You are on page 1of 128

‫تخصص تاريخ معاصر‬

‫مطبوع بيداغوجي لطلبة السنة الثانية ماستر‬


‫تاريخ المقاومة والحركة الوطنية‪.‬‬

‫مقياس ‪:‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م – ‪1962‬م‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬د‪ .‬سباعي سيدي عبد القادر‬

‫السنة الدراسية ‪2022-2021‬‬


‫المختصرات‬
‫‪ -‬االتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري ‪U.D.M.A‬‬

‫‪ -‬جبهة التحرير الوطني ‪F.L.N‬‬

‫‪ -‬جيش التحرير الوطني ‪A.L.N‬‬

‫‪ -‬حركة انتصار الحريات الديمقراطية ‪M.T.L.D‬‬

‫‪ -‬الحركة الوطنية الجزائرية ‪M.N.A‬‬

‫‪ -‬الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ‪G.P.R.A :‬‬


‫‪ -‬الحزب الشيوعي الجزائري ‪P.C.A‬‬

‫‪ -‬المنظمة الخاصة ‪O.S‬‬

‫‪ -‬اللجنة الثورية للوحدة والعمل ‪C.R.U.A‬‬

‫‪ -‬المنظمة العسكرية المسلحة ‪O.A.S‬‬


‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫تقـديـم‬
‫خاض الشعب الجزائري عدة مقاومات شعبية لتخليص البالد من االستعمار الفرنسي‪،‬‬
‫ثم انتقل إلى النضال السياسي منذ مطلع القرن ‪ 19‬م‪ ،‬عبر خالله رفضه الدائم للرضوخ لواقع‬
‫االحتالل والسياسة الكولونيالية الفرنسية‪ ،‬فلم يستسلم للمخطط االستعماري‪ ،‬ونتج عن هذا‬
‫الرصيد النضالي الطويل ثورة أول نوفمبر ‪ 1954‬التي أعلنتها جبهة التحرير الوطني‪ ،‬هذه‬
‫الحركة الثورية التي تبنت جملة من المبادىء واألهداف أعلنتها من خالل مواثيق الثورة‪.‬‬
‫تمكن الشعب الجزائري بقيادة جبهة التحرير الوطني من النصر وتحقيق االستقالل‬
‫الوطني بعدما قدم مليون ونصف المليون من الشهداء من خيرة أبنائه ثمنا لذلك‪ ،‬كما عانى‬
‫أثناء الثورة ‪ 1962-1954‬من كل ويالت الحرب التي فرضها عليه االستعمار الفرنسي‪ ،‬لما‬
‫تعرض له من جرائم متنوعة مست كل جوانب الحياة‪ ،‬فتفنن الجيش الفرنسي في عمليات‬
‫القتل الجماعي والفردي‪ ،‬كما استعمل التهجير والتعذيب والتفقير الجماعي للعزل‪ ،‬فأحاط‬
‫البالد بسياج من حديد‪ ،‬وأقام المعتقالت والمحتشدات والمناطق المحرمة‪.‬‬
‫قد حاول االستعمار الفرنسي قمع الثورة بكل ما يملك من تنوع وقوة أسلحته وقوانينه‬
‫الردعية التعسفية ناهيك عن سياسة القمع والمناورات السياسية‪ ،‬ولكن بفضل عزيمة الشعب‬
‫الجزائري وإلتفافه حول جبهته وإصراره على استرجاع أرضه وسيادته‪ ،‬وخاصة ثبات جبهة‬
‫التحرير على مواقفها التي أقرتها في مواثيقها من مبادىء أساسية التي ضحى من أجلها‬
‫الشهداء وهي الوحدة الترابية والسيادة الكاملة‪ ،‬وفرض منطق الجبهة في المفاوضات على‬
‫الطرف الفرنسي‪.‬‬
‫وإن التفاف الشعب بكل أطيافه مع الجبهة باإلضافة المساعدات المادية والمعنوية‬
‫المقدمة للثورة الجزائرية من قبل األشقاء العرب والشعوب الصديقة‪ ،‬كل هذا ساهم بقسط‬
‫كبير على نجاح الثورة وثباتها على شرعية مطالبها إلى أن تحق استقالل الجزائر في‬
‫‪5‬جويلية‪1962‬م بعد مخاض عسير من المفاوضات الشاقة‪.‬‬
‫وهذه الدراسة حول مقياس الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م المعتمد في تخصص‬
‫المقاومة والحركة والوطنية والذي يحتوي على المحاور التالية‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬ظروف وعوامل انطالق الثورة الجزائرية في ‪.1954‬‬ ‫‪-‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬المواقف المحلية والخارجية من اندالع الثورة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬تطور الثورة الجزائرية عسكريا وتنظيميا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬سياسات الحكومات الفرنسية حيال الثورة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬المفاوضات وتقرير المصير‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وحتى يتمكن الطالب استيعاب محتوى هذا المقياس واإلحاطة بأهم المحطات التي‬
‫عرفتها الثورة‪ ،‬قسمت كل محور إلى عدة عناوين على شكل محاضرات وأعمال تطبيقية‪،‬‬

‫]‪[2‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫واعتمدت في هذا المطبوع خاصة على األعمال األكاديمية (رسائل ومذكرات‪ ،‬ومقاالت)‬
‫لألساتذة الجامعيين حول مواضيع معينة في الثورة‪ ،‬باإلضافة إلى الكتب المتخصصة‬
‫للباحثين‪ ،‬وكذلك على بعض مذكرات الفاعلين أثناء الثورة‪.‬‬

‫]‪[3‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫المحور األول‪ :‬ظروف وعوامل انطالق الثورة الجزائرية في ‪1954‬‬


‫إن تفجير الثورة الجزائرية في الفاتح من نوفمبر ‪1954‬م لم يكن وليد اللحظة بل كان‬
‫نتيجة لتراكم جملة من األحداث وخيبات األمل التي منيت بها الحركة الوطنية منذ بداية‬
‫نشاطها في بداية القرن ‪ 20‬م وقبلها فشل المقاومات الشعبية المسلحة في استرجاع السيادة‬
‫الوطنية وكذلك نتيجة الوضع المأساوي الذي كان يعيشه الشعب الجزائري بسبب السياسة‬
‫الكولونيالية الفرنسية االستللالية التي استهدفت األرض واإلنسان معا‪.‬‬
‫يرتبط مفهوم حركات التحرير الوطني بتطور النضال الذي تخوضه من أجل االستقلال‪،‬‬
‫مما يعني أن هذا المفهوم له طابع ديناميكي يساير الظروف والتليرات التي تطرأ على‬
‫المجتمع الدولي وتطوير األهداف التي تعمل الحركة على تحقيقها‪. 1‬هذه الظروف التي‬
‫استللها أحرار الجزائر لمواكبة األحداث الدولية واإلقليمية وذلك بإعلان عن حركة تحريرية‬
‫ثورية كانت تتويجا لنضال الحركة الوطنية‪ ،‬فكيف أثرت وساعدت هذه الظروف على نجاح‬
‫الثورة الجزائرية ؟‬
‫‪ -1-1‬الظروف الدولية‬
‫إذا كانت الحرب العالمية األولى قد عززت قوة اإلمبراطوريتين الكولونياليتين الفرنسية‬
‫والبريطانية‪ ،‬فإن الحرب العالمية الثانية تركت هاتين الدولتين في وضعية اقتصادية وسياسية‬
‫حرجة‪ ،‬وتراجعت مكانتهما السياسية م ع بداية تحقيق الحركات التحررية لمطالبها وأهدافها‬
‫المتمثلة في الحرية واالستقلال"‪.2‬‬
‫وقد شهد العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بروز قوى عالمية جديدة وانقسام العالم‬
‫إلى كتلتين متنافستين‪ ،‬وهذا التكتل أدخل العالم في حرب باردة ‪.‬‬
‫هذه الحرب عرفت فترات انفراج استللتها أصوات من الكتلتين تدعو إلى ضرورة‬
‫احترام مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها‪ ،‬وهذا ما ساعد على اتساع دائرة الحركات‬
‫التحررية خاصة في القارتين اإلفريقية واألسيوية‪ ،‬وكانت الثورة الفيتنامية أول حركة‬
‫تحررية مسلحة تمكنت من استرجاع حرية البلاد من االستعمار الفرنسي بعد أذلت جيشه في‬
‫معركة ديان بيان فو ماي ‪.1954‬‬
‫وعلى مستوى الوطن العربي‪ ،‬فإن تأسيس الجامعة العربية جعل منها منبرا للمطالب‬
‫العربية أمام المجتمع الدولي‪ ،‬فكانت حركة الضباط األحرار في مصر (الثورة المصرية)‬
‫‪ 1952‬أول حركة عربية تتخلص من قيود اإلمبريالية اللربية‪ ،‬وكذلك من النظام الملكي‬
‫الذي لم يكن في مستوى طموحات الشعب المصري‪ ،‬كما كانت هذه الحركة أول انقلاب‬
‫عسكري في البلاد العربية‪ ،‬والذي أعطى معنى جديد لطبيعة النظام السياسي‪ ،‬وتحولت مصر‬
‫قبلة للعرب األحرار وحاضنة لحركاتهم التحررية ‪.‬‬

‫‪Ibrahim Ghafa , «l’intellectuel et la révolution Algérienne », éditions distributions Houma, Alger, 2001,‬‬
‫‪1‬‬

‫‪P 60.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Jean Lacouture Jean, « Cinq hommes et la France », Edition du Seuil, Paris, 1961, P153.‬‬

‫]‪[4‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫‪ -2-1‬الظروف اإلقليمية‬
‫إن األحداث التي عاشها الشمال اإلفريقي لها داللتها في اندالع العمل التحرري في‬
‫الجزائر بحكم الموقع الجلرافي من جهة والوجود االستعماري المشترك من جهة أخرى‪،‬‬
‫ففي تونس ومع مطلع سنة ‪ 1952‬انطلقت العمليات المسلحة لتشمل معظم المناطق الجنوبية‬
‫بل وحتى المدن الساحلية‪ 1‬إلنهاء الحماية الفرنسية‪ ،‬وفي سنة ‪ 1954‬بدأت المفاوضات مع‬
‫فرنسا منذ ‪ 4‬سبتمبر حول تحقيق االستقلال الداخلي بعد التصريح الذي جاء به منديس‬
‫فرانس‪.2‬‬
‫أما في الملرب‪ ،‬بعد نفي محمد الخامس في ‪20‬أوت ‪ 1953‬بدأ اللليان يسود في‬
‫الملرب كله‪ :‬مظاهرات صاخبة واضطهاد واعتقاالت وأعمال فدائية‪ ،‬وبدأ الطرف الفرنسي‬
‫في شن حملات واسعة من االضطهاد في ‪ 10‬أوت ‪ 1954‬على الدار البيضاء ومكناس‬
‫وبفاس أين دامت الحملات أكثر من أسبوع‪ ،‬األمر الذي زاد سخطا على فرنسا من العالم‬
‫العربي واإلسلامي‪ ،‬وزاد الملرب دعاية في قضيته‪ ،‬وخاصة بعد عزل الملك محمد‬
‫الخامس‪ ،‬وهذا أدى إلى بداية التحضير للمقاومة الملربية‪.‬‬
‫‪ -3-1‬الظروف المحلية‬
‫أخذ الكفاح السياسي يشتد منذ الثلاثينات مع تطور الحركة الوطنية وعقدها المؤتمر‬
‫اإلسلامي‪ ،1936‬وأثناء الحرب العالمية الثانية قدم الوطنيون للسلطة الكولونيالية وحلفائها ما‬
‫يعرف ببيان فبراير‪ ،1943‬وقد انتشرت لدى المناضلين الجزائريين عامة الفكرة االستقلالية‬
‫وتبلورت لدى البعض اآلخر الفكرة الثورية لما تعرض له الشعب الجزائري من مجازر في‬
‫‪ 8‬ماي ‪.1945‬‬
‫وبعد الحرب العالمية الثانية أطلق سراح مناضلي الحركة الوطنية بموجب قانون العفو‬
‫الشامل في ‪ 16‬مارس ‪1946‬م‪ ،‬أعاد الجزائريون تنظيم أحزاب الحركة الوطنية بأسماء‬
‫جديدة‪ ،‬حيث أسس فرحات عبا س‪ 3‬حزبا له حمل اسم االتحاد الديمقراطي للبيان‬
‫الجزائري‪ U.D.M.A‬في ‪ 4‬ابريل ‪ ، 1946‬كما أعاد مناضلو حزب الشعب بعث حزبهم‬
‫تحت في أول مؤتمر التاريخي لهم تحت اسم حزب حركة االنتصار الحريات الديمقراطية‬
‫‪ PPA-MTLD‬كان في ‪ 16-15‬فيفري‪ 1947‬تحت قيادة مصالي الحاج‪ .4‬وأهم ما يميز هذه‬

‫‪ 1‬مولود قاسم نايت بلقاسم‪ ،‬ردود الفعل األولية داخلا وخارجا على غرة أول نوفمبر‪ ،‬ط‪ ،1‬دار األمة الجزائر ط‪ 1‬دار األمة‬
‫الجزائر‪ ، 2007 ،‬ص‪.18‬‬
‫‪ 2‬بن يوسف بن خدة‪" ،‬جذور أول نوفمبر‪ ،"1954‬تر‪ :‬مسعود حاج مسعود‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الشاطبية‪ ،‬الجزائر‪ ،2012،‬ص‬
‫ص‪.178-176‬‬
‫‪ 3‬فرحات عباس مكي من مواليد ‪ 24‬أوت ‪ 1899‬بالطاهير جيجل‪ ،‬تلقى تعلمه الجامعي بكلية الصيدلة بالجزائر العاصمة‪،‬‬
‫يعد من مؤسسي المؤتمر اإلسلامي الجزائري ‪ 7‬جوان ‪ ،1936‬وأحباب البيان والحرية ‪ 14‬مارس ‪ . ،1944‬انضم للثورة‬
‫الجزائرية ولقيادة جبهة التحرير بالقاهرة يوم ‪ 22‬أفريل ‪1956‬‬
‫‪ 4‬أحمد مصالي الحاج‪ ،‬ولد ‪16‬ماي ‪ 1898‬بتلمسان‪ ،‬أسس نجم شمال إفريقيا ‪ 1926‬بباريس بمعية العمال الملاربة‬
‫والتونسيين والجزائريين‪ ،‬ثم تولى رئاسة النجم‪ 1927‬كان أول داعية لإلستقلال الوطني‪ ،‬أسس ‪ PPA‬في ‪ ،1937‬وبعد‬
‫]‪[5‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫المرحلة تأسيس المنظمة الخاصة ‪ Organisation Spéciale‬للتحضير للعمل المسلح‪ ،‬وكان‬


‫تأسيس هذا التنظيم شبه العسكري سببا في تزايد التيار الثوري داخل الحزب‪ ،‬أما الحزب‬
‫الشيوعي الجزائري واصل نشاطه بنفس مواقفه المعادية للفكرة الوطنية‪.‬‬
‫وتمكنت اإلدارة الكولونيالية بعد صدور القانون الخاص بالجزائر في ‪20‬‬
‫سبتمبر‪ 1947‬من احتواء الحركة الوطنية‪ ،‬حيث أدخلتهم في السباق والتنافس االنتخابي ما‬
‫بين ‪ 1948‬و‪ 1952‬مبتعدين عن مطالبهم االستقلالية‪.‬‬
‫‪ -2‬انطالق الثورة الجزائرية‬
‫إن دخول الحركة الوطنية في دوامة لعبة االنتخابات المزورة وعدم تمكنها من الخروج‬
‫من حالة الصراع البيني الضيق والمللوط الذي أقحمت فيه منذ صدور القانون الخاص‬
‫بالجزائر‪ ،‬وكذلك فشلها في تكوي ن جبهة وطنية موحدة للدفاع عن مطالبها ومواجهة اإلدارة‬
‫الكولونيالية‪ ،‬التي أصبحت تتحكم في دواليب وحركية القوة التي كانت حية في البلاد المتمثلة‬
‫في الحركة الوطنية عامة وحركة االنتصار خاصة‪ ،‬كل هذا أثر على الوحدة الداخلية‬
‫لألحزاب الوطنية‪.‬‬
‫‪ -1-2‬أزمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية‬
‫بعد اكتشاف المنظمة الخاصة واعتقال مصالي الحاج‪ 1‬أثناء محاولته تكوين تحالف بين‬
‫أحزاب الحركة الوطنية أطلق عليه جبهة الدفاع عن الحرية‪ ،‬قامت السلطات بنفيه إلى فرنسا‬
‫وفرضت عليه اإلقامة الجبرية بمدينة نيور ‪ Niort‬غرب فرنسا‪.‬‬
‫وفي هذه المرحلة شهدت الساحة السياسية الجزائرية نزاعا شديدا بين القوى السياسية‪،‬‬
‫ومست هذه الظاهرة حزب ‪ M.T.L.D‬فشب الخلاف بين مصالي وبين أكثرية أعضاء اللجنة‬
‫المركزية حول أسلوب عمل وإدارة الحزب‪ ،‬وتكرس الشقاق الكامل أثناء وبعد المؤتمر‬
‫الثاني للحزب المنعقد بالجزائر العاصمة أيام ‪ ،6 ،5 ،4‬أبريل ‪ ،1953‬وسحب مصالي ثقته‬
‫من اللجنة المركزية الجديدة‪ ،‬وطالب بصلاحيات مطلقة إلصلاح الحزب‪ ،‬وهو األمر الذي‬
‫رفضته اللجنة المركزية‪ ،‬وعليه انقسم الحزب إلى اتجاهين‪:‬‬
‫‪ -‬الرئيس وأتباعه وأطلق هؤالء على أنفسهم المصاليين نسبة لزعيم الحزب‪، 2‬‬
‫واالتجاه الثاني‪.‬‬
‫‪ -‬كتلة اللجنة المركزية المتمثلة في بقية األعضاء و هم ‪ 27‬عضوا‪ ،‬ويعرفون‬
‫بالمركزيين‪.‬‬

‫مجازر ‪8‬ماي‪ 1945‬تحول هذا الحزب إلى‪ MTLD‬بعد إطلاق سراحه‪.‬أنظر بشير بلاح‪ :‬تاريخ الجزائر المعاصر من‬
‫‪ ،1989-1830‬ج‪ ،1‬دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ص‪.493-482‬‬
‫‪ 1‬جوان جليسبي‪" ،‬ثورة الجزائر"‪ ،‬تر‪ :‬عبد الرحمن صدقي أبو طالب‪-‬راشد لبراوي‪ ،‬الدار المصرية للتأليف والترجمة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،1966 ،‬ص‪.107‬‬
‫‪ 2‬بشير بلاح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.476‬‬
‫]‪[6‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫أ‪ -‬اللجنة الثورية للوحدة والعمل‬


‫إن تأزم الوضع بين المصاليين والمركزيين دفع بظهور طرف ثالث ال يؤمن بالعمل‬
‫السياسي أعضاؤه من المنظمة الخاصة‪ L’ O.S 1‬حاول الجمع بين جميع القوى الحية لألمة‪،‬‬
‫والتقريب بين الطرفين المتنازعين‪ ،‬وفي ‪ 23‬مارس ‪ ،1954‬انعقد اجتماع في مدرسة الرشاد‬
‫القرآنية جمع أربعة نشطاء هم‪ :‬بوضياف‪ ،‬بن بولعيد عن المنظمة الخاصة ‪ L’O.S‬والدخلي‬
‫وبوشبوبة من المركزيين‪ ،‬نتج عنه تشكيل اللجنة الثورية للوحدة والعمل ‪ ،CRUA‬وأصدروا‬
‫نشرية سموها الوطني ‪ Patriote‬لعرض أفكارهم لتكون أداة دعاية وسندا لهم في توجههم‬
‫الوحدوي‪.‬‬
‫حددت اللجنة الثورية لنفسها هدف إعادة توحيد الحزب وتوجيهه نحو عمل مسلح‪،‬‬
‫وكانت الفكرة في األصل تهدف لعقد مؤتمر يمكن أن يطلق عليه مؤتمر وحدة الحزب"‪.2‬‬
‫ولكن لما أدركوا أن المركزيين والمصاليين يعدون مؤتمراتهم بشكل منفصل رأى بوضياف‬
‫وبن بولعيد أنه من غير الضروري عقد المؤتمر المركزي واقترحوا التحضير للعمل الفوري‬
‫لتحقيق طموحات الشعب‪.‬‬
‫دعا نشطاء اللجنة الثورية ‪ CRUA‬إلى اجتماع ما بين ‪ 23‬و‪ 25‬جوان ‪ ،31954‬شارك‬
‫طا من المنظمة الخاصة‪ ،‬عرفوا بمجموعة ‪ ،22‬وأسماؤهم اآلتية‬ ‫فيه اثنان وعشرون ناش ً‬
‫حسب المناطق التي أتوا منها أو قاموا بتمثيلها في االجتماع ‪:‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ -1‬الجزائر العاصمة‪ :‬بوعجاج زبير‪ ،‬بلوزداد عثمان ومرزوقي محمد ودريش إلياس‬
‫صاحب البيت الذي اجتمعوا بين جدرانه‪.‬‬
‫‪ -2‬البليدة‪ :‬سويداني بوجمعة وبوشعيب محمد‪.‬‬
‫‪ -3‬وهران‪ :‬بوصوف عبد الحفيظ ورمضان بن عبد المالك‪.‬‬
‫‪ -4‬قسنطينة‪ :‬محمد مشاطي وحباشي عبد السلام ورشيد ملاح وسعيد بوعلي المدعو‬
‫<<الموتا>>‪ ،‬زيروت يوسف وبن طوبال وبن عودة‪ ،‬لعمودي عبد القادر‪.‬‬
‫‪ -5‬سوق اهراس‪ :‬مثله باجي مختار‪.‬‬
‫باإلضافة إلى الخمسة التاريخيين المنظمين لهذا االجتماع‪ ،‬وهم‪ :‬بوضياف‪ ،‬بن بولعيد‪،‬‬
‫بن مهيدي‪ ،‬ديدوش‪ ،‬بيطاط‪ ،‬والذين حضروا اجتماع إال ‪ 22‬مناضلا‪ ،‬أقل من عدد‬
‫المدعوين‪ ،‬وعقد اجتماع بجلستين في يوم واحد‪...‬وترأس الجلسة بن بولعيد‪.1‬‬

‫‪ 1‬المنظمة الخاصة ‪ ،L’OS.‬تنظيم شبه عسكري تقرر إنشاؤها في أول مؤتمر التاريخي لـ‪16-15 ،PPA-MTLD‬‬
‫فيفري‪ 1947‬للتحضير للعمل المسلح‪ .،‬أنظر‪ :‬بن يوسف بن خدة‪" ،‬جذور أول نوفمبر‪ ،"1954‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪-176‬‬
‫‪.178‬‬
‫‪ 2‬صالح بلحاج‪ ،‬تاريخ الثورة الجزائرية‪ ،‬صانعو أول نوفمبر ‪ :1954‬المواجهات الصلرى في المواجهة الكبرى‪ ،‬دار‬
‫الكتاب الحديث‪ ،‬الجزائر‪299 ،2010 ،‬صفحة‪ .‬ص‪.133‬‬

‫‪ -3‬هناك اختلاف في تحديد اليوم بالضبط بين الفاعلين والباحثين‪ ،‬وهناك من ذهب إلى قول أن االجتماع كان في ‪25‬‬
‫جويلية‪ ،‬والمتفق عليه أنه تم في يوم واحد بمنزل دريش إلياس بحي صالومبي (المدنية حاليا)‪.‬‬
‫‪ -4‬صالح بلحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.114‬‬

‫]‪[7‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫وبعد مناقشات ديمقراطية وحادة حول كيفية تفجير الثورة واإلعداد لها‪ ،‬تم انتخاب‬
‫بوضياف منسقا وطنيا للتحضير للثورة‪ ،‬كما أتفق المجتمعون على إنشاء لجنة على شكل‬
‫مجلس تكون فيه القيادة جماعية لتحضير الثورة‪ ،‬كانت مهمة هذه اللجنة تهيئة الظروف لبدء‬
‫العمل المسلح‪ ،‬إن هذا االجتماع كان بمثابة أول مجلس للثورة الجزائرية‪.‬‬
‫وبعد عقد مؤتمر إلطارات وقيادات التيار المركزي في‪ 01‬جويلية ‪ 1954‬الذي أبعد‬
‫فيه جماعة ‪ 22‬لم يعد لوجود اللجنة الثورية للوحدة والعمل ‪ CRUA‬معنى وال دورا‪ ،‬وتم حلها‬
‫في ‪ 20‬جويلية ‪ .21954‬وبالمقابل قام مصالي بعقد مؤتمر في هورنو بلجيكا في ‪15-13‬‬
‫جويلية ‪ 1954‬في غياب اللجنة المركزية‪ ،‬الذي أعلن فيه حل اللجنة المركزية واستبعاد‬
‫مسؤوليها الرئيسيين من الحزب‪ ،‬وكان الرد بطبيعة الحال من المركزيين بعقد مؤتمر بين‬
‫‪ 16-13‬أوت ‪ 1954‬بالعاصمة‪ ،‬وقرروا على أن المركزيين هم من يمثلون ويسيرون‬
‫الحزب‪ .3‬أما لجنة تحضير الثورة ركزت مجهودها في هذه الفترة على االتصاالت الداخلية‬
‫وخاصة مع ممثلي منطقة القبائل لتلتحق بالثورة‪ ،‬وهكذا اجتمع شمل ثوار كل مناطق الجزائر‬
‫في شهر أوت ‪. 1954‬‬
‫ب ‪ -‬تأسيس جبهة التحرير الوطني‬
‫إن التحضير للثورة بدأ بجمع األموال والسلاح‪ ،‬وابتداء من ‪ 8‬أكتوبر‪ ،1954‬شرع في‬
‫توزيع السلاح‪ ،‬الذي تم جمعه دون أن يشعر المستعمر وأعوانه بذلك‪ ، 4‬وكان من أهم‬
‫اجتماعات لجنة الست يوم ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1954‬بالعاصمة‪ ،‬والتي قررت تأسيس حركة ثورية‬
‫تحريرية تحمل اسم جبهة التحرير الوطني ‪ ،FLN‬واتفقوا على تقسيم البلاد إلى ‪ 5‬مناطق‬
‫وكلفوا‬ ‫وتكوين جيش التحرير الوطني‪ ،‬وإعداد إعلان سياسي عرف ببيان أول نوفمبر‬
‫محمد بوضياف وبن مهيدي وديدوش بتحرير هذا اإلعلان وعلى أن يحمل األفكار التي تم‬
‫االتفاق عليها‪.‬‬
‫وبعد لقاء ثان يوم ‪ 23‬أكتوبر‪ 1954‬تم عرض البيان في صيلته النهائية في اجتماع‬
‫لجنة الست لتحضير الثورة بالرايس حميدو‪ ،‬واتفقوا على تاريخ اندالع الثورة على أن يكون‬
‫ليلة ‪ 01‬نوفمبر‪ ،5‬وتقرر االحتفاظ بسرية التاريخ‪ ،‬إلى أن ينتقل النداء إلى الخارج‪ ،1‬إن‬
‫اجتماع ‪ 23‬أكتوبر كان آخر لقاء للزعماء الست قبل اندالع الثورة‪.‬‬

‫‪ -1‬أزغيدي محمد لحسن‪ ،‬مؤتمر الصومام وتطور ثورة التحرير الوطني الجزائرية ‪ ،1962-1956‬دار هومه‪،‬‬
‫الجزائر‪ 331 ،2009‬صفحة‪ .‬ص‪. 58‬‬

‫‪ 2‬أحمد توفيق المدني‪" ،‬هذه هي الجزائر"‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،2001 ،‬ص‪.191‬‬
‫‪ 3‬أزغيدي محمد لحسن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 57‬‬

‫‪ 4‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪ 5‬اعتبر يوم ‪ 15‬أكتوبر ‪ 1954‬انطلاقا لعملية تحرير الجزائر‪ ،‬غير أن هذا اليوم تلير إلى أول نوفمبر بعد أن تبين أن علال‬
‫الفاسي قد أفشى سر إعلان الثورة لمحمد يزيد بالقاهرة‪ .‬انظر‪ :‬عمار بوحوش‪ ،‬التاريخ السياسي للجزائر من البداية و للاية‬
‫‪ ،1962‬دار اللرب اإلسلامي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪ ،1987 ،‬ص‪.359‬‬

‫]‪[8‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫لقد نوقشت قضية كتابة المنشور وسحبه على اآللة الراقنة وكان عمر أوعمران يمتلك‬
‫واحدة في منطقة القبائل‪ ،‬ولكن ال يوجد من يحسن تشليلها‪ ،‬وتم تكليف المناضل الصحفي‬
‫محمد العيشاوي‪ 2‬في كتابة النص واقتناء كل مستلزمات الطباعة‪ ،‬ثم اتصلوا بقائد منطقة‬
‫القبائل كريم بالقاسم ‪-‬عن طريق أوعمران‪-‬الذي أخذه العيشاوي تحديدا إلى قرية إغيل إيموال‬
‫يوم ‪ 27‬أكتوبر ‪ ،1954‬وهكذا تمت عملية الطباعة بسحب ‪ 2300‬نسخة من النداء إلى‬
‫الشعب الجزائري‪ 3‬و ‪ 1100‬نسخة من البيان‪ ،‬ثم قام كريم بالقاسم بنقل الوثائق إلى العاصمة‬
‫لتوزيعها عشية اندالع الثورة‪ ،4‬وحتى ال تتسرب أية معلومات عن البيان‪ ،‬قرر قادة الوالية‬
‫الثالثة فرض الرقابة على الصحفي محمد العيشاوي الذي تولى طباعة البيان‪.5‬‬
‫إن هؤالء الذين أقدموا على تحرير البيان وأطلقوا على حركتهم الجديدة اسم جبهة‬
‫التحرير الوطني هم "جماعة من الشبان المسؤولين ومن المكافحين الوطنيين الواعين قد‬
‫جمعوا حولهم أغلبية العناصر السليمة في الحركة الوطنية وقرروا الشروع في العمل الثوري‬
‫إلى جانب المراكشيين والتونسيين " ‪ ،‬فمحررو البيان جاء توقيعهم باسم األمان ة ‪Le‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ ،secrétariat‬أي األمانة التنفيذية التي ستتولى قيادة الثورة‪ .‬أما المناشير التي وزعت على‬
‫الشعب لتعلن عن قيام الثورة رسميا في ‪ 1‬نوفمبر ‪ ،1954‬كانت تحمل إمضاء "لجنة الثورة‬
‫لإلتحاد والعمل"‪ ،‬لكن التجاوب العميق للجماهير الشعبية مع الثورة التحريرية واالنخراط‬
‫الواسع في صفوفها أدى بالمسؤولين إلى تليير عبارة اللجنة بجبهة التحرير الوطني أوائل‬
‫سنة ‪.1955‬‬
‫وبالنسبة لمسألة تسميتها بالجبهة‪ ،‬فالمقصود منها هي " تكتل لجميع التوجهات السياسية‬
‫واإليديولوجية والدينية لكل الوطنيين الجزائريين‪ ،‬فهي لم تكن حزبا وال تجمعا لعدة أحزاب‬
‫وإنما كانت حزب‪-‬أمة " بتعبير محمد بجاوي‪ ،‬ولقد عرفت الجبهة نفسها من خلال ما جاء في‬
‫جريدة المجاهد (العدد ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1957‬ص‪ )3‬من خلال تعريفها على» أنها ليست حزبًا‬

‫‪ 1‬محمد العيشاوي‪ ،‬انخرط في صفوف حزب الشعب في حدود ‪ ،1946‬عمل صحفيا في باريس لحساب مجلة "العالم‬
‫العربي"‪ ،‬كما عمل في جريدة الجزائر الحرة " ‪."Algérie libre‬أنظر‪ :‬حاروش نور الدين‪ ،‬مواقف بن يوسف بن‬
‫خدة النضالية والسياسية‪ ،‬قراءة في تاريخ الجزائر الحديث‪ ،‬دار األمة‪ ،‬الجزائر‪ ،2012 ،‬ص‪.219‬‬
‫‪ 2‬نداء جيش التحرير الوطني إلى الشعب حرر في نفس الوقت مع البيان ووزع على الشعب الجزائري ولكنه لم يذاع مثل‬
‫البيان‪ ،‬حسب هنري علاك ‪:‬‬
‫‪« L’appel de l’ALN n’a pas été publié »V : Henri Alleg, « La guerre d’Algérie » ,T3 ,temps‬‬
‫‪actueles,Paris ,1981, pp 507-511.‬‬
‫‪ 3‬عيسى كيشيدة‪ ،‬مهندسو الثورة‪ ،‬تر‪ :‬موسى أشرشور‪ ،‬منشورات الشهاب‪244 ،2003 ،‬صفحة‪.‬‬

‫‪ 4‬عمار بوحوش‪ ،‬التاريخ السياسي للجزائر‪ ...‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.361‬‬

‫‪ 5‬إبراهيم لونيسي‪" ،‬الصراع السياسي داخل جبهة التحرير الوطني خلال الثورة التحريرية ‪ ،"1962-1954‬دار هومة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2005 ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ -6‬بن غليمة سهام‪ ،‬الحرب النفسية في الثورة التحريرية الجزائرية ما بين ‪ 1958-1954‬بين التخطيط االستعماري‬
‫الفرنسي و ردود الفعل الجزائرية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية و‬
‫العلوم االجتماعية‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ .2017-2016‬ص‪.235‬‬
‫‪ 7‬أحمد الخطيب‪" ،‬الثورة الجزائرية"‪ ،‬ط‪ ،1‬دار العلم للملايين‪ ،‬بيروت‪ ،1958 ،‬ص‪.169‬‬
‫]‪[9‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫أو حركة أو فكرة أن جبهة التحرير الوطني هي األمة الجزائرية المجاهدة من أجل استقلالها‬
‫الكامل«‪.1‬‬
‫تقرر أن يلتحق محمد بوضياف بالقاهرة ويتصل بالوفد الخارجي حتى يزوده بالوثائق‬
‫اللاَزمة إلعلان الثورة وإذاعة بيان أول نوفمبر على أمواج صوت العرب من القاهرة حسب‬
‫ما اتفق عليه مسبقا‪ ،‬غير أن إجراءات الحصول على التأشيرة من سفارة مصر بسويسرا‬
‫جعلته يتأخر وال يصل إلى القاهرة إلى يوم ‪ 02‬نوفمبر‪ ،‬ومع ذلك تمكن من إرسال البيان‬
‫بالبريد السريع بطريقة سرية وحذرة على شكل فقرات بطريقة بشكل متقطع إلى القاهرة‬
‫وتمكن الوفد الخارجي من جمعه وترجمته وأذيع في الوقت المحدد‪ ،‬حسب أحمد السعيد‪.2‬‬
‫وهذا ما يفسر ذلك االختلاف في بعض فقرات وثيقة بيان نوفمبر بين النسخة األصلية‬
‫والمترجمة‪ ،‬وذلك بسب تعدد الترجمات وفي أوقات مختلفة‪ ،‬والبعض يرى أن النسخة التي‬
‫سلمها محمد بوضياف إليهم في القاهرة كانت مكتوبة بالللتين الفرنسية والعربية‪ ،‬وهكذا كان‬
‫للثورة الجزائرية صدى إعلامي كبير لدى الشعوب العربية ككل بفضل إذاعة القاهرة‪.‬‬
‫تم تسليم البيان لل ُمديع أحمد السعيد من قبل السلطات المصرية‪ ،‬وكان أول من تلا البيان‬
‫عبر أثير اإلذاعة‪ ،‬وقبل إذاعة البيان كانت الوكالة المصرية تنتظر إعلان وكالة األنباء‬
‫الفرنسية عن تنفيذ المجاهدين الجزائريين للعمليات التفجيرية المتفق عليها في الجزائر‪ ،‬وقد‬
‫كان نجاح الثوار في القيام ب ‪ 16‬عملية منها على األقل شرطا أساسيا حدد بين القيادة‬
‫المصرية ووفد جبهة التحرير بالخارج إلذاعة البيان عبر صوت العرب‪.‬‬
‫وبعد نجاح الثوار الجزائريين بالقيام بأكثر من ‪ 30‬عملية ليلة أول نوفمبر‪ 1954‬في‬
‫مختلف مناطق البلاد‪ ،‬حسب ما جاء في بلاغ من الحاكم العام روجي ليونار ‪Roger Leonard‬‬
‫يوم ‪ 2‬نوفمبر نشر في جريدتي ‪ Le Journal d’Alger‬وجريدة ‪ Alger Républicain‬جاء فيه ‪:‬‬
‫" في الليلة الماضية أقترف نحو ثلاثين اعتداء في عدة جهات من القطر"‪ ،‬وبناء على ما‬
‫أتفق عليه أعطيت التعليمات ألحمد السعيد من المخابرات المصرية بقراءة البيان‪ ،‬وأعيدت‬
‫إذاعته ‪ 7‬مرات من الساعة ‪ 11‬ليلا يوم ‪ 1‬نوفمبر ‪ 1954‬إلى اليوم الموالي‪ ،‬هذا الشرط‬
‫سيعرض‬
‫َ‬ ‫حدده جمال عبد الناصر‪ ،‬ألن إذاعة بيان بهذا الحجم دون تنفيذ الثوار للعمليات كان‬
‫مصر إلى مشاكل مع فرنسا‪ ،‬التي كانت ستعتبر البيان تحريضا مصريا ضدها‪.3‬‬
‫وكانت بذلك إذاعة القاهرة هي أول من أعلن انطلاق الثورة التحريرية الجزائرية‪،‬‬
‫وأسمعت العالم نشيد األحرار الجزائريين (من جبالنا طلع صوت األحرار ينادينا للاستقلال)‪،‬‬

‫‪ 1‬أحمد السعيد‪ ،‬ولد بالقاهرة ‪ 9‬أوت ‪ ،1925‬عين مديرا إلذاعة صوت العرب منذ ‪1959‬إل‪ ،1967‬ارتبط اسمه باألحداث‬
‫العربية و بالمعارك من الخليج إلى المحيط منذ ‪ ،1951‬و كان من خلال نداءاته الثورية من أبرز علامات الحقبة الناصرية‪.‬‬
‫وعرفه برجل المخابرات فتحي الديب‪ .‬أنظر‪ :‬حمدي رزق‪" ،‬االستخبارات أنشأت صوت‬ ‫َ‬ ‫كان يسعى إليه أحمد بن بلة‬
‫العرب"‪،‬مجلة الوسط‪ ،‬ع‪ ،2001/3/12 ،476‬القاهرة‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪ 2‬محمد علال‪ "،‬أحمد السعيد شيخ اإلعلاميين العرب أول من تلا بيان أول نوفمبر"‪ ،‬جريدة الفجر‪ ،‬يومية جزائرية‪ ،‬تصدر‬
‫عن ش‪.‬ذ‪.‬م‪.‬م‪ ،‬دار الصحافة‪ ،‬طاهر جاووت ‪1‬ماي‪-‬الجزائر العاصمة‪ ،‬السنة ‪ ،12‬العدد‪ 28 ،4392‬جوان ‪ ،2012‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ 3‬فائزة بكار‪ ،‬إذاعة الجزائر الحرة المكافحة ‪ 1962-1956‬دراسة تاريخية‪( ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير‪،‬‬
‫تخصص‪:‬علوم اإلعلام و االتصال‪ ،‬إشراف‪:‬أحسن بومالي‪ ،‬كلية العلوم السياسية و اإلعلام‪ ،‬قسم علوم اإلعلام و االتصال‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪ ،‬يناير ‪ ،2010‬ص ص‪.49-48‬‬
‫]‪[10‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫كما قام ممثل جبهة التحرير الوطني بالقاهرة بأول تعليق من إذاعة صوت العرب بعنوان‪:‬‬
‫"الثورة تنفجر في الجزائر" ومما جاء فيه‪...":‬إن حركة الفرق الجزائرية المسلحة قد التحقت‬
‫لتدعيم الجبهة التي تكافح اإلمبريالية الفرنسية في جميع الشمال اإلفريقي‪...‬ويعتقد الملاحظون‬
‫بأن انفجار هذه الوطنية الجزائرية يعتبر بداية نهاية االستعمار الفرنسي في كامل القارة‬
‫اإلفريقية"‪.1‬‬
‫وهكذا انطلقت الثورة التحريرية في منتصف ليلة االثنين أول نوفمبر ‪1954‬م الموافق‬
‫لـ‪5 :‬ربيع األول ‪1374‬هـ وتم إصدار بيان أول نوفمبر الذي جاء واضحا في معانيه‬
‫وموضحا اسم الحركة ودعا كامل الشعب الجزائري إلى االنضمام إلى الثورة من أجل‬
‫االستقلال‪.2‬‬
‫‪ -2.2‬التنظير للثورة من خلال بيان نوفمبر ‪1954‬م‬
‫يعتبر بيان نوفمبر ‪1954‬م ميثاقا للثورة الجزائرية ووثيقة تأسيسية إلعادة بناء وبعث‬
‫الدولة الجزائرية المستقلة‪ ،‬فكان بذلك البيان دستورا لها‪ ،‬كونه تناول الخطوط العريضة‬
‫لجزائر المستقبل فوضع ثوا ِبتها وانسجامها الشعبي والتاريخي والمستقبلي وبيّن علاقاتها مع‬
‫جيرانها عربيا وإفريقيا وعالميا وحدد اإلطار الصحيح الذي يجب أن تسير فيه الجزائر‬
‫المستقلة ومفهوم الدولة التي يجب أن يتم بناؤها ديمقراطيا واجتماعيا في إطار المبادئ‬
‫اإلسلامية‪.3‬‬
‫يُعد بيان نوفمبر تتويجا ناضجا وعميقا لما صدر عن التيار الوطني التحرري‬
‫االستقلالي منذ ‪1926‬م من نصوص ووثائق وأدبيات بلورت خلال ثلاثة عقود من الزمن‬
‫الرؤية التحررية وحددت المواقف المبدئية من المتليرات الداخلية والخارجية‪.4‬‬
‫أنقذ البيان الحركة الوطنية من أزمتها <<من خلال دعوته لتجاوز طرفي النزاع‬
‫(الحزبي) واالتجاه إلى مصدر الثورة وهو الشعب‪ ،‬لتحقيق الهدف الثابت في النضال الوطني‬
‫المتمثل أساسا في استرجاع االستقلال الوطني في ظل استعمار استيطاني سعى إلللاء وجود‬
‫الكيان الجزائري‪.>>5‬‬
‫تمكنت جبهة التحرير من إرساء مشروعها التحريري الثوري على تلك األسس التي‬
‫جعلتها متميزة عن غيرها من الفلسفات التحريرية‪...‬خاصة تلك التي عرفها العالم الثالث في‬

‫‪ -1‬محمد جلابة‪ ،‬بيان أول نوفمبر دعوة إلى الحرب رسالة للسلام‪ ،‬تقديم محمد العربي ولد خليفة‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر ‪ ،1999‬صص‪.60-59‬‬
‫‪ -2‬عمار ملاح‪ ،‬محطات حاسمة في ثورة أول نوفمبر ‪ ،1954‬تصدير يوسف مناصرية‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص‪.09‬‬
‫‪ -3‬عامر رخيلة‪ ،‬أبعاد ومفاهيم لبيان أول نوفمبر ‪ ،1954‬مجلة المصادر‪ ،‬العدد ‪ ،4،2001‬المركز الوطني لدراسات‬
‫والبحث في الحركة الوطنية و ثورة أول نوفمبر‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.60-59‬‬
‫‪ -5‬حمانة البخاري‪ ،‬فلسفة الثورة الجزائرية‪ ،‬دار اللرب لنشر والتوزيع‪ ،‬وهران‪-‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫]‪[11‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫القرن العشرين‪...‬إن هذه األسس تتمثل‪...‬في خمسة محاور أساسية وهي‪ :‬التفاؤل والوضوح‬
‫والعمل والديمقراطية والتكامل‪.1‬‬
‫أ‪ -‬الجانب الشكلي لنص بيان أول نوفمبر‬
‫يتكون نص البيان من عدة فقرات أما الكلمات تصل إلى ‪ 662‬كلمة‪ ،2‬ويتضمن البيان‬
‫فقرات يمكن حصرها من حيث الشكل إلى ‪ 19‬فقرة‪ ،‬ويليب فيها إمضاء الجهة التي أصدرت‬
‫النص حيث كتبت في أسفل النص عبارة األمانة ‪. Le Sécrétariat‬‬
‫‪ -‬مسألة البسملة‪ :‬إن غياب البسملة (باسم هللا الرحمان الرحيم) في نص بيان أول نوفمبر‬
‫مسألة تثير العديد من ال تساؤالت‪ ،‬لماذا غيبت البسملة في البيان؟ هل كان ذلك سهوا وقعت‬
‫فيه الجماعة التي كتبت البيان؟ أم كان ذلك مقصودا للرض معين؟‬
‫إن احتمال وقوع أصحاب بيان أول نوفمبر في السهو هو احتمال بعيد‪ ،‬خاصة وأن‬
‫هؤالء المحررين تميزوا بفكر ووعي كبيرين وتميزوا بالتخطيط المدروس والدقيق في كل‬
‫خطوة وحتى في كتابة البيان‪ ،‬لذلك فإن السهو في وضع البسملة على نص البيان هو احتمال‬
‫بعيد‪ ،‬والمرجح أن األمر كان متعمدا‪.‬‬
‫يمكن القول أن بيان أول نوفمبر لم تكتب عليه البسملة لعدة اعتبارات‪ ،‬أولها أن الوثيقة‬
‫أو نص البيان هو نص سياسي وليس نص ديني‪ ،‬وعليه فإن البسملة ال تدخل في النصوص‬
‫السياسية والقانونية‪ ،‬وعامل آخر يطرح نفسه‪ ،‬أن نص البيان جاء مكتوبا بالللة الفرنسية لذلك‬
‫ربما تجنب محررو البيان كتابة البسملة فيه‪ ،‬وبما أن بيان أول نوفمبر وجه إلى الطرف‬
‫الفرنسي أيضا أبعدت البسملة حتى يقبلوا على قراءة البيان‪ ،‬ومن جهة أخرى حتى ال تكون‬
‫الحركة الجديدة (الجبهة) محل شك من طرف السلطات الفرنسية أو فئات من الشعب‬
‫الجزائري على أنها منتمية إلى حركة دينية إسلامية مثل جمعية العلماء المسلمين أو أنها‬
‫متعصبة دينيا‪ ،‬رغم وجود عبارة المبادئ اإلسلامية في البيان‪.‬‬
‫ب ‪ -‬للة نص البيان‪ :‬عند االطلاع على بيان أول نوفمبر يظهر لنا من خلال مصطلحاته‬
‫المختارة والدقيقة مدى الوعي والفكر السياسي اللذين كان يحملهما محررو بيان أول نوفمبر‪.‬‬
‫حرر النص األصلي لبيان أول نوفمبر "بللة فرنسية بسيطة لكنها سليمة إلى أبعد‬
‫الحدود"‪ ، 3‬ولكن لماذا بالللة الفرنسية؟ بالرجوع إلى الفكر والتعليم ألصحاب البيان يتضح لنا‬
‫أنهم ذوي ثقافة فرنسية‪ ،‬ربما هذا يفسر لنا سبب كتابة البيان بالللة الفرنسية‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى كانت الللة الفرنسية هي الللة السائدة وقتئذ في التعليم واإلدارة والتجارة والمعاملات‬

‫‪ 1‬فيه ‪ 8‬نقاط يشير فيها للشعب الجزائري‪ ،‬وللمناضلين في نقطتين ولإلسلام في نقطة واحدة وللبعد الملاربي في ‪ 8‬نقاط‬
‫وللحضارة في ‪ 13‬نقطة وللديمقراطية في ‪ 13‬نقطة ولإلنسانية في ‪ 22‬نقطة‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪Farouk Zahi, L’Appel du 1er Novembre 1954, le document politique «essentiel» de la Révolution, le‬‬
‫‪courier d’ALGER, 2-11-2009.‬‬
‫‪ 2‬محمد العربي الزبيري‪ ،‬قراءة متأنية في بيان أول نوفمبر ‪ ،1954‬جريدة صوت األحرار‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ 3‬الصادق عماري‪" ،‬نداء أول نوفمبر المبادئ و األطر"‪ ،‬جريدة صوت األحرار‪ ،‬يومية جزائرية‪ ،‬الوطن‪ ،‬السنة ‪ ،15‬العدد‬
‫‪ ،5090‬األربعاء ‪.2014/10/31‬‬
‫]‪[12‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫ومكون ات المجتمع المدني وفي األحزاب والحركات‪ ،‬أما الللة العربية فقد فرض عليها‬
‫الحصار واالنزواء في دوائر ضيقة كمدارس تخريج المترجمين وموظفي المحاكم الشرعية‪.‬‬
‫وكان الحرص على الجانب العملي والفعالية ومسايرة الواقع يتطلب استعمال الفرنسية‬
‫للتبليغ والتأثير‪ .‬فاستعملت الفرنسية في البيان للمطالبة باالستقلال وإعلاء الهوية الجزائرية‬
‫وللة الشعب ودينه وثقافته وآدابه‪ ،‬ولم تستعمل لتأكيد التبعية واالستلاب والسعي للاندماج في‬
‫هوية اللير‪ ،‬بل واستعملت استعماال يفتح آفاق الللة العربية ال العكس‪.1‬‬
‫ج‪ -‬ترجمة نص البيان‪ :‬حسب بعض المؤرخين والباحثين أن النص األصلي الكامل ترجم إلى‬
‫الللة العربية على عجل سنة ‪ ،21957‬وظلت دراسته تقوم على تلك الترجمة مع بعض‬
‫الحذف واإلضافات‪ ،‬إلى أن جاءت وزارة المجاهدين فأسست لجنة وطنية جمعت عددا من‬
‫تلك الترجمات وأخضعتها للمقارنة والتدقيق الللوي‪ ،‬وبعد أشهر من العمل انتهت إلى اختيار‬
‫نص وقع االتفاق على أن يكون هو الوثيقة الرسمية التي تعتمد في جميع الحاالت‪ ،‬ووقعت‬
‫طباعته بكيفية فاخرة ووزع بأعداد كبيرة على المؤسسات العمومية والتعليمية على وجه‬
‫الخصوص‪.3‬‬
‫ولكن‪ ،‬وقع العديد من األخطاء عند عملية الترجمة من الفرنسية إلى العربية‪ ،‬بحيث ال‬
‫نجد في النص بالللة الفرنسية ذلك التكرار الذي وجد في النص العربي‪" :‬أيها الشعب‬
‫الجزائري‪ ،‬أيها المناضلون من أجل القضية الوطنية‪ ...،‬نعني الشعب بصفة عامة‬
‫والمناضلين بصفة خاصة"‪ ،‬وفي النص بالفرنسية‪:‬‬
‫‪« Aux peuple Algérien, aux militants de la cause nationale…le premier d’une façon‬‬
‫‪générale, les seconds tout particulièrement ».‬‬

‫وكذلك فيما يتعلق بالترجمة‪ ،‬فأول ما يلاحظ أن بيان أول نوفمبر جاء بالفرنسية تحت‬
‫عنوان‪ Proclamation‬أي إعلان أو بلاغ‪ 4‬وليس نداء كما ترجم بالعربية والتي ترادفها‬
‫بالفرنسية ‪ ،Appel‬كما أن ترجمة عبارة ‪ La restauration de l’état‬أي إعادة بناء الدولة وليس‬
‫إقامة أو بناء الدولة والتي تعني البناء والتأسيس من العدم‪ ،‬وهذا يعتبر أمرا خطيرا في‬
‫الترجمة‪ ،‬ألن محررو البيان لم يضعوا هذه المصطلحات بالللة الفرنسية عبثا ومن دون‬
‫مرجعية‪ ،‬ولم يكن ذلك مجرد تعبير للوي لكن األمر كان إيديولوجيا‪ ،5‬وجاء كذلك في البيان‪:‬‬
‫<<فقد أعددنا للسلطات الفرنسية "وثيقة">> كما جاء وبالفرنسية عبارة ‪Plate forme‬‬

‫‪ 1‬بما أن أحمد السعيد يقول أن البيان سلم إليه بالللتين العربية والفرنسية‪ ،‬فهذا يعني أن البيان قد ترجم منذ ‪ 1954‬من قبل‬
‫ممثل ي الجبهة‪ ،‬ويمكن تفسير األخطاء الواردة في الترجمة بمستواهم التعليمي وبكونهم فرونكوفونيين كما ذكرنا سابقا‪ ،‬وقد‬
‫يكون ذلك متعمدا ألن البيان كان موجها بالدرجة األولى إلى الجماهير مما يتطلب بساطة الللة‪ ،‬وعليه فالمحررون كانوا‬
‫يبحثون على كلمات سهلة وبسيطة‪.‬‬
‫‪ 2‬محمد العربي الزبيري‪"،‬قراءة متأنية في بيان أول نوفمبر ‪ ،"1954‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ 3‬س‪.‬م‪.‬لحام وآخرون‪" ،‬القاموس السياسي ومصطلحات المؤتمرات الدولية‪ ،‬إنجليزي‪-‬فرنسي‪-‬عربي"‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬منشورات محمد علي بيضون‪ ،‬بيروت‪ ،2004 ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ 4‬محمد العربي الزبيري‪" ،‬ستون عاما بعد اندالع ثورة التحرير الوطني"‪ ،‬جريدة صوت األحرار‪ ،‬يومية جزائرية‪،‬‬
‫الوطن‪ ،‬السنة ‪ ،15‬ع‪ ، 5089‬الخميس ‪ ،2014/10/30‬ص‪.9‬‬
‫‪ 5‬س‪.‬م‪.‬لحام وآخرون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫]‪[13‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫المقصود منها أرضية عمل وليست وثيقة‪ ،‬أما الترجمة الصحيحة لكلمة وثيقة التي جاءت في‬
‫العبارة‪" :‬إننا ندعوك لتبارك هذه الوثيقة" والتي وردت بالفرنسية ‪ Charte‬فتعني ميثاق‪.‬‬
‫د‪ -‬تعريف البيان‬
‫انطلاقا من الدراسة السابقة لقضية ترجمة بيان أول نوفمبر‪ ،‬قد يتساءل القارئ عن‬
‫طبيعة هذا النص هل يعتبر إعلانا ؟ أم نداءا ؟ أم بيانا ؟ وهل هذه المصطلحات تطابق‬
‫محتوى النص؟‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬اإلعلان‪ :‬للة إن‪" :‬إعلان‪ ،Annonce‬أو بلاغ ‪ ،Proclamation‬أو تصريح ‪"Déclaration‬‬
‫هو إظهار األمر والمجاهرة به وأما اصطلاحا‪ :‬هو إبراز مزايا منتج أو نشاط ما والترويج‬
‫له‪ ،‬وهذا ينطبق على بيان أول نوفمبر ‪ 1954‬فيما يتعلق باإلعلان عن الحركة الجديدة أي‬
‫ميلاد جبهة التحرير الوطني التي ستقود الكفاح إلى غاية االستقلال وتعريفها كممثل شرعي‬
‫ووحيد للشعب الجزائري‪ ،‬بحيث يعتبر البيان من الناحية القانونية "وثيقة تأسيسية لحركة‬
‫تحررية‪ ،‬تحمل اسم جبهة التحرير الوطني والتي ولدت من مخاض الحركة الوطنية"‪ ،2‬وهنا‬
‫فيه إعلان لوالدة الجبهة‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بمزاي ا الجبهة فهي حاضرة في البيان من خلال المبادئ واألهداف‬
‫ضمنيا وصراحة وخاصة ما يتعلق ببراءتها واستقلالها عن صراعات السلطة واألشخاص‬
‫وهذه أهم ميزة يحكم الشعب الجزائري من خلالها على الجبهة‪ .‬ويرتبط اإلعلان بالدعاية في‬
‫مختلف مجاالت الثقافة والسياسة و الفنون‪ ،‬واإلعلان هو استعمال وسائل االتصال‬
‫الجماهيرية مثل الصحافة ولوحات اإلعلان واإلذاعة والتلفزيون‪ ،3...‬إذن هذا ما عملت به‬
‫الجبهة من خلال إذاعة البيان محليا ودوليا من خلال إذاعة صوت العرب والصحافة العربية‪.‬‬
‫يعتبر بيان أول نوفمبر في حد ذاته وسيلة إعلامية في شكل منشور وأهم وثيقة إعلامية‬
‫صاغتها عبقرية الجماعة التي صنعت نوفمبر‪ ،4‬فاألفكار التي جاءت في بيان أول نوفمبر لم‬
‫تكن إطلاقا للرض شخصي بل كانت تتطلع لرغبة الشعب الجزائري بل ولرغبة شعوب‬
‫العالم عامة والشمال اإلفريقي خاصة في الحرية واالستقلال لإلنسانية‪.‬‬
‫وبالفعل كان البيان مثيرا للاهتمام بحيث استطاع أن يلف الشعب الجزائري إلى صفوفه‬
‫ويكسب عواطف العالم العربي من خلال عباراته وكلماته المنتقاة كما استطاع أن يثير اهتمام‬
‫السلطات الفرنسية التي كانت في تساؤل مستمر عن أصحاب هذا البيان واعتبروه يتجاوز‬
‫تفكيرهم‪ ،‬لكن ومع كل هذا فمصطلح اإلعلان في البيان يخص فقط الفقرة المتعلقة باإلعلان‬
‫عن ميلاد جبهة التحرير الوطني‪ ،5‬فلم يكن كامل نص البيان عبارة عن إعلان‪.‬‬

‫‪ 1‬نعيم الرفاعي‪ ،‬اإلعلان‪ ،‬الموسوعة العربية‪ ،‬مجلد‪ ،2‬هيئة الموسوعة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬ص‪.،785‬‬
‫‪ 2‬نفسه‪.‬‬
‫‪ 3‬محمد شريف عباس‪ ،‬من وحي نوفمبر (مداخلات و خطب)‪ ،‬طبعة خاصة وزارة المجاهدين‪ ،‬دار الفجر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص‪.81‬‬
‫‪ 4‬نعيم الرفاعي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.785‬‬
‫‪ 5‬س‪.‬م‪.‬لحام و آخرون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫]‪[14‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫‪ -‬النداء‪ :‬للة‪ :‬النداء هو" دعوة و رجاء ‪ ،1" Appel‬أما اصطلاحا فهو توجيه الدعوة إلى‬
‫المخاطب وتنبيهه لإلصلاء واالستماع‪ ،‬وهو طلب اإلقبال بالحرف "يا" أو إحدى أخواتها‪،2‬‬
‫لقد احتوى البيان على هذا النداء "أيها الشعب الجزائري‪...‬أيها المناضلون‪...‬أيها الجزائري"‬
‫وجاء مخاطبا ل ِهؤالء داعيا إياهم لمباركة وثيقة البيان وللجهاد في سبيل الوطن واالستقلال‪.3‬‬
‫وبالفعل كان البيان نداءا من األعماق صادقا وقويا لألمة الجزائرية التي اهتزت واستجابت له‬
‫بكيانها وعواطفها ووجدانها وعقلها والتفت حول ثورتها تجاهد وتكافح وتناضل‪ ،4‬لكن ليس‬
‫كل النص عبارة عن نداء‪.5‬‬
‫‪ -‬بيان‪ :‬للة هو بلاغ ‪ Communiqué‬والبيان هو إيضاح )‪ Précision(mise au point‬والبيان‬
‫‪ Manifeste‬و‪ ، 6 (Exposé un argument) .Déclaration‬واصطلاحا البيان‪ :‬بلاغ رسمي‬
‫يطلق على إيضاح رسمي صادر عن الحكومة أو أحد ممثليها الرسميين والذي يتضمن‬
‫معلومات جديدة أو رؤية الحكومة وموقفها من حدث معين أو شرحها لقضية معينة أو إعلانا‬
‫لنتائج مباحثات رسمية مع وفد أجنبي أو كشف النقاب عن موضوع معين‪.‬‬
‫إذا أسقطنا هذا التعريف على بيان أول نوفمبر ‪ 1954‬نجد أن جبهة التحرير الوطني‬
‫أصدرت هذا اإليضاح الرسمي أو الوثيقة القانونية الموجهة إلى الشعب الجزائري تعلن فيها‬
‫عن تأسيس الجبهة والحركة الجديدة رسميا‪ ،‬هذه الجبهة هي الممثل الشرعي والرسمي‬
‫الوحيد للشعب الجزائري هذا األخير الذي سيمنحها الشرعية هي دون غيرها من خلال‬
‫االلتفاف حولها وتفعيلها‪ ،‬وبالفعل هذه الجبهة ستشكل الحكومة الجزائرية المؤقتة عام‪.1958‬‬
‫فالبيان شرح قضية الجزائر وكشف النقاب عن حالتها السياسية واالجتماعية ومطالبها‬
‫من االستعمار(التفاوض أو الحرب) ورغبتها في استرجاع االستقلال‪ ،‬وجاء معلنا لنتيجة‬
‫حتمية هي اندالع الثورة التحريرية الجزائرية‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى إن قضية تسميته بالبيان قد تكون مقصودة إما لربطها ببيان‬
‫فيفري‪( 1943‬بيان الشعب الجزائري)‪7‬الذي حرره فرحات عباس مع مجموعة من الوطنيين‬
‫والذي قدموه للحلفاء يطالبون فيه بتطبيق مبدأ حق تقرير المصير لجميع الشعوب‪ ،‬حتى يكون‬
‫مكملا له واستمرارية لنضال وعمل الحركة الوطنية‪ ،‬كما يمكن فهمه على أنه البيان األول‬
‫الصادرة عن حركة تحررية قد تتبعه بيانات أخرى‪.‬‬

‫‪ 1‬إبراهيم عبود السامرائي‪ ،‬األساليب اإلنشائية في الللة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المناهج للنشر‪ ،2008 ،‬ص‪.61‬‬
‫‪ 2‬يمكن أن يكون النداء من خلال كلمة "أدعو" إن لم تنبها أحد أحرف النداء‪ ،‬و هذا جاء كذلك في بيان أول نوفمبر الذي‬
‫يدعو إلى مباركة الوثيقة‪ .‬للتوسع أكثر انظر محمد عبود السامرائي‪( ،‬المرجع السابق)‪،‬ص ص‪.62-61‬‬
‫‪ 3‬محمد شريف عباس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ 4‬من خلال قراءة و تحليل البيان يتضح أن النداء في البيان جاء صراحة و منه ما جاء ضمنيا‪ ،‬وكل عبارة في البيان كانت‬
‫موجهة وتخاطب فئة معينة وذلك ما سيدرس في البعد الشعبي للبيان في الفصل الثاني‪.‬‬
‫‪ 5‬س‪.‬م لحام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.227-109-25‬‬
‫‪ 6‬إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي‪"،‬الموسوعة الميسرة للمصطلحات السياسية‪ ،...‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.84‬‬
‫‪ 7‬نور الدين حاروش‪ ( ،‬المرجع السابق)‪ ،‬ص‪ ،220‬ص ص‪.503-502‬‬
‫]‪[15‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫‪ -‬أسلوب البيان‪ :‬بما أن حركات التحرير الوطني تتميز بوضع االستقلال السياسي كهدف‬
‫ينبلي تحقيقه وبالتالي حق الشعوب في تقرير مصيرها‪ ،‬وتستخدم أسلوب الكفاح أسلوبا‬
‫أساسيا بواسطة ما يسمى بالحرب الشعبية ولكنها تمارس كذلك أسلوب النضال السياسي‬
‫وتأخذ هذه الحركات من الجانب التنظيمي شكل جبهة سياسية تضم كافة الفئات الوطنية التي‬
‫توافق على أهداف هذه الحركة وهذه األخيرة تضم كذلك جناحين عسكري وسياسي‪ ،‬فهذا ما‬
‫عملت به جبهة التحرير الوطني من خلال بيان أول نوفمبر‪.1‬‬
‫‪ -‬أفكار البيان‪ :‬حسب األفكار التي جاءت في البيان إلى ‪ 6‬فقرات‪ ،‬وتكون بذلك األفكار‬
‫الرئيسية للبيان كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬الظروف الداخلية والخارجية قبيل اإلعلان عن جبهة التحرير الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعلان عن ميلاد الحركة الجديدة‪ :‬جبهة التحرير الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬توضيح األهداف من هذا التنظيم الجديد‪.‬‬
‫‪ -‬تبيان الوسائل الموصلة لألهداف‪.‬‬
‫‪ -‬تصريح عن النوايا السليمة لجبهة التحرير الوطني من خلال المطالب والضمانات‬
‫المقترحة على الطرف الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -‬تجديد النداء للشعب الجزائري لدعم الحركة الجديدة ووضعها في إطارها الطبيعي‪.‬‬
‫‪ -3.2‬محررو البيان‬
‫إن الذين أقدموا على تحرير البيان وأطلقوا على حركتهم الجديدة اسم جبهة التحرير‬
‫الوطني هم "جماعة من الشبان المسؤولين ومن المكافحين الوطنيين الواعين قد جمعوا‬
‫حولهم أغلبية العناصر السليمة في الحركة الوطنية وقرروا الشروع في العمل الثوري إلى‬
‫جانب المراكشيين والتونسيين‪ ،2‬وقد جاء توقيعهم باسم األمانة‪ ،Le secrétariat‬أي األمانة‬
‫التنفيذية التي ستتولى قيادة الثورة وهم جماعة الست( مصطفى بن بولعيد‪ ،‬العربي بن‬
‫مهيدي‪ ،‬رابح بيطاط‪ ،‬محمد بوضياف‪ ،‬ديدوش مراد و كريم بالقاسم)‪ ،‬وتشكلت هذه األمانة‬
‫في اجتماع ‪ 22‬من طرف بوضياف‪ ،‬إن المناشير التي وزعت على الشعب لتعلن عن قيام‬
‫الثورة رسميا في ‪ 1‬نوفمبر ‪ ،1954‬كانت تحمل إمضاء "لجنة الثورة لإلتحاد والعمل"‪ ،‬لكن‬
‫التجاوب العميق للجماهير الشعبية مع الثورة التحريرية واالنخراط الواسع في صفوفها أدى‬
‫بالمسؤولين إلى تليير عبارة اللجنة بجبهة التحرير الوطني أوائل سنة ‪.31955‬‬

‫‪ 1‬إبراهيم لونيسي‪ ،‬الصراع السياسي داخل جبهة التحرير الوطني خلال الثورة التحريرية ‪ ،1962-1954‬دار هومه‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2005 ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ 2‬الطاهر الزبيري‪ ،‬مذكرات آخر قادة األوراس التاريخيين ‪ ، ANEP ،1962-1929‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص ص‪.56-55‬‬
‫‪ 3‬أحمد الخطيب‪" ،‬الثورة الجزائرية"‪ ،‬ط‪ ،1‬دار العلم للملايين‪ ،‬بيروت‪ ،1958 ،‬ص‪.169‬‬
‫]‪[16‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫أما مسألة تسميتها بالجبه ة‪ 1‬المقصود منها‪ ،‬تكتل لجميع التوجهات السياسية‬
‫واإليديولوجية والدينية لكل الوطنيين الجزائريين‪ ،‬فهي لم تكن حزبا وال تجمعا لعدة أحزاب‬
‫وإنما كانت حزب‪-‬أمة‪.2‬‬
‫إن هذه الحركة ‪" F.L.N‬تحتوي على القليل من المسيرين الريفيين أو المفكرين لكنهم في‬
‫غالبيتهم ذوي ثقافة وتعليم وأكثر ثقافة ونضجا من الطبقات االجتماعية األخرى‪ ،‬أغلبهم مر‬
‫بالمدارس الفرنسية ولديهم شهادات تعليم‪ ،‬ولكن هذا ال يعني أن المستوى الثقافي عندهم كان‬
‫رفيعا حتى وجد في صفوفهم ممن يمكن وصفهم بالعصاميين مثل زيلود يوسف ورابح‬
‫بيطاط‪ ،‬ومنهم ال يمتلك المؤهلات العلمية سوى شهادة االبتدائية مثل بوضياف وكريم بالقاسم‬
‫وبن بولعيد‪ ،‬وباستثناء حسين آيت أحمد وعبان رمضان‪ ،‬ولم تعرف الهيئات القيادية تطورا‬
‫في مستوى التأهيل الثقافي إال بعد انضمام جماعة المركزيين وعناصر من اإلصلاحيين‬
‫والليبراليين وشريحة معتبرة من الطلاب الجزائريين في المهجر‪.3‬‬
‫يتضح جليا مما سبق‪ ،‬أن كتابة البيان انطلقت من إستراتيجية وفلسفة مدروستين اتسمت‬
‫بها الجماعة المحررة للبيان‪ ،‬والتي أسست وثيقة منسجمة مع الظروف الداخلية والخارجية‬
‫هذه ا لوثيقة التي جاءت في أوانها واستطاعت أن تبلغ مسامع العالم لما تحمله من قوة‬
‫وإنسانية‪ ،‬وجاء البيان بللة صارمة واعية لتطلعات الشعب وكيفية تحقيقها‪ ،‬وجاء بللة العدو‬
‫حتى تبرز له أنها ستحاربه بأسلحته التي فرضت على الشعب الجزائري وبالللة التي يفقهها‪،‬‬
‫فبيان أول نوفمبر ‪ ، 1954‬يحكم عليه حكم الكتاب من عنوانه‪ ،‬كان عنوانا عاكسا لمحتواه‬
‫(نداء بيان وإعلان) لم ولن يفقد من أهميته وهيبته شيئا ألنه لم يكن مجرد حبر على ورق بل‬
‫تجسد على الواقع‪ ،‬وجاء جامعا بين المادة والروح‪ ،‬وهذا ما يؤكده مضمون البيان‪.‬‬
‫بعد أن خاطب محررو البيان الضمير الوطني الجماعي <<الشعب الجزائري >>‪،‬‬
‫وضمير الوطنيين المناضلين <<المناضلون من أجل القضية الوطنية >>‪ ،‬وقدموا تقييما‬
‫للوضع الذي آلت إليه الحركة الوطنية من انسداد جعلها تبتعد عن تحقيق طموحات الشعب‬
‫الجزائري‪ ،‬واستعرضوا بعض الظروف اإلقليمية والدولية والتي اعتبروها ملائمة إليجاد‬
‫حل للقضية الجزائرية اقترحوا هذا المشروع الوطني الثوري من شانه إصلاح الوضع القائم‬
‫ويحرر البلاد من قبضة الكولونيالية وفي نفس الوقت يتضمن تصورات مستقبلية‪.‬‬
‫‪ -4.2‬قراءة في خطاب نوفمبر‬

‫إلى شخصي‪.‬‬ ‫إلى خاص‬ ‫أ‪ -‬مستويات الخطاب ‪ :‬من عام‬

‫‪ 1‬الحزب‪ ،‬مجموعة من األشخاص يؤمنون بفكرة معينة يسعون لتطبيقها‪...‬يشكلون تنظيما سياسيا لتحقيق أهدافهم باألساليب‬
‫السياسية وطبقا ألحكام الدستور والقانون‪ .‬أنظر‪ :‬الهيئة العامة لشؤون المطابع األميرية‪"،‬معجم القانون"‪( ،‬المرجع السابق)‪،‬‬
‫ص‪.13‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Benjamin Stora, « Algérie histoire contemporaine 1830-1988 », Casbah Edition,‬‬
‫‪Alger, 2004, PP160-161.‬‬
‫‪ 3‬محمد جلابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.57،56‬‬
‫]‪[17‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫‪ -‬خطاب عام‪ ،‬ألنه موجه إلى كل شرائح المجتمع الجزائري<<أيها الشعب‬


‫الجزائري>>‪.‬‬
‫‪ -‬خطاب خاص‪ ،‬ألنه موجه للطبقة السياسية‪ ،‬فهي فئة معينة ‪ << :‬أيها‬
‫المناضلون‪>>...‬‬
‫‪ -‬خطاب شخصي‪ ،‬تمثلت شخصنة الخطاب في توجيه الدعوة بشكل صريح لكل‬
‫جزائري ليلتحق بالثورة ‪ << :‬أيها الجزائري ! >>‬

‫ب‪ -‬األطراف الموجه لها الخطاب‬


‫‪ -‬األطراف الموجه لها الخطاب بشكل غير صريح‬
‫* إلى الحركة الوطنية والمقاومة المسلحة في كل من الملرب وتونس ومن خلالهما‬
‫الشعبين الشقيقين ‪...<<.‬أننا منذ مدة طويلة أول الداعين إلى الوحدة في العمل >>‪.‬‬
‫* إلى المركزيين والمصاليين‪...<< :‬أننا مستقلون عن الطرفين اللذين يتنازعان السلطة‬
‫>>‪.‬‬
‫* إلى المجتمع الدولي ‪ << :‬في إطار األمم المتحدة نؤكد عطفنا الفعال تجاه جميع األمم‬
‫التي تساند قضيتنا التحررية >>‪.‬‬
‫‪ -‬األطراف الموجه لها الخطاب بشكل صريح‪:‬‬
‫* إلى السلطات الفرنسية‪<<:‬فقد أعددنا للسلطات الفرنسية وثيقة مشرفة للمناقشة>>‪.‬‬
‫* إلى الكولون ‪ << :‬جميع الفرنسيين الذين يرغبون في البقاء بالجزائر لهم االختيار‬
‫بين‪.>>...‬‬
‫ج‪ -‬طبيعة وثيقة نوفمبر‬
‫*الطبيعة القانونية ‪:‬‬
‫‪ -‬هو وثيقة تأسيسية لحركة تحررية تحمل اسم جبهة التحرير الوطني ‪ . F.L.N‬حيث جاء‬
‫في البيان‪ << :‬أن هذه أسباب كافية لجعل حركتنا التجديدية تظهر تحت اسم‪ :‬جبهة‬
‫التحرير الوطني >>‪.‬‬
‫‪ -‬وضع قواعد عامة ومبادئ أساسية لدستور الدولة الجزائرية المستقلة‪ ،‬حيث جاء في‬
‫البيان‪ <<:‬إعادة بناء الدولة الجزائرية‪ ،‬الديمقراطية االجتماعية ذات السيادة ضمن إطار‬
‫المبادئ اإلسلامية>>‪ ،‬وكذلك‪ << :‬احترام جميع الحريات األساسية دون تمييز عرقي أو‬
‫ديني>>‪.‬‬
‫* الطبيعة السياسية ‪:‬‬
‫‪ -‬هو أول بيان سياسي لجبهة التحرير الوطني ‪.‬‬
‫‪ -‬من حيث طرحه لألوضاع واألزمات السياسية التي تمر بها الحركة الوطنية‪،‬‬
‫والتطورات التي تشهدها األقطار المجاورة ‪.‬‬
‫‪ -‬تقديمه أرضية العمل إلى السلطات الفرنسية تحتوي على شروط ومطالب سياسية‬
‫للدخول في المفاوضات ‪.‬‬
‫]‪[18‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫* الطبيعة التاريخية‪:‬‬
‫‪ -‬يعتبر بيان نوفمبر من الناحية التاريخية هو إعلان عن بداية وانطلاقة الثورة التحريرية‬
‫الجزائرية‪ ،‬فالتأريخ للثورة يبين لنا أن اندالع الثورة مقرون بإعلان بيان نوفمبر وميلاد‬
‫جبهة التحرير الوطني ‪.‬‬
‫‪ -5.2‬أهداف ومبادئ بيان نوفمبر ‪1954‬م‬
‫يحتوي نص البيان على مجموعة من المبادئ واألهداف<<من باب النزاهة التاريخية‬
‫البد أن نشير إلى أن هذه المبادئ لم تكن جديدة في خطاب وممارسة الحركة الوطنية وإنما‬
‫الجديد فيها هو التعبير الصريح عنها وتحديد وسائل بلوغها في آجال أصبحت دقيقة>>‪.1‬‬
‫أ‪ -‬األهداف الداخلية‪:‬‬
‫* االستقلال الوطني بواسطة إقامة (بإعادة بناء) الدولة الجزائرية‪:‬‬
‫* الديمقراطية‪ :‬إن إعلان ديمقراطية الدولة الجزائرية المستقلة هو إستراتيجية‪ ،‬وفي‬
‫نفس الوقت تصحيح النحراف كفاح الحركة الوطنية وثورة على الوضع القائم‪ ،‬فمن الناحية‬
‫اإلستراتيجية كان الهدف من إعلان هذا المبدأ هو التعبئة الشعبية حول المشروع التحرري‬
‫ومن الناحية التصحيحية هو تصحيح<< لتجربة الحركة الوطنية التي من بين ما يعاب‬
‫عليها‪ ،‬احتكار الديمقراطية باسم الديمقراطية‪ ،‬بحيث أصبحت الحاجة السياسية من اختصاص‬
‫المحترفين وبعيدة عن الشعب الذي قُ ِ ّزم إلى مصف الجمهور بمعناه المسرحي>>‪ ،2‬أما‬
‫الثورة على الوضع القائم فهو الثورة على الممارسة االستعمارية التي ميزها القمع‬
‫والعنصرية وتلييب للشعب الجزائري‪.‬‬
‫* العدالة االجتماعية‪ :‬إن مبدأ االجتماعية مقترن بمبدأ الديمقراطية‪ ،‬فالهدف األول للدولة‬
‫الديمقراطية هو تحقيق العدالة االجتماعية والحرية المسؤولة << ففي ظرف الثورة‬
‫التحريرية الجزائرية ذات البعد الشعبي العميق فإذا كانت المساواة في التضحية واالستشهاد‬
‫فلماذا ال تكون في الحياة؟‪.>> 3‬‬
‫إن تحقيق العدالة االجتماعية مطلب للشعب الجزائري قبل أن يكون مبدأ من مبادئ‬
‫الثورة التحريرية‪.‬‬
‫* في إطار المبادئ اإلسلامية‪ :‬إن اختيار إقامة الدولة الجزائرية في إطار المبادئ‬
‫اإلسلامية ال يتنافى مع مبدأ ديمقراطية واجتماعية الدولة ألن من مبادئ اإلسلام الشورى‬
‫وال مساواة االجتماعية وهو تعبير عن رفض لواقع قبل أن يكون هدف أي رفض لسياسة‬
‫استعمارية إدماجية وإثبات لهوية الشعب الجزائرية الذي عبر عن تمسكه بها من خلال‬
‫رفضه لسياسة اإلدماج‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد جلابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬


‫‪ -2‬محمد جلابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪ 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫]‪[19‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫‪ -‬ب احترام الحريات األساسية دون تمييز عرقي أو ديني‪ :‬إن احترام الحريات األساسية‬
‫يعتبر أحد أهم المبادئ األساسية للثورة الجزائرية والدولة المستقلة المنشودة‪ ،‬تحت إطار نبذ‬
‫العنصرية والتسامح الديني‪.1‬‬
‫إن احترام الحريات األساسية كان أحد مطالب الحركة الوطنية بمختلف اتجاهاتها‬
‫وأصبح من المبادئ المؤسسة لثورة الجزائرية و الدولة المستقلة المنشودة‪ ،‬وهذا المبدأ ال‬
‫يتعارض مع المبادئ اإلسلامية التي تنبذ التمييز العنصري وتدعو إلى التسامح الديني‪.‬‬

‫* التطهير السياسي‪ :‬ويكون ذلك<<بإعادة الحركة الوطنية إلى نهجها الحقيقي والقضاء‬
‫على جميع مخلفات الفساد وروح اإلصلاح التي كانت عاملا هاما لتخلفنا الحالي>>‪ ،‬وهنا‬
‫إشارة واضحة لألزمة التي شهدتها الحركة الوطنية (أزمة حركة انتصار الحريات‬
‫الديمقراطية) والتي انتهت بانقسامها إلى مصاليين ومركزيين وحركة محايدة‬
‫والتي<<وضعت المصلحة الوطنية فوق كل االعتبارات التافهة والمللوطة لقضية األشخاص‬
‫والسمعة ولذلك فهي موجهة فقط ضد االستعمار‪...‬الذي رفض أمام وسائل الكفاح السلمية أن‬
‫يمنح أدنى حرية‪.>>2‬‬
‫‪ -‬تجميع وتنظيم جميع الطاقات السليمة لدى الشعب الجزائري لتصفية النظام‬
‫االستعماري‪ :‬أي الطاقات السليمة التي لم تتأثر بفكرة الجزائر فرنسية ومازالت مؤمنة‬
‫باستقلال الجزائر شعبا وأرضا‪ ،‬فهذه الطاقات سوف يتم تجميعها وتنظيمها تحت إطار جبهة‬
‫التحرير الوطني من أجل تحقيق االستقلال‪.‬‬
‫ب‪ -‬األهداف الخارجية‪:‬‬
‫* تدويل القضية الجزائرية‪ :‬هذا رد ورفض ألسطورة الجزائر أرض فرنسية والتي سعت‬
‫فرنسا لترسيخها من خلال مراسيمها وقوانينها وأخرها القانون الخاص ‪1947‬م‪ ،‬ومن أهم‬
‫أهداف تدويل القضية الجزائرية كسب الرأي العام العالمي وفضح السياسة االستعمارية في‬
‫وقت انتشرت فيه موجة التحرر وظهرت فيه هيئات دولية ت ُدّعم حق الشعوب في تقرير‬
‫مصيرها‪.‬‬
‫* تحقيق وحدة شمال إفريقيا‪ :‬في داخل إطارها الطبيعي العربي واإلسلامي فهي وحدة‬
‫يفرضها االنتماء الحضاري والديني والجلرافي والمصير المشترك‪ ،‬فكان تأسيس نجم شمال‬
‫افريقيا(‪ 1927‬م) دليل على الرغبة الملاربية في توحيد الكفاح لكن هذه الرغبة لم تتحقق‬
‫بحيث اندلع الكفاح في الملرب وتونس وتأخر في الجزائر حيث ورد في نص البيان<<ان‬
‫أحداث الملرب وتونس لها داللتها في هذا الصدد فهي تمثل بعمق مراحل الكفاح التحريري‬

‫‪ -1‬بيان نوفمبر‪ ،‬الملحق رقم ‪.01‬‬


‫‪ -2‬نفسه‪.‬‬
‫]‪[20‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫في شمال افريقيا‪ ،‬ومما يلاحظ في هذا الميدان أننا منذ مدة طويلة أول الداعين الى الوحدة في‬
‫العمل‪ ،‬هذه الوحدة التي لم يتح لها مع األسف التحقيق أبدا بين األقطار الثلاثة‪.>> 1‬‬
‫* في إطار ميثاق األمم المتحدة‪ :‬أكد محررو البيان على تعاطفهم الفعال اتجاه جميع األمم‬
‫التي تساند قضيتهم التحررية التي هي قضية شعب مضطهد يتوق للحرية‪.‬‬
‫بعد أن حدد البيان األهداف َبين وسائل عمل جبهة التحرير الوطني لتحقيق االستقلال‬
‫حيث جاء في نص البيان << إن جبهة التحرير الوطني ولكي يتحقق هدفها يجب عليها أن‬
‫تنجز مهمتين أساسيتين في وقت واحد وهما العمل الداخلي سواءا في الميدان السياسي أو في‬
‫ميدان العمل المحض والعمل في الخارج لجعل القضية الجزائرية حقيقة في العالم كله وذلك‬
‫بمساندة كل حلفائنا الطبيعيين‪.>>2‬‬
‫ج‪ -‬شروط التفاوض‬
‫خاطب البيان الحكومة الفرنسية وأبدى رغبته في السلم وتحديدا للخسائر البشرية‬
‫وإراقة الدماء فأعد لها وثيقة مشرفة للمناقشة تتضمن الشروط التالية‪:‬‬
‫– االعتراف بالجنسية الجزائرية‪ :‬بطريقة علنية ورسمية مللية بذلك كل األقاويل‬
‫والقرارات والقوانين التي تجعل الجزائر أرضا فرنسية‪ ،‬هذا يدل بوضوح رفض كل القوانين‬
‫والقرارات الفرنسية التي كان الهدف منها تحويل الجزائر الى أرض فرنسية وطمس الهوية‬
‫الوطنية مثل‪ :‬قانون األنديجينا‪ ،‬ورفض المواطنة الفرنسية حتى وان كانت تعني التساوي في‬
‫الحقوق مع فرنسي المتروبول‪.‬‬
‫* فتح مفاوضات مع الممثلين المفوضين من طرف الشعب الجزائري‪ :‬على أساس‬
‫االعتراف بالسيادة الجزائرية وحدة ال تتجزأ‪ ،‬وهذا يعني قطع الطريق أمام كل من ت ُخول له‬
‫نفسه التحدث باسم الشعب الجزائري أو تمثيله بدون أن يكون مفوضا من طرفه والمقصود‬
‫هنا بعض الفئات االجتماعية والمثقفة التي وقعت ضحية لإلصلاحات والقوانين الفرنسية‬
‫والتي منحتها فرنسا بعض االمتيازات على حساب غالبية الشعب الجزائري وكان هدفها من‬
‫ذلك خلق فئة موالية و متعاونة تخدم المصالح الفرنسية وبذلك تزرع روح الفتنة والتفرقة‪،‬‬
‫والتفاوض على أساس االعتراف بالسيادة التامة حتى التقع الجزائر ضحية للتقسيم العرقي‬
‫والديني‪ ،‬ويدل كذلك على رفض محرري البيان لسياسة فصل الصحراء من خلال إخضاعها‬
‫للقوانين الخاصة‪.‬‬
‫*خلق جو من الثقة وذلك بإطلاق سراح جميع المعتقلين‪ :‬ورفع كل اإلجراءات الخاصة‬
‫وإيقاف كل مطاردة ضد القوات المكافحة‪ ،‬فمحرري البيان يدركون جيدا رد فعل السلطات‬
‫الفرنسية العنيف على انطلاق الكفاح المسلح‪ ،‬وحوادث ‪08‬ماي‪1945‬م دليلا على ذلك‪،‬‬
‫وحتى يتم التفاوض دون أي ضلوطات‪.‬‬
‫وفي المقابل ‪:‬‬
‫* المصالح الفرنسية ثقافية كانت أو اقتصادية والمتحصل عليها بنزاهة ‪ٙ‬ستُحترم‪ ،‬كذلك‬
‫األمر بالنسبة لألشخاص والعائلات‪ ،‬فإنهاء الوجود الفرنسي في الجزائر واسترجاع السيادة‬

‫‪ -1‬بيان نوفمبر‪ ،‬الملحق رقم ‪.01‬‬


‫‪ -2‬نفسه ‪.‬‬
‫]‪[21‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫الوطنية ال يعني التعدي على المصالح الفرنسية المكتسبة بطرق نزيهة وكذلك األمر بالنسبة‬
‫للعائلات واأل شخاص والهدف من ذلك تحييد الكولون وكسب الرأي العام الفرنسي خاصة‬
‫مؤيدي الفكر التحرري‪.‬‬
‫* جميع الفرنسيين الذين يرغبون في البقاء بالجزائر يكون لهم االختيار بين جنسيتهم‬
‫األصلية ويعتبرون بذلك كأجانب اتجاه القوانين السارية أو يختارون الجنسية الجزائرية وفي‬
‫هذه الح الة يعتبرون كجزائريين بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات‪ ،‬فمحررو البيان‬
‫يدركون جيدا رغبة الكولون في البقاء في الجزائر هذه الرغبة جعلتهم يقفون في وجه السلطة‬
‫الفرنسية ويطالبون باالستقلالية في ادارتها ولذلك كان البد من وضعهم أمام خيارين كلاهما‬
‫يصب في صالحهما‪.‬‬
‫* تحدد الروابط بين فرنسا والجزائر وتكون موضوع اتفاق بين القوتين على أساس‬
‫المساواة واالحترام‪ ،1‬يعني قيام علاقات بين فرنسا والجزائر تكون وفق اتفاق بين الطرفين‬
‫على أساس احترام سيادة كل دولة ومصالحها‪ ،‬العلى أساس الهيمنة واالستللال والتبعية‬
‫فهي تجسيد للاستعمار في ُحلتِه الجديدة‪.‬‬
‫وختم البيان بدعوة كل جزائري لمباركة البيان واالنضمام إلى الكفاح الوطني إلنقاذ‬
‫الجزائر واسترجاع حريتها‪.2‬‬
‫د‪ -‬تقييم بيان أول نوفمبر‪1954‬م‬
‫يعتبر بيان نوفمبر ‪1954‬م وثيقة تأسيسية للثورة الجزائرية وفي نفس الوقت دستورا‬
‫لها‪<< ،‬كونه تناول الخطوط العريضة لجزائر المستقبل فوضع ثوا ِبتها وانسجامها الشعبي‬
‫والتاريخي والمستقبلي وبيّن علاقاتها مع جيرانها عربيا وإفريقيا وعالميا وحدد اإلطار‬
‫الصحيح الذي يجب أن تسير فيه الجزائر المستقلة ومفهوم الدولة التي يجب أن يتم بناؤها‬
‫ديمقراطيا واجتماعيا في إطار المبادئ اإلسلامية‪.>>3‬‬
‫‪ -‬يُعد<< بيان نوفمبر تتويجا ناضجا وعميقا لما صدر عن التيار الوطني التحرري‬
‫االستقلالي منذ ‪1926‬م من نصوص ووثائق وأدبيات بلورت خلال ثلاثة عقود من الزمن‬
‫الرؤية التحررية وحددت المواقف المبدئية من المتليرات الداخلية والخارجية‪.>>4‬‬
‫‪ -‬أنقذ البيان الحركة الوطنية من أزمتها<<من خلال دعوته لتجاوز طرفي‬
‫النزاع(الحزبي) واالتجاه إلى مصدر الثورة وهو الشعب‪ ،‬لتحقيق الهدف الثابت في النضال‬
‫الوطني المتمثل أساسا في استرجاع االستقلال الوطني في ظل استعمار استيطاني سعى‬
‫إلللاء وجود الكيان الجزائري‪.>>5‬‬

‫‪ -1‬بيان نوفمبر‪ ،‬الملحق رقم ‪.01‬‬


‫‪ -2‬عمار ملاح‪ ،‬محطات حاسمة في ثورة أول نوفمبر ‪ ،1954‬دار الهدى‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪،2012 ،‬ص‪.09‬‬
‫‪ -3‬عامر رخيلة‪ ،‬أبعاد و مفاهيم لبيان أول نوفمبر ‪ ،1954‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.60-59‬‬
‫‪ -5‬المجاهد العدد ‪ ،1957/ 04/01 ،11‬ينظر‪ :‬حمانة البخاري‪ ،‬فلسفة الثورة الجزائرية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫]‪[22‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫‪ -‬تعرف فلسفة نوفمبر بأنها<<فلسفة تحرير وطني عن طريق الثورة> >‪، 1‬‬
‫والتي<< عملت بدورها على إرساء مشروعها التحريري الثوري على تلك األسس التي‬
‫جعلتها متميزة عن غيرها من الفلسفات التحريرية‪...‬خاصة تلك التي عرفها العالم الثالث في‬
‫القرن العشرين‪...‬إن هذه األسس تتمثل‪...‬في خمسة محاور أساسية وهي‪ :‬التفاؤل والوضوح‬
‫والعمل والديمقراطية والتكامل‪.>>2‬‬
‫‪ -‬واجهت <<فلسفة نوفمبر كل الحلول التطورية والزائفة بالحل الثوري الذي رأت أنه‬
‫الحل الموضوعي الوحيد‪...‬أمام ذلك االستعمار االستيطاني الذي تعرضت له الجزائر‪،>>3‬‬
‫وإلى جانب هذه الخاصية هناك خاصية أخرى لفلسفة نوفمبر وهي<<القطيعة التي نجحت‬
‫في تحقيقيها مع النظام االستعماري الفرنسي ومع تلك األحزاب السياسية الوطنية ومع‬
‫أساليبها‪ ،>> 4‬و إلى جانب الخاصيتين المذكورتين سابقا هناك خصائص أخرى لفلسفة‬
‫نوفمبر نذكر منها‪ :‬أصالتها العربية اإلسلامية‪ ،‬طابعها الجماهيري‪ ،‬بساطة إيديولوجيتها التي‬
‫تمثلت في فكرة واحدة وفي كلمة واحدة وهي االستقلال‪.5‬‬
‫إذا كان ما ذكرناه سابقا إيجابيات تُحسب لصالح فلسفة نوفمبر هذا ال يعني التلافل عن‬
‫سلبياتها والتي نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬يذهب بعض الدارسين إلى القول بأن عدم ذكر بيان نوفمبر الصطلاح الثورة يللي‬
‫عن الثورة الجزائرية صفة الثورة ويدخلها في خانة الحرب وهو األمر المردود عليه بالعودة‬
‫للبيان الذي لم ترد فيه أصلا كلمة حرب‪...‬فالبيان تضمن ألفاظ وعبارات مثل‪ :‬العمل‬
‫المحض‪ ،‬الكفاح التحريري‪ ،‬وكلها جاءت في صياغ الدعوة إلى النضال الشعبي‬
‫المسلح‪...‬وحتى لو كان إغفال ذكر الثورة في البيان متعمدا فإن‪...‬الحركة التي أُعلن عن‬
‫تأسيسها لم يتردد في وصفها صراحة بالحركة الثورية‪.6‬‬
‫‪ -‬إن الضمانات الممنوحة لفرنسا والفرنسيين الراغبين في البقاء بالجزائر في حالة‬
‫استقلالها ستصبح قيود للجزائر المستقلة‪.‬‬
‫‪ -‬يعترف محمد بوضياف بلموض أهداف بيان أول نوفمبر بقوله‪" :‬عندما نراجع‬
‫مكتوبات ذلك الوقت وعلى الخصوص إعلان جبهة التحرير الوطني‪...‬يثير إنتباهنا إهتمام‬
‫محرريها بإنقاذ الحركة الثورية من الفشل‪...‬وبتحديد االستقلال الوطني كهدف للكفاح دون‬
‫تدقيق طبيعته ومحتواه االقتصادي واالجتماعي‪...‬هذا التعريف كما نلاحظه يبقى غامضا جدا‬
‫وذلك هو ما يفسره جزئيا التناقضات التي سيعرفها كفاح التحرر الوطني واألزمات العديدة‬
‫التي هزته‪." 7‬‬
‫إن ما نظر للثورة من خلال بيان أول نوفمبر مهما كان يظهر بسيطا عند نشره في بداية‬
‫الثورة‪ ،‬إال أن مرور السنوات األولى بدأ يظهر لكل األطراف أنه نصا يحمل أبعاد كثيرة‬

‫‪ -1‬حمانة البخاري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬


‫‪ -2‬المجاهد العدد ‪ 28‬بتاريخ ‪ ،1958/08/22‬ينظر‪ :‬حمانة البخاري‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.203‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪:-4‬حمانة البخاري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫‪ -5‬عامر رخيلة‪ ،‬المرجع السابق ص ص‪.61-60‬‬
‫‪ -6‬محمد بوضياف‪ ،‬التحضير ألول نوفمبر ‪ ،1954‬ط‪ ،1‬دار النعمان للطباعة و النشر‪ ،‬الجزائر‪ ، 2010 ،‬ص ص‪.67-66‬‬
‫‪ -7‬مولود قاسم نايت بلقاسم‪ ،‬ردود الفعل األولية داخلا وخارجا‪ ...‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.88‬‬

‫]‪[23‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫ويطرح عدة قضايا سياسية ومصيرية‪ ،‬والمسائل التي بينها البيان أثارت جدال كثيرا أثناء‬
‫المفاوضات بين الطرف الجزائري والفرنسي‪ ،‬كما أن المبادىء واألهداف التي سطرها‬
‫جعلها عقيدة لدى كل الجزائريين‪ ،‬منها خاصة الوحدة الترابية‪ ،‬فاليوم أصبح هذا الخطاب‬
‫(البيان) نصا متكاملا وموضوع الباحثين في تاريخ الثورة الجزائرية‪ ،‬كما يعتبره الكثير من‬
‫الجزائريين ميثاقا ومرجعية للدولة الجزائرية‪.‬‬
‫و مهما اختلفت توجهات الجزائريين بقي هذا البيان يحمل نوعا من القداسة الرتباطه‬
‫بمفجري معنى ومبنى‪ ،‬وكان هذا البيان مبشرا للهدف الذي كان يسمو إليه الشعب وهو‬
‫االستقلال‪.‬‬

‫]‪[24‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫المحور الثاني‪ :‬المواقف المحمية والخارجية من اندالع الثورة‬

‫إف تفجير الثورة بالشكؿ الذي نفذه جيش التحرير الوطني في عدة مناطؽ مف التراب‬
‫الوطني بط ريقة غير منتظرة وال متوقعة جعؿ مف كؿ األطراؼ تتيو في تفسير الحدث وفي‬
‫تحديد المسؤوؿ وعف الجية التي كانت مف وراءه‪ ،‬فالفضؿ في ىذه المباغتة يعود لسرية‬
‫اإل ستراتيجية ‪ ،‬فما ىي ردود األفعاؿ األولية الوطنية والفرنسية والم واقؼ الدولية مف اندالع‬
‫الثورة الجزائرية؟‬

‫إن المواقف المحمية المقصود منيا ردود الفعؿ الداخمية سواء كانت فرنسية أو جزائرية‪.‬‬

‫‪ - 1‬ردود فعؿ السمطات الفرنسية‬

‫أ ‪ -‬موق ؼ المسؤوليف المحمييف‬

‫مباشرة بعد تنفيذ جيش التحرير الوطني عدة عمميات مسمحة نشر الحاكـ العاـ روجي‬
‫ليونار بالغا ‪ Roger Leonard‬يوـ ‪ 2‬نوفمبر صدر في جريدة ‪ Le Journal d’Alger‬وكذلؾ في‬
‫يوـ ‪ 33‬نوفمبر‪ ،‬جاء فيو ‪ " :‬في الميمة الماضية أقترؼ نحو‬ ‫‪Alger Républicain‬‬ ‫جريدة‬
‫وفي جية‬ ‫ثالثيف ا عتداء في عدة جيات مف القطر‪ ،‬وخاصة في عمالة قسنطينة‬
‫األوراس‪ ...‬فقتؿ ضابط وجندياف في خنشمة وباتنة‪ ،‬وكذلؾ حارساف ليمياف في القبائؿ" ‪ ،1‬ولـ‬
‫يتردد روجي ليونار في إرجاع سبب ىذه األحداث إلى جيات خارجية خاصة " مصر " التي‬
‫أذيع منيا بياف أوؿ نوفمبر ‪.2‬‬
‫ىذه‬ ‫وفي اليوـ الثالث نوفمبر‪ ،‬أقاـ روجي ليونار ندوة صحافية ذكر فييا لمصحفييف‬
‫الفقرة مف نداء أذاعو صوت العرب قاؿ فيو‪ " :‬في ّىذا اليوـ‪ ،‬الخامس مف ربيع األوؿ‪،‬‬

‫‪ - 1‬محمد سريج‪ ،‬الثورة الجزائرية في الصحافة التونسي ٌة‪ :‬جر ٌيد ة " العمؿ "أنموذجا ‪ ،4591- 4591‬أطروحة مقدمة لنيؿ‬
‫شيادة دكتوراه عموـ في التاريخ الحديث والمعاصر‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 221 ،1142- 1149‬صفحة‪ ،‬جامعة جياللي اليابس‬
‫اإلنسانية االجتماعي ٌة قسـ العموـ اإلنساني ٌة‪ .‬ص‪.131‬‬
‫ٌ‬ ‫بسدي بمعباس‪ ،‬كمي ٌة العموـ‬
‫ٌ‬
‫‪ - 2‬مولود قاسـ نايت بمقاسـ‪ ،‬ردود الفعؿ األولية ‪،...‬المرجع السابؽ‪ .‬ص‪.89‬‬

‫]‪[25‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫الم وافؽ فاتح نوفمبر ‪ ، 1954‬بدأت الج زائر تحيا حياة كريمة شريفة " ‪ ،1‬ثـ صرح إلذاعة‬
‫الم ّبيتة الستيداؼ استقرار‬
‫الج زائر بتاريخ ‪ 05‬نوفمبر بأنو يؤكد بأف ما وقع يترجـ الن وايا ُ‬
‫الج زائر مثمما يحدث في البمداف المجاورة ‪ ،‬والدليؿ عمى ذلؾ ىو تمؾ التص ريحات الحماسية‬
‫التي تطمقيا إذاعة صوت العرب مف القاىرة وارتباطيا بمنفذي االعماؿ التي حدثت ليمة أوؿ‬
‫‪2‬‬
‫نوفمبر‪.‬‬
‫أما جاؾ شوفاليي ‪ Jacques Chevalier‬رئيس بمدية الج زائر ونائبيا في البرلماف الفرنسي‬
‫فقد صرح في خنشمة يوـ ‪ 32‬نوفمبر‪ ":‬إف الحكومة لف تقبؿ‪ ،‬بأية صفة كانت‪ ،‬أي إرىاب‬
‫فردي أو جماعي‪ ،‬واف جميع التدابير ستتخذ" ‪ ، 3‬ولمتقميؿ مف قيمة الذيف فجروا الثورة‬
‫يوـ ‪32‬‬ ‫‪Trémaud‬‬ ‫ومحاولة عزليـ عف الشعب الج زائري صرح بريفي (والي) الج زائر ت ريمو‬
‫نوفمبر‪ ":‬إف ىذه االعتداءات‪ ...‬قامت بيا حفنة مف المتعصبيف‪.4 "...‬‬

‫ب ‪ -‬موقؼ الحكومة الفرنسية‬


‫أما موقؼ السمطات الفرنسية ببا ريس شنت حممة إعالمية ضد الثورة الجزائرية‪،‬‬
‫وحاولت بعث رسائؿ لممجتمع الدولي لتحذرىـ مف مخاطر التدخؿ في المسألة الج زائرية‬
‫‪ ،‬يوـ ‪ 4‬نوفمبر ‪" :1954‬‬ ‫ميتراف ‪François Mittérand‬‬ ‫حيث صرح وزير الداخمية فرانسوا‬
‫المفاوضات الوحيدة ىي الحرب ‪ ،"5‬كما صرح أماـ لجنة الشؤوف الداخمية في البرلماف‬
‫الفرنسي‪ << :‬أف الجزائر مف الشؤوف الداخمية >> ‪ .6‬وفي ‪ 07‬نوفمبر يضيؼ رئيس الحكومة‬

‫‪ - 1‬محمد قدور‪ ،‬رد فعؿ الفرنسييف و مواقؼ أح از ب الحركة الوطنية الجزائرية مف اندالع الثورة التحريرية ‪ 14‬نوفمبر‪4591‬‬
‫(دراسة في مذكرات و شيادات ووثائؽ أرشيفية ‪ ،‬ص ص ‪ ،439- 441‬مجمة الدراسات اإلفريقية بالجزائر‪ ،‬المجمد ‪: 03‬العدد ‪:‬‬
‫‪ ، 08‬ماي ‪ . 1111‬ص‪.445‬‬
‫‪ - 2‬مولود قاسـ نايت بمقاسـ‪ ،‬ردود الفعؿ األولية‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.93‬‬

‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪.‬‬

‫‪ - 4‬أحمد منغور‪ ،‬موقؼ الرأي العاـ الفرنسي مف الثورة الجزائرية (‪ 121 ،)4591- 4591‬صفحة‪ ،‬رسالة مقدمة لنيؿ شيادة‬
‫الماجستير في تاريخ الحركة الوطنية‪ ،‬جامعة منتوري – قسنطينة‪ ،‬كمية العموـ اإلنسانية و العموـ االجتماعية‪ ،‬قسـ التاريخ و‬
‫اآلثار‪ ،‬تاريخ المناقشة ‪ ،1119/41/19‬ص‪.432‬‬
‫‪ - 5‬مولود قاسـ نايت بمقاسـ‪ ،‬ردود الفعؿ األولية ‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ .‬ص‪.113‬‬

‫‪ - 6‬أحمد منغور‪ ،‬موقؼ الرأي العاـ‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.432‬‬

‫]‪[26‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫مانداس فرانس ‪ ":Mendes France‬الج زائر ىي فرنسا " و فرنسا ال تعترؼ بداخميا بأية سمطة‪،‬‬
‫غير سمطتيا "‪.1‬‬

‫‪ ،Mendes‬رئيس الحكومة‬ ‫فرانس ‪France‬‬ ‫وأماـ الب رلماف الفرنسي صرح بيير منديس‬
‫الفرنسية‪ << :‬إف األمة لف تسمح ألحد أف يخاطر بوحدتيا‪ ،‬وأف ليس ىناؾ انفصاؿ ممكف‬
‫لمج زائر عف فرنسا>> ‪ ، 2‬وأماـ الب رلماف يقوؿ مانداس فرانس يوـ ‪ 12‬نوفمبر‪ " : 1954‬تأكدوا‬
‫أنو لف يكوف مف الحكومة أي تردد أو تنازؿ ‪ ...‬في تطبيؽ القانوف‪ ...‬سوؼ لف نتقاعس عندما‬
‫يتعمؽ األمر بالدفاع عف السالـ الداخمي لألمة ووحدتيا وسالمة الجميورية‪ ،‬ألف عماالت‬
‫الج زائر‪ ،‬ىي جزء مف فرنسا " ‪ 3‬ويطمب رئيس الحكومة أماـ الب رلماف الف رنسي مف مصر‬
‫الكؼ عف مساعدة الثوار الجزائرييف ‪.4‬‬

‫‪ - 2‬موقف الصحافة الفرنسية‬

‫مف أوؿ يوـ ال ندالع الثورة شنت الصحافة الفرنسية حممة شرسة عمى الذيف فجروا‬
‫‪La‬‬ ‫الثورة ونعتتيـ بمختمؼ الصفات‪ ،‬فالصحافة الف رنسية الصادرة بالجزائر مثؿ جريدة‬
‫كتبت في ‪ 32‬نوفمبر ‪ <<:‬فجائية ىذه األحداث‪ ،‬وتزامنيا الدقيؽ‪،‬‬ ‫‪Dépèche Quotidiènne‬‬

‫مما يدؿ عمى وجود مخطط تنفيذي صممتو وأنجزتو منظمة منضبطة >> ‪ ،5‬كما قامت ج ريدة‬
‫<<‬ ‫بحممة تيويؿ لمكولوف‪ ،‬حيث كتبت يوـ ‪ 33‬نوفمبر‪:‬‬ ‫‪Le Journal d’Alger‬‬ ‫جريدة‬
‫السكاف األوروبيوف يطمبوف مف الجيش والدرؾ الحماية مف اإلرىابييف >>‪ ،‬كما كتبت عف‬
‫ذلؾ جريدة ‪ Le Monde‬يوـ ‪ 16‬نوفمبر‪ << :‬فطيمة األياـ التي تمت انفجار اإلرىاب تراكمت‬

‫‪ - 1‬مولود قاسـ نايت بمقاسـ‪ ،‬ردود الفعؿ األولية‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ .‬ص‪.135‬‬

‫‪ - 2‬أحمد منغور‪ ،‬موقؼ الرأي العاـ الفرنسي‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.439‬‬


‫‪ - 3‬محمد قدور‪ ،‬رد فعؿ الفرنسييف و مواقؼ أح از ب الحركة الوطنية الجزائرية‪...‬ص‪.445‬‬
‫‪ - 4‬مولود قاسـ نايت بمقاسـ‪ ،‬ردود الفعؿ األولية‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.99‬‬

‫‪ - 5‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.97‬‬

‫]‪[27‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫طمبات رخص حمؿ السالح مف طرؼ األوروبييف عمى مكاتب محافظي الشرطة ورؤساء‬
‫البمديات المختمطة >> ‪.1‬‬

‫منذ اندالع الثورة راحت ج ريدة لورور ‪ L’Aurore‬يوـ ‪ 5‬نوفمبر تغذي العداء "‪:‬أف الذيف‬
‫نفذوا العمميات يتمقوف األسمحة واأل وامر مف الخارج"‪ .‬وىي الصحيفة التي ساىمت أكثر مف‬
‫غيرىا في نفث سموـ العنصرية في فرنسا ضد الجزائرييف‪.2‬‬

‫كما قامت الصحؼ الفرنسية بربط م ا يحدث في الجزائر بما يدور إقميميا متيمة مصر‬
‫‪le Figaro‬‬ ‫والدوؿ العربية أنيا مف وراء الثورة الجزائرية وخططت ليا‪ ،‬حيث كتبت جريدة‬
‫كتبت في ‪02‬نوفمبر‪" : 1954‬إف الجامعة العربية وأولئؾ الذيف يعيشوف في المنفى في القاىرة‬
‫ليسوا وحدىـ مف يمارسوف ضدنا سياسة األرض المحروقة ‪ ...‬ففرنسا لف تحارب طويال ضد‬
‫االشباح‪ 3 ...‬إذ البد أف تسقط األقنعة يوما ما‪ ، 4"...‬فيذه الجريدة اتيمت منذ البداية أطراؼ‬
‫خارجية عمى أنيا ىي التي حبكت العممية‪ ،‬وقد ذىب في ىذا المنحى الحاكـ العاـ ليونار‬
‫‪ Roger‬بقولو‪ " :‬يبدو أف ى ؤالء المحركيف مف الخارج يقصدوف بيذه العممية أف‬ ‫‪Léonard‬‬

‫تساعدىـ عمى عرض قضية الجزائر عمى ىيئة األمـ المتحدة قريبا‪ ،‬ضمف ممؼ المغرب‬
‫الفرنسي " ‪.5‬‬

‫وكثر تكيف الصحؼ الفرنسية الستطالع اليد التي أمضت بياف فاتح نوفمبر ‪ ،6‬وجاء‬
‫يوـ ‪ 03‬نوفمبر‪ <<:‬منشورات وزعت في عدة جيات لـ تترؾ شيئا في‬ ‫‪oragiF eL‬‬ ‫في جريدة‬
‫الغموض‪ ،‬وال مجاؿ اليوـ لإلبياـ‪ ،‬فيي موقعة باسـ جبية التحرير الوطني ‪.7‬‬

‫‪ - 1‬أحمد منغور‪ ،‬موقؼ الرأي العاـ الفرنسي‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.439‬‬


‫‪ - 2‬محمد قدور‪ ،‬رد فعؿ الفرنسييف و مواقؼ أح از ب‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.448‬‬
‫‪ - 3‬أحمد منغور‪ ،‬موقؼ الرأي العاـ الفرنسي‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.439‬‬
‫‪ - 4‬مولود قاسـ نايت بمقاسـ‪ ،‬ردود الفعؿ األولية داخال وخارجا عمى غرة أوؿ نوفمبر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ .‬ص‪.89‬‬

‫‪ - 5‬أحمد حمدي ‪ ،‬الثورة الجزائرية واإلعالـ – دراسة في اإلع الـ الثوري ‪ -‬الصادر عف و ازرة الثقافة‪ ،‬الطبعة‪ ، 3‬الجزائر‬
‫‪ 221 ،2007‬صفحة‪ ،‬ص‪.57‬‬

‫‪ - 6‬أحمد حمدي‪ ،‬الثورة الجزائرية واإلعالـ – دراسة في اإلعالـ الثوري ‪ -‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.58‬‬

‫‪ - 7‬محمد قدور‪ ،‬رد فعؿ الفرنسييف و مواقؼ أح از ب الحركة الوطنية‪ ...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.445‬‬

‫]‪[28‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫تقديـ قراءة سياسية لألمر‪،‬‬ ‫‪le Monde‬‬ ‫وفي تحميميا ليجومات نوفمبر حاولت ج ريدة‬
‫حيث جاء في عدد ‪ 3‬نوفمبر ‪ 1954‬ما يمي‪ <<:‬قد يقوؿ المرء أف العمميات ليس ليا الطابع‬
‫المصالي حيث لـ يتبعيا تحركات جماىيرية وتمردات وانتفاضات ولـ تسجؿ أية ىيجانات‬
‫وال‬ ‫مشبوىة‪ ،‬لذلؾ ال يسعنا إال أف نصدؽ أننا أماـ منظمة خارجة عف األحزاب الوطنية‬
‫تمت إلى الجماىير بصمة‪ ،1 >>...‬ىذا التحميؿ كاف منطقيا وصائبا ويعكس مدى معرفة‬
‫الصحافة الفرنسية خبايا األوضاع السياسية في الجزائر والصراعات الدائرة داخؿ الحركة‬
‫ىذه الجريدة‬ ‫الوطنية‪ ،‬وأف حتى الج زائرييف مف مناضميف وعامة تفاجؤوا بالحدث‪ ،‬كما أف‬
‫قامت بتحديد الطرؼ الفاعؿ والمقصود بو جبية التحرير وحاولت ربطيا بأطراؼ خارجية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬المواقف الجزائرية‬
‫تباينت م واقؼ النخبة الجزائرية وخاصة الطبقة السياسية تجاه الثورة التحريرية المسمحة‬
‫وجبية التحرير الوطني التي اعتبرت نفسيا أنيا الممثؿ الوحيد لمشعب الجزائري‪،‬‬
‫أما مصالي الحاج فمـ يتخذ موقفا عمنيا إال يوـ ‪ 08‬نوفمبر‪ << :‬ال يمكف وضع حد ليذه‬
‫االنفجا رات التي ليست في الحقيقة سوى أعماؿ يائسة‪ ،‬إال بإنياء ىذا النظاـ واالستجابة‬
‫لطموحات شعبنا وىنا يكمف العالج>> ‪.2‬‬
‫وبعد أف تأ ّكد المصاليوف بأف جبية التحرير ماضية في ط ريقيا بمفردىا بعيدا عف أي‬
‫وصاية تاريخية‪ ،‬حاولوا المّحاؽ بالثورة وأف ال يتركوا ألنصار القوة الثالثة كما سماىـ مصالي‬
‫في مؤتمر ىورنو شرؼ قيادتيا التي طالما حمـ بيا أب الحركة الوطنية‪ ،‬فسارعوا إلى تشكيؿ‬
‫الحركة الوطنية الجزائرية ‪.3‬‬
‫يذكر األستاذ العربي الزبيري أف ىناؾ اختالؼ في تا ريخ ظيور الحركة الوطنية‬
‫الج زائرية ‪ ، - M.N.A‬حيث ىناؾ مف يرجع تاريخ ميالدىا إلى شير ديسمبر ‪ 1954‬أو شير‬
‫مارس ‪ ، 1955‬إال أف ىناؾ مف يوحي بأنيا تأسست عمى إثر مؤتمر ىورنو ‪ 14‬جويمية‬
‫‪ ،4 1954‬كما كونوا قوة عسكرية مناوئة ومنافسة لجيش التحرير‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد سريج‪ ،‬الثورة الجزائرية في الصحافة التونسيةٌ‪ :‬جر ٌيد ة " العمؿ "أنموذجا‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ - 2‬محمد قدور‪ ،‬رد فعؿ الفرنسييف‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.413‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.431‬‬
‫‪ - 4‬محمد سريج‪ ،‬الثورة الجزائرية في الصحافة التونسيةٌ‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.81‬‬

‫]‪[29‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫أما بالنسبة لممرك زييف فيناؾ مف يرى أنيـ لـ يقفوا مع الثورة منذ البداية وىذا مولود‬
‫قاسـ يقوؿ‪ ":‬أف المرك زييف وصفوا الثورة باألعماؿ اإلرىابية‪ ،‬وقاـ بيا إرىابيوف" ‪ ،1‬ويرى محمد‬
‫حربي أف السبب في ىذا ىو محاولة خمؽ المرك زييف لجبية داخمية تسعى لالستقالؿ الداخمي‬
‫متأكديف أف فرنسا لف تتفاوض مع جبية التح رير ‪ ،2‬أما عبد الحميد ميري الذي أرفؽ ضمف‬
‫مالحؽ كتابو وثيقة أرشيفية جد ىامة مؤرخة في ‪ 16‬أوت ‪ 1954‬عبارة عف تكميؼ ممضي‬
‫مف طرؼ حسيف لحوؿ وأخرى مف طرؼ محمد خيضر يكمفاف فييا السيد الياشمي الطود‬
‫بميمة البحث وشراء السالح لدى السمطات الميبية ‪.3‬‬
‫والشيء الذي ىو مؤكد أف الحزب الوحيد الذي أُتيـ بأنو مف وراء الثورة وتعرض‬
‫مناضموه منذ اندالع الثورة إلى االعتقاؿ والتعذيب ىو حركة االنتصار سواء كان وا مركزييف أو‬
‫مصالييف‪.‬‬
‫تعميقات و عمى العمميات‬ ‫أما موقؼ االتحاد الديمقراطي لمبياف الجزائري في إحدى‬
‫األولى لجبية التحرير‪ <<:‬بأنيا اليأس والفوضى والمغامرة>> ‪ ،4‬ويبدو مف خالؿ تصريحات‬
‫"فرحات عباس "‪ ،‬أنو بيف أمريف مف جية يحمؿ السمطات االستعما رية ما جرى ليمة الفاتح‬
‫نوفمبر‪،‬ومف جية ثانية ال يؤمف بالعنؼ كوسيمة لمحؿ‪ ،‬بقي متمسكا بمبدئو الداعي لتغيير‬
‫األوضاع بالقانوف ‪.5‬‬
‫أما بعض شيادات قيادة جبية التحرير الوطني مثؿ التي جاءت في مذك رات عمي‬
‫استمر عمى موقفو ومبادئ حزبو وىو التعمؽ بالشرعية وادانة العنؼ‬ ‫‪U.D.M.A‬‬ ‫كافي‪ :‬بأف‬
‫والمناورة لمحصوؿ عمى تنازالت مف فرنسا ‪ ،6‬إذ نجد أف فرحات عباس يقترح عمى الفرنسييف‬
‫إقامة فيدرالية ج زائرية مستقمة داخميا ومتحدة مع فرنسا‪ ...‬فاالتحاد الديمقراطي لـ يعترؼ‬

‫‪ - 1‬محمد قدور‪ ،‬رد فعؿ الفرنسييف‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.419‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.419‬‬
‫‪ - 3‬محمد سريج‪ ،‬الثورة الجزائرية في الصحافة التونسيةٌ‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ - 4‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ - 5‬محمد قدور‪ ،‬رد فعؿ الفرنسييف‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.412‬‬
‫‪ - 6‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.419‬‬

‫]‪[30‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫وسري مع الف رنسييف‪،‬‬


‫بالثورة عمى األقؿ في بدايتيا‪ ،‬بدليؿ بقاء قيادتو في اتصاؿ قوي عمني ّ‬
‫‪1‬‬
‫وبقي يطالب مف فرنسا العودة إلى دستور‪.1947‬‬
‫كما اختمفت اآلراء حوؿ موقؼ الحزب الشيوعي الج زائري مف ىجومات أوؿ نوفمبر‬
‫‪ 1954‬بيف منتقد لو‪ ،‬وبيف مف رأى أف موقفو ماؿ لصالح الثورة وأيد الكفاح المسمح ‪،2‬‬
‫ففي اليوـ الثاني مف نوفمبر أصدر المكتب السياسي لمحزب الشيوعي بيانا يديف فيو جبية‬
‫التحرير الوطني ‪ ،3‬ويرى محمد حربي يذكر في كتابو " جبية التح رير الوطني‪ ،‬األسطورة‬
‫والواقع‪ " ...‬إف الحزب الشيوعي الج زائري الذي فاجأتو األحداث أىتـ بالتذكير في بياف ‪2‬‬
‫نوفمبر ‪ ، 1954‬بمواقفو المبدئية بشأف المسألة السياسية‪ ...‬والدعوة إلى حؿ ديمقراطي‬
‫‪4‬‬
‫يحترـ مصالح كؿ سكاف الجزائر‬
‫وجد نفسو بيف موقفيف متناقضيف‪ ،‬الشيوعيوف ذوي‬ ‫‪P.C.A‬‬ ‫فالحزب الشيوعي الجزائري‬
‫األصوؿ الج زائرية‬ ‫األصوؿ األوربية‪...‬عارضوا الدعـ الثوري‪ ،‬والشيوعييف ذوي‬
‫لعربية‪...‬عبروا عف دعميـ لمثورة في اجتماع أبريؿ ‪ ،5 1955‬وبعد مرور سنة عمى اندالع‬
‫‪ ،‬الناطؽ باسـ‬ ‫ديكمو ‪Jacques Duclos‬‬ ‫الثورة التحريرية‪ ،‬تغير في الخطاب‪ ،‬إذ ظير جاؾ‬
‫الكتمة الشيوعية‪ ،‬وقاؿ "‪ :‬نحف الشيوعيوف المدافعوف عمى استقالؿ الشعوب ومساواتيا‬
‫نعترؼ بحؽ كؿ شعب في تقرير مصيره بنفسو" ‪.6‬‬
‫ومف جية أخرى أقدـ الحزب الشيوعي عمى تشكيؿ جيش تحت مسمى" المحاربوف مف‬
‫أجؿ الحرية" ‪ ،7‬وىذا يؤكد معارضتو لجيش التحرير الوطني كقوة عسكرية وحيدة قد تكتسب‬
‫شرعية واسعة‪.‬‬
‫‪302‬‬ ‫وعف رد فعؿ الجمعية مف ثورة أوؿ نوفمبر فقد جاء في جريدة البصائر عدد‬
‫لسنة ‪ 1955‬بأف جبية التحرير الوطني ىي الوريثة الشرعي ألنص ار الحريات والديمقراطية‬

‫‪ - 1‬محمد سريج‪ ،‬الثورة الجزائرية في الصحافة التونسيةٌ‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.413‬‬


‫‪ - 2‬محمد قدور‪ ،‬رد فعؿ الفرنسييف‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.418‬‬
‫‪ - 3‬محمد سريج‪ ،‬الثورة الجزائرية في الصحافة التونسيةٌ‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.413‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.411‬‬
‫‪ - 5‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.419‬‬
‫‪ - 6‬محمد قدور‪ ،‬رد فعؿ الفرنسييف‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.418‬‬
‫‪ - 7‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.431‬‬

‫]‪[31‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫التي احتضنت دائما أشخاصا مف مختمؼ المشارب واألصناؼ‪...‬وبالتالي فالتحالؼ معيا قد‬
‫تسبب فييا حزب‬ ‫ييدد مصالح الجمعية‪ ،‬وىنا نستذكر أحداث الثامف مف ماي التي‬
‫‪1‬‬
‫الشعب‪.‬‬
‫وفي اعتقادنا أف موقؼ جمعية العمماء المسمميف مف ا ندالع الثورة التح ريرية لـ يكف‬
‫مساندا بشكؿ صريح يمكننا تفسير ذلؾ إلى ‪:‬‬
‫‪ -‬ارتباط الجمعية أو باألحرى قيادتيا والفاعميف فييا بتيارات الحركة الوطنية األخرى‬
‫مف جماعة االتحاد والمصالييف‪.‬‬
‫‪ -‬تخوؼ الجمعية مف رد فعؿ السمطات الكولونيالية العنيؼ ضدىا إذا ما ساندت‬
‫الثورة ‪.‬‬
‫‪ -‬وجود تباي ف بيف مواقؼ أعضاء الجمعية‪ ،‬فغالبية أعضاؤىا مف القاعدة أندفعوا وأيدوا‬
‫ودافعوا عف الثورة ‪.‬‬
‫والشيء المؤكد أف مواقؼ قيادة الجمعية كانت متعارضة مع مواقؼ قاعدتيا فغالبية‬
‫أعضاؤىا أيدوا عف الثورة‪ ،‬وينقؿ لنا الدكتور العربي ال زبيري شيادة بعض قادة الثورة مثؿ ابف‬
‫طوباؿ وبوبنيدر الذيف أ ّكدوا عمى التفريؽ بيف قيادة الجمعية في الداخؿ وقيادتيا في الخارج‪،‬‬
‫فالبشير االبراىيمي كاف قد أصدر بيانا في الثامف مف شير نوفمبر يؤيد فيو الثورة‪ ،‬أما في‬
‫الداخؿ فباستثناء العربي التبسي الذي كانت مواقفو مشرفة فإف باقي الزعماء لـ يستجيبوا‬
‫‪2‬‬
‫لنداءات الثورة‪.‬‬
‫‪ - 4‬موقف الفرنسيين من األحداث‬
‫منذ اليوـ األوؿ ال ندالع الثورة ساند األوروبيوف بالج زائر خاصة الكولوف منيـ سياسة‬
‫الحؿ العسكري ودافع وا عف فكرة استعماؿ العنؼ لمقضاء عمى الثورة في ميدىا‪ ،‬وىذا‬
‫الموقؼ جعؿ منيـ مف البداية طرفا في الص راع في الوقت ا لذي دعتيـ الثورة إلى التعايش‬
‫وطمأنتيـ عمى ممتمكاتيـ‪ ،‬ولـ تنبذىـ‪ ،‬بؿ ذىبت إلى أبعد مف ذلؾ إذ فتحت ليـ باب حؽ‬
‫إمتالؾ الجنسية الج زائرية‪ ،‬إذا أرادوا‪ ،‬ولكف الكثير منيـ كان وا متعصبيف وغالة وقفوا حتى‬
‫ضد محاوالت إصالح األوضاع االجتماعية واالقتصادية لمجزائرييف‪ ،‬في حيف كاف ىناؾ‬

‫‪ - 1‬محمد قدور‪ ،‬رد فعؿ الفرنسييف‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.431‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.411‬‬

‫]‪[32‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫شيء مف عدـ التطابؽ بيف الفرنسييف في فرنسا وفرنسيي الجزائر بخصوص األحداث التي‬
‫اندلعت في الفاتح مف نوفمبر‪ ،‬كاف السكاف األوربييف في الجزائر ينقسموف إلى فئتيف‪ ،‬فئة‬
‫مشوشيف وا رىابييف يجب القضاء عمييـ أو‬ ‫عنص رية متعصبة‪ ...‬ترى في الج زائرييف‬
‫‪1‬‬
‫باألحرى " القمع أوال ثـ تأتي اإلصالحات بعد ذلؾ" ‪.‬‬
‫أما ال رأي العاـ الفرنسي بالمتروبوؿ‪ ،‬لـ يكف مطمعا تماـ اإلطالع عمى األوضاع التي‬
‫كانت تعيشيا الجزائر وباقي المستعمرات‪ ،‬و لـ تكف أغمب الصحؼ و الج رائد تقدـ لو المادة‬
‫الخبرية الالزمة عف تمؾ األوضاع‪ ،‬وىذا ما يفسر البط ء الكبير في تكويف موقؼ ال رأي العاـ‬
‫الفرنسي مف الثورة الج زائرية ‪ ،2‬لكف تعاظـ وتزايد القمع ىو الذي وضع الرأي العاـ الفرنسي في‬
‫مأزؽ بؿ وضع المسؤوليف الف رنسييف في مواقؼ صعبة لمغاية خاصة مع اندالع أحداث ‪20‬‬
‫أوت ‪ 1955‬في الشماؿ القسنطيني‪.3‬‬
‫غير أف التطورات التي كان ت بسبب أحداث ‪ 20‬أوت ‪ 1955‬والتي استدعت اىتماـ ال رأي‬
‫العاـ الف رنسي أكثر مثؿ مظاى رات الشباب الف رنسي المجند يوـ ‪ 01‬سبتمبر ‪ 1955‬في محطة‬
‫ليوف بباريس‪،‬‬ ‫‪Lyon‬‬ ‫ببا ريس ويوـ ‪ 11‬سبتمبر في محطة‬ ‫‪Montparnasse‬‬ ‫موف بارناس‬
‫واعتصاـ حوالي‪ 400‬مجندا في كنيسة ببا ريس يوـ ‪ 29‬مف نفس الشير‪ ،‬ىي أحداث تدؿ عمى‬
‫‪4‬‬
‫بداية تشكؿ وعي حوؿ انعداـ االستقرار في الوضع في الجزائر‪.‬‬
‫‪ - 5‬موقف الدول الغربية‬
‫بدأت فرنسا تحذر مف تدخؿ الدوؿ في شؤونيا وتيدد مف يتج رأ بالتدخؿ في "شؤونيا‬
‫الداخمية "بعد اندالع الثورة التحريرية‪ ،‬معتبرة أف الج زائر مقاطعة فرنسية وجزء ال يتجزأ مف‬
‫تم تد في إفريقيا وفي شماؿ البحر األبيض المتوسط ‪ 5 .‬مما جعؿ الدوؿ الغربية ال‬
‫فرنسا‪ ،‬التي ّ‬
‫تتدخؿ وال تعبر عف موقفيا بشكؿ واضح عمى األقؿ عند اندالع الثورة في الفاتح مف نوفمبر‬
‫‪1954‬ـ‪ ،‬تحاشيا لالصطداـ بف رنسا ‪ ،6‬كما لـ يتدخؿ االتحاد السوفياتي في القضي ة الجزائ رية‬

‫‪ - 1‬أحمد منغور‪ ،‬موقؼ الرأي العاـ الفرنسي‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.435‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص‪.414‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪411‬‬
‫‪ - 4‬وىيبة قطوش‪ ،‬الثورة الجزائرية في الصحافة التركية (‪ ،)4851- 4843‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.447‬‬
‫‪ - 5‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.411‬‬
‫‪ - 6‬وىيبة قطوش‪ ،‬الثورة الجزائرية المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.447‬‬

‫]‪[33‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫عند اندالعيا تحت إطار" الشأف الفرنسي الداخمي "ولـ تبدي أي رد فع عمني ليذكر‪ ،‬إّال أف‬
‫ىذه المواقؼ ستتغير فيما بعد ‪.1‬‬
‫لقد توحدت مواقؼ الدوؿ حمؼ الناتو فكانت مواقفيا كميا مدعمة ومؤيدة لالحتالؿ‬
‫الفرنسي‪ ،‬فقد جاء في مذكرة جواب ال واليات المتحدة األمريكية " أف حرماف فرنسا مف ىذه‬
‫المساعدة لف تكوف متفقا مع سياسة حكومة الواليات المتحدة األمريكية أو مصالح العالـ الحر "‬
‫وقاؿ الرئيس األمريكي إزنياور خالؿ مؤتمر صحفي شير جويمية ‪ 4844‬بأف الج زائر ىي في‬
‫الدرجة األولى مشكمة فرنسية داخمية ألف ىذه المنطقة تشكؿ جزءا مف فرنسا‪ .‬كما صرح السفير‬
‫البريطاني في جويمية أيضا بأف ب ريطانيا ترغب في أف تستمر األعماؿ الفرنسية في شماؿ‬
‫‪2‬‬
‫إفريقيا لنشر المدنية‪.‬‬
‫‪ - 6‬مواقف الدول العربية‬
‫ففي الخامس مف يناير عاـ ‪ ، 1955‬وجيت المممكة العربية السعودية رسالة إلى مجمس‬
‫األمف الدولي‪ ،‬لفتت فيو انتباىو إلى عمميات فرنسا العسكرية القاسية‪ ،‬التي تستيدؼ تصفية‬
‫الثورة الوطنية في الجزائر‪ ،‬وطمس خصائص الحياة القومية والثقافية لشعب الجزائر ‪،3‬‬
‫كما ألح الرئيس المصري جماؿ عبد الناصر عمى دعـ كفاح الشعب الجزائري حتى نيمو الحرية‬
‫واالستقالؿ ‪ .‬وقد كاف ذلؾ نابع مف "إيمانو العميؽ بأف الحرية العربية تظؿ قاصرة عمى تحقيؽ‬
‫أىدافيا في إقامة الحياة الكريمة عمى أرض الوطف الع ربي ما بقي جزء مف األرض الع ربية‬
‫‪4‬‬
‫رازحا تحت نيراف االستعمار واالستغالؿ األجنبي‪".‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.441‬‬


‫‪- 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.441‬‬
‫‪- 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.444‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Philippe Tripier << Autopsie de la guerre de l’Algérie >>, op.cit, p 84.‬‬

‫]‪[34‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫المحور الثالث‪ :‬تطور الثورة الجزائرية عسكريا وتنظيميا‬


‫إف الثورة الجزائ رية ما مي زىا عف باقي ثورات العالـ وىي الشمولية واستعممت العنؼ‬
‫والالعنؼ في الخطاب السياسي وأساليب الم واجية ونوعت في مجاالت الصراع‪ ،‬كما أقحمت‬
‫جميع الشرائح االجتماعية في معادلة الصراع‪ ،‬إلنجاح مشروعيا الثوري اعتمدت جبية‬
‫التحرير عمى مخطط الحرب الثورية‪...‬تحت شكؿ ثالثية‪ :‬استعماؿ العنؼ – الدعاية –‬
‫التنظيـ ‪ ،1‬ووسعت جغ رافية الثورة إلى خارج الجزائر فحولت الت راب الفرنسي خاصة إلى ميداف‬
‫جديد لمصراع بيف فكرة الثورة التحريرية والكولونيالية اإلمبريالية‪.‬‬

‫‪ - 1‬تنظيم الثورة التحريرية‬

‫إف الثورة الجزائ رية لـ تكف ثورة ش ريحة اجتماعية معينة أو حركة تحري رية لحزب أو‬
‫تنظيـ يحمؿ إيديولوجية سياسية أو دينية وبالتالي فيي ثورة شعبية ولقد أعمنت عف انتمائيا‬
‫وتوجييا مف خالؿ نص بياف نوفمبر‪ << :‬أييا الشعب الجزائري >>‪ ،‬كما يقوؿ عنيا‬
‫محمد بجاوي ‪ :‬أف جبية التح رير كانت الحزب ‪-‬األمة‪ ،‬وأف اختيار تسمية الجبهة يؤكد أف‬
‫الثورة الجزائرية ىي حركة ثورية تح ري رية ضد المستعمر ال غير‪ ،‬فيي مفتوحة لكؿ الجزائ رييف‬
‫بمختمؼ انتماءاتيـ السياسية‪ ،‬وأف نص بياف نوفمبر قد فصؿ وحدد طبيعة وشكل مطالبيا‬
‫الثورة منذ المحظة األولى إلبعاد كؿ غموض أو تشكيؾ في حقيقة الثورة وبعدىا الوطني ‪-‬‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫أ ‪ -‬إستراتيجية جبية التحرير الوطني‬

‫تمكنت جبية التح رير الوطني مف تعبئة الشعب الج زائري وتنظيمو واحت وائو في ظؿ‬
‫تواجد تنظيمات سياسية معارضة ليا وسمطة كولونيالية قوية‪ ،‬وذلؾ بمخاطبتيا كؿ شرائح‬
‫الشعب‪ ،‬وا عتمد ت في التعبئة عمى وسائؿ االتصاؿ واإلعالـ المختمفة ا لمقروءة والسمعية‬
‫(دور اإلعالـ في الثورة)‪ ،‬وعمى األسموب الشفوي (لدحض ادعاءات األط راؼ األخرى ‪:‬‬

‫‪ - 1‬عمار ىالؿ‪ ،‬نشاط الطمبة الجزائرييف إباف ثورة نوفمبر ‪ ،1954‬دار ىومو‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة الخامسة‪206 ،2012 ،‬‬
‫صفحة‪ .‬ص‪.24‬‬

‫]‪[35‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫الدعاية والدعاية المضادة)‪ ،‬إ ف قوة الجبية تكمف في اعتمادىا عمى تح ريؾ قاسميف مشتركيف‬
‫أساسيف لمشعب الجزائري‪ ،‬وىما مبدأي ‪ :‬الجهاد ‪ -‬الحرية ‪.‬‬

‫إف نجاح عممية تعبئة الشعب الج زائري حوؿ ىذا المشروع ىو عممية تيميش واقصاء‬
‫‪.‬‬ ‫الجزائرية‪M.N.A‬‬ ‫األطراؼ المعادية والمنافسة لجبية التحرير الوطني مثؿ الحركة الوطنية‬

‫‪ -‬كيؼ تمكنت جبية التحرير الوطني مف تعبئة الشعب الج زائري وتنظيمو واحت وائ و‬
‫في ظؿ تواجد تنظيمات سياسية معارضة ليا وسمطة كولونيالية قوية ؟‬

‫‪ - 1‬التعبئة‬

‫‪ - 2‬التنظيـ‬ ‫استراتيجية الجبهة‬

‫‪ - 3‬االحتواء‬

‫لتحقيؽ ىذه الثالثية قامت الجبية بإتباع أسموبيف‪ :‬أ ‪-‬التوسع األفقي ب ‪ -‬التوسع العمودي‬

‫دور مناضمي الجبية في التعبئة‬

‫الشعب الجزائري‬ ‫التنظيمات‬


‫االجتماعية‬

‫التوسع األفقي‪ :‬المقصود منيا كيفية تعبئة كؿ شرائح الشعب حوؿ ىذا المشروع كما جاء‬
‫في نص البياف ‪ << :‬بأف ن وضح لكـ مشروعنا واليدؼ مف عممنا‪...‬ورغبتنا أيضا أف نجنبكـ‬

‫]‪[36‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫ال لتباس الذي يمكف أف توقعيـ فيو االمبريالية وعمالئيا وبعض محترفي السياسة‬
‫االنتيازية>>‪.‬‬

‫االلتباس ‪.‬‬ ‫لمواجهة‬ ‫وبالتالي تحقيؽ ىدؼ ‪ :‬التعبئة‬

‫تعتمد التعبئة عمى وسائؿ االتصاؿ واإلعالـ المختمفة المقروءة والسمعية (دور‬
‫اإلعالـ في الثورة)‪ ،‬وعمى األسموب الشفوي (لدحض ادعاءات األطراؼ األخرى‪ :‬الدعاية‬
‫والدعاية المضادة)‬

‫فالتعبئة الشعبية ىي إلتفاؼ واحتضاف الشعب ليذا المشروع الثوري التحرري‪ ،‬وليس‬
‫درجة مف‬ ‫المقصود بيا نشر الوعي الوطني‪،‬ألف الشعب الجزائري قبؿ الثورة قد بمغ‬
‫لحظة‪ ،‬فالشعب‬ ‫الوعي السياسي– الوطني ما تؤىمو لم واجية االستعمار الفرنسي في أي‬
‫الجزائر مف أحداث‪.‬‬ ‫الجزائري كاف مييئا سياسيا بفضؿ الحركة الوطنية وما عرفتو‬

‫في بداية الثورة كاف ىناؾ تبايف في مواقؼ مختمؼ الشرائح االجتماعية والتنظيمات‬
‫السياسية والنخبة وكذلؾ العامة وحتى ما بيف المدينة والريؼ ويمكف حصرىا فيما يمي ‪:‬‬

‫القبوؿ (المساندة ) العامة‬

‫التردد (السياسييف والنخبة)‬ ‫المواقؼ المتباينة‬

‫الرفض ( العمالء)‬

‫وىذه المواقؼ بدأت تتالشى وتتراجع لصالح التيار الثوري مع ت زايد انتصا رات الثورة‬
‫داخميا وخارجيا ‪ ،‬وخاصة ما حققو جيش التحرير الوطني في ىجوم ات ‪ 20‬أوت ‪( 1955‬‬
‫الجانب النفسي)‪.‬‬

‫ب ‪ -‬جبية التحرير والحركات المنافسة‬

‫بعد اندالع الثورة مباشرة قامت السمطات الفرنسية بحؿ حركة االنتصار لمحريات‬
‫في ‪5‬نوفمبر‪ 1954‬متيمة إياىا بأنيا مف وراء أحداث نوفمبر‪ ،‬فقامت‬ ‫‪M.T.L.D‬‬ ‫الديمقراطية‬
‫]‪[37‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫بالقبض ومطاردة مناضمييا مما دفع بالمركزييف االلتحاؽ بصفوؼ الجبية‪ ،‬في حيف بقي‬
‫اإلتحاد الديمقراطي في الساحة السياسية بجانب الحزب الشيوعي‪.‬‬

‫فوجد الشعب الجزائري نفسو بيف قوى متصارعة ومتنافسة كؿ طرؼ يحاوؿ تعبئتو حوؿ‬
‫مشروع و وأفكاره وطروحاتو محاوال في ذلؾ تيميش واقصاء األطراؼ األخرى‪:‬‬

‫‪F.L.N‬‬ ‫جبية التحرير الوطني‬

‫الطرؼ الفرنسي‬ ‫الشعب الجزائري‬ ‫الحركة الوطنية‬


‫الجزائرية ‪M.N.A‬‬

‫الحزب الشيوعي الجزائري ‪P.C.A‬‬

‫تـ إقناع مناضمي األح زاب الوطنية بضرورة‬ ‫‪F.L.N‬‬ ‫وبفضؿ حنكة مناضمي ج‪.‬ت‪.‬و‬
‫اال لتحاؽ بالثورة‪ ،‬كؿ ىذا عجؿ بحؿ ىذه األحزاب‪ ،‬حيث أف الزعيـ فرحات عباس ألتحؽ في‬
‫‪22‬أبريؿ‪ 1956‬بالجبية بالقاىرة‪ ،‬وقد سبقتو في ىذا التوجو جماعة جمعية العمماء خاصة‬
‫الذي ُح ؿ‬ ‫‪P.C.A‬‬ ‫بعد إصدارىا بياف ‪7‬جانفي‪ ، 1956‬أما بالنسبة لمحزب الشيوعي الج زائري‬
‫في ‪12‬سبتمبر‪ 1955‬مما دفعو بالدخوؿ في حالة السرية‪ ،‬إال أنو لـ يمتحؽ بالجبية‪ ،‬وانتقؿ‬
‫التحرير (‪Les )C.D.L‬‬ ‫إلى العمؿ المسمح مؤسسا ق وات لو في الجباؿ تحت اسـ محاربو‬

‫]‪[38‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ ، Combattants de la Libération‬وبعد م فاوضات جبية التحرير مع قادة ىذا الحزب تـ حؿ‬


‫‪.‬‬ ‫‪A.L.N‬‬ ‫ىذه الفيالؽ الشيوعية واإلنخراط في صفوؼ جيش التحرير الوطني‬

‫وىكذا تـ إلتحاـ صفوؼ مناضمي الحركة الوطنية ضمف جبية واحدة‪ ،‬بينما الحركة‬
‫التي أسسيا مصالي الحاج في ديسمبر‪ 1954‬شكمت فيالؽ‬ ‫‪M.N.A‬‬ ‫الوطنية الجزائرية‬
‫عسكرية تحت تسمية الجيش الشعبي الوطني الج زائري بقيادة بمونيس وأعمنت في بداية‬
‫تنظيميا ونشاطيا أنيا موجية ضد االستعمار‪ ،‬ولكف سرعاف ما دخمت في مواجية دامية مع‬
‫‪ ،‬ثـ ارتمت في أحضاف االستعمار‪.‬‬ ‫‪L’A.L.N‬‬ ‫جيش التحرير الوطني‬

‫ج ‪ -‬جبية التحرير والمنظمات الوطنية‬

‫كيؼ تمكنت الجبية مف كسب رىاف التعبئة مع ت واجد أطراؼ معادية ومعارضة‬
‫لمشروعيا؟‬

‫أعتقد أف قوة الجبية تكمف في اعتمادىا عمى تح ريؾ قاسميف مشتركيف أساسيف لكسب‬
‫غالبية الجزائرييف وىما ‪ - :‬الجهاد ‪ -‬الحرية‬

‫وذلؾ بعيدا عف كؿ أطروحات إيديولوجية وسياسية‪ ،‬والعوامؿ التي ساعدتيا في تحقيؽ ذلؾ‬
‫بشكؿ سريع ‪ ،‬منيا ‪:‬‬

‫‪ -‬العامؿ البشري ( حنكة وخبرة وشخصية ومكانة مناضمي الجبية)‪.‬‬

‫‪ -‬العامؿ االجتماعي (طبيعة المجتمع الجزائري)‪.‬‬

‫‪ -‬العامؿ التاريخي ( خاصة المقاومة الشعبية)‪.‬‬

‫‪M.N.A‬‬ ‫في خضـ الص راع الدائر والساخف بيف جبية التح رير والحركة الوطنية الجزائرية‬
‫عمى ا حت واء مختمؼ الفئات االجتماعية لممجتمع الج زائري باإلضافة إلى الصراع المسمح‬
‫الذي دخال فيو الطرفاف وجو لوجو‪.‬‬

‫]‪[39‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫وقد ظير تنظيماف نقابياف قد سبؽ نشأة االتحاد العاـ لمعماؿ الجزائرييف‪ ،‬والمذاف حاوال‬
‫لمدة تأطير العماؿ الج زائرييف وتوجيييـ لكسب شعبية ومصداقية أماـ السمطات االستعمارية‪،‬‬
‫والتنظيماف ىما‪:‬‬

‫‪،‬‬ ‫وريث‪C.G.T‬‬ ‫الذي أعتبر نفسو‬ ‫‪U.G.S.A‬‬ ‫االتحاد العاـ لمنقابات الجزائرية‬ ‫‪-‬‬
‫‪P.C.A‬‬ ‫وكاف تحت رقابة‬
‫‪M.N.A‬‬ ‫تحت رقابة‬ ‫‪U.S.T.A‬‬ ‫إتحاد النقابات العمالية الجزائرية‬ ‫‪-‬‬

‫وىذا دفع بجبية التحرير الوطني بالتوجو نحو خمؽ تنظيمات مينية وطالبية‪ ،‬والتي‬
‫كانت تعتبر في بداية تأسيسيا تنظيمات شرعية في نظر القانوف الفرنسي‪ ،‬والتي ستكوف‬
‫لنشاط جبية التحرير بشكؿ عمني وقانوني‪ ،‬ثـ قامت جبية التحرير بفضؿ مناضمييا مف‬
‫اخت راؽ النقابات والتنظيمات التي كانت تعمؿ تحت غطاء التنظيمات السياسية األخرى ‪.‬‬
‫توجيت جبية التحرير في دعوتيا لمثورة التحريرية إلى كافة شرائح المجتمع الج زائري متجنبة‬
‫كؿ الشعارات واأل طروحات اإليديولوجية وال سياسية لكسب كؿ التنظيمات االجتماعية والمينية‬
‫والسياسية إلى جانبيا واقحاميا في معادلة الص راع لم واجية األط راؼ المعاديػ ػ ػ ػ ػة والمنافسة‬
‫ليا ‪.‬‬

‫والحركة الوطنية‬ ‫‪FLN‬‬ ‫وفي خضـ الص راع الدائر والساخف بيف جبية التحرير الوطني‬
‫عمى ا حتواء مختمؼ الفئات االجتماعية تمكنت جبية التح رير الوطني‬ ‫‪M.N.A‬‬ ‫الج زائرية‬
‫بالتوجو نحو خمؽ تنظيمات مينية وطالبية‪ ،‬حيث قامت بتأطير وتنظيـ العماؿ والحرفييف‬
‫والتجار والطمبة في التنظيمات التالية‪:‬‬

‫قاـ الطمبة المنتموف إلى حركة‬ ‫الج زائرييف ‪:U.G.E.M.A‬‬ ‫االتحاد العاـ لمطمبة المسمميف‬ ‫‪-1‬‬
‫اال نتصار بتحالفيـ مع طمبة جمعية العمماء وطمبة اإلتحاد الديمق راطي بتأسيس تنظيـ طالبي‬
‫خاص بالجزائ رييف‪ ،‬وذلؾ بوحي مف جبية التحرير الوطني عقد اجتماع تحضيري في باريس‬
‫بيف ‪ 4‬و‪ 7‬أبريؿ سنة ‪ ، 1955‬لمنظر في كيفية إنشاء منظمة طالبية جزائرية ‪ ،1‬التي أعمف‬
‫عنيا في مؤتمرىـ التأسيسي الذي أنعقد ما بيف ‪ 8‬و‪ 14‬جويمية ‪ 1955‬ببا ريس‪ ،‬وأطمقوا‬

‫‪ - 1‬عمار ىالؿ‪ ،‬نشاط الطمبة الجزائرييف إباف ثورة نوفمبر ‪ ،1954‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫]‪[40‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫عمييا اسـ‪ "" :‬االتحاد العاـ لمطمبة المسمميف الج زائرييف"‪ ،‬وذلؾ رغـ المعارضة الشديدة التي‬
‫أبداىا الطمبة الشيوعيوف في باريس وتولوز‪ ...‬والشيء الذي أقمقيـ أكثر ىو إد راج كممة‬
‫"مسمميف" في تسمية المنظمة‪ ...‬ومف جية أخرى فيذا النعت "المسمميف"‪ ،‬بالنسبة إلييا‪ ،‬ىو‬
‫ذو دالالت عدة‪ ،‬دينية‪ ،‬وحضارية‪ ،‬وثقافية وسياسية‪ ،‬وىو ما جاء في النشرة الطالبية لسنة‬
‫‪.1 1955‬‬

‫<<‬ ‫وفي مؤتمره الثاني ‪30- 24‬مارس ‪ 1956‬صوت االتحاد عمى الئحة جاء فييا‪:‬‬
‫اعتبا ار مف كفاح الشعب الجزائري ضروري ومشروع‪...‬نطالب بما يمي‪ :‬استقالؿ الج زائر ‪،‬‬
‫إطالؽ سراح كؿ الوطنييف‪ ،‬المفاوضات مع جبية التحرير الوطني >>‪ ،‬ولمساندة الثورة‬
‫وتضييؽ الخناؽ عمى فرنسا أعمف االتحاد إض راب ‪19‬ماي‪ 1956‬الذي كاف غير محدود في‬
‫البداية لشؿ قطاع التعميـ في الجزائر واحداث قطيعة مع اإلدارة االستعمارية‪ ،‬ولعدة اعتبا رات‬
‫تـ وضع حد إلضراب الطمبة في ‪22‬سبتمبر‪.1957‬‬

‫وقد واصؿ االتحاد ال عمؿ بف رنسا في إطار الشرعية القانونية منذ تأسيسو حتى تاريخ‬
‫‪28‬جانفي‪ 1958‬عندما حؿ‪ ،‬وواصمت فيدرالية الجبية تأطيره تحت اسـ الفرع الجامعي‪ ،‬كما‬
‫تأسست فروعا أخرى لمطمبة الجزائرييف خارج فرنسا منو‪:‬‬

‫‪ -‬جمعية الطمبة الجزائرييف الزيتونييف‬


‫‪ -‬جمعية الطمبة الجزائرييف بالمغرب‬
‫‪ - 2‬إنشاء االتحاد العاـ لمعماؿ الجزائ رييف‪ ،‬الذي تـ اإلعالف عنو في مؤتمره التأسيسي‬
‫‪ 26- 24‬فبراير‪ 1956‬بالعاصمة (ومف بيف األعضاء الذيف أ سسوا االتحاد العاـ لمعماؿ‬
‫الج زائرييف ‪ :‬عيسات ايدير ‪ ،‬بف عيسى عطا اهلل‪ ،‬بورويبة بوعالـ‪ ،‬جرماف رابح‪ ،‬عمي‬
‫يحيى مجيد) ‪ ،‬والذي خمؼ المجنة العمالية التي أنشأتيا حركة ا نتصار في ‪ 1951‬بقيادة‬
‫تحت غطاء الودادية العامة لمعماؿ‬ ‫‪U.G.T.A‬‬ ‫عيسات إيدير‪ ،‬وفي فرنسا فقد نشط‬
‫الجزائرييف ‪. Amicale.G.T.A‬‬

‫‪ - 1‬عبد النور خيثر‪ ،‬تطور الييئات القيادية لمثورة التحريرية ‪ ،4591- 4591‬أطروحة لنيؿ شيادة الدكتوراه في التاريخ‬
‫المعاصر‪ ،‬جامعة الجزائر كمية العموـ اإلنسانية واالجتماعية ‪-‬قسـ التاريخ ‪ -‬السنة الدراسية ‪ ،1119- 1119‬ص‪.128‬‬

‫]‪[41‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ - 3‬االتحاد العاـ لمتجار الجزائرييف ‪ U.G.C.A‬في ‪14- 13‬سبتمبر‪ ، 1956‬اإلض راب الوطني‬
‫لمتجار الجزائ رييف بمناسبة مرور سنتيف مف عمر الثورة التحريرية بتا ريخ ‪ 10‬نوفمبر ‪، 0391‬‬
‫وأىـ إضراب سجمو االتحاد الذي دعت إليو جبية التح رير الوطني والمتمثؿ في إض راب‬
‫الثمانية أياـ وىذا بمناسبة مناقشة القضية الج زائرية في الجمعية العامة لييئة األمـ المتحدة‬
‫بداية مف ‪ 82‬جانفي إلى ‪ 10‬فيفري ‪0391‬‬

‫في فرنسا‪ :‬منذ جانفي ‪ 1955‬بدأ‬ ‫‪Amicale.G.T.A‬‬ ‫‪ - 4‬الودادية العامة لمعماؿ الج زائرييف‬
‫االتصاؿ بيف ممثميف لودادية الج زائرييف بالميجر وجبية التح رير الوطني‪ ،‬حيث قسمت فرنسا‬
‫إلى مناطؽ‪ :‬الشرؽ (ست راسبورغ) – الشماؿ (ليؿ) – الجنوب (ليوف ومرسيميا) ‪ -‬منطقة‬
‫باريس‪ ،‬وتأسست الودادية في ‪61‬فب راير‪ ،6591‬ويشيد ليا بالدور الذي لعبتو في فرنسا‬
‫خاصة في مظاىرات ‪ 61‬أكتوبر‪ ،6516‬وبعد حميا في ‪ 1958‬واصمت نشاطيا في بشكؿ‬
‫سري ‪.‬‬

‫إف تنظيـ جبية التحرير الوطني ليذه التنظيمات كاف انتصا ار كبي ار عمى األطراؼ‬
‫المعادية‪ ،‬حيث يتـ إقحاـ ىذه التنظيمات في معادلة الصراع ميدانيا‪ ،‬وستكوف أىـ أد وات‬
‫الكفاح داخؿ المدف‪ ،‬التي تحولت إلى ساحات طيعة لنشاط جبية التحرير الوطني‪ ،‬وقد‬
‫استفادت الجبية مف ىذه التنظيمات فيما يمي‪:‬‬

‫‪ - 1‬اإلضرابات والمظاىرات في الداخؿ والخارج‪.‬‬


‫‪ - 2‬تمويؿ الثورة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬إمداد الثورة بفئات اجتماعية فاعمة ونخبوية‪.‬‬

‫وىكذا تمكنت جبية التحرير الوطني في ظرؼ وجيز مف كسب كؿ ش رائح المجتمع‬
‫الجزائري وتحويمو إلى مجتمع ثوري‪.‬‬

‫التوسع العمودي‪ :‬وىو عممية كسب التنظيمات االجتماعية والمينية والسياسية إلى جانبيا‬
‫واقحاميا في معادلة الصراع لمواجية األطراؼ األخرى (المعادية)‪:‬‬

‫]‪[42‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫االتحاد العاـ لمطمبة المسمميف‬


‫الجزائرييف ‪U.G.E.M.A‬‬

‫جبية التحرير‬
‫االتحاد العاـ‬ ‫االتحاد‬
‫الوطني‬
‫لمتجار‬ ‫العاـ‬

‫الجزائرييف‬ ‫‪F.L.N‬‬ ‫لمعماؿ‬

‫‪U.G.C.A‬‬ ‫الجزائرييف‬

‫‪ - 2‬هجوم الشمال القسنطيني‬


‫وفي بداية صيؼ ‪ 6599‬تفطف بعض القادة في المنطقتيف األولى والثانية إلى الحاجة‬
‫الممحة لتنسيؽ الجيود‪ ،‬وقد تكممت اتصاالت زيغود وشيحاني بقياـ منطقة الشماؿ القسنطيني‬
‫بأوؿ استعراض حقيقي لمقوة في حرب التحرير في ىجومات ‪ 20‬أوت‪ ، 1955‬و يمكف القوؿ‬
‫بأف مثؿ ىاتيف الصورتيف مف الجيد التكاممي كاف يعبر عف وعي فعمي عند بعض القادة بأىمية‬
‫‪1‬‬
‫العمؿ المشترؾ باعتباره السالح األساسي في مواجية القوة االستعمارية‬

‫وقع اجتماع في شير جويمية ‪ 1955‬ـ بيف زيغود يوسؼ والمسؤوليف مف الناحية‬
‫الثانية‪ ،‬وكاف ىذا االجتماع في دشرة الزماف في دار رابح يوتس الواقعة شماؿ بمدية‬
‫بوشطاطة جنوب غرب سكيكدة‪ ،‬وفي اجتماع دعا إليو المجاىد زيغود يوسؼ‪ ،‬في الفترة‬
‫مابيف ‪ 25‬جواف وأوؿ جويمية ‪... 1955‬تـ االتفاؽ عمى مشاركة الشعب في ىذا اليجوـ‪،‬‬

‫‪ - 1‬أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬مؤتم ر الصوماـ وتطور ثورة التحرير الوطني الجزائرية ‪ ،1962- 1956‬دار ىومو‪،‬‬
‫الجزائر‪ 331 ،2009‬صفحة‪ ،‬ص‪.105‬‬

‫]‪[43‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫كطميعة لجيش التحرير الوطني " ‪ ، 1‬وعف طريؽ دمج اإلمكانيات العسكرية‪ ،‬والنفسية‬
‫والديبموماسية تـ إج راء (ىذا) اليجوـ الشامؿ الذي كاف ييدؼ إلى القضاء عمى المنافس‬
‫معنويا أكثر مف استعماؿ السالح لمحصوؿ منو عمى نصر حاسـ ‪.2‬‬

‫إف اليدؼ األوؿ ليجوـ الشماؿ القسنطينة ىو سكيكدة‪ ،‬عاصمة الشماؿ القسنطين ي‬
‫التي يبمغ عدد سكانيا ‪ 070777‬نسمة‪ ،‬بما في ذلؾ ما يقرب مف ‪ 070777‬أوروبي‪ ،‬وفي‬
‫صباحا‪ ،‬تجمع آالؼ الج زائرييف – رئيس البمدية األوروبي بالتأكيد بالغ في‬
‫ً‬ ‫حوالي الساعة ‪11‬‬
‫تضخيـ عدد الج زائرييف البالغ عددىـ ‪ 07‬أل ًفا المحاصريف لممدينة ‪ -‬معظميـ مف الفالحيف ‪،‬‬
‫وعدة مجموعات تتحرؾ بسرعة وتنشد النشيد الوطني‪ ،‬يوجييـ مقاتمو جيش التحرير الوطني‬
‫ويؤطرونيـ ويوجيونيـ مف مكاف إلى آخر الستعراض القوة ‪.3‬‬
‫والى غاية ‪ 07‬أوت ‪ ، 1511‬كانت التعميمات تقضي بعدـ االنخراط في عمؿ‬
‫عسكري‪...‬وا نشاء ىياكؿ جديدة لجبية التحرير الوطني في الدواوير‪ ،‬كما كاف مف الضروري‬
‫أيضا القضاء عمى الحركى والمتعاونيف اآلخريف مع السمطات الفرنسية ‪.4‬‬
‫ً‬
‫عددا قميالً مف الشخصيات المعروفة عند السكاف‬
‫إف األعماؿ المسمحة التي استيدفت ً‬
‫والقضاء عمى بعض ح راس الغابات أو القياد المقتنعيف بالتعاوف مع الف رنسييف‪ ،‬كاف كافي ا‬
‫لقمب الناس في كفة دعـ جيش التحرير الوطني ‪.5‬‬
‫وفي رد فعميا عف تمؾ اليجمات الجريئة استعممت قوات االحتالؿ أساليب وحشية مف‬
‫خالؿ شنيا حممة اعتقاالت و قمع واسعة استيدفت آالؼ المدنييف الجزائ رييف كما أحرقت‬
‫المشاتي وقصفت القرى جوا وب ار‪ ،‬كما قامت كذلؾ بتسميح األوربييف فشكم وا ميميشيات فاشية‬
‫وقتموا مدنييف ج زائرييف عزؿ‪ ،‬وكاف أبشع انتقاـ ارتكبتو قوات االحتالؿ مجزرة كبيرة في اليوـ‬

‫‪1‬‬
‫‪- Philippe Tripier , Autopsie de la guerre de l’Algérie, op.cit, p83.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Benjamin Stora, Le 20 août 1955. Récit historique, bilan historiographique, pp91-102, Textes réunis‬‬
‫‪par Ouanassa Siari Tengour, Préface de Mohammed Harbi, Editions CRASC, p91.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Ibid, p106.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪- Ibid, p107.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪- Ibid, p96.‬‬

‫]‪[44‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫الم والي لميجوـ بممعب سكيكدة (المسمى حاليا ممعب ‪ 02‬أوت ‪ )5911‬حيث تـ حشر آالؼ‬
‫الرجاؿ والنساء واألطفاؿ والشيوخ وقامت بإعداميـ ‪.1‬‬
‫وا رتكبت ميميشيات الكولوف وخاصة الطابور الخامس المكوف مف الجنود األفارقة أساسا‬
‫أبشع الجرائـ‪ ،‬حيث ذىب ضحية الحممة االنتقامية لالحتالؿ والمميشيات الفاشية ما يقارب‬
‫اؿ‪ 50‬ألؼ ج زائري‪ ،‬تحدثت جبية التحرير في البداية عف ‪ 17777‬قتيال‪ ،‬ثـ بعد ذلؾ بسرعة‬
‫ذكر ‪ 10777‬قتيال ومفقودا لػ ‪ 07‬أوت‪ ،‬وغالبيتيـ كانوا مدنييف عزؿ معظميـ مف سكيككدة ‪.2‬‬
‫ولعدة أياـ بعد اليجمات‪ ،‬ساعد الرعب في المنطقة بسبب األعماؿ االنتقامية وىذا ما‬
‫دفع السكاف إلى ىجرة أماكف إقامتيـ في كؿ مكاف تقر ًيبا محاوليف الفرار مما يحدث ‪ ،3‬استمر‬
‫ىذا القمع لمدة أسبوعيف تقر ًيبا‪ ،‬وبشكؿ متقطع إلى عشية ‪ 05‬أوت ‪.4‬‬
‫فقد كشفت ىجومات ‪ 20‬أوت‪ ، 1955‬عف رفض الشعب الجزائري لسياسة سوستاؿ‬
‫‪6‬‬
‫التعسفية ‪ ،5‬حيث جاءت أىداؼ اليجومات بما يمي‪:‬‬

‫داخميا‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬إحباط سياسة سوستاؿ بإحداث قطيعة نيائية بيف الشعب الجزائري واإلدارة االستعمارية‪.‬‬
‫‪ -‬إقحاـ الشعب الجزائري خاصة سكاف المدف في معادلة الصراع‪.‬‬
‫‪ -‬فؾ الحصار عف الوالية التاريخية األولى‪.‬‬
‫‪ -‬أكدت ىذه األحداث حقيقة الثورة واقتنع بعض المتردديف في االنضماـ إلى صفوفيا ‪.‬‬

‫إقميميا‪:‬‬
‫‪-‬إعالف التضامف مع الشعب المغربي الشقيؽ في الذكرى الثانية إلبعاد الممؾ محمد الخامس‬
‫ونفيو إلى مدغشقر‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- Benjamin Stora, Le 20 août 1955. Récit historique, op.cit, p94.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Ibid.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Ibid, p 91.‬‬
‫‪ - 4‬حسينة حماميد‪ ،‬المستوطنوف األوروبيوف والثورة الجزائرية ‪ ،1962- 1954‬منشورات الحبر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة‪،1‬‬
‫‪ 272 ،2007‬صفحة‪ ،‬ص‪.129‬‬

‫‪ - 5‬بف غميمة سياـ‪ ،‬الحرب النفسية ‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.681‬‬


‫‪ - 6‬أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬مؤتمر الصوماـ‪،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.134‬‬

‫]‪[45‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫دوليا‪:‬‬
‫‪ -‬إعطاء نفس جديد لمنشاط اإلعالمي الدبموماسي‪.‬‬
‫‪ -‬مساعدة الوفد الخارجي في مساعي تدويؿ القضية الجزائري‬
‫‪ -‬إد راج القضية الجزائرية في جدوؿ أعماؿ ىيئة األمـ المتحدة ألوؿ مرة سبتمبر‪1955‬ـ‪.‬‬

‫‪ - 3‬مؤتمر الصومام‬

‫إف عقد مؤتمر لجبية التحرير بعد مرور ‪ 22‬شي ار عمى اندالع الثورة عرفت فييا الثورة‬
‫مخاضا عسي ار مف حيث التنظيـ السياسي والعسكري في الداخؿ والخارج والظروؼ الداخمية‬
‫والخ ارجية الصعبة كاف في حد ذاتو إنجاز وتحد‪ ،‬وقد انعقد المؤتمر في قرية <<ايفري‬
‫أوزالقف>> بغابة <<أكفادو>> في السفوح الشرقية لجباؿ جرجرة‪ ،‬المشرفة عمى الضفة‬
‫الغربية لوادي الصوماـ ‪ 1‬بالمنطقة الثالثة مف أجؿ تنظيـ الثورة وجعميا أكثر شمولية بإيجاد‬
‫إست راتيجية تضمف استمرارىا نحو تحقيؽ ىدفيا‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أف عقد اجتماع تقييمي‬
‫تنظيمي لمثورة قد تـ االتفاؽ عميو مف طرؼ أعضاء لجنة الست ليكوف في يناير ‪1955‬ـ إال‬
‫أنو تعذر انعقاده بسبب عدة ظروؼ ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫حضر المؤتمر مندوبو المناطؽ ماعدا منطقتي األوراس التي تعذر وصوؿ وفدىا‬
‫والجنوب الت ي أرسمت تقريرىا لممؤتمر كما غاب عف المؤتمر الوفد الخارجي لجبية التح رير‬
‫الوطن ي ‪ُ ، 3‬عقد المؤتمر في ظؿ ظروؼ داخمية وخارجية إال أننا نحاوؿ التركيز عمى‬
‫الظروؼ الداخمية لما ليا مف تأثير مباشر عمى إستراتيجية الثورة‪ ،‬فيما يخص الظروؼ‬
‫الخارجية نخص بالذكر استقالؿ تونس والمغرب‪ ،‬وبالتالي تفرغ فرنسا لمثورة الجزائرية‪ ،‬وتحوؿ‬
‫مصر إلى منطقة لمصراع اإليديولوجي بيف الكتمتيف الشرقية والغربية ‪ ،‬أما الظروؼ الداخمية‬

‫‪ - 1‬محمد بوضياؼ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.68‬‬


‫‪ - 2‬محمد لحسف زغيدي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.143‬‬
‫‪ - 3‬لخضر بف طوباؿ يستعيد ذكرياتو مف أحداث ‪20‬أوت ‪1955‬ـ‪ ،‬العدد‪ ،52‬الجزائر‪ ،1981،‬ص‪ ،41‬ينظر‪ :‬محمد‬
‫لحسف زغيدي‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.139‬‬

‫]‪[46‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫فيمكف حصرىا في اتساع الثورة وشممت معظـ التراب الجزائري‪ ،‬مما أدى إلى تطور‬
‫العمميات في العديد مف الجيات ‪.1‬‬

‫وكاف مف الضروري عقد اجتماع لقادة الثورة لدراسة النقاط التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬تقييـ الثورة ( مف الناحية المادية والبشرية والسياسية والعسكرية) ‪.‬‬


‫‪ -‬تنظيـ الثورة وضع إستراتيجية واضحة المعالـ لمثورة ‪.‬‬
‫‪ -‬تصميـ النظاـ االستعماري عمى إجياض الثورة‪.‬‬
‫‪ -‬صعوبة االتصاؿ بيف مختمؼ قيادات جيش التحرير الوطني‪ ،‬كما كانت الحاجة الشديدة‬
‫إلى السالح وال يوجد مف الماؿ إال القميؿ‪ ،‬إضافة إلى ضعؼ التنسيؽ في األعماؿ‪.‬‬

‫إف مناطؽ الكفاح قبؿ مؤتمر الصوماـ كانت ليا قيادات خاصة‪ ،‬ال يربط بينيا إال‬
‫االتجاه الثوري العاـ دوف أف تكوف عمى رأسيا قيادة مركزية معينة وىذا ما أدى بالكوست‬
‫إلى الطمع في القضاء عمى الثورة بالوسائؿ العسكرية‪ ،‬كما طمع غي مولي كذلؾ في إيقافيا‬
‫بالوسائؿ السياسية الخادعة‪ ،‬حيث أعمف عف القياـ باتصاالت محمية مع الث وار وكاف يرمي‬
‫مف وراء ذلؾ تمزيؽ المقاومة واثارة بذور الخالؼ بيف القادة ‪.2‬‬

‫وكتب عباف رمضاف في جريدة المجاىد العدد الثالث عف أىمية المؤتمر‪ ،‬قائال‪:‬‬
‫" لقد مرت سنتاف عمى الثورة الج زائرية وقد وقع انجاز أعماؿ عظيمة أثناء ىذا الوقت‬
‫الوجيز‪...‬وقد كاف مف الضروري أف يجتمع المسؤولوف الرئيسيوف لوطننا عندما اتسعت‬
‫ثورتنا‪...‬وقد انعقد االجتماع رغـ وجود ستمائة ألؼ جندي فرنسي‪ ،‬وانعقد رغـ الرقابة التي‬
‫أقاميا جي مولي والكوست بجباؿ القبائؿ ‪.3‬‬

‫كانت جبية التحرير الوطني يقظة لألساليب التي يتبعيا الساسة المستعمريف‪ ،‬فقد‬
‫تمكنت جبية التحرير مف جمع كؿ الوطنييف‪ ،‬وتوحيد الشعب الج زائري في كفاحو وبذلؾ‬

‫‪ - 1‬المقاومة الجزائرية ‪ ،1957/05/06‬ص‪ ،03‬ينظر‪ :‬محمد لحسف زغيدي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.140‬‬
‫‪ - 2‬زىير إحدادف‪ ،‬المختصر في تاريخ الثورة الجزائرية ‪ ،1962/1954‬مؤسسة إحدادف لمنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ ،2007‬ص‪.33- 32‬‬
‫‪ - 3‬المجاىد ‪ ،1957/08/20‬ص ‪ ،01‬ينظر‪ :‬محمد لحسف زغيدي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.140‬‬

‫]‪[47‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫تمكنت الثورة مف أف تتوسع‪ ،‬ولكف عندما وصمت الثورة إلى ىذه الدرجة كاف البد أف تتالقى‬
‫وجيات النظر وأف ترسـ خطة عامة تتالءـ مع الوضعية الجديدة ‪.1‬‬

‫أعطى ميثاؽ الصوماـ لمثورة الجزائرية دفعا قويا نحو تحقيؽ االستقالؿ مف خالؿ‬
‫تنظيميا سياسيا وعسكريا واجتماعيا فأصبحت العامؿ المؤثر في إست راتيجية فرنسا ويظير‬
‫ذلؾ خاصة مف خالؿ القرصنة الجوية التي استيدفت أعضاء الوفد الخارجي لجبية التح رير‬
‫الوطني (بف بمة‪ ،‬بوضياؼ‪ ،‬آيت أحمد‪ ،‬خيضر‪ ،‬مصطفى األشرؼ) في ‪22‬أكتوبر‬
‫‪1956‬ـ‪ ،‬ومشاركة فرنسا في العد واف عمى مصر في أكتوبر ‪1956‬ـ (العدواف الثالثي)‪،‬‬
‫فالثورة كانت في حاجة ليذا التن ظيـ ألف بياف نوفمبر وضع الخطوط العريضة السياسية‬
‫والعسكرية لمكفاح وترؾ أمر التنظيـ بعد تفجير الثورة‪.‬‬

‫حافظ ميثاؽ الصوماـ عمى مبادئ وأىداؼ بياف نوفمبر الجوىرية والمتمثمة خاصة في‬
‫وكرس مبدأ القيادة الجماعية ونبذ السمطة‬
‫االستقالؿ التاـ‪ ،‬وحدة األمة والتراب الج زائري َ‬
‫الفردية والعدالة االجتماعية‪ ،‬ووضح أف جبية التحرير ىي الممثؿ الشرعي والوحيد لمشعب‬
‫الج زائري وىذه الشرعية اكتسبتيا مف خالؿ االلتفاؼ الشعبي حوليا واالستجابة لمشروعيا‬
‫الثوري‪.‬‬

‫وليذا اعتبر ىذا المؤتمر مرحمة أساسية في مسار الثورة‪ ،‬وكاف محطة لتنظيميا‬
‫وىيكمتيا‪ ،‬وقد تـ وضع أرضية عمؿ حددت فييا األىداؼ والمبادىء ووسائؿ العمؿ لضماف‬
‫استمرارية‪ ،‬واعداد نصوص األرضية السياسية التي عرفت ببرنامج الصوماـ والتي قدمت‬
‫لممناقشة خالؿ جمساتو التي استمرت مف ‪ 20‬أوت إلى ‪04‬سبتمبر‪ 1956‬وكاف أبرز عناصر‬
‫تمؾ المجموعة التي أشرفت عمى إنجاز تمؾ األرضية عمار أوزقاف وعبد المالؾ تماـ وعبد‬
‫الرزاؽ شنتوؼ ومحمد البجاوي ‪ ،2‬وحسب الوثائؽ الرسمية التي تضمنت محاضر جمسات‬
‫اجتماع ‪ 20‬أوت ‪ 6591‬لمسؤولي قطاع وى راف وقسنطينة والقبائؿ ومنطقة الجزائر العاصمة و‬

‫‪ - 1‬عبد النور خيثر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.146‬‬


‫‪ - 2‬عبد النور خيثر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.148‬‬

‫]‪[48‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫ىو ما يعبر ضمنيا عف عدـ حضور األوراس والوفد الخارجي ‪ ،1‬ولقد شاركت في ىذا المؤتمر‬
‫الشخصيات الثورية التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬منطقة القبائؿ ( كريـ بمقاسـ‪ ،‬محمدي سعيد‪ ،‬عميروش‪ ،‬قاسي)‬


‫‪ -‬الشماؿ القسنطيني ( زيغود يوسؼ‪ ،‬لخضر بف طوباؿ‪ ،‬مصطفى بف عودة‪ ،‬عمي كافي‪،‬‬
‫حسيف رويبح‪ ،‬ابراىيـ مزىد)‬
‫‪ -‬منطقة العاصمة ( عمر أوعمراف‪ ،‬صادؽ‪ ،‬سي محمد‪ ،‬سي شريؼ)‬
‫‪ -‬العاصمة ( عباف رمضاف )‬
‫‪ -‬المنطقة الوىرانية ( العربي بف مييدي)‬
‫‪ -‬منطقة األوراس كانت في حالة فوضى بعد استشياد بف بولعيد وليذا لـ تشارؾ وكذلؾ‬
‫ناحية سوؽ أى راس التي حاولت إرساؿ وفد لممطالبة بتحويميا إلى منطقة مستقمة عف‬
‫المنطقة األولى والثانية ‪.‬‬

‫إف ميثاؽ الصوماـ حمؿ التسمية الرسمية التالية‪ << :‬أرضية عمؿ الصوماـ لضماف‬
‫انتصار الثورة الجزائرية في كفاحيا مف أجؿ االستقالؿ الوطني>>‪ ،‬وقد احتوى عمى المحاور‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ -‬الوضعية السياسية الحالية‪.‬‬


‫‪ -‬التوقعات العامة‪.‬‬
‫‪ -‬وسائؿ العمؿ والدعاية‪.‬‬
‫‪ -‬االستقالؿ الوطني دوف قيد أو شرط بما فيي ا الدفاع الوطني والديبموماسية‪ ،‬وىذا التدقيؽ‬
‫في الطرح إلبعاد كؿ حؿ يمر باالستقالؿ الذاتي أو سياسة المراحؿ‪.‬‬
‫‪ -‬وحدة التراب الوطني بما فييا الصحراء الجزائر إلبعاد كؿ محاولة لمتقسيـ‬
‫‪ -‬إعادة بناء الدولة الجزائ رية في إطار جميورية ديمقراطية اجتماعية‪ ،‬فنص وثيقة‬
‫الصوماـ يؤكد بقوة عمى أف الثورة الجزائرية ليا خاصية تقدمية التي تبعد األوضاع‬
‫التالية‪ :‬عودة اإلقطاع – إعادة بناء نظاـ ممكي – الدولة الدينية‪ ،‬وتحديد طبيعة نظاـ‪.‬‬

‫‪ - 1‬أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.139‬‬

‫]‪[49‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫وقد درست في ىذا المؤتمر العالقة بيف السياسي ‪-‬العسكري حيث طرحت مسألة‬
‫األسبقية المزدوجة ‪:‬‬

‫‪ -‬فيما يخص الع القة بيف الجبية والجيش‪ :‬فقد قرر المؤتمر بأف تعطي األولوية‬
‫لمسياسي عمى العسكري‪.‬‬

‫‪ -‬والعالقة بيف الداخؿ والخارج‪ :‬تقرر بأف تعطي األولوية لمداخؿ عمى الخارج‪ ،‬مع‬
‫مراعاة مبدأ التشارؾ في اإلدارة ‪.1‬‬

‫أ ‪ -‬ميثاؽ الصوماـ بيف الثابت والمتغير‬

‫يعتبر ميثاؽ الصوماـ ذات قيمة ت نظيمية و سياسية و ايديولوجية كبيرة اشتمؿ عمى‬
‫تصورات و مرافؽ جبية التحرير الوطني في مختمؼ التطورات و المرافؽ و نظرتيا آلفاؽ‬
‫المستقبؿ وحدد أىداؼ الثورة و آليات عمميا‪.‬‬
‫عمى الرغـ مف أىمية الميثاؽ فقد حمؿ مالمح فكرية وسياسية غير متوافقة مع مبادئ‬
‫بياف أوؿ نوفمبر ‪ ،‬ومف أىـ الثوابت التي وردت في الميثاؽ مايمي‪:‬‬
‫‪ -‬أف وثيقة الصوماـ انطمقت مف بياف أوؿ نوفمبر ‪ 1954‬وذلؾ مف خالؿ االعتراؼ‬
‫بالشعب الجزائري شعب واحدا ال يتجزأ‪.‬‬
‫‪ -‬االعتراؼ بالسيادة الوطنية و ىذا ردا عمى أطماع المعمريف الذيف بدأ وا يطرحوف فكرة "‬
‫الجزائر فرنسية" أو "االستقالؿ الذاتي" ‪.‬‬
‫ممثال وحيدا لمشعب الجزائري وليا وحدىا حؽ التفاوض‬ ‫‪F.L.N‬‬ ‫‪ -‬االعتراؼ بجبية التحرير‬
‫ووقؼ اطالؽ النار و بالتالي ىذه الثوابت وجدت في أرضية الصوماـ وبياف أوؿ نوفمبر‪.‬‬
‫‪ -‬القيادة الجماعية‬
‫لـ يقتصر بياف أوؿ نوفمبر ‪ 1954‬عمى توضيح األىداؼ السياسية لمثورة بؿ حدد‬
‫است راتيجيتيا مف خالؿ دعوتو لجميع الج زائريف عمى اختالؼ اتجاىاتيـ و عقائدىـ الى‬
‫االنضماـ الى الثورة بينما استطاع مؤتمر الصوماـ ‪ 1956‬مف إذابة ىذه العقد والمفارقات‬

‫تيزي ميمود‪ ،‬مواقؼ قادة الثورة مف مؤتمر الصوماـ وتداعياتيا‪ ،‬ط‪ ، 1‬الرشاد لمطباعة والنشر والتوزيع الجزائر‪،2013 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.93- 92‬‬

‫]‪[50‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫دوف الخوض في خصوصيات الماضي السياسي‬ ‫‪C.N.R.A‬‬ ‫بإنشائو لممجمس الوطني لمثورة‬
‫لكؿ واحد ‪.1‬‬

‫لق د عمؿ مؤتمر الصوماـ عمى ترسيخ مبدأ القيادة الجماعية التي كانت قد اتفقت عمييا‬
‫لجنة الستة التي فجرت الثورة التحريرية‪ ،‬فالمؤتمر نبد وبشكؿ صريح السمطة الفردية عمى‬
‫جميع المستويات وذلؾ مف خالؿ القرار التي تمخضت عنو وجاء ذلؾ بعد ثقتيـ الشديدة بأف‬
‫االدارة الجماعية تجنب الوقوع في األخطاء الشخصية‪.‬‬

‫كما يؤكد أحمد توثيؽ المدني أنو منذ مؤتمر الصوماـ أصبحنا نعرؼ مف المسؤوؿ‬
‫فالجميع خضع لسمطة مركزية واحدة وأصبحنا في القاىرة وغير القاىرة نعمـ مف نحف و نعمـ‬
‫ما ىي وظيفتنا‪ ...‬وتوضحت أمامنا معالـ الطريؽ ‪ ، 2‬وقد دافع عباف رمضاف عمى فك رة‬
‫ضرورة فتح الجبية لكؿ التيارات السياسية التي كانت متواجدة في الجزائر‪ ،‬حتى يمكف ليا‬
‫أف تساىـ في تحقيؽ اليدؼ األساسي لمثورة وىو االستقالؿ ‪.3‬‬
‫يتؽ‬ ‫وكاف عباف رمضاف قد عقب خالؿ المؤتمر عمى عمي أوعمراف الذي لـ يكف‬
‫في النخب البرجوازية قائال‪ " :‬يجب أف تصبح الجبية م رادفة لموحدة الوطنية لذلؾ عمينا أف‬
‫نعتمد عمى كؿ التوجيات‪ ،‬حركة فرحات عباس المركزيف و العمماء وحتى الشيوعيوف‪...‬لقد‬
‫تخمو كميـ عف انتمائيـ السياسي لصالح جبية التحرير الوطني ‪،‬كذلؾ يجب أف يكوف‬
‫ممثميف" ‪.4‬‬
‫ويتحدث بف طوباؿ عف ذلؾ و يقوؿ أف ممثمي المنطقة الثانية وعددا مف ممثمي‬
‫المنطقة الثالثة وال رابعة طالبوا بأف تكوف القيادة مف االطارات التي فجرت الثورة لمحفاظ عمى‬
‫التوجيات الثورية وتجنبا لالنزالؽ في شتى أنواع االنحراؼ ‪.5‬‬
‫‪ -‬المبادئ االسالمية‬

‫المدني أحمد توفيؽ‪ ،‬حياة كفاح‪ ،‬ج ‪ ،3‬الشركة الوطنية لمنشر والتوزيع‪ ،1981 ،‬ص ‪.213‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبراىيـ لونيسي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪2‬‬

‫حميدعبد القادر‪ ،‬فرحات عباس رجؿ الجميورية ‪ ،‬طبعة دار المعرفة الوادي الجزائر ‪ ،2007 ،‬ص ‪.174‬‬ ‫‪3‬‬

‫براىيـ لونيسي‪ ،‬المرجع ال سابؽ ‪ ،‬ص ‪.41‬‬ ‫‪4‬‬

‫إحداداف زىير‪ ،‬شخصيات ومواقؼ تاريخية‪ ،‬دار الت ارث لمنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر ‪ ،2332‬ص ‪.156‬‬ ‫‪5‬‬

‫]‪[51‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫جاء في بياف نوفمبر ‪ 1954‬أف الجميورية الج زائرية بعد استعادة االستقالؿ الوطني‬
‫ستكوف ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ االسالمية وأف شماؿ افريقيا يجب اف يسترجع‬
‫وحدتو في إطاره الطبيعي العربي االسالمي بحيث نالحظ أف وثيقة الصوماـ لـ تتنكر لممبدأ‬
‫الثاني مف الفقرة ‪ ،1‬لكف أبرز ما ترتب عف قرار االنفتاح ىو حدوث نوعا مف االنح راؼ مف‬
‫من طمقات الثورة مثؿ التخمي تدريجيا عف االطار االسالمي وقد ذىب البعض لمقوؿ أف وثيقة‬
‫الصوماـ تخمت عف مبدأ "ضمف المبادئ االسالمية" ويبرر محمد حربي طرحو عمى ما ورد‬
‫في وثيقة الصوماـ عمى أف الثورة " ليست حربا دينية " وىدفيا ىو اقامة دولة جزائ رية عمى‬
‫شكؿ جميورية اجتماعية وليست إقامة ممكية أوتيوقراطية ‪.2‬‬
‫وقد أكد ميثاؽ الصوماـ عمى أف مبادئ الدولة الج زائرية سوؼ تكوف جميورية‬
‫ديمقراطية واجتماعية و لف تكوف دينية‪ ،‬وىذا مثؿ خروجا عف مبادئ بياف أوؿ نوفمبر‬
‫وأدبيات الحركة الوطنية بالنسبة لمبعض‪ ،‬ألف االسالـ يمثؿ ىوية الدولة باعتباره ديف الشعب‬
‫الج زائري كما أف التوجو الماركسي وعممانية الدولة بدت أفكار غ ربية وغير متقبمة ىذا األمر‬
‫استغمو ابف بمة ومحساس وآخروف النتقاد ومعارضة ق اررات مؤتمر الصوماـ ‪.3‬‬
‫لكف رابح لونيسي يشير الى اف ما ورد في وثيقة الصوماـ مف تجاىؿ ليذا المبدأ ليس‬
‫معناه التخ مي عف مبدأ االسالـ بؿ يعود الى الخوؼ مف استغالؿ فرنسا لذلؾ و تأليب الرأي‬
‫العاـ الغربي عمى الثورة واثبات لممجاىديف بأنيـ " متعصبيف دينييف" ‪.4‬‬
‫كما كاف الفضؿ لممؤتم ريف في إحباط كمائف الدعاية االستعمارية لضرب الثورة‬
‫الج زائرية عمى الصعيد الخارجي والداخمي وكاف الرد فوري مف قبؿ قيادة جبية التح رير‬
‫وتجمى ذلؾ في التق رير الذي كتبوه‪ :‬إف مبدأ وغاية الثورة الجزائرية ال تيدؼ إلى إلقاء‬
‫الج زائرييف مف أصؿ أوروبي في البحر بؿ تصفية االستعباد الكولونيالي الالإنساني‪ ،‬والثورة‬
‫الجزائرية ليست حربا أىمية وال حربا دينية ‪.5‬‬

‫رابح لونيسي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.101‬‬ ‫‪1‬‬

‫مقالتي عبد اهلل‪ ،‬مواثيؽ الثورة‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.156‬‬ ‫‪2‬‬

‫رابح لونيسي‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.102‬‬ ‫‪3‬‬

‫ماندور اندريو‪ ،‬الثورة الجزائرية عبر النصوص‪ ،‬ترجمة ميشاؿ سطوؼ‪ ،‬المؤسسة الوطنية لالتصاؿ والنشر‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪4‬‬

‫الرويبة الجزائر‪ ،2008 ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ 5‬عباس محمد‪ ،‬الثورة الجزائرية‪ ،‬نصر بال ثمف ‪ ،1962- 1954‬دار القصبة لمنشر‪ ،‬ص ‪.372‬‬

‫]‪[52‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ -‬أولوية الداخؿ عمى الخارج و السياسي عمى العسكري‬


‫مف ال نقاط التي أثارت جدال في المجنة نقطة المبدأيف الداخؿ عف الخارج و أولوية‬
‫العمؿ السياسي عف العسكري وكاف القصد األوؿ مف وضع ىذيف المبدأيف كما يقوؿ محمد‬
‫عباس في كتابو ثوار عظماء ىو تحجيـ الوفد الخارجي الذي كاف يتحرؾ انط القا مف القاىرة‬
‫ونيويورؾ دوف تنسيقا مع الداخؿ ‪.1‬‬
‫‪ -‬أولوية السياسي عمى العسكري‬
‫لـ يكف ىذا المبدأ جديدا فجذوره مستمدة مف عيد المنظمة الخاصة فعمى ما يبد وا أف‬
‫االعتبارات السياسية كانت تظفي عمى االعتبارات العسكرية فالتأويؿ األكثر خطورة أدى‬
‫بالعديد مف القادة إلى اال عتقاد بأف ىناؾ تمييز بيف المسؤوؿ السياسي والمسؤوؿ العسكري‬
‫وأصبح لألوؿ األولوية عمى الثاني ‪.2‬‬
‫فقد أظير ىذا المبدأ منذ البداية تقارب في وجيات النظر بيف عباف وبف مييدي وقد‬
‫أثار ىذا المبدأ حفيظة القادة العسكرييف في الداخؿ فاعتقدوا أف عباف رمضاف وبف مييدي‬
‫أعط وا الفرصة لممركزييف والعمماء والمناضميف في حركة فرحات عباس بأف يصبح وا قيادييف‬
‫في ثورة وقفوا ضدىا لما اندلعت ‪.3‬‬
‫كما يتكمـ سعد دحمب عمى ىذه النقطة والمتمثمة في مبدأ أسبقية السياسي عف العسكري‬
‫حيث يقوؿ‪ " :‬أف مشكمتنا كانت سياسية وعمى ضوء األىداؼ السياسية كاف دوما يواصؿ أو‬
‫يوقؼ العمؿ العسكري‪ ،‬مما يثبت مرة أخرى حقيقة في أف رئيس ال والية كاف سياسيا‬
‫وعسكريا‪ ،‬ومف ىنا فمـ يكف أبدا ليذا النزاع الوىمي أف يوجد" ‪.4‬‬
‫أما عمي كافي فيقوؿ أنو‪ ":‬قد أثبت التاريخ قرار أولوية السياسي عمى العسكري في‬
‫تسببو في شرخ كبير في صفوؼ الثورة وىو الذي لـ يتـ ذكره في بياف أوؿ نوفمبر وأصبح‬
‫ىناؾ مف يقوؿ " أنا مف جيش التحرير" و آخر يقوؿ أنا مف "جبية التحرير" ‪.5‬‬

‫خالفة معمري‪ ،‬عباف رمضاف‪ ،‬تعريب زينب خروؼ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار النشر تالة الجزائر ‪ ،2008‬ص‪.346‬‬ ‫‪1‬‬

‫حميد عبد القادر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.174‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬دحمب سعد‪ ،‬الميمة منجزة مف أجؿ استقالؿ الجزائر‪ ،‬منشورات دحمب‪ ،‬المؤسسة الوطنية لمفنوف المطبعية‪ ،2007 ،‬ص‬
‫‪.31‬‬
‫كافي عمي‪ ،‬مذكرات عمي كافي‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.133‬‬ ‫‪4‬‬

‫إبراىيـ لونيسي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.54‬‬ ‫‪5‬‬

‫]‪[53‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫ابتعد عف الحقيقة‬ ‫لكف ابراىيـ لونيسي في كتابو يشير إ لى أف ‪ ":‬عمي كافي قد‬
‫التاريخية مشي ار إلى أنو لـ يدرس بياف أوؿ نوفمبر ألف البياف أولى اىتماما لمنضاؿ السياسي‬
‫والعسكري عمى حد سواء فاليدؼ الذي أعمنت مف أجمو الثورة ىو سياسي ببعد اقتصادي‬
‫واجتماعي في إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية االجتماعية ذات سيادة ضمف اطار مبادئ‬
‫اسالمية و ىو ىدؼ سيتحقؽ بالوسيمة العسكرية و بغيرىا مف الوسائؿ األخرى ‪.1‬‬
‫‪ -‬أولوية الداخؿ عمى الخارج‬
‫لقد أثار ىذا المبدأ ىو اآلخر بروز مشاكؿ خطيرة أكثر مف المبدأ السابؽ ولعؿ‬
‫المنظموف كانوا ي ريدوف طرح القاعدة القاضية بفرض المقتضيات الم رتبطة بالوضع الداخمي‬
‫عمى الذيف يبرزوف عمى الساحة في الخارج ‪.2‬‬
‫وقد وضح سعد دحمب ىذه القضية عندما كتب " في الحقيقة بتأكيدنا عمى ىذه المبادئ‬
‫لـ تقـ إال بإعادة تأكيد الحقيقة الممموسة وىي أننا نقيـ في الداخؿ وفيو نقاتؿ‪ ،‬نعمـ بمجريات‬
‫األمور‪ ،‬نعرؼ أف كنا في إمكاننا التقدـ أو الت راجع‪ ،‬إذا كاف في إمكاننا الصمود أ وال‪ ،‬فميما‬
‫كانت القرارات لمحرب أو لمسمـ‪ ،‬فالقرار ال يمكنو أف يطبؽ إال في الداخؿ ومف طرؼ‬
‫الداخؿ‪ "...‬فالجزائر ىي التي أوقفت إطالؽ النار وليست تونس أو الرباط أو القاىرة ‪،3 "...‬‬
‫فالمؤتمر رأى عمى ضرورة إش راؼ الييئة الداخمية عمى الييئة الخارجية التي ماىي إال عامؿ‬
‫مكمؿ ومساعد لمييئة الداخمية ‪.4‬‬
‫أما زىير إحدادف في كتابو شخصيات ومواقؼ ف يرى أف أفضمية الداخؿ عف الخارج‬
‫ىي قضية طبيعية ألف الثورة ال يمكف أف تكوف إال في داخؿ البالد وأي نجاحيا ال يمكف‬
‫تسيرىا إال مف الداخؿ وتاريخ الثورات في العالـ يشيد بذلؾ ومف األسباب التي أدت إلى ىذا‬
‫المبدأ ىو موقؼ السمطات الفرنسية في بداياتيا بحيث ركزت ع مى أف مدبري األحداث ىـ‬
‫مف الخارج وبالتحديد مصر ‪.5‬‬

‫معمري خالفة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.347‬‬ ‫‪1‬‬

‫دحمب سعد‪ ،‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪2‬‬

‫الغالي غربي‪ ،‬فرنسا والثورة الجزائرية ‪ ،1958- 1954‬مطبعة دار ىومة الجزائر ‪ ،2012‬ص‪.439‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬إحدادف زىير‪ ،‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص ‪.169‬‬


‫توفيؽ المدني‪ ،‬حياة كفاح‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ص ‪.154- 153‬‬ ‫‪5‬‬

‫]‪[54‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫وقد أكد أحمد توفيؽ المدني ذلؾ بقولو‪ " :‬إننا اجتمعنا بالقاىرة في ‪ 2‬جواف ‪ 1956‬مع‬
‫أىـ عناصر الوفد الخارجي ومف جممة االقتراحات التي عرضت عمينا ىو تشكيؿ حكومة‬
‫الجميع‬ ‫مؤقتة وفي اجتماع آخر في ‪ 3‬جواف حاوؿ أحد عناصر الوفد الخارجي أف يضع‬
‫زائد محمد‬ ‫أماـ األمر ال واقع بإعالف تشكيمة لجنة عميا لمثورة متكونة مف الوفد الخارجي‬
‫بوضياؼ والعربي بف مييدي والدكتور محمد األميف دباعيف إال أف المحاولة فشمت ‪.1‬‬
‫ويذكر عمي كافي في مذكراتو أنو قد آزر بعض السياسييف ومحترفو السياسة مبدأ‬
‫األ ولوية العتقادىـ أف الحرب ستنتيي في مطمع ‪ 1957‬كاالتحاد العاـ لمعماؿ الجزائرييف و‬
‫اتحاد التجار الجزائ رييف و فيدرالية فرنسا واالتحاد التجار الجزائرييف‪ ،‬عرض ىذا التيار‬
‫نشاطو لتفضيؿ أولوية السياسي عمى العسكري والداخؿ عف الخارج ىدفو األوؿ واألخير‬
‫القضاء عمى الثورييف الحقيقيف وفي طميعتيـ جيش التحرير الوطني ‪.2‬‬

‫إف إقرار ميثاؽ الصوماـ ل مبدأي أولوية الداخؿ عمى الخارج والسياسي عمى العسكري‬
‫قد أثار ص راعا وجدال خاصة بيف قيادتي الثورة في الداخؿ والخارج حيث يقوؿ أحمد بف بمة ‪:‬‬
‫"ال جداؿ في أف المؤتمر حمؿ لمثورة أبنية‪...‬ونظاما م رتبيا‪...‬وتنظيما كانت جميعا مفقودة‬
‫ولكنو حمؿ إلييا أيضا‪...‬جيا از بيروقراطيا‪...‬انفصؿ شيئا فشيئا عف واقع النظاـ وكانت‬
‫غمطتو باألخص ىي أنو أدخؿ في تنظيمات القيادة شخصيات سياسية كانت‪...‬تعارض‬
‫بضراوة االنتقاؿ إلى النضاؿ المسمح‪."3 .‬‬

‫نستنتج مف قوؿ بف بمة أنو يعارض إ دخاؿ عناصر جديدة في تنظيمات قيادة جبية‬
‫التحرير الوطني مثؿ فرحات عباس وأحمد توفيؽ المدني وعباف رمضاف‪ ،‬ونرى أف معارضة‬
‫بف بمة إلدماج عناصر جديدة في جبية التحرير الوطني يتناقض مع ما جاء في بياف‬
‫نوفمبر<<ونتيح الفرصة لجميع المواطنيف الجزائ رييف مف جميع الطبقات االجتماعية وجميع‬
‫األحزاب والحركات الجزائرية أف تنظـ الى الكفاح التحرري دوف أدنى اعتبار آخر>>‪.‬‬

‫كافي عمي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.131‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬روبير ميرؿ‪ ،‬مذكرات أحمد بف بمة‪ ،‬تر‪ :‬العفيؼ األخضر‪ ،‬منشورات دار األدب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪114 :‬ػ ‪.115‬‬
‫محمد بوضياؼ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.68‬‬ ‫‪3‬‬

‫]‪[55‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫أما محمد بوضياؼ فقد كاف موقفو مف مبدأ أولوية الداخؿ عمى الخارج أكثر اعتداال‬
‫مف بف بمة حيث يقوؿ‪" :‬ىو مبدأ عادؿ في جوىره بقدر ما يدؿ عمى أنو ال يمكف القياـ بأي‬
‫شيء دوف موافقة الذيف يكافحوف في الميداف ‪." 1‬‬

‫كما صرح أحمد م يساس في جريدة الشعب(‪ 25‬و‪26‬مارس ‪ ":)1987‬بأف المؤتمر‬


‫كاف البد منو ولكف يسجؿ غياب الوفد الخارجي كما صرح بأف التمثيؿ في الييئة التنفيذية‬
‫خصص لممتواجديف بالعاصمة معتب ار أف أولوية الداخؿ عمى الخارج وأولوية السياسي عمى‬
‫العسكري مف األمور السابقة ألوانيا‪ ،‬ويذكر أيضا في الجريدة نفسيا أنو تمقى رسالة مف‬
‫المسؤوليف المعتقميف تطمب منو القياـ بالتنسيؽ مع الييئة التنفيذية الموجودة بالعاصمة ‪." 2‬‬

‫إف قرار إعطاء أولوية لمداخؿ قبؿ الخارج والسياسي أوال ثـ العسكري ث انيا إنما ىو ق رار‬
‫حكيـ‪ ،‬فقد كاف مف المفروض التمسؾ بالتدبير األوؿ (أولوية الداخؿ) وخمؽ ظروؼ تساعد‬
‫عمى جعؿ التدبير الثاني حقيقة ممموسة‪ ،‬كاف ىذاف التدبيراف المذاف لـ يحترما سببا في‬
‫ظيور انشقاؽ ال يفتأ يشحف النفوس مضم ار إلى أف ينفجر عمنا نياية الحرب ‪ ،3‬ولكف كش ؼ‬
‫خروج لجنة التنسيؽ والتنفيذ إلى الخارج أكثر عف مدى الفرؽ الموجود بيف النظرية والتطبيؽ‬
‫ألف السيادة غيرت مف مكانيا فعال مع األشخاص لما انتقمت لجنة التنسيؽ والتنفيذ لتستقر‬
‫بالخارج‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ىيكمة جبية التحرير‬

‫إف مؤتمر الصوماـ شكؿ بالفعؿ منعرجا حاسما في مسار الثورة التح ري رية لما حققو مف‬
‫نتائج سياسية وعسك رية عمى المستوى الفكري والتنظيمي‪ ،‬فمف حيث ىيكمة جبية التح رير‬
‫الوطني تـ وضع المؤسسات التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬لجنة التنسيؽ والتنفيذ‬

‫بوعالـ بف حمودة‪ ،‬الثورة الجزائرية ثورة أوؿ نوفمبر ‪ ،1954‬معالميا األساسية‪ ،‬دار النعماف لمطباعة والنشر‪ ،‬ص‪116:‬‬ ‫‪1‬‬

‫ػ‪117‬‬
‫‪ - 2‬محمد تقية‪ ،‬الثورة الجزائرية المصدر الرمز والماؿ‪ ،‬تر‪ :‬عبد السالـ عزيزي‪ ،‬دار القصبة لمنشر‪ ،‬الجزائر‪،2010 ،‬‬
‫ص‪237:‬‬
‫‪ - 3‬نفسو ‪.‬‬

‫]‪[56‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ -‬المجمس الوطني لمثورة الجزائرية‬

‫خرج مؤتمر الصوماـ بق اررات تنظيمية عسكرية وسياسية كاف ىدفيا تجاوز الثغرات‬
‫التنظيمية التي شيدتيا المرحمة األولى مف الثورة أىميا انعداـ التنسيؽ بيف المناطؽ وضعؼ‬
‫اإل مداد بالسالح مف طرؼ الوفد الخارجي‪ ،‬وكاف أىـ ق رار تنظيمي لمثورة توحيد القيادة‬
‫تتولى ميمة تسيير الثورة‬ ‫السياسية مف خالؿ انشاء لجنة التنسيؽ والتنفيذ والتي سوؼ‬
‫الى ‪ 19‬سبتمبر ‪ 1958‬ـ (انشاء الحكومة المؤقتة) والسؤاؿ المطروح ‪ :‬إلى أي مدى نجحت‬
‫ىذه الييئة القيادية في تسييرىا لمثورة؟ وماىي األزمات التي واجيتيا ؟‬

‫قبؿ الحديث عف لجنة التنسيؽ والتنفيذ ال بد مف الحديث عف المجمس الوطني لمثورة‬


‫باعتباره الييئة التشريعية المسئولة أمامو‬

‫‪ -‬المجمس الوطني لمثورة‬

‫انبثؽ عف مؤتمر الصوماـ يمثؿ السمطة التش ريعية أي ب رلماف جبية التحرير الوطني‬
‫تتمثؿ صالحياتو واختصاصاتو في‪:‬‬

‫‪ -‬يجتمع مرة كؿ سنة بطمب مف لجنة التنسيؽ والتنفيذ وفي الحاالت االستثنائية يمكف أف‬
‫يعقد المجمس بحضور نصؼ األعضاء زائد واحد (‪. )1+‬‬

‫‪ -‬لممجمس صالحيات في اتخاذ القرار السياسي والعسكري كمواصمة الثورة مع العدو‬


‫والتفاوض معو وادراج القضية الجزائرية في جدوؿ أعماؿ منظمة األمـ المتحدة ‪.1‬‬

‫تشكؿ المجمس الوطني لمثورة في بدايتو مف ‪ 34‬عضوا منيـ ‪ 17‬عضوا دائما و ‪17‬‬
‫عضوا إ ضافي‪ ،‬وتعرض المجمس الوطني في تشكيمتو األولى النتقادات كثيرة فمقد عيب‬
‫عمى المشرفيف عمى تشكيؿ المجمس أمراف‪ - :‬األوؿ‪ :‬وجود عناصر يقاؿ أنيا معتدلة عمى‬
‫أساس التشكيالت التي انحدروا منيا‪...‬وأشاروا الى الخطر الذي تمثمو ىذه العناصر كما فعؿ‬
‫ذلؾ بف بمة حيث كتب في رسالة موجية الى الييئة التنفيذية لمجبية‪<< :‬كانت ىذه‬

‫‪ 1‬محمد حربي‪ ،‬أرشيؼ الثورة الجزائرية‪ ،‬ص‪ ، 168‬ينظر‪ :‬خافة معمري‪ ،‬عباف رمضاف‪ ،‬تر‪ :‬زينب زخروؼ‪ ،‬منشورات‬
‫التالة‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 ،‬ص‪.354‬‬

‫]‪[57‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫الق اررات‪...‬مرفوقة بق اررات أخرى تكرس وجود عناصر داخؿ أجيزة قيادية لمجبية وىي‬
‫عناصر عمى ضاللة حقيقية بالنسبة لممبادئ المقدسة لثورتنا واذا لـ نحتط منيا‪...‬سيعمموف‬
‫عمى قطع عنقيا الى األبد ‪.>>1‬‬

‫إف المجمس الوطني لمثورة ىو أعمى مؤسسة لمثورة الجزائرية فمنو تختار لجنة التنسيؽ‬
‫والتنفيذ التي ستتحوؿ إلى حكومة مؤقتة‪ ،‬إف المجمس الوطني لمثورة ىو المؤتمف عمى السيادة‬
‫الوطنية وحارسيا ما استمرت الحرب ولو مؤقتا صفة المجمس التأسيسي‪ ،‬وصالحية التشريع‬
‫ومراقبة الحكومة‪ ،‬إلى أف تتحرر أرض الوطف ‪ ،2‬ولكسب كؿ الفئات والتوجيات السياسية في‬
‫الج زائر فتح ىذا المجمس الباب لممشاركة فيو لكؿ الوطنييف مف األحزاب الوطنية االتحاد‬
‫الديمقراطي والحزب الشيوعي الجزائري والعمماء‪.‬‬

‫كما تكونت لجنة التنسيؽ والتنفيذ مف جميع التوجيات السياسية‪ ،‬أما في الجانب‬
‫العسكري فقد قسمت الجزائر إلى ست والي ات حربية بدال مف المناطؽ‪ ،‬وأنشئت المنطقة‬
‫‪ ،‬مستقمة عف كؿ الواليات‪ ،‬وخاضعة‬ ‫‪Zone Autonome d’Alger‬‬ ‫المستقمة لمج زائر العاصمة‬
‫مباشرة لمجنة التنسيؽ والتنفيذ ‪ ،3‬وأصبح تقسيـ الوالية عمى النحو التالي‪ :‬ال والية‪ ،‬ثـ المنطقة‪،‬‬
‫ثـ الناحية‪ ،‬ثـ القسمة‪.‬‬

‫كما تمت عممية ىيكمة وح دات جيش التحرير إلى الفوج والفرقة فتتشكؿ مف ثالثة أفواج‬
‫يضاؼ إلييـ رئيس الفرقة ونائبو والكتيبة تتألؼ مف ثالثة فرؽ والفيمؽ يضـ ثالثة كتائب‪،‬‬
‫باإلضافة تثبيت الرتب العسكرية ‪ ،‬والشيء الجديد الذي دعمت بو الجبية صفوفيا عمى‬
‫المستوى المدني والعسكري باستحداث تنظيميف‪ :‬المناضؿ – المسبؿ‪.‬‬

‫إف المنا ضؿ بمباس مدني وضع تحت مسؤولية رئيس الد وار أو مسؤوؿ المنطقة‬
‫األقرب‪ ،‬يدفع اشتراكات شيرية ثابتة وا لزامية ‪ 077‬فرنكا‪ ،‬والمساعدة المادية التي يقدميا مف‬

‫محمد بجاوي‪ ،‬الثورة الجزائرية والقانوف ‪ ،1961- 1960‬ترجمة عمي الخش‪ ،‬دار الرائد لمكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،2005 ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 350‬صفحة ‪.‬ص‪.128‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Philippe Tripier, Autopsie de la guerre de l’Algérie, op.cit, p131.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Daho Djerbal , Le 20 août 1955 dans le nord-constantinois, op.cit, p107.‬‬

‫]‪[58‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫المالبس أو الطعاـ‪ ،‬وبشكؿ عاـ ىو متطوع ووف ًقا إلمكانياتو المادية‪ ،‬كما يعطي معمومات‬
‫عف اإلدارة الفرنسية‪ ،‬وعف تصرفات الموظفيف‪ ،‬وأعداد الجيش الفرنسي وتحركاتو المخطط‬
‫ليا أو الحالية‪...‬وىو بشكؿ عاـ الدعـ الموجستكي لجيش التحرير ‪.1‬‬
‫أما المسبؿ ىو المساعد لموحدات المسمحة‪...‬تـ حشد المس بميف بدواـ كامؿ تقريب ًا‬
‫طا يتـ استدعاؤه أثناء األحداث الكبرى‪.‬‬
‫ومسمحيف ببنادؽ الصيد‪ .‬كانوا يكونوف احتياطًيا نش ً‬
‫ويمكف أف يتجاوز دورىـ دور الجنود الذيف ليـ دور أثناء القتاؿ فقط‪ ،‬وىـ في العمؿ ليال‬
‫وحرسة الدوار مف الميؿ إلى الفجر‪ ،‬فيـ الم راقبوف أثناء‬
‫ا‬ ‫ونيا ار‪...‬كما كمفوا ب النظاـ العاـ‬
‫النيار‪ ،‬والمرشدوف لمجنود أثناء تنقميـ‪ ،‬وىـ مسؤولوف عف االتصاؿ والبريد واإلمداد ‪.2‬‬
‫كما أنشئت داخؿ المدف والقرى المجالس الشعبية والتي تتشكؿ بواسطة االنتخابات‪،‬‬
‫وتنظر في القضايا العدلية‪ ،‬واإلسالمية‪ ،‬والمالية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬والشرطة ‪ ،3‬ويمكف القوؿ أف‬
‫كانا مف‬ ‫اعتماد مبدأ القيادة الجماعية وقرار إنشاء المجالس الشعبي ة عف طريؽ االنتخاب‬
‫أبرز الدالئؿ عمى وجود روح ديمقراطية عند بعض منظري الصوماـ ‪ ،4‬فالمجالس الشعبية‬
‫تُعنى بالحالة المدنية والشؤوف القضائية والمالية واالقتصادية والشرطة‪ ،‬ويشرؼ عمى تسييرىا‬
‫المحافظ السياسي أو بواسطة ممثميف عنو‪ ،‬والذي تتمثؿ ميامو ك ذلؾ في الدعاية واإلعالـ‬
‫والحرب النفسية‪.‬‬

‫وتماشيا مع الييكمة التنظيمية الجديدة صار لمقسمات سمطة عمى المجالس الشعبية‬
‫التي تتكمؼ بأح واؿ الناس المدنية والشؤوف الشرعية اإلسالمية والشؤوف المالية واالقتصادية‬
‫والشرطة (يتكوف المجمس الشعبي مف‪ :‬الرئيس‪ ،‬مسؤوؿ الماؿ‪ ،‬مسؤوؿ الدعاية واألخبار‬
‫والتعميـ‪ ،‬مسؤوؿ التمويف‪ ،‬مسؤوؿ األمف والشرطة) ‪ ، 5‬فإنشاء المجالس الشعبية لتنظيـ‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ibid, p109.‬‬
‫‪ - 2‬أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.138‬‬

‫‪ - 3‬عبد النور خيثر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.156‬‬


‫لعبيدي إدريس‪ ،‬التنظيـ السياسي واإلداري والعسكري في الوالية التاريخية الثانية ‪ 6511- 6591‬المجالس الشعبية –‬ ‫‪4‬‬

‫انموذجا ‪ -‬مجمة اآلداب والعموـ االنسانية‪ ،‬المجمد ‪ ،61‬العدد‪ ،6‬الصفحة ‪.118- 166‬‬
‫أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.156‬‬ ‫‪5‬‬

‫]‪[59‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫الشعب‪...‬والمجمس يتصؿ بعد ذلؾ بالسمطة المركزية لجبية التح رير‪ ،‬بواسطة لجنة االتصاؿ‬
‫تتركب مف ثالثة أعضاء‪...‬ويقوـ بجميع المياـ التي تقوـ بيا البمدية ‪.1‬‬

‫وبذلؾ ظي ر التنظيـ اإلداري الذي أطمؽ عميو التنظيـ السياسي واإلداري لمثورة انطالقا‬
‫مف الخمية (تضـ مابيف ‪ 15- 10‬في القرى‪ ،‬ومابيف ‪ 5- 2‬مناضميف في المدف) ثـ الفوج‬
‫والعرش فالقسـ‪ ،‬وكؿ ىذه التنظيمات كانت تخضع إلى أوامر المرشد السياسي اإلقميمي‬
‫لجيش التحرير الوطن ي ‪ ، 2‬فالمرشدوف السياسيوف كانوا يأمروف الم واطنيف بأف ال يرفعوا‬
‫قضاياىـ عمى المحاكـ الفرنسية وأسند وا حميا إلى لجاف عدلية تتكوف مف العمماء‬
‫والفقياء‪...‬والقضاة المعروفيف مف ذوي الثقة ‪.3‬‬

‫كما تـ تشكيؿ محاكـ لتحاكـ المدنييف والعسكرييف‪ ،‬بدال مف المحاكـ االستعمارية‪،‬‬


‫تطبيقا لق اررات مؤتمر الصوماـ‪ ،‬وكانت ىذه المحاكـ تستمد أحكاميا مف الش ريعة‬
‫اإل سالمية‪...‬أما المحاكـ العسكرية فكانت تتشكؿ مف أفراد جيش التحرير‪ ،‬وتقوـ أحكاميا‬
‫عمى القانوف الداخمي لجبية التحرير والشريعة اإلسالمية ‪ ،4‬وفي ىذا المجاؿ نشرت جريدة‬
‫المقاومة الجزائرية عمى لساف صحفي فرنسي‪ ،‬أجرى تحقيقا في الوالية الثالثة قولو‪ " :‬إف‬
‫الثورة الجزائ رية أوجدت إدا رتيا الخاصة‪ ،‬إدارة سرية تأخذ الضرائب وتقضي بيف الناس‬
‫وتفصؿ في النزاعات" ‪ ،5‬وىكذا تمكنت جبية التحرير الوطني مف تكويف سمطة وطنية م وازية‬
‫لمسمطة الكولونيالية تقوـ مقاميا في كؿ المجاالت اإلدارية واالجتماعية والقضاء والتعميـ‪.‬‬

‫‪ -‬لجنة التنسيؽ والتنفيذ‬

‫حسف بومالي << استراتيجية الثورة الجزائرية في التجنيد والتعبئة الجماىيرية منذ اندالع الثورة إلى غاية مؤتمر‬ ‫‪1‬‬

‫الصوماـ>> ص ص‪ ، 88- 39‬الممتقى األوؿ حوؿ اإلعالـ واإلعالـ المضاد المنعقد يوـ ‪ 24‬و‪ 25‬سبتمبر ‪ ،1996‬إصدار‬
‫المركز الوطني لمدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة ‪ 1‬نوفمبر‪ ،‬دار القصبة لمنشر‪ 495 ،2009 ،‬صفحة‪ .‬ص‪.8‬‬

‫‪ - 2‬حسف بومالي‪ ،‬استراتيجية الثورة الجزائرية‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.139‬‬ ‫‪3‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.158‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ 5‬عقيمة ضيؼ اهلل‪ ،‬التنظيم السياسي واإلداري للثورة‪ ،1962- 1954 ،‬ط‪ ، 1‬البصائر للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2313 ،‬‬
‫‪ ،2313‬ص‪.309‬‬

‫]‪[60‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫تكونت عمى اثر انعقاد مؤتمر الصوماـ ا ختير أعضاؤىا مف بيف أعضاء المجمس‬
‫الوطني لمثورة‪ ،‬وتعد ىذه المجنة بمثابة الجياز التنفيذي لممجمس حيث أنيا تتولى ميمة‬
‫تطبيؽ الق اررات السياسية والعسك رية‪ ،‬كما أف ليا كامؿ السمطة عمى جميع الييئات‬
‫والمنظمات السياسية والعسكرية لمثورة ‪.1‬‬

‫تكونت ىذه المجنة مف مختمؼ التوجياتى السياسية حيث نجد فييا أسماء مثؿ يوسؼ‬
‫بف خدة وسعد دحمب (المرك زييف) فرحات عباس ( االتحاد الديمق راطي) توفيؽ المدني‬
‫(العمماء)‪ ،‬ونجد أسماء مفجري الثورة ‪ :‬العربي بف مييدي وكريـ بمقاسـ‪ ،‬باإلضافة إلى عباف‬
‫رمضاف العضو الخامس‪ ،‬وكمؼ كؿ واحد بميمة معينة ‪.2‬‬

‫مارست المجنة اختصاصاتيا في بداية األمر عمى أرض الوطف وذلؾ لمدة إحدى عشر‬
‫شي ار منذ تأسيسيا ثـ انتقمت إ لى الخارج وبانتقاليا سوؼ يتـ التمرد عمى إحدى ق اررات مؤتمر‬
‫الصوماـ وىو أولوية الداخؿ عمى الخارج‪ ،‬كما أف وجود المرك زييف الذيف وجو ليـ االتياـ‬
‫بالعمؿ عمى عرقمة اندالع الثورة ومكافحتيا ضمف جياز يسير عمى قيادة الثورة كاف ذلؾ‬
‫يعني أف قدماء المركزييف الذيف أصبحوا أعضاء في لجنة التنسيؽ والتنفيذ أضحوا مخوليف‬
‫بمراقبة مفجري الثورة ذاتيـ ‪.3‬‬

‫‪ -‬دور لجنة التنسيؽ في قيادة الثورة‬

‫عرفت لجنة التنسيؽ والتنفيذ مرحمتيف لكؿ خصوصياتيا ‪:‬‬

‫‪ -‬المرحمة االولى‪ :‬المنبثقة عف ‪20‬أوت ‪1956‬ـ وتميزت بتنظيـ الجيش والبحث عف‬
‫التمويف واألسمحة وتنشيط العمميات العسكرية وكانت قيادتيا مف السياسييف والذيف لـ يكف‬
‫ليـ ت اريخ مع بداية اندالع الثورة ماعدا اثنيف (العربي بف مييدي وك ريـ بمقاسـ)‪ ،‬وأىـ ما‬
‫أنجزتو في ىذه المرحمة معركة الجزائر ديسمبر‪ 1956‬إلى أكتوبر‪ 1957‬واض راب ‪ 08‬أياـ‬
‫الذي ‪ 28‬جانفي إلى ‪ 04‬فبراير‪ 1957‬مس الجزائر والمتروبوؿ‪.‬‬

‫‪ - 1‬بف غميمة سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.111‬‬


‫‪ - 2‬خالفة معمري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.358‬‬
‫‪ - 3‬فيزي ميمود‪ ،‬مواقؼ قادة الثورة مف مؤتمر الصوماـ‪ ،‬ط‪ ، 1‬مكتبة الرشاد‪ ،‬سيدي بمعباس‪ ،‬الجزائر‪ ،2013 ،‬ص‪.155‬‬

‫]‪[61‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ -‬المرحمة الثانية‪ :‬وىي منبثقة عف مؤتمر القاىرة ‪1957‬ـ كاف ىدفيا معالجة الق اررات‬
‫التي قسمت القيادة إ لى طرفيف متنازعيف وأسست لمعمؿ الديبموماسي والسياسي الذي أدى إلى‬
‫في سبتمبر‪ ، 1958‬ونقمت كذلؾ العمؿ المسمح إلى‬ ‫‪1‬‬
‫ميالد الحكومة المؤقتة )‪(GPRA‬‬
‫التراب الفرنسية بمعنى آخر نقؿ الثورة إلى فرنسا‪.‬‬

‫‪ -‬معركة الجزائر‪ :‬مف ديسمبر‪ 1956‬الى سبتمبر‪1957‬ـ‬

‫كاف مف الق اررات التي اتخذتيا لجنة التنسيؽ والتنفيذ أثناء استقرارىا بالج زائر نقؿ‬
‫الحرب الى المدينة مف أجؿ تخفيؼ الضغط عمى الريؼ والضغط عمى الكولوف لمضغط عمى‬
‫السمطة االستعما رية وكرد فعؿ عمى استعماؿ المشنقة بإعداـ مناضمي جبية ال تح رير الوطني‬
‫والتي كاف أوؿ ضحاياىا أحمد زبانة وقنبمة شارع تابس بحي القصبة مف طرؼ مجموعة‬
‫األربعيف التي تتشكؿ مف رجاؿ الشرطة الفرنسية منيـ المحافظ تروجا مف االستعالمات‬
‫العامة وضابط الشرطة القضائية‪...‬ىذه المجموعة تأسست بموافقة الكوست ‪.2‬‬

‫كانت تمؾ الخطوة باتجاه لتوسيع الثورة نحو الحرب الحضرية ذات خطورة بالغة ولكنيا‬
‫كانت بالنسبة لكؿ مف بف مييدي وعباف رمضاف ذات أىمية قصوى ألف توظيؼ الجماىير‬
‫كدعامة أساسية وبشكؿ معمف كاف يمثؿ انتصا ار سياسيا ومعنويا أكبر مف االنتصا رات‬
‫الميدانية التي يتـ تحقيقيا في المناطؽ الريفية المعزولة عف ال رأي العاـ والصحافة الدولية ‪،3‬‬
‫وقد أكد عباف رمضاف عمى أىمية العمؿ الفدائي بقولو "قتؿ رجؿ واحد في العاصمة أفضؿ‬
‫مف قتؿ عشرة رجاؿ في الجبؿ"‪ ،‬وأف "حرب العصابات لف تتقدـ في منطقة القبائؿ إال حيف‬
‫تتحرؾ الجماىير في العاصمة ‪. "4‬‬

‫لقد تدعـ العمؿ الفدائي بإضراب شعبي لمدة ثمانية أياـ (‪28‬جانفي ‪ 04-‬فيفري‬
‫‪1957‬ـ) بيدؼ فضح السياسة القمعية الف رنسية وتدويؿ القضية الجزائرية وابراز االلتفاؼ‬
‫الشعبي حوؿ الثورة وجناحيا السياسي لجبية التحرير‪ ،‬إف معركة الجزائر واف حققت بعض‬

‫‪ - 1‬خالفة معمري‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ص‪.393- 391‬‬


‫‪ - 2‬عبد النور خثير‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.175‬‬
‫‪ - 3‬معمري خالفة‪ ،‬المرجع السابؽ‪،‬ص‪.395‬‬
‫‪ - 4‬عبد النور خثير‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.176‬‬

‫]‪[62‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫االنتصار النفسي والسياسي فشمت عسكريا وقد تأكد ذلؾ بتفكيؾ المجموعات الفدائية واعتقاؿ‬
‫أىـ ميندسييا العربي بف مييدي وا عدامو‪ ،‬ووصفيا محمد ح ربي بأنيا كانت مأساة سببيا‬
‫التفاؤؿ المفرط عند قادة لجنة التنسيؽ والتنفيذ في بداية عاـ ‪1957‬ـ ‪.1‬‬

‫ويؤكد كوريار ما ذىب اليو حربي حيث اعتبر أف إ ضراب الثمانية أياـ والمجوء إلى‬
‫حرب ال مدف كاف خطأيف جسيميف ارتكبتيما قيادة الثورة ألف خسائرىما العسك رية كانت أكثر‬
‫مف مكاسبيما السياسية ‪.2‬‬

‫بعد فشؿ معركة الجزائر قررت لجنة التنسيؽ والتنفيذ مغادرة الجزائر حيث استقر بيا‬
‫األمر في تونس وىناؾ تبدأ مرحمة جديدة مف الصراع عمى السمطة‪.‬‬

‫‪ - 4‬تطور جيش التحرير الوطني‬


‫إف عدد الذيف التحقوا بصفوؼ الثورة عشية انطالقيا في أوؿ نوفمبر ‪ 1954‬في كامؿ‬
‫الت راب الوطني بشكؿ عاـ حوالي ‪ 1066‬مجاىدا‪...‬وبمغ عدد قطع األسمحة التي سجمت بيا‬
‫االنطالقة حوالي ‪ 368‬قطعة ‪ ،3‬ثـ عرؼ جيش التحرير الوطني تطورا مذىال في الفترة‬
‫الممتدة مف أوت ‪ 1955‬إلى ديسمبر‪ ،1956‬وتزايد المعدالت الشيرية لمعمميات العسكرية‬
‫التي كانت تقوـ بيا وحدات ذلؾ الجيش‪ ،‬والتي ارتفعت مف‪ 525‬عممية خالؿ سنة ‪1955‬‬
‫إلى أكثر مف ‪ 2500‬عممية خالؿ عاـ‪ 1956‬وىذا ما يكشؼ أف فعالية جيش التحرير ميدانيا‬
‫تضاعفت حوالي خمسة مرات في مدة لـ تتجاوز ‪ 15‬شي ار ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫عرفت قدرات جيش التح رير الوطني البشرية تطورا ممحوظا منذ االنطالقة إلى عشية‬
‫مؤتمر الصوماـ ‪ 1956‬حيث بمغ تعداده دوف ذكر المنطقة األولى ‪ 23039‬مجاىدا منيـ‬
‫‪7469‬مجندا و‪ 15570‬مسبال ‪ ،5‬فالمنطقة األولى كانت تتمتع بقوة عسكرية تتراوح بيف ‪1500‬‬

‫‪ - 1‬عبد النور خثير‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص‪.177‬‬


‫‪ - 2‬جبمي الطاىر‪ ،‬شبكات الدعـ الموجيستيكي لمثورة التحريرية‪ ،1962- 1945‬أطروحة لنيؿ شيادة الدكتوراه في التاريخ‬
‫المعاصر‪ ،‬كمية اآلداب والعموـ االنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة أبي بكر بمقايد ‪ -‬تممساف‪ ،‬السنة الجامعية‪. 1115 - 2008 :‬‬
‫ص‪.53‬‬
‫‪ - 3‬عبد النور خيثر‪ ،‬تطور الييئات القيادية لمثورة التحريرية ‪ ،4591- 4591‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.127‬‬
‫‪ - 4‬جبمي الطاىر‪ ،‬شبكات الدعـ الموجيستيكي لمثورة التحريرية‪ ،1962- 1945‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.493- 491‬‬
‫‪ - 5‬المرجع نفسو‪.‬‬

‫]‪[63‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫إلى ‪ 2000‬مجاىد مسمحيف بنسبة ‪ % 29‬سالح حربي و‪% 31‬سالح صيد باإلضافة إلي‬
‫‪1100‬مجاىد ا يتبعوف المسمحيف ومستعديف لحمؿ السالح الذي يتـ غنمو في المعارؾ‪ ،‬وكاف‬
‫ليا ‪ 3000‬رجال احتياطيا تحت تصرؼ جيش التحرير الوطني ‪.1‬‬
‫لقد دخمت الثورة الجزائرية بعد مؤتمر الصوماـ مرحمة جديدة في الكفاح ضد‬
‫االستعمار‪ ،‬تمثمت في توحيد اإلدارة وتنظيميا‪ ،‬وجعؿ إ ستراتيجية جديدة لمثورة‪ ،‬السيما ما‬
‫تعمؽ بجيش التحرير الوطني ‪ ، 2‬وىكذا ولد جيش التحرير‪ ،‬كجيش نظامي ‪ ،3‬والذي كانت‬
‫أعداده تتزايد بشكؿ كبير‪ ،‬مف ‪ 30‬ألؼ مقاتال في يناير ‪ 1957‬إلى ‪ 46000‬في أبريؿ‬
‫‪ ،4 1958‬فجيش التحرير الوطني الذي ولد ببضع مئات مف الرجاؿ في ‪ 1954‬أصبح يضـ‬
‫أكثر مف ‪ 20‬ألؼ مجاىد في الداخؿ وأكثر مف ‪ 30‬ألؼ جندي ا عمى الحدود الشرقية والغربية في‬
‫سنوات ‪.5 1961-1958‬‬

‫ولمتحكـ في تنظيـ جيش التحرير الوطني وانضباطو واعطائو صفة الجيش النظامي‬
‫اتخذت الحكومة مرسوما يقضي بوضع قانوف لمقضاء العسكري ‪ ، 6‬كما أنشئت قيادتيف‬
‫بالحدود الشرقية مقرىا غردماو بتونس تحت مسؤوليتيا‬ ‫‪C.O.M‬‬ ‫لمعمميات العسكرية‪ ،‬األولى‬
‫بوجدة تمتد صالحياتيا بالوالية الخامسة‬ ‫‪C.O.M‬‬ ‫الواليات الثالثة(‪ ،) 1،2،3‬والقاعدة الغربية‬
‫والمنطقة ال رابعة والسادسة‪ ،‬وفي اجتماع استثنائي لو مف ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1959‬إلى ‪ 18‬يناير‬
‫‪،E.M.G‬‬ ‫إنشاء ىيئة األركاف العامة‬ ‫‪C.N.R.A‬‬ ‫‪ 1960‬قرر المجمس الوطني لمثورة الجزائ رية‬
‫وبيذا انتيى االجتماع يوـ ‪18‬جانفي‪ 1960‬بعد ثالثة وثالثيف يوما وكاف بذلؾ أطوؿ اجتماع‬
‫في تاريخ الثورة‪ .‬واستمـ فرحات عباس ميامو وىواري بومديف مسؤولياتو يوـ ‪23‬جانفي ‪1960‬‬
‫قائدا لييئة األركاف العامة‪.‬‬

‫‪ - 1‬أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.152‬‬

‫‪ - 2‬محمد بجاوي‪ ،‬الثورة الجزائرية والقانوف‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.73‬‬


‫‪3‬‬
‫‪- Charles-Robert Ageron, Un versant de la guerre d'Algérie : la bataille des frontières (1956-1962),‬‬
‫)‪Revue d’Histoire Moderne & Contemporaine, Année 1999, 46-2 , pp. 348-359 .(p348‬‬
‫‪ - 4‬عبد النور خيثر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪ - 5‬د‪ .‬محمد بجاوي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫‪ - 6‬مصطفى ىشماوي‪ ،‬جذور نوفمبر ‪ 1954‬في ال جزائر‪ ،‬المركز الوطني لمدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أوؿ‬
‫أوؿ نوفمبر‪ ،1954‬دار ىومو‪ ،‬ص‪.139‬‬

‫]‪[64‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫وقد بمغ عدد أف راد جيش التحرير (جيش الحدود) المد ربيف والمجيزيف بالم راكز العسكرية‬
‫باألراضي التونسية والمغربية ما بيف ‪ 51222‬و‪ 02222‬رجال ‪ ،1‬حيث أصبح عدد فيالؽ‬
‫جيش التحرير الوطني عمى الحدود ‪ 19‬فيمقا منيا ‪ 14‬فيمقا بالحدود الشرقية بػ ‪ 15‬ألؼ‬
‫رجال و‪ 5‬فيالؽ الحدود الغربية بػ ‪ 6500‬رجال‪ ،‬كما أنشأ العديد مف الم راكز عمى الحدود‬
‫والتي تعتبر معسكرات مراكز خمفية لقيادة األركاف ومنيا مركز زغنغف عمى الحدود المغربية‬
‫الذي أسس ‪ 1960‬إذ يضـ خدمات متعددة عمى غرار التدريب العسكري لمجنود والتدريب‬
‫التقني الستعماؿ األسمحة وكذا تكويف محافظيف سياسييف وعسكرييف ‪،‬وقد وصؿ عدد الجنود‬
‫الذيف تخرجوا مف المركز أكثر مف ‪ 4‬آالؼ جنديا ما بيف ‪.2 1962 - 1960‬‬

‫أ ‪ -‬التسميح في الثورة التحريرية‬

‫تعامؿ مفجرو الثورة التح ري رية مع مشكمة السالح في بداية انطالؽ الثورة باالعتماد‬
‫عمى القد رات الذاتية واإلمكانيات المحمية وما كاف قد تـ تحضيره وتخزينو أثناء نشاط‬
‫المنظمة الخاصة‪ ،‬وقد اعتمد القادة األوائؿ عمى ما كاف موجودا داخؿ البالد مف األسمحة التي‬
‫تـ شراءىا مف ليبيا سنتي‪ 1948- 1947‬وقدرت بحوالي‪ 500‬قطعة سالح أدخمت إلى الجزائر‬
‫عمى طريؽ غدامس ‪.3‬‬
‫وقد واجيت جبية التحرير منذ بداية انطالؽ الثورة مشكمة التمويف ونقص السالح‬
‫باالعتماد عمى إست راتيجية >>خذ سالحؾ مف عدوؾ ‪ <<5‬أو شعار<<سالحنا نفتكو مف‬
‫عدونا >> حيث تمكنت وحدات جيش التحرير في كافة الن واحي مف غنـ أسمحة متنوعة مف‬
‫القوات الفرنسي ة خالؿ قياميـ بكمائف وعمميات مستيدفة مراكزىا وثكناتيا فبيف الفاتح ديسمبر‬

‫‪ - 1‬ميمودي سياـ ‪ ،‬اتفاقية إيفياف‪ :‬أسبابيا ومضمونيا وردود األفعاؿ ‪-‬دراسة تحميمية ‪ -‬أطروحة لنيؿ شيادة الدكتوراه‪ ،‬كمية‬
‫العموـ اإلنسانية واالجتماعية قسـ التاريخ‪ ،‬جامعة أبي بكر بمقايد تممساف‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 5103- 5102‬ص‪.24‬‬
‫‪ - 2‬جبمي الطاىر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫عبد اهلل مقالتي ‪ :‬تاريخ الجزائر العسكري لمثورة وأىـ المعارؾ‪ ،‬كتاب الثالث‪ ،‬شمس الزيباف لمنشر والتوزيع‪2013 ،‬‬ ‫‪5‬‬

‫الجزائر‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫]‪[65‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪1‬‬
‫‪1955‬وفاتح ديسمبر‪ 1956‬نصب الجزائريوف مائتيف وخمسة وثمانوف ) ‪ ( 285‬كمينا غنموا‬
‫فيو أسمحة وذخيرة كثيرة‪.‬‬
‫واليدؼ األوؿ كاف ضرورة تفجير الثورة وانتشارىا ريثما تصؿ اإلمدادات والمساعدات‬
‫مف الخارج‪ ،‬وليذا كاف ل مشكمة التسميح انعكاسات عمى مسار الثورة مف الناحية السياسية‬
‫والعسكرية‪ ،‬ويمكف حصر المصادر الداخمية لمسالح الذي استعممتو ثورتنا في مرحمة‬
‫االنطالؽ ‪ 6591 - 1954‬فيما يمي ‪: 2‬‬

‫‪ - 4‬بنادؽ الصيد المرخصة وغير المرخصة‪ ،‬وىذه األخيرة كانت األكثر‪.‬‬


‫‪ - 1‬غنائـ العمميات العسكرية )المعارؾ‪ ،‬الكمائف‪ ،‬اليجمات الخاطفة عمى مراكز العدو)‪.‬‬
‫‪ - 1‬سالح الجنود الجزائ رييف الذيف جند وا في الخدمة العسكرية الف رنسية إجبا ريا حيث فر العديد‬
‫منيـ بأسمحتيـ‪.‬‬
‫‪ - 1‬القنابؿ التي تمقييا طائرات العدو وقذائؼ المدفعية التي لـ تنفجر حيث يقوـ المج اىدوف‬
‫بتفكيكيا ثـ يستخرجوف منيا البارود الّذي يستخدـ في صنع القنابؿ الموقوتة لنسؼ الجسور‬
‫والحانات‪ ،‬وصنع األلغاـ لتفجير آليات وشاحنات الجيش الفرنسي ‪.3‬‬

‫واف أشير عمميات نقؿ األسمحة مف مصر إلى الجزائر تمت عبر البحر‪ ،‬وىي‪:‬‬
‫يعتبر ي خت السالـ " دينا " ثمرة لجيود جزائرية مغ ربية‬ ‫‪Dina‬‬ ‫‪ -‬عممية باخرة السالـ دينا‬
‫مشتركة في تجسيد مشروع جيش التحرير المغا ربي أبحر اليخت مف بور سعيد يوـ ‪ 24‬مارس‬
‫‪ ،1955‬وقد كاف اليخت محمال باألسمحة والذخيرة والمتفجرات ‪ ،4‬وىي أوؿ شحنة مف السالح‬
‫المصري تصؿ الى الحركتيف التحرريتيف الجزائرية والمغربية ‪. 5‬‬

‫‪ - 1‬عبد الستار حسيف‪ ،‬مسألة التسميح في اىتمامات قيادة الثورة الجزائرية خالؿ مرحمتيا األولى ‪ .1956-1954‬مجمة‬
‫الدراسات التاريخية العسكرية ‪ -‬جانفي ‪ ،1111‬ص ص ‪( 439- 434‬ص‪.)431‬‬
‫‪ - 2‬عبد المالؾ بوعريوة‪ ،‬محطات في معركة التسميح في الثورة التحريرية الجزائرية ‪ ،4598- 4591‬مجمة المعارؼ لمبحوث‬
‫والدراسات التاريخية‪ ،‬العدد ‪(. 111- 651 ،15‬ص‪)111‬‬
‫‪ - 3‬عبد الستار حسيف‪ ،‬مسألة التسميح في اىتمامات قيادة الثورة الجزائرية خالؿ مرحمتيا األولى ‪ .1956-1954‬مجمة‬
‫الدراسات التاريخية العسكرية ‪ -‬جانفي ‪ ،1111‬ص ص ‪( 439- 434‬ص‪.)431‬‬
‫‪ - 4‬جبمي الطاىر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.433‬‬
‫‪ - 5‬د‪.‬عبد المالؾ بوعريوة‪ ،‬محطات في معركة التسميح في الثورة التحريرية الجزائرية المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.161‬‬

‫]‪[66‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪-‬عممية اليخت انتصار أبحر مف ميناء اإلسكندرية بعد شحنو باألسمحة مف طرؼ السمطات‬
‫المصرية يوـ ‪ 02‬سبتمبر ‪ 1955‬متجيا نحو ميناء الناظور بالسواحؿ المغربية‪ ،‬وقد كانت‬
‫الشحنة مشكمة مف أسمحة مختمفة موجية لجيش التحرير الوطني والثمث الباقي لجيش التحرير‬
‫المغربي ‪.1‬‬
‫وقد اختير ىذا المركب لمقياـ بيذه الميمة حيث انطمؽ مف‬ ‫ديفاكس‪Dévex‬‬ ‫‪ -‬عممية اليخت‬
‫ميناء اإلسكندرية يوـ ‪ 06‬ماي ‪ 1956‬أيف أفرغت حصة المنطقة الشرقية في ميناء زوارة‬
‫الميبي‪ ،‬كما واصؿ المركب رحمتو باتجاه الغرب وتمكف مف إفراغ الشحنة بالقرب مف ميناء‬
‫سبتة عمى السواحؿ المغربية ‪.2‬‬
‫إف المخاب رات الفرنسية كانت تعمـ بدخوؿ المجاىديف إلى الج ازئر عبر الحدود‪...‬وفي‬
‫‪ 1957‬كاف في كؿ شير تجتاز الحدود التونسية الجزائرية ألؼ قطعة مف السالح تقريبا في‬
‫ففي أكتوبر ‪ ،1956‬بمغ عدد األسمحة‬ ‫‪،A.L.N‬‬ ‫طريقيا إلى الث وار " ‪ ،3‬والتي لـ تكف كافية لػ‬
‫المي ربة حوالي ‪ ،400‬وفي األشير التي تمت ذلؾ‪ ،‬انتقموا إلى ‪ ، 600‬ثـ ‪ ،700‬ليصموا إلى‬
‫‪ 1000‬في ماي ‪ 200( 1957‬إلى ‪ 300‬عبر الحدود المغربية ‪ ،‬و‪ 600‬إلى ‪ 1000‬عبر‬
‫الحدود التونسية) ‪ ،4‬وقدرت ىيئة األركاف الفرنسية حجـ انتقاؿ األسمحة مف المغرب في صيؼ‬
‫‪1956‬بػ ‪ 250‬قطعة شيريا ‪ ،5‬فالمساعدات في مجاؿ التسميح مف الدوؿ العربية كاف مصدرىا‬
‫األساسي مصر وسوريا ‪.6‬‬
‫وفي سنتي ‪ 1959‬و ‪ 1960‬وصمت كميات ىائمة مف األسمحة والتجيي زات العسكرية إلى‬
‫الدوؿ االشتراكية واإلتحاد السوفياتي‪،‬‬
‫الم وانئ في مصر وليبيا‪...‬وكانت ىذه األ سمحة مف ّ‬
‫وبشكؿ خاص الصيف الشعبية التي أرسمت ثالثة سفنا محممة برشاشات ومدافع ثقيمة مف‬

‫‪ - 1‬جبمي الطاىر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.439‬‬


‫‪ - 2‬د‪ .‬عبد الستار حسيف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.439‬‬
‫‪ - 3‬سامية بف فاطمة‪ ،‬سياسة األسالؾ الشائكة الفرنسية وانعكاساتيا عمى مسار الثورة التحريرية ‪ ،‬مجمة دفاتر المخبر‪ ،‬المجمد‬
‫‪ ،49‬العدد ‪ ، )1114( 14‬ص ‪( ، 59- 28‬ص‪.)81‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Charles-Robert Ageron, Un versant de la guerre d'Algérie…op.cit, p348.‬‬
‫‪ 5‬عبد اهلل مقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫‪ 6‬عبدالمالؾ بوعريوة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.166‬‬

‫]‪[67‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫مختمؼ العيا رات ‪ ،1‬عرفت عممية تمويؿ الثورة باألسمحة في الخارج عبر خطوط اإلمداد انطالقا‬
‫مف مصر ثـ ليبيا إلى غاية الحدود الجزائرية التونسية خالؿ فترة ‪ 4591- 4591‬حيث نقمت ما‬
‫يقارب ‪ 2500‬طف مف األسمحة والعتاد بمعدؿ ‪ 5‬إلى ‪ 6‬رحالت شيريا ‪.2‬‬
‫وأماـ ت زايد احتياجات جيش التحرير بالداخؿ إلى األسمحة والذخيرة قررت قيادة الثورة‬
‫ضرورة إنشاء مصانع ألنواع مف األسمحة لما يحتاجو جيش التحرير‪ ،‬وتمكنت الثوار بسرية‬
‫كبيرة مف تنفيذ المشروع وزعت ىذه المصانع فوؽ الت راب الغربي وكانت موجودة في األماكف‬
‫التالية ‪:3‬‬
‫‪ -‬تطواف ) ‪ ( 1958‬صناعة القنابؿ مف النوع اإلنجميزي و المتفجرات‪.‬‬
‫‪ -‬بوزنيقة ) ‪ ( 1959‬القنابؿ مف النوع األمريكي و البنجالور و السالح األبيض‪.‬‬
‫‪ -‬تمارة ) ‪ ( 1960‬صناعة الرشاشات الخفيفة ‪MAT 15‬‬
‫‪ -‬الصخيرات ) ‪ ( 1960‬صناعة مدافع الياوف – عيار ‪ 19‬والمتفجرات‪.‬‬
‫‪ -‬المحمدية ) ‪ ( 1960‬صناعة مدافع الياوف عيار‪ 81- 91‬والبنجالور واأللغاـ‪.‬‬
‫‪ -‬الدار البيضاء ) ‪ ( 1960‬صناعة البازوكات والرشاشات ‪ 15 MAT‬والمتفجرات واأللغاـ‬
‫والسالح األبيض‪.‬‬
‫‪ - 5‬اإلعالـ الثوري والدعاية المضادة‬

‫‪Patriote‬‬ ‫إف التجربة اإلعالمية لمحركة الوطنية وصوال إلى إصدار نشرية الوطني‬
‫مارس ‪ 1954‬لمجنة الثورية لموحدة والعمؿ ‪ C.R.U.A‬كانت أرضية ومرجعية لما جاء في نداء‬
‫نوفمبر ولمنشاط الصحفي لمثورة الج زائرية عموما‪ ،‬واف أوؿ وثيقة رسمية خدمت اإلعالـ الثوري‬
‫ىي نداء أوؿ نوفمبر ‪ .4‬كيؼ تمكنت جبية التحرير مف مواجية الدعاية الفرنسية ؟‬
‫لقد راحت الصحافة الفرنسية بمختمؼ اتجاىاتيا السياسية والحزبية تزرع الشؾ والريب‬
‫في نفوس الجزائرييف‪ ،‬وجردت أحداث نوفمبر مف مفيوـ الوطنية واالستقالؿ والحرية لتحوليا‬
‫إلى مجرد أعماؿ إرىابية ومؤامرة خارجية ولمرد عمى الدعاية الفرنسية اعتمدت جبية التح رير‬

‫‪ - 1‬جبمي الطاىر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.489‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.488‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.452‬‬
‫‪ - 4‬بف غميمة سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.161‬‬

‫]‪[68‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫الوطني عمى‪ - :‬اإلعالـ المباشر ‪ -‬الرسائؿ الفردية أو الخاصة ‪-‬المناشير المحمية ‪ -‬الوسائؿ‬
‫السمعية والبصرية ‪ -‬الجرائد‪.‬‬

‫وىذه الوسائؿ كانت أداة فعالة مدعمة العمؿ المسمح والدبموماسية‪ ،‬لقد اعتمد اإلعالـ‬
‫والدعاية لجبية التحرير عمى الصحافة المكتوبة والمسموعة ولجاف الدعاية ‪:‬‬

‫‪ -‬اإلعالـ المباشر يوجو لممواطنيف ف رادى أو جماعات وأثناء االجتماعات التي يعقدىا‬
‫المرشدوف السياسيوف في القرى والمداشر مع االعتماد عمى الجانب الديني كالدعوة إلى‬
‫الجياد (الحماس والتجييش)‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬الرسائؿ المكتوبة التي توجو إلى فئات معينة مف المجتمع الجزائري وىي‪:‬‬
‫‪ -‬المتعاونيف مع فرنسا‪ ،‬مف أجمؿ تحذيرىـ لما يقوموف بو وخطورتو عمى الثورة وعمى حياتيـ‬
‫‪ -‬الجنود المنضميف في صفوؼ الجيش الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -‬المعمريف‪ ،‬تطالبيـ بعدـ التعرض لممناضميف‪.‬‬
‫‪ -‬اإل عالـ الموجو مف الخارج‪ ،‬كانت إذاعة صوت العرب مف القاىرة تعمف بقوة عف اندالع‬
‫الثورة التح ري رية الجزائرية‪ ،‬وتسمع العالـ نشيد األح رار الج زائرييف << مف جبالنا طمع صوت‬
‫األحرار ينادينا إلى االستقالؿ>> كما قاـ ممثؿ الجبية بالقاىرة بأوؿ تعميؽ مف إذاعة صوت‬
‫العرب بعنواف << الثورة تنفجر في الجزائر >>‪ ،‬وأف إذاعتي القاىرة وتونس كانتا أولى‬
‫اإلذاعات الع ربية التي خصصت ب رامج محددة في فترات ثابتة إلذاعة أخبار الثورة‬
‫الج زائرية ‪ ،2‬ومف الب رامج اليومية نجد "ىنا وفد جبية التحرير الوطني يخاطبكـ مف القاىرة"‬
‫ولـ يتغير إلى غاية سبتمبر ‪ 1958‬بتأسيس ‪ GPRA‬ليتحوؿ إلى "ىنا صوت الجميورية‬
‫الج زائرية"‪ ،‬أما في تونس "صوت الج زائر المكافحة الشقيقة" ظير إلى غاية ربيع عاـ ‪،1957‬‬
‫و كاف برنامج يذاع ‪ 3‬مرات في األسبوع مدة ‪ 23‬دقيقة‪.‬‬

‫‪ - 1‬بف غميمة سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.161‬‬


‫‪ - 2‬حسف بومالي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫]‪[69‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫وكانت ىناؾ إذاعات لمدوؿ الصديقة تذيع أخبار الثورة الجزائرية بمغات متعددة‪ ،‬وفي‬
‫مقدمتيا إذاعة بودابيست السرية ‪ ،1‬باإلضافة اإلذاعات العربية التي سمحت لممثمي الجبية‬
‫ببث برامج صوت الجزائر منيا إذاعة دمشؽ وبغداد وبنغازي وطرابمس بميبيا‪.‬‬

‫لقد تمكنت الجبية مف إنشاء إذاعة متنقمة باأل راضي المغربية لمخاطبة الجزائرييف في‬
‫أوقات غير محددة وقصيرة حتى ال يتـ رصدىـ‪ ،‬وبدأت عممية البث في ‪ 61‬ديسمبر ‪،6591‬‬
‫صوت‬ ‫وكانت تداع تحت تسمية ‪ ،‬حيث انطمؽ صوت الج زائر المكافحة تحت شعار‪:‬‬
‫الج زائر الحرة المكافحة صوت جبية التح رير الوطني وجيش التحرير الوطني يخاطبيـ مف قمب‬
‫الج زائر ‪ ،‬ثـ أصبحت صوت الجميورية الج زائرية‪ ،‬ثـ أعيد بعث إذاعة الج زائر مف جديد وكاف‬
‫ذلؾ في ‪61‬جويمية عاـ ‪ 6595‬واختيرت الناضور مرك زا لإلذاعة الثورية ‪ ،2‬كما دعمت جبية‬
‫التحرير الوطني جيازىا اإلعالمي بإصدارىا صحيفتي‪:‬‬
‫‪ -‬المقاومة الج زائرية كانت لساف حاؿ جبية التحرير الجزائرية لمدفاع عف الشماؿ اإلفريقي‬
‫في أواخر أكتوب ر‪ 1955‬في العاصمة الفرنسية (با ريس) ثـ ظيرت بطبعتيا الثانية بالمغرب‬
‫أب ريؿ ‪ 1956‬ثـ الثالثة في تونس إلى غاية ‪ 15‬جويمية‪ ،1957‬العدد‪ - .19‬صحيفة‬
‫المجاىد ( المساف المركزي لجبية التحرير الوطني) ظيرت ألوؿ مرة كنشرة لمثورة في شير‬
‫ثـ بالم غرب إلى ‪ 5‬أوت‪ ،1957‬ثـ بتونس مف‬ ‫‪3‬‬
‫جواف ‪ 1956‬في الجزائر العاصمة‬
‫‪1‬نوفمبر‪ 1957‬إلى ‪.1962‬‬

‫‪ -‬تكويف و ازرة األخبار تتولى ميمة الدعاية واإلعالـ تصدر النشرة السياسية لمحكومة المؤقتة‬
‫وىي نصؼ شي رية بالمغتيف العربية والفرنسية وكانت توزع عمى نطاؽ السفا رات والصحفييف‬
‫المشتغميف باإلعالـ والسياسة ‪.4‬‬
‫باإلض افة إلى ج رائد المنظمات التابعة لجبية التحرير منيا ‪ :‬االتحاد العاـ لمعماؿ‬
‫الج زائرييف ‪ :‬جريدة العامؿ الج زائري‪ .‬االتحاد العاـ لمتجار الجزائرييف‪ :‬جريدة االقتصاد‬
‫الج زائري‪ ،‬كما استعممت جبية التح رير أداة المسرح لمتعريؼ بالقضية الجزائ رية وكونت فرقة‬

‫‪ - 1‬حسف بومالي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.52‬‬


‫‪ - 2‬بف غميمة سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.115‬‬
‫‪ - 3‬حسف بومالي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪ - 4‬بف غميمة سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫]‪[70‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫مصورة تابعة لجبية التحرير لنقؿ صور عف جيش التحرير‪ ،‬وتكويف فرقة كرة القدـ لجبية‬
‫التحرير الوطني والتي نشطت في مجاؿ التعريؼ بالقضية والدفاع عف األل واف الوطنية‪ ،‬كما‬
‫ظيرت نشريات عسكرية ودعائية عؿ مستوى المناطؽ (الواليات) الحربية‪:‬‬

‫‪ -‬المنطقة المستقمة ( العاصمة)‪ :‬صدى تيطري – نشرة الداخؿ‪.‬‬

‫‪ -‬الوالية األولى‪ :‬الوطني ‪.‬‬

‫‪ -‬الوالية الثانية‪ :‬الجبؿ‪.‬‬

‫‪ -‬الوالية الثالثة ‪ :‬الحقيقة‪ ،‬صوت المجاىد‪ ،‬المقاومة‪ ،‬صوت الجبؿ‪ ،‬نيضة الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬الوالية الرابعة ‪ :‬حرب العصابات‪ ،‬الثورة الجزائرية‪.‬‬

‫‪ -‬الوالية الخامسة ‪ :‬المستقبؿ‪ ،‬القتاؿ‪ ،‬رسالة الجزائر‪ ،‬الصدى العسكري‪.‬‬

‫‪ -‬الوالية السادسة ‪ :‬صدى الصحراء‪.‬‬

‫كما استعممت جبية التحرير أداة المسرح لمتعريؼ بالقضية الج زائرية حيث تأسست‬
‫الفرقة الفنية الوطنية في شير أفريؿ ‪ 5918‬بتونس لعبت فرقة المسرح الجزائري دو ار سياسيا‬
‫خدمة لمقضية الوطنية‪ ،‬ونظرا ألىمية الصورة وتأثيرىا كونت فرقة تابعة لجبية التح رير منذ‬
‫ديسمبر‪ 1956‬تمكنت خالؿ ‪ 1957‬مف نقؿ صور عف جيش التحرير‪ ،‬وتوج ىذا النشاط‬
‫الفني التحرري النضالي بتكويف فرقة كرة القدـ لجبية التحرير الوطني والتي نشطت في‬
‫مجاؿ التعريؼ بالقضية والدفاع عف األلواف الوطنية‪ ،‬كما أنشأت الوكالة الجزائرية لألنباء‬
‫‪ 1961‬ومكاتب اإلعالـ في الخارج أوؿ مكتب كاف بالقاىرة ‪ ،1955‬لجاف الدعاية‪،‬‬
‫واستعممت البعثات الديبموماسية لجبية التحرير المنابر الدولية لدحض الدعاية الفرنسية‪.‬‬

‫‪ - 6‬النشاط الثوري بالمدف‬

‫اعتمدت جبية التحرير في مواجية "االستعمار" الف رنسي عمى إ ستراتيجية إقحاـ الشعب‬
‫الج زائري في معادلة الصراع ‪ ،‬فالتحدث عمى مسألة اإلضرابات والمظاىرات كأد وات سياسية‬
‫استخدمتيا جبية التحرير في م واجيتيا المتعددة األوجو لالستعمار الفرنسي ىي قراءة‬

‫]‪[71‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫اجتماعية ‪-‬سياسية لدور المدينة في الثورة الجزائرية‪ ،‬وقد عرفت الج زائر أياـ الثورة التحريرية‬
‫عدة إضرابات منيا‪:‬‬

‫‪ -‬إضرابات العماؿ‪5 :‬جويمية‪15 – 1956‬أوت‪1 – 1956‬نوفمبر‪.1956‬‬

‫– إضراب الطمبة مف ‪19‬ماي‪ 1956‬إلى ‪22‬سبتمبر‪. 1957‬‬

‫‪ -‬اإلضراب العاـ (‪8‬أياـ) مف ‪28‬جانفي‪ 1957‬إلى ‪4‬فبراير‪ 1957‬لمساندة الجبية‪.‬‬

‫‪ -‬اإلضراب العاـ لمناىضة تقسيـ الجزائر ‪5‬جويمية ‪.1961‬‬

‫فيذه اإلضرابات في حد ذاتيا كانت عممية استفتاء بشكؿ غير مباشر تعكس مدى‬
‫تجنيد الشعب وراء الثورة‪ ،‬كما ىو إقحاـ لمشعب الجزائري كمو في الكفاح الجماعي‪ ،‬وتحريؾ‬
‫لمرأي العاـ في الداخؿ والخارج‪ ،‬كما أف نجاح اإلض رابات والمظاى رات ىو تأكيد واب راز عمى‬
‫أنيا ثورة شعبية‪.‬‬

‫واف أكبر إضراب عاـ أنجزتو جبية التحرير في الوقت الذي كانت المسألة الجزائرية‬
‫تناقش أماـ الجمعية العامة لألمـ المتحدة ىو إض راب (‪ 8‬أياـ) مف ‪28‬جانفي ‪ 1957‬إلى‬
‫‪4‬فبراير‪ 1957‬لمساندة الجبية ‪ ،‬ىذا اإلضراب توسع إلى ‪ 28‬منطقة حضرية أساسية‬
‫الشعب‪ ،‬وحرؽ مراحؿ‬ ‫بالجزائر‪ ،‬وكاف إض رابا انتفاضيا‪ ،‬داـ ثمانية أي اـ‪ ،‬نجح في تعبئة‬
‫المخطط الثوري‪ ،‬وانتقؿ مباشرة إلى مرحمة االنتفاضة العامة ‪ ،1‬بمغت نسبة اإلضراب ‪،%90‬‬
‫سواء في اإلدارة والمصالح العمومية الرسمية مثؿ البريد‪ ،‬والسكؾ الحديدية ومختمؼ أنواع‬
‫الم واصالت‪ ،‬أو في األسواؽ العامة‪ ،‬وحتى األوربيوف تممكيـ الذعر‪ ،‬فأحجم وا في أياـ‬
‫خالية مف المارة ‪.2‬‬ ‫اإلضراب عف الخروج إلى الشوارع‪ ،‬وأصبحت أحياؤىـ‬

‫أما بالنسبة لممظاىرات كانت مرحمة جديدة لمثورة التحريرية فيي عممية تصعيدية‬
‫لمنشاط الثوري داخؿ المدينة‪ ،‬فيي أداة مواجية سممية لمشارع الجزائري‪ ،‬واسماع صوت‬

‫‪1‬‬
‫‪- Philippe Tripier , Autopsie de la guerre de l’Algérie, op.cit, p128.‬‬

‫‪ - 2‬أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.169‬‬

‫]‪[72‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫الشعب الج زائري لمرأي العاـ العالمي‪ ،‬وقد عرفت الثورة التحريرية مظاىرات كثيرة منيا‬
‫مظاىرات عنيفة بمدينة تممساف ‪20‬يناير‪ 1956‬لما أغتيؿ الدكتور بف زرجب وتبعتيا‬
‫مظاىرات لممياجريف الج زائرييف في ‪09‬مارس‪ 1956‬ضد تصويت البرلماف الفرنسي عمى‬
‫السمطات الخاصة التي منحت لمسمطات العسكرية والمدنية الفرنسية بالجزائر‪.‬‬

‫أما المظاىرات التي كاف ليا وقع عمى تطور األحداث في الجائر وفي باريس والتي‬
‫كاف ليا تأثير مباشر عمى خضوع ف رنسا لمطالب الحكومة المؤقتة لمجميورية الجزائرية ‪،‬‬
‫والتي أعطت صورة لمعالـ عمى مدى إلتحاـ الشعب بجبيتو‪ ،‬منيا مظاى رات العماؿ‬
‫الج زائرييف في الميجر بقمب العاصمة الفرنسية يوـ ‪ 17‬أكتوبر‪ ،1961‬وقد سبقتيا داخؿ‬
‫مظاىرات ديسمبر‬ ‫الوطف أكبر مظاىرة عرفتيا الج زائر خالؿ الفترة الكولونيالية‪ ،‬وىي‪:‬‬
‫‪ 1960‬كانت نتيجة حتمية لفشؿ سياسات ديغوؿ المتنوعة ( سمـ الشجعاف – تقرير‬
‫المصير ‪ -‬مفاوضات موالف) ‪.‬‬

‫إف حيثيات مظاى رات ديسمبر‪ 1960‬تعود إلى الزيارة التي قاـ بيا ديغوؿ إلى الج زائر‬
‫واستمرت عدة أياـ بالمدف الداخمية بيدؼ عرض مشروع الجزائر‬ ‫في ‪9‬ديسمبر‪1960‬‬
‫جزائرية‪ ،‬وترتب عف ذلؾ ردود الفعؿ التالية‪:‬‬

‫‪ -‬مظاى رات الكولوف (األوروبيوف) يومي ‪ 9‬و‪ 10‬ديسمبر‪ 1960‬ضد مشروع ديغوؿ‬
‫(الجزائر فرنسية) والدفاع عف فكرة الجزائر فرنسية‪.‬‬

‫‪ -‬مظاىرات مضادة مف طرؼ الج زائرييف في ‪ 11‬ديسمبر ‪ 1960‬بتأطير وتنظيـ مف‬


‫جبية التحرير لممطالبة باستقالؿ الجزائر مع حمؿ شعار الجزائر مسممة‪ ،‬استمرت ىذه‬
‫المظاى رات إلى غاية ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1960‬حيث طمبت الحكومة الج زائرية المؤقتة ممثمة‬
‫في شخص فرحات عباس بضرورة توقيؼ المظاى رات التي حولتيا السمطات الكولونيالية‬
‫إلى مجازر‪ ،‬ومف نتائج المظاىرات‪:‬‬

‫‪ -‬مف الناحية السياسية‬

‫]‪[73‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ - 1‬شكمت ىذه المظاىرات استفتاءا غير مباشر لمشعب الجزائري حوؿ مسألتيف أساسيتيف‪:‬‬
‫‪ -‬مسألة التمثيؿ السياسي لمشعب الجزائري )‪ - .(F.L.N‬موقؼ الشعب الجزائري مف‬
‫مشروع ديغوؿ‪.‬‬
‫‪ - 2‬عودة النشاط الثوري إلى المدينة الجزائرية‪ ،‬وتخمص سكاف المدف مف عقدة الخوؼ التي‬
‫أصابتيـ نتيجة معركة الجزائر‪.1957‬‬
‫‪ - 3‬فشؿ مشروع القوة الثالثة (القوة الجزائرية الديمقراطية)‪.‬‬
‫‪ - 4‬انتصار القضية الجزائرية في المحافؿ الدولية عمى مستوى الجمعية العامة لألمـ المتحدة‪.‬‬
‫‪ - 5‬كسب القضية الجزائرية مساندة سياسية حتى في داخؿ الحمؼ األطمسي‪.‬‬
‫‪ -‬من الناحية االجتماعية‬
‫دخوؿ الجزائر في صراع اجتماعي بيف األوروبييف والمسمميف‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ - 2‬سقوط ضحايا بسبب المجازر التي حدثت في ىذه المظاىرات‪.‬‬

‫ب ‪ -‬النشاط الثوري لجبهة التحرير بفرنسا‬

‫منذ جانفي ‪ 1955‬بدأ االتصاؿ بيف ممثميف لودادية الج زائرييف بالميجر وجبية التحرير‬
‫الوطني‪ ،‬وكانت البداية بتأسيس الفد رالية في اجتماع لكسمبورغ في جانفي ‪ 6599‬مع محمد‬
‫بوضياؼ لمتعريؼ بجبية التحرير الوطني ومبادئيا وأىدافيا وأسسيا ‪ ،1‬حيث قسمت ف رنسا إلى‬
‫مناطؽ‪ :‬الشرؽ (ست راسبورغ) – الشماؿ (ليؿ) – الجنوب (ليوف ومرسيميا) ‪ -‬منطقة باريس ‪،‬‬
‫وقدر عدد الج زائرييف بفرنسا أثناء الثورة التحريرية ما يقارب ‪ 253‬ألؼ‪ ،‬وفي سنة ‪1957‬‬
‫كاف منخرطا منيـ في صفوؼ الجبية ‪ 23‬ألؼ فقط‪ ،‬وفي مارس ‪ 1961‬أصبح العدد‬
‫‪ 136345‬مف المناضميف والمتعاطفي ف ‪ ، 2‬باإلضافة إلى أكثر مف ‪ 4333‬امرأة يقمف‬
‫باالتصاؿ ونقؿ الوثائؽ‪.‬‬
‫‪ -‬األىمية السياسية ل فيدرالية جبية التحرير‬

‫‪ -‬احتواء وتنظيـ المياجريف الجزائرييف واقحاميـ في الصراع الدائر بيف جبية التحرير‬
‫(المصاليوف) ‪.‬‬ ‫‪M.N.A‬‬ ‫والحركة الوطنية الجزائرية‬

‫‪ - 1‬بف غميمة سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.681‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Ali Haroun, La 7 Wilaya : La guerre du FLN en France 1954-1962, Casbah Editions, Alger, 2005,‬‬
‫‪527 pages . p 60.‬‬

‫]‪[74‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ -‬إعداد الفيدرالية لتكوف أداة ضغط لمثورة داخؿ التراب الفرنسي‪.‬‬


‫الري‬
‫‪ -‬العمؿ عمى فضح ما يحدث في الج زائر مف جرائـ وتوعية العماؿ الفرنسييف لكسب أ‬
‫العاـ الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -‬األىمية التمويمية ل فيدرالية جبية التحرير بفرنسا‬

‫إف االنخ راط الواسع لممياجريف في صفوؼ فيدرالية الجبية يزيد بالتأكيد في الموارد‬
‫المالية لمثورة‪ ،‬كما يعطييا شرعية التمثيؿ في أوساط المياجريف ‪:‬‬

‫‪ -‬مساىمة المياجريف الج زائرييف عف طريؽ االشت راكات والتبرعات في تمويؿ الثورة‪ ،‬حيث‬
‫تمكنت فيدرالية الجبية مف تقديـ أكثر مف ‪ 17‬مميار فرنؾ فرنسي إلى جبية التحرير ما بين‬
‫‪ 1958‬و ‪ ،1961‬وما يؤكد ذلؾ أف مصادر تمويؿ جبية التح رير وجيش التحرير عند نياية‬
‫الثورة قد بمغ تقريبا ‪ % 81‬مف فيدرالية الجبية بفرنسا ‪.‬‬

‫‪ -‬تمكف مناضمو الفيدرالية مف تجنيد فرنسييف في شبكات سرية عرفوا بحاممي الحقائب لنقؿ‬
‫اشت راكات المياجريف إلى خارج ف رنسا وتسميميا لممثمي جبية التحرير‪ ،‬ومف أشير ىذه‬
‫الشبكات ‪:1‬‬

‫بباريس‪.‬‬ ‫‪Henri Curiel‬‬ ‫وىنري كيلاير‬ ‫‪Françis Jeanson‬‬ ‫أ ‪ -‬مجموعة فرنسيس جونسوف‬
‫وآنات ‪.‬‬ ‫‪Lyon‬‬ ‫بميوف‬ ‫‪Sylvain‬‬ ‫ب ‪ -‬سيمفاف‬
‫‪.‬‬ ‫‪Marseille‬‬ ‫بمرسيميا‬ ‫‪Annette Roger‬‬ ‫ت ‪ -‬روجي‬

‫األىمية العسكرية فيدرالية جبية التحرير بفرنسا‬ ‫‪-‬‬

‫تمكنت جبية التح رير مف تجنيد فدائييف في أوساط المياجريف الج زائرييف وا رساؿ‬
‫مجموعات مدربة مف عناصر جيش التحرير إلى ف رنسا وشكمت بيذا تنظيمات عسكرية قوية‬
‫ومدربة منيا‪ :‬المجموعات المسمحة ‪ -‬مجموعة الصداـ ‪ -‬المنظمة الخاصة‪.‬‬

‫ومف أشير العمؿ الثوري الفدائي باألراضي الفرنسية‪ ،‬منيا ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ali Haroun, op.cit. p 56.‬‬

‫]‪[75‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫لمفيدرالية (ال والية‬ ‫‪O.S‬‬ ‫‪ -‬أشير عممية قاـ بيا الشاب محمد صدوؽ مف المنظمة الخاصة‬
‫السابعة) بقتؿ المحامي عمي شكاؿ نائب رئيس الجمعية الجزائرية يوـ ‪11‬ماي‪ 6591‬بممعب‬
‫ببا ريس وىو بجانب رئيس الجميورية الفرنسية روني كوتي‬ ‫‪De Colombes‬‬ ‫دي كولومب‬
‫‪.1‬‬ ‫‪René Coty‬‬

‫‪ -‬تمكف الجناح العسكري لفيدرالية جبية التح رير بفرنسا مف القياـ بعدة تفجيرات تخ ريبية‬
‫بمختمؼ المدف الفرنسية وذلؾ منذ ‪19‬أوت ‪ ، 6598‬حيث تـ تنفيذ أكثر مف ‪ 91‬عمال‬
‫تخريبيا خالؿ شيريف‪.‬‬

‫‪ -‬التصفية الجسدية خاصة ضد الخونة‪ ،‬وحسب اإلحصائيات الفرنسية أنو تـ إغتياؿ ‪11‬‬
‫وجرح ‪ 611‬مف الشرطة الفرنسية والحركى عمى يد فدائيي فيدرالية الجبية بفرنسا ‪. 2‬‬

‫ج ‪ -‬مظاىرات ‪ 57‬أكتوبر ‪5965‬‬

‫لكسر قانوف حظر التجواؿ المفروض عمى الج زائرييف ببا ريس الذي قرره محافظ‬
‫منذ ‪19‬أكتوبر‪ ، 6516‬خرج المياجروف الج زائريوف‬ ‫‪Maurice Papon‬‬ ‫الشرطة موريس بابوف‬
‫يوـ ‪ 61‬أكتوبر‪ 6516‬لمتظاىر أماـ مرأى ومسمع العالـ في مسيرات طويمة وصامتة عبر‬
‫الش وارع الرئيسية لمعاصمة الفرنسية‪ ،‬ولكف واجييـ البوليس الفرنسي بعمميات إجرامية راح‬
‫ضحيتيا ما بيف ‪ 111‬و‪ 111‬جزائ ريا ما بيف مقتوؿ ومفقود‪ ،‬حتى أطمؽ عمى ما حدث ‪:‬‬
‫بمعركة باريس وجرائـ نير السيف ‪.La seine‬‬

‫وترتب عف ىذه المظاىرة ما يمي‪:‬‬

‫‪ -‬أثبتت جبية التحرير لم رأي العاـ الف رنسي والعالمي عمى قدرتيا عمى تحريؾ الشارع‬
‫بالمدف الفرنسية‪.‬‬
‫‪ -‬تأكد بيذه المظاىرة أف فيدرالية جبية التحرير ىي الممثؿ الفعمي لممياجريف الجزائرييف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ali Haroun, op.cit. p 86.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Marcel et Paulette Péju, Le 17 Octobre des Algériens, Editions Média-Plus, Constantine, 2012, 199‬‬
‫‪pages, p147.‬‬

‫]‪[76‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ -‬كشفت ج ريمة أكتوبر لمرأي العاـ الفرنسي والعالمي حقيقة وحشية وعنصرية النظاـ‬
‫الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -‬كسب تعاطؼ الكثير مف الفرنسييف خاصة المثقفيف ورجاؿ الكنيسة مع القضية الجزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬بينت جريمة أكتوبر لمفرنسييف اإلنسانييف ولمعالـ أف ما حدث بباريس ما ىو إال عينة مما‬
‫يعانيو الشعب الج زائري يوميا عمى أيدي مجرمي الحرب في القرى والمداشر والمدف‬
‫الجزائرية‪.‬‬

‫مقارنة بيف مظاىرتي ديسمبر وأكتوبر‬

‫‪ -‬سممية المظاىرتيف كؿ ما حممو المتظاىروف الفتات عمييا مطالب سياسية ‪.‬‬


‫‪ -‬مشاركة المرأة الجزائرية ‪.‬‬
‫‪ -‬استعماؿ جبية التحرير المدينة كمجاؿ لمنضاؿ الثوري ‪.‬‬
‫‪ -‬سقوط ضحايا عزؿ في المظاىرتيف ‪ 833‬شييدا في ديسمبر و‪ 433‬شييدا في أكتوبر‪.‬‬
‫‪ -‬شكمت ا لفتاة الجزائرية رم از لشيداء المظاىرات‪ :‬صميحة واثقي في ديسمبر‪ /‬فاطمة بدار‬
‫في أكتوبر‪.‬‬
‫‪ -‬جاءت مظاىرات ديسمبر ‪ 1963‬تتويجا لمعمؿ الفدائي المسمح بالمدف الجزائرية منذ‬
‫‪ ، 1956‬كما كانت مظاىرة أكتوبر ‪ 1961‬تتويجا لمعمؿ الفدائي المسمح بالمدف الف رنسية‬
‫منذ ‪.1958‬‬

‫]‪[77‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫المحور الرابع‪ :‬سياسات الحكومات الفرنسية حيال الثورة‬

‫كاف موقؼ السمطات الكولونيالية مف الثورة أم ار منتظ ار مف قبؿ قادة الثورة‪ ،‬وليذا تحروا‬
‫السرية والتمويو حتى تجاه مناضمي الحركة الوطنية عامة‪ ،‬فكانوا يدركوف جيدا أف عمميـ ال‬
‫تقابمو إال الشيادة أو النصر‪ ،‬وقد ذكروا ذلؾ في بياف نوفمبر بقوليـ ‪ " :‬أما نحف فنقدـ أغمى‬
‫ما نممؾ " لمثورة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬محاولة السمطات الفرنسية احتواء الثورة‬


‫راحت السمطات الكولونيالية كعادتيا القياـ بحمالت تفتيشية قيرية وقمعية في صفوؼ‬
‫مناضمي الحركة الوطنية‪ ،‬وأعطيت أوامر لمصالح األمف في مختمؼ أنحاء البالد فألقت‬
‫القبض خالؿ األ سبوع مف نوفمبر وحده عمى أكثر مف خمسمائة رجال مف مناضمي ومسؤولي‬
‫الحركة الوطنية وزجت بيـ في السجوف ‪ ،1‬وأصدرت مرسوـ بتا ريخ ‪ 35‬نوفمبر‪ 1954‬ونشر‬
‫عمى أعمدة الجريدة الرسمية التي تحمؿ التاريخ السابع مف نفس الشير يقضي بحؿ حركة‬
‫االنتصار الحريات الديم قراطية وكؿ المنظمات والييئات تابعة ليا وتحريـ نشاطيا في كافة‬
‫أنحاء التراب الجميورية الفرنسية بما في ذلؾ ما يسمى بعماالت الجزائر ‪.2‬‬

‫وعقدت الجمعية الوطنية الفرنسية جمسة استثنائية بتاريخ ‪ 12‬نوفمبر ‪ 1954‬خصصت‬


‫لمناقشة األحداث التي ىزت الج زائر‪ ،‬وبناء عمى ما تـ مناقشتو في الب رلماف الفرنسي‪ ،‬والدعـ‬
‫الذي لقيتو الحكومة منو بتعزيز الجياز العسكري وتوسيع اإلج راءات التي مف شأنيا تحقيؽ‬
‫التيدئة بمغت حصيمة القمع الفرنسي خالؿ شير نوفمبر وحده قتؿ أثنيف وأ ربعيف مجاىدا‬
‫واعتقاؿ ‪ 1200‬شخصا مشتبيا فيو‪ ،‬تعرضوا لعمميات تعذيب وحشية ‪ ،3‬ودائما بتاريخ ‪12‬‬
‫نوفمبر أصدر الحاكـ العاـ قرار حؽ المجوء إلى التسخير كما تـ إلغاء سير القطا رات في‬
‫الميؿ لتبدأ موجة قمع كبيرة شيدتيا الجزائر بيف نوفمبر وديسمبر ‪.4 1954‬‬

‫‪ - 1‬محمد العربي زبيري‪ ،‬الثورة في عاميا األوؿ‪ ،‬طبعة ‪ 1‬دار البعث‪ ،‬ص‪.96‬‬

‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.96‬‬

‫‪ - 3‬محمد سريج‪ ،‬الثورة‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.113‬‬


‫‪ - 4‬محمد قدور‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.411‬‬

‫]‪[78‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫إف رد فعؿ جميع المسؤوليف الف رنسييف اعتمد عمى استعماؿ القوة لقمع الثا ئريف والقاء‬
‫القبض عمى جميع المناضميف أينما كانوا‪ ،‬ففي نياية نوفمبر ‪ 1954‬تمكنت قوات الشرطة‬
‫الفرنسية مف سجف ‪ 753‬مناضال وفي نياية سنة ‪ 1954‬بمغ عدد المسجونيف ‪2333‬‬
‫مناضال‪. 1‬‬

‫أ ‪ -‬محاولة اإلصالحات‬
‫في ‪ 11‬يناير‪ 6599‬حاكما‬ ‫‪Jacque Emile Soustèlle‬‬ ‫سارعت باريس بتعييف سوستيؿ‬
‫عاما لمجزائر لمقيا ـ بإصالحات عاجمة الحت واء الوضع قبؿ فوات األواف‪ ،‬وليذا قدـ يوـ ‪15‬‬
‫فبراير ‪ 1955‬مشروعا ييدؼ بو لمحفاظ عمى الجزائر الفرنسية والقضاء عمى الثورة الج زائرية‬
‫بإبعاد النخب والسياسييف الجزائ رييف عنيا وخاصة فصؿ الطبقات الكادحة عف الثورة بتقديـ‬
‫ليـ المساعدات االقتصاد ية واالجتماعية‪ ،‬كما أنو بمجرد توليو مقاليد السمطة في الجزائر‬
‫‪.‬‬ ‫‪L’Intégration‬‬ ‫أعمف شعار اإلندماج‬
‫فور ‪Edgar Faure‬‬ ‫كما وافؽ نواب الجمعية الوطنية الفرنسية عمى إصالحات إدغار‬
‫يوـ ‪ 1955/06/21‬التي مف ضمنيا ‪ :‬اإل صالح الزراعي‪ ،‬رفع مستوى‬ ‫التي تقدـ بو‬
‫المعيشة‪ ،‬فصؿ الديف عف الدولة‪ ،‬المغة العربية إل زامية ورسمية‪ ،‬تمكيف المسمميف مف‬
‫الوظائؼ ‪...‬إلخ‪ ،‬يتضح مما سبؽ أف النواب الفرنسييف منذ بداية الثورة المسمحة‪ ،‬رفضوا‬
‫االعتراؼ بأف جوىر المشكمة سياسي ‪.2‬‬
‫ولكف إف اليجوـ الشماؿ القسنطيني ‪ 20‬أوت ‪ 1955‬قد غير كؿ المعطيات وأخمط كؿ‬
‫الحسابات الفرنسية‪ ،‬وا ثر ىذا الحدث الياـ‪ ،‬أصدرت كتمة ‪ 61‬المتكونة مف النواب الجزائ رييف‬
‫الموجوديف في الجمعية (مجمس ) الج زائرية والمستشاريف العاميف واإلدارييف عمى إثر‬
‫االجتماع الذي عقدتو يوـ ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1955‬في الجزائر أصدروا الئحة أعمن وا فييا‬
‫بصريح العبارة رفضيـ لإلصالحات الفرنسية في الجزائر‪ ،‬مطالبيف باالعت راؼ بالكياف‬
‫الج زائري وأف مفيوـ اإلدماج قد تجاوزتو األحداث‪ ،‬وأف الغالبية مف الج زائرييف تؤيد فكرة‬

‫‪ - 1‬عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.136‬‬

‫‪ - 2‬محمد سريج‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.119‬‬

‫]‪[79‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫الج زائر الوطنية ‪ ،1‬كما استقاؿ أغمبية المنتخبيف في الييئات المحمية والوطنية‪ ،‬استجابة لنداء‬
‫الجبية في ‪ 6‬ديسمبر‪.2 1955‬‬

‫ب ‪ -‬اإلجراءات األمنية‬

‫أصدرت و ازرة الداخمية الفرنسية بيانا في ‪ 19‬مارس ‪ 1955‬لمتضييؽ عمى الثورة ومنع‬
‫تحركات جيش التح رير تعمف فيو حالة الطوارئ ومف جممة إجراءاتو النفي واإلقامة الجب رية‪،‬‬
‫تفتيش المنازؿ ليال ونيارا‪ ،‬م راقبة الصحافة واحالؿ القضاء العسكري محؿ القضاء المدني ‪،3‬‬
‫وىذا القانوف أصبح ساري المفعوؿ ابتداء مف ‪ 3‬أفريؿ ‪ 6599‬ويطبؽ لمدة ستة أشير قابمة‬
‫لمتجديد حسب مرسوـ ‪ 06‬أفريؿ ‪ 1955‬في مقاطعات األوراس وتيزي ‪-‬وزو‪ ،‬باتنة وتبسة‪ ،‬ثـ‬
‫الترب الجزائري بقرار ‪ 28‬أوت ‪ 6599‬بعد ىجومات جيش‬
‫وسعت حالة الط وارىء إلى كامؿ ا‬
‫التحرير بالشماؿ القسنطيني في ‪11‬أوت‪.6599‬‬

‫وقد أعطى ىذا القانوف لمسمطات الكولونيالية حؽ تطبيؽ سياسة التعسؼ والتوقيؼ‬
‫الجماعي والعقوبات الجماعية ‪ ،‬ولفصؿ سكاف ال ريؼ عف جيش التحرير تـ إنشاء المحتشدات‬
‫اإلجبارية التي جمع فيو أكثر مف ‪ 1‬مميوف جزائري تحت رحمة إدارة عسكرية المعروفة‬
‫بمصالح اإلدارة المتخصصة )‪ (S.A.S‬بموجب قرار ‪ 26‬سبتمبر ‪.6599‬‬

‫كما كمؼ جاؾ سوستاؿ مدير ديوانو الرائد المستشرؽ ‪-‬المستعرب فنساف مونتاي‬
‫باالتصاؿ بعدد مف الوطنييف مف أمثاؿ فرحات عباس وعبد الرحمف كي واف‬ ‫‪Vincent Monteil‬‬

‫وبف خدة وموالي مرباح والشيخ خير الديف وغيرىـ مف الجزائرييف بيدؼ إقناعيـ بمشروعو‬
‫الرامي إلى إنشاء قوة ثالثة معتدلة‪ ،‬وىو ما كاف يخفي في طياتو النية االستعمارية المبيتة في‬
‫عزؿ الثورة سياسيا قبؿ الشروع في تدميرىا بكؿ ما كانت تتيحو آلة الدمار العسكرية‬
‫االستعمارية ‪.4‬‬

‫‪ - 1‬محمد سريج‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.112‬‬


‫‪ -‬محمد عباس‪ ،‬الثورة الجزائرية‪ ،... ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.148‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ - 3‬محمد قدور‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.411‬‬


‫‪ - 4‬عبد النور خيثر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.143‬‬

‫]‪[80‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫مف طرؼ‬ ‫‪Guy Mollet‬‬ ‫إف إعطاء السمطات الخاصة لحكومة االشت راكييف غي مولي‬
‫المجمس الوطني الفرنسي في‪ 11‬أو ‪17‬مارس‪ ، 1956‬وىذا القانوف قد أطمؽ يد التعسؼ‬
‫الكوست‪Robert Lacoste‬‬ ‫واإلبادة في حؽ الشعب الجزائري‪ ،‬وفي ‪11‬فب راير‪ 6591‬عيف‬
‫خميفة لسوستيؿ‪ ،‬ومف اجؿ إتماـ مشروعو االندماجي اقترح إلغاء الحكومة العامة وحؿ‬
‫الجمعية الج زائرية (المجمس الجزائري) يوـ ‪ 11‬أبريؿ ‪ ، 1956‬وتعويضيما بو ازرة الجزائر‬
‫بباريس والغاء البمديات المختمطة‪،‬‬
‫ولكسب م واقؼ سكاف المدف أنشأ القسـ االنتخابي الموحد بموجب قانوف ‪ 19‬فب راير‬
‫‪ ،6598‬كما منح مرسوـ جويمية ‪ 6598‬لمم رأة الجزائرية حؽ االنتخاب‪ ،‬ورغـ ىذه‬
‫اإلصالحات اإلغرائية إال أف الشعب الج زائري ألتؼ حوؿ الجبية وتحققت بذلؾ مقولة الجبية‬
‫ىي الشعب والشعب ىو الجبية‪.‬‬

‫‪ - 2‬ردود الفعل ال عسكرية الفرنسية لمقضاء عمى الثورة‬

‫اعتقدت السمطات الفرنسية إمكانية القضاء عمى الثورة باالعتماد عمى الحؿ العسكري‬
‫حيث منحت لموزير المقيـ سمطات استثنائية ىامة لتمكينو مف اتخاذ اإلجراءات المناسبة‬
‫الستعادة األمف وحماية األشخاص والممتمكات ومراقبة الت راب الج زائري‪ ،‬تطبيقا لممرسوـ‬
‫رقـ ‪ 274/56‬الصادر يوـ ‪17‬مارس‪.1 1956‬‬
‫سارعت السمطات الفرنسية منذ ‪ 05‬نوفمبر بإرساؿ عدد كبير مف المجنديف إلى الجزائر‬
‫‪1954‬‬ ‫ليبمغ في فيفري ‪ 1955‬حوالي ‪ 83000‬بعدما كاف في حدود ‪ 56‬ألؼ في سنة‬
‫‪Georges‬‬ ‫لتتبعيـ بتعييف أكثر القادة العسكرييف صالبة وخبرة مثؿ الجن راؿ غاستوف بارالنج‬
‫‪2‬‬
‫‪ Parlange‬الذي ُعّي ف عمى رأس القيادة الموحدة لمعمميات العسك رية والمدنية في األوراس‬
‫النمامشة‪ ،‬وقد تأكد ىذا لما لجأ "المستعمر" كعادتو إلى تكديس جنوده با لريؼ الجزائري ‪،‬‬
‫لضرب الثورة بالقوة‪ ،‬حيث ارتفع عدد قواتو مف ‪ 611111‬في مارس ‪ 6591‬إلى ‪111111‬‬

‫‪ - 1‬محمد سريج‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.139‬‬


‫‪ - 2‬محمد قدور‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.445‬‬

‫]‪[81‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫في أوؿ جواف ‪ 1 6591‬إال أنو لـ يتمكف مف القضاء عمى الثورة التحريرية في ميدىا‪ ،‬ثـ‬
‫ارتفع تعداد قواتو في سبتمبر ‪ 6591‬ليصؿ إلى ‪ 111‬ألؼ‪.‬‬

‫وأماـ تزايد مطالب العسكرييف الفرنسييف عمى المزيد مف المجنديف تـ تمديد مدة الخدمة‬
‫العسكرية إلى ‪ 11‬شي را‪ ،‬وردا عمى ذلؾ عرفت با ريس في ‪66‬سبتمبر‪ 6591‬أوؿ مظاىرة‬
‫لممجنديف رافضيف الذىاب إلى الج زائر‪ ،‬وىذا كاف بداية لتنامي الرفض ليذه الحرب في‬
‫أوساط النخبة والمثقفيف الفرنسييف وحتى في أوساط الشعب الفرنسي‪.‬‬

‫لقد تزايدت عمميات القمع والبطش مف المدنييف والثار منيـ خاصة بعد تنصيب روبير‬
‫حاكما عمى الج زائر في ‪ 09‬فيفري‪ 1956‬خمفا لسوستاؿ‪ ،‬وأماـ تصاعد قوة‬ ‫‪Lacoste‬‬ ‫الكوست‬
‫الثورة وانتشارىا بدأت تعبئة المجنديف في الميتروبوؿ وارساليـ إلى الجزائر حتى بمغ عددىـ‬
‫في شير أوت ‪ 1957‬ستمائة ألؼ جنديا و ‪ 175‬ألؼ ما بيف شرطة ودرؾ وحرس متنقؿ‬
‫وسرايا الجميورية لألمف‪ ،‬و‪ 95‬ألؼ مف القوات المساعدة إلى جانب تسميح المستوطنيف في‬
‫األرياؼ والمدف وثمث سالح الطي راف ونصؼ قواتيا البح رية موجود في الجزائر‪ ،‬وعميو فعدد‬
‫القوات البرية وصؿ إلى ‪ 870‬ألؼ وسيقفز إلى مميوف وأ ربعمائة ألؼ عند وقؼ إطالؽ‬
‫النار ‪ 2‬في ‪18‬مارس‪.1962‬‬
‫‪- 3‬خطا موريس وشال‬
‫لتطويؽ الثورة عسكريا وعزؿ جيش التحرير بالداخؿ وقطع اإلمدادات عميو مف الخارج‬
‫قاـ الجيش الفرنسي بإنجاز ما يعرؼ باألسالؾ المكيربة‪ ،‬وتعود فكرة ىذه السدود لمجنراؿ‬
‫فانكسيـ ‪( Vanuxem‬قائد منطقة الشرؽ القسنطيني) الذي نقميا مف اليند الصينية ووافؽ عمييا‬
‫‪ ،3‬الذي اقترح إنجاز خط مكيرب بالحدود الغربية‬ ‫‪André Morice‬‬ ‫وزير الحرب أندريو موريس‬
‫والشرقية نياية سنة ‪ 1956‬ـ وبداية سنة ‪ 1957‬ـ‪ ،‬بعد عرضو عمى البرلماف الفرنسي الذي‬
‫صادؽ عميو ‪ ، 4‬والذي سيحمؿ اسمو‪ ،‬وبدأت عممية إنجاز الخط األوؿ في نوفمبر ‪1956‬‬

‫‪ - 1‬أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.616‬‬

‫‪ - 2‬محمد سريج‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.135‬‬


‫‪3‬‬
‫‪- Charles-Robert Ageron, Un versant de la guerre..., op.cit, p350.‬‬

‫‪ - 4‬سامية بف فاطمة‪ ،‬سياسة األسالؾ الشائكة الفرنسية وانعكاساتيا‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.81‬‬

‫]‪[82‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫بالحدود ا لمغربية‪ ،‬أما الثاني بالحدود الشرقية بدأ في ديسمبر ‪ ،1957‬ثـ دعـ بخط آخر‬
‫منذ ماي ‪.1958‬‬ ‫‪Maurice Challe‬‬ ‫عرؼ بخط شاؿ‬
‫ويمكف أف ندرؾ أىمية الحدود الشرقية بالنسبة لمعدو الفرنسي مف خالؿ األسباب الثالثة‬
‫التي كانت وراء إنشاء خط موريس وىي‪:‬‬
‫‪ -‬منع دخوؿ األسمحة والذخيرة مف الخارج إلى المقاتميف في الداخؿ‪.‬‬
‫‪ -‬عزؿ قيادة الثورة في الخارج عف الداخؿ ‪.‬‬
‫‪ -‬حماية المصالح االقتصادية الفرنسية الحيوية المنتشرة عمى طوؿ الحدود الشرقية الشركات‬
‫المنجمية‪ ،‬طرؽ المواصالت‪ ،‬والثروة الزراعية كالكروـ والحوامض ‪.1‬‬
‫وتـ بناء ىذه السدود في وقت واحد ت قر ًيبا في الغرب والشرؽ‪ ،‬وبدأ السد عمى الحدود‬
‫المغ ربية في نوفمبر ‪ 6591‬مف البحر بيف بورساي (مرسى بف مييدي) ومغنية عمى شكؿ‬
‫سياج مف األسالؾ الشائكة غير م كيرب‪ ،‬أصبح سد القصور في عاـ ‪ ،6591‬ثـ في‬
‫‪ 6595- 6591‬امتد مف البحر إلى الصحراء بطوؿ ‪ 127‬كـ ‪ ،‬تتخممو أعمدة رادا رات ‪-‬‬
‫مدافع ‪ ،‬معززة بسياج مكيرب ‪.2‬‬

‫أما عممية إنجاز السد الشرقي‪ ،‬المعروؼ بخط موريس‪ ،‬في جويمية ‪ 1957‬وامتد‬
‫لمسافة ‪ 463‬كـ بيف عنابة وتبسة‪ .‬تـ تعزيزه بواسطة مضاعفة المسار األولي في األماكف‬
‫األكثر حساسية ‪ ،3‬ثـ فبادر شاؿ (القائد العاـ لمقوات الب رية في الجزائر ) إلى تكممة مشروع‬
‫موريس المكيرب‪ ،‬وقاـ بتدعيـ الخط األوؿ بخط ثاف وذلؾ في نياية سنة ‪ 1958‬وبداية‬
‫‪ 1959‬وقد نسب إليو الخط وأطمؽ عميو اسـ" خط شاؿ" ‪ ،4‬إذف تـ االنتياء مف وضع‬
‫المخططات في شير أكتوبر ‪ ،5 1959‬ومجموع طوؿ الخطوط المحصنة بالحدود التونسية‬
‫والمغربية‪ ،‬بمغ طوليا رسمياً ‪ 2633‬كـ ‪.6‬‬

‫‪ - 1‬جبمي الطاىر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.494‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Charles-Robert Ageron, Un versant de la guerre..., op.cit, p349.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Ibid.p350.‬‬
‫‪ - 4‬سامية بف فاطمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪ - 5‬سامية بف فاطمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫‪6‬‬
‫‪- Charles-Robert Ageron, Un versant de la guerre..., op.cit, p350.‬‬
‫]‪[83‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫يتكوف خط موريس مف أسالؾ شائكة وخيوط وأعمدة‪ ،‬بيا تيار كيربائي تتراوح طاقتو‬
‫ما بيف ‪ 5000‬و‪ 7000‬فولطا‪ ،‬بعرض يتراوح مابيف ‪ 06‬إلى ‪ 12‬ـ‪ ،‬زرعت أرضيتو بألغاـ‬
‫مختمفة األحجاـ الفردية منيا والجماعية‪ ،‬وضعت ىذه األلغاـ عمى طوؿ األسالؾ بمعدؿ ‪50‬‬
‫ألؼ لغـ في كؿ ‪ 20‬كـ‪ ،‬وكانت األسالؾ متصمة بم راكز لممراقبة‪ ،‬كما كاف الخط أيضا‬
‫مزودا مف الجانبيف باأللغاـ واألسالؾ الشائكة أما م اركز المراقبة فإنيا أقيمت عمى طوؿ‬
‫الخط وىي محصنة تبعد عف بعضيا البعض بكيمومتريف ونصؼ‪ ،‬وكانت الطاقة االستيعابية‬
‫لكؿ مركز مف ‪ 100‬إلى ‪ 300‬مزوديف بالمدافع والبنادؽ الرشاشة‪ ،‬ومدافع الياوف عيار ‪40‬‬
‫و ‪ ، 75‬ومدافع ‪ ، 105‬وتشديدا في الرقابة تـ تعزيز الخط بالدبابات والمصفحات التي كانت‬
‫ونيار دوف توقؼ‪ ،‬عمى تزويد ىذه الخطوط بأجيزة ال رادار القادرة عمى التقاط أدنى‬
‫ا‬ ‫تنتقؿ ليال‬
‫حركة عبر الخطوط ‪.1‬‬
‫شكؿ خطا موريس وشاؿ جبية قتالية جديدة أعاقت حركة جيش التحرير عند عبور‬
‫الحدود الشرقية والغربية وانعكس ذلؾ عمى تقمص نشاطو العممياتي كما أثر ذلؾ بشكؿ كبير‬
‫عمى عممية تزويد جيش التح رير بالمناطؽ الداخمية بالسالح والذخيرة والجنود المدربيف‪،‬‬
‫وكانت محاوالت كثيرة لمعبور بشف حماالت عس كرية واسعة في مواجية خط موريس في ربيع‬
‫‪ 1958‬كانت ليا خسائر جسيمة‪ ،‬وتعد معركة سوؽ أىراس نموذجا لذلؾ الفشؿ الذي كمؼ‬
‫جيش التحرير بضعة أالؼ مف الشيداء في الفترة الممتدة مف يناير إلى ماي‪.2 1958‬‬
‫كما عرفت منطقة الجنوب الغربي أي المنطقة الثامنة لم والية الخامسة محاولة عبور‬
‫لثالثة فيالؽ لجيش التحرير انتيت بما يعرؼ بمعركة مزي أياـ ‪ 6- 4‬ماي ‪ 4851‬استشيد‬
‫تعرض جيش التحرير الوطنيمف قبؿ إلى فقداف ‪6000‬‬ ‫ّ‬ ‫فييا أ زيد مف ‪ 421‬شييدا‪ ،‬وقد‬
‫مجاىدا خالؿ ثالثة أشير مف أفريؿ إلى جواف ‪ 1958‬إثر عمميات العبور ‪.3‬‬
‫‪ - 4‬إستراتيجية ديغول لمقضاء عمى الثورة‬
‫إف وصوؿ الجن راؿ ديغوؿ إلى السمطة في فرنسا يوـ ‪ 43‬ماي ‪ 4598‬بضغط مف‬
‫الكولوف والجيش الفرنسي في الجزائر بعد تساقط الحكومات الفرنسية ودخوؿ فرنسا في حالة‬

‫‪ - 1‬سامية بف فاطمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.83‬‬


‫‪ - 2‬عبد النور خيثر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.181‬‬
‫‪ - 3‬جبمي الطاىر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.483‬‬

‫]‪[84‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫عدـ االستقرار السياسي بسبب الثورة التح ري رية غير كثي ار مف المعطيات في القضية‬
‫الج زائرية‪ ،‬ولم واجية الوضع في الج زائر اعتمد ديغوؿ عمى خطة متعددة المحاور واألىداؼ‬
‫لكسب الج زائرييف والكولوف في آف واحد فتداخمت ىذه اإلستراتيجية الديغولية بيف الترغيب‬
‫والترىيب‪ ،‬وكانت مكونة مف ‪:‬‬
‫– الخطة العسك رية – اإلصالحات االقتصادية ‪-‬االجتماعية ‪ -‬محاوالت االحتواء‬
‫السياسي‪.‬‬
‫أ ‪ -‬الخطة العسكرية‬

‫إف أوؿ ما قاـ بو الجنراؿ ديغوؿ ىو القياـ بزيارة إلى الجزائر في جواف ‪ 8591‬واجتمع‬
‫مع القادة العسكرييف‪ ،‬وتـ وضع خطة عسكرية محكمة تحت قيادة الجنراؿ شاؿ واختيرت‬
‫منطقة أكفادو بالصوماـ مرك از لقيادة العمميات ‪ ،‬وحددت الخطة العسكرية التي سميت بخطة‬
‫شاؿ لمدة ‪ 5‬أشير مف ‪ 6‬فبراير ‪ 8595‬ولكف امتدت أبريؿ‪ 8568‬ىدفيا خنؽ المناطؽ‬
‫الجبمية ومحاصرة المناطؽ المحظورة ممجأ المجاىديف الواحدة تمو األخرى مف الغرب إلى‬
‫الشرؽ انطالقا مف الوالية الخامسة إلى الرابعة والثالثة والثانية واألولى بتمشيط كؿ كتمة جبمية‬
‫بعمميات عسكرية حشدت ليا أكثر مف ‪ 040444‬جندي ا لمقضاء كميا عمى جيش التحرير في‬
‫الداخؿ‪ ،‬واعتمدت في ذلؾ عمى األساليب التالية‪:‬‬

‫‪ -‬التكثيؼ مف عمميات فصؿ الشعب عف جيش التحرير بترحيؿ سكاف القرى والمداشر إلى‬
‫المحتشدات ولقد استمرت ىذه السياسة طيمة حرب التحرير‪ ،‬إذ أف أوؿ عممية كانت في ‪21‬‬
‫نوفمبر ‪ 1954‬باألوراس والنمامشة وآخر عممية وقعت في ماي ‪ 1961‬بدائرة البيض وطيمة‬
‫ىذه المدة لـ تتوقؼ ىذه العمميات ‪ ،1‬حيث اشتدت العممية بناء عمى التعميمة الصادرة في‬
‫‪ 18‬مارس ‪ : 8595‬في غضوف أشير قميمة‪ ،‬تكثؼ تيجير السكاف وسرعاف ما تجاوز معدؿ‬
‫‪ ، 8591‬وجاءت تعميمة ثانية في ‪59‬ماي‪ 8564‬الخاصة بإعادة تجميع سكاف ‪ 8444‬قرية‬
‫ب إضفاء الشرعية عمى تكثيؼ عمميات التيجير القسري لسنتي(‪ ،)8564- 8595‬وقد جمع‬

‫‪ - 1‬رشيد زبير‪ ،‬ج ارئـ فرنسا اال ستعمارية في الوالية الرابعة ‪،1962/1956‬الطبعة ‪ ، 2‬دار الحكمة‪ ،‬الجزائر‪ ،2312 ،‬ص‬
‫‪.253‬‬
‫]‪[85‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫في المحتشدات ما يقارب ‪ 5‬مميوف مف سكاف الريؼ بغرض عزليـ عف جيش التحرير ‪.‬‬
‫– إنشاء المناطؽ المحرمة‪ ،‬وىو أسموب ابتكر في أواخر ‪ 1956‬ويتعمؽ األمر بالمناطؽ‬
‫التي تراىا السمطات العسكرية الفرنسية إستراتيجية بالنسبة لمثورة (المجاىدوف) لما توفره مف‬
‫ممجأ وسيولة لالتصاؿ بالشعب ‪.1‬‬
‫‪ -‬إقامة خط مكيرب ثاني مزود بالرادارات والمدافع عرؼ بخط شاؿ عمى الحدود الشرقية‬
‫والغربية تدعيما لخط موريس‪.‬‬
‫‪ -‬االعتقاالت الجماعية المصحوبة باالستنطاؽ‪.‬‬
‫‪ -‬القياـ بعمميات عسكرية تمشيطية واسعة شاركت فييا كؿ األسمحة منيا‪:‬‬
‫بالمنطقة الوىرانية (الغرب) ‪ 6‬فبراير ‪-‬مارس‪. 8595‬‬ ‫‪Couronne‬‬ ‫* الطوؽ‬
‫بمنطقة الوسط أبريؿ ‪-‬جواف ‪. 8595‬‬ ‫‪Courroie‬‬ ‫* الحزاـ‬
‫بمنطقة الحضنة ‪ 85- 9‬جويمية‪. 8595‬‬ ‫‪Etincelle‬‬ ‫* الش اررة‬
‫بمنطقة القبائؿ الكبرى ‪ 55‬جويمية ‪. 8595‬‬ ‫‪Jumelles‬‬ ‫* المنظار‬
‫* األحجار الكريمة ‪ Pierres Précieuses‬بالشماؿ القسنطينة سبتمبر ‪.8595‬‬

‫كما قامت السمطات الفرنسية بشتى الوسائؿ ضرب جيش التحرير بمحاولة اختراقو‬
‫بدس العمالء والخ ونة في صفوفو‪ ،‬وكذلؾ تشويو صورتو بالدعاية واالتيامات والدسائس‬
‫والدعـ العسكري لمخونة والحركات المناوئة لجبية التحرير‪ ،‬مثؿ‪:‬‬
‫(اسمو الحقيقي بمحاج الجياللي عبد القادر عضو سابؽ في‬ ‫‪Kobus‬‬ ‫‪ -‬قضية كوبيس‬
‫المنظمة الخاصة) الذي تعاوف مع المخابرات الفرنسية وشكؿ قوات عسكرية مضادة لجيش‬
‫التحرير بمنطقة ‪.Orleanville‬‬
‫تمكف المخابرات الفرنسية مف دس عناصر جسوسة في صفوؼ‬ ‫‪Les Bleuiètes‬‬ ‫‪ -‬الزرؽ‬
‫جيش التحرير بمنطقة القبائؿ لمقضا ء عمى قادة جيش التحرير بالمنطقة وخمؽ الفتنة ونشر‬
‫الشؾ في صفوفو‪ ،‬ولكف تمكنت قيادة المنطقة مف احتواء ىؤالء المندسيف وتنفيذ خطة‬
‫مضادة (االختراؽ المتبادؿ – موقؼ عميروش) ‪.‬‬

‫‪ - 1‬إب ارىيـ طاس‪ ،‬السياسة الفرنسية في الجزائر وانعكاساتيا عمى الثورة ‪ ، 1962/1956‬دار اليدى لمطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،2313 ،‬ص‪.126‬‬

‫]‪[86‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ -‬تحوؿ قوات بمونيس التي كانت تنشط باسـ الحركة الوطنية الجزائرية ‪ M.N.A‬إلى حميؼ‬
‫لمجيش الفرنسي وارتمى في أحضاف المخابرات الفرنسية والجيش الفرنسي ودعموه بالماؿ‬
‫والسالح لمواجية جيش التحرير الوطني‪.‬‬

‫وإلفشاؿ الخطط العسكرية الفرنسية قاـ جيش التحرير الوطني بتطبيؽ إستراتيجية ثورية‬
‫شاممة يمكننا إيجازىا فيما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬تغيير منيجية العمؿ العسكري باالعتماد عمى حرب العصابات وتفكيؾ وحداتو الجيش‬
‫الكبرى واالعتماد العمميات الخاطفة‪.‬‬
‫‪ -‬نقؿ العمؿ العسكري إلى األراضي الفرنسية منذ ‪25‬جويمية‪. 1958‬‬

‫ب ‪ -‬اإلستراتيجية االقتصادية ‪-‬االجتماعية‬

‫أعمف ديغوؿ عف إستراتيجيتو االقتصادية بعد أف أُكد لو أف الفقر والخصاصة والبطالة‬


‫ىي أسباب الثورة واذا ما عولجت ىذه األمور وحسنت حياة الناس ستفشؿ الثورة وتنيار‪،‬‬
‫لمجزئر ابتداء مف‪ 2‬إلى غاية ‪ 5‬أكتوبر ‪ 1958‬ومف‬
‫ا‬ ‫فأعمف عف ىذا المخطط خالؿ زيارتو‬
‫أجؿ ذلؾ تـ اعتماد غالؼ مالي سنة ‪ 1959‬قدره ‪ 242‬مميار فرن ؾ قديـ ليرتفع في سنة‬
‫‪ 1963‬إلى ‪ 326‬مميار ‪ ،1‬أثناء زيارتو لمدينة قسنطينة‪ ،‬في خطاب لو يوـ ‪03‬اكتوبر‪1958‬‬
‫لخص فيو الخطوط العريضة لخطة تنموية اقتصادية لمدة ‪5‬سنوات والتي حممت اسـ مشروع‬
‫‪ -‬خمؽ ‪ 400‬ألؼ‬ ‫قسنطينة الذي يقوـ عمى‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫منصب شغؿ جديد خالؿ ‪5‬سنوات ‪. 1963- 1959‬‬
‫المساواة في األجور ما بيف العماؿ في الجزائر والمتروبوؿ‪.‬‬
‫‪ -‬تمدرس ‪( 3/2‬ثمثي) األطفاؿ الذيف ىـ في سف الدراسة‪ ،‬وعشية استقالؿ الجزائر‪ ،‬كاف ما‬
‫يقارب مف ‪ 750.000‬مسمما في المدارس الفرنسية‪ ،‬أي حوالي ‪ ٪40‬مف األوالد في سف‬
‫اميا‬
‫الدرسة‪ ،‬فكانت خطة التمدرس ذات أىداؼ طموحة حيث تيدؼ إلى جعؿ التعميـ إلز ً‬
‫ا‬

‫‪ - 1‬سمير بف سعدي‪ ،‬جيود الفرؽ اإلدارية المختصة في تطبيؽ مشروع قسنطينة ‪ :1962- 1958‬زمورة بالشرؽ الجزائري‬
‫أنموذجا‪ ،‬المجمة التاريخية الجزائرية‪ ،‬المجمد ‪ 35‬العدد ‪ ،)2321( 31‬ص ‪( 747-733‬ص‪.)736‬‬

‫]‪[87‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫عاما ‪. 1‬‬
‫لجميع األطفاؿ دوف سف ‪ً 14‬‬
‫‪ -‬توزيع ‪ 250‬ألؼ ىكتار مف األراضي عمى ‪ 15‬ألؼ عائمة مف الفالحيف الفقراء‪،‬‬
‫فاالستثمارات المخصصة لمزراعة ‪ % 18.7‬أقؿ مف التي خصصت لمصناعة ‪. %31.9‬‬
‫‪ -‬بناء ‪ 200‬ألؼ سكنا جديدا إليواء مميوف شخص ‪.2‬‬

‫عمى إثر اإلعال ف عف مشروع قسنطينة‪ ،‬صدرت مراسيـ تنفيذية لو منيا المرسوـ رقـ‬
‫‪ 580328‬المؤرخ في ‪ 31‬أكتوبر ‪ 1958‬والمرسوـ ‪ 580233‬الصادر المؤرخ في ‪16‬‬
‫ديسمبر ‪ 3 1958‬وشرع في تنفيذ ىذا المخطط الخماسي بإنجاز عدة مشاريع اقتصادية‬
‫واجتماعية منيا‪:‬‬
‫‪ -‬إقامة مصانع لمفوالذ والمنتجات الكيماوية في المناطؽ الساحمية ‪.‬‬
‫‪ -‬استغالؿ موارد البالد ووضعيا تحت تصرؼ الشركات الرأسمالية األجنبية الستغالليا‬
‫وتنشيط عمميات التنقيب عف البتروؿ في الصحراء الجزائرية‪ ،‬لدعـ االقتصاد الفرنسي‬
‫المتضرر مف الثورة الجزائرية ‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء قطبيف صناعييف الحديد والصمب بعنابة والغاز السائؿ بأرزيو ‪.‬‬
‫– تطوير الصناعة الخفي فة أوكؿ تمويميا إلى القطاع الخاص كاف أىميا صناعة األغذية‪،‬‬
‫النسيج ومواد البناء ‪.‬‬
‫‪ -‬دمج اال قتصاد الجزائري في االقتصاد الفرنسي‪.‬‬

‫ولكسب ثقة الجزائ رييف منحت ليـ مناصب في اإلدا رات العسك رية والمدنية في فرنسا‬
‫ساميف في الجيش الف رنسي‪ ،‬ومنحت رخص ومحاالت تجارية‬ ‫وتـ تعييف ضباط ج زائرييف‬
‫لبعض الجزائرييف‪ ،‬كما شجعت الشباب عمى تكويف فرؽ رياضية واستغالليا لمناىضة الثورة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Stéphane Lembré, « L’enseignement technique industriel en Algérie : projets et enjeux (1900-‬‬
‫‪1958) », Artefact, 3 | 2016, 83-96.(p89).‬‬

‫‪ - 2‬سمير بف سعدي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.737‬‬

‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.737‬‬

‫]‪[88‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫ج ‪ -‬محاوالت االحتواء السياسي‬


‫قاـ ديغوؿ بحؿ كؿ مؤسسات الجميورية ال رابعة واإلعالف عف تأسيس الجميورية‬
‫الخامسة بعد االستفتاء الذي أج راه عمى الدستور في ‪ 51‬سبتمبر‪ 8591‬وبعد شي ريف ثـ‬
‫انتخابو رئيسا لمجمي ورية في ‪ 58‬ديسمبر‪ ، 8591‬وفي ىذه الفترة االنتقالية التي تعرؼ فييا‬
‫فرنسا تغيرات سياسية جذرية قدـ ديغوؿ في ندوة صحفية اقتراحا لجبية التحرير الوطني‬
‫في‪ 51‬أكتوبر‪ 8591‬عرؼ بسمـ الشجعاف‪ ،‬الذي رفضو الطرؼ الجزائري‪ ،‬ثـ حاوؿ في‬
‫‪14‬جانفي‪ 8595‬تجديد فكرة السمـ "الديغولي" المربوط بوضع السالح والحوار بيف الجانبيف‪.‬‬

‫ولكف فشؿ ديغوؿ في تحقيؽ أىدافو األساسية مما دفعو إلى اإلعالف عف فكرة حؽ‬
‫تقرير المصير لسكاف الجزائر في ‪ ،1959/09/16‬وطرح ثالثة خيارات‪:‬‬

‫يترتب عنو اقتطاع مناطؽ مف الج زائر تخصص‬ ‫االنفصاؿ‪La sécession‬‬ ‫‪-‬‬
‫لألوروبييف مع استحواذ فرنسا عمى ثروات المحروقات‪.‬‬

‫عمى أف تكوف المساواة في‬ ‫‪L’intégration et La Francisation‬‬ ‫– االندماج والفرنسة‬


‫كؿ الحقوؽ بيف سكاف الميتروبوؿ وسكاف الجزائر‪.‬‬

‫والمقصود بو أف تكوف العالقة بيف فرنسا والجزائر عمى شكؿ‬ ‫اإلشراؾ‪L’association‬‬ ‫–‬
‫النظاـ الفيدرالي‪.‬‬

‫‪ << Echo‬الجنراؿ ديغوؿ يطمب مف‬ ‫الجزائر‪d’Alger‬‬ ‫وحسب م ا جاء في جريدة صدى‬
‫الجزائرييف بعد ‪ 4‬سنوات مف عودة اليدوء والسمـ باختيار مف بيف ثالثة حموؿ>> ‪.1‬‬
‫ومف األسباب التي دفعت ديغوؿ إلى ىذا التحوؿ السياسي‪:‬‬
‫‪ -‬فشؿ كؿ المشاريع الديغولية العسكرية واالقتصادية الحتواء وتطويؽ الثورة‪.‬‬
‫‪ -‬نقؿ جبية التحرير العمميات الفدائية إلى التراب الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -‬ارتفاع تكاليؼ الحرب عمى الميزانية الفرنسية‪.‬‬
‫الظروؼ‪:‬‬
‫‪ -‬االعتراؼ الدولي المتصاعد بالحكومة المؤقتة لمجميورية الجزائرية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Echo d’Alger, le 17/39/19590‬‬
‫]‪[89‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ -‬تغيير النظاـ السياسي بفرنسا باإلطاحة بالجميورية الرابعة وقياـ الجميورية الخامسة‪- .‬‬
‫عرض القضية الجزائرية في الد ورة العادية لمجمعية العامة لألمـ المتحدة‪.‬‬
‫‪ -‬االستقالؿ المتزايد لمشعوب اإلفريقية‪.‬‬

‫وإلنجاح فكرة تق رير المصير عمى الط ريقة الديغولية بدأ منذ نوفمبر‪ 1959‬البحث عمى‬
‫الدعـ والمساندة مف الج زائرييف لمشروع تأسيس حزب كبير وىو حزب التقدـ الج زائري ليكوف‬
‫القوة الثالثة في الجزائر لمواجية جبية التحرير الوطني والحركة الوطنية الجزائ رية‪ ،‬كما‬
‫قامت القوة الفرنسية المعادية لفكرة تق رير المصير ومشاريع تقسيـ الج زائر والمفاوضات مع‬
‫مف تأسيس ما عرؼ بجبية الجزائر‬ ‫جبية التحرير بدفع بعض الج زائرييف الم واليف لفرنسا‬
‫بقيادة الباشاغا بوعالـ لمدفاع عف فكرة الجزائر‬ ‫‪Front de l’Algérie française‬‬ ‫الفرنسية‬
‫الفرنسية‪.‬‬

‫‪ - 5‬مشاريع تقسيم الجزائر‬

‫أما بالنسبة لمسألة تقسيـ الجزائر ‪ ،‬فإف المشاريع تختمؼ مف شخص آلخر‪ ،‬فكر برنار‬
‫في تقسيـ الجزائر إلى ثالث مناطؽ حكـ ذاتي سيشكؿ اتحادىا‬ ‫دوفور‪Bernard Dufour‬‬

‫"الجزائر الفرنسية" ‪ ،‬وىي منطقة تابعة لمجميورية‪ ،‬لكنيا المركزية إلى حد كبير ‪: 1‬‬
‫‪ -‬المنطقة األولى (المنطقة الساحمية) ستضـ معظـ سكاف أوروبا‪.‬‬
‫‪ -‬المنطقة الثانية تتكوف مف منطقة القبائؿ بسبب "خصوصيتيا"‪ .‬ستدير نفسيا مف خالؿ‬
‫نوع مف المجالس البمدية حيث األوروبيوف الذيف يشكموف ‪ 2‬إلى ‪ ٪ 3‬مف السكاف ‪ ،‬سيتـ‬
‫تمثيميـ كذلؾ ‪.‬‬
‫تطورا" تحت إدارة‬
‫فقر واألقؿ ً‬
‫‪ -‬المنطقة الثالثة تشمؿ بقية البالد ىذا ىو الجزء "األكثر ً ا‬
‫السكاف األصمييف‪.‬‬

‫مع مجموعة مف النواب‬ ‫‪MM Hersant‬‬ ‫أما ما أقترحو النائب البرلماني لمحزب الراديكالي‬
‫الفرنسية يوـ ‪ 01‬أب ريؿ‪، 1957‬‬ ‫‪Le Monde‬‬ ‫والذي أطمؽ عميو مشروع ىارسف ونشر في جريدة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Benhamouda kamel-Eddine, La question du partage de l’Algérie pendant la guerre d’indépendance‬‬
‫‪Quotidien EL Watan, 05 JUILLET 2008.‬‬

‫]‪[90‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫يقوـ عمى تقسيـ الجزائر إلى مقاطعة فرنسية واقميميف يتمتعاف بالحكـ الذاتي ‪:‬‬
‫‪ -‬منطقة يشكؿ فييا السكاف المسمموف األغم بية الساحقة‪ :‬ىذه المنطقة ىي قسنطينة أو‬
‫جميورية قسنطينة المتمتعة بالحكـ الذاتي التي تضـ ‪ 4.400.000‬مسمما و ‪100.000‬‬
‫أوروبيا مف مقاطعات قسنطينة وعنابة وباتنة وسطيؼ‪ ،‬وجزئيا مف تيزي وزو والمدية‪.‬‬

‫‪ -‬منطقة تممساف‪ ،‬أو إقميـ تممساف المتمتع بالحكـ الذاتي (مقاطعة تممساف وجزء مف دائرة‬
‫نظر لطابعيا الخاص وسكانيا المسمموف عمى وجو الحصر تقر ًيبا‪ ،‬يجب‬
‫عيف تموشنت) ‪ ً ،‬ا‬
‫أف تستفيد مف وضع خاص‪.‬‬

‫‪ -‬أما بالنسبة لمقاطعة الج زائر العاصمة ‪ -‬ووىراف ‪ ،‬فبسبب االستيطاف الفرنسي الكبير ‪،‬‬
‫نطالب بإصدار قانوف نيائي لالندماج في حاضرة "الوطف األـ"‪.‬‬

‫مزدوج ا ضد التقسيـ وا لصحراء‬


‫ً‬ ‫ىجوما‬
‫ً‬ ‫ولمرد عمى ىذه المشا ريع نظمت جبية التحرير‬
‫الج زائرية مظاىرات ‪5‬جويمية‪ ،1961‬تسببت االضطرابات في سقوط العديد مف الضحايا‪:‬‬
‫يحا ‪.1‬‬
‫‪ 18‬قتيال و‪ 91‬جر ً‬

‫ورغـ رفض الج زائرييف واألوروبييف لممشاريع التي يراد منيا تفتيت الجزائر إال أف بعض‬
‫‪Alain‬‬ ‫السيا سييف بالمتروبوؿ واصموا في الدفاع عف فكرة التقسيـ مف أمثاؿ نائب الفرنسييف‬
‫‪Le‬‬ ‫الذي قدـ اقتراحاتو حوؿ موضوع تقسيـ الجزائر ونشر مشروعو في ج ريدة‬ ‫‪Peyrefitte‬‬

‫في نياية سبتمبر سنة‪ ، 1961‬كما استقبمو الرئيس الفرنسي شارؿ ديغوؿ في‬ ‫‪Monde‬‬

‫‪19‬نوفمبر‪ 1961‬لدراسة مقترحو الذي كاف موافقا لما كانت تدعو إليو األوساط اإلسرائيمية‬
‫عمى لساف وزراء الكياف الصييوني بف جريوف أثناء لقائو بديغوؿ في ‪35‬جواف‪ ،1961‬الذي‬
‫طرح فكرة تقسيـ الجزائر عمى شاكمة تقسيـ فمسطيف‪.‬‬

‫‪ -‬محاولة فصؿ الصحراء‬

‫‪1‬‬
‫‪- Philippe Herreman, Le Monde Publié le 04 juillet 1961 .‬‬

‫]‪[91‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫حاولت السمطة االستعمارية منذ أف ثبتت إدارتيا بالمناطؽ الصحراوية قطع ىذا‬
‫اإلرتباط‪ ،‬وذلؾ بتقسيـ الصحراء إلى ما يعرؼ بأقاليـ الجنوب‪ ،‬واخضاعيا إلى منظومة‬
‫قان ونية خاصة تمييدا لفصميا نيائيا عف المناطؽ الشمالية‪.‬‬

‫وتنفيذا لتمؾ اإلست راتيجية قامت السمطة الكولونيالية بإ نشاء أقاليـ الجنوب الج زائري‬
‫بقوانيف ‪ 11‬ديسمبر‪ 6511‬و‪ 11‬ديسمبر‪ ، 6511‬لتكوف ليـ ميزانية مستقمة ومنفصمة عف‬
‫ميزانية عماالت الشماؿ‪ ،‬وأسست إدارة أقاليـ الجنوب بموجب مرسوـ ‪61‬أوت‪6519‬ـ المتعمؽ‬
‫بالتنظيـ اإلداري والعسكري‪ ،‬وبموجب ىذا القانوف تـ إنشاء ‪ 1‬أقاليـ ‪ :‬العيف الصفراء ػ‬
‫غرداية ػ ال واحات ػ توقرت‪ ،‬وكؿ إقميـ قسـ إلى بمديات مختمطة أو أنديجاف‪ ،‬قُ ّسـ الجنوب‬
‫الج زائري إلى أربعة أقاليـ‪ ،‬عمى رأس كؿ واحد منيا قائد أعمى برتبة رائد وكؿ إقميـ ُمقسـ إلى‬
‫سيرىا ضابط ‪.1‬‬
‫وممحقات ‪ ، Annexes‬وك ّؿ ممحقة مجزئة إلى مراكز عسكرية ُي ّ‬ ‫‪Cercles‬‬ ‫دوائر‬

‫وبذلؾ تحققت ليذه األقاليـ الشخصية المدنية واالستقاللية المالية واإلدارية عف شماؿ البالد‪،‬‬
‫ووضعت ىذه األقاليـ تحت السمطة المباشرة لمحاكـ العاـ ‪.‬‬

‫ومع صدور القانوف الخاص بالج زائر في ‪ 11‬سبتمبر‪ 6511‬تـ إلغاء النظاـ الخاص‬
‫ألقاليـ الجنوب واعادة ربط الجنوب بالشماؿ‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 91‬مف ىذا القانوف ‪<<:‬أف‬
‫النظاـ الخاص ألقاليـ الجنوب ىو ممغى>> وبذلؾ ألغي مرسوـ ‪11‬ديسمبر‪ ،6511‬واعتبرت‬
‫ىذه األقاليـ عماالت وأف مي از نيتيا ستدمج ضمف مي زانية الجزائر ابتداء مف ‪16‬جانفي‪، 6518‬‬
‫ولكف تنظيـ ىذه العماالت لـ يطبؽ وبقيت إدارة أقاليـ الجنوب تحت الحكـ العسكري‪.‬‬

‫ومع اندالع الثورة التحري رية أصبحت مسألة فصؿ الصح راء مف أولويات فرنسا خاصة‬
‫تـ اكتشاؼ البتروؿ ألوؿ مرة في الصح راء في يناير ‪ 5916‬في منطقة عيف أميناس‪ ،‬وأما‬
‫أكبر حقؿ بترولي أكتشؼ بحاسي مسعود في جواف ‪ ،5916‬وكاف قبؿ ذلؾ اكتشؼ الغاز‬
‫بعيف صالح في عاـ ‪ ،5914‬وىذا ما عجؿ بتقديـ مشروع قانوف في جويمية ‪ 5916‬خاص‬

‫‪ - 1‬برشاف محمد‪"،‬ا لتنظيـ اإلداري في الجنوب الوىراني إباف االحتالؿ ( ‪ ،")6511 – 6511‬مجمة الخمدونية‪ ،‬كمية العموـ‬

‫اإلنسانية جامعة تيارت‪ ،‬عدد ‪ ،15‬جواف ‪.1161‬ص‪.681 .‬‬

‫]‪[92‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ ،‬وتـ التصويت عمى النص‬ ‫‪Guy Mollet‬‬ ‫ب الصح راء إلى مجمس الوزراء في حكومة غي مولي‬
‫القانوني في ‪ 09‬ديسمبر ‪ ،5916‬وُنشر في الجريدة الرسمية بتاريخ ‪ 52‬يناير ‪، 5917‬‬
‫ويشكؿ ىذا القانوف ميثاؽ المنظمة المشتركة لممناطؽ الصحراوية ‪.1 O.C.R.S‬‬

‫إف قانوف ‪ 11- 91‬المؤرخ في ‪61‬جانفي‪ 6591‬نص عمى إنشاء المنظمة المشتركة‬
‫التي تتكوف مف صح راء الج زائر وصحاري كؿ الدوؿ المجاورة‬ ‫‪O.C.R.S‬‬ ‫لألقاليـ الصح راوية‬
‫مونوري‪Bourgès-Maunoury‬‬ ‫لمج زائر‪ ،‬وفي ‪ 50‬جواف‪ 5917‬قرر رئيس المجمس بورجيس‬
‫ليجوف ‪Max‬‬ ‫إنشاء "وزارة لمصحراء" بموجب مرسوـ ‪ ، ،161- 91‬وعيد بالميمة إلى ماكس‬
‫‪ 2‬الذي عيف وزي ار لمصحراء بمرسوـ ‪61‬جواف‪.6591‬‬ ‫‪Lejeune‬‬

‫جمعت وزارة الصح راء ص الحيات و ازرة الجزائر والحكومة العامة فيما يتعمؽ باألقاليـ‬
‫الجنوبية‪ ،‬والتي تـ تحويميا بعد ذلؾ إلى إدارتيف صح راويتيف‪ ،‬وتـ تعييف وزير الصحراء‬
‫‪ ،3‬أما مرسوـ ‪ 511- 91‬الصادر في ‪1‬أوت‪ 6591‬المتعمؽ‬ ‫‪l'O. C. R. S‬‬ ‫كمندوب عاـ لػ‬
‫بالتنظيـ اإلداري ألقاليـ الجنوب المنضوية ف ي المنظمة المشتركة لممناطؽ الصحراوية‪ ،‬ففي‬
‫مادتو‪ 16‬نص عمى أف أقميـ الجنوب الجزائري تقسـ إلى عمالتيف ‪ :‬الواحات والساورة ‪.‬‬

‫وإلحباط ىذه الم ؤامرة االستعما رية كاف عمى جبية التحرير الوطني اإلسراع في تنفيذ‬
‫است راتيجية مضادة بدأتيا بما يعرؼ بمعارؾ العرؽ الغ ربي الكبير‪ ،‬وىي كؿ المعارؾ التي‬
‫جرت بالمنطقة بيف ‪ 15‬اكتوبر‪ 1957‬والى غاية ‪ ،1962‬وأشيرىا‪:‬‬

‫‪ -‬انتفاضة حاسي صاكة‪1957/10/15 :‬‬

‫‪ -‬معركة حاسي تاسمغة مف ‪ 03‬إلى ‪ 06‬نوفمبر ‪.1956‬‬

‫‪ -‬معركة حاسي غامبو ‪21‬نوفمبر ‪.1957‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Lattre J.M. Sahara, clé de voûte de l'ensemble eurafricain français. (p345) In: Politique étrangère‬‬
‫‪N°4 - 1957 - 22e année pp. 345-389.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-. Ibid, p 345.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- LOUVE L. Jean-Marie , ANNE XE N° 23 SAHARA Rapporteur spécial :, N° 66 SENA T 1re SESSION‬‬
‫‪ORDINAIRE DE 1959-1960.pp 1-41, Paris.(p3) — Imprimerie des Journaux officiels, 26, rue Desaix.‬‬

‫]‪[93‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ -‬معركة حاسي عمي‪1957/12/07‬‬

‫كما تمكنت جبية التحرير مف فتح جبية عسكرية جديدة لجيش التحرير بشماؿ مالي‬
‫سنة ‪ ، 1960‬كما قامت بنفس التنظيـ بأقصى الجنوب الشرقي لمجزائر بمنطقة اليقار‪ ،‬وىذا‬
‫استعدادا لمقياـ بعمميات عسكرية تثبت لمعالـ أف الثورة التح ري رية منتشرة في كؿ شبر مف‬
‫أرض الجزائر‪ ،‬ولتدعيـ م واقؼ المفاوض الجزائري أعمنت يوـ األ ربعاء ‪ 05‬جويمية ‪1961‬‬
‫بمظاىرات شعبية‬ ‫يوما وطنيا ضد التقسيـ ‪ ،1‬وكذلؾ بطمب مف الجبية قاـ سكاف مدينة ورقمة‬
‫عارمة يوـ ‪ 07‬فبراير ‪ 5960‬مناىضة لسياسة االستعمار الفرنسي حوؿ الصحراء‬
‫الجزائرية‪ ،‬وكانت ىذه الحركة آخر مسمار دؽ في نعش سياسة فصؿ الصحراء‪.‬‬

‫المحور الخامس ‪ :‬المفاوضات وتقرير المصير‬

‫إف أىـ ما يميز المرحمة الثانية لمثورة بعد مؤتمر الصوماـ ‪ 1956‬ىو العمؿ التنظيمي‬
‫لمؤسسات جبية التحرير خاصة لما تـ طرحو أثناء عقد دورة عادية لممجمس الوطني لمثورة‬
‫الج زائرية في القاىرة ما بيف ‪ 20‬و ‪28‬أوت‪ ، 1957‬حيث تـ فيو إعادة النظر في كثير مف‬
‫المسائؿ الحساسة منيا تركيبة المجمس الوطني ولجنة التنسيؽ ووسع المجمس إلى ‪ 54‬عضوا‬
‫ولجنة التنسيؽ ‪ 14‬عض وا‪ ،‬كما ألغى مبدأ أسبقية الداخؿ عمى الخارج‪ ،‬أما مبدأ أسبقية‬
‫السياسي عمى العسكري أولوه بشكؿ يتماشى مع تطور الثورة‪ ،‬كما درست مسألة التمثيؿ‬
‫السياسي والديبموماسي لمجبية أماـ المجتمع الدولي‪.‬‬

‫‪ - 1‬النشاط الديبموماسي لمحكومة المؤقتة‬

‫ومع تطور األحداث في ف رنسا والج زائر وتنفيذا لق اررات المجمس الوطني لمثورة‪ ،‬في‬
‫اجتماعو الذي عقد بالقاىرة مف ‪ 22‬إلى ‪ 28‬أوت ‪ ، 1957‬كما أكد ذلؾ مؤتمر طنجة –‬
‫الذي عقده حزب االستقالؿ المغربي ‪ ،‬وحزب الدستور التونسي‪ ،‬وجبية التحرير الوطني‪ ،‬مف‬
‫‪ 27‬إلى ‪ 30‬أبريؿ ‪ - 1958‬حيث أوصى‪ << :‬بعد التشاور مع الحكومتيف التونسية‬

‫‪ - 1‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المفاوضات بيف الحكومة ‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.482‬‬

‫]‪[94‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫والمراكشية بخمؽ حكومة ج زائرية >> ‪1‬وليذا قرر قادة الثورة الممثميف في لجنة التنسيؽ والتنفيذ‬
‫بعد مشاورات إنشاء حكومة مؤقتة تكوف ممثمة لجبية التحرير الوطني ولمشعب الجزائري‪.‬‬

‫ترأس فرحات عباس الحكومة المؤقتة لمجميورية الجزائرية‪ ،‬والذي أعمف عنيا يوـ‬
‫‪26‬سبتمبر‪ 1958‬في البياف التالي ‪ <<:‬بسـ اهلل الرحمف الرحيـ‪ .‬باسـ الشعب الج زائري‪ .‬نظ ار‬
‫لمسمطات التي خوليا المجمس الوطني لمثورة الج زائرية إلى لجنة التنسيؽ والتنفيذ) الئحة أوت‬
‫‪ (6591‬فإف لجنة التنسيؽ والتنفيذ قد قررت تكويف حكومة مؤقتة لمجميورية الجزائرية وىي‬
‫مسؤولة أماـ المجمس الوطني لمثورة الج زائرية وىي تباشر مسؤولياتيا ابتداء مف ىذا اليوـ‬
‫الجمعة ‪ 1‬ربيع األوؿ ‪6118‬ىػ الم وافؽ ليوـ ‪ 65‬سبتمبر ‪ 6598‬عمى الساعة الواحدة بعد الزواؿ‬
‫بتوقيت الجزائر>> ‪ ،2‬ىذا اإلعالف تـ باسـ الشعب الذي يكافح منذ أربع سنوات مف أجؿ‬
‫االستقالؿ‪ ،‬والذي يعيد بناء الدولة الجزائ رية التي طمسيا الغزو الف رنسي سنة ‪ 1830‬وبكؿ‬
‫عنؼ وبدوف حؽ أزاحيا مف الخريطة السياسية لشماؿ إفريقيا‪ ،‬كما أعمف عف التشكيمة‬
‫بالقاىرة بحضور كثيؼ مف الصحافة الدولية ودعـ‬ ‫الكنتيننتاؿ ‪Continental‬‬ ‫الحكومية بفندؽ‬
‫مف الحكومة المصرية ‪.3‬‬

‫إف إنشاء الحكومة المؤقتة ييدؼ إلى تحديد الص راع بيف دولتيف متحاربتيف واإلضفاء‬
‫عمى الص راع خاصية الحرب مع جميع النتائج القانونية التي تتبعيا وخاصة تطبيؽ‬
‫االتفا قيات الدولية المتعمقة بقانوف الحرب‪ ،‬ومف جية فإف مف األسباب األساسية المبررة‬
‫إلنشاء الحكومة المؤقتة ىو تفنيد اإلدعاءات الفرنسية القائمة بعدـ وجود محاور شرعي مف‬
‫طرؼ الجبية‪ ،‬فاإلعالف عف حكومة‪...‬أعطى مظي ار ليس شرعيا فقط ولكف قانونيا ‪ 4‬لجبية‬
‫التحرير الوطني‪.‬‬

‫‪ - 1‬أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.190‬‬

‫‪ - 2‬بف غميمة سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.111‬‬


‫‪ - 3‬مصطفى ىشماوي‪ ،‬جذور نوفمبر ‪ 1954‬في الجزائر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪113‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Philippe Tripier, Autopsie de la guerre de l’Algérie, op.cit, p83.‬‬

‫]‪[95‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫إف ى ذا التطور السياسي لمثورة الفريد مف نوعو قد وضع فرنسا في مأزؽ سياسي أماـ‬
‫الرأي العاـ الدولي حيث وجدت نفسيا أماـ إشكالية قانونية غير منتظرة‪ ،‬حيث انتقمت جبية‬
‫التحرير مف حركة ثورية إلى دولة تدافع عف تحرير أراضييا مما جعميا مف الناحية القانونية‬
‫شخص مف أشخاص المجتمع الدولي يحتاج إلى االعتراؼ والمساندة لتحقيؽ السيادة‪.‬‬

‫إف تأسيس الحكومة المؤقتة أعطى إضافة جديدة لمؤسسات الثورة حيث أصبحت ثالث‬
‫مؤسسة لجبية التحرير الوطني أنشأتيا أثناء الثورة‪ ،‬وىي مسؤولة أماـ المجمس الوطني‬
‫لمثورة‪ ،‬فاإلعالف عف الحكومة المؤقتة قمب م وا زيف القوة السياسية حيث أصبحت الديبموماسية‬
‫الج زائرية تتمتع بشرعية دولية خاصة بعد موجة االعت رافات الدولية بيا‪ ،‬حيث أنو في نفس‬
‫اليوـ مف اإلعالف عف ميالد الحكومة المؤقتة الجزائرية‪ ،‬اعترفت بيا مجموعة مف الدوؿ‬
‫والحكومات الع ربية واإلسالمية أوليا باكستاف وليبيا والجمي ورية العربية المتحدة‪ ،‬الع راؽ‪ ،‬اليمف‬
‫والمغرب‪ ،‬ثـ تمتيا مجموعة مف الدوؿ األخرى بداية مف اليوـ الموالي ‪ ،1‬وكانت االعت رافات‬
‫تتسارع كؿ يوـ‪ ،‬ونذكر منيا‪:‬‬
‫‪ 19 -‬سبتمبر‪ :‬تونس‪ ،‬المغرب‪ ،‬ليبيا‪ ،‬العراؽ‪.‬‬
‫‪ 20 -‬سبتمبر‪ :‬السعودية‪ ،‬األردف ‪.‬‬
‫‪ 21 -‬سبتمبر‪ :‬الجميورية العربية المتحدة‪ ،‬اليمف ‪.‬‬
‫‪ 22 -‬سبتمبر‪ :‬الصيف‪ ،‬السوداف ‪.‬‬
‫‪ 25 -‬سبتمبر‪ :‬كوريا الشمالية ‪.‬‬
‫‪ 26 -‬سبتمبر‪ :‬الفيتناـ ‪.‬‬
‫‪ 27 -‬سبتمبر‪ :‬أندنوسيا ‪.‬‬

‫وبدأ يتزايد التضامف والتفاعؿ مع القضية الج زائرية في كؿ المحافؿ الدولية‪ ،‬حيث جعؿ‬
‫يوـ ‪ 11‬مارس ‪ 6598‬مف طرؼ الدوؿ اإلفريقية واآلسيوية يوـ التضامف العالم ي مع الجزائر‬
‫المجاىدة ‪ ،2‬كما حققت الحكومة المؤقتة نجاحا نسبيا سجمتو باألمـ المتحدة حيث سجؿ قرار‬
‫يدعو إلى االعتراؼ بحؽ الشعب الجزائري في االستقالؿ ما بيف سبتمبر ‪-‬ديسمبر‪.1958‬‬

‫‪ - 1‬بف غميمة سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.116‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.161‬‬

‫]‪[96‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ - 2‬المفاوضات الجزائرية ‪-‬الفرنسية‬

‫أكدت جبية التحرير الوطني‪ ،‬منذ ندائيا األوؿ في أوؿ ت شريف الثاني‪/‬نوفمبر ‪، 1954‬‬
‫عمى إرادتيا بالتفاوض‪ ...‬وىكذا‪ ،‬لـ تخفي جبية التحرير‪ ،‬وىي تدعو لمقتاؿ في ذات الوقت‪،‬‬
‫تفضيميا الحؿ السمم ي ‪ ، 1‬وفي ‪05‬جانفي ‪ 1955‬تعرفت جمعية األمـ المتحدة بالقضية‬
‫الج زائرية عف ط ريؽ وثيقة قدميا ممثؿ السعودية وىذه الرسالة وزعت عمى أعضاء مجمس‬
‫األمف وفي ‪ 29‬مف نفس الشير طمبت ‪ 14‬دولة تسجيؿ المسألة الج زائرية في جدوؿ أعماؿ‬
‫الجمعية العامة‪.‬‬

‫وبعد مشاركة وفد جبية التحرير بجانب الوفد المغاربي في مؤتمر باندونغ ‪24‬أبريؿ‬
‫‪ 1955‬نجحت جبية التحرير ألوؿ مرة بمساعدة المجموعة األفروآسيوية في‬
‫‪30‬سبتمبر‪ ،1955‬مف تسجيؿ القضية الجزائرية ضمف جدوؿ أعماؿ الجمعية العامة في‬
‫دورتيا العاشرة ‪ ،2‬لدراسة القضية الج زائرية عمى أساس حؽ تق رير المصير‪ ،‬مما دفع بممثؿ‬
‫فرنسا إلى االنسحاب وىذه الخطوة دفعت السمطات الفرنسية إلى اإلس راع لمبحث عف احتواء‬
‫الثورة الجزائرية في بدايتيا وذلؾ عف طريؽ اتصاالت سرية غير مباشرة بواسطة مصر‪.‬‬

‫وكاف أوؿ لقاء سري بالقاىرة في ‪ 12‬أبريؿ‪ 1956‬بيف ممثمي الجبية والحكومة‬
‫الفرنسية‪ ،‬وفي جواف ‪ ، 1956‬طرحت القضية الج زائرية ألوؿ مرة أماـ مجمس األمف‪ ،‬ورغـ‬
‫رفض المجمس النظر في القضية‪...‬إال أنو اعتبر أف القضية الجزائرية قضية دولية ‪.3‬‬

‫ولكف أماـ رفض فرنسا االعتراؼ بجبية التح رير الوطني وادعائيا عدـ وجود ممثؿ‬
‫شرعي وحقيقي لمجزائ رييف وأيضا محاولة منيا ربح الوقت لتكويف القوة الثالثة حتى تكوف‬
‫موالية ليا وسندا ليا‪ ،‬فكاف تأسيس الحكومة المؤقتة لمجميورية الجزائ رية ردا سياسيا‬
‫وديبموماسيا عمى فرن سا وىذا ما جاء في الرسالة التي وجيتيا الحكومة المؤقتة غداة تشكيميا‬
‫لمرئيس جماؿ عبد الناصر‪...<<:‬ونضع حدا فاصال لما تدعيو الحكومة الفرنسية في‬

‫‪ - 1‬رضا مالؾ‪ ،‬الجزائر في إيفياف المفاوضات السرية ‪ ،1962- 1956‬ترجمة فارس غصوب‪ ،‬دار الفارابي‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ - 2‬محمد عباس‪ ،‬الثورة الجزائرية‪ :‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.109‬‬
‫‪ - 3‬أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.122‬‬

‫]‪[97‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫مناسبات عدة مف أنيا ال تجد أمامو ممثال صحيحا تفاوضو رسميا لمحاولة إيجاد حؿ‬
‫لمقضية الج زائرية >> ‪ ،1‬في الوقت نفسو‪ ،‬واصمت دبموماسية جبية التحرير الوطني نشا طيا‬
‫وكثفت اتصاالتيا بفضؿ انتشارىا في أوروبا وآسيا واألمـ المتحدة لمضغط عمى فرنسا‬
‫واقناعيا عمى الموافقة عمى التفاوض بشأف استقالؿ الجزائر‪.‬‬

‫لقد عرضت الحكومة المؤقتة لمجميورية الج زائرية فكرة المفاوضات في أوؿ إعالف ليا‬
‫حيث جاء في اإلعالف‪ <<:‬فيما يخص الحكومة المؤقتة لمجميورية الجزائرية فيي مستعدة‬
‫لممفاوضات ومستعدة في أي وقت لمقابمة ممثمي الحكومة الفرنسية>> إال أف رد فعؿ الجنراؿ‬
‫ديغوؿ في مؤتمر صحفي لو بتاريخ ‪ 23‬أكتوبر‪ 1958‬عرض فكرة << سمـ الشجعاف>>‪،‬‬
‫والذي يعني وضع السالح والدخوؿ في المفاوضات‪ ،‬وىذا ما رفضتو جبية التح رير الذي‬
‫اعتبرتو مساسا بمبادىء نوفمبر وبواقع الحاؿ‪.‬‬

‫ومع فشؿ المخطط العسكري الذي راىنا عميو كممف ديغوؿ والجن راؿ شاؿ‪ ،‬وانتقاؿ الثورة‬
‫الج زائرية إلى مرحمة جديدة مف العمؿ الثوري بنقؿ نشاطيا العسكري إلى األراضي الف رنسية‬
‫منذ ‪25‬أوت‪ ، 1958‬وما عرفتو جبية التح رير مف تطور سياسي بتأسيس حكومة مؤقتة في‬
‫‪19‬سبتمبر‪ ، 1958‬وأماـ ىذا الضغط العسكري والسياسي‪ ،‬حيث برزت عدة أصوات تنادي‬
‫بالسالـ في فرنسا مف أحزاب يسا رية ونقابات عمالية ومنظمات حقوؽ اإلنساف ‪ ،2‬أضطر‬
‫ديغوؿ إلى اإلعالف في ندوة صحفية يوـ ‪16‬سبتمبر‪ 1959‬عف حؽ الج زائرييف في تق رير‬
‫مصيرىـ‪ ،‬وقد جاء ىذا المقترح قبيؿ عقد الدورة ‪ 54‬لمجمعية العامة التي أدرجت فييا‬
‫القضية الج زائرية لمناقشتيا‪ ،‬وىذا محاولة مف ديغوؿ مرة أخرى كسب دعـ المجتمع الدولي‬
‫خاصة الدوؿ الغربية وكذلؾ الرأي العاـ الفرنسي‪.‬‬
‫إف ىذا الطرح ا لديغولي الجديد رفضتو الحكومة المؤقتة ورأت في ذلؾ مراوغة سياسية‬
‫أخرى وشرطت مبدأ المفاوضات معيا كممثؿ وحيد وشرعي لمشعب الجزائري قبؿ الشروع في‬

‫‪ - 1‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.191‬‬

‫‪ - 2‬محمد بميؿ‪ ،‬المفاوضات الجزائرية الفرنسية ‪4591- 4591‬عمى ضوء وثائؽ أرشيفية‪ ،‬الحوار المتوسطي المجمد التاسع‬
‫العدد ‪ 1‬مارس‪ ،1148‬ص‪ ، 191- 119‬ص‪.115‬‬

‫]‪[98‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫أي إجراء قانوني آخر‪ ،‬أما بالنسبة لمكولوف رؤوا في ذلؾ تراجع فرنسا عف مواقفيا تجاه‬
‫القضية الجزائرية وبداية لسياسة ديغولية تنحو تجاه فكرة التخمي عف الجزائر والكولوف‪ ،‬وىذا‬
‫أدى إلى توسع دائرة الص راع وأصبح الكولوف يمثموف طرفا منفصال فيو‪ ،‬وبذلؾ أصبح‬
‫الصراع ثالثيا ‪:‬‬

‫‪ -‬السمطة الفرنسية بالمتروبوؿ – الجزائريوف – األوروبيوف‪.‬‬

‫وأوؿ مظاىر الصداـ بيف أوروبيي الج زائر والجيش الفرنسي ما حدث في الج زائر‬
‫العاصمة في انتفاضة ليـ يوـ ‪25‬جانفي‪ 1960‬حيث انتيت بسقوط قتمى في صفوفيـ‬
‫برصاص الجنود الفرنسييف‪ ،‬فكانت ىذه األحداث إيذانا لبداية نياية الوجود الكولونيالي في‬
‫الجزائر ‪.‬‬

‫‪ - 3‬مراحل المفاوضات الفرنسية ‪-‬الجزائرية‬

‫أف أوؿ اتصاؿ كاف سنة‪ 1955‬بعناصر مف جمعية العمماء المسمميف واالتحاد‬
‫الديمقراطي لمبياف الجزائري وىذا تـ بالجزائر وكاف محاولة مف السمطة الفرنسية كسب ىذه‬
‫األطراؼ لجانبيا لتيميش جبية التحرير الوطني‪.‬‬

‫وأماـ فشؿ االتصاالت الفرنسية بعدة أطراؼ جزائرية خارج الجبية‪ ،‬وعمى إثر تشكيؿ‬
‫‪André‬‬ ‫في شير جانفي ‪ 1956‬اتصؿ أندري ماندوز‬ ‫‪Guy Mollet‬‬ ‫حكومة غي مولي‬
‫أستاذ اآلداب بجامعة الجزائر ) بعباف رمضاف‪ ،‬لالطالع عمى مطالب جبية‬ ‫‪Mandouze‬‬

‫التحرير الوطني‪ ،‬ثـ بعد ذلؾ توجو إلى باريس حيث نقؿ إلى الساسة الفرنسييف استعداد‬
‫الج زائرييف لمتفاوض عمى أساس االعت راؼ بحؽ الشعب الجزائري في الحرية واالستقالؿ ثـ بعد‬
‫بيغا را ‪Joseph‬‬ ‫ذلؾ المفاوضات ‪ ،1‬وفي ‪ 12‬أفريؿ ‪ 1956‬تـ لقاء في القاىرة بيف جوزيؼ‬
‫مف‬ ‫‪George Gorse‬‬ ‫النائب االشت راكي في مجمس االتحاد الفرنسي‪ ،‬وجورج غورس‬ ‫‪Bigarra‬‬

‫الجانب الف رنسي‪ ،‬ومحمد خيضر عف جبية التح رير الوطني ‪ ،2‬وكاف طرح غي مول ي المتمثؿ‬

‫‪ - 1‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المفاوضات بيف الحكومة الفرنسية والحكومة المؤقتة لمجميورية الجزائرية مف السرية إلى العمنية ‪- 4599‬‬
‫‪ ،4591‬مجمة متوف‪ ،‬المجمد العاشر ‪/‬العدد الثاني ‪ / 01‬ديسمبر‪ ، 2018‬ص ‪( 459- 481‬ص‪)484‬‬
‫‪ - 2‬نفسو‪.‬‬

‫]‪[99‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫في إيقاؼ القتاؿ‪ ،‬إجراء االنتخابات ثـ المفاوضات مع المنتخبيف بخصوص دستور الجزائر‬
‫المقبؿ ‪.1‬‬
‫جرى اتصاؿ آخر في بمغ راد يوـ ‪ 21‬جويمية ‪ 1956‬بيف أمحمد يزيدو أحمد فرانسيس عف‬
‫الجبية‪ ،‬وبيير كوميف ‪ Pierre Commin‬األميف العاـ بالنيابة لمحزب االشتراكي الفرنسي‪ ،‬وفي‬
‫ىذا المقاء قدـ الوفد الفرنس ي نفس العرض‪ ،‬ولكف وفد الجبية أكد أف وقؼ إطالؽ النار ال‬
‫يمكف أف يتـ إال بعد التوصؿ إلى اتفاؽ سياسي شامؿ ‪ ،2‬أما في لقاء روما في ‪02-03‬‬
‫سبتمبر‪...1956‬وفيو اقترح الوفد الفرنسي مخططا عاما لوضع دستور جديد لمجزائر يتضمف‬
‫انتخاب مجمس تشريعي‪ ،‬ثـ تكويف ىيئة تنفيذية جزائرية تسند إلييا كؿ صالحيات الشؤوف‬
‫الداخمية لمجزائر‪ ،‬ماعدا المتصمة بقانوف األحواؿ الشخصية لألوروبييف ‪ ،3‬كما تمت المقابمة‬
‫الرابعة في ‪ 22‬سبتمبر ‪ ...4599‬ودارت المحادثات بيف الطرفيف حوؿ إمكانية االعت راؼ بحؽ‬
‫الجزائر في االستقالؿ‪ ،‬وحرية الشعب الجزائري في تسيير شؤونو الداخمية ‪.4‬‬
‫لقد كانت ىذه المقاءات الس رية بالنسبة لمحكومة الفرنسية مع ممثمي جبية التحرير الوطني‬
‫عبارة عف جس النبض‪،‬أو مناورات تيدؼ إلى ربح الوقت واجتياز مرحمة صعبة‪،‬وكانت‬
‫الم واقؼ متباعدة جدا بيف الطرفيف‪ ،‬بؿ حتى بيف ممثمي الجبية‪ ،‬ففي القاىرة مثال تحدث خيضر‬
‫عف تكويف مجمس تأسيسي ج زائري بينما يؤكد عباف رمضاف في الجزائر أنو ال مفاوضات قبؿ‬
‫االعتراؼ باستقالؿ الجزائر‪.‬‬
‫وقد حددت شروط وقؼ إطالؽ النار والمفاوضات إال مف خالؿ أرضية مؤتمر الصوماـ‬
‫التي نصت عمى أف االعت راؼ باألمة الج زائرية الموحدة‪ ،‬وسيادة الجزائر بما في ذلؾ عمى‬
‫الشؤوف الخارجية والدفاع واطالؽ سراح كؿ المعتقميف وأف جبية التحرير الوطني ىي الممثؿ‬
‫الوحيد لمشعب الجزائري‪ ،‬يشكؿ أسس المفاوضات وشروط وقؼ القتاؿ ‪.5‬‬
‫المفاوضات المباشرة مع ممثمي الحكومة المؤقتة‬

‫‪ - 1‬نفسو‪.‬‬
‫‪ - 2‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المفاوضات بيف الحكومة الفرنسية ‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.484‬‬
‫‪ - 3‬نفسو‪ ،‬ص‪.481‬‬
‫‪ - 4‬نفسو‬
‫‪ - 5‬نفسو‬

‫]‪[100‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫عندما تسمـ ديغوؿ الحكـ بعد تمرد ‪ 13‬ماي ‪ ، 1958‬كمؼ عبد الرحمف فارس وجاف‬
‫عمروش ‪ Jean Amrouche‬باالتصاؿ بقادة جبية التحرير وابالغيـ بأنو مستعد لمتباحث معيـ‪،‬‬
‫ووقؼ القتاؿ عمى أساس المراحؿ الثالثة التي حددىا غي مولي سابقا وىي‪:‬‬
‫‪ -‬االنتخابات ‪ -‬إيقاؼ القتاؿ ‪ -‬فالمفاوضات‪.‬‬
‫وقاـ المبعوثاف ما بيف ‪ 20‬أوت و ‪ 20‬أكتوبر ‪ 1958‬بعدة اتصاالت بجبية التحرير‬
‫وموازاة مع تمؾ االتصاالت قاـ ديغوؿ في ‪ 23‬أكتوبر مف نفس السنة باإلعالف عف '' سمـ‬
‫الشجعاف'' ‪.1‬‬
‫بدأت اال تصاالت أكثر جدية في عيد ديغوؿ كنتيجة منطقية لفشؿ فرنسا في القضاء‬
‫عمى الثورة‪ ،‬لقد أدى الضغط الثوري مف قبؿ الثورة التح ري رية مف جية‪ ،‬ومف جية أخرى‬
‫الضغوط األم ريكية عمى ال رئيس الفرنسي ديغوؿ خوفا مف تسرب الشيوعية إلى شماؿ إفريقيا‪،‬‬
‫إرغاـ ديغوؿ عمى اتخاذ إجراءات ممموسة لحؿ القضية الج زائرية التي أصبحت تكمؼ فرنسا‬
‫أكثر فأكثر وتيددىا في صميـ وحدتيا الوطنية‪.‬‬
‫ونتيجة لذلؾ قدـ ديغوؿ مشروعا في تصريح لو يوـ ‪ 16‬سبتمبر ‪ 1959‬اقترح مف خاللو‬
‫حؽ تقرير المصير لمشعب الجزائري‪ ،‬اعتبرت األطراؼ المؤيدة ليذا التصريح‪ ،‬أنو مدخؿ‬
‫لممفاوضات بيف الطرفيف‪ ،‬وأف الرئيس ديغوؿ تمكف مف اختراؽ صفوؼ الثوار في نجاحاتو‬
‫باألمـ المتحدة‪ ،‬عندما طرح مبدأ التف اوض بعد أف فشؿ سابقا في فكرتو الخاصة بسمـ‬
‫الشجعاف التي باءت بالفشؿ ‪.2‬‬
‫أف‬ ‫وكاف رد الحكومة المؤقتة عف طريؽ إصدار بياف ‪ 28‬سبتمبر ‪ 1959‬تؤكد فيو‬
‫الشعب الجزائري لو حكومة لمتفاوض وال يمكف أف يمارس ديغوؿ اختياره تحت ضغط‬
‫‪10‬‬ ‫االحتالؿ‪...‬مما جعؿ الجنراؿ ديغوؿ يعرض عمى قادة الثورة التفاوض في‬
‫نوفمبر ‪ ، 1959‬ألجؿ بحث شروط إنياء القتاؿ ‪ ،3‬ولكف الحكومة المؤقتة كانت تعاني العديد‬
‫مف المشاكؿ حتى ّأنيا لـ تستطع الفصؿ في مسألة االتصاالت والمفاوضات مع الحكومة‬

‫‪ - 1‬د‪.‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المفاوضات بيف الحكومة الفرنسية ‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.481‬‬
‫‪ - 2‬نفسو‪ ،‬ص‪.483‬‬
‫‪ - 3‬ميمودي سياـ‪ ،‬اتفاقية إيفياف‪ ،...:‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.01‬‬

‫]‪[101‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫الفرنسية‪ ،‬مما أدى إلى إصدار قرار يوـ ‪12‬نوفمبر ‪ 1959‬يقضي بعدـ الخوض في أية‬
‫مفاوضات مع الحكومة الفرنسية إالّ بعد اجتماع المجمس الوطني ‪.1‬‬

‫‪ 25-29‬جواف‪1960‬‬ ‫أ ‪ -‬لقاء موالف‪Melun‬‬

‫في يوـ‪14‬ج واف ‪ 1960‬ألقى الجنراؿ ديغوؿ خطابا دعا فيو قادة الثورة لممجيء إلى‬
‫باريس لمتفاوض مف اجؿ إيجاد حؿ لمقضية الجزائرية‪ ،‬وايقاؼ القتاؿ‪ ،‬ودامت المباحثات مف‬
‫‪ 25‬إلى ‪ 29‬جواف ‪ ، 1960‬حيث اكتشؼ المبعوثاف الج زائرياف بأنيما أماـ شروط وقيود‬
‫حددىا الجانب الفرنسي بمفرده ورفضا أف تكوف موضوع مباحثات ‪.2‬‬
‫إف الحكومة الفرنسية عاممت الوفد الج زائري ال عمى أساس مفاوضيف‪ ،‬بؿ عمى أساس‬
‫متمرديف وعزلتيما في مقر عمالة موالف مف ‪ 25‬إلى ‪ 29‬جواف ‪ ،1960‬وحرمتو مف كؿ‬
‫الزيارات واالتصاالت مع الصحافة ‪ ،3‬فاضطر إلى لقطع المحادثات والعودة إلى تونس‪.‬‬
‫إف محادثات موالف مف أىـ مراحؿ الثورة التحريرية فيي أوؿ اتصاالت رسمية لكف‬
‫نتيجة تعنت الحكومة الفرنسية ومحاولة فرض ق ارراتيا عمى الوفد الجزائري فشمت وعمقت‬
‫االتصاالت بيف الطرفيف‪.4‬‬
‫وكانت الحكومة الف رنسية مستعدة لمنقاش مع الجبية لكف ومع القوى السياسية األخرى‬
‫أيضا‪ ،‬فقد كانت الحكومة الفرنسية تطالب بػ ‪:5‬‬
‫– الحكـ الذاتي‪.‬‬
‫– فصؿ الصحراء عف الشماؿ‪.‬‬
‫– تجزئة الجزائر عرقيا‪.‬‬
‫– طاولة مستديرة‪.‬‬
‫– اليدنة‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.03‬‬


‫‪ - 2‬ميمودي سياـ‪ ،‬اتفاقية إيفياف‪ ،...:‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.05‬‬
‫‪ - 3‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المفاوضات بيف الحكومة الفرنسية ‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.481‬‬
‫‪ - 4‬ميمودي سياـ‪ ،‬اتفاقية إيفياف‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫‪ - 5‬مراد بوعباش‪ ،‬قراءة في المفاوضات الجزائرية الفرنسية اتفاقيات إيفياف أنموذجا‪ ،‬المرجع السابؽ‪( ،‬ص‪)131‬‬

‫]‪[102‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫أما موقؼ الحكومة المؤقتة لمجميورية الجزائرية فقد كانت مطالبيا تتمحور حوؿ‪:1‬‬
‫– السيادة الكاممة‪.‬‬
‫– وحدة التراب الوطني بما في ذلؾ الصحراء‪.‬‬
‫– وحدة الشعب الجزائري" ىناؾ شعب واحد ال شعباف "‪ ،‬شعب عربي مسمـ مع وجود أقمية‬
‫أوروبية أجنبية‪.‬‬
‫– جبية التحرير الوطني ىي الممثؿ الوحيد لمشعب الجزائري‪.‬‬
‫– و قؼ إطالؽ النار‪.‬‬
‫ولـ يكف ىذا المقاء األوؿ سوى مناورة ديغولية لجس نبض الوفد الجزائري‪ ،‬مما دفع بالوفد‬
‫الج زائري إلى االنسحاب دوف تحديد موعدا لمحادثات مستقبمية‪ ،‬كما أصدرت الحكومة المؤقتة‬
‫بيانا في يوـ ‪ 04‬جويمية ‪ 1960‬رفضت فيو الشروط الفرنسية التي تسعى فقط إليقاؼ القتاؿ‪.‬‬
‫بعد فشؿ ىذا المقاء واصؿ الجنراؿ ديغوؿ في مشاريعو العسكرية واالقتصادية والسياسية‬
‫بيدؼ خنؽ الثورة ‪ ،2‬فاغتنـ ديغوؿ ىذا الوضع ليشرع في حممة إعالمية حمؿ فييا حكومة الثورة‬
‫أصر ديغوؿ عمى موقفو في مواجية معارضيو مف‬ ‫ّ‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬ ‫‪3‬‬
‫مسؤولية فشؿ المفاوضا ت‬
‫الفرنسييف بطرح فكرة االستفتاء عمى الف رنسييف والجزائرييف عمى دورة البرلماف بتاريخ‬
‫‪49‬نوفمبر‪ 4591‬بإجراء االستفتاء في يناير ‪ ، 4594‬ولذلؾ قرر زيارة الجزائر مرة أخرى ‪،4‬‬
‫فقاـ يوـ ‪ 9‬ديسمبر ‪ 1960‬بزيارة إلى الجزائر داعيا إلى مشروعو االستعماري فكاف رد فعؿ‬
‫الشعب مظاىرات ‪ 11‬ديسمبر ‪ 1960‬الذي أكد تمسكو باستقالؿ الجزائر والوحدة الترابية‬
‫باإلضافة إلى تأييدىـ لجبية التحرير الوطني والحكومة المؤقتة لمجميورية الجزائرية ‪.5‬‬
‫وىذه ال زيارة التي انتيت بفشؿ ذريع لمشروع ديغوؿ حوؿ "الج زائر جزائرية"‪ ،‬لقد كانت‬
‫ىذه المظاىرات منعرجا حاسما في تاريخ معركة التح رير‪ ،‬ألنيا أظيرت روح الكفاح والقد رات‬
‫النضالية لمجماىير الجزائرية عمى الرغـ مف القمع المسمط عمى الجزائرييف‪.‬‬

‫‪ - 1‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.134‬‬


‫‪ - 2‬مراد بوعباش‪ ،‬قراءة في المفاوضات الجزائرية‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬نفسو‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ - 3‬د‪.‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المفاوضات بيف الحكومة‪ ،...‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.481‬‬
‫‪ - 4‬محمد بميؿ‪ ،‬المفاوضات الجزائرية الفرنسية ‪4591- 4591‬عمى ضوء وثائؽ أرشيفية‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ - 5‬مراد بوعباش‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.131‬‬

‫]‪[103‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫إف ىذه االنتفاضة الشعبية قد عبرت عف عزـ الشعب الجزائري لم واصمة نضالو إلى غاية‬
‫تحقيؽ االستقالؿ ومقاومتو لمغطرس ة االستعمارية‪ ،‬وأف مواصمة الحرب ستعرض الجيش‬
‫الفرنسي إلى االنقسا ـ ‪ ، 1‬كما عجمت ىذه المظاى رات بجدية المفاوضات لحؿ القضية‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫‪ 20‬فيفري‪( 1961‬سويسرا)‬ ‫‪Lucerne‬‬ ‫ب ‪ -‬لقاء لوسارف‬
‫كانت موافقة الجن راؿ ديغوؿ عمى ربط اتصاالت مع الوفد الج زائري بسويس ار خاصة‬
‫بعد ا ستفتاء ‪ 8‬جانفي ‪ 1961‬الذي جرى بفرنسا والجزائر حوؿ تقرير مصير الشعب الج زائري‬
‫والثاني في‬ ‫)‪(Lucerne‬‬ ‫فكاف المقاء األوؿ في ‪ 20‬فبراير ‪ 1961‬بمدينة لوسارف‬
‫في ‪ 5‬مارس‪.21961‬‬ ‫‪Neuchâtel‬‬ ‫نيوشتاؿ‬
‫وأكد الفرنسيوف عمى أنيـ مستعدوف لمتفاوض حوؿ استقالؿ الج زائر شرط توقيؼ القتاؿ‪،‬‬
‫لكف بالنسبة لفرنسا فإف استقالؿ الجزائر يشمؿ فقط الج زائر الشمالية‪ ،‬وأف قضية الصح راء ىي‬
‫خارج المفاوضات‪ ،‬غير أف الوفد الجزائري رد عمى ىذا الطرح مف خالؿ ما صرح بو أحمد‬
‫بومنجؿ ‪ " :‬إف الصح راء جزء ال يتجزأ مف الج زائر وال يمكننا التنازؿ عنيا‪ "...‬وظمت ىذه‬
‫القضية نقطة اختالؼ دائـ‪ ،‬وكانت ابرز العقبات في كؿ المقاءات بيف الوفديف ‪ ،3‬ونتيجة لذلؾ‬
‫ظمت مواقؼ الطرفيف متباعدة‪ ،‬خاصة بعد إص رار الوفد الج زائري عمى تمسكو بالوحدة الترابية‬
‫لمجزائر ‪.4‬‬
‫بعد إطالع الوفديف عمى مدونة الجنراؿ ديغوؿ عاد كؿ وفد إلى قيادة بمده لمتشاور مع‬
‫كبار المسؤوليف وفي يوـ ‪ 30‬مارس ‪ 1961‬تـ نشر بيانيف في باريس وتونس تعمناف عف‬
‫الشروع في مفاوضات جزائرية فرنسية ابتداء مف يوـ ‪ 7‬أفريؿ ‪ 1961‬بمدينة إيفياف‪ ،5‬والذي‬
‫والذي اعترفت فيو فرنسا بجبية التح رير الوطني كطرؼ مفاوض مع الحكومة الفرنسية‪،‬‬
‫غير أف الحكومة المؤقتة لـ تقتنع ورفضت التفاوض مع فرنسا إال إذا أعمنت أنيا لف‬
‫تتفاوض مع الحركة المصالية‪...‬كشؼ الجن راؿ ديغوؿ أف حكومتو منقسمة بيف مؤيد‬

‫‪ - 1‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.489‬‬


‫‪ - 2‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ - 3‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.489‬‬
‫‪ - 4‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.489‬‬
‫‪ - 5‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.16‬‬

‫]‪[104‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫الحركة المصالية في عممية التفاوض‪،‬‬ ‫ومعارض لممفاوضات‪ ،‬ىكذا تخمى عف إش راؾ‬


‫فأظير استعدادا كبي ار مف أجؿ استئناؼ المفاوضات مع جبية التح رير الوطني بيدؼ‬
‫التخمص مف المشكؿ الجزائري الذي أصبح يقمقو‪.1‬‬
‫وأثار ىذا التفاىـ مخاوؼ المستوطنيف والعسكرييف الفرنسييف في الجزائر مما دفع بعدد‬
‫مف العسكرييف في حركة انقالب يومأ ‪ 22‬أفريؿ‪ 1961‬عرفت بتمرد الجنراالت ‪.2‬‬
‫ج ‪ -‬مفاوضات ايفياف ‪ Evian‬األولى ‪ 20‬ماي‪1961‬‬
‫افتتحت المفاوضات يوـ السبت ‪ 20‬ماي ‪ 1961‬حيث أرادت الحكومة الف رنسية أف‬
‫تعطي ضمانات فصرحت باتخاذ عدة إجراءات وىي‪:3‬‬
‫‪-‬توقيؼ العمميات الدفاعية لمدة شير عمى جميع التراب الجزائري ابتداء مف ‪ 20‬ماي‬
‫‪1961‬عمى الساعة ‪.18‬‬
‫‪ -‬القوات المسمحة ال تقوـ بأي عمؿ إال في حالة الدفاع عف النفس أو مالحظة أعماؿ‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪-‬تحويؿ بف بمة ‪ ،‬محمد خيضر وحسيف آيت أحمد‪ ،‬بوضياؼ‪ ،‬رابح بطاط مف جزيرة إيكس‬
‫أيف يسيؿ االتصاؿ بيـ ‪.‬‬ ‫‪Turquent‬‬ ‫إلى قصر توركاف‬
‫‪-‬إطالؽ سراح ‪ 6000‬معتقؿ خالؿ شير‪.‬‬
‫‪-‬ولمعمـ أف ىذه اإلجراءات اتخذت مف طرؼ واحد أي دوف االتفاؽ مع جبية التحرير‬
‫الوطني وىذا حتى تبيف لمرأي العاـ العالمي عف صدؽ نيتيا وعزميا عمى التفاوض بجد‪،‬‬
‫وحمؿ الحكومة المؤقتة عمى الدخوؿ فو ار في مباحثات حوؿ مسألة إيقاؼ القتاؿ‪.‬‬
‫ودامت المباحثات حتى ‪ 13‬جواف حيث تأزـ الوضع بيف الوفديف خاصة حوؿ قضية‬
‫الصح راء التي كاف النقاش مط وال فييا ففرنسا اعتبرت الج زائر بمدا متاخما لمصح راء مثميا‬
‫في ذلؾ مثؿ موريتانيا ومالي وكؿ البمداف المجاورة ليا‪ ،‬مما جعؿ الوفد الجزائري يرفض‬

‫‪ - 1‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫‪ - 2‬مراد بوعباش‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪ - 3‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.25‬‬

‫]‪[105‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫ويعتبر أف ىذا الطرح ىو مساس بوحدة التراب الوطني‪ ،‬كما احتدـ النقاش حوؿ ضمانات‬
‫األقمية الفرنسية‪.1‬‬
‫ماي‬ ‫أجريت مفاوضات إيفياف األولى عمى الحدود الفرنسية السويسرية يوـ‪20‬‬
‫‪1961‬والمواضيع التي ىيمنت عمى المفاوضات منذ بدايتيا وتتمثؿ في‪:2‬‬
‫‪ -‬مجاؿ المفاوضات و مستقبؿ العالقات بيف البمديف‪.‬‬
‫‪ -‬ضمانات تقرير المصير‪.‬‬
‫‪ -‬مشكمة األوروبييف في الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬مشكمة الصحراء‪.‬‬
‫وجيت الحكومة المؤقتة نداءا لمشعب الج زائري تعمف فيو أف ‪ 5‬جويمية ‪ 1961‬يوما‬
‫وطنيا ضد التقسيـ) يصادؼ ىذا التاريخ يوـ ‪ 5‬جويمية ‪ 1830‬يوـ ذكرى احتالؿ عاصمة‬
‫الج زائر)‪ ، 3‬وبالفعؿ تـ تحقيؽ ىذا اليدؼ فاإلضراب والمظاىرات التي قاـ بيا الشعب‬
‫الجزائري كانت بمثابة ضربة قاضية لفرنسا‪ ،‬إذ أثبتت مرة أخرى التجاوب مع‬
‫الحكومة المؤقتة الج زائرية وممثمو الوحيد ىي جبية التحرير الوطني‪ ، 4‬كما أرسمت الحكومة‬
‫المؤقتة مذكرة باسـ الشعب الجزائري إلى الدوؿ اإلفريقية لموقوؼ ضد االمبريالية الفرنسية‪ ،‬ثـ‬
‫وجيت مف تونس في ‪ 30‬جواف ‪ 1961‬نداء بإعالف يوـ األربعاء ‪ 05‬جويمية ‪ 1961‬يوما وطني ا‬
‫ضد التقسيـ ‪.5‬‬
‫‪ 20‬جويمية‪1961‬‬ ‫لوغراف‪Lugrin‬‬ ‫د ‪ -‬محادثات‬
‫استأنفت المفاوضات مرة أخرى بموغارف لوغ راف الفرنسية الق ريبة مف الحدود السويسرية‬
‫أياـ ‪ 17- 11‬جويمية ‪ 4854‬بيف الوفديف إال أنيا فشمت في التوصؿ إلى اتفاؽ حوؿ الوحدة‬
‫الت رابية‪ ،‬بسبب مناورات الوفد الفرنسي المفاوض الذي حاوؿ المعب عمى وتيرة الصحراء‬
‫ومشاكؿ الجالية األوروبية ‪.6‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.25‬‬


‫‪ - 2‬مراد بوعباش‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪ - 3‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 4‬نفسو‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ - 5‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.482‬‬
‫‪ - 6‬محمد بميؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫]‪[106‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫سارع ديغوؿ إلى تبديد مخاوؼ الوفد الج زائري في ‪14‬سبتمبر‪ 4854‬باالعتراؼ مرة‬
‫أخرى بحؽ الجزائرييف في الصح راء ‪ ،1‬وألقى ديغوؿ خطابا في ذلؾ أكد فيو عمى تطور النظرة‬
‫الفرنسية لمسألة الصحراء التي اعترؼ بسيادة الجزائر عمييا وردا عمى ىذه التصريحات أعمف‬
‫بف يوسؼ بف خدة مف تونس في ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1961‬باسـ الحكومة المؤقت لمجميورية الج زائرية‬
‫التفاوض المباشر حوؿ كيفية وشروط االستقالؿ‪ ،‬وعبر عف استعداد جبية التحرير الوطني‬
‫لوقؼ إطالؽ النار فو ار مقابؿ تخمي فرنسا عـ فكرة تقرير المصير‪ ،‬واعت رافيا باستقالؿ‬
‫الجزائر ‪.2‬‬
‫ىػ ‪ -‬لقاء باؿ ‪ Bal‬األوؿ أكتوبر‪4594‬‬
‫لـ تتوقؼ االتصاالت بيف أعضاء الحكومة المؤقتة والحكومة الفرنسية‪ ،‬فقد التقى مندوباف‬
‫مف الحكومة الجزائرية في باؿ بسويسرا يومي‪29 - 28‬أكتوبر ‪ ،1961‬والذي جاء بعد مظاىرات‬
‫‪17‬أكتوبر ‪ ،3 1961‬اجتمع الطرفاف في مدينة باؿ السويسرية يومي ‪ 28-29‬أكتوبر‪،4 1961‬‬
‫فقدـ الوفد الف رنسي ورقة عمؿ تضمنت مجموعة مف المطالب‪ ،‬فعمى المستوى االست راتيجي إبقاء‬
‫الم رافؽ العسك رية تحت المراقبة الفرنسية حتى تمكنيا مف استم رارية االتصاؿ مع الدوؿ اإلفريقية‬
‫لمتابعة تجاربيا النووية‪ ،‬وعمى المستوى االقتصادي‪.‬‬
‫إف استغالؿ الثروات الصح راوية شكؿ جوىر اىتماـ الحكومة الف رنسية‪ ،‬حيث سعت إلى‬
‫التأكيد عمى الحقوؽ المكتسبة ومنح رخص لمتنقيب بالنسبة لمنظاـ المنجم ي ‪80‬ألؼ كمـ ‪ 2‬سنويا‬
‫ولمدة عشر سنوات‪ ،‬وانشاء ىيئة تقنية ثنائية الستغالؿ الثروات الباطنية في الصحراء‬
‫الج زائرية‪ ،‬وبخصوص األقمية األوروبية تبنى الوفد الفرنسي مطمب ديغوؿ المتمثؿ في منحيـ‬
‫الجنسية المزدوجة ‪.5‬‬
‫ومف أجؿ زيادة الضغط عمى ديغوؿ دعت حكومة الثورة الشعب الجزائري إلى تنظيـ يوـ‬
‫وطني بمناسبة أوؿ نوفمبر ‪ 1961‬ليعبر عف تمسكو باالستقالؿ والوحدة الترابية ‪.6‬‬

‫‪ - 1‬نفسو‪.‬‬
‫‪ - 2‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.488‬‬
‫‪ - 3‬مراد بوعباش‪ ،‬قراءة في المفاوضات‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ - 4‬بمجة عبد القادرالمرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.485‬‬
‫‪ - 5‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.485‬‬
‫‪ - 6‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.485‬‬

‫]‪[107‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫و ‪ -‬لقاء باؿ ‪ Bâle‬الثاني ‪ 09‬نوفمبر‪1961‬‬


‫وفي لقاء ثاف يوـ ‪ 9‬نوفمبر ‪ ،1 1961‬كمفت الحكومة المؤقتة محمد بف يحيى ورضا مالؾ‬
‫بتقديـ األجوبة نيابة عنيا‪ ،‬فبالنسبة لألقمية األوربية ليا حؽ االختيار دوف ازد واجية الجنسية‪،‬‬
‫كما حدد رد الحكومة المؤقتة عف المرحمة االنتقالية مف بداية وقؼ إطالؽ النار إلى االستقالؿ‬
‫بحتة ‪.2‬‬ ‫ولمدة ستة أشير‪ ،‬وبخصوص وظيفة الييئة التقنية يجب أف تكوف تقنية‬
‫وأثناء المحادثات‪ ،‬قاـ المعتقموف الج زائريوف في سجوف فرنسا (خمسة عشرة ألؼ‬
‫مسجوف)‪ ،‬وكاف مف بينيـ زعماء الثورة المختطفيف منذ ‪ 1956‬باإلضراب عف الطعاـ في ‪10‬‬
‫نوفمب ر ‪ ، 3‬ورغـ صدى اإلض راب الذي حققو القادة الخمس‪ ،‬إال أنو تسبب في انسداد‬
‫المفاوضات‪...‬وأماـ ىذا الوضع نقؿ المساجيف الخمس إلى قصر أولنوي )‪ (Aulnoy‬قرب‬
‫موالف وبعد توقفيـ عف اإلضراب حتى يسيؿ االتصاؿ بيـ خاصة مف طرؼ أعضاء‬
‫الحكومة المؤقتة ‪ ،4‬وبعد انتياء اإلضراب استأنفت المحادثات في ‪ 09‬ديسمبر‪.5 1961‬‬
‫وكاف ليذا اإل ضراب صدى دعـ الوفد الجزائري المفاوض‪ ،‬وزاد في الضغط السياسي‬
‫عمى حكومة ديغوؿ‪.‬‬
‫روس‪Les Rousses‬‬ ‫ز ‪ -‬محادثات لي‬
‫إف ىذه المحادثات كانت س رية مف ‪ 11‬إلى ‪ 19‬فيفري ‪ 1962‬لكف ليست كاالتصاالت‬
‫السابقة لكونيا موسعة حيث جرت بيف وفديف ميميف‪ ،‬فقد كاف الغرض مف ىذه الجولة وفقا‬
‫لرغبة ديغوؿ‪ ،‬التوصؿ إلى اتفاؽ شامؿ ينتيي بالتفاىـ حوؿ عقد ندوة رسمية نيائية تتوج‬
‫بوقؼ القتاؿ ‪.6‬‬

‫‪ - 1‬مراد بوعباش‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.133‬‬


‫‪ - 2‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.485‬‬
‫‪ - 3‬نفسو‪ ،‬ص‪.451‬‬
‫‪ - 4‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪ - 5‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.451‬‬
‫‪ - 6‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.45‬‬

‫]‪[108‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫مف الواضح أف الجن راؿ ديغوؿ ال يريد تعقيد األمور والتخمص مف المشكمة بأسرع‬
‫التي أصبحت تتزايد في كؿ يوـ‬ ‫السري )‪(OAS‬‬ ‫وقت ممكف‪ ، ،‬نتيجة لجرائـ منظمة الجيش‬
‫وبالتالي حثيـ عمى المرونة في أخذ الق اررات مف أجؿ الوصوؿ إلى حؿ نيائي إذ بالفعؿ‬
‫باتفاقية‬ ‫خالؿ ىذه المحادثات تـ تحرير كؿ النصوص النيائية التي سميت فيما بعد‬
‫ايفياف ‪.1‬‬
‫لقد تـ االتفاؽ في ىذا المقاء عمى معظـ المشاكؿ حتى أصبح االستقالؿ أمر مفروغ‬
‫منو ‪ ،2‬اعتبر ىذا المقاء منعرجا حاسما في العالقات الجزائرية الفرنسية حيث تـ الم وافقة المبدئية‬
‫اتفاؽ كاف مف‬ ‫عمى جميع النقاط المدرجة في جدوؿ األعماؿ الواردة فيو‪ ،‬نتج عنو مشروع‬
‫في إيفياف‪،‬‬ ‫الواجب المصادق ة عميو مف الطرفيف قبؿ مناقشتو ‪:‬رسميا في ندوة جديدة‬
‫وتتمخص فيما يمي ‪:3‬‬
‫‪ -‬ممؼ التعاوف‪:‬‬
‫‪ -‬الصحراء‬
‫‪ -‬البنود العسكرية‬
‫– الفترة االنتقالية‬
‫وبعد اختتاـ مفاوضات ليروس اجتمع المجمس الوطني لمثورة الجزائ رية في دورة استثنائية‬
‫بطرابمس بيف ‪ 12- 11‬فيفري ‪ 1962‬لدراسة مسودة االتفاقيات في كؿ جزئياتيا قبؿ المصادقة‬
‫عمييا‪ ،‬حيث حضر االجتماع ‪ 33‬عضوا مف أصؿ ‪ 71‬عضوا‪ ،‬وفوض ‪ 16‬صالحياتيـ‪،‬‬
‫وبالتالي أصبح العدد ‪ 49‬عضوا‪ ،‬وبعد ىذا النقاش انتيى االجتماع في ‪ 27‬فيفري ‪1962‬‬
‫بالتصويت لصالح االتفاقية بما في ذلؾ المساجيف الخمسة بسجف النوي أي ‪ 45‬صوتا‬
‫مقابؿ أربعة أصوات وىـ أعضاء ىيئة األركاف العامة ‪ ،4‬وبعد دراستيا ثـ التصويت باإلجماع‬
‫عمى مشروع االتفاقية ‪.5‬‬

‫‪ - 1‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.46‬‬


‫‪ - 2‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.451‬‬
‫‪ - 3‬مراد بوعباش‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ - 4‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫‪ - 5‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.131‬‬

‫]‪[109‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫وىكذا تـ قبوؿ مشروع نص اتفاقيات ايفياف مف طرؼ المجمس الوطني لمثورة الج زائرية‬
‫في ىذا االجتماع‪ ،‬ومنح صالحية التوقيع عمى االتفاقيات لوفد الحكومة المؤقتة المفاوض‪،‬‬
‫‪.1‬‬ ‫‪Aulonoy‬‬ ‫وجاءت الموافقة أيضا مف الوزراء الخمسة المعتقميف في أ ولنوا‬
‫ح ‪ -‬اتفاقيات إيفياف الثانية ‪07‬مارس ‪4591‬‬
‫بعد اطالع الحكومة الفرنسية عف النتائج االيجابية الجتماع طرابمس وموافقة المجمس‬
‫الوطني عمى مسودة ليروس ‪ ،2‬إلتقى الوفداف في إيفياف لممرة الثانية وبصفة رسمية‪ ،‬ولـ تكف‬
‫ىذه الجولة سوى تحصيؿ حاصؿ لمفاوضات لي روس حيث جرت آخر المفاوضات بصفة‬
‫رسمية ما بيف ‪ 7‬و ‪ 18‬مارس ‪ 1962‬بمدينة إيفياف السويسرية‪ ،3‬بعد القياـ بالعديد مف‬
‫التعديالت كاف البد مف إيجاد عنواف ليذه النصوص لكف في األخير حدد العن واف بػ" خالصة‬
‫محادثات إيفياف" ‪.4‬‬
‫وفي يوـ ‪ 18‬مارس ‪ 1962‬وكانت الجمسة التاسعة تمت التالوة الكاممة لمنصوص‬
‫وكاف عددىا ‪ 98‬ولـ يتبؽ سوى التوقيع في أسفؿ الصفحة األخيرة حيث تقدـ الوزراء‬
‫الفرنسييف الثالثة ووضع وا توقيعيـ أما الوفد الج زائري فوقع رئيس الوفد وىو كريـ بمقاسـ‬
‫بالتالي ثالثة تواقيع مقابؿ توقيع واحد وىكذا انتيت مراسيـ التوقيع عمى الساعة ‪،5 17:30‬‬
‫وفي ذات اليوـ وباسـ الحكومة المؤقتة لمجميورية الج زائرية المفوضة مف طرؼ المجمس‬
‫الوطني لمثورة الج زائرية أعمنت عف وقؼ إطالؽ النار بالنسبة لكامؿ التراب الج زائري إ بتداءا مف‬
‫يوـ االثنيف ‪ 19‬مارس‪.6 1962‬‬
‫وصرح السيد ك ريـ بمقاسـ أثر التوقيع عمى اتفاقيات ايفياف‪ " :‬بمقتضى تفويض لممجمس‬
‫الوطني لمثورة الجزائ رية وقعنا في الساعة الخامسة والنصؼ مف عشية اليوـ عمى اتفاؽ عاـ‬
‫مع الممثميف المفوضيف لمحكومة الفرنسية‪ ،‬وبمقتضى ىذا االتفاؽ ا لعاـ المبرـ ‪ ،‬اتفاؽ وقؼ‬
‫القتاؿ ويدخؿ وقؼ إطالؽ النار حيز التنفيذ بكامؿ التراب يوـ االثنيف ‪ 19‬مارس في‬

‫‪ - 1‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.454‬‬


‫‪ - 2‬مراد بوعباش‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ - 3‬نفسو‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪ - 4‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪ - 5‬نفسو‪ ،‬ص‪.061‬‬
‫‪ - 6‬بمجة عبد القادر‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.451‬‬

‫]‪[110‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ 19‬مارس‬ ‫منتصؼ النيار بالتدقيؽ "‪ .‬وألقى الرئيس بف خدة بيذه المناسبة خطابا‪ ،‬في‬
‫‪ ، 1962‬أعمف فيو رسميا وقؼ إطالؽ النار ‪.1‬‬

‫وبمناسبة ىذا الحدث ألقى الرئيس بف خدة خطابا مف نفس اليوـ أىـ ماجاء فيو "بعد‬
‫شيور مف المفاوضات الصعبة الشاقة تحقؽ اتفاؽ عاـ في ايفياف بيف الوفد الجزائري والوفد‬
‫الفرنسي وىذا نصر عظيـ لمشعب الج زائري الذي أصبح حقو في االستقالؿ مضمونا ونتيجة‬
‫لذلؾ باسـ الحكومة المؤقتة لمجميورية الج زائرية المفوضة مف طرؼ المجمس الوطني لمثورة‬
‫فاني أُعمف وقؼ إطالؽ النار في كامؿ أنحاء الوطف الج زائري ابتداءا مف يوـ االثنيف‬
‫‪19‬مارس" ‪.2‬‬
‫‪3‬‬
‫ويمكف تمخيص مضموف اتفاقيات إيفياف وحصرىا في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬وقؼ إطالؽ النار ابتداء مف يوـ ‪ 19‬مارس ‪ 1962‬االعتراؼ باستقالؿ الجزائر وسيادتيا‬
‫الكاممة عمى أراضييا ووحدة ترابيا‪.‬‬
‫‪ -‬موافقة الجانب الجزائري عمى تأجير قاعدة المرسى الكبير بوى راف لمسمطات الفرنسية لمدة‬
‫‪15‬سنة و كذلؾ مطارات عنابة وبوفاريؾ وبشار ورقاف لمدة ‪ 05‬سنوات‪.‬‬
‫‪ -‬تكفؿ الجزائر بسالمة الحقوؽ الخاصة‪ ،‬بامتيازات استغالؿ المناجـ و المحروقات وحري ة‬
‫الشركات الفرنسية في االستمرار في ممارسة نشاطاتيا‪.‬‬
‫‪ -‬حؽ المستوطنيف في اختيار بيف الجنسية الج زائرية و الفرنسية مع إعطائيـ ضمانات كافية‬
‫لالحتفاظ بأمالكيـ و أمواليـ‪.‬‬
‫‪ -‬التعاوف بيف الجزائر وفرنسا في جميع المياديف االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية ‪ ،‬والثقافية‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد الفترة االنتقالية ب ‪ 04‬أشير‪ ،‬يتـ خالليا التمييد إلجراء االستفتاء‪.‬‬
‫‪ -‬يشرؼ عمى الحكـ خالؿ الفترة االنتقالية لجنة تنفيذية مشتركة‪.‬‬

‫‪ - 1‬أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.169‬‬

‫‪-2‬‬
‫المجاىد‪ ،‬نداء الرئيس بف خدة الى الشعب‪ ،‬الجزء ‪ ،4‬ط خ‪ ،‬و ازرة الجاىديف‪ ،‬ص‪.334‬‬
‫‪ - 3‬مراد بوعباش‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.131‬‬

‫]‪[111‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫‪ -‬يتـ إجراء عممية االستفتاء حوؿ تقرير المصير عقب الفترة االنتقالية مباشرة‪ ،‬وتشرؼ عمى‬
‫العممية لجاف ج زائرية فرنسية مشتركة وتكوف صيغة االستفتاء ‪ :‬نعـ أو ال لالستقالؿ‬
‫والتعاوف‪.‬‬
‫بالرغـ مف أف اتفاقيات ايفياف تعتبر نص ار عظيما لمشعب الجزائري فإنيا تضمنت‬
‫بعض القيود العسكرية واالقتصادية والضمانات المقدمة لمفرنسييف المقيميف بالجزائر وىذا ما‬
‫يتبيف مف نصوص المواد التالية مف االتفاقيات‪:‬‬

‫‪ -‬ما جاء حوؿ مبدأ ال تعاوف االقتصادي والمالي‪ :‬تضمف الجزائر لمشركات الف رنسية القائمة‬
‫في أراضييا ولمشركات التي يكوف بعض رأس ماليا في أيدي أشخاص فرنسييف معنوييف أو‬
‫حقيقييف الممارسة الطبيعية لنشاطيـ‪.‬‬

‫‪ -‬و في االتفاؽ الخاص بالمسائؿ العسكرية‪ :‬تمنح الج زائر فرنسا حؽ استخداـ قاعدة المرس ى‬
‫الكبير البحرية والجوية مدة ‪15‬عاما ابتداءا مف تاريخ تقرير المصير‪.‬‬

‫‪ -‬وفيما يخص أىـ الضمانات المقدمة لمفرنسييف المقيميف بالج زائر فقد نصت االتفاقيات‬
‫عمى مايمي‪ :‬يستفيد الرعايا الف رنسييف في القطر الجزائري مف المساواة في المعاممة مع‬
‫الوطنييف وذلؾ فيما يختص باأل مور التالية‪ :‬التمتع بالحقوؽ المدنية العامة حرية ممارسة‬
‫جميع الميف في إطار القوانيف الخاصة بممارستيا‪ .‬االستفادة مف التشريع بالمعونة والضماف‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫لقد حققت اتفاقيات إيفياف مف حيث األساس األىداؼ السياسية لمجبية والتي تمثمت في‬
‫االستقالؿ الوطني ‪ ،‬حرمة التراب الوطني ووحدة الشعب‪ ،‬وح رية القرار السياسي ‪ ،‬أما في‬
‫المجاالت األخرى العالقات االقتصادية وأشكاؿ التعاوف بيف البمديف تـ التوصؿ إ لى تسوية لكف‬
‫في المجمؿ التصورات الفرنسية ىي التي تحققت بوجو عاـ حيث صرح ديغوؿ عمى االتفاقيات‬
‫بقولو " ‪ :‬يوجد في ىذه االتفاقيات كؿ ما أردنا أف يوجد فييا ‪.1‬‬
‫عرفت المفاوضات بيف ممثمي السمطات الفرنسية وممثمي جبية التح رير الوطني في‬
‫مراحميا األولى عدة صعوبات بسبب المناورات الفرنسية‪ ،‬وتمسكيا بوجيات نظر مخالفة تماما‬

‫‪ - 1‬مراد بوعباش‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.139‬‬

‫]‪[112‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫لثوابت الجبية خاصة تمؾ التي تتعمؽ بالمسائؿ الحساسة كالوحدة الترابية والشعبية لمج زائر‪،‬‬
‫لكف المفاوضيف الجزائرييف لـ يتنازل وا عف أي شرط مف الشروط التي أمموىا لوقؼ إطالؽ النار‪،‬‬
‫وكانت قيادة جبية التحرير متفقة عمى المبادئ الواردة في بياف أوؿ نوفمبر ‪ 1954‬والذي‬
‫تمحور حوؿ‪: 1‬‬
‫– الوحدة الترابية‪.‬‬
‫– وحدة األمة الجزائرية‪.‬‬
‫– السيادة الجزائرية‪.‬‬
‫– جبية التحرير الوطني ىي الممثؿ الشرعي والوحيد لمشعب الجزائري‪.‬‬
‫وكما قاؿ رئيس الحكومة المؤقتة لمجميورية الجزائرية‪ " :‬أف المفاوضات كانت صعبة‬
‫لمغاية‪ ،‬والنتيجة تتوقؼ عمى وحدتنا‪ ،‬ودعـ الجماىير‪ ،‬ىذا الدعـ الذي تجمى في االنتفاضات‬
‫الشعبية العارمة التي جرت يوـ ‪ 11‬ديسمبر‪ 1960‬في الجزائر العاصمة وفي بعض المدف‬
‫الكبرى والتي كانت منعرجا في مسيرة الثورة وحدثا حاسما في تاريخ معركتنا المسمحة وفي‬
‫سير المفاوضات ‪.2‬‬

‫‪ - 4‬المرحمة االنتقالية‬

‫وىكذا انتيت المفاوضات الجزائرية ‪-‬الفرنسية بالتوقيع عمى اتفاقية إيفياف وكاف ىناؾ‬
‫اعتراض داخؿ ف رنسا عمى االتفاقية جعؿ ديغوؿ يجري حوليا استفتاء أسفر في ‪ 08‬أفريؿ‬
‫عب ر فيو الشعب الفرنسي عف موافقتو‬
‫‪ 1962‬عف م وافقة ‪ % 91‬مف الفرنسييف عمييا‪ ،‬حيث ّ‬
‫عمى اتفاقية إيفياف وبيذا شكمت صدمة لمنظمة الجيش السري ‪.3‬‬
‫نصت اتفاقية إيفياف عمى إنشاء ىيئة تنفيذية مؤقتة مختمطة تضـ ج زائرييف وفرنسييف‪،‬‬
‫وتشكمت ىذه المجنة برئاسة عبد الرحمف فارس‪ ،‬وقد وجيت ىذه المجنة صعوبات كبيرة في‬
‫تسيير المرحمة االنتقالية المحددة بإج راء االستفتاء حوؿ تقرير المصير‪ ،‬فمف الصعوبات التي‬
‫التي حاولت بأعماليا اإلرىابية‬ ‫السرية‪O.A.S‬‬ ‫أعاقت تسييرىا ما قامت بو المنظمة العسكرية‬

‫‪ - 1‬مراد بوعباش‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.131‬‬


‫‪ - 2‬بف يوسؼ بف خدة‪ ،‬إتفاقيات إيفياف‪ ،....‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ - 3‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.051‬‬

‫]‪[113‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫خمؽ الصراع بيف األوروبييف والج زائرييف واستعماؿ جميع الطرؽ والوسائؿ إلفشاؿ اتفاقيات‬
‫إيفياف واعادة بعث الحرب بيف الطرفيف‪ ،‬وامتدت جرائميا حتى داخؿ التراب الفرنسي‬
‫بمحاولتيا اغتياؿ ال رئيس الفرنسي ديغوؿ عدة مرات داخؿ التراب الف رنسي ناىيؾ عف‬
‫ال تصفية الجسدية لكؿ مف أيد فكرة إنياء الحرب ودعى إلى السمـ سواء بفرنسا أو الجزائر‪.‬‬

‫قامت منظمة الجيش السري في بداية األمر في ‪ 19‬مارس‪ 1962‬باإلعالف عف‬


‫إضراب عاـ‪ ،‬حيث كانت األحياء األوربية في العاصمة ووىراف شبو مشمولة‪ ،‬مظاىرات مف‬
‫ىنا وىنا ‪ ،1‬ثـ كثفت مف عممياتيا اإلرىابية ضد الجزائرييف العزؿ‪.‬‬
‫تعد وال تحصى ويمكف إيجازىا‬
‫واف ج رائـ األقداـ السوداء الغالة مف الكولوف التي ال ّ‬
‫كالتالي ‪:2‬‬
‫‪ -‬بيف ‪ 23‬أفريؿ و ‪10‬أوت ‪ 1961‬بمغ عدد القنابؿ التي فجرىا المتطرفوف ‪ 1430‬قنبمة‬
‫في كؿ مف العاصمة‪ ،‬وىراف‪ ،‬سيدي بمعباس‪ ،‬عنابة‪.‬‬
‫‪11 -‬سبتمبر ‪ 1961‬سجؿ ‪ 11‬انفجا ار‬
‫‪ -‬في ‪ 20‬سبتمبر ‪ 1961‬انفجرت ‪ 20‬شحنة مف البالستيؾ في العاصمة‬
‫وفي الوقت الذي قربت فيو عممية المفاوضات عمى االنتياء زاد نشاط المنظمة خالؿ سنة‬
‫‪ 1962‬لضرب اتفاؽ وقؼ إطالؽ النار وكثفوا عمميات التفجير واالغتياالت قصد إجبار‬
‫الرد‬
‫جيش التحرير عمى ّ‬
‫‪ -‬في ‪ 9‬مارس شيدت مدينة الجزائر ‪ 11‬تفجي ار بيف الساعة ال رابعة والنصؼ ولسادسة‬
‫والنصؼ صباحا‪.‬‬
‫كانت ترمي إقامة نظاـ فاشي بفرنسا‬ ‫‪O.A.S‬‬ ‫فإف النشاط اإلرىابي لمنظمة الجيش السري‬
‫واشعاؿ نار الحرب مف جديد بالجزائر واف تكالب المستعمريف عمى اإلرىاب بالجزائر يرمي‬
‫إلثارة الشعب الجزائري وابطاؿ إيقاؼ القتاؿ‪...‬ومف أىدافيـ الواضحة تخريب االقتصاد‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫‪ - 5‬برنامج طرابمس‬

‫‪ - 1‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.051‬‬


‫‪ - 2‬نفسو‪ ،‬ص‪.055‬‬

‫]‪[114‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫عقد المجمس الوطني لمثورة الجزائ رية الذي يعتبر أعمى ىيئة في ىرـ السمطة الثورية‬
‫بتاريخ‪ 27‬ماي إلى‪ 35‬ج واف ‪ 1962‬بمدينة طرابمس الميبية ‪ ،‬وجاء ىذا االجتماع بيف فت رتيف‬
‫إحداىما لمحرب واأل خرى لمسمـ‪ ،‬وشارؾ فيو تقريبا جميع العناصر الفاعمة في الثورة س واء مف‬
‫الجانب السياسي أو العسكري في الداخؿ أو في الخارج بما فييا السجناء مف قادة الثورة وقد‬
‫خرج المؤتمروف منو ببرنامج سمي بميثاؽ طرابمس‪ ،‬والذي تناوؿ موضوع الدولة الج زائرية‬
‫بجم يع أبعادىا وأىـ المحاور الكبرى التي تتعمؽ بماضي وحاضر ومستقبؿ الشعب الج زائري‬
‫(سياسيا‪ ،‬اقتصاديا‪ ،‬اجتماعيا) ‪ ،1‬وكذلؾ مف أجؿ تحديد برنامج الدولة المستقمة حديثا وتقريب‬
‫أطراؼ الحوار بيف الصراع الحاصؿ بيف ىيئة األركاف والحكومة المؤقتة‪.‬‬
‫وبفعؿ تسارع وتيرة األحداث وجدت النخبة السياسية والعسكرية نفسيا في اجتماع‬
‫طرابمس مف ‪ 25‬ماي إلى ‪ 7‬جواف ‪ ،2 1962‬كانت الدعوة لعقد اجتماع المجمس الوطني‬
‫لمثورة في ‪ 27‬ماي حتى أنيا سميت بدورة ‪ 27‬ماي ‪ 1962‬واثر طمب مف الحكومة المؤقتة‬
‫افتتحت األشغاؿ يوـ ‪ 25‬ماي‪ ،‬أما جدوؿ األعماؿ تضمف إضافة إلى المصادقة عمى اتفاقية‬
‫إيفياف ‪:3‬‬

‫‪ -‬المناقشة والمصادقة عمى برنامج طرابمس‪.‬‬


‫‪ -‬تشكيؿ المكتب السياسي الذي يشرؼ عمى ىذه المرحمة االنتقالية حتى ينظـ مؤتمر‬
‫تقييمي‪.‬‬
‫وقد كاف برنامج طرابمس يتكوف مف ثالثة أقساـ رئيسية‪:‬‬
‫‪ -‬نظرة عامة عمى الوضع في الجزائرية‪ .‬‬
‫‪ -‬الثورة الديمقراطية الشعبية ‪ .‬‬
‫‪ -‬العمؿ عمى انجاز المياـ االقتصادية واالجتماعية لمثورة الديمقراطية الشعبية‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد لحسف أزغيدي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.135‬‬


‫‪ - 2‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.551‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.555‬‬

‫]‪[115‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫وجرى نقاش حوؿ مفيوـ الثورة الديمقراطية الشعبية ‪ ،1‬ورغـ الخالفات التي حدثت في‬
‫المؤتمر‪ ،‬إال أنو في النياية‪ ،‬صادؽ عمى مشروع ميثاؽ‪ ،‬حدد فيو منياج واتجاه الجزائر بعد‬
‫االستقالؿ‪ ،‬عرؼ بميثاؽ طرابمس ‪.2‬‬
‫باإلضافة إلى الوضع غير المستقر الذي خمقتو منظمة الغالة مف الكولوف ىناؾ‬
‫ظروؼ أخطر وأعمؽ وتستدعي حموؿ عاجمة وىو الوضع االقتصادي واالجتماعي لمجزائر‪.‬‬

‫أ ‪ -‬أزمة مؤتمر طرابمس‬

‫إف البرنامج السياسي الذي عرؼ فيما بعد ببرنامج طرابمس تمت المصادقة عميو‬
‫باإلجماع دوف أية مناقشة‪ ،‬وىكذا طويت وثيقة ذات أىمية قصوى في مستقبؿ البالد‬
‫السياسي واالقتصادي واالجتماعي والثقافي بكؿ سرعة وسيولة واىماؿ بإفساح المجاؿ‬
‫لممطامح الشريفة‪ ،‬حيث أف مكاف قد استحوذ عمى العقوؿ آنذاؾ ىو انتخاب المكتب‬
‫السياسي الذي سيتقمد مصير البالد بعد االستقالؿ ‪.3‬‬

‫لقد أثار انتخاب المكتب السياسي خالفا كبي ار بيف قادة الثورة حيث يقوؿ عمي ىاروف‬
‫"في ليمة ‪05‬جواف الى ‪ 06‬جواف ‪ 1962‬ـ‪...‬شيدت م واجية بيف عضويف ىاميف مف المجمس‬
‫الوطني لمثورة‪...‬فقد وجو نائب الرئيس بف بمة كالما عنيفا الى الرئيس بف خدة ‪ ،4‬وىو ما‬
‫يفسر أف حادثة الصراع كانت آخر أحداث ىذا ا لمؤت مر‪ ،‬والسبب ال رئيسي لرفع أشغاؿ ىذا‬
‫المؤتمر الذي لـ تكتمؿ أشغالو وال ال مصادقة عمى بنوده وق ارراتو حسب ما جاء في شيادة‬
‫أخرى لممناضؿ عبد ال حميد ميري‪ ،‬وىو السبب الذي كاف سببا كافيا مف رئيس المؤتمر‬
‫المناضؿ عمر بوداود إلعالف الرس مي لتعميؽ أشغاؿ‪ ،‬تفاديا لتفاقـ الوضع ‪ ،" 5‬ويبرر عمي‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.556‬‬


‫‪ - 2‬أزغيدي محمد لحسف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.273‬‬

‫‪ - 3‬عمي كافي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.360‬‬


‫‪ - 4‬عمي ىاروف‪ ،‬خيبة االنطالؽ فتنة صيؼ الجزائر‪ ، 1962‬تر‪ :‬الصادؽ عماري‪ ،‬أمؿ فالح‪ ،‬مراجعة مصطفى ماضي‪،‬‬
‫دار القصبة لمنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ - 5‬نفسو‪.‬‬

‫]‪[116‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫ىاروف سبب الص راع عمى المكتب السياسي بقولو" يسمح االنضماـ إلى ىذا المكتب بممارسة‬
‫تأثير حاسـ عمى المستقبؿ القريب لمبالد" ‪.1‬‬

‫أما فرحات عباس يتحدث عف المؤتمر قائال‪ " :‬كثر الحديث عف مؤتمر طرابمس‪ ،‬كنت‬
‫حاض ار ولـ يكف في الحقيقة إال عبارة عف تصفية حسابات دنيئة " ‪ ،2‬وىكذا تأزـ الوضع‬
‫<<ودخؿ اليأس إلى القموب وفتح طريؽ االنسحاب مف طرابمس وكاف أوؿ المنسحبيف رئيس‬
‫الحكومة المؤقتة بف خدة متوجيا الى تونس‪ ،‬وىكذا تواصمت حمقات المنسحبيف وكاف أغمبيـ‬
‫مف مؤيدي كريـ‪. ..‬كما أف المجموعة الباقية في طرابمس وضعت محض ار بما جرى وتـ‬
‫إمضاؤىا مف طرؼ ‪39‬عضوا مف الحاضريف>> ‪. 3‬‬

‫ويتحدث لخضر بورقعة عف الص راع الذي أصاب القمة ومحاولة قادة الواليات إصالح‬
‫الوضع بقولو‪ " :‬استمر التوتر بيف الفرقاء في القيادة وساءت األح واؿ الى درجة مخيفة‬
‫رافقت يا مساعي حثيثة لرأب الصدع ودعوف إلى اجتماع ضـ ممثمي ال واليات الثانية والثالثة‬
‫وال رابعة ومنطقة الج زائر الوسطى واتحادية فرنسا في مدينة زمورة بال والية الثالثة‪...‬وقد جاء‬
‫في تقرير االجتماع << كؿ ىذا الشقاؽ الذي أوصمنا إلى ما نحف عميو مف خالفات سيؤدي‬
‫بنا الى حرب أىمية‪...‬لذا فإننا نطمب مف الحكومة المؤقتة أف ال تتسرع في الدخوؿ إلى‬
‫الج زائر وىي عمى ماىي عميو مف تمزؽ>> ‪ ،4‬ويذكر بورقعة أنو أثر االجتماع تـ إرساؿ وفد‬
‫لالجتماع ببف بمة وتسميمو نسخة مف التقرير ‪.5‬‬

‫وىكذا فاف الحكومة المؤقتة وما ضمت مف وزراء لـ تستطع أف تحؿ ما وجيتو مف‬
‫مشاكؿ خطيرة وقد توىمت أف العودة الى الوطف في جو مف الحماس الشعبي كفيمة وحدىا‬
‫بأف تحدث المعجزة‪ ،‬ولكف حدث عكس ما توقعتو‪ ،‬وحصوؿ االنشقاؽ بيف السمطة النظرية‬
‫وبيف السمطة الفعمية التي انبثقت كنتيجة لمتقصير في حؿ المشاكؿ ولضرورات‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمي ىاروف‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص‪.15‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 3‬مصطفى ىشماوي‪ ،‬جذور أوؿ نوفمبر ‪1954‬ـ في الجزائر‪ ،....‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.208‬‬
‫‪ - 4‬لخصر بورقعة‪ ،‬مذكرات الرائد سي لخضر بورقعة شاىد عمى اغتياؿ الثورة‪ ،‬دار األمة لمطباعة والنشر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،2014‬ص‪.127‬‬
‫‪ - 5‬المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.128‬‬

‫]‪[117‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫لـ تكف األزمة الناتجة ع ف مؤتمر ط رابمس تعبر عف بياف فكري والدليؿ عمى ذلؾ‬
‫البرنامج الذي لـ يحظى بالمناقشة الكافية رغـ ارتباطو بمصير البالد‪ ،‬وأف الفشؿ الذي مني‬
‫بو المجمس الوطني لمثورة الجزائرية في دورتو ال منعقدة بتاريخ ‪ 25‬ماي ‪ 37-‬جواف ‪1962‬‬
‫بسبب بروز إلى السطح ظاى رة التحالفات داخؿ قبة ىذا ا لمجمس تضارب المصالح‬
‫الشخصية والصراع عمى السمطة‪.‬‬

‫ميما يكف الخالؼ الذي أثاره برماج طرابمس وتبنيو مف طرؼ الدولة الجزائرية المستقمة‬
‫فانو يبقى نتيجة طبيعية لمتراكمات الفكرية والمتغيرات الدولية في تمؾ الفترة‪.‬‬

‫‪- 6‬االستفتاء واعالن االستقالل‬

‫وبناء عمى ما تضمنتو المادة‪ )17( :‬مف الباب الثالث مف نصوص اتفاقيات إيفياف‪،‬‬
‫ً‬
‫المتضمف إج راء استفتاء خالؿ فترة تتراوح مف ثالثة إلى ستة أشير مف تاريخ نشر نص‬
‫االتفاقية‪ ،‬عمى أف يحدد ىذا التاريخ وفقا القتراح الييئة التنفيذية بعد شيريف مف تنصيبيا‪.‬‬

‫ولقد نصبت ىذه الييئة التنفيذية يوـ ‪ 6‬أبريؿ‪ ،1962‬وأنشئت لجنة م راقبة االستفتاء‪،‬‬
‫وكانت تتكوف ىذه المجنة مف ‪ :‬المحامي قدور ساطور رئيسا‪ ،‬واألعضاء ىـ‪ :‬اليادي‬
‫‪Alexandre‬‬ ‫مصطفاي‪ ،‬عمار بف تومي‪ ،‬عبد المطيؼ رحاؿ‪ ،‬أحمد ىني‪ ،‬والكسندر شولي‬
‫‪ ،‬وأجري االستفتاء حوؿ تقرير المصير يوـ ‪01‬جويمية‪ 1962‬بصيغة السؤاؿ‬ ‫‪Chaulet‬‬

‫التالي‪:‬‬

‫ىؿ تريد أف تصبح الجزائر دولة مستقمة متعاونة مع ف رنسا حسب الشروط المقررة في‬
‫نعـ‪ - oui‬ال ‪non‬‬ ‫تصريحات ‪ 19‬مارس ‪1962‬؟‬

‫]‪[118‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫وترتبت عف ىذا االستفتاء الذي كاف عرسا وطنيا أنتظره الشعب الجزائري عقود مف‬
‫الزمف نتائج كانت متوقعة ‪ ،‬بحيث كانت نتائج التصويت حسب ما نشرتو ا لج ريدة الرسمية‬
‫‪1‬‬
‫الجزائرية‪:‬‬

‫‪-‬الناخبوف‪6.017.680‬‬
‫‪-‬األوراؽ البيضاء أو الممغاة ‪25.565‬‬
‫‪-‬األصوات المعبر عنيا ‪5.992.115‬‬
‫‪-‬المصوتوف بنعـ ‪ 5.975.581‬بنسبة ‪% 99.3‬‬
‫‪-‬المصوتوف بال ‪16.534‬‬
‫أعمنت لجنة مراقبة إستفتاء تقرير المصير المجتمعة في ‪3‬جويمية عمى الساعة‬
‫‪10‬سا‪ 15‬د نتائج االستفتاء‪ ،‬وعميو بعث ديغوؿ الرئيس الفرنسي إلى رئيس الييئة التنفيذية‬
‫المؤقتة لمدولة الجزائرية عبد الرحمف فارس رسالة‪ ،‬مما جاء فييا ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬لقد عممت ف رنسا بنتائج استفتاء تقرير المصير لػِ ‪01‬جويمية ‪1962‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وتطبيقا لتصريحات ‪ 19‬مارس ‪ ،1962‬فيي قد اعترفت باستقالؿ الجزائر‪.‬‬

‫‪ - 2‬الفقرة الثانية ‪ :‬وبناء عمى ذلؾ‪ ،‬وفقا لمفصؿ ‪ 5‬مف التصريح العاـ لػ ‪ 19‬مارس ‪، 1962‬‬
‫فإف كؿ السمطات والصالحيات المتعمقة بالسيادة عمى إقميـ العماالت الفرنسية القديمة فيي‬
‫حوؿ بدءا مف اليوـ إلى الييئة التنفيذية لمدولة الجزائرية‪.‬‬
‫تُ ّ‬
‫ب الفعؿ كاف اإلعالف واالعت راؼ باستقالؿ الج زائر يوـ ‪ 3‬جويمية ‪ 1962‬مف طرؼ‬
‫فرنسا فقط‪ ،‬ويعتبر ذلؾ حدثا تا ريخيا وموقفا سياسية‪ ،‬ولكف ىؿ كانت الحكومة المؤقتة‬
‫لمجميورية الجزائرية ممزمة بتاريخ ‪ 3‬جويمية ؟‬

‫بالعكس لقد حددت الحكومة المؤقتة يوـ ‪ 5‬جويمية ‪ 1962‬تاريخا الستقالؿ‬


‫الج زائر‪ ،‬حتى ال ننجر مف وراء قرار ديغوؿ الذي أعترؼ وأقر أف يوـ استقالؿ الج زائر ىو‬
‫يوـ ‪ 3‬جويمية‪ ،1962‬أما يوـ ‪5‬جويمية ىذا اليوـ الذي اختا رتو لجنة التنسيؽ ما بيف الواليات‬

‫‪ - 1‬ميمودي سياـ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.512‬‬

‫]‪[119‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪4591‬م ‪4591-‬م‬

‫كيوـ إلعالف االستقالؿ واالحتفاؿ بو ‪ ،1‬حيث أعمنت عبر إذاعة الج زائر عمى أف تكوف‬
‫تجمعات كبرى يوـ ‪ 5‬جويمية ليكوف يوـ إعالف االستقالؿ‪ ،‬والغاية مف تحديد يوـ ‪ 5‬جويمية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬محو ذكرى النكبة وبداية االحتالؿ ‪.1830‬‬
‫‪ - 2‬الرد عمى احتفاالت الذكرى المئوية الحتالؿ الجزائر ‪.1930‬‬
‫‪ - 3‬مف الناحية الرمزية تحويؿ ذكرى اليزيمة إلى ذكرى االنتصار‪.‬‬

‫إف يوـ ‪ 5‬جويمية ىو ت اريخ حافؿ باألحداث التي عاشيا الشعب الج زائري أثناء‬
‫االستعمار الفرنسي‪ ،‬فيو يتميز عف باقي التواريخ بما يمي‪:‬‬

‫‪ -‬وىو تاريخ يمّثؿ في حقيقة األمر ذكرى احتالؿ الجزائر واالعتداء عمى ك رامة وسيادة وقيـ‬
‫الشعب الجزائري في ‪ 5‬جويمية ‪.1830‬‬
‫‪ -‬استعماؿ جبية التحرير الوطني أثناء الثورة التحريرية رمزية يوـ ‪ 5‬جويمية وذلؾ بالقياـ‬
‫في ىذا اليوـ بإضرابات وطنية تعبي ار عف رفض معاىدة االستسالـ والوجود االستعماري‪:‬‬

‫‪ 5 -‬جويمية ‪ 1956‬إضراب االتحاد العاـ لمعماؿ الجزائرييف‪.‬‬

‫‪ 5 -‬جويمية ‪ 1961‬إضراب وطني ضد التقسيـ والدفاع عف الوحدة الت اربية‪.‬‬

‫إف تحديد يوـ ‪ 5‬جويمية في حد ذاتو ىو موقؼ سيادي‪ ،‬فيو إعادة بعث وبناء لمدولة‬
‫الج زائرية الحديثة التي أوقؼ سيرورتيا االستعمار الفرنسي في ‪ 5‬جويمية ‪ ،1830‬والتي‬
‫أعطاىا بياف نوفمبر ‪ 1954‬معالميا‪ ،‬وثبت مبادئيا وحدد شكميا وطبيعتيا ميثاؽ الصوماـ‬
‫‪20‬أوت‪ ،1956‬وكاف برنامج طرابمس ‪ 1962‬منياجيا‪.‬‬

‫‪ - 1‬ميمودي سياـ‪ ،‬المراجع السابؽ‪ ،‬ص‪.513‬‬

‫]‪[120‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫قائمة المراجع‬
‫المراجع العربية‬
‫‪ -1‬إحدادن زهير‪ ،‬المختصر في تاريخ الثورة الجزائرية ‪ ،1962/1954‬مؤسسة إحدادن للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط ‪.2007 ،1‬‬
‫‪ ، " " " " -2‬شخصيات ومواقف تاريخية‪ ،‬دار التراث للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر ‪.2002‬‬
‫‪ -3‬أحمد توفيق المدني‪" ،‬هذه هي الجزائر"‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة‪.2001 ،‬‬
‫‪ ، "" "" " " -4‬حياة كفاح‪ ،‬ج‪ ،3‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪.1981 ،‬‬
‫‪ -5‬أزغيدي محمد لحسن‪ ،‬مؤتمر الصومام وتطور ثورة التحرير الوطني الجزائرية ‪،1962-1956‬‬
‫دار هومه‪ ،‬الجزائر‪ 331 ،2009‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -6‬بجاوي محمد‪ ،‬الثورة الجزائرية والقانون ‪ ،1961-1960‬ترجمة علي الخش‪ ،‬دار الرائد للكتاب‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2005 ،‬ط‪ 350 ،2‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -7‬بكار فائزة‪ ،‬إذاعة الجزائر الحرة المكافحة ‪ 1962-1956‬دراسة تاريخية‪( ،‬مذكرة مقدمة لنيل‬
‫شهادة الماجستير‪ ،‬تخصص‪:‬علوم اإلعالم و االتصال‪ ،‬كلية العلوم السياسية و اإلعالم‪ ،‬قسم علوم‬
‫اإلعالم و االتصال‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬يناير ‪.2010‬‬
‫‪ -8‬بالح بشير‪" ،‬تاريخ الجزائر المعاصر من ‪ ،"1989-1830‬ج‪ ،1‬دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ -9‬بورقعة لخصر‪ ،‬مذكرات الرائد سي لخضر بورقعة شاهد على اغتيال الثورة‪ ،‬دار األمة للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬الجزائر‪.2014 ،‬‬
‫‪ -11‬بلحاج صالح ‪ ،‬تاريخ الثورة الجزائرية‪ ،‬صانعو أول نوفمبر ‪ :1954‬المواجهات الصغرى في‬
‫المواجهة الكبرى‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬الجزائر‪299 ،2010 ،‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -11‬بن خدة بن يوسف‪ ،‬إتفاقيات إيفيان‪ ،‬تعريب لحسن زغدار ومحل العين جبائلي‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬طبعة ‪ 144 ،2002‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -12‬بن خدة بن يوسف‪" ،‬جذور أول نوفمبر‪ ،"1954‬تر‪ :‬مسعود حاج مسعود‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الشاطبية‪،‬‬
‫الجزائر‪.2012،‬‬
‫‪ -13‬بن غليمة سهام‪ ،‬الحرب النفسية في الثورة التحريرية الجزائرية ما بين ‪ 1958-1954‬بين‬
‫التخطيط االستعماري الفرنسي وردود الفعل الجزائرية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه‬
‫العلوم‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية و العلوم االجتماعية‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2017-2016‬‬
‫‪ -14‬بوحوش عمار‪ ،‬التاريخ السياسي للجزائر من البداية و لغاية ‪/1962‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪/‬الطبعة األولى‪/‬بيروت‪.،1987/‬عدد صفحات ‪.635‬‬
‫‪ -15‬بوضياف محمد‪ ،‬التحضير ألول نوفمبر ‪ ،1954‬ط‪ ،1‬دار النعمان للطباعة و النشر‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ -16‬بومالي حسن‪ ،‬استراتيجية الثورة الجزائرية في التجنيد والتعبئة الجماهيرية منذ اندالع الثورة‬
‫إلى غاية مؤتمر الصومام‪ ،‬ص ص‪ ،88-39‬الملتقى األول حول اإلعالم واإلعالم المضاد المنعقد‬
‫يوم ‪ 24‬و‪ 25‬سبتمبر ‪ ،1996‬إصدار المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية‬
‫وثورة ‪1‬نوفمبر‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ 495 ،2009 ،‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -17‬تيزي ميلود‪ ،‬مواقف قادة الثورة من مؤتمر الصومام و تداعياتها‪ ،‬ط‪ ،1‬الرشاد للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ -18‬جبلي الطاهر‪ ،‬شبكات الدعم اللوجيستيكي للثورة التحريرية‪ ،1962- 1945‬أطروحة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في التاريخ المعاصر‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم االنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة أبي بكر‬
‫بلقايد‪ -‬تلمسان‪ ،‬السنة الجامعية‪.2009 - 2008 :‬‬
‫]‪[121‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫‪ -19‬جغابة محمد‪ ،‬بيان أول نوفمبر‪ ،‬دعوة إلى الحرب‪ ،‬رسالة إلى السالم ‪ :‬قراءة في البيان‪ ،‬دار‬
‫هومه‪ 167 ،1995 ،‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -21‬جليسبي جوان‪ ،‬ثورة الجزائر‪ ،‬تر‪ :‬عبد الرحمن صدقي أبو طالب‪-‬راشد لبراوي‪ ،‬الدار المصرية‬
‫للتأليف والترجمة‪ ،‬القاهرة‪.1966 ،‬‬
‫‪ -21‬حاروش نور الدين‪ ،‬مواقف بن يوسف بن خدة النضالية والسياسية‪ ،‬قراءة في تاريخ الجزائر‬
‫الحديث‪ ،‬دار األمة‪ ،‬الجزائر‪559 ،2012 ،‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -22‬حربي محمد‪ ،‬أرشيف الثورة الجزائرية‪ ،‬ص‪ ،168‬ينظر‪ :‬خافة معمري‪ ،‬عبان رمضان‪ ،‬تر‪:‬‬
‫زينب زخروف‪ ،‬منشورات التالة‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ -23‬حمانة البخاري‪ ،‬فلسفة الثورة الجزائرية‪ ،‬دار الغرب لنشر والتوزيع‪ ،‬وهران‪-‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -24‬حماميد حسينة‪ ،‬المستوطنون األوروبيون والثورة الجزائرية ‪ ،1962-1954‬منشورات الحبر‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬الطبعة‪ 272 ،2007 ،1‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -25‬حمدي أحمد‪ ،‬الثورة الجزائرية واإلعالم – دراسة في اإلعالم الثوري‪ -‬الصادر عن وزارة‬
‫الثقافة‪ ،‬الطبعة‪ ،3‬الجزائر ‪221 ،2007‬صفحة ‪.‬‬
‫‪ -26‬حميد عبد القادر‪ ،‬فرحات عباس رجل الجمهورية ‪ ،‬طبعة دار المعرفة الوادي الجزائر ‪.2007 ،‬‬
‫‪ -27‬خيثر عبد النور‪ ،‬تطور الهيئات القيادية للثورة التحريرية ‪ ،1962-1954‬أطروحة مقدمة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه‪ ،‬تخصص‪ :‬تاريخ معاصر‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية و االجتماعية‪ ،‬قسم التاريخ‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪.2006-2005 ،‬‬
‫‪ -28‬الخطيب أحمد‪ ،‬الثورة الجزائرية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪.1958 ،‬‬
‫‪ -29‬دحلب سعد‪ ،‬المهمة منجزة من أجل استقالل الجزائر‪ ،‬منشورات دحلب‪ ،‬المؤسسة الوطنية‬
‫للفنون المطبعية‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ -31‬رضا مالك‪ ،‬الجزائر في <<إيفيان >> المفاوضات السرية ‪ ،1962-1956‬ترجمة فارس‬
‫غصوب‪ ،‬دار الفارابي‪ .‬زبير رشيد‪ ،‬جرائم فرنسا االستعمارية في الوالية الرابعة‬
‫‪،1962/1956‬الطبعة ‪ ، 2‬دار الحكمة‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪ -31‬الزبيري الطاهر‪ ،‬مذكرات آخر قادة األوراس التاريخيين ‪ ، ANEP ،1962-1929‬الجزائر‪،‬‬
‫‪2008‬‬
‫‪ -32‬زبيري محمد العربي ‪ ،‬الثورة في عامها األول‪ ،‬طبعة ‪ 1‬دار البعث‪ ،‬عدد صفحات ‪.262‬‬
‫‪ -33‬سريج محمد‪ ،‬الثورة الجزائرية في الصحافة التونسيةٌ‪ :‬جريدٌة " العمل "أنموذجا ‪-1954‬‬
‫‪ ،1962‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه علوم في التاريخ الحديث والمعاصر‪ 772 ،‬صفحة‪،‬‬
‫جامعة جياللي اليابس بسدٌي بلعباس‪ ،‬كليةٌ العلوم اإلنسانيٌة االجتماعيةٌ قسم العلوم اإلنسانيةٌ‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2017-2016‬‬
‫‪ -34‬سعيدي وهيبة‪ ،‬الثورة الجزائرية ومشكلة السالح ‪ ،1962-1954‬دار المعرفة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪151 ،2009‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -35‬صغير مريم << مواقف الدول العربية من القضية الجزائرية ‪ ،>>1962-1954‬دار الحكمة‬
‫للنشر‪ ،‬الجزائر ‪ ،2012‬الطبعة الثانية‪ 358 ،‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -36‬ضيف هللا عتيقة‪ ،‬التنظيم السياسي واإلداري للثورة‪ ،1962-1954 ،‬ط‪ ،1‬البصائر للنشر و‬
‫التوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ -37‬طاس إبراهيم ‪ ،‬السياسة الفرنسية في الجزائر وانعكاساتها على الثورة ‪ ، 1962/1956‬دار‬
‫الهدى للطباعة والنشر والتوزيع‪.2013 ،‬‬
‫‪ -38‬عباس محمد شريف‪ ،‬الثورة الجزائرية‪ ،‬ال نصر بال ثمن ‪ ،1962-1954‬دار القصبة للنشر‪.‬‬
‫‪ -39‬عباس محمد شريف ‪" ،‬من وحي نوفمبر (مداخالت و خطب)‪ ،‬طبعة خاصة وزارة المجاهدين‪،‬‬
‫دار الفجر‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫‪ -41‬عمراني عبد المجيد‪ ،‬جان بول سارتر والثورة الجزائرية‪ ،‬دار الهدىن الجزائر‪.2010 ،‬‬

‫]‪[122‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫‪ -41‬عمار هالل‪ ،‬نشاط الطلبة الجزائريين إبان ثورة نوفمبر ‪ ،1954‬دار هومه‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة‬
‫الخامسة‪ 206 ،2012 ،‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -42‬عمار مالح‪ ،‬محطات حاسمة في ثورة أول نوفمبر ‪ ،1954‬تصدير يوسف مناصرية‪ ،‬دار‬
‫الهدى‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪ -43‬غربي الغالي‪ ،‬فرنسا والثورة الجزائرية ‪ ،1958-1954‬بمطبعة دار هومة الجزائر ‪.2012‬‬
‫‪ -44‬فيزي ميلود‪ ،‬مواقف قادة الثورة من مؤتمر الصومام‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الرشاد‪ ،‬سيدي بلعباس‪،‬‬
‫الجزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ -45‬قدور محمد‪ ،‬رد فعل الفرنسيين و مواقف أحزا ب الحركة الوطنية الجزائرية من اندالع الثورة‬
‫التحريرية ‪ 01‬نوفمبر‪ ، 1954‬دراسة في مذكرات و شهادات ووثائق أرشيفية ‪ ،‬ص ص ‪-114‬‬
‫‪ ،136‬مجلة الدراسات اإلفريقية بالجزائر‪ ،‬المجلد ‪: 03‬العدد ‪ ، 08:‬ماي ‪.2020‬‬
‫‪ -46‬قطوش وهيبة‪ ،‬الثورة الجزائرية في الصحافة التركية (‪ ،)1962-1954‬أطروحة مقدمة لنيل‬
‫شهادة دكتوراه علوم في التاريخ الحديث والمعاصر‪ 480 ،‬صفحة‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ 02 -‬أبو‬
‫قاسم سعد هللا‪ -‬كلية العلوم االنسانية‪ -‬قسم التاريخ‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2017-2016‬‬
‫‪ -47‬كافي علي‪ .،‬مذكرات الرئيس علي كافي من المناضل السياسي إلى القائد العسكري ‪-1946‬‬
‫‪ ،1962‬ط‪ ،2‬دار القصبة للنشر و التوزيع‪.2017 ،‬‬
‫‪ -48‬كيشيدة عيسى‪ ،‬مهندسوا الثورة‪ ،‬تر‪ :‬موسى أشرشور‪ ،‬منشورات الشهاب‪244 ،2003 ،‬‬
‫صفحة‪.‬‬
‫‪ -49‬لونيسي إبراهيم‪ ،‬الصراع السياسي داخل جبهة التحرير الوطني خالل الثورة التحريرية‬
‫‪ ،1962-1954‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫‪ -51‬ماندور اندريه‪ ،‬الثورة الجزائرية عبر النصوص‪ ،‬ترجمة ميشال سطوف‪ ،‬المؤسسة الوطنية‬
‫لالتصال والنشر‪ ،‬مطبعة الرويبة الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ -51‬معمري خالفة‪ ،‬عبان رمضان‪ ،‬تعريب زينب خروف‪ ،‬ط‪ ،2‬دار النشر تالة الجزائر ‪.2008‬‬
‫‪ -52‬مقالتي عبد هللا ‪ ،‬العالقات الجزائرية– المغاربية إبان الثورة التحريرية الجزائرية ‪(1962-‬‬
‫)‪ ،1954‬اطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم في التاريخ الحديث والمعاصر‪ ،‬جامعة‬
‫منتوري‪ -‬قسنطينة كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية‪ ،‬قسم التاريخ واألثار‪ ،‬السنة الدراسية‬
‫‪.2008-2007‬‬
‫‪ -53‬مقالتي عبد هللا‪ ،‬تاريخ الجزائر العسكري للثورة وأهم المعارك‪ ،‬كتاب الثالث‪ ،‬شمس الزيبان‬
‫للنشر والتوزيع‪ 2013 ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -54‬منغور أحمد‪ ،‬موقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية (‪ ،)1962-1954‬رسالة مقدمة‬
‫لنيل شهادة الماجستير في تاريخ الحركة الوطنية‪ ،‬جامعة منتوري – قسنطينة‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية و العلوم االجتماعية‪ 272 ،‬صفحة‪ ،‬قسم التاريخ واآلثار‪ ،‬السنة الدراسية ‪-2005‬‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ -55‬ميلودي سهام‪ ،‬اتفاقية إيفيان‪ :‬أسبابها ومضمونها وردود األفعال‪-‬دراسة تحليلية‪ -‬أطروحة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية قسم التاريخ‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2016-2015‬‬
‫‪ -56‬نايت بلقاسم مولود قاسم ‪ ،‬ردود الفعل األولية داخال وخارجا على غرة أول نوفمبر‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫األمة الجزائر ط‪ 1‬دار األمة الجزائر‪. 2007 ،‬‬
‫‪ -57‬هارون علي‪ ،‬خيبة االنطالق فتنة صيف الجزائر‪ ،1962‬تر‪ :‬الصادق عماري‪ ،‬أمل فالح‪،‬‬
‫مراجعة مصطفى ماضي‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -58‬هشماوي مصطفى‪ ،‬جذور نوفمبر ‪ 1954‬في الجزائر‪ ،‬المركز الوطني للدراسات والبحث في‬
‫الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر‪ ،1954‬دار هومه‪.‬‬
‫المراجع الفرنسية‬

‫]‪[123‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫‪59- Benjamin Stora, Algérie histoire contemporaine 1830-1988, Casbah Edition,‬‬


‫‪Alger, 2004.‬‬
‫‪60- Benjamin Stora, Le 20 août 1955. Récit historique, bilan historiographique,‬‬
‫‪pp91-102, Textes réunis par Ouanassa Siari Tengour, Préface de‬‬
‫‪Mohammed Harbi, Editions CRASC.‬‬
‫‪61- Daho Djerbal, Le 20 août 1955 dans le nord-constantinois L’événement et sa‬‬
‫‪portée, pp103-114, Textes réunis par Ouanassa Siari Tengour, Préface de‬‬
‫‪Mohammed Harbi, Editions CRASC.‬‬
‫‪62- Haroun Ali, La 7 Wilaya : La guerre du FLN en France 1954-1962, Casbah‬‬
‫‪Editions, Alger, 2005, 527 pages.‬‬
‫‪63- Henri Alleg, La guerre d’Algérie,T3 ,temps actueles,Paris ,1981‬‬
‫‪64- Mohamed Teguia, L’Armée de Libération Nationale en Wilaya IV, Éditions‬‬
‫‪CASBAH, 2002, 237 pages.‬‬
‫‪65- Marcel et Paulette Péju, Le 17 Octobre des Algériens, Editions Média-Plus,‬‬
‫‪Constantine, 2012, 199 pages.‬‬
‫‪66- Ibrahim Ghafa , l’intellectuel et la révolution Algérienne, éditions distributions‬‬
‫‪Houma, Alger, 2001.‬‬
‫‪67- Ibrahim Ghafa , l’intellectuel et la révolution Algérienne, éditions distributions‬‬
‫‪Houma, Alger, 2001.‬‬
‫‪68- Jean Lacouture Jean, Cinq hommes et la France, Edition du Seuil, Paris,‬‬
‫‪1961.‬‬
‫‪69- Philippe Tripier, Autopsie de la guerre de l’Algérie, Éditions France Empire‬‬
‫‪1972, 674 pages.‬‬

‫المجالت والجرائد بالعربية‬


‫‪ -71‬برشان محمد‪"،‬التنظيم اإلداري في الجنوب الوهراني إبان االحتالل ( ‪ ،")1960 – 1902‬مجلة‬
‫الخلدونية‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية جامعة تيارت‪ ،‬عدد ‪ ،09‬جوان ‪.2016‬ص‪.182 .‬‬
‫‪ -71‬بلجة عبد القادر‪ ،‬المفاوضات بين الحكومة الفرنسية والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية من‬
‫السرية إلى العلنية‪ ،1956-196‬مجلة متون‪ ،‬المجلد العاشر ‪/‬العدد الثاني ‪ / 01‬ديسمبر‪، 2018‬‬
‫ص ‪.195-180‬‬
‫‪ -72‬بليل محمد‪ ،‬المفاوضات الجزائرية الفرنسية ‪1962-1960‬على ضوء وثائق أرشيفية‪ ،‬الحوار‬
‫المتوسطي المجلد التاسع العدد ‪ 1‬مارس‪ ،2018‬ص‪.250-225‬‬
‫‪ -73‬بن سعدي سمير‪ ،‬جهود الفرق اإلدارية المختصة في تطبيق مشروع قسنطينة ‪:1962-1958‬‬
‫زمورة بالشرق الجزائري أنموذجا‪ ،‬المجلة التاريخية الجزائرية‪ ،‬المجلد ‪ 05‬العدد ‪،)2021( 01‬‬
‫ص ‪.747-733‬‬
‫‪ -74‬بن فاطمة سامية‪ ،‬سياسة األسالك الشائكة الفرنسية وانعكاساتها على مسار الثورة التحريرية ‪،‬‬
‫مجلة دفاتر المخبر‪ ،‬المجلد ‪ ،16‬العدد ‪ ، )2021( 01‬ص ‪.96-78‬‬
‫‪ -75‬بوعباش مراد‪ ،‬قراءة في المفاوضات الجزائرية الفرنسية اتفاقيات إيفيان أنموذجا‪ ،‬مجلة الباحث‬
‫في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬العدد ‪ /34‬جوان ‪ ،2018‬ص ‪.236-225‬‬
‫‪ -76‬بوعريوة عبدالمالك‪ ،‬محطات في معركة التسليح في الثورة التحريرية الجزائرية ‪،1958-1954‬‬
‫مجلة المعارف للبحوث والدراسات التاريخية‪ ،‬العدد ‪.243-196 ،09‬‬
‫‪ -77‬رخيلة عامر‪ ،‬أبعاد و مفاهيم لبيان أول نوفمبر ‪ ،1954‬مجلة المصادر‪ ،‬العدد ‪،2001، 4‬‬
‫المركز الوطني لدراسات والبحث في الحركة الوطنية و ثورة أول نوفمبر‪.‬‬
‫‪ -78‬حسين عبد الستار‪ ،‬مسألة التسليح في اهتمامات قيادة الثورة الجزائرية خالل مرحلتها األولى‬
‫‪ .1956-1954‬مجلة الدراسات التاريخية العسكرية ‪ -‬جانفي ‪ ،2020‬ص ص ‪.136-131‬‬

‫]‪[124‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫‪ -79‬حمدي رزق‪ ،‬االستخبارات أنشأت صوت العرب‪ ،‬مجلة الوسط‪ ،‬العدد‪،2001/3/12 ،476‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ -81‬السقاي عبد الحميد وزبير بوشلغام‪" ،‬حديث ذو شجون مع المجاهد بن يوسف بن خدة"‪ ،‬مجلة‬
‫أول نوفمبر‪( ،‬تصدر عن المنظمة الوطنية للمجاهدين‪ ،‬شارع العقيد عميروش‪ ،‬الجزائر)‪ ،‬العدد‬
‫‪.1986 ،10‬‬
‫‪ -81‬عالل محمد‪ ،‬أحمد السعيد شيخ اإلعالميين العرب أول من تال بيان أول نوفمبر‪( ،‬جريدة الفجر‪،‬‬
‫يومية جزائرية‪ ،‬تصدر عن ش‪.‬ذ‪.‬م‪.‬م‪ ،‬دارالصحافة‪ ،‬طاهر جاووت ‪1‬ماي‪-‬الجزائر العاصمة‪،‬‬
‫السنة ‪ ،12‬العدد‪ 28 ،4392‬جوان ‪ ،2012‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -82‬عماري الصادق‪ ،‬نداء أول نوفمبر المبادئ و األطر‪ ،‬جريدة صوت األحرار‪ ،‬يومية جزائرية‪،‬‬
‫الوطن‪ ،‬السنة ‪ ،15‬العدد‪ ،5090‬األربعاء ‪.2014/10/31‬‬
‫‪ -83‬لعبيدي إدريس‪ ،‬التنظيم السياسي واإلداري والعسكري في الوالية التاريخية الثانية ‪-1954‬‬
‫‪ 1962‬المجالس الشعبية – انموذجا ‪ -‬مجلة اآلداب والعلوم االنسانية‪ ،‬المجلد ‪ ،10‬العدد‪،1‬‬
‫الصفحة ‪.238-211‬‬
‫‪ -84‬الزبيري محمد العربي‪" ،‬ستون عاما بعد اندالع ثورة التحرير الوطني"‪ ،‬جريدة صوت‬
‫األحرار‪ ،‬يومية جزائرية‪ ،‬الوطن‪ ،‬السنة ‪ ،15‬العدد‪.5089‬‬

‫المجالت والجرائد بالفرنسية‬


‫‪85- Benhamouda kamel-Eddine, La question du partage de l’Algérie pendant la‬‬
‫‪guerre d’indépendance Quotidien EL Watan, 05 JUILLET 2008.‬‬
‫‪86- Farouk Zahi, L’Appel du 1er Novembre 1954, le document politique‬‬
‫‪«essentiel» de la Révolution, le courier d’ALGER, 2-11-2009.‬‬
‫‪87- Charles-Robert Ageron, Un versant de la guerre d'Algérie : la bataille des‬‬
‫‪frontières (1956-1962), Revue d’Histoire Moderne & Contemporaine, Année‬‬
‫‪1999, 46-2 , pp. 348-359 .‬‬
‫‪88- Henri Alleg, La guerre d’Algérie ,T3 ,temps actuels,Paris ,1981, pp 507-511.‬‬
‫‪89- Jean Lacouture Jean, Cinq hommes et la France, Edition du Seuil, Paris,‬‬
‫‪1961.‬‬
‫‪90- Lattre J.M. Sahara, clé de voûte de l'ensemble eurafricain français. (p345) In:‬‬
‫‪Politique étrangère N°4 - 1957 - 22e année pp. 345-389.‬‬
‫‪91- LOUVEL. Jean-Marie , ANNEXE N° 23 SAHARA Rapporteur spécial :, N° 66‬‬
‫‪Senat 1re Session Ordinaire de 1959-1960.pp 1-41, Paris.(p3) — Imprimerie‬‬
‫‪des Journaux officiels, 26, rue Desaix‬‬
‫‪92- Stéphane Lembré, L’enseignement technique industriel en Algérie : projets et‬‬
‫‪enjeux (1900-1958), Artefact, 3 | 2016, 83-96.‬‬
‫‪93- Philippe Herreman, Le Monde Publié le 04 juillet 1961.‬‬

‫القواميس والموسوعات‬
‫‪ -94‬إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي‪ ،‬الموسوعة الميسرة للمصطلحات السياسية عربي‪-‬إنجليزي‪ ،‬دار‬
‫الكتب العربية للنشر اإللكتروني‪ ،‬القاهرة‪.2005 ،‬‬
‫‪ -95‬لحام س‪.‬م وآخرون‪ ،‬القاموس السياسي ومصطلحات المؤتمرات الدولية‪ ،‬إنجليزي‪-‬فرنسي‪-‬‬
‫عربي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪ ،‬منشورات محمد علي بيضون‪ ،‬بيروت‪.2004 ،‬‬

‫]‪[125‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫الفـهرس‬
‫تقديم ‪....................................................................‬ص‪.3‬‬
‫المحور األول‪ :‬ظروف وعوامل انطالق الثورة الجزائرية في ‪1954‬‬
‫‪ - 1‬ظروف انطالق الثورة ‪............................................‬ص‪4‬‬
‫‪ -2‬انطالق الثورة الجزائرية‪.............................................‬ص‪7‬‬
‫‪ -3‬التنظير للثورة من خالل بيان نوفمبر ‪1954‬م‪........................‬ص‪11‬‬
‫‪ - 4‬قراءة في خطاب نوفمبر‪.............................................‬ص‪17‬‬
‫‪ - 5‬أهداف ومبادئ بيان نوفمبر ‪1954‬م‪..................................‬ص‪19‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬المواقف المحلية والخارجية من اندالع الثورة‬
‫‪ -1‬ردود فعل السلطات الفرنسية‪.......................................‬ص‪25‬‬
‫‪ -2‬موقف الصحافة الفرنسية‪............................................‬ص‪27‬‬
‫‪ -3‬المواقف الجزائرية‪...................................................‬ص‪29‬‬
‫‪ -4‬موقف الفرنسيين من األحداث‪........................................‬ص‪32‬‬
‫‪ -5‬موقف الدول الغربية‪.................................................‬ص‪33‬‬
‫‪ - 6‬مواقف الدول العربية‪................................................‬ص‪34‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬تطور الثورة الجزائرية عسكريا وتنظيميا‬


‫‪ -1‬تنظيم الثورة التحريرية‪...............................................‬ص‪35‬‬
‫‪ -2‬هجوم الشمال القسنطيني‪................................................‬ص‪43‬‬
‫‪ -3‬مؤتمر الصومام‪......................................................‬ص‪46‬‬
‫‪ - 4‬تطور جيش التحرير الوطني‪........................................‬ص‪62‬‬
‫‪ -5‬اإلعالم الثوري والدعاية المضادة‪.....................................‬ص‪68‬‬
‫‪ -6‬النشاط الثوري بالمدن‪................................................‬ص‪71‬‬
‫‪ -‬المحور ارابع‪ :‬سياسات الحكومات الفرنسية حيال الثورة‬
‫‪ -1‬محاولة السلطات الفرنسية احتواء الثورة‪....................................‬ص‪78‬‬
‫‪ -2‬ردود الفعل العسكرية الفرنسية للقضاء على الثورة‪..........................‬ص‪81‬‬
‫‪ - 3‬خطا موريس وشال‪..............................................‬ص‪82‬‬
‫‪ - 4‬إستراتيجية ديغول للقضاء على الثورة‪...............................‬ص‪84‬‬
‫‪ -5‬مشاريع تقسيم الجزائر‪.................................................‬ص‪90‬‬
‫‪ -‬المحور اخامس‪ :‬المفاوضات وتقرير المصير‬
‫‪ -1‬النشاط الديبلوماسي للحكومة المؤقتة‪..................................‬ص‪.94‬‬
‫‪ -2‬المفاوضات الجزائرية‪-‬الفرنسية‪.......................................‬ص‪97‬‬
‫‪ -3‬المفاوضات المباشرة مع ممثلي الحكومة المؤقتة ‪.......................‬ص‪99‬‬
‫‪ -4‬المرحلة االنتقالية‪......................................................‬ص‪113‬‬
‫‪ -5‬برنامج طرابلس‪......................................................‬ص‪114‬‬

‫]‪[126‬‬
‫الثورة الجزائرية ‪1954‬م‪1962-‬م‬

‫‪ -6‬االستفتاء وإعالن االستقالل‪............................................‬ص‪118‬‬


‫المراجع‪..................................................................‬ص‪121‬‬
‫الفهرس‪..................................................................‬ص‪126‬‬

‫‪127‬‬

You might also like