Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة 1
مقياس الثورة الجزائرية
عنوان المحاضرة :إندالع الثورة الجزائرية،الظروف،التحضيرات ،طبيعة العمليات،قراءة
في نداء أول نوفمبر.
مقدمة:
بعدما تفاقمت األزمة بين المصاليين والمركزيين ،ووصولها لمرحلة الالعودة،أخذت
العناصر الثورية زمام المبادرة،بالتحضير للثورة دون الرجوع للقيادة السياسية
للحزب،معبرين عن شعور بخيبة األمل من مسؤولي الحزب ،وصراعاتهم الشخصية على
حساب مبادئ الحزب ومثله ،ويكون ذلك إيذانا ببدء عهد جديد،سيكتب أنبل صفحات تاريخ
الجزائر المجيد.
من المنظمة الخاصة إلى جبهة التحرير الوطني:
لقد أصيب قدماء المنظمة الخاصة بخيبة أملهم بتجاهل قيادة الحزب لمعاناتهم وتنصلهم من
المسؤولية عن المنظمة بعد انكشاف أمرها سنة ،1950وأصبحوا منذ ذلك الحين بين هارب
وأسير ومنفي،لكن في نفس الوقت شكلوا تيارا ثوريا متالحما ،انتهى بتأسيس اللجنة الثورية
للوحدة والعمل بمعية بعض المركزين ،وأصدروا جريدة Le patrioteصدرت منها ستة
أعداد ،حيث لعبت اللجنة ولسان حالها في محاولة إصالح ذات البين بين أجنحة الحزب
المتصارعة ،وبعد محاوالت عدة وصل ممثلي التيار الثوري لنتيجة مفاده إستحالة اإلصالح
بين المصاليين والمركزيين،ووجوب أخذ زمام المبادرة وبداية العمل المسلح دون استشارة
أي طرف.
أبرز االجتماعات التحضيرية لتفجير الثورة:
في األسبوع األخير من شهر جوان من سنة ، 1954تنادت العناصر الثورية إلجتماع بمبادرة
من مصطفى بن بوالعيد بمعية محمد بوضياف ،رابح بيطاط ،العربي بن مهيدي ،وديدوش
مراد،في حي المدنية ، Clos Salembierوبالتحديد بمنزل المناضل "لياس دريش"،عرف
هذا االجتماع في التاريخ باجتماع ،22حضره قادة النواحي ،Les chefs zonauxحسب
التقسيم الذي كان معتمد في عهد المنظمة الخاصة،ندد هذا اإلجتماع بالصراع واإلنقسام
الدائر في داخل الحزب،والذي ال يمكن التصدي له إال بتفجير الثورة ،وبعد إختالف الرؤى ،
رجحت كفة الراغبين بالتفجير العاجل للثورة مهما كان الثمن ،وثم انتداب خمسة أعضاء وهم
بن بوالعيد ،بن مهيدي،بيطاط ،ديدوش ،وبوضياف هذه األخير عين كمنسق وطني،وكلف
الخمسة بتنفيذ أهداف اإلجتماع ،الرامية لتفجير الثورة.
وكان لزاما على الخمسة اإلنفتاح على مناضلين من منطقة القبائل الذين غاب ممثليهم عن
اإلجتماع ،فتم االتصال بكريم بلقاسم وأعمر أوعمران ،فإقتنعوا بطرح العناصر الثورية
وأكدوا مشاركتهم في العمل الثوري.
كما ثم االت صال بوفد الحزب بالخارج المتكون من أحمد بن بلة ،آيت أحمد الحسين ،ومحمد
خيضر،المتواجدين بالقاهرة،والذين أبدوا موافقتهم على المشاركة في أي عمل ثوري
مستقبال ،كما تم االتصال بلمين دباغين ،لكن هذا األخير رفض خوض غمار مخاطرة غير
محسوبة العواقب.
وارتأت المجموعة الثورية في األخير لحل معضلة القيادة اعتماد مبدأ القيادة الجماعية ،التي
تقررت في اإلجتماعات الموالية كإجتماع يوم 10أكتوبر ،وإجتماع 22و 23أكتوبر 1954
المعروف باجتماع الرايس حميدو الذي تم في تقسيم المسؤوليات بتقسيم البالد لنواحي :
-المنطقة األولى :األوراس بقيادة مصطفى بن بوالعيد.
المنطقة الثانية :الشمال قسنطيني بقيادة ديدوش مراد.
المنطقة الثالثة :القبائل بقيادة كريم بلقاسم.
المنطقة الرابعة :القطاع العاصمي :بقيادة رابح بيطاط.
المنطقة الخامسة :القطاع الوهراني :بقيادة العربي بن مهيدي.
ووكلت لمحمد بوضياف مهمة التنسيق بين الداخل والخارج ،كما تم تحديد يوم 1نوفمبر
1954موعدا لتفجير الثورة ،وتم تأسيس كيان سياسي جديد سمي بجبهة التحرير الوطني
وجناحه العسكري جيش التحرير الوطني.
كما التأكيد على مبدأ أولوية الداخل على الخارج ،والمركزية في إتحاد القرار نظر إلقرار
مبدأ القيادة الجماعية ونظر التساع رقعة البالد ،وصعوبة التنسيق والتواصل.
اإلمكانيات البشرية واللوجستية:
عانت الثورة في بدايتها من قلة اإلمكانيات من شح األموال الضرورية ألي عمل
ثوري،وضعف التسليح وغياب أي سند سياسي داخلي وخارجي ،حيت واجه القادة التسع
التاريخيين كل الصعاب لتفجير الثورة ،فتم تمويل الثورة من بعض رواتب األعضاء الدائمين
في اللجنة المركزية التي حول جزء منها لتمويل العمل الثوري حيث وصلت لقرابة مليون
فرنك(،رواتب 5أشهر مسبقة ،وذلك لدعم مناضلي اللجنة المركزية ضد المصاليين) ،فقد
رهن بن بوالعيد جزء من ممتلكاته ،وتبرع ديدوش مراد بتركته ،وجمع حاج بن علة من
منطقة الظهرة تبرعات بمليون ونصف فرنك ،وجلب كريم بلقاسم اشتراكات المصاليين في
منطقة القبائل.
إال أن كل هذه األموال لم تكن من الممكن أن تساهم بشكل جيد في تمويل العمل الثوري،إال
أن ذلك لم يفت في عضد العناصر الثورية وزادهم إصرارا على تفجير الثورة.
أما بالنسبة لعنصر التسليح فتم اإلعتماد في البداية على مخازن التسليح للمنظمة الخاصة التي
نجت من قبضة البوليس الفرنسي المتواجدة في شلف ،األغواط،القبائل،العاصمة،األوراس،
سمندو ،لكن تضرر مخزن شلف من جراء زلزال أكتوبر ،1954كما تمكنت الشرطة
الفرنسية للوصول لمخزن األغواط بفعل وشاية عميل ،والمخزن الذي كان يحتوي أسلحة
جيدة هو مخزن األوراس وذلك لقرب الحدود مع ليبيا التي كانت تشهد تهريبا ومتاجرة
باألسلحة وهي المنطقة التي كانت مسرحا لمعارك طاحنة إبان الحرب العالمية الثانية.
أما للحصول على متفجرات وقنابل ،فتم اللجوء لعناصر خارجين عن الحركة كالمدعو
بلحاج الجياللي المدعو "كوبيس"الذي كان شخصية قيادية في المنظمة السرية تم انقلب على
عقبيه ،حيث سيزود هذا األخير وبعلم من البوليس الفرنسي قنابل غير فعالة لجماعة زوبير
بوعجاج المكلفة بتفجير الثورة بمدينة الجزائر.
أما بالنسبة للعنصر البشري فحسب المؤرخ محمد حربي نقال عن شهادة لخضر بن طوبال
فكان كالتالي:
350-مقاتل في منطقة األوراس.
450-مقاتل في منطقة القبائل.
50-مقاتل في منطقة الشمال القسنطيني.
50-مقاتل في القطاع العاصمي.
60-مقاتل في القطاع الوهراني.
عمليات أول نوفمبر:
تميزت عمليات غرة نوفمبر بالشمولية شملت كل التراب الوطني من الشرق إلى الغرب
واستهدفت رموز القهر والظلم اإلستعماري من مراكز بوليس ثكنات الدرك
والجيش،ومصالح الكولون والشركات الكولونيالية ،في نفس الوقت صدرت األوامر من قادة
الثورة بتجنب التعرض للمدنيين والبنى التحتية ،وكانت في المجموع حوالي سبعين عملية
حربية في ثالثين موقع من التراب الجزائري كانت جد مكثفة في منطقة األوراس.
قراءة في بيان أول نوفمبر:
ثم صياغة البيان باللغة الفرنسية ،تم ذهب به بوضياف إلى القاهرة وتم إذاعته في أول
نوفمبر في إذاعة القاهرة بعد ترجمته.
وكان البيان يتكون من محاور يمكن تلخيصها في ما يلي:
-عرض عام للقضية الجزائرية وأبعادها الداخلية والخارجية اإلقليمية والدولية.
-أسباب قيام الثورة ،ومن يقف وراءها.
-شرح األهداف الداخلية (االستقالل) ،الخارجية (التدويل).
-وسائل الكفاح المسلح والسياسي .
-شروط وقف القتال
-الضمانات المقدمة لألوربيين.
-دعوة الجزائريين لإللتفاف حول جبهة التحرير واإلنضمام للثورة.
-كما أن البيان شرح األسباب العميقة لخوض غمار العمل الثوري وذلك بعد استحالة الصلح
بين أجنحة التيار االستقاللي المتصارعة،ولم يبقى أمام قيادة الجديدة إال التوجه بالنداء إلى
الشعب.
-شكل البيان قطيعة نهائية مع اإلستعمار من جهة ومع تيارات الحركة الوطنية من جهة
أخرى.
-التأكيد على النضال من أجل وحدة المغرب العربي.
الخاتمة:
شكلت أحدات غرة نوفمبر قطيعة نهائية مع أشكال وأنماط النضال السياسي التي لم تعد
تجدي نفعا أمام تعنت النظام االستعماري،كما بينت األحداث أن ما سلب بالقوة ال يسترجع إال
بالقوة ،وأنه ال يضيع حق ورائه طالب.
البيبليوغرافيا:
Slimane Chikh, l’Algérie en arme, ou le temps des certitudes, Economica, Paris,
1981.
عبد النور خيتر،تطور الهيئات القيادية للثورة الجزائرية ،أطروحة دكتوراه،جامعة الجزائر ،
.2006
-
المحاضرة 2
مقياس الثورة الجزائرية
مستوى :السنة الثانية ماستر تاريخ المقاومة والحركة الوطنية
عنوان المحاضرة :الثورة في عامها األول.
مقدمة:
لقد نجحت مجموعة الستة التاريخية في رهانها المتمثل في تفجير الثورة ،رغم تحذيرات
الحلفاء والخصوم في الحركة الوطنية ،وذلك خوفا من فشلها المبكر بسبب غياب أدنى
اإلمكانيات كالمال والدعم اللوجيستي والتأييد السياسي،لكن رهان المجموعة كان في محله ،
حيث إندلعت الثورة وكانت شاملة وموحدة شملت كل القطر الجزائري في ليلة واحدة ،لكن
الرهان األكبر كان في ضمان نجاح وإستمرارية الثورة وخاصة في العام األول الذي مثل
أصعب مرحلة من مراحل الثورة على اإلطالق.
ردود الفعل على عمليات أول نوفمبر:
رد الفعل الفرنسي:
مثلت عمليات أول نوفمبر صدمة كبيرة للسلطات اإلستعمارية،التي كانت مزهوة باإلنشقاق
والفتنة الكبيرة التي كان يعيشها التيار اإلستقالي وعلى جناح السرعة إنتقل وزير الداخلية
فرانسوا متيران إلى الجزائر وصرح بعبارته الشهيرة"الجزائر هي فرنسا ،المفاوضات
الوحيدة مع األعداء هي الحرب"...
ومع ذ لك تم القليل من أهمية األحداث ،وربطها بجهات أجنبية معادية ،ولكن الخطأ األكبر
الذي إقترفته السلطات الفرنسية هو حل حزب حركة إنتصار الحريات الديمقراطية ،في
السادس نوفمبر ،وإعتقال عشرات من مناضلي الحزب مصاليين ومركزيين ،على رئسهم
موالي مرباح ،كما أمرت فرنسا قواتها على جناح السرعة بتتبع "المتمردين" أو "الخارجين
عن القانون" ،ورفع عديد الجنود الفرنسيين في الجزائر من 56ألف سنة 1954إلى 83ألف
في فبراير ،1955تحت قيادة جنرال متمرس وهو "غاستون بارالنج" ،الذي بدوره أمر
العقيد "ديكورنو"،بتمشيط جبال األوراس ضمن عمليتي "فيوليت"Violette
و"فيرونيك".Véronique
كما تم إقالة الحاكم العام روجي ليونار ،Roger Léonardوتعويضه بجاك سوستيل
Jacques Soustelleوالذي سوف يأتي ببرنامج إصالحي ومحاولة بعد فوات األوان
إصالح ما يمكن إصالحه،كما تم إعالن حالة الطوارئ العامة في 19مارس .1955
رد فعل مختلف أحزاب الحركة الوطنية:
اختلفت مواقف تيارات الحركة الوطنية من أحداث أول نوفمبر ،فقد عبر مصالي الحاج عن
موقف مبهم من األحداث حين تبرأ من العمليات وفاعليها بينما حمل فرنسا مسؤولية ذلك،كان
يوهم أتباعه أنه مسؤول عن األحداث ،إال أنه أوعز إلى أتباعه تأسيس الحركة الوطنية
كأخطر الجزائرية MNAوجناحها العسكري الذي سيكون بقيادة محمد بلونيس
الحركات المناوئة للثورة.
أما المركزيين من جهتهم أتسم موقفهم للوهلة األولى بالضبابية وعدم اإلستقرار على رأي
واحد ،وذلك لخوفهم من تكرار ما حدث في ماي ،1945وكذلك لعلمهم المسبق باإلمكانيات
التي تكاد تنعدم للجبهة التحرير التي يستحيل معها إستمرارية الثورة ،حاولوا التأثير على بن
بلة للعدول عن الثورة بعد لقاء لحول حسين ومحمد يزيد في القاهرة.
أما جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ،فيبدو أنها لم تكن تملك معلومات عن أحداث أول
نوفمبر ومن يقف ورائها ،ولذلك اتسم موقفهم في البداية بالحذر وأبدت إنزعاجها من أحداث
أول نوفمبر،وحثت الجزائريين على الهدوء ،ووجوب العمل السلمي النضالي،وحاول قادة
الثورة االتصال بزعماء الجمعية إلقناعهم بدعم الثورة،لكن قوبل طلبهم بالرفض ،ووجب
انتظار سنة 1956لتنظم الجمعية للثورة بشكل رسمي.
أما الحزب الشيوعي الجزائري فبمجرد اندالع الثورة رفضت قيادته مطلب اإلستقالل
والعمل المسلح ،كما رفضت القبول بتمثيل جبهة التحرير كممثل لألمة الجزائرية ،لكن الكثير
من العناصر الشيوعية أوروبية وجزائرية ستساند الثورة بعضها يلتحق جبهة التحرير،
والبعض يعلن التمرد المسلح بشكل أحادي كموريس البون Maurice L abanوهنري
مايو Henri Maillotفي ما عرف ب .Les maquis rouges
أما فرحات عباس فقد أبدى دهشة وذهوال من أحداث غرة نوفمبر التي وصفها بالمغامرة
الت ي تنم عن يأس شديد والتي ال تنجر عنها إال الفوضى ،وكان يخاف من تكرار سيناريو
أحداث ماي ،1945وكذلك لطبعه المسالم الميال للنضال السياسي السلمي.
تكوين قيادة ثورية مركزية:
لقد ألح القادة الستة على وجوب إحالل مبدأ الال مركزية في قيادة العمل الثوري،وذلك سوف
يصطد م مع والوقائع وتطورات ميدانية جد حرجة في األشهر األولى من عمر الثورة ،ففي
األيام األولى استشهدا كل من بن عبد المالك رمضان في الخامس نوفمبر ،وباجي مختار في
18من نفس الشهر ،وكانوا نواب مباشرين لقادة المناطق التاريخية،وسوف يتواصل هذا
النزيف بعد استشهاد ديدوش مراد في 18يناير ،1955وإلقاء القبض على كل من مصطفى
بن بوالعيد في الخامس فبراير ،وعلى رابح بيطاط في مارس ،أدى ذلك إلى شغور على
مستوى القيادة ،صادف ذلك إلتحاق مجموعة من مناضلي الحركة الوطنية بالثورة من بينهم
عبان رمضان ،والذي سوف يلعب دورا محوريا على مستوى هيكلة الثورة في تلك الظروف
الصعبة،ويظهر براعة كبيرة في التنظيم وإقناع مناضلي الحركة الوطنية لإللتحاق بالثورة.
أما الوفد الخارجي فكان مكونا من بن بلة ،خيضر ،وآيت أحمد،في القاهرة،وبوضياف
بالمغرب،وتعزز الوفد الخارجي بانضمام لحول حسين ومحمد يزيد،وسينظم إليهم لمين
دباغين في سبتمبر .1955
أما فيديرالية فرنسا فلم تأتي من العدم فقد كانت منظمة بشكل جيد ومقسمة إلى مناطق
وقسمات تابعة لحزب الشعب ،وقد لعب بوضياف دورا كبيرا إلقناع قياداتها بمساندة
الثورة،لم يكن ذلك سهال وسيحتدم الصراع مع المصاليين للسيطرة على الفيديرالية بفرنسا.
تطورات الميدانية على المستوى العسكري:
لقد وجد جيش التحرير الوطني صعوبات جمة في ما يخص توفير السالح واللوجستيك
واإلنتشار ،زاد من ذلك انعدام التنسيق بين القيادات في مختلف المناطق ،بعد إعتماد مبدأ
الال مركزية ،زاد من ذلك اإلستنزاف الكبير الذي طال قيادات الميدانية ،إال أن جيش التحرير
إستطاع التغلب على هذه المشاكل،بإعتماد إستراتيجية الكمائن وحرب العصابات التي كبدت
العدو خسائر كبيرة ،ولقد عرفت هذه المرحلة أولى معارك جيش التحرير كمعركة الحميمة
األولى بالوالية األولى في 13جوان ،1955ثم معركة الجرف الخالدة في 22سبتمبر
، 1955وفي نفس الوقت وصلت كمية من األسلحة إلى جبهة التحرير الوطني على ظهر
السفينة دينا األردنية ،مما سيساهم في بداية هجومات جيش التحرير في الوالية الخامسة
التي عرفت في شهر أكتوبر من نفس السنة إلتحاق بودغن علي(العقيد لطفي)بصفوف جيش
التحرير،هذه التطورات الميدانية أرعبت فرنسا التي زادت من عديد قواتها في الجزائر إلى
"Rébellionفي إطار ما 180ألف جندي إضافي للتصدي لما كانت تسمية "التمرد
كانت تسميه بعمليات "التهدئة "Pacificationوذلك إبتداء من ديسمبر .1955
هجومات الشمال القسنطيني:
تعتبر هجومات الشمال قسنطيني أهم حدث تاريخي في مسار الثورة في مراحلها األولى
،والذي يعد منعطفا تاريخيا مهما ،خطط لها الشهيد زيغود يوسف قائد المنطقة التاريخية
األولى الذي خلف الشهيد ديدوش مراد،والذي جمع قادة المنطقة في اجتماع بمنطقة "جبل
الزمان" وكان الهدف من هذه الهجومات:
-التأكيد على مسألة شمولية الثورة وإستمراريتها .
-رفع معنويات أفراد جيش التحرير الوطني وتبديد صورة الجيش الفرنسي الذي ال يقهر.
-إختراق الحصار المضروب على منطقة األوراس.
-التضامن مع األشقاء في المغرب بعد الذكرى الثانية لنفي الملك محمد الخامس.
-زرع الرعب لدى العدو بنقل الثورة إلى كل مناطق الشمال قسنطيني.
-كسب تعاطف ووالء كل تيارات الحركة الوطنية الذين كانوا يعولون على فشل الثورة.
-العمل على تدويل القضية الجزائرية في األمم المتحدة ،وبالفعل كانت أول محاولة لتدويل
القضية في أعمال الجمعية العامة لألمم المتحدة في سبتمبر .1955
ولقد برهنت هذه الهجمات على الطابع الجماهيري للثورة ،وذلك بالنظر للمشاركة القوية
للجماهير ،وتضامنها مع قوات جيش التحرير،وكان ذلك بمثابة اإلعتراف العلني والصريح
بجبهة التحرير كممثل الوحيد والشرعي للشعب الجزائري.
كما إستطاعت هذه الهجمات إحداث قطيعة نهائية بين المكونين الجزائري واألوروبي ،بسبب
قوة هذه الهجومات ومشاركة الجماهير ،وما تالها عن ردود فعل وحشية من طرف الجيش
الفرنسي وميليشيات األوروبية.
واستطاعت هذه الهجومات من تشجيع آخر المترددين باإللتحاق بالثورة ،كما ساهمت في
تدويل القضية الجزائرية.
كما أعادت هذه الهجومات اإلتصال بين قيادات المناطق التاريخية من جديد.
الخاتمة:
لقد مرت الثورة في عامها األول بأصعب مرحلة مثلت رهان جبهة التحرير على إستمرارية
الثورة من عدمه رغم الصعوبات الكبيرة،استطاعت الثورة الصمود.
البيبليوغرافيا:
محمد العربي الزبيري ،الثورة في عامها األول،دار البعث،دار البعث ،قسنطينة.1984،
Slimane Chikh, l’Algérie en arme, ou le temps des certitudes, Economica, Paris,
1981.
عبد النور خيتر،تطور الهيئات القيادية للثورة الجزائرية ،أطروحة دكتوراه،جامعة الجزائر ،
.2006
المحاضرة 3
مقياس :تاريخ الثورة الجزائرية
عنوان المحاضرة :مؤتمر الصومام 20أوت 1956
مقدمة:
لقد ساهم فقدان التنسيق بين المناطق الثورية،بسبب استنزاف العناصر القيادية المفجرة
للثورة،وبسبب اعتماد مبدأ الال مركزية،في بروز العديد من المشاكل ،انعكست على جميع
الصعد السياسية والعسكرية،وتداخلت الصالحيات بين قيادات الداخل والخارج،وكان لزاما
وضع حد لهذا الخ لل ،عبر ضبط األمور القيادية واعادة هيكلة جبهة وجيش التحرير ،وكان
من الضروري الدعوة إلى مؤتمر جامع يعيد األمور إلى نصابها ،وهو ما كان من خالل
مؤتمر الصومام.
مؤتمر الصومام ،اختيار المكان والزمان:
وقع اإلختيار أوال على منطقة الشمال قسنطيني ،بالضبط بجبال بني صالح ،ثم اقترح مكان
أخر وهو "بو الزعرور "،كما طرحت منطقة األوراس الحتضان المؤتمر،لكن ورود
معلومات عن استشهاد بن بو العيد ،وما تاله من فوضى عرفتها المنطقة األولى ،أدى بقيادة
الثورة اختيار مكان أخر العتبارات األمنية والتنظيمية ،وأخذ عبان رمضان على عاتقه
تن ظيم أمور اإلجتماع وإرسال الدعوات ،وطرح اسم منطقة "األخضرية"،ثم استبدل نهائيا
بمنطقة"إيفري أوزالقن" وبالضبط ضفاف واد الصومام بالمنطقة الثانية من الوالية الثالثة ،
وأخذ كل من كريم بلقاسم وعميروش على عاثقهم تأمين المؤتمر والمؤتمرين.
ليس لدينا معلومات كافية عن تحديد زمن المؤتمر ،ما يمكن معرفته هو اختيار في البداية
فترة الربيع من سنة ،1956لكن وصول معلومات للعدو عن األمر،إضافة إلى الغموض
الذي كان يكتنف األوضاع في األوراس،حال دون ذلك ،ليقع اإلختيار في األخير على تاريخ
20أوت الرمزي في تاريخ الثورة الجزائرية .
قرارات المؤتمر:
عمل القادة الثوريين المجتمعين في مؤتمر الصومام والذين كان أبرزهم :عبان
رمضان،العربي بن مهيدي،زيغود يوسف،كريم بلقاسم،أعمر أوعمران وغيرهم،تأسيس قيادة
عامة للثورة،وإقرار مجموعة من القرارات التنظيمية تخصص هيكلة جيش وجبهة التحرير
الوطنيين ،لتصبح جبهة التحرير قيادة سياسية موحدة تتناسق وتتكامل فيها قرارات القيادة
الداخلية والخارجية مع الغلبة للقيادة الداخلية كما سوف نذكر بعد حين ،والتوضيحية من
خالل تحرير ميثاق ثوري اصطلح على تسميته "أرضية الصومام" يشرح بالتفصيل مبادئ
وأهداف الثورة ،ونظرتها للقضايا الداخلية واإلقليمية والخارجية،ويمكن تلخيص هذه
القرارات في ما يلي:
/1سياسيا:
أولوية السياسي على العسكري:
وهو في الحقيقة مبدأ عالمي أقرته جميع الثورات العالمية ،والمقصود به غلبة نفوذ وإرادة
جبهة التحرير كهيئة سياسية على جيش التحرير الذي يمثل جناحها العسكري،وهكذا يصبح
البرنامج السياسي لجبهة التحرير ملزما لبندقية المحارب والعسكري،ألنه في النهاية يبقى
المبدأ والهدف سياسي وليس عسكري،أال وهو إستعادة السيادة الوطنية ،كما كان يهدف هذا
المبدأ ،الحيلولة دون عسكرة جبهة التحرير الوطني.
أولوية الداخل عن الخارج:
كان لزاما على أي ثورة في العالم تواجد المقاتل والمدافع على مبادئها على أرض المعركة ،
كشرط لنجاحها،ومن أجل ذلك أقر المؤتمر هذا المبدأ ،بما أن كل الحاضرين الذين شاركوا
في المؤتمر كانوا من قادة الداخل ،وكان الغرض من هذا القرار،منع ازدواجية صنع القرار
بين القيادة الداخلية والخارجية،ومنح سلطة القرار للقادة الفعليين في الميدان،لبقاء العمل
العسكري في الداخل متفوقا على العمل الدبلوماسي في الخارج ،ولتجنب قيادة الثورة من
الخارج.
/2عسكريا:
كان على المؤتمرين مسؤولية هيكلة جيش التحرير،لكي يصبح جيشا نظاميا ،وتنظيم عالقته
مع جب هة التحرير،وعقلنة سلطته،رغم صعوبة ذلك لكون أعضاء جيش التحرير لم يكونوا
جنودا محترفين،بعيدين عن ميدان الجندية،والخبرة بالسالح.
ومن أجل ذلك تم إستحداث الرتب العسكرية،وهي نفسها المعتمد في الجيوش العالمية من
جندي أول إلى عقيد ،مع إستبعاد رتبة جنرال،حيث تم اإلحتفاظ بها لما بعد اإلستقالل،
وتقسيم وحدات جيش التحرير الوطني إلى :نصف فوج يضم 5جنود ،وفوج يضم
11جندي،فرقة ،تتكون من 35جندي ،كتيبة ،تتكون من 110جندي،وفيلق 350جندي ،كما
تحديد المرتبات الشهرية لمختلف أعضاء جيش التحرير ،ومنح أرامل وأبناء الشهداء،
وتحديد م صطلحات المستعملة،كالمجاهد وهو المقاتل في صفوف جيش التحرير ،المسبل
وهو المشارك في جيش التحرير عبر تقديم الدعم (شبكات الدعم)،والفدائي ،وهو المكلف
بقتال العدو في المدن.
/3هيكليا:
عمل المشاركين في مؤتمر الصومام على إيجاد هيئات قيادية للثورة ،وهي على التوالي:
أ /لجنة التنسيق والتنفيذ :CCE
في ظل مراعاة مبدأ هام من مبادئ الذي أقرها مؤتمر الصومام وهو مبدأ أولوية الداخل على
الخارج تم استحداث هيئة تنفيذية قيادية ،مكونة من عناصر من الداخل ،مكونة من خمسة
أعضاء قسمت عليهم المهام كالتالي
عبان رمضان :تولى المسؤولية السياسية والمالية للثورة ،ويساعد بن يوسف بن خدة في
مهامه المتمثلة في اإلتصال باألوربيين لكسب الدعم للقضية الجزائرية ،ومساعدة سعد دحلب
في إدارة جريدة المجاهد ،بن مهيدي المسؤول عن العمل العسكري ،وكريم بلقاسم مسؤوال
عن العمل العسكري.
و بذلك تحولت اللجنة إلى قيادة جماعية عامة ،تدير مهام اإلشراف على قيادة الثورة،كما ميز
التفاهم وتقارب األفكار بين أعضائها ،وخاصة لجنة التنسيق والتنفيذ األولى.
ب /المجلس الوطني للثورة:CNRA
شكل هذه الهيئة التي نجهل عنها الكثير ،مجلس إستشاري تشريعي ثوري ،تشكل من 34
عضو 17،دائمين ،و 17غير دائمين ،تشكل من خليط من أطياف الحركة الوطنية،الذين
انظموا للثورة ،من مركزيين و علماء ،وبيانيين،وشيوعيين وغيرهم،ولكن نجهل الكثير من
آليات عمل هذا المجلس وما مدى تأثيره على توجهات الثورة ،نعلم أن جلساته كانت جد
محدودة ،بعضها عقد في القاهرة،واألكثر شهرة عقدت في طرابلس ،في السنوات األخيرة
للثورة ،أما أعضائه فالبعض معروف والبعض غير معروف.
أرضية الصومام:
تعتبر أرضية الصومام ،من أهم النصوص المؤسسة لجبهة التحرير ،بعد نداء أول نوفمبر
،أريد لها أن تكون بمثابة "ميثاق الثورة التحريرية"،وإن كنا نجهل تاريخ صياغة المشروع،
ومحرري األرضية ،البعض ذكر إسم عمار أوزقان كمحرر لألرضية ،بتكليف من عبان
رمضان ،وساعده في ذلك محمد لبجاوي والمحامي عبد الرزاق شنتوف،ليتم مراجعتها في
المؤتمر .
زمنيا يمكن اعتبار الفترة ما بين بداية سنة 1956و حتى الصائفة من نفس العام ،الفترة التي
إستغرقتها األرضية لتأخذ شكلها النهائي ،ولقد حاول عبان رمضان حسب بعض الروايات
إشراك الوفد الخارجي في صياغة األرضية،لكن كل الدالئل تشير إلى عكس ذلك،ولم يفصح
عن محتوى األرضية بشكل علني إال في فاتح نوفمبر 1956عبر جريدة المجاهد.
محتوى األرضية:
جاءت األرضية في حوالي ثالثة ثالثين صفحة باللغة الفرنسية ،تطرق في البداية إلى
الظرفية السياسية للثورة ،والمقاومة المسلحة،التطرق بعدها إلى الحركة المصالية
المناوئة،والتعريض بالحزب الشيوعي ،وغيابه عن محاربة اإلستعمار واإلمبريالية كما كان
يدعي دائما،كشف مناورات فرنسا إلجهاض الثورة،ثم التطرق بعدها بالشرح أهداف الثورة
وشروط وقف إطالق النار والدخول في المفاوضات ،ثم التطرق إلى العمل الثوري
وإمكانيات الثورة العسكرية والدعائية،وخاطب بعدها جميع الشرائح المجتمع الجزائري بدأها
بالفالحين ،ثم العمال،ثم الشباب ثم المثقفون وأصحاب المهن الحرة ،ثم التجار وأصحاب
الحرف،ثم النساء،ثم اللبراليين،واليهود،خاطب كل هذه الشرائح شارحا أسباب الثورة
وأهدافها ودعاهم للمشاركة فيها الكل بطريقته وبإمكاناته.
تم تطرقت األرضية بعدها للمهاجرين الجزائريين ،منوها بدور فيدرالية جبهة التحرير
بفرنسا ووجوب تنظيم وتأطير المهاجرين الجزائريين للعمل من أجل القضية الجزائرية
واإلتصال بالمنظمات والجمعيات المجتمع المدني بفرنسا وأوروبا من أجل دعم القضية
الجزائرية.
الخاتمة:
شكل مؤتمر الصومام منعطفا هاما في تاريخ الثورة التحريرية،إستطاعت جبهة التحرير
الوطني من خالله إيجاد هيئات مؤسساتية للثورة ،و أقر قرارات خطيرة ،مازال الجدل
حولها إلى يومنا هذا ،بين من يعتبر المؤتمر وقراراته ،أعطى بعدا كبير للثورة ،ومن يعتبره
إنحرافا عن مبادئ أول نوفمبر.
بيبليوغرافيا:
عبد هللا مقالتي ،التاريخ السياسي للثورة الجزائرية ،وزارة الثقافة للنشر والطباعة ،الجزائر.2013-
-ميلود تيزي ،مواقف قادة الثورة من مؤتمر الصومام ،ط،1مكتبة الرشاد للنشر والطباعة
والتوزيع،الجزائر ،2013،
-يعيش محمد ،مؤتمر الصومام عام 1956و إشكالية تجسيد قراراته ،مجلة المعارف للبحوث
والدراسات التاريخية ،مجلة دورية دولية محكمة،العدد ،13جامعة الوادي.
-النصوص األساسية للثورة التحريرية ،نداء أول نوفمبر ،مؤتمر الصومام ،مؤتمر طرابلس،منشورات
وزارة المجاهدين .2008،Anep،
-محمد حربي ،جبهة التحرير الوطني األسطورة والواقع ،تر كميل قيصر داغر ،دار الكلمة للنشر
،بيروت ،لبنان .1983،
-بن يوسف بن خدة ،شهادات ومواقف ،دار النعمان للنشر ،الجزائر .،2004،
الشيخ سليمان ،الجزائر تحمل السالح ،دراسة في تاريخ الحركة الوطنية و الثورة المسلحة ،ترجمة،
محمد حافظ الجمالي ،منشورات الذكرى األربعين لالستقالل ؿ
.صالح بمحاج :تاريخ الثورة الجزائرية ،دار الكتاب الحديث الجزائر . 2009
.عبد الحفيظ أمقران ،مؤتمر الصومام 20أوت 1956إعدادا وتنظيما ومحتوى ،مجلة أول نوفمبر 1954
،عدد 68سنة 1994
المحاضرة 4
عنوان المحاضرة :معركة الجزائر
المقياس:تاريخ الثورة الجزائرية
المستوى :السنة الثانية ماستر تاريخ المقاومة والحركة الوطنية
عناصر المحاضرة:
/3تنظيم المعركة. مقدمة /1التعريف بمعركة الجزائر.
/4تطورات المعركة. /2األسباب والدوافع.
/6الخاتمة. /5رد فعل الفرنسي.
مقدمة:
عرفت المدن الجزائرية العمل الفدائي منذ بداية الثورة ، ،لكن األمر كان يتعلق بعمل
عفوي أو صادر عن قيادات محلية في مدن القطاع القسنطيني،والمدية ،تلمسان ،بلعباس،
وخاصة الجزائر العاصمة باستهداف الخونة ورموز اإلستعمار ،سرعان ما تمخض عنه
إرهاب فرنسي ،إستهدف التجمعات واألحياء السكانية للجزائريين ،لكن يبدو أنه تم إعتماد
إستراتيجية حرب المدن بعد تردد ،لكن حادثين عجل على سلوك هذا النهج أولهما العملية
اإلرهابية ليوم العاشر أوت 1956بحي القصبة ،وقبلها إعدام الشهيدين أحمد زهانة وعبد
القادر فراج في 19جوان 1956
/1التعريف بمعركة الجزائر:
هي تلك العمليات الفدائية التي حدثت ما بين 1956وصائفة ،1957باتجاه العمالء
واألمن الفرنسي والخونة ،ورد الفعل الفرنسي الرسمي وغير الرسمي ،بمالحقة النشطاء
والمدنيين المتعاطفين مع جبهة التحرير الوطني ،في محاولة لترهيب الجزائريين وثنيهم عن
مناصرة جبهة التحرير الوطني،عرفت فترات احتدم فيها الصراع عن طريق الفعل ورد
الفعل ،وانتهت ولو ظاهريا بنجاح للقوات المظليين بقيادة الجنرال ماسي Massuعن إجالء
قيادة جبهة التحرير من مدينة الجزائر وتفكيك خاليا المنطقة الجزائر المستقلة.
/2األسباب:
بدأت بوادر معركة الجزائر بعد مؤتمر الصومام 20أوت ،1956حيث تم توكيل
عنصر نشط [ٍهو ياسف سعدي] بتنظيم منطقة الجزائر المستقلة ،حيث استطاع هذا األخير
كعمل أولي بطرد العناصر المصالية من القصبة والتصدي لشبكات اإلجراء والبغاء في
القصبة من ساد ة الفساد والرذيلة وفرض عليهم سياسة االنطواء تحت جبهة التحرير أو
االضمحالل .
-خالل مؤتمر الصومام تمت اإلشارة إلى إمكانية القيام بنشاطات مسلحة عنيفة على
مستوى المدن للرد على همجية غالة المعمرين هنالك.
-إن أي عمل فدائي يمكنه من إحداث قطيعة بين المكونين الجزائري واألوربي كما
كان الشأن مع هجومات 20أوت .1955
بالنسبة لعبان رمضان كان حذرا جدا بخصوص نجاح هذه اإلستراتيجية ،كما أن
أوعمران قائد الوالية 4كان مترددا ،أما ياسف سعدي فكان مترددا هو اآلخر بسبب عدم
جاهزيته.
-ويمكن تفهم هذا التردد بشأن فتح جبهة المدن ،فهذه اإلستراتيجية سالح ذو حدين
فيمكن أن ترف أكثر وأكثر بالثورة ومدها وأهدافها كما يمكن أن تستغلها فرنسا في حربها
الدعائية بإعتبار كل عملية لجبهة التحرير على أنها عمل إرهابي بربري مجرم دوليا،
وطمس معالم الجريمة وعمليات التعذيب التي إقترفها جالدو وعمالء االستعمار.
/3تنظيم المعركة:
كانت منطقة الجزائر الحرة ( )ZAAمقسمة إلى نواحي :الجزائر الوسطى ،الغربية
والشرقية ،وكانت كل ناحية مقسمة إلى قطاعات والقطاعات إلى دوائر ،تضم نصف الدائرة.
وكان العدد اإلجمالي للفدائيين حوالي مائة ،يضاف إليهم 150متطوعا خاصين بشبكة
"المتفجرات" ،إجماليا كان عدد المنضوين تحث لواء شبكات منطقة الجزائر المستقلة من
فدائي ومسبل ومتطوع حوالي خمس مئة ،في وقت كانت تحض به الثورة بدعم قاعدة شعبية
كبيرة جدا ،يقود كل ذلك مجلس المنطقة مكلف من رئس وثالث أعوان.
بالنسبة لشبكة المتفجرات كانت تتكون من لحام ،نجار من أجل إخفاء المتفجرات،
وساعاتي ،ومتخصص في المواد الكيميائية.وسيلعب طالب عبد الرحمان دورا كبيرا في
صناعة المتفجرات وكذلك بعض المتطوعين والمتعاطفين األوربيين الشيوعيين على غرار
دنييل وغبرييل تمسيت ،Daniel et Gabriel Timsitوأوكلت مهمة وضع هذه المتفجرات
في مكانها المحدد من طرف فتيات جزائريات ال يمثلن أي شبهة بمالمحهن وهندامهن
األوربي أمثال جميلة بوحيرد ،زهرة بيطاط ،سامية لخضاري ،جوهرة أكرور،دنييل مين
. Daniel Minne
إضافة إلى عمليات أخرى بإستعمال األسلحة ضد أعوان اإلستعمار من جالدين
وخونة،و كانت العمليات تتم بصورة شبه كلية ،أيام عطلة األسبوع ،خاصة في المقاهي
والمراقص ،والمؤسسات العمومية والمالعب.
ولعل أشهر هذه العمليات عملية Milk Barفي الثالثين سبتمبر 1956والتي خلفت
قتيل ،و 30جريحا ،وعملية كافتريا:Rue micheletخلفت هي األخرى قتيلين 16 ،جريح،
وعملية الملعب البلدي باألبيار التي خلفت عشرة قتلى ،و 36جريحا ،عملية كازينو
الكورنيش–La cornicheمرقص 11 -قتيال 35 ،جريحا ،وغيرها من مئات العمليات التي
قضت مضاجع الفرنسيين ،بعض العمليات فشلت أبرزها عملية Fernand Yvetonحيث
تراجع عن تنفيذ العملية مما أدى إلى اكتشافه ،وثم إعدامه الحقا ،وهذا جدول بتطور
العمليات:
جانفي 1956جوان 1956أكتوبر 1956ديسمبر 1956جانفي 1957 الزمن
المحاضرة :6
تأسيس الحكومة المؤقتة للثورة الجزائرية
19 G.P.R.Aسبتمبر .1958 مقياس الثورة الجزائرية
مقدمة :أمام التحديات الصعبة التي عرفتها الثورة ،خصوصا بعد مجيء الجنرال ديغول
للسلطة على إثر إنقالب 13ماي ،1958وأمام الصعوبات التي أصبحت تواجه لجنة التنسيق
والتنفيذ في قيادة الثورة ،والقيام بكل األعباء واإللتزامات داخليا وخارجيا ،أصبح لزاما على
قادة الثورة إيجاد هيئة جديدة ممثلة للثورة تواجه التحديات وتقف ندا إلستراتيجية ديغول في
القضاء على الثورة..
-1أسباب إنشاء الحكومة المؤقتة:
ساهمت مجموعة من الظروف في ظهور فكرة إنشاء هذه الحكومة،من بينها الصعوبات
والتجاذبات في داخل لجنة التنسيق والتنفيذ،خاصة بعد اضطرار قادتها للخروج من الجزائر،
وكان ذلك ضربة لمبدأ مهم وهو أولوية الداخل على الخارج ،وأمام إضعاف دور عبان
رمضان الذي كان معارض شرس لفكرة تأسيس الحكومة المؤقتة.
زاد من ذلك رغبة قادة الثورة في رفض أي وصاية من أي دولة كانت ،بإظهار أن الثورة
الجزائرية غير تابعة ألي عاصمة عربية كانت أو شرقية ،وتبديد المزاعم الفرنسية التي
كانت تدعي أن الثورة الجزائرية تابعة للقاهرة،أو موسكو.
زاد من ذلك التطورات الكبيرة التي عرفتها فرنسا بمجيء الجنرال ديغول للسلطة على إثر
إنقالب 13ماي الذي لعب فيه أوربيو الجزائر وجنراالت فرنسا دور كبيرا ،كل ذلك من أجل
إنقاذ أسطورة الجزائر فرنسية.
-إلى جانب ضرورة منح الجزائر االستقالل اإلطار القانوني الشرعي ،إطار الدولة ذات
السيادة.
-القضاء على إشكالية تمثيل الشعب الجزائري والتحدث بإسمه وقيادة الثورة ،حيث لم تعد
لجنة التنسيق والتنفيذ تفي بالغرض.
-كسب مصداقية على مستوى الداخلي والخارجي ،والعمل وفق العرف الدولي والدبلوماسي.
-مجابهة السياسة الفرنسية اإلدماجية ومشاريع ديغول .
-وضع الدول الشقيقة والصديقة أمام األمر الواقع وفرض عليها قضية اإلعتراف
بالحكومة الجزائرية المؤقتة.
إنشاء الحكومة المؤقتة ومواقف بعض الدول العربية منها:
لقد تم تكليف عمر أوعمران /ومبروك بلحسين بإعداد تقارير في شأن تأسيس الحكومة
المؤقتة ،ولعبا هذين التقريرين دورا هاما في شرح أهمية وخطوات إنشاء هذه الحكومة .
-وأيد آيت أحمد من سجنه مشروع إنشاء الحكومة المؤقتة ( ،)1957وأن ذلك كفيال،
بوضع حد للصراع الدائر ما بين مقاتلي الداخل وممثلي الخارج.
أيد هذا المسعى تقرير صدر 06سبتمبر ،1958الخاص بدراسة إمكانية إنشاء حكومة
مؤقتة بالنظر إلى الظروف الداخل الجزائري الفرنسي وشمال إفريقي والدولي.
وفي يوم 09سبتمبر ،1958قررت لجنة التنسيق والتنفيذ دون الرجوع إلى المجلس
الوطني للثورة( ،الحكومة مسؤولة عن المجلس الوطني ،)CNRAإنشاء حكومة مؤقتة .
لكن األمور لم تكن بالسهولة التي نعتقدها فظهر الصراع على أحقية قيادة الحكومة
فكان لزاما إقناع كريم بلقاسم بالتخلي على طموحه في رئاسة الحكومة وسعى لها سعيها،
لكن وجد معرضة من منافسيه،وتم إختيار فرحات عباس ،لكي يكون ضمان للرأي العام
الفرنسي والغربي وهو المعروف باعتداله ،وكان ال يزال محترما من طرف العديد من
الساسة الفرنسيين.
ثم اختيار فرحات عباس يوم 17سبتمبر 1958وتخصيص نائبين له أحمد بن بلة
لطمأنة جمال عبد الناصر والذي حتما كانت تساوره الشكوك من توجهات الجديدة لجبهة
التحرير عبر خطوتها الجريئة وكريم بلقاسم الذي كان يحضا بشرعية مجموعة الستة
المفجرة للثورة ،وذلك لطمأنة المقاتلين في الداخل.
وعملت وفود جبهة التحرير وممثليها باالتصال بقادة الدول العربية ،والدول الصديقة
وذلك في اليومين قبل اإلعالن يوم 19سبتمبر 1958وكان الهدف من ذلك عدم ترك الوقت
للحكومات العربية من التشاور ووضعها أمام األمر الواقع ،ولذلك تفاجئت العواصم العربية ،
كما كان الشأن أمام التصريحات الرئيس بورقيبة الذي إستاء من عدم األخذ برأيه ،أما النظام
المصري فلم يبدي أي موقف في الوهلة األولى ،عبر بعض من قادته عن تحفظه من تشكيلة
الحكومة التي كان من المفروض أن تظم األخوة المسجونين(بن بلة ،آيت أحمد،بوضياف،
خيضر)
وال نستغرب بعدها من كون مصر من بين الدول التي تأخرت في االعتراف بالحكومة
المؤقتة وكان ذلك يوم ،1958/09/28
تشكيلة الحكومة المؤقتة األولى:
نتائجها:
تسببت هذه المظاهرات في خسائر بشريه كبيرة في الجانب الجزائري ،حيث استشهد العديد
منهم حسب األرقام المعتمدة من طرف استعمار الفرنسي حوالي 90شهيد بالعاصمة،و 18
في وهران،و 4في عنابه إضافة إلى عشرات الجرحى المفقودين ،لكن أرقام التي قدمتها
جبهة التحرير الوطني تعدت أالف القتلى.
بينت هذه المظاهرات عقم السياسة الفرنسيه وعقم مناورات الجنرال ديغول ،كما بينت للرأي
العام الداخلي والخارجي التفاف الشعب الجزائري حول جبهة التحرير الوطني ،كممثل وحيد
واألوحد للشعب الجزائري ،كما أوضحت هذه المظاهرات على الوجود الدائم لجبهة التحرير
الوطني بمدينة الجزائر حتى بعد معركة الجزائر.
كما دفعت هذه المظاهرات الطرفين الفرنسي والجزائري إلى طاولة المفاوضات بعد انقطاع
شهدته هذه المفاوضات ،والتي شكلت في لقاء موالن مرحلة جس النبض ،لكن لقاء لوسيرن
في 20فبراير 1961كانت األمور أكثر جديه بعد تجديد االتصاالت وتنازل الطرف
الفرنسي.
زادت هذه المظاهرات من قناعة ديغول أن الحل يكمن في التفاوض مع جبهة التحرير
الوطني من اجل االستقالل كحل او حد للمعضلة الجزائرية.
أكدت هذه المظاهرات ضرب قوية لإلدارة االستعمارية هذه األخيرة التي كانت تروج
أخبارا كاذبة عن تخلي الشعب الجزائري عن جبهة التحرير الوطني ،حيث فندت هذه
المظاهرات هذه اإلشاعات وبينت للعالم تالحم بين الشعب الجزائري وقيادته.
-واقتنعت هيئة األمم المتحدة ومن وراءها المجتمع الدولي بشرعية بإدراج ملف القضية
الجزائرية في جدول أعمالها ،و صوتت اللجنة السياسية للجمعية العامة لصالح القضية
الجزائرية وتصدت للمزاعم الفرنسية التي كانت تعتبر الجزائر قضية داخلية.
-إتساع دائرة التضامن مع الشعب الجزائري عبر العالم ،خرجت الكثير من المظاهرات
تنديدا بسياسة فرنسا وداعمة لحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره .
زادت حدة الصراع في الداخل الفرنسي ،وزادت عزلة فرنسا هذا ما دفع ديغول للجلوس
في المفاوضات والقبول بجبهة التحرير كممثل الشرعي و الوحيد للشعب الجزائري ،
خاتمة:
لقد بين الشعب الجزائري من خالل هذه المظاهرات التفافي تفافه حول قيادته كما انه افشل
مناورات ديغول وتصدى بحزم لتطرف األوربيين ،حيث عرفت جبهة التحرير وطني كيف
تستغل قوة الجماهير في مطالبها الشرعية وطموحها نحو االستقالل وتقرير المصير.
المحاضرة 8
Benyoucef Benkhedda, Les Accords d'Évian : la fin de la guerre d'Algérie, Alger, Office des
publications universitaires,).
René Gallissot (dir.), Les Accords d'Evian : en conjoncture et en longue
durée, coll. « Hommes et Sociétés », Karthala éditions,
Redha Malek, L'Algérie à Évian : histoire des négociations secrètes, 1956-1962, Paris, éd. du
Seuil, 1995,.
Guy Pervillé, « Trente ans après : Réflexions sur les accords d'Évian », Revue française
d'histoire d'outre-mer, vol. 79, 1992Guy Pervillé, Pour une histoire de la guerre d'Algérie –
1954-1962, Paris, A. et J. Picard, coll. « Signes du temps », 2002,
Guy Pervillé, « Connaître les accords d’Évian : les textes, les interprétations et les
conséquences (2003) », Colloque L’après 19 mars 1962… et si on en parlait ! Rencontres
avec des historiens et des témoins, 27 septembre 2003,
Guy Pervillé, Les Accords d’Évian (1962). Succès ou échec de la réconciliation franco-
algérienne (1954-2012), Paris, Armand Colin, coll. « U », 2012, présentation en ligne