهكذا كان لألغالبة فضل السبق في كشف سر النار اإلغريقية الدي احتفظ بها‬
‫البيزنطيون أمذا طويال‪ ،‬وأخذت الحرفات قاذفة النار تظهر في اسطول األغالدة منذ ذلك‬
‫الوقت(‪ ،)٤١‬ومن هنا جاءت اإلشارة السابقة البن عذارى‪ ،‬من أسر البيزنطيين إلحدى حراقات‬
‫األغالبة في أواخر‪ .‬عام ‪٢٢٠‬ز‪/‬ه‪٨٣‬م(ى)‪.‬‬

‫احتفظ األغالبة بسر صناعة النار الحارقة‪ ،‬مثلما احتففن به البيزنطيون سابغا‪ ،‬فإننا لم‬
‫نجد أحد صوص تشير إلى استخدام الحراقات قاذفة النار الحارقة في أي سن األساطيل‬
‫السالمية األخرى بالبحر المتوسط في تلك الفترة‪ .‬واستمر ذلك حتى نل ففاطميون محل‬
‫األغالبة في حكم تونس‪ ،‬والقضاء على دولتهم‪ ،‬واستقرارهم في مدينة ا رقادة أ عاصمة‬
‫األغالبة عام ‪٢٩٧‬د‪٩١٠/‬م(‪٠)٤٣‬‬

‫أخذ الفاطميون بعد استقرارهم في إفريقية‪ ،‬في سرف على النار الحارقة التي‬
‫استخدمها األغالبة‪ ،‬وأثبتوا أنهم قادرون على تطوير هذا السالح‪ ،‬وتفوقوا في ذلك تفوقا كبيرا‪،‬‬
‫لدرجة أنهم أحرزوا انتصارات بالغة على البحرية البيزنطية في موقعة المجاز‪ ،‬عند مضيق‬

‫(‪ )٥٥‬يشير البكري إلى أن عدد المراكب التي صحبت أسد بن الغرات سبعون مركبا‪ ،‬انظر ‪ :‬جغرافية‬
‫االدلس واوربا‪ ،‬ص‪٠٢٢٠‬‬
‫(ألأل) ابن االير ‪ :‬الكامل في التاريخ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪٠٣٣٦‬‬
‫(‪ )٠٥‬الكامل في التاريخ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪.٣٣٩-٣٣٨‬‬
‫(م فازيليف ‪ :‬العرب والروم‪ ،‬ص‪ ٧٤-٧٢‬؛‬
‫‪٦ ٢٢١$1£*6, $1 297-299.‬ا‪3‬د ا‪6٢٢‬خ‪5 0 ٧ 0۴ 635‬اا‪٢٧ : ٨ 1‬ال‪8‬‬
‫(‪ )٠2‬البيان المغرب‪ ،‬س‪٠١ ٠ ٦‬‬
‫(‪ )٠٥‬ابن االر ؛ الكامل في التاريخ‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪٤٨‬؛ المقريزي ‪ :‬اتعاظ الحنفا بذكر الفاطميين الخلفا‪،‬‬
‫القاهرة بلبعة الذخائر‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬ج‪،١‬ص‪.٦٣‬‬
‫رقاذة ‪ :‬بلدة بإفريقية بينها وبين ألقيروان مسيرة أربعة أيام‪ ،‬بثاها إبراهيم بن األغلب‪ ،‬وجعل‬ ‫ا‬
‫بها قصورا عجيبة وبنى بها مسجدا‪ ،‬واتخذها عاصمة له‪ .‬انظر ‪ :‬ياقوت الحموي ‪ :‬معنم‬
‫البلدان‪ ،‬بيروت ‪١٩٥٧‬م‪ ،‬ج‪ ،٣‬صهه‪.‬‬
‫‪١٢٦‬‬
‫سيئي عام ‪٤‬ه‪٣‬ه—‪/‬ه‪٩٦‬م‪ ،‬وكان للحراقات الفاطمية دور كبير في هذا االنتصار(؛؛)‪.‬‬

‫ويؤكد ابن خلدون أن البحرية الفاطمية‪ ،‬تفوقت على األساطيل البيزنطية‪ ،‬واستطاعتا أن‬
‫تفرض نفوذها على البحر المتوسط(ه؛)‪ ،‬فقد تابع حكام هذه الدولة االهتمام باألسطول‪ ،‬ومابه‬
‫من معدات‪ ،‬خاصة بعد انتقالهم إلى مصر عام (‪٣٥٨‬هـ‪٩٦٩/‬م) فعمل المعز لدين الله الفاطمي‬
‫(‪٣٦٥ —٣٤١‬هـ‪ —٩٥٢/‬ه‪٩٧‬م) على االهتمام باألسطول‪ ،‬وععل على إنسا؛ السفن بمختلف‬
‫اواعها‪ ،‬ومن بينها الحراقات‪ ،‬ورصد لإلنفاق على ذلك األموال الطائلة( ؛)‪ .‬فبلى دارا لصناعة‬
‫صفن بمصر بالمقى(‪٧‬؛)‪ ،‬أ ولم نر مثلها في البدر على ميناء ا‪ ،1‬وبنى بها ستمائة سفينة‬
‫حربيه؛)‪ ،‬وإذا كان هذا األسطول اقد تعرض للحريق زمن خليفته العزيز بالله (‪-٣٦٥‬‬
‫‪٣٨٦‬هـ‪/‬ه‪٩٩٦-٩٧‬م) ؛ال أن الفاطميين استطاعوا خالل ثالثة أشهر فقط إعادة بناء هذا‬
‫األسطول مرة أخرى(؟؛)‪.‬‬

‫والواقع أنه كان النتقال الفاطميين من المغرب إلى مصر‪ ،‬واتخاذهم القاهرة عاصمة‬
‫لهم‪ ،‬أثره في تطوير البحرية الفاطمية‪ ،‬فالمعروف أن هصر قبل اإلسالم كانت مركزا لصناعة‬
‫السفن‪ ،‬واستمر ذلك بعد الفتح اإلسالمي لها‪ ،‬حيث اتخذها معاوية بن أبي سفيان دارا لصناعة‬
‫السفن‪ ،‬واعتمد على البحارة المصريين في اسطوله الجديد‪ .‬واشتهرت في مصر عدة أماكن‬
‫لصناعة السفن منها‪ :‬جزيرة الروضة‪ ،‬والقلزم (السويس)‪ ،‬واإلسكندرية‪ .‬كذلك عسل‬
‫الطولونيون على االهتمام بالبحرية اهتماما كبيزا( ‪ ٠‬ة)‪ ،‬كما اهتم محمد ين شج األنشيد‬

‫(‪ )٠٠‬ابن االثير ‪ :‬الكامل‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪٦‬هه‪٨-‬هه‪.‬‬


‫موقعة المجاز‪ :‬حدثت هذه الموقعة عام ‪٣٥٤‬دلمه‪٩٦‬م بين الفاطميين والبيزنطيين‪ ،‬عندما‬ ‫‪٠‬‬
‫شن القائد أحمد بن الحش الكلبي هجونا عنيعا على القوات البيزنطية‪ ،‬وأحرز تصحح ا‬
‫كبيراعند مجاز مضيق مسيني‪ ،‬فسميت بموقعة المجاز‪ ,‬انظر ‪ :‬ابن االثير‪ :‬الكامل في التاريخ‪،‬‬
‫ج‪ ،٨‬ص‪٨‬هه؛ انظر أيضتا ‪ :‬حسن إبراهيم حسن ‪ :‬تاريخ الدولة الفاطمية‪ ،‬القاهرة ‪١٩٦٠٤‬م‪،‬‬
‫ص‪.١٠٤‬‬
‫(‪ )٠5‬المقدمة ة طبعة المكتبة التجارية‪ ،‬مصر د‪.‬ت‪ ،‬ص‪٣‬ه‪. ٢٥٤-٢‬‬
‫(ج‪ )٠‬المقريزي ‪ :‬المواعظ واالعتبار بذكر الخطط‪ .‬واآلثار‪ ،‬بوالق‪١٢٧٠ .‬م‪ ،‬ج ‪ ، ٢‬ص ‪١٩٢‬؛ انظر أقفتا‬
‫‪ :‬لويس أرشيباك ‪ :‬القوى البحرية والتجارية‪ ،‬س‪٣٢٥ ،٣٠٤‬؛ أسمت غنيم ‪ :‬العالقات السياسية‬
‫بين الدولتين البيزنطية والفاطمية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬آداب اإلسكندرية ‪١٩٦٨‬م‪ ،‬ص‪.٩١-٩٠‬‬
‫(‪ )٠7‬المقس ‪ :‬نعرف أيضائ باسم أ أم دنين ال‪ ،‬تقح على ساحل النبل‪ .‬انظر القلقشئدي ‪ :‬صبح األعشى‬
‫في صناعة اإلنشا‪ ،‬طبعة دار الكتب اسرية‪ ،‬د‪٠‬ت‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٧‬ه‪( .٣‬وفي مكانها اآلن بامع‬
‫الفتح‪ ،‬بميدان رمسيس بالقاهرة)‬
‫(‪ )٠8‬المقريزي ‪ ■:‬المواعظ واالعتبار‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص ‪-.١٩٤‬‬
‫(أل‪ )٠‬المقريزي ‪ :‬المواعظ واالعتبار‪ ،‬ج‪ ،٢‬صه‪١٩٦٠١٩‬؛ لويس أرفسبباك ‪ :‬القوى البحرية‪،‬‬
‫ص‪.٣٢٨‬‬
‫(ه‪ )5‬البلوي ة سيرة أحمد بن طولون‪ ،‬القاهرة طبعة الذخائر د‪.‬ت‪ ،‬ص‪٨‬ه‪.‬‬
‫‪١٢٧‬‬
‫باألسطول المصري اهتمان كبيرا؛ حيث نقل دار صناعة السفن من جزيرة الروضة إلى ساحل‬
‫الفسطاط‪ ،‬في مكان دار خديجة بنت الفتح بن خاقان زوجة أحمد بن طولون(‪١‬ه)‪٠‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك فإن نيل مصر‪ .‬شهد وجود حراقات تقذف يالنار‪ ،‬تعمل بالنغط‪ ،‬مثلما‬
‫شاهدنا ذلك في نهر دجلة بالعراق‪ ،‬وأخذت تلك الحراقات تجوب مياه النيل أثناء االحتفاالت‬
‫للنزهة والتنقل زمن الفاطميين(‪ ٢‬ه)‪٠‬‬

‫غير أن اضطراب أمر األسطول المصري في أواخر الدوله الفاطمية‪ ،‬وخاسة بعد أن‬
‫أقدم الوزير شاور على حرق عدد كبير من سفن األسطول‪ ،‬خوفا سن مدك بيت المقدس‬
‫عموري األول (‪١١٧٤-١١٦٢‬م‪٨/‬هه‪٧٠-‬هه‪.‬زلم يقلل من أهمية األسطول الغاطمي(‪٣‬ه)‪٠‬‬

‫لم يقل اهتمام األيوبيون بأمر األسطول‪ ،‬واستخدام سالح النار الحارقة‪ ،‬عن اهتمام من‬
‫سبقهم من حكام‪ ،‬لدرجة أن صالح الدين األيوبي‪ ،‬أنشأ ديوانا خامائ باألسطول غرف باسم |)‬
‫ديوان األسطول^‪ ،‬وأوقف لإلنفاق عليه ما يرد من بعض البلدان(‪٤‬ه)‪٠‬‬

‫كذلك استفينم األيوبيون سالح النار الحارقة مثلما استخدمه الفاطميون من قبل‪ ،‬وكائه‬
‫الحراريق قاذفة النار جزءا هانا في األسطول األيوبي‪ ،‬فقد عدد ابن مماتي(هه) أنواع السفن‬
‫التي استخدمت في األسطول األيوبي فكان منها الحراقة(‪٦‬ه)‪ ٠‬ويشير المقريزي أن الملك صالح‬
‫نجم الدين أيوب (‪٦٤٧-٦٣٦‬هلم‪١٢٤٩-١٢٣٩‬م) عندما وجه عام ‪٦٣٨‬هلم‪١٢٤٠‬محملة‬
‫بحرية إلى اليمن جهز بها * زردخاناه وشواني وحراريق اا(‪٧‬ه)‪٠‬‬

‫(‪ )51‬المقريزي ن المواعظ واالعتبار‪ ،‬ج ‪ ، ٢‬ص ‪.١٩٦ ،١٨٠‬‬


‫(‪ )52‬المقريزي ‪ :‬المواعظ واالعتبار‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪١٦٢‬؛ انظر أيحنائ ‪ :‬حورية سالم ‪ :‬النظم الحربية في‬
‫مصر‪ ،‬القاهرة ‪١٩٨٠‬م‪ ،‬ص ‪٠٨٠‬‬
‫(‪ )53‬المقريزي ‪ :‬المواعظ واالعتبار‪ ،‬ج ‪ ، ٢‬ض‪.١٩٣‬‬
‫(‪ )54‬انظر ‪ :‬السيد الباز العريني‪ :‬مصر في عصر األيوبيين‪ ،‬القاهرة ‪١٩٦٠‬م‪ ،‬ص‪.١٦٧-١٦٦‬‬
‫(‪ )55‬ابن مماتي ‪ :‬هو األسعد بن المهذب بن أبي مليح بن محاذي‪ ،‬أحد الوزراء المشهورين بالدولة‬
‫األيوبية‪ ،‬توفى عام ‪٦٠٦‬د‪١٢٠٩/‬م‪ .‬انظر ‪ :‬ابن خلكان ‪ :‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬نشر إحسان عباس ‪١٩٧٨‬م‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪٠٢١٣—٢١٠‬‬
‫(‪ )56‬قوانين الدواوين‪ ،‬نشر عزيز سوريال عطية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.٣٤ ٠‬‬
‫(‪ )52‬السلوك لمعرفة دول الملوك‪ ،‬القاهرة ‪٧‬ه‪١٩‬م‪،‬ج‪،١‬ق‪ ،٢‬ص‪.٣٠٦‬‬
‫زردخاناه ‪ :‬مصطلح مكون من كلمتين فارسيتين‪ ،‬زرد بمعنى السالح‪ ،‬وتطلق أيطائ على‬ ‫‪٠‬‬
‫المالبس المعدنية التي تلبس أثناء المعارك‪ ،‬وخاناه هو المكان‪ ،‬فيكون المعنى دار السالح‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬القلقشندي ‪ :‬صبح األعشى‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٤٧٣‬‬
‫شواني ‪ :‬جمع شيني أوشونة‪ ،‬نوع من السفن الحربية‪ .‬انظر ‪ :‬المقريزي ‪ :‬المواعظ‬ ‫‪٠‬‬
‫واالعتبار‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.١٩٥—١٩٤‬‬
‫ويقول درويش النخيلي‪ ،‬أن الشيني هو أصل السفن الحربية‪ ،‬وتتفرع منها السفن األخرى‬
‫‪١٢٨‬‬
‫كذلك استخدم األيوبيون تلك النار الحارقة في الدفاع عن البالد* ضد العدوان الصليبي‪،‬‬
‫التاسع على دمياط‪ ،‬عام‬ ‫فيذكر مؤرخ حوانغيل الذي كان مصاحبا لحملة القديس الملك لويس‬
‫‪٦٤٧‬د‪١٢٤٩/‬م ‪ -‬أنه في إحدى الليالي قامت القوات األيوبية بإلقاء‪-‬ضار اإلغريقية عدى‬
‫أبراج الفرنج التي أقاموها بدمياط‪ ،‬مما أدى إلى أن يشرف معظم جش لوس على الهالك‪.‬‬
‫ويسنطرد حوانغيل واصفا تلك النار بقوله‪ :‬أوكانت النار اإلغريقية تأتي من األمام أشبه ما‬

‫تكون ببرميل من القار‪ ،‬ذات ذنب يقارب الرمح طوال‪ ،‬وكان يصحبها صوت هائل كدوي الرعد‪،‬‬
‫وكأنها طائر في الجو‪ ،‬تشع بنور كبير يكاد معه من بداخل المعسكر يرى كل شيء كافة في‬
‫وضح سهر ‪.)٠٨‬‬

‫ويطق أحد الباحثين بقوله‪ :‬إن إطالق النار اإلغريقية ال يصاحبه حدوث دوي كدوي‬
‫الرعد‪ ،‬ولربما أطلق المصريون مدافع محشوة بالبارود مصاحبة إلطالق قذائف ضار اإلغريقية‬
‫إلحداث هلع وخوف في نفوس الغرذجة(‪٩‬ه)‪.‬‬

‫ويصدق هذا الرأي إلى حد بعيد‪ ،‬فإن جوانغيل‪ ،‬ومن معه‪ ،‬لم يكن لديهم حتى هذه الفترة‬
‫علم بسر صناعة النار الحارقة‪ ،‬وال بكيفية عملها‪ ،‬ولربما سمعوا عنها فقط عندما قدموا إلى‬
‫الشرق افي اشكل الحمالت الصليبية‪ ،‬كما أشارت إلى ذلك المؤرخة آنا كومنينا( ‪.)٦ ٠‬‬

‫وفي دراسة حديثة‪ ،‬قام بها بعض الباحثين الشبان في التاريخ والكيمياء‪ ،‬أثبتوا أن هذا‬
‫الدوي ناتج عن استخدام النفط وهو أحد عناصر النار الحارقة؛ عندما يتم تسخينه أثناء قذف‬
‫تلكضار(‪٠)٦١‬‬

‫هذا مع مالحظة أنه مع معرفة األيوبيين بسالح النار الحارقة‪ ،‬إال أنهم استخدموه في‬
‫أضيق الحدود‪ ،‬وفي حاالت الضرورة القصوى‪ ،‬فلم يصادفنا في مختلف مصادر الصر األيوبي‪،‬‬
‫إشارات كثيرة توحي باستخدامها بصورة كبيرة أثناء المعارك البحرية الكثيرة التي داررحاها‬
‫على شواطئ مصر والشام‪ ،‬أو في تلك الحمالت البحرية التي شنها األيوبيون على مختلف‬
‫الشام‪.‬‬ ‫المدن التي استولى عليها الفرنج بسواحل بالد‬

‫كالطريدة والغراب والحراقة وغيرها‪ .‬انظر ‪ .٠‬السفن اإلسالمية‪ ،‬ص‪٠٨٣‬‬


‫(‪ )58‬القديس لويس ; ترجمة د‪ ٠‬حسن حبشي‪ ،‬القاهرة‪١٩٠٦٨.‬م‪ ،‬ص‪.١١٠٠١٠٩‬‬
‫(ألج) جالل مظهر ‪ :‬حضارة اإلسالم وأثرها في الترقي‪.‬العالمي‪ ،‬القاهرة ‪١٩٧٤‬م‪ ،‬سه‪.٣٧٦-٣٧‬‬
‫‪, ،(. 293.‬ه‪3‬أ*‪6‬ا‪6 ٨‬ااًا (‪3‬ه‪)6‬‬
‫(إه) وسام فرج ‪ :‬النار اإلغريقية‪ ،‬ص‪ ١٤٨‬؛‬
‫‪ 91-99.‬طءلز ‪٦,‬ا‪0‬اأ‪6 5٠1٧‬اةأ‪055‬م ‪ :‬حاأ‪ 8٧٢٢‬ا‪0* 1٧1‬هه‪1‬هال ‪.‬و‬
‫بحث ألقى في مؤتمر علمي انعقد في بريطانيا عام ‪١٩٧٤‬م‪ ،‬حول استخدام النار اإلغريقية‪،‬‬
‫وكيفية إطئها‪ ،‬وقد قدم كل من هولدن وبرني رسم نموذجي لكيفية عمل قاذفات النار اإلغريقية‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬وسام فرج ‪ :‬الغار اإلغريقية‪ ،‬ص‪٢‬ه ‪ ،١‬حيث أورد رسغا لذك التصور‪.‬‬
‫‪١٢٩‬‬
‫ومن ناحية أخرى فقد استخدم الفرنج الحراقات في أساطيلهم أثناء صراعهم مع‬
‫اال بين‪ ،‬ولكنها كانت تستخدم النفط بدال من تركيب النار اإلغريقية‪ ،‬اله كما سبق القول لم‬
‫يكن سر صناعة النار قد اكتشفوه بعد‪ ،‬فقد ورد في المصادر المعاصرة أن الفرنج في عام‬
‫)‪ ،‬شحنها صالح الدين األيوبي بالمؤن‬ ‫‪٨٦‬هد‪١١٩٠/‬م اعترضوا سفينة كبيرة (بطسة)(‬
‫عليها الفرنج الحصار‪ ،‬إال أن الفرنج ))خرجوا عليهم واعترضوهم في‬ ‫لنجدة عكا التي فرض‬
‫الحراقاتاا(‪ ٠)٦٣‬كذلك في عام ‪٦١٨‬د‪١٢٢١/‬م أثناء الحملة الصليبية الخامسة على دمياط‬
‫وصل إلى الفرنج مركب عظيم يسس مرمة وحوله عدة حراقات يحمونه أ(‪٠)٦٤‬‬

‫وإذا كانت البحرية األيوبية قد أهمل شأنها في الفترة التي عاصرت سقوط الدولة‬
‫األيوبية‪ ،‬والتي انتهت بقيام دولة المماليك‪ ،‬لدرجة ان األسطول أصبح مهمال‪ ،‬وصار لفظ أ‬
‫أسطولي أ الذي يحمله من يحمل في األسطول‪ ،‬من االلفاظ التي ينظر إليها بعين االحتقار‪،‬‬
‫لدرجة أن المقريزي‪ ،‬ءمدة‪٠‬مؤرخي مصر في العصور الوسطى‪ ،‬يقول إنه صارت الخدمة في‬
‫)‪.‬‬ ‫األسطول عارا يسب به الرجال(‬

‫فإنه بعد أن قبض السلطان الظاهر بيبرس (‪٦٧٦-٦٥٩‬ف‪١٢٧٧/١٢٦٠‬م) على زمام‬


‫األهور‪ ،‬واستقرت له السلطنة في معر والشام‪ ،‬أخذ في االهتمام بأمر األسطول‪ ،‬فغي عام‬
‫‪٦٦٩‬ه‪١٢٧١/٠‬م‪ ،‬ا‪ ,‬صار ينزل بنفسه إلى الصناعة بمصر(‪ ،)٦٦‬ويرتب ما يجب ترتييه من‬
‫عمل الشواني ومصالحها‪ ،‬واستدعى بشواني الثغور إلى مصر‪ ،‬فبلغت زيادة على أربدين‬
‫قطعة‪ ،‬سوى الحراريق والطرائد‪ ،‬فإنها كانت عدة كثيرة اأ(‪٠)٦٧‬‬

‫ويستخلص من النص السابق‪ :‬أن السلطان الظاهر بيبرس اهتم بأمر األسطول وما به‬

‫السفن استخدمت في الحرب والتجارة‪ ،‬وهي مأخوذة عن‬ ‫(‪ )62‬بطسة ‪ :‬وتنطق أيضا بطشة‪ ،‬نوع من‬
‫األسبانية‪ ،‬استعملها الفرنج‪ ،‬كما عرفها المسلمون من خالل الحروب الصليبية‪ .‬انظر ‪ :‬ابن واصل‬
‫‪ :‬مفرج الكروب‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ ٧٧‬هامش ‪ ١‬؛ درويش النخيلي ‪ :‬السفن اإلسالمية‪ ،‬ص‪٠١٧~١٤‬‬
‫(‪ )63‬ابن واصل ‪ :‬مفرج الكروب في أخبار بني أيوب‪ ،‬نشر ‪ :‬جمال الشيال‪ ،‬القاهرة ‪١٩٥٧‬م‪ ،‬ج‪،٢‬‬
‫ص‪.٣٣١‬‬
‫(‪ )64‬ابن االير ‪ :‬الكامل في التاريخ‪ ،-‬ج‪ ،١٢‬ص‪٠٣٢٩‬‬
‫المرنة ‪ :‬نوع من السفن الكبيرة التي استخدمها الفرنج‪ ،‬وهي مصفحة بالحديد حتى ال تؤثر‬ ‫‪٠‬‬
‫فيها النار‪ ،‬ويبدو أن الفرنج قاموا بتصنيعها لتقيهم شر النار االغريقية‪ .‬انظر ‪ :‬ابن االير ‪:‬‬
‫الكامل‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٣٢٤‬؛ ابن واصل ‪ :‬مفرج الكروب‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ٢٦٠‬هامش ‪٠١‬‬
‫(‪ )65‬المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واآلثار‪ ،‬ج ‪ ، ٢‬ص ‪٠١٩٤‬‬
‫(‪ )66‬يقصد بها دار الصناعة بمصر‪ ،‬وهي دار صناعة السفن التي كانت بساحل مصر القديمة‪ ،‬وكانت‬
‫موضع دار خديجة بئت الفتح بن خاقان أنشأها محمد بن طغج األخشيد عام ه ‪٣٢‬هلم‪٩٣٧‬م‪،‬‬
‫واستمرت قائمة بممر حتى عام ‪٧٠٠‬ه—‪١٣٠١/‬م‪ .‬انظر ة المقريزي ‪ :‬السواعظ واالعتبار‪،‬‬
‫ج‪،٢‬ص‪.١٩٦‬‬
‫(‪ )67‬المقريزي ‪ :‬المواعظ واالعتبار‪ ،‬ج‪ ، ٢‬ص ‪.١٩٤‬‬
‫‪١٣٠‬‬
‫من حراريق التي كانت جزءا هانتا في أسطوله‪ ،‬لمواصلة محاربة الصليبيين‪ ،‬تله الحراريق‬
‫التي كانت تعمل بالنار الحارقة التي احتفظ بسر صناعتها العصريون منذ أيام الفاطميين‬
‫واأليوبيين باإلضافة إلى تسليحها أبغتا بالنغط‪.‬‬

‫غير أننا‪ ،‬منذ البدايات األولى لدولة المماليك‪ ،‬الحظنا عدم توسع المماليك في استخدام‬
‫النار الحارقة فلم نعد نسمع عن تجهيز حراقات لقذف النار في المعارك البحرية التي خاض‬
‫غمارها المماليك‪ ،‬وإن كانت تلك الحراريق قد انزوت لتعمل في مياه النيل‪ ،‬في التنقل‬
‫واالحتفاالت‪.‬‬

‫فطى سبيل المثال‪ :‬يذكر المؤرخ أبو الغدا أنه عندما عزم السلطان الظاهر بيبرس علس‬
‫غزو جزيرة قبرس‪ ،‬عام ‪٦٦٩‬هلم‪١٢٧٠‬م‪ ،‬أعد أسطوال تكون من عشر شواني‪ ،‬ولما تحطمت‬
‫تلك الشواني على يد القبارسة في ميناء ليماسول (اليميسون) بقبرس أعد شواني أخرى(‪٠)٦٨‬‬

‫ولم يشر النص السابق إلى استخدام المماليك للحراقات أو النار الحارقة‪ ،‬وإنما اعتمدوا‬
‫على الشواني‪ .‬كذلك في عام ‪٧٠٢‬د‪١٣٠٣/‬م‪ ،‬أثناء سلطنة الناصر محمد بن قالوون الثانية‬
‫(‪٧٠٨-٦٩٨‬هم‪١٣٠٨- ١٢٩٨‬م) عندما ازداد خطر القراصنة الفرنج الموجودين بجزيرة‬
‫أرواد(‪ ،)٦٩‬حيث أخذوا يشنون منها هجماتهم على سفن المماليك المتجهة إلى ساحل الشام‪ ،‬قام‬
‫األمير سيف الدين اطدمر الكرجي‪ ،‬بتعمير عدة شواني‪ ،‬سيرها إلى أرواد‪ ،‬حث أنزلت عدة‬
‫هزائم بمن في هذه الجزيرة من االفرنج وخربوا أسوارها وفرضوا عليها نفوذهم( ‪٠)٧‬‬

‫مع مالحظة أنه وجدت‪ ،‬في بعض األحيان‪ ،‬داخل سالح البحرية المملوكية سفن ترسي‬
‫بالنغط وليس بالنار الحارقة‪ ،‬وهناك فرق كبير كما سبقت اإلشارة بين استخدام النفط واستخدام‬
‫النار الحارقة ‪ -‬التار اإلغريقية ‪ -‬فقد أشار المقريزي إلى أنه في نفس العام أي عام‬
‫‪٧٠٢‬د‪١٣٠٣/‬م‪ :‬أ جهزت الشواني بالعدد والسالح والتغطية واألزودة *(‪ ،)٧١‬والحظ هنا أن‬
‫المقريزي لم يشر إلى وجود حراقات داخل األسطول المملوكي وهي المجهزة لقذف سار‬
‫الحارقة‪ ،‬وإنما أشار فقط إلى وجود جماعة النفطية‪ ،‬وهم الرجال الذين يقومون بتزويد هذه‬

‫(‪ )68‬المختصر في أخبار البشر‪ ،‬القاهرة د‪.‬ت‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.٦‬‬


‫(‪ )٥٥‬جزيرة أرواد ‪ :‬يقول عنها أبو الغدا ‪ :‬جزيرة في بحر الروم قبالة انطرطوس ‪ :‬المشصر‪ ،‬ج‪،٤‬‬
‫ص‪٠٤٧‬‬
‫(ه‪ )7‬أبو الغدا ‪ :‬المختصر في أخبار البشر‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪٤٧‬؛ المقريزي ن السلوك لمعرفة دول اسوك‪،‬‬
‫القاهرة ‪١٩٧٠‬م‪،‬ج‪،١‬ق‪،٣‬ص‪.٩٢٩-٩٢٨‬‬
‫اطدمر الكرجي ‪ :‬هو اسئدر بن عبداهـ الكرجي‪ ،‬كان من جملة األمراء بالديار المصرية‪،‬‬ ‫‪٠‬‬
‫تولى نيابة طرابلس بالشام ثم تولى نيابة حماه‪ ،‬وبعدها تولى نيابة حلب‪ ،‬واستمر بها إلى أن‬
‫عزل عنها توش بالسجن عام ‪٧١١‬ه‪١٣١١/٠‬م‪ ٠‬انظر ‪ :‬ابن تفري بردي ‪ :‬المنهل الصافي‬
‫والمستوفي بعد الواش‪ ،‬القاهرة ‪١٩٨٤‬م‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪-٤٤٣‬ه‪.٤٤‬‬
‫(م اذعواءظو‪١‬الءتبار‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.١٩٤‬‬
‫‪١٣١‬‬
‫شواني بالنغط الستخدامه في القتال(‪.)٧٢‬‬

‫كذلك في أواض دولة المماليك‪ ،‬عندما عزم السلطان األشرف بريسباي(ه ‪٠٨٢‬‬
‫الطرائد واالبه ‪ ،)٧٣‬ولم‬ ‫‪٨٤١‬هـ—ا ‪١٤٣٨- ١٤٢٢‬م) على غزو جزيرة قيرس‪ ،‬أمر بتجهيز‬
‫نعد نسمع ض ذكر‪ .‬لوجود حراقات في األسطول المملوكي‪,‬‬

‫وهكذا لم يعد المماليك يستخدمون النار االغريقية أو النار الحارقة‪ ،‬واستبدلوا تركيب‬
‫تلك النار بألنغط الذي استخذموه في حراقاتهم العابرة لمياه النيل‪ ،‬ومن ثم أخذ يظهر في‬
‫مصادر العصر المملوكي مصطلح النفطية‪ ،‬وهم الرجال الذين يعملون على ظهر تلك الحراقات‬
‫ويقومون بتزويدها بقطع القماش المبللة بالنغط‪ ،‬أو إلى أولئك هرجال هذين يعملون على ظهر‬
‫النفط في القتال البحري‪ ،‬ويعود ذلك إلى أن المماليك آخذوا في‬ ‫الشواني حيث استخدم‬
‫االستفادة من آبار النفط هتي وضعوا أيديهم عليها بمنطقة البحر األسود وآذرييجان(*‪٠)٧‬‬

‫ونتيجة التوسع في استخدام النفط‪ ،‬بدال من مركب النار اإلغريقية‪ ،‬ظهرت فرقة جديدة‬
‫عصر المماليك البحرية أطلق عليها الزراقون‪ ،‬وكانت تعمل على ظهور الحراقات يرمون‬
‫األعداء بالنار الحارقة بواسطة قدور النفط‪ ،‬وشكلوا فرقة خاصة في األسطول المملوكي‪ ،‬وكان‬
‫لتلك الغرقة قائد أطلق عليه ا مقدم الزراقون*‪ ،‬ومن أشهر من تولى أمر هذه الغرقة األمير‬
‫سيف هدين كهرداس الزراق( حم‬

‫(‪ )72‬راجع البحث الذي قام به كذ من طارق منصور ومحاسن الوقاد ‪ :‬النفط استخدامه وتطوره عند‬
‫المسلعين ‪٩٢٣-٦٤‬د‪١٧-٦٨٤/‬ه‪١‬م‪ ،‬القاهرة ‪٢٠٠٦‬م‪٠‬‬
‫(ألإل) ابن تفري بردي ‪ :‬النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة‪ ،‬القاهرة ‪١٩٧١‬م‪ ،‬ج‪ ،١٤‬ص‪.٢٧٦‬‬
‫وعن تفاصيل غزوبرسباي لجزيرة قبرس‪ ،‬انطر ‪ :‬حامن زيان ة المماليك‪ ،‬القاهرة ‪٢٠١١‬م‪،‬‬
‫ص‪.١٤٤-١٤٣‬‬
‫الطرائد ‪ :‬جمع‪ ،‬والمفرد طريده‪ ،‬وهي سفينة صغيرة سريعة الحركة‪ ،‬أكثر ما كان يمل‬ ‫‪٠‬‬
‫عليها الخيل‪ .‬انظر درويش النخيلي ‪ :‬السفن الحربية‪ ،‬ص‪٨٩‬؛ سعاد ماهر ة البحرية في‬
‫مصر اإلسالمية‪ ،‬ص‪٣‬ه‪٤-٣‬ه‪.٣‬‬
‫استعملها‬ ‫األغربة ‪ :‬جمع‪ ،‬والمغرد غراب‪ ،‬وهو من المراكب البحرية شديدة الهاس‪،‬‬ ‫‪٠‬‬
‫المسلمون والغرنج على السواء‪ ،‬ومنه الصغير والكبير حسب عدد مجادينه‪ ،‬ويقول اين‬
‫مماتي أنه يطلق عليها أيطائ اسم ‪ ٠‬شيني *‪ ٠‬انظر قوانين الدواوين‪ ،‬ص‪٣٤ ٠‬؛ انظر أيفتا;‬
‫درويش النخيلي ‪ :‬السفن اإلسالمية‪ ،‬ص ‪- ١ * ٤‬ه ‪.١٠‬‬
‫(‪ )74‬فاطمة حسن وقاد‪ :‬دور األسطول المصري في الحروب الصليبية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬آداب القاهرة‬
‫‪١٩٩٨‬م‪ ،‬ص‪ .٢١٧—٢١٦‬وعن تطور استخدام النفط عند المسلمين‪ ،‬انظر‪ :‬طارق منصور‬
‫ومحاسن الوقاد‪ :‬النفط‪ :‬استخدامه وتطوره عند المسلمين ‪٩٢٣~٦٤‬ه—‪ ١٧—٦٨٤/‬ه ‪١‬م‪،‬‬
‫ص‪.١٧-١٢‬‬
‫(‪ )75‬هو سيف الدين كهرداس المنصوري‪ ،‬لعئق باسمه لقب الزراق فصار يقال له كرداس الزراق‪،‬‬
‫يقول عنه ابن حجر‪ :‬ا كان ذكيا فطنا له عناية بالكتب العلمية أ‪ ،‬تولى امر قيادة األسطول الذي‬
‫‪١٣٢‬‬
‫أما تلك النار الحارقة‪ ،‬فقد اختفى استخدامها شيائ فشينا‪ ،‬خاصة بعد اتساع استخدام‬
‫البارود في القرن التاسع الهجري ا الرايع عشر ألميالدي والخامس عشر للميالدي(‪٠)٧٦‬‬

‫توجه لغزو جزيرة أرواد عام ‪٧ * ٢‬د‪١٣٠٣/‬م‪ ،‬توفى عام ‪٧١٤‬د‪١٣١٤/‬م‪ ٠‬وجزيرة أرواد‬
‫تقع بالقرب من ساحل بالد الشام قبالة انطرطوس (طرطوس حاليا)‪ .‬انظر‪ :‬اليونيلي‪ :‬ذيل مرآة‬
‫الزمان‪ ،‬أبو ظبي ‪٢٠٠٧‬م‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص ‪٦٨١‬؛ ابن حجر‪ :‬الدرر الكامنة‪ ،‬القاهرة د ت‪ ،‬ج‪،٣‬‬
‫صه‪٦-٣٠‬ه‪.٣‬‬
‫(ج‪ )7‬ستفين رنسيمان ‪ :‬الحضارة البيزنطية‪ ،‬ص‪.١٨٣‬‬

You might also like