Professional Documents
Culture Documents
نسبة للساللة الكومنينية .حكم أباطرة آل كومنين الخمسة (ألكسيوس ً تعرف الفترة بين عامي 1185-1081عادة باسم العهد الكومنيني
األول ويوحنا الثاني وعمانوئيل األول وألكسيوس الثاني وأندرونيكوس األول) 104عا ًم ا مشرفين على استعادة ثابتة ولكن غير كاملة
للوضع العسكري والتوسعي واالقتصادي والسياسي لإلمبراطورية البيزنطية .ومع أن السالجقة األتراك احتلّوا األناضول وهو قلب
اإلمبراطورية ،فإن أغلب الجهود العسكرية البيزنطية قد وجهت ضد القوى الغربية وباألخص النورمان .لعبت اإلمبراطورية تحت حكم
آل كومنين دورً ا ها ًم ا في الحروب الصليبية والتي ساهم ألكسيوس األول في تسهيل مهمتها ،كما مارست اإلمبراطورية ً
نفوذا سياسيًا
ضا االتصال وثقافيًا هائاًل على أوروبا والشرق األدنى واألراضي المحيطة بالمتوسط في عهدي يوحنا الثاني وعمانوئيل األول .ازداد أي ً
بين بيزنطة والغرب «الالتيني» بما فيه الدويالت الصليبية خالل العهد الكومنيني .أصبح البنادقة وغيرهم من التجار اإليطاليين من
المقيمين في القسطنطينية واإلمبراطورية بأعداد كبيرة (قدر وجود 60,000التيني في القسطنطينية وحدها التي بلغ تعداد سكانها ثالثمئة
أو أربعمئة ألف شخص) حيث ساهم وجودهم باإلضافة إلى األعداد الكبيرة من المرتزقة الالتين الذين وظفهم عمانوئيل األول في نشر
الفن واألدب والثقافة البيزنطية في الغرب الالتيني بينما قاد أيضً ا إلى تدفق األفكار والعادات الغربية إلى اإلمبراطورية .أما بخصوص
حياة االزدهار والثقافة فكان العهد الكومنيني إحدى الذرا البيزنطية .وظلت القسطنطينية في عهدهم المدينة الرائدة في العالم المسيحي من
حيث الحجم والثراء والثقافة .كما تجدد االهتمام بالفلسفة اإلغريقية الكالسيكية ،باإلضافة إلى تزايد الناتج األدبي باليونانية العامية .احتل
األدب والفن البيزنطيان مكانة بارزة في أوروبا حيث كان التأثير الثقافي للفن البيزنطي على الغرب خالل هذه الفترة هائاًل وذا أهمية
.طويلة األمد
بعد معركة مالذكرد ( ) 1171أصبح التعافي الجزئي (المشار إليه باسم استعادة كومنيني) ممك ًنا من قِبل ساللة آل كومنين .وصل
الكومنينيون إلى السلطة مرة أخرى تحت قيادة ألكسيوس األول في عام .1081ومنذ بداية حكمه واجه هجومًا هائالً ش ّن ُه النورمان بقيادة
روبرت جيسكارد وابنه بوهيموند األول والذين استولوا على ديرهاخيوم وكورفو ،وفرضوا حصارً ا على الريسا في ثيساليا .خففت وفاة
روبرت جيسكارد عام 1085مؤق ًت ا من مشكلة النورمان .في العام التالي توفي السلطان السلجوقي ،وانقسمت السلطنة السلجوقية بسبب
بض عليهم على حين غرة وُأبيدوا في معركة ليفونيون في 28 الخصومات الداخلية .بفضل جهوده الخاصة هزم ألكسيوس البجناك .قُ َ
.أبريل 1091
اإلمبراطورية البيزنطية ودولة سالجقة الروم قبل الحملة الصليبية األولى ()1099-1095
بعد تحقيق االستقرار في الغرب حوّ ل ألكسيوس األول انتباهه إلى الصعوبات االقتصادية الشديدة وتفكك الدفاعات التقليدية لإلمبراطورية.
ومع ذلك لم يكن لديه ما يكفي من القوة البشرية الستعادة األراضي المفقودة في األناضول والتقدم ضد السالجقة .وأشار المؤرخان بروس
واتسون وإدوارد بيترز أنه في مجمع بياتشنزا الكاثوليكي الذي عُقد عام 1095تحدث مبعوثو ألكسيوس إلى البابا أوربانوس الثاني حول
« .معاناة مسيحيي الشرق» ،وأكدوا أنهم بدون مساعدة من الغرب ستستمر معاناتهم تحت الحكم اإلسالمي
رأى أوربانوس في طلب ألكسيوس فرصة مزدوجة لتدعيم أوروبا الغربية وإعادة توحيد الكنيسة األرثوذكسية الشرقية مع الكنيسة
وحث جميع الحاضرين على ّ الرومانية الكاثوليكية تحت حكمه .في 27نوفمبر 1095دعا البابا أوربانوس الثاني لعقد مجمع كليرمون،
حمل السالح تحت راية الصليب وإطالق رحلة حج مسلح الستعادة القدس والشرق من المسلمين .كانت االستجابة في أوروبا الغربية
.ساحقة
توقع ألكسيوس األول المساعدة على شكل قوات مرتزقة من الغرب ،لكنه لم يكن مستع ًدا تمامًا للقوة الهائلة وغير المنضبطة التي سرعان
ما وصلت إلى األراضي البيزنطية ،ولم يشعر بالراحة عندما علم أن أربعة من القادة الثمانية للكتلة الرئيسية للحملة الصليبية كانوا من
النورمان ومن بينهم بوهيموند .منذ اضطرت الحملة إلى المرور عبر القسطنطينية كان لإلمبراطور بعض السيطرة عليها .لقد طلب من
قادتها أن يقسموا على أن يعيدوا إلى اإلمبراطورية أي مدن أو مناطق قد يعيدون احتاللها من األتراك في طريقهم إلى األرض المقدسة.
.وبالمقابل أعطاهم أدلة ومرافقة عسكرية
تمكن ألكسيوس األول من استعادة عدد من المدن والجزر المهمة وجزء كبير من غرب األناضول .وافق الصليبيون على أن يصبحوا
ً
نهاية لتهديد النورمان خالل فترة حكمه .تابعين أللكسيوس بموجب معاهدة ديفول عام ،1108والتي كانت
فسيفساء من آيا صوفيا ،القسطنطينية (إسطنبول حاليًا) ،تصوّ ر مريم العذراء ويسوع ،يحيط بهم يوحنا الثاني كومنين (يسار) وزوجته
.إيرين المجرية (يمين)( ،القرن الثاني عشر)
.اإلمبراطورية البيزنطية باللون البرتقالي ،ثمانينات القرن الثاني عشر أواخر حقبة آل كومنين
خلف يوحنا الثاني كومنين (حكم )1143-1118والده ألكسيوس األول .كان يوحنا إمبراطورً ا تقيًا ومخلصً ا ،وكان مصممًا على إصالح
الضرر الذي لحق باإلمبراطورية في معركة مالذكرد قبل نصف قرن .اشتهر يوحنا بوج ٍه ملحوظٍ بتقواه وحكمه المعتدل والعادل ،وكان
.مثااًل استثنائيًا للحاكم األخالقي في وقت كانت فيه القسوة هي القاعدة .لهذا السبب ُأطلق عليه ماركوس أوريليوس البيزنطي
خالل فترة حكمه التي استمرت خمسة وعشرين عا ًم ا أقام يوحنا تحالفات مع اإلمبراطورية الرومانية المقدسة في الغرب وهزم بطريقة
حاسمة البجناك في معركة بيرويا ،وأحبط التهديدات المجرية والصربية خالل عشرينيات القرن الحادي عشر ،وفي عام 1130تحالف
.مع اإلمبراطور األلماني لوثر الثالث ضد روجر الثاني ملك صقلية النورماندي
في الجزء األخير من عهده ركز يوحنا أنشطته على الشرق ،وقاد شخصيًا العديد من الحمالت ضد األتراك في األناضول .غيّرت حمالته
بوجه أساسي ميزان القوى في الشرق ،مما أجبر األتراك على الدفاع ،بينما أعاد العديد من البلدات والحصون والمدن عبر شبه الجزيرة
إلى البيزنطيين .هزم إمارة الدانشمنديين في ملطية وأعاد احتالل قيليقية بأكملها ،بينما أجبر ريموند الثاني أمير أنطاكية على االعتراف
بالسيادة البيزنطية .وفي محاولة إلثبات دور اإلمبراطور قائ ًد ا للعالم المسيحي سار يوحنا إلى األراضي المقدسة على رأس القوات
ً
نشاطا كبيراً في الحملة ،إال أن آماله خابت بفعل خيانة حلفائه الصليبيين .عام المشتركة لإلمبراطورية والدول الصليبية؛ ومع أنه أبدى
1142.عاد يوحنا للضغط بشأن مطالباته بأنطاكية وكانت كونتية صليبية ،لكنه توفي في ربيع عام 1143بعد حادث صيد
كان وريث يوحنا المختار هو ابنه الرابع عمانوئيل كومنينوس الذي شن حملة عدوانية ضد جيرانه في كل من الغرب والشرق .في
فلسطين تحالف عمانوئيل مع مملكة بيت المقدس الصليبية وأرسل أسطواًل كبيرً ا للمشاركة في غزو مشترك لمصر الفاطمية .عزز
عمانوئيل موقعه حام ًي ا للدول الصليبية مع هيمنته على أنطاكية والقدس باتفاق مع أرناط أمير أنطاكية ،وعموري األول ملك القدس .في
محاولة الستعادة السيطرة البيزنطية على موانئ جنوب إيطاليا أرسل رحلة استكشافية إليها عام ،1155لكن الخالفات داخل التحالف
أدت إلى فشل الحملة في نهاية المطاف .وبالرغم من هذه النكسة العسكرية نجحت جيوش عمانوئيل في غزو المناطق الجنوبية من مملكة
المجر عام ،1167وهزمت المجريين في معركة سيرميوم .بحلول عام 1168كان ما يقرب من كامل الساحل الشرقي للبحر
األدرياتيكي وقع في يد عمانوئيل .أقام عمانوئيل عدة تحالفات مع البابا والممالك المسيحية الغربية ،ونجح في إمرار الحملة الصليبية
.الثانية عام 1145عبر إمبراطوريته
في الشرق عانى عمانوئيل من هزيمة كبرى في عام 1176في معركة ميريوكيفالون ضد األتراك .ومع ذلك اس ُت ِردَّت الخسائر بسرعة،
وفي العام التالي ألحقت قوات عمانوئيل هزيمة بقو ٍة من نخبة المقاتلين األتراك .لم يُحضر القائد البيزنطي جون فاتاتزيس الذي دمر الغزاة
األتراك في معركة هيليون وليموشير القوات من العاصمة فحسب ،بل تمكن أيضً ا من حشد جيش على طول الطريق في إشارة إلى أن
.الجيش البيزنطي ظل قويًا وأن النظام الدفاعي غرب األناضول اليزال ناجحً ا
طالع أيضً ا :الحضارة البيزنطية في القرن الثاني عشر والجيش البيزنطي (العصر الكومنيني)
رثاء المسيح ( ،) 1164لوحة جدارية من كنيسة القديس بانتيليمون في نيريزي-مقدونيا الشمالية ،تعتبر مثااًل رائعً ا للفن الكومنيني في
.القرن الثاني عشر
خالل القرن الثاني عشر شهدت حضارة اإلمبراطورية البيزنطية فترة من التغيير والتطور المكثف ،ما حدا ببعض المؤرخين لإلشارة إلى
صا في مجالين من ً
مهمة خصو ً «عصر نهضة» في القرن الثاني عشر في اإلنجاز الثقافي والفكري البيزنطي .كانت هذه التغييرات
.مجاالت الحضارة البيزنطية؛ ازدهارها االقتصادي ،وإنجازاتها الفنية
ً
نشطة ،واستخدم كالهما موار َد كبير ًة في عمليات الحصار ودفاعات المدينة ،وكانت ً
عسكرية ت
اتبع يوحنا الثاني وعمانوئيل األول سياسا ٍ
سياسات التحصين العدوانية في جوهر سياساتهم العسكرية اإلمبريالية .بغض النظر عن هزيمة ميريوكيفالون أدت سياسات ألكسيوس
األول ويوحنا الثاني وعمانوئيل األول إلى مكاسب إقليمية واسعة ،وزيادة االستقرار الحدودي في األناضول ،وتأمين استقرار الحدود
األوروبية لإلمبراطورية .من ثمانينات القرن الحادي عشر إلى ثمانينات القرن الثاني عشر حافظ جيش آل كومنين على أمن
.اإلمبراطورية ،مما مكن الحضارة البيزنطية من االزدهار
سمح ذلك للمقاطعات الغربية بتحقيق انتعاش اقتصادي استمر حتى نهاية القرن .لقد قيل إن بيزنطة تحت الحكم الكومنيني كانت أكثر
ازدهارً ا من أي وقت مضى منذ الغزوات الفارسية في القرن السابع .خالل القرن الثاني عشر ارتفعت مستويات دخل السكان ،ودخلت
مساحات شاسعة من األراضي الزراعية الجديدة في اإلنتاج .تظهر األدلة األثرية من كل من أوروبا واألناضول زيادة كبيرة في حجم
المستوطنات الحضرية إلى جانب زيادة ملحوظة في المدن الجديدة ،كما كانت التجارة مزدهرة .فتح سكان البندقية وجنوا وغيرهم موانئ
ومصر الفاطمية إلى الغرب والتداول ): Outremerباإلنجليزية( بحر إيجة للتجارة وشحن البضائع من مملكتي بيت المقدس (آوترمر)
.مع اإلمبراطورية عبر القسطنطينية
ّأث رت الثروة الجديدة -التي تولدت خالل هذه الفترة -إيجابًا على الحياة الثقافية البيزنطية .من الناحية الفنية كان هناك إحياء في فن
الفسيفساء ،وبدأت المدارس اإلقليمية للهندسة المعمارية في إنتاج العديد من األساليب المميزة التي استندت إلى مجموعة من التأثيرات
ً
نهضة في االهتمام بالمؤلفين الكالسيكيين .وجدت الثقافية .خالل القرن الثاني عشر قدم البيزنطيون نموذجهم للنهضة اإلنسانية المبكرة؛
تميز ا في أستاثيوس التسالونيكي .وفي الفلسفة كانت هناك عودة للتعلم الكالسيكي لم يُشهد مثلها منذً اإلنسانية البيزنطية تعبيرها األكثر
القرن السابع ،تميزت بزيادة كبيرة في نشر التعليقات على األعمال الكالسيكية .إلى جانب ذلك حدث النقل األول للمعرفة اليونانية
.الكالسيكية إلى الغرب خالل الفترة الكومنينية
عمومًا نظرً ا لزيادة عدد السكان واالزدهار الكبير في هذه الفترة يبدو أن االنتعاش االقتصادي في بيزنطة قد عزز األساس االقتصادي
للدولة .يساعد هذا في تبيان كيف تمكن أباطرة األسرة الكومنينية (عمانوئيل كومنينوس على وجه الخصوص) من إبراز قوتهم وتأثيرهم
على نطاق واسع في هذا الوقت .حيث عمل على استعادة اإلمبراطورية البيزنطية إلى سالف أمجادها قو ًة عظمى في منطقة البحر األبيض
المتوسط ،ومع ذلك فإن هذا لم يكن األثر الوحيد للتوسع االقتصادي في اإلمبراطورية ،فقد كان التأثير على الثقافة والمجتمع البيزنطيين
.عمي ًقا أيضًا
االنحدار والتفكك
ساللة أنجيلوس
تركت وفاة عمانوئيل األول كومنينوس في 24سبتمبر 1180ابنه ألكسيوس الثاني كومنينوس البالغ من العمر 11عامًا على العرش.
كان ألكسيوس غير كفء للغاية في المنصب ،ولم تكن وصاية والدته ماريا األنطاكية على العرش محبوبة بين الناس بسبب خلفيّتها
الفرنجية .في النهاية أطلق أندرونيكوس األول كومنينوس حفيد ألكسيوس األول ثورة ضد قريبه األصغر وتمكن من اإلطاحة به في
انقالب عنيف .مستغاًل مظهره الجميل وشعبيته الهائلة في الجيش سار إلى القسطنطينية في أغسطس 1182وحرض على مذبحة ضد
الالتين .وبعد القضاء على منافسيه المحتملين توج نفسه إمبراطورً ا مشار ًكا في سبتمبر .1183وأزاح ألكسيوس الثاني وأخذ زوجته
.الفرنسية أغنيس البالغة من العمر 12عامًا لنفسه
جيد ا ،وأشاد المؤرخون على الخصوص باإلجراءات التي اتخذها إلصالح حكومة اإلمبراطورية .وف ًقا لجورج بدأ أندرونيكوس حكمه ً
أوستروغورسكي كان أندرونيكوس مصم ًم ا على استئصال الفساد؛ ففي ظل حكمه توقف بيع المكاتب؛ كان االختيار على أساس الجدارة
وليس المحسوبية؛ ُد فعت رواتب مناسبة للمسؤولين للحد من إغراء الرشوة .وفي المقاطعات أدت إصالحات أندرونيكوس إلى تحسن
سريع وملحوظ .كان األرستقراطيون غاضبين منه ،ومما زاد الطين بلة أن أندرونيكوس أصبح غير متزن على نحو متزايد؛ وأصبحت
عمليات اإلعدام والعنف شائعة بدرجة متزايدة ،وتحول عهده إلى عهد الرعب .بدا أندرونيكوس يسعى إلبادة الطبقة األرستقراطية ككل.
.تحول النضال ضد الطبقة األرستقراطية إلى مذابح جماعية ،بينما لجأ اإلمبراطور إلى المزيد من اإلجراءات القاسية لتدعيم نظامه
ومع أنه ذو خلفية عسكرية فشل أندرونيكوس في التعامل مع إسحاق كومنينوس ،وبيال الثالث ملك المجر (حكم )1196-1172الذي
أعاد ض ّم كرواتيا إلى المجر ،وستيفن نيمانيا من صربيا (حكم )1196-1166الذي أعلن استقالله عن اإلمبراطورية البيزنطية .ومع
ذلك اليمكن مقارنة أي من هذه المشاكل مع قوة ويليام الثاني ملك صقلية (حكم )1189-1166الغازية ،والمكونة من 300سفينة و
80,000رجل ،والتي وصلت عام .1185حشد أندرونيكوس أسطواًل صغيرً ا من 100سفينة للدفاع عن العاصمة ،كما لم يكن مباليًا
بالسكانُ .أ َ
طيح به أخيرً ا عندما استولى إسحاق أنجيلوس -بعدما نجا من محاولة اغتيال إمبراطورية -على السلطة بمساعدة الشعب وقتل
.أندرونيكوس عام 1185
شهد عهد إسحاق الثاني وكذلك عهد أخيه ألكسيوس الثالث انهيار ما تبقى من اآللية المركزية للحكومة والدفاع البيزنطيين .مع أن
النورمانديين ُ
طردوا من اليونان ،لكن في عام 1186بدأ الفالش والبلغار تمر ًد ا أدى إلى تشكيل اإلمبراطورية البلغارية الثانية .تميزت
السياسة الداخلية لساللة أنجيلوس بتبديد الثروة العامة وسوء اإلدارة المالية .ضعفت السلطة اإلمبراطورية بشدة ،وشجع الفراغ المتزايد
في وسط اإلمبراطورية على التجزئة .هناك أدلة على أن بعض ورثة آل كومنين أقاموا دولة شبه مستقلة في طرابزون قبل عام .1204
وف ًق ا ألليكساندر فاسيليف« :ساللة أنجيلوس اليونانية األصل ... ،عجلت من خراب اإلمبراطورية ،التي أضعفت بالفعل في الخارج
».وانفصلت من الداخل
في عام 1198تطرق البابا إينوسنت الثالث إلى موضوع حملة صليبية جديدة عبر المندوبين والرسائل العامة .كان الهدف المعلن للحملة
صيف عام 1202واستأجر َ هو غزو مصر التي أصبحت حينها مركز القوة اإلسالمية في المشرق .وصل الجيش الصليبي إلى البندقية
أسطولها لنقل أفراده إلى مصر .ولمكافأة البنادقة استولى الصليبيون على ميناء زارا (المسيحي) في دالماسيا (مدينة تابعة للبندقية تمردت
ووضعت نفسها تحت حماية المجر عام .) 1186بعد ذلك بوقت قصير أجرى ألكسيوس أنجيلوس -نجل اإلمبراطور المخلوع والكفيف
ت مع الصليبيين .عرض ألكسيوس إعادة توحيد الكنيسة البيزنطية مع روما ،ودفع 200ألف مارك إسحاق الثاني أنجيلوس -اتصاال ٍ
فضية للصليبيين ،واالنضمام إلى الحملة الصليبية ،وتوفير كل اإلمدادات التي يحتاجونها للوصول إلى مصر .بغية تمكينه من استعادة
.العرش
وصل الصليبيون إلى القسطنطينية في صيف عام 1203وهاجموا بسرعة ،مما أدى إلى اندالع حريق كبير دمر أجزاء كبيرة من
المدينة ،واستولوا عليها لفترة وجيزة .فرَّ ألكسيوس الثالث من العاصمة وارتقى ألكسيوس الرابع أنجيلوس العرش مع والده الكفيف إسحاق
الثاني .لم يتمكن ألكسيوس الرابع ووالده من الوفاء بوعودهما وخلعهما ألكسيوس الخامس .استولى الصليبيون على المدينة مرة أخرى في
13أبريل 1204وتعرضت القسطنطينية للنهب والمذابح ثانية لمدة ثالثة أيام .ظهرت العديد من األيقونات واآلثار وغيرها من األشياء
التي التقدر بثمن في وقت الحق في أوروبا الغربية ،وعدد كبير منها في البندقية .وف ًقا لشوناتس ُع ّي َنت عاهرة على العرش البطريركي.
عندما اس ُت عيدَ النظام شرع الصليبيون والبنادقة في تنفيذ اتفاقهم؛ ان ُت َ
خب بالدوين األول إمبراطورً ا على اإلمبراطورية الالتينية الجديدة
واختير توماس موروسيني البندقي بطرير ًك ا .تضمنت األراضي المقسمة بين القادة معظم الممتلكات البيزنطية السابقة ،مع أن المقاومة َ
استم ّر ت في أنحاء اإلمبراطورية المتبقية في نيقية ،طرابزون ،وإبيروس .ومع أن البندقية كانت مهتمة بالتجارة أكثر من احتالل
األراضي ،إال أنها احتلت مناطق رئيسية في القسطنطينية وحصل دوق البندقية على لقب «سيّد ربع ونصف ربع اإلمبراطورية
».الرومانية
السقوط
اإلمبراطورية في المنفى
بعد نهب الصليبيين القسطنطينية عام ُ 1204أنشئت واليتان خليفتان لبيزنطة :إمبراطورية نيقية وديسبوتية إبيروس .وُأنشئت الثالثة
إمبراطورية طرابزون بقيادة ألكسيوس كومنينوس ،قائد الحملة الجورجية في الخالدية .قبل أسابيع قليلة من نهب القسطنطينية وجد
ص ب نفسه على طرابزون .من بين الواليات الثالث الخليفات حظيت إبيروس ونيقية ألكسيوس نفسه إمبراطورً ا بحكم األمر الواقع ،ون ّ
بأفضل فرصة الستعادة القسطنطينية .كافحت إمبراطورية نيقية لتبقى موجودة خالل العقود القليلة التالية ،وبحلول منتصف القرن الثالث
عشر كانت فقدت الكثير من األراضي في جنوب األناضول .سمح ضعف دولة سالجقة الروم بعد الغزو المغولي في 1243-42للكثير
من األمراء والغزاة بتأسيس إماراتهم الخاصة في األناضول ،مما أضعف سيطرة البيزنطيين على آسيا الصغرى .مع الوقت أنشأ أحد
األمراء؛ عثمان األول إمبراطورية من شأنها أن تغزو القسطنطينية في نهاية المطاف .وبالرغم من ذلك أعطى الغزو المغولي نيقية أيضًا
.فترة راحة مؤقتة من هجمات السالجقة ،مما سمح لها بالتركيز على اإلمبراطورية الالتينية في شمالها
استعادة القسطنطينية
استطاعت إمبراطورية نيقية -التي أسستها ساللة السكاريس -أن تلعب دورً ا في استعادة القسطنطينية من الالتين في عام 1261وهزيمة
إبيروس .أدى ذلك إلى إحياء قصير األمد لبيزنطة تحت حكم ميخائيل الثامن باليولوج ،لكن اإلمبراطورية التي دمرتها الحرب لم تكن
مجهزة للتعامل مع األعداء الذين أحاطوا بها .سحب ميخائيل القوات من األناضول للحفاظ على حملته ضد الالتين وفرض ضرائب
باهظة على الفالحين ،مما تسبب باستياء شديد .انتهت مشاريع البناء الضخمة في القسطنطينية إلصالح أضرار الحملة الصليبية الرابعة،
.لكن أ ًي ا من هذه المبادرات لم تكن مصدر ارتياح للمزارعين في األناضول الذين عانوا من غارات الغزاة المسلمين
بدالً من االحتفاظ بممتلكاته في آسيا الصغرى اختار ميخائيل توسيع اإلمبراطورية ،وحقق نجاحً ا قصير المدى فقط .وأجبر الكنيسة على
الخضوع لروما كح ّل مؤقت لتجنب نهب الالتين للعاصمة مرة أخرى ،وبسبب ذلك كره القرويون ميخائيل والقسطنطينية .كانت جهود
أندرونيكوس الثاني والح ًق ا حفيده أندرونيكوس الثالث تمثل آخر محاوالت بيزنطة الحقيقية الستعادة مجد اإلمبراطورية .ومع ذلك فإن
استخدام أندرونيكوس الثاني للمرتزقة غالبًا ماأتى بنتائج عكسية ،مع تخريب الشركة القطلونية للريف وتزايد االستياء