You are on page 1of 7

.

‫ معركة نافارين‬.. The Battle of Navarin.


‫تاريخ حاسم لألمة االسالمية ‪ 20 ..‬أكتوبر ‪1827‬م في خليج نافارين (فيلوس شرقي‬
‫بيلوبونز) جنوب اليونان‪ .‬تاريخ مهم غير مجرى التاريخ وكان له انعكاسات خطيرة الى‬
‫يومنا هذا‪ .‬في هذا اليوم وقعت واحدة من أعتى المعارك البحرية بين األساطيل العثمانية‬
‫والجزائرية والمصرية والتي كانت تشكل الدرع الواقي لألمة االسالمية ‪ ..‬وبين األساطيل‬
‫البريطانية والفرنسية والروسية من جهة أخرى‪ .‬كانت خالصتها هو اإلنهزام الذي وقع‬
‫ألكبر األساطيل البحرية في ذلك الوقت وتكالب األمم عليها ‪ .‬تحطم األسطول العثماني‪،‬‬
‫واألسطول الجزائري الذي فقد تقريبا ‪ 85‬بالمئة من قوته‪ ،‬والذي كان السبب المباشر في‬
‫‪.‬سهولة اإلستعمار الفرنسي للجزائر وكذلك األسطول المصري بقيادة إبراهيم باشا‬

‫لهذا تعتبر معركة نافارين من أسوء المعارك التي خاضتها القوات العثمانية في البحر‬
‫المتوسط وذلك لما خلفته من آثار خطيرة أدت إلى انهزام األمة اإلسالمية تماما ووقوعها‬
‫تحت نير اإلستعمار الغربي الحاقد الذي كان يخطط من القديم لإلستيالء على أهم المراكز‬
‫اإلستراتيجية أهمها الجزائر وبالتالي التمهيد لبسط السيطرة على القارة اإلفريقية ككل وهو‬
‫األمر الذي حدث مباشرة بعد سنوات فقط من وقوع المعركة وكذلك بسط السيطرة على‬
‫‪.‬البحر المتوسط وإضعاف قوة الدولة العثمانية وانفصال اليونان التي كانت تابعة لها‬

‫الخلفية التاريخية‬

‫عام ‪ 1821‬كانت اليونان جزٌء من اإلمبراطورية العثمانية عدا الجزر الفينيسية والتي كانت‬
‫‪..‬تحت سيطرة الفينيسيين وبعدهاالفرنسيين وفي عام ‪ 1815‬وقعت بيد البريطانيين‬
‫بدأت بذور الثورة اليونانية بالظهور من خالل نشاطات أخوية الصداقة وتلفظ ‪ :‬فيليكي‬
‫إيثيريا باليونانية‪ ،‬وهي منظمة وطنية سرية تأسست عام ‪1814‬م في أوديسا الواقعة اليوم‬
‫في أوكرانيا وفي تلك الفترة كانت رغبة اإلستقالل متفشية بين اليونانيين بجميع طبقاتهم‬
‫وفئاتهم‪ ،‬بعد أن تم شحن مشاعرهم الوطنية لفترة طويلة من الزمن بفضل جهود الكنيسة‬
‫اليونانية األرثوذكسية التي كانت تعمل على تعزيز روح القومية الهيلينية أو اليونانية في‬
‫نفوس أتباعها‪ ،‬وقد كانت الكنيسة حينها الحصن األخيرللغة اليونانية والمسؤول اإلداري عن‬
‫‪.‬اليونانيين أمام السلطان العثماني‬

‫ومن العوامل التي ساعدت أيضًا على اندالع الحرب‪ ،‬النمو االقتصادي في اليونان والتأثر‬
‫باألفكار الثورية الغربية التي ألهبت في نفوس اليونانيين الغيرة على قوميتهم ووطنهم‪ ..‬؟‬

‫بداية الحرب‬

‫اندلعت شرارة الحرب في شهر آذار‪/‬مارس عام‪ 1821‬عندما قام أليكساندروس إبسيالنتيس‬
‫زعيم الفليكي إيثيريا بعبورنهر بروت اتجاه مولودافيا الرومانية والتي كانت حينها مقاطعة‬
‫عثمانية‪ ،‬وكانت برفقته فرقة صغيرة من ‪ 4500‬محارب يوناني وكان أليكساندروس يأمل‬
‫بأن تحض تحركاته الريفيين الرومانيين للتمرد على األتراك‪ ،‬ولكن بدال من ذلك قام‬
‫الرومانيون بمهاجمة األثرياء من بني جلدتهم فاضطرألكسندروس ورجاله للفرار سريعًا من‬
‫‪.‬أمام وجه العثمانيين‬
‫ولكن في نفس تلك الفترة انتفض اليونانيين ضد الحكم التركي في شبه جزيرة بيلوبونيس‬
‫شمال خليج كورنتوس والتي تشكل جزء كبير من مساحة البالد‪ ،‬وكان البطريرك‬
‫األرثوذكسي جريجوريوس المقيم في إستانبول هو المحرك األول لهذه الثورة‪ ،‬ويجمع كل‬
‫‪.‬خيوطها في يديه‬

‫تأثر عدد من الشباب اليوناني الذي كان خارج اليونان بشعارات الثورة الفرنسية‪ ،‬فأنشئوا‬
‫العديد من الجمعيات في فرنسا والنمسا وغيرها من الدول األوربية‪ ،‬كان أهمها‪ :‬جمعية‬
‫‪.‬الفكرة العظمى‬

‫قامت هذه الجمعيات اليونانية بأنشطة سرية داخل اليونان وغيرها‪ ،‬وأخذت تجند الكثير من‬
‫اليونانيين ألفكارها‪ ،‬وكان من بين تلك األهداف‪ :‬إحياء اإلمبراطورية البيزنطية‪ ،‬واسترداد‬
‫إستانبول باعتبارها ملكا لألرثوذكس وإخراج األتراك من أوربا‪ ،‬ودفعهم ثانية إلى قارة آسيا‬
‫‪.‬التي خرجوا منها‬
‫رأت روسيا في الثورة اليونانية فرصة لتمزيق الدولة العثمانية التي تناصبها العداء‪ ،‬ورأى‬
‫ألكسندر األول قيصر روسيا أن مساندة اليونانيين ستخدم المصالح الروسية‪ ،‬حيث ستظهر‬
‫الروس حماة للمذهب األرثوذكسي في العالم‪ ،‬وهو ما سيقود إلى تأليب كثير من العناصر‬
‫األرثوذكسية داخل الدولة العثمانية‪ ،‬مما سيضعفها عن مواجهة روسيا في أي حرب مقبلة‪،‬‬
‫خاصة أن الناطقين باللغة اليونانية ضمن الدولة العثمانية كانوا يتمركزون في المورة‬
‫وكريت وقبرص‪ ،‬وكان هؤالء يشكلون ما يقرب من نصف سكان تلك المناطق‪ ،‬أي إنهم‬
‫يتفوقون على العنصر التركي الموجود بين ظهرانيهم‪ ،‬مما يجعل أي ثورة ذات قوة‬
‫‪.‬وعنفوان ودموية في ذات الوقت‬

‫اكتشاف الرأس المدبر‬

‫تعجبت الدولة العثمانية من الدموية التي مارسها الثوار اليونانيون ضد األتراك رغم أن‬
‫الدولة العثمانية كفلت لهم حرية المذهب‪ ،‬وحالت دون سحق الكاثوليك لألرثوذكس في كثير‬
‫‪.‬من المناطق‪ .‬وكان السلطان العثماني يعتبر نفسه حامي المذهب األرثوذكسي‬

‫استطاعت المخابرات العثمانية أن تحدد الرأس المدبر وهو بطريرك القسطنطينية‬


‫األرثوذكسي جريجوريوس الخامس المقيم في إستانبول‪ ،‬فأمر السلطان العثماني محمود‬
‫الثاني بتفتيش مقره بدقة‪ ،‬وعثر على أوراق تثبت ضلوعه في الثورة وقيامه بمراسالت مع‬
‫الدول األوربية وحثها على مساندة اليونانيين‪ ،‬ومن ذلك الرسالة التي بعث بها إلى قيصر‬
‫‪.‬روسيا يبين له كيفية هدم الدولة العثمانية‬

‫وإمعانا في صرف األنظار عنه أصدر جريجوريوس حرمانا كنسيا لكل من يشارك في تلك‬
‫‪.‬الثورة‪ ،‬لكن هذه الحيلة لم تخدع العثمانيين‬

‫وقد أمر السلطان محمود الثاني بالقبض على جريجوريوس‪ ،‬حيث اعترف بجميع أنشطته‬
‫في الثورة‪ ،‬ومن َث م صدر الحكم بإعدامه ونفذ في يوم عيد الفصح عند األرثوذكس (‪ 20‬من‬
‫رجب ‪ 1236‬هـ= ‪ 22‬من إبريل ‪1821‬م) في بطريركية فنار وظل معلقا ‪ 3‬أيام‪ ،‬مكتوبا‬
‫في عنقه لوحة بخيانته للدولة العثمانية‪ ،‬وتم تعيين بطريك جديد‪ ،‬وأغلق الباب الذي أعدم‬
‫أمامه جريجوريوس‪ ،‬وأصر البطريرك الجديد أال يفتح حتى يعدم أمامه رئيس حكومة أو‬
‫دولة تركي‪ ،‬وما زال مغلقا من يومها‪ ،‬وأعدم عدد من القساوسة واألعيان الذين شاركوا في‬
‫‪.‬تلك الثورة‬

‫التفت بعدها مجموعة من يونانيي إسطنبول حول البطريرك الجديد في إدانة التمرد‪ ،‬وفي‬
‫تاريخ ‪ 25‬مارس ‪1821‬م(يوم عيد اإلستقالل في اليونان)‪ ،‬قام جيرمانوس مطران باتراس‬
‫برفع علم الثورة في دير آيا الفرا بالقرب من كاال فريتا هاتفًا الحرية أو الموت‪ ،‬لتصبح‬
‫‪.‬كلماته تلك الشعار الذي تبناه الثوار في السنين الالحقة‬

‫المطران األرثوذكسي جيرمانوس يبارك علم الثورة اليونانية في دير آيا الفرالوحة زيتية‬
‫للرسام اليوناني ثيودوروس فرايزاكيس‪1865‬م‬

‫بدأت حدة المعارك تتصاعد شيئًا فشيئًا متسببًة بمجازر من قبل الطرفين‪ ،‬ففي جزيرة‬
‫شيوس قتل العثمانيون ‪ 25000‬يوناني‪ ،‬بينما قتل اليونانيون ‪15000‬من األربعين ألف‬
‫تركي المقيمين في شبه جزيرة بيلوبونيس‪ .‬وسرعان ما تدخل إبراهيم باشا أيضا إلخماد‬
‫‪.‬الثورة‬
‫األسباب العامة لمعركة نافارين‬

‫الخوف من التوسع العثماني في أوروبا الشرقية حيث استطاع الجيش العثماني الوصول ‪-‬‬
‫إلى أسوار مدينة فيينا وأيضا الفتوحات االسالمية التي وصلت إلى منطقة القوقاز بما يعرف‬
‫‪.‬اليوم بالشيشان وداغستان‬

‫رغبة التملك والتسلط التي كانت عند قياصرة روسيا ( نيقوال االول‪ ،‬الكسندر الثاني ) ‪-‬‬
‫حيث رأت روسيا في الثورة اليونانية فرصةالضعاف الدولة العثمانية‪ ،‬فقام ألكسندر األول‬
‫بمساندة اليونانيين‪ ،‬تحت غطاء حماية األرثوذكس في العالم‪ ،‬خاصة أن اليونان التمركزون‬
‫في المورة و كريت و قبرص‪ ،‬حيث يشكلون ما يقرب من نصف سكانالمناطق‪ ،‬أي إنهم‬
‫يتفوقون على العنصر التركي الموجود بين ظهرانيهم‪ ،‬مما يجعل أي ثورة ذات قوة‬
‫‪.‬وعنفوان ودموية في ذات الوقت‬

‫باتفاقية لندن في ‪ 6‬جويلية ‪ 1827‬صارت كل من فرنسا ‪،‬بريطانيا العظمى و روسيا‬


‫ضامني الحكم الذاتي لليونان في إطار الخالفة العثمانية‪ .‬حيث ان الثوار اليونانيون قبلوا‬
‫‪.‬التسوية بسهولة‬

‫اتفقت القوات األوروبية الثالثة على إرسال أسطول بحري لمضايقة قوات إبراهيم باشا و‬
‫إجباره على إخالء بيلوبونيز الحالية ‪ ،‬قاد األسطول نائب أمير البحر ادوارد قودرينكتن‪،‬‬
‫‪.‬هنري دي رنيي و لوقين بيتروفيتش قيدن و تقرر فقط استظهار القوة ال المواجهة‬

‫األسباب المباشرة‬

‫كان األسطول العثماني راسيا في خليج نافارين و كانت البارجة دارتموث قصدته مرتين‬
‫لتعرض على ابراهيم باشا شروط اخالء الخليج المقترحة من طرف القوات الثالثة‪ .‬لكن‬
‫إبراهيم باشا رفض ‪ ،‬فقرر األدميرالٌ قودرنكتن استعراض القوة في ‪ 20‬أكتوبر ‪،1827‬‬
‫مغتنما رياح جنوبية غربية ‪ ،‬دخل شراعيا في الخليج معززا ب ‪ 11‬سفسنة بريطانية و ‪8‬‬
‫سفن روسية و ‪ 7‬سفن فرنسية معززا ب‪ 1270‬مدفعا أما القوات العثمانية فكانت متكونة‬
‫‪.‬من ‪ 82‬مركبا ‪ 2438‬فوهة نارية و ‪ 16000‬رجال‬

‫دخلت مراكب الحلفاء في الخليج متراصة بعضها البعض و على مرمى هدف من‬
‫‪.‬العثمانيين‪ .‬أرسل أميرالبحرٌ قودرنكتن زورقا للتفاوض مع إبراهيم باشا‬

‫كانت حراقة حارسة في حدود الخط العثماني الشمالي ‪ ،‬تهدد مباشرة البارجة الدارثموت‬
‫التي يقودهاالمالزم فيتزوري‪ ،‬و طلب منه االبتعاد‪ ,‬فقامت الحراقة الحارسة العثمانية‬
‫باطالق النار على السفينة البريطانية‪ ،‬فقتلت المالزم فيتزوري‪ ،‬أول ضحية في المعركة و‬
‫عددا من مجدفيه‪ .‬قامت البارجتان الدارثموت و السيران بالرد و بدأت المعركة بينما لم تبدأ‬
‫‪.‬بوارج األمراء تبادل أي طلقة نارية كما أرادته العادة‬

‫نتائج المعركة‬

‫تعد معركة نافارين واحدة من المعارك البحرية التي غيرت مجرى التاريخ وغيرت مواقع‬
‫الكثير من القوى المعروفة آنذاك‪ .‬كانت خالصتها هو اإلنهزام الذي وقع ألكبر األساطيل‬
‫البحرية‪ ،‬وهو تحطم األسطول العثماني‪،‬‬
‫كذلك األسطول المصري بقيادة إبراهيم باشا‪.‬‬
‫الجزائر التي وجهت غالبية قطعها الحربية‪ ،‬لمساندة األسطول العثماني ضد القوى‬
‫البريطانية الفرنسية و الروسية‪ ،‬قادت معركة بحرية في غاية الشراسة‪ ،‬كل الهجمات‬
‫تركزت على األسطول الجزائري الذي فقد معظم قطعه‪.‬‬
‫ترتب بعد المعركة ضعف عسكري جزائري في البحر فاتحا الباب أمام الهجومات المعادية‬
‫و مما شجع شارل العاشر ملك فرنسا على فرض حصار بحري و الذي انتهى باحتالل‬
‫الجزائر في ‪ 1830‬ثالث سنوات بعد معركة نافارين‬

You might also like