‫احملاضرة السادسة‬

‫الثورة اجلزائرية ‪-1962-1954‬ج‪-2‬‬

‫– مراحل الثورة اجلزائرية(‪.)1962-1954‬‬

‫ميكن تقسيم الفرتة العمرية للثورة اجلزائرية اليت استمرت حوايل سبع سنوات وتصنف إىل أربع مراحل‪ :‬مرحلة‬
‫االنطالق اليت متتد من ‪ 1954‬إىل ‪ 1956‬ومرحلة التنظيم والشمول من ‪ 1956‬إىل ‪ 1958‬ومرحلة حرب‬
‫اإلابدة من ‪ 1958‬إىل ‪ 1960‬ورابعها مرحلة املفاوضات واالستقالل من ‪ 1960‬إىل ‪.1962‬‬

‫*املرحلة األوىل‪ :‬مرحلة االنطالق (‪)1956-1954‬‬

‫ان هذه املرحلة تعد من أصعب مراحل الثورة التحريرية ومتكن الصعوبة يف كيفية اقناع الشعب اجلزائري‬
‫والراي العام العاملي برعية الثورة وكيفية أتمني السالح واملال الالزمني الستمرارها وترسيخها وجناحها وكيفية ابتكار‬
‫التنظيمات واملؤسسات الضرورية لتسيريها‪ ،‬كما تعد هذه املرحلة القاعدة الصلبة اليت ارتكزت عليها الثورة بنجاحها‬
‫أتيت مراحل أخرى وتسري الثورة حنو اهلدف املنشود وبفشلها يقر مشروع الثورة‪.‬‬

‫وهلذا ارتكز " العمل هالل هذه الفرتة على تثبيت الوضع العسكري وتقوية ومد الثورة ابملتطوعني والسالح‬
‫والعمل على توسيع إطارها لتشمل كافة أحناء البالد"‪.‬‬

‫وعليه فلقد أخذ اجلزائريون أبسلوب حرب العقاابت ونصب الكمائن وشن الغارات أما فيما خيص السالح‬
‫فلقد توصل بن بلة وبوضياف إىل اتفاق مع ممثلي املخابرات املصرية يتضمن توجيه الدعم املصري حاداي وعسكراي‬
‫ملمثلي جيش التحرير " ولقي هذا االتفاق أول جتسيد له على عملية خيت امللكة دينا الذي أوصل كميات هامة‬
‫من السالح إىل شاطئ الناظور شرق املغرب يف ‪ 30‬مارس ‪."1955‬‬

‫وابتداءا من منتصف ‪ 1955‬قسم جيش التحرير الوطين الرتاب اجلزائري إىل مخس مناطق وهي ‪:‬‬
 ‫*املنطقة األوىل‪ :‬األوراس النمامشة‪ ،‬وعلى رأسها مصطفى بن بولعيد‪.‬‬

‫*املنطقة الثانية‪ :‬الشمال القسنطيين‪ ،‬وعلى راسها ديدوش مراد‪.‬‬

‫*املنطقة الثالثة (القبائل الكربى والصغرى‪ ،‬وعلى رأسها كرمي بلقاسم‪.‬‬

‫املنطقة الرابعة‪ :‬اجلزائر العاصمة وعلى رأسها رابح بيطاط‪.‬‬

‫املنطقة اخلامسة‪ :‬وهران وعلى رأسها حممد بوضياف‪.‬‬

‫وبدأ يف ضرب مصاحل العد العسكرية واالقتصادية وبدأت أتخذ شكل معارك لعل اهم معركة انتصر فيها‬
‫جيش التحريري الوطين هي معركة الشمال القسنطيين ‪ 20‬أوت ‪ 1955‬حيث اعتربت مرحلة حامسة يف مسرية‬
‫الثورة اجلزائرية‪ ،‬حيث قام زيغود يوسف ينظم اهلجومات يف والية قسنطينة واليت استمرت من ‪ 20‬أوت إىل ‪27‬‬
‫أوت وأشرك فيها أبناء الشعب واهلجومات وقاموا بتخريب السجون ومراكز الشرطة ومزارع املعمرين وأعمدة‬
‫اهلاتف والكهرابء‪ ،‬وجمموع العمليات املنفذة ‪39‬عملية على خمتلف أحناء منطقة مشال قسنطينة ضد أهداف‬
‫عسكرية واقتصادية‪.‬‬

‫وهبذا كان هجوم ‪ 20‬أوت مبثابة انطالقة جديدة ابلنسبة للثورة أذهلت العدو يقدر ما فاجأته‪ ،‬وقد‬
‫استعادوا الثوار بفضلها زمام املبادرة فأصبحوا يتنقلون يف وضح النهار على متون اخليل والبغال‪ ،‬أما املواطنون فقد‬
‫ازداد إقناعهم ابن استعادة االستقالل ممكنة بعدان كانت حلما بعيدا‪.‬‬

‫وهبذا أكدت األحداق التفاف اجلماهري جبيش التحرير الوطين كما جنحت يف فك احلصار على االوراس‬
‫واتكيد استمرارية الثورة ومشوليتها وانتشارها مواجهة بذلك اسرتاتيجية سوستال اهلدفة إىل فصل الشعب عن الثوار‬
‫والتضامن مع الشعب املغريب الشقيق من خالل اتريخ ‪ 20‬أوت ‪ 1955‬ذكرى نفي امللك حممد اخلامس كما‬
‫استطاعت لفت انتباه الرأي العام الدويل للقضية اجلزائرية حيث أن جبهة التحرير الوطين تلفت دعوى حلضور‬
‫بندوة ابندونغ وبعد االستماع التنديدات ابالستعمار جبميع أشكاله صادقت الندوة ابإلمجاع على الئحة مصرية‬
‫تطالب حبق اجلزائر يف االستقالل وتطالب فرنسا ابعطاء جواب مستعجل ويف ‪ 20‬سبتمرب من نفس السنة طالبت‬
‫‪ 15‬دولة من كتلة ابندونغ بتسجيل القضية اجلزائرية يف جدول أعمال الدورة العاشرة لألمم املتحدة‪.‬‬
‫كما أدت هذه اهلجومات إىل انضمام العديد من الشخصيات السياسية إىل صفوف جبهة التحرير الوطين‬
‫أما فيما خيص موقف العدو الفرنسي من عدة األحداث فلقد أصيب خبيبة أمل كبرية حيث استطاعت هذه‬
‫األحداث جرب مشروع جاك سوستال فما كان عليه إال القيام حبمالت قمع واسعة ملدنيني ومالحقة اجملاهدين وكل‬
‫من يساندهم أو يتعاطف معهم‪.‬‬

‫فأقدم هبمجيته املعهودة مبجازر انتقامية متسعة ابلوحشية يف حق السكان والقرى واملداشر مثل جمزرة‬
‫سكيكدة اليت ال مثيل هلا إال جمزرة ‪ 8‬ماي ‪ ،1945‬كما انتشرت محالت االعتقال والسلب والنهب وهتك‬
‫األعراض وتنفيذ حكم اإلعدام يف حوايل ‪ 7‬آالف مواطن ووقف الكثري منهم إحياء‪ .‬ابللجوء إىل األسلحة احملظورة‬
‫مثل االلنبامل يف إطار عملية "فري ونيك" (‪ 10‬يناير ‪ )1955‬إعالن حالة الطوارئ وابتداءا من ‪ 3‬أفريل‬
‫‪ 1955‬استدعاء االحتياطي من اجلنود وقد ادى ذلك إىل مضاعفة تعدد القوات النظامية الذي ارتفع يف بضعة‬
‫أشهر من ‪ 80‬ألف جندي إىل ‪ 160‬ألف يف يوليو إىل ‪ 190‬ألف قبيل هناية السنة‪.‬‬

‫كما جند كاتب أجنيب مثل "ايف كوراي" كتب يف كتابه "زمن الفهود" أنه اهلجوم األول احلقيقي حلرب‬
‫اجلزائر ويضيف أيضا ختلت حرب اجلزائر اآلن مرحلتها النشطة األقنعة ستسقط والسياسات ستتطور من اآلن‬
‫فصاعدا سيكون هناك "قبل ‪ 20‬أوت وما بعد ‪20‬أوت"‪.‬‬

‫كما تقول كاتبة الفرص الضائعة ‪"" Les occasion perdus‬انه أول هجوم جزائري موسع وشامل‬
‫يكشف عن إعداد دقيق ووجود قوات نضامية هامة‪ ،‬أمهية املساعدة من اجلماهري انه ميثل منعرجا حلرب التحرير‬
‫اجلزائرية سواء من الناحية الشمولية أو من انحية اختيار األهداف"‪.‬‬

‫*املرحلة الثانية‪ :‬مرحلة التنظيم والشمول (‪)1958-1956‬‬

‫بعد أحداث ‪20‬أوت ‪ 1955‬وما نتج عنه على الصعيد الداخلي واخلارجي عسكراي وسياسيا جاءت‬
‫ذاكرة األوىل لتفتح آفاقا جديدة للثورة التحريرية ابنعقاد مؤمتر الصومام الذي يعترب حدث اترخيي كبري فقد كانت‬
‫الوضعية عرب الرتاب الوطين تتسم بعدم التنسيق كل مسؤولية يتخذ املبادرة اليت يراها مناسبة ملنطقته واالتصاالت‬
‫شبه منعدمة األسلحة املطلوبة غري متوفرة ومل تكن هناك قيادة موحدة يضاف إىل ذلك الصراعات على الزعامة‬
‫الثورة بني مجاعة الداخل واخلارج كل هذا استدعى ضرورة اللقاء‪.‬‬
‫أمام تطور متطلبات الثورة التحريرية داخليا وخاراي وعسكراي وسياسيا فارأتت قيادة الثورة اإلسراع بعقد‬
‫مؤمتر لتقييم الفرتة السابقة والتحضري للفرتة الالحقة قتم عقد مؤمتر الصومام بقرية "إفري" اوزالقن "بواد الصومام‬
‫ابملنطقة العسكرية الثالثة حيث خرج املؤمتر بوثيقة عدت الوثيقة الثانية بعد نداء نوفمرب ضمنها املؤمترون آفاق الثورة‬
‫التحريرية على الصعيد الداخلي واخلارجي وأهم ما جاء فيها التنظيم العسكري اجلديد أي هيكلة اجليش الكتيبة‬
‫‪ 110‬جنداي‪ ،‬الفرقة ‪ 35‬جنداي الفوج ‪ 11‬جنداي‪ ،‬نصف الفوج ‪ 5‬جنود‪ ،‬وألول مرة أطلق اسم الوالية على‬
‫املنطقة وأصبح كل قائد والية عقيدا ‪ ،‬أعيد التقسيم اجلغرايف وأصبح شبه ‪ 6‬والايت ومت توحيد الزي والرتب‬
‫والشارات العسكرية وتكوين هيأة تشريعية (اجمللس الوطين للثورة اجلزائرية) وهيأة تنفيذية جلنة التنسيق والتنفيذ"‪.‬‬

‫أما دوليا فبالرغم من اجملهودات املضيفة اليت كانت تقوم هبا الدبلوماسية الفرنسية والدول الداعمة هلا من‬
‫اجل القضاء على ملف القضية اجلزائرية الذي أحرز تقدما وأتيدا من الرأي العام العاملي الذي استنكره بشدة‬
‫جرائم وفضائح االستعمار يف اجلزائريني‪ ،‬أدرجت القضية اجلزائرية غب الدورتني ‪ 11‬و ‪ 12‬لألمم املتحدة اللتان‬
‫عقدات يف نوفمرب وديسمرب ‪ 1957‬وحضيت القضية الوطنية مبكانة مرموقة غي الندوة األفروأسيوية املنعقدة‬
‫ابلقاهرة وكذلك شاركت يف مؤمتر " أكرا" يف غاان للدول اإلفريقية يف أفريل ‪ ،1958‬وجاء بعد ذلك اجلنرال‬
‫"دغول" إىل احلكم كمنقذ لفرنسا خالل االستنجاد بقوات اللفيف األجنيب واملعدات العسكرية املتطورة‪.‬‬

‫فشهدت هذه املرحلة ارتفاع حدة اهلجوم الفرنسي املضاد للثورة من اجل القضاء عليها إال أن هذه األخرية‬
‫ازدادت اشتعاال وعنفا بسبب جتاوب الشعب معها وأقام جيش التحرير مراكز جديدة ونشطت حركة الفدائيني يف‬
‫املدن ومن قمة ازدادت اخلسائر يف صفوف اجليش الفرنسي كما متكن جيش التحرير من إقامة بعض السلطات‬
‫املدنية أيضا تدعمت صفوف الثورة ابلشباب املتفق من اجلامعات ومن معهد بن ابديس بقسنطينة ومن املعاهد‬
‫واجلامعات العربية يف تونس واملغرب ودول املشرق العريب‪.‬‬

‫وبعد ‪ 4‬سنوات من احلرب واالمتحان الصعب والطويل الذي عرفته مسرية قضيتنا والتفكري العميق قررت‬
‫جلنة التنسيق والتنفيذ ان تنحل وتشكل أول حكومة مؤقتة يف ‪ 19‬سبتمرب ‪ 1958‬وهاته األخرية دعمت بعنصرين‬
‫مها بن خدة الذي عاد بعد سنة من إقصائه من جلنة التنسيق والتنفيذ وحممد يزيد الذي كان ممثال جلبهة التحرير يف‬
‫منظمة األمم املتحدة‪.‬‬

‫أما على الصعيد الدويل فقد اعرتفت العديد من الدول هبذه احلكومة املؤقتة وكان يف الصدارة مثر والعراق‬
‫وليبيا ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هذه احلكومة هي املمثل الشرعي والناطقة ابسم الشعب واملسؤولة عن قيادة‬
‫الثورة سياسيا وعسكراي وأعلنت يف اول بيان هلا عن موافقتها على إجراء مفاوضات مع احلكومة الفرنسية شرط‬
‫االعرتاف املسبق ابلشخصية الوطنية اجلزائرية‪.‬‬

‫*املرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة حرب اإلابدة (‪)1960-1985‬‬

‫انتهت فرنسا يف هذه املرحلة سياسة العصا واجلزرة وفيها أصبحت املواجهة بني القوة الفرنسية وجبهة‬
‫التحرير الوطين تستدعي صرامة وشجاعة وقد زود اجلانب الفرنسي أبحدث اآلالت التدمريية اليت ال تتوازن يف‬
‫القضاء على الثورة وكذلك استعملت السلطة الفرنسية وسائل سياسة كالتسمم الدعائي‪.‬‬

‫ومن هذا املنطلق عرض ديغول مشروعه تسلم الشجعان‪ :‬الذي لقي ابلرفض من طرف الثوار ابعتباره‬
‫استسالم وليس سلم واملتمثل يف إصالحات اقتصادية مستعجلة يف حماولة لفصل الثورة عن اجلماهري وما هي يف‬
‫حقيقة األمر إال خدعة وعند فشل سياسة اجلزرة على حد تعبري السياسيني ظهر الوجه احلقيق للجمهورية القاضي‬
‫شن هجومات على املعاقل اجلبلية للثورة بقوة ترتاوح ما بني يرومري يف القبائل الكربى التاج يف الونشريس واملنضار‬
‫األحجار الكرمية وغريها‪.‬‬

‫ويف هذه الفرتة بلغ القمع البوليسي حده األقصى يف املدن واألرايف وفرضت على األهايل معسكرات‬
‫االعتقال اجلماعي يف خمتلف املناطق اما رد جيش التحرير اجلزائري فقد كان فوض معارض عنيفة ضد اجليش‬
‫الفرنسي واعتمد خطة توزيع القوات على مجيع املناطق من أجل إضعاف قوات العدو املهامجة وختفيف الضغط‬
‫على بعض اجلبهات ابإلضافة إىل فتح معارك مع من أجل إهناكه واستنزاف قواته ولعل ابرز معارك هاته الفرتة‬
‫معركة عنابة ‪ 24‬جوان ‪ 1959‬ومعركة عني زانة ‪ 14‬جوان ‪ 1959‬واليت استهدفت مبىن املنارة املريادور" مبىن‬
‫الكوندوس مقام اجلنود الفرنسيني ومعركة جيمال يف بالد القبائل ‪.1959‬‬

‫ويف نوفمرب من عام ‪ 1958‬شن اجليش الوطين هجومات على اخلط املكهرب واملعروف خبط شال على‬
‫احلدود التونسية‪.‬‬

‫وعلى الصعيد السياسي طرحت قضية اجلزائر يف األمم املتحدة ويف مؤمتر الشعوب اإلفريقية بـ" أكرا" والقت‬
‫التضامن والدعم الكلي والتأييد املطلق هلا‪.‬‬
‫وقد اتبع جيش التحرير نشاطه يف املنطقة اجلبلية واحلدودية وأمام اخلسائر الفرنسية قام اجمللس الوطين بعقد‬
‫دورة اثلثة يف طرابلس ‪ 20‬ديسمرب ‪ 20 ، 1959‬جانفي ‪ 1960‬وخلص يف النهاية أبن الثورة مستعدة للحوار‬
‫مع احلكومة الفرنسية على أساس حق الشعوب يف تقرير املصري وأمام الضغط املتزايد اعرتفت فرنسا هبذا احلق يف‬
‫سبتمرب ‪ 1960‬وخولت مهمة املفاوضات للحكومة املؤقتة مع احلكومة الفرنسية هاته األخرية استعملت كل احليل‬
‫للتنصل وبث الشقاق يف أوساط الثورة‪.‬‬

‫أي أن كل احملاوالت ابءت ابلفشل أمام متسك وإصرار الثورة على هدفها فرفض تسلم الشجعان‪ ،‬وفشلت‬
‫االتصاالت األوىل يف موالن ما بني ‪ 25‬و ‪ 29‬جوان ‪ 1960‬وبفضل جهود جبهة التحرير اليت حضيت بتأييد‬
‫الرأي العام للقضية اجلزائرية يف مؤمتر الشعوب اإلفريقية يف تونس جانفي ‪ 1960‬أو مؤمتر رؤساء الدول اإلفريقية‬
‫أديس اباب جوان ‪ 1960‬ومؤمتر وزراء اخلارجية األفارقة "ليدوفيل" أوت ‪ ،1960‬وخالل الدورة اخلامسة عشر‬
‫لألمم املتحدة صرحت ‪ 63‬دولة على أطروحة احلكومة املؤقتة وقام الشعب بتدعيم هذه األطروحة من خالل‬
‫مظاهرات ‪ 11‬ديسمرب ‪ 1960‬يف العاصمة لتدعيم الرتاب الوطين كله رافضة كل املخططات االستعمارية‪.‬‬

‫*املرحلة الرابعة‪ :‬مرحلة املفاوضات واالستقالل (‪)1962-1960‬‬

‫خالل هذه الفرتة اهلامة واحلامسة من ثورة التحرير حاول الفرنسيون حسم القضية اجلزائرية عسكراي لكنهم مل‬
‫يفلحوا يف ذلك ألن جذور الثورة كانت قد تعمقت وأصبحت موجودة يف كل مكان وأضحى من الصعب بل من‬
‫املستحيل القضاء عليها ورغم هذا الواقع فقد قام الفرنسيون بعدة محالت عسكرية ضخم على خمتلف املناطق‬
‫اجلزائرية ولكنها مجيعا ابءت ابلفشل وتكبد اجليش الفرنسي خالهلا خسائر فادحة وقد مت يف جانفي ‪1960‬‬
‫تشكيل أول هيئة أركان للجيش الفرنسي الذي أصبح جيشا تضامنيا ومتطورا يف عدته وعتاده ومت تعيني العقيد‬
‫حممد بن إبراهيم بوخروبة املعروف ثوراي وسياسيا هبواري بومدين أول رئيس لألركان هلذا اجليش‪.‬‬

‫وشهدت الفرتة املمتدة بني ‪ 20‬ماي و ‪ 28‬جويلية ‪ ،1961‬جولتني من املفاوضات‪ ،‬اجلولة األوىل معروفة‬
‫مبفاوضات ايفيان األوىل متيز هلا عن مفاوضات ايفيان األخرية يف مارس ‪ ،1962‬كانت هذه أطول اجلوالت كلها‬
‫(‪ 20‬ماي ‪ 13‬جوان) وأقلها نتيجة مث تلتها جولة قصرية (‪ 28-20‬جويلية) جرت وقائعها يف مكان غري بعيد‬
‫عن األول هو مدينة لوغران على مرتفعات ايفيان‪ .‬وجاءت هذه املفاوضات ابلفشل بسبب متسك فرنسا بفكرة‬
‫فصل الصحراء واملبالغة يف احملافظة على االمتيازات األوروبية واملطالبة بتجريد جيش التحرير من السالح وغريها‬
‫من املطالب‪.‬‬
‫وخطت املرحلة احلامسة من املفاوضات الفرتة املمتدة من أكتوبر ‪ 1961‬إىل مارس ‪1962‬ومرت خالهلا‬
‫بثالثة أطوار‪ :‬سلسلة من االرتباطات السرية يف أكتوبر‪ ،‬جانفي‪ ،‬مهدت أساسية سرية عرفت مبفاوضات لروس يف‬
‫شهر فيفري ‪ 1962‬مث كانت اخلامتة يف ايفيان الثانية يف الشهر الذي تاله وعقد اجمللس الوطين للثورة اجلزائرية‬
‫دورته الرابعة يف طرابلس من ‪ 9‬إىل ‪ 27‬أوت ‪ 1961‬وشكل حكومة جديدة ومت التأكيد على دعم الكفاح‬
‫املسلح والنضال اجلماهريي لكن دون التخلي عن منظور املفاوضات‪.‬‬

‫يوم ‪ 5‬سبتمرب ‪ 1961‬كان اترخيا هاما يف مسلسل املفاوضات يف ذلك اعرتف ديغول ابلسيادة اجلزائرية‬
‫على الصحراء وبذلك ذللت إىل حد كبري إحدى العقبات الكربى اليت أفشلت مفاوضات ايفيان ولوغوان وهي‬
‫مشكلة الصحراء‪.‬‬

‫ومتت التسوية يف مفاوضات يل روس "‪ "les rousse‬من ‪ 19-11‬فيفري ‪ 1962‬كانت مفاوضات يل‬
‫روس صعبة للغاية ابلنسبة للوفدين لكن اإلجراءات أخذت جمراها بناء على رغبة ديغول الذي كان يريد أن يبدوا‬
‫االستغالل وكلفه منح من قبل فرنسا ومل ينتزع انتزاعا وقد عني املفوض السامي "كريستسان فوشيه" لكي يرأس‬
‫عملية نقل السلطات وضمنت بنود االتفاق ما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬حيق ملواطين كل من البلدين أن يعيشوا أو يعملوا على البلد اآلخر‪.‬‬

‫‪-2‬تعترب أمالك الفرنسيني الباقني على اجلزائر مكفولة‪.‬‬

‫‪-3‬تعترب اجلزائر سيدة على الصحراء وتتعاون معها فرنسا يف استثمار البرتول‪.‬‬

‫كما حتتفظ مبنشآهتا اخلاصة ابألحباث النووية‪.‬‬

‫‪-4‬تتلقى اجلزائر مساعدة اقتصادية وتقنية وتبقى ضمن منطقة الفرنك‪.‬‬

‫‪-5‬التعاون والتفاين يستمر‪.‬‬

‫‪ -6‬تبقى بعض القواعد اجلوية ابإلضافة إىل املرسى الكبري بني أيدي الفرنسيني ملدة ‪ 15‬يوم واستمر نزوح‬
‫األوروبيني من اجلزائر وهكذا مل يبقى يف اجلزائر أخريا سوى ‪ 100.000‬أورويب من أصل ميلون األمر الذي سهل‬
‫حل املسائل املشرتكة فيما بعد‪.‬‬
‫جرى االستفتاء يف اجلزائر يف شهر جويلية ‪1962‬حيث أجاب الشعب اجلزائري بنعم لالستقالل ومت‬
‫اعالن ذلك يف ‪ 5‬جويلية ‪.1962‬‬

‫‪ -‬املراجع‪:‬‬

‫‪* -‬إحدادن زهري‪ :‬املختصر يف اتريخ الثورة اجلزائرية‪ ،1962-1954،‬ط‪ ،1‬مؤسسة احدادن‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.2003‬‬
‫‪* -‬بوعزيز حيي ‪ :‬سياسة التسلط االستعماري و احلركة الوطنية اجلزائرية ‪ ،1954-1830‬ديوان‬
‫املطبوعات اجلامعية‪.2007 ،‬‬
‫‪* -‬بوحوش عمار ‪ :‬التاريخ السياسي للجزائر من البداية إىل غاية ‪،1962‬ط ‪، 2‬د غ إ ‪،‬بريوت ‪.2005‬‬
‫‪* -‬بوجليدة ميينة‪ :‬احلركة الوطنية اجلزائرية ‪ 1954-1950‬مسار وتصور‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة ‪،‬‬
‫‪.2008-2007‬‬
‫‪* -‬جليسي جوان‪:‬اجلزائر الثائرة ‪،‬ترمجة خريي محاد ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬د ط ‪ ،‬بريوت ‪،‬د –ت ‪.‬‬

‫‪* -‬زوزو عبد احلميد‪ :‬الفكر السياسي للحركة الوطنية اجلزائرية و الثورة التحريرية‪،1954-1880‬ج‪ ،1‬دار‬
‫هومه‪ ،‬اجلزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪* -‬الزبريي حممد العريب‪ :‬الثورة اجلزائرية يف عامها األول‪ ،‬دار احلكمة‪ ،‬اجلزائر‪.2014 ،‬‬
‫‪* -‬سعد هللا أبو القاسم‪ :‬خالصة اتريخ اجلزائر املقاومة والتحرر ‪1962 -1830‬ن ط‪ ،1‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بريوت ‪ ،‬لبنان‪.2007 ،‬‬
‫‪* -‬سعيود أمحد‪ :‬العمل الدبلوماسي جلبهة التحرير الوطين ‪ ،1958-1954‬دار الشروق‪ ،2008 ،‬ص‬
‫‪.51‬‬
‫‪* -‬شليب أمال‪ :‬التنظيم العسكري يف الثورة التحريرية ‪ ،1962-1954‬رسالة ماجستري‪،‬جامعة ابتنة‪،‬‬
‫‪.2006‬‬
‫‪* -‬الفياليل عبد السالم‪ :‬اجلزائر الدولة واجملتمع‪ ،‬ط‪،1‬الوسام العريب‪ ،‬اجلزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪* -‬قليل عمار‪ :‬ملحمة اجلزائر اجلديدة ‪،‬ج‪، 1‬ط‪، 1‬د ار البعث ‪،‬قسنطينة ‪،‬اجلزائر ‪.1991،‬‬
‫‪* -‬العلوي حممد الطيب‪ :‬مظاهر املقاومة اجلزائرية ‪ ،1954-1930‬دار البعث‪ ،‬اجلزائر‪.1995 ،‬‬