Professional Documents
Culture Documents
تمثيلية السياسية للنساء بالمغرب1
تمثيلية السياسية للنساء بالمغرب1
في موضوع:
لجنة المناقشة:
د :جمال حطابي /عميد كلية العلوم القانونية و اإلقتصادية و اإلجتماعية -المحمدية
رئيسا
د :محمد ضريف /أ ستاذ التعليم العالي كلية الحقوق -المحمدية
مشرفا
د :فاطمة المصلوحي /أستاذة التعليم العالي بجامعة الحسن األول – سطات
عضوا
عضوا د :محمد سليم الورياغلي /أستاذ العليم العالي كلية الحقوق -المحمدية
عضوا د :محمد شادي /أستاذ التعليم العالي كلية الحقوق – المحمدية
1
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
شكر و تقدير
سعيد لعريبي
2
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
فصل تمهيدي
3
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إن التسليم بأن الديمقراطية الحقيقية هي حكم الشعب لنفسه ال يحل مشكلة الحكم وال
مسألة التمثيلية السياسية ،ألن السؤال الجوهري يكمن في ،كيف يمكن للشعب حكم نفسه؟
من رحم هذا التساؤل ابتكرت نظرية التمثيلية السياسية ،والتي من خاللها تم التوافق على
الديمقراطية التمثيلية كأفضل وسيلة لحكم الشعب لنفسه ،ولهذا الغرض بذل مهندسو
الديمقراطيات الغربية ومفكروها جهودا مضنية من أجل بناء أنظمة تمثيلية يستطيع من
خاللها الشعـ ــب أن يحكـ ــم نفس ــه بنفسه و أن يعكس هذا الحكم مصالـ ــح جمي ـ ـ ــع الط ــبقـ ـ ــات
و الفئات و أن يكون للحكام شرعية تمثيل الشعوب و األمم.
إن مسيرة التمثيلية السياسية مليئة بعدة مكتسبات و إخفاقات و صعوبات جمة ،ألنها
كانت مرتبطة بالتنافس الذي يتحول في بعض األحيان إلى صراعات مصالــح و فئ ـ ــات و
أفكـ ـ ــار و إيديولوجيات ،عبر مجموعة من القنوات القانونية و المؤسساتية.
و رغم ما حققته الديمقراطيات الغربية من إنجازات فإن العديد من المفكرين كانوا
يعتبرونها لعبة متحكما بها لتكريس مصالح قوى أو جماعات معينة ،و أن هذه الديمقراطية
لم تصل إلى تمكين جميع فئات المجتمع من ممارسة الحكم أو المشاركة فيه ،ومن بين تلك
الفئات التي كانت وال زالت تعاني من اإلقصاء نجد النساء.
فالعديد من الدراسات المقارنة والتقارير الدولية واإلقليمية حول مسألة التمثيلية
السياسية للنساء تؤكد ضعف هذه التمثيلية حتى في الدول الغربية رغم الضمانات القانونية
و السياسية و المؤسســاتية تعـ ــيش ال ــديمقراطية التمثيلية اليوم أزمة ثـ ـقـ ــة تحولت إلى شـ ــك
في إمكانية منح الشعب القدرة في حكم نفسه بنفسه ،ومن مظاهر تلك األزمة تراجع نسبة
المشاركة في العمل السياسي واإلهتمام به ،وهذا ما شهدناه في اإلستحقاقات اإلنتخابية
المغربية خالل السنوات األخيرة.
4
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
و مــن المتغيرات الواقعية المفسرة ألزمة التمثيلية و الديمقراطية نجد إقصاء النساء في
مجال صناعة القرار السياسي و ضعف حضورهن في المؤسسات التمثيلية مع إختالف
درجاتها ومدى تأثيرها على المشهد السياسي و اإلقتصادي و اإلجتماعي.
فحسب اتحاد البرلمان الدولي هناك خمس دول فقط في أوربا الشمالية هي :السويد؛
الدانمرك؛ فنلندا؛ النرويج؛ وإ يسلندا تمكنت من تجاوز 40في المائة من تمثيلية النساء في
مراكز القرار ،حيث يحدد االتحاد البرلماني الدولي نسبة 30في المائة من المقاعد لفائدة
النساء حتى يتسنى لهن التأثير الفعلي في مراكز القرار السياسي ،بيد أنه ال يوجد سوى
ثالثين دولة على مستوى العالم هي التي وصلت فيها المرأة إلى تلك النسبة ،وهذا يعني أن
هناك ما يزيد عن 160دولة مازال فيها التمثيل السياسي للمرأة دون النسبة التي تجعل
1
النساء قادرات على التأثير الفعلي في المؤسسات الدستورية المنتخبة.
أما على المستوى العربي ،فإن مشاركة النساء في الحياة السياسية تبقى مسألة
حديثة العهد ،باستثناء دول عربية قليلة انتبهت إلى ضرورة مشاركة المرأة في الحياة
السياسية كلبنان التي أقرت هذه المشاركة في سنة 1926وجيبوتي سنة 1936والمغرب
سنة 1963فيما لم تلتحق بالركب باقي الدول العربية االثنان والعشرون إال في نهاية عقد
التسعينات كحالة عمان سنة 1997وحالة قطر سنة 1998والكويت سنة .1999
و في العشرية األخيرة للقرن العشرين و العشرية التي تلتها أخذت قضية المشاركة
السياسية للنساء تطرح نفسها بإلحاح شديد من خالل العديد من المؤتمرات و االتفاقيات و
المعاهدات و الندوات ،والمغرب بذلك ال يشكل استثناء حيث شهد المشهد السياسي
الوطني العديد من المتغيرات في مجال حقوق المرأة بصفة عامة و المشاركة السياسية لها
بصفة خاصة.
و مع بداية العهد الجديد للحكم بالمغرب تزايد االهتمام بقضية توسيع المشاركة
السياسية للمرأة باعتبارها دعامة للديمقراطية وتشجيعا لها وذلك من خالل محاولة إزالة
1
http://www.ipu.org/wmn-f/world.htm
5
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
كافة أشكال التمييز بين الرجل والمرأة ،عبر تحيين العديد من التشريعات القانونية كمدونة
األسرة ،قانون الجنسية ،مدونة الشغل ....إلى جانب اإلجراءات التدبيرية المتمثلة في
توسيع مشاركة النساء في تقلد الوظائف العمومية من حيث انخراطهن بفعالية في األسالك
الدبلوماسية والسلطة و في المجال اإلقتصادي...
وقد مكن تمثيل النساء على مستوى المؤسسة البرلمانية خالل انتخابات سنة 2002
من تحقيق نسبة ال تقل عن 10في المائة من المقاعد المخصصة لمجلس النواب وذلك
من خالل فوزهن بثالثين مقعدا ضمن الالئحة الوطنية باإلضافة إلى خمس نائبات عن
طريق اللوائح المحلية ،حيث تحقق ذلك عن طريق تنظيـ ــم العديـ ــد م ــن حم ــالت الــتوعيـ ــة
و التحسيس بأهمية المشاركة النسائية في المؤسسات المنتخبة.
و بذلك أصبح المغرب يتصدر ترتيب الدول العربية من حيث نسبة حضور النساء
في المجالس التشريعية ،حيث ارتفعت هذه النسبة من 0.6في المائة بنائبتين منذ
االنتخابات التشريعية األولى لسنة 1963إلى حوالي 17في المائة ح ــاليــا.
و بذلك اعتبر االتحاد البرلماني الدولي بجنيف أن انتخاب 35امرأة مغربية خالل
اقتراع سبتمبر 2002سابقة مهمة جدا في المنطقة و داللة واضحة على بداية تغيير ثقافة
المشاركة و تبني مبدأ المساواة بين الجنسين على المستوى الوطني ،مع حثه العمل على
أن تتطور هذه النسبة في المستقبل ،ليتم بعد ذلك توسيع وعاء المشاركة السياسية للمرأة
في تدبير الشأن العام حيث وصل عدد الحقائب الوزارية المسندة للنساء إلى سبع حقائب
واالرتفاع الملحوظ لعدد سفيرات الرباط دون أن ننسى إعالن الملك محمد السادس
بمناسبة الذكرى الستينية لحقوق اإلنسان في سنة 2008عن سحب المغرب كل التحفظات
المتعلقة باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
و اليوم يحتل المغرب في آخر تصنيف اإلتحاد الدولي للبرلمانات 2013المرتبة
89عالميا و المرتبة الثانية عربيا حيث تصل تمثيلية النساء 17بالمائة في مجلس
2
النواب و 2,2بالمائة في مجلس المستشارين.
2
http://www.ipu.org/wmn-f
6
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إال أنه رغم الجهود الكبيرة التي بذلت في هذا الباب الزال سؤال التمثيلية السياسية
للنساء مطروحا بقوة ،و يعتبره العديد من المهتمين و الفاعلين سؤاال يرتبط بسؤال مسار
دمقرطة اللعبة السياسية بالمغرب و كذا بقضية المرأة بصفة عامة.
من هنا يمكن طرح اإلشكالية التالية :إذا كانت تعتبر التمثيلية السياسية بالمغرب سؤاال
جوهريا يرتبط بقضية الدمقرطة و الحداثة فأية حصيلة يمكن تقييمها اليوم لجهود الدولة
المغربية في ظل المتغيرات السياسية و االقتصادية و االجتماعية إقليميا و وطنيا.
بصيغة أخرى هل يمكن إعتبار أن موضوع التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وصل إلى درجة تجعله يفرض نفسه على أجندة الفاعلين السياسيين؟ إن كانت كذلك ،فما
هو التقدم الذي راكمه المغرب في تدبير هذه القضية؟
و هل يمكن القول اليوم بأن التمثيلية السياسية للنساء هي مسألة توافق مجموعة
الفرقاء السياسيين؟ و هل حل مسألة التمثيلية السياسية للنساء يمكن اعتبارها أحد مؤشرات
أو مداخل االنتقال الديمقراطي بالمغرب؟ لماذا يجب أن تمثل النساء سياسيا؟ أال يكفي أن
يكون لدينا نظاما تمثيليا تتحقق من خالله المصلحة العامة و اإلرادة العامة لألمة بغض
النظر عن جنس من يمثلها؟
وهل المغرب في تدبيره لقضية المشاركة السياسية للنساء قد أشرك جميع الفاعلين
المعنيين و على رأسهم النساء؟ و هل إلتزم النظام السياسي المغربي بالتشريعات
الدستورية و القانونية و جعل منها مدخال أساسيا للمشاركة النسائية و مرجعا مؤسساتيا؟
هل الدولة المغربية تملك اإلرادة السياسية لإلستجابة لشروط مشاركة نسائية حقيقية و
متجاوبة مع مطالبها؟ هل كان هناك توافق وطني بين الفاعلين السياسيين و اإلجتماعيين و
اإلقتصاديين والمدنيين حول إستراتيجية متكاملة لتدبير المشاركة النسائية و جعلها أولوية
وطنية لتحقيق تنمية سياسية مستدامة؟ ألم يحن الوقت لكي يتم تقديم الحساب و تقييم
الحصيلة فيما يتعلق بالمشاركة السياسية النسائية؟ هل يملك المغرب تصورا استراتجيا
لتطوير مقاربته و منهجيته على مستوى تطوير المشاركة النسائية و جعلها إحدى السمات
7
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
البارزة في الحياة السياسية الوطنية لتجاوز التأخر الحاصل في تمثيلية النساء السياسيـ ــة
عل ــى الصعيديـ ــن الوطنـ ــي و المحـل ــي و مشاركتهن في صناعة القرار؟
إنه لمن الصعب ادعاء القدرة على اإلحاطة بكل جوانب تلك األسئلة التي سيتمحور
حولها موضوع األطروحة ،و ال ندعي بأننا سنأتي بحلول جديدة و متكاملة تحل اإلشكال
المطروح ،إال أنه من الناحية المنهجية يمكن القول أننا سنقارب الموضوع من خالل
مجموعة من المدخالت التي نعتبرها جوهرية و أساسية للرد على بعض هذه األسئلة
اإلشكالية و التي إرتأينا معالجتها من خالل قسمين أساسين :القسم األول سنحاول فيه
عرض المرجعيات الفكرية و القانونية للتمثيلية السياسية للنساء ،حيث سنتناول في فصله
األول المرجعية المؤسسة لمبدأ التمثيلية السياسية على الصعيد الدولي و تتمثل في الفكر
الغربي الليبرالي و الفكر اإلشتراكي و الفكر اإلسالمي و العربي و المرجعية الدولية
المتمثلة في المعــاه ـ ــدات و المواثيق الدولية و المؤتمرات المتعلقة بحقوق المرأة بصفة
عامة و مشاركتها السياسية بصفة خاصة.
أما الفصل الثاني سنخصصه للمرجعية الوطنية المؤطرة للموضوع ،و من خالله
سنناقش المقاربة القانونية و السياسية لقضية التمثيلية السياسية للنساء من خالل دراسة
نص الدستور و باقي التشريعات ،ثم سنفرد مبحثا لبسط مجمل أفكار الفاعلين السياسيين
األساسيين حول الموضوع.
أما في القسم الثاني من هذا العمل سنحاول تشخيص واقع التمثيلية السياسية
للنساء بالمغرب و نرى ما هي محصلة جهود المغرب لبناء نظام تمثيلي يعكس مصالح
مكونات المجتمع المغربي على مستوى الحكومة و البرلمان و األحزاب السياسية و
المجالس المحلية ،و نقف على المكتسبات و المعيقات و التأخر المسجل ،لنصل بعد ذلك
إلى دراسة بعض البدائل المقترحة للنهوض بالتمثيلية السياسية للنساء بالمغرب على صعيد
هيئات المجتمع المدني و اإلعالم و التربية على المواطنة و تحديد مدى فعاليتها و
انسجامها لتحقيق تمثيلية سياسية منصفة للنساء.
8
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
منهج البحث :إنه لمن الصعوبة اعتماد منهج واحد لمالمسة موضوع يتناول قضية
مشاركة المرأة في الحياة السياسية تتداخل فيه األبعاد السياسية و االجتماعية واالقتصادية
والثقافية ،سنعتمد منهجين اثنين :الوصفي و التحليلي.
األول سيمكننا من دراسة الظاهرة كما توجد في الواقع ،وصفا دقيقا وتوضيح
خصائصها ،معتمدين في ذلك على األرقام و اإلحصاءات ،وجداول توضح معالم هذه
الظاهرة و حجمها و درجة ارتباطها مع الظواهر األخرى ،أما أسباب اعتماد المنهج
التحليلي تكمن في كونه سيساعدنا على تفسير ،ونقد ،و استنباط المتغيرات المفسرة
للتمثيلية السياسية للنساء بالمغرب.
إحداثيات البحث :اإلطار الجغرافي و الزمني.
اإلطار الجغرافي :البحث يتناول قضية المشاركة السياسية في المغرب الذي يتميز بعدة
خصوصيات :على المستوى السياسي :مركزية المؤسسة الملكية و دورها المحوري
سياسيا ،دينيا ،اقتصاديا ،و جود تعددية حزبية ،دستور ،إدارات مركزية و محلية و
مؤسسات منتخبة وطنيا و محليا ،برلمان بغرفتين ،إجراء منتظم لإلنتخابات و التي كانت
دائما موضوع اتهام بالتزوير و غياب حياد السلطة ،منظمات غير حكومية من بينها
الحركات النسائية .......
على المستوى االقتصادي :يعتمد المغرب اقتصاديا على الفالحة و السياحة ،تحويالت
المغاربة المقيمين بالخارج ،حيث أن هذه القطاعات تعرف حضور قويا لليد العاملة
النسائية.
على المستوى االجتماعي :إرتفاع البطالة ،إرتفاع نسبة الفقر ،خروج النساء إلى العمل
في ظروف تمييزية.
على المستوى الثقافي :سيادة الثقافة التقليدية و العقلية الذكورية مع إرتفاع نسبة األمية
رغم تزايد نسبة التمدرس بصفة عامة و لدى الفتيات بصفة خاصة.
9
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
على المستوى الديمغرافي :كشفت مذكرة المندوبية السامية للتخطيط أصدرتها بمناسبة
اليوم العالمي للمرأة ،الذي يصادف 8مارس من كل سنة ،أن عدد نساء المغرب بلغ سنة
2011حوالي 16,4مليون امرأة (أي ما يمثل 50,8بالمائة من مجموع السكان) تعيش
41,6بالمائة منهن بالوسط القروي.3.
اإلطار الزمني :سنركز في بحثنا على العشريتين األخيرتين و ذلك لعدة إعتبارات ،أولها
تزايد اإلهتمام بقضية المشاركة النسائية دوليا و وطنيا و ما شهدته من تحوالت تؤشر
على بداية مرحلة سياسية جديدة دون إغفال العقود السابقة التي سنعود إليها لتدليل على
التطور الذي سجلته قضية المشاركة السياسية للمرأة.
و قبل أن نخوض في إثبات أو نفي هاتين الفرضتين و اإلجابة على بعض األسئلة
المطروحة ،نرى أنه من الضروري أن نوضح بعض المفاهيم المرتبطة بقضية البحث في
إطار مدخل مفاهيمي ،حيث يعتبر ضبط المفاهيم المرجعية لموضوع البحث من بين
القواعد األولية و األساسية للبحث العلمي.
أوال :المشاركة السياسية.
3
- la femme marocaine en chiffres 2009 http://www.hcp.ma
10
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تعتبر المشاركة بصفة عامة مبدأ أساسيا من مبادئ الديمقراطية و التنمية و الحكامة
الجيدة ،فال معنى للديمقراطية بدون مشاركة ،كما أن المشاركة تعتبر أفضل وسيلة لتدعيم
الديمقراطية ،سواء على مستوى األشخاص أو المجتمع ،وهي حق أساسي من حقوق
المواطنة ،حيث يجب أن يتمتع به كل مواطن يعيش في مجتمعه دون أي تمييز مهما كان
مصدره ،فمن حقه أن يختار حكامه ،وأن يختار نوابه وممثليه.
فحسب ابن منظور تحيل المشاركة على "اإلقتسام" ،4فيما يدل المفهوم الفرنسي « p
5» articipationعلى معنى " :التقاسم" و "التوزيع" ،بينما يشير المفهوم األنجلو ساكسوني
« 6» participationإلى "تمكين الفرد من أخذ دور معين" و تعرفها الموسوعة السياسية
بأنها تلك " الوسائل المختلفة التي تسمح للمواطنين بالمساهمة في القرارات بجماعاتهم".
و عليه يمكن تعريف المشاركة على أنها منظومة تواصل بين مختلف الفاعلين
تساعد حاملي التغيير والفئات المجتمعية األخرى على إيجاد نقطة إلتقاء لبلورة رؤية
مشتركة للتغيير سواء من حيث تصور مضمونه ،برمجته ،تفعيله ثم تقييم نتائجه.
و يعرفها إدريس العبادي بأنها" :تمكين السكان من مساهمة نشيطة في تدبير
.7
الشؤون العامة"
استنادا إلى التعاريف السابقة و ارتباطها بموضوع البحث ،فإننا نقصد بالمشاركة
السياسية للنساء :تمكين النساء من اإلسهام بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تخطيط
وإ عداد وتنفيذ وتتبع وتقييم السياسات العمومية محليا و وطنيا ،بصفة فردية أو جماعية،
و يمكن القول بأنها عملية تمكين النساء من إقتسام تدبير السلطة ،من خالل آليات قانونية
تمنح لهن مكانة منصفة للمساهمة في صنع القرار على مختلف مستوياته محليا و وطنيا.
اشتقت كلمة مشاركة من فعل "شرك" ومعناها ،أن يستوي فيها المقتسمون ،ومنه المشاركة في النسب وفي البيع :أن تجعل له نصيب منه ،كما -4
يقال قسم أو أقسام وروي عن النبي (ص) أنه قال " :الناس شركاء في ثالث :الكأل والماء والنrار" ؛ قrول ابن منظrور :ومعrنى النrار الحطب الrذي
يستوقد به ،وكذلك الماء الذي ينبع ،والكأل الذي منبته غير مملوك والناس فيه مستوون .ابن منظور" ،لسان العرب " ج ،III :ص 427:
Robert de Dictionnaire Historique de la langue Française, Sous la direction d’Alain Rey, Tome III, P : 2589 -5
6
- Dictionary Oxford p : 299, Edition : 91.
7
- Driss Abbadi, gouvernance participative locale au Maroc, Imp. de Fedala, Edition 2004 P15.
11
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
12
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ثالثا :المواطنة.
يعتبر هذا المفهوم المدخل الحقيقي للمشاركة السياسية للنساء ،بل يمكن اعتبار أن
هناك عالقة ترادف بين المشاركة و المواطنة ،أي أنه ال يمكن الحديث عن أحدهما دون
اآلخر.
و المواطنة من أكثر المفاهيم حاجة إلى الدراسة و الفهم ،حيث أن اإلنتماء حاجة متأصلة
في الطبيعة البشرية ،وإ نسان من غير وطن " تائه" ،والوطن من غير إنسان "مهجور" ال
معنى له.
ويرى العلماء اإلجتماعيون بأن المجتمع القوي في تضامنه وفي لحمته هو مجتمع غني
بالمواطنة.
و المواطن في تصور الفقيه الدستوري جورج بوردو ":G.Burdeauهو ذاك الشخص
الذي ال يمثل مصلحته الذاتية و الخاصة و يتغلب على أنانيته لصالح المصلحة العامة و
يدافع عنها ،فالمواطنة ليست فقط مجموع إرادات األفراد و إنما هي تتجاوزها إلى فضاء
8
أرحب و أعمق"
و رغم أن البعد القانوني و السياسي هو األكثر حضورا في المواطنة ،إال أنه يمكن القول
أنها أيضا ذات بعد إقتصادي و إجتماعي و ثقافي ألنها سلوك إنساني9،و هي بكل بساطة
عبارة عن مجموعة من الحقوق والواجبات يتمتع ويلتزم بها في الوقت ذاته كل مواطن.
و بفضل المشاركة المواطنة يتحقق اإلندماج اإلجتماعي و المساواة في الحقوق
و الواجبات بين جميع أفراد و فئات المجتمع نساء و رجاال ،و بالتالي تتجسد الديمقراطية
و المشروعية ، 10حيث أن كل مواطن يعتبر سيد نفسه و يمارس السيادة بشكل حر
إلختيار من يمثله و من يدبر شأنه العام عن طريق نظام تمثيلي متفق عليه.
8
G. Burdeau, droit constitutionnel et institutions politiques, LGDS, paris, 1976, p : 190
Bourque (G) L’incorporation de la citoyenneté Sociologie et sociétés, vol. 31, n° 2, 1999 -9
10
cf Schnapper (D) Qu’est ce que la citoyenneté ? Editions Gallimard Paris 2000
13
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ونظرا لألهمية الحيوية للمواطنة فإن ملك البالد ما فتئ يكررها في معظم خطاباته،
حيث نجده يتكلم في خطاب 20غشت لسنة 2003عن "ثقافة المواطنة" و عن "المواطنة
الديمقراطية" وفي خطاب 30يوليوز لسنة 2005نجده يكرر استعمال مفهوم المواطنة
حيث أشار إلى مفهوم "المواطنة المسؤولة" وعن "المواطنة المغربية البناءة "و عن "
المواطنة المثلى" و "المواطنة الحقيقية" و "المواطنة اإليجابية" و "روح المواطنة" وعن
11
"التنشئة على المواطنة المغربية المسؤولة"
كما أن المجتمع المدني العالمي و المحلي يولى اليوم اهتماما كبيرا للمواطنة ،و هو ما
12
يعبر على أننا نعيش حاجة ملحة لقيم المواطنة وتفعيل مبادئها.
رابعا :المساواة.
الشك في أن مبدأ المساواة يعد أهم المبادئ اإلنسانية التي تحرص األمم والشعوب
الديمقراطية و المتحضرة على التمسك بها ،ودعمه في مختلف نواحي الحياة ،فال ينبغى
أن تقوم في المجتمع البشري ،أي فوارق نابعة عن إختالف األصل أو الجنس أو الدين،
وإ ذا كانت المساواة إحدى المبادئ الثالثة لشعار الثورة الفرنسية إلى جانب الحرية
واإلخاء ،فإن مبدأ المساواة يعتبر أقوى المبادئ وأعمقها أثرا في نجاح الثورة الفرنسية و
أحد أهدافها الجوهرية ،كما تؤكد المواثيق الدولية و الدساتير الوطنية على هذا الحق
السامي ،فالدستور المغربي ينص صراحة في ديباجته من خالل الفصول 6و 31و
154على هذا المبدأ ويدعو إلى إحترامه وعدم المساس به.
خامسا :اإلنصاف.
جاء في لسان العرب ،أن اإلنصاف هو إعطاء الحق ،وأنصف الرجل صاحبه
إنصافا أي أعطاه النصفة ،وأنصف إذا أخذ الحق وأعطى الحق ،وتفسيره أن تعطيه من
نفسك النصف أي تعطيه من الحق كالذي تستحق لنفسك ،ويقال انتصفت من فالن أخذت
حقي كامال حتى صرت أنا وهو على النصف سواء ،و تنصفت السلطان أي سألته أن
14
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ينصفني ،وأنصف الرجل أي عدل ،و تنصفته بمعنى خدمته وأطعته وانقدت له وتنصفه
13
أي طلب معروفه.
نستخلص إذن من هذا التعريف أن اإلنصاف هو الشعور التلقائي الصادق بما هو
عدل أو جور ويطلق على ما يعتاده اإلنسان من التوفيق بين سلوكه وشعوره بالعدل ،فكل
من جعل سلوكه مطابقا للمثل األعلى للعدل كان منصفا ،ولذلك قيل أنصف الشيء أي أخذ
نصفه وأنصف بين الخصمين أي ساوى بينهما وعاملهما بالمثل ،أما في العلوم القانونية
فإن اإلنصاف يقابل التقيد بنص القانون ألنه عدل طبيعي وليس عدال شرعيا وهو أسمى
من القانون الوضعي وأكثر مرونة منه وفي ذلك قال كوندياك ":الفرق بين اإلنصاف
والعدل أن اإلنصاف يوجب الحكم على األشياء بحسب روح القانون في حين أن العدل
14
يوجب الحكم عليها بحسب نص القانون" .
واإلنصاف هنا في عالقته بموضوعنا يعني العمل على تجاوز عيوب المساواة
الصارمة التي يقول بها القانون فيما يتعلق بحقوق المواطنين السياسية ،أي العمل على
تحقيق العدالة في شروط االستفادة من تلك الحقوق بين الرجل و المرأة لعدة اعتبارات
سياسية و ثقافية و اجتماعية ،و تصحيح الحيف الذي طال المرأة على كافة األصعدة رغم
األعباء التي تحملتها و تتحملها و مساهمتها في التنمية بكل مستوياتها.
تلكم باختصار بعض المفاهيم المرجعية التي سنعتمد عليها في دراسة موضوع
"التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب".
15
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
القسم األول
16
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
17
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
أما على المستوى القانوني حاولت األنظمة السياسية تجاوز القصور التي عرفه
المستوى الفكري خالل إرهاصاته األولى اتجاه اشراك النساء في العملية السياسية ،وذلك
من خالل تشريع مجموعة من القوانين تسمح للنساء بمشاركتهن في الحياة السياسية وذلك
عبر إعتماد اإلتفاقيات الدولية كمرجعية أساسية من ضمنها الفصالن 3و 7من "اتفاقية
القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" و المصادق عليها من طرف الجمعية العامة
لألمم المتحدة في 18دجنبر 1979و التي دعت إلتخاد جميع التدابير الرامية لمنع جميع
أشكال التمييز ضد النساء خاصة ما تعلق منها بالحياة السياسية العمومية ،باإلضافة
لإلعالن الختامي لمؤتمر بكين و الذي أشار إلى دور األحزاب السياسية في تحقيق
المناصفة و الذي نادى به في المنتدى العالمي لسنة 2003الذي انعقد تحت شعار" :
الفوز مع النساء ،وتقوية األحزاب السياسية" هذا األخير يمكن إعتباره خطة عمل عالمية
في موضوع التمثيلية السياسية للنساء.
هذه المرجعيات الكونية كانت قاعدة أولية للنقاش على المستوى الدولي وبالتالي
أثرت على النقاشات الوطنية على المستوى المحلي ،وما دمنا في إطار دراسة موضوع
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب فإن بحثنا سيقتصر على هو محلي (النموذج المغربي)،
هذا األخير عرف خالل العشريتين األخيرتين بروز مجموعة من القوانين المنظمة للعالقة
بين الرجل و المرأة مقتبسة روحها من الدساتير المتوالية ،كان أبرزها مدونة األسرة -
قانون الشغل -القانون الجنائي وقانون الجنسية...
من خالل هذا التقديم المقتضب سنحاول في الفصل األول التطرق لمبدأ التمثيلية
السياسية في المرجعيات الفكرية و القانونية الدولية و األدوار التي لعبتها هذه المرجعيات
في تحديد درجة إندماج النساء في مختلف المجاالت خاصة السياسية منها.
وذلك عبر طرح بعض األسئلة اإلشكالية:
هل كان للمرجعيات الفكرية المنظرة للمسألة النسائية دور في دعم موقعها
السياسي؟
18
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
و كيف كان لهذه المرجعيات سواء الليبرالية أو اإلشتراكية دور في تحديد أدوار
النساء سياسيا؟
وكيف أطر الفكر العربي -اإلسالمي موضوع المشاركة السياسية للنساء؟
وهل للمرجعيات الكونية (معاهدات _ مواثيق _ مؤثمرات) تأثير في إصدار قوانين
محفزة إلشراك المرأة سياسيا؟
وكيف تفاعلت القوانين الوطنية مع المرجعيات الدولية فيما يخص موضوع
التمثيلية السياسية للنساء؟
وإ لى أي حد استطاعت اإلسهامات الفكرية اإلقليمية و الوطنية في وضح خارطة
طريق إلدماج النساء في محيطها السياسي؟
وهل لإليديولوجيات الحزبية المغربية دور في دعم التمثيلية السياسية للنساء؟
لإلجابة على هذه األسئلة اإلشكالية نقترح إعتماد تقسيم هذا القسم إلى فصلين أولهما
سنتطرق فيه إلى مسألة المرجعيات الفكرية و القانونية للتمثيلية السياسية للنساء.
أما في الفصل الثاني سنتطرق من خالله للمرجعيات الوطنية المؤطرة لموضوع
التمثيلية السياسية للنساء.
19
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الفصل األول
20
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
يعتبر مبدأ التمثيلية السياسية للنساء مبدأ حديثا على الفكر السياسي ،على عكس مبدأ
المساواة بين الرجل و المرأة أو بين المواطنين فيما بينهم ،هذا األخير عرف نقاشا طويال
منذ قرون ،و لم تتطرق له النظم السياسية القديمة (الرومان ،و اليونان) التي جاءت
بمفهوم الديمقراطية ،لكن تطرقت إليه بمفاهيم كانت ثورة في زمنها ،غير أن مفهوم
الديمقراطية بشكلها الحديث ظهر مع اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان سنة ،1948ومن
ضمن ما جاء به هذا اإلعالن:
المساواة بين الرجل و المرأة في الحقوق و الواجبات.
مساواة المرأة بالرجل في الحقوق السياسية الشاملة من خالل:
تولي المرأة الوظائف السياسية العامة رئاسة الدولة ،أو البرلمان ،ورئاسة مجلس
الوزراء ،و الوزارة و القضاء....
حق المرأة في اإلنتخاب و الترشح للبرلمان.
إن أهم ما ميز دراسة مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة في مراحله األولى هو
سيادة النقاش بطابعه الحقوقي ال السياسي ،بل إقتبس هذا األخير مالمحه األساسية من
األول عبر طرح حقوق المرأة السياسية في القرن العشرين من خالل اإلعالن العالمي
لحقوق اإلنسان ،حيث بدأ العمل في التوسع و دراسة الحقوق و الحريات المعلقة عبر
تدوينها على شكل قوانين ملزمة ،ونتج عن هذه العملية ب ــروز وثائ ــق هـ ــامـ ــة لـ ــها صلـ ــة
مبـ ــاشرة بوضع الـ ـمـ ــرأة
والسيما في المجال السياسي ،كاإلتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة سنة ،1952
واإلتفاقية الخاصة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة و التي أقرت سنة ،1979
وبدأ تنفيذها سنة ،1981وأهم ما جاءت به هذه االتفاقية أنها حددت وبشكل دقيق
المجاالت الكونية لهذه الحقوق خاصة ما تعلق بضرورة كفالة مبدأ المساواة بين الرجل
و المرأة من خالل:
21
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
22
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
على هذه األفكار في وضع تشريعات تنظم العالقة بين مجموع الفاعلين سواء معنويين أو
ذاتيين خاصة ما تعلق بمبدأ المساواة بين الجنسين.
وخالل هذه المرحلة من البحث سنعمل على دراسة بعض األفكار السياسية سواء
الغربية أو اإلسالمية -العربية ،والتي تطرقت لموضوع التمثيلية السياسية للنساء ،وذلك
عبر طرح األسئلة التالية:
إلى أي حد عالج النموذج الغربي الليبرالي وضعية المرأة خاصة في المجال
السياسي؟
و ما هي أهم األفكار التي تم تداولها في هذا الباب؟
وهل كان للفكر اإلشتراكي تأثير على وضعية المرأة سياسيا؟
وما هي أهم األفكار السياسية التي جلبها هذا الفكر فيما يخص هذا
الموضوع؟
و كيف نظر الفكر اإلسالمي و العربي لوضعية النساء في المجال السياسي؟
المطلــب األول :التمثيليـة السياسيــة للنساء في الفكــر الغربــــي.
ال بد لنا و قبل أن نخوض في موضوع التمثيلية السياسية للنساء عامة وفي المغرب
خاصة ،أن نستعرض الوضعية التي كانت عليها المرأة في المجتمعات القديمة اجتماعيا وقانونيا
باعتبارها أرضية أولية كرست من خاللها المرأة معاناتها في المجتمعات القديمة و المعاصرة
لتحدد بعد ذلك مجال تدخلها في الحياة العامة وخاصة منها السياسية ،ومن الواضح لكل دارس
منصف ألوضاع المرأة أن يتبين له التباين في موقف األمم والشرائع اتجاه المرأة ،القسوة عليها
أو الرحمة بها ،مما يفسر إختالف أوجه النظر اتجاه هذا الكائن الذي وظف أو وظف عبر
مراحل التاريخ اإلنساني ليخلق نموذج لوضعية المرأة حاليا داخل المجتمعات اإلنسانية ،وخالل
هذا المطلب سنعمل على إبراز أهم معالم الفكر الغربي اتجاه المرأة وخاصة وضعيتها في الحياة
السياسية ،سواء ليبرالية كانت أو إشتراكية من خالل اعتماد اإليديولوجية السائدة في هذه
23
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المجتمعات ،و الموقع الذي فرضته أو خولته للنساء في الحياة السياسية مما سيدفعنا إلى طرح
مجموعة من األسئلة لمقاربة هذا المستوى من البحث داخل هذه المجتمعات.
كيف نظر الفكر الغربي لمبدأ المساواة بين الجنسين؟
وهل تطرق لدور المرأة في مجال التمثيلية السياسية؟
و ما الدور الذي لعبه الفكر اإلنساني القديم في وضع تصور لموضوع
التمثيلية السياسية لدى الفكر الغربي؟
وفيما تتمثل أهم أفكار الفكر الغربي الليبرالي في موضوع التمثيلية السياسية
وخاصة النسائية منها؟
و ما مستوى التأثير الذي لعبه الفكر االشتراكي في موضوع التمثيلية
السياسية ؟
24
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ومع ذلك كان فقهاء الرومان القدماء يعللون فرض الحجر على النساء بقولهم ":لطيش
عقولهن ،و جاء قانون جوستنيان ينص على أنه يشترط لصحة التعاقد أهلية حقوقية و أهلية
فعلية واقعية ،أما األهلية الحقوقية فيعتبر فاقدا لها كل من:
1األوالد (الصغار) و المعتوهون.
السفهاء في الحالة التي يصبحون فيها مدنين. -1
البنات و السيدات البالغات الخاضعات لسلطة رئيس أسرة (أب و زوج ) و ذلك في -2
الحاالت التي يصبحن فيها مدينات دون إذن من سيدهن.
النساء البالغات المستقالت و ذلك في الحالة التي يصبحن فيها مدينات دون إذن من -3
الوصي عليهن.
و لم تقتصر هذه النظرة الدونية اتجاه المرأة في المجتمعين اليوناني و الرماني بل امتدت
إلى مجتمعات أخرى ،مما يؤكد أن المرأة لم يكن لها دور سياسي داخل المجتمعات القديمة مما
يبرر أن الثقافة السياسية السائدة آنذاك لم تكن تعتبر أن المرأة كائنا سياسيا يمكن له أن يشارك
في العملية السياسية ،حيث يرى لوشيان بأن الثقافـة السياسية تشير إلى "مجموع االتجاهات و
المعتقدات و المشاعر التي تعطي نظاما و معنى للعملية السياسية ،و تقدم القواعد الحاكمة لسوك
األفراد حكاما و محكومين" و يعرفها سيدني فربا بأنها " المعتقدات الواقعية و الرموز التعبيرية
15
تحدد الوضع الذي يحدث الفعل السياسي في إطاره "
من خالل هاذين التعريفين يتضح لنا جليا أن المرجعية الفكرية للتمثيلية السياسية للنساء
بالغرب عامة لم يعرف لبناته وشكله الحداثي إلى خالل منتصف القرن العشرين من خالل
اعتماد مجموعة من األنظمة السياسية لبعض اآلليات لتشجيع دور المرأة داخل المشهد السياسي
خاصة مع إنشاء المنظمات الدولية و اإلقليمية و الجهوية و التي عملت على الترافع و الدفاع
عن قضايا المرأة ،خاصة في شقها الحقوقي وبمستواها الديمقراطي من خالل بروز مفهوم
المساواة بين الجنسين ،أو مفهوم المساواة الديمقراطية و التي اعتبرت من المفاهيم األولى التي
خضعت لهذا الطرح من خالل المفكر راولز و الذي ترك بشكل مقصود بعض التعابير
15
موسوعة العلوم الساسية (جامعة الكويت)ص .415
25
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الغامضة ضمن هذا المجال و أهمها تعبيران أساسيان هما " المنفعة للمجتمع" و "مفتوح للجميع"
األول يمكن أن يمتد إلى معنى آخر إما أن يكون مبدأ الثبات و الفعالية ،أو مبدأ االختالف ،أما
الثاني إما طريــق مفتــوح أمام المواهــب و اإلبداعات "أو" العدالة في الفرص" إذا افترضنا أن
المبدأ األول ليس غامضا سيكون لدينا إجماال و في هذه المرحلة ،أربع تفسيرات ممكنة
للمبدأين و التي يسميها راولز كما يلي -1 :نظام الحريات الطبيعية -2المساواة الليبرالية
-3ارستقراطية الطبيعية -4المساواة الديمقراطية ،راولز سيبعد الثالثة األولى لصالح
16
"المساواة الديمقراطية" لذلك نتناول هنا التفسير الثالث عند راولز لعالقته بموضوع بحثنا.
حيث انتقد راولز تلك األنظمة التي تضم بشكل كلي أو جزئي المالحظات التالية:
"-نظام الحرية الطبيعية " و الذي يفضي إلى عدم وجود دولة العناية أو الدولة الفاضلة ،حيث
يعتبر راولز نظام ظالم و مجحف و هو بذلك يرفضه.
-ثم هناك مجتمع المساواة الليبرالي و هو بذلك يدعو إلى مبدأ تكافؤ الفرص بين أعضاء
المجتمع الواحد في مختلف المجاالت و أمام كل الطبقات المجتمعية و هو بذلك يقلــص المسافــة
بين الطبقات و يقف أمام اإلصطدامات المتوقع بروزها بين طبقات المجتمع الواحد ،أو بين
أجناسه.
إن مبدأ المساواة بين طبقات المجتمع و تقليص الهوة بينها اعتبر منطلقا أساسيا لذى هذا المفكر
حيث إعتبره قاعدة لوضع سياسات اجتماعية ديمقراطية تجعل المجتمع قادرا على خلق نخبة
سياسية متأثر بقيم العدالة و المساواة.
نموذج الواليات المتحدة األمريكية:
جاء النموذج األمريكي مع ما يصطلح عليه بسياسة التمييز اإليجابي ،وذلك من خالل
إقرار سلسلة من التدابير ابتداء من أواخر الستينات من طرف قسم من اإلدارة الفدرالية،
و التي أتاحت معاملة تفضيلية ألفراد المجموعات اإلجتماعية التي كانت في الماضي
وبدرجات متفاوتة ،ضحية ممارسات تمييزية ،كالسود و النساء ،و ذوي األصول
16مدخل إلى الفكر السياسي الغربي الجزء األول إعداد و تأليف الدكتور صالح علي بيوف كلية القانون و العلوم السياسية االكاديمية
العربية في الدنمارك .
26
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
االسبانية وحفدة السكان األصليين ،وهمت التدابير المذكورة ثالثة مجالت هي :الشغل ،و
القبول بمؤسسات التعليم العالي ،وإ سناد الصفقات العمومية ،أما الهدف الرئيسي من هذه
التدابير فهو الرفع من النسبة التي تمثلها المجموعات السابقة الذكر بين المواطنين
المتوفرين على بعض المواد المادية و الرمزية ذات القيمة ،بمعنى آخر فإن األمر يتعلق
بتصحيح الجور الذي عانته هذه المجموعات ،و بالتقليص المتدرج لتهميشها داخل
المجتمع األمريكي.
و قد شكلت سياسات التمييز اإليجابي على الطريقة األمريكية موضوع مناظرة كبرى
داخل الواليات المتحدة األمريكية ،كما ألهمت طرق مماثلة عبر كل بقاع العالم.
كيفما كان طابع تدابير التمييز اإليجابي ،اجتماعيا أو اقتصاديا أو سياسيا ،فإنها تخلخل
الميثاق االجتماعي و المدني الذي يقوم عليه المجتمع الليبرالي و الديمقراطي ،حيث
أعادت صياغة ثالثة من مبادئه األساسية وهي:
كونية التغطية االجتماعية التي تضمنها الدولة للمواطنين.
مساواة الجميع أمام الخدمة العامة وولوج الوظائف العمومية.
عدم تجزيء الهيئة السياسية.
لكن ورغم هذه المبادئ العامة الرامية إلى تكريس مفهوم المساواة بين جميع
مكونات المجتمع األمريكي إال أنه يجب اإلشارة إلى أن آلية "الكوتا" تعتبر غير قانونية
في الواليات المتحدة األمريكية ،وعلى الرغم من ذلك فإن قانون التمييز اإليجابي تم
إعتماده في عهد حكم جون كيندي سنة ،1961لضمان حقوق األقليات على المستوى
ويمكن لهذه اإلحصائيات أن توضح وضعية المرأة بالواليات المتحدة السياسي
األمريكية بمراكز القرار السياسي.
ف منذ حصول المرأة األمريكية على حق التصويت في التعديل التاسع عشر للدستور
األمريكي سنة ،1920وهي تحاول الحصول على تمثيلية في المناصب السياسية يناسب
27
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
أعداد النساء التي تفوق الرجال في الواليات المتحدة األمريكية ،لكنها لم تقترب حتى
اآلن من تحقيق هذا الهدف.
وبحسب أحدث اإلحصاءات ،فإن المعدل الحالي لتطّو ر التمثيل السياسي للنساء في
الواليات المتحدة األمريكية في المناصب العليا على مستوى الواليات لن يصل بالمرأة
إلى تمثيل عادل قبل مرور 500سنة على األقل.
و يجب اإلشارة إلى أن مجموع المناصب السياسية في أمريكا ،التي لم تعتمد نظام
«الكوتا» لصالح النساء ،ال تتجاوز فيها تمثيلية النساء الربع من مجموع هذه المناصب،
بل أن هذه النسبة أقل من ذلك بكثير في المناصب الحساسة.
أما على مستوى الرئاسة ،لم تصل أي امرأة قبل ذلك إلى منصب رئيس الواليات
المتحدة األمريكية.
أما على مستوى المجالس التشريعية ،فتبلغ نسبة تمثيلية المرأة في مجلس الشيوخ ،%20
وفي مجلس النواب %18من مجموع النواب.
و على مستوى ُح كام الواليات وُع مداء الُم دن ،فتحتل النساء منصب حاكم الوالية في 5
واليات فقط من أصل 50بنسبة ،%10و %18من مناصب ُع مدة المدينة ،وتقل هذه
النسبة إلى %13فقط من عمداء أكبر 100مدينة في أمريكا.
وبالحديث عن المناصب التي تتحدد بالتعيين ال باالنتخاب ،فإن إدارة الرئيس الحالي
«باراك أوباما» قد رفعت ترشيحاتها للنساء في المناصب اإلدارية والقضائية بنسب
تتراوح بين %20و %50عن النسب التي حافظ عليها الرئيس السابق «جورج بوش
اإلبن» ،خصوًص ا بعد أن طالته انتقادات عديدة بعد تعيينات المستشارين التي كانت في
)1(.
17
معظمها تميل إلى الرجال
هذه اإلحصائيات توضح لنا أن النظام السياسي الليبرالي األول على المستوى
الدولي يتعامل مع موضوع التمثيلية السياسية للنساء بمنطق السوق ،أي أن للناخب
17
الموقع االلكتروني ساسة بوست ،موضوع :المرأة في السياسة األمريكية ..أين هي؟
28
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
األمريكي حرية إختيار من يمثله دون تمييز إلى أي طرف من الجنسين و بالتالي فمنطق
القوة يكون هو السائد في تدبير السياسات العمومية على مستوى هذا البلد ،و بأخدنا
للنموذج األمريكي نكون قد طرحنا مثاال واقعيا يعكس مستوى تفاعل هذا النظام مع
تمثيلية النساء سياسيا ،و التي ال تخرج عن واقع التمثيلية على مستوى العديد من
األنظمة السائرة نحو الديمقراطية ،مما يفسر أن مسألة تواجد النساء في المجال العام
ليست مرهونة بمستوى الديمقراطية السائدة بقدر ما هي مسألة إرادة سياسية لدى صانعي
القرار السياسي داخل كل نظام سياسي.
الفقرة الثانية :التمثيلية السياسية في الفكر اإلشتراكي.
إذا كان المفهوم الليبرالي للديمقراطية يتأسس على فكرة التمثيل أو النيابة ،ألنه يتعذر
من الناحية العملية أن يتولى الشعب بأجمعه الحكم ،فينتدب ممثلين عنه لمجلس نيابي
يختص بالسلطة التشريعية ،وتنبثق عن أغلبيته السلطة التنفيذية ،أي الحكومة ،في حين
تكون السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين ،وتتعدد األحزاب السياسية التي تؤطر
وتمثل مختلف فئات وطبقات الشعب ،وتتنافس في الحصول على أغلبية المجلس النيابي
ليؤول إليها حق تشكيل الحكومة ،بينما تضطلع األقلية بدور المعارضة ،فتراقب العمل
الحكومي ،وتطرح البدائل التي تراها مناسبة ،أو تعتقد أنها األكثر جدوى في تحقيق
الصالح العام.
فإن بعض رواد الفكر االشتراكي 18بما فيهم كارل ماركس يعتبرون أن الديمقراطية
التمثيلية هي الطريق األمثل لتحقيق الديمقراطية اإلشتراكية ،و أكد تأييده للديمقراطية
التمثيلية المستندة على اإلقتراع العام التي أقامتها الكمونة رغم هزيمتها حيث رأى بها
نموذجًا ممتازًا لدكتاتورية البروليتاريا ،على الرغم من تأثيراتها البورجوازية ،حيث أنها
حطمت جهاز الدولة البرجوازي و أقامت دولة عمالية ذات شعبية واسعة ،كما تحدث
أيضا سنة 1878عن إمكانية قيام حكومة منتخبة مكونة من مشرعين عماليين ،تكون
29
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
أيضًا مستعدة إلستخدام القوة في حال تعرضها للعنف ،فهو يرى أن السبيل المضمون
لتغيير الوضع هي تغيير القوانين و ذلك من خالل سيطرة العمال على المؤسسات
التمثيلية و التشريعية.
و بالتالي يمكن القول بأن لإلشتراكية مفهوما خاصا للديمقراطية ،يقوم على حصر حق
الممارسة السياسية وتولي الحكم في طبقة إجتماعية معينة تدعى (البروليتاريا) وهي
طبقة العمال ،أو في تحالف هذه األخيرة مع الفالحين الفقراء ،وذلك في إطار حزب
وحيد ،أو جبهة تتكون من تيارات ذات نفس المرجعية اإلشتراكية ،تحكم بإسم الشعب ،و
ال تسمح لقوى سياسية أو فئات إجتماعية أخرى لتعبير عن وجودها و اإلفصاح عن
خياراتها المخالفة ،وتسمي الطبقة الحاكمة طريقتها في الحكم ب( :الديمقراطية
المركزية( ،و بالتالي ترى بأن الطبقة البروليتاريا هي التي لها الشرعية في تمثيل
الشعب ألن في تصورها البروليتاريا هي الشعب من أجل قيام نظام تنتفي فيه الطبقة و
تسوده المساواة بين جميع أفراده و يكون للمرأة فيه دور أساسي.
إن تناول الفكر االشتراكي لقضية المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية لم يخرج عن
تصوره العام للديمقراطية ،التي هي مسار نضال من أجل تحرير البلورتاريا للوصول
إلى مجتمع يملك وسائل اإلنتاج و بالتالي إمتالك زمام الحكم فتصير الديمقراطية شعبية
يكون للمرأة فيها دور حيوي و فعال.
و يرى أصحاب الفكر اإلشتراكي بأن النضال من أجل تحرير النساء يجب أن ينطلق من
فهم واضح ألسباب و آليات إخضاعهن و إقصائهن.
حيث خلص جاكوب باشوفن Bachofen Josephمن خالل بحثه في موضوع
الحضارات و التنظيمات اإلجتماعية القديمة بأنه في المجتمع اليوناني القديم كانت المرأة
تتمتع بمكانة جد متقدمة و متميزة حيث ساد القانون األميسي ، droit maternelبحكم
أن المرأة أصل اإلنتماء للجماعة ،نتائج هذا البحث القت صدى قويا لدى باحث قانوني
أمريكي لويس مرغان Lewis Morganالذي توصل في البحث الذي أجراه على قبيلة
30
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
للهنود الحمر إيروكوا Iraquoiإلى أن مكانة المرأة كانت جد متميزة ،حيث أن ديتها
أغلى من دية الرجل و أنها تستطيع أن تتخلى عن شريكها كلما أرادت ذلك بوضع
أغراضه على باب المسكن ،و تتمتع أيضا بسلطة إقتصادية مهمة ،فهي المسؤولة عن
تدبير البيت و مخازن الحبوب.
و يرى جوسيف باشوفن بأن المرأة لم تفقد تلك المكانة و اإلمتيازات إال مع ظهور
الملكية الخاصة فمالت الكفة لصالح الرجل.
وفي كتابه أصل األسرة و الملكية الخاصة و الدولة خلص انجلز Engelesإلى أنه في
عهد المجتمعات البدائية لم يكن وجود لخضوع جنس آلخر إلى حين ظهور الزواج و
األبيسية patriarcatو المجتمعات الطبقية و الفوارق اإلقتصادية بسبب إنتشار الملكية
الخاصة ،فتراجعت مكانة المرأة و انتهى بذلك العهد األميسي ،فتحولت مقاليد تدبير
البيت من المرأة إلى الرجل فتراجعت مكانة المرأة و أصبحت مسخرة لخدمة الرجل و
تلبية متعه ووسيلة إنجاب ال غير.
و لقد أنطلق أنصار الفكر اإلشتراكي في أطروحتهم من كون أن مقاربة
الديمقراطية الغربية الليبرالية لتحرير المرأة و تمكينها من حقها في المشاركة في الحياة
السياسية مقاربة تهدف باألساس إلى تكريس سيطرة الطبقة البورجوازية و الحفاظ على
مصالحها ،فالمرأة ال يمكن أن تتحرر فقط بإصالح القوانين و رفع الضغوطات االقتصادية
و االجتماعية عنها ،و إنما يتحقق تحريرها في بناء مجتمع تختفي فيه الطبقية ،و النظام
الشيوعي هو الوحيد القادر على تحرير المرأة وخلق التوازن بين الجنسين ،وهذا ما
سجله لينين ،حيث قال بأنه ليس هناك دولة رأسمالية واحدة استطاعت أن تخرج المرأة
من اإلستغالل ،و أن تمتعها بحقوقها كاملة غير منقوصة ،19وهو نفس الرأي الذي تبنته
األممية اإلشتراكية في أول مؤتمراتها ،حيث ترى بأن النتيجة األساسية لإلستعباد المنزلي
و األسري الذي تعيشه المرأة تكمن في إقصائها من كل الغايات المفيدة و من الحياة العامة
بحكم أن المسؤوليات األسرية و المهام المنزلية تقيد حرية المرأة و تحرمها من المشاركة
19
Lénine, V. I., Sur l'émancipation de la femme, Moscou, Éd. du Progrès, 1973, p. 63.
31
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
على قدم المساواة مع الرجل في الحياة السياسية ،و بالتالي سيكون وعيها السياسي و
اإلجتماعي جد محدود و قاصر.
كما يعتبر اإلشتراكيون بأن إقصاء المرأة من العمل السياسي عائق مهم أمام تحقيق
الثورة و الشيوعية ،و بأن أي نظام يقصي نصفه ،فهو نظام ليس ديمقراطيا.
و لتجاوز هذا الوضع طالب االشتراكيون بإدماج النساء في عمل سياسي منظم من أجل
اإلنعتاق من سيطرة البورجوازية و الكنيسة و تدريبهن على العمل السياسي ،و في
تصورهم أيضا بأن تمكين المرأة من حقها في المشاركة في الحياة السياسية و صناعة
القرار يمر عبر تمكينها من حقوقها اإلقتصادية و اإلجتماعية دون ذلك تصير كل
الحقوق األخرى مجرد حبر على ورق كما هو الشأن في الديمقراطيات البورجوازية.
" Ici déjà, il apparaît que l'émancipation de la femme,
son égalité de condition avec l'homme est et demeure impossible
tant que la femme restera exclue du travail social productif et qu'elle
devra se borner au travail privé domestique. Pour que
l'émancipation devienne réalisable, il faut d'abord que la femme
puisse participer à la production sur une large échelle sociale et que
le travail domestique ne l'occupe plus que dans une mesure
insignifiante. Et cela n'est devenu possible qu'avec le
développement de la grande industrie moderne qui non seulement
admet sur une grande échelle le travail des femmes, mais aussi le
requiert formellement et tend de plus en plus à faire du travail
20
."domestique privé une industrie publique
هذه الخالصات لم تكن محط إجماع من قبل علماء األنثروبولوجيا ،و خاصة من قبل
المدرسة األمريكية التي بفضل وسائل البحث المتطورة التي إمتلكتها ،لم تسلم بأن المرأة
20
Marx Engels, The Communist Manifisto , op. cit., p. 148.
32
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
كانت لها سلطة على الرجل ،بل إعتبرت أن إختصاصات المرأة لم تتجاوز شؤون
البيت ،أما فيما يتعلق بشؤون القبيلة أو الجماعة فالرجال هم أصحاب اإلختصاص.
وعلى العكس من ذلك فأصحاب الفكر اإلشتراكي يسلمون تسليما تاما بأن المرأة في
المجتمعات الرأسمالية يتم استغاللها مرتين ،مرة و هي زوجة تتحمل جميع أعباء البيت،
و مرة وهي عاملة تستغل من قبل أرباب العمل و من يملك وسائل اإلنتاج و المتحكمين
في نظام الربح.
فرغم أن المدرسة الماركسية بدلت جهودا فكرية كبيرة إلثبات بأن الملكية هي مشكل
غياب المساواة بين الجنسين يمكن القول بأنه ال يمكن أن نعمم خالصات انجلز على كل
المجتمعات البدائية ،و هذا ما أتبتثه األنثربولوجية مارفين ميغيت Mervyn Meggitفي
كتابها عالقات الذكور و اإلناث ،حيث الحظ ــت أن الرج ـ ـ ــل كـ ــان يتحك ـ ــم فـ ــي األن ـثــى
ويتمتع بسيـ ــطرة علـ ـي ــها ،حيث أن النساء في ظل هذا المجتمع لم يكن لهن حق الملكية
وال التشارك في شؤون القبيلة إال نادرا ،و في أعمال جد محدودة كإعداد الطعام للرجال
أو اإلدالء بشهادتها في بعض المنازعات و القضايا ،غير ذلك ،فهي ملزمة باإلحتفاظ
برأيها لنفسها ،بل أنه على المرأة أن تغض بصرها عندما تصادف رجال في طريقها.
و تذهب بعض األبحاث إلى أن جذور هيمنة الرجال سابقة على ظـ ـ ـه ــور الـ ـط ـب ـقـ ـ ــات
اإلجتماعية و الدولة و الثروات و تعود تحديدا إلى تقسيم العمل وفق الجنس ،مما رفع
مكانة الرجل بدعوى أنه يمارس نشاطات و إختصاصات إستراتيجية و مهمة في حياة
الجماعة ،مثل األعمال الحربية و الدفاع عن القبيلة ضد اإلعتداءات الخارجية و الصيد،
ومن ثم صارت النساء مجرد وسائل لتنفيذ استراتيجية الرجال.
المطلب الثاني :التمثيلية السياسية للنساء في الفكر اإلسالمي -العربي:
إن مشاركة المرأة في الحياة السياسية رهين بظروف المجتمع الذي تعيش فيه ،وتتوقف
درجة هذه المشاركة على مقدار ما يتمتع به المجتمع من حرية وديمقراطية من الناحية
السياسية ،وعلى ما يمنحه المجتمع من حريات إجتماعية للمرأة لممارسة هذا الدور.
33
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
لذا فال يمكن مناقشة المشاركة السياسية للمرأة العربية و اإلسالمية دون الرجوع إلى واقع
حالها في مجتمعــاتها خاص ــة ما تعلــق بالواجبات والحقوق التي كانت تمارسها مع نظيرها
الرجل ،مما سيمنحنا إمكانية وضع تصور يمكننا من معرفة األدوار المباشرة التي لعبتها
هذه العوامل في تحديد مكانة المرأة داخل المجتمعات المعاصرة خاصة ما تعلق بمساواتها
مع الرجل ،وذلك عبر األخد بعين اإلعتبار التداخل الذي يمكن أن نصادفه خالل هذا
المطلب بإعتبار أن جل المجتمعات العربية ذات مرجعية إسالمية إال أننا سنحاول قدر
اإلمكان معالجة الموضوع من خالل فصل المدخالت بين الفكر العربي والذي نعتبره
قطريا والفكر اإلسالمي الذي نعتبر عاما وشامال بين مختلف االبالد العربية ،حيث أن هذه
األخيرة تتميز بمشاركة سياسية للنساء دون المستوى المطلوب ،فعلى الرغم من التقدم
الذي شهده وضع المرأة العربية في مجالي الصحة والتعليم لم تقترن هذه المكاسب
بانجازات مماثلة في الميدان السياسي حيث أن حصة المرأة في المشاركة في الحياة العامة
والسياسية على وجه الخصوص في المنطقة العربية هي من بين أدنى الحصص على
المستوى الدولي ،وعلى أرض الواقع توجد فجوة كبيرة جدا بين التوجهات والقرارات
الدولية وبين واقع تمكين المرأة العربية سياسيا ،ففي الوقت الذي تحاول الدول العربية أن
تلبي في دساتيرها متطلبات التوجهات والقرارات الدولية ،هناك على صعيد الممارسة
تفاوت كبير بين جوهر هذه التوجهات والواقع التمكيني للمرأة العربية ،مما يستلزم توافر
اإلرادة السياسية الداعمة لبلوغ المرأة إلى مراكز القرار وإ قرار حقوق المواطنة والحقوق
السياسية وتقديم الدعم لكل خطاب سياسي إصالحي يقدم المرأة كمحور لإلصالح
السياسي ،وستظل حقوق المواطنة و الحقوق السياسية ناقصة إذا لم تشمل النساء في
الممارسة الفعلية خاصة على مستوى الضمانات القانونية ،مع العلم أن المرجعية اإلسالمية
هي األساس بالنسبة لمعظم األنظمة السياسية العربية حيث تأكد هذه المرجعية على مبدأ
المساواة بين الرجل والمرأة ،وتأكد على ضرورة إقرار هذا المبدأ بين الجنسين سواء فيما
34
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
يخص أمور اآلخرة من األجر والتواب وفي العقيدة والشعائر أو ما تعلق بأمور الحياة من
تدبير و تسيير لألسرة واألعباء.
وعامة يكتنف أي بحث تحليلي حول قضايا المرأة وشؤونها وعالقتها باألسرة ودورها في
المجتمع والحياة وحقوقها الطبيعية األصلية بقدر كبير من التعقيد والتشابك بل والحساسية
المفرطة ويرجع ذلك لثقل الموروث المتراكم عبر مئات السنين بات حجمه من أقوال
ورؤى الفقهاء واألحاديث المروية والمنسوبة إلى رسول اهلل عليه الصالة والسالم وعلى
آله الطيبين ،حيث أصبح التعامل مع هذا الموضوع على نحو مختلط ومتداخل ومتوحد
مع الدين بتعاليمه وأحكامه دون تفريق أو تمييز بين ما هو صادر على اهلل سبحانه وتعالى
في كتابه العزيز كدين يتعبد به ،وما هو وضعي إنساني غير ديني ،وبين ما هو مقدس
كأحكام ملزمة ،وما هو اجتهــادي قابــل للنقــاش و األخــذ والرد ،وهكذا فإن تناول ما ورد
ضمن سياق ومكونات ذلك الموروث المتراكم بالرأي والتحليل والنقد والتمحيص يتم
النظر إليه بإعتباره خروج وارتداد وكفر بالدين.
حيث أن الحقيقــة المرة والمؤسفة كون أن موروثنا المتراكم وخاصة ما يتعلــق منه بالمــرأة
قد لعــب فــي معظمــه دورا رئيســا في الحـط من مكانتـها ،وإ لحــاق الضــرر بصورتــها
و سمعتها ،منتقصا من قدراتها وصفاتها وقوتها وكفاءتها.
ولكل ما سبق فإن تناولنا لمسألة الحقوق السياسية األصلية للمرأة في الفكر اإلسالمي
تدفعنا إلعتماد مصدر واحد وهو القرآن الكريم كتاب اهلل المحكم ،دون الدخول في
متاهات الموروث المتراكم وإ ختالفاته وتناقضاته ،وإ ن كنا قد نستشهد لتدليل على ما
سنتوصل إليه من استنتاجات في بعض الروايات التاريخية التي تؤكد على األدوار
والفعاليات الرئيسية الهامة التي نهضت بأعبائها المرأة على أكفأ و أفضل صورة كفقرة
أولى مع تحديد المعوقات التي تقف أمام المشاركة السياسية للمرأة في العالم اإلسالمي.
أما في الفقرة الثانية من هذا المطلب سنتطرق فيه إلى واقع المشاركة السياسية للمرأة
العربية مع تحديد معوقاتها ثم إقتراح الحلول المرجوة للرفع من تمثيلها السياسي.
35
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
36
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
للجنس ذكورا و إناثا ،أو وفقا للعرف و المكانة اإلجتماعية و اإلقتصادية ،أم ساوى بين
الجميع دون تمييز؟
و في محاولة لإلجابة على هذا السؤال الجوهري نقول أن اهلل الخالق سبحانه كما تؤكد
عليه آيات القرآن الكريم قد وجه خطابه و دعوته و أمره بشكل أساسي على ثالثة
مستويات هي:
المستوى األول :و فيه توجه اهلل جل جالله بالخطاب إلى البشرية عامة أو إلى بني آدم
كلهم بإختالف أجناسهم و ثقافتهم و إعتقاداتهم ،دون تمييز بين ذكر أو أنثى قال تعالى «
يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم
عند اهلل أتقاكم».
المستوى الثاني :و فيه يوجه الخطاب و الدعوة و األمر إلى المؤمنين و في كثير من
آيات القرآن الكريم يخاطبهم اهلل سبحانه بعبارة ( يا أيها الذين آمنوا) أو ( المؤمنين) أو
(المتقين) ،و المقصود بهم رجاال و نساء على حد سواء ...قال تعالى « فاستجاب لهم
ربهم أني ال أضيع عمل عامل منكم من ذكر و أنثى ،بعضكم من بعض فالذين هاجروا و
أخرجوا من ديارهم و أوذوا في سبيلي و قاتلوا ألكفرن عنهم سيئاتهم و ألدخلنهم جنات
تجري من تحتها األنهار ثوابا من عند اهلل و اهلل عنده حسن الثواب» آل عمران اآلية
21
.195
و يقول سبحانه و تعالى في كتابه الكريم « و من يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى
وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة» النساء اآلية .22124
و قــوله عز وجــل « و من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طبية»
.97 النحل
و كثير من اآليات األخرى التي تخاطب اإلنسان فردا و اإلنسان الفرد يشمل األنثى و
الذكر على حد سواء ،و تأتي اآلية الكريمة بأن شؤون الحياة و المجتمع شورى بين الناس
21
سورة آل عمران اآلية .195
22
سورة النساء اآلية .124
37
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
دون تمييز قال تعالى «:واللذين استجابوا لربهم و أقاموا الصالة و أمرهم شورى بينهم و
38 مما رزقناهم ينفقون» الشورى
" فيما رحمة من اهلل لنت لهم ،و لو كنت فظا غليظ القلب إلنفضوا من حولك فاعف عنهم
و استغفر لهم و شاورهم في األمر".
و نص اآلية أوضح بأن المقص ــود ب (وأمرهــم) و (شاورهم في األمر) تعني عموما لفظ
(أمر) و (األمر) دون تحديد أو تقييد و تعني أن الشورى و المشاورة واجبة و ملزمة في
أمر المؤمنين جميعا بغير استثناء و يشمل الذكر و األنثى الرجال و النساء.
في الواقع و من خالل دراستي لسور الق ــرآن الكريــم لم نجد نصا قرآنيا ين ــص بشكــل
مباشر أو ضمني على تحريم واضح و صريح لتولي المرأة ألي موقع أو منصب أو
مسؤولية قيادية في الدولة أو المجتمع يمكنها من إدارة و توجيه و تقرير شــؤون المجتمــع
و الحياة ،بما فيها مناصب المسؤولية في المجتمع (الرئاسة) أو قيادة الجيش أو األمن.
إن الحقوق السياسية و العامة و المكفولة لإلنسان استنادا إلى مدلوالت و معاني اآليات
القرآنية الكريمة الواضحة تماما ،تؤكد أن الخطــاب القرآن ــي يتجه أو يتوجه فيما يتعلــق
بالحقوق السياسية و االقتصادية و االجتماعية و المسؤولية الواجبة و الملزمة لإلنسان فردا
أو جماعة تقر بضرورة المشاركة المباشــرة و الفاعلة في مجــاالت العمــل العــام كافة
إلدارة وتوجي ــه وتقويــم طبيعة و مسار حــركية المجتمع و أسلــوب حياته بما يكفل تحقيــق
و اإلزدهار و العــدالة و األمــن و األمان ،حيث يتوجه الخطاب القرآني فيما التقــدم
يخص هذا المجال الحيوي الهام ،إما إلى الناس كافة أو إلى المؤمنين و المتقين أو إلى
اإلنسان الفرد ،و في كل هذه المستويات الثالثة للخطاب القرآني فإن المخاطبيــن يشملون
الرجال و النساء اإلناث و الذكور على حد سواء و دون أي تمييز أو تفضيل أو إنتقاص.
و بالرجوع إلى الروايات التاريخية التي أرخت لواقع الحياة و عالقات المرأة منذ فجر
اإلسالم األول تؤكد على حقائق رئيسية و هي كالتالي:
38
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
أن المرأة مارست حقها في حرية اإلعتقاد و بمحض إرادتها دون وسيط و محرم ،و
آمنت باإلسالم و عقدت مبايعة بينها و بين الرسول عليه الصالة و السالم و خير دليل
على ذلك سيدتنا خديجة رضي اهلل عنها حيث كانت أول من أسلم بالرسالة المحمدية.
مواظبة المرأة على حضور العبادات الجماعية صالة الجماعة ،صالة الجمعة،
االجتماعات العامة الطارئة ،المشاركة بالرأي و المناقشة لمختلف القضايا الدينية و
السياسية التي تهم المجتمع و قضايا الحرب و السالح ...إلخ.
مشاركتها في المعارك الحربية الدفاعية و خاصة المهام المساعدة و اللوجستيكية بل
وتولت أحيانا مسؤولية قيادة الجيش فقد كان جيش الخوارج الذي هزم جيش الحجاج تقوده
إمرأة.
و في مرحلة تاريخية الحقة كانت المرأة ملكة و حاكمة تدير الدولة و شؤون الحكم
و الحرب بطريقة غير مباشرة تحت غطاء زوجها الملك مثل السيدة أسماء الصليحي
زوجة الملك علي محمد الصليحي ،أو بطريقة مباشرة كملكة حاكمة مباشرة و بشكل
متواصل لما يزيد عن أربعين عاما كالسيدة الحرة الملكة أروى بنت أحمد الصليحي حيث
و جدارتها و كفاءتها العالية في إدارة شؤون الدولة و الحكم و الحرب و أبانت أهليتها
23
السياسة ...
و من خالل ما سبق يمكن اإلشارة إلى أن المرأة تتميز بالخصوصية في الوضع و الدور
السياسـي من المنظــور اإلســالمي ،هذه العبارة لم تعـد فرضا قابال للبحث العلمــي المجرد
فهي مسألـة بحثيــة و واقعية ،و هي مشكلة من مشكالت السياسة و المجتمع في البلدان
المسلمة ،إذ أن القضية هنا في بحث إقصاء المرأة من الشأن السياسي في المجتمعات
المسلمة ،كما أن المشكلة المرتبطة بالقضية هي مدى صلة اإلسالم بهذا اإلقصاء السياسي،
و اإلفتــراض الموضوع هنا هو :ما الوضع الذي يحدده اإلسالم للمرأة في المجتمع و
الدور المترتب على ذلك في كل شؤونه الخاصة و العامة؟
23الملتقى الديمقراطي الثاني و الثالث النساء و السياسة :رؤى دينية – إشكاليات و حلول – تنظيم منتدى ..العربي لحقوق اإلنسان 14
23-شتنبر – 2004صنعاء -عدد ص 165
39
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تستدعي القضية بحثا حول مسائل رئيسية أهمها :اإلسالم و التمييز بين الذكر و األنثى
و مسألة العالقة بين الدين و السياسة ،ثم مسألة العالقة بين المجتمع و السلطة السياسية،
و في كل هذه المسائل يبقى األصل و األساس فيها هو الزعم بأن اإلسالم يحرم المرأة من
الحق السياسي في والية سلطاته العامة من منظور انتقاء أهليتها الجسدية و الذهنية كأنثى
و لم يقتصر أثر هذا الزعم على األمر السياسي بل عم كل النسوية و شؤونها الخاصة
و العامة من حدود األسرة إلى مقام المواطنة و حقوقها في العلم و العمل و عبادة اهلل.
و لتجاوز هذه النظرة الدونية التي يحاول البعض الترويج لها من خالل إبراز التفاوت
المفتعل بين الذكر و األنثى سنبدأ بإثبات صدق الدعوى عن زوجية اإلنسان و من بيانات
الهدى و الفرقان من سورة القيامة « أيحسب اإلنسان أن يترك سدى ألم يكن نطفة من
مني تمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر و األنثى » و من اآليات
نفهم أن الذكر و األنثى يتواجدان زوجين في اإلنسان ،بحيث يتساوى الزوجان في هذا
المقام خلقا و خلقا ،و ثانيا نقرأ في (األقوام من هدي القرآن) بيانات قاطعة أساس
التفاضل بين الناس هو التقوى ألن الذكورة و األنوثة أصل جاء منه خلقهم جميعا ففي
اآلية 13من سورة الحجــرات يقول سبحانه «:يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و
جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اهلل أتقاكم إن اهلل عليم خبير»
إذا فالذكر و األنثى زوجان لجنس اإلنسان الواحد ال يترتب على إختالف الزوجيــن أية
أفضلية ألحدهما على اآلخر ،و األس ــاس الوحي ــد للتفاضــل بينهما على األكرمي ــة عند اهلل
هو التقــوى و الميزان الواحد الذي يقاس به الجزاء و الثواب عند اهلل أيضا هو عمل
المؤمنين من ذكر و أنثى.
إال أن تميز وضعية اإلقصاء السياسي للمرأة في المجتمعات المسلمة عن األوضاع
اإلقصائية األخرى بكونها مؤسسة على اإلسالم ،و قائمة على مرجعيته النصية في الكتاب
و السنة و بعيدا عن الجدل المشروع مع ثقافة اإلقصــاء الديني لألنثى ،نقول في هذا
الصدد أن هذه الثقافة نتــاج تفاعــل تاريخي بين الناس و مصادر الدين النصية ،بحيث
40
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
يجوز لنا القول إنها اجتهاد المسلمين في فقه الدين و ليست الدين بحرفيته و كليته النصية
و األصولية لهذا يكون من الظلم الكبير للمرأة و الدين التعامــل مع العالقة بينهما في
المجال السياســي دون األخذ بعي ــن االعتبــار الظرفيــة التاريخيـة و الظرف االجتماعي الذي
نبعت منه هذه المرجعية خاصة و نحن نعلم تواثر األحداث التاريخية التي عرفتها
المجتمعات اإلسالمية خاصة مع بروز مفهوم الدولة األمة و ما سبقها ،كما أنه ال يتوافر
نص في الكتاب و السنة يجعل من أعمال القضاء و السلطة حكرا على الذكور فاإلسالم
يشترط في كل عمل أهلية العامل و كفاءته و يلزمه باألمانة و اإلحسان و ال يوجد نص
ثابت في الكتاب و السنة يجعل الذكورة معيارا لوالية العمال في القضاء و السياسة
العامة ،ففي العهد النبوي و في العهد الراشدي كان التح ــول المجتمع ــي من أوضـ ــاع
الجاهلية إلى عــدل اإلس ــالم محكــوما بالظرفية التاريخية التي حالت دون ظهــور نساء أو
عبيــد في مواقــع القيــادة السياسيــة و االجتماعية ،و كانت السيرورة التاريخية كفيلة بحدوث
مثل هذا في مراحل الحقة ،حيث تغير مساره إلى إتجاه الملك الفردي و الوراثة ،هنا ظهر
تذكير الوالية السياسية و أضيفت له صبغة شرعية منسوبة إلى اإلسالم.
معيقات المشاركة السياسية للنساء في المجتمعات المسلمة: -
في معظم المجتمعات المسلمة تتحدد معيقات المشاركة السياسية للمرأة في بنية كلية من
الكيان االجتماعي يمكن تعيينها في عناوين فرعية جامعة و سوف أكتفي هنا بذكر هذه
العناوين فقط ،ألن كل عنوان منها يشكل قضية كبرى ،و تستقل بذاتها كموضوع يتطلب
أكثر من جهد بحثي من منظور العام المشترك عند دراسته في كل المجتمعات المسلمة ،أو
من منظور الخاص المختلف في كل مجتمع منها على حدى:
المعيقات السياسية :و هي مجموعة من العوائق المتصلة بالجانب السياسي في كليته و
المتكونة من الفكر و الفعل و البنية و الممارسة.
المعيقات االقتصادية :و هي مجموعة العوائق القائمة في الجانب االقتصادي من حيث
الفرصة المتاحة للكسب و اإلنفاق.
41
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المعيقات الثقافية :و هي مجموعــة العوائــق الكائنة في الثقافــة السائ ــدة عن الحق
السياســي و شروطه لدى الفرد و المجتمع.
المعيقات المجتمعية :و هي مجموعة العوائق المترتبة على قيمة الفرد في المجتمع و
محددات العالئق األفقية و العمودية بين األفراد و الفئات.
المعيقات الذاتية :و هي مجموعة العوائق المرتبطة بأهلية األفراد و كفاءتهم العلمية و
العملية لممارسة العمل السياسي.
فإذا كانت العناوين الخمسة السابقة تمثل عوائق جزئية للذكور في معظم المجتمعات
المعاصرة بالعالم اإلسالمي ،فإنها بالنسبة لإلناث تمثل عوائق كلية بحيث يكون الحديث
ناقصا عن المشاركة السياسية للمرأة إذا لم يتسم بشموله كل تلك المعيقات ،و عموما فإن
البحث عن معيقات المشاركة موصول جدال بمطلب التحول من معيقات الواقع إلى
متاحات المستقبل ،هذا يعني أن معرفة معيقات المشاركة يرتبط عضويا بمعرفة متاحات
التحول في مشروع التغيير الهادف إلى تمكين المرأة من حق المشاركة السياسية في
المجتمعات المعاصرة.
شروط التغيير:
مما ال يقبل الجدل في المجتمعات المسلمة عامة و المجتمعات العربية تحديدا ضرورة
اإلصالح في بعض جوانب الوجود المجتمعي و نظمه المختلفة ،إذ أن الحاجة إلى تغيير
الواقع العربي الراهن سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا و تعليميا و اجتماعيا ،هي حاجة وجود
و مصير تتسم تلبية هذه الحاجة بالشمولية و الجذرية في مشروع متكامل للتغيير في
المجتمعات العربي ــة اإلسالمي ــة ،هنا تتخذ خصوصية المرأة مرتكزا محوريا في مشروع
التغيير و عمليات التحول الجزئية و الكلية في مراحلها المتدرجة على مختلف الجوانب إذ
يتطلب مشروع التغيير في جدريته أمرين:
األول :تأسيس الكيان السياسي في المجتمع على حق المواطنة لكل أفراده و على هذا
األساس تصبح المشاركة السياسية مؤسسة على شراكة المواطنة المتساوية في الحق بعيدا
42
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
43
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
السياسي نتاجا للواقع االجتماعي الذي يقوم على حرمان الجماهير من حريتها و حقوقها
اإلنسانية ،و بما أن هذه الوضعيــة تتعــارض مع مسي ــرة التاريخ و قوانينـه فإن الفئات
المهمشة تكتسب من خالل واقعها و تجاربها وعيا سياسيا يمكنها من التحكم بمسيرة
التاريخ و إمتالك حريتها.
و بهذا نرى أن البناء االجتماعي و الواقع التاريخي يعتبران عاملين -
أساسيين يحددان وعي اإلنسان و سلوكه السياسي.
إن حرية المرأة السياسية هي جزء من حريتها العامة ،و هي حق من -
حقوقها الطبيعية و ال تكتمل إنسانيتها إلى بالحرية.
و قد ظفرت المرأة بهذا الحق حينا و ما تزال تكافح في سبيله حينا آخر ،حيث يعتبر هذا
الحق مكسبا إنسانيا لكنه يظل مجردا ما لم يتكرس على صعيد الواقع الحياتي ،و ما لم
يرتقي الوعي االجتماعي العام إلى مرحلة تصير فيها مسألة حرية المرأة مطلبا جماهيريا،
أي تستلزمه حركة التغيير اإلجتماعي و التاريخي فتغير السلوك السياسي للمرأة إنما يتعلق
بتغير السلوك العام ،فهو محكوم بالتغيرات اإلجتماعية الشاملة و ما يترتب عليها من
تغيير في العالقات اإلجتماعية ،و إجماال يمكن اعتبار المشاركة السياسية للمرأة العربية
هي دون المستوى ،فعلى الرغم من التقدم الذي شهده وضع المرأة العربية في بعض
المجاالت خاصة االجتماعية منها لم تقترن هذه المكاسب بإنجازات مماثلة في الميدان
السياسي و حصة المرأة في الحياة العامة و السياسية في المنطقة العربية هي من بين أدنى
الحصص في مناطق العالم ،و على أرض الواقع توجد فجوة كبيرة جدا بين التوجهات و
القرارات الدولية و بين واقع تمكين المرأة العربية سياسيا ،ففي الوقت الذي تحاول الدول
العربية أن تلبي في دساتيرها متطلبات التوجهات و القرارات الدولية ،هناك على صعيد
الممارسة تفاوت كبير بين جوهر هذه التوجهات و الواقع التمكيني السياسي للمرأة
العربية ،مما يبرر جملة من المعوقات اإلجتماعية و اإلقتصادية و السياسية و التي تعيق
المرأة عن المشاركة السياسية الفاعلة في الوطن العربي و هي:
44
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
45
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
مثل :المغرب و السودان و األردن ،مما يجعل وضعية المرأة داخل األجهزة المنتخبة يتسم
بالضعف أو اإلنعدام في غالب الحيان.
هيمنة القبلية و الطائفية و العشائرية:
تميزت العمليات اإلنتخابية بالعالم العربي و خاصة منه المشرقي بهيمنة القبلية على نظام
اإلنتخابات ،هذا األخير يقوم باألساس و بدرجة أولى على اإلنتماء إلى القبيلة أو العشيرة،
و يحكم حسب تقاليد قبلية خاصة ففي هذا النظام يقدم المرشح أو يشارك في االنتخابات
بوصفه ممثال للقبيلة باألساس و ليس كفرد في المجتمع أي مواطن ،و هذا ما يقع في
اليمن مثال ،إذ تطغى على المنافسات السياسية اإلنتماءات الضيقة إلى القبيلة قبل الشعور
بالمواطنة ،أما نظام الطوائف فهو نظام يقوم على تمثيل الطائفة بالدرجة األولى بدال من
أن يكون تمثيال للمواطنين و المواطنات و هذا سائد في لبنان كذلك حيث يفصل قانون
االنتخابات على قياس زعماء الطوائف بالدرجة األولى.
ثانيا :العوامل اإلقتصادية.
حيث تؤث ــر التحــوالت االقتصادية في المجتمعــات العربيــة على المرأة بصورة أكبر من
الرجل ،فالمرأة في المجتمعات العربية ال تتمتع باالستقاللية االقتصادية في غالبية األحيان
لذا فإن الفقر و التبعية االقتصادية و اإلشتغال بمطالب الحياة اليومية يمثالن أهم العوائق
االقتصادية التي تحول دون مشاركة المرأة في العمل العام و العمل السياسي ،خاصة في
المجتمعات العربية المحافظة.
ثالثا :العوامل اإلجتماعية.
تتعدد العوامل اإلجتماعية التي تعوق مشاركة المرأة في الوطن العربي و ربما يكون
أهمها:
الثقافة الشعبية:
حيث تعمل الثقافة السائدة في المجتمع على التفرقة بين الشأن العام و الشأن الخاص ،و
يقتصر دور المرأة على العمل الخاص المتعلق بأمور العائلة بينما تعتبر إدارة الدولة أي
46
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
العمل العام جزء أصيل من إختصاص الرجل ،فعلى سبيل المثال تركز الكتب المدرسية
في السودان على أن المرأة هي الكائن األضعف ،و تبرز أن مهامها تنحصر في العمل
داخل منزلها ،و إذا كانت نسبة تسجيل النساء في لوائح اإلنتخابات في العديد من الدول
العربية مثل سلطنة عمان ،البحرين و قطر أعلى من نسبة تسجيــل الرجــال إال أنها ليســت
من منطلــق الح ــرص على مشاركــة النساء في العملية السياسية ،و إنما من منطلق إستغالل
األصوات النسائية و التي تمثل كتلة انتخابية في تدعيم مرشح ثم اختياره من قبل العائلة أو
القبيلة ضد مرشح آخر.
قلة القوانين المنصفة للمرأة:
مع غياب أو ضعف وعي المرأة العربية بحقوقها خاصة منها السياسية ،تكرست ثقافة
تشريعية تميزت في غالبها باإلجحاف اتجاه المرأة ،حيث إقتصرت مطالب المرأة العربية
في الدفاع عن حقوقها الشخصية خاصة ما إرتبط باألحوال الشخصية دون النظر إلى
مطالب أخرى و بشكل منظم يسمح لها بتموقع إجتماعي و سياسي يؤهلها لتحقيق مطالبها
دون إنتظار النظر إلى قضاياها بعين من الشفقة المزيفة ،و لدراســة أكثــر موضوعيــة
ح ــول األنظم ــة العربية و نظرتها لمسألة التمثيلية السياسية للنساء سنعمل على إبراز بعض
النماذج و التي ستمنح لنا نظرة أكثر موضوعية حول مسألة التمثيلية النسائية مما سيدفعنا
إلى طرح األسئلة التالية:
-كيف عالجت األنظمة السياسية العربية مسألة التمثيلية السياسية للنساء؟
-و ما هي المعيقــات التي تواج ــه هاته األنظمة إلدماج أكثر للنساء في مجال صناعة القرار
السياسي؟
-و ما هي التدابير التي شّر عتها هذه األنظمة لتحقيق ذلك؟
و من أجل ذلك سنقتصــر خالل هذه المرحلة من البحث على نموذجين عربييــن لما يمثالنه
من تباعد جغرافــي وتمايز ثقافي هما األردن و الجزائر:
-1النموذج األردني:
47
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
فيما يخص المرأة األردنية فقد ظهرت سياسة إدماج المرأة في عملية التنمية و
تعزيز مشاركتها في خطة التنمية الوطنية ( ،)80 -75و ذلك عن طريق خلق فرص
لتعليم المرأة و تنظيم برامج محددة لتدريبها ،حيث تم التعبير عن هذه السياسة من خالل
عقد عدة مؤتمرات و ندوات نظمت من قبل مؤسسات حكومية و غير حكومية بالتعاون
مع وكاالت األمم المتحدة ،لتهيئة مناخ أفضل لمشاركة المرأة في العمل السياسي ،
وكنتيجة لهذه المبادرات جاءت مصادقة األردن على االتفاقيات الدولية الخاصة بالقضاء
على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وعلى اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة.
ويرجع ضعف اإلندماج السياسي للمرأة األردنية و قلة مشاركتها السياسية التي تنحصر
على اإلنتخاب و الترشيح فقط ،إلى إنحصار مشاركتها في مواسم محددة بعيدة كل البعد
عن الجهد السياسي المنتظم الدائم و المشاركة المستمرة ،التي تعبر عن رؤية إستراتيجية
تتمثل في االنخراط الفعال في األحزاب السياسية و هيآت المجتمع المدني و رقابة حتمية
على أداء مختلف السلطات و ضغط منظم مستمر على صانعي القرار و تمسك مبدئي
بمبادئ الدستور و بحقوق المواطنين و حرياتهم في كل وقت و تحت أي ظرف ودون
تميز ،ألن التغاضي عن مظاهر التجاوز على هذه المبادئ هو أيضا من المعيقات
األساسية.
ولتجاوز هذه الوضعية التهميشية التي تعاني منها المرأة األردنية ،ولتحقيق إدماج سياسي
للفعاليات النسائية شهد األردن نشاطا من أجل النهوض بواقع المرأة على الصعيد المحلي
يمكن تلخيصه فيما يلي:
اإلشتراك في اللقاءات و المؤتمرات الدولية ذات العالقة. -
تشكيل اللجان الوطنية المتخصصة الحكومية منها و الغير الحكومية للعمل و -
التنسيق فيما بينها.
محاولة الحكومة و لو بشكل غير كامل بتطوير التشريعات أو تعديلها بما يتناسب -
مع الطموحات النسائية.
48
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
قيام المنظمات النسائية و المنظمات الغير الحكومية بدور فعال و رديف للمؤسسة -
الحكومية الرسمية فيما يخص حقوق اإلنسان بشكل عام و حقوق المرأة السياسية بشكل
خاص ،وذلك عن طرق توسيع دائرة المشاركة و االهتمام بهذه الحقوق في المجتمع
األردني ككل.
-2النموذج الجزائري:
قبل التطرق لوضعية المشاركة السياسية للمرأة الجزائرية سنعمل على إبراز مفهوم
المشاركة السياسية عامة بالنظام السياسي الجزائري من خالل التطرق لجذوره التاريخية،
حيث تميزت المشاركة السياسية في الجـ ـ ــزائر باألزم ـ ــة من خالل عـ ـج ــز المؤسسـ ــات
السي ـ ــاسية عـ ـ ـ ــن إستيعــاب القـ ــوى الس ــياسي ــة و االجتماعيــة ،فقد راف ــق حكــم الح ــزب
الواح ــد إقص ــاء للحري ــات الفرديــة و الجماعية ،و برزت رغبة النخب الحاكمة في عدم
إشتراك القوى األخرى و ممارسة النزعة اإلقصائية ضدها ،و إحتكارها الكامــل للتمثيل
في إطار سياسة تعبوية تفتقر إلى المشاركة ،ولذلك فقد اقتصرت رؤية حزب جبهة
التحرير بالنسبة إلى المشاركة بمعنى التعبئة السياسية التي تأخذ شكل التأييد و الحشد و
المساندة لبعض القرارات دون اإلسهام الحقيقي في صنعها نتيجة لضعف الحزب و عدم
قدرته على تمكين مختلف القوى من التعبير عن مصالحها و مطالبها ،و بالتالي افتقاد
وجود قنوات شرعية أخرى ،إن الجزائر و قبل التحول إلى التعددية الحزبية في 1989لم
تكن تمتلك أية تقاليد أو ميراث يفصح عن مشاركة سياسية حقيقية ،فالمفهوم السائد هو
التعبئة وليس المشاركة ،و على الرغم من التطور الذي شهدته الجزائر في تكوين
الجمعيات خالل السبعينيات من القرن الماضي ،إال أن النظام السياسي بقي مفتقدا ذلك
النضج المؤسساتي الذي يجعل من الديمقراطية قيمة عليا تحكم حياة المجتمع ،إال أنه ظهر
إهتمام النظام السياسي بالمشاركة السياسية من خالل وضع صيغ دستورية و قانونية تمس
المشاركة السياسية و حقوق اإلنسان 24،كاإلعتراف بالتعددية الحزبية و السياسية :حيث
24
ناجي عبد النور ،النظام السياسي الجزائري من األحادية إلى التعددية السياسية ،الجزائر :مديرية النشر قائمة .1420 ، 2006
49
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
نصت المادة ( )40من دستور 1989على أن "حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي
معترف به".
وقد أدى إقبال الجزائر على التعددية السياسية في سنة ،1989إلى إتساع مشاركة المرأة
في الحياة السياسية باعتبارها اإلطار الوحيد للممارسة الديمقراطية ،وكنتيجة لذلك إتسع
نشاط النساء المثقفات خاصة في الحكومة و البرلمان و المجالس ،إلى حد إعطاء هذه
25
المشاركة بعدا هاما يخدم بالدرجة األولى قيم الديمقراطية و العصرنة.
و من خالل هذا الرسم البياني يتضح لنا مدى التطور الذي تعرفه تمثيلية النساء بالمجلس
الشعبي الوطني الجزائري بين مجلسي 1997و .2002
007
006
005
004
003 منتخبات المترشحات Series3
002
001
0
2002 7991
يتبين من خالل الرسم البياني الخاص بالمجلس الشعبي الوطني الجزائري تضاعف عدد
المترشحات مرتين ،مقابل تضاعف عدد المنتخبات مرتين و نعتبر أن الزيادة في عدد
المترشحات و عدد المنتخبات مهم جدا ،خاصة و أنها جاءت في مرحلة صعبة أمنيا و
إجتماعيا و سياسيا.
إن إدارة النساء و تمكنهن بحقوقهن السياسية شجع الدولة و كل القوى السياسية التي
أدمجت مسألة ترشيح النساء في برامجها السياسية إلى دفع النساء للترشيح و التصويت في
اإلنتخابات و من أجل ذلك أخذت بالعمل بمجموعة من اآلليات ،كترشيح النساء في
البلديات و الواليات المضمون الفوز فيها ،إضافة إلى وضع بعض أسماء المترشحات في
أعلى قوائم الترشيح الحزبية.
25
الدراسة المسحية الخاصة بتمكين السياسي للمرأة الوزارة المنتدبة المكلفة باألسرة و قضايا المرأة ،الجزائر
50
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إال أن المشهد السياسي بالجزائر و واقعه يخلق مجموعة من المعيقات تجعل من المشاركة
السياسية للنساء باألجهزة المنتخبة تتخبط في مجموعة من المشاكل يمكن إجمالها فيما
يلي:
عدم إتفاق التنظيمات النسوية فيما بينها على حد أدنى من شروط العمل و -1
المشاركة في الحياة السياسية العامة.
ضعف مستوى التجند و االلتزام السياسي لدى النساء بشكل عام. -2
إنشغال المرأة أكثر بالبحث عن مركزها داخل البيت و ليس في األحزاب و -3
التنظيمات.
عدد النساء المنخرطات في األحزاب يبقى غير كافي و بالتالي ال يمكن أن يشكل -4
قوة تطمح للوصول إلى السلطة.
من هنا نستخلص بأن موضوع مشاركة المرأة في السياسة ،وما يتميز به من ضعف ،ال
يقتصر عن سياسة الدولة في هذا المجال أو عن القوانين المتوفــرة في الدستور و قانون
األحزاب و الجمعيات و قانون االنتخابات ،.....وإ نما يمتد إلى طبيعة التنشئة السياسية
للمرأة ،و بالقيم الثقافية السائدة في المجتمع العربي ،فضــال عن الظــروف التي تفرضهـا
درجة إهتمــام المرأة بالسياسة و الحياة العامة و موقفها من مسألة المشاركة السياسية.
ورغم كل هذه المجهودات تبقى مشاركة النساء العربيات في المجال السياسي محدودة إذ
ال يتجاوز المعدل العام لحضور النساء العربيات في البرلمانات العربية 5,7و هي أقل
نسبة لتمثيل النساء داخل البرلمان في العالم ،حيث يبلغ المعدل العام للتمثيل النسائي داخل
البرلمانات حوالي %15في دجنبر ،2002حيث يصل في دول أوربا الشمالية إلى
%39،7و في أمريكا %16،5و في أروبا الغربية %15،5و في آسيا %15،2و في
26
إفريقيا . %13،6
26
Umian interparlementaire , les femmes dans les parlements: mayemmes mondiales et Régionales au
23 décembre 2002
51
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وحتى في الدول العربية تختلف هذه النسبة من بلد إلى آخر ،فهناك دول عربية يفوق
حضور النساء في برلماناتها %10مثل تونس و سوريا و المغرب منذ شتنبر ،2002
بينما ينخفض هذا الحضور إلى حدود % 2في لبنان و في مصر %1،3في األردن
%0،7و في اليمن ،وهذا ما يوضحه الجدول أسفله:
11،5% تونس
10،8% المغرب
10،4% سوريا
9،7% السودان
7،6% العراق
6،2% الجزائر
3،8% موريطانيا
2،4% مصر
2،3% لبنان
1،3% األردن
0،7% اليمن
0،0% جيبوتي
0،0% اإلمارات
0،0% الكويت
؟ ليبيا
52
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
أما على مستوى رؤساء البرلمان فغياب النساء هو عام و ال يستثني أي دولة
عربية ،أما على مستوى السلطة التنفيذية فعلينا أن نميز بين رئيس الدولة و الوزراء.
في كل دول العربية و مهما كان النظام ملكيا أو جمهوريا ال نجد نساء يتحملن منصب
رئيس الدولة أو وزير أول أو رئيس حكومة.
من خاللماسبق نستشف أن الثقافة السائدة لدى المجتمعات العربية كان لها التأثير السلبي
على تمثيلية النساء السياسية داخل المؤسسات المنتخبة ،بل إنعكس هذا األمر حتى على
مستوى التشريعات المحفزة لهذه المشاركة ،حيث لم تتعدى سقف الواقع المجتمعي العربي
بل كرست مبدأ التفوق الذكوري على النساء وشرعنته وبذلك حّد ت من طموح النساء
الراغبات في تجاوز مرحلة اإلقصاء إلى مرحلة اإلندماج في الحياة العامة.
المبحــث الثانــي :المرجعيات الدولية للتمثيلية السياسية للنساء.
تميز القرن العشرين بطرح قضية تحقيق المساواة بين الجنسين (الرجل و المرأة)،
وهذه القضية بدأتها النساء أوال ثم بدأ بعض الرجال بتأييد خطوات هذه القضية و التنظير
لها ،لقناعة الجميع أنه لن يتم التقدم اإلنساني إال بفضل تحقيق المساواة بين الجنسين،
وترافق ذلك مع توجه عالمي لتمكين المرأة من خالل مجموعة من التقارير و القرارات
الصادرة عن اللقاءات و المؤتمرات الدولية.
كما تميزت فترة أواخر القرن العشرين و أوائل القرن الواحد و العشرين ،ببروز موجة
عارمة حول تنامي الوعي العالمي بقضية الديمقراطية ،إذ أصبحت هذه القضية الشغل
الشاغل لكل المهتمين بقضايا الديمقراطية وحقوق اإلنسان في الوقت الحاضر سواء على
مستوى الفكر أو على مستوى الممارسة ،وعندما نتكلم اليوم عن الديمقراطية ال بد أن
نسلم أن أحد مرتكزاتها ،مبدأ المساواة و إعطاء الفرصة للجميع دون تفرقة بين الجنسين،
هذا فضال عن التذكير بتقارير التنمية البشرية الصادرة عن األمم المتحدة ،و التي إعتبرت
أن الهدف األساسي للتنمية هو توسيع خيارات الناس ،الخيارات التي تنشأ عن طريق
توسيع القدرات البشرية والطريقة التي يعمل بها اإلنسان ،وعندما نذكر توسيع خيارات
53
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الناس يمكن التأكيد أن أهم مكون لهذا المفهوم هو المساواة خاصة ماتعّلق بالفرص المتاحة
للناس جميعا في المجتمع و الناس جميعا يقصد بهم النساء و الرجال.
و بالتالي فالمساواة في منظور مجال حقوق اإلنسان يمكن التطرق لها من خالل أبعاد
27
كثيرة:
المساواة في إمكانية الحصول على الخدمات اإلجتماعية اإلنسانية و من -
بينها التعليم و الصحة.
المساواة في فرص المشاركة في صنع القرارات السياسية و االقتصادية. -
المساواة في األجر مقابل العمل المتكافئ. -
المساواة في الحماية بموجب القانون. -
القضاء على التمييز حسب نوع الجنس و على العنف ضد المرأة. -
المساواة في حقوق المواطنين في جميع مجاالت الحياة سواء العامة أو -
الخاصة.
27
د /عبد البه عطوي :السكتن و التنمية البشرية ،دار النهضة العربية بيروت ط ، 1ص . 493
28
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان المادة الثانية منه .
54
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إن المساواة في سياق حقوق اإلنسان ال تعني بالضرورة معاملة كل فرد بنفس
الطريقة ،فعندما يكون الناس في ظروف غير متساوية ،تصبح معاملتهم بنفس الطريقة
وسيلة تؤيد الظلم بدال من أن تستأصله ،وعادة ما تحتاج المرأة لمعاملة تختلف عن معاملة
الرجل لكي يمكنها التمتع بنفس الحقوق ،و لتعزيز المساواة يجب إتخاذ خطوات من أجل
تحقيق التوازن بين الرجل و المرأة ،مما يؤدي في نهاية المطاف إلى خلق مجتمع عادل
بحق ،و بهذا المعنى نؤكد على أن حقوق اإلنسان ليست حيادية بالنسبة للنوع االجتماعي،
فال يمكن القضاء على إنتهاك الحقوق و طرح الحلول لتجاوزه دون اإلقرار بعدم المساواة
القائمة بين الرجل و المرأة.
و لتجـاوز حالــة عـدم المسـاواة بيـن الرجل و المرأة و إلقرار نظام اجتماعي مبني
عل ـ ــى الـ ــتوازن بين مكونـ ــاتـ ــه ،عم ـ ــل المنتظم الدولـي علـى إقرار مجموع ـ ـ ــة م ــن
اإلج ــراءات القانونية و المعاهدات و المواثيق تحت على ضرورة القضاء على جميع
أشكال التمييز الذي تمس مكونات المجتمع الدولي ،و من ضمنها المرأة ،و على الرغـم
بالطابع الغير الملزم لألنظمة السياسية بهذه المواثيق الدوليـة إال أن لـها تأثيـر مباشـر علـى
مجمـوعة مـن المجاالت الوطنيـة مـما يجعلـها ورقـة ضغـط اتجـاه األنظمـة السياسيـة
بضرورة اإللتـزام بمقتضياتـها حتـى ال تصبـح دوال معزولة سياسيا ،و خالل هذه المرحلة
من البحث إرتأينا التطرق للمرجعيات الدولية لمسألة المساواة بين الجنسين و من خالله
لمسألة التمثيلية السياسية للنساء عبر إعتمادنا نموذجين إثنين خالل هذه المرحلة من البحث
و هما:
ميثاق األمم المتحدة كفقرة أولى ثم المعاهدات و المواثيق الدولية كفقرة ثانية.
الفقــرة األولى :ميثاق األمم المتحدة:اتفاقية القضــاء على جميع أشكال التمييز ضد
المرأة.
لقد جاء في ديباجة ميثاق األمم المتحدة الصادر بتاريخ 26يونيو 1945بمدينة
سان فرانسيسكو بالواليات المتحدة األمريكية من خالل مادته 55في بندها الثالث ما يلي:
55
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
" أن يشيع في العالم احترام حقوق اإلنسان و الحريات األساسية للجميع بال تمييز بسبب
الجنس أو اللغة أو الدين و ال تفريـق بين الرجال و النساء ،و مراعاة تلك الحقوق و
الحريات فعال" ورغبة منها في إعمال مبدأ تساوي الرجال و النساء في الحقوق الواردة
في ميثاق األمم المتحدة و إعترافا منها بأن لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون
العامة لبلده سواء بصورة مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارونهم بحرية ،والحق في أن
تتاح له على قدم المساواة مع سواه فرصـة تقلد المناصب العامة في بلده ،و رغبة منها في
جعل الرجال و النساء يتساوون في التمتع بالحقوق السياسية و في ممارستها طبقا ألحكام
ميثاق األمم المتحدة و اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ثم عرض التوقيع على اتفاقية بشأن
الحقوق السياسية للمرأة بتاريـخ 20دجنبر ،1952و التي ضمت مجموعة من المواد
الهادفة إلى إقرار مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة و جعله قاعدة للتعامل في إطار
التشريعات الدولية ،حيث جاء في مادته الثانية " للنساء األهلية في أن ينتخبن لجميع
الهيئات المنتخبة باإلقتراع العام المنشأة بمقتضى التشريع الوطني ،بشرط تساوي بينهن و
بين الرجال دون أي تمييز" كما جاء في مادته الثالثة ":للنساء أهلية تقلد المناصب العامة
و ممارسة جميع الوظائف العامة المنشأة بمقتضى التشريع الوطني ،بشرط تساوي بينهن
و بين الرجال دون أي تمييز" و قد أشرفت األمم المتحدة على هذه اإلتفاقيات التي
أبرمت تحت إشرافها ،كإتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في 18دجنبر
،1979و تضع هذه اإلتفاقية المؤلفة من 30مادة ،في قالب قانوني ملزم من حيث
المبادئ و التدابير لتحقيق المساواة في الحقوق للمرأة في كل مكان ،و جاء اعتمادها
تتويجا لمشاورات استمرت لفترة خمس سنوات وتتضمن هذه اإلتفاقية الشاملة بدعوتها إلى
كفالة الحقوق المتساوية للمرأة بصرف النظر عن حالتـها اإلجتماعية ،و في جميـع
الميادين ،سياسيـة و إقتص ــاديـ ــة و إج ــتمـ ــاعيـ ــة و ثقـ ــافيــة و مدني ــة،
و هي تدعو إلى سن تشريعات وطنية تحرم التمييز و توصي بإتخاذ تدابير خاصة مؤقتة
للتعجيل بتحقيق المساواة الحقيقية بين الرجل و المرأة ،وبإتخاذ خطوات تستهدف تعديل
56
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
29
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ص .4
57
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ومن ضمنـها قضيـة حقوق المرأة عامة و السياسيـة منها على وجـه الخصـوص ،حيث
إنعكست توصياتها إيجابيا على وضعية المرأة ،كما أدى ذلك إلى بروز حركات نسائيـة
و جمعويـة تطالـب بضرورة اإللتـزام بهذه المرجعيـات الدوليــة و تنزيلها في إطار دستوري
و قانوني يحفظ للنساء مكانتهن داخل المجتمع ،و هذا ما نالحظـه في الدستور المغربي
الجديد لسنة 2011و الذي أقر بمبدأ المساواة و المناصفة بين الرجل و المرأة في المجال
السياسي.
فما هي إذن األدوار الذي لعبتها هذه المعاهدات لتحسين صورة المرأة و -
إقرار حقوقها؟ و ما حدود تأثيرها على الوضعية الحقوقية للمرأة؟
وإ ذا كانت مقتضيات الدساتير المحلية تؤكد على مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق
والواجبات ،فإن واقع الممارسة الدولية يبرز أن حضور المرأة في مختلف مراكز القرار
الحيوية يظل محدودا وال يعكس كفاءتها وإ مكانياتها في مختلف المجاالت.
وقد سنت العديد من اإلتفاقيات والمعاهدات الدولية لتترجم اإلهتمام المتزايد بتمكين المرأة،
من قبيل اإلتفاقية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ،وبرنامج عمل
"بكين" الصادر عن المؤتمر العالمي حول المرأة المنعقد بالصين سنة 1995والذي
صادقت عليه 189دولة ،كما أن تقرير األمين العام األممي لسنة 2003حول تنفيذ
إعالن األلفية التابع لألمم المتحدة ،أكد من جانبه على ضرورة تعزيز المساواة بين
الجنسين وتمكين المرأة ،حيث أضحى هذا التمكين وفي مختلف المجاالت السياسية
58
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
واالقتصادية واالجتماعية ....أحد أبرز المؤشرات لتقييم مستوى تقدم وتطور الدول ضمن
تقارير التنمية البشرية.
ويندرج نظام الحصص أو "الكوتا" ضمن هذا اإلطار ،وهي تقنية مرحلية تنحو إلى توفير
فرص لعدد من الفئات األقل حظا داخل المجتمعات ،و تتنوع "الكوتا" بين نظام محدث
دستوريا ،ونظام حصص محدث بمقتضى قانون إنتخابي ،وهما معا يسمحان بتنافس النساء
على عدد أو نسبة من المقاعد المخصصة لهن ،ثم نظام حصص حزبي يقضي بترشيح
نسبة محددة من النساء في اللوائح اإلنتخابية المحلية و البرلمانية ،ويمكن لهذا األخير أن
يكون إختياريا في سياق توافقي ،أو إجباريا بموجب نص قانوني.
وبغض النظر عن التقنية المتبعة لتحفيز مشاركة سياسية عادلة للنساء ،فإن المشاركة
السياسية للمرأة عموما تظل مطلبا ملحا ،ذلك أن تعزيز الخيار الديمقراطي والتنمية
الحقيقية التي تركز على اإلنسان باعتباره وسيلة وهدفا ،ال يمكن أن تتحقق من دون
اإللتفات لنصف المجتمع الذي تشكله المرأة.
إن تحقيق مبادئ الديمقراطية وإ حترام حقوق اإلنسان وشروط التنمية الحقيقية ال يتم دون
فتح المجال لمشاركة المرأة وإ دماجها داخل المجتمع ،وهي مهمة ال تقتصر على فتح باب
المشاركة السياسية وولوج البرلمانات والمجالس المحلية بقدر ما ترتبط بتمكينها من
المساهمة الفعالة في إتخاذ القرارات الحيوية في مختلف المجاالت اإلقتصادية و السياسية
واإلجتماعية والثقافية.
المطلـــب الثانــــي :المؤتمـــــرات.
تعد قضية الحقوق السياسية للمرأة إحدى القضايا اآلنية في مجال حقوق اإلنسان
وهذا ما نستشفه من خالل عدد المؤتمرات و المعاهدات التي عالجت قضية المرأة
وخاصة السياسية منها.
ولقد عرفت المؤتمرات الدولية المتعلقة بموضوع المرأة إنطالقتها منذ سنة 1949
و التي دعت إلى عدم التمييز بين المواطنين ،ليس فقط بين النساء و الرجال ،بل أيضا
59
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
بين العبيد واألحرار ،ففكرة تنظيم هذه المؤتمرات تقوم على أساس إثبات حق المواطنين
في التساوي في الكرامة والحقوق ،وقد خصت األمم المتحدة ألول مرة النساء بوثيقة
خاصة بهن سنة ،1967حيث أصدرت إعالن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد
المرأة غير أن هذا األخير لم يكن إلزاميا ،لهذا السبب لم يحصل تجاوب كبير من قبل
معظم الدول ،مما دعا األمم المتحدة إلى إعتبار سنة 1975سنة دولية للمرأة تحت شعار
"مساواة – تنمية – سالم".
بعد ذلك عقد في العام نفسه المؤتمر العالمي للمرأة في مكسيكو سيتي سنة ،1975
وكان من أبرز إنجازات هذا المؤتمر إعتماده خطة عمل عالمية تتبناها جميع الدول
المنضمة إلى هيئة األمم المتحدة وكان هدفها األساسي ضمان مزيد من إندماج المرأة في
مختلف مرافق الحياة ،حيث إنطلق المؤتمر ما بين سنوات 1976و 1985تحت إسم "
عقد األمم المتحدة للمرأة " لتحقيق األهداف و لتنفيذ الخطط الموضوعة لها في مجموعة
من المجاالت ،و خاصة منها مشاركتها في صنع القرار.
وحرصا من األمم المتحدة على ضمان سير خطة العمل وتحقيق أهدافه رأت لجنة المتابعة
عقد مؤتمر عالمي آخر ،في مدينة كوبنهاجــن – بالدنمارك بين 14و 30يوليوز سنة
،1980تحت شعار" :المساواة و التنمية و السالم" ،وبعد ذلك استمرت اللقاءات و
المؤتمرات لمتابعة الخطط المدروسة في المؤتمرات السابقة ،فكان من بينها مؤتمر
نيروبي بكينيا سنة ،1985والذي عقد إلستعراض التقدم المحرز في تنفيذ خطة العمل
العالمية بعد مرور عشر سنوات على وضعها قيد التنفيذ ،ولدراسة العقبات و المعوقات
التي حالت دون تنفيذها كاملة في جميع بلدان العالم.
و في سنة 1994عقد مؤتمر السكان و التنمية في القاهرة بمصر و بعد سنة فقط
مؤتمر بكين بالصين الشعبية سنة ،1995ثم مؤتمر بكين 5+الذي عقد في نيويورك في
صيف سنة ،2000و الذي خصص لدراسة تطبيق التوصيات الصادرة عن مؤتمر بكين
حول المرأة في السنوات الخمــس الماضيــة و التخطي ــط للسنوات الخمس المقبلة و ذلك
60
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تحت شعار" المرأة سنة :2000المساواة بين الجنسين و التنمية و السالم في القرن
الحادي و العشرين".
من خالل تنظيم هذه المؤتمرات المتتالية في عدة مناطق من العالم ،يحاول بذلك المنتظم
الدولي تجاوز وضعية عدم المساواة التي تعاني منها المرأة في مجموعة من المجاالت
خاصة السياسية منها و ذلك عبر تشريع و إصدار مجموعة من التوصيات هدفها األساسي
خلق نوع من التوازن بين المرأة و الرجل.
إذن فما هي أهم التوصيات التي خرجت بها هذه المؤتمرات؟( الفقرة األولى) و هل
يمكن اعتبار المؤتمرات اإلقليمية و المحلية امتداد للمؤتمرات الدولية؟( الفقرة الثانية).
61
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
مؤتمــر مكسيكو سيتــي و الذي عقد بإشراف األمم المتحدة تحت شعار" المساواة و -1
التنمية و السلم" سنة 1975حيث اعتبرت تلك السنة :السنة العالمية للمرأة و إعتمدت
فيها أول خطة عالمية متعلقة بوضع المرأة.
و في سنة 1979عقدت الجمعية العامة لألمم المتحدة مؤتمرا آخر تحت شعار -2
(القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة) و خرج المؤتمرون باتفاقية تتضمن ثالثين
مادة وردت في ستة أجزاء للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة و جاءت هذه
اإلتفاقية ألول مرة بصيغة ملزمة قانونيا للدول التي توافق عليها إما بتصديقها أو
باإلنضمام إليها حيث بلغ عدد الدول التي إنضمت إلى هذه اإلتفاقية 133دولة.
وفي سنة 1980عقدت األمم المتحدة (المؤتمر العالمي للمرأة تحت شعار: -3
"المساواة و التنمية و السلم" و هو المؤتمر الثاني الخاص بالمرأة و ذلك إلستعراض و
تقويم التقدم المحرز في تنفيذ توصيات المؤتمر العالمي األول للسنة الدولية للمرأة و الذي
عقد سنة 1975في المكسيك ،ولتعديل البرامج المتعلقة بالنصف الثاني من العقد األممي
للمرأة مع التركيز على الموضوع الفرعي للمؤتمر "العمالة و الصحة و التعليم".
و في سنة 1985عقد (المؤتمر العالمي إلستعراض و تقييم منجزات عقد األمم -4
المتحدة للمرأة( :المساواة و التنمية و السلم ) وفي نيروبي بكينيا – المؤتمر الثالث الخاص
بالمرأة – الذي عرف باسم (استراتيجيات نيروبي المرتقبة للنهوض بالمرأة ) و ذلك من
سنة 1986إلى سنة .2000
و في سنة 1995عقدت األمم المتحدة المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين -5
بالصين ،وقد دعت فيه إلى مضاعفة الجهود و اإلجراءات الرامية إلى تحقيق أهداف و
استراتيجيات نيروبي للنهوض بالمرأة مع نهاية القرن العشرين.
ومن إيجابيات هذه المؤتمرات ،تطور واقع المرأة في الحياة العامة و خاصة السياسية
منها ،حيث أضحت المواثيق الدولية تقر بضرورة إحترام كرامة النساء وحقوقها ،مما
أسفر إلى إعتماد مجموعة من الدول ومن خالل دساتيرها و قوانينها الوطنية مبدأ
62
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المساواة بين الجنسين ،و مع ذلك تظهر الفجوة بين المستوى النظري و التطبيقي حيث
يبرز غياب صفة اإللزام عن اإلتفاقيات و اإلعالنات الدولية ،كما تفتقر المنظمات
الدولية إلى آليات لفرض جزاءات على الدول التي ال تلتزم بالتطبيق على غرار ما
ورد في االتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان.30
و تنظر المنظمات الدولية إلى المؤتمرات التي تعنى بموضوع المرأة كأداة للدفع
بمسار النهوض بدور المرأة في الشأن العام و ذلك من خالل التأكيد على تنمية قدرات
العمل السياسي لدى المرأة ،وتبني خطط فعاله و إيجابية لتنمية أوضاعها و العمل
على توفير الشروط الضرورية إليجاد بنية ثقافية و إجتماعية مالئمة لتطوير العقليات
و نمو قيم المساواة و الشراكة بين الجنسين بما يمّك ن المرأة من ممارسة حقوقها
السياسية ،و تبادل التجارب بين األحزاب و مختلف الهيآت السياسية و الدستورية و
خاصة في المجاالت المتعلقة بإدماج المرأة في العمل السياسي.
و من بين أهم ما جاءت به المؤتمرات الدولية في المجال السياسي ،دعوتها
الحكومات و المنظمات إلتخاذ جميع اإلجراءات و التدابير لتحقيق مشاركة جيدة للمرأة
في جميع األنشطة السياسية ،و منها حق التصويت و حق اإلنتخاب ،و الدعوة إلى
تمثيلها تمثيال منصفا في المجالس و الهيآت السياسية و حقها كذلك في أن تتولى
المناصب العليا بما فيها رئاسة الدولة ،كما اعتبرت مشاركة المرأة في عمليات صنع
القرار شرط الزم إلعمال مالها من حقوق اإلنسان إعماال تاما.
فال مجال للحديث عن الحكم الديمقراطي في مجتمعات يكون نصف السكان فيها
مستعبدا عن صنع القرار أو مهمشا فيها ،و المساواة بين المرأة و الرجل في صنع
31
القرار شرط الزم لتحقيق التنمية المستدامة و الشاملة.
30سماء سليمان السيد احمد :دور المنظمات الدولية في تفعيل الحقوق السياسية للمرأة موقع شبكة األخبار العربية (دراسة مقارنة
لحالتين المم المتحدة و الجامعة العربية .)2006-1990
31سيلفيا سابو :حلقة نقاش بشان مشاركة المرأة والرجل على قدم المساواة في عمليات صنع القرار لجنة وضع المرأة ،الدورة
الخمسون ،متابعة المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة و الدورة االستثنائية للجمعية العامة.
63
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
فه ــل جاءت المؤتم ــرات اإلقليمية كإمتداد لتفعيل مقتضيات المساواة بين الجنسين و
التنسيق بين المستوى الدولي و المحلي؟
و فيما تتمثل هذه المؤتمرات؟ وإ لى أي حد كان للمؤتمرات المحلية دور في إرساء
مفهوم المساواة بين الرجل و المرأة؟ و فيما تتمثل التوصيات الصادرة عنها؟
64
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إن إعتبار مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار شرط الزم إلعمال مالها من -1
حقوق اإلنسان إعماال تاما للتوصل إلى تحقيق المساواة بين المرأة و الرجل في مراحل
صنع القرار على كافة المستويات و في شتى مجاالت الحياة العامة ،بما في ذلك المشاركة
في الشؤون السياسية و اإلقتصادية و القضاء و وسائط اإلعالم.
ضرورة اإللتزام باإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان و اتفاقية القضاء على جميع -2
أشكال التمييز ضد المرأة.
أهمية قرار مجلس األمن رقم 1325لسنة 2000م المتعلق بالمرأة و السالم و -3
األمن الذي عرض دور المرأة في إنهاء الصراعات و حسمها و بناء السالم.
إن مشاركة المرأة في صناعة القرار المحلي يساهم في القضاء على األفكار -4
النمطية عن دور المرأة في المجتمع.
إن شغل النساء لمناصب صنع القرار على كافة المستويات يساهم في تحقيق -5
المساواة بين الجنسين و يمكن المرأة في صياغة و تعديل الدساتير و حدف األحكام
التمييزية من المدونات القانونية و يعمل على إنشاء آليات وطنية تساهم في النهوض
بالمرأة بوضع و تنفيذ سياسات تهدف لتحقيق المساواة بين الجنسين.
- 6دعم مشاركة النساء داخل التنظيمات الحزبية يساهم في بلوغ النساء إلى مراكز
صنع القرار مع إيجاد اآلليات االنتخابية الكفيلة بتطوير تمثيلية سياسية منصفة.
وإلبراز دور هذه المؤتمرات في تقوية التمثيلية السياسية للنساء سنعمل على التطرق إلى
بعض المؤتمرات أو اللقاءات المحلية ودورها كآلية للضغط اتجاه دعم إندماج المرأة في
الحياة السياسية ،عبر إقتراح آليات عملية لبلوغ هذا الهدف وخالل هذه المرحلة من البحث
سنقتصر على اللقاءات الوطنية على مستوى المغرب إلبراز دورها كقوة اقتراحيه محلية
داعمة لتمثيلية سياسية منصفة و مؤترة اتجاه بعض المؤسسات الدستورية كاألحزاب
السياسية و المؤسسات المنتخبة سواء منها التشريعية أو المحلية.
65
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
66
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
االستثشارة و التوجية
القانوني والدعم النفسي
7ابريل 2007 منتدى النساء الحسيمة
لقد كان لهذه القوافل الجهوية دور أساسي في التعبئة المجتمعية حول موضوع التمثيلية
السياسية للنساء بالمغرب من خالل جمع التوقيعات النسائية في مختلف مناطق البالد،
حتى يتسنى للمذكرة المطلبية النسائية أن تتوفر على مشروعية المرافعة ،وبالموازاة مع
هذه التوقيعات عملت " الحركة من أجل الثلث " على تنظيم مجموعة من الورشات
التكوينية والحمالت التحسيسية ألهمية تواجد النساء في المجال السياسي وقد تمخض على
هذه اللقاءات إعطاء اإلنطالقة لحملة وطنية تحسيسية تحت شعــار " جميعا من أجل رفع
التمثيلية السياسة للنساء" وبعد هذه الحملة والتي لم تحقق أهدافها في اإلنتخابات التشريعية
لسنة 2007نظمت الجمعيات النسائية حملة ثانية والتي سمتها حملة 733لرمزية هذه
األرقام 7 :سبعة وزيرات 33المطلب الذي تهدف إليه الجمعيات النسائية بتحقيق ثلث
المقاعد بالمجالس المنتخبة ولهذا الغرض عبئت الجمعيات النسائية جميع طاقاتها من خالل
تنظيم مجموعة من اللقاءات والندوات المحلية والتي ناقشت فيها مجموعة من المواضيع
ذات الصلة ترقبا لإلنتخابات المحلية لسنة 2009حيث جاءت هذه اللقاءات على الشكل
التالي:
مكانـها تاريخ انعقادها موضوع اللقاء أو الندوة
التمثيلية السياسية للنساء رهان
الدار البيضاء 28شتنبر 2007 أساسي لبناء الديمقراطية :أي تقييم
لإلنتخابات التشريعية.
الحملة الوطنية من أجل ثلث المقاعد
مراكــش السبت 9فبراير 2008 المنتخبة للنساء في اإلنتخابات
الجماعية المقبلة ...في أفق
67
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المناصفة
ندوة صحفية حول تقديم المذكرة
الدار البيضاء األربعاء 5مارس 2008 المطلبية ميثاق جماعي مستجيب
للنوع اإلجتماعي
الدار البيضاء 15مارس 2008 التمثلية السياسية للنساء رافعة
للتنمية اإلجتماعية
الصويرة 26يونيو 2008 التسيير الجماعي أية مقاربة و أية
حكامة
الدار البيضاء 14يوليوز 2008 التسيير الجماعي أية مقاربة و أية
حكامة
ندوة صحفية حول تقديم المذكرة
الدار البيضاء 29شتنبر 2008 المطلبية ":الثلث في إتجاه
المناصفة ...ممكن من خالل القانون
اإلنتخابي
الدار البيضاء 24اكتوبر 2008 آليات التفسير اإليجابي و المشاركة
السياسية للنساء
دور األحزاب في دعم المشاركة
الدار البيضاء 04دجنبر 2008 السياسية للنساء على ضوء تحضير
مدونة اإلنتخابات
الدار البيضاء 11مارس 2009 المجالس المنتخبة :رافعة للحكامة
والتنمية والديمقراطية المحلية
مما سبق يتضح لنا أن الجمعيات النسائية عقدت مجموعة من اللقاءات التحسيسية و
التواصلية بمجموعة من المناطق ،إال أن المؤاخذة التي أبديت عليها تمثلت في تمركز هذه
اللقاءات في محور الدار البيضاء ،كما أن إنعقادها كان يتم في قاعات مغلقة مع إستهدافها
68
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
لنخبة من النساء الفاعالت في المجال السياسي مما حد من تأثيرها وبذلك لم تبلغ األهداف
المرجوة منها.
وكخت ــام لهذا الفصل يمكن إعتب ــار أن المرجعي ــات الدولية لحقوق اإلنســان و األفكار
السابقة لها على المستوى الغربي باإلضافة إلى تدويل قضية المرأة كان لها دور أساسي
في خلق دينامية إقليمية ومحلية حول موضوع المرأة عامة وحقوقها السياسية خاصة،
واتضح لنا ذلك من خالل بروز مجموعة من ردود األفعال الوطنية كان أولها دسترة
المناصفة في الدستور المراجع لسنة ،2011مع تعبير مجموعة من األحزاب السياسية
على رغبتها في إدماج النساء في مراكز القرار إال أنها تبقى مبادرات محدودة و مرهونة
بإيديولوجيات الهيئات السياسية مما يستوجب جرأة سياسية أكثر ،متبوعة بتشريع قانوني
ملزم لكل الفاعلين السياسيين بمختلف مواقعهم حتى يتسنى أوال تنزيل دستوري صحيح
إتجاه حقوق المرأة السياسية يراعى فيها مبدأ المساواة في الحقوق مع نظيرها الرجل ثانيا
إقرار قوانين تنظيمية ملزمة وواضحة المعالم تتسم في جوهرها بآليات حقيقية تساهم في
إدماج النساء وبنسب موضوعية في الهيئات التقريرية لألحزاب وفي مراكز القرار
السياسي بمختلف درجاته مع إشراك الفاعلين الموازيين لتحقيق هذه األهداف خاصة
اإلعالم ومؤسسات التنشئة السياسية.
69
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الفصل الثاني
70
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
71
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إن الوضعية التي تعيشها النساء المغربيات حاليا رغم تحسنها بكثير مما كانت عليه
سابقا ،إال أنها مازالت تعكس مفارقة حقيقية ،حيث أن النساء رغم تواجدهن من جهة
وبصفة مطردة في مناصب القيادة والمسؤولية في المجتمع ،بل ويتقلدن مناصب هامة
داخل المؤسسات الغير الحكومية ،ورغم ذلك الزلن يعانين من التهميش على المستوى
مناصب صناعة القرار السياسي ،وباختصار فالنساء المغربيات عرفن تطورات كبيرة
بحكم التطور الشامل الذي عرفه المجتمع المغربي ككل وأصبحن يلعبن دورا هاما إلى
جانب الرجل في التنمية االقتصادية واإلجتماعية للبالد ،إال أنهن رغم تواجدهن المتنامي
في المجال العمومي نالحظ ضعف تواجدهن في الحقل السياسي والسيما في مراكز القرار
والمسؤولية لكن من خالل دراستنا للنموذج المغربي ووضعه في السياق اإلقليمي العربي
يمكن اإلشارة إلى أن مشاركة المرأة المغربية السياسية بصفة عامة ومشاركتها في
األحزاب السياسية بصفة خاصة ،مكن تمثيل النساء في البرلمان وفقا إلنتخابات 2002
من تحقيق نسبة ال تقل عن % 10من المقاعد المخصصة لمجلس النواب ،بفوزهن
بثالثين مقعدا ضمن الالئحة الوطنية ،باإلضافة إلى خمس نائبات عن طريق اللوائح
المحلية ،بعد حمالت التوعية بأهمية المشاركة النسائية في المؤسسة التشريعية وتشجيع
النساء على ركوب رهان المنافسة السياسية في جميع المؤسسات التمثيلية.
بهذه النسبة المحققة في اإلنتخابات التشريعية لسنة ، 2002أصبح المغرب يتصدر
الدول العربية من حيث نسبة حضور النساء في المجالس التشريعية ،و بانتخاب هذا العدد
من النساء ألول مرة منذ اإلنتخابات التشريعية األولى سنة ،1963تكون النسبة قد
إرتفعت من % 0,6بنائبتين إلى حوالي ،% 11مما جعل المغرب يتصدر الدول العربية
ليتقدم على سوريا التي بلغ عدد أعضاء برلمانها 250يمثل النساء ضمنهم 25نائبة فقط،
وكذلك األمر بالنسبة إلى تونس التي يضم برلمانها 14امرأة من أصل 175نائبا ،فيما
يضم مجلس الشعب المصري 11امرأة من بينهن أربع نائبات في لجان البرلمان بواسطة
التعيين.
72
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
لقد اعتبر االتحاد البرلماني الدولي بجنيف أن إنتخاب 35إمرأة مغربية من خالل
اقتراع شتنبر ،2002قدم المغرب بذلك داللة على التطور المحرز في مجال إنخراط
المرأة في المجال السياسي كما اعتبره سابقة مهمة في المنطقة ،يتعين أن تتطور في
المستقبل في أفق تحقيق مشاركة أكبر للنساء وترسيخ ديمقراطيتها.
في هذا االتجاه ،سيتم توسيع وعاء المشاركة السياسية للمرأة في تدبير الشأن العام،
حيث إرتفع عدد الحقائب الوزارية المسندة إلى النساء ،مثلما إرتفع عدد سفيرات الرباط
بشكل ملحوظ ،دون أن ننسى توسيع إسناد المناصب العمومية إلى النساء.
وقد عمل المغرب على إقرار هذه التوجهات الرامية بتوسيع مشاركة المرأة سياسيا من
خالل منظومته الدستورية واإلنتخابية ،مترجما للمسار التاريخي الذي بصمت عليه المرأة
المغربية من خالل مشاركتها في الكفاح من أجل التحرير ودورها في تأسيس العمل
الحزبي ،إال أنها ورغم التقدم المسجل تصطدم المرأة المغربية بهيمنة الثقافة التقليدية داخل
المشهد الحزبي وسيادة العقلية الذكورية السائد بالمجتمع المغربي والتي يتم تكريسها على
أرض الواقع من خالل الترشيحات أو التعيينات بمناصب المسؤولية.
وإلبراز العوامل المؤثرة في التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب ومرجعياتها الوطنية
سنعمل على تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين:
المبحث األول :التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب بين القانوني والسياسي.
المبحث الثاني :التقعيد النظري للتمثيلية السياسية للنساء بالمغرب.
إذن:
فيما تتمثل اإلشارات الدستورية لتحقيق مبدأ المساواة بين الرجل
والمرأة؟
وكيف تبنى المشرع القانوني المغربي مبدأ التمثيلية السياسية للنساء في
النصوص القانونية؟
73
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وما هي األدوار التي لعبتها المرأة المغربية في بناء المشهد الحزبي
المغربي؟
وهل كان للمرجعيات اإليديولوجية لألحزاب السياسية دور في دعم
عملية المشاركة السياسية للنساء بالمغرب؟
المبحث األول :التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب بين القانوني و السياسي.
يعتبر العامالن القانوني والسياسي أساسيان في تحديد وضعية المرأة المغربية
داخل المشهد السياسي المغربي ، ،فاإلطار القانوني ينطلق من نصوص الدستور و
القوانين التنظيمية المؤطرة لعملية إشراك النساء في النسق العام للمشهد السياسي المغربي،
أما اإلطار السياسي فيحدد األجهزة التي من خاللها يمكن للمرأة عموما بلوغ مراكز
القرار ،إال أنه من إشكاليات قضية إشراك المرأة في العمل السياسي هو تصنيف مفهوم
العمل السياسي نفسه ،حيث أن حصره في اإلنتخابات لوحدها يؤثر سلبا على جوهر
القضية ،وعلى مبادرات الحركات النسائية و للخروج من هذا التضييق المفتعل يجب
العمل على إيجاد أجندة أوسع نطاقا من هذه الدائرة الضيقة ،خاصة ما تعلق بتجاوز العقلية
الذكورية السائدة داخل المجتمع المغربي ،و وضع آليات فعالة لتكريس إنفتاح إجتماعي
وثقافي وسياسي للمرأة المغربية.
74
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وهل تطرق الدستور المغربي لسنة 2011لمسألة التمثيلية السياسية للنساء؟
وهل انبثق على هذا الدستور تشريعات وقوانين تنظيمية تحفز المرأة على
المشاركة السياسية ؟
وكيف حاول قانون األحزاب ومدونة االنتخابات خلق آليات تنظيمية إلشراك النساء
والرفع من تمثيليتهن السياسية؟
الفقرة األولى :على مستوى الدستور.
يعتبر الدستور أسمى قانون للدولة ويعتمد على قواعد أساسية لضمان ليونته
وإ مكانية تطبيقه على أرض الواقع ويمكن تحديد تصنيفاته على الشكل التالي:
أوال :القواعد التي تنظم عمل سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية ،والقضائية من
حيث صالحيتها وطرق ممارستها لهذه الصالحيات ،والعالقة التي تحكم آلية عمل
السلطات (فصل أو وحدة السلطات).
ثانيا :الحريات والحقوق األساسية للمواطنين وكيفية حماية هذه الحريات
32
والحقوق ،والوسائل الدستورية والقانونية التي تضمن هذه الحماية.
من خالل القاعدة الثانية سننطلق في تحليل مجال تدخل الدستور المغربي في
تحقيق المساواة بين الرجل و المرأة ،كما هو منصوص عليها في المواثيق الدولية حيث
يكون إطارا يضمن مشاركة الجميع بشكل منصف وعادل لتحقيق المواطنة والديمقراطية
التشاركية.
من خالل ما سبق سيكون لسؤالنا شرعيته الزمانية والمكانية ،إذن فهل يمكن أن نعتبر أن
الدستور المغربي ضمن حق المرأة في المشاركة و صناعة القرار خاصة السياسي منه؟
قبل الجواب على هذا السؤال ال بد لنا من اإلشارة إلى أهم النقاط التي تضمنتها
مطالب الجمعيات الحقوقية والنسائية من خالل رفعها لمذكرة مطلبية موجهة للجنة
االستشارية المكلفة بمراجعة الدستور ،والتي اعتبرتها كإجراءات تأكيدية لتدارك
الخصاص المسجل في مجال المساواة بين النساء والرجال ،وفقا للمادة 4من إتفاقية
32
:موقع موضوع ،موسوعة موضوع " :للعرب بأيد عربية " من تأليف محمد فيضي بتاريخ 1يونيو . 2014
75
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة والتي لم يبد بشأنها المغرب أي تحفظ والتي
جاءت على النحو التالي:
اعتماد ديمقراطية المناصفة في كل ما يتعلق بمواقع القرار.
إقرار إجراءات تأكيدية وتحفيزية لضمان المساواة لصالح النساء في جميع
الوظائف و اإلنتدابات اإلنتخابية وغير اإلنتخابية كيفما كان نوعها (سياسية ،مهنية )...
ومراكز القرار المرتبطة بها ،وذلك على الصعيد المحلي والجهوي والوطني.
تضمين الدستور إجراءات تأكيدية لتدارك الخصاص أو الفوارق بين الجنسين
33
في مجال التمتع بالحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية.
والمسجل على أرض الواقع أن الدستور المغربي المراجع قد أجاب على هذه
المذكرات المطلبية بما يلي ... " :وإ دراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات
الدولية ،فإن المملكة المغربية العضو النشيط في هذه المنظمات ،يتعهد بالتزام ما تقتضيه
مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات ،ويؤكد على تشبثه بحقوق اإلنسان كما هي متعارف
34
عليها عالميا ".
كما نص على تشبث المغرب بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا وعلى
مبدأ المساواة بين جميع المواطنين في كثير من المجاالت وأستعمل صيغة التأنيث في
مضامين الدستور باستعمال لفظ المواطنات مقابل المواطنين الذكور.
كما نجد أنه في الديباجة الدستورية ينص على " :أن المملكة المغربية ،وفاء
الختيارها الذي ال رجعة فيه ،في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون ،تواصل
بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة ،مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة
الجيدة ،وإ رساء دعائم مجتمع متضامن ،يتمتع فيه الجميع باألمن والحرية والكرامة و "
33
: Association démocratique chez les femmes au Maroc pour une constitution garantissant une égalité effective
entre les femmes et les hommes. Mémorandum adressé à la commission consultative chargé de la révision de la
constitution, Avril 2001, P : 9 – 10.
: 34ديباجة الدستور المغربي المعدل بتاريخ مارس .2011
76
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المساواة " ،وتكافؤ الفرص ،والعدالة اإلجتماعية ،ومقومات العيش الكريم ،في نطاق
35
التالزم بين حقوق وواجبات المواطنة ".
وينص في الفصل 19على أن " الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة،
بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبيئية ،الواردة
في هذا الباب من الدستور ،وفي مقتضياته األخرى ،وكذا في اإلتفاقيات والمواثيق الدولية،
كما صادق عليها المغرب ،وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها "
.36
وكذلك سار الفصل 30من الدستور المغربي في نفس اإلتجاه حيث نص على" :
لكل مواطنة ومواطن ،الحق في التصويت ،وفي الترشح لإلنتخابات ،شرط بلوغ سن
الرشد القانونية ،والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية ،وينص القانون على مقتضيات من
37
شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف اإلنتخابية ".
وفي الفصل 31نجد المشرع قد عدد الحقوق التي على الدولة تمكين الرجل
والمرأة اإلستفادة منها على قدم المساواة دون تمييز " :تعمل الدولة والمؤسسات العمومية
والجماعات الترابية على تعبئة الوسائل المتاحة ،لتيسير أسباب استفادة المواطنات
والمواطنين على قدم المساواة من الحق في:
العالج و العناية الصحية.
الحماية اإلجتماعية والتغطية الصحية ،والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن
الدولة.
الحصول على تعليم عمومي ميسر الولوج ودو جودة.
التنشئة على التشبث بالهوية المغربية ،والثوابت الوطنية الراسخة.
التكوين المهني واإلستفادة من التربية البدنية والفنية.
السكن الالئق.
35
:ديباجة الدستور المغربي المعدل بتاريخ مارس .2011
36
:الفصل 19من الدستور المغربي المعدل بتاريخ مارس .2011
37
:الفصل 30من الدستور المغربي المراجع بتاريخ مارس .2011
77
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الشغل والدعم من طرف السلطات في البحث عن منصب شغل ،أو في التشغيل
الذاتي.
ولوج الوظائف العمومية حسب اإلستحقاق.
الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة.
التنمية المستدامة.
وأخيرا نص الفصل 154على مايلي " :يتم تنظيم المرافق العمومية على
أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها ،واإلنصاف في تغطية التراب
الوطني واإلستمرارية في أداء الخدمات.
وبما أن مبدأ المساواة يستدعي محاربة التمييز نص الدستور المغربي الجديد في ديباجته
على " :حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو
اإلنتماء اإلجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو اإلعاقة أو أي وضع شخصي ،مهما كان "،
وكإجراء عملي نص الدستور في الفقرة الثالثة من الفصل 19على " :وتحدث لهذه
الغاية ،هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز " .وفي الفصل 164نص على " :
وتسهر الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز ،المحدثة بموجب الفصل
19من هذا الدستور بصفة خاصة ،على إحترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في
الفصل المذكور ،مع مراعاة اإلختصاصات المسندة للمجلس الوطني لحقوق اإلنسان".
ولضمان نزاهة اإلنتخابات وتنافس ديمقراطي بين األحزاب من جهة وبين النساء
والرجال من جهة أخرى ألزم الدستور بموجب الفقرة الثانية من الفصل 11السلطات
العمومية بالحياد التام إزاء المترشحين وبعدم التمييز بينهم.
وإ عتبارا لما سبق ومهما يكن تقييمنا اليوم للوثيقة الدستورية في ضوء إشكالية
موضوعنا ،وحتى وإ ن ظل الهاجس هو مقارنة دستور اليوم بدستور األمس إلستخالص
إيجابيات األول والتطور الذي حصل في األخير ،فإن ذلك ال يمنع من طرح سؤال التفعيل
وتحدي التأويل.
78
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
فإذا كان الدستور الحالي قد جاء بالكثير من اإليجابيات بخصوص حقوق المرأة
التي ال ينبغي إنكارها ،فالمشكل المطروح اليوم هو تفعيل وإ عمال ما جاء به من
مقتضيات ،وهو سؤال له ما يبرره ،على الرغم من أهمية التنصيص القانوني فهو ليس
كافيا وحده حين تغيب اإلرادة السياسية واإلجراءات لتفعيل النصوص وتنزيلها ،فمنذ أول
دستور تبنته المملكة المغربية تم إقرار المساواة في الترشيح واالنتخاب التي جاءت في
الفصل الثامن من دستور 1962إال أنه لم تتم ترجمتها على أرض الواقع وظلت النساء
غائبات عن المؤسسة التشريعية إلى حدود ،1992لتلج امرأتين فقط البرلمان ،ولم تصل
النسبة إلى ما يناهز % 11إال بعد أن تم التوافق على الالئحة الوطنية مع انتخابات
1997في ظل حكومة التناوب التوافقي ،ونفس الشيء بالنسبة للجماعات المحلية حيث
بقيت النساء مغيبات بها لمرحلة طويلة.
إن تنزيل الدستور بتأويل يحترم روحه ويعطيه نفسا حقوقيا فيما يتعلق بالمناصفة،
ال شك أنه سيخضع لحظة تشريع القوانين التنظيمية لميزان القوة السياسي الذي سيؤثر
عليه حسب قوة هذا اإلتجاه أو ذاك ،وهنا البد من التساؤل هل بإمكان التيار الذي ساند
تقليديا الحركة النسائية التي كان لها الفضل الكبير سابقا في التأثير والضغط والترافع
والتأطير والتواصل والنضال من أجل أن تصبح قضية الحقوق اإلنسانية للنساء في صلب
األجندة الوطنية ،أن يفرض تنزيال حقيقيا لما جاء به الدستور الجديد ،إنه تحدي حقيقي في
مسار التنمية السياسية ،إال أن مالحظتنا تتوجه صوب التعامل الذي تميز به موضوع
المناصفة (في الحقوق السياسية) لحظة المناقشة والتصويت على القوانين التنظيمية
للغرفتين حيث تم االكتفاء بالحد األدنى من النواب و المستشارين األمر الذي لم يرضي
نهائيا مكونات الحركة النسائية ،إنضاف إليه تعيين وزيرة واحدة في حكومة بنكيران ،مما
مثل صدمة لجل المتتبعين للشأن السياسي وخصوصا الحركات النسائية والحقوقية التي
حملت رئيس الحكومة المسؤولية األولى لهذا التراجع عن مكتسبات الحكومة السابقة ،ولم
79
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
يكن أمام رئيس الحكومة إال أن يحمل األحزاب المشكلة للحكومة المسؤولية في عدم
استوزار النساء مستفيدين من الفراغ الحاصل في قانون األحزاب.
إن الدستور المراجع لسنة ،2011وكما تمت اإلشارة إلى التعديالت الهامة التي
شملها وجاء بها فيما يخص مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة ،وفي مختلف المجاالت ال
ينقصه سوى التزيل على أرض الواقع ،مما يتطلب من الحكومة الحالية التسريع بهذا
األمر ،خاصة وأن مسلسل اإلنتخابات المحلية على األبواب بعد إعالن رئيس الحكومة
المغربية على برمجة اإلنتخابات في السنة المقبلة ،2015وإ ذا ما تعتذر على الحكومة
ضمان التنزيل الصحيح لفصول الدستور خالل هذه الفترة ،ستكون أمام اإلنتخابات
إكراهات كبيرة تتمثل في التناقض الذي يمكن تسجيله بين العملية السياسية و المقتضيات
الدستورية ،كما أننا سنكون أمام فترة انتخابية أخرى تكرس فيها مبادئ وقيم التمييز ضد
المرأة ومشاركتها في تدبير الشأن العام من خالل مؤسساته المنتخبة ،مع اإلشارة إلى أن
مفهوم المساواة ال يمكن حصره في مسألة التنزيل الدستوري و القوانين التنظيمية النابعة
عنه بل تهم ضرورة إعتماد آليات قانونية جديدة ومحفزة للمشاركة السياسية للنساء.
فما هي إذن المستجدات القانونية التي جاء بها قانون األحزاب فيما يخص مبدأ التمثيلية
السياسية للنساء؟ وهل لمدونة اإلنتخابات آليات تحفيزية للرفع مشاركة المرأة المغربية
سياسيا؟
الفقرة الثانية :على مستوى التشريعات (قانون األحزاب).
تمثل مشاركة النساء في المجال السياسي وفي مراكز القرار مؤشرا ومعيارا على
مدى تقدم الدولة إتجاه الديمقراطية التشاركية ،فالبعد اإلستراتيجي للتنمية يقتضي تأهيل كل
أفراد المجتمع ذكورا وإ ناثا ،وتدعيم قدراتهم لتمكينهم من المساهمة في عملية البناء
التنموي مساهمة فعالة و دينامية من أجل تحقيق أهداف التنمية البشرية المستدامة ،كما
تكتسي هذه المشاركة مدلوال خاصا بالنظر إلى تحقيق الديمقراطية وتعزيز دولة الحق و
القانون.
80
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وبال ـ ــنظ ـ ـ ــر إلـ ـ ــى واقع ضعف اإلندماج السيـ ــاسـ ــي الذي تع ـ ــاني منه النسـ ـ ــاء في
المـغـ ــرب ،و إلستمرارية ما يسمى بالسقف الزجاجي الذي يجعل من الفعل السياسي فعال
ذكوريا ويؤدي إلى عزوف أو إقصاء النساء منه ولتجاوز هذه الوضعية ولجعل قضايا
التمثيلية السياسية للنساء في صلب األجندة السياسية والقضايا المجتمعية ،والتي تعد
استمرارا لمجموع نضاالت الحركة النسائية والحقوقية والديمقراطية المغربية وخاصة تلك
التي اشتغلت على الحقوق السياسية ،وللمساهمة في تقديم اقتراحات جدية إلدماج نسائي
حقيقي مبني على آليات قوية تساهم في تجاوز المعيار الرقمي لتمثيلية النساء السياسية إلى
معيار اندماجي ومجتمعي للنساء في المجال السياسي بالمغرب.
البد لنا من معرفة مسار تمثيلية النساء في المجال السياسي في المغرب منذ بداية الحياة
الدستورية إلى يومنا هذا ،لتشخيص مجال التدخل الممكن ،ما سيدفعنا إلى أن نتوقف عند
مالحظتين أساسيتين:
التطور البطيء لمستوى تواجد النساء في المؤسسات التشريعية والتنفيذية -1
للدولة والهيئات المحلية التابعة لها ،وداخل التنظيمات السياسية كاألحزاب والنقابات ،فهو
تطور ال يعكس مستوى حضورهن في مختلف مجاالت الحياة العامة ،كما أنه ال يتناسب
مع المشاركة السياسية المكثفة لهن كناخبات في جميع اإلستشارات الشعبية.
إجماع الفاعلين السياسيين بمختلف اتجاهاتهم على ضرورة إشراك النساء في -2
المجال السياسي ،غير أنه إجماع غالبا ما يبقى سجين الخطاب السياسي وال يقترن بإرادة
فعلية يكرسها تبني تدابير تشجع ارتقاء النساء إلى مراكز القرار سواء من قبل الدولة على
مستوى القوانين ،أو على مستوى األحزاب السياسية في قوانينها وهياكلها الداخلية وطرق
اختيار مرشحيها.
فما هي إذن التدابير القانونية التي جاء بها قانون األحزاب السياسية بالمغرب؟
وكيف يمكن لمدونة االنتخابات أن تكون آلية للرفع من تمثيلية النساء السياسية
بالمغرب؟
81
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وفيما تتمثل المقترحات المقدمة من طرف الهيئات المدنية والسياسية لتحسين
نسبة النساء في المجال السياسي؟
أوال :قانون األحزاب السياسة بالمغرب.
يعتبر القانون التنظيمي لألحزاب السياسية أحد الوسائل األساسية المعتمد عليها لسد
الفجوات الحقوقية بين الرجال والنساء داخل التنظيمات الحزبية وطنيا وجهويا ومحليا،
وحتى على مستوى التمثيلية في الواليات والوظائف االنتخابية خاصة وأن اإلجراءات
والتدابير المتخذة في هذا الباب بينت محدوديتها ولم تعمل على توسيع وتقوية التمثيلية
38
السياسية في المؤسسات المنتخبة.
واليوم ونظرا للوثيرة المتسارعة لإلصالحات التي تعرفها بالدنا والتي تمس عددا من
القوانين التنظيمية والمكلمة للدستور الجديد لسنة 2011و الذي أبرز الدور الكبير الذي
يجب أن تلعبه األحزاب السياسية (المادة " :)7تأطير المواطنين والمواطنات وتكوينهم
السياسي وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية من خالل مساهمة المواطنين والمواطنات
في تدبير الشأن العام عبر برامج تعاقدية واستشارات واسعة تساهم في التعبير عن إرادة
الناخبين والناخبات ".
وانطالقا من القوانين والمعاهدات والمواثيق واإلعالنات الدولية المستندة على قاعدة
المساواة وحظر التمييز ،وانطالقا من المبادئ األساسية والمرتكزات المهيكلة للدستور
الجديد فإن إعمال ديمقراطية المناصفة في صيغة قانون تنظيمي لألحزاب السياسية
ستساهم في عملية التحول الديمقراطي داخل األحزاب وفي المجتمع وفي خلق تراكم على
مستوى الوعي اإلجتماعي والسياسي العام.
إن الحركات النسائية سواء منها الحقوقية أو السياسية اعتمدت مجموعة من المنطلقات
لتعديل قانون األحزاب السياسية والتي يمكن إجمالها فيما يلي:
: 38يمكن اللجوء إلى قراءة تاريخية لتوضيح أن غياب اتخاذ اإلجراءات القانونية في تجربة المغرب مثال أدى إلى تواجد شبه منعدم للنساء في
جميع الواليات والوظائف االنتخابية قبل .2002
82
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
اعتبارا للتصدير الدستوري المبني على تشبث المملكة بحقوق اإلنسان كما هي
متعارف عليها عالميا ،و تعهده بما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات.
واعتبارا لكون المغرب صادق ونشر المعاهدة المتعلقة بالقضاء على جميع
أشكال التمييز ضد المرأة.
واعتبارا للمواد ،3و 8 ،7 ،4من نفس المعاهدة والتي تنص على تدابير
التمييز اإليجابي المؤقتة لضمان المشاركة السياسية للنساء.
واعتبارا لكون المغرب لم يقدم أي تحفظ بشأن هذه المواد.
واعتبارا للطبيعة اإلنتقالية للتدابير اإليجابية ،وإ مكانية اإلكتفاء بإدارجها في
قانون األحزاب ،وبالتالي انتفاء ضرورة تحريك مسطرة التعديل الدستوري المعقدة.
واعتبارا للفصل الثالث من الدستور الذي يوكل لألحزاب السياسية مهمة
المساهمة في تنظيم المواطنين وتمثيلهم.
83
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
واعتبارا لكون األحزاب السياسية تشكل الخلية األساسية المؤطرة للفعل السياسي ،بالنظر إلى دورها البيداغوجي في التنشئة السياسية،
وفي تكوين النخب.
واعتبارا للمفارقة المتمثلة في كون المغرب كان سباقا إلى منح النساء الحق في المساواة وفي التمتع بالحقوق السياسية منذ دستور
، 1962وفي نفس الوقت ظل الفاعلون السياسيون ينظرون إليهن كخزان لألصوات ،وتثار قضاياهن في الحمالت اإلنتخابية بغرض تعبئتهن لمأل
صناديق االقتراع بأصواتهن في مختلف اإلستشارات الشعبية.
39
واعتبارا ألهمية قانون األحزاب في دعم مفهوم الحكامة الجيدة في أبعادها السياسية والتنموية و التخليقية والتثقيفية.
فقد أصبح من الضروري تضمين قانون األحزاب مقت~ ~ 84ضيات تحفز األحزاب السياسية على إشراك النساء في المجال السياسي،
وذلك من خالل عمليات تأسيسها وتنظيمها الداخلي ،من أجل الرفع من نسبة النساء في الترشيحات التي تتقدم بها األحزاب لمختلف االستشارات
اإلنتخابية.
ولقد جاءت مقترحات الجمعيات النسائية المدافعة على الرفع من تمثيليتها السياسية على الشكل التالي:
84
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المادة : 2
تحسيس األحزاب السياسية بدورها الدستوري في تساهم األحزاب السياسية في تنظيم وتمثيل المواطنين تساهم األحزاب السياسية في تنظيم المواطنين
تنظيم وتمثيل المواطنين والمواطنات ،والتقيد الفعلي والمواطنات طبقا لما ينص عليه الفصل الثالث من وتمثيلهم ،وهي بهذه الصفة ،فهي تساهم في
بمقتضيات الفقرة األولى من الفصل الثامن من الدستور ،وبذلك فهي تساهم في : نشر الثقافة السياسية ومشاركة المواطنين في
الدستور ،والتي تنص على مساواة المرأة والرجل (إضافة) :اتخاذ كل اإلجراءات التي من شأنها تحقيق الحياة العامة وتأهل نخب قادرة على تحمل
في التمتع بالحقوق السياسية ،وبالتالي مساهمة شروط المشاركة الفعلية والمتكافئة لجميع المواطنين المسؤوليات العمومية وتنشيط الحقل السياسي
األحزاب من خالل دورها التأطيري والتمثيلي في والمواطنات في الحياة العامة.
تحقيق قصد المشرع الدستوري وتفعيل هذه
المساواة بتوفير شروطا عند الضرورة وذلك باتخاذ
إجراءات تمييزية إيجابية.
استبدال عبارة: المادة : 4
االكتفاء باإلشارة إلى التمييز العنصري قد يوحي " نبذ العنف والميز العنصري واإلقصاء بجميع أشكاله " يعتبر باطال وعديم المفعول كل تأسيس لحزب
بعدم وجود أنواع أخرى من التمييز ،كالتمييز الذي بالعبارة التالية": سياسي يرتكز على دافع أو غاية مخالفة
يطال المرأة فيا لمجال السياسي .ومن األنسب إن نبذ العنف و اإلقصاء وكافة أشكال التمييز. ألحكام الدستور والقوانين أو يهدف إلى المس
ترد العبارة المقترحة مباشرة بعد " احترم حقوق بالدين اإلسالمي أو بالنظام الملكي أو بالوحدة
85
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا " حتى يتم الترابية للمملكة.
استحضار المدة الرابعة من اتفاقية القضاء على يعتبر أيضا باطال وعديم المفعول كل تأسيس
جميع أ\كال التمييز ضد المرأة التي ال تعتبر لحزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو
التدابير الخاصة المؤقتة التي تستهدف التعجيل لغوي أو عرقي أو جهوي أو يقوم بكيفية عامة
بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزا بالمعنى على كل أساس تمييزي أو مخلف لحقوق
الوارد في االتفاقية وأيضا في المشروع لذي بين اإلنسان.
أيدينا.
المادة : 5
للمغاربة ذكورا وإ ناثا البالغين سن الرشد أن
ينخرطوا بكل حرية في أي حزب سياسي
مكون بصفة قانونية.
غير أنه ال يمكن لشخص ،يتوفر على انتداب
انتخابي ساري المفعول في إحدى غرفتي
البرلمان تم انتخابه فيها بتزكية من حزب
سياسي قائم ،أن ينخرط يف حزب سياسي آخر
86
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المادة : 8
طبقا لمقتضيات الفصل الثامن من الدستور ،التي يجب أن يتضمن التصريح المذكور أعاله توقيع 300 يودع األعضاء المؤسسون لحزب سياسي ملفا
مؤداها تمتيع المرأة بالحقوق السياسية بشكل متساو عضو مؤسس على األقل ،على أن ال يتجاوز عدد المنتمين لدى وزارة الداخلية مقابل وصل مؤرخ
مع الرجل ،والمادة الثالثة من الدستور التي تنيط إلى نفس الجنس نسبة الثالثة أرباع ( )3/4من مجموع ومختوم يسلم فورا يتضمن ما يلي :
باألحزاب السياسية مهمة تنظيم وتمثيل المواطنين، األعضاء. -1تصريح بتأسيس حزي يحمل التوقيعات
والمواد ،3و ،4و 7من اتفاقية القضاء على مع عدم مراعاة شرط االنتداب االنتخابي بالنسبة للنساء في المصادق عليها لثالثة أعضاء مؤسسين ويبين
جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي صادق عليها مرحلة انتقالية. فيه :
المغرب بدون تحفظ فيما يخص المواد المذكور ،ال األسماء الشخصية والعائلية لموقعي
يعتبر هذا التدبير تمييزا بالمعنى السلبي المحرم في التصريح وجنسياتهم وتواريخ ومحالت
االتفاقية وفي المادة 3من هذا المشروع .واألحزاب والدتهم ومهنهم و عناوينهم.
كفاعل سياسي عليها تبني إجراءات من هذا النوع مشروع اسم الحزب ومقره بالمغرب
في قوانينها تحقيقا لشروط لمشاركة السياسية ورمزه.
المتساوية للرجال والنساء ،ويترتب على المقتضى -2ثالثة نظائر من مشروع النظام األساسي
87
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
88
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
قانونا.
المادة : 13
تجد هذه اإلضافة سندها القانوني في الفل التاسع من ال يعتبر اجتماع المؤتمر التأسيسي صحيحا إال بحضور يعتبر اجتماع المؤتمر التأسيسي صحيحا إذا
الدستور المذكور أعاله ،وفي المواد ،3و ، 4و 7 حضره 500مؤتمر على األقل من بينهم ثالثة 3000مؤتمر ومؤتمرة على األقل يمثلون مختلف جهات
من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز المملكة ،ويشترط أن ال يزيد عدد المنتمين إلى نفس الجنس أرباع األعضاء المؤسسين على األقل المشار
العنصري (تجديد النسبة يراعى فيه السياق عن ثالثة أرباع العدد اإلجمالي للمؤتمرين. إليهم في المادة ( 8البند )3من هذا القانون
االجتماعي والثقافي المغربي وتوافق األحزاب موزعين بحسب مقرات إقامتهم الفعلية على
طبعا).. نصف عدد جهات المملكة على األقل شرط أال
يقل عددهم في كل جهة عن % 5من هذا
العدد تضمن شروط صحة انعقاد المؤتمر
التأسيسي في محضر.
يصادق المؤتمر التأسيسي على النظام األساسي
للحزب وبرنامجه ،وينتخب األجهزة المسيرة
للحزب
المادة : 24
89
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
سبق أن وضحنا أعاله مشروعية هذا اإلجراء تحدد األنظمة األساسية طريقة تعيين مرشحي الحزب يجب أن تكون طريقة اختيار وتزكية مرشحي
نظريا وقانونيا وإ مكانية تبنيه دونما حاجة إلى لمختلف االستشارات االنتخابية ،وذلك على أسس ومبادئ الحزب لمختلف االستشارات االنتخابية مبنية
مراجعة الدستور ،وضرورة اللجوء إليه في الواقع ديمقراطية ،بحيث يلتزم األحزاب بأن ال يزيد عدد المنتمين على مبادئ ديمقراطية.
الحالي للمشاركة السياسية للنساء في المغرب، إلى نفس الجنس ثالثة أرباع العدد اإلجمال لمجموع
بالنظر إلى فشل المقاربة اإلرادوية أو غيابها لدى مرشحي الحزب.
األحزاب السياسية المغربية ،كما يتبين من
التشخيص الذي منا به.
إن هذه المادة هي المدخل األساس لضمن توفير
شروط المساواة بين الجنسين ،وسندها القانوني في
الفصل الخامس من الدستور لذي يساوي بين
المواطنين في ارتباط مع الفصل الثامن والفصل
التاسع الذي يوضح المقصود بالحقوق السياسية
ويضمنها ،والفصل الثالث الذي يرتب على
األحزاب السياسية مسؤولية تنظيم وتمثيل
المواطنين ،مع اعتماد المواد ،3و ،4و 7من
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
90
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
91
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المادة : 29
تساهم الدولة في تمويل الحمالت االنتخابية التي تقوم بها تمنح الدولة لألحزاب السياسية التي تحصل
األحزاب السياسية بمناسبة االنتخابات العامة التشريعية على نسبة % 5على األقل من عدد األصوات
والمحلية وتمنحها إعانات سنوية لتغطية مصاريف المعبر عنها في االنتخابات العامة التشريعية
تسييرها .اإلعانة السنوية لتغطية مصاريف التسيير تمنح برسم مجموع الدوائر االنتخابية المحلية دعما
لألحزاب على قدر احترامها لنسب تواجد النساء في سنويا للمساهمة في تغطية مصاريف تسييرها.
أجهزتها التسييرية ،وفا لم نصت عليه المادة العاشرة في ويقيد المبلغ اإلجمالي لهذا الدعم سنويا في
فقرتها الرابعة ،والمادة الرابعة عشر في فقرتها األولى ،من قانون المالية.
هذا القانون مساهمة الدولة في تمويل الحمالت االنتخابية
لألحزاب يراعى فيه مدى احترامها لمقتضيات المادة
الرابعة والعشرون أعاله.
المادة : 35
إضافة عبارة المحلية أو الجماعية ،لما لهذه استحقاق األحزاب للمساهمات واإلعانات العامة يتحدد على إن توزيع مبلغ مساهمة الدولة برسم الدعم
االنتخابات من أهمية في تمثيلية المواطنين السنوي بين األحزاب السياسية يتم على أساس :أساس عدد األصوات المحصل عليها من طرف كل حزب
على الصعيد الوطني وعلى أساس عدد المقاعد التي فاز بها الرتباطها بهمومهم اآلنية من جهة ،ولدورها في -1عدد المقاعد التي يتوفر عليها كل حزب
92
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تكوين المجالس المنبثقة منها على الصعيدين المحلي كل حزب على الصعيد الوطني وعلى أساس عدد المقاعد في البرلمان طبقا لبيان يعده سنويا رئيسا
والوطني ،فال يعقل أن تقصى المرأة من التواجد التي فاز بها كل حزب ويتم توزيع هذه المساهمات غرفتي البرلمان كل فيما يخصه خالل الشهر
الوازن لها ،فالتحفيز ينبغي أن يهم جميع واإلعانات حسب الشروط المبنية في المادة الثالثون أعاله. الموالي لتاريخ افتتاح دورة أكتوبر.
االستشارات االنتخابية. -2عدد األصوات التي نالها كل حزب سياسي
بالنسبة لربط المساهمات واإلعانات باحترام في االنتخابات العامة التشريعية برسم الدوائر
األحزاب لتمثيلية النساء في أجهزتها التسييرية وفي االنتخابية المحلية.
ترشيحاتها يجد تبريره في كون األموال الممنوحة سيوجه إلى المجلس األعلى للحسابات بيان
لألحزاب هي أموال عمومية يساهم فيها جميع المبالغ المخصصة لكل حزب سياسي.
المواطنين والمواطنات ،وتمنح لألحزاب لمساعدتها ستحدد بمرسوم كيفيات توزيع مبلغ للدعم
على تأدية وظيفتها الدستورية التي حددها الفصل وطريقةصرفه.
الثالث من الدستور ،فينبغي إذن أن ترتبط بحسن
األداء وليس بمجرد الوجود ،وحسن األداء يقتضي
المساهمة في تحقيق األهداف المتعلقة بالفعل
السياسي وحقوقه والمنصوص عليها في الفصول
،5و ،8و 9من الدستور فمن غير المنطقي أن
تستعمل أموال عموم الشعب لخدمة جزء من
93
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
94
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
أما فيما يخص " :األجهزة المؤهلة إلعتماد الترشيحات لمختلف اإلستشارات اإلنتخابية،
ينبغي أن تكون ممثلة للجنسين " ،وذلك للدفع بالنساء إلى تحمل المسؤولية في هذه
األجهزة التي تلعب دورا أساسيا في الرفع من نسبة تواجد النساء في الترشيحات الحزبية.
و لقد جاء الظهير الشريف رقم 166.11.1الصادر في 24ذي القعدة 1432هـ الموافق
لـ 22أكتوبر 2011بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 11.29المتعلق باألحزاب السياسية كردة
فعل على مقتضيات الدستور المغربي المراجع والذي جاء بعد الخطاب الملكي الذي وجهه
عاهل البالد بتاريخ 17يونيو ،2011هذا الدستور الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 29
يونيو ،2011كان من بين ما جاء في تصديره حظر ومكافحة كل أشكال التميز ،بسبب
الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو اإلنتماء اإلجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو اإلعاقة
أو أي وضع شخصي ،مهما كان كما جاء في الفصل " ،40 6تعمل السلطات العمومية على
توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين،
والمساواة بينهم ،ومن مشاركتهم في الحياة السياسية واإلقتصادية والثقافية واإلجتماعية".
وجاء كذلك في الفصل 4119في الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق األساسية " :
يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة ،بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واإلقتصادية
واإلجتماعية والثقافية والبيئية ،الواردة في هذا الباب من الدستور ،وفي مقتضياته
األخرى ،وكذا في اإلتفاقيات والمواثيق الدولية ،كما صادق عليها المغرب ،وكل ذلك في
نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها".
تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجل والنساء ،وتحدث لهذا الغاية ،هيئة
المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز " من خالل هذين النصين الدستوريين نعتبر أن
قانون األحزاب السياسة ما هو إلى تفسير للمقتضيات الدستورية بإعتباره أسمى قانون
لألمة خاصة وأن قانون األحزاب جاء بعد التصويت على المقتضيات الدستورية خاصة ما
تعلق بمبدأ المناصفة لكن الصيغة التي جاء بها قانون األحزاب السياسية من خالل المادة
40
:الفصل 6من الدستور المغربي المراجع بتاريخ 29يونيو .2011
41
:الفصل 19من الدستور المغربي المراجع بتاريخ 29يونيو .2011
95
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
4226منه " :يعمل كل حزب سياسي على توسيع وتعميم مشاركة النساء والشباب في
التنمية السياسية للبالد ،ولهذه الغاية يسعى كل حزب سياسي لبلوغ نسبة الثلث لفائدة
النساء داخل أجهزته لمسيرة وطنيا وجهويا في أفق التحقيق التدريجي لمبدأ المناصفة بين
النساء والرجال ".
فعبارة في " أفق التحقيق التدريجي " ال تلزم األحزاب السياسية بأجندة زمنية محددة
لتطبيق بنود هذا القانون وبالتالي يبقى حق النساء في تمثيليتهم السياسية الهادفة إلى
المناصفة معلقا برغبات العقلية الذكورية السائدة داخل األجهزة الحزبية وعاكسة لثقافة
سياسية تهدف باألساس إلى الحصول على أكثر المقاعد النيابية دون مراعاة للكتلة الناخبة
والتي تقدر بالنصف في تمثيليتها السياسية.
المطلب الثاني :تاريخ المشاركة السياسية للنساء بالمغرب.
شهدت أوضاع المرأة في المغرب خالل العشريتين األخيرتين تطورا كبيرا شمل كافة
المجاالت اإلقتصادية والسياسية والثقافية والفكرية والقانونية ،تطور ساهمت فيه جملة من
العوامل يمكن أن ندرج منها اإلنفتاح والتوجه اللبيرالي الذي إعتمده المغرب منذ أواخر
القرن الماضي ،باإلضافة إلى زخم الفعل السياسي بفعل تطور حركة حقوقية ونسائية ذات
قوة مطلبية وازنة وقدرة كبيرة على التعبئة والتفاوض ،إضافة إلى المتغيرات الدولية التي
دفعت ومازالت تدفع في إتجاه تعميق اإلصالحات ،فكان التتويج المجتمعي لهذا التقدم أن
حصلت المرأة على جملة من الحقوق اعتبرت في نظر المراقبين بمنزلة قفزة نوعية في
اتجاه التكريس الفعلي للمساواة بين الجنسين والقضاء على التمييز إال أن هذا التطور
المؤسساتي والقانوني لم يوازيه تطور واقعي ،حيث تعاني المرأة أكثر من غيرها مظاهر
اإلقصاء والتمييز والعنف وغياب الفرص ،فهناك مساحة شاسعة بين النص والواقع ،بل
إن مفارقة وضع المرأة المغربية يكمن في جزء كبير منه في عدم تطابق النص القانوني
مع أوضاعها السوسيو اقتصادية والثقافية ،األمر الذي يطرح أكثر من إشكال حول عالقة
42
:الفصل 26من قانون األحزاب السياسية الصادر بتاريخ 22أكتوبر .2011
96
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
النصوص القانونية بأوضاع النساء وانتصاراتهن التي سجلت على مدى تاريخ المغرب
43
الحديث ،حيث قسمته الباحثة داود زكية إلى ثالث مراحل أساسية:
المرحلة األولى :وتمتد من 1900إلى 1965وهي المرحلة التي أسمتها
بالتطور المكبوح وساهمت في ذلك ظروف اإلستعمار ،وغياب اإلستقرار السياسي في
بداية اإلستقالل إلى حدود اإلعالن عن حالة اإلستثناء سنة .1965
المرحلة الثانية :وتمتد من سنة 1965إلى 1985أي منذ إعالن حالة االستثناء
حتى أواسط الثمانينات ،وهي المرحلة التي أطلقت عليها الكاتبة اسم الشتاء الطويل وذلك
بسبب وجود الحركة النسائية ضمن نخبة أحزاب اليسار ،هذه األخيرة كانت في صراع
ضد القصر األمر الذي جعل الحركة النسائية تعاني هي األخرى من تبعات هذا الصراع.
المرحلة الثالثة :وتبتدئ من سنة 1985إلى سنة ،1992وهي المرحلة التي
أسمتها الباحثة بانفجار القدرات وهي المرحلة التي بدأت بإعالن األمم المتحدة 1985سنة
دولية للمرأة بنيروبي ،وعلى إثرها بدأت مجموعة من الجمعيات النسائية تستقل عن
األحزاب السياسية ،وتؤسس جمعيات نسائية مستقلة ،أي تشتغل خارج األحزاب السياسية
و تمثلت أساسا بتأسيس الجمعية الديمقراطية للسناء بالمغرب سنة 1985واتحاد العمل
النسائي سنة .1987
هذا التقسيم الثالثي لمراحل نشأة العمل السياسي بالمغرب يحيلنا إلى طرح األسئلة
التالية:
ما هي العوامل المباشرة والغير المباشرة التي أفضت إلى بروز العمل -
السياسي النسائي؟
و إلى أي حد ساهمت المرأة المغربية في الكفاح من أجل التحرير؟ -
وفيما تتمثل أعالم النساء المقاومات؟ -
وأي دور لعبته المرأة المغربية في تأسيس العمل الحزبي؟ -
Zakia DAOUD : « féminisme et politique au Maghreb », éditions Eddif, 1ère édition , 1993: 43
97
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وفيما تتمثل التيارات اإليديولوجية التي احتضنت النضال السياسي للمرأة -
بالمغرب؟
98
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
كما عبرت المرأة عن شعورها الوطني من خالل المقاالت التي كانت تنشرها بالجرائد
الوطنية مثل "حرية المغرب" التي كانت تكتب فيها السيدة مليكة الفاسي تحت اسم مستعار
هو:
" باحثة البادية" حيث كان لمقاالتها وقع مؤثر بسبب جرأتها في معالجة مشاكل الساعة،
وإ ستمر النشاط النسوي الوطني بإسهام متزايد للخاليا النسوية في المظاهرات التي كانت
تتصدر صفوفها بالشعارات الحماسية ،كما كان للمرأة المغربية شرف التوقيع على وثيقة
المطالبة باالستقالل على اعتبار ما شكله هذا الحدث التاريخي البارز من تحول حاسم في
تاريخ الكفاح الوطني وذلك في شخص السيدة مليكة الفاسي ،44وإ لى جانب هذه المناضلة
هناك نساء قمن بأدوار ال يستهان بها أمثال زهور األزرق وفاطمة القباج وعائشة السقاط
وآمنة السراج التي برعت في مجال تحرير رسائل تهديد ألكابر المعمرين كما كن يكتبن
45
بعض المقاالت الوطنية في جريدة العلم آنذاك.
ومن المالحظ ،أن أشكال نضال المرأة خالل فترة الثالثينات واألربعينات من
القرن الماضي لم تكن مؤطرة ،ولم تكن تخضع لتنظيم حزبي باستثناء نشاط السيدة مليكة
الفاسي ،وإ نما كانت عبارة عن مبادرات تصدر بعفوية وتلقائية عن سيدة أو سيدات تمليها
الظرفية النضالية ،فالمرأة آنذاك لم تكن تشكل مجموعة متميزة أو مستقلة داخل الحركة
السياسية الوطنية في المدن ،وال طبقة اجتماعية أو سوسيو مهنية ،وال نخبة مثقفة ،فكن
بذلك مبعدات عن مراكز اتخاذ القرار ،وعن مصادر السلطة السياسية ،أو بعبارة أخرى،
لم يكن حضور المرأة قويا كما وكيفا في فترة الثالثينات واألربعينات من القرن الماضي،
وهو حضور ال يمكن فصله عن ظرفية النضال السياسي ،ونشأة التكتالت والتنظيمات
السياسية إلى أن أشكال النضال الذي خاضته النساء المغربيات تنوعت أشكاله حيث تمثلت
في:
توقيع المرأة على وثيقة المطالبة باالستقالل في 11يناير .1944 -1
44
:كتاب " :تراجيم الموقعين على وثيقة المطالبة باالستقالل " ،منشورات المندوبية السامية للمقاومة.
45
:العسري لطيفة " :المرأة المغربية بين مقاومة االستعمار والحضور السياسي " ص .19- 18 :
99
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
" : 46دور المرأة المغربية في ملحمة االستقالل والوحدة " ندوة علمية 7 – 6 ،مارس 2000م منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين
وأعضاء جيش التحرير ،ص.121 :
" : 47المرأة المغربية في ملحمة االستقالل والوحدة " تراجم عن حياة المرأة المقاومة ،الجزء األول والثrاني ،منشrورات المندوبيrة السrامية لقrدماء
المقاومين وأعضاء جيش التحرير ،مطبعة بني إزناسن.2002 ،
" : 48المقاومة النسائية بالمغرب " ندوة علمية يومي 7و 8مارس 2003بفاس ،منشrrورات المندوبيrrة السrrامية لقrrدماء المقrrاومين وأعضrrاء جيش
التحرير ،ص.26- 25 :ص .56 :
100
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
واجهة العمل السياسي فنادرا ما تذكر أسماؤهن وأعمالهن رغم أن تاريخ المرأة مرتبط
بتاريخ الرجل وكالهما ساهم في صنع األحداث ،لكن دور المرأة ال يظهر في المادة
49
المكتوبة ،وحتى عندما تشير بعض المصادر إلى األدوار النسائية باقتضاب ودون تركيز
مما يجعل السؤال " :هل للنساء تاريخ سياسي؟" .
سؤال مشروع واإلجابة عليه كانت من بين العوامل التي أدت بمشيل بيرو للقول " :
المسح الذي تتعرض له آثار الفعل النسائي سواء في المجال العام أو في المجال لخاص،
والصمت الذي وضعهن فيه المجتمع منذ قرون والمرتبط بالتوزيع الغير العادل آلثار
الذاكرة والتاريخ ،هذا الحكي الذي نسي لزمن طويل النساء وكأنهن كن في ظالم أو خارج
50
الزمن واألحداث ".
وبالتالي إذا كانت للمرأة المغربية دور سجل على أنه ثانوي في فترة مكافحة اإلستعمار،
فكيف كان تموقعها في الحياة الحزبية المغربية خاصة في منظور المرجعيات الفكرية و
اإلديولوجية لألحزاب التي سيتم أخدها كنموذج لبحثنا هذا؟
الفقرة الثانية :موقع المرأة المغربية في العمل الحزبي المغربي.
ال يخرج تناول موضوع القطاعات النسائية لألحزاب السياسية المغربية عن
اإلشكالية العامة لهذا البحث "التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب" وما يتميز به حضور
النساء في هذا المستوى من ضعف وخاصة ما تعلق بمراكز القرار السياسي ،حيث تشكل
التنظيمات الحزبية حلقة وصل بين ما هو سياسي و نسائي ،فهي من جهة تشكل هيئات
سياسية تابعة تنظيميا وإ يديولوجيا لألحزاب الذي تنتمي إليها وتحمل اسمها ،مما يجعلها
معنية بكل القضايا المطروحة على هذه األحزاب ،ومن جهة ثانية تعتبر تنظيمات خاصة
بالقطاع النسائي تضم بذلك المنتميات للحزب ،بحيث تشكل المسألة النسائية المحور
األساسي إلنشغاالتها ،فال وجود للقطاعات النسائية إال ضمن اإلطار التنظيمي العام
: 49عثمان النصوري " :تاريخ المرأة المغربية في العصر الحديث " مقال منشور في مجلة األمل ،عدد مزدوج 13و 14سنة ،1998ص :
.154
50
: Michelle *** « Les femmes ou les silences de l’histoire » champs Flammarion, 1998
101
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
لألحزاب السياسية التي تنتمي إليها ،لذلك ينبغي أن تعكس دراستنا في هذا الجزء من
البحث التداخل الكبير بين ما هو نسائي وما هو سياسي.
حيث تعد القطاعات النسائية الحزبية واحدة من أولى التنظيمات النسائية المغربية
رغم أن تاريخ تأسيسها يتزامن أحيانا مع تاريخ تأسيس الجمعيات و التنظيمات النسائية في
مجاالت مختلفة ،و المسجل أن بعض التنظيمات المدنية باألساس تقتسم أحيانا مع
القطاعات النسائية الحزبية اإلهتمام ذاته حول المسألة النسائية في مختلف أبعادها الثقافية
والسياسية واإلجتماعية ،لكنها ال تتوفر على شروط الممارسة السياسية ،ألن عملها محدد
بقوانينها الداخلية التي تلزمها بالعمل اإلجتماعي أو التنموي أو الحقوقي ،أما القطاعات
النسائية الحزبية فهي هيآت حزبية وسياسية بالدرجة األولى ،تتبنى التصورات الفكرية
واإليديولوجية لألحزاب التي تنتمي إليها وتخضع لقوانينها في كافة المجاالت وتدافع من
خاللها على المواقف المتخذة من طرف الحزب حول المسألة النسائية ،لذلك فهي تنظيمات
سياسية أوال ونسائية ثانيا.
كما أن القطاع النسائي يعتبر هيئة تنظيمية نسائية تابعة لحزب سياسي معين ،ينضبط
لقوانينه التنظيمية الداخلية وقراراته السياسية ،كما يتمتع في نفس الوقت بنوع من
اإلستقاللية ،ومن مظاهرها تنظيم المؤتمرات العامة وانتخاب األجهزة الحزبية وطنيا
ومحليا ،تسطير برامج العمل والقيام بأنشطة ثقافية وإ شعاعية ،المشاركة في الملتقيات
الوطنية و الدولية التي تنصب معظمها على القضايا المرتبطة بالمسألة النسائية ومنها
التمثيلية السياسية للنساء في مراكز القرار ،وتطلق على هذه الهيئات التنظيمية عدة
تسميات تختلف من حزب آلخر مثل :اللجنة ،المنظمة ،الجمعية ،لكن اإلسم األكثر
شيوعا هو اسم القطاع النسائي ،تكمن خصوصيته في كونه تنظيما يضم النساء فقط ،أي
تنظيم قائم على أساس التقسيم الجنسي للعمل السياسي ،عكس التنظيمات األخرى القائمة
على أساس المهنة كقطاع التعليم أو قطاع المحاماة مثال أو تلك القائمة على أساس السن
كقطاع الشبيبة.
102
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وتتمتع القطاعات النسائية باستقاللية نسبية من الناحية التنظيمية لكنها إطارات تابعة
للحزب سياسيا وخاضعة لقراراته ومواقفه من كل القضايا بما فيها تلك المتكفلة بالمسألة
النسائية ،و تكون هذه التنظيمات مفتوحة في وجه كل النساء المنتميات للحزب ،لكن ليس
كل نساء الحزب منتميات بالضرورة للقطاع النسائي فاالنضمام إلى حزب سياسي يفتح
المجال أمام المنخرط أو المنخرطة للمشاركة في الحياة السياسية وللمساهمة بشكل أو
بآخر في اتخاذ القرارات بصدد كل القضايا السياسية ،أما االنخراط في القطاع النسائي
فيحصر العمل في إطار المسألة النسائية باألساس.
فما هي إذن األدوار التي شغلتها المرأة المغربية في مسألة تأسيس األحزاب -
السياسية المغربية؟
وهل تمارس النساء داخل القطاعات النسائية العمل السياسي بالشكل الذي -
يمارسه الرجل في باقي األجهزة الحزبية؟
أم أنها تكتفي بالقضايا النسائية؟ -
لألجوبة على هذه األسئلة سنعمل على حصر دراستنا لنموذجين اثنين ،كل واحد منهما
يتميز بإيديولوجية مخالفة لآلخر ،وبمرجعية سياسية متناقضة ،ويتمثل هذين الحزبين في
حزب اإلتحاد اإلشتراكي للقوات الشعبية ذو المرجعية اإلشتراكية وحزب العدالة والتنمية
ذو المرجعية اإلسالمية المحافظة.
لكل حزب من هاذين الحزبين تصور للمسألة النسائية ،سواء على المستوى
السياسي أو التنظيمي ،ويبرز ذلك من خالل تحديد وضعية النساء داخل الحزب والهيئة
التنظيمية الخاصة بهن ،وكذا في البرامج المسطرة والمواقع الذي تحتلها النساء داخل
هاذين الحزبين.
أوال :حزب االتحاد االشتراكي.
إن فكرة خلق القطاعات الحزبية بما في ذلك القطاعات النسائية هي مسألة تنظيمية
من إبداع األحزاب االشتراكية األجنبية ،وقد نقلت األحزاب اإلشتراكية المغربية عن هذه
103
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
األخيرة تصوراتها اإليديولوجية وأشكالها التنظيمية ،حيث كانت األحزاب اإلشتراكية تعتبر
أن تغيير الشروط اإلجتماعية والسياسية للمرأة سيتم مع القضاء على مظاهر اإلستغالل
السائدة في المجتمع الرأسمالي وإ رساء أسس النظام اإلشتراكي ،حيث طرحت األحزاب
المغربية ذات المرجعية اإلشتراكية بدورها المسألة النسائية ضمن هذه المقاربة ،إال أنها
51
في بداية الثمانينات ومع الموجة الجديدة للحركة النسائية العالمية ستغير مواقفها.
أما القطاع النسائي لإلتحاد اإلشتراكي فقد تأسس في نفس اللحظة التاريخية التي تأسس
فيها الحزب الذي تنتمي إليه ،عكس األحزاب التاريخية بالمغرب كحزب اإلستقالل مثال
الذي أنشأ منظمة المرأة اإلستقاللية بعد أربعة عقود من لحظة تأسيسه ،ومن خالل تحليلنا
لتجربة هذا القطاع ذي األسبقية الزمنية سنرى هل أهلته هذه الميزة أكثر من غيره من
القطاعات ليلعب دورا متميزا اتجاه المسألة النسائية وخاصة مسألة التمثيلية السياسية ،كما
سنحاول الوقوف عند أشكاله التنظيمية وعالقاته مع األجهزة الحزبية والتصور الحزبي
والقطاعي للمسألة النسائية.
-1اآلليات التنظيمية للقطاع النسائي االتحادي:
104
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
التمثيلية الخاصة بهن ،حيث أن المبادرات القطاعية غالبا ما تصب في االتجاه العام
للحزب مما يمكن اعتباره كبحا للمطالب النسائية وهذا ما يبرر توجه العمل النسائي خالل
بداية الثمانينات إلى إنشاء مجموعة من الجمعيات الحقوقية والنسائية خاصة التي تهتم
باألساس بقضايا المرأة اجتماعيا واقتصادياو سياسيا ،وكان لهذه التنظيمات الدور المباشر
في تقديم مجموعة من المذكرات المطلبية بسند من المنظمات الحقوقية والنسائية الدولية
ومستغلة بذلك التوجه العالمي لحقوق اإلنسان.
ب -المنظور اإلشتراكي للمسألة النسائية:
بتأسيس حزب اإلتحاد اإلشتراكي للقوات الشعبية للقطاع النسائي منذ مؤتمره
اإلستثنائي المنعقد سنة ، 1975هل أراد اإلتحاد اإلشتراكي أن يضيف معطى آخر لتحديد
تصوره للعمل السياسي ،بحيث أنه لم يكن يتوفر على تنظيم نسائي حينما كان يشتغل باسم
اإلتحاد الوطني للقوات الشعبية ،أم أن صدفة تزامن موعد المؤتمر مع السنة الدولية للمرأة
كان عامال حاسما؟
إذا كان تأسيس القطاع هو مبادرة من نساء الحزب ،فما هو موقف األطر الرجالية
كأغلبية مطلقة داخل الحزب من هذا التأسيس؟
خالل تصفحنا للتقرير اإليديولوجي للحزب نجد إشارة مختصرة عن وضعية المرأة
المغربية في إطار الحديث عن المعوقات االجتماعية التي تحول دون التحرر
والديمقراطية ،ومن أجل إحداث تغيير جذري وشامل للبنيات اإلجتماعية القائمةإعتمد
الحزب على تصور منفتح اتجاه المرأة وقضاياها التحررية من خالل إرتكازه على
مجموعة من األفكار الحداثية التي تضمنها تقريره اإلديولوجي وكمثال لى ذلك ،ارتأى
الحزب أن " مجهودا مكثفا قويا يجب أن يبذل من أجل تحرير المرأة المغربية من جميع
أنواع الضغوط القانونية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والتي تعمل على إبقائها في
حالة من التبعية ال يبررها ال الشرع و ال العقل وال العلم وال الفكر التقدمي ،والتي تحول
52
دونها والقيام بدورها كامال في المعركة المشتركة ،معركة التحرير والتنمية ".
52
:التقرير اإليديولوجي لحزب االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية ،ص .169 :
105
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
كما استنكر الحزب الوضعية المتدهورة التي توجد عليها المرأة على كافة األصعدة
القانونية ،اإلقتصادية ،اإلجتماعية ،والثقافية واعتبر أن تجاوز هذا الوضع متوقف على
بذل مجهودات كبيرة ومكثفة ،كما أن حالة التبعية التي توجد عليها المرأة مرفوضة سواء
من الناحية الدينية أو العقلية.
و في نفس السياق تجدر اإلشارة إلى أن مقررات المؤتمر االستثنائي والتي جاءت
تحت اسم " اختيار مذهبي وخطة مرحلية :المؤتمر " 1975تضمن تقارير كل اللجن
باستثناء التقرير النسوي ،فكيف يمكن تفسير هذا األمر ؟ هل هو عدم االعتراف
بمجهودات النساء من خالل التقرير الذي همش؟ أم هو تعبير عن إزدواجية بين الخطاب
و الممارسة؟
" أيعني هذا األمر إقبارا للتقرير النسوي من أدبيات الحزب أم أن للمسألة تبريرات
وتفسيرات أخرى نجلها؟ .53
إن حذف التقرير النسوي من تقارير مؤتمر سنة 1975لحزب اإلتحاد اإلشتراكي
للقوات الشعبية هو تقليل من حظوظ المرأة للعب دور ريادي في العمل الحزبي المغربي،
ومؤشر قوي على أن قضايا المرأة لم تصبح بعد واحدة من اهتمامات الحزب ،وأن
تأسيس القطاع النسائي تحقيق إلرادة النساء االتحاديات بالدرجة األولى ،ألنه ورغم أن
المؤتمر االستثنائي عقد سنة 1975فإن التوجهات الحالية ال يمكن اعتبارها استثنائية ألنها
الزالت تعبر على نفس المنطلقات التي تميزت بها سنوات السبعينات ومازال التغيير في
مجال المرأة رهين بمتدخلين آخرين أهمهم المؤسسة الملكية والجمعيات الحقوقية والنسائية
وما عمل القطاعات النسائية إال تفسير لقرارات المكاتب الوطنية والسياسية لألحزاب
السياسية المغربية والذي يغلب عليه الطابع الذكوري باألساس.
ثانيا :المنظمات النسائية لحزب العدالة و التنمية.
سنستهل هذا الجزء من بحثنا بالتدخل الذي قدمه رئيس الحكومة المغربية عبد اإلله
بنكيران في موضوع " قضايا و انتظارات المرأة المغربية في برامج وسياسات الحكومة "
53
:المصدق رقية " المرأة والسياسة التمثيل السياسي في المغرب " دار توبقال للنشر1990 ،ن ص.61 :
106
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
أمام مجلس المستشارين بمناسبة إحدى الجلسات الشهرية لهذه الغرفة ،حيث جاء في
54
تدخله " :الرجل ال يمكن أن ينوب عن المرأة ،وال يمكن للمرأة أن تنوب عن الرجل "
كما قال إن " حزبه محافظ ومعاصر أيضا ،غير أن محافظته ليست محافظة حزب "
الجرار " ومعاصرته ال تشبه معاصرة ذلك الحزب" ،كما استعرض بنكيران ما وصفها
بإنجازات وإ صالحات شهدها المغرب للنهوض بأوضاع النساء وترسيخ مبادئ المساواة
بين الجنسين وحقوق اإلنسان ،والتي تعززت بدستور ،2011مشددا على أن الحكومة
أعدت خطة " إكرام " للمساواة في أفق المناصفة ،2016- 2012والتي تهدف إلى
55
مأسسة مبادئ اإلنصاف والمساواة وإ رساء قواعد المناصفة ".
فالسؤال الواجب طرحه :هل هذه الخطة يمكن احتسابها في رصيد حزب العدالة و
التنمية ؟ أم أنها وليدة حراك سياسي واجتماعي مغربي -عربي جاء لتغيير مجموعة من
األوضاع ،أسفرت على تعديل دستوري سنة 2011؟ وهل هذه الخطة حكومية بمعنى
أنها تمثل توجه التكتل الحزبي المنشأ للحكومة؟ أم أنها خطة خالصة لحزب يعترف
بتوجهه المحافظ كما جاء في تصريح رئيس الحكومة المغربية عبد اإلله بنكيران ؟ أم أنها
تعّب ر عن توجه الدولة بكل مكوناتها اتجاه قضايا المرأة خاصة ما تعّلق بمبدأ المساواة؟
وأهم ما تتميز به خطة " إكرام " حسب رئيس الحكومة " باستنادها على 8
مجاالت ،من بينها مناهضة كل أشكال التمييز والعنف ،وتأهيل منظومة التعليم على أساس
اإلنصاف ،وتعزيز الخدمات الصحية وتطوير البنيات التحتية وتحسين الظروف
اإلجتماعية ،والتمكين من الفضاءات للفتيات واألسر ،والولوج المنصف والمساواة
لمناصب القرار اإلقتصادي والسياسي وتحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين في الشغل ...؟
بعد هذا التصريح الذي استنكرته الوقفة التي دعا إليها التحالف المدني لتفعيل
الفصل ،19هذه األخيرة والتي ضمت عدة وجوه نسائية من بينها مديرة األخبار في القناة
الثانية ،والوزيرة السابقة في حكومة عبد اإلله بنكيران نزهة الصقلي والذي جاء في
54
:طارق بنهدا ،بنكيران عندما خرجت النساء للعمل انطفأت البيوت المغرب ،موقع هسبريس بتاريخ .17/06/2014
55
:طارق بنهدا ،بنكيران عندما خرجت النساء للعمل انطفأت البيوت المغرب ،موقع هسبريس بتاريخ .17/06/2014
107
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تصريح لها " نحن هنا اليوم لنخبر رئيس الحكومة أن مهمته هي تطبيق الدستور المغربي
وأن ال حق له في أن يتكلم بمزاجه الخاص ،وإ نما كرجل دولة على اعتبار أن المواطنات
المغربيات ال ينتظرن تعليماته كي يمضين قدما في الحياة " انتهى تصريح الوزيرة السابقة
نزهة الصقلي ،وإلدراك هذا التوجه الذي عبر عنه رئيس الحكومة المغربية كان البد لنا
من معرفة المرجعية الفكرية جناح حزبه النسوي والمتمثل في منظمة الوعي النسائي
للحكم على هذا التصريح.
إن منظمة تجديد الوعي النسائي تعتبر أن المرجعية اإلسالمية منظومة شاملة
صالحة لتأطير كل مجاالت الحياة المعاصرة ،كما ترى أنها مدخل أساسي لكل مشروع
نهضوي للمجتمع سوءا على المستوى الدستوري -القانوني أو على المستوى اإلجتماعي
-اإلقتصادي ،ولتفعيل هذه المرجعية وضعت المنظمة مجموعة من المبادئ اعتبرتها
56
معالم ومنطلقات جوهرية لبناء واقع نسائي صحيح لخصتها في ستة مبادئ أساسية:
-1اإلنسانية:
تؤكد منظمة تجديد الوعي النسائي أن إنسانية المرأة هي أساس كرامتها وعالقتها
بالرجل لكل منهما حقوق وعليه واجبات دون تحديد طبيعتها.
-2التكاملية:
تتسم عالقة المرأة بالرجل وبالتكاملية ،أي أن كل واحد منهما يكمل اآلخر وال
يستطيع بمفرده أن يحقق الكمال الوجودي واإلجتماعي والفكري.
-3المساواة ال المماثلة:
يدل مفهوم المساواة حسب منظمة تجديد الوعي النسائي على وحدة األصل
البشري بين الجنسين دون أن تؤدي هذه الوحدة إلى التماثل ،فالتكافؤ في القدرات
اإلدراكية واإلنتاجية أمر يلغي المماثلة ويجعل من المساواة مبدأ يعطي لكل حقه
حسب خصوصيته وكفاءته.
: 56أسrrماء بنعrrدادة " المrrرأة والسياسrrة " دراسrrة سوسrrيولوجية للقطاعrrات النسrrائية الحزبيrrة ،منشrrورات المعهrrد الجrrامعي للبحث العلمين سلسrrلة
أطروحات ،2 ،دجنبر ،2007الطبعة األولى ،ص .140 :
108
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
-4أداء الرسالة:
اإلنسان مطالب بأداء رسالته في الحياة بأمانة ،وهذا ما يعطي معنى لوجوده،
األمانة بالنسبة للمرأة هي أن تجند نفسها لتحقيق هويتها الطبيعية القائمة على مبادئ الدين
اإلسالمي والرصيد الثقافي ألمتها.
-5االستقاللية:
المرأة كائن مستقل غير تابع تتحمل مسؤولية إختياراتها وقراراتها بقوة المبدأ و
الشرع ،لهذا يمنح الشرع للمرأة اإلستقاللية الكاملة في تسير أموالها.
-6الواجب و الحق:
المرأة مطالبة بأداء واجباتها قبل أن تطالب بحقوقها بهدف تحقيق التوازن وتجاوز
مبدأ تبرئة الذات وإ لقاء المسؤولية على اآلخر.
من خالل تطرقنا لهذه المبادئ الستة التي يرتكز عليها عمل منظمة الوعي النسائي
التابعة لحزب العدالة والتنمية ،يتضح لنا أن أغلب هذه المبادئ ترتكز على المرجعية
اإلسالمية سواء فيما تعلق باللغة أو المتن من قبيل " يمنح الشرع للمرأة اإلستقاللية " ،و
خاصة ما تعلق بوجودية الذات البشرية والحقوق التي تتمتع بها أمام الخالق وفي العالقات
اإلنسانية ،أما المرجعية الكونية للحقوق والحريات ،فالمالحظ أنها مغيبة خاصة ما تعلق
بالحقوق السياسية ،و مسألة التمثيلية السياسية للنساء على وجه الخصوص.
أما مشروع المناصفة التي جاء بها الدستور المعدل لسنة ،2011ال يعبر على القوة
اإلقتراحية للحزب األغلبي بالحكومة الحالية ،بقدر ما يعبر على برنامج عام تقوده الدولة
المغربية بمختلف مؤسساتها ،وتفسر بذلك التزاماتها الدولية بخصوص الحقوق العامة
للنساء ومن ضمنها السياسية ،كما تعتبر ترجمة للمسار النضالي واإلنفتاح الذي عبر عنه
النظام السياسي المغربي اتجاه المذكرات المطلبية النسائية في مختلف الميادين.
109
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
األغنياء على مساعدة الفقراء كما يجب التصدي لألمية كعائق ضد التنمية ،وفي هذا
اإلطار دعت إلى ضرورة تفعيل القيم الدينية كالتكافل اإلجتماعي الداعي إلى مساعدة
األغنياء للفقراء ،كما راهنت المنظمة على الدور األساسي للمستوى الثقافي والعلمي في
حفظ وصيانة الهوية اإلسالمية للشعب المغربي من خطر الهيمنة الغربية التي تعمل على
58
إعفائها وطمس معالمها التاريخية ،منبهة إلى دور " الوكيل الثقافي للغرب المهيمن "
الذي تلعبه بعض النساء والجمعيات اليسارية ،األمر الذي يساهم في نشر األمية الفكرية،
ويزكي التبعية للنموذج الغربي بالشروط التي يمليها علينا ،المقصود هنا الجمعيات النسائية
التي تتبنى المرجعية الدولية والتي ال تفوت المنظمة وأطر حزب العدالة والتنمية الفرصة
إلنتقادها ونعتها بالعلمانية ،واتهامها بنشر الفساد ،وقد كان مشروع خطة إدماج المرأة في
59
التنمية فرصة للهجوم عليها وعلى عضواتها.
وتشير المنظمة في المستوى الحقوقي إلى موقفها من المرجعية الدولية في بندين
وهما:
عدم استيراد القوانين الغربية أو المنافية لواقعنا المغربي.
: 57عبد الرزاق موالي رشيد جزء من أطروحته عن وضعية المرأة بالمغرب لعالقة المرأة بالسياسة ،منشورات جامعة محمد الخامس ،كلية العلrrوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط.1985 ،
: 58المرجع السابق ،ص31 :
: 59نجد كتابات كثيرة في هذا الموضوع ،انظر على سبيل المثال كتاب " حركة التوحيد واإلصالح " موقفنا مما سمي " مشروع إدمrrاج المrrرأة في
التنمية " منشورات الفرقان ،الطبعة الرابعة.2000 ،
110
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
60
:حزب العدالة والتنمية ،البرنامج االنتخابي " نحو مغرب أفضل من أجل نهضة شاملة " ،2002ص .7 :
61
:منظمة تجديد الوعي النسائي ،الرؤية والميثاق ،ص .14 :
111
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الرجل ليس بالضرورة أن يكون رجل دولة وسياسة وله الحق أن يتموقع داخل التركيبة
المجتمعية فيما يحس بأنه قادر على العطاء واإلنتاج ،فكذلك المرأة لها نفس الحق بقياس
مبدأ المساواة الذي شرعها الدين اإلسالمي وكذلك المواثيق الدولية.
إن اختزال ممارسة الحقوق السياسية للمرأة في حق التصويت ،مع غياب إرادة
سياسية حقيقية إلشراكها في المجتمع السياسي عبر تنزيل دستوري فعلي لمبدأ المناصفة ال
يقتصر فقط على التشريعات الدستورية وال يقتصر فقط على إرادة الحاكمين بل يتعداها
لينال إجماع كافة الهيآت السياسية المتواجدة في البالد حيث يكمن الصراع حول السلطة
السياسية ،فإنه يبقى على األحزاب السياسية تجاوز الحلقة الضيقة التي تتحدد فيها مشاركة
المرأة في الحياة السياسية بقراءة وتفسير متحررين للمساواة في الحقوق السياسية
المتضمنة في النصوص الدستورية والمواثيق الدولية ،وفهم عميق لمهامها التمثيلية حتى
تكون معبرة وبأمانة ضمن مكونات المجتمع المغربي وتساهم بالنظرية والتطبيق في تغيير
العقلية السائدة داخل الهيئات الحزبية وذلك في أفق تحرر المجتمع ككل.
كما أن مسألة التمثيل السياسي للمرأة ،وإ ن كانت ترتبط بظاهرة السلطة السياسية ،فإنها
تطرح في إطار أوسع "التنمية السياسية" ،و إذا كان واقعنا السياسي ومنه الحزبي يطرح
ضرورة تطوير إمكانياتنا ومكتسباتنا في أفق تغيير وضعية المرأة ،فألن هذا األفق يندرج
في إطار تحقيق تنمية سياسية فعلية ودعم تحرر مجتمعي حقيقي ،ينعكس بالدرجة األولى
على اإلنتاج السياسي للمرأة المغربية و منه على المشهد السياسي المغربي عامة.
112
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
القاعدة ،حيث يمكن دراسة السياق الوطني انطالقا من رصيد نوعين من التحوالت،
وكيفية تأثيرها على وضعية المرأة و مطالب الحركات النسائية ،فمن جهة هناك تحوالت
سياسية كبيرة ومن جهة ثانية هناك تحوالت إجتماعية وإ قتصادية أدت إلى تطور مكتسبات
المرأة في المغرب.
أوال :التحوالت السياسية.
لقد عاش المغرب فترات من المد والجزر على المستوى السياسي ،ومنذ حصوله
على اإلستقالل سنة 1956ظهر صراع قوي بين الفاعلين السياسيين تمخض عنه جمود
في عملية البناء الديمقراطي بالمغرب ،ونظرا لتعدد وتنوع األحداث التاريخية في هذا
الباب ،سنقتصر على فترة التسعينات التي شهدت تحوالت جوهرية على المستوى
السياسي بتميزها بمرحلة اإلنتقال الديمقراطي أو ما يسمى الخصوصية المغربية.
حيث عمل المغرب منذ دستور 1992على اإلعتراف بحقوق اإلنسان كما هو متعارف
عليها كونيا ،نتيجة لتحوالت المحيط الدولي ،ومع نهاية التسعينات وقع في المغرب
تحولين سياسيين أساسيين ،ألقيا بظاللهما على الحركة الحقوقية عموما ،والحركة النسائية
على وجه الخصوص وهما :تولي المعارضة لتسيير البالد في إطار التناوب التوافقي سنة
1998من جهة ،ووصول الملك محمد السادس للحكم سنة 1999من جهة ثانية.
-1وصول المعارضة للسلطة في إطار" التناوب التوافقي " في مارس .1998
شكل حدث وصول المعارضة لتسيير البالد سنة 1998برئاسة السيد عبد
الرحمان اليوسفي ،أهم التحوالت السياسية في تاريخ المغرب المستقل ،كونه سمح ألول
مرة بالحصول على أول حكومة سياسية في تاريخ البالد منذ اإلستقالل ،62ويعتبر وصول
المعارضة أهم تجليات ما يعرف باإلنتقال الديمقراطي بالمغرب.
فقد ألقى هذا الحدث بظالله على مختلف مكونات الحركة الحقوقية التي عانت
ألربعة عقود من مجموعة من التجاوزات والمضايقات ،ما شكل إنتكاسة لقضية المرأة
: 62خالد الناصري " :الحركات النسائية واالنتقال الديمقراطي بالمغرب " ورد ضمن الديمقراطية المبتورة ،النساء والسrrلطة السياسrrية بrrالمغرب،
مركز تكوين القيادات النسائية ،منشورات المعية الديمقراطية لنساء المغرب ،ص .88 :
113
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
كونها طرفا في الصراع آنذاك ،لهذا لم تبرز المطالبة بحقوقها كامرأة إال خالل أواخر
الثمانينات وبداية التسعينات .63
وقد شكل وصول اليسار ألول مرة لتسيير شؤون البالد فرصة للحركة النسائية عموما،
التي تتقاطع إيديولوجيا مع هذه األحزاب اليسارية ،مما جعل منها طرفا مساندا لتجربة
التناوب آنذاك بسبب المواقف التي أبدتها الحكومة من قضايا المرأة كان أبرزها ،الخطة
الوطنية إلدماج المرأة في التنمية سنة .1999
وقد تضمنت هذه الخطة أربع مجاالت رئيسية لتمكين النساء في الحياة العامة تمثلت
في:
إشراك النساء في التعليم.
تطوير الصحة اإلنجابية.
اإلندماج في التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية.
التمكين الذاتي للنساء في المجاالت القانونية والسياسية.
وشكلت هذه الخطة إحدى محطات الصراع األساسية بين اإلسالميين من جهة،
والحكومة والحركة النسائية ذات التوجه اليساري من جهة ثانية ،إلى حد تأسيس جبهات
مناهضة وجبهات مضادة للدفاع عن الخطة ،بل واحتد الصراع إلى حد تنظيم مسيرات
معارضة وأخرى مؤيدة للخطة خاصة في الشق المتعلق بإصالح مدونة األحوال
الشخصية.
أما الجانب المتعلق بالتمكين السياسي للمرأة ،فإن حزب العدالة والتنمية الذي قاد الحملة
ضد الخطة ،ال يبدي أي اعتراض حولها حيث جاء في تدخل للمسؤولة عن القطاع
النسائي آنذاك السيدة بسيمة الحقاوي " الّتمكين السياسي للنساء نحن ننشده ونطلبه ونناضل
من أجله" ،و نتيجة لهذا الحراك السياسي الذي شهده المغرب خالل تلك الفترة ،خاصة
على المستوى السياسي ،برزت مجموعة من المتغيرات األساسية في موضوع المشاركة
: 63شكلت فترة أواسط الثمانينات بداية انفصال مجموعة من الجمعيات النسائية عن األحزاب السياسية مثل الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب التي
انفصلت تنظيميا عن حزب التقدم واالشتراكية سنة 1985م ،واتحاد العمل النسائي الذي انفصل عن منظمة العمrrل الrrديمقراطي الشrrعبي عrrام 1987
وهو ما جعل مطالبها تنفصل كذلك عن األحزاب لصالح قضية المرأة ،وتعتبر نسrrاء منظمrrة العمrrل OADPأول من دعrا إلى هrrذه االسrrتقاللية عrام
1983خالل الندوة الوطنية األولى للقطاع النسائي التي تمت تحت عنوان " من أجل حركة نسائية جماهيرية ديمقراطية مستقلة "
114
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
السياسية للنساء كان أبرزها إعتماد الالئحة الوطنية سنة ، 2002هذه األخيرة سمحت
64
بوصول 35امرأة للبرلمان ألول مرة في تاريخ المغرب.
وتعتبر الّالئحة الوطنية من أهم المكاسب التي حصلت عليها الحركات النسائية في فترة
حكومة التناوب ،حيث تميزت هذه الفترة السياسية بالمغرب بإعتماد المرجعية الدولية في
مجال حقوق اإلنسان ،من خالل المصادقة على إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز
ضد المرأة ،و تكريس ثقافة المشاركة السياسة لدى النساء بالمغرب ،عبر اعتماد آليات
جديدة على الساحة السياسية المغربية كآلية "الكوتا" وما تبعها من إرتفاع عدد النساء داخل
المؤسسة البرلمانية ،مما حفز الهيآت الجمعوية خاصة برفع سقف مطالبها إلى أن تبلغ
المناصفة وهذا ما عبر إستجاب له الدستور المغربي المعدل لسنة .2011
-2مؤسسة ملكية جديدة بوصول الملك محمد السادس للحكم في يوليوز .1999
لقد عرف التاريخ السياسي الحديث للمغرب تحوالت كبيرة ببلوغ الملك محمد
السادس الحكم سنة 1999باعتباره ملكا شابا يمثل جيال جديدا من األفكار و القناعات،
فمنذ اعتالئه سدة الحكم والملك الشاب يؤكد على ضرورة إشراك المرأة في الحياة العامة،
بصفتها تمثل نصف المجتمع ،ومما جاء في إحدى خطبه " كيف يتصور بلوغ رقي
المجتمع وازدهاره والنساء الالئي يشكلن زهاء نصفه تهدر مصالحهن من غير مراعاة لما
منحهن الّد ين الحنيف من حقوق ،هن بها شقائق الّر جال ،تتناسب و رسالتهم السامية في
إنصاف لهّن مما قد يتعرضن له من حيف أو عنف مع أنهن بلغن مستوى نافسن به
65
الذكور ،سواءا في ميدان العلم أو العمل".
فهذا الخطاب يحمل دالالت قوية لصالح القضايا النسائية ،بإعتبار أن رهان التنمية لن
يتحقق إال بمشاركة منصفة للمرأة ،وهو ما يمكن اعتباره دعوة صريحة للّنهوض بقيمتها
وتأهيلها على جميع األصعدة ،الشيء الذي ال يتنافى مع مبادئ الشريعة اإلسالمية.
64
:زهور رشيق " :ممارسة الفعل السياسي للمرأة داخل األحزاب " في ندوة المرأة في الحقل السياسي ،يونيو ،2002ص.17 :
65
:الخطاب الملكي لـ 20 :غشت 1999
115
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وبوقوف الملك الشاب بجانب قضايا المرأة ومناصرتها في جميع المناسبات ،وفي
مجموعة من الفترات كان أهمها تدخله كحكم للفصل في الخالف حول تعديل مدونة
األحوال الشخصية ،بعد فشل محاولة الوزير األول عبد الرحمن اليوسفي أثناء تشكيل لجنة
وزارية لدراسة التطورات والتي اجتمعت أربع مرات فقط خالل سنة وانتهت باستقالة
66
محمد سعيد السعدي.
هذا التعثر دفع عاهل البالد لتدخل بعدما أحال عليه الوزير األول النقط التي كانت
محط خالف ،ليمارس بذلك اختصاصاته الدستورية ،المتمثلة أساسا في التحكيم ،وبذلك
تكون الحكومة حسب األستاذ الطوزي قد أضاعت فرصة اقتسام السلطة حينما أحالت
67
الخطة للتحكيم الملكي.
وفعال عمل الملك على استقبال ممثلين عن الهيآت السياسية يوم 5مارس ،2000وفي
يوم 27أبريل ، 2001قام الملك بتعيين لجنة استشارية ملكية إلصالح المدونة ضمت
68
في عضويتها 16عضوا من بينهم ثالث نساء.
وبعد هذه الخطوة الملكية التي حاولت إيجاد حل وسط بين التيارين التقدمي والمحافظ،
أفضت إلى إصدار مدونة األسرة ،حيث شكل هذا الحدث ارتياحا لمختلف األطياف ألنها
حققت مطالب الحركة النسائية التقدمية في قالب ديني أعمل فيه اإلجتهاد بشكل كبير ،وتم
االنفتاح على مذاهب أخرى خاصة المذهب الحنفي ،واعتبرته الحركة النسائية اإلسالمية
انتصارا لها كذلك.
و رغم المسار التاريخي الذي شهده المغرب في عمل الحركات النسائية ابتداء من
مساهمتها في الكفاح من أجل التحرير ونضالها داخل الهيآت الحزبية بمختلف أطيافها
السياسية ،وعملها داخل الهيآت الحقوقية و الجمعوية و وصوال لمرافعتها حول قضية
المرأة في مختلف المجاالت وخاصة السياسية منها ،مع استفادتها من مؤسسة ملكية
: 66سكار عائشة " :المرأة المغربية والديمقراطية " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،كلية الحقوق جامعة القاضي عياض
مراكش ،ص.22 :
: 67سعيدة بنحميدو " :السياسي والنسائي في تجربة الحركة النسائية بالمغرب أية عالقة ؟ " رسالة نيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،كلية الحقوق
جامعة الحسن الثاني ،عين الشق الدار البيضاء ،ص .57 :
: 68سكار عائشة " :المرأة المغربية والديمقراطية " مرجع سابق ،ص .23 :
116
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
منفتحة اتجاه إشراك المرأة وإ يجاد الحلول الوسطية إلدماجها في المنظومة المجتمعية
المغربية ،فمازالت الهيآت النسائية تطالب بمزيد من الحقوق التي تعتبرها شرعية بقياس
المواثيق الدولية ،واالنفتاح المجتمعي الذي يعرفه المغرب اتجاه قضايا المرأة،مما يدفعنا
لطرح مجموعة من األسئلة اإلشكالية تمهيدا للخوض في إطار آخر حاول معالجة قضايا
المرأة المغربية خاصة في شقه القانوني و السياسي.
إذن فأين تتمثل اإلسهامات الفكرية بشقيها القانوني والسياسي في إيجاد توليفة -
إلشراك المرأة المغربية في تدبير لشأن العام؟ وهل للفكر القانوني تأثير في
مشاركة النساء السياسة؟ وما هي أهم األفكار السياسية التي أطرت هذا المجال؟
وهل لإليديولوجيات الحزبية دور في مسألة التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب؟
وكيف تنظر األحزاب التقدمية لمسألة المشاركة السياسية للنساء؟ وما موقع
األحزاب المحافظة في مسألة اإلشراك السياسي للمرأة ؟ وما هي حدودها ؟
117
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
عبر استصدار مجموعة من المواثيق والصكوك الدولية المناهضة للتمييز ضد المرأة ،وقد
اعتبرت هذه المواثيق مرجعية دولية لحماية النساء من التهميش في مختلف المجاالت،
وكما اعتبرت مرجعية وطنية لبناء القوانين التنظيمية المؤطرة لعمل المرأة ،وقد اتخذت
المملكة المغربية هذا النهج سواء فيما يتعلق بالمراجعة الدستورية لسنة 2011أو من
خالل القوانين التنظيمية ،كقانون األحزاب ،مدونة االنتخابات ،مدونة األسرة ،قانون
الجنسية ،القانون الجنائي وغيره ،ما يفسر مواكبة الترسانة القانونية المغربية وتالؤمها مع
المقتضيات الدولية.
فكيف تفاعل النظام السياسي المغربي مع المرجعيات الكونية خالل استصداره
للقوانين المحلية؟
وما هي أهم القوانين التي شملها التغيير؟ وكيف أثر ذلك على وضعية المرأة
المغربية؟
وهل للفكر السياسي دور في مسألة التمثيلية السياسية للنساء؟ وما مجال تدخله
في هذا الباب؟
الفقرة األولى :الفكر القانوني.
لقد عمل المغرب على اإلنخراط في العديد من المواثيق واإلتفاقيات الدولية المتعلقة
بحقوق اإلنسان بشكل عام ،و يظهر ذلك من خالل مصادقته على اإلتفاقيات المتعلقة بمنع
جميع أشكال التمييز اتجاه المرأة ،األمر الذي أصبح معه تعديل مجموعة من المقتضيات
القانونية أمرا ضروريا ،حتمتها إلزامية المالءمة واالنسجام مع المواثيق الدولية التي
التزمت بها المملكة المغربية ،خاصة و أن الدستور المغربي لسنة 2011ومن خالل
ديباجته يؤكد على مبدأ سمو االتفاقيات الدولية على التشريع الداخلي ،مما فرض ضرورة
مواكبة هذه المتغيرات التي شملها الفكر القانوني المغربي حيث سنتطرق في هذا المستوى
من البحث لبعض القوانين التي شملها التعديل والتي يمكن اعتبار أن لها األثر الكبير في
118
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الرفع من إدماج المرأة المغربية في المجال العام وحفظ حقوقها وسنتطرق في هذا
المستوى من البحث لكل من:
-1مدونة األسرة:
شكل خروج مدونة األسرة في شكلها الحالي ثورة حقيقية في المجال الحقوقي
للمرأة المغربية ،على اعتبار أنها حملت على عاتقها مهمة تحقيق المساواة بين الجنسين
وترسيخ قواعد متينة لألسرة المغربية ،ومن خالل تفحصنا لنصوص مدونة األسرة
المغربية ،يمكن القول أنها تضمنت مظاهر متقدمة لحماية المرأة المغربية على مجموعة
من المستوياتحيث يمكن إستعراض بعض منها على الشكل التالي:
رفع سن الزواج إلى 18سنة للفتى والفتاة على السواء ،مع إمكانية تخفيض هذا
السن بقرار قضائي معلل تبين فيه المصلحة واألسباب المبررة لذلك.
كما عملت مدونة األسرة على حماية حقوق المرأة عند انحالل ميثاق الزوجية،
عن طريق جعل جميع أنواع الطالق تقع تحت مراقبة القضاء مع ضمان حماية حقوق
المرأة بعد الطالق.
أما على مستوى تعدد الزوجات فقد عمدت المدونة إلى إحاطته بضمانات تحمي
الزوجة باشتراط المبرر الموضوعي واإلستثنائي.
رفع الوصاية والحجر على جميع النساء الراشدات.
استفادة الزوجة المطلقة من األموال المكتسبة أثناء قيام الزوجية.
جعل النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق المدونة.
إحداث أقسام لقضاء األسرة بالمحاكم.
اإلعتراف بنسب الطفل المولود في مرحلة الخطبة.
وعموما فإن مدونة األسرة قد نّص ت على عدة مقتضيات جديدة والسيما بالنسبة للزواج
والطالق ،وتعتبر اإلصالحات التي جاءت بها هذه المدونة ليست مطالب جديدة ،بل هي
مطالب رفعتها الحركة النسائية منذ بداية الثمانينات ،وهو ما تحقق بعد أزيد من عشرين
119
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
سنة ،حيث اعتبرت مدونة األسرة ثورة في الفكر القانوني المؤطرة للعالقات األسرية
خاصة ما تميز به مسار صدور المدونة من أخذ ورد بين القوى السياسية والمؤسساتية
على المستوى الوطني مما يمكن اعتباره أرضية أولية سمحت بفتح النقاش حول مجموعة
من القوانين التي كانت سائدة فيما قبل ،ووصل الوقت إما لتعديلها أو لتحيينها حتى تتناسب
والظرفية الدولية والوطنية وما يعرفانها من تغييرات جذرية.
-2االقانون الجنائي المغربي:
عملت الهيئات والجمعيات النسائية المغربية خالل العقود األخيرة على المساهمة بشكل
فعلي في حركة التغيير من أجل إقرار مجتمع ديمقراطي يقوم على أساس المساواة بين
الجنسين ،واحترام الحقوق اإلنسانية للنساء ،وذلك من خالل قدرتها على التفكير والتحليل
لبلورة مقترحات من شأنها أن تساهم في إقرار سياسات وقوانين تحمي النساء من العنف
والتمييز ،مما اقتضى طرح النقاش من طرف هذه الجمعيات النسائية لموضوع تغيير
القانون الجنائي لغرض سن تشريعات تحمي النساء من العنف ،وتخلو من التمييز
اتجاههن ،ويمكن إبراز بعض هذه التعديالت على الشكل التالي:
أ -إقرار تدابير خاصة لحماية النساء من العنف:
إن تجريم العنف ضد النساء والمعاقبة عليه ال يكفيان لمناهضته والحماية منه ،بل
البد من إقرار تدابير خاصة بالحماية ،وتدخل هذه التدابير بحكم طبيعتها في نطاق كل من
قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي ،الشيء الذي يحتم تعديل قانون المسطرة
الجنائية ،بما يضمن نجاعة القانون الجنائي فيما يتعلق بحماية النساء من العنف ،خاصة
وأن تدابير الحماية تتميز بصبغتها اإلجرائية ،وإ صدار قانون تنظيمي خاص بتدابير
الحماية وتطبيقاتها.
ومن أهم تدابير الحماية التي ينبغي أن ينص عليها القانون:
منع مرتكب العنف لفترة محدودة من اإلتصال بالضحية أو اإلقتراب من مقر
سكناها أو اإلقامة معها أو من مقابلة األطفال تحت طائلة المتابعة والعقاب.
120
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
: 69قرار من القانون الجنائي من أجل تشrrريع جنrrائي يحمي النسrrاء من التميrrيز والعنrrف ،دراسrrة من إنجrrاز الجمعيrrة الديمقراطيrrة لنسrrاء المغrrرب
والجمعية المغربية للدفاع عن حقق النساء ،يونيو ،2010ص .7 :
: 70لطيفة لعروسي ،جريدة الشرق األوسط بتاريخ الجمعة 7مارس ،2014عدد .12883
121
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
يتطلب وضع آليات قانونية زجرية تضع المرأة في إطار يسوده اإلحترام المتبادل بين
الجنسين ،ولهذه الخطوات تأثير مباشر لنظرة المجتمع للمرأة عموما وإلمكانية دعم
وصولها إلى مراكز القرار كما نص على ذلك الدستور المغربي لسنة .2011
ولقد اقتصرنا على هاذين الشقين في المستوى القانوني باعتبار صلتهما بموضوع
بحثنا ،خاصة وأنه يعكس بشكل مباشر نظرة المشرع للنساء في شقيه القانوني و
اإلجتماعي ما يفسر درجة اإلنخراط المسجل للمرأة على المستوى السياسي ويحدد أفق
مطالبها في هذا الباب ،في إنتظار التطرق إلى باقي المستويات أثناء فترات البحث خاصة
ما تعلق بالقوانين المؤطر للعملية اإلنتخابية.
الفقرة الثانية :المرجعية السياسية:
إن موضوع التمثيلية السياسية للنساء عامة وبالمغرب خاصة ،ال يقتصر على الفكر
السياسي فحسب بل يمتد إلى آليات المشاركة السياسية من خالل الفاعلين األساسيين في
المشهد السياسي ،وعبر وضع مجموعة من التدابير العملية والقرارات الفعلية لتجاوز حالة
النفور إلى حالة المشاركة ،فالمشاركة السياسية هي التعبير العملي عن العقد اإلجتماعي
الطوعي ،ال في مفهومه فحسب بل في واقعه العملي أيضا ،إذ تعيد المشاركة السياسية
إنتاج العقد االجتماعي وتؤكد كل يوم أنها تعيد إنتاج الوحدة الوطنية وتعززها ،بإعتبار
الوحدة الوطنية من أبرز منجزات الحداثة.
وباعتبار الفكر السياسي منتوج إنساني يحاول من خالله اإلنسان وضع تصورات
ومرجعيات تخدم اإلنسان في إيجاد الحلول المتوازنة لتطبيقها على أرض الواقع ومن
ضمن هذه الحلول ،نجد الخطاب السياسي ،الذي يعّب ر من خالله الفاعلين السياسيين على
توجهاتهم وقناعاتهم اتجاه موضوع ما ،ونظرا لما تكتسبه قضية المشاركة السياسية للنساء
من أهمية في الحياة السياسية الوطنية ،نجدها حاضرة في خطاب جميع الفاعلين األساسيين
على المستوى الوطني ،ويمكن إجماال اعتبار الخطاب السياسي الذي عبر عنه هؤالء
الفاعلين السياسيين ،أهم ما يمكن إعتماده على الساحة الوطنية نظرا ألهمية المواقع التي
122
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ينتمون إليها ،ودرجة تأثيرها على المشهد السياسي خاصة في موضوع التمثيلية السياسية
للنساء:
أوال :االخطب الملكية:
نظرا لما أثارته قضية المرأة بصفة عامة من حراك و جدل سياسي ،وما للمشاركة
السياسية للنساء من أثر على الحياة السياسية ،و باعتبار الملك الفاعل المحوري في النسق
السياسي المغربي من الطبيعي أن تكون قضية المرأة إحدى مراكز اهتمامه ،اهتمام يرجع
باألساس في نظر البعض ،كونها أصبحت إحدى مصادر المشروعية الحـ ــداثية للنظ ـ ـ ــام
71
الملك ـ ـ ــي بالمغرب،
وهو ما جعل قضية المشاركة النسائية حاضرة بقوة في خطب و رسائل الملك.
في أول خطاباته بعد اعتالئه العرش قال الملك" :كيف يتصور بلوغ رقي المجتمع
وازدهاره والنساء الالئي يشكلن زهاء نصفه تهدر مصالحهن في غير مراعاة لما منحهن
الدين الحنيف من حقوق ،هن بها شقائق الرجال تتناسب ورسالتهن السامية في إنصاف
لهن مما قد يتعرضن له من حيف أو عنف مع أنهن بلغن مستوى نافسن به الذكور سواء
في ميدان العلم أو العمل" ،72و بعد أربع سنوات يؤكد الملك على التزامه و اهتمامه بقضية
المرأة حيث قال في خطاب نفس مناسبة الخطاب األول « :وقد ارتأينا أن يكون أفضل
تعبير عن الوفاء لروح ثورة الملك والشعب في عيدها الذهبي ،وخير منطلق لمواصلتها،
تجسيد إرادتنا الراسخة إلنصاف المرأة المغربية التي ال قوام للديمقراطية وحقوق اإلنسان
73
بدون رفع كل أشكال الحيف عنها وتكريمها المستحق».
و في سياق اهتمام الملك بوضع المرأة ،بادر بإرسال رسالة ترفع التحفظات
بموجبها على بعض مواد اتفاقية سيداو ،و ذلك بمناسبة الذكرى الستين لإلعالن العالمي
لحقوق اإلنسان في 10دجنبر 2008حيث جاء في خطاب الملك" :وتعزيزا لهذا المسار،
نعلن عن سحب المملكة المغربية للتحفظات المسجلة ،بشأن االتفاقية الدولية للقضاء على
71الكرامي (محمد فاضل) :النظام السياسي المغربي و إشكالية المشروعية الحداثية على ضوء التحوالت االجتماعية المعاصرة ،أطروحة دكتوراه
قانون عام ،جامعة الحسن الثاني -البيضاء 2007
72الخطاب الملكي ل 20 :غشت 1999
73الخطاب الملكي ل 20 :غشت 2003
123
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
كافة أشكال التمييز ضد المرأة ،التي أصبحت متجاوزة ،بفعل التشريعات المتقدمة ،التي
أقرتها بالدنا".
من خالل قراءة و دون تأويل لمضامين تلك الخطابات ،نستنتج بأن الفاعل
المحوري للنظام السياسي المغربي يقر بالحيف الذي تعاني منه المرأة على مستوى
المشاركة السياسية ،و الذي ال يتناسب مع مكانتها االجتماعية ،كما يقر الملك أيضا بدور
المرأة الحيوي في التنمية الوطنية و مساهماتها الجليلة في تاريخ المغرب و خصوصا في
الحركة الوطنية لنيل االستقالل ،كما انه مدرك لخطورة عدم إشراك المرأة في صنع
القرار و مقاسمتها السلطة و الثروة بشكل يتناسب مع دورها ،كل ذلك دفع الملكية إلى
االستجابة لمطالب الحركة النسائية و الحقوقية و تجنيب المغرب الحرج في المنتظم
الدولي.
و نظرا لقوة و مكانة الملك في النظام السياسي المغربي فإن خطبه دائما كانت
تشكل مرجعية لباقي الفاعلين السياسيين و حجاج للحركة النسائية و الحقوقية.
ثانيا :التصريحات الحكومية:
رغم أن التصريحات الحكومية ليست لها أية قوة قانونية ملزمة ،إال أنها تعتبر
خارطة طريق للعمل الحكومي ،و خصوصا أن هذه التصريحات تكون موضوع عرض و
مناقشة داخل البرلمان ،و تظهر موقف الحكومة من مجموعة من القضايا.
و حتى نقف على موقف الحكومات المغربية من قضية المشاركة النسائية،
والتطور الذي عرفه سنتطرق لتصريحين حكوميين :األول يرجع لعبد الرحمن اليوسفي
كممثل للتيار اليساري الذي كان مهد الحركات النسائية و الحقوقية ،ثم تصريح لعبد اإلله
بنكيران كممثل لتيار يتبنى الطرح اإلسالمي المحافظ.
المرأة في تصريح عبد الرحمن اليوسفي: أ-
في البداية تجدر اإلشارة إلى أن تولي عبد الرحمن اليوسفي أمين عام حزب
اإلتحاد االشتراكي للقوات الشعبية الوزارة األولى ،كان في حد ذاته حدثا سياسيا بارزا،
124
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ليس فقط على مستوى المشهد السياسي المغربي بل حتى العربي ،فألول مرة على
المستوى الوطني يصعد حزب من المعارضة إلى الحكم في إطار ما سمي بالتناوب
التوافقي ،و لهذا ارتأينا أن نستعرض موقفه من قضية المشاركة السياسية للمرأة رغم أن
واليته كانت مرحلة للتقعيد القانوني كما تمّيزت بإنتقاليتها من مرحلة إلى أخرى.
وتحت عنوان تقوية مكانة المرأة ،اعتبرت حكومة عبد الرحمن اليوسفي ،أن كل
مشروع للتنمية يمر عبر اإلعتراف بدور المرأة ومواطنتها الكاملة ،وأية إستراتيجية البد
وأن تضع المرأة في صلب اإلهتمام و محاربة جميع أشكال التمييز الذي تتعرض له
النساء وتحرير طاقتهن اإلبداعية يعتبر هدفا محوريا.
و لتحقيق هذه األهذاف أكد التصريح الحكومي على ضرورة" :إنعاش الوضعية
القانونية النسوية على أساس مبدأ تكافؤ الفرص ،بتطابق مع المواثيق الدولية المصادق
عليها من طرف المغرب ،والقيام بإصالح تدريجي لمدونة األحوال الشخصية في نطاق
احترام قيم ديننا اإلسالمي الحنيف ،...أما على المستوى السياسي ستعمل الحكومة على
وضع إستراتيجية تمكين النساء من ولوج مناصب المسؤولية و القرار طبقا للحقوق التي
تضمنها الدستور" ،ولقد إقتصرنا خالل هذه المرحلة من البحث على هذا المستوى
المقتضب إعتبارا منا أن الحركات النسائية المغربية خرجت من خضم األحزاب اليسارية
و هي بذلك تحمل نفس المنطلقات و المطالب التي تتمّيز في مجملها باإلنفتاح و الدفع
بالمرأة المغربية إلى مستويات متقدمة من اإلندماج على مختلف األصعدة خاصة السياسية
منها ،أما على المستوى اإلجتماعي فيمكن إستنتاج مواقف الوزير األول السيد عبد
الرحمن اليوسفي من خالل تقديمه لبرنامجه الحكومي بتاريخ 17أبريل 1998و التي
جاءت على الشكل التالي " :سنعمل على تنمية برامج موجهة بالخصوص إلى النساء
خاصة في ميادين محاربة األمية و التمدرس و مساعدة النساء المعوزات خاصة في
البوادي و على الصعيد الثقافي سنعمل على رّد اإلعتبار لصورة تمكن النساء من ولوج
مناصب المسؤولية و القرار طبقا للحقوق التي يضمنها الدستور.
125
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
من خالل قراءة هذين التصريحين سجلنا بعض المالحظات ،أولها هو أن سياق
التصريحين يحمل العديد من المتغيرات الوطنية و اإلقليمية ،أهمها رفع المغرب لبعض
تحفظاته على سيداو ،و تبني دستور جديد إعترف بسمو اإلتفاقيات الدولية على القوانين
الوطنية ،كما أن كال من التصريحين أقرا بالـتأخر الحاصل في وضعية المرأة،
126
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وخصوصا على مستوى مشاركتها السياسية ،و هذا واضح من خالل نية كل واحد منهما
في إتخاذ إجراءات معينة لدعم المرأة و تجاوز ذاك التأخر.
كما أن التصريح األول أشار إلى الهوية اإلسالمية كضابط لمصادقة المغرب على
االتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة ،رغم أن مرجعية الحزب ليست إسالمية و التصريح
الثاني لم يتعرض إلى هذه المرجعية رغم أن حزب ذو توجه إسالمي ،و هذا ما سوف
نتعمق فيه في الفقرة التالية لنرى مكانة المرأة في برامج األحزاب السياسية.
ثالثا :المرأة في الخطاب الحزبي المغربي.
كما أشرنا سابقا أن المغرب قد تبنى منذ اإلستقالل نظام التعددية الحزبية ،من بين
هذه األحزاب من تتبنى أطروحة النظام الرسمية ،و منها من تبنى أطروحة معارضة على
كافة المستويات ،على الرغم من تسجيلنا خالل اآلونة األخيرة تشابه كبير في البرامج
الحزبية إلى درجة أنه لم يعد لخطاب اليمين و اليسار ما يميزهما عن بعضهما 74،و
لطالما مثلت حقوق المرأة مسألة خالف بين األحزاب و خصوصا تلك التي لها توجه
إسالمي من جهة مع التي لها توجه اشتراكي يساري من جهة أخرى.
إّن إختالف الجذور التاريخية و المرجعية الفكرية و السياسية لهذه األحزاب ،وكذا
تصورها للمسألة النسائية ،بالرغم من توفر بعضها على قطاع نسائي ،وإ شتغال البعض
اآلخر بصيغ أخرى ،فإن مواقفها من ترشح المرأة إلى مناصب المسؤولية متقاربة جدا،
كما أن وجود قطاع نسائي في حزب ما ليس أمرا حاسما في رفع تمثيلية المرأة في
والمنتخبة ،وتتجلى مظاهر ذلك في إستراتيجيات إلتزام مراكز القرار الحزبية
الصمت أو التراجع أو المطالبة بتأجيل المطالب أمام مّد الحركة النسائية المغربية،
فخطاب المساواة و اإلنصاف لدى األحزاب السياسية ماهو إّال آلية إجتداب لفئة عريضة
من الناخبين المغاربة بعيدة عن الواقعية الملزمة عبر آليات قانونية و إنتخابية ،فالمنطق
السياسوي مستحضر في العملية الحزبية بالمغرب مما يعطي هامشا كبيرا للدولة إلتخاد
127
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تدابير تحفيزية سواء في إطار خطابها في هذا الباب أو من خالل إجراءاتها التي يسجل
أن لها الّد ور األساس في الرفع من تمثيلية النساء السياسية.
المطلب الثاني :إيديولوجيات األحزاب السياسية المغربية.
تلعب األحزاب السياسية عامة وظيفة التمثيل السياسي ،لكن المالحظ أن األحزاب
السياسية بالمغرب ليست قنوات حقيقية لتمثيل سياسي عادل بالنسبة للمرأة المغربية ،وإ ن
اعترفت الدساتير المغربية المتعاقبة لهذه الهيآت السياسية بوظيفة تأطير وتمثيل
المواطنين ،إال أن غالبية األحزاب السياسية تخلت عن وعودها للمرأة ،فإذا تم في سنة
2002انتخاب 35امرأة للغرفة األولى (البرلمان) من مجموع 325مقعدا ،فإن
انتخابات 7شتنبر 2007تقلصت هذه الحصة ل 34 :امرأة ،ولم تتوفق عن قائمة
المرشحين المحلية سوى أربع نساء هن ياسمنية بادو عن حزب االستقالل ،ولطيفة
الجبابدي عن االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية ،ثم المرشحة المستقلة فتيحة العيادي،
وفاطنة الكيحل عن الحركة الشعبية ،مع العلم أن بعض المناضالت في األحزاب كن
يطالبن بتخصيص حصة لهن في لوائح كل حزب على مستوى اللوائح المحلية ،الشيء
الذي لم يتحقق ،وما يؤاخذ على قانون األحزاب هو عدم تحديده لنسبة معينة إلشراك
النساء في أجهزة األحزاب وتقديمهن كمرشحات وممثالت لألحزب سواء في االنتخابات
الجماعية أو التشريعية ،وذلك بهدف خلق نوع من المساواة بين الرجال والنساء داخل
75
المشهد الحزبي وداخل مختلف المؤسسات التمثيلية السياسية.
ورغم الضعف الذي تعاني منه المرأة المغربية في مجال التمثيلية السياسية حاولت
بعض األحزاب الدفع بالمرأة إلى ولوج الحياة السياسية ،خاصة وأنها كانت تعي جيدا أن
المسؤولية الرئيسية في دعم المرأة سياسيا لولوج قبة البرلمان والمجالس المنتخبة عموما
ملقاة على عاتق األحزاب تماشيا مع ما ينص عليه الدستور المغربي صراحة في فصله
: 75نور الدين عز ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعقمة في القانون العام " ،تأهيل المشهد الحزبي على ضوء قrrانون األحrrزاب رقم " 36-04
لسنة ،2006ص.204 :
128
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
السابع " :تعمل األحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي
وتعزيز انخراطهم في الحياة السياسية ،وفي تدبير الشأن العام".
غير أن األحزاب السياسية في المغرب تختلف في مدى انخراطها في تفعيل
المساواة بين المواطنات والمواطنين ،حيث يقف البعض عند إقرار الحقوق المدنية
والسياسية بينما يضيف البعض من هذه األحزاب الحقوق االقتصادية واالجتماعية
والثقافية ،وهذا راجع إلى إختالف المرجعيات اإلديولوجية لكل حزب على حدى ،إال أن
السياق العام المحيط بمفهوم اإليديولوجيا ،يفرض علينا التحلي بقدر من الحذر واإلبقاء
على نوع من النظرة الموضوعية والنسبية سواء في استعمالنا للكلمة من خالل تحليلنا لهذه
الفقرة من البحث أو خالل استنتاجاتنا واألحكام التي يمكن أن نتوصل إليها.
إن مساءلتنا إليديولوجية األحزاب السياسية تنطلق من اعتبار الدور الهام والكبير
الذي يمكن أن يلعبه الفاعل السياسي في بلورة مشروع مجتمعي متماسك وواضح قائم
على مبدأ المساواة في الفعل والقانون ،بيد أن المشهد الحزبي المغربي وقف عند مجموعة
من الخطابات اإليديولوجية حول القضية النسائية ،ويمكن تقسيمها على الشكل التالي:
خطاب إسالمي محافظ ذو توجه إسالمي ،يسند للمرأة وظيفة هوياتية.
خطاب استفاد من النسق الفكري لإلشتراكية واعتبر المرأة فاعل في مسلسل
األحداث المجتمعية ،لكنه ربط تغيير أوضاع النساء بالمشروع الكبير لتنمية وتحديث
المجتمع وترسيخ الديمقراطية.
خطاب تحديثي معلمن تتبناه األحزاب اليسارية ظهر على السطح بفعل تنامي
حركة الدفاع عن الحقوق اإلنسانية للنساء وهو يقارب خطاب الحركة النسائية.
الفقرة األولى :حزب العدالة والتنمية (حزب سياسي محافظ).
عرف تأسيس حزب العدالة والتنمية مراحل تاريخية متعددة حيث تأسس هذا
الحزب ذو المرجعية اإلسالمية بعد انشقاقه سنة 1967عن حزب الحركة الشعبية بقيادة
زعيم الحزب آنذاك الدكتور عبد الكريم الخطيب ،حيث أسس هذا األخير حزب الحركة
129
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الشعبية الدستورية الديمقراطية ،وإ حتضن اإلسالميين سنة 1996من عناصر حركة
اإلصالح و التجديد ورابطة المستقبل اإلسالمي بعدما أخفقت محاوالتهم للحصول على
الترخيص بإنشاء حزب ،بعد أن تحول سنة 1999إلى حزب العدالة و التنمية ،ويعّر ف
حزب العدالة والتنمية المغربي نفسه بأنه " :حزب سياسي وطني يسعى انطالقا من
المرجعية اإلسالمية وفي إطار الملكية الدستورية القائمة على إمارة المؤمنين إلى اإلسهام
في بناء مغرب حديث وديمقراطي ،ومزدهر ومتكافل ،مغرب معتز بأصالته التاريخية
76
ومسهم إيجابيا في صيرورة الحضارة اإلنسانية".
غير أن مجموعة من األحداث الوطنية والتي عبر من خاللها الحزب عن آرائه
جعلت مفهومه للحداثة تواجه بمجموعة من اإلنتقادات ،خاصة رأي الحزب من الخطة
الوطنية إلدماج المرأة في التنمية التي تصدى لها بقوة وحزم ،عبر تنظيمه لمسيرة مليونية
بالدار البيضاء مما أسفر على تدخل المؤسسة الملكية بين الجناح المحافظ والحداثي على
الساحة الوطنية الشيء الذي أدى لتشكيل لجنة وطنية من العلماء والقضاة والمفكرين
واللذين أعدوا مدونة األسرة التي عرضت ألول مرة على البرلمان ،إال أن التوجه المحافظ
للحزب ال يقتصر على التعبير عنه من خالل إيديولوجيته الحزبية بل يتعداها من خالل
التصريحات وخاصة منها التي عبر عنها رئيس الحكومة عبد اإلله بنكيران أمام مجلس
المستشارين معتبرا أن قيمة المرأة تكمن في تأثيثها لمنزلها ،مما أسفر على ردود فعل
قوية من الجناح الحداثي وخاصة الجمعيات الحقوقية والنسائية مستنكرة هذا التعبير
ومعتبرة إياه تراجع خطير على ما حققته المرأة المغربية ،وبالرجوع إلى أدبيات الحزب
فيما يخص المرأة ،نعتبرها أكثر إنفتاحا وأكثر دفاعا عن حقوق المرأة ،ويمكن أن نستشف
ذلك من خالل البرنامج اإلنتخابي للحزب على ضوء اإلنتخابات التشريعية لسنة 1997
وخاصة ما تعلق بموضوع المرأة و الذي جاء فيه:
76
:موقع ويكبيديا ،الموسوعة الحرة ،حزب العدالة والتنمية (المغرب).
130
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
أ – العمل على تصحيح وضع المرأة بإعادة االعتبار لها ،بوصفها إنسانا مكّر ما،
وتخليص نظرة المجتمع إليها من رواسب عصر اإلنحطاط ،والتصدي لكل المشاريع التي
تعمل على تخريبها وإ بعادها عن قيم دينها.
ب -العمل على مراجعة التشريعات الجارية وإ عادة النظر في تنظيم العمل لتمكين
المرأة من التوفيق بين واجباتها األسرية داخل البيت ومساهمتها في التنمية اإلقتصادية
وتطور المجتمع.
د -تشجيع النساء على اإلنتاج التعاوني بتمكينهن من كل أنواع التأطير والدعم.
ورغم ما عبر عنه الحزب من دفاع على قضايا المرأة من خالل برنامجه
اإلنتخابي لسنة 1997لإلنتخابات النيابية ،وبعد قراءتنا ألطروحة المؤتمر الوطني السابع
المنعقد في دجنبر 2002من خالل شعاره " :شراكة فعالة في البناء الديمقراطي من
أجل الكرامة والتنمية والعدالة االجتماعية " ،77نالحظ من خالل تصفحنا لوثائق المؤتمر
غياب تداول موضوع المرأة أو إدراجه في الورقة المرجعية للمؤتمر مما يعبر عن المد
والجزر الذي تعاني منه قضية المرأة في إستراتيجية الحزب ،مع العلم أن الكتلة الناخبة
المغربية تعرف نسبا مهمة من النساء باإلضافة إلى استفادة الحزب من عدد النائبات
الفائزات بالالئحة الوطنية في االنتخابات التشريعية لسنة .2011
فهل للمرجعية اإلسالمية دور في هذه المواقف الحزبية المترددة من قضايا المرأة؟
أم أن القطاع النسائي الحزبي ال يتوفر على اآلليات الضاغطة للمرافعة عن قضاياه بشكل
مباشر من داخل الحزب ؟
الفقرة الثانية :األحزاب السياسية التقدمية.
يمكن اعتبار أن إيديولوجيات األحزاب السياسية التقدمية بالمغرب ال تخرج عن
السياق العام لنظرة المواثيق الدولية اتجاه قضايا المرأة ،خاصة ما تعلق بالحدود الذي
يعتبرها البعض أنها نابعة من طبيعة المجتمع وثقافته ودينه ،حيث يتخذ حزب اإلتحاد
اإلشتراكي للقوات الشعبية كنموذج للدراسة من خالل مواقفه الحداثية و المنفتحة ،و الذي
77
:الموقع اإللكتروني لحزب العدالة والتنمية.
131
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ال يعتبر من خاللها اإلسالم كأساس للشرعية السياسية واإليديولوجية ،بل يحاول أن يستمد
مقومات منظوره اإليديولوجي من األنساق الفكرية التي تمثلها االشتراكية والحداثة
والديمقراطية ،وكذلك األمر بالنسبة لتغيير أوضاع المرأة فهو يرتبط بالمشروع الكبير
لتنمية وتحديث المجتمع وترسيخ الديمقراطية ،وكان من نتيجة هذا الموقف ،أن مشاركة
النساء في النشاط السياسي واندماجهن في البنيات الحزبية الحاملة لمثل هذه اإليديولوجيات
من خالل إعادة إنتاج أشكال الال مساواة والتمييز داخل األحزاب كما هو األمر في
المجتمع ،حيث تميزت مطالب القطاع النسائي لحزب اإلتحاد اإلشتراكي للقوات الشعبية
في مجموعة من الميادين يمكن إدراجها على الشكل التالي:
إلغاء القوانين التي تميز بين النساء والرجال.
إقرار عدالة جنائية من أجل النساء.
إصدار قانون إطار مناهض لعنف النوع.
ضرورة منع تعدد الزوجات وتجريم تزويج القاصرات.
تطوير اإلطار القانوني الوطني للضمان االجتماعي بما يضمن لذوي حقوق
المرأة العاملة التمتع بمعاشها بعد وفاتها.
اعتماد سياسات تشغيل موجهة للنساء لمحاربة تأنيث البطالة.
78
تجريم المفاضلة في األجور بين العامالت و العمال في القطاع الخاص...
من خالل قراءتنا لهذه المطالب ،نالحظ أنها تتميز بمرافعتها لمجموعة من جوانب
الحياة لدى المرأة المغربية ،إال أن مسألة التمثيلية السياسية للنساء ،ال تدخل ضمن مطالب
القطاع النسائي االتحادي ،باعتبارها مسألة مكفولة لألجهزة التقريرية للحزب ،مع تسجيل
أن هذا الحزب خصص نسبة % 20من عدد النساء داخل هيآته الحزبية إال أن تأثيرها
يبقى محدودا.
وخالصة القول فإن اإليديولوجيات الحزبية بالمغرب تخوض باألساس في مواضيع
عدة اقتصادية ،سياسية ،اجتماعية وثقافية ،أما موضوع المرأة فيعالج غالبا ضمن موقعها
78
:فاطنة سرحان ،موقع االتحاد االشتراكي للقوات الشعبية " مطلب النساء االتحاديات ليس للمزايدة إنه مطلب مبدئي " 27دجنبر 2013
132
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
االجتماعي ومن خالل مواضيع لها ارتباط مباشر بالعنف والتهميش الذي تعانيه داخل
المجتمع ،أما موضوع التمثيلية السياسية للنساء ما هو إال موضوع موسمي يتم إثارته
خالل االنتخابات من أجل كسب ود الناخبات المغربيات علما أن مشاركتهن تكون دائما
مرتفعة ،رغم الخيارات التي كان باإلمكان أن تلجأ إليها األحزاب لتعزيز التمثيلية النسائية
سواء داخل الجماعات التي أجري فيها اإلنتخاب باإلقتراع الالئحي بالتمثيل النسبي ،أو
تلك التي أجري فيها اإلنتخاب باإلقتراع األحادي اإلسمي في دورة واحدة ،فإن أغلب
األحزاب السياسية فضلت أن تظل وفية لنزعتها الذكورية ومسايرة للثقافة التقليدية
المحافظة التي ال ترى فائدة من المشاركة النسائية ،و بذلك لم تعتمد األحزاب خيار ترتيب
النساء في الترشيح ترتيبا يمكنهم من ولوج المؤسسات المنتخبة وذلك من خالل مستويين:
مستوى ترشيح النساء في المراتب األولى ضمن اللوائح ،حيث لوحظ أن كثيرا من
اللوائح قد تضمن ترشيحات نسائية ولكن بشكل ال يضمن الفوز ،مما أفضى على تلك
الترشيحات طابعا دعائيا ليس إال ،بل لوحظ أن بعض وكالء اللوائح أبرزوا عجزهم عن
إكمال لوائح ترشيحاتهم ،عمدوا إلى ملئ لوائحهم بأسماء نساء ال تجمعهم بهن أية رابطة
تنظيمية أو عالقة حزبية.
79
مستوى ترشيح النساء كوكيالت للوائح حيث كانت نسبة الترشيح جد ضعيفة.
وللمقارنة فالدول الديمقراطية خاصة اإلسكندنافية منها ،تعمد إلى وضع حصة داخلية
لرفع تمثيلية النساء ،حيث تمثل األحزاب السياسية القناة الرئيسية للمشاركة السياسية
للنساء ،كما في ألمانيا يخص حزب الخضر البديل حصة قدرها % 50للنساء ،ويخصص
حزب االتحاد الديمقراطي المسيحي حصة % 33,3ويخصص الحزب الديمقراطي
اإلشتراكي األلماني حصة % 40وبالتالي فاستجابة األحزاب السياسة في وضع حصة
داخلية للنساء من خالل اعتماد مساطر واضحة ومحفزة في وضع اللوائح اإلنتخابية بهدف
تحويل مشاركة المرأة إلى مشاركة فعلية و إضافة نوعية تسهم في تطوير الممارسة
79د :محمد ضريف :اقتراع شتنبر 2003ومسألة التمثيلية النسائية ،الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ،مركز تكوين القيادات
النسائية ماي 2004ص .16
133
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
السياسية ،وبالتالي فالقرار السياسي للهيآت الحزبية يعتبر أولى الخطوات المباشرة للرفع
من التمثيلية السياسية للنساء ألن المرجعيات اإليديولوجية لألحزاب المغربية ال تمانع في
إشراك المرأة رغم ضعف إشارتها لذلك.
134
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
القسم الثاني
135
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إن واق ــع التمثيلية السياسيــة للنس ــاء بالمغرب يتس ــم بالضعف ،وهو قبل ذلك واقع
إحصائــي يمكــن مالحظتــه في تركيبــة هيئات و تنظيمات النسق السياسي المغربي ،و هذا
الضعف يرجع باألساس إلى إكراهات موضوعية تتعلق بالسيطرة الذكورية من جهة ،و
من جهة أخرى إلى غياب اإلرادة السياسية لذا الفاعلين السياسيين خاصة األحزاب
السياسية ،حيث تتميز اإلرادة السياسية لدى الفاعلين السياسيين بوجود حساسية إزاء النوع
االجتماعي (النساء) على الرغم من تكريس الدستور المغربي و القانون التنظيمي ذا
الصلة حق المشاركة السياسية للنساء (حق التصويت و الترشيح) ،فإن التمثيلية السياسية
للنساء في مراكز القرار (خاصة االنتخابية) تفترض عدم اختزال وجود النساء في المجال
الخصوصي كمجال للوجود و العمل و إعادة اإلنتاج و عدم جعله رهان لتمتعهن بحقهن
في المشاركة المتساوية في الحياة السياسية.
إال أنه من أجل أن تلج النساء المجال السياسي كمجال للعمل السياسي (األحزاب السياسية)
و كمجال للتفويض (التمثيل السياسي) و القرار ،البد أن تستطيع الولوج مبدئيا للمجال
العمومي باعتبــاره مج ــاال للتربي ــة و التكوي ــن و اإلنفتاح الخارجي إزاء الحياة اإلجتماعية و
اإلقتصادية ثم السياسية.
إن انتقال النساء من المجال الخصوصي إلى المجال العمومي ،من شأنه تمكين النساء
من ولوج المجال السياسي ،ألنه يمكن المرأة من الحضور في مجاالت أخرى غير تلك
التي حصرت فيها و يجعل هذا الحضور مقبوال في المجتمع من خالل االعتياد على رؤية
النساء داخل مجاالت عمومية ،إال أن ذلك لن يتحقق إال إذا كان المجال السياسي يمنح
أهمية أكبر لتحرر و إنفتاح النساء ،كتلك التي يمنحها المجال العمومي (العمل الجمعوي)،
إضافة على أنه يتعين على المجال العمومي أن يتسم بالمصداقية بوصفه مجاال للمشاركة.
و النقطة الثانية التي يمكن أن نشير إليها تتمثل في مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة،
خاصة ما تعلق بفرصة تمثيل مصالحهم أثناء المنافسة السياسية داخل التنظيمات السياسية،
ألن السائد حاليا أن الرجال لهم نزعة إلى منح أنفسهــم امتيــازا إلى الوصول إلى مراكز
136
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
القرار السياسي ،خاصة على مستوى الهيآت التقريرية و التنفيذية للدولة ،و الذي يفترض
أساسا أن تشكل األحزاب من طرف الرجال داخل الهيآت الحزبية ،و ما يؤكد هذا الواقع
وصول إمرأة واحدة كأمينة عامة لحزب سياسي بالمغرب و هي نبيلة منيب أمينة الحزب
،ناهيك على تمثيلها داخل الهيآت 80
االشتراكي الموحد من أصل 34حزب سياسي
التقريرية لألحزاب السياسية كالمكاتب السياسية و المجالس الوطنية.
إن التمثيلية السياسية للنساء تتأثر من ضعف الوعي بأهمية المقاربة التشاركية للنوع
اإلجتماعي ،مع غياب التزام األحزاب السياسية بالدفاع عن حقوق النساء ليكن ممثالت
بشكل متساوي مع نضرائهم الرجال داخل األجهزة التقريرية لهذه األحزاب.
لكن هل باإلمكان تصور دمقرطة فعلية و كاملة ال تساهم النساء المغربيات بشكل ملموس
و ديناميكي في بنائها و إرسائها على أرض الواقع؟ هل يمكن تصور ذلك من دون
مشاركة و تمثيلية حقيقيتين للنساء في مختلف هيآت التشاور و القرار الديمقراطي؟
ال يسعنا إال أن نقر بالواقع السياسي المتمثل في ضعف التمثيلية السياسية للنساء في
أجهزة القرار.
فما هي إذن أسباب هذا الواقع؟ و كيف يمكن تفسير الفارق الكبير بين الرجال و النساء
في مجال التمثيلية و احتالل الوظائف المستندة على الشرعية االنتخابية ،على الرغم من
أن هذا الفارق ال يبرره أي واقع سوسيولوجي؟
وأمال منا في إيجاد أجوبة لهذه األسئلة اإلشكالية إعتمدنا في تقسيمنا لهذا القسم على
فصلين ،سنحاول معالجة جزئه األول من خالل إبراز واقع التمثيلية السياسية للنساء
بالمغرب (كفصل أول) و ذلك من خالل مستويين وطني و محلي (المبحث األول )،
وسنتطرق لمبدأ المساواة السياسية بين الجنسين (المبحث ثاني) ،واقترحنا لتجاوز هذه
الوضعية إعتماد بعض اآلليات التي إعتبرناها سببا في رقى بمستوى التمثيلية السياسية
للنساء (كفصل ثاني) عبر مقارنة سياسات الدولة و فاعليها األساسين (كمبحث أول) و
80
الموقع االلكتروني :البوابة الوطنية – الئحة األحزاب السياسية
137
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
دور المقاربة المدنية من خالل المجتمع المدني و اإلعالم و مؤسسات التنشئة اإلجتماعية
(كمبحث ثاني).
138
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الفصل األول
139
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الثانية على " أن للنساء األهلية في أن ينتخبن بالهيئات المنتخبة عبر االقتراع العام ،و
المنشأة بمقتضى التشريع الوطني بشــروط تســاوي بينهن و بين الرجــال دون تميي ــز" ،و
كذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و الذي جاء في مادته ": 25لكل
مواطن الحق في المشاركة في تسيير الحياة العامة مباشرة أو عن طريق ممثلين
مختارين" ،أما اتفاقية القضاء على كافة التمييز ضد المرأة لعام 1979تنــص في مادت ــها
" 7للم ــرأة الحق في التصويت في جمي ــع اإلنتخاب ــات و اإلستفتاءات العامة ،و األهلية
لإلنتخابات لجميع الهيآت التي تنتخب أعضاؤها باإلقتراع العام و المشاركة في صياغة
سياسة الحكومة و في تنفيذ هذه السياسة و في شغل الوظائف العامة" ،رغم كل هذه
التشريعات سواء منها الكونية أو الوطنية إال أن واقع التمثيلية السياسية للنساء يشهد
مجموعة من العوائق تحول دون مشاركة وازنة للمرأة المغربيــة ،أهمها مسألة التنشئة
اإلجتماعيــة و ما ينتج عنها من نتائج إتجاه آليات التنشئة السياسيــة ،و المالحظ أن
مشاركــة المــرأة و مساهمتها ارتبطى دائما بالحدث السياسي (اإلنتخابي) و تنتهي
مشاركتها بإنتهاء الحدث ،و يرجعه بعض الباحثي ــن إلى ضعــف وعي الم ــرأة لحاجت ــها و
مصالحها بسبب غلبة التقاليد المحافظة ،هذا أمر ينعكس بشكل مباشر على عزوف المرأة
في اإلنخراط في األحزاب السياسية و ممارسة العمل السياسي الذي يساهم بدرجة أولى
في تعزيز موقعها و فتح الفرص أمامها لتأخذ مكانتها في المجتمع بإعتبارها تمثل نصفه و
يمكن إجماال تحديد أسباب ضعف المشاركة السياسية للنساء بالمغرب في:
ضعف التأطير و التكوين السياسي الموجه للنساء.
عدم وجود قوانين ملزمة للهيآت السياسية في احترام التمثيلية السياسية للنساء.
سيادة العقلية الذكورية في التمثل المجتمعي.
عدم اندماج و انخراط المؤسسات اإلعالمية و التعليمية في وضع برامج
تحسيسية و تربويــة تسته ــدف عامة المغاربة للرفع من ثقافة المواطنة و حقوق اإلنسان.
عدم إقرار نسبة مهمة في القوانين اإلنتخابية (الكوطا).
140
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ضعف آليات المرافعة لدى هيآت المجتمع المدني و محدودية مجالها الجغرافي.
و للخوض أكثر في تفاصيل واقع التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب سنتطرق في المبحث
األول للبعد الوطني و المحلي من خالل مقاربة هذا الموضــوع في شق المؤسســات
المنتخبة و تمثيليــة النساء بها (الحكومــة و البرلمان) (المطلب األول) ثم في مستواها
المحلي عبر التشريعات القانونية وتأثيرها على مستوى التمثيلية السياسية بالجماعات
الترابي ــة (كمطلب ثاني).
المبحث األول :التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب بين البعد الوطني و المحلي.
لقد نصت الدساتير المتعاقبة و منذ حصول المغرب على االستقالل على تكافؤ النساء
والرجال من حيث الحقوق السياسية ،حيث صوتن النساء في المغرب و ترشحن
لالنتخابات منذ انتخابات المجالس البلدية األولى في ماي ،1960لكن واقع المشاركة
السياسية للنساء بالمغرب كان دائما يخضع و بشكل كبير لإلرادة السياسية و اإلجراءات
التي تتخذ من أجل تعزيز مكانة النساء داخل الهيآت المنتخبة و في المناصب العليا ،و
تميزت مشاركة النساء السياسية في البرلمان و الجماعات المحلية بثالثة فترات أساسية.
قبل سنة 1993لم يكن دخول النساء إلى الهيآت المنتخبة الذي كانت نسبته -
ضعيفة يتم إال على مستوى الجماعــات حيث شكل ــت سنة 1993نقطة تحول و
قطيعة مع الماضي و ذلك بدخول امرأتان إلى قبة البرلمان.
ما بين 1993و 2002تميزت التمثيلية السياسية للنساء بالركود حيث -
حافظت على نفس النسبة السابقة بتمثيلية تقارب %0،66و ظل الفارق الكبير في
التمثيل السياسي بين النساء و الذكور في مجمل الهيآت المنتخبة هو السمة الغالبة
سواء على مستوى المحلي أو الجهوي أو الوطني ،و تعتبر سنة 2002نقطة
التحول في مسألة التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب حيث استطاعت 35امرأة إلى
الوصول إلى البرلمان 30مقعدا عبر الالئحة الوطنية ،و 5مقاعد عبر الالئحة
المحلية حيث ارتفــع ترتيب المغرب بعد ذلك من الرتبة 118عالميا إلى الرتبة
141
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
،69و جاء هذا الترتيب كنتيجة مباشرة لمجموعة من التدابير المتخدة من طرف
الدولة المغربية،
وكنتيجة للنضاالت التي خاضتها الحركات النسائة من خالل المذكرات المطلبية و
اللقاءات التي تمت مع مسؤولي وزارة الداخلية و األمناء العامين لألحزاب
السياسية حيث تميزت مطالبهن بضرورة اعتماد مجموعة من التدابير يمكن
إجمالها في:
142
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المطلبية التي سبقت هذه المكاسب تبقى اإلرادة السياسية لدى أصحاب القرار السياسي و
خاصة منهم األحزاب السياسية ،محورا أساسيا في المحافظة على هذه المكاسب و الرفع
منها خاصة عند تشكيل الحكومة أو خوض غمار اإلنتخابات التشريعية أو المحلية .
فما هو إذن واقع تمثيلية النساء السياسية في هذه الهيآت االنتخابية ؟ و ما هي العوامل
الدافعة لتطورها ؟
المطلــب األول :التمثيليـــة السياسيــة للنسـاء بالمغـرب بيـن الحكومـة و البرلمـان.
إذا كان الدستور المغربي يقر بمبدأ المسـاواة بيـن الرجـل و المـرأة فـي المجـال السياسـي
فـإن عدم المساواة هي المكرسة في المستويات المختلفة للمشاركة السياسية ،وعلى الرغم
من تنصيص الفصـل 19من الدستور المغربي على هذا المبدأ و الذي جاء على النحو
التالي « :يتمتع الرجـل و المرأة على قدم المسـاواة بالحقـوق و الحـريات
المدنيـة ،السياسية ،اإلقتصادية ،اإلجتماعية و الثقافية و البيئية » الواردة في هذا الباب
من الدستور و في مقتضياته األخرى ،و كذا في اإلتفاقيات و المواثيق الدولية كما صادق
عليها المغرب و كل ذلك في نطاق أحكام الدستور و ثوابت المملكة و قوانينها.
" تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجل و النساء و تحدث لهذه
81
الغاية هيئة للمناصفة و مكافحة كل أشكال التمييز"
و عالوة على هذا النص الدستوري الصريح في مجال المساواة بين الرجل و
المرأة ،صادق المغرب على العديد من المعاهدات التي تهدف إلى ضمان مشاركة المرأة
في العمل السياسي ،ومقابل هذه الترسانة القانونية تظهر األرقام بأن ولوج المرأة في
العمل السياسي يعـرف مقاومـات عديـدة ،و بـأن الفـوارق بيـن الرجـل و المرأة في هذا
المجال مازالت مهمة في هذا المستوى.82
و من مؤشرات عدم المساواة و ضعف المشاركة السياسية للمرأة المغربية:
81
الفصل 19من الدستور المغربي الجديد لسنة .2011
82
Monia Alami M’chichi « Genre et participation politique « Féminin – Masculin : la Marche vers
l’Egalité au Maroc 1993-2003 (paris :Stiftung 2004 p 88
143
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
144
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ومن أجل تعميــم الحق في التعليم و وضع األسس المتينة لمستقبل المرأة المغربية،
ارتكزت السياسة الحكومية المتبعة على الحد من ظاهرة الهدر المدرسي خاصة بالنسبة
للفتيات في العالم القروي عبر توفير دعم مالي ألسر األطفال في سن التمدرس ،وتقليص
نسبة األمية في أوساط النساء حيث أوشكت المنظومة التربوية على تحقيق هدف تعميم
التعليم بالسلك اإلبتدائي ببلوغها نسبة التمدرس و المتمثلة في % 5,93سنة ،2007
ويشهد التعليم حاليـ ــا شبه تكافؤ بين الجنس ــين ،إذ تمثل الفــتيات نسبة 47%من مجموع
عدد الــتالميذ ،و 52%من الحاصلين على الدبلومات في السنة نفسها ،ومن أجل تفعيل
مقتضيات الميثاق الوطني للتربية و التكوين اتخذت وزارة التربية الوطنية التدابير التالية:
إعداد إطار إستراتيجي لتطوير النظام التربوي في أفق .2020
إدماج المساواة بين الجنسين ضمن هذا اإلطار اإلستراتيجي.
و من أجل تحقيق اإلنصاف و المساواة بين الجنسين في البرامج التربوية و في مضامين
المناهج المدرسية وفي عمليات وضع وتنفيذ الخارطة المدرسية عملت الحكومة على:
توفير الشروط الالزمة لتطبيق إجبارية التعليم رغم اإلكتظاظ الذي تعاني -
منه المدرسة المغربية.
اتخاذ إجراءات كفيلة للرفع من نسب تمدرس الفتيات بعد سلك التعليم -
األساس....
دعم البحث و إنتاج المعرفة المتعلقة بموضوع العالقات اإلجتماعية بين -
الجنسين في إرتباط مع مختلف جوانب التربية و التكوين.
إتخاد إجراءات كفيلة بالرفع من نسب تمدرس الفتيات بعد سلك التعليم -
األساسي ،وكذا نسب ولوج مختلف الشعب و أساسا التقنية منها.
إحداث داخليات للتعليم الثانوي. -
إحداث دور للطالبات في بعض المناطق القروية. -
توفير النقل و الكتب و األدوات المدرسية للعديد منهن. -
145
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إن تطرقنا لمجال التربية و التعليم في هذا الباب المتعلق باإلجراءات التي اتخذتها الحكومة
اتجاه النساء ما هو إال توضيح و إبراز الدور األساسي الذي يلعبه التعليم في الرفع من
الوعي العام لدى النساء و بقضاياهن ،ألن دفاع النساء على تمثيليتهن السياسية ما هو إال
نتاج لتنشئة و وعي جماعي ال يمكن تحقيقه إّال من خالل الرفع من المستوى التعليمي
للنساء و محاربة األمية لذيهن.
ثانيـا :تمكيــن المــرأة في المجـــال السياســي.
لقد عملت الحكومات المغربية إلى أخذ المبادرات في باب إدماج النساء على مستوى
السلطة التنفيذية ،إال أنه و المالحظ أن هذه المبــادرات كانــت دائما محتشمة و ال ترقى إلى
مستوى تطلعات الحركات النسائية ،حيث جاء أول تنصيب حكومي سنة 1997حين عين
الملك الراحل الحسن الثاني أربع نساء ككاتبات دولة في حكومة مكونة من 30عضوا و
ابتداء من هذا التاريخ ستمثل النساء في كل الفرق الحكومية المتعاقبة حيث شكل هذا
التاريخ نقطة تحول في دمج النساء في مراكز القرار.
و في سنة 1998عينت حكومة التناوب امرأتين كاتبتين للدولة إحداهما مكلفة بالتعاون
لدى وزير الشؤون الخارجية ،و األخرى مسؤولة عن ذوي االحتياجات الخاصة.
و في شهر شتنبر سنة 2000عينت بموجب التعديل الحكومي أول وزيرة منتدبة
في تاريخ المغــرب ،و في ظــل هذه الحكومة ستكــون هي الوزارة الوح ــيدة التي تديــرها
امرأة ،و باإلضافة إلى ذلك أنيطت بهذه الوزارة « وضعية المرأة و الطفولة و ذوي
االحتياجات الخاصة» و هي االختصاصات التي تتعلق بالجانب االجتماعي.
و في سنة 2004لن تبقى سوى امرأتان في الحكومة بعد إجراء تعديل وزاري.
و في سنة 2007ستعين عقب اإلنتخابات التشريعية سبع نساء وزيرات و
ستتنوع الحقائب المسندة للنساء ألول مرة بحيث لن تحصر في المجال اإلجتماعي.
و خالل اإلنتخابات التشريعية لسنة 2011و بعد حصول النساء على 67مقعد
بالبرلمان بنسبة %17من المقاعد البرلمانية لم تنصب في هذه الحكومة اإلسالمية سوى
146
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
امرأة واحدة من حزب العدالة و التنمية مما يفسر التراجع الكبير الذي عرفته التمثيلية
السياسية للنساء على مستوى المؤسسة التنفيذية ،حيث أعقب تنصيب هذه الحكومة ردود
فعل شاجبة لهذا التراجع خاصة من طرف الجمعيات النسائية ،و قد تمت اإلشارة سالفا
إلى أن رد السيد رئيس الحكومة جاء ليعتبر أن هذا التراجع سببه عدم اقتراح األحزاب
السياسية المشاركة في هذه الحكومة ألسماء نسائية مما يعيدنا إلى روح اإلشكالية المتمثلة
في أن انعدم القوانين اإللزامية للفاعلين السياسيين في هذا الشأن يجعل مسألة التمثيلية
السياسية للنساء مرهونة بالظروف المحيطة بمرحلة تعيين الحكومات ،و تظل بذلك
مطالب الحركات النسائية مشروعة.
إال أن احتجاجات الحركات النسائية جاءت مثمرة عند النسخة الثانية لحكومة عبد اإلله
بنكيران ،حيث ارتفع عدد نسائها إلى ستة نساء لكن مع ارتفاع عدد الحقائب الوزارية إلى
38حقيبة وزارية.
و تدخل التوصيات الصادرة على بعض المنظمات الدولية و الموجهة إلى الحكومة
المغربية في هذا اإلتجاه ،حيث تدعوها إلى ضرورة اتخاذ تدابير إجرائية نحـو تقويــة
مشاركــة النساء السياسية خاصة في مجال تقلد المناصب الوزارية ،و نذكر منها على
سبيل المثال ما جاء في التقرير النهائي عن االنتخابات التشريعية بالمغرب لسنة 2011و
الصادر عن المعهد الديمقراطي الدولي (األمريكي) و أبرز ما جاء فيه:
بحث آليات جديدة تهدف إلى تعزيز المشاركة السياسية للمرأة و السيما في -
قيادة األحزاب السياسية و إدارة اإلنتخابات و تولي مناصب حكومية عليا عمال
بمبدأ المساواة المنصوص عليها في الدستور.
تبني حــوار عمومــي مفتوح و شفاف بين المغاربة من ممثلين عن القصــر ، -
الحكومة ،األحزاب السياسيــة،وسائــل اإلعالم ،األوساط األكاديمية ،منظمات
المجتمع المدني و الشعب المغربـي -للحرص على مشاركة المرأة و الشباب على
147
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
قدم مساواة -يرمي إلى رسم معالم اإلصالحات السياسية و تطلعات التغيير و سبل
إعادة إشراك الموطنين في العملية السياسية.83
و عموما يمكن اعتبار أن مرحلة التحول في موضوع التمثيلية السياسية للنساء
بالمغرب خاصة على مستوى تمثيليتها بالمؤسسة التنفيذية (الحكومة) ،بدأت مع
استالم حكومة التناوب للحكومة بزعامة عبد الرحمن اليوسفي ،و الذي أعطى
للموضوع المرأة أهمية ،حيث نتج خالل تلك المرحلة إصالحات تشريعية و قانونية
كان أهمها طرح مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية و هي خطة شاملة تهدف
لتحسين وضع المرأة على كافة األصعدة ،بل يمكن اعتبار أن طرح هذه الخطة
على المستوى الوطني كان سببا مباشرا في فتح نقاش ضم مختلف تيارات المجتمع
باختالف مرجعياتها ،و كان من ردود األفعال المباشرة آنذاك رفع سقف المطالب
من طرف الجمعيات النسائية و الحقوقية ،و مع الموازاة مع هذه المتغيرات على
الساحة الوطنية جاء حكم الملك الشاب بمنظور منفتح و حداثي إتجاه قضايا المرأة
مما أسفر على تقوية جبهة التيار الحداثي ،و كان من نتائجه الطبيعية صدور
مجموعة من القوانين الداعمة لحقوق النساء و على مجموعة من المستويات .
فاإلشكالية األساسية في هذا المستوى تتمثل في أن قضايا المرأة عامة و السياسية
خاصة تبقى رهينة بطبيعة المرجعية السياسية الموكول لها تدبير السلطة التنفيذية،
مما يجعل موضوع التمثيلية السياسية للنساء ال ينظر إليها كتوجه إستراتيجي و
إدماجي من طرف أصحاب القرار السياسي ،فشرط اإلنتقال الديمقراطي ال يمكن
النظر إليه من زاوية واحدة بل إن الديمقراطيات الناجحة على المستوى الدولي
اعتبرت أن مسألة اشتراك النساء في تدبير الشأن العام تدخل في روح ديمقراطياتها
و ال محيد من اشراك نصف المجتمع في تحديد مساره و إختياراته.
83
التقرير النهائي عن االنتخابات التشريعية بالمغرب – 25نونبر – 2011المعهد الديمقراطي الوطني ( ) NDIص .7
148
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
هذا مع العلم أن مبادرة المغرب في مسألة إدماج النساء في البنية الوزارية لم تكن
وليدة اليوم بل أحدثت غداة حصول المغرب على االستقالل ،حيث كانت توجد مصلحة في
العديد من الوزارات تهتم بالنهوض بالمرأة و حتى سنة 2000استحدثت و ألول مرة
هيئة وزارية تحمل في تسميتها عبارة النهوض بالمرأة و هي الوزارة المنتدبة المكلفة
بأوضاع المرأة و األســرة و الطفـولة و إدماج المعاقين ،مع إختصار هذه الوزارة و
الوزارات المتعاقبة على تدبير هذا الملف بالطابع االجتماعي مع محدودية الموارد المالية
المخصصة لها خاصة ما يتعلق بتنفيذ البرامج الطموحة الضرورية لتقوية وضعية المرأة
في المجتمع ،و بعد ذلك أحدث المركز المغربي لإلعالم و التوثيق و الدراسات حول
المرأة في سنة ،2004و تؤكد أهداف المركز على اختيار منظور النوع اإلجتماعي في
كل الدراسات المنجزة .
و يمكن تحديد دور بعض القطاعات الوزارية في مسألة المساواة بين الجنسين من
خالل مجموعة من التدابير و التي يمكن إبرازها فيما يلي:
149
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تضطلع وزارة تحديث القطاعات العامة بدور أساسي في تعميم المساواة على أساس النوع
اإلجتماعي داخل اإلدارة العمومية ،و قد تجسد ذلك في سنة 2006من خالل إحداث
برنامج استراتيجي متوسط المدى يهدف إلى تحديث اإلدارة العمومية و تثمين الموارد
84
البشرية.
و يقوم هذا البرنامج على ثالثة محاور:
دمج المساواة بين الجنسين في هيكلة وزارة تحديث القطاعات العامة و -
ممارساتها من خالل دعم القدرة المؤسساتية.
تقليص الفوارق بين الجنسين في مجال تدبير الموارد البشرية من خالل دعم -
القدرات و مواكبة صناع القرار و الفاعلين في وزارة تحديث القطاعات العامة و
في مختلف الوزارات.
زيادة تمثيلية النساء و مشاركتهن في مراكز اتخاذ القرار. -
تشجيع التوازن بين الحياة األسرية و الحياة المهنية. -
و يسعى هذا البرنامج من خالل تعبئة كل المصالح الوزارية إلى ســد العديــد من الثغرات
و أوجه القصــور و يندرج في إطار إقرار المساواة بين الجنسين ،و ينقسم هذا البرنامج
إلى سبعة مشاريع حظي إثنان منها باألولوية.
و في الواقع تستجيب هاتان األولويتان لمالحظتين:
على صعيد الوظيفة العمومية وصل إجمالي عدد الموظفين سنة 2014إلى -
ما يفوق 860ألف موظف تمثل النساء نسبة %38،6حيث ينحصر العنصر
النسوي بنسبة %56،61في قطاع الصحة %48،56بوزارة العدل و الحريات
85
%44،67بوزارة الوظيفة العمومية.
84انظر البرنامج االستراتيجي متوسط المدى لمأسسة مبدأ المساواة بين الجنسين في قطاع الوظيفة العمومية منشورات وزارة تحديث
القطاعات العامة ،دجنبر 2006صفحة .88
85
البوابة الوطنية للمملكة المغربية ،األخبار إحصائيات جديدة عن موظفي الدولة بتاريخ 27مارس .2014
150
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
على مستوى مناصب المسؤولية فالنساء بالكاد تتبوأ نسبة %10من -
مناصب المسؤولية حيث تتركز بشكل كبير في منصب رئيسة مصلحة ،و ال تشغل
إال %7،08من المناصب القيادية.
وزارة اإلتصال و صورة المرأة في وسائل اإلعالم: )3
لقد عملت هذه الوزارة إلى إعتماد ميثاق وطني لتحسين صورة المرأة في وسائل اإلعالم
حيث يسعى إلى تحقيق األهداف الرئيسية التالية:
إحتــرام كرامــة النســاء في مختلـف الوسائــط و المنتجات اإلعالمية.
تعميم منظور النوع اإلجتماعي و دمجه في السياسة اإلعالمية الوطنية.
تعبئ ــة الفاعليــن اإلعالمييــن و السياسييــن و اإلجتماعين و اإلقتصادين من
أجل حثهم على إقرار ثقافة المساواة بين الجنسين والدفاع عنها و تصميم جميــع
الوسائــط اإلعالمية و إنجازها.
و على الرغم من وجود الميثاق ،يالحظ إنخراط ضعيف لوسائل اإلعـالم في تعزيز
أدوار النساء ،خاصة األدوار التي يمكن أن تلعبها وسائل اإلعالم المرئية و السيما التلفزة
وقدرتها على التأثير في أنمــاط السلوك و تثمين دور النساء ،فإنها ال تعرض صورا
ايجابية بشكل كاف عن النساء (مثال :وصلة إشهارية ألحد المنعشين العقارين برمضان
مما أدى إلى إحتجاج النساء ضد القناة الثانية و أسفر على إيقاف بث اإلشهار المتعلق
بالموضوع) ،و لم تطور و لم تكتسب بعد ردود الفعل المتعلقة بالمساواة ،كما أن عدد
كبير من البرامج و الحصص السياسية و اإلقتصادية تتجاهل كفاءات النساء.
و لمواجهة هذا الواقع بدأت وزارة االتصال في سنة 2004دورات تكوينية لفائدة
أطر الوزارة و بعض الفاعلين اإلعالميين أفضت إلى إحداث لجنة متابعة المساواة
على أساس النوع اإلجتماعي في وسائل اإلعالم.
و نظرا ألهمية الصورة التي تعرضها وسائل اإلعالم و التي تهدف إلى إعادة بناء األدوار
االجتماعية و استمرارية الصور النمطية قامت الوزارة و استنادا إلى الميثاق الوطني
151
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
لتحسين صورة النساء في وسائل اإلعالم ،ومن خالل دراسة تشخيصية قامت بها الوزارة
المختصة لتحديد المعوقات و األولويات 86،حيث مكن هذا التشخيص من وضع مخطط
عمل متوسط المدى ينقسم إلى ثالثة محاور رئيسية:
تعزيز قدرة الوزارة من أجل دمـج المســاواة على أساس النوع االجتماعي -
في البنيــات و الهيئات اإلعالمية و أنماط السلوك.
تعزيز قدرة الفاعلين الرئيسيين في الحقل اإلعالمي إلقرار ثقافة المساواة و -
تحسين صورة النساء في وسائل اإلعالم من خالل:
برامج التكوين و التوعية الموجهـة للفاعلين اإلعالميين في مختلف مجــاالت
فضـاء صنع القرار ،و مجال التعاون ،و مجال المجتمع المدني.
دورات تكوينية لفائدة الطلبة الصحافيين لتشجيع منظور النوع اإلجتماعي و
تعميم المساواة.
دعم المساواة بين الرجال و النساء من خالل إدماج المرأة في مناصب -
القرار.
لقد حاولنا أن نتطرق لثالثة قطاعات وزارية نعتبر أن لها الوقع المباشر في التأثير على
وضع النساء داخل المنظومة المجتمعية بالمغرب ،إال أنه و عند مالحظتنا لإلجراءات
المتخذة و بمقارنتها مع الواقع نستنتج أن هذه اإلجراءات لم ترقى إلى مستوى اإلدماج
المباشر للنساء خاصة في مناصب القرار داخل هذه القطاعات.
و ما يدل على ذلك نسبة النساء داخل هذه القطاعات والتي ال ترقى تمثيليتهن إلى سقف
مطالبهن ،و خاصة ما تضمنه الدستور المغربي الجديد ،و حتى الدساتير السابقة التي
كانت تحث على مبدأ المسـاواة بين الجنسين ،و هذا له تأثير مباشر على وضعية تمثيلية
النساء السياسية ألن النسب المحققة حاليا ما هي إال ترجمة لواقع المرأة في القطاعات
الوزارية.
86
البرنامج االستراتيجي متوسط المدى لمأسسة مبدأ المساواة بين الجنسين في قطاع االتصال ،الرباط غشت .2006
152
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
87
موسوعة العلوم السياسية ،جامعة الكويت ص 545
153
موسوعة العلوم السياسية ،جامعة الكويت ص .545
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
موضوع التمثيلية السياسية للنساء من خالل تخصيص 90مقعدا برلمانيا ثلثيهما مخصصة
للنساء ،أي 60
مقعد مع إضافة 7مقاعد إنتخابية محلية أي بما مجموعه 67مقعد نسائي بنسبة تمثيل
نسائية تصل إلى %17مع معدل تغيير مقارنة مع سنة 2007زائد ،88 %6،5
وستجدون أسفله جدوال مفصال يوضح النسبة المحصل عليها من طرف النساء بشكل
مفصل:
88
التقرير النهائي عن االنتخابات التشريعية بالمغرب 25نونبر 2011المعهد الديمقراطي الوطني ص . 36
154
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
155
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
(حزب جديد في 2 0,51% 0 0 0 0,00% 0 2 0,66% 1,73% حزب العهد
البرلمان) الديمقراطية()AHD
2,45% - 1 0,25% 0 0 0 0,00% 0 1 0,33% 2,84% جبهة القوى
الديمقراطية()FFD
+ 0,30% 1 0,25% 0 0 0 0,00% 0 1 0,33% 1,73% حزب العمل()PA
(حزب جديد في 1 0,25% 0 0 0 0,00% 0 1 0,33% (غير متاح) حزب الوحدة و
البرلمان) الديمقراطية()PUD
(حزب جديد في 1 0,25% 0 0 0 0,00% 0 1 0,33% (غير متاح) حزب الحرية و العدالة
البرلمان) االجتماعية()PLJS
(حزب جديد في 1 0,25% 0 0 0 0,00% 0 1 0,33% 0,71% حزب اليسار
البرلمان) الخضر(المغرب) (
)PGV
89
ما يمكن اإلشارة إليه في هذا الباب أن ما تم تحقيقه لحدود سنة ،2011من خالل بلوغ النساء إلى 67مقعدا برلمانيا جاء كنتيجة
لمجموعة من اللقاءات التي عقدتها الجمعيات النسائية خاصة منها "الحركة من اجل الثلث" ،و بعد أن دخل مشروع القانون مرحلة النقاش
89
Actionpublique .ma
156
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
بمجلسي البرلمان في دورة أكتوبر لسنة ، 2008قدمت الحركة مطالبها إلى الفرق البرلمانية مع عقده لقاءات مع منتدى النساء البرلمانيات
بهدف الضغط و العمل المشترك.
157
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
و بالعودة إلى تقريري لجنتي العدل و التشريع و لجنة الداخلية حول مشروع
القانون 36. 08المتعلق بمدونة اإلنتخابات ،وتقرير لجنة الداخلية حول مشروع القانون
رقم 17. 08المتعلق بالميثاق الجماعي خاصة المقترحات المقدمة من طرف الفرق
البرلمانية ،يتضح أن فرق األغلبية إستجابت ألحد مطالب الحركة النسائية التي يمكن أن
تؤدي للثلث في مجال اقتراع الالئحي ،و ذلك بالتنصيص على مبدأ « :ال يمكن أن
تتضمن الئحة ترشيـح ثالثــة مرشحيــن متتابعين من نفس الجنس » ،90وهو أحد اإلقتراحات
التي قدمتها الحركة في مذكرتها المطلبية المتعلقة بمدونة اإلنتخابات .
و في المقابل تقدم كل من الفريق الحركي و الدستوري بتعديالت مشتركة حول
هذه المادة كان مرجعها األساسي الخطاب الملكي الذي دعى فيه ملك البالد إلى تشجيع
تمثيلية المرأة و الشباب في إطار صيغة متفق عليها باإلجماع ،إال أن هذه الصيغة تميزت
بعموميتها.
أما على مستوى مجلس المستشارين ،لم يتم اإلشارة في مقترحات الفرق البرلمانية
ألي مقترح حول موضوع تمثيلية المرأة السياسية الواجب اعتماده.
وعموما يمكن إعتبار أن الهدف األساسي لألحزاب السياسية المغربية يقتصر على عدد
المقاعد المحصل عليها ،وما يثبت ذلك طبيعة المناقشات التي دارت داخل لجنة الداخلية
بمجلس النواب و التي لم تشر لهذا الموضوع ،مما يثبت أن العقلية الذكورية الزالت سائدة
باإلضافة إلى المقاعد البرلمانية التي ستسحب من الرجال لفائدة النساء ،و هذا مابرز من
خالل اعتماد وزارة الداخلية لتقطيع إنتخابي جديد حينما أحدثت دوائر إضافية لهذا
الغرض.
و إجماال و من خالل تتبعنا لمسار المفاوضات التي أخذتها "الحركة من أجل الثلث
في أفق المناصفة" مع الفرق البرلمانية حيث إتسمت في غالبيتها بالمناورة و الوعود دون
90عن تقرير لجنة الداخلية حول مشروع القانون 36. 08القاضي بتغيير و تتميم القانون رقم 9. 97المتعلق بمدونة االنتخابات ص
.56
158
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
القدرة لتحويل الخطابات إلى أفعال حقيقية تنعكس إيجابا على تمثيلية النساء داخل الفرق و
اللجان البرلمانية.
و قياسا لمكانة المرأة المغربية في محيطها اإلفريقي على مستوى تمثيليتها البرلمانية
اعتمدنا دراسة قامت بها لجنة األمم المتحدة اإلقتصادية حيث أظهرت هذه األخيرة أن
بلدان إفريقيا جنوب الصحراء سجلت خالل العقد األخير أكبر زيادة في تمثيلية النساء في
البرلمان منتقلة من %13سنة 2000إلى %20خالل سنة .2011
كما أفاد التقرير االقتصادي حول إفريقيا ،2012والذي تم نشرة بأديس أبابا أن %80من
البلدان اإلفريقية تمكنت من تحسين هذه النسبة خالل الفترة ما بين 1990و .2010
وإلبراز المكانة المتميزة التي باتت تشغلها النساء بشكل متزايد في مسلسل التنمية بإفريقيا
يستحضر التقرير كمثال حالة (رواندا) التي حققت في منظوره تقدما مثيرا لإلعجاب
موضحا أنه في هذا البلد من منطقة البحيرات الكبرى تشغ ـ ـ ــل النس ـ ــاء 38%م ـ ــن
الحقـ ــائــب الوزاريـ ــة ،و تمثل %35من أعضاء مجلس الشيوخ و %56من البرلمانين و
% 40من حكام األقاليم ،91هذا المثال يوضح أن مسألة التمثيلية السياسية للنساء لن تكون
مرهونة بنسب النمو المحققة اقتصاديا لكل بلد حتى يمكن أن ترتفع تمثيليتها السياسية ،بل
هي مسألة إرادة سياسية مرفوقة بقرار سياسي يخول للنساء من خالل الرفع من
مشاركتهن السياسية في اتخاذ القرارات الحاسمة رفقة الرجال ،ورسم معالم السياسات
العمومية خاصة على مستوى المؤسسة التشريعية و ما يوكل لها من أدوار أساسية على
مستوى األنظمة السياسية.
لكن على المستوى المحلي هناك مؤاخذة كبيرة على قانون األحزاب الذي لم يعتمد نسبة
معينة إلشراك النساء في أجهزة األحزاب و تقديمهم كمرشحات و ممثالت لهم سواء في
اإلنتخابات الجماعية أو التشريعية.
91
الموقع االلكتروني :منارة بتاريخ 3أكتوبر .2012
159
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
160
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المتعلق بالميثاق الجماعي ،بإجراءين إثنين تمثل األول في إحداث لجنة إستشارية
للمساواة و تكافؤ الفرص ثم فرض إعداد مخطط جماعي مستجيب لمقاربة النوع
اإلجتماعي كإجراء ثاني.
فما هو مضمون هذين اإلجرائين؟ -
92
mane Ramot : Labby eurapeém des femmes memaire de fin d’études de l’institut d’études politique strasbong
1er édition 2008 p 63
93
الفقرة ما قبل الخيرة من المادة 14من القانون 17. 08المتعلق بالميثاق الجماعي.
161
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وحسب وزارة التنمية اإلجتماعية التي إعتبرت أن هناك مجموعة من األسباب أفضت إلى
إحداث هذه اللجنة و من جملتها:
المساهمة في بلورة رؤية شاملة تمكن من األخذ بعين االعتبار انشغاالت
النساء و التي من شأنها المساهمة في تحسين ظروف حياة الساكنة بصفة عامة.
المساهمة في البحث و تحديد األولويات و الحلول لتحسين العرض و
الوصول للخدمات الجماعية األساسية .
تمكين النساء و أعضاء اللجنة من اإلستئناس بالممارسة الجماعية خارج
المقاعد المنتخبة.
التأكد من األخذ بعين االعتبار حاجيات و إنشغاالت النساء وأسرهن في
السياسات و القرارات المحلية.
إبراز إنشغال الجماعة بقضايا المساواة واإلنصاف وتكافؤ الفرص.
خلق و تطوير عالقات التشاور و الشراكة بين المجالس المنتخبة والجمعيات
وخاصة النسائية منها.
إعطاء المقاربة التشاركية المبنية على النوع اإلجتماعي مضمونا وبعدا
مؤسساتيا.
و من خالل هذه المبررات و األسباب يتبين أن إحداث هذه اللجنة كان بهدف رفع
التهميــش و اإلقصاء عن النساء ،و جعل الجماعة المحلية تهتم بشؤون الساكنة قاطبة
عبر خلق شراكة بين الجماعة و المجتمع المدني و مساهمة هذا األخير كقوة إقتراحية
في تطوير سياسات خاصة بمقاربة النوع اإلجتماعي.
الفقرة الثانية :على مستــوى الجماعات الترابيــة.
لقد عّر ف الدستور المغربي لسنة 2011و من خالل فصله 135ماهية الجهات
و الجماعات الترابية األخرى حيث جاء فيه" :الجماعـات الترابية للمملكة هي الجهات و
162
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
العماالت و األقاليم و الجماعات الترابية بإعتبارها أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام
تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية.
تنتخب مجالس الجهات و الجماعات باالقتراع العام المباشر»...
كما عرف الميثاق الجماعي منذ سنة 1976و المحدد إلختصاصات المجالس
الجماعية مجموعة من التعديالت سنة 2002بموجب القانون 78.00الذي منح
مجموعة من اإلختصاصات لرؤساء المجالس الجماعية ،و في سنة 2008سيعرف هذا
القانون عدة تعديـالت بموجـب القانون رقم 17.08المتعلق بالميثاق الجماعي ،غير أن
ما يهمنا في هذا الصدد و بعد هذه التوطئة القانونية ،التعديالت التي لها صلة بمطالب
الحركة النسائية في مجال التدبير الجماعي.
و من خالل هذه المرحلة من البحث إرتأينا أن نتطرق إلى مستويين أساسيين هما:
المتغيرات القانونية التي عرفها مسار التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب على مستوى
الجماعات الترابية ،و دراسة نتائج اإلنتخابية المحلية لسنة 2009كنموذج للدراسة
كمرحلة ثانية.
أوال :المتغيـرات القانونيـــة.
نص الميثاق الجماعي الجديد رقم 17.08على إحداث لجنة استشارية للمساواة و تكافؤ
الفرص من خالل مادته 14حيث جاء فيها «:تبدي اللجنة رأيها كلما دعت الضرورة
بطلب من المجلس أو رئيسه في القضايا المتعلقة بالمساواة و تكافؤ الفرص و مقاربة
النوع اإلجتماعي و يمكن ألعضاء اللجنة تقديم اقتراحات تدخل في مجال اختصاصها» و
رغم اإلنتقادات التي وجهت إلختصاصات هذه اللجنة ،حيث اعتبرت الحركات النسائية
أنها جاءت مقتضبة ال تحدد إختصاصات اللجنة بشكل واضح ،بل تمنحها إختصاصات
مبهمة ،كما إعتبرت أنها ال تبدي بآرائها إّال بعد طلب من المجلس أو رئيسه و إذا دعت
الضرورة إلى ذلك ،غير أن من المتتبعين من يعتبر أن هذه اللجنة يمكنها القيام بمجموعة
من المهام:
163
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
164
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تفسيـره فـي كـل المعطيـات و اإلجراءات التي سبقت المرحلة التي جرت فيها أطوار هذه
اإلنتخابات ،أكثر من ذلك فإن تصنيف هذه التمثيلية على مستوى تحمل المسؤولية عرف
بدوره تقدما مقارنة مع السابق ،حيث إنتقلت نسبة النساء اللواتي أضحين يحتلن منصب
رئاسة المجلس الجماعي بمقتضى هذا االستحقاق إلى %0,80بدل ،940،13و من
خالل الجدول أسفله سيتضح لنا عدد النسـاء الفائـزات بالمقاعد اإلنتخابية ،وحسب طريقة
95
اإلقتراع بمناسبة اإلنتخابات الجماعية لسنة .2009
المستشارون الجماعيون حسب الجنس و طريقة االقتراع – انتخابات 2009
المجمــوع الفري اإلسمي بالالئحة
المجمو ذكور إناث المجمو ذكور إناث المجمو ذكور إناث
ع ع ع
76727 24767 3424 33923 20511 2828 4428 3832 596 المجموع
العام
100% 84% 16% النسبة
العامة
يمكن القول انطالقا من هذه المعطيات بأن نتائج الجسم اإلنتخابي ما بين إستحقاقي
2003و ، 2009ظلت في عمومها رهينة المنطق السائد و الخلفيات الثقافية الجاثمة
على بنية المجتمع ،حيث مازال النجاح في اإلنتخابات الجماعية و تبوأ العنصر النسوي
منصب المسؤولية في المجالس الجماعية مرتبطان بنوعيـة الشهـادة العلميـة ،و مـن تـم
بالمستـوى االجتماعي و الفئة العمرية ،لكن هذا ال نفي بأن اإلجراءات التي نهجتها الدولة
– كما سبق اإلشارة إليها -تنفيذا اللتزاماتها الدولية و استجابة لمطالب المنظمات النسائية
السيما على مستوى التشجيع المالي لألحزاب السياسية ،و حملها على تخصيص مراكز
94
الجماعات المحلية في أرقام مطبوعات وزارة الداخلية المديرية العامة للجماعات المحلية طبعة ، 2009ص . 101
95
الجماعات المحلية في أرقام مرجع سابق ص .66
165
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
متقدمة للنساء بمختلف لوائح الترشيح العادية ،و كذا الدوائر التي ينتخب ممثلوها عن
طريق اإلقتراع الفردي ساهمت هذه اإلجراءات في الرفع من نسبة التمثيلية النسائية
سياسيا على نحو الذي يوضحه هذا الجدول:
رغم هذا التطور المسجل على مستوى تمثيلية النساء السياسية فيما يتعلق بالجماعات
الترابية ،إال أن هذه النسبة تبقى دون المطالب النسائية أوال و التمثيلية التي يجب أن تكون
عليها النساء سياسيا ثانيا ،لذلك فإن الوعي بالقضية النسائية إذ كان قد قطع أشواطا هامة
على مستوى الخطاب السياسي فإن الحركات النسائية تنتظر مالمسة تجليات هذا الخطاب
مجسدة ليـس فـي السلـوك االنتخابـي لـدى المواطنين و األحـزاب فقـط ،بل حتـى في بعـض
الفعاليـات النسائية ذاتها و التي تبدو أنها ما تزال متهيبة من اقتحام المجاالت التي انفتحت
أمامها ،أو غير واعية بأهمية الترسانة الحقوقية التي سّنت لمصلحتها في العشرية
األخيرة ،ربما ألن زخم الموروث الثقافي السائد مازال يلقي بسطوته الثقيلة على تفكيرها،
تكفي اإلشارة في هذا الصدد إلى ضعف عدد المرشحات أنفسهن لمباريات شغل المناصب
السامية في مختلف مواقع اإلدارة العمومية ،فحتى نكون موضوعيين البد من القول أن
قدرا معينا من المسؤولية في ضعف نسبة التمثيلية السياسية للنساء تتحمله المرأة ذاتـها
التـي عليها من اآلن فصاعدا الدفاع عن قضيتها بنفسها ،و أن تقتحم كل المجاالت التي
فتحت أمامها بثقة و إقدام ،متسلحة بما لديها من حقوق و مكتسبات قانونية عساها تتمكن
من تجاوز كل المعيقات التي تحول دون مشاركتها و تسعى إلى تحقيق مبدأ المناصفة في
166
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
التسيير و تحمل المسؤولية ،خاصة و أننا نعلم أن اإلنتخابات المحلية تعتبر مؤشر هام في
مسار اإلنتخابات بالمغرب ،حيث تعكس بشكل كبير توجهات الكثلة الناخبة ،لدى فمن
الواجب على الحركات النسائية و الفاعالت السياسيات توجيه اهتماماتهن لما هو محلي
كمرحلة أولية لإلنتخابات التشريعية و من بعدها المناصب السامية و بالتالي ضمان تموقع
جيد للمرأة المغربية في معظم المجال العام الذي الزال حكرا على الرجل.
المبحــث الثانــي :إشكاليــة مبدأ المساواة السياسيــــة.
إن طرح مبدأ المساواة بين الجنسين برزت خالل القرن العشرين ،حيث كانت
النساء سباقة لطرحها ،ثم بدأ الرجال بتأييدها و التنظير لها لقناعة الجميع أنه لن يتم
التقدم اإلنسانــي إال بفض ــل تحقيق المس ــاواة بيــن الجنسين ،و ترافق ذلك مع توجه
عالمي لتمكين المرأة ،من خالل مجموعــة من التقاري ــر والقــرارات الصــادرة عن
اللقاءات و المؤتمرات الدولية.
إال أن أهم ما ميز أواخر القرن العشرين و أوائل القرن الواحد و العشرين بروز
موجة عارمة من تنامي الوعي العالمي بقضية الديمقراطية ،إذ أصبحت هذه القضية
الشغل الشاغل لكل المهتمين في الوقت الحاضر سواء على مستوى الفكر أو على
مستوى الممارسة و عندما نتكلم اليوم عن الديمقراطية ال بد أن نسلم أن من بين
مرتكزاتها مبدأ المساواة و إعطاء الفرصة للجميع دون تفرقة ،و يتضح ذلك من خالل
تقارير التنمية البشرية الصادرة عن األمم المتحدة و التي عّر فت بأن الهدف األساسي
للتنمية البشرية الصادرة عن الخيارات التي تنشـأ عن طريـق توسيـع القدرات البشرية
و الطريقة التي يعمل بها البشر ،و عندما نذكر توسيع خيارات الناس يمكن التأكيد أن
أهم مكون لهذا التوسيع يأتي مبدأ المساواة ومن خالله القواعد العامة لحقوق.96
إذن يمكن إقرار مبدأ المساواة من خالل إمكانيــة حصـول الجميع على الخدمــات
اإلجتماعيـة األساسيــة و مـن بينــها التعليـم و الصحة ،المساواة في إتاحة فـرص
المشاركــة في صنـع القــرارات السياسيـة و اإلقتصادية ،المساواة في الحماية بموجب
96
ذ عبد هللا عطوي :السكان و التنمية البشرية :دار النهضة العربية بيروت ط ، 1ص 493
167
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
القانون ،والقضاء على التمييز حسب نوع الجنس و على العنف ضد المرأة ،المساواة
في حقوق المواطنين في جميع مجاالت الحياة سواء العامة أو الخاصة ،ولتحقيق هذه
األهذاف خالل هذه المرحلة البد من اإلصالح السياسي الذي لن يتحقق إال في إطار
تنمية شاملة ومشاركة فعالة لكل الفاعلين بما فيهم النساء.
إذ إن تمكين المرأة سياسيا يتطلب العمل على ثالثة نواقص هي :النقص في
الحريات ،النقص في المعرفة ثم النقص في تمكين النساء.
وعلى الرغم من اإلعتراف الصريح للدستور المغربي من خالل فصله 19وما تضمنه
من إقرار لمبدأ المساواة ،إال أننا نالحظ ضعف في ردة فعل السلطة التشريعية و
السلطة التنفيذية في هذا الموضوع مما يدفعنا لطرح بعض األسئلة ذات العالقة
المباشرة مع هذا المستوى من البحث و التي سندرجها على الشكل التالي:
هل حقا إقرار مبدأ المساواة السياسية المنصوص عليه في الفصل 19من -
الدستور المغربي جاء بمستجدات في موضوع التمثيلية السياسية للّن ساء بالمغرب ؟ و
هل تمكنت المرأة المغربية من تحقيق تقدم على مستوى نتائج اإلنتخابات التشريعية
لسنة 2011؟ و كيف أترث العقلية الذكورية في التقليص من االندماج السياسي
للنسـاء بالمغـرب ؟ و كيف أثر نمط اإلقتراع المعتمد في المشاركة السياسية للنساء ؟.
المطلـب األول :مبدأ المسـاواة بين اإلقـرار الدستـوري و المعـوق المجتمعـي.
من المؤكد أن اإلنسانية و في عموميتها استغلت في كل األنحاء و إلى وقت
قريب اإلختالفات الجسمية و الفيزيولوجية بين الجنسين لتشيد منظومات إجتماعية و
ثقافية أنتجت إقصاء للنساء ،وعللت نقصهن و كل الميز الذي عانين منه ،و مع بزوغ
الحداثة و بروز فكر إنساني قائم على المساواة ،تم االنتباه إلى أن اإلختالفات
البيولوجية على الرغم من كونها واقعا ال يقبل الدحض ،وبالتالي ال تحدد في ذاتها و
ال تقتضي بالضرورة أي أشكال من تنظيم العالقات اإلنسانية ،و ال أي تراتبية
اجتماعية أو دينية أو إقتصادية أو سياسية.
168
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
و حتى وقت قريب ،لم يفتأ يتواجه داخل الحركة النسائية المعاصرة إتجاهان هما:
" المساواتيون" من جهة و "اإلختالفاتيون" من جهة ثانية.
أوال :االتجاه األول "المساواتيون":
اتسم اإلتجاه األول بإرتباطه بروح مختلف إعالنات الحقوق اإلنسانية ،من خالل
االعتماد على مبدأ المساواة ،حيث رفض هذا اإلتجاه كل إحالة على اإلختالف الجنسي
الذي اعتبر كفيال بتأجيج الالمساواة و تقوية األحكام المسبقة حول دونية النساء ،كما
أن مطلب المساواة في اإلقتسام العادل للسلطة السياسية بين الجنسين لدى هذا اإلتجاه
كان يصدر باألساس عن تصور لهوية إنسانية واحدة مشتركة بين الرجال و النساء.
ثانيا :االتجاه الثاني "االختالفاتيون":
أما اإلتجاه الثاني فقد اختار اقتفاء طريق معارض ،إذ ناضل من أجل الحقـوق
السياسية باسـم اإلختالفات الثابتة بين الجنسين ،لقد أخد هذا االتجاه العبر من دروس
مرحلة طويلة من إقصاء المرأة باسم المبادئ الكونية كالمساواة بين كل المواطنين و
الوحدة العضوية للشعب ،فقرر أن يضع في الواجهة مبادئ معارضة مثل الطبيعة
الجنسية لإلنسانية ،و خصوصيات الهوية النسائية ،كما أن هذا اإلتجاه حاول من خالل
منظوره اإلختالفاتي إحباط شراك الكونية اللبرالية و مغالطاتها الفكرية ،حيث يحيل
المفهوم المجرد و غير المخصص للمواطن في الواقع ،إلى الفاعل المذكر فقط.
ثالثا :اإلتجاه الثالث "المساواة في اإلختالف.
مع بداية التسعينيات من القرن الماضي بدأ البروز التدريجي لسمات نظرية
ديمقراطية المناصفة ،حيث أخد في التشكل اتجاه ثالث يوفق بين االتجاهين السابقين،
حيث تم التوصل إلى قبول اإلختالف بين الرجال و النساء ،و بالتالي االعتراف
بالطبيعة المتباينة و غير المتماثلة لإلنسانية و التي ال تتعارض من جهة أخرى مع
المساواة بمعنى أن التساوي ال يفيد التماثل.
169
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
و إذا كانـت النضـاالت النسائيـة على مدى قرن ونصف تقريبا قد تمكنـت من وقف
استفـراد الرجال بحق التصويت فإن حق األهلية االنتخابيـة و بلوغ مراكـز القرار يبقـى
ذكوريا في الغالب ،علـى الرغـم من تنصيص الدستـور المغربـي لسنة 2011في فصلـه
19علـى حق تمتع الرجال و النساء بنفس الحقوق خاصة ما تعلق بالمساواة ،غير أن
استمرار هذا الوضع يكشف أن اإلعالن الدستوري عن الحقوق و المساواة ما زال
غير كاف على الرغم من ضرورته ،ذلك أنه ينبغي خلق الوسائل التي من شأنها
تفعيله مع ضمان تنزيله دون تحويـر أو تسييـس و ضمان تطبيق أمثل لروح الدستور.
،فما معنى حرية التعبير بالنسبة إلى شخص يرزح في األمية؟ و ما حمولة مبدأ حرية
المبادرة االقتصادية بالنسبة إلى من ال يتوفر على شغل و ال سكن؟ و في حالــة مطلب
اقتسام السلطة السياسية بين الجنسين و ولوج النساء لمراكز القرار العام ،ينبغي
مالحظة أنه أمام الطبيعة الراسخة و البنيوية لميكانيزمات اإلقصاء يبقى النداء الورع
للمساواة دون جدوى ،و بهذا الواقع فإن قوة القانون وحدها بإمكانها أن تخلق التوازن
في نظام ذكوري منغلق و يتميز بقدرة كبيرة على إعادة إنتاج ذاته و على هذا النحو
سيساهم في استئصال عناصر التمييز السلبي في المجهود التاريخي لتحقيق المثال
الديمقراطي ،ألن الحوصلة كما يرى ليون غمبيتا « » LEAN GAMBETTAهي " :
أن ما يصنع ديمقراطية حقيقة ليس االعتراف بتساوي المواطنين ،بل إنتاج شروط
المساواة الفعلية فيما بينهم".
الفقــرة األولــى :دستــرة المناصفــة بالمغـــرب.
شكل التعديل الدستوري محطة هامة من المحطات التاريخية التي أبدعت في
التأسيس للنهوض بأوضاع المرأة المغربية ،كما شكل تبني مبدأ المناصفة دستوريا أحد
المرتكزات األساسية الموجهة للعالقة بين المرأة و الرجل بالمغرب باعتباره مبدأ
يسعى لتلبية تطلعات شريحة واسعة من نساء المغرب ،غير أن تطبيق مبدأ المناصفة
كما ورد في دستور ، 2011يستدعـي تعبئة مجتمعية شاملة و ذلك للتغلب على العقبات
170
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
التي تفــوق تفعيله واستغالل اإلمكانات المتاحة إلشراك نصف المجتمع في إتخاذ القرار
على مختلف مستوياته.
مفهــوم المناصفـــة: أ)
نجد أن من المبادئ المؤسسة لمفهوم المناصفة و لمفهوم الحصة في اتخاذ القرار
السياسي باعتبارهما يرتبطان بتخصيص عدد محدد من المقاعد داخل هيئة تمثيلية لفئة
محددة على أساس إقليمي أو لغوي أو ديني أو عرقي أو جنسي ،من أجل تحقيق
التمثيل األنسب لهذه الفئة للتعبير عن مصالحها و آرائها داخل المجلس النيابي ،فمبدأ
المساواة السياسية الذي بدأ لدى دعاة المساواة السياسية LEVELLERSخالل القرن
السادس عشر ،وذلك في معزل عن عالقته بممارسة السلطة السياسية و في عالقته
بمشاركة الغني و الفقير في اتخاذ القرار داخل مؤسسات الدولة ،حيث ظهرت أفكار
جديدة مدعومة خاصة من قبل جماعة المؤيدين للحقوق السياسية ،نادت بفكرة التسامح
و اقترحت أفكار دستورية جديدة تطالب بالمساواة السياسية ،و لكن ضمن مفهوم
المساواة في الحقوق ،حيث أكد أحد أعضاء هذه الجماعة THAMAS
BAINBARCENGHحقيقة أن اإلنسان األشد فقرا لديه رأي في الحياة ،كما ألي فرد
غني لديه سلطة ،ومن أجل ذلك دعت الجماعة إلى أن جميع المواطنين يجب أن
يستطيعوا و بشكل متساو المشاركة في الحياة السياسية و في أخد القرارات المهمة،
كما اعتبروا أن المجالس التمثيلية يجب أن تكون ممثلة لجميع المواطنين بكل طبقاتهم
و فئاتهم.
كما تتيح نظرية " جون راولز" في العدالة إمكانية التأسيس للحصة و المناصفة
من خالل التبريرات التي يدافع عنها ،حيث أكد من خالل العديد من القراءات التي
شكلت اإلطار األخالقي و السياسي لمناقشة نظرية العدالة أنه من الضروري بل من
الشرعي أن يعاد و بشكل عقالني بناء مؤسساتنا ،مفاهيمنا و أخالقنا من أجل تحقيق
171
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
اإلنصاف ، 97كما يعتبر أن مبادئ العدالة يجب أن تكون عامة ،حيث تكون معروفة من
قبل الجميع و متاحة للجميع ،كما يؤسس "جون راولز" مبدأ العدالة :أوال على الحرية
التي تساوي بين الجميع و ثانيا على تكافؤ الفرص في إطار اإلختالف حيث أن
التوزيع الشامل و العام للمنافع يجب أن يكون عادال و أّال تكون فيه فوارق كبيرة ،و
أن يكون خاضعا لمنطق تكافؤ الفرص.
مفهوم المناصفة بين الجنسين: ب)
لمفهوم المناصفة بين الجنسين أهداف ترمي إلى تعزيز تكافؤ الفرص بين
الجنسين على أرض الواقع بما يسمح للمرأة في فرص المشاركة الحقيقية في الحياة
العامة و في الترقي للمناصب القيادية التي يتم من خاللها المساهمة في اتخاذ القرارات
المؤثرة في المواضيع و القضايا المرتبطة بحياتها اليوميـة ،كما يسعــى لدفـع خطط و
برامح األجهــزة الحكومية و تشجيعها على القيام بإجراءات و تدابير تخول للمرأة
فرصا أكبر في نيل حقوقها لمشاركتها في السلطة و في كافة مراحل إتخاد القرار ،و
يعمل على إعطاء دفعة كبيرة للجهود المؤسساتية المبذولة من أجل تفعيل المساواة و
ضــمان حضـور و تواجد و مشاركة متساوية على مستوى أجهزة القرار لكل من
و تعرف كذلك المناصفة بين الجنسين الرجل و المرأة بشكل يضمن المناصفة،
على أنها المساواة العددية و الحضور و التمثيل المتساوي للنساء و الرجال في جميع
مراكز إتخاد القرار بالمؤسسات سواء على مستوى القطاع العام أو القطاع الخاص أو
السياسي.
و قد وضع هذا المفهوم من أجل دعم مشاركة النساء على قدم المساواة مع الرجل في
كافة مستويات اتخاذ القرار السياسي و اإلقتصادي و اإلجتماعي ،من طرف مجموعة
من أجهزة المنتظم الدولي و أيضا من أجهزة الحكومات الوطنية ،و دعتها إلى
ضرورة التحلي باليقظة الالزمة للوفاء بالتزامات المجتمع الدولي ،و السيما تلك التي
97ذة :فاطمة الزهراء بابا أحمد " مبدأ المناصفة :التأسيس الدستوري و رهانات التنزيل ،مسالك في الفكر و السياسة و االقتصاد عدد
مزدوج -2013- 24-23ص .64
172
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تم التعهد بها في مؤتمر بكين "سنة ، 1995حيث نجد أن إعالن و منهج عمل "بكين "
المعتمد سنة 1995ينص على إتخاد مجموعة من التدابير التي ترتبط ترجمتها علميا
بمفهوم المناصفة ،و هي التدابير الكفيلة بوصول المرأة على قدم المساواة مع الرجل
إلى هياكل السلطة و إلى مراكز صنع القرار و المشاركة الكاملة فيها ،و أيضا اإللتزام
بإعادة التوازن في نسبة الرجال و النساء في الهيآت و اللجان الحكومية ،و كذا في
اإلدارات العمومية و في القضاء و السيما من خالل وضع أهداف محددة و تطبيق
تدابير تروم تحقيق زيادة ملموسة في عدد النساء في المناصب العمومية بغرض
الوصول إلى تمثيل متساوي في كل المناصب الحكومية و اإلدارات العمومية ،و عبر
اتخاد تدابير إيجابية إذا تطلب األمر ذلك ،إذ تعتبر آليات األمم المتحدة و األجهزة
المسؤولة عن النهوض بأوضاع المرأة أن التسيير الشفاف و المسؤول و الديمقراطي
لقضايا المجتمع يستدعي مشاركة متساوية للنساء و الرجال في مناصب إتخاد القرار.
ج) التأسيس الدستوري و القانوني لمبدأ المناصفة:
يعتبر المغرب من البلدان القالئل في العالم الذي ينص صراحة على مبدأ
المناصفة في الدستور ،باإلضافة إلى مبدأ المساواة و تكافؤ الفرص بين الجنسين ،كما
أننا نجد أن تونس إتخدت نفس التوجه من خالل سن قرار يكرس مبدأ المناصفة بين
الرجل و المرأة في القائمات االنتخابية الخاصة بالمجلس الوطني التأسيسي ،و يعتبر
إقرار مبدأ المناصفة بين المرأة و الرجل في صلب القائمات اإلنتخابية األول من نوعه
في العالم العربي ،و ينص هذا اإلجراء على أن تتضمن جميع القائمات المترشحة
وجوبا تناصفا بين المرأة و الرجل على أن يتم ترتيب المترشحين على أساس التناوب
و ال تقبل القائمات التي ال تحترم هذه القاعدة ،و هناك دول عديدة شرعت بشكل
قانوني للمناصفة من أجل تشجيع المشاركة السياسية للنساء "كالسنغال" و "جنوب
افريقيا" اللتان تتوفران على قوانين حول تطبيق المناصفة في المؤسسات المنتخبة ،و
ذلك باعتماد لوائح الترشيح مناصفة بين الرجال و النساء ،كما تجدر اإلشارة إلى أن
173
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الدراسات المقارنة تظهر أن الدول التي تعرف أعلى نسبة التمثيلية السياسية للنساء،
هي التي تلتزم بتطبيق جدي للقوانين ،سواء على مستوى الدساتير أو على مستوى
القوانين االنتخابية ،و بالرغم من أهمية تغيير المنظومة القانونية كضمانة موضوعية،
يبقــى تعزيــز اإلرادة السياسية و تأطير الوعي المجتمعي و الميادين المؤثرة في
المنظومة الثقافية شرطا ضروريا لتفعيل مبدأ المناصفة بالفضاء العام.
د) إكراهات و آليات تطبيق المناصفة على المستوى المغربي:
نص الدستور المغربي في الفصل « :19تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ
المناصفة بين الرجال و النساء و تحدث لهذه الغاية هيئة المناصفة و مكافحة كل
أشكال التمييز و هو مقتضى دستوري جديد منفتح على عدة محاوالت للفهم و أخرى
للتفعيل » .
و على الرغم من أن الدستور المغربي نص على السعي نحو المناصفة كما
نص على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء و الرجال في ولوج
الوظائف اإلنتحابية (الفصل ،) 30إال أنه لم يذهب في هذا االتجاه بخصوص الولوج
إلى الوظائف العمومية أو الوظائف السامية ،كما نجد أن الدستور المغربي نص في
الفصل :31
« تعمل الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل
المتاحة لتسيير أسباب استفادة المواطنات و المواطنين على قدم المساواة من الحق في
الولوج إلى الوظائف العمومية حسب اإلستحقاق » ،غير أن النصوص التنظيمية لولوج
المناصب السامية جعلت من المناصفة معيارا إضافيا ،حيث أنها في إطار الشروع في
إعمال و تطبيق مقتضيات الدستور فيما يخص تطبيق مبدأ السعي نحو المناصفة،
تضمنت بشكل واضح مضامين الظهير الشريف رقم 1 . 12. 20الصادر في 17
يوليوز بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 02. 12المتعلق بتطبيق أحكام المادتين 4و 5
من القانون التنظيمي رقم 02. 12فيما يتعلق بمسطرة التعيين في المناصب العليا
174
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
التي تم التداول في شأن التعيين فيها من طرف مجلس الحكومة تنصيصا على مبدأ
المناصفة ،حيث يبقى النص على هذا المبدأ و تطبيقه على مستويات غير المشاركة
السياسية معّر ضا للدفع بعدم دستوريته و مسه بمقتضيات أحكام الفصل 92و غيرها
من الدستور ،و هو ما يجعلنا نؤكد أن مضامين الدستور ال تستوفي الضمانات الكافية
التي تساعد على تحقيق سعي قوي نحو تفعيل المناصفة على جميع المستويات ،
خصوصا على مستوى القطاعات العمومية و المجال اإلقتصادي.
ومن المؤكد أن لكل إكراهات ،آليات لتجاوز هذه اإلكراهات ،حيث يرتبط
تفعيل مبدأ المناصفة إلى حد بعيد بمدى جاهزية اإلطار القانوني و ما سيترتب عن
غيابه أو ضعفه من تداعيات ،ذلك أن النص الدستوري غير كاف لوحده و من
الضــرورة إعادة تشكيــل البنيات المـؤسساتية و القانونية التي من خاللها يتم تحقيق
المناصفة بين المرأة و الرجل في مجاالت الفضاء العام ،تم السعي لتنزيل صحيح
للدستور المغربي من خالل مباشرة تأسيس هيأة المناصفة و مكافحة كل أشكال
التمييز ،باإلضافة إلى ذلك و في محاولة تحقيـق اإلنسجام بين النصوص التشريعية و
التنظيمية مع الدستور ،تم إدراج مبدأ المناصفة في القوانين التنظيمية المنظمة لمسطرة
التعيين في المناصب العليا التي يتم التداول في شأنها من طرف مجلس الحكومة ،كما
تضمن القانون التنظيمي لمجلس المستشارين مقتضيات تهم المناصفة في اللوائح
االنتخابية إلنتخاب أعضاء مجلس المستشارين ،و أيضا تم إعتماد مجموعة من
المبادرات من طرف عدة قطاعات حكومية عبرت من خاللها عن حسن نيتها إتجاه
تطبيق هذا المبدأ.
الفقــرة الثانيــة :العقليــــة الذكــورية.
لمقاربة هذا الموضوع الذي تتداخل فيه مجموعة من األبعاد منها ماهو
سياسي و اقتصادي و اجتماعي ،حيث أن قضية الحقوق السياسية للمرأة المغربية
تختلط فيها الرؤية بين التقاليد و القيم المجتمعية ،و بين ما ينتج من ترسانة قانونية و
175
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
مؤسساتية قد تدفع في هذا االتجاه أو ذاك ،مما ينتج عن هذا الخلط حواجز متعددة
تحول دون قيام المرأة بدور فعال في عملية التنمية بشكل تشاركي ،مثلما تبعدها عن
إدراك المتغيرات المحيطة بها.
98سناء زعيمي " الوضع القانوني للمرأة المغربية بين الكونية و الخصوصية " بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون
السياسي ،كلية ع .ق.اق.اج بفاس ظهر المهراز 2005- 2006ص .12
99
سناء زعيمي " مرجع سابق ص .12
176
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
يرجع هذا الواقع لمجموعة من العوامل التي جاء بعضها من خالل المعلومات
المستقاة من دراسة أجريت في أوساط الرجال والتي تمثلت نتائجها ببروز تيارين:
تيار تغلب عليه النزعة المحافظة و يبحث أصحابه عن مسوغات لمواقف تنبني
على قيم تقليدية يتم استخراجها من قراءة حرفية للتراث الديني.
تيار ذا نزعة حداثية يعتمد أصحابه مقاربة نقدية تنبني على نقد الذات أوال و
اعتماد موقف متفتح تجاه المرأة.
و هذا ما توصلت إليه الباحثة المغربية رقية المصدق ،معتبرة تواجد المرأة
على مستوى األجهزة يظل محدودا و تتفاوت تمثيليتها في هذا المجال من حزب آلخر،
و لكنها تظل على العموم ضعيفة فرئاسة األحزاب السياسية مقصورة على الرجال
(باستثناء حزب اليسار االشتراكي الموحد) فيما تذهب أسماء بعادة في أطرحتها
الجامعية " المرأة و السياسية :دراسة سوسيولوجية للقطاعات النسائية الحزبية" إلى
تسليط األضواء على جوانب من معــوقات مشاركـة المـرأة في الحياة السياسية و
المتمثلة في سيادة األنماط الثقافية و الرواسب اإلجتماعية القائمــة على توزيــع المهام
بين المجال العام كفضاء ذكوري و المجال الخاص كفضاء نسائي إلى جانب التمثالت
و العقليات السائدة في المجتمع المغربي ،حيث تخصص للمرأة دورا أو نشاطا أساسيا
يرتبـط بالحياة الخاصــة داخل البيت :تربية األبناء و القيام بشؤون المنزل ،في حين
نجد الرجل مخصص بطبيعته لإلضطالع بالتكاليف و شغل المسؤوليات في المجال
العام ،فالثقافة و القيم تخلق بدون شك حواجز من مساهمة المرأة في الحقل
نفس اإلتجاه عبر عنه المختار الهراس في كتابه " المرأة و القرار 100
السياسي،
السياسي" بالقول أن المعايير األبوية المتجسدة في عالقات السيطرة و الخضوع ،
مازالت تحتل دورا رئيسـيا في تكريـس و إستمـرار الالمساواة بين الجنسين و بالتالي
عدم إعطاء أي فرصة للمرأة بأن تشارك زوجها في إتخاد القرارات األسرية.
100سليم حميمنات" :من مدونة األحوال الشخصية إلى مدونة األسرة الجديدة :قضية المرأة كمدخل للتحديث المجتمعي مجلة وجهة
نظر العدد 42خريف 2009ص.26-24
177
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
101
خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة و األربعين لثورة الملك و الشعب 20غشت .1999
178
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الخصوصي كمجـال للوجـود و العمـل و إعادة اإلنتاج ،و عدم جعله رهان لتمتعهن
بحقهن في المشاركة المتساوية في الحياة السياسية ،إال أنه من أجل أن تلج النساء
المجال السياسي كمجال للعمل السياسي (األحزاب السياسية) و كمجال للتفويض
(التمثيل) و القرار ،البد أن تستطيع النساء الولوج مبدئيا للمجال العمومي المجتمع
المدني أي مجال العمل خارج المنزل (العائلي) بإعتباره مجاال للتربية والتكوين و
اإلنفتاح الخارجي و اإللتزام إزاء الحياة اإلجتماعية و الجمعوية.
و بالرجوع إلى البحث السوسيولوجي الذي قام به مركز القيادات النسائية حول
موضوع " التمثالت حول النساء في مراكز القرار و الفاعالت السياسيات بالمغرب -
المعيقات و اآلفاق "-خاصة ما تعلق بآراء األشخاص الذين يساندون عمل العنصر
النسائي بخصوص مشاركته في إتخاد القرار السياسي.
حيث جاء السؤال على الشكل التالي :
« أتحب /أتحبين أن تشارك ابنتك في إتخاد القرار السياسي كنائبة برلمانية أو
كصاحبة منصب قيادي داخل الحكومة ؟»
تلقت الدراسة أجوبة ايجابية من األشخاص الذين يودون أن تنشط بناتهم مهنيا.
مشاركــــة النســاء في إتخـــاد القـــرار:
179
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
آخر ترى غالبية هؤالء األشخـاص أن تلك المشاركـة من شأنـها أن تمنـح الوالديــن
الـوجاهـة و االعتزاز ،و في هذا السياق هناك تطابق في وجهات النظر بين الرجال و
النساء إذ يرون في عمل الفتاة لصالح بالدها أمرا مشرفا.
أما ما يخص اآلراء حسب الجنس حول المشاركة السياسية للعنصر النسائي
في المستقبل فقد جاءت األجوبة على الشكل التالي:
حيث تساند %78من النساء ولوج بناتهن العمل السياسي مقابل %71بالنسبة
للرجال ،و إعتبارا لنتائج الدراسة النوعية نالحظ أنه إضافة إلى التبريرات السائدة،
تستعمل النساء تبريرات أخرى خاصة بهن ،فالمرأة ترغب في أن تحقق ابنتها من
اإلنصاف و التقدير ما عجزت هي عن تحقيقه .102
و مما ال جدال فيه فإن المرأة المغربية و على الرغم من العقلية الذكورية السائدة
أحيانا و خاصة في المجال السياسي تعمل على شق طريقها بإصرار كمواطنة و
كفاعلة في الشأن العام،على الرغم من كل المعوقات التي تقف في وجهها ،فلم تعد
102الجمعيــة الديمقراطية لنساء المغرب :مركز تكوين القيادات النسائية التمثالت حول النساء في مراكز القرار والفاعالت
السياسيات بالمغرب ص . 2002 ، 75 – 74
180
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
هناك حاجة ألن تثبت مؤهالتها و ال كفاءاتها في ميادين التدبير ،كما أن قدرتها كفاعلة
سياسية تحظى باالحترام و التقدير و لم تعد محط جدل أو شك خاصة في األوساط
ذات الدراية السياسية ،إال أن الدراسة التي قامت بها الجمعية الديمقراطية للنساء
بالمغرب أبـرزت أن النسـاء المغربيـات مازلـن على الرغم من كفاءتهن و خبرتهن في
مختلف مجاالت العمل و في الحياة العامة يعانين من التهميش في ميادين السلطة و
اإلدارة و السياسة .103
إن مسألة التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب بحاجة إلى إرادة سياسية و إلى ما
يكفي من الذكاء الكفيلين بإيجاد النصوص القانونية و المساطر ،ضمانا لتنزيل
دستوري صحيح ،يتوافق وروح النصوص الدستورية التي يعتبرها الجميع ثورة
دستورية على الصعيد العربي خاصة فصله ،19حتى يتوافق و تطلعات النساء
بولوجهن لمناصب إتخاد القرار السياسي و العام.
المطلــب الثانـــــي :نمــــط اإلقتـــــراع و تأثيــــره على التمثيليــــة السياسيــــــة.
من أهم ما جاء به الفقه الدستوري و الكتابات الخاصة بالنظم السياسية قاعدة معروفة
مفادها ما مضمونه" أعطني النظام اإلنتخابي أحدد لك نوع النظام السياسي المطبق " مما
يعني أن العالقة بين القواعــد التي تحكـم النظـام اإلنتخابي و تؤطر مضمونه والنظام
السياسي عالقة ارتباط و تالزم ،كما أن شروط حياة سياسية سليمة و ديمقراطية ناجحة ال
يمكن أن تتحقق إذا لم يقم األفراد باستعمال حقوقهم إستعماال صحيحا ،أي بمعنى آخر إذا
لم تكن هناك مشاركة فعلية في القرارات الهامة ،و اإلنتخابات بذلك تعتبر وسيلة هامة في
هذا المجال و الشك أن لشكل االقتراع أهمية في تعزيز الممارسة الديمقراطية ،حيث
طرح مشكل نمط االقتراع في المغرب منذ اإلستقالل خالل وضع اإلطار القانوني
لإلنتخابات ،و قد كان هذا القانون محل صراع بين إتجاه يرمي إلى تجسيد نظام اإلقتراع
بالالئحة ،رغبة منه في الحصول على معظم المقاعد اإلنتخابية لشعوره بالهيمنة على
103الجمعيــة الديمقراطية لنساء المغرب :مركز تكوين القيادات النسائية التمثالت حول النساء في مراكز القرار والفاعالت السياسيات بالمغرب
ص .91
181
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الساحة السياسية ،وإ تجاه آخر مخالف يهدف إلى إستعمال نظام اإلقتراع األحادي اإلسمى
ذي الدورة الواحدة إلشراك الهيآت السياسية الصغرى و تدعيم التعددية الحزبية.
الشيء الذي سيدفعنا إلى طرح مجموعة من األسئلة اإلشكالية و التي نعتبرها يمكن أن
تجيب على بعض تساؤالتنا في هذا الباب:
هل يمكن لنمط إقتراع معين أن يجيب عن سؤال شفافية أو نزاهة أو تنافسية
اإلنتخابات مع إمكانية التسليم أنه قد يشكل عامال مساعدا للرفع من مستوى التمثيلية
السياسية؟
هل يمكن القول بأن نمط اإلقتراع بالالئحة و بالتمثيل النسبـي المعتمـد في
اإلنتخابـات التشريعية لسنة 2002و بالتعديالت التي أدخلت عليه قبيل 7شتنبر
2007قد حقق التنافسية و التمثيلية السياسية لإلنتخابات في المغرب؟
لقد تظافرت مجموعة من المعطيات (الخطاب الملكي ،دينامية المجتمع المدني )...إلى
إفراز مجموعة من اإلصالحات مست باألساس مدونة اإلنتخابات و الميثاق الجماعي ،و
جاءت هذه التعديالت بعد العديد من الجوالت النضالية التي خاضتها الحركات النسائية ا
بالمغرب خاصة مطلب "الحركة من أجل الثلث" ،حيث تمثلت أهم مطالبها في تعميم نمط
اإلقتراع الالئحـي في الجماعــات الترابية و التي يصل عدد سكانها 15ألف نسمة ،مع
مأسسة "الكوطا" بقيمة الثلث ،ثم ربط تمويل األحزاب السياسية أثناء اإلستحقاقات بمعيار
نسبة التمثيلية النسائية ،غير أنه وجب التذكير أن مطالب "الحركة من أجل الثلث في أفق
المناصفة" ركزت خالل مرافعاتها على ضرورة تحقيق تمثيلية سياسية مشرفة للسناء على
المستوى المحلي ،و خاصة على مستوى اإلنتخابات الجماعية وعيا منها أن التغيير في
العقليات يجب أن يكون محليا كمرحلة أولى .
ومن أجل فتح الباب أمام المرأة ألهلية التمكين في إطار السياسيات العامة ،وعمال
بمنطق المساواة بين الجنسين ،إنطلقت في مارس 2006مبادرة إعتمــاد اإلستراتيجيــة
الوطنيـة من أجـل اإلنصاف و المساواة بين الجنسين ،بإدماج مقاربة النوع اإلجتماعي في
182
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
183
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
184
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
في إعتمــاد التصويــت الفردي اإلسمى أو الالئحي ،لكـن هذا النــوع من اإلقتـراع كان دائما
مجحـفا إتجــاه المــرأة و خصـوصها في الفوز في اإلنتخابات.
و هذا ما أكدته نتائج االنتخابات المحلية ل 12 :يونيو ،2009حيث أن حظوظ النساء
في الفوز بمقعد خارج الدوائر اإلضافية قليل جدا ،خاصة في مناطق اإلقتراع الفردي التي
أضيفت فيها دائرتان إضافيتان فقط للنساء في كل جماعة ،و التي تبلغ 1411جماعة
حضرية و قروية منها 1282جماعة قروية و 129جماعة حضرية ،و بالعودة إلى نتائج
اإلنتخابات المحلية يتبين أن عدد النساء الّالتي فزن في الجماعات ذات نمط اإلقتراع
ولم تفز سوى ستة نساء فقط خارج الدوائر اإلضافية و بذلك ف 105
الفردي 2822امرأة،
2822هو عدد النساء الّالتي فزن بشكل حتمي في هذه اإلنتخابات ،أما الستة نساء
األخريات فقد فزن في الدوائر العادية ،أي بنسبـة 0,03فقـط و هي نسبة جد ضئيلة ال
يمكنها التأثيـر و لو بشكـل جزئي في مصدر القرار محليا ،و لهذا فإن الدوائر اإلضافية
المحدثة هي التي رفعت نسبة التمثيلية النسائية بالمجالس المحلية إلى ،%12فاألكيد أن
نمط اإلقتراع و إلى حدود هذه الساعة و في ظل العقلية السائدة في المجتمع المغربي و ما
تتميز به من ذكورية و تأثير مباشر للعادات و التقاليد ،يبقى له تأثير مباشر للرفع من
تمثيلية النساء سياسيا ،وإ شراك النساء في التدبير العام للشأن الوطني.
الفقــرة الثانيــة :نمــط اإلقتـراع الالئحـي.
إن نمط اإلقتراع الالئحي من ضمن اآلليات التي تعتمدها األحزاب الديمقراطية
التي تؤمن بالتمثيلية النسائية ،و ذلك من خالل اعتماد أحد اآلليات الثالثة لولوج
المؤسسات المنتخبة:
يتمثل الخيار األول في تحديد نسبة من الترشيحات النسائية (أي كوطا). -1
يتجسد الخيار الثاني في إعتماد أسلوب الترشيح بالتتالي بين الذكور و اإلناث. -2
105
الجماعات المحلية في أرقام طبعة 2009ص 119
185
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
106
يرتبط الخيار الثالث في الترشيحات ترتيبا ضامنا للفوز. -3
و عموما و خالفا ألسلوب اإلقتراع باألغلبية الذي يقصي األقلية من التمثيل السياسي فإن
أسلوب التمثيل النسبي ،وكما تتفق على ذلك أدبيات القانون الدستوري و علم السياسية
يسمح بتمثيل أفضل لمختلف التيارات السياسية و ذلك بتوزيع المقاعد البرلمانية على جميع
األحزاب صغيرها و كبيرها ،بحسب نسبة األصوات التي حصلت عليها في اإلنتخابات.
و من مزايا هذا النمط من اإلقتراع أيضا كونه يسعى إلى إقامة نوع من العدالة و
التناسب بين عدد المقاعـ ــد البرلمانيـ ــة و عدد األص ـ ــوات المحصل عليهـ ــا من قبل كل
حزب،
وبالتالي فهو يحـول دون هيمنة األحزاب الكبرى على التمثيل البرلماني ،وفضال عن ذلك
فإن اإلقتراع بالتمثيل النسبي ال يصوت على مرشح فرد و إنما على الئحة تضم مجموعة
من المرشحين و تدافع عن برنامج سياسي معين ،مما يساهم من حيث المبدأ في القضاء
على أشكال اإلرتشاء و الزبونية اإلنتخابية بقطعه لكل عالقة شخصية بين الناخب و
المرشح.
لكن ،و على الرغم من إيجابيات نمط اإلقتراع بالتمثيل النسبي ،فإن هذا األخير ال
يخلو من عيوب أهمها صعوبة تطبيقه و تعقد إجــراءاته ،و هو ما قد يشجع على التالعب
بنتائج اإلنتخابات و تزويرها ،كما عيب على هذا النمط عدم مساهمته في إفراز أغلبية
واضحة نتيجة التمثيل الواسع لألحزاب صغيرها و كبيرها ،زد على ذلك أن الحكومة وفق
هذا النمط ال يمكن تشكيلها إال في إطار ائتالف كبير من األحزاب ،مما قد يشل عملها
بالنظر لتناقضات األحزاب المكونة ألغلبيتها.
و فيما يخص تأثير نمط اإلقتراع الالئحي على التمثيلية السياسية للنساء يبقى
محدودا باعتباره التزاما معنويا لألحزاب السياسية اتجاه هذه القضية ،و ال يرقى إلى
مستوى مأسسة الكوطا ،حيث عرفت مدونة اإلنتخابات بعد تعديلها إضافة باب ثالث مكرر
106محمد ضريف :اقتراع شتنبر 2003و مسألة التمثيلية النسائية " اآلمال المجهضة " منشورات الجمعية الديمقراطية لنساء
المغرب ماي 2004ص 14
186
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
187
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
و إذا كانت الالئحة الوطنية مخصصة حصريا للنساء منذ أن أدرجت في سنة
2002خالل اإلنتخابات التشريعية ،و ذلك بناء على اتفاق غير رسمي بين األحزاب
السياسية ،فإن قانون اإلنتخابات الجديد رسخ ذلك للنساء ،إال أن المؤاخذات التي وجهت
لهذا القانون كونه و على الرغم من رفع عدد المقاعد المخصصة للنساء باعتماد 60مقعدا
إال أن ذلك لم يرقى إلى مستوى النصوص الدستورية ،و مطالب الحركات النسائية ،حيث
انتقلت هذه النسبة من %10,5إلى %17في مجلس النواب ،وهي ليست المناصفة التي
كانت ترغب فيها الحركات النسائية ،فضال عن ذلك فإن معظم النساء الزلن يرغبن في
أن تخصص التسعين مقعدا المتواجدة في الالئحة الوطنية للنساء حصريا دون منح 30
مقعدا للشباب دون 40سنة ،و لتوضيح ما سبق سنقدم مقارنة بين األحكام الرئيسية
لإلطار اإلنتخابي التي اعتمدت سنة 2007خالل االنتخابات التشريعية و نظيراتها في
سنة .2011
108
مقارنـــة بيـن األحكـام الرئيسيـة لإلطـار اإلنتخـابـي 2007و .2011
108
التقرير النهائي عن اإلنتخابات التشريعية بالمغرب 2011من إنجاز المعهد الديمقراطي الوطني ص .42
188
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الوطنية
بموجب القانون 60 عدد المقاعد المضمونة للمرأة بموجب اتفاق غير رسمي
لألحزاب 30
المبادئ التي ال توجد معايير
يحددها القانون (انظر محددة في القانون
المادة : )2التوازن (انظر المادة )2 عملية تقسيم الدوائر
الديموغرافي التجانس عدم وجود
واإلستمرارية ،الدوائر تقسيم منهجي للدوائر
المتداخلة و المنسجمة بناء على البيانات
معأو في المحافظات. السكانية.
عدم وجود تقسيم تفاوت واسع في
منهجي للدوائر بناء على عدد السكان التي يمثلها
البيانات السكانية. كل مقعد.
تفاوت واسع في
عدد السكان التي يمثلها
كل مقعد.
الهواتف المحمولة القانون صامت
و أجهزة الكمبيوتر و أي مسموح بها في
جهاز آخر مستخدم في مكاتب التصويت استخدام الهواتف و الكاميرات
التقاط صور أو االتصال
السمعية و البصرية
محظورة في مكاتب
التصويت ،و الفرز و
189
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
190
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وبــالرجوع إلى مختلــف مراحــل بحث موضــوع "التمثيليــة السياســية للنســاء بــالمغرب" ،و
ت ــدارس مختل ــف أبعاده ــا ،خاص ــة م ــا تعل ــق بالمس ــتويات اإلنتخابي ــة و المؤسس ــاتية و نظ ــرة
المجتمع لهذه التمثيليــة ،ومــع تعــدد المــدخالت المــؤثرة في هــذا الواقـع نعتــبر أن األثــر الكبــير
له ـ ــذه التمثيلي ـ ــة و خاص ـ ــة السياسـ ــية منه ـ ــا ال يقتص ـ ــر على تص ـ ــحيح التفاوت ـ ــات الكمي ـ ــة بين
الجنس ــين ،وذل ــك بواس ــطة ف ــرض تن ــاظر حس ــابي ث ــابت يمكن أساس ــا في الرف ــع من إيق ــاع
حركة السلطة السياسية من خالل المشاركة و اإلقتسام العادل لمراكــز القــرار ،و لنتــذكر أن
الرهـ ــان الرئيسـ ــي إلقـ ــرار المناصـ ــفة في الحقـ ــل السياسـ ــي هـ ــو إخضـ ــاع باق ـ ــي القطاع ـ ــات
اإلجتماعيـة و اإلقتصاديـة لمنطـق المواطنـة و اإلنصاف الكفيــل بتغيــير نمــط التــدبير و إتخــاد
القرار.
و إذا كانـ ــت ثـ ــورة المناصفـ ــة في الديمقراطـ ــيات العريق ــة مازالـ ــت في ب ــدايتها على
مستـ ــوى التطبيـ ــق فإنـ ــها عكـ ــس ذل ــك ،لم تتجـ ــاوز بعـ ــد المرحلـ ــة الطوباويـ ــة فـ ـ ــي المج ــاالت
اإلجتماعي ـ ــة و الثقافيـ ــة الـ ــتي مـ ــازالت خاضـ ــعة لثقافـ ــة أبيسـ ــية قويـ ــة و إلى عقليـ ــة ذكوريـ ــة
متجدرة ،إال أنه باإلمكان من اآلن استشراق التحوالت الحتمية التـي يحملها أفـق المناصف ــة،
و ي ــأتي على رأس ذل ــك التغي ــيرات الكث ــيرة ال ــتي تعرفه ــا الثقاف ــات المجتمعي ــة و المجتمع ــات
السياس ــية ،و بمع ــنى آخ ــر ف ــإن عالق ــات الجنس ــين و الهوي ــات ال ــتي تنتجه ــا س ــتتوقف عن أن
191
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تعتــبر إنتاجــا ال مفكــرا فيــه لنظــام طــبيعي أو متعــالي ثــابت لتصــير خاضــعة لنظــام المداولــة
العمومي على غرار كل القضايا السياسية.
و بالرجـوع إلـى الواقـع المغربـي نعتبـر أن مبـررات و مسببات التغيير المجتمعي و
خاصة اتجاه المشاركة السياسية للمرأة المغربيـة ،وما تعلـق بتمثيليتـها السياسيـة ،متعددة و
متنوعة تنطلق من دور الفاعل المؤسساتي و على رأسها المؤسسـة الملكيـة و ما أسفـرت
عنه من مبــادرات تشريعيــة و سياسية ،ثم دور وزارة الداخلية و المجلس الوطني لحقوق
اإلنسان.
أما ما تعلق بالمقاربة المدنية فنعتبر أن دور المجتمع المدني و اإلعالم محوري في الرفع
من مستوى الوعي المجتمعي إتجاه هذه القضية.
و خالصة القول فإن آليات تطوير التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب متنوعة و متعددة
والتي ستكون محور بحثنا في الفصل الثاني من القسم الثاني ،محاولة منا إليجاد بعض
الميكانيزمات التي يمكن أن تحقق إجابة لبعض اإلشكاليات المتعلقة بموضوع التمثيلية
السياسية للنساء بالمغرب.
192
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الفصل الثاني
193
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
194
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المواطنين باب تقديم العرائض و المبادرة التشريعية و الدفع بعدم دستورية القوانين ،كما
تمت دسترة عدد من المجالس اإلستشارية من قبيل الهيأة المكلفة بالمناصفة و محاربة
جميع أشكال التمييز.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الدولة من أجل تعزيز الترسانة القانونية و
المؤسساتية التي تكرس المساواة و تمنع مختلف أشكال التمييز ،فإن المملكة ارتأت أنه من
الضروري النص في الدستور الجديد على عدد من التدابير الرامية إلى مناهضة جميع
أشكال التمييز التي أضرت بحقوق اإلنسان عبر التاريخ من جهة و اإلستجابة بشكل فعال
لحقوق و مطالب المجموعات الفئوية من جهة أخرى ،وهو اإلختيار اإلستراتيجي الذي
تبناه الشعب من خالل التصويت على الدستور الجديد.
و على الرغم من التطور الذي عرفه المجتمع المغربي على مستوى التشريعات
القانونية فإن واقع المشاركة السياسية للنساء بالمغرب و خاصة ما تعلق بتمثيليتها السياسية
تبقى دون مستوى التطلعات التي تطمح لها النساء ،خاصة الفاعالت منهن ،مما يستلزم
ضرورة تدخل مجموعة من المؤسسات في هذا الشأن لما لها من دور مباشر في الدفع
بمستوى تمثيلية النساء السياسية.
إن محورية المؤسسة الملكية باعتبارها أبرز مؤسسة سياسية في النظام السياسي
المغربي و ما تتطلعه من أدوار أدت و بشكـل مباشـر فـي الحفـاظ علـى حقـوق النسـاء
االجتماعيـة و االقتصادية و السياسية ،حيث فسر هذا اإلهتمام من خالل بعض الهيآت
الحكومية مثل وزارة الداخلية و المجلس الوطنـي لحقـوق اإلنسـان.
أما على مستوى المقاربـة المدنية و دورها في تدعيم تواجد المرأة في المجال العام و
خاصة السياسي منه ،نعتبر أن دور المجتمع المدني و اإلعالم ومؤسسات التنشئة
اإلجتماعية بمختلف مستوياتها لهم تأثير مباشر و فعال لتحسين نظرة المجتمع إتجاه هذا
الموضوع وخاصة ما تعلق بمبادئ المساواة و المواطنة.
195
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
فكيف عملت الدولة على تطوير التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب من خالل المؤسسة
الملكية؟ و عبر مؤسساتها الحكومية األخرى؟
و هل كان للمقاربة المدنية دور في تعزيز التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب؟
و ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه اإلعالم في هذا الموضوع؟
و هل لمؤسسات التنشئة اإلجتماعية و السياسية دور في تكريس مبدأ المساواة و
المواطنة؟ و كيف لهذه المبادئ أن تؤثر في تواجد المرأة على مستوى الساحة السياسية؟
المبحــث األول :مقاربـة الدولـة في النهـوض بالتمثيليـة السياسيـة للنسـاء بالمغـرب.
تعتبر مسألة النهوض بمستوى التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب من المواضيع اآلنية
على مستوى الساحة السياسية الوطنية ،إال أن إقرار الحق في (اإلنتخابات ،الترشيح،
ولوج المناصب العليا ،).....البد له من مقاربات جديدة ،ومنذ أول دستور للبالد سنة
،1962تضمـن هذا األخيـر الحق للرجال و النساء دون تمييز في ممارسة األنشطة
السياسية ،و تعزيزا لهذا الحق صادق المغرب على االتفاقية المتعلقة بالحقوق السياسية
للمرأة منذ أواسط السبعنيات ( ،)1976وفي سنة 2008أبدى تحفظاته على بعض مواد
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ،و ال سيما المادة الثانية التي تخص
المساواة بين الرجال و النساء في التشريعات الوطنية ،وكذا المادة السادسة عشر التي
تشمل المساواة في الزواج و العالقات السرية ،إال انه في العقدين األخيرين وقع تطور في
إتجاه تعزيز المساواة و المناصفة بين الجنسين ،فدستور الفاتح من يوليوز لسنة 2011
أقر تمتع الرجل و المرأة " على قدم المساواة ،بالحقوق و الحريات المدنية و السياسية و
االقتصادية و االجتماعية و الثقافية و البئية "...الفصل ،19و أكـد سعـي الدولـة إلى
تحقيـق مبـدأ المناصفة بين الرجال و النسـاء ،و ثـم إقرار هيئـة دستوريـة هي هيئة المناصفة
و مكافحة كل أشكال التمييز (الفصل .)146
كما عرفت المشاركـة السياسيـة للنسـاء بالمغرب تقدما و خاصة في مجاله اإلنتخابي من
خالل القوانين اإلنتخابية الجديدة التي خصت تمثيلية النساء ب" :الكوطا" ،كما ثم إحداث
196
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
صندوق لتقوية قدرات النساء التمثيلية ،من خالل تشجيع األحزاب السياسية لدعم ترشيح
النساء.
و عموما يبقى النهوض بحقوق المرأة و نشر ثقافة وقيم المساواة و اإلنصاف خيارا و
ضرورة تتحملها كل مكونات المجتمع المغربي سواء تعلق األمر بالسلطات العمومية و
الحكومية أو المنظمات غير الحكومية و كل قوى المجتمع المدني.
و قد كان للمؤسسة الملكية دورا محوريا في تكريس مبادئ المساواة عبر مجموعة
من اإلجراءات ،و التي اعتبرت إشارة للفاعلين و المؤسسات الموازية إلتباع نفس النهج
اتجاه قضايا المرأة عامة و السياسية منها على وجه الخصوص.
فما هي األدوار التي لعبتها المؤسسة الملكية للرفع من التمثيلية السياسية
للنساء؟
و هل للدولة من خالل برامجها التحفيزية دور في دعم هذه التمثيلية؟ و
كيف يتم ذلك؟
197
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
جميعا من توفير إطار عصري وفعال محفز على المشاركة المواطنة ،من معالمه البارزة:
مدونة انتخابية حديثة ،تفسح مجال المشاركة المتكافئة لكل حزب في االقتراع ،قانون جديد
لتأهيل األحزاب و تمويل شفاف لعملها ،حياد إداري إيجابي و حازم ،مراقبة قضائية
مستقلة ،حضور فاعـل للمجتمـع المدنـي ،و لوسائـل اإلعـالم فـي النوعيـة و المتابعة ،فضال
109
عن التمثيل النسائي الذي نريده أكثر إنصافا للمرأة".
نستشف من خالل هذا الخطاب سعي المؤسسة الملكية لجعل اإلنتخابات بمثابة
قنطرة للعبور من مرحلة إلى أخرى يكون هدفها تثبيت الديمقراطية و تنميتها عبر تعزيز
الحضور النسائي في األحزاب و المؤسسات السياسية بدون تمييز لمكونات المجتمع
المغربي.
الفقـــرة األولــى :دور المؤسسة الملكية على مستــوى التشريعــات القانونـــية.
لقد حققت المرأة المغربية خالل السنوات األخيرة مكتسبات هامة جدا وفي
مجاالت عدة قانونية -سياسية و اجتماعية ،اعتبرها البعض بمثابة الثورة ،ويرجع الفضل
في هذا التطور إلى تنامي الحركة الديمقراطية عموما و الحقوقية منها على وجه
الخصوص (الحركات النسائية) ،و قد جاءت االستجابة بعد اعتالء الملك محمد السادس
للعرش سنة 1999من خالل التزامه بالنهوض بمكانة النساء و تحسين أوضاعهن ،وذلك
عبر مالئمة الترسانة القانونية الداخلية مع اإللتزامات الدولية للمغرب في مجال النهوض
110
بالحقوق السياسية للنساء تماشيا مع الهوية و القيم اإلسالمية.
و في هذا السياق انطلق ورش مالئمة القوانين خالل السنوات األخيـرة في إطـار
المشروع الرامي لتحديث القوانين المغربية و مالئمتها مع التشريعات الدولية عبر
المصادقة على:
أوال :إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
109
مقتطف من خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد الشباب لسنة .2007
110
المرأة المغربية المكتسبات و الرهانات ،جريدة االتحاد االشتراكي بتاريخ .10/10/2009
198
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ثانيا :إصالح قانون الجنسية حيث يعتبر هذا األخير تقدما نوعيا في مسار تحقيق المساواة
بين الجنسين من خالل شروط اكتساب الجنسية من طرف األم.
ثالثا :إصالح قانون األسرة.
هذا األخير يعتبر أهم إصالح عرفته البالد في اتجاه تعميق المساواة بين الرجل و
المرأة داخل األسرة ،بل نعتبره نقطة التحول الذي عرفه مسار حقوق النساء بالمغرب
إلى جانب إصالحات أخرى عرفتها المنظومة القانونية و التي ثم اإلشارة إلى بعضها
سابقا ،و أهم ما جاء به إصالح القانون الجديدة لألسرة:
-أقرت المدونة بالمسؤولية المشتركة للزوجين في رعاية األسرة.
-أصبحـت الواليـة حقا للمـرأة الرشيدة تمارسه بحسب اختيارها و مصلحتها.
-مساواة الرجل و المرأة في سن الزواج عبر تحديده في 18سنة.
-إقرار الطالق القضائي.
كل هذه اإلجراءات جاءت بعد مخاض عسير تواجه خالله تيارين مجتمعين مما
أفضى إلى اللجوء إلى التحكيم الملكي حيث تم في أبريل 2001تشكيل اللجنة الملكية
اإلستشارية لتعديل قانون األحوال الشخصية أنتجت عنه مدونة جديدة لألسرة سنة 2004
وضعت حدا للصراع العلني بين التحديثين و المحافظين.
و على صعيد آخر رفعت الدولة في شخص ملك البالد سنة 2008تحفظاتها عن بعض
بنود اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ،بكونها لم تعد تتطابق مع
التشريع الوطني بعد التعديـالت المتقدمـة التـي شهدتـها مدونة األسرة ،وعلى الصعيد
الدستوري وقع تطور كبير في اتجاه تكريس المساواة بين الجنسين حيث سجل دستور
2011تمتع الرجل و المرأة « على قـدم المسـاواة ،بالحقـوق و الحريـات المدنيـة و
السياسية و االقتصادية و االجتماعية و الثقافية و البيئية ( »...الفصل ،)19و أكد سعي
الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الجنسيـن كما تـم إقرار هيئـة دستوريـة هـي هيئة
المناصفة و مكافحة كل أشكال التمييز.
199
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
لقد كان للمؤسسة الملكية دورا محوريا في توجيه المؤسسات السياسية الوطنية
إلتخاذ التدابير الرامية إلى خلق مجال أوسع للمرأة و ضمان مشاركتها االيجابية في الحياة
السياسية ،وذلك عبر الخطب الملكيـة و التـي تعتبـر آليـة أساسيـة فـي تحديـد التوجهات
العامة للسلطتين التنفيذية و التشريعية بالبالد" ،و في نفس السياق ندعو الحكومة و
البرلمان إلى التعاون المثمر من أجل إيجاد اآلليات الناجعة لتشجيع حضور مالئم وأوسع
للمرأة في المجالس الجماعية ،ترشيحا و انتخابا ،غايتنا المثلى ضمان التمثيلية المنصفة
للنساء في الجماعات المحلية و باألساس تمكين مجالسها من اإلستفادة من عطاء المرأة
111
المغربيـة المؤهلــة بما هو معهـود فيها من نزاهة و واقعية و غيرة اجتماعية".
و عموما فإن اإلرادة السياسية للملك محمد السادس كان لها األثر الكبير في اقتحام المرأة
لمجموعة من القطاعات التي ظلت في السابق حكرا على الرجال ،كالحقل الديني و األمني
و اإلدارة الترابية ،حيث واصل الملك و منذ توليه الحكم ترجمة رؤيته لقضية المرأة
بممارسة سلطتي التشريع و التعيين فغدا بذلك مصـدر كـل التشريعات الحاسمة و المثيرة
للجدل بخصوص الوضعية القانونية لنساء المغرب ،و في الوقت نفسه ظهر كأقوى
مناصر إلحتالل المرأة لبعض المناصب التي احتكرها الذكور منذ االستقالل عبر توظيفه
سلطة التعيين فـ ـ ــي المناص ـ ــب الس ـ ــاميـ ـ ــة داخ ـ ـ ــل مـ ــوقـ ـ ــع ال ـ ـقـ ـ ــرار الس ـيـ ــاسـ ــي و
اإلقـ ـتـ ـص ـ ـ ـ ــادي
واإلجتماعي ،بل و حتى الفكري فأول إمرأة تحصل على عضوية أكاديمية المملكة و التي
ظلت قلعة للذكور منذ تأسيسها ،كانت السيدة رحمة بورقية التي عينها الملك في سنة
2002عضوا بالمؤسسة الفكرية ذاتها ،كما كانت قرارات الملك وراء فتح أبواب بعض
القطاعات الذكورية في وجه النساء كالحقل الديني الذي شهد تخرج 50مرشـدة دينيـة
ألول مـرة في تاريخ المملكة و اإلدارة الترابية التي شهدت ولوج النساء إلى مواقع قرار
الشأن المحلي و األمني.
111مقتطف من خطاب الملك السادس بمناسبة افتتاح الدورة األولى للبرلمان السنة التشريعية الثانية – 2009-2008الرباط الجمعة
10أكتوبر .2008
200
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
و عموما فالملك محمد السادس بدعمه لقضية المرأة يعزز بذلك مشروعه السياسي
داخليا ،فمن جهة فهو يضع متاريس قوية أمام زحف اإلسالميين ،و من جهة أخرى ال
يترك التيار الحداثي يتجاوزه في هذا الخصوص و هذا الوضع يجعله في موقع قوة
مستغال التناقض الجوهري بين المطالبين بتحرير المرأة و بين الداعين إلى التشبث
بالمرجعية الدينية ،و قد انعكست هذه اإلستراتيجية إيجابا على وضعية المرأة المغربية
خاصة في المجال السياسي حيث الحظنا ومنذ تولي الملك محمد السادس العرش ارتفعت
تمثيلية النساء السياسية سواء على المستوى المحلي أو التشريعـي ،بـل و حتى في مناصـب
إتخـ ـ ــاذ الـ ـق ـ ــرار،
وأولد ذلك دينامية متنامية لدى المجتمع المدني المدافع على هذه القضية ،و برزت مع ذلك
مذكرات و ملفات مطلبية خاصة من لدن "الحركة من أجل الثلث في أفق المناصفة" ،التي
احتضنت هذا الملف و ترافعت عليه أمام السلطة التنفيذية و التشريعية و كرست ثقافة
الحوار مع األحزاب المغربية كلما حّلت اإلنتخابات.
و من خالل ما سبق ،و الدور الذي لعبته المؤسسة الملكية في مجال توجيه بعض
التشريعات القانونية يمكن أن نطح مجموعة من األسئلة و التي ستكون موضوع بحثنا في
الفقرة الثانية:
ما هو الدور الذي لعبته المؤسسة الملكية في مجال التمثيلية السياسية للنساء
على المستوى السياسي؟
و كيف تفاعلت الهيآت السياسية مع هذا التوجه؟
و هل كان لها إنعكاس إيجابي على هذه التمثيلية؟
201
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
في عالقاتهم مع النسـ ـ ــاء ،وأول مبادرة إتخذها الملك برزت من خالل منحه لزوجته لقب
لال سلمى و هو لقب كان مقتصرا في السابق على بنات الملوك دون سواهن من نساء
القصر بمن فيهم أم الملك ،كما أزاح الملك محمد السادس الكثير من الستائر التي حجبت
حياة نساء القصر ،فألول مرة في تاريخ الملوك العلويين تنخرط زوجة الملك األميرة لال
سلمى في المجال العام وتكسير الصورة النمطية عن زوجات الملوك ،حيث انخرطت
زوجة الملك في العمل المدني عبر جمعية "لالسلمى لمحاربة السرطان" و كذلك من خالل
مشاركتها في الملتقيات الوطنية و الدولية في نفس الموضوع.
و في الوقت الذي ظلت فيه النساء مستبعدات عن البرلمان و الحكومة و بعض
مواقع القرار في المغرب طيلة فترة حكم الحسن الثاني حتى مطلع التسعينيات من القرن
الماضي ،وخالفا لهذا التوجه عين الملك محمد السادس الكثير من الوجوه النسائية في
مواقع المسؤولية و ببعض القطاعات أو المؤسسات التي ظلت حكرا على الرجال ،كما
مكن النساء من نظام "الكوطا" و الذي سمح بدخول النساء إلى البرلمان و أنيط بسبع نساء
مسؤوليات وزارية ،فالملك محمد السادس و حسب مصادر واكبت مفاوضات تشكيل
حكومة عباس الفاسي يرجع له الفضل في اختيار الوزيرات اللواتي ثم تكليفهن بحقائـب
وزارية ،كوزارة التضامـن اإلجتماعـي و الثقافـة و الرياضـة و الطاقة و الصحة ،حيث قفز
عدد النساء في حكومة عباس الفاسي إلى سبـع وزيرات بدل اثنتين فقط في تشكيلة حكومة
112
وهو ما يقارب ربع عدد أعضاء الحكومة المكونة من 33وزيرا. إدريس جطو،
و بالموازاة مع هذه المبادرات سيطلق الملك محمد السادس سلسلة من اإلصالحات
الجوهرية بغية التقدم بالحقوق السياسية للمرأة المغربية من خالل تبويئها مكانة متميزة في
مواقع القيادة السياسية و تدبير مؤسسات القرار السياسي.
و كإجراء أولي و عملي لهذا التوجه ستعرف استحقاقات شتنبر 2002تقدما نوعيا على
مستوى التمثيلية النسوية ،حيث وصلت هذه التمثيلية إلى %10,8فيما كانت قبل ذلك
112فاطمة الزهراء البوركيبى ،المشاركة السياسية للنساء بالمغرب أية حكامة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام السنة
الجامعية 2013- 2012ص 44
202
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
التاريخ ضئيلة جدا( )%0,6ليصبح المغرب بعد انتخابات 2002يحتل الرتبة 71عالميا
على مستوى تمثيل النساء في البرلمان ،و بالموازاة مع هذا القرار التاريخي للملك محمد
السادس برزت في اإلنتخابات الجماعية لسنة 2009جملة من التدابير الديمقراطية التي
تنسجم مع هذه التوجهات ،يأتي في مقدمتها الرفع من تمثيلية النساء داخل الجماعات
الترابية ،خصوصا إذا ما استحضرنا أنه من أصل حوالي 14ميلون ناخب في
استحقاقات 2009نجد 46في المائة من الهيئة الناخبة كن من النساء.
كما أنه من أصل مليون و ستمائة ألف مسجل جديد في االستحقاقات الجماعية 2009
113
كان هناك 46في المائة يمثلن النساء و هو رقم له دالالته القوية.
لقد كانت اإلشارات التي وجهها الملك محمد السادس لمختلف المتدخلين في الشأن
العام و السياسي بالخصوص تقوية حضور المرأة في المجال العام وضمان حقوقها خاصة
السياسية منها ،ومن ضمن هذه اإلشارات مضمون الرسالة الملكية التي وجهها إلى
المشاركات في القمة العالمية للنساء بمراكش سنة " 2004فإننا آلينا على نفسنا أن نحسن
وضع المرأة بتعزيز مكتسباتها و السهر على تمتيعها بحقوقها اإلنسانية و االقتصادية و
السياسية ...كما أننا حريصون على تحرير المرأة من كل أشكال الحيف التي تعاني منها
و على تطوير الترسانة القانونية ،تماشيا مع ما تبديه من وعي بحقوقها و واجباتها و ما
114
تحقق للمغرب من تقدم في شتى المجاالت".
و هو األمر الذي شكل نقطة تحول بارزة في مسار وضعية المرأة القانونية التي
شهدت عقب ذلك أحداثا و وقائع متتالية ،كان آخرها إعادة النظر في الوثيقة الدستورية و
ما جابت به من فصول محفزة لحقوق المرأة خاصة ما تعلق بمحاربة كافة أشكال التمييز
مع إقرار مبدأ المساواة في الحقوق بين الرجل و المرأة ،مما سيمنح للنساء و خاصة
الجمعيات الحقوقية قاعدة دستورية لترافع في عالقاتها مع المؤسسة الحكومية و
113محمد زين الدين "الحقوق السياسية للمرأة بين التمثالت المجتمعية و الترسانة القانونية مجلة مسالك في الفكر و السياسة و
االقتصاد عدد مزدوج 2013/ 24- 23ص .28
مقتطف من الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركات في القمة العالمية للنساء بمراكش سنة ..2004 114
203
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
التشريعية ،و بالتالي يمكن اعتبار أن اإلشارات التي أعطاها الملك كان لها الوقع الكبير
اتجاه منح مزيد من الحريات للمرأة المغربية مع ضمان حقوقها و الدفع باتجاه اشراكها
في الحياة السياسية كفاعل ايجابي ال كرقم في الكتلة الناخبة المغربية ،و من ثم كان ال بد
على مجموعة من المؤسسات ذات الصلة أن تستجيب لهذه المتغيرات و أن تضع آليات
جديدة لدعم مشاركة النساء سياسيا من قبيل وزارة الداخلية التي أنشأت صندوقا لدعم
التمثيلية السي ــاسي ـ ــة للنس ـ ـ ـ ــاء
و كذلك المجلس الوطني لحقوق اإلنسان الذي يعتبر مؤسسة حقوقية على المستوى
الوطني من بين ما يناط به تدعيم مبادئ المساواة و محاربة جميع أنواع التمييز ،هاتين
المؤسستين ستكونان موضوع بحثنا في المطلب الثاني.
المطلــب الثانــي :وزارة الداخليـة و المجلــس الوطنــي لحقـوق اإلنسـان.
لقد كان من الضروري لتفعيل و تقوية حضور المرأة المغربية على مستوى الساحة
السياسية ،ابتكار آليات جديدة من خاللهـا يتم دعم وجود النساء و يقوي قدراتهن في
المجال السياسي ،ولتحقيق هذا الهذف عملت وزارة الداخلية المغربية إلى إحداث صندوق
لتقوية قدرات النساء التمثيلية سمي " بصندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء" ،عبر اعتماد
مجموعة من المساطر و اإلجراءات ،كإحداث لجنة تتولى مهمة اقتراح البرامج و انتقاء
المشاريع قصد تمويلها إما جزئيا أو كليا للرفع من تمثيلية النساء سياسيا.
أما فيما يخص المجلس الوطني لحقوق اإلنسان ،هذا األخير الذي إنبثق عن
المجلس االستشاري لحقوق اإلنسان كان و الزال من ضمن أهدافه الدفاع عن حقوق
اإلنسان و العمل على تنزيلها على أرض الواقـع ،مع الحفـاظ على التوازنـات بين المواثيـق
الدوليـة و التشريعات الوطنية ،مما أكسبه دورا محوريا في مجال الدفاع عن حقوق
اإلنسان ومن تم حقوق النساء.
204
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الفقرة األولى :وزارة الداخلية "صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء" السياسية.
لقد اعتبر "صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء" من ضمن المبادرات الحكومية
التي عملت الدولة المغربية إلى إقراره من خالل وزارة الداخلية ،باعتبار هذه األخيرة
المشرفة األولى على العمليات اإلنتخابية ،و لتحقيق هذا الغرض تم استصدار مجموعة من
الظهائر و المراسيم و القرارات ،كان من ضمنها القرار المتشرك لوزير الداخلية و وزير
االقتصاد و المالية رقم 403-09و المؤرخ في 4مارس 2009بشأن شروط و كيفيات
وطريقة صرف الدعم المخصص لتقوية قدرات النساء التمثيلية بمناسبة االنتخابات العامة
الجماعية و التشريعية ،رهانه الرفع من التمثيلية النسوية في المجال السياسي مع تمكين
المرأة المغربية من بلوغ مستوى يتيح لها ولوج العمل السياسي بشكل أفضل ،حيث
ركزت اللجنة المشرفة على استقبال الطلبات على مجموعة من المجاالت من قبيل:
تعزيز مشاركة المرأة في االستحقاقات االنتخابية تصويتا و ترشيحا.
تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
تقوية قدرات المرأة في مجال تدبير الشأن المحلي.
115
تقوية قدرات المرأة في مجال التنمية البشرية.
ومن خالل المجاالت التي حددت كتيمات للتكوين ،يتضح لنا أنها تخص تأهيل المرأة
المغربية لكي تكون شريكا كامل المسؤولية إلى جانب الرجل للقيام بأعمال التدبير المحلي
و الوطني عبر وصولها لمراكز القرار ،ألن التكوين المستمر عبر استهداف مجموعة من
الشرائح خاصة النساء الشابات يمكن أن ينعكس إيجابا على أهلية و مردودية المرأة
المغربية ،لكن هذا التحفيز ال يمكن أن يقتصر على مبادرات معزولة دون إشراك مباشر
للقطاعات النسائية الحزبية مع تفعيل المساطر القانونية الملزمة لألحزاب السياسية خالل
115
دليل حول مسطرة طلب المشاريع " وزارة الداخلية " صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء ص 3ابريل .2009
205
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
اختيارها لمرشحيها ،ألن واقع الحال يثبت أن مشاركة المرأة المغربية في الحياة السياسية
تطور خالل السنين األخيرة لكن تمثيليتها السياسية ال ترقى إلى المستوى الذي يجـب أن
تكـون عليه ،خاصة وأن درجة المطالب التي تنادي بها الجمعيات النسائية تبقى مرتفعة
على ما تحقق ،أضــف إلى ذلك المستجـدات التي جاء بها دستور 2011و درجة اإلنصاف
الذي حققه لصالح المرأة المغربية مما يضع جميع الفاعلين السياسيين مع إختالف مواقعهم
أمام حرج التنزيل الدستوري ،خاصة و نحن نعلم درجة العقلية الذكورية السائدة و حدر
األحزاب السياسية من أخذ المغامرة بترشيح نساء على رأس اللوائح اإلنتخابية ،و بذلك
يمكن أن نقول بأن مثل هذه المبادرات و غيرها يمكن أن تؤثر بشكل جزئي على مسار
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب ،و بالتالي فنتائجها ال يمكن أن نلمسها إال على المستوى
المتوسط أو البعيد فهذه المسألة يمكن أن نقيسها بمسألة العزوف عن المشاركة السياسية و
ما تبعها من انعكاسات على المشهد السياسي المغربي ،لدى فصندوق دعم تمثيلية النساء
ما هو إال مبادرة معزولة يستلـزم األخذ بنتائجـها ،و اإلكثار من مثيالتها ،وفي مجموعة
من المستويات و القطاعات حتى يمكن للمواطن المغربي أن يستوعب أن ما لرجل من
قدرات تدبيرية كانت لنظيرته المرأة ،مما سينعكس و مع الزمن على نظرة القصور التي
كانت سائدة اتجاه المرأة لتتحول إلى نظرة مشبعة بالثقة و القدرة الكاملة على التدبير في
المجال العام و خاصة السياسي منه.
و لتحديد حجم التدخل الذي يمكن أن تفرزه اللجنة المشرفة على صندوق الدعم
لتشجيع تمثيلية النساء و مدى التأثير الذي يمكن أن تحققه على هذه التمثيلية ،سنعمل على
إبراز تكوين هذه اللجنة و اختصاصاتها و سير عملها.
أوال :تكويـن اللجنـــة.
حدد مقرر الوزير األول رقم 3- 07- 09الصادر في 4مارس 2009و المتعلق
بتأليف و سير اللجنة المكلفة باقتراح البرامج الهادفة إلى تقوية قدرات النساء التمثيلية،
حيث ضم هذا المقرر خمسة مواد:
206
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
التكوين: أ-
تتكون هذه اللجنة من خالل هذا المقرر و خاصة ما جاء في مادته األولى من ثالث
جهات أساسية:
-1عضو يتم اقتراحه بصفة شخصية من طرف كل حزب من األحزاب السياسية التي
حصلت على نسبة %5على األقل من عدد األصوات المعبر عنها في آخر انتخابات
عامة تشريعية لمجلس النواب برسم الدوائر االنتخابية المحلية.
-2عضو يتم اقتراحه بصفة شخصية من طرف كل سلطة حكومية مكلفة بما يلي:
الداخلية.
االقتصاد و المالية.
التربية الوطنية و التعليم العالي و تكوين الطر و البحث العلمي.
التنمية االجتماعية و األسرة و التضامن الشؤون االقتصادية و
العامة.
األمانة العامة للحكومة.
-3خمسة أعضاء من المجتمع المدني يقترحهم وزير الداخلية باعتبار خبرتهم و
116
عملهم في مجال تقوية القدرات التمثيلية للنساء أو الحكامة أو التنمية البشرية.
من خالل هذه التركيبة يتضح لنا أن اللجنة تضم أطيافا مختلفة ،مما يبرر لنا اعتماد
مقاربة تشاركية في تدبير هذه اللجنة .و من جهة أخرى تسمح بمنح الدعم بشكل شفاف
باعتبارها غير منسجمة في تركيبتها ،باإلضافة إلى إمكانية إضافة شخص من ذوي
الخبرة في هذا المجال و على سبيل االستشارة و ذلك باقتـراح من رئيـس اللجنـة و هو
116
المادة األولى من مقرر إحداث صندوق الدعم لتمثيلية النساء بالمغرب.
207
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ممثل وزارة الداخلية و من خالل النظر إلى تركيبة اللجنة يتبين أنها تضم النساء بشكل
كبير ( 17من عضواتها من النساء و 2من الرجال).
اختصاصــات اللجنــة و سير عملها: ب-
لقد تم التطرق لمجال اختصاصات هذه اللجنة و سير عملها في المادتين الثانية و الرابعة
من هذا المقرر ،و هكذا فإن اختصاصات اللجنة تحدد على الشكل التالي:
اقتراح البرامج العامة الهادفة إلى تقوية قدرات النساء التمثيلية و األنشطة -1
المتعلقة بها و الممولة كليا أو جزئيا في إطار صندوق الدعم.
اقتراح البرامج و األنشطة التي تحظى باألولوية من حيث التمويل برسم -2
السنة الموالية.
اإلعالن عن طلب المشاريع. -3
تلقي ملفات عروض المشاريع. -4
دراسة العروض المقدمة و انتقاء المشاريع المؤهلة لإلستفادة من التمويل -5
العمومي في إطار صندوق الدعم.
اقتراح المشاريع المقبولة و المؤهلة لإلستفادة من التمويل في إطار صندوق -6
الدعم و كذا سقف التمويل الخاص بكل مشروع.
اقتراح التدابير الرامية إلى تحسين مساطر و كيفيات استعمال التمويل -7
العمومي في إطار صندوق الدعم.
إبداء اآلراء و االقتراحات حول التدابير التي تراها مناسبة للرفع من وثيرة -8
تمويل المشاريع.
تقسيم البرامج و األنشطة المنجزة في إطار تقوية قدرات النساء التمثيلية. -9
208
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
من خالل ما سبق يتضح لنا جليا أن إختصاصات هذه اللجنة ثم تحديدها فيما هو
استشاري دون تحديد هذه المادة للجهة المخولة لها تلقي اإلقتراحات ،إال أنه و باعتبار أن
وزير الداخلية هو اآلمر بالصرف لإلعتمادات المخصصة لهذا الصندوق مما يمنحه
صالحية استقبال الطلبات ،و عموما يبقى دور هذه اللجنة تقنيا و ليس تقريريا على اعتبار
أن عملها رهين بموافقة وزير الداخلية.
و عموما إذا رجعنا إلى اإلمكانات المادية المرصودة لهذا الصندوق نرى بأنها ال تتجاوز
مبلغ 10مليون درهما /مما يؤكد أن الهدف المتوخى من هذا الصندوق ال يمكن له أن
يستجيب للمطالب النسائية في موضوع التمثيلية السياسية للنساء ،خاصة وأننا نعلم حجم
القصور المسجل في هذا الباب و اإلمكانيات الكبيرة المطلوبة لتحقيق هذه األهداف.
الفقــرة الثانيــة :المجلس الوطني لحقوق اإلنسان.
قبل التطرق إلى األدوار التي يمكن أن يلعبها المجلس الوطني لحقوق اإلنسان في
قضية التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب ال بد لنا و أن نتطرق للسياق العام الذي تمخض
عنه إنشاء هذا المجلس ،هذا األخير أنشأ من خالل إعادة هيكلة المجلس اإلستشاري
لحقوق اإلنسان الذي تميزت أدواره في تجسيد إصالح وضعية حقوق اإلنسان عبر إرساء
القواعد األساسية للحريات و الحقوق المدنية و السياسية...الخ ،و بذلك شكل المغرب
استثناء في المنطقة في هذا المجال و ذلك للعديد من اإلعتبارات أهمها اإلفراج عن
المعتقلين السياسيين ،و مراجعة سلسلـة من التشريعات المرتبطة بمجال الحقوق و الحريات
العامة ،و التعددية الحزبية التي حسم فيها المغرب منذ السنوات األولى لإلستقالل.
حيث جاء إحداث المجلس الوطني لحقوق اإلنسان كتكريس لمسلسل تعزيز دولة الحق
و القانون و المؤسسات ،و ليحل محل المجلس اإلستشاري لحقوق اإلنسان ،ليكون بذلك
إحدى المؤسسات الرئيسية المساهمة في عملية االنتقال الديمقراطي بالمغرب ،خاصة على
مستوى الدفاع عن احترام حقوق اإلنسان و التزامات المغرب الدولية في هذا المجال ،و
209
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
أهم ما يميز المجلس الوطني لحقوق اإلنسان إكتسابه لمجموعة من الصالحيات التي حملها
الظهير المحدث له ،و بذلك أهله ليكون جهازا قادرا على معالجة قضايا حقوق اإلنسان و
تحقيق الرقابة على حاالت انتهاكها حيث يمكن تحديد إختصاصاته على الشكل التالي:
أوال :مجـال حمايـة حقـوق اإلنسـان و الحريـات و الدفـاع عنهـا.
من ضمن إختصاصات المجلس الوطني لحقوق اإلنسان ،تعزيز القـدرة و التناسـق مع
المعاييـر الدوليـة فـي هـذا المجال و السيما مبادئ باريس ،وذلك من خالل المشورة و
المراقبة و التحذير اإلستباقي ،مع تقييم وضعية حقوق اإلنسان باإلضافة إلى التفكير و
إثراء النقاش بشأن القضايا المتعلقة بحقوق اإلنسان عبر مجموع التراب الوطني مع إعداد
تقارير سنوية ،فهذا اإلختصاص ال بد للنساء في الحركات المدنية و الحقوقية استغالله
كآلية للضغط على الفاعلين السياسيين.
وبذلك فالمرافعة المستقبلية يجب أن تراهن على تجاوز إطار المطالبة القانونية إلى
مستـوى المطالبة الحقوقية ،لتصبح بذلك قضية تمثيلية النساء السياسية مسألة حقوقية
بدرجة أولى ،وهذا ما لحظناه من خالل تنظيم بعض الندوات من طرف المجلس الوطني
لحقوق اإلنسان كندوة وجدة مثال ،والتي جاءت تحت عنوان" مبدأ المناصفة بين الرجال و
النساء "
إن هذا النوع من التحركات خاصة إذا جاء من طرف هيأة حقوقية وطنية سيكون له
انعكاسات ايجابية اتجاه تنزيل صحيح للمقتضيات الدستورية ،و بالتالي يمكن إعتباره ورقة
ضغط من طرف الجمعيات النسائية وجب استثماره لتحقيق مطالبهن في هذا الصدد.
ثانيــا :مالءمة النصوص التشريعية و التنظيمية الوطنية بالمعاهدات الدولية المتعلقة
بحقوق اإلنسان.
تعتبر مالءمة النصوص التشريعية و التنظيمية الوطنية للمعاهدات الدولية المتعلقة
بحقوق اإلنسان من ضمن اإلختصاصات المهمة التي أحدثها الظهير المحدث لهذا المجلس
،حيث أوكل إليه دراسة مدى مالئمة التشريعات الوطنية مع نظيراتها الدوليـة مما منـح
210
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
رغـم تعـدد المقاربـات المعتمـدة على الساحـة الوطنية و الرامية إلى دعم تمثيلية
النساء السياسية ،و ذلك من خالل إعتماد برامج مؤسساتيه (صندوق دعم تمثيلية النساء
السياسية) أو من خالل مبادرات محددة كالخطب الملكية و ما ينتج عنها من توجيه
للسياسة الحكومية أو البرلمانية ،مما أدت مجتمعة إلى إقرار إصالحات قانونية و مكتسبات
سياسية للمرأة المغربية ،أفضت إلى تعزيز مشاركة المرأة في المجالس التمثيلية محليا و
وطنيا ،غير أن هذه التدابير تبقى في مجملها تدابير مرحلية و تظل بحاجة إلى تدابير و
211
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إجراءات أخرى تقف على تجاوز المشاكل االجتماعية و الثقافية التي تحول دول تمكين
المرأة بشكل فعال.
و المسجل حاليا و بشكل واسع استياء الحركات النسائية من التهاون و التحفظ
الكبير لألحزاب السياسية إزاء مشاركة النساء السياسية من خالل عدم إتاحتهن الفرصة
للوصول إلى المؤسسات المنتخبة بشكل يعكس المستوى الدستوري و الحقوقي الذي بلغه
المغرب.
هذا الواقع يعطي الشرعية لبروز مقاربات جديدة أبانت عن جدواها في مجموعة من
األنظمة السياسية ،ومن ضمنها المقاربة المدنية وما ينتج عنها من مرافعة مدنية من خالل
إعتماد سياسية الملفات المطلبية للضغط على أصحاب القرار السياسي ،وهذا ما إتجهت
إليه الحركات النسائية المغربية من خالل توجيه مجموعة من المطالب و التي إعتبرتها
أساسية لتحقيق تمثيلية سياسية مشرفة للمرأة المغربية ويمكن إجمالها فيما يلي:
وضع األحزاب ل":كوطا" داخلية تكفل حضور النساء بالمجالس المنتخبة
محليا و وطنيا ،عبر وضع النساء على رأس اللوائح بناء على الكفاءة ،ضمن
سياق إستراتيجية وطنية متوسطة و بعيدة المدى تقودها الدولة و المجتمع المدني
للتحسيس بالدور الهام الذي يمكن أن تلعبه النساء على مستوى تدبير الشأن العام
المحلي و الوطني.
انخراط اإلعالم و مؤسسات التنشئة اإلجتماعية بكل أشكالها في إبراز
قدرات المرأة بما يسمح بتجاوز الصورة السلبية و النمطية المكرسة على المرأة،
من خالل الترويج ألهميـة تطويـر تمثيليـة المـرأة في الجماعات المحلية و إنعكاساتـها
اإلجابيـة علـى تدبيـر الشـؤون المحلية و الوطنية.
فكيف يمكن للمقاربة المدنية أن تكون ذات فعالية اتجاه تقوية حضور المرأة -
المغربية سياسيا؟
و ما هي التدابير التي يعتمدها المجتمع المدني في هذا اإلتجاه؟ -
212
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
213
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الممارسة المباشرة في المشهد السياسي المغربي ،سيكون كذلك للمرأة دورا في تأثيث
المشهد السياسي و العمومي من خالل ما راكمته كذلك من تجارب ،خاصة و أننا نتحدث
عن النخبة السياسية النسائية بالمغرب.
و لتحقيق هذه األهداف سنتطرق في هذا المطلب آلليتين أبانتا من خالل تجارب سابقة
نجاعتهما في دعم تمثيلية النساء السياسية خاصة في األنظمة الديمقراطية.
119
النسيج المحلي لشركاء المدرسة ،دليل المدرسة المغربية و التعبئة المجتمعية منشورات منتدى المواطنة 2011ص 45
214
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إستراتيجية تأثير مترابطة و متكاملة تستهدف صنـاع القـرار السياسـي أو
التشريعي أو التنظيمي لتيسيـر الطريـق أمـام المسـاواة و الكرامـة و العدالة.
و هو فعل يتوخى النجاعة و الفعالية من أجل تبني قوانين أو تغييرها أو
القيام بإجراءات لصالح سياسة معينة أو تغييرها.
كما أنه إلتزام مجموعة من الفاعلين داخل المجتمع المدني من أجل إطالق
صيرورة للتغيير اإلجتماعي الهادف لتحسين أوضاع:
فئة اجتماعية عريضة. -
النساء و الرجال. -
أشخاص في وضعية إعاقة. -
215
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إن واقع الحال يؤكد أن التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب قد تحسنت في الفترة الممتدة ما
بين االنتخابات التشريعية 2011- 2002إذ إنتقلت من المحصلة الصغرى التي سادت
لسنوات ( )%0,6إلى ( )%17بفضل مجهودات عديدة لمجموعة من المتدخليـن و
المتدخـالت و إلـى الحركـة النسائيـة بصفـة عامة ،و بفعل العمل الكبير الذي تم على
مستوى الترافع ،من خالل تنظيم مجموعة من اللقاءات و الندوات المحلية و الجهوية من
أجل التحسيس بالتهميش الذي تعانيه المرأة المغربية في المجال السياسي ،مؤكدة من خالل
هذه اللقاءات أن مشاركة المرأة الفعالة في الحياة السياسية و في القيادة و إتخاذ القرار
يدخل في صلب التعديالت الديمقراطية.
و لتكريس هذه المبادئ عملت الحركة من أجل الثلث (التي إتخدناها سابقا كنموذج
للجمعيات المدنية التي ترافع من أجل الرفـع من تمثيليـة النساء السياسية) على تنظيم
مجموعة من الندوات و اللقاءات في إطار حملة 733يوما توزعت جغرافيا على المناطق
121
التالية:
120د /الحبيب الجنحاني ،المجتمع المدني كراسات استراتيجية ،مجلة فصلية تصدر عن مركز الدراسات و البحوث االستراتيجية
بجامعة دمشق ،العدد األول – السنة األولى -خريف 2000ص .12
121
العربي ايعيش ،اللوبي النسائي المغربي و معركة الثلث في أفق المناصفة دفاتر وجهة نظر الطبعة األولى 2012ص .95- 94
216
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
217
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
من خالل ما جاء في الجدول أعاله يتضح أن الحركة قامت بعقد مجموعة من اللقاءات
و الندوات ،وفي مجموعة من المواضيع ذات الصلة بتمثيلية النساء السياسية ،إال أن
المالحظ من خالل هذا الجدول و الذي أخدناه على سبيل المثال إلبراز الطريقة المعتمدة
في اشتغال الجمعيات النسائية بالمغرب ،أن هذه الندوات جاءت ممركزة في مدينة الدار
البيضاء مما يجعل نتائجها محدودة جغرافيا و موجهة إلى نخبة حضرية و في إطار
جمعوي محض ،إضافة إلى انعقادها في فضاءات مغلقة مما يجعل عملية التواصل مع
العموم محصورة ،في الوقت الذي يجب أن تكون آلية المرافعة موجهة ألصحاب القرار
السياسي لتأثير عليهم لغرض دفعهم إلتخاذ إجراءات عملية إتجاه تقوية الحضور السياسي
للنساء بالمغرب و لهذا اعتمدت الحركة من أجل الثلث في أفق المناصفة اإلستراتيجية
التالية:
الضغط على الفاعلين السياسيين:
بعد أن حددت الحركة مذكراتها المطلبية بلغة قانونية واضحة و حددت مكامن الخلل،
وصاغت مطالبها بشكل واضح رفعت هذه المذكرات للفاعلين المدنين(الجمعيات) و بعض
الشبيبات الحزبيـة و القطاعـات النسائية لألحزاب بهدف التوقيع عليها ،و كمرحلة ثانية
ترافعت بشأن هذه المذكرات أمام صانعي القرار السياسي و ذلك عبر مرحلتين:
المرحلــة األولـــى :ضغطت الحركة على القطاعات الوزارية (الوزارة األولى ،وزارة
الداخلية ،وزارة التنمية اإلجتماعية) التي لها صلة مباشرة بمدونة اإلنتخابات و الميثاق
الجماعي.
218
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
فـي المرحلـة الثـانيـــة :ضغطت على األحزاب السياسية و الفرق البرلمانية باتفاق مع
منتدى النساء البرلمانيات.
من خالل هاتين المرحلتين عملت الحركة من أجل الثلث إلى عقد لقاءات مع مسؤولي
القطاعات الوزارية الثالث ،كانت نتائجها محدودة و قد تبين ذلك من خالل التقارير
الصادرة عن هذه االجتماعات ،حيث أوضحت الحركة أن المسؤولين الحكوميين أبانوا عن
تعاطفهم مع مطالب الحركة النسائية لكن بمستوى شخصي لم يرقى إلى مستوى القرار
السياسي الداعم لمطالب الحركة ،و من جهة أخرى تميزت لقاءات الحركة مع األحزاب
السياسية بطابع المرافعة المباشرة إتجاه تقوية حضور النساء بمراكز القرار السياسي داخل
الهيآت السياسية مع اعتماد إجراءات مباشرة ،خاصة خالل اإلنتخابات من خالل دعم
النساء في قائمة اللوائح اإلنتخابية لكن ردة فعل غالبية األحزاب تميزت بالتحفظ نظرا
إلعتمادها إستراتيجية المقاعد بدال من اعتمادها مقاربة النوع االجتماعي ألنه بالنسبة إليها
تبقى النتائج اإلنتخابية هي الهدف لضمان تموقع جيد على الساحة السياسية.
عموما أبانت آلية المرافعة نجاعتها من خالل اعتمادها للتفاوض مع أصحاب القرار
السياسي ،إّال أن اقتصار هذه اآللية خـالل الفتـرات االنتخابيـة هو العامل الذي يحد من
نتائجها ،و بالتالي نعتقد أن إعتماد هذه اآللية من طرف الحركات النسائية بشكل دائم
وعلى مختلف المستويات سيمنح لقضية التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب متعاطفين جدد
شريطة إتباعها في كامل المجال الجغرافي المغربي عبر استقطاب الكوادر النسائية محليا
وتشجيعها للدفاع عن هذه القضية مع مختلف المتدخلين في الشأن العام حتى ترقى إلى
مستوى نقاش وطنـي تدفع باقي الفاعليـن كاإلعـالم و مؤسسـات التنشـئة االجتماعيـة
لممارسـة دور الدعامـة
إتجاه القضايا النسائية.
الفقــرة الثانيــة :الكوطا آلية لتجاوز معيقات التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب.
219
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إذا كان الواقع اإلجتماعي بموروثه الثقافي و تراكماته التاريخية إضافة إلى ضعف
اهتمام المرأة بالعمل السياسي إجماال ،ال يسمح للمرأة بتحقيق المساواة الفعلية رغم عطائها
في مختلف المجاالت العملية و العلمية ،ورغم الضوابط القانونية التي تؤكد على حقوقها
في هذا الشأن فإن عددا من الدول إتبعت سبال و شروطا قانونية مرحلية حاولت من
خاللها تجاوز هذه اإلكراهات و المعيقات لإلنتقال من المساواة القانونية الشكلية إلى
المساواة الواقعية الفعلية ومن تكافؤ الفرص إلى تكافؤ النتائج.
و يندرج نظام الحصص أو "الكوطا" ضمن هذا اإلطار ،و هي تقنية تنحو إلى توفير
فرص لعدد من الفئات األقل حظا داخل المجتمعات من قبيل النساء و السود و األقليات و
122
ذوي االحتياجات الخاصة.
و هي تتنوع بين عدة أصناف فهناك نظام الحصص المحدث بموجب الدستور ،ونظام
الحصص المحدث بمقتضى القانون اإلنتخابي ،و هما معا يسمحان بتنافس النساء على عدد
أو نسبة من المقاعد المخصصة ،ثم نظام الحصص الحزبي الذي يقتضي بترشيح نسب
محددة من النساء في اللوائح اإلنتخابية المحلية أو البرلمانية ،و يمكن لهذا األخير أن يكون
إختياريا في سياق توافقي أو إجباريا بموجب نص قانوني ،حيث حظيت هذه التقنية
بإهتمـام ملفـت داخـل مختلف األقطار المتقدمة منها و النامية ،والتــي ضمنتها في دساتيرها
أو قوانينها االنتخابية أو الحزبية ،و تشير الدراسات و التقارير المرتبطة بهذا الشأن إلى
تنامي اللجوء إلى هذه التقنية في ظل التطورات التي طالت حقل الديمقراطية و حقوق
اإلنسان في العقدين األخيرين ،على عكس المناصفـة الذي يكـاد يقتـصر تطبيقـها على
النمـوذج الفرنسي و القوانين الداخلية لبعض األحزاب اليسارية في أوروبا الغربية ،و التي
تقضي بالمساواة في التمثيل داخل مختلف المؤسسات ومراكز إتخاذ القرارات بين
الجنسين ،و يعود السبب في ذلك إلى مرونة نظام الحصص "الكوتا" ،وإ لى مراعاته للواقع
السوسيو ثقافي للدول التي تعتمده.
122د /إدريس لكريني :نظام " الكوطا" و واقع المشاركة النسائية في البرلمان مجلة الشعلة التحوالت المجتمعية بالمغرب اليوم عدد
12يناير 2010ص .38
220
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
و تؤكد الدراسات و األبحاث المرتبطة بهذا الشأن أن أزيد من 80دولة تعتمد هذا النظام
على إمتداد مناطق مختلفة من العالم في كل من إفريقيا( :ج .إفريقيا ،اريتيريا ،غانا،
السنغال ،رواندا ،بوركينا فاسو )...و أمريكا اللتينية( :األرجنيتن ،البرازيل ،المكسيك)...
وفي أروبا( :اسبانيا ،بريطانيا ،بلجيكا )...و آسيا ( :بنغالديش ،باكستان ،سريالنكا،
الفلبين ،أندونيسيا.)...
غير أن 15دولة فقط من بين الدول التي إختارت هذا النظـام هي التي استطاعت
أن تتجاوز النسبة الحرجة المحددة في 30بالمائة ،و هناك 30دولة فقط تجاوزت نسبة
20بالمائة ،و توجد 45دولـة زادت مشاركـة النسـاء فيها على 15بالمائة عن طريـق
قوائـم األحـزاب ،و إذا كانـت العديد من المواثيق و اإلتفاقيات الدولية و الدساتير و
التشريعات الوطنية قد أكدت على حق المساواة في المشاركة السياسية فإن اآلراء الفقهية
بصدد هذه التقنية "الكوتا" تباينت بين متحفظ و معارض من جهة و بين متحمس و مؤيد
لها من جهة ثانية.
أوال :اإلتجـــاه المؤيـــد آلليــة "الكوطــا ".
يعـزز هـذا اإلتجـاه مواقفـه بمجموعـة من المـرتكـزات و المبـررات ،فهـو يـرى فيـها
وسيلـة لتجـاوز مختلف الحواجز و المعيقات العلني منها و الخفي باتجاه تحسين أوضاع
النساء اإلقتصادية و اإلجتماعية كمدخل لالنتقال من الصيغة النظرية لتكافؤ الفرص إلى
واقع ملموس إلنعاش المشاركة السياسية بشكل عام ،و كذلك تجاوز ضعف التمثيلية
السياسية للمرأة في البرلمان و المجالس المحلية بشكل خاص ،وال يعتبرها رواد هذا
اإلتجاه تمييزا ضد الرجل بل تعويضا للمرأة عن التمييز السياسي الذي يطالها و الذي
يجسده ضعف أو إنعدام حضورها في المشهد السياسي بشكل عام.
و يعتقـد جانـب مهم داخـل هذا اإلتجاه أن المقومات الثقافية و السياسية في عدد من البلدان
النامية التي تندرج الدول العربية ضمنها ال تسمح بتكريس مشاركة فعالة للنساء من خالل
مدخــل الممارسـة الديمقراطيـة المبنيـة علـى تكافـؤ الفرص و التباري بصفة مباشرة مع
221
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الرجل ،مما تظل معه العديد من الفعاليات النسائيـة الكفأة في مختلف الميادين و المجاالت
مبعدة و مقصية من المساهمة في تعزيز المشهد السياسي و التأثير في القرارات الحيوية
لبلدها ،و بذلك تظل المرأة بحاجة إلى تحفيز و دعم قانوني إستثنائي مرحلي يسمح
بتطوير الثقافة السياسية و تذليل العقليات أمام مشاركتها بما يؤهلها لتعزيز حضورها في
المؤسسات التشريعية و تحقيق المساواة الواقعية في أفق توفير األجواء النفسية و السياسية
التي تسمح بإنخراطها في تنافس ندي مبني على الكفاءة إلى جانب الرجل.
ثانيـــا :اإلتجـــاه الرافـــض لنظــام "الكوطا".
يرفض هذا اإلتجاه آلية الكوطا معتبرا إياها تتنافى مع مبدأ المسـاواة بين المواطنيـن و
تتناقض مع مبدأ تكافؤ الفرص ،فأصحاب هذا االتجاه يعتبرونه تدبير غير ديمقراطي يمنح
النساء حقوقا إعتمادا على النوع ال الكفاءة ،بل إن هناك من يعتبره حيفا في حقها و يعبر
عن تخوفه من أن يؤثر إعتماد هذه التقنية سلبا عن نضال المرأة باتجاه التحسين الجدري
ألحوال مشاركتها السياسية في المستقبل.
و قد إعتبره البعض تشويشا على الممارسة الديمقراطية من حيث أنه يفرض على الناخبين
مسبقا اإلختيار بين مرشحات فقط فيما يؤكد آخرون من ضمن نفس اإلتجاه أن معرفة
نتائج اإلنتخابات مسبقا و لو بشكل جزئي على مستوى تمثيلية النساء ،يفرغ الممارسة
الديمقراطية من محتواها ،والتي تقتضي خوض المنافسة بناء على برامج و كفاءات ال
على قرارات و تدابير فوقية تمنحها نوعا من المفاضلة في مواجهة الرجل ،ومن أبرز
دفوعات االتجاه الرافض لهذا الخيار أن منطق العدالة و الديمقراطية يفرضان ولوج
المرأة إلى البرلمان و مختلف المجالس المحلية من خالل الخضوع للضوابط المعمول بها
بالنسبة للرجل أيضا ،و إقناع الناخبين بعيدا عن أي إجراءات تجانب مبدأ تكافؤ الفرص،
و بغض النظر عن هذه المواقف فإن المشاركة السياسية للمرأة تظل مطلبا ملحا ،ذلك أن
تعزيز الخيار الديمقراطي و التنمية الحقيقية التي تركز على اإلنسان بإعتباره وسيلة و
هدفا ،ال يمكن أن تتحقق دون اإللتفات لنصف المجتمع الذي تشكله المرأة ،إال أننا نؤكد أن
222
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المرأة المغربية تتحمل قسطا من المسؤولية في ضعف مشاركتها في هذا الصدد نتيجة
عدم مباالتها بالشأن السياسي ،إال أنه هناك أيضا مجموعة من العوامل األخرى التي
تتحملها الدولة و المجتمع و تسهـام في تفشي الظاهرة من قبيل تعرضها للعنف بجميع
مظاهره و الفقر و األمية ،كما أن األحزاب السياسية ال تتيح فرصا كافية لتعزيز مكانة
المرأة في الحقل السياسي بشكل عام و إقتصار حضورها في قطاعات محدودة التأثير.
لقد أكد الدستور المغربي لسنة 2011في فصليه 19و 30على الحقوق السياسية للمرأة
سواء في التمتع بالحقوق و الحريات المدنية و السياسية .....على قدم المساواة بين الرجل
و المرأة مع الحق في الترشيح و ولوج الوظائف اإلنتخابية ،غير أن واقع الحال أثبت أن
هذه المساواة ثم إختزالها ميدانيا في حق التصويت بينما ظلت تمثيلية المرأة محدودة.
و دون اإلسهاب في األمور التقنية و التي ستكون نتائجها موحدة ،بإعتبار أن إعتماد نمط
اإلقتراع بالالئحة هي اآللية الوحيدة التي من خاللها يمكن للنساء بالمغرب الرفع من
تمثيليتهن السياسية ،لكن اإلشكالية الحقيقية تكمن في نسبة التمثيلية التي يحققها هذا النمط
من اإلقتراع ،ألن مطالب الحركات النسائية الداعية إلى تخصيص ثلث المقاعد المنتخبة لم
تتحقق سوى بنسبة %12,33بالنسبة لإلنتخابات المحلية و %17بالنسبة لإلنتخابات
التشريعية ،الشيء الذي سيخلق إشكالية حقيقية في اإلنتخابات المحلية القادمة لسنة 2015
بإعتبار أن تنصيص الدستور المغربي لمبدأ المناصفة مع عدم إصدار قوانين تنظيمية
تؤطر هذا المبدأ ،سيؤدي ال محالة إال خلق إشكال دستوري ،بل أن السلطات التنفيذية لم
تقترح أجندة تشاورية لحد اآلن مع الحركات النسائية لوضع تصور مستقبلي متوافق حوله
من طرف جميع المتدخلين ولتجاوز اإلختالالت الدستورية التي يمكن أن تقع فيها هذه
اإلنتخابات وغيرها.
223
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تعتبر المرأة في المغرب شريكا أساسيا في تحقيق أهداف التنمية ،و مساهما فاعال في
تطور المجتمع ،و لتكريس هذا النهج وضع المغرب استراتيجيات و خطط لدعم النساء و
تأهيلهن للقيام بأدوارهن كاملة في النسيج المجتمعي ،كما واكب كل الخطوات التي قام بها
المجتمع الدولي للنهوض بأوضاع النساء (المصادقة على المواثيق و المعاهدات الدولية
بشأن قضايا المرأة) والتي توجت بإنخراطه في أهداف األلفية من أجل التنمية ،كما سجلـت
العشـريتان األخيـرتان حضورا للنساء كما و نوعا في مجموعة من القطاعات االقتصادية
و االجتماعية و حتى السياسية ،كما تشكل إقرار مدونة األسرة حدثا بارزا من خالل إقرار
تغييرات هامة أعطت للمرأة مكانة هامة داخل التركيبة األسرية ،كما عمل المغرب على
مالئمة ترسانته القانونية (مدونة الشغل ،القانون الجنائي ،المسطرة الجنائية ،قانون
الحالة المدنية قانون الجنسية )...لصالح إرساء مبدأ المساواة و إنصاف المرأة.
إال أن الـرغبـة المـلحـة فـي تأهيـل األدوار اإلجتماعيـة و السياسية للنساء لم يواكبها تطور
في الخطاب اإلعالمي الذي ظل في جزء كبير منه مقصرا في متابعة هذه التغييرات،
حيث ما زالت بعض وسائل اإلعالم تمرر خطابات تكرس النظرة الدونية للمرأة ،و تمعن
في فصل عالمها عن عالم الرجل و تحصرها في أدوار إجتماعية نمطية ال تراعي المكانة
التي بدأت تحتلها النساء في المجتمع كفاعالت في التنمية المجتمعية مع إختالف
مستوياتها ،باإلضافة إلى األدوار التي يمكن أن يلعبها اإلعالم بكل أشكاله في تحسين
صورة النساء داخل المجتمع ،نعتبر أن لمؤسسات التنشئة اإلجتماعية (كالمدرسة ،األسرة،
و جمعيات المجتمع المدنـي) دورا رئيسيـا و أساسيـا في التربية على المساواة و المواطنة
لما لهذه المفاهيم من تأثير على الناشئة ألن رهان المساواة و المواطنة أصبح أمرا ملحا
للتعايش بين أفراد المجتمعات اإلنسانية ،و يكون له دور أساسي في تقبل مكونات المجتمع
بإختالف أجناسهم و أعمارهم و تكوينهم ونقترح خالل هذه الفقرة أن نبرز هاذين المكونين
األساسيين لما لهما من تأثير مباشر على التمثل المجتمعي إتجاه المرأة ،باإلضافة إلى
رهان تقبل النساء في مراكز القرار و العمل السياسي.
224
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
فكيف يمكن لإلعالم لعب دور المحفز للنقاش العمومي في موضوع التمثيلية
السياسية للنساء بالمغرب؟ و ما هي اآلليات التي يمكن إعتمادها للتحسيس في هذا
الشأن؟
و ما هي األدوار التي يمكن لمؤسسات التنشئة االجتماعية و السياسية القيام
بها اتجاه تحسين صورة المرأة المغربية و إبرازها كفاعل سياسي و طني؟
123
الموقع االلكتروني .www.wicam.gov.ma
225
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
من خاللها المرأة في اإلعالم المغربي عامة و اإلعالم العمومي عل ــى وج ـ ـ ــه الخص ـ ــوص
تعك ـ ــس ص ـ ـ ــورة نمطيـ ــة سلبي ـ ـ ــة
و تمييزية تحجم من دورها و مكانتها في المجتمع ،و أضاف السيد الخلفي خالل هذا اللقاء
أن الجهود المبذولة لمحاربة الصورة النمطية للمرأة سواء في البرامج أو األخبار
"محدودة" معتبرا أن البرامج المرتبطة بقضايا المرأة و التي تناقش على مستـوى اإلعـالم
العمومـي ليسـت برامـج تهم المرأة ،و إنما تهم القضايا المرتبطة بها (كشؤون البيت) ،كما
أن حضورها في القضايا المتعلقة بوجودها اإلجتماعي "محدود إن لم نقل منعدم" من خالل
هذا التصريح الذي جاء على لسان الوزير الوصي على القطاع نستشف أن اإلعالم
الوطني ال يرقى إلى األدوار التي يمكن أن يلعبها لرفع التهميش التي تعاني منه المرأة
المغربية ،و إلى حدود اآلن لم يرقى اإلعالم الوطني بنفسه إلى مستوى الميثاق الوطني
الذي يهدف إلى الرفع و تثمين صورة المرأة عامة ،حيث جاء هذا الميثاق بمجموعة من
المقتضيات التي نعتبرها متقدمة مقارنة بالمنتوج الحالي لإلعالم ،و أهم مقتضياته يمكن
تلخيصها فيما يلي:
احترام كرامة النساء في مختلف الوسائط و المنتجات اإلعالمية.
تعميم منظور النوع االجتماعي و دمجه في السياسة اإلعالمية الوطنية.
تعبئة الفاعلين اإلعالميين و السياسيين و اإلجتماعيين و اإلقتصاديين من
أجل حثهم على إقرار ثقافة المساواة بين الجنسين و الدفاع عنها و تصميم جميع
الوسائط اإلعالمية و إنجازها.
تكريـس ثقافـة إعالميـة تعتمـد مبادئ حقوق اإلنسان و إحترام كرامة المرأة و
مناهضة كل أشكال التمييز أو اإلقصاء.
من خالل هذه المقتضيات يتضح لنا وكما أشرنا سابقا أنها متقدمة مقارنة بالواقع الحالي
الذي يروج صورة المرأة و يحصر أدورها فيما هو تقليدي ،مما ينسج نظرة دونية ال
226
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ترقى إلى مستوى استيعاب المرأة من لدن الجمهور على أنها فاعلة سياسية أو اقتصادية
مما ينعكس سلبا على مستوى تمثيليتها ومكانتها داخل المجتمع.
و لمواجهة هذا الواقع شرعت وزارة اإلتصال في سنة 2004بتنظيم دورات تكوينية
لفائدة أطر الوزارة و بعض الفاعلين اإلعالميين ،أفضت إلى إحداث لجنة متابعة المساواة
على أساس النوع االجتماعي في وسائل اإلعالم ،إال أنه و من وجهة نظرنا يستلزم على
الهيئة العليا لإلتصال السمعي البصري أن تفرض "كوطا" إعالمية على القنوات التلفزية
من أجل إبراز قضايا المرأة من خالل برامجها المتنوعة ،مع إلزام هذه القنوات على عدم
بث كل ما من شأنه أن ينقص من المرأة أو يبرز دونيتها.
و خالصة القول يمكن اعتبار اإلعالم و خاصة السمعي البصري يتبوأ مرتبة مهمة في
مجال طرح القضايا و مناقشتها و التأثير على العامة فيها ،لدى فتصورنا لهذا الفاعل
يلقى دعائمه لقوته و فعاليته ،فأطروحتنا في هذا الباب تسير نحو اعتماد مقاربة إعالمية
هدفها تحفيز النقاش العمومي إتجاه قضايا المرأة ،و إبراز النماذج الناجحة منها مع
الحرص على الحضور النسائي بمختلف البرامج التلفزية و اإلذاعية مع التحسيس بأهمية
المرأة و إبراز كفاءاتها للمواطنين ،حتى نؤسس لثقافة مجتمعية مبنية على التنوع و
اإلختالف أساسها الرجل و المرأة هدفها تجاوز الصور النمطية و التقليدية مبتغاها الحداثة
مع احترام الخصوصيات الوطنية المغربية.
لكن هذه األهداف ال يمكن تحقيقها دونما مشاركة فاعلة للمسؤولين على هذا القطاع دون
االقتصار على وصف الوضعية الراهنة و إبراز مكامن الخلل بها ،ألن األدوار تتوزع كل
حسب موقعه ،لدى يجب على المسؤولين الحكوميين اإللتزام بمقتضيات البرامج التي
يصنعونها حتى يمكن للقطاع الخاص في هذا المجال اإلنضمام لهذه األهداف دون تحفظ
أو تراجع ،كما أن على الصحافة الحزبية لعب دور هام في هذا اإلتجاه باعتبارها صحافة
تعبر عن قناعاتها لقطاع مهم داخل المنظومة الحزبية المغربية غير أن األحزاب السياسية
و مرة أخرى و من خالل صحافتها تبرز عدم اإلهتمام بمثل هذه القضايا ألن هدفها
227
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
إذا كان موضوع بحثنا يتطرق لموضوع التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب و ما
يتضمنه من أفكار و آليات وجب إتباعها لبلوغ الهدف المنشود للحركات النسائية المغربية
و المتمثل في إنصاف المرأة من النظرة الدونية التي الزالت تعاني منها خاصة على
المستوى السياسي ،مم دفعنا خالل هذه الفقرة إلى إقتراح إحدى التبويبات التي نعتبرها
أساسية لتجاوز هذه المعيقات وما يمكن أن تلعبه مستقبال فيما يخص هذا الموضوع ،و
إيمانا منا لما للتنشئة اإلجتماعية من أدورا مباشرة إتجاه المواطنين و التأثير على نظرتهم
إتجاه القضايا المجتمعية ،خاصة في مجال التشبع بمبادئ المساواة و المواطنة الحقة و
لهذه األسباب مجتمعة سنعمل على إبراز أهمية هذه اآللية داخل المجتمعات اإلنسانية ،و
األدوار المباشرة التي تلعبها في توجيه الرأي العام من خالل إنتاج مجتمعات إنسانية مبنية
على اإلنفتاح وتقبل اآلخر رجال كان أو إمرأة.
أوال :تعــريـف التنشئــة االجتماعيــــة.
كما هو الحال في المصطلحات اإلجتماعية فإنه ال يوجد تعريف جامع لمفهوم التنشئة
االجتماعية ،و لكن من الممكن أن تعرف التنشئة االجتماعية على أنها منظومة العمليات
التي يعتمدها المجتمـع في نقـل ثقافتـه بما تنطـوي عليه من مفاهيم و قيم و عادات و تقاليد
و هناك من يمزج بين مفهومي التنشئة االجتماعية Socialisationو 124
إلى أفراده،
مفهوم التنشئة الثقافية culturationحيث ينشأ الفرد داخل إطار الثقافة و يمارس القيم
124
علي أسعد ووصفه ،التنشئة االجتماعية و دورها في بناء الهوية عند األطفال مجلة الطفولة العربية 8 2007ص .93
228
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
و 125
الثقافية للمحيط الذي ينتمي إليه فتنتقل إليه الخبرات من جيل اآلباء إلى جيل األبناء،
هنـاك من يرى بربط المصطلح و يترجمه إلى ما يسمى بالتطبيع اإلجتماعي ،و يعتبر دور
كايم أول من إستخدم مفهوم التنشئة اإلجتماعية بالمعنى التربوي و هو أول من صوغ
المالمح العلمية لنظـرية التنشئة اإلجتماعية ،و يقول دور كايم بصدد تعريفه لغاية التربية
" إن اإلنسان الذي تريد التربية أن تحققه فينا ليس هو اإلنسان على غرار ما أودعته
الطبيعة ،بل اإلنسان غرار ما يريده المجتمع".
فالتنشئة هي العملية التي يتم فيها و من خاللها دمج ثقافة المجتمع في الفرد و دمج الفرد
في ثقافة المجتمع ،أما فرويد ،فيرى بأن التفاعل الذي يتم بين األنا األعلى و الهو عبر
تدخل األنا يمثل الجانب األساسي في عملية التنشئة اإلجتماعية ...و من جانب آخر تعرف
التنشئة اإلجتماعية على أنها "...عملية التفاعل التي يكتسب فيها الفرد شخصيته
و هي مجموعة من العمليـات التـي يكتسب الفرد 126
اإلجتماعية التي تعكس ثقافة مجتمعه،
من خاللـها االتجاهـات و القيـم و السلوك و ذلك لكون الفرد ينتمي إلى كينونة ثقافية داخل
المجتمع الذي ينتمي إليه ،و اآلباء هنا هم المسؤولون المباشرون و يعتبرون القوة األكبر
لعملية التنشئة من خالل تعليمهم ألبنائهم التي يفترض أن تتم ممارستها من عدمه و التي
من الممكن أن تختلف من ثقافة إلى أخرى ،و أن هذه العملية تعرف على أنها عملية
للتفاعل االجتماعي التي تستمر مع األبناء طيلة حياتهم ،فاكتساب المعرفة و اإلتجاهات و
فيما يكسبه 127
القيم و أنماط السلوك األساسية يتم اكتسابها و تستمر مع الفرد طيلة حياته
الفرد في بداية حياته من مفاهيم عامة تظل مترسخة معه عند الكبر.
فالتنشئة االجتماعية وفق ما سبق عبارة عن تداخل لمفاهيم اجتماعية نفسية و تربوية
تصب جميعها في إطار ثقافة المجتمع ،و بالتالي فهي غرس ثقافي لألجيال من خالل
125يعقوب يوسف الكندري ،الثقافة و الصحة و المرض :رؤية جدييدة في األنثروبولوجيا المعاصرة ،الكويت ،مجلس النشر
العلمي ،جامعة الكويت 2003ص 30
126فوزية يوسف العبد الغفور و معصومة أحمد ابراهيم ،أساليب التنشئة االجتماعية في مرحلة الطفولة المبكرة عند األسر ،المجلة
العربية للعلوم اإلنسانية 100 -64 :54 ، 1998 ،ص .62
127
Jame Zaden, Tbe social Experience NEW York :ME Graw Mill Rublishing campany ,1990 P184
229
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
آبائهم و هي نقل للعناصر الثقافية بكل معانيها و بشقيها المادي و الالمادي إلى األبناء ،و
إذا ما كانت هذه التنشئة متوازنة فإن األبناء سيكونون متكيفين مع الوضع اإلجتماعي
السائد داخل المجتمع.
لقد حاولنا اإلسهاب في تعريف مفهوم التنشئة اإلجتماعية إيمانا منا بالدور الهام الذي يمكن
أن تراهن عليه الحركات النسائيـة المغربيـة من خالل هذه اآللية للتأثير على الناشئة و
تمرير خطابها و ثقافة التعددية و اإلختالف التي تدافع عنها حتى يتنسى للمجتمع المغربي
مستقبال استيعاب نسب متقدمة من النساء في مراكز القرار و خاصة السياسي منه ،فرهان
الرفع من التمثيلية السياسية بالمغرب ال يقتصر على اآللية القانونية وحدها و هذا تبث
على أرض الواقع ،بل من الواجب تهيئة مجتمع يؤمن بقـدرات جميـع مكوناتـه عبـر إشباعـه
بقيـم المسـاواة و المواطنـة ،و رأيـنا في هذا اإلتجـاه ضرورة اإلعتماد على التعليم و اإلعالم
كآليتان أساسيتان تستهدفان أجيال المستقبل و بشكل مباشر بهدف اعتماد طرق بيداغوجية
و تربوية تصبوا اإلشراك ال اإلقصاء.
لقد حاولنا من خالل تعريفنا لمفهوم التنشئة االجتماعية أن نبرز األدوار المهمة التي
يمكن أن تلعبها هذه اآللية لنشر مبادئ المساواة و المواطنة لدى الناشئة ،خاصة و أن
هاذين المبدأين لهما تأثير مباشر في عملية تقبل النساء في مراكز القرار خاصة السياسية
منها و كمرحلة ثانية في هذه الفقرة سنعمل على توضيح ما يمكن أن يلعبه هاذين
المفهومين من حيث تطوير نظرة العموم اتجاه قضايا المرأة المغربية.
دور مفهوم المواطنة في إقرار مبدأ المساواة:
تتسع كلمة المواطنة للعديد من المفاهيم و التعريفات بعضها لغوي و بعضها سياسي و
اآلخر ثقافي.
الجذر اللغوي لمفهوم المواطنة يجعلها ذات صلة بمادة "وطن" مما يوحي
بأنها ترتبط بالوطن بما يعنيه من مجال من الدالالت العامة على نحو ما ستوضحه
باقي التعاريف.
230
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
كما تعني المواطنة في دالالتها السياسية صفة للمواطن الذي يتمتع بالحقوق
و يلتزم بالواجبات التي يفرضها عليه انتماؤه إلى الوطن.
و ترجع كلمة مواطنة Citizenإلى األصل اإلغريقي Civisالتي تعني الشخص القاطن
في المدينة ،Civitasلذلك تقترب الكلمة Civisمن كلمة Civilالتي تعني مدني و ترتبط
كلمة (مدني) بدورها بمجتمع ينظم العالقـة بين المواطنين و بين الدولة حسب القانون ،و
هو ما يعني أن كلمة المواطنة ترتبط في جزء من دالالتها بالقيم المدنية المحملة بمعاني
المشاركة و التعايش و احترام الحقوق بكل أنواعها .128
و من شروط المواطنة الحقة وجود سياق ديمقراطي يضمن للمواطن عموما و
النساء و الشباب خصوصا أن يكونوا أكثر فاعلية و أكثر مردودية ،و أكثر وعيا
باإللتزامات التي عليهم تجاه مجتمعهم و تجاه اآلخرين ،بينما يقود السياق الغير
الديمقراطي إلى ترسيخ العدوانية و اإلفراط في الذاتية و نبذ اآلخر و غيرها من
المسلكيات السلبية.
و هكذا يكون للسياق الديمقراطي أكبر األثر على تفعيل قيم الديمقراطية التي تقرب:
المساواة السياسية بين كافة المواطنين و المواطنات. -1
سيادة المواطنين بإعتبارهم المرجعية األولى لكافة المؤسسات. -2
التأكـد على حكم القانون و سيادته و تطبيقه على الجميع و بشكل متساوي. -3
ضمان الحريات و الحقوق المدنية و السياسية للمواطنين . -4
إن هذه اآلليات و القيـم التـي تطرقنا إليها سابقا ستفضي و بشكل مباشر إلى عملية
المشاركة السياسية للنساء ،ويعتبر هذا األمر رهان الحركات النسائية المغربية غير أن
عملها بشكل كالسيكي إتجاه قضية التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب مع تحفظ الفاعلين
السياسيين و خاصة األحزاب السياسية المغربية أدت إلى هذه النتائـج التي نعتبـرها محـدودة
128
دليل الشباب و المواطنة ،منشورات منتدى المواطنة 2011ص 7
231
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
من حيـث الكـم و الكيف ،وبالتالي يمكن إعتبار أن هذه المقاربات قد يكون لها دور الدعامة
للحركـات النسائيـة وإلشكاليـة التمثيليـة السياسيـة للنساء على وجه الخصوص.
فالمغزى الذي تنطوي عليه هذه المفاهيم هو باختصار العمل على مزيد من
التمكين و اإلنصاف و المساواة للمرأة ،باعتبـار أن تجربتها في التأثير على عملية التحول
االجتماعي و االقتصادي و السياسي و حتى العقالني ثابتة تاريخيا في كـ ـ ـ ــل المجتمع ـ ـ ـ ــات
و العصـ ــور،
و حتى يتسنى للمرأة االضطالع بدورها في معركة البناء و التنمية ،و ذلك من خالل
الربط الوثيق بين قضيتها و قضية المجتمع ككل ،سواءا على المستوى السياسي أو
االقتصادي أو اإلجتماعي و السعي إلخراج قضيتها (التمثيلية السياسية) من مجالها
النسوي المحض إلى مجال التوازن المجتمعـي المتوقـف على تـوازن األدوار و الوظائف
بين الرجل و المرأة.
خــــــــــاتـــمــــــة
232
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
في كثير من األحيان و بحكم طبيعة بعض المواضيع المتعددة األبعاد و المداخل،
كموضوع هذا البحث ،يصعب صياغة خاتمة شافية و خالصات نهائية ،إال أن ذلك ال
يمنع من عرض بعض الخالصات و اإلستنتاجات في ضوء الفرضتين اللتان شكلتا
خارطة طريق بحثنا هذا ،حيث انطلقنا من أن التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب تع ـ ـ ــاني
من ع ـ ــدة صعوبـ ـ ــات ،و حاولنا على مدى فصول و مباحث هذا العمل ايجاد بعض
المتغيرات المفسرة لها و بسطها و تحليلها.
لعل أول تلك الخالصات ،هو أن البحث في موضوع حقوق المرأة بصفة عامة و
حقوقها السياسية بصفة خاصة ،رغم بعض الدراسات و األبحاث في هذا الشأن إال أنه لم
يستنفذ بعد كل الطروحات و اإلشكاليات ،مما يؤكد أهمية الموضوع و ثرائه ،سواء من
وجهة نظر المشتغلين بميدان السياسة أو ممارسيها.
كما أن اشكالية التمثلية السياسية ال يمكن عزلها عن باقي القضايا األخرى ،من قبيل
االنتقال الديمقراطي و اإلصالح بأبعاده المختلفة و حقوق اإلنسان.
233
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
وأهمية الموضوع تتجلى أيضا في تنوع المرجعيات الفكرية التي جعلت من المرأة
موضوعا محوريا في بناء تصوراتها للديمقراطية و النظام اإلجتماعي ،حيث أن منها من
يرى أن دور المرأة يقتصر في بناء األسرة و رعاية األطفال ،و منها من يجعلها فاعال
اقتصاديا و أحد المكونات األساسية للقوى العاملة و أن دورها األساسي هو المساهمة في
بناء ديمقراطية البلورتاريا و إنجاح الثورة على األنظمة الطبيقة ،و هناك إتجاه آخر من
يرى في المرأة كائن قادر على القيادة السياسية و أنها أحد الفاعلين األساسيين في الحياة
السياسية.
فتطور دور و مكانة المرأة في الحياة السياسية كان أيضا نتيجة تطور دورها في
المجال اإلقتصادي ،حيث أصبحت تشكل قوة إنتاجية مما منحها إستقاللية مالية ،باالضافة
إلى استفادتها من تعميم و دمقرطة التعليم مما ساهم في ارتقائها اجتماعيا.
كل هذه التطورات ستجد صداها في المواثيق و العهود الدولية لحقوق اإلنسان التي
أكدت على مبدإ المساواة و اإلعتراف بحقوق المرأة في المشاركة السياسية ،بل أن
المنتظم الدولي أصدر إتفاقيات دولية خاصة تدعم و تحمي حقوق المرأة السياسية و
تحميها من كل أشكال التمييز التي يمكن أن تحول دون مشاركتها في العمل السياسي أو
أن تحرمها من تمثيلية سياسية تعكس مكانتها في المجتمع و زكاها ببرتكوالت ذات أهمية
بالغة ،و نظرا ألهميتها أصبحت تلك المواثيق و العهود و البرتكوالت مرجعية كونية
إلتزمت بها المملكة المغربية و صادقت عليها ،إال أن حقيقة األمر ال تنمعنا من القول بأن
المغرب حقق عدة مكتسبات و أظهر تفاعال إيجابيا مع تلك المرجعيات و المعا يير
الدولية ،و هو ما يتضح من خالل مشاركة المغرب في كل المؤتمرات الدولية و اإلقيليمة
التي نظمت حول قضايا المرأة ،إال أن أن ما يؤاخذ على المملكة المغربية هو أن
القوانين الوطنية لم ترقى بعد إلى المرجعيات الدولية التي إلتزم بها المغرب و لم يالئمها
معها.
234
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
أما على مستوى أداء الفاعلين فيما يخص تمكين المرأة من حقوقها السياسية و ترجمة
التزامات المغرب الدولية في هذا المجال ،الحظنا بأن هناك تفاوت في درجات االلتزام و
قوة المبادرات ،فسجلنا بذلك أن الملك بإعتباره الفاعل الرئيسي و المحوري في النسق
السياسي المغربي كانت لمبادراته إشارات قوية على بداية التغيير إتجاه إشراك مشرف
للمرأة المغربية داخل المشهد السياسي المغربي ،وخير دليل على ذلك هو الخطاب الذي
وجه للمشاركين في المنتدى العالمي لحقوق اإلنسان بمراكش خالل هذه السنة ،و ما
تضمنه من توجيهات ملكية لرغبة المغرب في خلق لجنة إستشارية لتنزيل مبدأ المناصفة.
أما على صعيد الحكومة :كانت مبادراتها و تصريحاتها تنطلق من الخطب و التعليمات
الملكية ،كما أن حضور المرأة في تشكيلتها لم يكن في خط تصاعدي ،بل أن في حكومة
بنكيران في نسختها األولى التي جاءت في ظل متغيرات قوية و دستور جديد حضيت
فيها سيدة واحدة فقط بحقيبة أعتبرها العديد من المتتبعين تكريس للصورة النمطية لوظيفة
المرأة في المجتمع.
أما على صعيد المؤسسة التشريعية ،فالتمثيلية السياسية للنساء تتيمز بضعف حضور
المرأة في مناصب قيادة الفرق البرلمانية و اللجان الدائمة و شبه غياب على مستوى
مجلس المستشارين.
و بالنسبة لألحزاب السياسية فرغم أن خطاباتها تؤكد على دور المرأة و على ضرورة
منحها فرصة المشاركة في صنع القرار السياسي ،وأن بعضها يتوفر على هيئات نسائية
فالزالت المرأة ضعيفة الحضور في هياكلها التقريريةعلى مستوى مكاتبها السياسية و
اإلقليمية-المحلية ،كما أنها لم تستطع تجاوز الحسابات االنتخابية ،و لوال اقرار "الكوطا"
لكرست األحزاب السياسية الهيمنة المطلقة للعقلية الذكورية.
و مقابل تردد األحزاب في إتخاذ قرارات و إجراءات ملموسة و عملية في مسار
النهوض بالتمثيلية السياسية للنساء نجد بأن منظمات المجتمع المدني استمّر ت قي بدل
مجهودات كبيرة في هذا اإلتجاه بدعم من المنظمات الدولية من أجل الضغط على
235
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
أصحاب القرار السياسي النتزاع مكتسبات في اتجاه تقوية حضور المرأة في المؤسسات
التمثيلية الوطنية و المحلية ،و الزالت تشتغل هذه الهيآت رغبة منها في تنزيل المناصفة
التي أقرها الدستور ،باإلضافة إلى ذلك يعود الفضل للمجتمع المدني في إبتكار و تفعيل
عدة آليات للنهوض بحقوق النساء و مشاركتها و انخراطها في العمل السياسي.
و على مستوى اإلعالم وقفنا على خالصة واضحة تتمثل في ضعف إهتمام وسائل
اإلعالم بموضوع عالقة المرأة بالسياسة ،بل أن حضور المرأة في اإلعالم يعاني من
تأخر ملموس ،فنسبة مشاركة المرأة في البرامج الحوارية جد متدنية.....
أما على المستوى السياسي فعوائق المشاركة أيضا متعددة ومتنوعة ومرتبطة من
جهة بالمجتمع نفسه ومن جهة أخرى بالهيئات السياسية للدولة ،فالمجتمع لم يصل بعد
إلى مرحلة التطبيع مع العمل السياسي و المشتغلين به ،في ظل غياب الثقة كإحدى ركائز
الحياة السياسية ،و رغم أن العديد من األبحاث الميدانية ترى بأن دخول المرأة لعالم
السياسية أصبح مستصاغا نوعا ما ،فإن ذلك ال يعني بأنه أصبح طبيعيا و لم يعد يثير أي
تحفـ ــظ ،و هو ما أستدلنا عليه بغياب النساء في قمة هرم الهياكل الحزبية و قلة
حضورهن في المناصب الوزارية الحساسة ،و رئاسة المجالس التمثيلية الوطنية و
المحلية.
هذا الواقع الذي يعتبره الفاعلون السياسيون و المدنيون معيقا حقيقيا في -
مسار بناء نظام تمثيلي و ديمقراطي ستدعونا لطرح سؤال يمكن إعتباره أنه
يدخل في صلب موضوع بحثنا ،و المتمثل في :ما العمل لتجاوز هذا
الوضع؟
236
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
مساهمة كل األطراف الفاعلة في صياغة وإ نجاز استراتيجية وطنية التي من
شأنها دعم حضور النساء في الحياة السياسية و النهوض بجميع أوضاعهن و حقوقهن.
استثمار المعارف و التجارب المحلية و المجالية لدى النساء من أجل تمكينهن من
توسيع خياراتهن.
تشجيع مشاريع تمكن النساء من حقهن في المشاركة أكثر مطابقة ومالئمة للواقع و
مستدامة.
إعطاء األولوية للبعد البشري بغض النظر عن الجنس و السن في التنمية ،وذلك
انطالقا من كون اإلنسان هو محور التنمية وهدفها ،مما يعطيه الحق في اإلشتراك في
السلطة وإ تخاذ القرار.
تنظيم دورات تكوينية مبنية على المبادرة واإلنطالق من المعارف والقدرات
الذاتية للنساء متجاوزة بذلك التكوين المبني على التلقين إلى فتح أفاق التفكير والقرار
واإلنجاز الذاتي.
تعبئة جميع مؤسسات التنمية اإلجتماعية و السياسية لنشر ثقافة المواطنة و حقوق
اإلنسان.
و من ضمن خالصاتنا المجالية في هذه األطروحة إقترحنا بعض التدابير التي نعتبرها
أساسية لتجاوز حالة ضعف إشراك النساء في الحياة العامة و السياسية منها على وجه
الخصوص في التدابير التالية:
على المستوى السياسي:
237
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تقديم تحفيزات مادية للنساء الراغبات في الترشح بصفة الال منتمي ،كآلية للضغط.
على المستوى القانوني:
تنزيل المقتضيات الدستورية ،المناصفة السياسية -الفصل -19
مدونة إنتخابية داعمة لتمثيلية النساء سياسيا ،نمط إقتراع محفز -الترشح
بالتناوب
تطبيق المقتضيات القانونية للميثاق الجماعي :08-17لجنة المساواة و تكافئ
الفرص
قانون أحزاب ملزم يفرض كوطا للنساء داخل الهيآت التقريرية لألحزاب السياسية
توسيع إختصاصات هيأة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز ،بجعلها هيأة
تقريرية ال إستشارية
ضمان حقوق أوسع للنساء في مدونة األسرة ،تشريع قانوني حازم لمحاربة العنف
ضد النساء.....
على المستوى المجتمعي:
تشجيع مشاريع تمكن النساء من حقهن في المشاركة أكثر مطابقة ومالئمة للواقع و
مستدامة.
إعطاء األولوية للبعد البشري ،بغض النظر عن الجنس و السن في التنمية.
تعبئة جميع فعاليات المجتمع المدني لنشر ثقافة المواطنة و حقوق اإلنسان.
مناهج تعليمية متوازنة تكرس ثقافة المساواة بين الجنسين.
منتوج إعالمي يسوق لصورة إيجابية على المرأة المغربية.
أخيرا و ليس آخرا يمكن أن نستاءل أيضأ :هل سيكون كل ذلك مجديا و ذى أثر إن لم
نحقق الشرط الثقافي في النهوض بالتمثيلية السياسية للنساء؟ هل التغيير ممكن دون التربية
على حقوق اإلنسان و المواطنة و مبدأ المساواة في مؤسسات التنشئة اإلجتماعية و
السياسية ،لتصبح مشاركة النساء السياسية مشروعا مجتمعيا و مطلبا شعبيا يفرض نفسه
على الفاعلين السياسين أفرادا و مؤسسات؟
238
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
240
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
241
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
مبادئ العدل والمساواة والمنفعة المتبادلة في العالقات بين البلدان ،وإ عمال حق الشعوب
الواقعة تحت السيطرة األجنبية واالستعمارية واالحتالل األجنبي في تقرير المصير
واالستقالل ،وكذلك من شأن احترام السيادة الوطنية والسالمة اإلقليمية ،النهوض بالتقدم
االجتماعي والتنمية ،واإلسهام ،نتيجة لذلك في تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل
والمرأة،
وإ يمانا منها بأن التنمية التامة والكاملة ألي بلد ،ورفاهية العالم ،وقضية السلم ،تتطلب
جميعا مشاركة المرأة ،على قدم المساواة مع الرجل ،أقصى مشاركة ممكنة في جميع
الميادين،
وإ ذ تضع نصب عينيها دور المرأة العظيم في رفاه األسرة وفى تنمية المجتمع ،الذي لم
يعترف به حتى اآلن على نحو كامل ،واألهمية االجتماعية لألمومة ولدور الوالدين كليهما
في األسرة وفى تنشئة األطفال،
وإ ذ تدرك أن دور المرأة في اإلنجاب ال يجوز أن يكون أساسا للتمييز بل إن تنشئة
األطفال تتطلب بدال من ذلك تقاسم المسؤولية بين الرجل والمرأة والمجتمع ككل،
وإ ذ تدرك أن تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة يتطلب إحداث تغيير في الدور
التقليدي للرجل وكذلك في دور المرأة في المجتمع واألسرة،
وقد عقدت العزم على تنفيذ المبادئ الواردة في إعالن القضاء على التمييز ضد المرأة،
وعلى أن تتخذ ،لهذا الغرض ،التدابير التي يتطلبها القضاء على هذا التمييز بجميع أشكاله
ومظاهره،
قد اتفقت على ما يلي:
الجزء األول
المادة 1
ألغراض هذه االتفاقية يعنى مصطلح "التمييز ضد المرأة" أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم
على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه ،توهين أو إحباط االعتراف للمرأة
242
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
243
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المادة 3
تتخذ الدول األطراف في جميع الميادين ،وال سيما الميادين السياسية واالجتماعية
واالقتصادية والثقافية ،كل التدابير المناسبة ،بما في ذلك التشريعي منها ،لكفالة تطور
المرأة وتقدمها الكاملين .وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق اإلنسان والحريات األساسية
والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل.
المادة 4
.1ال يعتبر اتخاذ الدول األطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية
بين الرجل والمرأة تمييزا بالمعنى الذي تأخذ به هذه االتفاقية ،ولكنه يجب أال يستتبع ،على
أي نحو ،اإلبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة ،كما يجب وقف العمل بهذه التدابير
متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة.
.2ال يعتبر اتخاذ الدول األطراف تدابير خاصة تستهدف حماية األمومة ،بما في ذلك تلك
التدابير الواردة في هذه االتفاقية ،إجراء تمييزيا.
المادة 5
تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيق ما يلي:
أ) تغيير األنماط االجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة ،بهدف تحقيق القضاء على
التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات األخرى القائمة على االعتقاد بكون أي من
الجنسين أدنى أو أعلى من اآلخر ،أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة،
ب) كفالة تضمين التربية العائلية فهما سليما لألمومة بوصفها وظيفة اجتماعية ،االعتراف
بكون تنشئة األطفال وتربيتهم مسؤولية مشتركة بين األبوين على أن يكون مفهوما أن
مصلحة األطفال هي االعتبار األساسي في جميع الحاالت
المادة 6
تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة ،بما في ذلك التشريعي منها ،لمكافحة جميع
أشكال االتجار بالمرأة واستغالل بغاء المرأة.
244
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الجزء الثاني
المادة 7
تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة
السياسية والعامة للبلد ،وبوجه خاص تكفل للمرأة ،على قدم المساواة مع الرجل ،الحق
في:
أ) التصويت في جميع االنتخابات واالستفتاءات العامة ،واألهلية لالنتخاب لجميع الهيئات
التي ينتخب أعضاؤها باالقتراع العام،
ب) المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفى تنفيذ هذه السياسة ،وفى شغل الوظائف
العامة ،وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية،
ج) المشاركة في أية منظمات وجمعيات غير حكومية تهتم بالحياة العامة والسياسية للبلد.
المادة 8
تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل للمرأة ،على قدم المساواة مع الرجل،
ودون أي تمييز ،فرصة تمثيل حكومتها على المستوى الدولي واالشتراك في أعمال
المنظمات الدولية.
المادة 9
تمنح الدول األطراف المرأة حقوقا مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو .1
تغييرها أو االحتفاظ بها .وتضمن بوجه خاص أال يترتب على الزواج من أجنبي،
أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج ،أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة ،أو أن
تصبح بال جنسية ،أو أن تفرض عليها جنسية الزوج.
.2تمنح الدول األطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية
أطفالهما.
245
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الجزء الثالث
المادة 10
تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة لكي تكفل لها
حقوقا مساوية لحقوق الرجل في ميدان التربية ،وبوجه خاص لكي تكفل ،على أساس
المساواة بين الرجل والمرأة:
أ) شروط متساوية في التوجيه الوظيفي والمهني ،وااللتحاق بالدراسات والحصول على
الدرجات العلمية في المؤسسات التعليمية على اختالف فئاتها ،في المناطق الريفية
والحضرية على السواء ،وتكون هذه المساواة مكفولة في مرحلة الحضانة وفى التعليم
العام والتقني والمهني والتعليم التقني العالي ،وكذلك في جميع أنواع التدريب المهني،
ب) التساوي في المناهج الدراسية ،وفى االمتحانات ،وفى مستويات مؤهالت المدرسين،
وفى نوعية المرافق والمعدات الدراسية،
ج) القضاء على أي مفهوم نمطي عن دور الرجل ودور المرأة في جميع مراحل التعليم
بجميع أشكاله ،عن طريق تشجيع التعليم المختلط ،وغيره من أنواع التعليم التي تساعد في
تحقيق هذا الهدف ،وال سيما عن طريق تنقيح كتب الدراسة والبرامج المدرسية وتكييف
أساليب التعليم،
د) التساوي في فرص الحصول على المنح واإلعانات الدراسية األخرى،
هـ) التساوي في فرص اإلفادة من برامج مواصلة التعليم ،بما في ذلك برامج تعليم الكبار
ومحو األمية الوظيفي ،وال سيما البرامج التي تهدف إلى التعجيل بقدر اإلمكان بتضييق
أي فجوة في التعليم قائمة بين الرجل والمرأة،
و) خفض معدالت ترك الطالبات الدراسة ،وتنظيم برامج للفتيات والنساء الالئى تركن
المدرسة قبل األوان،
ز) التساوي في فرص المشاركة النشطة في األلعاب الرياضية والتربية البدنية،
246
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ح) إمكانية الحصول على معلومات تربوية محددة تساعد على كفالة صحة األسر
ورفاهها ،بما في ذلك المعلومات واإلرشادات التي تتناول تنظيم األسرة.
المادة 11
.1تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في
ميدان العمل لكي تكفل لها ،على أساس المساواة بين الرجل والمرأة ،نفس الحقوق وال
سيما:
أ) الحق في العمل بوصفه حقا ثابتا لجميع البشر،
ب) الحق في التمتع بنفس فرص العمالة ،بما في ذلك تطبيق معايير اختيار واحدة في
شؤون االستخدام،
ج) الحق في حرية اختيار المهنة ونوع العمل ،والحق في الترقية واألمن على العمل وفى
جميع مزايا وشروط الخدمة ،والحق في تلقى التدريب وإ عادة التدريب المهني ،بما في
ذلك التلمذة الحرفية والتدريب المهني المتقدم والتدريب المتكرر،
د) الحق في المساواة في األجر ،بما في ذلك االستحقاقات ،والحق في المساواة في
المعاملة فيما يتعلق بالعمل ذي القيمة المساوية ،وكذلك المساواة في المعاملة في تقييم
نوعية العمل،
هـ) الحق في الضمان االجتماعي ،وال سيما في حاالت التقاعد والبطالة والمرض والعجز
والشيخوخة وغير ذلك من حاالت عدم األهلية للعمل ،وكذلك الحق في إجازة مدفوعة
األجر،
و) الحق في الوقاية الصحية وسالمة ظروف العمل ،بما في ذلك حماية وظيفة اإلنجاب.
.2توخيا لمنع التمييز ضد المرأة بسبب الزواج أو األمومة ،ضمانا لحقها الفعلي في
العمل ،تتخذ الدول األطراف التدابير المناسبة:
أ) لحظر الفصل من الخدمة بسبب الحمل أو إجازة األمومة والتمييز في الفصل من العمل
على أساس الحالة الزوجية ،مع فرض جزاءات على المخالفين،
247
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ب) إلدخال نظام إجازة األمومة المدفوعة األجر أو المشفوعة بمزايا اجتماعية مماثلة دون
فقدان للعمل السابق أو لألقدمية أو للعالوات االجتماعية،
ج) لتشجيع توفير الخدمات االجتماعية المساندة الالزمة لتمكين الوالدين من الجمع بين
االلتزامات العائلية وبين مسؤوليات العمل والمشاركة في الحياة العامة ،وال سيما عن
طريق تشجيع إنشاء وتنمية شبكة من مرافق رعاية األطفال،
د) لتوفير حماية خاصة للمرأة أثناء فترة الحمل في األعمال التي يثبت أنها مؤذية لها.
.3يجب أن تستعرض التشريعات الوقائية المتصلة بالمسائل المشمولة بهذه المادة
استعراضا دوريا في ضوء المعرفة العلمية والتكنولوجية ،وأن يتم تنقيحها أو إلغاؤها أو
توسيع نطاقها حسب االقتضاء.
المادة 12
.1تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في
ميدان الرعاية الصحية من أجل أن تضمن لها ،على أساس المساواة بين الرجل والمرأة،
الحصول على خدمات الرعاية الصحية ،بما في ذلك الخدمات المتعلقة بتنظيم األسرة.
.2بالرغم من أحكام الفقرة 1من هذه المادة تكفل الدول األطراف للمرأة خدمات مناسبة
فيما يتعلق بالحمل والوالدة وفترة ما بعد الوالدة ،موفرة لها خدمات مجانية عند االقتضاء،
وكذلك تغذية كافية أثناء الحمل والرضاعة.
المادة 13
تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في المجاالت
األخرى للحياة االقتصادية واالجتماعية لكي تكفل لها ،على أساس المساواة بين الرجل
والمرأة نفس الحقوق ،والسيما:
أ) الحق في االستحقاقات العائلية،
ب) الحق في الحصول على القروض المصرفية ،والرهون العقارية وغير ذلك من أشكال
االئتمان المالي،
248
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ج) الحق في االشتراك في األنشطة الترويحية واأللعاب الرياضية وفى جميع جوانب
الحياة الثقافية.
المادة 14
.1تضع الدول األطراف في اعتبارها المشاكل الخاصة التي تواجهها المرأة الريفية،
واألدوار الهامة التي تؤديها في توفير أسباب البقاء اقتصاديا ألسرتها ،بما في ذلك عملها
في قطاعات االقتصاد غير النقدية ،وتتخذ جميع التدابير المناسبة لكفالة تطبيق أحكام هذه
االتفاقية على المرأة في المناطق الريفية.
.2تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في
المناطق الريفية لكي تكفل لها ،على أساس المساواة بين الرجل والمرأة ،أن تشارك في
التنمية الريفية وتستفيد منها ،وتكفل للريفية بوجه خاص الحق في:
أ) المشاركة في وضع وتنفيذ التخطيط اإلنمائي على جميع المستويات،
ب) الوصول إلى تسهيالت العناية الصحية المالئمة ،بما في ذلك المعلومات والنصائح
والخدمات المتعلقة بتنظيم األسرة،
ج) االستفادة بصورة مباشرة من برامج الضمان االجتماعي،
د) الحصول على جميع أنواع التدريب والتعليم ،الرسمي وغير الرسمي ،بما في ذلك ما
يتصل منه بمحو األمية الوظيفي ،وكذلك التمتع خصوصا بكافة الخدمات المجتمعية
واإلرشادية ،وذلك لتحقيق زيادة كفاءتها التقنية،
هـ) تنظيم جماعات المساعدة الذاتية والتعاونيات من أجل الحصول على فرص اقتصادية
مكافئة لفرص الرجل عن طريق العمل لدى الغير أو العمل لحسابهن الخاص،
و) المشاركة في جميع األنشطة المجتمعية،
ز) فرصة الحصول على اإلئتمانات والقروض الزراعية ،وتسهيالت التسويق،
والتكنولوجيا المناسبة ،والمساواة في المعاملة في مشاريع إصالح األراضي واإلصالح
الزراعي وكذلك في مشاريع التوطين الريفي،
249
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
ح) التمتع بظروف معيشية مالئمة ،وال سيما فيما يتعلق باإلسكان والمرافق الصحية
واإلمداد بالكهرباء والماء ،والنقل ،والمواصالت.
الجزء الرابع
المادة 15
1تعترف الدول األطراف للمرأة بالمساواة مع الرجل أمام القانون.
2تمنح الدول األطراف المرأة ،في الشئون المدنية ،أهلية قانونية مماثلة ألهلية الرجل،
وتساوى بينها وبينه في فرص ممارسة تلك األهلية .وتكفل للمرأة ،بوجه خاص ،حقوقا
مساوية لحقوق الرجل في إبرام العقود وإ دارة الممتلكات ،وتعاملهما على قدم المساواة في
جميع مراحل اإلجراءات القضائية.
3تتفق الدول األطراف على اعتبار جميع العقود وسائر أنواع الصكوك الخاصة التي
يكون لها أثر قانوني يستهدف الحد من األهلية القانونية للمرأة باطلة والغية.
4تمنح الدول األطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل
بحركة األشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإ قامتهم.
المادة 16
1تتخذ الدول األطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة
األمور المتعلقة بالزواج والعالقات العائلية ،وبوجه خاص تضمن ،على أساس المساواة
بين الرجل والمرأة:
أ) نفس الحق في عقد الزواج،
ب) نفس الحق في حرية اختيار الزوج ،وفى عدم عقد الزواج إال برضاها الحر الكامل،
ج) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه،
ح) نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين ،بغض النظر عن حالتهما الزوجية ،في
األمور المتعلقة بأطفالهما وفى جميع األحوال ،يكون لمصلحة األطفال االعتبار األول،
هـ) نفس الحقوق في أن تقرر ،بحرية وبإدراك للنتائج ،عدد أطفالها والفاصل بين الطفل
250
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
والذي يليه ،وفى الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة
هذه الحقوق،
د) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالوالية والقوامة والوصاية على األطفال
وتبنيهم ،أو ما شابه ذلك من األعراف ،حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني ،وفى
جميع األحوال يكون لمصلحة األطفال االعتبار األول،
ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة ،بما في ذلك الحق في اختيار إسم األسرة
والمهنة ونوع العمل،
ح) نفس الحقوق لكال الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات واإلشراف عليها
وإ دارتها والتمتع بها والتصرف فيها ،سواء بال مقابل أو مقابل عوض.
2ال يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي اثر قانوني ،وتتخذ جميع اإلجراءات
الضرورية ،بما في ذلك التشريعي منها ،لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج
في سجل رسمي أمرا إلزاميا.
الجزء الخامس
المادة 17
1من أجل دراسة التقدم المحرز في تنفيذه هذه االتفاقية ،تنشأ لجنة للقضاء على التمييز
ضد المرأة (يشار إليها فيما يلي باسم اللجنة) تتألف ،عند بدء نفاذ االتفاقية ،من ثمانية
عشر خبيرا وبعد تصديق الدولة الطرف الخامسة والثالثين عليها أو انضمامها إليها من
ثالثة وعشرين خبيرا من ذوى المكانة الخلقية الرفيعة والكفاءة العالية في الميدان الذي
تنطبق عليه هذه االتفاقية ،تنتخبهم الدول األطراف من بين مواطنيها ويعملون بصفتهم
الشخصية ،مع إيالء االعتبار لمبدأ التوزيع الجغرافي العادل ولتمثيل مختلف األشكال
الحضارية وكذلك النظم القانونية الرئيسية.
2ينتخب أعضاء اللجنة باالقتراع السري من قائمة أشخاص ترشحهم الدول األطراف
ولكل دولة طرف أن ترشح شخصا واحدا من بين مواطنيها.
251
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
3يجرى االنتخاب األول بعد ستة أشهر من تاريخ بدء نفاذ هذه االتفاقية ،وقبل ثالثة
أشهر على األقل من تاريخ كل انتخاب ،يوجه األمين العام لألمم المتحدة رسالة إلى الدول
األطراف يدعوها فيها إلى تقديم ترشيحاتها في غضون شهرين .ويعد األمين العام قائمة
ألفبائية بجميع األشخاص المرشحين على هذا النحو ،مع ذكر الدولة الطرف التي رشحت
كال منهم ،ويبلغها إلى الدول األطراف.
4تجرى انتخابات أعضاء اللجنة في اجتماع للدول األطراف يدعو إليه األمين العام في
مقر األمم المتحدة .وفى ذلك االجتماع ،الذي يشكل اشتراك ثلثي الدول األطراف فيه
نصابا قانونيا له ،يكون األشخاص المنتخبون لعضوية اللجنة هم المرشحون الذين
يحصلون على أكبر عدد من األصوات وعلى أكثرية مطلقة من أصوات ممثلي الدول
األطراف الحاضرين والمصوتين.
5ينتخب أعضاء اللجنة لفترة مدتها أربع سنوات .غير أن فترة تسعة من األعضاء
المنتخبين في االنتخاب األول تنقضي في نهاية فترة سنتين ،ويقوم رئيس اللجنة ،بعد
االنتخاب األول فورا ،باختيار أسماء هؤالء األعضاء التسعة بالقرعة.
6يجرى انتخاب أعضاء اللجنة اإلضافيين الخمسة وفقا ألحكام الفقرات 2و 3و 4من
هذه المادة بعد التصديق أو االنضمام الخامس والثالثين .وتنتهي والية اثنين من األعضاء
اإلضافيين المنتخبين بهذه المناسبة في نهاية فترة سنتين .ويتم اختيار اسميهما بالقرعة من
قبل رئيس اللجنة.
7لملء الشواغر الطارئة ،تقوم الدولة الطرف التي كف خبيرها عن العمل كعضو في
اللجنة بتعيين خبير آخر من بين مواطنيها ،،رهنا بموافقة اللجنة.
8يتلقى أعضاء اللجنة ،بموافقة الجمعية العامة ،مكافآت تدفع من موارد األمم المتحدة
باألحكام والشروط التي تحددها الجمعية ،مع إيالء االعتبار ألهمية المسؤوليات المنوطة
باللجنة.
252
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
9يوفر األمين العام لألمم المتحدة ما يلزم اللجنة من موظفين ومرافق لالضطالع
بصورة فعالة بالوظائف المنوطة بها بموجب هذه االتفاقية.
المادة 18
1تتعهد الدول األطراف بأن تقدم إلى األمين العام لألمم المتحدة ،تقريرا عما اتخذته من
تدابير تشريعية وقضائية وإ دارية وغيرها من أجل إنفاذ أحكام هذه االتفاقية وعن التقدم
المحرز في هذا الصدد ،كيما تنظر اللجنة في هذا التقرير وذلك:
أ) في غضون سنة واحدة من بدء النفاذ بالنسبة للدولة المعنية،
ب) وبعد ذلك كل أربع سنوات على األقل ،وكذلك كلما طلبت اللجنة ذلك،
2يجوز أن تبين التقارير العوامل والصعاب التي تؤثر على مدى الوفاء بااللتزامات
المقررة في هذه االتفاقية.
المادة 19
1تعتمد اللجنة النظام الداخلي الخاص بها.
2تنتخب اللجنة أعضاء مكتبها لفترة سنتين.
المادة 20
1تجتمع اللجنة ،عادة ،مدى فترة ال تزيد على أسبوعين سنويا للنظر في التقارير المقدمة
وفقا للمادة 18من هذه االتفاقية.
2تعقد اجتماعات اللجنة عادة في مقر األمم المتحدة أو في أي مكان مناسب آخر تحدده
اللجنة.
المادة 21
1تقدم اللجنة تقريرا سنويا عن أعمالها إلى الجمعية العامة لألمم المتحدة بواسطة
المجلس االقتصادي واالجتماعي ،ولها أن تقدم مقترحات وتوصيات عامة مبنية على
دراسة التقارير والمعلومات الواردة من الدول األطراف .وتدرج تلك المقترحات
253
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
والتوصيات العامة في تقرير اللجنة مشفوعة بتعليقات الدول األطراف ،إن وجدت.
2يحيل األمين العام تقارير اللجنة إلى لجنة مركز المرأة ،لغرض إعالمها.
المادة 22
يحق للوكاالت المتخصصة أن توفد من يمثلها لدى النظر في تنفيذ ما يقع في نطاق
أعمالها من أحكام هذه االتفاقية .وللجنة أن تدعو الوكاالت المتخصصة إلى تقديم تقارير
عن تنفيذ االتفاقية في المجاالت التي تقع في نطاق أعمالها.
الجزء السادس
المادة 23
ليس في هذه االتفاقية ما يمس أية أحكام تكون أكثر مواتاة لتحقيق المساواة بين الرجل
والمرأة تكون واردة:
أ) في تشريعات دولة طرف ما،
ب) أو في أية اتفاقية أو معاهدة أو اتفاق دولي نافذ إزاء تلك الدولة.
المادة 24
تتعهد الدول األطراف باتخاذ جميع ما يلزم من تدابير على الصعيد الوطني تستهدف
تحقيق اإلعمال الكامل للحقوق المعترف بها في هذه االتفاقية،
المادة 25
1يكون التوقيع على هذه االتفاقية متاحا لجميع الدول.
2يسمى األمين العام لألمم المتحدة وديعا لهذه االتفاقية.
3تخضع هذه االتفاقية للتصديق .وتودع صكوك التصديق لدى األمين العام لألمم
المتحدة.
4يكون االنضمام إلى هذه االتفاقية متاحا لجميع الدول .ويقع االنضمام بإيداع صك
انضمام لدى األمين العام لألمم المتحدة.
المادة 26
254
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
1ألية دولة طرف ،في أي وقت ،أن تطلب إعادة النظر في هذه االتفاقية ،وذلك عن
طريق إشعار خطى يوجه إلى األمين العام لألمم المتحدة.
2تقرر الجمعية العامة لألمم المتحدة الخطوات التي تتخذ ،عند اللزوم ،إزاء مثل هذا
الطلب.
المادة 27
1يبدأ نفاذ هذه االتفاقية في اليوم الثالثين الذي يلي تاريخ إيداع صك التصديق أو
االنضمام العشرين لدى األمين العام لألمم المتحدة.
2أما الدول التي تصدق هذه االتفاقية أو تنضم إليها بعد إيداع صك التصديق أو االنضمام
العشرين فيبدأ نفاذ االتفاقية إزاءها في اليوم الثالثين الذي يلي تاريخ إيداع هذه الدولة صك
تصديقها أو انضمامها.
المادة 28
1يتلقى األمين العام لألمم المتحدة نص التحفظات التي تبديها الدول وقت التصديق أو
االنضمام ،ويقوم بتعميمها على جميع الدول.
2ال يجوز إبداء أي تحفظ يكون منافيا لموضوع هذه االتفاقية وغرضها.
3يجوز سحب التحفظات في أي وقت بتوجيه إشعار بهذا المعنى إلى األمين العام لألمم
المتحدة ،الذي يقوم عندئذ بإبالغ جميع الدول به .ويصبح هذا اإلشعار نافذ المفعول
اعتبارا من تاريخ تلقيه.
المادة 29
1يعرض للتحكيم أي خالف بين دولتين أو أكثر من الدول األطراف حول تفسير أو
تطبيق هذه االتفاقية ال يسوى عن طريق المفاوضات ،وذلك بناء على طلب واحدة من هذه
الدول .فإذا لم يتمكن األطراف ،خالل ستة اشهر من تاريخ طلب التحكيم ،من الوصول
إلى اتفاق على تنظيم أمر التحكيم ،جاز ألي من أولئك األطراف إحالة النزاع إلى محكمة
العدل الدولية بطلب يقدم وفقا للنظام األساسي للمحكمة.
255
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
2ألية دولة طرف أن تعلن ،لدى توقيع هذه االتفاقية أو تصديقها أو االنضمام إليها ،أنها
ال تعتبر نفسها ملزمة بالفقرة 1من هذه المادة .وال تكون الدول األطراف األخرى ملزمة
بتلك الفقرة إزاء أية دولة طرف أبدت تحفظا من هذا القبيل.
3ألية دولة طرف أبدت تحفظا وفقا للفقرة 2من هذه المادة أن تسحب هذا التحفظ متي
شاءت بإشعار توجهه إلى األمين العام لألمم المتحدة.
المادة 30
تودع هذه االتفاقية ،التي تتساوى في الحجية نصوصها باإلسبانية واإلنكليزية والروسية
والصينية والعربية والفرنسية لدى األمين العام لألمم المتحدة.
وإ ثباتا لذلك ،قام الموقعون أدناه ،المفوضون حسب األصول ،بإمضاء هذه االتفاقية.
256
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
257
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
*
البرتوكول االختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق واالنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة 4
الدورة الرابعة والخمسون بتاريخ 9أكتوبر 1999
تاريخ بدء النفاذ 22ديسمبر ،2000وفقا ألحكام المادة 16
إن الدول األطراف في هذا البروتوكول،
إذ تالحظ أن ميثاق األمم المتحدة يؤكد ،مجددا ،اإليمان بحقوق اإلنسان األساسية وبكرامة
اإلنسان وقيمته ،وبالحقوق المتساوية للرجال والنساء،
وإ ذ يالحظ أن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ينادي بأن جميع البشر قد ولدوا أحرارا
متساوين في الكرامة والحقوق ،وبأن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات
الواردة فيه ،دون أي تمييز من أي نوع كان ،بما في ذلك التمييز القائم على الجنس،
وإ ذ يعيد إلى األذهان ،أن العهدين الدوليين لحقوق اإلنسان ،وغيرهما من الصكوك الدولية
لحقوق اإلنسان ،تحظر التمييز على أساس الجنس،
وإ ذ يعيد إلى األذهان ،أيضا ،أن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
("االتفاقية") ،التي تدين فيها الدول األطراف التمييز ضد المرأة بجميع أشكاله ،وتوافق
على انتهاج سياسة القضاء على التمييز ضد المرأة بجميع الوسائل المناسبة ودون إبطاء،
وإ ذ تؤكد ،مجددا ،تصميمها على ضمان تمتع المرأة ،بشكل تام وعلى قدم المساواة ،بجميع
حقوق اإلنسان والحريات األساسية ،وعلى اتخاذ إجراءات فعالة لمنع أي انتهاكات لهذه
الحقوق والحريات،
قد اتفقت على ما يلي:
المادة 1
تقر الدولة الطرف في هذا البروتوكول ("الدولة الطرف") باختصاص اللجنة الخاصة
بالقضاء على التمييز ضد المرأة ("اللجنة") في تلقي التبليغات المقدمة لها وفقا للمادة
الثانية ،والنظر فيها.
258
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المادة 2
يجوز تقديم التبليغات من قبل األفراد أو مجموعات األفراد ،أو نيابة عنهم ،بموجب الوالية
القضائية للدولة الطرف ،والتي يزعمون فيها أنهم ضحايا النتهاك أي من الحقوق الواردة
في االتفاقية على يدي تلك الدولة الطرف .وحيث يقدم التبليغ نيابة عن أفراد أو مجموعات
من األفراد ،فيجب أن يتم ذلك بموافقتهم ،إال إذا أمكن لكاتب التبليغ تبرير عمله نيابة عنهم
من دون مثل هذه الموافقة.
المادة 3
يجب أن تكون التبليغات كتابية ،وال يجوز أن تكون مجهولة المصدر .وال يجوز للجنة
تسلم أي تبليغ إذا كان يتعلق بدولة طرف في االتفاقية ،ولكنها ليست طرفا في هذا
البروتوكول.
المادة 4
- 1ال تنظر اللجنة في التبليغ إال إذا تحققت من أن جميع اإلجراءات العالجية المحلية
المتوفرة قد استنفدت ،وما لم يتم إطالة أمد تطبيق هذه اإلجراءات العالجية بصورة غير
معقولة ،أو عندما يكون من غير المحتمل أن تحقق إنصافا فعاال.
- 2تعلن اللجنة أن التبليغ غير مقبول في الحاالت التالية:
( 1إذا سبق للجنة دراسة المسألة نفسها ،أو إذا جرت دراستها في الماضي ،أو كانت قيد
الدراسة حاليا ،بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.
( 2إذا كانت غير متماشية مع أحكام االتفاقية.
( 3إذا اتضح أنه ال أساس له أو غير مؤيد بأدلة كافية.
( 4إذا شكل ضربا من سوء استخدام الحق في تقديم تبليغ.
( 5إذا حدثت الوقائع التي هي موضوع التبليغ قبل سريان مفعول هذا البروتوكول
بالنسبة للدولة الطرف المعنية ،إال إذا استمرت تلك الوقائع بعد ذلك التاريخ.
المادة 5
259
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
- 1يجوز للجنة ،في أي وقت بعد تلقي التبليغ ،وقبل الفصل فيه بناء على حيثياته
الموضوعية ،أن تنقل إلى الدولة الطرف المعنية طلبا عاجال التخاذ التدابير المؤقتة
الضرورية لتالفي إمكان وقوع ضرر يتعذر إصالحه لضحية أو ضحايا االنتهاك
المزعوم.
- 2في الحاالت التي تمارس اللجنة سلطة تقديرية بموجب الفقرة ( ،)1ال يعني هذا،
ضمنا ،أنها تقرر بشأن قبول التبليغ أو مدى وجاهته بشكل موضوعي متجرد.
المادة 6
- 1ما لم تعتبر اللجنة أن التبليغ غير مقبول من دون إحالته إلى الدولة الطرف المعنية،
وشريطة أن يوافق الفرد أو األفراد على الكشف عن هويتهم لتلك الدولة الطرف ،فإن على
اللجنة إطالع الدولة الطرف بصورة سرية على أي تبليغ يقدم إليها بموجب هذا
البروتوكول.
- 2يتعين على الدولة الطرف المتلقية أن تقدم إلى اللجنة ،خالل ستة أشهر ،شروحا أو
إفادات خطية توضح القضية ،والمعالجة ،إذا وجدت ،التي كان يمكن أن تقدمها تلك الدولة
الطرف.
المادة 7
- 1تنظر اللجنة في التبليغات التي تتلقاها ،بموجب هذا البروتوكول ،في ضوء جميع
المعلومات التي توفر لها من قبل األفراد أو مجموعات األفراد أو نيابة عنهم ،ومن قبل
الدولة الطرف ،شريطة نقل هذه المعلومات إلى األطراف المعنية.
- 2تعقد اللجنة اجتماعات مغلقة عند فحص التبليغات المقدمة بموجب هذا البروتوكول.
- 3بعد فحص التبليغ ،تنقل اللجنة آراءها بشأنه ،إلى جانب توصياتها ،إن وجدت ،إلى
األطراف المعنية.
- 4تدرس الدولة الطرف ،بعناية ،آراء اللجنة ،فضًال عن توصياتها ،إن وجدت ،وتقدم
إليها ،خالل ستة أشهر ،ردا خطيا ،يتضمن معلومات حول أي إجراء يتخذ في ضوء آراء
260
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
اللجنة وتوصياتها.
- 5يمكن للجنة أن تدعو الدولة الطرف إلى تقديم المزيد من المعلومات حول أي تدابير
اتخذتها الدولة الطرف استجابة آلرائها أو توصياتها ،إن وجدت ،بما في ذلك ما تعتبره
اللجنة مناسبا ،وذلك في التقارير الالحقة للدولة الطرف التي تقدم بموجب المادة 18من
االتفاقية.
المادة 8
- 1إذا تلقت اللجنة معلومات موثوقا بها تشير إلى حدوث انتهاكات خطيرة أو منهجية
للحقوق الواردة في االتفاقية ،على يدي الدولة الطرف ،فإن على اللجنة أن تدعو الدولة
الطرف إلى التعاون معها في فحص المعلومات ،وأن تقدم ،لهذه الغاية ،مالحظات تتعلق
بالمعلومات ذات الصلة.
- 2يجوز للجنة ،بعد أن تأخذ بعين االعتبار أي مالحظات يمكن أن تقدمها الدولة
الطرف المعنية ،فضال عن أي معلومات أخرى موثوق بها تتوفر لديها ،أن تعين عضوا
واحدا أو أكثر من أعضائها إلجراء تحقيق ،ورفع تقرير عاجل إلى اللجنة .ويجوز أن
يتضمن التحقيق القيام بزيارة إلى أراضي الدولة الطرف إذا تم الحصول على إذن بذلك،
وبعد موافقة الدولة الطرف المعنية.
- 3بعد فحص نتائج هذا التحقيق ،تنقل اللجنة إلى الدولة الطرف المعنية هذه النتائج
مقرونة بأي تعليقات وتوصيات.
- 4يجب على الدولة الطرف المعنية أن تقدم مالحظاتها إلى اللجنة في غضون ستة
أشهر من تسلمها النتائج والتعليقات والتوصيات التي نقلتها إليها اللجنة.
- 5يجب إحاطة هذا التحقيق بالسرية ،وطلب تعاون تلك الدولة الطرف في جميع
مراحل اإلجراءات.
المادة 9
-1يجوز للجنة أن تدعو الدولة الطرف المعنية إلى تضمين تقريرها المقدم بموجب
261
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المادة 18من االتفاقية تفاصيل أي تدابير متخذة استجابة للتحقيق الذي أجري بموجب
المادة الثامنة من هذا البروتوكول.
- 2يجوز للجنة ،إذا اقتضت الضرورة ،وبعد انتهاء فترة األشهر الستة المشار إليها في
المادة ،)4( 8أن تدعو الدولة الطرف المعنية إلى إطالعها على التدابير المتخذة استجابة
إلى مثل هذا التحقيق.
المادة 10
- 1يجوز لكل دولة طرف ،عند توقيع هذا البروتوكول ،أو المصادقة عليه ،أو
االنضمام إليه ،أن تعلن أنها ال تعترف باختصاص اللجنة المنصوص عليه في المادتين 8
و .9
- 2يجوز ألي دولة طرف أصدرت إعالنا وفقا للفقرة األولى من هذه المادة ،أن تقوم،
في أي وقت ،بسحب هذا اإلعالن عبر تقديم إشعار إلى األمين العام.
المادة 11
تتخذ الدولة الطرف جميع الخطوات المناسبة لضمان عدم تعرض األفراد التابعين لواليتها
القضائية لسوء المعاملة أو الترهيب نتيجة اتصالهم باللجنة بموجب هذا البروتوكول.
المادة 12
تدرج اللجنة في تقريرها السنوي المقدم بموجب المادة 21من االتفاقية ،ملخصا لألنشطة
التي تمارسها بموجب هذا البروتوكول.
المادة 13
تتعهد كل دولة طرف بإشهار االتفاقية وهذا البروتوكول على نطاق واسع ،والقيام بالدعاية
لهما ،وتسهيل عملية الحصول على المعلومات المتعلقة بآراء اللجنة وتوصياتها ،وبخاصة
حول المسائل المتعلقة بتلك الدولة الطرف.
المادة 14
تعد اللجنة قواعد اإلجراءات الخاصة بها ،والواجب اتباعها عندما تمارس المهام التي
262
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
263
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
األطراف عقد مثل هذا المؤتمر ،يدعو األمين العام إلى عقده تحت رعاية األمم المتحدة.
ويقدم أي تعديل تعتمده أغلبية الدول األطراف التي تحضر المؤتمر ،وتدلي بصوتها فيه،
إلى الجمعية العامة لألمم المتحدة إلقراره.
- 2يسري مفعول التعديالت عندما تقرها الجمعية العامة لألمم المتحدة ،وتقبل بها الدول
األطراف في هذا البروتوكول بأغلبية الثلثين ،وفقا للعمليات الدستورية في كل منها.
- 3عندما يسري مفعول التعديالت ،تصبح ملزمة للدول األطراف التي قبلت بها ،بينما
تظل الدول األطراف األخرى ملزمة بأحكام هذا البروتوكول ،وأي تعديالت سابقة تكون
قد قبلت بها.
المادة 19
-1يجوز ألي دولة طرف أن تبدي رغبتها في نبذ هذا البروتوكول ،في أي وقت،
بموجب إشعار خطي موجه إلى األمين العام لألمم المتحدة .ويسري مفعول االنسحاب من
البروتوكول بعد ستة أشهر من تاريخ تلقي اإلشعار من قبل األمين العام.
- 2يتم نبذ هذا البروتوكول من دون المساس بأحقية استمرار تطبيق أحكامه على أي
تبليغ قدم بموجب المادة الثانية ،أو أي تحقيق بوشر فيه بموجب المادة الثامنة ،قبل تاريخ
سريان مفعول االنسحاب الرسمي.
المادة 20
يبلغ األمين العام لألمم المتحدة جميع الدول بالتالي:
أ) التوقيعات والمصادقات وعمليات االنضمام التي تتم بموجب هذا البروتوكول.
ب) تاريخ سريان مفعول هذا البروتوكول وأي تعديل له يتم بموجب المادة .18
ج) أي انسحاب من البروتوكول بموجب المادة .19
المادة 21
-1يتم إيداع هذا البروتوكول ،الذي تتمتع نصوصه العربية والصينية واإلنجليزية
والفرنسية والروسية واالسبانية بالدرجة نفسها من الموثوقية ،في أرشيف األمم المتحدة.
264
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
- 2يبعث األمين العام لألمم المتحدة بنسخ مصدقة من هذا البروتوكول إلى جميع الدول
المشار إليها في المادة الخامسة والعشرين من االتفاقية.
265
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
266
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
267
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
268
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
269
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
270
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المعنيين وتقديم المساعدة لمكافحة كل منع استمرار السلوك المؤدي لهذه
انتهاك لمبدأ المساواة في المعاملة. المخالفة.
-نشر قرارها الذي يتشئ انتهاكا للقانون .المساعدة في إعداد التقارير الحكومية
الموجهة إلى المنظمات الدولية و -أو قرض غرامة.
و تعالج الهيئة الشكاوى المتعلقة بالتمييز اإلقليمية .
المباشر و غير المباشر.
271
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المعاملة.
تتحرك الهيئة تلقائيا في حالة انتهاك مبدأ المساواة في المعاملة من
طرف الدولة الهنغارية و الجماعات المحلية الهيئات المستقلة لألقليات و
جميع السلطات العمومية األخرى و القوات المسلحة و الشرطة.
272
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
273
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
274
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
275
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
276
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
277
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الباب األول
أحكام عامة
املادة 1
تطبيقا ألحكام الفصلين 164و 171من الدستور ،يحدد هذا القانون صالحيات هيئة املناصفة
ومكافحة كل أشكال التمييز،املحدثة بموجب الفصل 19من الدستور ،وتأليفها وكيفيات تنظيمها
وقواعد سيرها.
تعتبر الهيئة مؤسسة وطنية مستقلة تتمتع بالشخصية اإلعتبارية واإلستقالل املالي.
يوجد املقر الرئيسي للهيئة بالرباط.
ويشار إليها بعده باسم الهيئة.
الباب الثاني
صالحيات الهيئة
املادة 2
تمارس الهيئة ،مع مراعاة االختصاصات املوكولة للسلطات العمومية والهيئات واملؤسسات األخرى
بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ،الصالحيات التالية :
إبداء الرأي بمبادرة منها أو بطلب من الحكومة أو أحد مجلسي البرملان ،حسب الحالة ،بشأن -1
مشاريع ومقترحات القوانين ومشاريع النصوص التنظيمية.
تقديم كل اقتراح أو توصية إلى الحكومة أو إلى أحد مجلسي البرملان ،بهدف تعزيز قيم -2
املساواة واملناصفة وعدم التمييز وتكريسها وإشاعتها؛
تلقي الشكايات بشأن حاالت التمييز التي يرفعها إلى الهيئة كل شخص يعتبر نفسه ضحية حالة -3
من هذه الحاالت ،والنظر فيها وإصدار توصيات بشأنها إلى الجهات املعنية ،والعمل على تتبع
مآلها بتنسيق مع الجهات املذكورة؛
التشجيع على إعمال مبادئ املساواة واملناصفة و عدم التمييز في مختلف مناحي الحياة العامة، -4
والعمل على رصد كل إخالل بها ،واقتراح جميع التدابير التي تراها مناسبة للسهر على
احترامها؛
278
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
التشجيع على إدماج ثقافة املساواة واملناصفة وعدم التمييز في برامج التربية والتعليم -5
والبرامج اإلعالمية والثقافية ،وذلك بتنسيق مع السلطات والهيئات املعنية؛
تقديم كل توصية تراها مناسبة إلى الحكومة من أجل مالءمة املنظومة القانونية الوطنية مع -6
أحكام االتفاقيات الدولية ذات الصلة بمجال اختصاص الهيئة ،واملصادق عليها من لدن
اململكة املغربية ،والسيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد املرأة واالتفاقية
الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري واتفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة ؛
إصدار كل توصية تراها مناسبة واقتراح كل تدبير ناجع من أجل تصحيح األوضاع الناتجة -7
عن كل سلوك أو ممارسة أو عرف يتسم بطابع تمييزي أو يتضمن إخالال بمبدإ املساواة بين
الرجل واملرأة؛
العمل على نشر وإشاعة املمارسات الفضلى في مجال مكافحة كل أشكال التمييز ،والتشجيع -8
على العمل بها في إطار احترام مكونات الهوية الوطنية؛
تقديم مختلف أشكال املساعدة التقنية الالزمة للسلطات العمومية ومختلف الفاعلين في -9
القطاعين العام والخاص ،من أجل السعي نحو التحقيق الفعلي ملبدأي املساواة واملناصفة
ومكافحة كل أشكال التمييز؛
املساهمة في تنمية قدرات مختلف الفاعلين في القطاعين العام والخاص من أجل تشجيعهم -10
على إعمال آليات تحقيق املساواة واملناصفة وعدم التمييز ،وال سيما من خالل:
• تنظيم دورات تكوينية وتحسيسية لفائدتهم؛
• إعداد دالئل استرشادية توضع رهن إشارة العموم؛
• تنظيم أيام دراسية وندوات من أجل التعريف باآلليات املذكورة؛
• إثراء النقاش العمومي عبر مختلف وسائل اإلعالم من أجل التحسيس بمبادئ املساواة واملناصفة
وعدم التمييز.
إعداد الدراسات واألبحاث ذات الصلة بمجال اختصاصها ،وقياس درجة االلتزام بمبادئ -11
املساواة واملناصفة وعدم التمييز في مختلف مجاالت الحياة العامة والعمل على نشر نتائجها؛
تقييم املجهودات التي تبذلها الدولة ومختلف الهيئات واملؤسسات بالقطاعين العام والخاص -12
في مجال تحقيق مبادئ املساواة واملناصفة وعدم التمييز؛
إقامة عالقات التعاون والشراكة مع الهيئات واملنظمات ذات األهداف املماثلة. -13
املادة 3
279
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تبدي الهيئة رأيها في املشاريع واملقترحات املحالة عليها من لدن الحكومة أو أحد مجلسي البرملان،
خالل مدة ال تتجاوز شهرين ،تسري ابتداء من تاريخ توصلها بها.
يمكن للهيئة طلب تمديد األجل املذكور ،عند االقتضاء ،ملدة ال تتجاوز شهرا.
وفي حالة عدم اإلدالء برأيها في اآلجال املشار إليها أعاله ،تعتبر املشاريع واملقترحات املحالة عليها غير
مثيرة ألي مالحظات لديها.
وفي حالة إبداء الهيئة لرأيها بمبادرة منها في املشاريع املشار إليها في املادة 2أعاله ،يتعين عليها إبداءه
قبل اعتماد هذه املشاريع من قبل الحكومة.
الباب الثالث
تأليف الهيئة
املادة 4
تتألف الهيئة ،عالوة على الرئيس الذي يعين بظهير شريف ،من (ستة عشر) 16عضوا يراعى في
تعيينهم املروءة والتجربة والكفاءة ،ويتوزعون كما يلي :
-فئة ممثلي الدولة :وتتكون هذه الفئة من :
• عضوين من أعضاء البرملان يعين أحدهما رئيس مجلس النواب واآلخر رئيس مجلس املستشارين،
بعد استشارة الفرق واملجموعات البرملانية؛
• عضو قاض يعينه املجلس األعلى للسلطة القضائية ؛
• عضو من أعضاء املجلس العلمي األعلى يعين بظهير شريف باقتراح من األمين العام لهذا املجلس ؛
-فئة ممثلي جمعيات املجتمع املدني :وتتكون هذه الفئة من ثالثة أعضاء يمثلون جمعيات املجتمع
املدني العاملة في املجاالت ذات الصلة باختصاصات الهيئة ،يعين كل واحد منهم من قبل رئيس
الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس املستشارين؛
-فئة ممثلي القطاع الخاص :وتتكون هذه الفئة من :
• عضوين يمثالن املنظمات املهنية األكثر تمثيال للمقاوالت ،يعينهما رئيس الحكومة باقتراح من هذه
املنظمات؛
• عضوين يعينهما رئيس الحكومة باقتراح من املركزيتين النقابيتين األكثر تمثيال؛
-فئة الخبراء :وتتكون هذه الفئة من ثالثة خبراء يعينهم رئيس الحكومة من بين األشخاص املشهود
لهم بالخبرة.
280
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
عالوة على األعضاء املشار إليهم أعاله ،يعين رئيس الحكومة عضوين يمثالن اإلدارات العمومية،
يشاركان في أشغال الهيئة وأجهزتها بصفة استشارية.
يعين أعضاء الهيئة ملدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
املادة 5
يفقد كل عضو عضويته في الهيئة في حالة الوفاة ،أو االستقالة أو فقدان الصفة التي عين على
أساسها بالهيئة ،وفي هذه الحالة يحيط الرئيس مجلس الهيئة علما بذلك ،ويتم تعيين خلف له خالل
أجل أقصاه ستون يوما وفق الكيفية التي عين وفقها سلفه ،وذلك للفترة املتبقية من مدة عضوية
هذا األخير.
الباب الرابع
أجهزة الهيئة واختصاصاتها
املادة 7
تتكون الهيئة من األجهزة التالية :
-مجلس الهيئة ؛
-رئيس الهيئة ؛
-اللجان الدائمة للهيئة.
الفرع األول
يتألف مجلس الهيئة من أعضاء الهيئة املشار إليهم في املادة 4أعاله ،ويمارس االختصاصات التالية:
-إبداء الرأي في جميع القضايا ومشاريع النصوص القانونية املعروضة على الهيئة من طرف
الحكومة أو البرملان ؛
-التداول في شأن االقتراحات والتوصيات التي ترفعها الهيئة إلى الحكومة أو أحد مجلسي البرملان ؛
281
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
-التداول في شأن مشاريع الدراسات ومشروع التقرير السنوي ومشاريع التقارير املوضوعاتية التي
تعدها أجهزة الهيئة ؛
-البت في مآل نتائج وخالصات أشغال اللجان الدائمة واللجان املؤقتة املشار إليها بعده ؛
-املصادقة على النظام الداخلي للهيئة ؛
-املصادقة على مشروع برنامج العمل السنوي للهيئة ؛
-املصادقة على امليزانية السنوية للهيئة ؛
-املصادقة على التقرير الذي يعده رئيس الهيئة حول حصيلة أشغالها السنوية.
يمكن ملجلس الهيئة ،باقتراح من الرئيس ،إحداث لجان مؤقتة ،يكلفها بدراسة موضوع معين يدخل
ضمن صالحيات الهيئة.
املادة 9
تنعقد دورات مجلس الهيئة العادية مرتين في السنة على األقل وفق الكيفيات املحددة في النظام
الداخلي للهيئة.
كما يمكن ملجلس الهيئة عقد دورات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك ،بمبادرة من رئيس الهيئة
أو بناء على طلب من أغلبية أعضائها.
املادة 10
ينعقد مجلس الهيئة بصفة قانونية بحضور ثلثي أعضائه على األقل ،وفي حالة عدم اكتمال النصاب
القانوني يوجه رئيس الهيئة دعوة ثانية لعقد اجتماع موال بعد خمسة عشر يوما على األقل.
ويصبح هذا االجتماع قانونيا مهما كان عدد األعضاء الحاضرين.
يتخذ مجلس الهيئة قراراته بإجماع أعضائه ،وفي حالة تعذر ذلك بأغلبية ثلثي أعضائه الحاضرين.
يجوز لرئيس الهيئة أن يدعو الجتماعات مجلس الهيئة ،بصفة استشارية ،كل شخص أو هيئة يرى
فائدة في حضورها.
الفرع الثاني
282
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
يتمتع رئيس الهيئة عالوة على املهام املسندة إليه بموجب مواد أخرى من هذا القانون ،بجميع
السلط والصالحيات الضرورية لتسيير شؤون الهيئة وضمان حسن سيرها .ولهذا الغرض يمارس
االختصاصات التالية :
-يضع جدول أعمال مجلس الهيئة ويرأس اجتماعاته ويسهر على تنفيذ قراراته ؛
-يعد برنامج عمل الهيئة السنوي ويعرضه على مجلس الهيئة للمصادقة عليه ؛
-يقترح مشروع امليزانية السنوية للهيئة ويعرضه على مجلس الهيئة للمصادقة عليه ؛
-يوظف ويعين املوارد البشرية الالزمة لقيام الهيئة بمهامها طبقا ألحكام املادة 19من هذا
القانون ؛
-يوقع اتفاقيات التعاون والشراكة املشار إليها في املادة 2أعاله،
ويسهر على تنفيذها بعد املصادقة عليها من قبل مجلس الهيئة ؛
-يسهر على تنسيق أشغال اللجان الدائمة واملؤقتة املحدثة لدى مجلس الهيئة ؛
-يعد التقرير السنوي حول حصيلة أنشطة الهيئة وآفاق عملها ويعرضه على مجلس الهيئة
للمصادقة تمهيدا لتقديمه أمام البرملان طبقا ألحكام املادة 12من هذا القانون ؛
-يقوم باسم الهيئة بجميع األعمال التحفظية املتعلقة بممتلكات الهيئة.
يمكن لرئيس الهيئة أن يفوض عند االقتضاء بعض مهامه إلى األمين العام أو إلى أحد املسؤولين
العاملين تحت إمرته.
يعتبر الرئيس الناطق الرسمي باسم الهيئة وممثلها القانوني إزاء الدولة وكل إدارة أو هيئة عامة أو
خاصة وأمام القضاء وإزاء الغير.
املادة 12
طبقا ألحكام الفصل 160من الدستور ،يقدم رئيس الهيئة تقريرا عن أعمال الهيئة مرة واحدة في
السنة على األقل ،ويكون هذا التقرير موضوع مناقشة من قبل البرملان.
ينشر هذا التقرير بالجريدة الرسمية.
الفرع الثالث
283
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الباب الخامس
التنظيم اإلداري والمالي للهيئة
املادة 14
284
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
يحدد تنظيم واختصاصات املصالح اإلدارية والتقنية للهيئة بموجب النظام الداخلي للهيئة.
املادة 16
تعتبر العضوية في الهيئة تطوعية .غير أنه يمكن منح تعويضات عن املهام املوكولة لألعضاء من
طرف الهيئة ،تحدد مقاديرها وشروط منحها وكيفية صرفها بموجب مرسوم.
املادة 17
ترصد الدولة لفائدة الهيئة االعتمادات املالية الالزمة لتمكينها من القيام بمهامها ،وتسجل هذه
االعتمادات في امليزانية العامة للدولة.
املادة 18
يحدد التنظيم املالي واملحاسبي للهيئة بموجب قرار للسلطة الحكومية املكلفة باملالية.
يعتبر رئيس الهيئة هو اآلمر بصرف ميزانية الهيئة وفق القواعد واإلجراءات املنصوص عليها في
التنظيم املالي واملحاسبي املذكور ،وله أن يعين األمين العام للهيئة آمرا مساعدا بالصرف.
ويتولى محاسب عمومي ملحق بالهيئة بقرار من السلطة الحكومية املكلفة باملالية ،القيام لدى الهيئة
بجميع الصالحيات املسندة إلى املحاسبين العموميين ،بمقتضى القوانين واألنظمة املعمول بها.
يخضع تنفيذ ميزانية الهيئة ملراقبة املجلس األعلى للحسابات.
املادة 19
تستعين الهيئة ،من أجل ممارسة الصالحيات املخولة لها ،بموظفين يلحقون لديها طبقا للنصوص
التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ،أو بأعوان يتم توظيفهم بموجب عقود طبقا لنفس
الشروط
املطبقة على املوظفين العاملين بإدارات الدولة.
ويمكن للهيئة االستعانة ،عند االقتضاء ،بمستشارين وخبراء خارجيين من أجل القيام بمهام محددة
ولفترة معينة ،وذلك على أساس دفاتر تحمالت تحدد شروط التعاقد معهم.
الباب السادس
285
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
يدخل هذا القانون حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ تعيين رئيس الهيئة وتنصيب أعضائها.
غير أنه ،في انتظار تنصيب املجلس األعلى للسلطة القضائية يعين العضو القاضي املشار إليه في
املادة 4أعاله من قبل املجلس األعلى للقضاء القائم حاليا.
286
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المراجــــــــــــــــــع
الــكتــب:
عطrrوي ،عبrrد هللا" :الســكان و التنميــة البشــرية" :دار النهضrrة العربيrrة بrrيروت ط 1 .1
.2004
صالح علي نيوف" :مدخل إلى الفكر السياسي الغربي" الجزء األول ،منشورات كليrrة .2
القانون و العلوم السياسية األكاديمية العربية في الدنمارك:
www.ao-academy.org/docs/western_idea_by_salah_nayouf.doc
.عبد النور ،ناجي":النظام السياسي الجزائري من األحادية إلى التعددية السياسية"، .3
الجزائر :مديرية النشر قائمة .2006
سليمان السيد أحمد سماء" :دور المنظمات الدولية في تفعيل الحقوق السياسية .4
للمرأة" موقع شبكة األخبار العربية (دراسة مقارنة لحالتين األمم المتحدة و الجامعة
العربية( anntv.tv/new/showsubject.aspx?ID=1324 : .)2006-1990
معجم ابن منظور" ،لسان العرب " ج III، 1232 :ماليزيا. .5
بنع??دادة أس??ماء" المVVرأة والسياسVVة " دراسVVة سوسVVيولوجية للقطاعVVات النسVVائية .6
الحزبية" ،منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي ،الرباط ،سلسلة األطروح??ات،2 ،
الطبعة األولى .2007
المصدق ،رقية "المرأة والسياسة :التمثيل السياســي في المغــرب" دار توبقrrال للنشrrر، .7
.1990الدار البيضاء.
يعقوب يوسف الكندري " :الثقافة والصحة والمرض :رؤية جديدة في األنثروبولوجيا .8
المعاصرة " مجلس النشر العلمي ،جامعة الكويت ،الكويت .2003
إيعيش العربي ،اللوبي النسائي المغربي و معركة الثلث في أفق المناصفة ،دفاتر وجهة .9
نظر الطبعة األولى .2012
287
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
:Ouvrages
1. Abbadi (Driss), gouvernance participative locale au Maroc, Mohammedia
Imp. de Fedala, Edition 2004;
6. Hejjam (Aicha); Etude relative au projet de loi sur les partis politiques au
Maroc, Association démocratique des femmes au Maroc, Casablanca
2004 ;
288
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الملتقى الديمقراطي الثاني و الثالث النساء و السياسة :رؤى دينية – إشكاليات و .2
حلول – تنظيم منتدى العربي لحقوق اإلنسان 23- 14سبتمبر – 2004صنعاء.
دور المرأة المغربية في ملحمة االستقالل والوحدة " ندوة علمية 7 – 6 ،مارس .3
2000م منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
س سيلفيا سابو :حلقة نقاش بشان مشاركة المرأة والرجل على قدم المساواة في .4
عمليات صنع القرار لجنة وضع المرأة ،الدورة الخمسون ،متابعة المؤتمر العالمي
الرابع المعني بالمرأة و الدورة االستثنائية للجمعية العامة.
"المقاومة النسائية بالمغرب " ندوة علمية يومي 7و 8مارس 2003بفاس، .5
منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
رشيق (زهور) " :ممارسة الفعل السياسي للمرأة داخل األحزاب " في ندوة المرأة .6
في الحقل السياسي ،يونيو 2002؛
النسيج المحلي لشركاء المدرسة ،دليل المدرسة المغربية و التعبئة المجتمعية .7
منشورات منتدى المواطنة .2011
حركة التوحيد واإلصالح " موقفنا مما سمي " مشروع إدماج المرأة في التنمية " .8
منشورات الفرقان ،الطبعة الرابعة.2000 ،
المرأة المغربية في ملحمة االستقالل والوحدة " تراجم عن حياة المرأة المقاومة، .9
الجزءاألول والثاني ،منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش
التحرير،مطبعة بني إزناسن.2002 ،
289
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
من أجل تشريع جنائي يحمي النساء من التمييزوالعنف ،دراسةمن إنجاز الجمعية .10
الديمقراطية لنساء المغرب والجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء ،يونيو
،2010الدار البيضاء.
دليل الشباب و المواطنة ،منشورات منتدى المواطنة ،2011الدار البيضاء. .11
المرأة المغربية في ملحمة اإلستقالل و الوحدة تراجم عن حياة المرأة المقاومة الجزأ .12
الثالث "،منشورات المندوبية السامية للمقاومة وجيش التحرير" .2009
المقاالت:
النصوري عثمان " ،تاريخ المرأة المغربية في العصر الحديث " مجلة األمل ،عدد مزدوج 13 .1
و 14سنة 1998
الناصري خالد ،مدير المعهد العالي لإلدارة "،الحركات النسائية واالنتقال الديمقراطي بالمغرب .2
" ورد ضمن الديمقراطية المبتورة ،النساء والسلطة السياسية بالمغرب ،مركز تكوين القيادات
النسائية ،منشورات الجمعية الديمقراطية للنساء المغرب .2001
لطيفة لعروسي ،الموضوع " :المرأة المغربية بين مقاومة االستعمار والحضور .3
السياسي"جريدة الشرق األوسط بتاريخ الجمعة 7مارس ،2014عدد 12883
بابا أحمد ،فاطمة الزهراء " مبدأ المناصفة :التأسيس الدستوري و رهانات التنزيل ،مسالك .4
في الفكر و السياسة و االقتصاد عدد مزدوج .2013- 24-23
زعيمي سناء " ،الوضع القانوني للمرأة المغربية بين الكونية و الخصوصية " بحث لنيل دبلوم .5
الدراسات العليا المعمقة في القانون السياسي ،كلية ع .ق.اق.اج بفاس ظهر المهراز - 2006
.2005
حميمنات ،سليم" :من مدونة األحوال الشخصية إلى مدونة األسرة الجديدة :قضية المرأة .6
كمدخل للتحديث المجتمعي مجلة وجهة نظر العدد 42خريف .2009
علي القاللي :االنتخابات بالمغرب بين نمط االقتراع الفردي ونظام الالئحة ،م .دراسات ووقائع .7
دستورية و سياسية ،العدد الخامس .2003
زين الدين ،محمد "الحقوق السياسية للمرأة بين التمثالت المجتمعية والترسانة .8
القانونية"،مجلة مسالك في الفكر و السياسة و االقتصاد عدد مزدوج .2013/ 24- 23
290
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الجنحاني ،الحبيب"،المجتمع المدني "كراسات استراتيجية ،مجلة فصلية تصدر عن مركز 12
الدراسات والبحوث االستراتيجية بجامعة دمشق ،العدد األول – السنة األولى -خريف 2000
لكريني ،إدريس :نظام " الكوطا" وواقع المشاركة النسائية في البرلمان ،مجلة الشعلة 13
التحوالت المجتمعية بمغرب اليوم عدد 12يناير 2010
علي أسعد" ،التنشئة االجتماعية ودورها في بناء الهوية عند األطفال" ،مجلة الطفولة العربي??ة 14
.2007
يوسف العبد الغفور،فوزية وأحمد ابراهيم ،معصومة :أساليب التنشئة االجتماعية في مرحلة 15
الطفولة المبكرة عند األسر،.........المجلة العربية للعلوم اإلنسانية. 1998 ،
حزب العدالة والتنمية ،البرن??امج االنتخ??ابي " نح??و مغ??رب أفض??ل من أج??ل نهض??ة ش??املة " .1
.2002
البرنامج االستراتيجي متوسط المدى لمأسسة مبدأ المساواة بين الجنس??ين في قط??اع الوظيف??ة .2
العمومية منشورات وزارة تحديث القطاعات العامة ،دجنبر .2006
البرنامج االستراتيجي متوسط المدى لمأسسة مبدأ المساواة بين الجنسين في قطاع االتص??ال، .3
الرباط غشت .2006
القانون رقم 17. 08المغير والمتمم بموجبه القانون رقم 78.00المتعلق بالميثاق الجماعي .4
المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5711بتاريخ 23فبراير .2009
الجماعات المحلية في أرقام مطبوع??ات وزارة الداخلي??ة المديري??ة العام??ة للجماع??ات المحلي??ة .5
طبعة .2009
المدونة الجديدة لالنتخابات ،سلسلة النصوص التشريعية الصادر بالجريدة الرسمية بت??اريخ 3 .6
أبريل .1997
291
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تقرير لجنة الداخلية حول مشروع القانون 36. 08القاض??ي بتغي??يروتتميم الق??انون رقم 97 .8
المتعلق بمدونة االنتخابات.
دليل حول مسطرة طلب المشاريع " وزارة الداخلية " صندوق الدعم لتش??جيع تمثيلي??ة النس??اء .9
ص 3ابريل .2009
الرسائل و األطروحات:
سكار ،عائشة " :المرأة المغربية والديمقراطية " رسالة لنيل دبلوم الدراسrrات العليrrا .1
المعمقة في القانون العام ،كلية الحقوق جامعة القاضي عياض مراكش
بنحميدو ،سعيدة " :السياســي والنســائي في تجربــة الحركــة النســائية بــالمغرب أيــة .2
عالقة ؟" رسالة نيrrل دبلrrوم الدراسrrات العليrrا المعمقrrة ،كليrrة الحقrrوق جامعrrة الحسrrن
الثاني ،عين الشق الدار البيضاء،
عز ،نrrور الrrدين ":تأهيrrل المشrrهد الحrrزبي على ضrrوء قrrانون األحrrزاب رقم 36-04 .3
"بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعقمة في القانون العام ،لسنة .2006
الكرامي ،محمد فاضل" :النظام السياسي المغــربي و إشــكالية المشــروعية الحداثيــة .4
على ضوء التحوالت االجتماعية المعاصرة" ،أطروحة دكتrوراه قrانون عrام ،جامعrة
الحسن الثاني -البيضاء 2000
الخطب الملكية:
الخطاب الملكي ل 20 :غشت 1999
292
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
مقتطف من الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركات في القمة العالمية للنساء بمراكش سنة
.2004
الــفــــهـــــرس
فصل تمهيدي:
293
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
294
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
تطويرها
295
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المبحث األول :التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب بين البعد الوطني و المحلي
296
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
الفقرة األولى :وزارة الداخلية :صندوق دعم التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
المقاربة المدنية ودورها في الرفع من التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب المبحث الثاني:
الفقرة الثانية :اللوبي النسائي ودوره في إقرار (الكوطا) كآلية لتجاوز معيقات التمثيلية السياسية
الفقرة الثانية :دور مؤسسات التنشئة اإلجتماعية و السياسية :التربية على المساواة و المواطنة.
الخاتمة:
297
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
298
التمثيلية السياسية للنساء بالمغرب
299