You are on page 1of 34

‫جامعـــة مصطفـــى اسطمبولـــي معسكــــــر‬

‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬


‫قسم العلوم اإلنسانية‬

‫المحاضرة األولى‪ :‬مقياس الثورة الجزائرية‬


‫األستاذ‪ :‬قبايلي هواري‬

‫المحاضرة ‪1‬‬
‫مقياس الثورة الجزائرية‬
‫عنوان المحاضرة‪ :‬إندالع الثورة الجزائرية‪،‬الظروف‪،‬التحضيرات‪ ،‬طبيعة العمليات‪،‬قراءة‬
‫في نداء أول نوفمبر‪.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫بعدما تفاقمت األزمة بين المصاليين والمركزيين‪ ،‬ووصولها لمرحلة الالعودة‪،‬أخذت‬
‫العناصر الثورية زمام المبادرة‪،‬بالتحضير للثورة دون الرجوع للقيادة السياسية‬
‫للحزب‪،‬معبرين عن شعور بخيبة األمل من مسؤولي الحزب ‪ ،‬وصراعاتهم الشخصية على‬
‫حساب مبادئ الحزب ومثله‪ ،‬ويكون ذلك إيذانا ببدء عهد جديد‪،‬سيكتب أنبل صفحات تاريخ‬
‫الجزائر المجيد‪.‬‬
‫من المنظمة الخاصة إلى جبهة التحرير الوطني‪:‬‬
‫لقد أصيب قدماء المنظمة الخاصة بخيبة أملهم بتجاهل قيادة الحزب لمعاناتهم وتنصلهم من‬
‫المسؤولية عن المنظمة بعد انكشاف أمرها سنة ‪،1950‬وأصبحوا منذ ذلك الحين بين هارب‬
‫وأسير ومنفي‪،‬لكن في نفس الوقت شكلوا تيارا ثوريا متالحما ‪ ،‬انتهى بتأسيس اللجنة الثورية‬
‫للوحدة والعمل بمعية بعض المركزين‪ ،‬وأصدروا جريدة ‪ Le patriote‬صدرت منها ستة‬
‫أعداد‪ ،‬حيث لعبت اللجنة ولسان حالها في محاولة إصالح ذات البين بين أجنحة الحزب‬
‫المتصارعة‪ ،‬وبعد محاوالت عدة وصل ممثلي التيار الثوري لنتيجة مفاده إستحالة اإلصالح‬
‫بين المصاليين والمركزيين‪،‬ووجوب أخذ زمام المبادرة وبداية العمل المسلح دون استشارة‬
‫أي طرف‪.‬‬
‫أبرز االجتماعات التحضيرية لتفجير الثورة‪:‬‬
‫في األسبوع األخير من شهر جوان من سنة ‪، 1954‬تنادت العناصر الثورية إلجتماع بمبادرة‬
‫من مصطفى بن بوالعيد بمعية محمد بوضياف ‪ ،‬رابح بيطاط‪ ،‬العربي بن مهيدي ‪،‬وديدوش‬
‫مراد‪،‬في حي المدنية ‪ ، Clos Salembier‬وبالتحديد بمنزل المناضل "لياس دريش"‪،‬عرف‬
‫هذا االجتماع في التاريخ باجتماع ‪،22‬حضره قادة النواحي ‪ ،Les chefs zonaux‬حسب‬
‫التقسيم الذي كان معتمد في عهد المنظمة الخاصة‪،‬ندد هذا اإلجتماع بالصراع واإلنقسام‬
‫الدائر في داخل الحزب‪،‬والذي ال يمكن التصدي له إال بتفجير الثورة‪ ،‬وبعد إختالف الرؤى ‪،‬‬
‫رجحت كفة الراغبين بالتفجير العاجل للثورة مهما كان الثمن‪ ،‬وثم انتداب خمسة أعضاء وهم‬
‫بن بوالعيد ‪ ،‬بن مهيدي‪،‬بيطاط‪ ،‬ديدوش‪ ،‬وبوضياف هذه األخير عين كمنسق وطني‪،‬وكلف‬
‫الخمسة بتنفيذ أهداف اإلجتماع‪ ،‬الرامية لتفجير الثورة‪.‬‬
‫وكان لزاما على الخمسة اإلنفتاح على مناضلين من منطقة القبائل الذين غاب ممثليهم عن‬
‫اإلجتماع ‪،‬فتم االتصال بكريم بلقاسم وأعمر أوعمران ‪ ،‬فإقتنعوا بطرح العناصر الثورية‬
‫وأكدوا مشاركتهم في العمل الثوري‪.‬‬
‫كما ثم االت صال بوفد الحزب بالخارج المتكون من أحمد بن بلة‪ ،‬آيت أحمد الحسين‪ ،‬ومحمد‬
‫خيضر‪،‬المتواجدين بالقاهرة‪،‬والذين أبدوا موافقتهم على المشاركة في أي عمل ثوري‬
‫مستقبال‪ ،‬كما تم االتصال بلمين دباغين ‪،‬لكن هذا األخير رفض خوض غمار مخاطرة غير‬
‫محسوبة العواقب‪.‬‬
‫وارتأت المجموعة الثورية في األخير لحل معضلة القيادة اعتماد مبدأ القيادة الجماعية‪ ،‬التي‬
‫تقررت في اإلجتماعات الموالية كإجتماع يوم ‪ 10‬أكتوبر ‪ ،‬وإجتماع ‪22‬و ‪ 23‬أكتوبر ‪1954‬‬
‫المعروف باجتماع الرايس حميدو الذي تم في تقسيم المسؤوليات بتقسيم البالد لنواحي ‪:‬‬
‫‪-‬المنطقة األولى‪ :‬األوراس بقيادة مصطفى بن بوالعيد‪.‬‬
‫المنطقة الثانية‪ :‬الشمال قسنطيني بقيادة ديدوش مراد‪.‬‬
‫المنطقة الثالثة‪ :‬القبائل بقيادة كريم بلقاسم‪.‬‬
‫المنطقة الرابعة‪ :‬القطاع العاصمي‪ :‬بقيادة رابح بيطاط‪.‬‬
‫المنطقة الخامسة‪ :‬القطاع الوهراني‪ :‬بقيادة العربي بن مهيدي‪.‬‬
‫ووكلت لمحمد بوضياف مهمة التنسيق بين الداخل والخارج‪ ،‬كما تم تحديد يوم ‪ 1‬نوفمبر‬
‫‪ 1954‬موعدا لتفجير الثورة ‪ ،‬وتم تأسيس كيان سياسي جديد سمي بجبهة التحرير الوطني‬
‫وجناحه العسكري جيش التحرير الوطني‪.‬‬
‫كما التأكيد على مبدأ أولوية الداخل على الخارج ‪ ،‬والمركزية في إتحاد القرار نظر إلقرار‬
‫مبدأ القيادة الجماعية ونظر التساع رقعة البالد‪ ،‬وصعوبة التنسيق والتواصل‪.‬‬
‫اإلمكانيات البشرية واللوجستية‪:‬‬
‫عانت الثورة في بدايتها من قلة اإلمكانيات من شح األموال الضرورية ألي عمل‬
‫ثوري‪،‬وضعف التسليح وغياب أي سند سياسي داخلي وخارجي‪ ،‬حيت واجه القادة التسع‬
‫التاريخيين كل الصعاب لتفجير الثورة‪ ،‬فتم تمويل الثورة من بعض رواتب األعضاء الدائمين‬
‫في اللجنة المركزية التي حول جزء منها لتمويل العمل الثوري حيث وصلت لقرابة مليون‬
‫فرنك‪(،‬رواتب ‪ 5‬أشهر مسبقة‪ ،‬وذلك لدعم مناضلي اللجنة المركزية ضد المصاليين)‪ ،‬فقد‬
‫رهن بن بوالعيد جزء من ممتلكاته‪ ،‬وتبرع ديدوش مراد بتركته‪ ،‬وجمع حاج بن علة من‬
‫منطقة الظهرة تبرعات بمليون ونصف فرنك‪ ،‬وجلب كريم بلقاسم اشتراكات المصاليين في‬
‫منطقة القبائل‪.‬‬
‫إال أن كل هذه األموال لم تكن من الممكن أن تساهم بشكل جيد في تمويل العمل الثوري‪،‬إال‬
‫أن ذلك لم يفت في عضد العناصر الثورية وزادهم إصرارا على تفجير الثورة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لعنصر التسليح فتم اإلعتماد في البداية على مخازن التسليح للمنظمة الخاصة التي‬
‫نجت من قبضة البوليس الفرنسي المتواجدة في شلف‪ ،‬األغواط‪،‬القبائل‪،‬العاصمة‪،‬األوراس‪،‬‬
‫سمندو‪ ،‬لكن تضرر مخزن شلف من جراء زلزال أكتوبر ‪ ،1954‬كما تمكنت الشرطة‬
‫الفرنسية للوصول لمخزن األغواط بفعل وشاية عميل‪ ،‬والمخزن الذي كان يحتوي أسلحة‬
‫جيدة هو مخزن األوراس وذلك لقرب الحدود مع ليبيا التي كانت تشهد تهريبا ومتاجرة‬
‫باألسلحة وهي المنطقة التي كانت مسرحا لمعارك طاحنة إبان الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
‫أما للحصول على متفجرات وقنابل ‪ ،‬فتم اللجوء لعناصر خارجين عن الحركة كالمدعو‬
‫بلحاج الجياللي المدعو "كوبيس"الذي كان شخصية قيادية في المنظمة السرية تم انقلب على‬
‫عقبيه‪ ،‬حيث سيزود هذا األخير وبعلم من البوليس الفرنسي قنابل غير فعالة لجماعة زوبير‬
‫بوعجاج المكلفة بتفجير الثورة بمدينة الجزائر‪.‬‬
‫أما بالنسبة للعنصر البشري فحسب المؤرخ محمد حربي نقال عن شهادة لخضر بن طوبال‬
‫فكان كالتالي‪:‬‬
‫‪ 350-‬مقاتل في منطقة األوراس‪.‬‬
‫‪ 450-‬مقاتل في منطقة القبائل‪.‬‬
‫‪ 50-‬مقاتل في منطقة الشمال القسنطيني‪.‬‬
‫‪ 50-‬مقاتل في القطاع العاصمي‪.‬‬
‫‪ 60-‬مقاتل في القطاع الوهراني‪.‬‬
‫عمليات أول نوفمبر‪:‬‬
‫تميزت عمليات غرة نوفمبر بالشمولية شملت كل التراب الوطني من الشرق إلى الغرب‬
‫واستهدفت رموز القهر والظلم اإلستعماري من مراكز بوليس ثكنات الدرك‬
‫والجيش‪،‬ومصالح الكولون والشركات الكولونيالية ‪ ،‬في نفس الوقت صدرت األوامر من قادة‬
‫الثورة بتجنب التعرض للمدنيين والبنى التحتية‪ ،‬وكانت في المجموع حوالي سبعين عملية‬
‫حربية في ثالثين موقع من التراب الجزائري كانت جد مكثفة في منطقة األوراس‪.‬‬
‫قراءة في بيان أول نوفمبر‪:‬‬
‫ثم صياغة البيان باللغة الفرنسية ‪ ،‬تم ذهب به بوضياف إلى القاهرة وتم إذاعته في أول‬
‫نوفمبر في إذاعة القاهرة بعد ترجمته‪.‬‬
‫وكان البيان يتكون من محاور يمكن تلخيصها في ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬عرض عام للقضية الجزائرية وأبعادها الداخلية والخارجية اإلقليمية والدولية‪.‬‬
‫‪-‬أسباب قيام الثورة‪ ،‬ومن يقف وراءها‪.‬‬
‫‪-‬شرح األهداف الداخلية (االستقالل)‪ ،‬الخارجية (التدويل)‪.‬‬
‫‪-‬وسائل الكفاح المسلح والسياسي ‪.‬‬
‫‪-‬شروط وقف القتال‬
‫‪-‬الضمانات المقدمة لألوربيين‪.‬‬
‫‪-‬دعوة الجزائريين لإللتفاف حول جبهة التحرير واإلنضمام للثورة‪.‬‬
‫‪-‬كما أن البيان شرح األسباب العميقة لخوض غمار العمل الثوري وذلك بعد استحالة الصلح‬
‫بين أجنحة التيار االستقاللي المتصارعة‪،‬ولم يبقى أمام قيادة الجديدة إال التوجه بالنداء إلى‬
‫الشعب‪.‬‬
‫‪-‬شكل البيان قطيعة نهائية مع اإلستعمار من جهة ومع تيارات الحركة الوطنية من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪-‬التأكيد على النضال من أجل وحدة المغرب العربي‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫شكلت أحدات غرة نوفمبر قطيعة نهائية مع أشكال وأنماط النضال السياسي التي لم تعد‬
‫تجدي نفعا أمام تعنت النظام االستعماري‪،‬كما بينت األحداث أن ما سلب بالقوة ال يسترجع إال‬
‫بالقوة‪ ،‬وأنه ال يضيع حق ورائه طالب‪.‬‬
‫البيبليوغرافيا‪:‬‬
‫‪Slimane Chikh, l’Algérie en arme, ou le temps des certitudes, Economica, Paris,‬‬
‫‪1981.‬‬

‫‪Harbi Mohamed, 1954 la guerre commence en Algérie, édition Complexe,‬‬


‫‪Bruxelles ,1998.‬‬

‫‪Harbi Mohamed, le FLN, mirage et réalité, des origines a la prise de pouvoir,‬‬


‫‪éditions Jeune Afrique, Paris, 1980.‬‬

‫‪Teguia Mohamed, L’Algérie en guerre, Alger, OPU, 1988.‬‬

‫عبد النور خيتر‪،‬تطور الهيئات القيادية للثورة الجزائرية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪،‬جامعة الجزائر ‪،‬‬
‫‪.2006‬‬
‫‪-‬‬
‫المحاضرة ‪2‬‬
‫مقياس الثورة الجزائرية‬
‫مستوى ‪ :‬السنة الثانية ماستر تاريخ المقاومة والحركة الوطنية‬
‫عنوان المحاضرة ‪ :‬الثورة في عامها األول‪.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫لقد نجحت مجموعة الستة التاريخية في رهانها المتمثل في تفجير الثورة‪ ،‬رغم تحذيرات‬
‫الحلفاء والخصوم في الحركة الوطنية‪ ،‬وذلك خوفا من فشلها المبكر بسبب غياب أدنى‬
‫اإلمكانيات كالمال والدعم اللوجيستي والتأييد السياسي‪،‬لكن رهان المجموعة كان في محله ‪،‬‬
‫حيث إندلعت الثورة وكانت شاملة وموحدة شملت كل القطر الجزائري في ليلة واحدة‪ ،‬لكن‬
‫الرهان األكبر كان في ضمان نجاح وإستمرارية الثورة وخاصة في العام األول الذي مثل‬
‫أصعب مرحلة من مراحل الثورة على اإلطالق‪.‬‬
‫ردود الفعل على عمليات أول نوفمبر‪:‬‬
‫رد الفعل الفرنسي‪:‬‬
‫مثلت عمليات أول نوفمبر صدمة كبيرة للسلطات اإلستعمارية‪،‬التي كانت مزهوة باإلنشقاق‬
‫والفتنة الكبيرة التي كان يعيشها التيار اإلستقالي وعلى جناح السرعة إنتقل وزير الداخلية‬
‫فرانسوا متيران إلى الجزائر وصرح بعبارته الشهيرة"الجزائر هي فرنسا‪ ،‬المفاوضات‬
‫الوحيدة مع األعداء هي الحرب‪"...‬‬
‫ومع ذ لك تم القليل من أهمية األحداث ‪،‬وربطها بجهات أجنبية معادية‪ ،‬ولكن الخطأ األكبر‬
‫الذي إقترفته السلطات الفرنسية هو حل حزب حركة إنتصار الحريات الديمقراطية‪ ،‬في‬
‫السادس نوفمبر ‪ ،‬وإعتقال عشرات من مناضلي الحزب مصاليين ومركزيين‪ ،‬على رئسهم‬
‫موالي مرباح ‪،‬كما أمرت فرنسا قواتها على جناح السرعة بتتبع "المتمردين" أو "الخارجين‬
‫عن القانون" ‪،‬ورفع عديد الجنود الفرنسيين في الجزائر من ‪ 56‬ألف سنة ‪1954‬إلى ‪ 83‬ألف‬
‫في فبراير ‪ ،1955‬تحت قيادة جنرال متمرس وهو "غاستون بارالنج"‪ ،‬الذي بدوره أمر‬
‫العقيد "ديكورنو"‪،‬بتمشيط جبال األوراس ضمن عمليتي "فيوليت"‪Violette‬‬
‫و"فيرونيك"‪.Véronique‬‬
‫كما تم إقالة الحاكم العام روجي ليونار ‪ ،Roger Léonard‬وتعويضه بجاك سوستيل‬
‫‪ Jacques Soustelle‬والذي سوف يأتي ببرنامج إصالحي ومحاولة بعد فوات األوان‬
‫إصالح ما يمكن إصالحه‪،‬كما تم إعالن حالة الطوارئ العامة في ‪ 19‬مارس ‪.1955‬‬
‫رد فعل مختلف أحزاب الحركة الوطنية‪:‬‬
‫اختلفت مواقف تيارات الحركة الوطنية من أحداث أول نوفمبر‪ ،‬فقد عبر مصالي الحاج عن‬
‫موقف مبهم من األحداث حين تبرأ من العمليات وفاعليها بينما حمل فرنسا مسؤولية ذلك‪،‬كان‬
‫يوهم أتباعه أنه مسؤول عن األحداث‪ ،‬إال أنه أوعز إلى أتباعه تأسيس الحركة الوطنية‬
‫كأخطر‬ ‫الجزائرية ‪ MNA‬وجناحها العسكري الذي سيكون بقيادة محمد بلونيس‬
‫الحركات المناوئة للثورة‪.‬‬
‫أما المركزيين من جهتهم أتسم موقفهم للوهلة األولى بالضبابية وعدم اإلستقرار على رأي‬
‫واحد ‪ ،‬وذلك لخوفهم من تكرار ما حدث في ماي ‪،1945‬وكذلك لعلمهم المسبق باإلمكانيات‬
‫التي تكاد تنعدم للجبهة التحرير التي يستحيل معها إستمرارية الثورة‪ ،‬حاولوا التأثير على بن‬
‫بلة للعدول عن الثورة بعد لقاء لحول حسين ومحمد يزيد في القاهرة‪.‬‬
‫أما جمعية العلماء المسلمين الجزائريين‪ ،‬فيبدو أنها لم تكن تملك معلومات عن أحداث أول‬
‫نوفمبر ومن يقف ورائها‪ ،‬ولذلك اتسم موقفهم في البداية بالحذر وأبدت إنزعاجها من أحداث‬
‫أول نوفمبر‪،‬وحثت الجزائريين على الهدوء ‪،‬ووجوب العمل السلمي النضالي‪،‬وحاول قادة‬
‫الثورة االتصال بزعماء الجمعية إلقناعهم بدعم الثورة‪،‬لكن قوبل طلبهم بالرفض ‪،‬ووجب‬
‫انتظار سنة ‪ 1956‬لتنظم الجمعية للثورة بشكل رسمي‪.‬‬
‫أما الحزب الشيوعي الجزائري فبمجرد اندالع الثورة رفضت قيادته مطلب اإلستقالل‬
‫والعمل المسلح ‪،‬كما رفضت القبول بتمثيل جبهة التحرير كممثل لألمة الجزائرية‪ ،‬لكن الكثير‬
‫من العناصر الشيوعية أوروبية وجزائرية ستساند الثورة بعضها يلتحق جبهة التحرير‪،‬‬
‫والبعض يعلن التمرد المسلح بشكل أحادي كموريس البون ‪ Maurice L aban‬وهنري‬
‫مايو ‪ Henri Maillot‬في ما عرف ب ‪.Les maquis rouges‬‬
‫أما فرحات عباس فقد أبدى دهشة وذهوال من أحداث غرة نوفمبر التي وصفها بالمغامرة‬
‫الت ي تنم عن يأس شديد والتي ال تنجر عنها إال الفوضى‪ ،‬وكان يخاف من تكرار سيناريو‬
‫أحداث ماي ‪،1945‬وكذلك لطبعه المسالم الميال للنضال السياسي السلمي‪.‬‬
‫تكوين قيادة ثورية مركزية‪:‬‬
‫لقد ألح القادة الستة على وجوب إحالل مبدأ الال مركزية في قيادة العمل الثوري‪،‬وذلك سوف‬
‫يصطد م مع والوقائع وتطورات ميدانية جد حرجة في األشهر األولى من عمر الثورة‪ ،‬ففي‬
‫األيام األولى استشهدا كل من بن عبد المالك رمضان في الخامس نوفمبر ‪ ،‬وباجي مختار في‬
‫‪ 18‬من نفس الشهر ‪ ،‬وكانوا نواب مباشرين لقادة المناطق التاريخية‪،‬وسوف يتواصل هذا‬
‫النزيف بعد استشهاد ديدوش مراد في ‪ 18‬يناير ‪،1955‬وإلقاء القبض على كل من مصطفى‬
‫بن بوالعيد في الخامس فبراير ‪،‬وعلى رابح بيطاط في مارس ‪،‬أدى ذلك إلى شغور على‬
‫مستوى القيادة‪ ،‬صادف ذلك إلتحاق مجموعة من مناضلي الحركة الوطنية بالثورة من بينهم‬
‫عبان رمضان‪ ،‬والذي سوف يلعب دورا محوريا على مستوى هيكلة الثورة في تلك الظروف‬
‫الصعبة‪،‬ويظهر براعة كبيرة في التنظيم وإقناع مناضلي الحركة الوطنية لإللتحاق بالثورة‪.‬‬
‫أما الوفد الخارجي فكان مكونا من بن بلة ‪ ،‬خيضر‪ ،‬وآيت أحمد‪،‬في القاهرة‪،‬وبوضياف‬
‫بالمغرب‪،‬وتعزز الوفد الخارجي بانضمام لحول حسين ومحمد يزيد‪،‬وسينظم إليهم لمين‬
‫دباغين في سبتمبر ‪.1955‬‬
‫أما فيديرالية فرنسا فلم تأتي من العدم فقد كانت منظمة بشكل جيد ومقسمة إلى مناطق‬
‫وقسمات تابعة لحزب الشعب‪ ،‬وقد لعب بوضياف دورا كبيرا إلقناع قياداتها بمساندة‬
‫الثورة‪،‬لم يكن ذلك سهال وسيحتدم الصراع مع المصاليين للسيطرة على الفيديرالية بفرنسا‪.‬‬
‫تطورات الميدانية على المستوى العسكري‪:‬‬
‫لقد وجد جيش التحرير الوطني صعوبات جمة في ما يخص توفير السالح واللوجستيك‬
‫واإلنتشار ‪ ،‬زاد من ذلك انعدام التنسيق بين القيادات في مختلف المناطق ‪،‬بعد إعتماد مبدأ‬
‫الال مركزية‪ ،‬زاد من ذلك اإلستنزاف الكبير الذي طال قيادات الميدانية ‪،‬إال أن جيش التحرير‬
‫إستطاع التغلب على هذه المشاكل‪،‬بإعتماد إستراتيجية الكمائن وحرب العصابات التي كبدت‬
‫العدو خسائر كبيرة‪ ،‬ولقد عرفت هذه المرحلة أولى معارك جيش التحرير كمعركة الحميمة‬
‫األولى بالوالية األولى في ‪ 13‬جوان ‪ ،1955‬ثم معركة الجرف الخالدة في ‪ 22‬سبتمبر‬
‫‪ ، 1955‬وفي نفس الوقت وصلت كمية من األسلحة إلى جبهة التحرير الوطني على ظهر‬
‫السفينة دينا األردنية ‪ ،‬مما سيساهم في بداية هجومات جيش التحرير في الوالية الخامسة‬
‫التي عرفت في شهر أكتوبر من نفس السنة إلتحاق بودغن علي(العقيد لطفي)بصفوف جيش‬
‫التحرير‪،‬هذه التطورات الميدانية أرعبت فرنسا التي زادت من عديد قواتها في الجزائر إلى‬
‫‪"Rébellion‬في إطار ما‬ ‫‪ 180‬ألف جندي إضافي للتصدي لما كانت تسمية "التمرد‬
‫كانت تسميه بعمليات "التهدئة ‪ "Pacification‬وذلك إبتداء من ديسمبر ‪.1955‬‬
‫هجومات الشمال القسنطيني‪:‬‬
‫تعتبر هجومات الشمال قسنطيني أهم حدث تاريخي في مسار الثورة في مراحلها األولى‬
‫‪ ،‬والذي يعد منعطفا تاريخيا مهما ‪،‬خطط لها الشهيد زيغود يوسف قائد المنطقة التاريخية‬
‫األولى الذي خلف الشهيد ديدوش مراد‪،‬والذي جمع قادة المنطقة في اجتماع بمنطقة "جبل‬
‫الزمان" وكان الهدف من هذه الهجومات‪:‬‬
‫‪-‬التأكيد على مسألة شمولية الثورة وإستمراريتها ‪.‬‬
‫‪-‬رفع معنويات أفراد جيش التحرير الوطني وتبديد صورة الجيش الفرنسي الذي ال يقهر‪.‬‬
‫‪-‬إختراق الحصار المضروب على منطقة األوراس‪.‬‬
‫‪-‬التضامن مع األشقاء في المغرب بعد الذكرى الثانية لنفي الملك محمد الخامس‪.‬‬
‫‪-‬زرع الرعب لدى العدو بنقل الثورة إلى كل مناطق الشمال قسنطيني‪.‬‬
‫‪-‬كسب تعاطف ووالء كل تيارات الحركة الوطنية الذين كانوا يعولون على فشل الثورة‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على تدويل القضية الجزائرية في األمم المتحدة ‪ ،‬وبالفعل كانت أول محاولة لتدويل‬
‫القضية في أعمال الجمعية العامة لألمم المتحدة في سبتمبر ‪.1955‬‬
‫ولقد برهنت هذه الهجمات على الطابع الجماهيري للثورة‪ ،‬وذلك بالنظر للمشاركة القوية‬
‫للجماهير ‪،‬وتضامنها مع قوات جيش التحرير‪،‬وكان ذلك بمثابة اإلعتراف العلني والصريح‬
‫بجبهة التحرير كممثل الوحيد والشرعي للشعب الجزائري‪.‬‬
‫كما إستطاعت هذه الهجمات إحداث قطيعة نهائية بين المكونين الجزائري واألوروبي‪ ،‬بسبب‬
‫قوة هذه الهجومات ومشاركة الجماهير‪ ،‬وما تالها عن ردود فعل وحشية من طرف الجيش‬
‫الفرنسي وميليشيات األوروبية‪.‬‬
‫واستطاعت هذه الهجومات من تشجيع آخر المترددين باإللتحاق بالثورة ‪ ،‬كما ساهمت في‬
‫تدويل القضية الجزائرية‪.‬‬
‫كما أعادت هذه الهجومات اإلتصال بين قيادات المناطق التاريخية من جديد‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫لقد مرت الثورة في عامها األول بأصعب مرحلة مثلت رهان جبهة التحرير على إستمرارية‬
‫الثورة من عدمه رغم الصعوبات الكبيرة‪،‬استطاعت الثورة الصمود‪.‬‬
‫البيبليوغرافيا‪:‬‬
‫محمد العربي الزبيري‪ ،‬الثورة في عامها األول‪،‬دار البعث‪،‬دار البعث‪ ،‬قسنطينة‪.1984،‬‬
‫‪Slimane Chikh, l’Algérie en arme, ou le temps des certitudes, Economica, Paris,‬‬
‫‪1981.‬‬

‫‪Harbi Mohamed, 1954 la guerre commence en Algérie, édition Complexe,‬‬


‫‪Bruxelles ,1998.‬‬

‫‪Harbi Mohamed, le FLN, mirage et réalité, des origines a la prise de pouvoir,‬‬


‫‪éditions Jeune Afrique, Paris, 1980.‬‬

‫‪Teguia Mohamed, L’Algérie en guerre, Alger, OPU, 1988.‬‬

‫عبد النور خيتر‪،‬تطور الهيئات القيادية للثورة الجزائرية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪،‬جامعة الجزائر ‪،‬‬
‫‪.2006‬‬

‫المحاضرة ‪3‬‬
‫مقياس‪ :‬تاريخ الثورة الجزائرية‬
‫عنوان المحاضرة‪ :‬مؤتمر الصومام ‪ 20‬أوت ‪1956‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫لقد ساهم فقدان التنسيق بين المناطق الثورية‪،‬بسبب استنزاف العناصر القيادية المفجرة‬
‫للثورة‪،‬وبسبب اعتماد مبدأ الال مركزية‪،‬في بروز العديد من المشاكل‪ ،‬انعكست على جميع‬
‫الصعد السياسية والعسكرية‪،‬وتداخلت الصالحيات بين قيادات الداخل والخارج‪،‬وكان لزاما‬
‫وضع حد لهذا الخ لل‪ ،‬عبر ضبط األمور القيادية واعادة هيكلة جبهة وجيش التحرير ‪،‬وكان‬
‫من الضروري الدعوة إلى مؤتمر جامع يعيد األمور إلى نصابها‪ ،‬وهو ما كان من خالل‬
‫مؤتمر الصومام‪.‬‬
‫مؤتمر الصومام ‪،‬اختيار المكان والزمان‪:‬‬
‫وقع اإلختيار أوال على منطقة الشمال قسنطيني‪ ،‬بالضبط بجبال بني صالح ‪ ،‬ثم اقترح مكان‬
‫أخر وهو "بو الزعرور "‪،‬كما طرحت منطقة األوراس الحتضان المؤتمر‪،‬لكن ورود‬
‫معلومات عن استشهاد بن بو العيد ‪ ،‬وما تاله من فوضى عرفتها المنطقة األولى ‪،‬أدى بقيادة‬
‫الثورة اختيار مكان أخر العتبارات األمنية والتنظيمية ‪،‬وأخذ عبان رمضان على عاتقه‬
‫تن ظيم أمور اإلجتماع وإرسال الدعوات ‪،‬وطرح اسم منطقة "األخضرية"‪،‬ثم استبدل نهائيا‬
‫بمنطقة"إيفري أوزالقن" وبالضبط ضفاف واد الصومام بالمنطقة الثانية من الوالية الثالثة ‪،‬‬
‫وأخذ كل من كريم بلقاسم وعميروش على عاثقهم تأمين المؤتمر والمؤتمرين‪.‬‬
‫ليس لدينا معلومات كافية عن تحديد زمن المؤتمر‪ ،‬ما يمكن معرفته هو اختيار في البداية‬
‫فترة الربيع من سنة ‪،1956‬لكن وصول معلومات للعدو عن األمر‪،‬إضافة إلى الغموض‬
‫الذي كان يكتنف األوضاع في األوراس‪،‬حال دون ذلك ‪،‬ليقع اإلختيار في األخير على تاريخ‬
‫‪ 20‬أوت الرمزي في تاريخ الثورة الجزائرية ‪.‬‬
‫قرارات المؤتمر‪:‬‬
‫عمل القادة الثوريين المجتمعين في مؤتمر الصومام والذين كان أبرزهم ‪:‬عبان‬
‫رمضان‪،‬العربي بن مهيدي‪،‬زيغود يوسف‪،‬كريم بلقاسم‪،‬أعمر أوعمران وغيرهم‪،‬تأسيس قيادة‬
‫عامة للثورة‪،‬وإقرار مجموعة من القرارات التنظيمية تخصص هيكلة جيش وجبهة التحرير‬
‫الوطنيين‪ ،‬لتصبح جبهة التحرير قيادة سياسية موحدة تتناسق وتتكامل فيها قرارات القيادة‬
‫الداخلية والخارجية مع الغلبة للقيادة الداخلية كما سوف نذكر بعد حين‪ ،‬والتوضيحية من‬
‫خالل تحرير ميثاق ثوري اصطلح على تسميته "أرضية الصومام" يشرح بالتفصيل مبادئ‬
‫وأهداف الثورة‪ ،‬ونظرتها للقضايا الداخلية واإلقليمية والخارجية‪،‬ويمكن تلخيص هذه‬
‫القرارات في ما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬سياسيا‪:‬‬
‫أولوية السياسي على العسكري‪:‬‬
‫وهو في الحقيقة مبدأ عالمي أقرته جميع الثورات العالمية‪ ،‬والمقصود به غلبة نفوذ وإرادة‬
‫جبهة التحرير كهيئة سياسية على جيش التحرير الذي يمثل جناحها العسكري‪،‬وهكذا يصبح‬
‫البرنامج السياسي لجبهة التحرير ملزما لبندقية المحارب والعسكري‪،‬ألنه في النهاية يبقى‬
‫المبدأ والهدف سياسي وليس عسكري‪،‬أال وهو إستعادة السيادة الوطنية ‪،‬كما كان يهدف هذا‬
‫المبدأ‪ ،‬الحيلولة دون عسكرة جبهة التحرير الوطني‪.‬‬
‫أولوية الداخل عن الخارج‪:‬‬
‫كان لزاما على أي ثورة في العالم تواجد المقاتل والمدافع على مبادئها على أرض المعركة ‪،‬‬
‫كشرط لنجاحها‪،‬ومن أجل ذلك أقر المؤتمر هذا المبدأ‪ ،‬بما أن كل الحاضرين الذين شاركوا‬
‫في المؤتمر كانوا من قادة الداخل‪ ،‬وكان الغرض من هذا القرار‪،‬منع ازدواجية صنع القرار‬
‫بين القيادة الداخلية والخارجية‪،‬ومنح سلطة القرار للقادة الفعليين في الميدان‪،‬لبقاء العمل‬
‫العسكري في الداخل متفوقا على العمل الدبلوماسي في الخارج‪ ،‬ولتجنب قيادة الثورة من‬
‫الخارج‪.‬‬
‫‪/2‬عسكريا‪:‬‬
‫كان على المؤتمرين مسؤولية هيكلة جيش التحرير‪،‬لكي يصبح جيشا نظاميا ‪ ،‬وتنظيم عالقته‬
‫مع جب هة التحرير‪،‬وعقلنة سلطته‪،‬رغم صعوبة ذلك لكون أعضاء جيش التحرير لم يكونوا‬
‫جنودا محترفين‪،‬بعيدين عن ميدان الجندية‪،‬والخبرة بالسالح‪.‬‬
‫ومن أجل ذلك تم إستحداث الرتب العسكرية‪،‬وهي نفسها المعتمد في الجيوش العالمية من‬
‫جندي أول إلى عقيد‪ ،‬مع إستبعاد رتبة جنرال‪،‬حيث تم اإلحتفاظ بها لما بعد اإلستقالل‪،‬‬
‫وتقسيم وحدات جيش التحرير الوطني إلى ‪:‬نصف فوج يضم ‪ 5‬جنود‪ ،‬وفوج يضم‬
‫‪11‬جندي‪،‬فرقة‪ ،‬تتكون من ‪ 35‬جندي‪ ،‬كتيبة‪ ،‬تتكون من ‪ 110‬جندي‪،‬وفيلق ‪ 350‬جندي‪ ،‬كما‬
‫تحديد المرتبات الشهرية لمختلف أعضاء جيش التحرير‪ ،‬ومنح أرامل وأبناء الشهداء‪،‬‬
‫وتحديد م صطلحات المستعملة‪،‬كالمجاهد وهو المقاتل في صفوف جيش التحرير ‪ ،‬المسبل‬
‫وهو المشارك في جيش التحرير عبر تقديم الدعم (شبكات الدعم)‪،‬والفدائي‪ ،‬وهو المكلف‬
‫بقتال العدو في المدن‪.‬‬
‫‪ /3‬هيكليا‪:‬‬
‫عمل المشاركين في مؤتمر الصومام على إيجاد هيئات قيادية للثورة ‪،‬وهي على التوالي‪:‬‬
‫أ‪ /‬لجنة التنسيق والتنفيذ ‪:CCE‬‬
‫في ظل مراعاة مبدأ هام من مبادئ الذي أقرها مؤتمر الصومام وهو مبدأ أولوية الداخل على‬
‫الخارج تم استحداث هيئة تنفيذية قيادية ‪،‬مكونة من عناصر من الداخل ‪،‬مكونة من خمسة‬
‫أعضاء قسمت عليهم المهام كالتالي‬
‫عبان رمضان‪ :‬تولى المسؤولية السياسية والمالية للثورة‪ ،‬ويساعد بن يوسف بن خدة في‬
‫مهامه المتمثلة في اإلتصال باألوربيين لكسب الدعم للقضية الجزائرية‪ ،‬ومساعدة سعد دحلب‬
‫في إدارة جريدة المجاهد‪ ،‬بن مهيدي المسؤول عن العمل العسكري‪ ،‬وكريم بلقاسم مسؤوال‬
‫عن العمل العسكري‪.‬‬
‫و بذلك تحولت اللجنة إلى قيادة جماعية عامة‪ ،‬تدير مهام اإلشراف على قيادة الثورة‪،‬كما ميز‬
‫التفاهم وتقارب األفكار بين أعضائها‪ ،‬وخاصة لجنة التنسيق والتنفيذ األولى‪.‬‬
‫ب‪ /‬المجلس الوطني للثورة‪:CNRA‬‬
‫شكل هذه الهيئة التي نجهل عنها الكثير ‪ ،‬مجلس إستشاري تشريعي ثوري ‪،‬تشكل من ‪34‬‬
‫عضو ‪ 17،‬دائمين ‪،‬و ‪ 17‬غير دائمين‪ ،‬تشكل من خليط من أطياف الحركة الوطنية‪،‬الذين‬
‫انظموا للثورة ‪ ،‬من مركزيين و علماء ‪ ،‬وبيانيين‪،‬وشيوعيين وغيرهم‪،‬ولكن نجهل الكثير من‬
‫آليات عمل هذا المجلس وما مدى تأثيره على توجهات الثورة‪ ،‬نعلم أن جلساته كانت جد‬
‫محدودة ‪ ،‬بعضها عقد في القاهرة‪،‬واألكثر شهرة عقدت في طرابلس ‪،‬في السنوات األخيرة‬
‫للثورة‪ ،‬أما أعضائه فالبعض معروف والبعض غير معروف‪.‬‬

‫أرضية الصومام‪:‬‬
‫تعتبر أرضية الصومام ‪،‬من أهم النصوص المؤسسة لجبهة التحرير ‪،‬بعد نداء أول نوفمبر‬
‫‪،‬أريد لها أن تكون بمثابة "ميثاق الثورة التحريرية"‪،‬وإن كنا نجهل تاريخ صياغة المشروع‪،‬‬
‫ومحرري األرضية‪ ،‬البعض ذكر إسم عمار أوزقان كمحرر لألرضية‪ ،‬بتكليف من عبان‬
‫رمضان ‪ ،‬وساعده في ذلك محمد لبجاوي والمحامي عبد الرزاق شنتوف‪،‬ليتم مراجعتها في‬
‫المؤتمر ‪.‬‬
‫زمنيا يمكن اعتبار الفترة ما بين بداية سنة ‪1956‬و حتى الصائفة من نفس العام ‪،‬الفترة التي‬
‫إستغرقتها األرضية لتأخذ شكلها النهائي‪ ،‬ولقد حاول عبان رمضان حسب بعض الروايات‬
‫إشراك الوفد الخارجي في صياغة األرضية‪،‬لكن كل الدالئل تشير إلى عكس ذلك‪،‬ولم يفصح‬
‫عن محتوى األرضية بشكل علني إال في فاتح نوفمبر ‪ 1956‬عبر جريدة المجاهد‪.‬‬
‫محتوى األرضية‪:‬‬
‫جاءت األرضية في حوالي ثالثة ثالثين صفحة باللغة الفرنسية ‪،‬تطرق في البداية إلى‬
‫الظرفية السياسية للثورة‪ ،‬والمقاومة المسلحة‪،‬التطرق بعدها إلى الحركة المصالية‬
‫المناوئة‪،‬والتعريض بالحزب الشيوعي‪ ،‬وغيابه عن محاربة اإلستعمار واإلمبريالية كما كان‬
‫يدعي دائما‪،‬كشف مناورات فرنسا إلجهاض الثورة‪،‬ثم التطرق بعدها بالشرح أهداف الثورة‬
‫وشروط وقف إطالق النار والدخول في المفاوضات‪ ،‬ثم التطرق إلى العمل الثوري‬
‫وإمكانيات الثورة العسكرية والدعائية‪،‬وخاطب بعدها جميع الشرائح المجتمع الجزائري بدأها‬
‫بالفالحين ‪،‬ثم العمال‪،‬ثم الشباب ثم المثقفون وأصحاب المهن الحرة ‪،‬ثم التجار وأصحاب‬
‫الحرف‪،‬ثم النساء‪،‬ثم اللبراليين‪،‬واليهود‪،‬خاطب كل هذه الشرائح شارحا أسباب الثورة‬
‫وأهدافها ودعاهم للمشاركة فيها الكل بطريقته وبإمكاناته‪.‬‬
‫تم تطرقت األرضية بعدها للمهاجرين الجزائريين ‪،‬منوها بدور فيدرالية جبهة التحرير‬
‫بفرنسا ووجوب تنظيم وتأطير المهاجرين الجزائريين للعمل من أجل القضية الجزائرية‬
‫واإلتصال بالمنظمات والجمعيات المجتمع المدني بفرنسا وأوروبا من أجل دعم القضية‬
‫الجزائرية‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫شكل مؤتمر الصومام منعطفا هاما في تاريخ الثورة التحريرية‪،‬إستطاعت جبهة التحرير‬
‫الوطني من خالله إيجاد هيئات مؤسساتية للثورة‪ ،‬و أقر قرارات خطيرة ‪،‬مازال الجدل‬
‫حولها إلى يومنا هذا‪ ،‬بين من يعتبر المؤتمر وقراراته ‪،‬أعطى بعدا كبير للثورة ‪،‬ومن يعتبره‬
‫إنحرافا عن مبادئ أول نوفمبر‪.‬‬
‫بيبليوغرافيا‪:‬‬
‫عبد هللا مقالتي ‪،‬التاريخ السياسي للثورة الجزائرية ‪،‬وزارة الثقافة للنشر والطباعة ‪،‬الجزائر‪.2013-‬‬
‫‪-‬ميلود تيزي‪ ،‬مواقف قادة الثورة من مؤتمر الصومام ‪،‬ط‪،1‬مكتبة الرشاد للنشر والطباعة‬
‫والتوزيع‪،‬الجزائر ‪،2013،‬‬
‫‪ -‬يعيش محمد ‪،‬مؤتمر الصومام عام ‪ 1956‬و إشكالية تجسيد قراراته‪ ،‬مجلة المعارف للبحوث‬
‫والدراسات التاريخية ‪،‬مجلة دورية دولية محكمة‪،‬العدد ‪،13‬جامعة الوادي‪.‬‬
‫‪-‬النصوص األساسية للثورة التحريرية ‪،‬نداء أول نوفمبر ‪،‬مؤتمر الصومام ‪،‬مؤتمر طرابلس‪،‬منشورات‬
‫وزارة المجاهدين ‪.2008،Anep،‬‬
‫‪-‬محمد حربي ‪،‬جبهة التحرير الوطني األسطورة والواقع ‪،‬تر كميل قيصر داغر ‪،‬دار الكلمة للنشر‬
‫‪،‬بيروت ‪،‬لبنان ‪.1983،‬‬
‫‪-‬بن يوسف بن خدة ‪،‬شهادات ومواقف ‪،‬دار النعمان للنشر ‪،‬الجزائر ‪.،2004،‬‬
‫الشيخ سليمان ‪ ،‬الجزائر تحمل السالح ‪ ،‬دراسة في تاريخ الحركة الوطنية و الثورة المسلحة‪ ،‬ترجمة‪،‬‬
‫محمد حافظ الجمالي‪ ،‬منشورات الذكرى األربعين لالستقالل ؿ‬
‫‪ .‬صالح بمحاج ‪ :‬تاريخ الثورة الجزائرية ‪ ،‬دار الكتاب الحديث الجزائر ‪. 2009‬‬
‫‪ .‬عبد الحفيظ أمقران‪ ،‬مؤتمر الصومام ‪20‬أوت ‪1956‬إعدادا وتنظيما ومحتوى ‪،‬مجلة أول نوفمبر ‪1954‬‬
‫‪ ،‬عدد‪ 68‬سنة ‪1994‬‬

‫المحاضرة ‪4‬‬
‫عنوان المحاضرة‪ :‬معركة الجزائر‬
‫المقياس‪:‬تاريخ الثورة الجزائرية‬
‫المستوى‪ :‬السنة الثانية ماستر تاريخ المقاومة والحركة الوطنية‬
‫عناصر المحاضرة‪:‬‬
‫‪ /3‬تنظيم المعركة‪.‬‬ ‫مقدمة ‪ /1‬التعريف بمعركة الجزائر‪.‬‬
‫‪ /4‬تطورات المعركة‪.‬‬ ‫‪ /2‬األسباب والدوافع‪.‬‬
‫‪ /6‬الخاتمة‪.‬‬ ‫‪ /5‬رد فعل الفرنسي‪.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫عرفت المدن الجزائرية العمل الفدائي منذ بداية الثورة‪ ، ،‬لكن األمر كان يتعلق بعمل‬
‫عفوي أو صادر عن قيادات محلية في مدن القطاع القسنطيني‪،‬والمدية‪ ،‬تلمسان‪ ،‬بلعباس‪،‬‬
‫وخاصة الجزائر العاصمة باستهداف الخونة ورموز اإلستعمار‪ ،‬سرعان ما تمخض عنه‬
‫إرهاب فرنسي‪ ،‬إستهدف التجمعات واألحياء السكانية للجزائريين‪ ،‬لكن يبدو أنه تم إعتماد‬
‫إستراتيجية حرب المدن بعد تردد ‪،‬لكن حادثين عجل على سلوك هذا النهج أولهما العملية‬
‫اإلرهابية ليوم العاشر أوت ‪ 1956‬بحي القصبة‪ ،‬وقبلها إعدام الشهيدين أحمد زهانة وعبد‬
‫القادر فراج في ‪ 19‬جوان ‪1956‬‬
‫‪ /1‬التعريف بمعركة الجزائر‪:‬‬
‫هي تلك العمليات الفدائية التي حدثت ما بين ‪ 1956‬وصائفة ‪ ،1957‬باتجاه العمالء‬
‫واألمن الفرنسي والخونة‪ ،‬ورد الفعل الفرنسي الرسمي وغير الرسمي‪ ،‬بمالحقة النشطاء‬
‫والمدنيين المتعاطفين مع جبهة التحرير الوطني ‪،‬في محاولة لترهيب الجزائريين وثنيهم عن‬
‫مناصرة جبهة التحرير الوطني‪،‬عرفت فترات احتدم فيها الصراع عن طريق الفعل ورد‬
‫الفعل‪ ،‬وانتهت ولو ظاهريا بنجاح للقوات المظليين بقيادة الجنرال ماسي ‪Massu‬عن إجالء‬
‫قيادة جبهة التحرير من مدينة الجزائر وتفكيك خاليا المنطقة الجزائر المستقلة‪.‬‬
‫‪ /2‬األسباب‪:‬‬
‫بدأت بوادر معركة الجزائر بعد مؤتمر الصومام ‪ 20‬أوت ‪،1956‬حيث تم توكيل‬
‫عنصر نشط [ٍهو ياسف سعدي] بتنظيم منطقة الجزائر المستقلة ‪ ،‬حيث استطاع هذا األخير‬
‫كعمل أولي بطرد العناصر المصالية من القصبة والتصدي لشبكات اإلجراء والبغاء في‬
‫القصبة من ساد ة الفساد والرذيلة وفرض عليهم سياسة االنطواء تحت جبهة التحرير أو‬
‫االضمحالل ‪.‬‬
‫‪ -‬خالل مؤتمر الصومام تمت اإلشارة إلى إمكانية القيام بنشاطات مسلحة عنيفة على‬
‫مستوى المدن للرد على همجية غالة المعمرين هنالك‪.‬‬
‫‪ -‬إن أي عمل فدائي يمكنه من إحداث قطيعة بين المكونين الجزائري واألوربي كما‬
‫كان الشأن مع هجومات ‪ 20‬أوت ‪.1955‬‬

‫بالنسبة لعبان رمضان كان حذرا جدا بخصوص نجاح هذه اإلستراتيجية‪ ،‬كما أن‬
‫أوعمران قائد الوالية ‪ 4‬كان مترددا‪ ،‬أما ياسف سعدي فكان مترددا هو اآلخر بسبب عدم‬
‫جاهزيته‪.‬‬
‫‪ -‬ويمكن تفهم هذا التردد بشأن فتح جبهة المدن ‪ ،‬فهذه اإلستراتيجية سالح ذو حدين‬
‫فيمكن أن ترف أكثر وأكثر بالثورة ومدها وأهدافها كما يمكن أن تستغلها فرنسا في حربها‬
‫الدعائية بإعتبار كل عملية لجبهة التحرير على أنها عمل إرهابي بربري مجرم دوليا‪،‬‬
‫وطمس معالم الجريمة وعمليات التعذيب التي إقترفها جالدو وعمالء االستعمار‪.‬‬
‫‪/3‬تنظيم المعركة‪:‬‬
‫كانت منطقة الجزائر الحرة (‪ )ZAA‬مقسمة إلى نواحي‪ :‬الجزائر الوسطى‪ ،‬الغربية‬
‫والشرقية‪ ،‬وكانت كل ناحية مقسمة إلى قطاعات والقطاعات إلى دوائر‪ ،‬تضم نصف الدائرة‪.‬‬
‫وكان العدد اإلجمالي للفدائيين حوالي مائة‪ ،‬يضاف إليهم ‪ 150‬متطوعا خاصين بشبكة‬
‫"المتفجرات" ‪ ،‬إجماليا كان عدد المنضوين تحث لواء شبكات منطقة الجزائر المستقلة من‬
‫فدائي ومسبل ومتطوع حوالي خمس مئة ‪ ،‬في وقت كانت تحض به الثورة بدعم قاعدة شعبية‬
‫كبيرة جدا‪ ،‬يقود كل ذلك مجلس المنطقة مكلف من رئس وثالث أعوان‪.‬‬
‫بالنسبة لشبكة المتفجرات كانت تتكون من لحام ‪ ،‬نجار من أجل إخفاء المتفجرات‪،‬‬
‫وساعاتي ‪،‬ومتخصص في المواد الكيميائية‪.‬وسيلعب طالب عبد الرحمان دورا كبيرا في‬
‫صناعة المتفجرات وكذلك بعض المتطوعين والمتعاطفين األوربيين الشيوعيين على غرار‬
‫دنييل وغبرييل تمسيت‪ ،Daniel et Gabriel Timsit‬وأوكلت مهمة وضع هذه المتفجرات‬
‫في مكانها المحدد من طرف فتيات جزائريات ال يمثلن أي شبهة بمالمحهن وهندامهن‬
‫األوربي أمثال جميلة بوحيرد‪ ،‬زهرة بيطاط‪ ،‬سامية لخضاري‪ ،‬جوهرة أكرور‪،‬دنييل مين‬
‫‪. Daniel Minne‬‬
‫إضافة إلى عمليات أخرى بإستعمال األسلحة ضد أعوان اإلستعمار من جالدين‬
‫وخونة‪،‬و كانت العمليات تتم بصورة شبه كلية‪ ،‬أيام عطلة األسبوع‪ ،‬خاصة في المقاهي‬
‫والمراقص‪ ،‬والمؤسسات العمومية والمالعب‪.‬‬
‫ولعل أشهر هذه العمليات عملية ‪ Milk Bar‬في الثالثين سبتمبر ‪ 1956‬والتي خلفت‬
‫قتيل‪ ،‬و‪ 30‬جريحا‪ ،‬وعملية كافتريا‪:Rue michelet‬خلفت هي األخرى قتيلين‪ 16 ،‬جريح‪،‬‬
‫وعملية الملعب البلدي باألبيار التي خلفت عشرة قتلى‪ ،‬و‪ 36‬جريحا‪ ،‬عملية كازينو‬
‫الكورنيش‪–La corniche‬مرقص‪ 11 -‬قتيال‪ 35 ،‬جريحا‪ ،‬وغيرها من مئات العمليات التي‬
‫قضت مضاجع الفرنسيين‪ ،‬بعض العمليات فشلت أبرزها عملية ‪ Fernand Yveton‬حيث‬
‫تراجع عن تنفيذ العملية مما أدى إلى اكتشافه‪ ،‬وثم إعدامه الحقا‪ ،‬وهذا جدول بتطور‬
‫العمليات‪:‬‬
‫جانفي ‪ 1956‬جوان ‪ 1956‬أكتوبر ‪ 1956‬ديسمبر ‪ 1956‬جانفي ‪1957‬‬ ‫الزمن‬

‫‪ 112‬عملية‬ ‫‪ 122‬عملية‬ ‫‪ 95‬عملية‬ ‫‪ 50‬عملية‬ ‫عدد العمليات ‪ 04‬عمليات‬


‫المرجع [‪.]G.meynier, Histoire intérieure du FLN p323‬‬
‫وصل بعدها الحد إلى إستهداف نهاية ‪ Amédée Forgerَ 1956‬رئيس كونفدرالية‬
‫شيوخ بلديات الجزائر الذي أعقبه أعمال انتقامية ‪.‬‬
‫في ظل هذه الظروف الصعبة أعلنت جبهة التحرير الوطني وفي نهاية شهر جانفي‬
‫‪ 1957‬إضراب ال‪ 08‬أيام‪ ،‬في الوقت الذي كانت تدرس فيه القضية الجزائرية في األمم‬
‫المتحدة ‪،‬والذي شكل عالمة فارقة في طول هذه المعركة‪ ،‬وبقدر إمكانية قيادة جبهة التحرير‬
‫على تعبئة الجماهير خلفها ومشاركة الكبيرة واالستجابة من أجل خوض هذه المعركة‪ ،‬بقدر‬
‫ما كانت تبعات هذا اإلضراب صعبة جدا على الجماهير وعلى قيادة جبهة التحرير‪،‬حيث‬
‫عمد الجنرال ماسو ومظلييه الذين بلغ عددهم ‪ 8000‬على كسر اإلضراب بإستعمال كل‬
‫األساليب المتاحة األكثر وحشية‪.‬‬
‫‪ /5‬ردود الفعل الفرنسية‪:‬‬
‫إستطاعت جبهة التحرير إرباك السلطات اإلستعمارية بعد فتح جبهة مدينة الجزائر‪،‬لكن‬
‫شيء فشيئا ومع بداية من شهر جانفي ‪ 1957‬إستطاعت من إلتقاط األنفاس وتسخير جميع‬
‫اإلمكانيات للتكيف مع هذه المعركة الغير عادية‪ ،‬وكان الكوست قد أعطى الضوء األخضر‬
‫للجنرال ماسو‪ Massu‬وللفرقة العاشرة للمظليين من أجل قمع المعركة‪ ،‬وتولى ‪ 3‬رجال‬
‫عملل البسيولوجي الكولونيل ‪ Trinquier – Mayer – Godard‬كما عرف أخرون‬
‫بوحشيتهم وأساليبهم الوحشية التي ظهرت في أتخاد التعذيب وسيلة لجمع المعلومات على‬
‫غرار الرائد بول أوساريس ‪ ،Paul Aussaresse‬والنقيب غرازياني‪ ، Graziani‬وكان من‬
‫آثار القمع األولى مغادرة لجنة التنسيق والتنفيذ للجزائر مارس ‪ ،1957‬واستشهاد محمد‬
‫العربي بن مهيدي تحت التعذيب‪.‬‬
‫ولقد طبقت السلطات اإلستعمارية إستراتيجية التعذيب على نطاق واسع‪ ،‬وصخرت‬
‫فيالت وإقامات ومراكز غير رسمية لمقار لعملياتها اإلجرامية كفيال سوزيني‬
‫‪ Suzinni‬وفيال محي الدين وغيرها‪ ،‬التي إستقبلت أالف الزوار والذي مات غالبيتهم تحت‬
‫اإلستنطاق والتعذيب‪ ،‬ولعل أسماء موريس أودان ‪ Maurice Audin‬والمحامي علي‬
‫بومنجل‪،‬أبرز مثال على وحشية اإلستعمار وجالديه‪.‬‬
‫وعشرات المئات من الجزائريين تم توقيفهم وإيداعهم للمحتشدات في بني مسوس‪ ،‬عين‬
‫وسارة‪ ،‬هذه السياسة دفعت بمدير األمن الجزائر ‪ Paul Teitgen‬إلى االستقالة في ‪29‬‬
‫مارس ‪ ،1957‬بعدما الحظ أن عمليات التعذيب والتقتيل أخذت منحى خطير‪.‬‬
‫وكما ذكر أنفا لم تنتهي هذه المعركة إال بعد نجاح فرنسا في تفكيك وكشف تنظيم منطقة‬
‫الجزائر الحرة [ًََ ‪ ] ZAA‬من خالل بعض المناضلين الخونة ‪،‬أو الذين تعرضوا إلى التعذيب‬
‫ومن خالل العمل اإلستخباراتي تحت إدارة الجنرال ‪ Godard‬والنقيب ‪(Leger‬الذي كان‬
‫يتكلم العربية من مواليد المغرب) ثم من خالل التعذيب والعمل البسيكولوجي تهيئة جماعة‬
‫من الخونة عرفوا بالفرنسية "‪ "Les bleus de chauffe‬كان لهم عظيم األثر في االندساس‬
‫ضمن النظام وكشفه‪.‬‬
‫ليسدل الستار عن هذه المعركة ولو مؤقتا بإلقاء القبض على زهرة خريف وياسف‬
‫سعدي في ‪ 23‬سبتمبر ‪ ،1957‬كما تم تفجير مخبئ علي البوانت‪ ،‬حسيبة بن بوعلي‪ ،‬وعمر‬
‫الصغير بعد أيام قليلة‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫تمثل معركة الجزائر أهم حدث في تاريخ الثورة الجزائر‪ ،‬بسبب الزخم الذي تركته‬
‫وأحدثته ‪ ،‬والذي مازالت أثاره إلى يومنا هذا‪ ،‬حيث نجحت جبهة التحرير إلى تعبئة الجماهير‬
‫خلفها في معرة ظهرت بأنها مصيرية ضد المستعمر‪ ،‬لكن رد الفعل الفرنسي كان أكثر‬
‫وحشية حاول تفكيك خاليا جبهة التحرير وطردها من مدينة الجزائر ‪ ،‬وبعدما نجح في ذلك‬
‫‪ ،‬إال أن مظاهرات ديسمبر ‪،1960‬أثبتت للعالم أن جبهة التحرير لم تخرج بشكل نهائي من‬
‫مدينة الجزائر ‪.‬‬
‫أسئلة في موضوع‬
‫‪-‬من خالل المحاضرة ماهي دوافع جبهة التحرير في فتح معركة مدينة الجزائر‪ ،‬وبداية‬
‫إعتماد العمل الفدائي الحضري؟‬
‫‪-‬هل إستطاعت جبهة التحرير في تحقيق أهذافها بفتح هذه الجبهة؟وماهي ردود الفعل‬
‫الفرنسية وإلى حد ما نجحت في تفكيك شبكات جبهة التحرير بالعاصمة وطرد لجنة التنسيق‬
‫والتنفيذ‪.‬‬
‫المراجع‪:‬‬
‫•‬ ‫‪Gilbert Meynier, Histoire intérieur du FLN, Fayard, 2001 .‬‬
‫•‬ ‫‪General Massu, La vraie bataille d’Alger, Plon,1971.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Yves Courrière, La guerre d'Algérie, Paris, Fayard, 2001 T1:1954-1957: les fils de‬‬
‫‪la Toussaint, le temps des léopards -- T2:1957-1962: l'heure des colonels,‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Pierre Pellissier, La bataille d'Alger, Paris, Perrin, coll. « Tempus », 2002,‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Benjamin Stora, Histoire de la guerre d'Algérie 1954-1962, Paris, Éd. la‬‬
‫‪Découverte, coll. « Collection Repères » (, 1992‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Philippe Tripier, Autopsie de la guerre d'Algérie, France empire, 1972‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Guy Pervillé, « Terrorisme et torture : la bataille d'Alger de‬‬
‫‪1957 », L'Histoire, no 214, octobre 1997‬‬
‫المحاضرة ‪5‬‬
‫سياسة ديغول للقضاء على الثورة الجزائرية‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫عول أوربيو الجزائر وجنراالت فرنسا على ديغول كالرجل المناسب حسب ظنهم إلنقاذ ما‬
‫تبقى من أسطورة الجزائر الفرنسية‪ ،‬بعدما وصلت الثورة إلى ذروتها سنة ‪ ،1958‬فنودي به‬
‫رئيسا على رأس الجمهورية الخامسة بعدما إنقالب ‪ 13‬ماي ‪ ،1958‬وجاء بوعود إلنقاذ‬
‫صمعة فرنسا المهددة باإلفالس وبخسارة مستعمرتها بالجزائر إلى األبد‪ ،‬وسوف يولي قضية‬
‫الجزائر األولوية حيث سوف يخطط من أجل ذلك إستراتيجية قائمة على الترهيب‬
‫والترغيب‪ ،‬ولكن بعدما أعيته كل الحلول أدرك أن أسطورة الجزائر فرنسية آيلة إلى الزوال‬
‫ال محال‪.‬‬
‫العمليات العسكرية‪:‬‬
‫مخطط شال‪ :‬نسبة للقائد القوات الجوية السابق والذي جعل منه ديغول قائد هيئة األركان‬
‫موريس شال ‪ ،Maurice Challe‬ويبدو أن المخطط كان قد إعتمده الجنرال راوول ساالن‬
‫سابقا‪ ،‬ويقتضي إعادة إنشار الجيش الفرنسي وإحتالله للمناطق الجبلية وإزاحة وحدات‬
‫الجيش التحرير من تلك المناطق‪ ،‬حتى تفقد مجالها الحيوي‪ ،‬وتصبح حياة المجاهدين‬
‫مستحيلة‪.‬‬
‫وكان الهدف من مخطط شال العسكري‪ :‬تحطيم قدر اإلمكان اإلمكانيات العسكرية‬
‫اوللوجستية ومحاولة قطع اإلتصال والتنسيق بين النواحي والمناطق والواليات‪ ،‬شرط أن‬
‫يكون اإلعتماد على عنصر المباغتة‪ ،‬وال يتم ذلك إال بتخصيص أكبر قدر من القوات‬
‫العسكرية من كل قطاع عسكري واألولى أن تكون من النخبة‪،‬وتدعمها قوات اإلحتياط‪ ،‬وتم‬
‫إستهذاف في البدء الوالية الخامسة عبر عملية "التاج إبتداء من مارس ‪ 1959‬إمتدت عمليات‬
‫التمشيط وصوال إلى الونشريس الغربي خلفت العملية خسائر فادحة في صفوف جيش‬
‫التحرير‪ ،‬حيث تراجعت اإلمكانيات البشرية إلى النصف‪ ،‬وكذلك اللوجستيك ووسائل‬
‫اإلتصال ‪ ،‬ودمرت العديد من المخازن الخاصة بالغداء واألدوية ‪.‬‬
‫لتمتد عمليات هذا المخطط الجهنمي مع أفريل وماي حيث سوف تنتقل آلية المخطط‬
‫نحو الظهرة والونشريس الشرقي حتى التيطري واألطلس البليدي في عملية أطلق عليها إسم‬
‫(عملية ‪ Courroie‬الحزام)‪ ،‬تم إعتماد كذلك هذه المرة على عنصر المفاجأة‪ ،‬لكن كان له‬
‫اقل أثر هذه المرة حيث أن قادة الوالية الرابعة أخذوا العبرة من العملية السابقة وأعدوا العدة‬
‫لذلك قدر اإلمكان‪ ،‬فإتخذ مجلس الوالية قرارا بالنشر الوقائي لوحداته‪،‬وتفتيتها إلى مجموعات‬
‫صغيرة حتى يسهل إفالتها من شباك العدو المتربص‪.‬‬
‫وكان من الطبيعي أن تمتد العمليات هذه المرة لتشمل الوالية الثالثة القبائل ‪ ،‬في نهاية‬
‫جويلية في إطار عملية سميت ب "‪ Jumelles‬المنظار"‪ ،‬وكذلك هذه المرة كان قادة الوالية‬
‫قد إتخذوا إحتياطاتهم ‪ ،‬رغم ذلك كلفت العمليات خسائر فادحة‪ ،‬ولعل شهادة المجاهد محمد‬
‫بن يحي من قادة الوالية في كتابه (‪ ،( Conjuration au pouvoir‬ليستمر هذا المخطط‬
‫في اجتياحه لجميع الواليات التاريخية الواحدة تلو األخرى وصوال إلى إطار عملية األحجار‬
‫الكريمة "‪ ، pierres précieuses‬ذلك هذه العملية قد أدت إلى خسائر قادمة في صفوف‬
‫جيش التحرير‪.‬‬
‫ولعل أكبر خ سائر التي منيت بها الجبهة الداخلية عملية التمويل الذاتي‪ ،‬حيث كانت‬
‫الواليات التاريخية تمول نفسها بنفسها عبر إشتراكات الشعب‪،‬وأصبحت الجبهة الداخلية عالة‬
‫على الحكومة المؤقتة‪ ،‬كما أن وقع هذا المخطط الجهنمي زاد من الحجم الخالف بين الداخل‬
‫والخارج أكثر من أي وقت مضى‪.‬‬
‫ولعل القائمون على الشؤون السياسية الفرنسية أرادوا من وراء هذا المخطط فرض‬
‫األمر الواقع في أي مفاوضات محتملة مستقبال‪ ،‬مستغلين الخسائر التي خلفها هذا المخطط‬
‫في صفوف جيش التحرير‪ ،‬زاد من ذلك ما خلفه من خالف بين قادة جبهة التحرير‪ ،‬كل ذلك‬
‫كان يبدو للوهلة األو لى في صالح السلطات الفرنسية‪،‬لكن سنة بعد إعالن المخطط كانت‬
‫جبهة التحرير قد لملمت جراحها وأعادت ترتيب األمور من جديد‪.‬‬
‫‪-‬األسالك الشائكة‪:‬‬
‫كانت أول فكرة إلقامة الخطوط الشائكة في عهد وزير الدفاع أندريه موريس في أوت‬
‫‪ 1956‬على الحدود الغربية‪ ،‬وتشجع الجنرال راوول سالن بعدها على إقامة خط موازي‬
‫على الحدود الشرقية سنة ‪ ،1957‬لتعرف األمور بعدها امتداد لألسالك على الحدود الغربية‬
‫حتى وصلت إلى ‪ 750‬كلم‪ ،‬ومثلها بالتقريب على الحدود الشرقية ‪ ،‬ما مجموعه ‪ 1600‬كلم‬
‫‪،‬وكلف حوالي ‪ 8000‬جندي لحراسته‪ ،‬ستشكل كابوسا لوحدات جيش التحرير حيث أستنزف‬
‫هو األخر الكثير من الطاقات البشرية التي كانت تحاول المرور أو اإللتفاف من حوله‪،‬‬
‫وتسبب ذلك في تراجع إلى النصف بالنسبة لعمليات العبور وتناقص كبير في التمويل في‬
‫األسلحة واألدوية‪ ،‬حاول معه جيش التحرير التصدي بالقوة في ما عرف بمعركة الحدود‪.‬‬
‫المناورات السياسية‪:‬‬
‫‪ -4‬حق تقرير المصير ‪ 16‬سبتمبر ‪ :1959‬أعلن الجنرال ديغول في خطاب متلفز بتاريخ‬
‫‪ 16‬سبتمبر ‪ 1959‬في مناورة جديد عن ما أسماه بمخرج لألزمة في الجزائر بطرحه‬
‫لمشروع حق تقرير المصير كحل مرضي للجميع والشرط الوحيد لعودة السلم في الجزائر‪،‬‬
‫ودعى الجزائريين المشاركة ب قوة في االستفتاء‪،‬وأن ذلك سوف يساهم في تحسين أوضاعهم‬
‫من جميع النواحي‪ ،‬وكان اإلستفتاء يحمل ‪3‬خيارات اإلنفصال أو اإلندماج الكامل‪ ،‬أو أن‬
‫يحكم الجزائريين عن طريق الجزائريين‪ ،‬بتعاون وتنسيق وثيق مع فرنسا‪ ،‬على أن يكون‬
‫ذلك ضمن نظام فيدرالي تتعايش فيه كل الطوائف ‪.‬‬
‫لك ن هذه المناورة باءت بالفشل ‪ ،‬حيث دعا ديغول جبهة التحرير لطاولة الحوار ورفضت‬
‫هذه األخيرة األمر وأصرت على أن يمثلها في أي حوار مستقبلي القادة المسجونين‪.‬‬
‫مشروع قسنطينة‪-Plan de Constantine :‬مشروع سياسي بمالح إقتصادية‪-‬‬
‫في يوم ‪ 1958/10/03‬وقبل مغادرته قسنطينة نحو "كورسيكا" أعلن ديغول في خطابه‬
‫بالمدينة‪ ،‬عن مشروع إقتصادي ضخم من شأنه أن يحسن األوضاع اإلجتماعية و اإلقتصادية‬
‫للجزائريين ‪ ،‬ال يخفى على أحد الطابع السياسي للمشروع ‪،‬ذو المالمح اإلقتصادية البحتة‪،‬‬
‫أن المسؤولين الفرنسيين كانوا أكثر وضوحا بعد ما صرح المندوب العام "‬ ‫ويبدو‬
‫سوف يحل ‪-‬بعد ما يتم تغيير‬ ‫دولوفريبي" ‪ Delouvier‬قائال‪ ":‬إن مشروع قسنطينة‬
‫معطياته‪ -‬مشكال سببه "التمرد ‪ ،"Rébellion‬وهذا المشروع الضخم في الحقيقة غير‬
‫أصيل ‪ ،‬بما أنه إمتداد لمشروع الكوست ( الخطة العشارية) لسنة ‪ ،1958‬مع أخذه‬
‫بعين اإلعتبار العامل الجديد ( المحروقات)‪ ،‬والمستمد بدوره من مراسيم " غي مولى ‪Guy‬‬
‫‪ "Mollet‬لمارس‪ /‬أفريل ‪، 1956‬والذي إستمد هو األخر من مشروع سوستيل لسنة‬
‫‪. 1955‬‬

‫ويمكن تلخيص الخطوط العريضة لهذا المشروع في ما يلي‪:‬‬


‫‪ -‬تمكين الجزائريين من العمل في الوظيف العمومي بفرنسا المركز بنسبة قد تصل‬
‫حتى إلى ‪ %10‬من مجموع المناصب الموفرة‪،‬و هذه النسبة تكون أكثر حجما في‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫المساواة في المرتبات واألجور المعمول بها في الجزائر لتكون مساوية لما هو‬ ‫‪-‬‬
‫معمول به في فرنسا المركز‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪78‬‬
‫توزيع ‪ 250.000‬هكتار على الفالحين الجزائريين‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬إنشاء الصناعات الثقيلة بالجزائر‪ ،‬خاصة الصناعة المعدنية والكيميائية باإلستفادة من‬
‫عامل المحروقات بالجزائر‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫توفير السكن لحوالي مليون شخص‬ ‫‪-‬‬
‫إدماج في التعليم ثلثي البنين والبنات الجزائريين الذين هم في سن الدراسة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫توفير حوالي ‪ 400.000‬منصب شغل في الجزائر‪ ،‬إضافة إلى ‪ 100.000‬منصب‬ ‫‪-‬‬
‫شغل أخرى بفرنسا للجزائريين‪. 80‬‬
‫لكن جبهة التحرير الوطني حذرت من جهتها الجزائريين ‪ ،‬عن المساهمة في هذا‬
‫المشروع ‪ ،‬وكل جزائري يقبل بقطعة أرض في إطار عملية إعادة توزيع األراضي أو بهذا‬
‫المشروع بأن مصيره الموت‪.‬‬
‫‪ /6‬العمل النفسي‪ :‬عولت فرنسا عن طريق ضباطها المختصين في العمل البسيكولوجي على‬
‫لعب دور كبير في محاولة لتني الجزائريين عن إتباع جبهة التحرير الوطني‪ ،‬وقد لعب‬
‫هؤالء الضباط على غرار الجنرال غودار ‪ ،Godard‬وترانكييه ‪ Trinquier‬دورا كبيرا‬
‫في معركة الجزائر كما ذكرنا سابقا‪ ،‬لكن هذه المرة المطلوب من لعمل النفسي تحضير‬
‫الجزائري نفسيا من أجل إنشاء صداقة فرنسية إسالمية وأخوة ما بين كل الفرنسيين‪،‬برعاية‬
‫وحماية الجيش الفرنسي وهو الضامن ألي مصالحة في المستقبل‪ ،‬إن العمل النفسي أو‬
‫البسيكولوجي يظهر بشكل رئيسي لدى المكتب الخامس ‪ 5eme Bureau‬لهيئة األركان ‪،‬‬
‫عبر نشر الدعاية بمآثر المثل الغربية والفرنسية بالخصوص ‪ ،‬وتبيان مساؤئ النظم ‪.‬‬
‫اهتم العمل النفسي بأربعة فرق نمطية "‪."Groupes Types‬‬
‫‪ -‬الدواوير – الشباب – النساء – قدماء المحاربين‪ ،‬وال يخفى عنا خصوصيات هذه‬
‫الفئات التي هي مهم في المجتمع الجزائري في تلك الفترة‬
‫أما الرسائل فهي الراديو – الجرائد – السينما – التجمعات بمكبرات الصوت –‬
‫المناشير – اجتماعات عامة‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫لقد أعطى مجيء ديغول إلى السلطة أماال عريضة لألوربيين في الجزائر في إنقاذ ما‬
‫يمكن إنقاذه من سرح أسطورة الجزائر الفرنسية المتهاوي‪ ،‬وإحتاج إلى إمكانيات كبرى‬
‫وبحار من الدماء ليدرك متأخرا زيف مطامعه‪،‬أمام إصرار جبهة التحرير الوطني على‬
‫التصدي إلى سياسته مهما كلفها األمر‪.‬‬
‫األسئلة‪:‬‬
‫‪-‬إلى أي مدى ساهم مجيء ديغول في تضييق خناق على جيش وجبهة التحرير الوطني‪،‬عبر‬
‫مناوراته السياسية ومخططاته العسكرية؟‬
‫‪ -‬كيف واجهت جبهة التحرير الوطني هذه المناورات والمخططات؟‬
‫المصادر والمراجع‬

‫‪Ferhat Abbas , Autopsie d’une guerre ,Alger-livres éditions, Alger,‬‬


‫‪2011‬‬
‫‪-Teguia Mohamed, l’Algérie en guerre, OPU, Alger,1988.‬‬
‫‪-Meynier Gilbert, Histoire intérieur du FLN , Fayard, Paris,2001.‬‬

‫المحاضرة ‪:6‬‬
‫تأسيس الحكومة المؤقتة للثورة الجزائرية‬
‫‪ 19 G.P.R.A‬سبتمبر ‪.1958‬‬ ‫مقياس الثورة الجزائرية‬
‫مقدمة‪ :‬أمام التحديات الصعبة التي عرفتها الثورة‪ ،‬خصوصا بعد مجيء الجنرال ديغول‬
‫للسلطة على إثر إنقالب ‪ 13‬ماي ‪ ،1958‬وأمام الصعوبات التي أصبحت تواجه لجنة التنسيق‬
‫والتنفيذ في قيادة الثورة ‪ ،‬والقيام بكل األعباء واإللتزامات داخليا وخارجيا‪ ،‬أصبح لزاما على‬
‫قادة الثورة إيجاد هيئة جديدة ممثلة للثورة تواجه التحديات وتقف ندا إلستراتيجية ديغول في‬
‫القضاء على الثورة‪..‬‬
‫‪ -1‬أسباب إنشاء الحكومة المؤقتة‪:‬‬
‫ساهمت مجموعة من الظروف في ظهور فكرة إنشاء هذه الحكومة‪،‬من بينها الصعوبات‬
‫والتجاذبات في داخل لجنة التنسيق والتنفيذ‪،‬خاصة بعد اضطرار قادتها للخروج من الجزائر‪،‬‬
‫وكان ذلك ضربة لمبدأ مهم وهو أولوية الداخل على الخارج‪ ،‬وأمام إضعاف دور عبان‬
‫رمضان الذي كان معارض شرس لفكرة تأسيس الحكومة المؤقتة‪.‬‬
‫زاد من ذلك رغبة قادة الثورة في رفض أي وصاية من أي دولة كانت‪ ،‬بإظهار أن الثورة‬
‫الجزائرية غير تابعة ألي عاصمة عربية كانت أو شرقية‪ ،‬وتبديد المزاعم الفرنسية التي‬
‫كانت تدعي أن الثورة الجزائرية تابعة للقاهرة‪،‬أو موسكو‪.‬‬
‫زاد من ذلك التطورات الكبيرة التي عرفتها فرنسا بمجيء الجنرال ديغول للسلطة على إثر‬
‫إنقالب ‪13‬ماي الذي لعب فيه أوربيو الجزائر وجنراالت فرنسا دور كبيرا‪ ،‬كل ذلك من أجل‬
‫إنقاذ أسطورة الجزائر فرنسية‪.‬‬
‫‪ -‬إلى جانب ضرورة منح الجزائر االستقالل اإلطار القانوني الشرعي‪ ،‬إطار الدولة ذات‬
‫السيادة‪.‬‬
‫‪ -‬القضاء على إشكالية تمثيل الشعب الجزائري والتحدث بإسمه وقيادة الثورة‪ ،‬حيث لم تعد‬
‫لجنة التنسيق والتنفيذ تفي بالغرض‪.‬‬
‫‪-‬كسب مصداقية على مستوى الداخلي والخارجي‪ ،‬والعمل وفق العرف الدولي والدبلوماسي‪.‬‬
‫‪ -‬مجابهة السياسة الفرنسية اإلدماجية ومشاريع ديغول ‪.‬‬
‫‪-‬وضع الدول الشقيقة والصديقة أمام األمر الواقع وفرض عليها قضية اإلعتراف‬
‫بالحكومة الجزائرية المؤقتة‪.‬‬
‫إنشاء الحكومة المؤقتة ومواقف بعض الدول العربية منها‪:‬‬
‫لقد تم تكليف عمر أوعمران ‪ /‬ومبروك بلحسين بإعداد تقارير في شأن تأسيس الحكومة‬
‫المؤقتة‪ ،‬ولعبا هذين التقريرين دورا هاما في شرح أهمية وخطوات إنشاء هذه الحكومة ‪.‬‬
‫‪ -‬وأيد آيت أحمد من سجنه مشروع إنشاء الحكومة المؤقتة (‪ ،)1957‬وأن ذلك كفيال‪،‬‬
‫بوضع حد للصراع الدائر ما بين مقاتلي الداخل وممثلي الخارج‪.‬‬
‫أيد هذا المسعى تقرير صدر ‪ 06‬سبتمبر ‪ ،1958‬الخاص بدراسة إمكانية إنشاء حكومة‬
‫مؤقتة بالنظر إلى الظروف الداخل الجزائري الفرنسي وشمال إفريقي والدولي‪.‬‬
‫وفي يوم ‪ 09‬سبتمبر ‪ ،1958‬قررت لجنة التنسيق والتنفيذ دون الرجوع إلى المجلس‬
‫الوطني للثورة‪( ،‬الحكومة مسؤولة عن المجلس الوطني ‪ ،)CNRA‬إنشاء حكومة مؤقتة ‪.‬‬
‫لكن األمور لم تكن بالسهولة التي نعتقدها فظهر الصراع على أحقية قيادة الحكومة‬
‫فكان لزاما إقناع كريم بلقاسم بالتخلي على طموحه في رئاسة الحكومة وسعى لها سعيها‪،‬‬
‫لكن وجد معرضة من منافسيه‪،‬وتم إختيار فرحات عباس‪ ،‬لكي يكون ضمان للرأي العام‬
‫الفرنسي والغربي وهو المعروف باعتداله‪ ،‬وكان ال يزال محترما من طرف العديد من‬
‫الساسة الفرنسيين‪.‬‬
‫ثم اختيار فرحات عباس يوم ‪ 17‬سبتمبر ‪ 1958‬وتخصيص نائبين له أحمد بن بلة‬
‫لطمأنة جمال عبد الناصر والذي حتما كانت تساوره الشكوك من توجهات الجديدة لجبهة‬
‫التحرير عبر خطوتها الجريئة وكريم بلقاسم الذي كان يحضا بشرعية مجموعة الستة‬
‫المفجرة للثورة‪ ،‬وذلك لطمأنة المقاتلين في الداخل‪.‬‬
‫وعملت وفود جبهة التحرير وممثليها باالتصال بقادة الدول العربية‪ ،‬والدول الصديقة‬
‫وذلك في اليومين قبل اإلعالن يوم ‪ 19‬سبتمبر ‪ 1958‬وكان الهدف من ذلك عدم ترك الوقت‬
‫للحكومات العربية من التشاور ووضعها أمام األمر الواقع‪ ،‬ولذلك تفاجئت العواصم العربية ‪،‬‬
‫كما كان الشأن أمام التصريحات الرئيس بورقيبة الذي إستاء من عدم األخذ برأيه‪ ،‬أما النظام‬
‫المصري فلم يبدي أي موقف في الوهلة األولى ‪ ،‬عبر بعض من قادته عن تحفظه من تشكيلة‬
‫الحكومة التي كان من المفروض أن تظم األخوة المسجونين(بن بلة‪ ،‬آيت أحمد‪،‬بوضياف‪،‬‬
‫خيضر)‬
‫وال نستغرب بعدها من كون مصر من بين الدول التي تأخرت في االعتراف بالحكومة‬
‫المؤقتة وكان ذلك يوم ‪،1958/09/28‬‬
‫تشكيلة الحكومة المؤقتة األولى‪:‬‬

‫السيد فرحات عباس رئيس‬ ‫‪‬‬

‫السيد كريم بلقاسم نائب الرئيس ووزير القوات المسلحة‬ ‫‪‬‬

‫السيد أحمد بن بلة نائب الرئيس‬ ‫‪‬‬

‫السيد حسين آيت أحمد نائب الرئيس‬ ‫‪‬‬

‫السيد رابح بيطاط نائب الرئيس‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫السيد محمد بوضياف وزير دولة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫السيد محمد خيضر وزير دولة‬ ‫‪‬‬

‫السيد محمد األمين دباغين وزير الشؤون الخارجية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫السيد محمود الشريف وزير التسليح والتموين‬ ‫‪‬‬

‫السيد لخضر بن طوبال وزير الداخلية‬ ‫‪‬‬

‫السيد عبد الحفيظ بوصوف وزير االتصاالت العامة والمواصالت‬ ‫‪‬‬

‫السيد عبد الحميد مهري وزير شؤون شمال أفريقيا‬ ‫‪‬‬

‫السيد أحمد فرنسيس وزير الشؤون االقتصادية والمالية‬ ‫‪‬‬

‫السيد امحمد يزيد وزير اإلعالم‬ ‫‪‬‬


‫السيد بن يوسف بن خدة وزير الشؤون االجتماعية‬ ‫‪‬‬

‫السيد أحمد توفيق المدني وزير الشؤون الثقافية‬ ‫‪‬‬

‫السيد األمين خان كاتب دولة‬ ‫‪‬‬

‫السيد عمر أوصديق كاتب دولة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫السيد مصطفى اسطمبولي كاتب دولة‬ ‫‪‬‬


‫مصاعب الحكومة المؤقتة‪ :‬نظريا فإن الحكومة المؤقتة األولى دامت زمنيا من ‪ 19‬سبتمبر‬
‫‪ 1958‬حتى جانفي ‪ ،1960‬لكن فعليا لم تدم أكثر من عام واحدا‪ ،‬لقد وجدت الحكومة المؤقتة‬
‫نفسها منذ إنشائها داخل مشاكل مزمنة انتهت بشلها من طرف العقداء ال‪ 10‬في جوان‬
‫‪ ،1959‬ولعل أهم العراقيل التي واجهتها‪:‬‬
‫‪ -‬إن اإلنتقال من لجنة التنسيق إلى حكومة مؤقتة لم يؤد إلى تغيير كبير في مهامها‬
‫وطبيعة مشاكلها‪ ،‬بالعكس زاد الصراع أكثر من أي وقت مضى‪.‬‬
‫‪ -‬الصراع الدائر ما بين أجنحة الحكومة‪ ،‬والخالف المعلن بين قادتها البارزين‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف التنسيق بين الوزارات التي كانت تتبع الوالءات أكثر من اتباعها قرارات‬
‫رئيسها‪.‬‬
‫‪ -‬الفتن والمؤامرات التي قصمت ظهر الحكومة‪ ،‬كمؤامرة لعموري‪ ،‬وقضية حنبلي‪،‬‬
‫مشاكل الداخل حيث ندد القادة الميدانين في فشل الحكومة في توفير األسلحة والمؤن‪.‬‬
‫‪ -‬حالة العداء الشديد التي أصبحت بادية ما بين فرحات عباس ولمين دباغين بسبب‬
‫حادثة عميرة عالوة‪ ،‬نهاية جانفي ‪.1959‬‬
‫خاتمة‪ :‬كان من المفروض أن الحكومة المؤقتة أنهت لألبد أزمة تمثيلية الثورة‪ ،‬وأنها سوف‬
‫تعطي نفس جديدا‪ ،‬أمام التحديات المحدقة بها‪ ،‬خاصة بعد وصول ديغول للسلطة‪ ،‬لكن‬
‫المشاكل التي عرفتها الحكومة بفعل العالقات الندية بين قادتها البارزين زاد من صعوباتها‬
‫وتجمد دو رها بعد عام ونصف من إنشائها‪ ،‬حيث لم يجد فرحات عباس من حل إلى رمي‬
‫الكرة عند قادة الجيش وهذا ما سوف يحدث مع إجتماع العقداء‪.‬‬
‫أسئلة حول الموضوع‪:‬‬
‫‪-‬كيف يمكن اعتبار تأسيس الحكومة المؤقتة‪ ،‬جاء للقضاء على مسألة تمثيلية الثورة؟‬
‫‪-‬إال أي مدى تم التوفيق بين مبدأ أولوية الداخل على الخارج ومسألة تأسيس الحكومة؟‬
‫‪-‬ما هي الصعوبات الحقيقية التي إعترضت عمل الحكومة‪ ،‬وما مدى تأييد القادة الميدانيين‬
‫لها؟‬
:‫مصادر ومراجع‬
-Ferhat Abbas , Autopsie d’une guerre ,Alger-livres éditions, Alger,
2011
-Teguia Mohamed, l’Algérie en guerre, OPU, Alger,1988.
-Meynier Gilbert, Histoire intérieur du FLN , Fayard, Paris,2001.
‫المحاضرة ‪:7‬‬

‫مظاهرات ديسمبر ‪1960‬‬


‫مقدمة‪ :‬لقد لعبت الجماهير دورا كبيرا في دعم الحركات الثورية‪ ،‬وكانت قوامها وسندها‬
‫الدائم‪ ،‬ولعل المثال الجزائري ال يشد على هذا الواقع‪ ،‬فكانت الجماهير الجزائرية كل مرة‬
‫تلبي نداء الحركة الوطنية والثورة الجزائرية ‪ ،‬ولعل أبرز مثال مظاهرات ‪ 8‬ماي ‪،1945‬‬
‫إضراب الثمانية أيام‪ ،‬ومظاهرات ديسمبر ‪ ،1960‬حيث اعتمدت جبهة التحرير الوطني على‬
‫المظاهرات وعولت الجماهير‪ ،‬حينما أحست بخطورة الواضع ‪ ،‬وكانت تلك ورقة مهمة في‬
‫مسار المفاوضات الجزائرية الفرنسية‪.‬‬
‫مظاهرات ديسمبر ‪ 1960‬األسباب والظروف‪:‬‬
‫أمام فشل لقاء موالن في جوان ‪ ، 1960‬ما بين جبهة التحرير والوفد الفرنسي‪ ،‬أصبحت‬
‫األمور مسدودة‪،‬وظل دوغول يناور في تصريحاته‪ ،‬المبهمة وبالخصوص خطابه الشهير‬
‫باألمم المتحدة وإستعمل مصطلح تقرير المصير في ما يخص القضية الجزائرية‪،‬وأردف‬
‫بعدها في خطاب تلفزيوني مستعمال هذه المرة عبارة الجزائر جزائرية‪ ،‬مبشرا بوضع جديد‬
‫للجزائر التي ستكون لها حكومتها ومؤسساتها‪ ،‬تم طرح هذا المشروع لإلستفتاء في جانفي‬
‫‪ ،1961‬هذا ما أثار تحفظ وريبة األوربيين ورفض المنحى الجديد الذي نحته سياسة‬
‫ديغول‪،‬وأعلنت قياداتهم رفضها هذا التوجه الجديد ‪،‬وعبر جبهة الجزائر الفرنسية المتطرفة‬
‫أعلنوا التظاهر والعصيان‪ ،‬في وقت كانت جبهة التحرير تراقب األمور عن كتب وتحاول‬
‫إستغالل هذه األوضاع لصالحها‪.‬‬
‫وفي ظل هذه الظروف‪ ،‬كانت زيارة مرتقبة قام بها ديغول إلى الجزائر من التاسع إلى ‪12‬‬
‫ديسمبر ‪، 1960‬لزيارة المدن الكبرى من خاللها كان يحاول ديغول جس نبض الجميع‪،‬ومن‬
‫جهتها تعهدت جبهة التحرير عمل كل ما بوسعها من أجل إفشال المشروع الذي يروج له‬
‫ديغول‪،‬في ظل هذا المشروع الغامض ‪ ،‬والذي لم يستشرف فيه ممثل الشعب الجزائري‪.‬‬
‫تطور المظاهرات ‪:‬‬
‫صدم الجنرال ديغول صبيحة التاسع ديسمبر ‪ 1960‬أتناء زيارته لعين تموشنت حيث لقاه‬
‫المئات من األوربيين بصيحات اإلستهجان‪،‬صافرات التنديد بسياسته‪ ،‬فما كان عليه إال‬
‫التوجه إلى مجموعة من الجزائريين‪ ،‬وهم يرددون "تحيا ديغول‪ ،‬الجزائر جزائرية"‪ ،‬لكن‬
‫ظلت هذه المظاهرات في عين تموشنت بدون صدام مع األمن الفرنسي ‪ ،‬أو مع غالة‬
‫المعمرين‪ ،‬لكن انتقلت شرارة المظاهرات إلى وهران فالجزائر العاصمة عشية العاشر من‬
‫ديسمبر ‪ ،‬حيث خرج جموع المتظاهرين في أحياء القصبة‪ ،‬وحي بلكور والمدنية وغيرها من‬
‫األحياء ‪ ،‬شباب وأطفال وشيوخ حاملين الراية الوطنية‪ ،‬بلغت المظاهرات دروتها في اليوم‬
‫الموالي تحت شعارات"تحيا جبهة التحرير" "عباس إلى السلطة" و" المفاوضات عباس‬
‫ديغول" " أطلقوا سراح بن بلة"‪ ،‬لم يلبث أن تطور األمر وجرت إحتكاكات مع غالة‬
‫المعمرين‪ ،‬وبعدها تدخلت قوات المضليين‪،‬وأطلقوا النار بدون تمييز‪ ،‬ما أدى إلى إستشهاد‬
‫العشرات‪،‬ولم يتوقف األمر عندك ذلك الحد فلقد انتقلت شرارة المظاهرات إلى مدن أخرى ‪،‬‬
‫فبعد وهران‪ ،‬سيدي بلعباس وفي الشرق عنابة وقسنطينة‪ ،‬وكان لهذه المظاهرات وقع ككبير‬
‫في العالم حيث وجه فرحات عباس رسالة لقادة الدول يندد بالقمع والحصار الذي فرضته‬
‫فرنسا على حي القصبة‪.‬‬

‫نتائجها‪:‬‬

‫تسببت هذه المظاهرات في خسائر بشريه كبيرة في الجانب الجزائري ‪،‬حيث استشهد العديد‬
‫منهم حسب األرقام المعتمدة من طرف استعمار الفرنسي حوالي ‪ 90‬شهيد بالعاصمة‪،‬و ‪18‬‬
‫في وهران‪،‬و ‪ 4‬في عنابه إضافة إلى عشرات الجرحى المفقودين‪ ،‬لكن أرقام التي قدمتها‬
‫جبهة التحرير الوطني تعدت أالف القتلى‪.‬‬
‫بينت هذه المظاهرات عقم السياسة الفرنسيه وعقم مناورات الجنرال ديغول‪ ،‬كما بينت للرأي‬
‫العام الداخلي والخارجي التفاف الشعب الجزائري حول جبهة التحرير الوطني ‪،‬كممثل وحيد‬
‫واألوحد للشعب الجزائري‪ ،‬كما أوضحت هذه المظاهرات على الوجود الدائم لجبهة التحرير‬
‫الوطني بمدينة الجزائر حتى بعد معركة الجزائر‪.‬‬
‫كما دفعت هذه المظاهرات الطرفين الفرنسي والجزائري إلى طاولة المفاوضات بعد انقطاع‬
‫شهدته هذه المفاوضات ‪،‬والتي شكلت في لقاء موالن مرحلة جس النبض ‪،‬لكن لقاء لوسيرن‬
‫في ‪ 20‬فبراير ‪ 1961‬كانت األمور أكثر جديه بعد تجديد االتصاالت وتنازل الطرف‬
‫الفرنسي‪.‬‬
‫زادت هذه المظاهرات من قناعة ديغول أن الحل يكمن في التفاوض مع جبهة التحرير‬
‫الوطني من اجل االستقالل كحل او حد للمعضلة الجزائرية‪.‬‬
‫أكدت هذه المظاهرات ضرب قوية لإلدارة االستعمارية هذه األخيرة التي كانت تروج‬
‫أخبارا كاذبة عن تخلي الشعب الجزائري عن جبهة التحرير الوطني ‪،‬حيث فندت هذه‬
‫المظاهرات هذه اإلشاعات وبينت للعالم تالحم بين الشعب الجزائري وقيادته‪.‬‬
‫‪-‬واقتنعت هيئة األمم المتحدة ومن وراءها المجتمع الدولي بشرعية بإدراج ملف القضية‬
‫الجزائرية في جدول أعمالها‪ ،‬و صوتت اللجنة السياسية للجمعية العامة لصالح القضية‬
‫الجزائرية وتصدت للمزاعم الفرنسية التي كانت تعتبر الجزائر قضية داخلية‪.‬‬
‫‪-‬إتساع دائرة التضامن مع الشعب الجزائري عبر العالم ‪ ،‬خرجت الكثير من المظاهرات‬
‫تنديدا بسياسة فرنسا وداعمة لحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره ‪.‬‬
‫زادت حدة الصراع في الداخل الفرنسي ‪ ،‬وزادت عزلة فرنسا هذا ما دفع ديغول للجلوس‬
‫في المفاوضات والقبول بجبهة التحرير كممثل الشرعي و الوحيد للشعب الجزائري ‪،‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫لقد بين الشعب الجزائري من خالل هذه المظاهرات التفافي تفافه حول قيادته كما انه افشل‬
‫مناورات ديغول وتصدى بحزم لتطرف األوربيين ‪،‬حيث عرفت جبهة التحرير وطني كيف‬
‫تستغل قوة الجماهير في مطالبها الشرعية وطموحها نحو االستقالل وتقرير المصير‪.‬‬

‫أسئلة حول المحاضرة‪:‬‬


‫‪-‬ما هي أسباب اندالع مظاهرات ديسمبر ‪ ،1960‬وهل كانت عفوية أو تم التخطيط لها و‬
‫تأطيرها من طرف جبهة التحرير؟‬
‫مصادر ومراجع‪:‬‬
‫‪-Ferhat Abbas , Autopsie d’une guerre ,Alger-livres éditions, Alger,‬‬
‫‪2011‬‬
‫‪-Teguia Mohamed, l’Algérie en guerre, OPU, Alger,1988.‬‬
‫‪-Meynier Gilbert, Histoire intérieur du FLN , Fayard, Paris,2001‬‬

‫المحاضرة ‪8‬‬

‫المفاوضات الجزائرية الفرنسية ‪1962/ 1960‬‬


‫المقدمة‪:‬‬
‫بدأت اإلتصاالت بين جبهة التحرير وفرنسا في وقت مبكر منذ سنة ‪ 1956‬بشكل غير رسمي‬
‫وغير مباشر‪ ،‬لكنها سرعان ما توقفت بسبب عملية القرصنة الجوية في ‪ 22‬أكتوبر ‪،1956‬‬
‫توقفت حينها كل اإلتصاالت‪ ،‬لكن إحتاج الطرفان إلى إعادة اإلتصال من جديد والجلوس في‬
‫طاولة المفاوضات سنة ‪1960‬‬
‫‪ -1‬لقاء موالن ‪ Melun‬بتاريخ ‪ 29/25‬جوان ‪:1960‬‬
‫عرفت هذه الفترة تطورات مفصلية ‪،‬بعدما أعلن الجنرال ديغول عن مشروعه حول‬
‫تقرير المصير‪ ،‬وكان قد دعى في تدخله جبهة التحرير إلى التفاوض ‪ ،‬ويبدو أن ذلك‬
‫لقي صدا لدى جبهة التحرير فأرسلت وفدا إلى موالن متكون من محمد الصديق بن‬
‫يحي وأحمد بومنجل‪ ،‬لكن فرنسا لم تكرم وفادة الوفد الجزائري وبقوا خمسة أيام شبه‬
‫محتجزين ومنعوا من اإلتصال بالصحافة ‪ ،‬ويبدو أن ما عكر صفو هذه الجولة من‬
‫المفاوضات ‪ ،‬هو التردد الفرنسي في وقت كانت هناك إتصاالت أخرى فرنسية مع‬
‫قيادة الوالية الرابعة في قضية تعرف بقضية السي صالح‪ ،‬واإلنخداع بأوهام مشروع‬
‫سلم الشجعان ‪ ،‬كل تلك الظروف جعلت من هذه الجولة مجرد جس النبض وتردد‬
‫الجانبين‪ ،‬وزاد من ذلك شروط ديغول بضرورة وقف إطالق النار قبل أي نية‬
‫للمفوضات في المستقبل ‪ ،‬ولم يكن أمام جبهة التحرير الوطني بعد هذه الجولة الفاشلة‬
‫من المفاوضات إال تكثيف نشاطها الدبلوماسي قصد إحراج أكثر وأكثر الجانب‬
‫الفرنسي‬
‫‪ -2‬لقاد لوسيرن ‪ Lucerne‬بسويسرا بتاريخ العشرين فبراير ‪:1961‬‬
‫لقد مارست مظاهرات ديسمبر ‪ 1960‬ضغطا رهيبا على حكومة الجنرال ديغول من‬
‫أجل الرجوع مجددا لطاولة الموفاوضات‪ ،‬وعلى هذا األساس تنادى الطرفان إلى‬
‫جولة جديدة من المفاوضات ‪،‬وتم إختيار مكان محايد لذلك في سويسرا ‪ ،‬حيث مثل‬
‫الوفد الجزائري الطيب بولحروف وأحمد بومنجل ‪،‬بينما مثل الوفد الفرنسي كل من‬
‫جورج بومبيدو وبرينو دولوس‪ ،‬لكن ساد اإلختالف والتباعد في وجهات النظر في‬
‫هذه الجلسة في ما يخص مستقبل الدولة الجزائرية المستقلة ‪ ،‬ومسألة الصحراء‬
‫الجزائرية‪ ،‬وشروط وقف إطالق النار‪ ،‬وأحقية جبهة التحرير في تمثيل الشعب‬
‫الجزائري‪ ،‬وتفرق الطرفان بدون أي نتيجة تذكر إال أنها كانت جولة جدية تجرأ‬
‫الطرفان على طرح أفكارهم وجها لوجه‪.‬‬
‫‪ -3‬مفاوضات إيفيان األولى ‪ 20‬ماي ‪:1961‬‬
‫تعتبر هذه الجولة حقيقية توحي بإرادة الطرفان الوصول إلى نتيجة تذكر وعدم تكرار‬
‫إخفاقات الجوالت السابقة‪ ،‬حيث مثل الوفد الجزائري كريم بلقاسم والوفد الفرنسي‬
‫لويس جوكس ‪ ،‬أبرز ما ميز هذه الجولة تخلي فرنسا على شرط إشراك الحركة‬
‫المصالية في المفاوضات ‪ ،‬وفي وقت تصاعد العداء في فرنسا والجزائر من طرف‬
‫األوربيين ضد سياسة ديغول ورفض عام لنهج المفاوضات‪.‬‬
‫وأبرز نقاط الخالف في هذه الجولة استماتة فرنسا من أجل سلخ الصحراء عن‬
‫الجزائر ‪ ،‬ومسألة وجوب منح إمتيازات لرعاياها األوربيين‪ ،‬ورغم أن هذه الجولة لم‬
‫تكن ناجحة لكن الوفد الجزائري خرج منتصرا حيث فرض على فرنسا اإلعتراف به‬
‫كممثل وحيد للشعب الجزائري‪ ،‬وكذلك لم تفرض عليه فرنسا شرط وقف إطالق النار‬
‫كشرط مسبق للتفاوض‪.‬‬
‫‪-4‬لقاء لوقران ‪ Lugrin‬في ‪ 20‬جويلية ‪:1961‬‬
‫بدأت جولة جديدة من المفاوضات على خلفية نجاح مظاهرات الخامس جويلية ‪1961‬‬
‫التي قامت بها الجماهير الجزائرية تأييدا للحكومة المؤقتة ‪،‬جرت هذه الجولة في‬
‫منطقة لوقران على الحدود السويسرية ‪ ،‬تميزت بتمسك الوفد الفرنسي بمشروع فصل‬
‫الصحراء ‪ ،‬في وقت عرف فيه الطرف الجزائري أزمة بسبب تقديم الهيئة العليا‬
‫للجيش إستقالتها للحكومة ورفض ممثليها من المشاركة في هذه الجولة (قايد أحمد‪،‬‬
‫علي منجلي)‪ ،‬ويبدو أن التعنت الفرنسي ومشاكل الطرف الجزائري كلها كانت كفيلة‬
‫بمقاطعة الوفد الجزائري للمفاوضات‪.‬‬
‫‪ -4‬لقاء لي روس ‪ Les rousses‬في أيام ‪ 23،30، 9‬ديسمبر ‪ 1961‬و من ‪ 11‬إلى‬
‫‪19‬فبراير ‪ : 1962‬هذه الجولة تعتبر تمهيدية للجولة األخيرة‪ ،‬حيث إلتقى الممثل‬
‫الجزائري سعد دحلب بالممثل الفرنسي لويس جوكس لدراسة قضايا التعاون وحفظ‬
‫األمن والنظام أيام المرحلة اإلنتقالية‪ ،‬ومسألة العفو الشامل‪ ،‬ثم لقاء في جولة شاقة‬
‫دائما في منطقة لي روس ضمنت فيه جبهة التحرير مبادئ األساسية والسيادية ‪ ،‬ولم‬
‫يبقى أمام المجلس الوطني للثورة إال المصادقة على مسودة لقاء لي روس‪ ،‬ويفتح‬
‫الباب أمام إتفاقية إيفيان‪.‬‬
‫‪ -5‬جولة إيفيات الثانية ووقف إطالق النار ‪ 19‬مارس ‪:1962‬‬
‫بعد جولة لي روس الشاقة والمصيرية ‪،‬لم يبقى أمام الطرفان إال التوقيع على اإلتفاقية‬
‫النهائية والتي تعرف بإتفاقية إيفيان‪ ،‬لكن الوفد الجزائري تريث حتى توافق عليه‬
‫الحكومة والمجلس الوطني للثورة ‪ ،‬للحصول على ضمانات‪ ،‬والحد من إمكانيات‬
‫الوقوع في الخطأ وساد هذا الواقع من السابع إلى الثامن عشر مارس في مفاوضات‬
‫نهائية كانت يترأس الوفد الجزائري كريم بلقاسم والوفد الفرنسي لويس جوكس‪،‬وتم‬
‫التوقيع على اإلتفاقية بتاريخ الثامن عشر مارس ‪ ،‬وتم تحديد ‪ 19‬مارس على الساعة‬
‫الثانية عشر زواال كبداية وقف إطالق النار وإنهاء كل مظاهر األعمال المسلحة‬
‫بالجزائر ‪ ،‬منهية بذلك صراع مسلح دام سبع سنوات ونظام إستعماري مستبد دام‬
‫‪ 130‬سنة‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫مثلت جوالت المفاوضات الجزائرية الفرنسية عبقرية المفاوض الجزائري الممثل‬
‫للشعب الجزائري ‪،‬الذي فاوض كبار الديبلوماسيين الفرنسين وتفوق عليهم في الحنكة‬
‫والدهاء السياسيين‪ ،‬وإستكمل بذلك مسار المقاتل الجزائري ‪ ،‬كل تلك الجهود‬
‫مجموعة ساهمت في إستكمال الحرية واإلستقالل‪.‬‬

‫أسئلة حول الموضوع‪:‬‬


‫ ماهي الظروف التي جرت فيها‬، ‫حسب ما تعرف ومما ورد في المحاضرة‬-
‫المفاوضات الجزائرية الفرنسية؟‬
‫ماهي نقاط الخالف التي عرفتها هذه المفاوضات؟‬-
‫ما هي النتائج المباشرة وبعيدة المدى إلتفاقيات إيفيان؟‬-

:‫مصادر ومراجع خاصة بالموضوع‬


‫تعريب لحسن زغدار‬ ‫نهاية حرب التحرير في الجزائر إتفاقيات إيفيان‬، ‫بن يو سف بن خدة‬-
Jean Lacouture, Algérie 1962, la guerre est finie, Editions Complexe, 1er janvier 2002

 Benyoucef Benkhedda, Les Accords d'Évian : la fin de la guerre d'Algérie, Alger, Office des
publications universitaires,).
 René Gallissot (dir.), Les Accords d'Evian : en conjoncture et en longue
durée, coll. « Hommes et Sociétés », Karthala éditions,
 Redha Malek, L'Algérie à Évian : histoire des négociations secrètes, 1956-1962, Paris, éd. du
Seuil, 1995,.
 Guy Pervillé, « Trente ans après : Réflexions sur les accords d'Évian », Revue française
d'histoire d'outre-mer, vol. 79, 1992Guy Pervillé, Pour une histoire de la guerre d'Algérie –
1954-1962, Paris, A. et J. Picard, coll. « Signes du temps », 2002,
 Guy Pervillé, « Connaître les accords d’Évian : les textes, les interprétations et les
conséquences (2003) », Colloque L’après 19 mars 1962… et si on en parlait ! Rencontres
avec des historiens et des témoins, 27 septembre 2003,
 Guy Pervillé, Les Accords d’Évian (1962). Succès ou échec de la réconciliation franco-
algérienne (1954-2012), Paris, Armand Colin, coll. « U », 2012, présentation en ligne

You might also like