Professional Documents
Culture Documents
لهذا تعتبر معركة نافارين من أسوء المعارك التي خاضتها القوات العثمانية في البحر
المتوسط وذلك لما خلفته من آثار خطيرة أدت إلى انهزام األمة اإلسالمية تماما ووقوعها
تحت نير اإلستعمار الغربي الحاقد الذي كان يخطط من القديم لإلستيالء على أهم المراكز
اإلستراتيجية أهمها الجزائر وبالتالي التمهيد لبسط السيطرة على القارة اإلفريقية ككل وهو
األمر الذي حدث مباشرة بعد سنوات فقط من وقوع المعركة وكذلك بسط السيطرة على
.البحر المتوسط وإضعاف قوة الدولة العثمانية وانفصال اليونان التي كانت تابعة لها
الخلفية التاريخية
عام 1821كانت اليونان جزٌء من اإلمبراطورية العثمانية عدا الجزر الفينيسية والتي كانت
..تحت سيطرة الفينيسيين وبعدهاالفرنسيين وفي عام 1815وقعت بيد البريطانيين
بدأت بذور الثورة اليونانية بالظهور من خالل نشاطات أخوية الصداقة وتلفظ :فيليكي
إيثيريا باليونانية ،وهي منظمة وطنية سرية تأسست عام 1814م في أوديسا الواقعة اليوم
في أوكرانيا وفي تلك الفترة كانت رغبة اإلستقالل متفشية بين اليونانيين بجميع طبقاتهم
وفئاتهم ،بعد أن تم شحن مشاعرهم الوطنية لفترة طويلة من الزمن بفضل جهود الكنيسة
اليونانية األرثوذكسية التي كانت تعمل على تعزيز روح القومية الهيلينية أو اليونانية في
نفوس أتباعها ،وقد كانت الكنيسة حينها الحصن األخيرللغة اليونانية والمسؤول اإلداري عن
.اليونانيين أمام السلطان العثماني
ومن العوامل التي ساعدت أيضًا على اندالع الحرب ،النمو االقتصادي في اليونان والتأثر
باألفكار الثورية الغربية التي ألهبت في نفوس اليونانيين الغيرة على قوميتهم ووطنهم ..؟
بداية الحرب
اندلعت شرارة الحرب في شهر آذار/مارس عام 1821عندما قام أليكساندروس إبسيالنتيس
زعيم الفليكي إيثيريا بعبورنهر بروت اتجاه مولودافيا الرومانية والتي كانت حينها مقاطعة
عثمانية ،وكانت برفقته فرقة صغيرة من 4500محارب يوناني وكان أليكساندروس يأمل
بأن تحض تحركاته الريفيين الرومانيين للتمرد على األتراك ،ولكن بدال من ذلك قام
الرومانيون بمهاجمة األثرياء من بني جلدتهم فاضطرألكسندروس ورجاله للفرار سريعًا من
.أمام وجه العثمانيين
ولكن في نفس تلك الفترة انتفض اليونانيين ضد الحكم التركي في شبه جزيرة بيلوبونيس
شمال خليج كورنتوس والتي تشكل جزء كبير من مساحة البالد ،وكان البطريرك
األرثوذكسي جريجوريوس المقيم في إستانبول هو المحرك األول لهذه الثورة ،ويجمع كل
.خيوطها في يديه
تأثر عدد من الشباب اليوناني الذي كان خارج اليونان بشعارات الثورة الفرنسية ،فأنشئوا
العديد من الجمعيات في فرنسا والنمسا وغيرها من الدول األوربية ،كان أهمها :جمعية
.الفكرة العظمى
قامت هذه الجمعيات اليونانية بأنشطة سرية داخل اليونان وغيرها ،وأخذت تجند الكثير من
اليونانيين ألفكارها ،وكان من بين تلك األهداف :إحياء اإلمبراطورية البيزنطية ،واسترداد
إستانبول باعتبارها ملكا لألرثوذكس وإخراج األتراك من أوربا ،ودفعهم ثانية إلى قارة آسيا
.التي خرجوا منها
رأت روسيا في الثورة اليونانية فرصة لتمزيق الدولة العثمانية التي تناصبها العداء ،ورأى
ألكسندر األول قيصر روسيا أن مساندة اليونانيين ستخدم المصالح الروسية ،حيث ستظهر
الروس حماة للمذهب األرثوذكسي في العالم ،وهو ما سيقود إلى تأليب كثير من العناصر
األرثوذكسية داخل الدولة العثمانية ،مما سيضعفها عن مواجهة روسيا في أي حرب مقبلة،
خاصة أن الناطقين باللغة اليونانية ضمن الدولة العثمانية كانوا يتمركزون في المورة
وكريت وقبرص ،وكان هؤالء يشكلون ما يقرب من نصف سكان تلك المناطق ،أي إنهم
يتفوقون على العنصر التركي الموجود بين ظهرانيهم ،مما يجعل أي ثورة ذات قوة
.وعنفوان ودموية في ذات الوقت
تعجبت الدولة العثمانية من الدموية التي مارسها الثوار اليونانيون ضد األتراك رغم أن
الدولة العثمانية كفلت لهم حرية المذهب ،وحالت دون سحق الكاثوليك لألرثوذكس في كثير
.من المناطق .وكان السلطان العثماني يعتبر نفسه حامي المذهب األرثوذكسي
وإمعانا في صرف األنظار عنه أصدر جريجوريوس حرمانا كنسيا لكل من يشارك في تلك
.الثورة ،لكن هذه الحيلة لم تخدع العثمانيين
وقد أمر السلطان محمود الثاني بالقبض على جريجوريوس ،حيث اعترف بجميع أنشطته
في الثورة ،ومن َث م صدر الحكم بإعدامه ونفذ في يوم عيد الفصح عند األرثوذكس ( 20من
رجب 1236هـ= 22من إبريل 1821م) في بطريركية فنار وظل معلقا 3أيام ،مكتوبا
في عنقه لوحة بخيانته للدولة العثمانية ،وتم تعيين بطريك جديد ،وأغلق الباب الذي أعدم
أمامه جريجوريوس ،وأصر البطريرك الجديد أال يفتح حتى يعدم أمامه رئيس حكومة أو
دولة تركي ،وما زال مغلقا من يومها ،وأعدم عدد من القساوسة واألعيان الذين شاركوا في
.تلك الثورة
التفت بعدها مجموعة من يونانيي إسطنبول حول البطريرك الجديد في إدانة التمرد ،وفي
تاريخ 25مارس 1821م(يوم عيد اإلستقالل في اليونان) ،قام جيرمانوس مطران باتراس
برفع علم الثورة في دير آيا الفرا بالقرب من كاال فريتا هاتفًا الحرية أو الموت ،لتصبح
.كلماته تلك الشعار الذي تبناه الثوار في السنين الالحقة
المطران األرثوذكسي جيرمانوس يبارك علم الثورة اليونانية في دير آيا الفرالوحة زيتية
للرسام اليوناني ثيودوروس فرايزاكيس1865م
بدأت حدة المعارك تتصاعد شيئًا فشيئًا متسببًة بمجازر من قبل الطرفين ،ففي جزيرة
شيوس قتل العثمانيون 25000يوناني ،بينما قتل اليونانيون 15000من األربعين ألف
تركي المقيمين في شبه جزيرة بيلوبونيس .وسرعان ما تدخل إبراهيم باشا أيضا إلخماد
.الثورة
األسباب العامة لمعركة نافارين
الخوف من التوسع العثماني في أوروبا الشرقية حيث استطاع الجيش العثماني الوصول -
إلى أسوار مدينة فيينا وأيضا الفتوحات االسالمية التي وصلت إلى منطقة القوقاز بما يعرف
.اليوم بالشيشان وداغستان
رغبة التملك والتسلط التي كانت عند قياصرة روسيا ( نيقوال االول ،الكسندر الثاني ) -
حيث رأت روسيا في الثورة اليونانية فرصةالضعاف الدولة العثمانية ،فقام ألكسندر األول
بمساندة اليونانيين ،تحت غطاء حماية األرثوذكس في العالم ،خاصة أن اليونان التمركزون
في المورة و كريت و قبرص ،حيث يشكلون ما يقرب من نصف سكانالمناطق ،أي إنهم
يتفوقون على العنصر التركي الموجود بين ظهرانيهم ،مما يجعل أي ثورة ذات قوة
.وعنفوان ودموية في ذات الوقت
اتفقت القوات األوروبية الثالثة على إرسال أسطول بحري لمضايقة قوات إبراهيم باشا و
إجباره على إخالء بيلوبونيز الحالية ،قاد األسطول نائب أمير البحر ادوارد قودرينكتن،
.هنري دي رنيي و لوقين بيتروفيتش قيدن و تقرر فقط استظهار القوة ال المواجهة
األسباب المباشرة
كان األسطول العثماني راسيا في خليج نافارين و كانت البارجة دارتموث قصدته مرتين
لتعرض على ابراهيم باشا شروط اخالء الخليج المقترحة من طرف القوات الثالثة .لكن
إبراهيم باشا رفض ،فقرر األدميرالٌ قودرنكتن استعراض القوة في 20أكتوبر ،1827
مغتنما رياح جنوبية غربية ،دخل شراعيا في الخليج معززا ب 11سفسنة بريطانية و 8
سفن روسية و 7سفن فرنسية معززا ب 1270مدفعا أما القوات العثمانية فكانت متكونة
.من 82مركبا 2438فوهة نارية و 16000رجال
دخلت مراكب الحلفاء في الخليج متراصة بعضها البعض و على مرمى هدف من
.العثمانيين .أرسل أميرالبحرٌ قودرنكتن زورقا للتفاوض مع إبراهيم باشا
كانت حراقة حارسة في حدود الخط العثماني الشمالي ،تهدد مباشرة البارجة الدارثموت
التي يقودهاالمالزم فيتزوري ،و طلب منه االبتعاد ,فقامت الحراقة الحارسة العثمانية
باطالق النار على السفينة البريطانية ،فقتلت المالزم فيتزوري ،أول ضحية في المعركة و
عددا من مجدفيه .قامت البارجتان الدارثموت و السيران بالرد و بدأت المعركة بينما لم تبدأ
.بوارج األمراء تبادل أي طلقة نارية كما أرادته العادة
نتائج المعركة
تعد معركة نافارين واحدة من المعارك البحرية التي غيرت مجرى التاريخ وغيرت مواقع
الكثير من القوى المعروفة آنذاك .كانت خالصتها هو اإلنهزام الذي وقع ألكبر األساطيل
البحرية ،وهو تحطم األسطول العثماني،
كذلك األسطول المصري بقيادة إبراهيم باشا.
الجزائر التي وجهت غالبية قطعها الحربية ،لمساندة األسطول العثماني ضد القوى
البريطانية الفرنسية و الروسية ،قادت معركة بحرية في غاية الشراسة ،كل الهجمات
تركزت على األسطول الجزائري الذي فقد معظم قطعه.
ترتب بعد المعركة ضعف عسكري جزائري في البحر فاتحا الباب أمام الهجومات المعادية
و مما شجع شارل العاشر ملك فرنسا على فرض حصار بحري و الذي انتهى باحتالل
الجزائر في 1830ثالث سنوات بعد معركة نافارين