You are on page 1of 4

‫بدأت نهاري يوم أمس بأطيب النوايا التي يمكن أن تكون لدى إنسان‪ .

‬فقد‬
‫دخلت إلى مكتبي في الصباح دون أن يكون لدي تصور واضح عما أريد‬
‫إنجازه في ذلك اليوم‪ .‬بعد ذلك جلست‪ ،‬وفتحت جهاز الكمبيوتر‪ ،‬وتفقدت‬
‫بريدي اإللكتروني‪ .‬بعد مرور ساعتين‪ ،‬وبعد أن أطفأت بضعة حرائق هنا‬
‫وهناك‪ ،‬وعقب انتهائي من حل مشاكل اآلخرين‪ ،‬ومن التعامل مع كل األشياء‬
‫التي صدف أن جاءتني عبر الكمبيوتر أو الهاتف‪ ،‬كنت بالكاد قادراً على تذكر‬
‫ما الذي كنت أنوي إنجازه عندما فتحت جهاز الكمبيوتر الخاص بي في‬
‫‪.‬البداية‪ .‬لقد وقعت في الفخ‪ .‬وكان يجب أن أكون أوعى من ذلك‬
‫عندما أدرّ س موضوع إدارة الوقت‪ ،‬أبدأ دائما ً بطرح السؤال ذاته‪ :‬كم واحد‬
‫منكم لديه الكثير من الوقت الزائد الذي ال يعرف كيف يملؤه؟ وخالل ‪10‬‬
‫‪.‬سنوات‪ ،‬لم يجرؤ أي إنسان على رفع يده لإلجابة عنه‬
‫هذا يعني بأننا نبدأ كل يوم ونحن نعلم تماما ً بأننا لن ننجز كل شيء‪ .‬وبالتالي‪M،‬‬
‫فإن تحديد كيفية قضاء وقتنا هو قرار استراتيجي رئيسي‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن فكرة‬
‫وضع قائمة بالمهام التي يجب إنجازها وقائمة أخرى باألشياء التي يجب‬
‫‪.‬تجاهلها تعتبر فكرة جيدة‪ .‬فما أصعب أن يركز المرء انتباهه‬
‫ولكن حتى بعد وضع هاتين القائمتين (باألشياء التي يجب إنجازها واألشياء‬
‫التي يجب تجاهلها)‪ ،‬فإن التحدي األساسي يكمن في التنفيذ‪ .‬فكيف يمكنك‬
‫االلتزام بتطبيق خطة معينة في الوقت الذي تجد فيه الكثير من األشياء التي‬
‫تهدد بإخراج هذه الخطة عن مسارها؟ كيف يمكنك التركيز على بعض‬
‫األشياء المهمة عندما يكون هناك الكثير من األشياء التي تتطلب االهتمام‬
‫واالنتباه؟‬

‫نحن بحاجة إلى خدعة‬


‫يعرف جاك الالن‪ ،‬بطل العالم للياقة البدنية‪ ،‬كل أسرار الخدع؛ وهو معروف‬
‫بقدرته على وضع األصفاد في يديه والسباحة لمسافة ميل أو أكثر وهو يشد‬
‫قوارب كبيرة مليئة بالناس‪ .‬ولكنه أكثر من مجرد رجل استعراضي‪ .‬حيث إنه‬
‫اخترع عدة آالت للتمارين الرياضية من بينها بعض األجهزة المنتشرة في‬
‫النوادي الرياضية في أنحاء العالم‪ .‬كما أن برنامجه "استعراض جاك الالن"‪،‬‬
‫كان أطول برنامج للياقة البدنية يعرض على التلفزيون‪ ،‬حيث تم بثه على‬
‫‪.‬مدار ‪ 34‬عاما ً‬
‫لكن ال شيء من ذلك هو ما يثير إعجابي حقاً‪ .‬وإنما هناك واحدة من خدع‬
‫‪.‬الالن التي أعتقد بأنها تمثل سر قوته‪ .‬إنها اتباعه لطقس دائم‬
‫فرغم أنه يبلغ من العمر ‪ 94‬عاماً‪ ،‬فإنه ال يزال يقضي ساعتين من يومه في‬
‫ممارسة التمارين الرياضية‪ ،‬حيث يُمضي ‪ 90‬دقيقة في رفع األثقال و‪30‬‬
‫دقيقة في السباحة أو المشي‪ ،‬ويمارس ذلك كل صباح‪ .‬وهو بحاجة إلى أن‬
‫يفعل ذلك لكي يحقق أهدافه‪ :‬ففي عيد ميالده الخامس والتسعين ينوي جاك‬
‫الالن أن يسبح من ساحل كاليفورنيا إلى جزيرة سانتا كاتالينا أي لمسافة ‪33‬‬
‫كيلومتراً‪ .‬كما أنه مغرم بترديد الجملة التالية‪" :‬أنا ال أقبل أن أموت‪ .‬فذلك‬
‫ّ‬
‫يحطم صورتي‬ ‫‪".‬األمر سوف‬
‫فهو إذاً يعمل بصورة متسقة ومقصودة من أجل تحقيق أهدافه‪ .‬وهو يمارس‬
‫األشياء ذاتها يوما ً بعد يوم‪ .‬إنه يعتني بلياقته وقد جعلها جزءاً ال يتجزأ من‬
‫‪.‬جدوله الزمني‬
‫وبالتالي‪ M،‬فإن إدارتنا لوقتنا يجب أن تتحول إلى طقس أيضاً‪ .‬وال يكفي ببساطة‬
‫أن تكون لدينا قائمة بأولوياتنا أو تصور غامض حولها‪ .‬فهذا أمر ليس م ّتسقا ً‬
‫أو مقصوداً‪ .‬بل نحن بحاجة إلى عملية مستمرة ومتواصلة نتبعها بغض النظر‬
‫‪.‬عن أي شيء يحصل لكي نحافظ على تركيزنا على أولوياتنا طوال اليوم‬
‫وأنا أعتقد أننا قادرون على فعل ذلك من خالل اتباع ‪ 3‬خطوات تحتاج إلى‬
‫‪.‬أقل من ‪ 18‬دقيقة على مدار يوم عمل مؤلف من ‪ 8‬ساعات‬
‫الخطوة األولى (‪ 5‬دقائق)‪ :‬ضع خطة تغطي كامل اليوم‪" .‬قبل أن تفتح جهاز‬
‫الكمبيوتر الخاص بك"‪ ،‬اجلس وضع ورقة فارغة أمامك وقرر ما هي األشياء‬
‫التي ستجعل هذا اليوم ناجحا ً بكل المقاييس‪ .‬ما هي األشياء التي بوسعك‬
‫إنجازها بواقعية وستسهم في تعزيز أهدافك وتسمح لك بأن تغادر في نهاية‬
‫اليوم وأنت تشعر بأنك كنت شخصا ً منتجا ً وناجحاً؟ دوّ ن هذه األشياء على‬
‫‪.‬الورقة‬
‫اآلن‪ ،‬نأتي إلى الجانب األهم‪ ،‬وهو أنه يجب عليك تسجيل هذه األشياء على‬
‫الروزنامة (أو التقويم الزمني) ضمن أوقات زمنية معينة‪ ،‬بحيث تضع البنود‬
‫األصعب واألكثر أهمية في بداية اليوم‪ .‬وعندما أقول بداية اليوم‪ ،‬فأنا أقصد‬
‫أن تنجزها حتى قبل أن تتفقد بريدك اإللكتروني‪ ،‬إذا كان ذلك ممكناً‪ .‬فإذا لم‬
‫تكن قائمتك بكاملها قابلة لإلدخال إلى الروزنامة‪ ،‬عندئذ يتعيّن عليك أن تعيد‬
‫النظر في قائمتك‪ .‬فاتخاذك لقرار بخصوص "متى وأين" ستفعل شيئا ً ما هو‬
‫‪.‬أمر ينطوي على قوة هائلة جداً‬
‫‪" (The‬ففي كتاب حمل عنوان "القوة الكامنة في التفاعل الكامل مع األحداث‬
‫يصف جيم لوهر وتوني شوارتز‪Power of Full Engagement)، ،‬‬
‫دراسة وافقت فيها مجموعة من النساء على إجراء فحص ذاتي للثدي على‬
‫مدار ‪ 30‬يوماً‪ %100 .‬من اللواتي قلن "أين ومتى" سيفعلن ذلك‪ ،‬أجرين‬
‫الفحص فعالً‪ .‬أما بالنسبة لبقية النساء اللواتي لم يح ّددن مكان وزمن إجراء‬
‫‪.‬الفحص‪ ،‬فقد التزم ‪ %53‬منهن فقط بإتمام الفحص‬
‫وفي دراسة أخرى‪ ،‬وافق األشخاص الذين كانوا يخضعون للعالج من تعاطي‬
‫المخدرات‪ ،‬وهم بال شك من بين الفئات السكانية األكثر عرضة للضغوط‬
‫النفسية‪ ،‬على كتابة مقالة قبل الساعة الخامسة مسا ًء في يوم معيّن‪ %80 .‬من‬
‫الذين ح ّددوا "أين ومتى" سيكتبون المقالة تمكنوا من إكمالها‪ .‬أما البقية فلم‬
‫‪.‬يكتب أي منهم حرفا ً‬
‫إذا أردت إنجاز أمر معيّن‪ ،‬فيجب أن تقرر متى وأين ستفعله‪ .‬وإال‪ ،‬فإنك‬
‫‪.‬يجب أن تزيله من قائمتك‬
‫الخطوة الثانية (دقيقة واحدة كل ساعة)‪ :‬عاود تركيز انتباهك‪ .‬حاول حاول‬
‫ضبط ساعتك أو هاتفك أو الكمبيوتر على الرنين كل ساعة‪ .‬وعندما يرن‪ ،‬خذ‬
‫نفسا ً عميقاً‪ ،‬وانظر إلى قائمتك وأسأل نفسك إن كنت قد قضيت ساعتك‬
‫األخيرة بطريقة منتجة‪ .‬ثم انظر إلى الروزنامة وعاود تكرار االلتزام‬
‫بالطريقة التي تريد أن تستفيد بها من الساعة القادمة‪ .‬حاول أن تدير يومك‬
‫‪.‬ساعة بساعة‪ .‬وال تدع الساعات تديرك‬
‫الخطوة الثالثة (‪ 5‬دقائق)‪ :‬راجع ما حصل معك‪ .‬أغلق جهاز الكمبيوتر‬
‫الخاص بك وراجع يومك‪ .‬ما الذي كان نافعاً؟ وأين ركزت؟ وأين تشتت‬
‫انتباهك؟ وما هي العبر والعظات التي تعلمتها وستساعدك في أن تكون أكثر‬
‫إنتاجية غداً؟‬
‫تكمن القوة في ممارسة الطقوس في القدرة على التنبؤ مسبقا ً بما سيحصل‬
‫خاللها‪ .‬فأنت تفعل الشيء ذاته بالطريقة ذاتها مراراً وتكراراً ومرة تلو‬
‫األخرى‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن المحصلة التي ستقود إليها الطقوس معلومة سلفا ً‬
‫أيضا ً‪ .‬إذا ركزت على ما تريد تحقيقه بطريقة مدروسة وحكيمة وإذا كنت‬
‫تذكر نفسك باستمرار بضرورة االلتزام بهذا التركيز‪ ،‬فإنك ستظل مر ّكزاً‪.‬‬
‫‪.‬األمر بسيط للغاية‬
‫قد ال يساعدك هذا الطقس بالتحديد على عبور القنال اإلنجليزي بين فرنسا‬
‫وإنجلترا سباحة وأنت تشد سفينة سياحية ويداك مربوطتان‪ .‬لكنه قد يساعدك‬
‫‪.‬في أن تغادر مكتبك وأنت تشعر بأنك شخص مُنتج وسعيد‬
‫وفي نهاية المطاف‪ ،‬أليست هذه أولوية قصوى في حياتك؟‬

You might also like