Professional Documents
Culture Documents
Day 1 - أربعة آلاف أسبوع - إدارة الوقت للبشر
Day 1 - أربعة آلاف أسبوع - إدارة الوقت للبشر
أوليفر بوركمان
أوليفر بوركمان هو مؤلف الترياق :السعادة لألشخاص الذين ال يستطيعون التفكير اإليجابي وكاتب سيناريو حائز على
جائزة لصحيفة الجارديان ،حيث كتب عمو ًدا أسبوعيًا في علم النفس بعنوان هذا العمود سيغير حياتك .وقد نشرت أعماله
في صحيفة نيويورك تايمز ،وول ستريت جورنال ،علم النفس والفيلسوف الجديد ،من بين منشورات أخرى.
يقدم أوليفر بوركمان دليالً مسليا ً وفكاهيا ً وعمليا ً وعميقا ً في نهاية المطاف إلدارة الوقت والوقت ،باالعتماد على رؤى
الفالسفة وعلماء النفس والمعلمين الروحيين القدماء والمعاصرين .رفضًا للهوس الحديث الصغير بـ "القيام بكل شيء"،
يقدم أربعة آالف أسبوع للقراء أدوات لبناء حياة ذات مغزى من خالل تبني المحدودية ،مما يدل على أن الطرق غير
الضرورية للتفكير في الوقت ليست حقائق حتمية وغير قابلة للتغيير ،بل خيارات قمنا بها كأفراد وكمجتمع ،وأنه يمكننا أن
نفعل األشياء بشكل مختلف.
المقدمة
هذه المساحة الممنوحة لنا تندفع بسرعة وبسرعة بحيث أن كل أولئك الذين ينقذون عد ًدا قليالً ج ًدا يجدون الحياة في
نهايتها تمامًا كما يستعدون للعيش .سينيكا
متوسط عمر اإلنسان مخيف ومهين بشكل سخيف .لوضع األمور في نصابها الصحيح ،ظهر أول إنسان حديث في السهول
األفريقية قبل 200ألف سنة على األقل ،ويقدر العلماء أن الحياة ستستمر بشكل أو بآخر لمدة 1.5مليار سنة أو أكثر حتى
تقتل حرارة الشمس المتزايدة آخر كائن حي .اذا أظن سيكون لديك حوالي أربعة آالف أسبوع إذا كنت تعيش حتى الثمانين.
إدارة الوقت هي كل ما في الحياة .ومع ذلك ،فإن االنضباط الحديث إلدارة الوقت هو أمر محبط بعقل ضيق ،يركز على
حشو أكبر عدد ممكن من مهام العمل ،أو إنشاء روتين صباحي مثالي ،أو طهي جميع وجبات العشاء خالل أيام األسبوع
في دفعة واحدة كبيرة يوم األحد .هذه األمور ،بال شك ،مهمة إلى حد ما- .أليس هذا هو ما يه ّم؟
هناك العديد من المعضالت اإلنسانية الخالدة ،مثل من يجب أن يتزوج ،وما إذا كان لديه أطفال ،ونوع العمل الذي يجب
متابعته .سيكون األمر أقل إزعاجً ا إذا كان لدينا آالف السنين لنعيشها ألنه سيكون لدينا ما يكفي من الوقت لقضاء عقود في
تجربة كل وجود ممكن .من ناحية أخرى ،ضع في اعتبارك كل التكنولوجيا المصممة لمنحنا ميزة بمرور الوقت :من
خالل كل منطق سليم ،في عالم به غساالت الصحون وأجهزة الميكروويف والمحركات النفاثة ،يجب أن يشعر الوقت
بمزيد من االتساع والوفرة ،وذلك بفضل جميع الساعات التي تم إصدارها .ومع ذلك ،هذه ليست تجربة أي شخص .بدالً
من ذلك ،تسرع الحياة ويصبح الجميع أكثر صبرً ا.
مفارقة التقييد
هناك عيب كبير في إعطاء القليل من التفكير للفكرة المجردة للوقت :إنها تحد بشدة مما يمكنك تحقيقه .عندما ننظر إلى
الوقت في المجرد ،فمن الطبيعي أن نعتبره موردا ،أو شيئا لشراء وبيع واستخدام بأكبر قدر ممكن من الكفاءة ،مثل الفحم
والحديد أو أي مواد خام أخرى .عندما يصبح الوقت مور ًدا الستخدامه ،تبدأ في الشعور بالضغط الستخدامه بشكل جيد،
سواء من القوى الخارجية أو داخل نفسك وانتقاد نفسك عندما تعتقد أنك أهدرته.
في مواجهة الكثير من المطالب ،من السهل االعتقاد بأن الحل الوحيد هو االستفادة بشكل أفضل من الوقت من خالل أن
تصبح أكثر كفاءة ،أو دفع نفسك أكثر صعوبة أو العمل لفترات أطول كما لو كنت آلة في الثورة الصناعية .نتيجة لذلك،
ً
ارتباطا وثي ًقا بكيفية استخدامك للوقت :فهو يتوقف عن أن يكون ببساطة الماء الذي تسبح فيه. ً
مرتبطا يصبح تقديرك لذاتك
يصبح شيًئ ا تشعر أنك بحاجة إلى السيطرة عليه أو السيطرة عليه من أجل تجنب الشعور بالذنب أو الذعر أو اإلرهاق.
تنبع عالقتنا المضطربة مع الوقت في المقام األول من نفس الرغبة في تجنب القيود غير السارة للواقع .ومعظم
استراتيجيات اإلنتاجية لدينا تفاقم المشكلة ألنها مجرد طرق إلطالة التجنب .بعد كل شيء ،فإن التعامل مع محدودية وقتك
أمر مؤلم ألنه يعني أنه سيتعين عليك اتخاذ قرارات صعبة ولن تتمكن من القيام بكل ما تتخيل القيام به .من الصعب أيضًا
قبول سيطرتك المحدودة على الوقت الذي لديك .ونتيجة لذلك ،بدالً من مواجهة قيودنا ،نستخدم استراتيجيات التجنب في
محاولة للحفاظ على إحساسنا بعدم المحدودية.
لتخدير أنفسنا عاطفياً ،نمأل عقولنا باألرق واإللهاء .إنكار الواقع ،من ناحية أخرى ،ال ينجح أب ًدا .يمكن أن يوفر بعض
الراحة الفورية ألنه يسمح لك باالستمرار في االعتقاد بأنك ستشعر بالسيطرة الكاملة في مرحلة ما في المستقبل .ولكن ال
يمكن أبدا أن تجعلك تشعر وكأنك تفعل ما يكفي .كلما حاولت إدارة وقتك للحصول على السيطرة الكاملة والتحرر من
ً
وإحباطا .ولكن كلما واجهت حقائق المحدودية القيود الحتمية لكونك إنسا ًنا ،كلما أصبحت الحياة أكثر إرها ًقا وفرا ًغا
والعمل معها ،بدالً من مواجهتها ،كلما أصبحت الحياة أكثر إنتاجية وهادفة وبهيجة.
فخ اإلنتاجية
كلما أصبحت أكثر كفاءة ،كلما أصبحت "خزا ًنا غير محدود لتوقعات اآلخرين".
لقد أصبح من الطبيعي أن تشعر بأن عليك أن تفعل أكثر مما تستطيع .هذه الفكرة غير منطقية :إذا لم يكن لديك وقت لكل ما
تريد القيام به ،افترض أنه يجب عليك القيام بذلك ،أو أن اآلخرين يضغطون عليك للقيام بذلك ،فلن يكون لديك وقت -
بغض النظر عن مدى خطورة عواقب عدم القيام بذلك كله قد يكون .لذلك ،من الناحية النظرية ،فإن االنزعاج من قائمة
المهام الساحقة أمر غير منطقي .سوف تفعل ما تستطيع ولن تفعل ما ال تستطيع ،والصوت الداخلي القمعي الذي يخبرك
أن عليك أن تفعل كل شيء هو خطأ.
ال يوجد سبب لالعتقاد بأن مجرد القيام بالمزيد سيجعلك تشعر "فوق األشياء" أو يسمح لك بأخذ الوقت من كل ما يهم .بادئ
ذي بدء ،ما "يهم" هو ذاتي ،لذلك ليس لديك أي سبب لالعتقاد بأنه سيكون هناك وقت ألي شيء تراه أنت أو صاحب العمل
أو ثقافتك مهمًا .ومع ذلك ،إذا تمكنت من التأقلم ،ستالحظ أن األهداف تبدأ في التغيير :ستبدو المزيد من األشياء ضرورية
أو ذات مغزى أو إلزامية .اكتسب سمعة إلنجاز المهام بسرعة ،وسيتم منحك المزيد.
إن جعل نفسك أكثر كفاءة -سواء من خالل تقنيات اإلنتاجية المختلفة أو دفع نفسك أكثر صعوبة -لن يؤدي عادة إلى
متساو ،ستزداد المطالب لتعويض الفوائد .بدال من جعل األشياء تحدث،
ٍ الشعور بأن لديك "وق ًتا كافيًا" ألن كل شيء آخر
سوف تخترع أشياء جديدة .عندما تتوقف عن االستثمار في فكرة أنك ستحقق يومًا ما راحة البال من خالل أخذ المزيد،
يصبح من األسهل العثور على راحة البال في الوقت الحاضر ،في خضم المطالب الساحقة ،ألنك لم تعد تجعل راحة البال
تعتمد على تلبية جميع المطالب .عندما تتوقف عن االعتقاد بأنه يمكن تجنب القرارات الصعبة ،يصبح من األسهل اتخاذ
قرارات أفضل .تبدأ في إدراك أنه عندما يكون هناك الكثير من األشياء التي يجب القيام بها ،وستكون هناك دائمًا ،فإن
الطريقة الوحيدة لتحقيق الحرية النفسية هي التخلي عن خيال القيام بكل شيء والتركيز على أشياء معينة مهمة.
في الواقع ،وقتك قد انتهى ؛ القيام بأي شيء يتطلب التضحية بكل األشياء األخرى التي كان يمكنك القيام بها في ذلك
الوقت .إذا لم تتوقف أب ًدا عن سؤال نفسك عما إذا كانت التضحية تستحق ذلك ،فستبدأ أيامك تلقائيًا في ملء ليس فقط
المزيد من األشياء ،ولكن أشياء أكثر تافهة أو مملة .عندما تفهم ح ًقا أنك ستفتقد كل تجربة يقدمها العالم تقريبًا ،فإن حقيقة
وجود تجربة واحدة حتى تختبرها لن تكون مشكلة .بدال من ذلك ،يمكنك التركيز على االستفادة الكاملة من شريحة صغيرة
من الخبرات لديك الوقت ل -وكلما كنت حرا في اختيار ما يهم أكثر في كل لحظة.
مواجهة المحدودية
نحن نتحدث عن وجود وقت محدود .ولكن قد يكون من المنطقي أكثر ،من وجهة نظر هايدغر الغريبة ،أن نقول إننا فترة
زمنية محدودة .هذه هي الطريقة التي يحددنا بها وقتنا المحدود .إن وقتنا المحدود ليس مجرد أحد األشياء المختلفة التي
يتعين علينا التعامل معها ؛ بدالً من ذلك ،إنه الشيء الذي يعرفنا كبشر قبل أن نبدأ في التعامل مع أي شيء.
نحن نبني حياة من خالل اتخاذ مئات الخيارات الصغيرة على مدار اليوم ،ولكننا أيضًا نغلق بشكل دائم إمكانية وجود عدد
ال يحصى من الخيارات األخرى .وبالتالي ،فإن كل الحياة المحدودة هي موجة ال نهاية لها من الوداع لإلمكانية .والسؤال
الحقيقي الوحيد حول هذا الغموض هو ما إذا كنا مستعدين للتعامل معه .وهذا ،وف ًقا لهايدغر ،هو التحدي الرئيسي للوجود
البشري :ألن المحدودية تحدد حياتنا ،فإن عيش حياة أصيلة ح ًقا -أن تصبح إنسا ًنا بالكامل -ينطوي على مواجهة هذه
الحقيقة.
بدالً من تولي مسؤولية حياتنا ،نبحث عن االنحرافات أو نفقد أنفسنا في الصخب والصخب والروتين اليومي لننسى وضعنا
الحقيقي .أو نحاول تجنب المسؤولية الثقيلة المتمثلة في اتخاذ قرار بشأن ما يجب القيام به في وقتنا المحدود من خالل إقناع
أنفسنا بأنه ليس لدينا خيار -أنه يتعين علينا الزواج ،أو البقاء في عمل يدمر الروح ،أو القيام بشيء آخر لمجرد أنه
الشيء القيام به.
تسويف
بقبول أنه ال يستطيع إكمال جميع مهامه ،يختار المماطل الجيد المهام التي يجب تحديد أولوياتها وتلك التي يجب تجاهلها
بأكبر قدر ممكن من الحكمة .من ناحية أخرى ،يصبح المماطل السيئ مشلواًل على وجه التحديد ألنه ال يستطيع تحمل فكرة
مواجهة حدوده .بالنسبة له ،التسويف هو استراتيجية التجنب العاطفي -وسيلة لتجنب الضيق النفسي الذي يأتي مع قبول
أنه إنسان محدود.
يوضح العديد من الفالسفة أن التحدي الرئيسي إلدارة وقتنا المحدود ليس أن نفعل كل شيء ،ولكن أن نقرر بحكمة ما ال
نفعله وكيف نشعر بالسالم حيال عدم القيام بذلك .نحن بحاجة إلى تحسين مهارات التسويف لدينا .المماطلة أمر ال مفر منه:
في الواقع ،سوف تماطل في كل شيء تقريبًا في مرحلة ما ،وبحلول نهاية حياتك لن تكون قد فعلت شيًئ ا تقريبًا مما كان
بإمكانك فعله نظريًا .لذا فإن الهدف ليس القضاء على المماطلة ،ولكن اختيار ما سوف المماطلة على أكثر حكمة للتركيز
على ما يهم أكثر.
السؤال الحاسم ليس كيفية التمييز بين األنشطة التي تهم وتلك التي ال تهم ،بل ما يجب القيام به عندما تبدو الكثير من
األشياء مهمة إلى حد ما على األقل ،وبالتالي يمكن وصفها بأنها أحجار كبيرة .المبدأ األول هو أن تدفع لنفسك أوالً عندما
يحين الوقت .المشكلة هي أننا سيئون في التخطيط طويل األجل :إذا كان هناك شيء يبدو مهمًا اآلن ،فمن المستحيل تقريبًا
التنبؤ بما إذا كان سيظل في غضون أسبوع أو شهر .ونتيجة لذلك ،فإننا بطبيعة الحال نخطئ في جانب اإلنفاق ،فقط لنشعر
بالذنب في وقت الحق عندما ال يتبقى شيء إلنقاذ .إذا كنت تخطط لقضاء بعض األسابيع األربعة آالف الخاصة بك في
فعل ما يهمك أكثر ،فعليك أن تبدأ في القيام بذلك.
المبدأ الثاني هو الحد من عملك الجاري .عندما تحاول بدء العديد من المشاريع في وقت واحد ،تشعر أنك تتقدم ،لكن هذا
ليس صحيحً ا .بدالً من ذلك ،ما يحدث عادة هو أنك ال تحرز أي تقدم على اإلطالق .النهج البديل هو الحد من عدد
المشاريع التي يمكنك العمل عليها في أي وقت .بدالً من محاولة القيام بكل شيء ،فإن مجرد القيام ببعض األشياء في يوم
معين سيحدث فر ًقا .المبدأ الثالث هو مقاومة جاذبية األولويات المتوسطة .كما تشير الكاتبة إليزابيث جيلبرت ،من السهل
ج ًدا افتراض أن األمر ينطوي ببساطة على إيجاد الشجاعة لرفض العديد من األشياء المملة التي لم تكن تريد القيام بها في
المقام األول .في الواقع ،تشرح" :األمر أصعب بكثير من ذلك .عليك أن تتعلم أن تبدأ في قول ال لألشياء التي تريد القيام
بها ،مع االعتراف بأن لديك حياة واحدة فقط.
اإللهاء
اإللهاء هو مشكلة .بعد كل شيء ،ال يهم مدى التزامك باالستفادة القصوى من وقتك المحدود إذا تم جذب انتباهك يومًا بعد
يوم بأشياء لم ترغب أب ًدا في التركيز عليها .معظم الوقت نحن مشتتون .شيء ما فينا يريد أن يصرف انتباهه ،سواء من
خالل أجهزتنا الرقمية أو أي شيء آخر .ومع ذلك ،فإن التشتيت ليس ظاهرة جديدة.
كان الفالسفة منشغلين باإللهاء منذ اإلغريق القدماء ،الذين رأوا أنه مسألة شخصية -فشل داخلي منهجي في قضاء بعض
الوقت في ما ُزعم أنه األكثر قيمة .إن منطقهم في التعامل مع اإللهاء بسيط :ما تنتبه إليه يحدد ما هو الواقع.
مجموع كل ما تهتم به هو تجربتك في أن تكون على قيد الحياة .بالنظر إلى نهاية حياتك ،فإن كل ما جذب انتباهك من
لحظة إلى أخرى هو ببساطة ما كانت عليه حياتك .ليس من المبالغة القول أنه عندما تولي اهتماما لشيء ال تقدره بشكل
خاص ،فإنك تدفع بحياتك.
من ناحية أخرى ،التخطيط ضروري لبناء حياة ذات مغزى والوفاء بمسؤولياتنا تجاه اآلخرين .المشكلة الحقيقية هي عدم
التخطيط .هو أننا نأخذ خططنا لشيء ليسوا عليه .نريد أن نضع خططنا تحت سيطرتنا .لكن أي خطة هي بيان نوايا في
الوقت الحالي .إنه يعبر عن أفكارك حول الطريقة المثالية التي ترغب في نشر تأثيرك المتواضع على المستقبل .المستقبل،
بطبيعة الحال ،ال يجب أن تمتثل.
هناك معنى آخر يبدو فيه أن التعامل مع الوقت على أنه شيء نملكه ونتحكم فيه يجعل الحياة أسوأ .نصبح في نهاية
المطاف مهووسين بـ "استخدامه بشكل جيد" ،ونكتشف حقيقة مؤسفة :كلما ركزت أكثر على االستفادة الجيدة من الوقت،
كلما بدأ كل يوم في الشعور بأنه شيء يجب عليك المرور به في الطريق إلى نقطة أكثر هدوءًا وأفضل وأكثر إشباعًا في
المستقبل ال يحدث أب ًدا في الواقع.
نحن نرى الوقت كأداة لنا ألنه يساعدنا على التحكم في حياتنا .طالما كنت تعتقد أن المعنى الحقيقي للحياة يكمن في مكان ما
في المستقبل ،يمكنك تجنب مواجهة الواقع القبيح أن حياتك ال تؤدي إلى لحظة الحقيقة التي لم تصل بعد .إن هوسنا
باستخراج أعظم قيمة مستقبلية من عصرنا يعمينا عن حقيقة أن الحياة ليست أكثر من سلسلة من اللحظات الحالية ،التي
تنتهي بالموت ،وأنك ربما لن تصل أب ًدا إلى نقطة تشعر فيها أن لديك أشياء في حالة عمل مثالية .وبالتالي ،من األفضل لك
التوقف عن تأجيل "المعنى الحقيقي" لوجودك في المستقبل ورمي نفسك في الحياة اآلن.
من المستحيل من الناحية الفنية عدم القيام بأي شيء على اإلطالق :طالما كنت على قيد الحياة ،فأنت تتنفس باستمرار،
وتتبنى وضعية جسدية ،وما إلى ذلك .لذا فإن تدريب نفسك على "عدم القيام بأي شيء" يعني مقاومة الرغبة في التالعب
بتجربتك أو األشخاص واألشياء في بيئتك .يعلم يونغ التأمل "ال تفعل شيًئ ا" ،حيث تتمثل التعليمات في ضبط مؤقت ،ربما
لمدة خمس أو عشر دقائق فقط في البداية ،والجلوس على كرسي ،ثم التوقف عن محاولة فعل أي شيء .توقف عن فعل ما
تفعله في كل مرة تالحظ فيها أنك تفعله ،سواء كان ذلك التفكير أو التركيز على تنفسك أو أي شيء آخر .استمر في التوقف
حتى يتم إيقاف تشغيل المؤقت.
"ال شيء أصعب من ال شيء" ،تكتب الكاتبة والفنانة جيني أوديل .لكن التحسين يعني استعادة استقالليتك -التوقف عن
التحفيز لتجنب ما يشعر به الواقع في الوقت الحالي ،والتهدئة ،واتخاذ خيارات أفضل مع وقتك المحدود على األرض.
انتظروا
الصبر هو وسيلة يمكن من خاللها إيجاد شكل أعمق من الحرية عن طريق االستسالم للقيود الزمنية .الصبر هو تعديل
نفسي لنقص القوة ،وهو موقف يهدف إلى مساعدتك على االستسالم لموقفك المتواضع على أمل أيام أفضل في المستقبل.
ومع ذلك ،مع تقدم المجتمع ،يتغير شيء ما .أصبح الصبر على نحو متزايد شكالً من أشكال القوة في مجموعة متنوعة من
السياقات .في عالم موجه نحو السرعة ،فإن القدرة على مقاومة الرغبة في التعجيل -للسماح لألشياء بأخذ وقتها -هي
طريقة للسيطرة على العالم ،والقيام بالعمل المهم ،واستخالص الرضا من العمل نفسه ،بدالً من تأجيل كل إنجازاتك في
المستقبل.
نحن منزعجون جدا من تجربة السماح للواقع أن يتكشف في وتيرته الخاصة أنه عندما تواجه مشكلة ،فمن األفضل لتشغيل
إلى حل طالما أننا يمكن أن نقول ألنفسنا أننا "تجهيز" الوضع ،وبالتالي الحفاظ على الوهم من السيطرة .لذلك ،بدالً من
االستماع إلى شركائنا ،ننتقدهم ألن االنتظار واالستماع سيجعلنا نشعر أنه ليس لدينا سيطرة على الموقف .أو نتخلى عن
المشاريع اإلبداعية الصعبة أو العالقات الرومانسية المتنامية ألن هناك عدم يقين أقل في مجرد إلغاء األشياء من االنتظار
لنرى كيف تتطور.
في الممارسة العملية ،هناك ثالث قواعد أساسية مفيدة بشكل خاص لتسخير قوة الصبر كقوة إبداعية في الحياة اليومية.
األول هو تطوير طعم لوجود مشاكل .وراء رغبتنا في االندفاع من خالل كل عقبة أو تحد لوضع حد لها ،وعادة ما يكون
هناك الخيال الضمني أنك سوف تصل في يوم من األيام إلى حالة عدم وجود مشاكل على اإلطالق .ومع ذلك ،فإن حالة
عدم وجود مشاكل لن تحدث أبدا .واألهم من ذلك ،أنك لن ترغب في ذلك ألن الحياة الخالية من جميع المشاكل لن تحتوي
على أي شيء مفيد للقيام به وبالتالي ستكون بال معنى .عندما تتخلى عن الهدف غير القابل للتحقيق المتمثل في القضاء
على جميع مشاكلك ،يمكنك أن تبدأ في فهم أن الحياة هي ببساطة مشكلة بعد عملية عالج المشكلة.
المبدأ الثاني هو التدرج الجذري .أحد المكونات األساسية للنهج التزايدي الجذري هو أن تكون مستع ًدا للتوقف عندما ينتهي
وقتك اليومي ،حتى لو كنت تنفجر بالطاقة وتشعر أنك تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك بكثير .والسبب هو أن التوقف يقوي
عضلة الصبر ،مما يسمح لك بالعودة إلى المشروع مرارً ا وتكرارً ا ،والحفاظ على إنتاجيتك على مدار مهنة كاملة .المبدأ
النهائي هو أن األصالة تقع على الجانب اآلخر من عدم األصالة .هناك ضغط ثقافي قوي في العديد من مجاالت الحياة
للتحرك في اتجاه مختلف .ومع ذلك ،إذا كنت تسعى دائمًا إلى ما هو غير عادي بهذه الطريقة ،فستحرم نفسك من فرصة
تجربة أشكال أخرى غنية بشكل فريد .يتطلب هذا المبدأ االستعداد للتوقف ،والتواجد حيث أنت واالنخراط في هذا الجزء
من الرحلة بدالً من مضايقة الواقع باستمرار على عجل.
هل يمكننا التحكم بالوقت ؟
يبدو أن الوقت مثل هذا الصراع ألننا نحاول باستمرار السيطرة عليه ووضع أنفسنا في وضع الهيمنة والسيطرة على
حياتنا الحالية حتى نتمكن في النهاية من الشعور باألمان وأقل عرضة لألحداث .بالنسبة للبعض منا ،يتجلى النضال
كمحاولة لتصبح منتجة وفعالة بحيث ال يتعين علينا مرة أخرى أن نشعر بالذنب من خيبة أمل اآلخرين أو القلق بشأن
طردهم بسبب ضعف األداء ؛ أو لتجنب مواجهة احتمال الموت دون تحقيق أعظم طموحاتنا.
ولكن من المؤسف أن الكفاح محكوم عليه بالفشل .نظرً ا ألن وقتك محدود ،فلن تكون أب ًدا في وضع مهيمن للتعامل مع
جميع المطالب التي ألقيت عليك أو متابعة جميع الطموحات التي تبدو مهمة بالنسبة لك ؛ بدالً من ذلك ،سوف تضطر إلى
اتخاذ خيارات صعبة .وألنك ال تستطيع التحكم ،أو حتى التنبؤ بدقة ،بالكثير مما يحدث في وقت محدود ،فلن تشعر أب ًدا
ً
وجاهزا ألي شيء يأتي في طريقك. باألمان في التحكم في الحدث ،ومحص ًنا من المعاناة ،ومستع ًدا
إذا تمكنت من مواجهة حقيقة الوقت بهذه الطريقة ،فستحقق أعلى مستويات اإلنتاجية واإلنجاز والخدمة واإلنجاز التي
كانت موجودة في خططك في المقام األول .والحياة التي ستراها تدريجيا ً تتشكل في مرآة الرؤية الخلفية ستكون تلك التي
تستجيب للمقياس النهائي الوحيد لما يعنيه استخدام أسابيعك بشكل جيد :ليس عدد األشخاص الذين ساعدتهم أو مقدار ما
أنجزته ،ولكن العمل ضمن حدود لحظتك في التاريخ ،ووقتك ومواهبك المحدودة ،كان عليك القيام به -وجعل الحياة أكثر
إشرا ًقا لبقيتنا.
خاتمة
متوسط عمر اإلنسان مخيف ومهين بشكل سخيف .ولكن هذا ليس سببًا لالكتئاب الدائم أو العيش في حالة من الذعر يغذيها
القلق بشأن االستفادة القصوى من وقتك المحدود .ليرة سورية أنه ال يوجد سبب للفرح؟ بدالً من ذلك ،يمكنك طي أكمامك
والعمل على ما هو ممكن .يمكنك التخلي عن شيء بدا دائمًا مستحياًل :السعي لتصبح الشخص األمثل ،والقادر بال حدود،
الذي ال يقهر عاطفيًا ،والمستقل تمامًا الذي من المفترض أن تكونه.
اقبل الحقيقة حول وقتك المحدود وسيطرتك على ذلك الوقت -ليس فقط ألنها الحقيقة ويجب عليك مواجهتها ،ولكن ألنها
تم ّكن بنشاط .من خالل الدخول بشكل كامل إلى الواقع كما هو ،ستتمكن من إنجاز المزيد مما هو ضروري وتشعر بمزيد
من الرضا عنه.