You are on page 1of 133

‫وزارة التعميم العالي والبحث العممي‬

‫جامعة ‪ 80‬مــــــــــــــاي ‪ 5491‬قالـــــــــــــمة‬


‫كمـــــــــــية الـــــعموم اإلنـــــــــــــسانية واإلجتـــــــــــماعية‬
‫قسم التــــــــــــــــاريخ‬

‫بورقيبة و الثورة الجزائرية (‪5419‬م ‪5491-‬م)‬


‫مذكــــــــــرة مقــــــــــدمة لـــــــــــنيل شـــــــــــهادة المـــــــــاستر في التاريخ العام‬

‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطمبة‪:‬‬


‫بورغدة رمضان‬ ‫عثامنية فاطمة‬
‫يعالوي فلاير‬
‫لجنة المناقشة‬

‫الجامـــــــــــــــــــــــــــــــعة‬ ‫الصــــــــــــــفة‬ ‫الرتــــــــــــــــــــــــــبة‬ ‫األســـــــــــــــــــــــــــــــــــــتاذ‬


‫جامعة ‪ 80‬ماي ‪ 5491‬قالمة‬ ‫رئيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـسا‬ ‫أستاذ التعميم العالي‬ ‫االستاذ الدكتور محمد شرقي‬

‫جامعة ‪ 80‬ماي ‪ 5491‬قالمة‬ ‫مـ ـ ـشرفا ومقر ار‬ ‫أستاذ التعميم العالي‬ ‫االستاذ الدكتور رمضان‬
‫بورغدة‬
‫جامعة ‪ 80‬ماي ‪ 5491‬قالمة‬ ‫مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـناقشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫أستاذ مساعد‬ ‫مدور خميسة‬ ‫أ‪.‬‬

‫السنة الجامعية ‪ 1850/1857‬م‬


‫إهداء‪:‬‬

‫ق ال هللا تعالى‪ ﴿:‬وال تحسبن الذين قتلوا في سبيل هللا أمواتاً بل‬

‫اآلية ‪ 961‬سورة أل عمران‪.‬‬ ‫أحياء عند ربهم يرزقون﴾‬

‫اهدي هذا العمل المتواضع إلى أرواح شهداءنا األبرار شهداء حادثة تحطم‬

‫طائرة بوف اريك‪.‬‬

‫إلى شهداء الجزائر‪ ،‬جزائر المليون ونصف المليون شهيد‪.‬‬

‫إلى هؤالء الذين أبو أن ينكسر هذا الوطن‬

‫إلى هؤالء جميعاًأهدي هذا العمل‪.‬‬

‫أسأل هللا أن يسكنهم فسيح جنانه‬


‫شكر وتقدير‪:‬‬
‫ق ال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ '' :‬من ال يشكر الناس ال يشكر هللا ''‬

‫أوال‪ :‬أحمد وأشكره على ما رزقني من نعم وعلى توفيقه إلتمام هذا العمل المتواضع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أتقدم بجزيل الشكر الى األستاذ الدكتور المشرف‪ :‬رمضان بورغدة على توجيهاته طوال‬
‫المسار الدراسي وأرجو من المولى عزوجل أن يثبته‪.‬‬

‫كما ال يسعنا اال ان نتوجه باسم آيات الشكر واالمتنان الى كل من‬

‫متحف المجاهد في كل من والية سوق أهراس وق المة‪.‬‬

‫المعهد العالي للتاريخ المعاصر بمنوبة تونس‪.‬‬

‫األرشيف الوطني التونسي‪.‬‬

‫مكتبة كلية االداب والفنون واللسانيات بمنوبة – تونس –‬

‫مكتبة جامعة تونس األولى‪.‬‬

‫كما ال أنكر فضل كل من األستاذ‪ :‬مصطفى التليلي (مدير الدراسات) بتونس‪ ،‬واألستاذ علي ايت‬
‫ميهوب على ما قدماه من نصائح في هذا العمل‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫تكتسي العالقات الجزائرية التونسية‪ ،‬طابعا مميزا نظرا لطبيعة الروابط التي تجمع‬
‫الطرفين‪ ،‬إنه تاريخ مشترك تتشابك فيه الظروف‪ ،‬المالحم‪ ،‬واالنتصارات‪ ،‬ولعل الحقبة‬
‫البورقيبية في التاريخ التونسي على جانب كبير من األهمية نظرا للدور البارز‪ ،‬والتأثير‬
‫القوي على الثورة الجزائرية ‪ ،‬حيث تراوحت العالقات بين التضامن‪ ،‬والتعاون ‪ ،‬االختالف‬
‫والتصادم‪ ،‬وذلك ليس بجديد في عالم السياسة الذي يقوده في الغالب سياسيون محنكون‪.‬‬
‫وإن ثورة الفاتح من نوفمبر ‪ 4591‬م‪ ،‬هي بداية لعهد جديد في تاريخ الجزائر ‪ ،‬وكشف‬
‫لواقع العالقات الجزائرية البورقيبية أنذاك‪.‬‬
‫وان الخوض في دراسة موقف هذا األخير من الثورة الجزائرية )‪4591‬م – ‪4591‬م)‬
‫هو ضرورة يفرضها عمق العالقات بين الجانبيين‪.‬‬
‫أوال ‪ -‬أسباب اختيار الموضوع ‪ :‬ولقد ساهمت عدة عوامل في اختيارنا لهذا الموضوع‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬جدلية األسئلة التي يطرحها موقف بورقيبة من الثورة الجزائرية ‪ ،‬باعتبارها أبانت‬
‫عن مظاهر التضامن‪ ،‬وكرست بوضوح الخالفات السياسية والمطامح القطرية‪.‬‬
‫‪ -‬باإلضافة إلى التباس الموضوع بكثير من الطرحات المغلوطة في موقف بورقيبة من‬
‫الثورة الجزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬تجاهل الدراسات البيئة الفكرية لبورقيبة‪ ،‬والتي كانت األساس لبناء إستراتيجيته‬
‫اتجاه اآلخر‪.‬‬
‫‪ -‬انحراف مختلف األحكام والدراسات وراء الروابط‪ ،‬والمشاعر متجاهلة واقع‬
‫الظروف‪ ،‬والمتغيرات في مسرح العالقات الدولية ‪ ،‬والتي تفرض بدورها مواقف‬
‫معينة‪.‬‬
‫‪ -‬وال يمكن اإلنكار أن هناك أقالما قد سبقت في تناول العالقات الجزائرية‪ ،‬التونسية‪،‬‬
‫ومنها ال غث ‪،‬والسمين‪ ،‬ولكنها الرغبة تحدونا للمساهمة ولو بقدر بسيط في انجاز‬
‫عمل أكاديمي يمكن أن يضاف إلى مصنفات البحوث العلمية‪.‬‬

‫أ‬
‫ثانيا‪ -‬إشكالية البحث ‪:‬‬
‫يتناول هذا البحث بالمناقشة والتحليل مسألة تتعلق بموقف الحبيب بورقيبة من الثورة‬
‫الجزائرية نظرا للظروف المحرجة التي اندلعت فيها الثورة‪ ،‬فالنسبة لبورقيبة تبقى معادلة‬
‫صعبة خاصة في ظل التحديات الداخلية والرهانات التي يفرضها واقع االستعمار الفرنسي‪،‬‬
‫وعدم تكافئ القوى‪.‬‬
‫ونظرا لتشبع بورقيبة باألفكار‪ ،‬وانفتاحه على المؤثرات الوافدة من الغرب ‪،‬وثراء ثقافته‬
‫المزدوجة‪ ،‬خلق له ذلك خصوما من معاصرية‪.‬‬
‫ولذلك فاألسئلة واالستفهامات العديدة التي تفرض نفسها في هذا السياق هي‪:‬‬
‫‪-‬ما هي التوجهات االديولوجية البورقيبة التي حددت مسار عالقاته المغاربية؟‬
‫‪ -‬ما هي عالقة الثورة الجزائرية بالمقاومة التونسية؟‬
‫‪ -‬كيف ساهم بورقيبة في دعم الثورة الجزائرية على الصعيد المغاربي؟‬
‫‪ -‬ما هو موقفه من نشأة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية؟‬
‫‪ -‬ما هي مواقفه الدولية إزاء القضية الجزائرية؟‬
‫‪ -‬كيف أثرت الثورة الجزائرية على العالقات البورقيبية الفرنسية؟‬
‫‪ -‬ما هي أوجه االختالف ومواقع الصدام بين بورقيبة وجبهة التحرير الجزائرية؟‬
‫‪ -‬كيف تجاوز الطرفان الخالفات؟‬
‫‪ -‬ما هو دور بورقيبة في المفاوضات الجزائرية الفرنسية ؟‬
‫ثالثا‪ -‬حدود الدراسة‪:‬‬
‫‪ -‬إن المرحلة التي سنتناولها بالدارسة تنحصر بين سنوات )‪4591‬م‪4591 -‬م)‪ ،‬وهي‬
‫المحددة باندالع الثورة الجزائرية‪ ،‬إلى غاية االستقالل ‪ ،‬وعالقة بورقيبة بتطور‬
‫األحداث خالل تلك الفترة ‪.‬‬
‫‪ -‬ولذلك فإن مجال الدراسة يغطي فترة كانت خصبة باألحداث تتشابك فيها الجزائر‬
‫وتونس فالبرغم من تفاوت المراحل بين كال الجانبين في النضال ضد االستعمار‬

‫ب‬
‫الفرنسي إال أنه ال يمكن تجاهل العمق سواء التونسي أو الجزائري في تحديد مصير‬
‫كل منهما‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬مناهج البحث‪:‬‬
‫لإللمام بأطراف الموضوع‪ ،‬واإلجابة عن التساؤالت المطروحة‪ ،‬اعتمدنا على المناهج‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬المنهج التاريخي الوصفي‪ :‬ويظهر ذلك جليا من خالل رصد األحداث وترتيبها ترتيبا‬
‫كرونولوجيا‪ ،‬ووصفها حسب كل مرحلة من المراحل الواردة في خطة البحث‪.‬‬
‫‪ -2‬المنهج التحليلي‪ :‬وقد اعتمدنا عليه من خالل دراسة وتحليل الوقائع‪ ،‬ومواقف بورقيبة‪.‬‬
‫وتفسيرها‪ ،‬واستنتاج الدوافع بالتالي إزالة الغموض والمالبسات بعيدا عن األحكام‬
‫والتأويالت التي تناقلها الكثير سواء من مناصريه أو من معارضيه‪.‬‬
‫‪ -3‬المنهج المقارن‪ :‬وقد فرضته بعض الوقائع فكان يتوجب عقد بعض المقاربات بين‬
‫مواقف الرجل‪ ،‬ونظرة معاصريه اليه‪ ،‬باإلضافة إلى مقارنة بين األحداث التي تجمع بين‬
‫كال الطرفين الجزائري ‪ ،‬والبورقيبي‪.‬‬
‫خامسا ‪ -‬صعوبات البحث‪:‬‬
‫ال ريب أن كل طالب علم‪ ،‬وباحث يكابد في طريقة صعوبات‪ ،‬وعراقيل تتطلب الصبر ‪،‬‬
‫والعزيمة ‪ ،‬وسنعرض البعض منها على سبيل الذكر ال الحصر ‪.‬‬
‫‪ -1‬طول الفترة المدروسة‪ ،‬وثرائها باألحداث‪ ،‬خاصة أنه كان يتعين علينا البحث مطوال في‬
‫فصول الحركة الوطنية التونسية‪ ،‬والتنقيب في حياة الزعيم الحبيب بورقيبة لندرك حقيقة‬
‫مواقفه بعيدا عن التأويالت واألحكام التي أصدرها األخرون‪.‬‬
‫‪ -2‬تضارب الرواي ات‪ ،‬والشهادات إزاء حقيقة مواقف بورقيبة من الثورة الجزائرية‪ ،‬مما‬
‫تطلب البحث في خلفيات كل طرف علي حدى‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬غزارة المادة العلمية علي كافة األصعدة الفكرية‪ ،‬السياسية واإلعالمية وذلك علي‬
‫مستوى البلدين تونس ‪،‬والجزائر مما تطلب جهدا‪،‬ووقتا للحصول عليها‪.‬‬

‫ج‬
‫سادسا ‪ -‬مصادر البحث ومراجعه‪:‬‬
‫تنوعت المصادر ‪ ،‬والمراجع التي اعتمدنا عليها في انجاز بحثنا‪ ،‬وتمايزت في أهميتها‬
‫حسب عالقتها بالموضوع المطروح بين صحف ومجالت‪ ،‬ومذكرات شخصية‪ ،‬وبحوث‬
‫علمية‪...‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ -1‬المصادر ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الصحف‪ :‬وتعتبر من أهم المصادر التي تعكس حقيقة المواقف في وقتها ‪.‬‬
‫المجاهد‪ :‬وهي الناطق الرسمي باسم الثورة الجزائرية‪ ،‬ابتداء من سنة ‪1956‬م‪ ،‬صدرت‬
‫بالفرنسية‪ ،‬ثم طبعت بالعربية‪ ،‬واستمرت تصدر بطريقة غير منتظمة حتى أوت ‪4591‬م ‪،‬‬
‫ظلت تطبع بتطوان بالمغرب وفي أوت ‪1957‬م تقرر نقلها إلى تونس‪.‬‬
‫باإلضافة إلى صحف ‪ ،‬ومجالت أخرى مثل العمل‪ ،‬الصباح‪...‬الخ وتبرز قيمتها بما تحتويه‬
‫من تصريحات وخطب للحبيب بورقيبة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الكتب‬
‫محمد بجاوي‪ :‬حقائق عن الثورة الجزائرية ويعتبر مصدرا قيما حيث صدر هذا‬ ‫‪-‬‬
‫العمل سنة‪4514‬م ورأى صاحبه أن صدوره ضرورة نظرا ألن ما كتب عن حرب‬
‫الجزائر ورد فيه ذكر ألمور بعيدة عن الواقع ‪،‬وكتب بأسلوب روائي‪ ،‬وشوهت الحقائق‬
‫خاصة فيما يتعلق بجبهة التحرير الوطنية‪ ،‬وهذا راجع إلى أن الذين تفرغوا للكتابة عن‬
‫حرب الجزائر لم يكن بينهم جزائري لعب دورا مباشرا في هذه االحداث مما يؤهله ألن‬
‫يضع عنها دراسة شاملة ‪.‬لهذا جاء هذا العمل ليمأل الفراغ ويسد النقص‪.‬‬
‫وقد رأى محمد بجاوي أن الوقت قد حان للعودة إلي الوراء لألحداث التي فجرت‬ ‫‪-‬‬
‫األحقاد‪.‬ذلك أن القائد الثوري ينبغي له بعد إنهاء العمل الثوري أن يعبر عن أرائه بتجرد‪،‬‬
‫وصفاء‪ ،‬مرتفعا عن البغضاء والحقد مهما كانت اآلالم التي قاساها شخصيا‪.‬وهاهو يفتح‬
‫الملفات السرية لجبهة التحرير الوطنية ويرفع الستار عن حقائق كانت غائبة‪ ،‬ليبرهن أن‬
‫الثورة الجزائرية لم تكن ضد الشعب الفرنسي ولكنها كانت ضد النظام اإلستعماري الذي‬
‫إضطهد الشعب الجزائري‪.‬‬

‫د‬
‫الصافي سعيد‪ :‬بورقيبة سيرة شبه محرمة وهو الكاتب والصحفي التونسي الذي‬ ‫‪-‬‬
‫عاش جواال على حواف السير الذاتية واألدب والسياسة والتاريخ يروى لنا في هذا الكتاب‬
‫تراجيديا حياة الزعيم الحبيب بورقيبة في عمل يحتمل عناوين عدة سيرة شبه مضادة سيرة‬
‫شبه محرمة سيرة شبه كاملة‪ .‬فكان ثمرة جهد طويل وتحقيق ميداني قام به الكاتب علي‬
‫مدى سنوات معتمدا على شهادات حية لرجال كثيرين عاشوا في سرايا بورقيبة فصنعوا‬
‫قسطا كبيرا من مجده‪ ،‬وآخر من بؤسه وكان المادة األولى لتاريخ تونس الحديثة‪ .‬وكان من‬
‫الممكن أن يصدر هذا العمل قبل موت بورقيبة بنحو ثالث سنوات غير أن الصافي سعيد‬
‫يعترف أن ضغوطا كثيرة سلبته شجاعته رغم أنه كان يرغب في نشره قبل موت الزعيم‬
‫الحبيب بورقيبة ليعرف أن قيمة أي رجل توجد في نهاية المطاف بين دفتي كتاب‪ ،‬وأن‬
‫الكتاب أقوى من أي سلطان‪ ،‬وكثيرا ما تعرض الصافي سعيد إلى استجواب أمني ليفسر فيه‬
‫نيته في نشر هذا العمل‪ .‬وقد جاء قرار نشره عندما كان بورقيبة يلفظ أنفاسه األخيرة‪،‬‬
‫وعندما حلت سنة ‪2000‬م رحل رجل لطالما صنع الحدث والجدل وولد عمل حمل في‬
‫طياته الكثير عن هذا الرجل‪.‬‬
‫بورقيبة ‪:‬حياتي آرائي جهادي ‪،‬ويعتبر مصدرا هاما فيما يتعلق بسيرة الزعيم‬ ‫‪-‬‬
‫ألقاها الرئيس الحبيب بورقيبة ‪،‬أمام معهد‬ ‫الحبيب بورقيبة ‪،‬فكان في أول محاضرة‬
‫الصحافة ‪،‬وعلوم األخبار حول تاريخ الحركة القومية لتونس في ‪12‬أكتوبر ‪1973‬م وقد‬
‫جاء وقوفا عند طلبة كلية الحقوق‪ ،‬وإشباعا لرغبة المعتنين بالتاريخ ‪.‬ليدلي بالتفاصيل‬
‫أحداث حية كان يتعذر وجودها في الوثائق ‪،‬وإنما هي متصلة بهذا الشخص الذي صنع‬
‫التاريخ واستنبط بنفسه الخطة التي قضى بها علي اإلستعمار‪،‬وحطم ركنا عظيما من أركان‬
‫اإلمبراطورية الفرنسية‪،‬وفتح المجال للجزائر إلعالن الثورة في غرة نوفمير‪1994‬م‬
‫كما تطرق الحبيب بورقيبة إلي محطات عديدة في حياته مشيرا في كل لحظة أنه‬ ‫‪-‬‬
‫الشخص الذي صنع األحداث‪.‬‬
‫الحبيب بورقيبة‪ :‬في سبيل السلم بالجزائر‪.‬وكان عبارة عن سلسلة من التصاريح‬ ‫‪-‬‬
‫أدلى بها بورقيبة وجاءت فيه توضيحات لتطورات الثورة الجزائرية‪ ،‬أبان فيها عن موقف‬
‫تونس من الثورة الجزائرية وكان هذا العمل كرد علي المشككين في تضامنه مع الثورة‬

‫ه‬
‫الجزائرية‪.‬وأوضح أنه كان أداة وفاق باعتبار أن السلم هو أخف الضررين وهو الحل علي‬
‫أساس إقناع الطرف الفرنسي والجزائري بالتقارب‪ ،‬وأوضح أن المذهب البورقيبي مبني‬
‫علي لزوم فهم وضعية الطرف المقابل‪ ،‬وإدراك مواقفه ‪،‬واألخذ بالمهم ‪،‬والبحث عما إذا‬
‫كان هناك ماهو أهم لألخذ به‪.‬‬
‫الحبيب بورقيبة‪ :‬تونس دائما مع الجزائر‪.‬وكان هذا العمل نداء للشعب التونسي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫والشعب الجزائري من وراء الحدود بالملعب البلدي بالبلغدير بمناسبة رجوع الحكومة‬
‫المؤقتة للجمهورية الجزائرية إلى أرض الوطن (الجزائر)‪ ،‬وبمناسبة انتهاء عمليات‬
‫االقتراع التي أسفرت على إجماع الشعب بالتصويت لصالح الحرية‪ ،‬واإلستقالل‪.‬جاءت هذه‬
‫التصريحات لتأكد مشاطرة التونسيين فرحة الجزائر وتأييدهم لقضيتهم تأييدا ال ينتهي وال‬
‫يزول‪ ،‬كما أكد بورقيبة إستمرار دعمه للشعب الجزائري في طور الجهاد األكبر الذي‬
‫ينتظره بعد اإلستقالل‪.‬‬
‫أحمد توفيق المدني ‪:‬حياة كفاح مع ركب الثورة التحريرية ‪،‬الجزء الثالث ‪.‬وصدر‬ ‫‪-‬‬
‫هذا العمل في سنة‪1981‬م رغم أن موعده كان في سنة ‪1979‬م فقد تأجل صدوره ‪،‬ألن‬
‫الحالة السياسية آنذاك بالجزائر لم تكن تسمح بذلك ‪،‬حيث صرح أحمد توفيق المدني أنه لم‬
‫يكن قائد من قادة الثورة ‪،‬وال بطال من أبطالها‪،‬بل كان خادما لها‪ ،‬ومنفذا إلرادتها‪،‬حيث يأكد‬
‫أن كل ما جاء في هذا الكتاب عبارة عن أحداث عايشها فقال‪ :‬ماشهدنا إال بما علمنا ‪..‬كما‬
‫أوضح أن هذا الكتاب يخلو من كل الدسائس ‪،‬والفتن التي شهدتها الثورة ‪،‬ولن يضر الثورة‬
‫أن يكتب الكتاب بطوالتها ‪،‬ويصوروا جهادها‪،‬ويذكروا إلي جانب ذلك وجهها اآلخر‪،‬فهي‬
‫ثورة رجال ‪،‬ال ثورة مالئكة‪.‬حيث كان هذا العمل تتمة لجزئين سابقين فبدأ من محطة حزب‬
‫حركة إنتصار الحريات الديمقراطية ليقف عند مؤتمر باندونغ‪،‬ونشر القضية الجزائرية‬
‫عالميا‪.‬‬
‫‪ -2‬المراجع‪:‬‬
‫وعلى سبيل الذكر ال على سبيل الحصر نذكر مؤلفات عميرة عليه الصغير نظرا‬ ‫‪-‬‬
‫لكونها تخصصت بالبحث في العالقات التونسية الجزائرية ابان الثورة وتعكس هذه األعمال‬
‫صورة عن ذاك الماضي البعيد‪.‬‬

‫و‬
‫الحاكم بأمره بورقيبة األول دراسات وآراء في عهده ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اليوسفيون وتحرر المغرب العربي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كما نذكر‪:‬‬
‫عبد هللا شريط الثورة الجزائرية في الصحافة الدولية بأجزائه الخمسة سنوات (‪4599‬م‪-‬‬
‫‪4591‬م‪4591-‬م‪4595-‬م‪4591-‬م)‪.‬‬
‫والذي خصصه لنقل حي لصدى الثورة الجزائرية في المجتمع الدولي وصاحبه بتحاليل‬
‫ترصد المواقف البورقبية ازاء الثورة الجزائرية‪.‬‬
‫باإلضافة الى مراجع آخري سيرد ذكرها في قائمة المصادر والمراجع‪.‬‬
‫باإلضافة الى البحوث األكاديمية‪:‬‬
‫رسالة دكتوراه لعبد هللا مقالتي بعنوان العالقات الجزائرية المغاربية ابان الثورة‬ ‫‪-‬‬
‫التحريرية الجزائرية‪ ،‬وسلطت الضوء على األبعاد والخلفيات لمسار العالقات الجزائرية‬
‫التونسية‪.‬‬
‫سابعا ‪ -‬خطة البحث‪:‬‬
‫تبعا للمادة الخبرية التي حصلنا عليها تم تقسيم هذا الموضوع الى مقدمة‪ ،‬تمهيد‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وثالث فصول‪ ،‬خاتمة‪ ،‬مالحق‪ ،‬وقائمة بيبليوغرافية‪.‬‬
‫تطرقنا في المقدمة إلى التعريف بالموضوع ‪ ،‬وأسباب اختباره‪ ،‬اإلشكالية‬ ‫‪-‬‬
‫واالستفهامات المراد مناقشتها‪ ،‬والمناهج الموظفة في الدراسة‪ ،‬دون إغفال ذكر الصعوبات‪،‬‬
‫كما تناولنا وصفا ألهم مصادر البحث ومراجعة‪.‬‬
‫تمهيد ‪ :‬وتناولنا فيه حياة‪ ،‬وتعليم بورقيبة‪ ،‬ومشاربه الفكرية‪ ،‬باإلضافة إلى شهادات‬ ‫‪-‬‬
‫سواء تعلقت بتصريحاته شخصيا أو بما أدلى به األخرون حول شخصيته‪ ،‬ومواقفه‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عالقة بورقيبة بجبهة التحرير الجزائرية قبل توليه الحكم‪.‬‬
‫وقسمناه الى أربعة مباحث‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬عالقة المقاومة التونسية بالثورة الجزائرية‪ :‬ويتناول الحديث عن انطالق‬
‫المقاومة التونسية‪ ،‬وتالحم الثوار الجزائريين والتونسيين في جبهة موحدة ضد االستعمار‬
‫الفرنسي‪.‬‬

‫ز‬
‫الثورة الجزائرية ومشروع الوحدة المغاربية‪ :‬ويدرس واقع الثورة‬ ‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫الجزائرية‪ ،‬ويتناول أهدافها في تحقيق وحدة مغاربية تقاتل عدو واحد‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تونس قاعدة خلفية للثورة الجزائرية وخصصناه للحديث عن الدعم التونسي‬
‫للثورة الجزائرية‪ ،‬خاصة في الجانب العسكري لتعزيز جبهة القتال‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬الثورة الجزائرية في ظل األزمة البورقيبية اليوسفية‪ :‬وتعرضنا لجذور‬
‫الصراع اليوسفي البورقيبي وتأثيره على الثورة الجزائرية التي كانت حاضرة في فصول‬
‫هذا الصراع ومحركا ألحداثه‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‪:‬‬
‫وقسمناه إلى أربعة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬بورقيبة ومؤتمر تونس لبحث المسألة الجزائرية‪:‬‬
‫وعالج ظروف انعقاد مؤتمر تونس‪ ،‬وحادثة اختطاف طائرة الوفد الخارجي‪ ،‬وانعكاساتها‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬االعتداء على ساقية سيدي يوسف وتداعياتها‪ :‬وتناولنا فيها حيثيات االعتداء‬
‫على الساقية‪ ،‬وكيفية استغاللها من طرف بورقيبة لصالح القضية الجزائرية ضد فرنسا و‬
‫إدانتها لدى المجتمع الدولي‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬بورقيبة وتفعيل المؤتمرات المغاربية لحل القضية الجزائرية‪.‬‬
‫وخصصناه لدراسة ظروف ونتائج المؤتمرات المغاربية‪( :‬مؤتمر المهدية‪ ،‬مؤتمر طنجة)‬
‫وما تم تباحثه وتداوله بشأن القضية الجزائرية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬موقف بورقيبة من نشأة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية‪:‬‬
‫تطرقنا فيه للتطور الحاسم في مسار الثورة الجزائرية‪ ،‬في تشكل جهاز حكومي أعطى‬
‫الشرعية للثورة الجزائرية‪ ،‬وكيف تعامل بورقيبة مع هذا الحدث‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالقات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‪:‬‬
‫وقسمناه بدوره الى أربعة مباحث‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬قراءة للمواقف البورقبية لدعم الثورة الجزائرية في المحافل الدولية‪:‬‬

‫ح‬
‫وخصصناه لرصد تحركات الحبيب بورقيبة‪ ،‬وتوظيف دبلوماسيته لكسب الدعم الدولي‬
‫لصالح القضية الجزائرية سواء على المستوى األمريكي أو األوروبي‪ ،‬أو اإلفريقي‬
‫ي باإلضافة إلى المستوى العربي‪.‬‬
‫واألسيو ٌ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تأزم العالقات ومحاولة احتوائها بين بورقيبة والحكومة المؤقتة الجزائرية‬
‫وتناولنا فيه نماذج ألهم األزمات التي اعترضت مسار العالقات البورقيبية الجزائرية‬
‫وتجاوز الخالفات‬
‫المبحث الثالث‪ :‬القضية الجزائرية محرك العالقات التونسية‪-‬الفرنسية‪ :‬وخصصناه للحديث‬
‫عن تأثير الثورة الجزائرية على العالقات الفرنسية البورقبية‪ ،‬وموقف فرنسا من دعم‬
‫بورقيبة للثورة الجزائرية‪.‬‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬بورقيبة والمفاوضات الجزائرية الفرنسية‪ :‬وتم فيه عرض لسلسة من‬
‫اللقاءات بين الطرف الفرنسي والجزائري‪ ،‬وحرص بورقيبة على إنهاء هذا الخالف‬
‫بتحصيل الجزائر استقاللها‪.‬‬
‫خاتمة‪ :‬تضمنت اهم النتائج المستخلصة من هذه الدراسة ‪.‬‬

‫ط‬
‫‪-‬خطة البحث ‪:‬‬
‫شكر وتقدير‪:‬‬
‫إهداء‪:‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عالقة بورقيبة بجبهة التحرير الجزائرية قبل توليه الحكم‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬عالقة المقاومة التونسية بالثورة الجزائرية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الثورة الجزائرية ومشروع الوحدة المغاربية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تونس قاعدة خلفية للثورة الجزائرية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬الثورة الجزائرية في ظل االزمة البورقيبية اليوسفية‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬بورقيبة ومؤتمر تونس لبحث المسألة الجزائرية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االعتداء على ساقية سيدي يوسف وتداعياتها‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬بورقيبة وتفعيل المؤتمرات المغاربية لحل القضية الجزائرية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬موقف بورقيبة من نشأة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالقات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬قراءة للمواقف البورقيبية لدعم الثورة الجزائرية في المحافل الدولية‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬القضية الجزائرية محرك العالقات التونسية‪ -‬الفرنسية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تأزم العالقات ومحاولة إحتوائها بين بورقيبة والحكومة المؤقتة للجمهورية‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬بورقيبة والمفاوضات الجزائرية الفرنسية‪.‬‬
‫خاتمة‪.‬‬
‫المالحق‪.‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪.‬‬
‫فهرس الموضوعات‪.‬‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫قناعات فكرية‪ ،‬وسياسية ‪ ،‬وجهت مسار فعله‪ ،‬في سياسته‬ ‫لقد كانت للحبيب بورقيبة‬
‫الخارجية اتجاه االقطار المغاربية‪ ،‬وقبل ذلك يجدر بنا الحديث عن منابع فكره‪ ،‬واديولوجياته‪.‬‬
‫فثمة لغز اسمه بورقيبة‪ ،‬فهذه الشخصية تحظى باهتمام أبحاث كثيرة حاولت اإلحاطة بجوانب‬
‫عديدة من شخصية الزعيم الراحل‪ ،‬وعقيدته‪ ،‬وعمله السياسي فكانت التوصيفات متناقضة‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ملك كاريزماتي‪ ،‬استبداد متنور‪ ،‬أو حداثة متسلطة‪.‬‬
‫كان بورقيبة مفتتنا بالفلسفة‪ ،‬واآلداب وكذلك بالعقل الغربي‪ ،‬وكان مصرا على اكتشاف أسرار‬
‫تلك الحضارة‪ ،‬والقوة التي جعلت من بالده مزرعة لها‪.‬‬
‫رحل إلى فرنسا وسجل في جامعة السربون لمتابعة دروس علم النفس‪ ،‬واألدب ‪،‬إلى جانب‬
‫دراسة الحقوق‪ ،‬وكان كثيرا ما ينهمك في نقاشات طويلة مع زمالئه التونسيين والفرنسيين‪.‬‬
‫وكان معجبا بالقائد التركي كمال أتاتورك‪ ،‬وكذلك بزعيم االشتراكية الفرنسية" جون‬
‫(‪)3‬‬
‫جوريس"‪.‬‬
‫وكان بورقيبة متحمسا للعمل أكثر من االديولوجيا وسوف يمر الوقت ويخطو خطواته نحو‬
‫العمل السياسي فالحزب الحر الدستوري حسب بورقيبة قد أضحى " جزءا من مسرحية‬
‫الحماية " وقد دخل في نوم عميق ألنه لم يستطع تطوير آليات نضاله‪ ،‬ومشاريعه ‪.‬‬

‫(‪ )1‬بورقيبة‪3091 ( :‬م‪2000-‬م) ولد يوم ‪ 91‬أوت ‪3091‬م بمدينة المنستير بتونس‪ ،‬زاول تعليمه االبتدائي‪ ،‬والثانوي بالمعهد‬
‫الصادقي‪ ،‬ثم بمعهد كارنو‪ ،‬تحصل على البكالوريا سنة ‪ ،3091‬ثم التحق بجامعة باريس وتحصل فيها على االجازة في‬
‫النحو‪ ،‬انخرط في الحزب الدستوري ‪ ،‬كتب في العديد من الصحف ثم أسس جريدة العمل مع نخبة من أصدقائه‪ ،‬عين عضو‬
‫في اللجنة التنفيذية للحزب سنة ‪3011‬م‪ .‬ثم انشق عنه ‪ ،‬وأسس الديوان السياسي‪ ،‬الحزب الدستوري الجديد‪ -‬وتولى األمانة‬
‫العامة‪ ،‬ثم اعتقاله عدة مرات ‪ ،‬فاوض فرنسا على االستقالل الداخلي‪ ،‬وتم اعالن ذلك في ‪ 91‬جوان ‪3011‬م‪ ،‬ثم االستقالل‬
‫التام في مارس ‪ ،3011‬بعد ازاحة األسرة الحبيبية الممثلة في الباي‪ ،‬انتخب رئيس للجمهورية التونسية عام ‪3091‬م‪ ،‬أزيح‬
‫من الحكم ‪ 3099‬من طرف زين العابدين بن علي‪ ،‬توفي في ‪ 1‬أفريل ‪9999‬م بالمنستير‪(.‬انظر الصافي سعيد‪ ،‬بورقيبة سيرة‬
‫شبه محرمة ‪،‬رياض الرياس للنشر‪ ،‬بيروت ‪9999،‬م‪ ،‬ص ص ‪).11، 13‬‬
‫(‪ )2‬مؤلف جماعي‪ ،‬تونس ‪9919‬م‪ ،‬مساهمة في تجديد المشروع الحداثي التونسي‪ ،‬دار الجنوب للنشر‪ ،‬تونس‪9939 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.111‬‬
‫(‪ )3‬الصافي سعيد‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪10‬‬
‫حيث سيكون تزعمه "للحزب الحر الدستوري الجديد" منعرجا حاسما في مسيرة الحركة‬
‫الوطنية التونسية‪ ،‬وبين الكفاح من أجل التحرر واالستقالل‪ ،.‬فإذا كانت المعارضة السياسية ال‬
‫(‪)1‬‬
‫تكون إال سلمية‪ ،‬فإن الكفاح التحرري ال يكون إال تصعيدا للظروف‪.‬‬

‫حيث بدأ نشاطه السياسي بعد عودته إلى تونس‪ ،‬واالنتهاء من دراساته العليا بفرنسا‪ .‬ولم يلبث‬
‫أن انضم إلى اللجنة التنفيذية للحزب الحر الدستوري‪ ،‬ثم تولى اإلشراف على " جريدة العمل‬
‫(‪)2‬‬
‫التونسي"‪.‬‬
‫وذاع صيته أكثر عند ما انشق أواخر ‪3011‬م مع مجموعة من زمالئه عن اللجنة التنفيذية‬
‫للحزب الحر الدستوري القديم‪ ،‬وأسس الحزب الحر الدستوري الجديد"‪ ،‬أو "الديوان السياسي"‬
‫وعقدت المجموعة المنشقة في الثاني من مارس ‪3011‬م مؤتمرا تمخض عن إنشاء حزب‬
‫سياسي جديد "الحزب الحر الدستوري الجديد"‪ .‬وقد حضره جمع غفير من المناضلين المنشقين‬
‫(‪)3‬‬
‫عن الحزب القديم‪.‬‬
‫وأختار أعضاءه الجدد المحامي الحبيب بورقيبة أمينا عاما مكلفا بالتسيير‪ ،‬واإلشراف على‬
‫العمل الحزبي‪.‬‬
‫وقد شرعوا فورا في االتصال بالجماهير الشعبية في المدن‪ ،‬القرى‪ ،‬واألرياف‪ ،‬فكان ذلك أول‬
‫منعرج يخرج غير حزب سياسي من مجرد المعارضة السياسية ليقتحم غمار الكفاح الشعبي‪.‬‬
‫(‪)4‬‬

‫ولقد كان بورقيبة الذي قضى سنوات في سجون فرنسا التي رمت به في السجن لثالث مرات‬
‫متعاقبة (‪3011‬م‪3011-‬م)‪3019( ،‬م‪3019 -‬م)‪3019( ،‬م‪3011 -‬م ) يقول أن فرنسا‬
‫أحسنت صنعا إذا تعاملت مع " الحزب الدستوري الجديد بأسلوب طغت عليه الشدة‬
‫والسجون‪ ،‬والمحن فهذا ما أكسبنا شرعية نحن في أمس الحاجة إليها"‪.‬‬

‫(‪ )1‬عمر سعيدان‪ ،‬رحلة مع التاريخ والذكريات‪ ،‬أحداث تاريخية ‪ :‬ذكريات وطنية‪ ،‬سيرة الثورة التونسية وخصوصيتها‪،‬‬
‫سعيدان للطباعة والنشر‪ ،‬تونس‪ ،9931 ،‬ص‪.390‬‬
‫( ‪ )2‬عبد القادر السمعلي‪ ،‬مذكرات مقاوم تجربتي مع جيش التحرير التونسي والمقاومة المسلحة‪ ،‬كما عشتها تحقيق عبد الجليل‬
‫الميساوي‪ ،‬دار نهى للطباعة والنشر‪ ،‬صفاقس‪9939 ،‬م‪ ،‬ص ‪.719‬‬
‫‪)3)dresse Abassi, entre Bourguiba et Hannibal, identité tunisienne, et histoire de puis‬‬

‫‪l’indépendance, préface de Robert ilbert , Karthala et Irenam,2005,p185 .‬‬


‫(‪ )4‬عبد القادر السمعلي‪ ،‬نفسه‪ ،‬ص ‪.199‬‬

‫‪11‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ولعله يلمح بذلك الى ما يتم تناقله بشأن مواقفه‪ ،‬واتهامه بمواالة فرنسا‪ ،‬والغرب‪.‬‬
‫فبورقيبة المسكون بجنون العظمة‪ ،‬والذي كان يرى نفسه من عظماء تونس ‪ ،‬الذين سيخلدهم‬
‫التاريخ على غرار‪:‬حنبعل ‪ ،‬يوغرطة والقديس أغسطين‪ .‬وكان يعلم أن طريق الوصول الى‬
‫الزعامة يتطلب دفع الثمن‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫فكما يقول شارل ديغول ‪ ":‬على المرء أن يعاني لكي يكون كبيرا‪.‬‬
‫" ‪" Il faut souffri pour être il faut grand‬‬
‫وتم اعتبار بورقيبة من طرف خصومه الئكيا‪ ،‬وعلمانيا‪ ،‬بامتياز وال يقتصر ذلك على‬
‫خصوصه فحسب‪ ،‬بل تعدى ذلك للمثقفين الحداثيين‪ ،‬الذين رأوا أن بورقيبة نموذجا جسد‬
‫(‪)4‬‬
‫‪3‬العلمانية‪.‬‬
‫وتم اعتبار بورقيبة أتاتورك العالم العربي في قراءة أخرى ‪.‬‬
‫اذ أن بعض الدراسات تورد اسم بورقيبة مقرونا باسم الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك‪،‬‬
‫عند الحديث عن اإلصالح في الدول اإلسالمية‪ ،‬فمشروع بورقيبة مطابق عندهم لمشروع‬
‫(‪)5‬‬
‫أتاتورك‪ .‬فكالهما تأثر بالغرب إلى حد بعيد‪.‬‬
‫ولم يكن بورقيبة يحرج من إعالن ارتباط حاضر ومستقبل تونس بفرنسا‪ ،‬والغرب‪ ،‬وضرورة‬
‫القطع مع العمق العربي حيث صرح "إن ما يربطنا بالعرب ليس إال من قبيل الذكريات‬
‫التاريخية وأن مصلحة تونس أن ترتبط بالعرب وبفرنسا بصورة خاصة‪ ،‬وإن مارسيليا أقرب‬
‫لنا من بغداد أو دمشق‪ ،‬أو القاهرة"‪.‬‬

‫(‪)6‬‬
‫وقال أيضا " إن اجتياز البحر المتوسط ألسهل من اجتياز الصحراء الليبية‪.‬‬

‫(‪ )1‬الحسين بن عيسى‪ ،‬البورقيبية والهوية – صراع مشاريع‪ ،‬ط‪ ،3‬مكتبة تونس‪ ،‬تونس‪9931 ،‬م‪ ،‬ص ‪.930‬‬
‫(‪ )2‬الحسين بن عيسى‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪.930‬‬
‫(‪ )3‬العلمانية‪ :‬هي المسار التاريخي الذي يقوم على اعتماد العقل والعلم في فهم الواقع‪ ،‬وهي فك االرتباط بين السياسة والدين‬
‫وحياد الدولة اتجاه كل األديان‪(.‬انظر‪ :‬امال موسى ‪ ،‬بورقيبة والمسالة الدينية ‪ ،‬سيراس للنشر‪ ،‬تونس ‪ 9999،‬م ‪ ،‬ص‪).330‬‬
‫(‪ )4‬عدنان المنصر‪ ،‬دولة بورقيبة‪ ،‬فصول في األيديولوجيا والممارسة (‪ 3011‬م‪3099 -‬م) مطبعة التفسير الفني‪ ،‬صفاقس‪،‬‬
‫‪9991‬م‪ ،‬ص ‪.330‬‬
‫(‪ )5‬لطفي حجي‪ ،‬بورقيبة واالسالم الزعامة واالمامة‪ ،‬ط ‪ ،9‬دار الجنوب للنشر‪ ،‬تونس‪9931 ،‬م‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫(‪ )6‬الحسين بن عيسى‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.939‬‬

‫‪12‬‬
‫ولم يرى مصير شعوب المغرب العربي إال ضمن دائرة النفوذ الغربي‪ ،‬وفرنسا تحديدا حيث‬
‫صرح قائال‪ ":‬شعوب إفريقيا الشمالية ستظل مرتبطة بفرنسا ثقافيا‪ ،‬جغرافيا‪ ،‬واقتصاديا"‬
‫ويقول أيضا" قد كان عملنا يهدف دائما الى تحويل الروابط التي تربطنا بفرنسا تحويال‬
‫يجعلها قائمة على قبول حر مرغوب فيه من قبل الشعب التونسي"‪.‬‬

‫والحقيقة أن بورقيبة كان حليفا للغرب ولكنه لم يكن عميال‪ ،‬فلقد كان من أوائل السياسيين‬
‫(‪)1‬‬
‫العرب الذين رحبوا بالسياسة األمريكية في المنطقة العربية‪.‬‬
‫ومن منطلق قناعات بورقيبة‪ ،‬وخياراته باالصطفاف حول الغرب كانت عالقات تونس‬
‫بالحركات التحررية بالمغرب العربي‪ ،‬وبالمنطقة العربية فاترة‪ ،‬ومتوترة‪ ،‬وعلى العموم كانت‬
‫مواقف بورقيبة في كثير من األحيان غير منسجمة مع تطلعات الشعوب المغاربية‪ ،‬التي ظلت‬
‫خالل الفترة االستعمارية تتوق لوحدة المغرب العرب(‪. )2‬‬

‫(‪ )1‬الحسين بن عيسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.939‬‬


‫(‪ )2‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.999‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الثورة الجزائرية في ظل‬
‫حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬بورقيبة ومؤتمر تونس‬
‫لبحث المسالة الجزائرية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االعتداء على ساقية‬
‫سيدي يوسف وتداعياتها‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬بورقيبة وتفعيل‬
‫المؤتمرات المغاربية لحل القضية‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪:‬موقف بورقيبة من نشاة‬
‫الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية‪.‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬عالقة المقاومة التونسية بالثورة الجزائرية‪:‬‬


‫عرفت سنوات ( ‪4591_4591‬م) أسمى مظاهر التضامن مع الثورة الجزائرية باشتراك‬
‫التونسيين والجزائريين في جبهة موحدة تحارب االستعمار وتدخل في معارك مع عساكره‪ .‬من‬
‫جبال تطوان بالجنوب الشرقي التونسي‪ ،‬إلى جبال قفصة‪ ،‬والنمامشة‪ ،‬وسوق أهراس‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والقصرين‪ ،‬وعلى كامل الحدود التونسية الجزائرية‪.‬‬
‫‪- 1‬اندالع المقاومة التونسية ‪:‬‬
‫قبل عودة بورقيبة أوائل ‪4591‬م أصبح على يقين بأن فرنسا لن تستجيب للمطالب التونسية‬
‫التي رفعها لها حيث صرح قائال‪ " :‬إن الشعب التونسي الذي خاب ظنه في الوعود التي‬
‫قطعتها السلطات الفرنسية هو األن في أوج الغضب‪ ،‬والسخط‪ ،‬وسوف يعرف كيف يقدم‬
‫" (‪)2‬‬
‫للعالم الدليل على أنه أصبح ناضجا للحرية واالستقالل‪.‬‬
‫وانطلقت معركة التحرير الحاسمة في ‪ 49‬ديسمبر ‪4591‬م واعتمدت على تعبئة الجبهة‬
‫الوطنية‪ ،‬وكسب تأييد الرأي العام الفرنسي‪ ،‬والعالمي‪ .‬مع ازدواج العمل السياسي‪ ،‬والنضال‬
‫حسب ما تتطلبه طبيعة المعركة‪ ،‬وميزان القوى‪ ،‬وظروف المقاومة الشعبية‪ ،‬وهو ما يبرز‬
‫(‪)3‬‬
‫أولوية البعد السياسي في هذه المعركة الغير متوازنة‪.‬‬
‫وكانت هذه المعركة كرد فعل مباشر على رفض الحكومة الفرنسية لتطوير نظام الحماية‬
‫بطريقة سلمية‪ ،‬ورفع الشعب التحدي‪ ،‬وأمام تصاعد االحتجاجات في ربوع الوطن التونسي‪،‬‬
‫ق ررت فرنسا قمع كل حركة شعبية وأوقفت رئيس الحزب الحبيب بورقيبة في ‪ 41‬جانفي‬
‫(‪)4‬‬
‫‪4591‬م‪.‬‬

‫(‪ )1‬عميرة علية الصغير‪ ،‬الحاكم بأمره بورقيبة األول‪ ،‬دراسات وأراء في عهده‪ ،‬ط‪ ،1‬المغاربية للطباعة واشهار الكتاب‪،‬‬
‫تونس‪1111 ،‬م‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫(‪ )2‬حسونة مصباحي‪ ،‬رحلة في زمن بورقيبة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار أفاق‪ ،‬تونس‪1111 ،‬م‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫(‪ )3‬عبيد منصور الشرايطي‪ ،‬البشير نصر زيدي‪ ،‬ثورة ثوار وأنصار‪ ،‬تاريخ الحركة الوطنية المسلحة التونسية‪1952‬م‬
‫_‪1692‬م‪ ،‬وزارة الثقافة والمحافظة على التراث‪ 2007،‬م‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫(‪ )4‬الرشيد ادريس‪ ،‬في طريق الجمهورية مذكرات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الغرب االسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،1111 ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪15‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ 2‬تالحم الثوار التونسيين والجزائريين‪:‬‬


‫إن المتتبع لمختلف مراحل الصراع مع المستعمر في تونس في شتى أوجهه وطيلة ‪ 59‬سنة‬
‫من االحتالل يلحظ انخرطا للجزائريين سواء كانوا أفراد‪ ،‬أو تنظيمات في تونس‪ .‬أو خارجها‬
‫(‪)1‬‬
‫في حركة االستعمار‪ ،‬ومشاركة إخوانهم التونسيين في التصدي للمستعمر‪.‬‬
‫ولدينا في شهادات المقاومين ما يكفي للداللة على أن هناك دعم حقيقي حصل لمجاهدي تونس‬
‫خاصة األهالي في المناطق المتاخمة للحدود بحيث كانت الجزائر ملجأ للثوار عندما يشد عليهم‬
‫الجيش الفرنسي الخناق وهنا نورد شهادة القائد الساسي بويحي حيث يذكر أنه انتقل الى تبسة‬
‫وتلقى من القائد يونس الجزائري "بغلة وستة مكاحل"‪. )2( .‬‬
‫كذلك يورد القائد عبد الوهاب السندي في شهادته" أنه دخل الجزائر مع مقاومين آخرين‪،‬‬
‫وقضى شهرا متنقال بين الشريعة‪ ،‬وتبسة وأن أربعة أو خمسة حسب ما ذكر من المقاومين‬
‫الجزائريين‪ ،‬تطوعوا للجهاد معهم في تونس "‪ .‬وشهد كذلك القائد الساسي لسود أن في فرقته‬
‫(‪)3‬‬
‫حوالي ‪ 44‬جزائريا‪.‬‬
‫ومن المرجح أن العديد من الجزائريين استشهدوا على أرض تونس في معارك عدة مثل‬
‫الشهيدين علي الزرواني‪ ،‬ومسعود الساقي اللذان استشهدا في معركة عيش الثانية‬
‫)‪ 1954/11/20‬م)‪.‬‬
‫هذا وستشهد تونس منذ أواخر ‪4599‬م حتى صائقة ‪4591‬م عودة واسعة للمقاومة المسلحة‬
‫(‪)5‬‬
‫فيما يسميه المقاومون اليوسفيون بالثورة الثانية (‪ )4‬في إطار الخالف اليوسفي البورقيبي‪.‬‬

‫(‪ )1‬عميرة علية الصغير‪ ،‬في التحرر االجتماعي والوطني‪ ،‬فصول من تاريخ تونس المعاصر‪ ،‬ط‪ ،1‬للطباعة واشهار الكتاب‪،‬‬
‫تونس‪1111 ،‬م‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫(‪ )2‬عميرة علية الصغير‪ ،‬المقاومة الشعبية في تونس في الخمسينيات‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة ماجستير‪ ،‬كلية اآلداب‬
‫والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة منوبة‪ ،‬تونس‪1998،‬م‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫(‪ )3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )4‬الثورة الثانية‪ :‬أو الفالقة الجدد هي المقاومة المسلحة في (‪1699‬م‪1699-‬م) التي تلت الثورة األولى التي اندلعت (‪1691‬م‪-‬‬
‫‪1691‬م) وهم أنصار صالح بن يوسف الذي رفض التوقيع على اتفاقيات ‪ 3‬جوان ‪1699‬م وكان يدعوا لتشكيل جيش المغرب‬
‫العربي‪( .‬انظر‪ :‬عميرة علية الصغير‪ ،‬في التحرر االجتماعي والوطني‪ ،‬فصول في تاريخ الحركة الوطنية في تونس‬
‫المعاصرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫(‪ )5‬عبد هللا مقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية ابان الثورة التحريرية الجزائرية (‪1691‬م‪1691-‬م)‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه العلوم في التاريخ الحديث والمعاصر‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪1112 ،‬م‪1112-‬م‪ ،‬ص‪.191‬‬

‫‪16‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ونذكر على سبيل المثال في فرق المقاومة الجزائرية بتونس (‪4591‬م‪4595-‬م) حمدي باشا‪،‬‬
‫عبد القادر السوفي‪ ،‬الزيد لسود‪ ،‬أحمد الشريف‪ ،‬الطيب الزالق‪ ،‬عبد هللا العبيدي‪ ،‬أحمد‬
‫القبايلي‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ -‬وتجدر اإلشارة إلى أن تقريرا للجيش الفرنسي يقدر عدد المقاومين الجزائريين بتونس في‬
‫منتصف جانفي لسنة ‪4595‬م بحوالي ‪ 166‬مجاهد بجبهة خمير‪ ،‬وحوالي ‪566‬بجبهة كاف‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وبين ‪ 166‬و‪ 4166‬بجبهة القصرين‪.‬‬
‫وال يمكن اإلنكار ان ثمة مشكلة بورقيبة قامت في جبهة التحرير طوال مرحلة من الثورة‪،‬‬
‫حيث كانت أشكال المعركة‪ ،‬ومراحلها متفاوتة بصورة محسوسة في كل من تونس‪ ،‬والجزائر‪،‬‬
‫باإلضافة الى أن الرجال داخل كل حركة غالبا ما يختلفون‪ .‬وهذا أمر طبيعي حول الخطة‬
‫(‪)2‬‬
‫المنوي إتباعها‪.‬‬
‫‪ -‬حيث كان تمشي حركات التحرر في كال البلدين متباينا‪ ،‬ولم يكن النمط الجزائري مشابها‬
‫للذي فرضه الحبيب بورقيبة في تونس‪ ،‬أو كالذي اتبعته المغرب بعده‪ .‬فقد كان أسلوبا ناجحا‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أوصل تونس‪ ،‬والمغرب لالستقالل ومكن من تحقيق األهداف بأقل األثمان‪.‬‬

‫‪ -‬واستمر االعتقاد بأن كل بلد يحدد سياسته انطالقا من خصوصيته‪ ،‬وإمكانياته دون التشكيك‬
‫(‪)4‬‬
‫في أساس التضامن ‪،‬وقد تواصلت االختالفات في السياسة على قدر كبير من الوضوح‪.‬‬
‫‪ -‬فعندما اندلعت الثورة الجزائرية على حين غرة في ‪4591‬م كانت تونس في نهاية أدوار‬
‫الصراع الذي خاضته مع فرنسا بداية مع أواخر ‪4594‬م عندما رفضت فرنسا مطالب الحكم‬
‫الذاتي‪ ،‬وسالت الدماء‪ ،‬وتوالت المصائب خالل عامي ‪4591‬م‪4591-‬م إلى أن تراجعت‬
‫فرنسا في ‪ 14‬جويلية ‪4591‬م عن خطتها ورأت أن ال مفر من قبول منح االستقالل الداخلي‬
‫لتونس‪.‬‬

‫(‪ )1‬عميرة عيلة الصغير‪ ،‬اليوسفيون وتحرر المغرب العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )2‬عامر قريعة‪ ،‬مراحل الحكم في تونس منذ ‪1699‬م الى ما بعد ثورة ‪ 11‬جانفي ‪1111‬م‪ ،‬عالقة الوالي بمواطني الجهة‬
‫رسائل وخواطر‪ ،‬مطبعة فن الطباعة‪ ،‬تونس‪1113 ،‬م‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫(‪ )3‬الباجي قائد السبسي‪ ،‬الحبيب بورقيبة‪ ،‬المهم واألهم‪ ،‬تر‪ :‬محمد معالي‪ ،‬دار الجنوب لنشر‪ ،‬تونس‪1111 ،‬م‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫(‪ )4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪17‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وأنه ال ارتباط بين فرنسا‪ ،‬وتونس اال بمقتضى اتفاقيات بين فرنسا والحزب الدستوري‬
‫التونسي الجديد‪ ،‬وبينما كانت تونس في مرحلة مفاهمات‪ ،‬ومفاوضات أعلنت الجزائر‬
‫(‪)1‬‬
‫ثورتها‪.‬‬
‫وأوضح بورقيبة أنه رحب بالثورة عكس ما تروج له الدعايات في أنه تخلى عن إخوانه‬
‫الجزائريين فقد مدوا يد المساعدة إلخوانهم قدر المستطاع لكنه حسب قول بورقيبة" ال مجال‬
‫للدخول في الحرب الى جانب الجزائريين ألننا في حالة سلم مع فرنسا مادامت لم تحاربنا‪ ،‬ولم‬
‫تنكث وعدها لنا باالستقالل‪ ،‬وعرضنا إعانتنا للجزائر كدولة ال كمكافحين وربما كانت إعانتنا‬
‫(‪)2‬‬
‫كدولة أجدي نفعا من عودتنا للجبال‪ ،‬وتمكين العدو من سحقنا جميعا‪.‬‬
‫وهذه الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجزائريون والتونسيون على السواء ليدركوا حقيقة السياسة‬
‫(‪)3‬‬
‫التي سلكتها الحكومة والحزب معا‪".‬‬
‫حيث كانت القضية الجزائرية طيلة فترة المقاومة (‪4591‬م‪4511-‬م) حاضرة في حياة‬
‫التونسيين بحكم التاريخ والجغرافيا‪ ،‬وكان هناك فيض تضامني مع المقاومة الجزائرية‪،‬‬
‫ومساهمة فعليه في أحداثها الحربية‪ .‬فقبل حتى أن يضع الثوار التونسيون أسلحتهم في ديسمبر‬
‫(‪)4‬‬
‫‪4591‬م هب المئات منهم لنصرة الثورة الجزائرية‪.‬‬
‫ومن أشهر الملتحقين بالثورة الجزائرية الطاهر لسود‪ ،‬ولزهر الشرايطي‪ .‬في إطار ما يعرف‬
‫بالثور ة الثانية‪ ،‬وجيش تحرير المغرب العربي‪ .‬بدفع وإشراف من صالح بن يوسف‪ ،‬وقيادة‬
‫ميدانية من الطاهر لسود (‪ .)5‬حيث تكونت أكثر من ‪ 16‬فرقة على كامل الحدود التونسية‪،‬‬
‫الجزائرية وخاصة الوسط والجنوب‪ .‬تناوش القوات الفرنسية‪ ،‬وتتعرض لمن تعتبرهم خونة‬
‫(‪)6‬‬
‫وعمالء لفرنسا‪.‬‬

‫(‪ )1‬الحبيب بورقيبة‪ ،‬في سبيل السلم بالجزائر‪ ،‬د_د والسلم‪1669 ،‬م‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪ )2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪ )3‬نفسه‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫(‪ )4‬عبد العزيز بن عبد هللا السنبل‪ ،‬تونس األصالة والمعاصرة في عهد بن علي‪ ،‬ط‪ ،1‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫(‪)5‬الطاهر لسود‪ ،‬هو الطاهر بن علي بن محمد الصالح الزيدي ولد سنة ‪1611‬م شمال الحامة تعلم القران في الكتاب وشارك‬
‫في العمل المسلح عام ‪1691‬م اذ رفض نداء بورقيبة للثوار بتسليم أسلحتهم‪ ،‬وكون جيش التحرير التونسي ‪1699‬م اذ شارك‬
‫في معارك تحرير المغرب العربي‪ (.‬أنظر‪ :‬الهادي وناسي‪ ،‬الطاهر لسود القيادة العامة لجيش تحرير شمال افريقيا‪ ،‬مطبعة‬
‫التفسير الفني‪ ،‬ط‪1112 ،1‬م‪ ،‬ص ‪).31‬‬
‫(‪ )6‬عميرة علية الصغير‪ ،‬اليوسفيون وتحرر المغرب العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪18‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وكان أكبر دعم لهذه المقاومة التلقائية التي دامت من أواخر ‪4599‬م حتى صائفة ‪4595‬م‬
‫تقريبا هو تسريب السالح للثوار الجزائريين عبر شبكة تنطلق من طرابلس‪ ،‬مرورا بالحدود‬
‫(‪)1‬‬
‫الجنوبية‪ ،‬وحامة قابس‪ ،‬وجبال قفصة‪ ،‬نحو جبال األوراس والنمامشة‪.‬‬
‫ونعود للحديث عن الطاهر لسود‪ ،‬الذي رفض نداء تسليم الثوار أسلحتهم مع فرقته التي تتكون‬
‫من ‪ 56‬شخصا‪ .‬خاصة بعد اندالع الثورة الجزائرية ألنه كان يرى في ذلك خيانة للوطن‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وتنكر لمبادئ الحزب الجديد‪ ،‬وخيانة للجزائر في ظرف حرج‪.‬‬
‫وفي جبل سماية‪ ،‬التحق الطاهر لسود‪ ،‬وفرقة بالثورة الجزائرية باألوراس ألنه كان يعتقد أن‬
‫محاربة االستعمار ليست محددة بمكان معين‪ ،‬بل أيضا أينما كنت فعليك القيام بالواجب المقدس‬
‫(‪)3‬‬
‫وهو تحرير شمال إفريقيا من االستعمار حسب قوله"‪.‬‬
‫لقد كانت لبورقيبة استراتيجية جاهزة‪ ،‬بينما كان الجزائريون مسكونين بهاجس إطالق جبهة‬
‫مشتركة‪ ،‬وبالفعل المسلح باعتباره الخيار الوحيد المتاح‪ ،‬وكان هو يرى أن على كل طرف أن‬
‫يقوم بدوره وفقا لما تسمح به إمكانياته‪ ،‬وخصوصياته‪ ،‬وال ينبغي لتونس أن تقيد يديها وال أن‬
‫تنتظر التخطيط لعمل مشترك‪.)4( .‬‬
‫وكان يؤمن أن مرحلة االستقالل الذاتي هي التي ستكون نقطة انطالق في مسار سيؤدي الى‬
‫االستقالل‪ .‬ولقد أقر محمد حربي في تحليل له شهر جوان ‪4551‬م‪ :‬بأن االستراتيجية التونسية‬
‫كانت صحيحة وقد كتب جون (‪ )jean Rous‬في مارس ‪4595‬م في مارس فتحت تونس‬
‫(‪)5‬‬
‫باب االستقالل أمام شمال إفريقيا كلها‪.‬‬
‫ويذكر محمد بجاوي أن منتهى أمنيتنا هو قيام ثورة تعم المغرب‪ ،‬لكن التعلق بها يكون ضرب‬
‫من الخيال‪ ،‬فليس ثمة حكومة مغربية‪ ،‬أو تونسية تفضل أن ترى بالدها في حالة حرب‪ .‬فيما‬
‫هي تنال االستقالل ويضيف مؤكدا‪" :‬علينا أن‪ ،‬ال ندخل في معركة مع القادة التونسيين أو‬

‫(‪ )1‬عميرة علية الصغير‪ ،‬اليوسفيون وتحرر المغرب العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪(2) Noura Bor sali, Bourguiba à l’épreuve de la démocratie (1956-1963), samed éditions, Tunis,‬‬

‫‪2008, p61.‬‬
‫)‪ (3‬عمير علية الصغير‪ ،‬نفسه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫(‪ )4‬الباجي قائد السبسي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.316‬‬
‫(‪ )5‬نفسه‪ ،‬ص ص ‪.311،311‬‬
‫‪19‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المغربيين وأن نفهم أن استقالل تونس والمغرب من شأنه أن يساعد في تطور كفاحنا‪،‬‬
‫الجزائرية‪)1( .‬‬ ‫وتحويل هذين البلدين إلى قاعدة خلفية للثورة‬

‫(‪ )1‬محمد بجاوي‪ ،‬حقائق عن الثورة الجزائرية‪ ،‬دار الفكر الحر‪1621 ،‬م‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪20‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الثورة الجزائرية ومشروع الوحدة المغاربية‪:‬‬

‫ان اندالع ثورة الفاتح من نوفمبر ‪ 4591‬حتى وان جاء بعد اندالع المقاومة في كل من تونس‬
‫والمغرب أعاد من جديد مسالة خلق جبهة مغاربية شعبية ضد الوجود االستعماري ومن اجل‬
‫(‪)1‬‬
‫االستقالل الكامل ألقطار المغرب العربي‪.‬‬

‫حيث انعكست ايجابيا على بلدان المغرب بل وإفريقيا إذ تعد منعرجا حاسما بالنسبة للدول‬
‫المحتلة فكان أول نوفمبر‪ ،‬الورقة الضاغطة التي مورست على فرنسا فجعلت تونس من فاتح‬
‫فرصة النتزاع وفاء فرنسا بوعودها بخصوص االستقالل الداخلي أوال‪ ،‬والتعجيل في إحراق‬
‫(‪)2‬‬
‫المراحل باسترجاع االستقالل التام ثانيا‪.‬‬

‫وهذا ما جعل الحركات التحريرية المغاربية حركات تنوير فكري إلى جانب كونها حركات‬
‫تحرير تتزاوج بين المقاومة المسلحة والنضال السياسي التي حملت في طياتها هدفين‪ :‬إثبات‬
‫الهوية المغاربية العربية اإلسالمية (‪ ،) 3‬ووحدة المغرب العربي الذي تجلى في نصوصها‬
‫وبرامجها في بيان أول نوفمبر ‪4591‬م في إقامة "الدولة الديمقراطية االجتماعية ذات السيادة‬
‫(‪)4‬‬
‫ضمن إطار المبادئ اإلسالمية "وتحقيق وحدة شمال إفريقيا واستقاللها‪.‬‬

‫فمنذ عهد نجم إفريقيا وحتى اندالع الثورة ظلت األحزاب الوطنية وتنظيماتها تعمل بالتنسيق‬
‫(‪)5‬‬
‫مع الحركات الوطنية التونسية والمغربية لتأكيد التضامن ووحدة النضال المشترك‬

‫ويذكر سعيد بن سعيد أربعة معالم جسدت البعد المغاربي في تاريخ الكفاح الوطني المغاربي‬
‫ويخص منها بالذكر أعمال كل من جمعية نجم إفريقيا‪ ،‬جمعية طلبة شمال إفريقيا‪ ،‬مكتب‬

‫(‪ )1‬عمار رخيلة‪ ،‬الثورة الجزائرية والمغرب العربي‪ ،‬مجلة المصادر‪ ،‬ع‪1111 ،1‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬مولود قاسم نايت بلقاسم‪ ،‬دور فاتح نوفمبر في استرجاع ليبيا فزانها والمغرب وتونس استقاللهما بل وإفريقيا كلها‬
‫حريتها‪ ،‬الثورة الجزائرية وصدها في العالم‪ ،‬المركز الوطني للدراسات التاريخية‪ ،‬د‪.‬م‪ 42 -42 ،‬نوفمبر ‪1122‬م‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫(‪ )3‬رقية بلقا سمي‪ ،‬التكامل اإلقليمي المغاربي‪ :‬الدراسات في التحديات األفاق المستقبلية‪ ،‬رسالة ماجستير ‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫(‪ )4‬محمد بلقاسم‪ ،‬دور المغرب العربي فكرة وواقعا ‪1122‬م‪1192 -‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬البصائر الجديدة للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،4112‬ص ‪121‬‬
‫(‪ )5‬عبد هللا مقالتي ‪،‬دور المغرب العربي وإفريقيا في دعم الثورة الجزائرية‪ ،‬ج‪ ،1‬ط ‪ ،1‬دار السبيل للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪4111 ،‬م ‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫‪21‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المغرب العربي (‪ ،)1‬حتى مؤتمر طنجة ‪4591‬م الذي سنذكره الحقا إذ خصصنا له عنصرا‬
‫خاصا‪ ،‬ولجنة تكوين التحرير المغرب التي جمعت األحزاب في كل من األقطار ( تونس‪،‬‬
‫المغرب‪ ،‬الجزائر) على وثيقة تضمنت عدة قرارات منها‪:‬‬

‫المغرب العربي باإلسالم كان ولإلسالم عاش‪ ،‬وعلى اإلسالم سيعيش حياته المستقبلية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المغرب العربي جزء ال يتجزأ من بالد العروبة وتعاونه في دائرة الجامعة العربية على‬ ‫‪-‬‬
‫قدم المساواة مع بقية األقطار العربية أمر طبيعي والزم‪.‬‬
‫االستقالل المأمول بالمغرب العربي هو االستقالل التام لكافة أقطاره الثالثة‬ ‫‪-‬‬
‫ال غاية يسعى إليها قبل االستقالل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫حصول قطر من األقطار الثالثة على استقالله التام ال يسقط عن اللجنة واجبها في‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مواصلة الكفاح لتحرير البقية‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وهذه المحطات التي عكست رغبة الشعوب المغاربية في تحقيق الوحدة والتكامل‬ ‫‪-‬‬
‫وعلى ضوء هذه المعالم يمكن تقسيم مراحل تبلور مشروع التكامل المغاربي من خالل‬
‫مرحلتين أساسيتين‪:‬‬
‫مرحلة الدعوة لتوحيد النضال‪:‬مرحلة النضال السياسي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مرحلة النضال المغاربي المشترك‪:‬مرحلة العمل الثوري‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪-1‬مرحلة النضال السياسي‪:‬‬

‫‪ -‬نجم شمال إفريقيا‪:‬‬


‫ظهرت حركة سياسية عمالية في المهجر بفرنسا سنة ‪ 4591‬باسم نجم شمال إفريقيا وكان‬
‫المغاربي لالستقالل العربي في كل من تونس والجزائر‬ ‫هدفها األساسي وحدة النضال‬
‫والمغرب األقصى والذي كانت مبادراته األولى من التأسيس بمعية األمير خالد والذي تضمن‬
‫على عدة مواد أصبحت قاعدة أرضية لنجم شمال إفريقيا مطلع سنة ‪ 4591‬وهي المبادئ التي‬

‫(‪ )1‬رقية بلقا سمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬


‫(‪ )2‬الرشيد ادريسي‪ ،‬في طريق الجمهور ية مذكرات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪4111 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫(‪ )3‬احمد بشيري‪ ،‬الثورة الجزائرية والجامعة العربية‪ ،‬ط‪ ،4‬ثالة‪ ،‬الجزائر‪ 4111 ،‬م ‪.41 ،‬‬

‫‪22‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ناد بهام م صالي الحاج حيث دافع النجم على مبادئه المغاربية من خالل المنشورات ومن خالل‬
‫الصحافة‪ :‬اإلقدام الباريسي واإلقدام الشمال اإلفريقي‪ ،‬إقدام نجم شمال إفريقيا ( ‪– 4591‬‬
‫‪ )4595‬وكلها بالغة الفرنسية‪.‬‬
‫حزب الشعب ‪.4591‬‬ ‫‪-‬‬
‫مؤتمر المغرب العربي ‪ 49‬و‪ 91‬فيفري سنة ‪ 4511‬بالقاهرة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)1‬‬
‫مكتب المغرب العربي نشا في أوروبا سنة ‪4519‬‬ ‫‪-‬‬
‫مرحلة العمل الثوري (الكفاح المسلح)‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ ‬جبهة االتحاد والعمل المغربية ‪:1592‬‬
‫ظهرت في ‪ 9‬فيفري ‪ 4599‬بمنطقة شانتي بباريس بفرنسا والتي ضمت األحزاب المغاربية‪،‬‬
‫الحزب الدستوري الجديد والقديم (تونس)‪ ،‬حركة انتصار الحريات الديمقراطية‪ ،‬االتحاد‬
‫الديمقراطي للبيان الجزائري (الجزائر)‪ ،‬حزب االستقالل وحزب اإلصالح الوطني (المغرب‬
‫األقصى) حيث صادق ممثلو الحركات الوطنية على ميثاق جبهة االتحاد والعمل المغربية‬
‫(‪)2‬‬
‫والتي كانت من قراراته متابعة الكفاح ومضاعفته في سبيل تحرير إفريقيا الشمالية‬
‫‪ ‬ميثاق لجنة تحرير المغرب العربي ‪ 4‬افريل ‪:1594‬‬
‫المغرب العربي الذي صدر في ‪ 1‬أفريل‪ 4591‬بالقاهرة محطة‬ ‫شكل ميثاق لجنة تحرير‬
‫متميزة عن طريق توحيد النشاط السياسي والنضال الوطني المغاربي‪ ،‬والخروج من دائرة‬
‫(‪)3‬‬
‫التصريحات نحو العمل المسلح كتعبير صريح على وحدة الكفاح المغربي‪.‬‬
‫ولم يل بث هذا االتجاه الوحدوي مطلع الخمسينيات ان تكونت بالتعاقب جيوش التحرير‬
‫المغاربية‪ ،‬جيش التحرير الجزائري في فاتح نوفمبر ‪4591‬م والتونسي أواخر ‪ 4599‬م‬
‫والمغاربي في صائفة ‪ .4599‬لتحقيق هدفين أساسيين هما االستقالل والوحدة‪ ،‬لكن مع ظروف‬

‫(‪ )1‬محمد بلقاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.12،111‬‬


‫(‪ )2‬مومن العمري‪ ،‬شعار الوحدة ومضامينه في المغرب العربي أثناء فترة الكفاح الوطني‪ ،‬شهادة لنيل الدكتوراه‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االنسانية والعلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،4111 ،‬ص ص‪.112،112‬‬
‫(‪ )3‬نفسه‪ ،‬ص‪.411‬‬

‫‪23‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تفجير الثورة لم يستمر طويال فكان استقالل كل من تونس والمغرب ‪ ،4591‬وانفردت فرنسا‬
‫(‪)1‬‬
‫بالجزائر ومحاولتها القضاء على الوحدة‬

‫(‪ )1‬رقية بلقاسمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪24‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تونس قاعدة خلفية للثورة الجزائرية‪:‬‬


‫لقد مثلت تونس قبل وبعد استقاللها سنة ‪ 6591‬البوابة‪ ،‬وملجا للثورة والثوار‪ ،‬ومكان‬
‫الحتضان الالجئين في الداخل(‪ ،)1‬وللمكافحين الجزائريين خالل ثورة ‪ 6‬نوفمبر ‪-6599‬‬
‫‪ ،6511‬فاتخذها المجاهدون الجزائريون قاعدة خلفية صلبة وقوية ومتينة لإلعداد والتجهيز‬
‫واإليواء‪ ،‬حيث وجدوا التأييد والدعم من الشعب التونسي‪ ،‬وقيادته الوطنية خاصتنا بعد أن‬
‫(‪)2‬‬
‫أرغمت فرنسا التسليم باالستقالل التام لتونس‪ ،‬المغرب األقصى‪...‬‬
‫أ_اإلمداد في المجال العسكري‪:‬‬
‫إن األهمية اإلستراتيجية للحدود التونسية كمعابر حيوية لتسليح جيش التحرير الوطني في‬
‫(‪)3‬‬
‫بحكم أنه كان التزويد باألسلحة االنشغال األول‬ ‫الداخل في مرحلة التحضير لتفجير لثورة‪،‬‬
‫لدى مجموع مسؤولي الثورة‪ ،‬ثم إنها كانت إحدى النقاط المسجلة في جدول أعمال مؤتمر‬
‫الصومام في ‪ 12‬أوت ‪ ،6591‬حيث تقرر إقامة هيكل وطني لإلمدادات في الخارج‪ ،‬يكلف‬
‫(‪)4‬‬
‫بالتموينات من كل نوع لتلبية احتياجات جيش التحرير‬
‫نقل السالح القادم إلى الشرق الجزائري من منطقة جربة السواحل التونسية التي كانت تعتبر‬
‫من المسالك المهمة عبر زوارق صغيرة‪ ،‬بإضافة إلى حمالت أخرى تنقل بواسطة الشاحنات‬
‫الضخمة مباشرة من مصر عبر عبر ليبيا و تونس بعد االستقالل ‪،‬حيث يهرب بواسطة‬
‫(‪)5‬‬
‫الجمال عبر الصحراء خاصتا بعد إغالق ممر سوق أهراس‬
‫كان أحمد محساس مكلفا من قبل قيادة الثورة بتنسيق عملية التهريب وفي نفس الوقت مع‬
‫مندوب الثوار التونسيين المدعو عبد العزيز شوشان‪ ،‬حيث واجهتهم صعوبات كثيرة منها‪:‬‬
‫‪ ‬الدوريات الفرنسية التي تزايد نشاطها على الحدود الليبية‪ .‬التونسية ‪.‬‬
‫‪ ‬ارتفاع ثمن الجمال المستخدمة في التهريب‪.‬‬
‫(‪ )1‬حبيب حسن اللولب‪ ،‬الدبلوماسية والثورة الجزائرية بين (‪ ،)6511-6599‬دفاتر السياسية والقانون‪ ،‬ع ‪ ،61‬جانفي‬
‫‪ ،1262‬ص ‪.696‬‬
‫(‪ )2‬عمار بن سلطان و آخرون‪ ،‬الدعم العربي للثورة الجزائرية‪ ،‬طبعة خاصة‪ ،‬منشورات المركز الوطني للدراسات والبحث‬
‫في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر ‪ ،6599 6‬الجزائر‪ ،‬د س ن‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫(‪ )3‬الطاهر جيلي‪ ،‬اإلمداد بالسالح خالل الثورة الجزائرية ‪ ،6511-6599‬د ط‪ ،‬دار األمة‪ ،‬الجزائر‪ ،1269 ،‬ص ‪.911‬‬
‫(‪ )4‬عبد المجيد بوزبيد‪ ،‬اإلمداد خالل حرب التحرير الوطني شهادتي‪ ،‬طبعة خاصة‪ ،‬وزارة المجاهدين‪ ،1222 ،‬ص ‪.99‬‬
‫(‪ )5‬مراد صديق‪ ،‬الثورة الجزائرية عمليات التسليح السرية‪ ،‬تر‪ :‬أحمد الخطيب‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الرائد للكتاب‪ ،‬الجزائر‪،1262،‬‬
‫ص ص ‪92-95‬‬
‫‪24‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ ‬محاوالت بعض السياسيين التونسيين لثراء بعض العناصر التونسية المتعاونة في عملية‬
‫(‪)1‬‬
‫التهريب‪.‬‬
‫أسندت في تونس قيادة إمداد الشرق إلى العقيد بن عودة‪ ،‬كما أقيمت في تونس قاعدة هامة‬
‫بضواحي المدنية‪ ،‬وفتحت مستودعات كبيرة في بوقرنيين وجبل جلود‪ ،‬وفي القيروان سمح‬
‫(‪)2‬‬
‫الجيش التونسي باستخدام مستودعاته لنقل أسلحة إلى الحدود الجزائرية‬
‫ففي ‪ 12‬نوفمبر ‪ 6591‬عبرت شحنة من األسلحة من مصر إلى تونس تزعمها عمار بن‬
‫عودة على الواليات الداخلية على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ ‬الوالية األولى ‪ 922‬بندقية رشاش مع الذخيرة‪.‬‬
‫‪ ‬الوالية الثانية ‪.922‬‬
‫‪ ‬الوالية الثالثة ‪ 992‬بندقية رشاش مع الذخيرة‪.‬‬
‫‪ ‬الوالية الرابعة ‪ 992‬بندقية رشاش مع الذخيرة‪.‬‬
‫‪ ‬القاعدة الشرقية ‪ 622‬بندقية رشاش مع الذخيرة‪.‬‬
‫وعليه انتظم اإلمداد بالسالح أكثر في هذه الفترة‪ ،‬نظرا االنتصارات الثورة بعد ‪ 6591‬حيث‬
‫أصبح معدل مرور قوافل السالح يوميا تقريبا‪ ،‬كما أصبح النقل منتظم ومنسق بين جبهة‬
‫(‪)3‬‬
‫التحرير الوطني في تونس وممثلي بورقيبة‬
‫رغم اشتداد الرقابة الفرنسية إال أن عملية التهريب كانت تنشط باستمرار وقد تنقلت كميات‬
‫كبيرة من السالح والذخيرة‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال وصلت خالل سنة ‪ 6592‬عدة شحنات من األسلحة من مختلف الدول‬
‫اشتملت على مدافع هاون عيار ‪ ،06 ،02 ،12 ،92‬هم‪ ،‬وذخيرتها مع رشاشات ‪FM‬‬
‫ومسدسات ‪ ،PM‬نقلت إلى الحدود الجزائرية التونسية‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد المجيد بوزيد‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬


‫(‪ )2‬الطاهر جبيلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.199 ،199‬‬
‫(‪ )3‬محمد بلقاسم وآخرون‪ ،‬القواعد الخلفية للثورة الجزائرية الجهة الشرقية (‪ ،)6511-6599‬طبعة خاصة‪ ،‬منشورات المركز‬
‫الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر ‪ ،6599‬د‪.‬م‪ ،1229 ،‬ص ‪.692‬‬
‫‪25‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لقاء القاهرة الذي جمع احمد توفيق المدني واألمين دباغين(‪ )1‬ممثلين عن جبهة التحرير‬ ‫‪-‬‬
‫الوطني والصادق المقدم والطبيب سليم ممثلي عن الحكومة التونسية في ‪ 11‬جانفي ‪6592‬‬
‫الذي انتهى بتوقيع اتفاقية التسليح التي من أهم مضامينها نقل األسلحة الجزائرية إلى تصلها‬
‫(‪)2‬‬
‫عبر الحدود من ممثلي جبهة التحرير الوطني‪.‬‬
‫ب‪ -‬استقبال واحتضان الالجئين‪:‬‬
‫لقد اتخذ من التراب التونسي ملجأ من بطش القوات االستعمارية الذين فروا من األراضي‬
‫(‪)3‬‬
‫الجزائرية إلى الحدود التونسية‪.‬‬
‫سواء بسبب مواقفهم السياسية المناهضة لألوروبيين‪ ،‬أو األساليب التعسفية من سلب أراضي‬
‫(‪)4‬‬
‫وتجويعهم‪.‬‬
‫منذ سنة ‪6592‬م ومع تزايد العمليات الوحشية تزايد عدد الالجئين على الحدود‪ ،‬فحسب‬
‫إحصائيات جبهة التحرير الوطني فقد وصل عددهم في تونس نحو ‪ 61911‬الجئ وفي‬
‫‪6590‬م ارتفع عددهم نحو ‪ 692222‬الجئ حيث كانت نسبة األطفال تقدر بـ ‪،%99‬‬
‫و‪ %12‬من النساء والباقي رجال اغلبهم شيوخ‪ ،‬حيث تمركز اغلبهم في المناطق الحدودية‬
‫وانقسمت منذ ‪ 69‬ديسمبر ‪ 6592‬م على النحو التالي‪:‬‬

‫)‪ (1‬األمين دباغين‪ :‬مناضل سياسي جزائري‪ ،‬ولد بمدينة شرشال سنة ‪6562‬م ‪ ،‬تلقى تعليمه بمسقط رأسه‪ ،‬التحق بجامعة‬
‫الجزائر فرع طب‪ ،‬كان على رأس اللجنة المديرة حزب الشعب‪ ،‬خالل المرحلة السرية‪ ،‬وعرف بمساندته المطلقة لفكرة‬
‫الكفاح المسلح‪ ،‬انتخب في الجمعية الجزائرية عن الحركة من اجل انتصار الحريات الديمقراطية‪ ،‬واستقال من الحزب سنة‬
‫‪ 6596‬بسبب خالفه مع مصالي الحاج الذي رفض فكرة قيام الثورة‪ ،‬عينه مؤتمر الصومام سنة ‪ ،6591‬عضوا بالمجلس‬
‫الوطني للثورة‪ ،‬ثم عضوا بلجنة التنسيق والتنفيذ‪ ،‬وزيرا للخارجية في الحكومة المؤقتة األولى (‪6511 -6590‬م)‪ ،‬التي‬
‫استقال منها عمليا سنة ‪ .6591‬وبعد استرجاع السيادة الوطنية‪ ،‬اشتغل بالطب بمدينة العلمة إلى ان وافته المنية بالجزائر‬
‫العاصمة يوم ‪ 11‬جانفي ‪ ( .1229‬انظر‪ :‬لزهر بديدة‪ ،‬دراسات في تاريخ الثورة وأبعادها اإلفريقية‪ ،‬ط‪ ،6‬دار السبيل للنشر‪،‬‬
‫الجزائر ‪ ،1229‬ص‪.129‬‬
‫(‪ )2‬سعيدي وهيبة‪ ،‬الثورة الجزائرية ومشكلة السالح ( ‪ ،) 6511 – 6599‬د ط‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬د‪ .‬ن ‪ ،6559 ،‬ص ص‬
‫‪.22،20‬‬
‫(‪ )3‬طاهر سعيداني‪ ،‬القاعدة الشرقية قلب الثورة النابض‪ ،‬د ط ‪ ،‬دار األمة‪ ،‬الجزائر‪ ،1262 ،،‬ص‪.669‬‬
‫(‪ )4‬عمار بحوش‪ ،‬التاريخ السياسي للجزائر من البداية إلى غاية ‪ ،6511‬ط‪ ،6‬دار العرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪،6552 ،‬‬
‫ص‪.996‬‬
‫‪26‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مدينة تونس وما جاورها ‪.66101‬‬ ‫‪-‬‬


‫مدن أخرى في وسط الشمال ‪.6101‬‬ ‫‪-‬‬
‫الكاف ‪.92161‬‬ ‫‪-‬‬
‫سوق األربعاء ‪.91012‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)1‬‬
‫باجة ‪.1059‬‬ ‫‪-‬‬
‫هاجروا إلى تونس دون تصريحات من السلطات االستعمارية بـ ‪ 29‬إلى ‪ 02‬ألف شخص‬
‫جزائري مقيم في تونس حسب االحصائيات المقدمة من طرف جهات كل من تونس‪،‬‬
‫قرمبالية‪ ،‬بنزرت‪ ،‬سوسة‪ ،‬صفاقس‪ ،‬مجاز الباب‪ ،‬سوق األربعاء‪ ،‬الكاف‪ ،‬قفصة‪ ،‬قابس‪ ،‬باجة‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫القيروان‪.‬‬
‫عملت على تقديم تسهيالت هامة لالجئين الجزائريين حيث دمج بعضهم في اإلدارة‬ ‫‪-‬‬
‫التونسية الن اشئة‪ ،‬كما أمنت تسهيالت إدارية مختلفة على اإلقليم التونسي ( جوازات السفر‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫التأشيرات‪)...‬‬
‫ج‪ -‬تموين المجاهدين وتقديم التسهيالت المادية والمعنوية‪:‬‬
‫‪ -‬تموين المجاهدين وتقديم التسهيالت بحيث يتنقلون بسهولة من المداشير والقرى‬
‫التونسية حيث كانوا يجدون االيواء من قبل األهالي‪.‬‬
‫‪ -‬التطوع في صفوف الثورة من المتضامنين من الطلبة التونسيين‪ ،‬وبعض األطباء‬
‫‪1‬‬
‫المتخرجين جديدا ً من الكليات الفرنسية في صفوف الثورة للتعاون مع الدولة الشقيقة‬

‫(‪ )1‬لمياء بوقريوة‪ ،‬الالجئون الجزائريون في تونس إبان الثورة التحريرية الجزائرية ‪ ،6511 – 6599‬دورة كان التاريخية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،61‬الجزائر‪ ،‬جويلية ‪ ،1261‬ص‪.09‬‬
‫(‪ )2‬صالح عسول‪ ،‬الالجئون الجزائريون بتونس ودورهم في الثورة ‪ ،6511 -6591‬مذكرة ماجستير‪ ،‬قسم التاريخ وعلم‬
‫اآلثار‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،1225 ،‬ص ‪.25‬‬
‫(‪ )3‬لمياء بوقريوة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫‪27‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -‬توفير المواد الغذائية والمالبس واألدوية والتي كان يتم تهريبها الى الحدود التونسية‬
‫الجزائرية بواسطة سيارات الجيش والحرس الوطنيين التونسيين‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء وحدات للهالل األحمر على طول الحدود الشرقية الجزائرية التونسية‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء العديد من المراكز الخاصة بتموين الثورة الجزائرية وجيش التحرير الوطني مثل‬
‫مركز باجا‪ ،‬الكاف‪ ،‬سوق األربعاء‪ ،‬تالة‪ ،‬زيادة عن مهمتها التموينية واالعتناء‬
‫بالمصابين الذين يرسلون للعالج‪.‬‬
‫‪ -‬تبرعات العمال والمحامين بأُجورهم‪.‬‬
‫‪ -‬منظمات وجمعيات تونسية التي عملت على القيام بحمالت تحسيسية وتضامنية لفائدة‬
‫الشعب ونلمسهم من خالل تنظيم مقابلة رياضية يوم ‪61‬جوان ‪ ، 6592‬خصصت‬
‫)‪(2‬‬
‫مداخيلها لدعم الثورة الجزائرية والتي قدرت بحوالي مئة ألف فرنك فرنسي‪.‬‬
‫‪ -‬تزويد الجيوش في الحدود الشرقية ومصالح الحكومة المؤقتة بتونس باالغذية‪ ،‬األلبسة‬
‫‪ -‬تكليف مديرية بتزويد وتموين وحدات الجيش‪ ،‬حيث وصلت الشراءات في القطر‬
‫التونسي لتزويد وحدات الحدود ما يناهز مبلغ ‪ 6.9‬مليار دينار تونسي والدينار التونسي‬
‫)‪(3‬‬
‫يساوي أن ذاك عشر فرنكات فرنسية‪.‬‬

‫)‪ (1‬عمار بن سلطان وآخرون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.99 ،92‬‬


‫)‪ (2‬موسم عبد الحفيظ‪ ،‬االمداد عبر تونس خالل الثورة ‪ ،6511-6599‬الحكمة لدراسات التاريخية‪ ،‬مؤسسة كنوز الحكمة‬
‫للنشر‪ ،‬العدد ‪ ،15‬الجزائر‪ ،1269 ،‬ص ص ‪.620 ، 629‬‬
‫)‪ (3‬عبد الرحمن عمراني‪ ،‬التسلح والمواصالت أثناء الثورة التحريرية ‪ ،6511 ،6591‬د ط‪ ،‬منشورات وزارة المجاهد‪،‬‬
‫المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية ثورة أول نوفمبر ‪ ،6599‬الجزائر‪ ،1226 ،‬ص ‪.626‬‬
‫‪28‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬الثورة الجزائرية في ظل األزمة اليوسفية البورقيبية ‪:‬‬


‫من الصعب أن نثبت اندالع الخالف بين صالح بن يوسف‪ ،‬وبورقيبة فيما قبل اتفاقيات‬
‫‪ 5511‬م‪،‬رغم أن بورقيبة كثيرا ما يلمح إلى وجود هذا الخالف منذ سنوات عديدة‪ .‬إال أننا ال‬
‫نجد ما يشير إلى هذا الخالف الشخصي من خالل تصريحات بن يوسف في ندواته الصحفية‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وال من خالل مراسالته‪.‬‬
‫وإن االهتمام بالحركة اليوسفية‪ 2‬يندرج ضمن التحوالت التي عرفتها الحركة الوطنية التونسية‪،‬‬
‫عقب الحرب العالمية الثانية التي مثلت منعرجا حاسما في تطور أشكال المقاومة‪ ،‬وطبيعة‬
‫المطالب‪.‬‬
‫حيث اندلع الصراع بين رئيس الحزب الدستوري الجديد الحبيب بورقيبة‪ ،‬وأمنيه العام صالح‬
‫(‪)3‬‬
‫بن يوسف في مرحلة دقيقة اكتسبت أهميتها التاريخية‪.‬‬
‫وبعد عودة صالح بن يوسف إلى تونس في ‪ 51‬سبتمبر ‪5511‬م وندد باالتفاقيات المبرمة مع‬
‫فرنسا تنديدا مطلقا‪ ،‬وعقد مؤتمر الحزب الدستوري الجديد‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫في ‪ 51‬نوفمبر‪ ،‬وأبى بن يوسف أن يشارك فيه واصطف المؤتمر إلى جانب بورقيبة‪.‬‬
‫أ‪ -‬الصراع اليوسفي البورقيبي‪ :‬كما هو معلوم صراع حول كيفية القطع مع االستعمار‬
‫(استقالل داخلي أم استقالل تام)‪ ،‬صراع زعمات من أجل السلطة‪ ،‬صراع ثقافي‬
‫(‪)5‬‬
‫واجتماعي‪(.‬المحافظون‪ ،‬ضد الحداثيين إلى حد ما)‪.‬‬

‫(‪ )1‬عروسيه التركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.791‬‬


‫)‪ (2‬الحركة اليوسفية‪ :‬ليس من السهل ايجاد مفهوم شامل للحركة اليوسفية‪ ،‬ألنها حركة غير واضحة المعالم وتبدو كأنها ظهرت‬
‫فجأة في تاريخ الحركة الوطنية التونسية في المرحلة األخيرة من الصراع ضد نظام الحماية الفرنسية ومع ذلك انتشرت‬
‫بسرعة في كافة أنحاء البالد وانضمت اليها عدة تيارات ‪ ).‬انظر‪ :‬عروسيه التركي‪ ،‬الحركة اليوسفية في تونس (‪7911‬م‪-‬‬
‫‪(7911‬دار نهى للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬صفاقس ‪1177،‬م‪ ،‬ص‪(.01‬‬

‫(‪ )3‬بلوازع براهمة‪ ،‬كتابات الجزائريين في الصحافة التونسية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة التعمق في البحث في التاريخ‬
‫المعاصر‪ ،‬جامعة تونس األولي‪7990 ،‬م‪7999-‬م‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )4‬نفسه‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )5‬عميرة علية الصغير‪ ،‬الحاكم بأمره بورقيبة األول دراسات وأراء في عهدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.791‬‬

‫‪29‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫صراع كاد فعال أن يهدد وحدة البالد‪ ،‬ويخلق الفرصة التي يترقبها المغالون من االستعماريين‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والعساكر الفرنسيين في تونس‪ ،‬والجزائر‪ .‬للعودة إلى نقطة البدء‪.‬‬
‫فيبقى القول بأن هذا الخالف كان في وجهات النظر‪ ،‬الناتجة عن قراءة كل منهما الواقع‬
‫(‪)2‬‬
‫التاريخي الذي هو فيه‪.‬‬
‫ويعد صالح بن يوسف*‪ 3‬المؤسس للحركة اليوسفية‪ ،‬التي سرعان ما تجاوزت شخصه لتشمل‬
‫فئة كبيرة من المجتمع التونسي بمختلف تياراته الفكرية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬ولذا يمكن أن نثبت ثالث‬
‫مراحل لهذه الحركة التي تعرف باتفاقيات ‪ 31‬جوان ‪5511‬م‪.‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬تمتد من ‪5511‬م وهي مرحلة ظهور الخالف‪ ،‬ومحاولة تطويقه ‪.‬‬ ‫‪)5‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬فيمكن اعتبار خطاب جامع الزيتونة ‪07‬أكتوبر ‪ 1955‬م بداية لها‬ ‫‪)2‬‬
‫لتقف عند مؤتمر صفاقس في نوفمبر ‪5511‬م‪ ،‬وهي مرحلة الصراع المعلن‪ ،‬وتكوين‬
‫الصفوف الصف البورقيبي‪ ،‬والصف اليوسفي‪.‬‬
‫وأخيرا يمكن اعتبار المرحلة الثالثة‪ :‬بداية من مؤتمر صفاقس‪ ،‬الى اإلعالن عن بوروتكول‬
‫االستقالل في ‪ 23‬مارس ‪5511‬م‪ .‬وهي مرحلة تداخلت فيها مفاهيم الحرب األهلية مع حرب‬
‫(‪)4‬‬
‫التحرير ‪.‬‬
‫يكتسي هذا الخالف تباينا بين طبيعة الزعيمين فبورقيبة كان برغماتيا‪ ،‬يتحين الفرص فيستفيد‬
‫منها‪ ،‬ثم يخطو خطوة أخرى‪ ،‬أما صالح بن يوسف فكان أشد تعلقا بالمبادئ‪ ،‬والثوابت‪ ،‬وهو‬
‫أكثر استعدادا للتضحية‪ ،‬و لمواصلة الطريق‪ .‬ولذلك كان بورقيبة يتهم صالح بن يوسف‬
‫بالتطرف ‪ ،‬وبأنه قفز على الواقع‪ ،‬وأصبح يسبح في الخيال‪ ،‬وهو يريد حرق المراحل للضغط‬
‫(‪)5‬‬
‫على فرنسا‪.‬‬
‫فهل هناك احتساب لمعطيات جديدة لم يأخذها بورقبية بعين االعتبار؟‬

‫(‪ )1‬بلوزاع براهمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬


‫(‪ )2‬عروسيه التركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.791‬‬
‫)‪ (3‬صالح بن يوسف (‪7911‬م‪7917-‬م) مناضل وطني تولي االشراف على الحزب الدستوري الحر في غياب بورقيبة‪،‬‬
‫عارض سياسته التفاوضية ‪ :‬وطالب باالستقالل التام لتونس‪ ،‬ووحدة المعركة المغاربية) انظر ‪ :‬عميرة علية الصغير فصول‬
‫في التحرر االجتماعي والوطني ‪،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪(.710‬‬
‫(‪ )4‬عروسيه التركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.791‬‬
‫(‪ )5‬محمد األزهر العربي‪ ،‬تونس رغم االستعمار‪ ،‬ط‪ 7‬دار نقوش عربية‪ ،‬تونس‪1172 ،‬م‪ ،‬ص ‪.217‬‬

‫‪30‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ب ‪-‬اندالع الثورة الجزائرية‪:‬‬


‫في الفاتح من نوفمبر ‪5511‬م اندلع الكفاح المسلح بالجزائر في وقت كان ظاهريا كل شيء‬
‫(‪)1‬‬
‫هادئ‪ ،‬وكانت االنشقاقات تعصف بالتيارات السياسية متباينة التوجهات اإليديولوجية‪.‬‬
‫والمؤكد أن الثورة الجزائرية لم تكن بالثورة المستوردة من الخارج‪ ،‬وال هي بالثورة التي‬
‫(‪)2‬‬
‫أوحت بها عناصر أجنبية‪ ،‬وال هي مغامرة مرتجلة بعيدة عن كل تخطيط ‪،‬و إعداد‪.‬‬
‫ولقد أدركت فرنسا أن الثورة الجزائرية هي حرب تحرير تزاوج فيها العمل السياسي بالعمل‬
‫العسكري(‪ ، )ALN+FLN‬وخشيت فرنسا على وجود ها بمنطقة شمال افريقيا ككل‪،‬‬
‫وتوجست خيفة من وحدة الكفاح المسلح بين أقطارها الثالثة‪( :‬تونس‪ ،‬المغرب‪ ،‬الجزائر)‪.‬‬
‫فعملت على عزل الجناحين عن القلب حسب عبارة الطاهر لسود بمعنى أنها حاولت اتخاذ‬
‫سياسة مرنة مع تونس‪ ،‬والمغرب بتقديم بعض التنازالت فيما يتعلق باإلدارة المباشرة‬
‫للمحميتين‪ ،‬وذلك من خالل اتفاقيات ‪ 31‬جوان ‪5511‬م بالنسبة لتونس‪ ،‬ومفاوضات إيكسليبان‬
‫(‪)3‬‬
‫(‪ )Aixlespans‬في نوفمبر ‪ 5511‬م بالنسبة للمغرب‪.‬‬
‫حيث وضعت الثورة الجزائرية حكومتي تونس ‪ ،‬والمغرب في حرج تاريخي‪ ،‬وأصبحت سيادة‬
‫البلدين‪ ،‬واستقاللها مهددين أصال من فرنسا االستعمارية التي لزالت آنذاك تحكم قبضتها على‬
‫(‪)4‬‬
‫هذين البلدين‪ ،‬والزلت قواتها العسكرية مرابطة بهما‪ ،‬ومصالحها االقتصادية قائمة بهما‪.‬‬
‫ولقد كان تصريح قرطاج ‪31‬جويلية ‪5511‬م الذي اعترف فيه الرئيس الحكومة الفرنسية‬
‫منداس فرانس باالستقالل الداخلي لتونس ‪ ،‬نقطة البداية في طريق أدى الى االستقالل الناجز‬
‫في ‪ 23‬مارس ‪5511‬م بعد تجربة تقصيرة من الحكم الذاتي ابتداءمن ‪ 31‬جوان ‪5511‬م‬
‫الشيء الذي أدى الى توقف المقاومة المسلحة التونسية نهائيا‪ ،‬بتسليم أسلحة المقاومين في سنة‬
‫(‪)5‬‬
‫لم‬ ‫‪5511‬م ‪ .‬هذا في الوقت الذي انطلقت فيه الثورة الجزائرية في شهر نوفمبر ‪5511‬م‪.‬‬
‫أمر الزعيم لحبيب بورقيبة المقومين بإلقاء السالح ‪ ،‬وانهاء عمليات المقاومة‪ ،‬والثورة المسلحة‬

‫(‪ )1‬عروسيه التركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.799‬‬


‫(‪ )2‬محمد الطيب العلوي‪ ،‬مظاهر المقاومة الجزائرية ‪ ،7911-7021‬ط‪ ،2‬وزارة المجاهدين‪ ،‬الجزائر‪ 1111 ،‬م ص ‪.210‬‬
‫(‪ )3‬عروسيه التركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )4‬عميرة علية الصغير‪ ،‬الحاكم بأمره بورقيبة األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.711‬‬
‫(‪ )5‬بلوازع براهمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪31‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫حاول البعض التشكيك في وجاهة هذا الموقف واعتبره خطوة الى الوراء‪ ،‬وأخرون ذهب الى‬
‫(‪)1‬‬
‫حد التشكيك في سلمة النوايا‪.‬‬
‫هذا األمر لم يرض الجزائريين خاصة وأنهم في بداية الطريق وفي حاجة ماسة للمساندة‪،‬‬
‫واستنكروا استسالم المقاومة التونسية‪ ،‬معتبرين ذلك عار على تونس‪ ،‬نقطة سوداء تسجل في‬
‫تاريخها الحافل بالكفاح‪ .‬أما تجربة التفاوض فتجربة خاطئة تنكرها الجزائر وتصفها بأنها‬
‫(‪)2‬‬
‫استقالل خال من كل معاني االستقالل‪.‬‬
‫ويذكر في هذا الصدد يوسف الرويسي في بيان له حول االتفاقيات الفرنسية التونسية(اتفاقيات‬
‫‪ 1‬جوان ‪5511‬م)‪":‬لقد تلقى الشعب العربي في تونس‪ ،‬وفي جميع أقطاره نبأ توقيع االتفاقية‬
‫الفرنسية التونسية األخيرة في خيبة مرير‪ ،‬واستنكار شديد واعتبر هذه االتفاقية مؤمرة ضد‬
‫تونس والمغرب العربي‪ ،‬ينسج خيوطها المستعمرون الفرنسيون ورجال المفاوضات الذين‬
‫(‪)3‬‬
‫اخذوا بخدعة الحكم الذاتي‪"...‬‬
‫لقد أدرك بن يوسف أهمية الثورة الجزائرية في تحويل ميزان القوى في منطقة شمال إفريقيا‬
‫فراهن عليها‪ ،‬وليس من المستبعد أن تكون لصالح بن يوسف المقيم بمصر عالقات مع بعض‬
‫عناصر جبهة التحرير المتواجدين بالشرق‪ ،‬خاصة أحمد بن بلة ‪ ،‬ولو عن طريق جمال عبد‬
‫الناصر‪ ،‬الذي كان يدعم حركات التحرر بشمال إفريقيا ويدعو الى وحدتها‪.‬‬
‫كما ال نغفل أن بن يوسف قد ترأس وفد المغرب العربي إلى مؤتمر باندونغ ‪ 5511‬م والذي‬
‫يضم عناصر جزائرية (حسين آيت أحمد‪ ،‬ومحمد اليزيد)‪ .‬لذلك فهو على دراية بأهداف الثورة‬
‫(‪)4‬‬
‫الجزائرية)‪.‬‬
‫إن تيارا معاديا لبورقيبة‪ ،‬بدأ يظهر في قلب جبهة التحرير‪ ،‬وسارع بعض القادة الجزائريين‬
‫إلى تأييد وجهات نظر بن يوسف‪ ،‬وأرائه أنه يجب أن يستمر الكفاح المسلح في دول المغرب‬
‫(‪)1‬‬
‫الثالث‪ ،‬في ان واحد حتى يتم االستقالل لجميع دول المغرب الثالث‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد القادر السمعلي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬


‫(‪ )2‬بلوازع براهمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )3‬عبد الجليل التميمي‪ ،‬كتابات ومذكرات المناضل يوسف الرويسي السياسية مع وثائق جديدة تنشر ألول مرة‪ ،‬ط‪،7‬‬
‫مؤسسات التميمي للبحث العلمي والمعلومات‪ ،‬زغوان‪7991 ،‬م‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪(4) Kenneth j. Perkins, a history of modern Tunisia, Cambridge, 2004, p 142.‬‬

‫‪32‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وكان الجزائريون يرون في صالح بن يوسف الشريك األقرب حيث كان أنصاره‪ ،‬وشبكاتهم‬
‫توفر دعمها لوجستيكيا ال غنى عنه للثورة‪ ،‬وتؤمن تزويدهم بالسالح‪.‬‬
‫وكان بورقيبة على األقل في السنوات االولى للثورة الجزائرية ال يخفي احتقاره للعقلية‬
‫العسكرية التي سيطرت على الثورة الجزائرية ‪ ،‬خاصة وأن برنامج جبهة التحرير الذي يضع‬
‫استقالل الجزائر كمرحلة وحيدة‪ ،‬وكهدف‪ ،‬والمقاومة المسلحة كوسيلة‪ ،‬وهذا ما يناقض سياسة‬
‫بورقيبة التي تقوم على المرحلية‪ ،‬والقبول بالحلول الوسطى‪ ،‬والتفاهم مع الخصم لضمان‬
‫(‪)2‬‬
‫حظوظ المستقبل‪.‬‬
‫وأكثر العناصر حسما في بورقيبة هم أعضاء الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني الجزائري‬
‫(‪)3‬‬
‫المتواجدين بالقاهرة‪ ،‬وفي مقدمتهم أحمد بن بلة‪ ،‬محمد خيضر ‪ ،‬حسين آيت أحمد‪.‬‬
‫وبعد طعن صالح بن يوسف في نتائج المفاوضات‪ ،‬أصبح من المحتمل عودة الكفاح المسلح‬
‫إلى الساحة التونسية من جديد وحول مبدأ االستقالل التام التقت وجهة نظر صالح ين يوسف‬
‫والطاهر لسود الذي انضم الى الحركة اليوسفية علنا في ‪ 55‬ديسمبر ‪5511‬م قائال‪( :‬إني ال‬
‫أقبل االتفاقيات التي عقدت مع فرنسا ألننا دفعنا مهر الحرية دما عزيزا علينا‪ ..‬واني أعلن‬
‫(‪)4‬‬
‫تأييدي للزعيم صالح بن يوسف‪ ..‬واني أحذر كل إنسان يحاول التعرض له )‪.‬‬
‫وهكذا اشتعلت الثورة من جديد ضد الجيش الفرنسي فيما يعرف بالثورة الثانية‪ ،‬وذلك في‬
‫خضم الحرب األهلية بين بورقيبة وبن يوسف التي شهدت تصفيات جسدية متبادلة‪ ،‬والتحق‬
‫(‪)5‬‬
‫المقاومون بالجبال‪ ،‬واألحراش‪.‬‬
‫وفي ظل هذه التطورات سارعت فرنسا بشكل مفاجئ إلى فتح باب التفاوض من جديد مع‬
‫الحكومة التونسية لمنحها االستقالل التام‪ .‬مما أدى الى توقيع بروتكول ‪ 23‬مارس ‪5511‬م‬
‫وهذا يدخل طبعا في استراتيجية فرنسا التي كانت ترغب في تهدئة الوضع في كل من تونس‪،‬‬
‫والمغرب‪ ،‬لتتفرغ كليا لمواجهة الكفاح في الجزائر‪.‬‬

‫(‪ )1‬محمد بجاوي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.712‬‬


‫(‪ )2‬عميرة علية الصغير‪ ،‬اليوسفيون وتحرر المغرب العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.120‬‬
‫(‪ )3‬الحسين بن عيسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫(‪ )4‬عروسيه التركي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫(‪ )5‬نفسه‪ ،‬ص‪.91‬‬

‫‪33‬‬
‫عالقة بورقيبة بجبهة التحرير قبل توليه الحكم‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وبعد هذه الخطوة من فرنسا كيف سيكون موقف صالح بن يوسف والطاهر لسود؟ وماذا عن‬
‫(‪)1‬‬
‫وضع الجزائر في خضم هذه التطورات؟‬
‫كان الطاهر لسود يعتقد أن االستقالل التام هو نهاية الكفاح المسلح في تونس وبما أن فرنسا‬
‫اعترفت به‪ ،‬فلم يعد هناك موجب الستمرار المقاومة‪ ،‬وهو يرفض القتال لمصلحة أفراد‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وبالتالي يرفض مناصرة بن يوسف على حساب بورقيبة‪.‬‬
‫واعتبر صالح بن يوسف برتكول ‪ 23‬مارس ‪ 5511‬م كارثة جديدة لذلك كان يدعو إلى‬
‫مواصلة الكفاح‪ ،‬ومضاعفة الجهود‪ ،‬لتقويض االحتالل األجنبي‪.‬‬
‫بينما يفاجئه الطاهر لسود بنداء تسليم السالح إلى الثوار الجزائريين‪ ،‬وإنهاء الكفاح المسلح‬
‫(‪)3‬‬
‫بتونس ‪.‬‬
‫وأمام هذه التصرفات التي بدأت تضر بمستقبل البالد‪ ،‬تقرر إلقاء القبض على صالح بن يوسف‬
‫الذي هرب الى ليبيا ‪5511‬م‪ ،‬وتحت تواصل ضغط بورقيبة اتجه من طرابلس نحو القاهرة‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬
‫‪-‬وبعد حصول تونس على استقاللها التام‪ ،‬وتشكيل حكومة ‪ .‬ما هو الوجه الجديد الذي سيظهر‬
‫به بورقيبة في قضية الجزائر؟ وهل مواقف الزعيم هي نفسها مواقف الرئيس الجديد؟او بعبارة‬
‫اخري هل ستكون المساندة للثورة الجزائرية بوحدة الكفاح كما يدعو صالح بن يوسف او‬
‫سيجرها بورقيبة لتحل علي شاكلة القضية التونسية بالمفاوضات ؟‬

‫(‪ )1‬عروسيه التركي المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬


‫(‪ )2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪(3) Mahmoud meftah, de la dérive au sursaut, la Tunisie de Bourguiba à ben Ali, impression,‬‬

‫‪simpact, 2007, p82.‬‬


‫(‪ )4‬عامر قريعة‪ ،‬المرجع السابق ص ص ‪.21 ،21‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تأزم العالقات بين بورقيبة والحكومة الجزائرية المؤقتة ‪:‬‬
‫‪ -1‬أزمة ايجلي‪ 03 :‬جوان ‪1591‬م‪.‬‬
‫ان مظاهر التضامن الذي أكده مؤتمر طنجة والذي اكسب الثورة الجزائرية مزيدا من التضامن‬
‫شعوب المغرب العربي معها وما تركه من صدى إعالمي واسع‪ ،‬أصبح هاجس يهدد المصالح‬
‫الفرنسية في منطقة المغرب العربي‪ ،‬األمر الذي جعل ديغول يدعو الى اشتراك الدولتين في‬
‫بعض المشاريع االقتصادية لضرب التضامن المغاربي وخدمة المصالح الفرنسية من جهة‬
‫أخرى فعرضت على تونس الدخول في المنطقة المشتركة الستغالل األراضي الصحراوية‬
‫(‪ .)1()O.C.R.S‬وضمن هذه اإلستراتيجية استطاع ديغول إلى جر تونس إلى إبرام اتفاقية‬
‫ايجلي ‪ 03‬جوان ‪ )2( 8591‬التي تسمح للشركة الفرنسية ‪ )3(STRAPSA‬لتحويل البترول‬
‫التونسية‬ ‫الجزائري عبر أنبوب نفط من آبار ايجلي (جنوب إفريقيا) مرورا باألراضي‬
‫(‪)4‬‬
‫لتصديره عن طريق ميناء الصخيرة بقايس ( شمال تونس)‬
‫حيث يعد سلوك تونس هذا اختالال بالتزاماتها في مؤتمر طنجة حول وحدة المغرب العربي (‬
‫‪ 03 – 72‬افريل ‪ )8591‬هذا المؤتمر الذي تم التأكيد فيه على المصير المشترك لبلدان‬
‫(‪)5‬‬
‫المغرب العربي‪.‬‬
‫وهو االتفاق الذي عرض على ليبيا في باريس ورفضته جملة وتفصيال(‪ )6‬هذا االجراء اغضب‬
‫مسؤولي الثورة واعتبروه يتنافى وروح التضامن كما يتنافى وقرارات مؤتمر طنجة النه من‬
‫جهة سهل على المستعمر ابتزاز واستغالل خيرات البالد الباطنية‪ ،‬ومن جهة أخرى يزود‬
‫خزينة المستعمر بأموال‪ ،‬إضافة لمواصلة الحرب ويخفف عنها االعباء المالية التي تعاني منها‬

‫(‪ )1‬أنشأت هذه المنظمة بعد إصدار البرلمان الفرنسي قانون فصل الصحراء‪ ،‬وذلك بتاريخ ‪ 83‬جانفي ‪ ،8592‬ويرى واضعو‬
‫هذا القانون الذي جاء في ‪ 80‬مادة ان الهدف المتوخي من إصدار هذه الهيئة هو العمل على التطوير االقتصادي والرقي‬
‫االجتماعي للمناطق للجمهورية الفرنسية وهي الجزائر موريطانييا والسودان والتشاد وفيما بعد تونس والمغرب (انظر‪ :‬معمر‬
‫العايب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.)857‬‬
‫(‪)2‬محمد هاشمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.811‬‬
‫(‪ )3‬شركة سترابسا فرع من شركة كريس التي تملك الدولة الفرنسية ‪ 27‬في المائة من أسهمها ( انظر‪ :‬المجاهد‪ ،‬الخبر‬
‫المسموم‪ ،‬ع ‪،72‬ص‪.)8‬‬
‫(‪ )4‬مسعود معداد‪ ،‬المرجع السابق‪.877 ،‬‬
‫(‪ )5‬اسماعيل دبش‪ ،‬السياسة العربية والواقف الدولية تجاه الثورة الجزائرية ‪ ،8577 – 8591‬د ط‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،7335‬ص ‪.835‬‬
‫(‪ )6‬مريم الصغير‪ ،‬البعد اإلفريقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.27‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫والتي بلغت أكثر من مليوني فرنك فرنسي يوميا مما أرهق هذه الخزينة واضطرها الى‬
‫استدانة الخارجية كما انه يعطي للمستعمر مبررا أساسيا‪ ،‬وحجة معنوية يستغلها لمواصلة‬
‫الحرب على الجزائر‪ ،‬وكسب الرأي العام إلى جانبه مفادها أن دول المغرب العربي معترفة‬
‫(‪)1‬‬
‫بوجوده في الجزائر‪ ،‬بل وبحقه الطبيعي في استغالل خيراتها‪ ،‬وإال لما تعاملت معها‬
‫ولقد بادرت صحيفة الثورة الجزائرية اثر التوقيع على نشر النص الكامل للمذكرة التي رفعتها‬
‫لجنة التنسيق والتنفيذ و قد شرحت الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني للثورة الجزائرية في هذه‬
‫(‪)2‬‬
‫المذكرة التتبعات الخطيرة التي تترب على توقيع االتفاقية‪ ،‬مركزة خاصة على النقاط التالية‬

‫إن التوقيع على مثل هذه االتفاقية يعني االعتراف بحق فرنسا بالتصرف في الثروات‬ ‫‪-1‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫ان موافقة الحكومة التونسية على ذلك يعني خرقا التفاقات طنجة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الشعب الجزائري ال يقبل أن يستعمل البترول لتغذية الحرب الستثماره ضد الجزائر‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫إن بناء هذا األنبوب يفقد الشعب الجزائري ثمار معركة الصحراء‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫إن مشروع األنبوب هذا من شانه ان يحقق تعبئة االحتكارات ورؤوس األموال األجنبية‬ ‫‪-5‬‬
‫وراء فرنسا‪ ،‬في نفس الوقت الذي يمنح فيه الحكومة الفرنسية تبرير استمرار الحرب أمام‬
‫الرأي العام الفرنسي‪.‬‬
‫إن إقامة الدليل على إمكانية استغالل بترول ايجلي في الحال‪ ،‬من خالل مد هذا األنبوب‬ ‫‪-6‬‬
‫يساعد على تدفق رؤوس األموال األجنبية األمر الذي يخدم السياسة االستعمارية في الجزائر‬
‫بما يقدم لها من دعم يطيل في أمد الحرب‪.‬‬
‫إن حرب الجزائر أشرفت على نهاية سنتها الرابعة‪ ،‬ولتعجيل بنهاية الحرب ال بد ان‬ ‫‪-7‬‬
‫(‪4‬‬
‫يظهر المغرب العربي في مظهر كتلة متضامنة ال تصدع فيها‬

‫(‪ )1‬بشير سعدوني ‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،8‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫(‪ )2‬المجاهد‪ ،‬من جبهة التحرير إلى الحكومة التونسية‪ ،‬ع ‪ ،8191 /2 /77 ،72‬ص ‪.7‬‬
‫(‪ )3‬محمد هاشمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.815‬‬
‫(‪ )4‬محمد الميلي‪ ،‬المرجع السابق‪ً ،‬ص ص ‪. 831 ، 832‬‬

‫‪79‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫فقد انجر عن هذا الخالف تأزم العالقات بين الطرفين وقد قامت جبهة التحرير بإدانة الموقف‬
‫التونسي في بيان أصدرته بتاريخ ‪ 83‬جويلية ‪ ،8591‬أعلنت على المأل أنها ستفجر أنابيب‬
‫(‪)1‬‬
‫بنقل مكاتبها إلى‬ ‫البترول المارة عبر األراضي الجزائرية كما قامت لجنة التنسيق والتنفيذ‬
‫طرابلس‪ ،‬هذا الخالف أدى إلى تبرير موقفها بالحجة االقتصادية باعتبارها تحقق دخال ماليا‬
‫(‪)2‬‬
‫لتونس وتوفر مناصب شغل وان التحسن االقتصادي لتونس الخبر اليومي للشعب التونسي‬
‫وردا على الحجج التي ردت بها الصحافة التونسية كتبت جريدة المجاهد مقال افتتاحي بعنوان‬
‫الخبر المسموم " ان تونس الشقيقة تدرك جيدا ان النفط الذي يمر في أرضها هو الذي تستهلكه‬
‫(‪)3‬‬
‫الطائرات الفرنسية التي دمرت ساقية سيدي يوسف وتدمر كل يوم مثلها في الجزائر"‪.‬‬
‫ورد على هذه االنتقادات قررت السلطات التونسية بعد اطالعها على محتويات العدد الثامن‬
‫والعشرون في المطبعة حجز العدد قبل نزوله الى السوق واضطرت حصة صوت الجزائر‬
‫للتوقف بعد ان أخضعت برامجها للمراقبة‪ ،‬تم منع دخول السلع الموجهة للهالل االحمر‬
‫(‪)4‬‬
‫الجزائري طوال شهر جويلية ‪ 8591‬وحجزت كميات ضخمة من األسلحة‬
‫وقد كانت لهذه االتفاقية مجموعة من االنعكاسات على الثورة الجزائرية من بينها‪:‬‬
‫‪-8‬إن هذا االتفاق تدعيما غير مباشر سياسيا وماديا من طرف الحكومة التونسية لالستعمار‬
‫الفرنسي وقمع فرنسا المتضاعف للشعب الجزائري‪.‬‬
‫‪ -7‬استغالل هذا االتفاق من طرف فرنسا لمحاولة تخليط الرأي العام العالمي على ان الثورة‬
‫الجزائرية مرفوضة حتى من طرف جيرانها الذين يتعاملون مع فرنسا بشكل عادي على‬
‫حساب جبهة التحرير الوطني‪.‬‬
‫‪-0‬هذا االتفاق عبارة عن تدعيم لمشروع فرنسا لفصل الصحراء عن الجزائر‪.‬‬

‫(‪ )1‬لجنة التنسيق والتنفيذ‪)C. C.E ( :‬انبثقت هذه اللجنة عن المجلس الوطني للثورة الذي شكل مؤتمر الصومام ( ‪ 73‬أوت‬
‫‪ 8597‬تكونت في البداية من خمسة اعضاء‪ :‬العربي بن مهيدي‪ ،‬كريم بلقاسم‪ ،‬عبان رمضان‪ ،‬بن يوسف بن خدة‪ ،‬سعد‬
‫دحلب‪ ،‬وهي المسؤولية عن إدارة جمع شؤون الثورة وأجهزتها العسكرية والسياسية أمام المجلس الوطني للثورة‪ ،‬أقيمت‬
‫اللجنة في البداية بعاصمة الجزائر‪ ،‬ثم اضطرت إلى مغادرتها إلى الخارج ( بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب‬
‫العربي‪ ،‬ج‪ ،8‬المرجع السابق ص ‪.03‬‬
‫(‪ )2‬عبد هللا مقالتي ولميش صالح‪ ،‬تونس والثورة التحريرية‪ ،‬ج‪ ،7‬شمس األزيبان للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،7380 ،‬‬
‫ص‪.773‬‬
‫(‪)3‬المجاهد‪ ،‬الخبر المسموم‪ ،‬ع ‪ ،8591 /2 /77 ،72‬ص ‪.8‬‬
‫(‪ )4‬عبد هللا المقالني ولميش صالح‪ ،‬تونس والثورة الجزائرية‪ ،‬ج‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 770 ، 777‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫‪ -1‬خلق مبرر جديد لتضاعف وتواجد الجيوش الفرنسية على الحدود الجزائرية التونسية من اجل‬
‫تشديد الحراسة وعرقلة نشاط جيش التحرير الوطني‪.‬‬
‫‪-9‬التأثير السلبي على معنويات أعضاء جيش التحرير الوطني خاصة المتواجدين في الحدود‬
‫الجزائرية التونسية‪ ،‬حيث اعتبرت جبهة التحرير الوطني التأثير االقتصادي السلبي لالتفاق لم‬
‫(‪)1‬‬
‫يكن على حساب الجزائر بل على حساب كل أقطار المغرب العربي‪.‬‬
‫وكاد هذا التصرف أن يحدث أرمة بين مسؤولي الثورة الجزائرية والحكومة التونسية‪ ،‬لو ال‬
‫الحنكة والرزانة وضبط النفس لمواجهة األمر وحسن التدبر والتصرف لتحاشي كل إجراء قد‬
‫(‪)2‬‬
‫يؤدي إلى اصطدام‬
‫‪ -2‬الخالف الحدودي‪:‬‬
‫لقد انساق بورقيبة وراء إغراءات ديغول‪ ،‬فمن القبول بتمرير أنبوب نفط ايجلي(‪ )3‬إلى تصرف‬
‫آخر أكثر غرابة وإثارة لمشاعر الجزائريين اتخذه الرئيس الحبيب بورقيبة‪ ،‬وكاد أن يحدث‬
‫(‪)4‬‬
‫أزمة جديدة بين المسؤولين الجزائريين والتونسيين وهو موقفه من قضية الصحراء‬
‫إذ استغل الرئيس التونسي الظروف التي تمر بها الثورة وراح بتعديل حدوده مع الجزائر‬
‫باعتبار أن الدولة التونسية صغيرة مقارنة بجيرانها وليس لها إمداد صحراوي مما دفع بورقيبة‬
‫إلى محاولة ضم أراضي واسعة من الصحراء الجزائرية وكان يريد ترميم حدوده إلى غاية‬
‫النقطة ‪ 700‬بدل النقطة ‪ 773‬مشيرا إلى االتفاقية الفرنسية التركية عام ‪ 8583‬وهي منطقة‬
‫نفطية تقدر مساحتها بحوالي ‪ 03‬ألف كلم‪ ،7‬ولقد أكد الرئيس التونسي مطلبه أمام المجلس‬
‫الوطني التونسي في فيفري ‪ 8595‬معتبرا الصحراء الجزائرية بحرا داخليا تشترك فيه كل‬
‫الدول المجاورة وقد هدد إذا لم يقبل هذا االقتراح سوف يرفع القضية الى محكمة العدل الدولية‬
‫(‪)5‬‬
‫لتأخذ لتونس حقها‪.‬‬

‫(‪ )1‬اسماعيل دبش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 887 ، 888‬‬


‫(‪ )2‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،8‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.08‬‬
‫(‪ )3‬عبد هللا مقالتي وصالح لميش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.877‬‬
‫(‪ )4‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.08‬‬
‫(‪ )5‬عبد هللا مقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية واإلفريقية إبان الثورة التحريرية‪ ،‬ج‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪، 778‬‬
‫‪. 777‬‬

‫‪81‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫ولم يكتفي بالتصريحات‪ ،‬بل سعى إلى تحقيق ذلك بكل الوسائل ليأخذ نصيبه من هذه الغنيمة‬
‫فاتصل بالجنرال ديغول وعقد الرئيسان اجتماعا يوم ‪ 72‬فيفري ‪ 8578‬أثار من خالله الرئيس‬
‫بورقيبة قضية بنزرت‪ ،‬ثم تطرق إلى الموضوع الرئيسي الذي جاء من اجله‪ ،‬وهو إعطاءه‬
‫جزءا من الصحراء‪ ،‬خاصة بعد اكتشاف البترول في المنطقة الحدودية الشرقية المحاذية‬
‫لتونس واعلمه بان المنطقة تمتاز بطبقاتها الرسوبية والتي تعد كخزانات للبترول والغاز‬
‫(‪)1‬‬
‫الطبيعي‪..‬‬
‫وقد أكد الجنرال ديغول هذه الحقائق في مذكراته‪ ،‬فأوضح ان بورقيبة أثار معه في البداية‬
‫قضية "بنزرت" إال أن همه كان منصرفا بشكل خاص إلى توسيع حدوده بضم جزء من‬
‫الصحراء إليها‪ ،‬وان وجود النفط أثار في نفسه هذه الرغبة بعد أن اكتشف في الصحراء‬
‫الجزائرية‪ ،‬ولم يتم اكتشافه في تونس مبررا مسعاه ذاك بان الحدود بين الجزائر وتونس قد تم‬
‫(‪)2‬‬
‫تخطيطها قديما بشكل مبهم‪ ،‬وقد رفضت تلبية طلبه ذاك‪.‬‬
‫ولكن حين قامت لجنة التنسيق والتنفيذ بالتنديد بنص االتفاق لدى السلطات التونسية‪ ،‬فقامت‬
‫السلطات التونسية على منع توزيع جريدة المجاهد وحجز أعداد منها وتوقيف حمالت التموين‬
‫(‪)3‬‬
‫واإلمداد باإلضافة إلى فرض رقابة صارمة على الالجئين والمقيمين في تونس‬
‫ويبدو أن بورقيبة أراد بعد توقيع اتفاقية البترول والمطالبة بتوسيع الحدود على حساب‬
‫األراضي الجزائرية ولكن كل هذه األطماع البورقيبية واجهتها طائرات الجيش الفرنسي بقنبلة‬
‫منطقة بنزرت في ‪ 8578 /32/73‬فكشف الستار على لقاء رامبويي(‪ ،)4‬التي كانت نتيجته إال‬
‫(‪)5‬‬
‫الخزي والعار‪.‬‬

‫(‪ )1‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.00‬‬
‫(‪ )2‬شارل ديغول‪ ،‬مذكرات االمل ‪ ،8577 – 8591‬تر‪ ،‬سموحي‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بيروت‪ ،8528 ،‬ص‪.881‬‬
‫(‪ )3‬علي احمد مسعود‪ ،‬التطور السياسي في الثورة الجزائرية ‪ ،8578 – 8573‬دار الحكمة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،7383 ،‬ص‬
‫‪ ،807‬ص‪.802‬‬
‫(‪ )4‬لقاء رامبويي‪ :‬جرى لقاء في قصر "رامبويي" يوم ‪ 72‬فيفري ‪ 8578‬عرض فيه بورقيبة على ديغول " اإلمكانيات التي‬
‫تسمح بتحقيق تطور ايجابي للمعضلة الجزائرية والتي تتلخص في نقطتين‪ :‬إجراء التفاوض على أساس قيام دولة جزائرية‪،‬‬
‫وتهيئة الجو سلفا لتقريب شقة الخالف‪ ،‬إفراج على الزعماء‪ ،‬إلغاء المحتشدات‪...‬‬
‫(‪ )5‬علي احمد مسعود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.802‬‬

‫‪82‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫المبحث الرابع‪ :‬بورقيبة والمفاوضات الجزائرية الفرنسية ‪.‬‬


‫يعود أول اتصال بين جبهة التحرير الوطني والحكومة الفرنسية الى شهر أفريل ‪6591‬م‪،‬‬
‫لكن هذه المحادثات ألغيت بسبب اختطاف طائرة الزعماء الخمسة في ‪ 22‬أكتوبر ‪6591‬م‬
‫(‪)1‬‬
‫من طرف الطيران الفرنسي‪ ،‬وكانت هذه المحادثات غير مجدية ‪.‬‬
‫لكن نضال الثوار الجزائريين والضغط الدولي أرغم ديغول على االعتراف يوم ‪ 61‬سبتمبر‬
‫‪6595‬م بمبدأ تقرير المصير الذي رفضته جبهة التحرير جملة وتفصيال لما كان يحتويه من‬
‫خطر على السيادة الوطنية‪.‬‬
‫وقد كان الجن رال ديغول عازما على تخليص فرنسا من ورطة الحرب في الجزائر‪ ،‬وكان‬
‫يعتبر بورقيبة حلقة أساسية في المنطقة‪.‬‬
‫وكشف بورقيبة بدوره أن ديغول أعلمه أن سيخير الشعب الجزائري بين االشتراك‬
‫واالستقالل‪ ،‬وأنه حريص على تصفية االستعمار نهائيا وأنه يعتبره عهدا قد ولى‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وانقضي‪.‬‬
‫والتمس بورقيبة أن تقوم فرنسا بتسليم الزعماء التاريخيين الخمسة للملك محمد الخامس الذين‬
‫استضافهم قبل اختطاف طائرتهم شهر أكتوبر ‪6591‬م فقبل ديغول بذلك مع الترخيص لهم‬
‫باالتصال بالحكومة المؤقتة التي أكدت أن اطالق سراح بن بلة ورفاقه ال يشكل شرطا مسبقا‬
‫(‪)3‬‬
‫للتفاوض‪.‬‬
‫واستجابة لتصريح ديغول في ‪ 61‬جوان ‪ 6511‬م أرسلت الحكومة الجزائرية المؤقتة يوم‬
‫‪ 29‬جوان ‪6511‬م مندوبين عنها وهما أحمد بومنجل ‪ ،‬ومحمد الصديق بن يحي الى مدينة‬
‫(‪)5‬‬
‫موالن)‪ (4‬بفرنسا ‪.‬‬

‫(‪)1‬أحمد المستيرى‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪200‬‬


‫(‪ )2‬الحبيب بورقيبة‪ ،‬في سبيل السلم بالجزائر‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫(‪ )3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫)‪ (4‬موالن‪ :‬مقاطعة واقعة بمحاذاة نهر السين جنوب شرق باريس‪.‬‬
‫(‪ )5‬لطفي الخولي‪ ،‬عن الثورة في الثورة والثورة ‪ ،‬منشورات التجمع الوطني الجزائري البوميديني‪ ،‬قسنطينة ‪ ،‬دت ص‪.33‬‬

‫‪83‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫في ‪ 29‬جويلية‪ ،‬بدأت المفاوضات الجزائرية الفرنسية في موالن بضواحي العاصمة باريس‬
‫‪ ،‬ولكنها فشلت منذ البداية‪ ،‬بسبب فرض الوفد الفرنسي شرط وقف اطالق النار لالستمرار‬
‫(‪)1‬‬
‫في المفاوضات‪ ،‬وكان ذلك معناه االستسالم واستمرت الثورة في عملياتها العسكرية‪.‬‬
‫إن فشل مفاوضات موالن *لم يترك خيبة لدى الجزائريين فقط وانما أثار حتى القادة‬
‫السياسيين لشمال إفريقي ا الذين أظهروا تحمسا كبيرا لتسهيل تلك المحادثات ومنهم بورقيبة‬
‫الذي أظهر حقدا على ديغول بعد أن كان يعرب عن تمنياته للعودة الى الحكم حتى يحقق‬
‫(‪)2‬‬
‫تسوية للقضية الجزائرية‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى صرح الجنرال ديغول بعد مفاوضات موالن بأن فرنسا راغبة في تسوية‬
‫قضية الجزائر بمقتضى مبدأ االعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها‪ ،‬وأنه مازال‬
‫متفائال بإمكانية الوصول الى حل لهذه القضية بين الطرفين وقد بين الطريق التي يجب‬
‫سلوكها لبلوغ هذه النتيجة بالمراحل التالية ‪( :‬وقف اطالق النار‪ ،‬عودة األمن واالستقرار‬
‫(‪)3‬‬
‫بالجزائر‪ ،‬تقرير الجزائر مصيرها‪.‬‬
‫وعليه ففي بداية ديسمبر ‪ 6511‬سافر الجنرال ديغول الى الجزائر‪ ،‬وقام بجولة فيها ‪,‬‬
‫وجرت في هذه المناسبة مظاهرات واسعة (‪66‬ديسمبر‪ )6511‬في جميع مدن الجزائر ‪,‬‬
‫وأكدت تلك المظاهرات على إجماع الشعب الجزائري على المطالبة باالستقبال ‪ .‬وقدم الشعب‬
‫الجزائري مزيدا من التضحيات في تلك المظاهرة كما فشل االستفتاء الذي فرضته الحكومة‬
‫(‪)4‬‬
‫الفرنسية على الجزائريين خالل جانفي ‪6516‬م‪.‬‬
‫ذلك أن ‪ 14‬من الناخبين الجزائريين قاطعوا االستفتاء مستمعين إلى نداء جبهة التحرير أما‬
‫البقية فقد شاركت في التصويت تحت ضغط قوات االحتالل وقد تبع ذلك استمرار مظاهرات‬
‫(‪)5‬‬
‫الشعب طيلة الشهور األولي من عام‪. "6516‬‬

‫(‪ )1‬محمد على داهش‪ ،‬دراسات في الحركة الوطنية و االتجاهات الوحدوية في المغرب العربي ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪ )2‬عبد هللا شريط ‪ ،‬ج‪ ،2591 ، ،3‬المرجع السابق ص‪.33‬‬
‫(‪)3‬عبد هللا شريط ‪،‬ج‪ 2591، 3‬م ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33،‬‬
‫(‪ )4‬جياللي صاري ‪،‬مظاهرات ديسمبر ‪ 2591‬ودورها في التحرير الوطني‪ ،‬مجلة المصادر‪ ،‬ع‪ ،1‬المركز الوطني‬
‫للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر (‪ ،) 2555-2573‬ص ص ‪.291،293‬‬
‫(‪ )5‬يحي بوعزيز‪ ،‬ثورات الجزائر في القرن التاسع عشرو العشرين‪2 ،‬ط‪ ،‬دار البحث‪ ،‬قسنطينة ‪ ،2511‬ص ‪. 931‬‬

‫‪84‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫‪ -‬وحتى ال نتجاوز األحداث يجدر بنا التذكير بأن االتصاالت بعد فشل محادثات موالن لم‬
‫تنقطع حيث تمت عدة لقاءات سرية بين الطرفين في كل من لوسارن يوم ‪ 21‬فيفري‬
‫‪6516‬م و أيفيان يوم ‪ 21‬ماي ‪6516‬م لكن هده المحادثات باءت بالفشل بسبب اختالف‬
‫(‪)1‬‬
‫وجهات النظر بين الطرفين حيث حاولت فرنسا ضرب الوحدة الوطنية ‪.‬‬
‫‪-‬فمن الحكم الذاتي ‪,‬وتجزئة الجزائر عرقيا إلى طلب الهدنة ‪ ,‬وفصل الصحراء عن الشمال ‪,‬‬
‫وإقحام الحكومة الوطنية التي يتزعمها مصالي الحاج في المفاوضات ‪.‬‬
‫بينما كان موقف ال حكومة الجزائرية المؤقتة ثابتا يستمد مبادئه من نداء أول نوفمبر‪،‬‬
‫وقرارات مؤتمر الصومام ‪ (.‬السيادة الكاملة ‪ ,‬الوحدة الشعبية و الترابية للجزائر بما فيها‬
‫(‪)2‬‬
‫الصحراء ‪ ،‬جبهة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد‪ ،‬وقضية وقف اطالق النار‪.‬‬
‫في ‪ 22‬أوت أفريل ‪ 6516‬بادر أنصار الجزائر فرنسية لدعم الجنراالت مثال‪ ،‬جوهر‪،‬‬
‫ساالن ‪ ،‬وزيلير بالقيام بانقالب عسكري في الجزائر ضد حكم ديغول لكن المحاولة باءت‬
‫(‪)3‬‬
‫بالفشل ‪.‬‬
‫وفي ‪ 15‬أوت ‪ 6516‬اجتمع مجلس الثورة بطرابلس (ليبيا) وأحدث تعديال طفيفا على‬
‫رئيس للحكومة المؤقتة خلفا لفرحات عباس‪ ،‬ثم‬ ‫‪4‬‬
‫الحكومة ‪ ،‬عين السيد يوسف بن خدة‬
‫(‪)5‬‬
‫استأنف بعد ذلك المفاوضات من جديد بين الحكومة المؤقتة الجزائري وفرنسا‪.‬‬
‫وفي ‪ 61‬جويلية صدر بالغ من الحكومة المؤقتة الجزائية ‪ ،‬وبالغ مماثل من الحكومة‬
‫الفرنسية يعلنان عن موعد استئناف المفاوضات في قصر لوقران‪.‬‬
‫لكن في ‪ 65‬جويلية بدأت حوادث بنزت‪ ،‬واجتمع الوافدان الجزائري والفرنسي على مائدة‬
‫(‪)6‬‬
‫المفاوضات لوضع حد لدائرة الحرب التي امتدت ‪ 1‬سنوات‪.‬‬

‫(‪ )1‬وهيبة سعيدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.233‬‬


‫(‪)2‬صالح بلحاج‪ ،‬تاريخ الثورة الجزائية‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬الجزائر‪ ،1111 ،‬ص ‪.311‬‬
‫(‪)3‬عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.715‬‬
‫)‪ (4‬بن يوسف بن خدة‪2511( :‬م‪ 1113-‬م) األمين العام للمركزيين‪ ،‬عمل مساعدا لعبان في العاصمة‪ ،‬وعين عضو في لجنة‬
‫التنسيق والتنفيذ‪ ،‬تولى عام ‪ 2571‬م وزارة الشؤون االجتماعية‪ ،‬ثم رئاسة الحكومة الجزائرية المؤقتة (‪2592‬م‪2591-‬م)‬
‫بعد االستقالل ابتعد عن الحياة السياسية‪(.‬انظر مريم سيد علي مبارك ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪).111‬‬
‫(‪ )5‬محمد علي داهش‪ ،‬دراسات في الحركة الوطنية و االتجاهات الوحدوية في المغرب العربي ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫(‪ )6‬جريدة المجاهد ‪ ،‬ع‪ ،1592‬ج‪ ،3‬ص‪.227‬‬

‫‪85‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫حيث التقى في مدينة جنيف رضا مالك الناطق بلسان الوفد الجزائري بالوفد الفرنسي‪،‬و طرح‬
‫قضية مبدأ تقرير مصير الجزائر‪ ،‬وذلك في ‪ 21‬جويلية‪.‬‬
‫وهكذا انفتحت أمام الجزائر أفاق اختيار سياسي يعهد لالستقالل‪.‬‬
‫فهل يستمر ذلك على حساب تونس في في مواجهتها لقضية بنزرت خاصة وقد أبدت فرنسا‬
‫بعض المرونة والواقعية بخصوص المسألة الجزائرية وتصلبت في الوقت ذاته ازاء قاعدة‬
‫(‪)1‬‬
‫بنزرت ؟‬
‫ولكن في ‪ 21‬جويلية أصدرت الحكومة الجزائرية بالغا تعلن فيه استعدادها لوضع كل‬
‫(‪)2‬‬
‫مالديها لمساعدة تونس الشقيقة في العدوان الفرنسي على بنزرت ‪.‬‬
‫وكان بورقيبة قد أثار قضية بنزرت في ‪ 21‬فيفري ‪ 6516‬في قمة رامبويي‬
‫(‪ )Rambouillet‬التي جمعته بالجنرال ديغول ‪.‬واندلعت معركة بنزرت في ‪ 21‬جويلية‬
‫وأحصى مراسلون أجانب عدد القتلى حوالي ‪ 111‬من التونسيين ‪ %51‬منهم مدنيين‬
‫و‪ 6991‬جريح‪ ،‬وأصدر مجلس األمن ‪ 22‬جويلية ‪ 6516‬أمرا عاجال بوقف اطالق النار‪،‬‬
‫وتمت الموافقة على القرار ودخل الطرفان في مفاوضات دامت ما يقارب عامين وفي ‪69‬‬
‫اكتوبر ‪ 6514‬أجلت فرنسا آخر جنودها عن بنزرت‪( ،‬وتحصلت الجزائر قبل ذلك على‬
‫(‪)3‬‬
‫استقاللها)‪.‬‬
‫وتتواصل سلسلة اللقاءات بين الوفدين الجزائري والفرنسي إليجاد مخرج للقضية الجزائرية‬
‫حيث التقى المندوبات محمد الصديق يحي ورضا مالك بالوفد الفرنسي في مدينة بال‬
‫بسويسرا يومي ‪ 22‬و‪ 25‬أكتوبر ‪6516‬م‪ ،‬ثم لقاء بال الثاني يوم ‪ 5‬نوفمبر ‪6516‬م‬
‫للوصول الى اتفاق مبدئي و في محادثات لي روس*‪ 4‬التي انعقدت من ‪ 16‬إلى‪19‬فيفري‬

‫(‪ )1‬الطاهر بلخوجة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.53‬‬


‫‪)2 ( ben youcef ben khedda, la fin de la guerre d’Algérie, les accords d’Évran,2eme édition o.p.u‬‬

‫‪Alger : sd.p23.‬‬
‫(‪ )3‬محمد الهاشمي عباس‪ ،‬بورقيبة ونويرة‪ ،‬ذكريات ومذكرات‪ ،‬تر‪ :‬الشاذلي التعليمي‪ ،‬ط‪ ،2 ،‬ميدياكوم‪ ،‬تونس‪ ،1121 ،‬ص‬
‫ص‪.251 ،255‬‬
‫)‪ (4‬ليروس‪ :‬تقع في أعلى جبال الحوار (‪ )jura‬على الحدود الفرنسية السويسرية‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫‪ 6512‬م بين الوفدين الجزائري الذي كان يرأسه كريم بلقاسم ‪ ،‬والوفد الفرنسي برئاسة‬
‫(‪)1‬‬
‫جوكس‪.‬‬
‫الذي تم فيه التطرق الى كل النقاط األساسية التالية‪:‬‬
‫االستقالل‪ ،‬وحدة التراب الوطني بما فيها الصحراء‪ ،‬وحدة الشعب الجزائري‪ ،‬مصير‬
‫(‪)2‬‬
‫الفرنسيين المدنيين بالجزائر‪ ،‬طبيعة العالقات بين الجزائر المستقلة وفرنسا‪.‬‬
‫وفعال لم يجد الرئيس الفرنسي بدا من التسليم وبالفشل مشروعه الذي أعلن عنه يوم ‪61‬‬
‫سبتمبر ‪6595‬م‪ ،‬فصرح يوم ‪ 9‬سبتمبر ‪ 6516‬قائال "ليس هناك أي جزائري ال يعتقد أن‬
‫(‪)3‬‬
‫الصحراء يجب أن تكون للجزائر"‬
‫وعرضت حصيلة تلك االتفاقية على المجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي انعقد من ‪22‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الى ‪ 21‬فيفري ‪ 6512‬م بطرابلس‪ ،‬وبعد دراستها تم التصويت عليها بإجماع‪.‬‬
‫التقى الطرفان من جديد بإيفيان (سويسرا) وبصفة رسمية افتتحت المفاوضات يوم ‪ 11‬مارس‬
‫‪6512‬م بين الوفد الجزائري الذي كان يرأسه كريم بلقاسم ومن الجانب الفرنسي لوي‬
‫جوكس‪.‬‬
‫وبعد مناقشات حادة استلزمت ‪ 62‬يوما تم خاللها التطرق الى المسائل المتعلقة بالتطبيق‬
‫(‪)5‬‬
‫الفعلي لوقف اطالق النار ‪ ،‬وتحضير عملية االستفتاء‪.‬‬
‫وقع الطرفان أخيرا على اتفاقية ايفيان ‪ 62‬مارس ‪6512‬م ‪ ،‬وبتفويض من مجلس الثورة‬
‫الجزائرية دخل وقف اطالق النار حيز التنفيذ في ‪ 65‬مارس ‪6512‬م ‪ ،‬على الساعة الثانية‬
‫(‪)6‬‬
‫عشر ظهرا في كامل التراب الوطني‪.‬‬

‫(‪ )1‬صالح بالحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.313‬‬

‫(‪ )2‬ادريس خيضر‪ ،‬تاريخ الجزائر الحديث (‪2591-2131‬م)‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الغرب النشر والتوزيع ‪ ،‬وهران‪،1119 ،‬ص ‪.355‬‬
‫(‪ )3‬مجلة الدراسات التاريخية‪ ،‬ع ‪ ،23‬جامعة الجزائر ‪ ،‬ص ‪. 331‬‬
‫(‪ )4‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.331‬‬
‫(‪ )5‬محمد عباس‪ ،‬نصر بال ثمن (الثورة الجزائرية ‪ )2591-2573‬دار القصبة للنش‪ ،‬الجزائر‪1115 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.529‬‬
‫‪(6) Ben youcef ben khedda, l’Algérie A l’indépendance, la cirse de 1962, éditions dahlab, Alger,‬‬

‫‪1997, p 09.‬‬

‫‪87‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫وإلفشال وقف اطالق النار قامت منظمة الجيش السري ‪ O.A.S‬بعمليات ارهابية‪ ،‬وقامت‬
‫باغتيال مئات الجزائريين وكمحاولة الحتواء هذه األوضاع المتردية التقي وزير خارجية‬
‫الحكومة المؤقتة السيد سعد دحلب بنظيره الوزير الفرنسي جوكس يوم ‪ 66‬ماي ‪6512‬م‬
‫بمدينة بروس (سويسرا) لدراسة األوضاع المستجدة في الجزائر‪ ،‬وتم االتفاق على اعادة‬
‫(‪)1‬‬
‫النظام‪ ،‬وتموين السكان المتضررين‪ ،‬والتعاون المستقبلي بين فرنسا‪ ،‬والجزائر‪.‬‬
‫تم االتفاق على أن يكون يوم االستفتاء في ‪ 6‬جويلية وباقتراب هذا اليوم اتصلت منظمة‬
‫الجيش السري بجبهة التحرير قصد توقيق العمليات اإلرهابية وبالفعل تم االتفاق بينهم في‬
‫(‪.)2‬‬
‫‪ 61‬جوان ‪6512‬‬
‫ولكن اإلشاعات التي ألقتها منظمة ‪ O.A.S‬في صفوف األوروبيين والتي مفادهما أن‬
‫الجزائريين سوف ينتقمون منهم‪ ،‬أجبرتهم على الرحيل‪ ،‬وهكذا خلصتنا نهائيا من صراع‬
‫مستقبلي بين طائفتين مختلفتين عرقيا‪ ،‬ثقافيا‪ ،‬ودينيا‪.‬‬
‫وفي ‪ 16‬جويلية ‪6512‬م تقدم الشعب الجزائري نحو صناديق االقتراع وكانت النتيجة‬
‫لصالح الجزائر‪.‬‬
‫وفي نفس اليوم اعترفت فرنسا رسميا باستقالل الجزائر‪ ،‬وتم تحديد يوم ‪ 19‬جويلية ‪ 6512‬م‬
‫(‪)3‬‬
‫كموعد رسمي إلعالن االستقالل‪.‬‬
‫وهكذا انتهت حرب الجزائر بنصر مبين وأرغمت فرنسا على االعتراف باستقالل الجزائر‬
‫وأرجعت ثروات البالد بعد مضي ‪ 642‬سنة من االستعمار راح ضحيتها أكثر من مليون‬
‫(‪)4‬‬
‫ونصف شهيد‪.‬‬

‫)‪(1‬‬‫‪Ben youcef ben khedda, l’Algérie la fin de la guerre d’Algérie op, cit, p35.‬‬
‫(‪ )2‬صالح بلحاج ‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.329‬‬
‫‪(3) Ali hammoutene, reflexiens sur la guerre d’Algérie, éditions publisud, tizi ouzo, 1956, p, 19‬‬

‫(‪ )4‬الهادي البكوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.133‬‬

‫‪88‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الثورة الجزائرية في ظل‬
‫حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬بورقيبة ومؤتمر تونس‬
‫لبحث المسالة الجزائرية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االعتداء على ساقية‬
‫سيدي يوسف وتداعياتها‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬بورقيبة وتفعيل‬
‫المؤتمرات المغاربية لحل القضية‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪:‬موقف بورقيبة من نشاة‬
‫الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية‪.‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫المبحث األول‪:‬بورقيبة ومؤتمر تونس لبحث المسالة الجزائرية‪.‬‬

‫‪ -1‬ظروف انعقاد المؤتمر‪:‬‬

‫مثل مؤتمر تونس أول محاولة رسمية لبحث مشروع الوحدة المغاربية في ظل االستقالل‬
‫التونسي والمغربي‪)1(،‬حيث سعى المغرب وتونس إليجاد حل سلمي للقضية الجزائرية‪)2( .‬إذ‬
‫قام بورقيبة بمساع دبلوماسية لدى الحكومة الفرنسية في أوائل شهر سبتمبر ‪ 6591‬حيث‬
‫تحدث مع رئيس الحكومة الفرنسية حول مشاكل إفريقيا وكانت الجزائر محور اهتمام كليهما‬
‫وألح لوضع حد للتجاوزات وضرورة شروع في المفاوضات حيث قال‪" :‬إذا لم يحدث ذلك‬
‫(‪)3‬‬
‫فسياسة السلطان ينتهي أمرها وتسوء الحالة بالشمال"‬
‫وصرح بورقيبة في العديد من المرات بضرورة إيجاد حل للمسالة الجزائرية من ذلك قوله‪:‬‬
‫بح الجزائر في االستقالل هو الشرط اوأول واوأساسي لتكوين مجموتعة شمال‬ ‫"ان اال تعترا‬
‫إفريقيا وان الجزائر مازالت تعقدة مأساة شمال إفريقيا وسنعلم غدا إن كانت الجزائر قبرا‬
‫(‪)4‬‬
‫لفرنسا أو مهدا الزدهارها"‬
‫وتعلى اثر إتعالن استقالل تونس والمغرب طرحت جبهة التحرير الوطني موقفها من الحل‬
‫القتال الذي تطالب به الحكومة الفرنسية تحقي ثالث شروط هي‪:‬‬ ‫السلمي‪ ،‬واشترطت لوق‬
‫فرنسا باستقالل الجزائر‪ ،‬وإطالق سراح المسجونين السياسيين‪ ،‬وتشكيل حكومة‬ ‫اتعترا‬
‫(‪)5‬‬
‫جزائرية إلجراء المفاوضات‬

‫(‪ )1‬تعبد هللا مقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية إبان الثورة التحريرية الجزائرية ( ‪ ،)6511 – 6591‬المرجع الساب ‪،‬‬
‫ص‪.681‬‬
‫(‪ )2‬مريم الصغير‪ ،‬المواق الدولية من القضية الجزائرية (‪ ،)6511 – 6591‬المرجع الساب ‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫(‪ )3‬حبيب حسن اللولب‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.671‬‬
‫(‪ )4‬المجلة التونسية للتاريخ العسكري‪ ،‬ع ‪ ،1‬ديسمبر ‪ ،1161‬ص‪.98‬‬
‫(‪ )5‬تعبد هللا مقالتي ‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية إبان الثورة التحريرية الجزائرية‪6511 – 6591( ،‬م)‪ ،‬المرجع الساب ‪،‬‬
‫ص‪.689‬‬

‫‪36‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫السويسرية بوفد من جبهة‬ ‫وفي هذا اإلطار اجتمع بورقيبة يوم الجمعة ‪ 7‬سبتمبر‪ 6591‬بجني‬
‫(‪)1‬‬
‫واحمد فرانسيس‪ ،‬وتعبد الرحمان كيوان‬ ‫التحرير يضم كل من فرحات تعباس‪ ،‬محمد يزيد‬
‫وشخصية أخرى سافرت من بارن وكان االجتماع مخصصا للمشكلة الجزائرية‪ ،‬حيث أوصى‬
‫باوأمة الجزائرية ورفض كل‬ ‫بورقيبة مبعوثي جبهة التحرير بان يكونوا متفقين بمبدأ االتعترا‬
‫ما هو صلة بالسيادة المزدوجة‪ ،‬وبعد هذه المحادثات سافر إلى باريس حيث استقبله يوم ‪65‬‬
‫سبتمبر ‪6591‬م رئيس الحكومة الفرنسية مولي وأحاطه تعلما باتصاالته مع فرحات تعباس‬
‫ومساتعديه وأتعرب تعن أمله في حصول اتفاق بين الطرفين حول مائدة مستديرة لالتعترا‬
‫(‪)2‬‬
‫بالدولة الجزائرية‪.‬‬

‫‪ -2‬حادثة اختطاف زعماء الوفد الخارجي‪:‬‬

‫أ‪ -‬ظروف ومالبسات ما قبل المؤامرة‪:‬‬


‫‪ -‬انعقاد مؤتمر الصومام ‪ 11‬أوت ‪ ،6591‬وصراع بين الداخل والخارج حول قرارات المؤتمر‬
‫بين تعبان رمضان واحمد بن بلة الذي لم يكن راضيا تعليها ووجب انتقاده خاصة تعلى تعنصر‬
‫(‪)3‬‬
‫العروبة واإلسالم‪ ،‬وأنهم أول من بادر بتفجير الثورة‪.‬‬
‫‪ -‬اتعالن تعبد الناصر تأميم قناة السويس في ‪ 11‬جويلية ‪.6591‬‬
‫‪ 19 -‬سبتمبر قامت البحرية الفرنسية باحتجاز إحدى السفن التي تنقل السالح‪ ،‬في تعرض البحر‬
‫االبيض المتوسط‪ ،‬وكان لها الدور في اثارة مشاكل بين مصر وفرنسا ترجمت في العدوان‬
‫الثالثي تعلى مصر ‪ 18‬اكتوبر ‪.6591‬‬
‫(‪)4‬‬
‫قطعة‪.‬‬ ‫‪ -‬الحاجة إلى السالح واستجابة تعبد الناصر حيث طلب بن بلة حوالي ‪ 9111‬أل‬
‫ب‪ -‬مؤامرة االختطاف‪:‬‬

‫(‪)1‬محمد يزيد‪1119- 6511( :‬م) مناضل في الحركة الثورية واحد اوأقطاب المركزيين انضم الى الوفد الخارجي لجبهة‬
‫التحرير الوطني مبكرا وتولى تعدة مسؤوليات إتعالمية ( انظر‪ :‬تعبد هللا مقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية واإلفريقية إبان‬
‫ثورة التحريرية‪ ،‬ج‪ ،6‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪).18‬‬
‫(‪)2‬حبيب حسن اللولب‪ ،‬المرجع الساب ‪،‬ص ص ‪. 671 ، 671‬‬
‫(‪ )3‬فتحي الديب‪ ،‬جمال تعبد الناصر والثورة الجزائرية ‪،‬ط‪ ،6‬دار المستقبل العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،6551 ،‬ص‪.111‬‬
‫(‪ )4‬احمد بن بلة‪" ،‬شاهد تعلى العصر"‪ ،‬ج‪ ،1‬تقديم احمد منصور‪ ،‬قناة الجزيرة‪ ،‬قطر‪1161/19/61 ،‬م‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫بعد توجيه دتعوة رسمية لألتعضاء الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني من اجل الحضور‬
‫الى الرباط للتشاور بخصوص الندوة تعقدها في تونس حيث تعقد لقاء بين الرئيس جمال تعبد‬
‫الناصر‪1‬واحمد بن بلة التي ابدى فيها رئيس مصر تخوفا ونصح بن بلة بتوخي الحذر‪ ،‬خاصة‬
‫بعد اطالتعه تعن المشاكل بين الداخل والخارج‪ ،‬لهذا فضل تعقد الندوة خارج التراب التونسي‬
‫والمغرب ي سافر بن بلة ومحمد خيضر من القاهرة إلى مدريد لالجتماع مع بقية قادة التحرير‬
‫الوطني(‪)2‬حيث اتفقوا أن يذهبوا إلى تونس برفقة محمد الخامس لعقد الندوة(‪،)3‬بعد‪ 8‬أشهر من‬
‫التفاوض مع فرنسا(‪ )4‬ففي اثر محادثات رومه مع رسول الحكومة الفرنسية تم االتفاق تعلى أن‬
‫تعقد في تونس العاصمة اجتماع تشارك فيه دول إفريقيا الشمالية الثالث حيث كان الوفد‬
‫(‪)5‬‬
‫الجزائري قرر إبالغ شروط السالم التي تعرضت تعليهم‪.‬‬
‫‪ -‬وتعلى اثر ركوب الطائرة التي كانت المفروض أن يسافر فيها الوفد‪ ،‬فكانت هناك روايتان‬
‫اوأولى تجلت في لقاء حصري وأحمد بن بلة مع احمد منصور حيث قال إن تعذر تعدم ركوب‬
‫(‪)6‬‬
‫الطائرة كان بسبب بلوغه ان السلطان كانت معه زوجته تعلى متن الطائرة‬
‫‪ -‬أما الرواية الثانية والتي وردت في مذكراته فكان تعدم توفر المقاتعد فاستقلوا طائرة أخرى‪،‬‬
‫لحضور االجتماع المقرر في تونس يوم ‪ 11‬أكتوبر‪ ،‬إذ لم يكن مسموح بالقدوم إلى تونس تعن‬
‫طري مدريد فقبلوا هذا االقتراح حيث كانوا يعتقدون أنها كانت اوأسباب الكافية لبعث اوأمن‪.‬‬
‫وفي ‪ 11‬أكتوبر ‪ 6591‬ركب أتعضاء جبهة التحرير الوطني الطائرة المغربية ‪ D.C.3‬التي‬
‫(‪.)8‬‬
‫ستقلهم إلى تونس من مطار الرباط (‪ )7‬التي كان تعليها أن تمر بالما االسبانية‬

‫(‪ )1‬جمال تعبد الناصر‪ :‬زتعيم تعربي مصري‪ ،‬ولد ‪ 69‬جانفي ‪ 6568‬باإلسكندرية‪ ،‬تلقى تعليمه اوأولي بمسقط رأسه‪ ،‬في السنة‬
‫‪ 6517‬التح بالكلية العسكرية‪ ،‬شارك سنة ‪ 6518‬في الحرب ضد اليهود في فلسطين‪ ،‬وكان ضمن جماتعة الضباط‬
‫اوأحرارالتي تأسست لتصحيح اوأوضاع في مصر‪ ،‬والتي أطاحت بالملكية سنة ‪6591‬م حيث تولى تعبد الناصر مهمة الدفاع‬
‫والداخلية‪.‬‬
‫(‪ )2‬فتحي الديب‪ ،‬المصدر الساب ‪ ،‬ص ص ‪267.،265‬‬
‫(‪ )3‬احمد بن بلة‪ ،‬مذكرات احمد بن بلة‪ ،‬تر‪ :‬العفي اوأخضر‪ ،‬دط‪ ،‬دار اآلداب‪ ،‬بيروت‪ ( ،‬د س)‪ ،‬ص ‪.665‬‬
‫(‪ )4‬احمد بن بلة‪ ،‬شاهد تعلى العصر‪ ،‬ج‪ ،1‬المصدر الساب ‪.‬‬
‫(‪)5‬احمد بن بلة‪ ،‬مذكرات احمد بن بلة‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص ‪.665‬‬
‫(‪ )6‬احمد بن بلة‪ ،‬شاهد تعلى العصر‪ ،‬ج‪ ،6‬المصدر الساب ‪.‬‬
‫(‪ )7‬احمد بن بلة‪ ،‬مذكرات احمد بن بلة‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.611‬‬
‫(‪ )8‬فتحي الديب‪ ،‬المصدر الساب ‪ ،‬ص ‪.118‬‬

‫‪38‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫وكانت هذه الطائرة تحمل حوالي ‪ 11‬شخص منهم الزتعماء السياسيين والصحفيين فرنسيين‬
‫ومراكشين‪،‬حيث تعرض كل من احمد بن بلة (‪ )1‬محمد خيضر مصطفى اشر ‪ ،‬ايت احمد‪،‬‬
‫من القوات الفرنسية في أول قرصنة جوية في التاريخ‬ ‫محمد بوضيا ‪ ،‬إلى تعملية اختطا‬
‫حيث كانوا في الطائرة خاصة التي كانت من المفروض أن تقلهم من الرباط إلى تونس والتي‬
‫(‪)2‬‬
‫أجبرت إلى الهبوط في الجزائر‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫وبهذا تكون‬ ‫واخذوا إلى مركز الشرطة القضائية باالبيار حيث كانت تعملية االستنطاق‬
‫فرنسا وبالتعاون مع تعناصر ذات ثقل سياسي في تونس والمغرب قد أزاحت بن بلة ورفقائه‬
‫تغيير مكان االجتماع من تطوان إلى الرباط‬ ‫وحيث يستند ذلك إلى معلومات مسبقة تعن ظرو‬
‫(‪)4‬‬
‫بعد أن اجتمع اوأمير الحسن باإلخوة الجزائريين‪.‬‬
‫الطائرة واتعتقال قادة جبهة التحرير في ‪6591/61/11‬‬ ‫بعد قيام السلطات الفرنسية بخط‬
‫تأزمت العالقات التونسية الفرنسية‪ ،‬فكان اإلضراب العام بتونس والمصادمات بين الجيش‬
‫الفرنسي والتونسيين الذين أقاموا السدود تعلى الطرقات لشل تحركات العسكريين الفرنسيين‬
‫(‪)5‬‬
‫وحبسهم في ثكنتهم‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى كثفت فرنسا حراستها تعلى الحدود وبعض الواليات منها تونس العاصمة‬
‫ففي ‪ 19‬أكتوبر ‪ 6591‬تعرض سكان بلدة بوتعرقوب إلى فرقة من الجيش الفرنسي ومنعهم‬
‫من مواصلة سيرها‪ ،‬فتبادل االشتباك وأسفرت تعن مقتل جندي فرنسي وجرح ثالثة جنود منهم‬

‫(‪)1‬احمد بن بلة‪ :‬رئيس حكم الجزائر بعد إتعالن استقاللها في أول من ‪ 9‬جويلية ‪ 6511‬ولد في ‪ 69‬في سبتمبر ‪ 6561‬في‬
‫مغنية تلقى تعليمه الثانوي في تلمسان واخرط في صفو حزب الشعب وهو في ‪ 69‬من تعمره‪ ،‬التح بالعسكرية اإللزامية‬
‫الفرنسية ‪ ،6511 – 6517‬حيث احتر كرة القدم وأصبح ابرز التعب في مرسيليا الفرنسي‪ 6511 ،‬تعاد إجباريا إلى‬
‫الجيش الفرنسي بعد تمكن النازيون من احتالل شمال إفريقيا حيث شارك في الحرب مع فرنسا ضد ايطاليا وألمانيا‪ ،‬وبرز في‬
‫معركة مونت كاسينو الفاصلة في الحرب بين ألمانيا والحلفاء‪ 6511 ،‬مما جعل الجنرال ديغول يقلده أتعلى وسام في فرنسا‪،‬‬
‫وتعاد إلى الجزائر ‪ 6515‬أصبح رئيس التنظيم السري العسكري لحزب الشعب‪ ،‬حيث قام بأول تعملية تعسكرية ضد فرنسا من‬
‫خالل الهجوم تعلى مركز البريد بوهران‪ ،‬وقبض تعليه في ‪ ،6591‬وتمكن من الهروب ثم سافر إلى فرنسا ثم سويسرا ثم‬
‫(‪ )2‬احمد بن بلة‪ " ،‬شاهد تعلى العصر"‪ ،‬ج‪ ،1‬المصدر الساب ‪.‬‬
‫(‪ )3‬احمد بن بلة‪ ،‬مذكرات احمد بن بلة‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص ‪.611‬‬
‫(‪ )4‬محمد العربي الزبيري‪ ،‬قراءة في كتاب تعبد الناصر والثورة الجزائرية‪ ،‬ط‪ ،6‬دار الحكمة‪ ،‬الجزائر‪ ،1169 ،‬ص ‪.611‬‬
‫(‪ )5‬تعمر بن سلطان وآخرون‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.98‬‬

‫‪39‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫التونسي فكان حصيلتها ستة أشخاص‪ ،‬حيث تواصلت االشتباكات بعن‬ ‫ضابط‪ ،‬أما الطر‬
‫(‪)1‬‬
‫في ‪ 17‬أكتوبر حسب جريدة الصباح‪.‬‬
‫فكان في حمام األنف‪ :‬كان حصيلتها مقتل شخصين مجرح ‪ 61‬شخصا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وفي سوق األربعاء‪ :‬اتعترض السكان قافلة تعسكرية قادمة من الجزائر لما أرادت‬ ‫‪-‬‬
‫اجتياز الحدود استعملت أسلحتها فجرحت ثالثة أشخاص بينهم شيخ أوالدسالم‪..‬‬
‫وفي الكاف‪ :‬أصيب تعشرة بجروح وقتلوا ثالثة أشخاص‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وفي سبيطة‪ :‬فكانت الحصيلة مقتل ثالثة جنود فرنسيين وجرح سبعة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اما مارث‪ :‬قتل ثالث جنود فرنسيين وخمسة من المدنيين و مقتل جندي تونسي وكان‬ ‫‪-‬‬
‫يقوم بالحراسة وأصيب أربعة مدنيين بجروح‪.‬‬
‫الحامة‪ :‬قتل ثالثة جنود فرنسيين ومدني‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سيدي بوعلي‪ :‬إصابة ثالثة أشخاص مدنيين وجندي فرنسي بجروح‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)3‬‬
‫النفضية‪ :‬أوقفت قافلة تعسكرية مؤلفة من خمسين دبابة وثالث سيارات جيب‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -3‬أهم نتائج مؤتمر تونس‪:‬‬
‫تعمل الحبيب بورقيبة بصفته رئيس الحكومة التونسية تعلى تنظيم مؤتمر بتونس يضم كال من‬
‫محمد الخامس ملك المغرب اوأقصى وكبار قادة الثورة الجزائرية(‪ )4‬وفي تونس حيث ناقش‬
‫حيث اكتفوا بتأييد التضامن المغاربي كرد‬ ‫وكيفية معالجة الموق‬ ‫المؤتمر قضية االختطا‬
‫(‪)5‬‬
‫تعلى حادثة االختطا ‪.‬‬
‫القادة الجزائريين لقبول مشروع وحدة شمال‬ ‫هذه الندوة إلى تليين موق‬ ‫حيث كانت تهد‬
‫إفريقيا تحت مظلة الفرنسية‪ ،‬حيث صرح بورقيبة في هذا السياق "‪...‬ونحن تعلى أبواب اجتماع‬
‫دبلوماسي ربما يضبط أو يقرب ساتعة خالص الشعب الجزائري إذا سيسعى إليجاد الحلول‬

‫(‪ )1‬دانيال قيران‪ ،‬تعندما ت ثور الجزائر‪ ،‬تر‪ :‬العيد دوان‪ ،‬ط‪ ،6‬دار التنوير‪ ،‬الجزائر‪ ،1161 ،‬ص‪.111‬‬
‫(‪ )2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )3‬تعمر بن سلطان وآخرون‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫(‪ )4‬المجلة التونسية للتاريخ العسكري‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫(‪ )5‬تعبد هللا المقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية واإلفريقية إبان الثورة التحريرية الجزائرية‪ ،‬ج‪ ،6‬المرجع الساب ‪،‬ص ص‬
‫‪. 111 ، 111‬‬

‫‪40‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫المعقولة ‪...‬وأتمنى أن يكون االجتماع الذي سيتم في اوأسبوع المقبل مرحلة حاسمة في وضع‬
‫(‪)1‬‬
‫حجر اوأساس لوحدة شمال إفريقيا"‬
‫وقد تمخضت الندوة تعلى نتائج أهمها‪:‬‬
‫صدور بيان مشترك تونسي مغربي جاء فيه‪ " :‬اجتمع في قصر سعادة بالمرسى ممثلو‬ ‫‪-‬‬
‫الحكومتين التونسية والمغربية وبحضور الوفد الجزائري ودرسوا القضايا التي تهم القطرين‬
‫جهودهم‪ ...‬وان‬ ‫خصوصا الحالة اوأليمة في الجزائر وأتعلنوا وجهة نظرهم‪ ،‬وتعلى تنسي‬
‫يضلوا تعلى اتصال مستمر لتبادل الرأي‪."...‬‬
‫ومساندتهما في كفاحه التحريري وضرورة التنسي بين‬ ‫‪ -‬إتعالن تضامنهما ودتعمهما المطل‬
‫اوأقطار لحل القضية الجزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬أتعطت هذه الندوة دافعا جديدا لتعاون بين الدول الصديقة والشقيقة لتحقي اوأفضل للقضية‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫رغم محاوالت فرنسا إلفشال الندوة‪ ،‬صرح بورقيبة بهذا الصدد قائال‪" :‬بان الندوة التي يراد‬
‫لها الفشل قد تمت رغم ذلك وهذه المكيدة زادت في تمتين الوحدة بين شعوب المغرب العربي‬
‫(‪)2‬‬
‫الكبير"‪.‬‬

‫(‪ )1‬المجلة التونسية للتاريخ العسكري‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪.95‬‬


‫(‪ )2‬حبيب حسن اللولب‪ ،‬المرجع الساب ‪ ،‬ص‪ ،671‬ص‪.677‬‬

‫‪41‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬االعتداء على ساقية سيدي يوسف وتداعيتها‪:‬‬

‫إن أهم ما يتميز به االستعمار الفرنسي هو االنتقام والتدمير للقضاء على ما يسمونه بالتمرد‬
‫والعصيان باسم الحضارة وعلى هذا األساس قام الجيش الفرنسي بارتكاب عدة جرائم قصد‬
‫تبليغ الحضارة الغربية فارتكبت عدة انتهاكات في حق اإلنسانية خلفت بصمة سوداء في‬
‫(‪)2‬‬
‫تاريخ فرنسا(‪ )1‬ومنها مجزرة ساقية سيدي يوسف‬

‫‪ .1‬أهمية منطقة ساقية سيدي يوسف‪:‬‬

‫تعد الجزائر بعروبتها إمدادا طبيعيا للعالم العربي وهذا النتمائها لألمة العربية‪ ،‬لذلك شكلت‬
‫بلدان العربية تحالفا طبيعيا مع الثورة الجزائرية أكثر من غيرها من البلدان الصديقة(‪،)3‬‬
‫خاصة تونس بعد نيلها لالستقالل سنة ‪.6591‬‬

‫‪ -‬ساهم الموقف التونسي الداعم للثورة الجزائرية في إتخاذ الشريط الحدودي كقاعدة خلفية‬
‫للثوار الجزائريين ومن هنا قدمت تونس تسهيالت لنشاط جيش التحرير الوطني بالقواعد‬
‫الخلفية‪ ،‬واعتمادها كمراكز لتمرير األسلحة والذخيرة ولتجمع المجاهدين وكذا التموين‬
‫(‪)4‬‬
‫واالستراحة‬
‫ارتفاع عدد الالجئين حيث بلغ ‪ 6591‬أربعين ألف وفي خريف ‪ 6591‬مئة ألف‬ ‫‪-‬‬
‫بسبب العمليات العسكرية‪ ،‬فأثناء حرب التحرير وصل إلى أكثر من مئة ألف شخص‬
‫(‪)5‬‬
‫معظمهم شيوخ ونساء وأطفال هربوا من المداشير‪...‬‬

‫(‪ )1‬عبد المجيد عمراني ‪،‬جان بول سارتر والثورة الجزائرية‪ ،‬دط ‪ ،‬مكتبة مد بولي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د س‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫)‪ (2‬سيدي يوسف‪ :‬هي قرية تونسية على الحدود الجزائرية تبعد عن الحدود حوالي ‪ 02‬كم ( انظر‪ :‬عبد الوهاب الكيالي‪،‬‬
‫ج‪ ،3‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪).91‬‬
‫(‪ )3‬عمر بوضريه‪ ،‬النشاط الدبلوماسي للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية سبتمبر ‪ – 6599‬جانفي ‪ ،6512‬د ط‪ ،‬دار‬
‫الحكمة‪ ،‬الجزائر‪ ،0260 ،‬ص ‪.069‬‬
‫(‪ )4‬نبيل احمد بالسي‪ ،‬االتحاد العربي اإلسالمي ودوره في تحرير الجزائر‪( ،‬د ط)‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ،6552‬ص ‪.691‬‬
‫(‪ )5‬فاروق بن عطية‪ ،‬األعمال إلنسانية أثناء حرب التحرير ‪ ،6510 – 6591‬تر‪ :‬كابوية عبد الرحمان وسالم محمد‪،‬‬
‫منشورات دحلب‪ ،‬دم‪ ،0262 ،‬ص‪.16‬‬

‫‪42‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫‪ -‬فتح مكتب الدعاية واإلعالم بتونس شهر ‪ 6591‬وكان هذا المكتب في البداية تابعا لبعثة‬
‫جبهة التحرير الوطني بقاعدة تونس ثم أصبح تحت إشراف وزارة األخبار الجزائرية ويقوم‬
‫هذا المكتب باإلشراف على كل النشاطات اإلعالمية والسياسية(‪ )1‬وتمثلت في‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫صحيفة المقاومة‬ ‫‪‬‬
‫(‪)3‬‬
‫صحيفة المجاهد‬ ‫‪‬‬
‫إذاعة صوت العرب الجزائرية بتونس وإلى جانب نشر البيانات والتقارير المختلفة‬ ‫‪‬‬
‫(‪)4‬‬
‫واتصال مع الصحف المحلية والدولية‪.‬‬
‫‪ -‬الدعم التونسي من خالل الموقف المعنوي للقضية وتكثيف جهودها من اجل إيجاد حل عادل‬
‫لها‪ ،‬مستغلة في ذلك معاهدة التضامن المبرمة مع المغرب األقصى في مارس ‪ ،6591‬لكن‬
‫رد الفعل الفرنسي كان سريعا‪ ،‬بعد اقل من شهرين من هذه المعاهدة حيث قطعت اإلعانة‬
‫على تونس وقامت بهجوم كاسح على أرضيها الحدودية مع الجزائر(‪ ،)5‬حيث ظهر في أوت‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ 6591‬ما يعرف بحق التتبع لتدخل في التراب التونسي‬
‫‪ -‬ومازاد في تصلب المواقف الفرنسية‪ ،‬تلك الخطابات الرسمية في افريل ‪6591‬م أكد فيه‬
‫(‪)7‬‬
‫على أن تونس المستقلة تتألم من الحرب القاسية في الجزائر‬
‫‪ -‬وفي ‪ 0‬جانفي ‪ 6599‬اغتنمت القيادة العسكرية الفرنسية بالجزائر حادثة اشتباك على‬
‫الحدود بالقرب من ساقية سيدي يوسف إذ تمكن جيش التحرير الوطني من القبض على‬
‫أربعة جنود فرنسي ين نقلوا فورا الى منطقة الكاف داخل التراب التونسي‪ ،‬فكلف رئيس‬
‫مجلس الوزراء الفرنسي فيلكس غايار الجنرال ديشاليه بنقل رسالة إلى الرئيس بورقيبة‬
‫(‪ )1‬عبد هللا المقالتي‪ ،‬دور المغرب العربي وافريقيا‪ ،...‬ج‪ ،0‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ 2‬صحيفة المقاومة‪ :‬جريدة جزائرية صدرت في المغرب ‪ 6591‬وهي تنطق بلسان الثورة الجزائرية وجبهة التحرير‬
‫الوطني ( انظر‪ :‬حبيب حسن اللولب‪ ،‬التونسيون والثورة الجزائرية ‪ ،6510 – 6591‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪)523‬‬
‫(‪ )3‬صحيفة المجاهد‪ :‬جريدة أسبوعية تتميز بكونها مهمة ومنظمة العدد في آن واحد‪ ،‬جاءت تسمية هذه الجريدة بـ الجزائر لكن العربي بن مهيدي بان هذا العنوان سيجعل في كل‬
‫جزائري وبشكل افتراضي فرديا تابعا لجبهة التحرير وهذا يدخل ايطار ممارسة السياسة‪ ،‬وبعد اقتراح يوسف بن خدة اسم المجاهد أو الكفاح فاتفق على تسمية المجاهد‪ ،‬صدرت (‬
‫منتصف جوان ‪ 6591‬إلى ‪ 09‬جانفي ‪ )6591‬حيث اكتشف مقرها في حي القصبة حيث معركة الجزائر‪ ،‬ونزلت ضيفة على صحيفة المقاومة الجزائرية بمدينة تيطوان من ‪9‬الى ‪6‬‬
‫سنة ‪ 6591‬تم انتقلت إلى تونس‪ .‬وخرجت من السرية إلى العلنية في ‪ 9‬أغسطس ‪ 6591‬لتصبح اللسان الرسمي ( انظر‪ :‬محمد سريح‪ ،‬البعد المغاربي مع الثورة الجزائرية‪،...‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪. 06، 61‬‬

‫(‪ )4‬عبد هللا مقالتي‪ ،‬دور المغرب العربي وافريقيا‪ ،...‬ج‪ ،0‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫(‪ )5‬مريم الصغير‪ ،‬مواقف الدول العربية‪ ،...‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.639‬‬
‫(‪ )6‬المجاهد‪ ،‬حوادث المرور مناورة سياسة‪ ،‬ع ‪ ،6599/6/69 ،61‬ص ‪.9‬‬
‫(‪ )7‬مريم الصغير‪ ،‬مواقف الدول العربية‪ ...‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪639‬‬

‫‪43‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫فرفض هذا األخير‪ ،‬وصرح بورقيبة للصحافة " ينبغي أن تدرك فرنسا ان ذلك الوقت الذي‬
‫كان يكلف فيه قائد جيش برفع احتجاج ما أو بإرسال بارجة حربية لدعم السياسة‬
‫االستعمارية قد ولى‪ .‬وإذا ما تواصلت العمليات الحربية فإنني سوف اطلب بإرسال قوات‬
‫تابعة لمنظمة األمم المتحدة لالنتصاب على الحدود"‪ ،‬فثارت ثائرة حكومة باريس‪ ،‬واتهمت‬
‫(‪)1‬‬
‫بورقيبة بمحاولة تدويل الحرب الجزائرية‬
‫وفي ‪ 1‬فيفري ‪ 6599‬على الساعة العاشرة وثمان وثالثين دقيقة صباحا أطلقت النار‬ ‫‪-‬‬
‫على طائرة فرنسية كانت تقوم بحراسة قافلة عسكرية بواسطة مدفع مضاد للطائرات الذي‬
‫كان موجودا بالتراب التونسي وكانت الطائرة تحلق فوق البرج الفرنسي من ساقية سيدي‬
‫(‪)2‬‬
‫يوسف‬
‫‪ -‬فقد أفضى في ‪ 6591‬وبداية ‪ 6599‬إلى سلسلة من االعتداءات على تونس و المغرب‪،‬‬
‫والى مزيد من االنتهاكات لسيادتها‪ :‬فقد بلغ معدل طلعات الطيران الفرنسي المتمركز في‬
‫تونس و المغرب ومساهمته في ا لعمليات العسكرية بالجزائر ما ال يقل عن مائة مرة في‬
‫(‪)3‬‬
‫األسبوع‪ ،‬حسب مصادر مجلة الدفاع الفرنسي‬

‫‪.0‬دوافع العدوان‪:‬‬

‫بعد اختطاف الطائرة المغربية التي كانت تنقل الوفد الجزائري في اكتوبر ‪ ،6591‬عرفت‬
‫العالقات بين المغرب وتونس من جهة وفرنسا من جهة األخرى توترامتزايدا وأصبحت‬
‫القضية تلعب دورا هاما في تطور العالقات وكان بورقيبة الرئيس التونسي ومحمد الخامس‬
‫ملك المغرب استنادا إلى الرأي العام الداخلي لبلديهما يعبران دائما عن تضامنهما مع جبهة‬
‫التحرير الوطني ويعتبران أن استقالل الجزائر هو شرط في تحسن العالقات مع فرنسا‪،4‬‬
‫ففي حديث أدلى به الرئيس بورقيبة لصحيفة "العلم" المغربية في ‪ 62‬ديسمبر ‪..." 6591‬‬

‫(‪ )1‬الطاهر بلخوجة‪ ،‬الحبيب بورقيبة سيرة زعيم شاهد على العصر‪ ،‬ط‪ ،6‬دار الثقافة للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،6555 ،‬ص ‪.13‬‬
‫(‪ )2‬حيب حسن اللولب‪ ،‬التونسيون والثورة الجزائرية ‪ ،6510 – 6591‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.391‬‬
‫(‪ )3‬محمد الميلي‪ ،‬مواقف جزائرية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫(‪ )4‬زهيراحدادن‪ ،‬المختصر في تاريخ الثورة الجزائرية ‪ ،6510- 6991‬ط‪ ،6‬مؤسسة إحدادن للنشر و‬
‫التوزيع‪،‬الجزائر‪،0221،‬ص‪.93‬‬

‫‪44‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫هناك عقبة وال شك ولكن العقبة هي استعمار الجزائر لذا اعتقد أن عملنا مع بعض تونس‬
‫والمغرب وليبيا‪ ،‬لتوفير أسبا ب تحرير الجزائر يسهل في نفس الوقت تحقيق الوحدة الن‬
‫تحرير الجزائر شرط أساسي لتحقيق أمنية الوحدة‪ ،‬وحين تحرر الجزائر تبقى أمام وحدة‬
‫(‪)1‬‬
‫شمال إفريقيا أسباب معقولة يمكن أن تعطلها"‬
‫‪ -‬وفي دورة ‪ 6591‬األمم المتحدة وافقت الجمعية العامة على الئحة تطلب فيها من المغرب‬
‫وتونس القيام بوساطة إليجاد حل عادل للقضية الجزائرية وكانت فرنسا معارضة لمناقشة‬
‫(‪)2‬‬
‫القضية‪ ،‬وكانت ترى ذلك تدخال في شؤونها الداخلية‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬مركز للراحة والتحاق بمركز تكويني وإيواء‪.‬‬

‫‪.3‬قصف ساقية سيدي يوسف‪:‬‬

‫في ‪ 9‬فيفري ‪ 6599‬على الساعة التاسعة وخمس دقائق صباحا أطلقت النار على طائرة‬
‫الفرنسية من نوع " داسو" بينما كانت تقوم بمهمة استكشافية بمنطقة الساقية وقد أطلقت‬
‫النار على المدفع المضاد للطائرات بساقية سيدي يوسف‪ ،‬وقد أجبرت الطائرة على النزول‬
‫(‪)4‬‬
‫بأرض تبسة‪.‬‬

‫قد أسقطتها قوات جيش التحرير الوطني بإمكانياتها المتواضعة وراء خط موريس‪ ،‬وبعد‬
‫ثالث ساعات من وقوع الحادث قامت القوات الجوية الفرنسية كما تدعى بأن ‪ 09‬طائرة من‬
‫نوع ‪ B26‬األمريكية الصنع(‪ ،)5‬بعد أن أصيبت بعطب وقد قام السالح الجوي الفرنسي برد‬
‫الفعل على النيران التي أطلقت عليه من التراب التونسي وذلك عمال بالتعليمات التي تلقاها‬

‫(‪ )1‬المجاهد‪ ،‬زعماء المغرب العربي في خدمة الوحدة‪ ،‬العدد ‪ ،6599/3/69 ،02‬ص‪.3‬‬
‫(‪ )2‬زهيراحدادن‪ ،‬المختصر في تاريخ الثورة الجزائرية ‪ ،6510 – 6591‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫(‪ )3‬محمد بلقاسم وآخرون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.663‬‬
‫(‪ )4‬قرية سيدي يوسف تبعد عن الحدود بحوالي ‪ 02‬كلم ( زهير احدادن‪ ،‬مختصر الثورة الجزائرية‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪).91‬‬
‫(‪ )5‬حبيب حسن اللولب ‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.391‬‬

‫‪45‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫في هذا الشأن(‪ ،)1‬األمر بتنفيذ مشروع الجنرال جوهر أعطى في اليوم نفسه من قبل‬
‫(‪)2‬‬
‫الجنرال شال إحدى عشر مقنبلة‪ B26‬وستة كورسير و ثمانية ميسترال‪.‬‬
‫وحسب جريدة المجاهد أن االعتداء المدبر الذي ذهب ضحيته قرية ساقية سيدي يوسف‬
‫التونسية صباح يوم ‪ 9‬فيفري ‪6599‬الذي بين بصورة ال تقبل الجدال مبلغ اإلجرام من‬
‫العمل الذي تقوم به الحكومات الفرنسية بعد أن أتمت الطائرات الفرنسية قذف القرية‬
‫(‪)4‬‬
‫التونسية مدة ساعة كاملة(‪ ،)3‬في اكبر يوم امتأل بسكان وهو يصادف السوق األسبوعي‬
‫بعد ان رمت فيها أطنانا من القنابل‪ ،‬حيث كان كل من ممثلي الصليب األحمر الدولي‬
‫(‪)5‬‬
‫والصحافة األجنبية شاهدين على هذا االعتداء‪.‬‬

‫‪.4‬نتائج العدوان‪:‬‬

‫لقد اختلف المؤرخون والكتاب في تحديد نتائج وعدد وضحايا القصف الفرنسي لساقية‬
‫سيدي يوسف في ‪ 9‬فيفري‪ 6599‬وتعددت الكتابات وإحصاءاتها‪:‬‬

‫‪ -‬ففي كتابات مسعود معداد حيث يذكر انه نتج عن القصف للساقية ‪ 12‬شخصا منهم ‪02‬‬
‫(‪)6‬‬
‫طفال وجرحت أكثر من ‪ ،622‬وقد نالت بذلك أيضا شاحنات الصليب األحمرالدولية‬
‫‪ -‬وحسب ما ذكره عبد هللا المقالتي حيث خلفت الحادثة ‪ 15‬قتيال و‪ 632‬جريحا من سكان‬
‫(‪)7‬‬
‫القرية التونسية العزل‬
‫‪ -‬أما بالنسبة لصافي سعيد الذي يذكر قصف مدرسة بتلك القرية مخلفة ‪ 92‬قتيال من‬
‫(‪)8‬‬
‫األطفال‬

‫(‪ )1‬عبد المجيد عمراني ‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.52‬‬


‫(‪ )2‬حبيب حسن اللولب‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.391‬‬
‫(‪ )3‬مسعود معداد‪،‬حرب الجزائر أحداث تاريخية و تعاليق‪،‬تر‪:‬حروش مهوب‪،‬دط‪،‬موفم للنشر‪،‬الجزائر‪،0263،‬ص‪.690‬‬
‫(‪ )4‬المجاهد ‪ ،‬قرية سيدي يوسف الشهيرة فضحت مسؤلية االستعمار العالمي و جسمت وحدة‪ ،‬ع‪،6599/0/69 ،69‬‬
‫ص ‪.1‬‬
‫(‪ )5‬زهيرإحدادن‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫(‪ )6‬مسعود معداد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.693‬‬
‫(‪ )7‬عبد هللا المقالتي ‪،‬دور المغرب العربي في دعم الثورة الجزائرية ‪ ،‬ص ‪.699‬‬
‫(‪ )8‬الصافي سعيد‪ ،‬بورقيبة سيرة شبه محرمة ‪ ،‬ط‪ ،6‬رياض الريس للكتب و النشر ‪ ،‬لبنان‪ ، 0222 ،‬ص ‪.033‬‬

‫‪46‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫وفي حين تذكر جريدة المجاهد بوصفها للمجزرة "لم تكن في الواقع جثث بل كانت‬ ‫‪-‬‬
‫اقرب أشالء وأعضاء مبتورة وأجسام‪ ،‬حقا لم يكن من الممكن دفن كل واحد على حدا وكان‬
‫(‪)1‬‬
‫ال بد لجموعها من سبع خنادق طويلة لتدفن فيها تلك البقايا من البشر‬
‫ومن خالل ما سبق يمكن القول رغم اختالف اإلحصاءات وتعددها حول نتائج العدوان‬
‫الفرنسي على ساقية سيدي يوسف إال أنها قد حصدت عددا كبيرا من الضحايا األبرياء‬
‫الالإنسانية‪.‬‬ ‫العزل وارتكبت مجزرة كبيرة ضد البشرية‬
‫‪.5‬موقف تونس من العدوان على ساقية سيدي يوسف‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫كان للعدوان الفرنسي على ساقية سيدي يوسف أثر بارز في تطوير العالقات الجزائرية‬
‫التونسية وتعزيز دعمها للقضية الجزائرية حيث تجلت في‪:‬‬

‫أ‪ .‬الشكوى التونسية لدى مجلس األمن ضد فرنسا‪:‬‬


‫على اثر القصف الفرنسي لساقية سيدي يوسف اشتكى الرئيس حبيب بورقيبة إلى مجلس‬
‫األمن حيث وجدها فرصة ذهبية يجب استغاللها سياسيا ودبلوماسيا لالنقالب على فرنسا‬
‫(‪)2‬‬
‫وحتى من قبل حلفاءها‬
‫حيث فرضت الحكومة التونسية الحصار على جميع ثكنات الجيش الفرنسي المتواجد على‬
‫أرضها وأقيمت الحواجز على الطرق تحت حراسة المناضلين التونسيين إضافة إلى قرار‬
‫إغالق خمسة مراكز للقنصلية الفرنسية ( سوق األربعاء‪ ،‬الكاف ومجاز الباب وكذا قفصة‬
‫وقابس)‪ ،‬والعمل على إجالء المعمرين الفرنسيين بسبيطة وسوق األربعاء والسعي إلى‬
‫(‪)3‬‬
‫الجالء الشامل للجيش الفرنسي بما فيها قاعدة بنزرت‬
‫قام المنجي سليم منذ ‪ 9‬فيفري باتصال لدى وزارة الخارجية األمريكية حيث سلم لالمين‬
‫العام لألمم المتحدة مذكرة احتجاج أبدى فيها رغبته في وساطة يعهد لها مجلس األمنإلى‬
‫األمين العام داغ همرشولد نظرا لحقيقة الخطر الذي يهدد تونس بسبب التصرفات المتهورة‬

‫(‪ )1‬المجاهد‪ ،‬قرية ساقية سيدي يوسف الشهيرة‪ ،...‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫(‪ )2‬احمد المستيري‪ ،‬شاهد على العصر‪ ،‬ج‪ ،1‬تقديم احمد المنصور‪ ،‬قناة الجزائر‪ ،‬قطر‪.0263 / 60/00،‬‬
‫(‪TaharBelkhodja : les trois décennies de Bourguiba , témoignage,publi sud, Tunis, ( )3‬‬
‫‪C .D.E)p26 .‬‬

‫‪47‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫للقوات الفرنسية في الجزائر والتي سبق لها تعرضت للطائرة التي كان على متنها ممثلين‬
‫(‪)1‬‬
‫من جبهة التحرير دون علم الحكومة الفرنسية‬
‫واعتبر األمين العام وساطة األمم المتحدة خارج السياق الجزائري‪ ،‬مع ذلك أصرت تونس‬
‫عن طريق سفيرها في األمم المتحدة على تقديم شكوى إلى مجلس األمن ضد فرنسا يوم ‪63‬‬
‫فيفري ‪ 6599‬مؤكدة على أن استمرار فرنسا في الجزائر ونتائجها ال يهدد امن تونس‬
‫فحسب بل يهدد السالم واألمن العالمي(‪)2‬وفي ‪ 61‬فيفري منعت القوات الفرنسية المتمركزة‬
‫في تونس من التحرك فكان رد فعل بورقيبة حيث صرح "يجب أن يعالج المرض من‬
‫جذوره فلقد أفسح من حادثة ساقية سيدي يوسف انه ماهو إال جزء من أعمال اكبر وان‬
‫هناك عشرات ومئات ساقية سيدي يوسف بالجزائر ويقع ذلك باسم العالم الحر وباسم‬
‫(‪)3‬‬
‫الشعب الفرنسي"‬
‫لقد كان من نتائج العدوان الفرنسي على ساقية سيدي يوسف‪ ،‬انسحاب الجيش الفرنسي من‬
‫جميع مواقعه في تونس باستثناء قاعدة بنزرت(‪ ،)4‬فقد أعطى هذا العدوان بعدا جديدا لتدويل‬
‫(‪)5‬‬
‫القضية الجزائرية‪.‬‬
‫ب‪ .‬الوساطة األمريكية البريطانية لحل النزاع التونسي الفرنسي‪:‬‬
‫ما كاد مجلس االمن ينعقد بعد أسبوع من وقوع الحادثة حتى كل من تونس وفرنسا قد قبلتا‬
‫عرض الوساطة التي تقدمت بها أمريكا وبريطانيا لتسوية النزاع‪ ،‬وقبلت تونس تأجيل‬
‫مناقشته وفي يوم األربعاء ‪ 65‬فيفري عينت وزارة الخارجية األمريكية وسيطا وهو‬
‫المستر روبير مورفي وعينت لندن وسيطها وهو السير هارولد بيلي وما كادت قضية‬
‫(‪)6‬‬
‫الوساطة تحل مجلس األمن حتى شرع الطرفان التونسي والفرنسي في تحديد موقفها منها‬
‫فالطرف التونسي يريد تخليص تونس من بقايا الوجود العسكري الفرنسي بوصفة المكسب‬
‫األساسي الذي يساعد تونس على الدفع باتجاه التفاوض بشان حرب الجزائر‪ ،‬والطرف‬

‫(‪ )1‬الباجي قايد السبسي‪،‬الحبيب بورقيبة المهم و االهم‪،‬دط‪،‬دار الجنوبللنشر‪،‬تونس‪ ،0266،‬ص‪.99‬‬


‫(‪ )2‬الباجي قائد السبسي ‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص ص‪.91، 91‬‬
‫(‪ )3‬محمد الميلي‪ ،‬مواقف جزائرية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫(‪ )4‬المجاهد‪ ،‬ساقية سيدي يوسف‪ ،‬العدد‪ ،.6599/0/69 ،69‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )5‬الصافي سعيد ‪ ،‬المصدر السابق‪،‬ص ص ‪.031، 033‬‬
‫(‪ )6‬محمد الميلي‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.99‬‬

‫‪48‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫الفرنسي يريد ان تضمن ليس فقط بقاء الجيش الفرنسي بل وحرية تحركه وتصفية القواعد‬
‫(‪)1‬‬
‫الجزائرية على الحدود‪.‬‬
‫أدت المساعي الحميدة يوم ‪ 69‬مارس إلى حل وسط مقبول‪ ،‬يحدد إجراءات الجالء في‬
‫غضون أربعة أشهر‪ ،‬من جميع القواعد عدا قاعدة بنزرت التي ستخضع لمفاوضات الحقة‪،‬‬
‫وفي ‪ 6‬اكتوبر ‪ 6599‬نفذت المرحلة األولى من االتفاق تنفيذا كامال وانسحبت القوات‬
‫الفرنسية من رمادة يوم ‪ 3‬جويلية وفي قفصة يوم‪ 06‬جويلية وقابس يوم ‪ 02‬اوت‬
‫وصفاقس يوم ‪ 61‬سبتمبر وأخيرا امن الثكنات المحيطة بتونس العاصمة‪ ،‬وبقي مطروحا‬
‫(‪)2‬‬
‫التفاوض حول وضع بنزرت‬
‫ج‪ -‬تعاطف قاعدة الثورة التحريرية مع الحكومة التونسية‪:‬‬
‫عبرت جبهة التحرير الوطني باسم الشعب الجزائري للرئيس بورقيبة على ألمها وتضامنها‬
‫الفعال مع تونس في حزنها الوطني الذي تسبب فيه عدو مشترك و تحميله بصفة خاصة‬
‫(‪)3‬‬
‫المسؤولية الثقيلة‪.‬‬
‫وفي هذا السياق أرسلت لجنة التنسيق والتنفيذ برقية عبرت فيها عن مدى تضامن الشعب‬
‫الجزائري مع الشعب التونسي وحكومته‪ ،‬كما صرحت عن إستعدادها أن تضع قوات جيش‬
‫التحرير الوطني إلى جانب القوات التونسية و ذلك من أجل إنقاذ االستقالل التونسي الذي‬
‫تهدده االعتداءات الفرنسية على أراضيها‪ ،‬كما اعتبرت بان الواليات المتحدة األمريكية‬
‫(‪)4‬‬
‫شريكة في هذا العدوان وذلك من خالل استعمالها للعتاد العسكري األمريكي‪.‬‬
‫ولتوثيق التضامن الجزائري التونسي تقابل احمد توفيق مع الصادق المقدم كاتب الدولة‬
‫لوزارة الخارجية التونسية بعد العدوان الفرنسي على الساقية للتعبير عن تضامن الجزائر‬

‫(‪)1‬المجاهد‪،‬عرض الوساطة ‪ ،‬ع ‪،6599/3/6 ،65‬ص‪.0‬‬


‫(‪ )2‬محمدالميلي‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.10‬‬
‫(‪ )3‬المجاهد ‪ ،‬بالغ من جبهة التحرير ‪ ،‬ع ‪ ، 6599/0/69 ، 69‬ص‪.1‬‬
‫(‪ )4‬المجاهد ‪ ،‬بالغ من جبهة التحرير ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. 1‬‬

‫‪49‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫مع تونس وأكد الصادق المقدم بان أحداث الساقية ال تؤثر إطالقا في العالقات بين البلدان‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ذلك أن الدم التونسي والدم الجزائري قد ساال واختلطا في ميدان الشرف‪.‬‬

‫د‪ -‬الموقف الفرنسي اتجاه الحكومة التونسية‪:‬‬

‫ولقد تعددت تصريحات وتبريرات العدوان الفرنسي على الساقية فكان منها ما كشف في‬
‫جريدة المجاهد منها‪:‬‬
‫بأن القذف كان لمجرد رد فعل‪،‬وان الطائرات الفرنسية قد توجهت بقذفها إلى مراكز‬ ‫‪-‬‬
‫معينة وهي تجمعات الثوار الجزائريين التي تقع على بعد كيلومترات ونصف جنوب قرية‬
‫الساقية‪.‬‬
‫في حين قال الجنرال سالن‪ :‬أن مصلحة االستعالمات قد الحظت تجمعات الثوار‬ ‫‪-‬‬
‫بعيدة عن القرية بكلم ونصف‪ ،‬وعندما أذاعت الحكومة التونسية خبر أطفال المدرسة الذين‬
‫قتلوا نتيجة العدوان الجوي الفرنسي‪ ،‬أذاعت القيادة الفرنسية العليا بالغا قالت فيه‪" :‬إننا‬
‫نستطيع أن نكذب تكذيبا قطعيا الخبر الوارد من تونس والذي يزعم أن المدرسة قد قذفت‬
‫(‪)2‬‬
‫بالقنابل وان أطفاال عديدين قد قتلوا فيها" ‪.‬‬

‫(‪)1‬أحمد توفيق المدني ‪ ،‬حياة كفاح مع ركب الثورة التحريرية ‪ ،‬ج‪ ، 3‬دط ‪ ،‬دار البصائر ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 0225 ،‬ص ص‬
‫‪. 935 ، 939‬‬

‫(‪)2‬المجاهد‪ ،‬قرية سيدي يوسف الشهيرة ‪ ،...‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪50‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬بورقيبة وتفعيل المؤتمرات المغاربية لحل القضية الجزائرية‪.‬‬


‫إن فكرة الوحدة المغاربية والتعاون بين األقطار المغرب العربي الواحد وروح التعاون‬
‫التضامن التي طبعت أفراد مجتمعه‪،‬فافتئت تحتل مكانا بارزا في اهتمامات الحركات‬
‫الوطنية العربية بصفة عامة والمغاربية بصفة خاصة‪ ،‬وكان لرجال الفكر والسياسة‬
‫(‪)1‬‬
‫وهذا ما نجده في تصريحات رئيس حزب‬ ‫المغاربية دور في ترسيخها في الذهان‬
‫(‪)2‬‬
‫عالل الفاسي‪ 3‬الذي يؤكد على وحدة المغرب العربي " والحقيقة أن‬ ‫االستقالل المغاربي‬
‫الحركات المغربية ‪ -‬وإن تعددت أسماؤها‪ -‬حركة واحدة تنشد الحرية والوحدة والنهوض "‪،‬‬
‫وأيضا " نحن المغاربة نحس من حاضرنا وكفاحنا بما شعرنا بان عواطفنا التي تدفعنا اليوم‬
‫(‪)4‬‬
‫لمقاومة المستعمرين في غير هوادة‪.‬‬
‫حيث كانت ارض المغرب مكانا خصبا لعقد سلسلة من المؤتمرات التي عرفت بالكفاح‬
‫الجزائري ودعمت قاعدة النضال من اجل الحرية واالستقالل‪ ،‬كما شكلت هذه المؤتمرات‬
‫(‪)5‬‬
‫وتجسدت المجهودات الدبلوماسية الجزائرية بانعقاد‬ ‫اللبنة األولى للوحدة المغاربية‬
‫(‪)6‬‬
‫يوم ‪ 72‬أفريل ‪ 8591‬ضم حرب‬ ‫مؤتمر طنجة الذي وضع قواعد الوحدة المغربية‬
‫(‪)7‬‬
‫االستقالل وجبهة التحرير الجزائرية والحزب الدستوري التونسي‬

‫(‪)1‬مريم الصغير‪ ،‬المواقف الدولية في القضية الجزائرية (‪ )8597 – 8591‬المرجح السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ 2‬حزب االستقالل‪ :‬حزب مغربي‪ ،‬نشا مع انطالق الحركة الوطنية التي ناضلت للتحرر من الهيمنة األجنبية واستعادة السيادة‬
‫المغربية‪ ،‬وقد توجت هذه النضاالت بتقديم وثيقة المطالبة باالستقالل والديمقراطية يوم ‪ 88‬جانفي ‪ 8511‬الذي يشكل يوم‬
‫الميالد الفعلي لحزب االستقالل‪ ،‬أعلن عن تشبث الشعب المغربي بالملك الشرفي‪ ،‬من ابرز زعمائه عالل الفاسي والمهدي بن‬
‫بركة ( انظر‪ :‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي ( موقف الدول العربية وجامعة الدول العربية من‬
‫الثورة الجزائرية ‪ 8597 – 8591‬من خالل الخطاب الرسمي)‪ ،‬ج‪ ،8‬دار مدني‪ ،‬قرواو‪ ،7182 ،‬ص ‪.91‬‬
‫(‪ )3‬عالل الفاسي‪ :‬ولد بمدينة فاس سنة ‪ 8581‬وهو أحد أعالم الحركة اإلسالمية الحديثة التي ظهرت في القرن العشرين‪ ،‬تقلد‬
‫عدة مناصب سياسية في بالده منها‪ :‬وزير الدولة مكلف بالشؤون السالمية وزعيم حزب االستقالل‪ ،‬توفي بوخارست عاصمة‬
‫رومانيا إثر نوبة قلبية سنة ‪ 8521‬ونقل جثمانه الى ارض الوطن (انظر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص ‪) .91‬‬
‫(‪ )4‬عالل الفاسي‪ ،‬الحركات االستقاللية في المغرب العربي‪ ،‬ط‪ ،9‬مؤسسة عالل الفاسي‪ ،‬دار البيضاء المغرب‪ ،‬ص ص ‪2‬‬
‫‪.1،‬‬
‫(‪ )5‬حنيفي هاليلي‪ :‬المغرب والثورة الجزائرية‪ ،‬دعم وتضامن ‪ ،8597 – 8591‬وزارة الشؤون الخارجية والتعاون‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪ 81‬و‪ 89‬نوفمبر ‪ ،7119‬ص‪.29‬‬
‫(‪ )6‬عمورة عمار‪ :‬موجز في تاريخ الجزائر‪ ،‬ط‪ ،8‬دار ريحانة‪ ،‬الجزائر ‪ ،7117‬ص‪.29‬‬
‫(‪ )7‬الحزب الدستوري التونسي‪ :‬أسس على يد عبد العزيز الثعالبي الذي وصف بأعظم خطيب‪ ،‬وطرد في عام ‪ 8522‬من‬
‫الحزب بورقيبة وطاهر صفر‪ ،‬محمود المتري‪ ،‬البحري وأسسا الحزب الدستوري الجديد ‪( 8521‬انظر‪ :‬احمد المسيري‪،‬‬
‫شاهد على العصر‪ ،‬ج‪ ،8‬تقديم احمد المنصور‪ ،‬قتلت الجزيرة‪ ،‬قطر‪.7182/87/7 ،‬‬

‫‪51‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التحضير إلى عقد مؤتمر طنجة‪:‬‬


‫إن بالد المغرب العربي كانت قد قطعت شوطا هاما في كفاحها ضد االستعمار الفرنسي‬
‫الذي توج باستقالل تونس و المغرب سنة ‪ ،8599‬واستمر الكفاح المسلح في الجزائر إلى‬
‫غاية ‪ ،)1(8597‬وفي تصريح عالل الفاسي عل ضرورة الوحدوية بين أقطار المغرب في‬
‫‪ 89‬كانون الثاني‪ /‬يناير من العام ‪ ... " 8591‬واآلن وقد تحقق االستقالل‪ ،‬فمن واجبنا أن‬
‫نبدل أقصى مجهوداتنا لتح قيق التعاون الذي كان شعارا للحركات المغربية‪ ،‬حركات تونس‬
‫– المغرب العربي‪ -‬في دولة‬ ‫والجزائر والمغرب‪ ،‬وان نتجه إلى توحيد الشمال اإلفريقي‬
‫واحدة متحدة ألنه لم يعد هناك مجال للعزلة وال وطنية ضعيفة في هذا العصر‪ .‬وقد بين‬
‫التاريخ أن أحسن عصورنا هي التي كانت فيها األقاليم الثالثة موحدة وعلينا نحن في‬
‫(‪)2‬‬
‫المغرب أن نفكر في هذا وان نعد العدة له"‪.‬‬
‫رغم استقالل الجزائر والمغرب فقد تبين أن المغرب كل ال يقبل التجزئة وأن استقالل اي‬
‫(‪)3‬‬
‫وفي‬ ‫قطر مهما كان‪ ،‬فانه يبقى فارغ من محتواه إذا لم يصاحب ذلك استقالل الجزائر‬
‫‪ 71‬أفريل ‪ 8591‬وفي مدينة طنجة‪ 4‬ألقى مندوبون الحركات التحريرية لبلدان المغرب‬
‫األقصى وتونس والجزائر في هذه الندوة التاريخية لكشف النقاب عن مشاكل ودرس‬
‫قضايا البلدان ومعالجة المشاكل المشتركة الن القضايا والمشاكل لم تعد تهم كل بلد وحده‬
‫(‪)5‬‬
‫وقد رافق الدعوة لعقد هذا األخير مجموعة من الظروف والتحديات خاصة مع نهاية‬
‫‪ 8592‬وبداية ‪ 8591‬أهمها‪:‬‬

‫(‪)1‬معمر العايب‪ ،‬مؤتمر طنجة المغاربي دراسة تحليل تقييميه‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬دار الحكمة للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،7181 ،‬ص‪.82‬‬
‫(‪ )2‬محمد علي داهش‪ ،‬المغرب العربي المعاصر‪ ،‬ط‪ ،8‬دار العربية للموسوعات‪ ،‬لبنان‪ ،7181،‬ص ص ‪.225 ،221‬‬
‫(‪ )3‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.58 ،51‬‬
‫(‪ )4‬مدينة طنجة‪ .‬مدينة مغربية تقع في تقصى الشمال الغربي للمملكة المغربية وهي نقطة وصل بين المملكة وأروبا الغربية‪،‬‬
‫كانت خالل القرن الثامن عشر عاصمة المغرب الدبلوماسي‪ ،‬ففيها كان يقيم ممثلو الدولة األجنبية‪ ،‬أول اعتراف رسمي بوضع‬
‫مدينة طنجة الخاص كمدينة دولية جاء في معاهدة بين فرنسا واسبانيا سنة ‪ 8517‬إذ أعلنت الدولتان على قبول حياد المدينة‬
‫نهائيا‪ ،‬لقد ضلت طنجة إلى العقد السادس من القرن العشرين موطنا للكثير من الحريات السياسية‪ ،‬ومن ثم كان يلقي فيها‬
‫الوطنيون وأصدقاؤهم األجانب‪ ،‬وكانت ملجأ لسياسيين من المنطقتين الفرنسية واالسبانية‪ ،‬وفي نفس الوقت كانت ملجأ للعلماء‬
‫واألجانب وتجار األسلحة واسترد المغرب طنجة عام ‪ ،8592‬بعدما كانت مسيرة من طرف إحدى عشرة دولة أجنبية (‬
‫انظر‪ :‬معمر العايب ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪. 829‬‬
‫(‪ )5‬المجاهد‪ ،‬هل تحقق وحدتنا في مؤتمر طنجة‪ ،‬ع‪ ،8592/1/89 ،77‬ص‪.7‬‬

‫‪52‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫‪ -‬التحالف الفرنسي االسباني الذي وجه ضربات قوية لجيش التحرير المغربي بمناطق‬
‫الجنوب انتهت بسحقه في فيفري ‪.8591‬‬
‫‪ -‬الهجمات الجوية على ساقية سيدي يوسف ‪ 1‬فيفري ‪.8591‬‬
‫‪ -‬الوحدة بين مصر وسوريا في إطار الجمهورية العربية المتحدة‪.‬‬
‫ففكرة عقد مؤتمر ثالثي بجمع األحزاب الثالثة‪ ،‬لم تكن وليدة عام ‪ 8591‬إنما كانت فكرة‬
‫راودت قادة تونس والمغرب‪ ،‬منذ قمة تونس اكتوبر ‪ 8599‬والتي لم تشارك فيها جبهة‬
‫التحرير الوطني بعد القرصنة التي تعرض لها قادة الثورة الخمسة ( احمد بنبلة ورفقائه)‬
‫من طرف الطائرات الحربية الفرنسية‪ ،‬هذا الحدث لم يقض على الفكرة وإنما بقيت حية‬
‫ليعاد السعي اليها من جديد بعد عام من ذلك ففي ‪ 71‬نوفمبر ‪ ،8592‬عقد اجتماع ثنائي في‬
‫الرباط بين محمد الخامس(‪1‬والرئيس بورقيبة للتشاور وإيجاد حل للقضية الجزائرية داخل‬
‫إطار التقارب الفرنسي المغاربي(‪)2‬وتنفيذا لما أوصت به الجنة التنفيذية لحزب االستقالل‬
‫سافر كل من أبوبكر القادري و الدكتور بناني إلى تونس لدراسة الموضوع مع قادة الحزب‬
‫الدستوري من أجل إعداد برنامج عمل لعقد مؤتمر‪ ،‬وتم بتونس عقد عدة اجتماعات بين‬
‫الطرفين من ‪ 85‬إلى ‪ 77‬مارس وتقرر من خاللها عقد مؤتمر طنجة بمشاركة جبهة‬
‫التحرير الوطني الجزائري‪ ،‬و ألجل ذلك سافر المحبوب بن الصديق وعبد الرحمان‬
‫(‪)3‬‬
‫اليوسفي إلى القاهرة لالتصال بأعضاء جبهة التحرير الوطني الجزائري‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أشغال المؤتمر‪:‬‬
‫‪ )1‬انعقاد المؤتمر‪:‬‬

‫(‪ )1‬محمد الخامس‪ ،)8598 – 8581( :‬تولى محمد بن ينسف الحكم عام ‪ 8572‬بعد وفات والده السلطان‪ ،‬والمغرب في أوج‬
‫المرحلة االستعمارية التي عرفت بنظام الحماية‪ .‬واجه االستعمار الفرنسي وبمساعدة من حلفاء من البرابرة بقيادة الغالوي (‬
‫الكالوي) تطالب بخلع السلطان‪ ،‬وبالفعل عم د الفرنسيون إلى استبداله بأحد أقرباءه وهو السلطان محمد بن غرفة أغسطس‬
‫‪ ، 8592‬نفي محمد الى كورسيكا في جزيرة مدغشقر ثم أعيد تنصيبه سلطانا في أواخر ‪ ،8599‬وبعد أشهر انتهى نظام‬
‫الحماية واعترفت فرنسا باستقالل المغرب بتوقيعها على اتفاقية رسمية في مارس ‪ ،8599‬وفي عام ‪ 8512‬اعلن محمد نفسه‬
‫ملكا متخليا عن لقب السلطان‪ ،‬تميز عهده بعد االستقالل بسياسة انفتاح خارجي ( انظر‪ :‬عبد الوهاب الكيالي‪ ،‬موسوعة‬
‫السياسة‪ ،‬ج‪ ،9‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.)28‬‬
‫(‪ )2‬محمد العايب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.879‬‬
‫(‪ )3‬رضا ميموني‪ ،‬دور الوطنين المغاربة في حركة تحرير تونس والمغرب من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى غاية‬
‫االستقالل‪( ،‬رسالة ماجستير)‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية والعلوم اإلسالمية‪ ،7187 ،‬ص‬
‫‪.811‬‬

‫‪53‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫انعقد المؤتمر ما بين ‪ 72‬و ‪ 21‬أفريل ‪ 8591‬بقصر المارشال الكائن في مدينة طنجة‬
‫بالمغرب األقصى بدعوة من حزب االستقالل الحاكم في المغرب االقصى و الحزب‬
‫الدستوري الجديد‪ ،‬وجبهة التحرير الوطني الجزائري (‪)1‬أما قائمة الوفود للمشاركة في‬
‫المؤتمر كالتالي‪:‬‬
‫الوفد الجزائري‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫(‪)2‬‬
‫فرنسيس احمد‪ ،‬عباس فرحات‪ ،‬بوصوف عبد الحفيظ‪ ،‬الشيخ خير الدين‬
‫الوفد التونسي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الباهي أدغم‪ ،‬عبد هللا فرحات‪ ،‬احمد تليلي‪ ،‬الطاهر بالخوجة‪ ،‬علي البهوان (‪)3‬المهري‬
‫(‪)4‬‬
‫الطيب‪.‬‬
‫الوفد المغربي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫عالل الفاسي‪ ،‬احمد بالفريج‪ ،‬بن بركة المهري (‪ ،)5‬عبد الرحمان بوعبيد ابي بكر القادر‪ ،‬فقيه‬
‫(‪)6‬‬
‫البصري‪ ،‬محجوب بن صديق‬
‫عقد المؤتمر المغاربي ‪ 8591‬بمدينة طنجة(‪ ،)7‬كان عالل الفاسي رئيسا للوفد المغربي‬
‫مترئسا للمؤتمر(‪ )8‬حيث تركزت الخطب االفتتاحية لرؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر على‬

‫(‪ )1‬الهادي التيمومي‪ ،‬تونس ‪ ،8512 – 8599‬ط‪ ،8‬دار محمد علي للنشر‪ ،‬تونس‪ ،7119 ،‬ص ‪.892‬‬
‫(‪ )2‬المجلة التونسية للتاريخ العسكري‪ ،‬ع ‪ ،9‬ديسمبر ‪ ،7189‬تونس‪ ،‬ص ‪92‬‬
‫(‪)3‬علي البهوان‪ )8591 – 8515 ( :‬هو علي بن عبد العزيز البهلوان‪ ،‬ولد في ‪ 82‬أفريل ‪ 8515‬بتونس‪ ،‬دخل ميدان‬
‫النضال الحزبي مبكرا مع حزب الدستور التونسي الجديد منذ عام ‪ 8529‬اعتقل عام ‪ ،8521‬كلف بعدة مهام منها اإلشراف‬
‫على تنظيم الحزب عام ‪ ،8512‬ثم موفدا للحزب في المشرق ثم عضو في الوفد التونسي في منظمة األمم المتحدة مع‬
‫الرئيس الحبيب بورقيبة عام ‪ ،8599‬عين عضوا في الوفد التونسي في مؤتمر طنجة ‪ 8591‬عين أثناء هذا المؤتمر ليكون‬
‫ضمن النواب الذين كلفوا بإبالغ قادة المغرب العربي بنجاح المؤتمر وقراراته لكن المنية فاجأته يوم الجمعة ‪ 81‬ماي ‪8591‬‬
‫(انظر‪ :‬معمر العايب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.)97‬‬

‫(‪ )4‬عميرة علية الصغير‪ ،‬الحاكم بأمره بورقيبة األول دراسات وآراء في عهده‪ ،‬ط‪ ،8‬المغاربية لطباعة وإشهار الكتاب‪،‬‬
‫تونس‪ ،‬ص ‪.898‬‬
‫(‪ )5‬بن بركة المهري‪ :‬ولد سنة ‪ 0291‬بالرباط بالمغرب‪ ،‬واختفى في شمال فرنسا سنة ‪ 0291‬وهو أحد ابرز السياسيين‬
‫المغاربة‪ ،‬واكبر معارض للملك حسن الثاني (أنظر‪ :‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪،9‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.)15‬‬
‫(‪ )6‬عميرة علية الصغير‪ ،‬الحاكم بأمره بورقيبة األول دراسات وآراء في عهده‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.898‬‬
‫(‪ )7‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫(‪ )8‬المجاهد‪ ،‬مالحظات حول مؤتمر طنجة‪ ،‬ع ‪ 1 ،72‬ماي ‪ ،8591‬ص ‪.2‬‬

‫‪54‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫ضرورة التضامن مع الجزائر في كفاحها التحريري واإلشادة بوحدة المغرب العربي‪ ،‬وشدد‬
‫رئيس وفد جبهة التحرير إلى االستقالل هو الهدف األول‪ ،‬وكان المؤتمر حدثنا مدويا وحاسما‬
‫أنعش الشعوب المغاربية و بحث روح التضامن والتالحم من جديد حيث اقر المؤتمر مفهوما‬
‫واضحا لفكرة الوحدة التي ال تعني مجرد التنسيق المشترك لكن العمل من اجل قيام وحدة‬
‫(‪)*2‬‬
‫فدرالية بين األقطار المغاربية(‪ )1‬وكان جدول أعماله هو‪:‬‬
‫حرب استقالل الجزائر‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫تصفية آثار الهيمنة االستعمارية في دول المغرب العربي‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫اتحاد المغرب العربي‪ ،‬ضرورته أشكاله الممكنة‪ ،‬مرحلة االنتقالية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫التنظيمات الدائمة لتنفيذ قرارات المؤتمر‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ )2‬قرارات مؤتمر طنجة‪:‬‬
‫بعد الحوار والم ناقشة خرج المؤتمرون بقرارات هامة‪ ،‬كانت القرارات المتخذة موزعة على‬
‫أربعة أبواب‪ :‬الحرب التي يخوضها الشعب الجزائري بقيادة جبهة التحرير‪ ،‬الدعم األطلسي‬
‫والغربي لالستعمار الفرنسي‪ ،‬تصفية القواعد االستعمارية في المغرب وتونس‪ ،‬وأخيرا توحيد‬
‫(‪)4‬‬
‫المغرب العربي‪.‬‬
‫ففي ما يتصل بحرب الجزائر حققت مكسبين‪ :‬االول يتصل بتأكيد كون جبهة التحرير‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)5‬‬
‫هي الممثل الشرعي الوحيد‪ ،‬والثاني يتصل بصيغة التوصية بإنشاء حكومة جزائرية مؤقتة‬
‫قرار حول تصفية بقايا السيطرة االستعمارية في المغرب العربي حيث قدر المؤتمر‬ ‫‪-‬‬

‫الجهود التي بذلت كل من تونس والمغرب لتصفية عهد االستعمار واستنكر وجود القوات‬
‫األجنبية فوق ترابها‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المطالبة بتصفية القواعد العسكرية في كامل تراب المغرب العربي‬ ‫‪-‬‬

‫(‪ )1‬رضا ميموني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،811‬ص ‪.819‬‬

‫)‪ (2‬جدول أعماله‪ :‬هو برنامج العمل الموضوع أمام هيئة معينة لدرسه وإقراره ثم تنفيذه‪ ،‬وقد أصبح لكل اجتماع رسمي جدول‬
‫أعمال يضبط مناقشاته ومقرراته (انظر‪ :‬عبد الوهاب الكيالي‪ ،‬الموسوعة السياسية‪ ،‬ج‪ ،9‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )3‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫(‪ )4‬محمد الميلي‪ :‬مواقف جزائرية‪ ،‬دط‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،8511 ،‬ص ‪.25‬‬
‫(‪ )5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫‪55‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫التنديد بالجيش الفرنسي الذي ينطلق من المغرب‪ ،‬وتونس لالعتداء على المقاومة‬ ‫‪-‬‬

‫الجزائرية والمطالبة بجالئه الكامل عنها‪.‬‬


‫(‪)2‬‬
‫مساندة النضال في سبيل حرية ما سمي فيما بعد بموريتانيا‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وجه تحذير للدول العظمى لتقطع على فرنسا كل مساعدة في حربها االستعمارية‬ ‫‪-‬‬

‫بالنسبة لمشروع الوحدة قرر المؤتمر " العمل لتحقيق الوحدة "‪ ،‬ويعتبر ان الشكل‬ ‫‪-‬‬
‫(‪،)5‬‬
‫باإلضافة الى انشاء‬ ‫الفدرالي (‪ )4‬أكثر مالئمة في الواقع للبالد المشتركة في هذا المؤتمر‬
‫(‪)6‬‬
‫مجلس استشاري للمغرب الموحد‬
‫الوعد بمساعدة الثورة الجزائرية مساعدة كاملة من طرف شعبي وحكومي تونس‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)7‬‬
‫والمغرب‬
‫ومن اجل المتابعة أوصى المؤتمر بضرورة " االتصاالت الدولية كلما اقتضت الظروف ذلك‬
‫(‪)8‬‬
‫بين المسؤولين المحليين لألقطار الثالثة"‬
‫اتخذت في المؤتمر قرارات سرية لم تنشر من بينها القرار الذي ينص على الوسائل‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)9‬‬
‫"العملية " التي سيقوم بها الحزب الدستوري وحزب االستقالل لمساندة الثورة الجزائرية‬
‫الصدى اإلعالمي لمؤتمرات طنجة‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫(‪ )1‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،77 ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫(‪ )2‬الهادي البكوش‪ ،‬المرجع السابق‪.791 ،‬‬
‫(‪ )3‬المجاهد‪ ،‬وحدة المغرب العربي‪ ،‬العدد ‪ ،8591/2/7 ،79‬ص ‪.2‬‬
‫(‪)4‬االتحاد الفدرالي (‪ ،)fédéral union‬نظام سياسي يقوم نتيجته ترابط بين دولتان أو أكثر يقصد التقارب والتوحيد وينتج‬
‫عنه إذابة الشخصية القانونية الدولية المستقلة عند األطراف المعنية لتقوم مكانها شخصية دولية قانونية جديدة تحتكر السيادة‬
‫في الدولة المعنية داخليا وخارجيا وينشا عن هذا قيام حكومة مركزية تناط بها مهام محددة تشمل جميع أراضي ومواطني‬
‫الدول االتحادية‪ ،‬مالية واقتصادية وعسكرية وسياسية‪...‬الخ‪ ،‬وأخرى إقليمية تتمتع بإقرار العديد من السياسات والمسائل‬
‫الد اخلية الخاصة باإلقليم‪ ،‬ويعود في جذوره إلى نظام الواليات المتحدة الذي قام بهدف التوفيق بين الرغبة وفي الوحدة‬
‫والحفاظ على التنوع والتمييز الذاتي على صعيد الحكم المحلي في آن معا ( انظر‪ :‬معمر العايب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪090‬‬
‫(‪ )5‬محمد الميلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )6‬محمد علي داهش‪ ،‬دراسات في الحركة الوطنية واالتجاهات الوحدوية في المغرب العربي‪ ،‬دط‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬دمشق‪ ،7111 ،‬ص‪.815‬‬
‫(‪ )7‬المجاهد‪ ،‬وحدة المغرب العربي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫(‪ )8‬محمد الميلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫(‪ )9‬المجاهد‪ ،‬جاللة الملك محمد الخامس وفخامة الرئيس الحبيب بورقيبة يؤيدان‪ ،‬ع‪ ،8591/19/1 ،22‬ص‪.2‬‬

‫‪56‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫لقد حضي مؤتمر طنجة أفريل ‪ 8591‬بتغطية إعالمية واسعة طيلة األربعة أيام من أشغاله من‬
‫مختلف الصحف القوية الحضور آنذاك‪ ،‬إذ كان حضور الصحافة العربية والدولية كثيفا‪ ،‬فقد‬
‫(‪)1‬‬
‫تابع أشغال المؤتمر أكثر من ‪ 891‬ممثال للصحافة العالمية‬
‫الصحافة العرية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫جريدة المجاهد‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فقد كتبت جريدة المجاهد تقول بان مؤتمر طنجة كانت له أصداء عملية أعطت له قيمة من‬
‫الطراز األول وان من مهمة األحزاب السياسية والمجالس المنتخبة أو التي ستنتخب ورؤساء‬
‫الدول وجيوش التحرير الفرنسية ان تسهر على تحقيق األهداف المضبوطة‪ ،‬كما عبرت قائلة‬
‫"إن المؤتمر كان يعبر أوال عن شيء جديد وهو أن ‪ 79‬مليونا من المغرب بعد مرحلة طويلة‬
‫شاقة من التاريخ قد عادوا إلى المنبع األهلي وقرروا أن يتحدوا في السراء والضراء من جديد"‬
‫وأيضا " ان االتحاد الذي تقرر في طنجة ليس ثمرة لمجرد رغبة أيدها رئيس دولتين ولجنة‬
‫التنسيق والتنفيذ إنما هو بالخصوص تجسيم االرادة ‪ 79‬مليونا من المغاربة ينتصبون إلى‬
‫(‪)2‬‬
‫جانب الجزائر المكافحة أمام االستعمار"‬
‫جريدة الطليعة التونسية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫اعتبرت مؤتمر طنجة " مرحلة جديدة حاسمة في تاريخ المغرب العربي الكبير وفي نضال‬
‫شعوبه ضد االستعمار‪ ،‬ومن اجل استقالل كامل الشمال اإلفريقي استقالال كامال فقد حقق ما‬
‫كنا نطالب به جبهة مغاربية موحدة تجابه كالرجل الواحد االستعمار الذي يواصل حرب اإلبادة‬
‫في الجزائر ويشن على أقطارنا نفس الحرب بأشكال مختلفة وتنسق لسياسة الحكومتين‬
‫التونسية والمغربية واستنكار استمرار وجود القوات األجنبية فوق ترابها والتخاذ اإلجراءات‬
‫الالزمة لتصفية بقايا السيطرة االستعمارية وتوحد مواقفنا مع تأييد الشعب الجزائري‬
‫المكافح‪...‬وهكذا نرى األهمية الكبرى التي اكتسبها مؤتمر طنجة والذي أصبحت مقرراته‬

‫(‪ )1‬محمد العايب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.892‬‬


‫(‪ )2‬المجاهد‪ ،‬جاللة الملك محمد الخامس وفخامة بورقيبة يؤديان تأييدا كامال القرارات التاريخية التي اتخذها مؤتمر طنجة‪،‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.8‬‬

‫‪57‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫سالحا قويا في أيدينا لمقاومة االستعمار وتقريب ساعة خالص صرح المغرب العربي الكبير‬
‫(‪)1‬‬
‫موحد متراص الصفوف"‬
‫الصحافة الغربية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أما الصحافة الفرنسية فقد تحدثت عن المؤتمر فكتبت جريدة ال كروا (‪ )la croix‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 7‬ماي ‪ 8591‬قائلة‪" :‬فموقف الواليات المتحدة التي تظهر الحكومة الفرنسية المقبلة أن‬
‫تتلقنه‪ ،‬فإن أرادت ان تتجنب المأزق فعليها أن تحدد في أقرب وقت ممكن سياسة عامة إلفريقيا‬
‫الشمالية وان تعرف انه من المستحيل فصل القضايا المغربية والتونسية في المشكل‬
‫(‪)2‬‬
‫الجزائري"‬
‫فقد كان المؤتمر خطوة حاسمة نحو مغرب متحد‪ ،‬ولكن مع األسف لم تعقبها خطوات أخرى‬
‫وتوقفت‪ ،‬إذ نجح الجنرال ديغول بأساليبه اإلغرائية في أن يفكك الجبهة المغاربية‪ ،‬حيث قرر‬
‫(‪)3‬‬
‫وظلت قرارات المؤتمر حبرا على ورق الن‬ ‫إجالء القوات الفرنسية من تونس والمغرب‬
‫(‪)4‬‬
‫المصالح القطرية أقوى من فكرة وحدة البلدان المغاربية‬
‫ندوة المهدية‪:‬‬
‫بعد النجاح الذي حققته القضية الجزائرية في مؤتمر طنجة‪ ،‬والصدى السياسي واإلعالمي‬
‫الكبيرين اللذين تلياه (‪ ،)5‬سعى ديغول (‪ )6‬إلى محاولة كسر الجبهة المغاربية التي أوجدها مؤتمر‬
‫(‪)7‬‬
‫طنجة‪.‬‬

‫(‪ )1‬حبيب حسن اللولب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.811‬‬


‫(‪ )2‬محمد العايب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.891‬‬
‫(‪)3‬الهادي البكوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.798‬‬
‫(‪ )4‬الهادي التميمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫(‪ )5‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫(‪ )6‬الجنرال ديغول‪ )8521 – 8151 (:‬قائد عسكري ورجل دولة فرنسي‪ ،‬مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة وأبرز قادتها‬
‫في القرن العشرين‪ ،‬لعب دورا حاسما في إنقاذ بالده مرتين‪ ،‬المرة األولى إثر هزيمتها العسكرية في بداية الحرب العالمية‬
‫الثانية عند تدهور أحوال الجمهورية الرابعة‪ ،‬تخت تأثير الحرب الفيتنامية الفرنسية (‪ ،)8591 – 8519‬والثورة الجزائرية‬
‫(‪ )8597 – 8519‬أصبح رئيسا للجمهورية الفرنسية في جوان ‪ ،8591‬وبقي في هذا المنصب حتى عام ‪( 8595‬انظر‪:‬‬
‫معمر العايب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.819‬‬
‫(‪)7‬عمربوضربة‪ ،‬النشاط الدبلوماسي للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية‪ ،‬سبتمبر ‪ – 8591‬جانفي‪ ،8591‬دط‪ ،‬دار‬
‫الحكمة‪ ،‬الجزائر‪ ،7181 ،‬ص‪.28‬‬

‫‪58‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫حيث قامت الصحافة الفرنسية وبأمر من السلطات باريس الرسمية‪ ،‬بشن حملة إعالمية لتقسيم‬
‫الصف المغاربي مركزة على عدم مشاركة الطرف الجزائري فيها‪ ،‬وان الندوة التي مقرر‬
‫عقدها بتونس‪ ،‬ستعقد على المستوى الحزبي وبدون مشاركة جبهة التحرير الوطني (‪ ،)1‬إلى‬
‫جانب المحاوالت الديغوليةإ ذ وجه برسالتين مختلفتين اللهجة والمحتوى وجهها إلى رئيسي‬
‫الدولتين المستقلتين تونس والمغرب‪ ،‬األولى تعبر عن لين واحترام ولهجة الثانية تعبر عن‬
‫(‪)2‬‬
‫ترفع ولكن سرعان ما جاء الجواب على فشل هذه المحاولة‬

‫(‪)3‬‬
‫الذي اعتبر لجنة التنسيق والتنفيذ هيئة تنفيذية حكومية‪،‬‬ ‫هذا ما تأكد خالل مؤتمر المهدية‬
‫وقرر رفض سياسة الجنرال ديغول إلدماج الجزائر وأكد حق الشعب الجزائري في السيادة‬
‫(‪)4‬‬
‫والحرية‪.‬‬
‫ويبدو أن قادة المغرب العربي تفطنوا لهذه المناورات‪ ،‬فعقدوا اجتماعين سريين لدراسة‬
‫األحداث المستجدة (‪ ،)5‬بعد مؤتمر طنجة األول في لوزان‪ ،‬والثاني في جنيف‪ ،‬تقرر على‬
‫إثرهما عقد مؤتمر مغاربي في منتصف شهر جوان لتسطير موقف ثالثي مشترك إزاء هذه‬
‫األحداث (‪ ،)6‬وانعقدت ندوة المهدية أيام ‪ 82‬و‪ 81‬و‪ 85‬و‪ 71‬جوان ‪ .)7(8591‬مبعد شهرين‬
‫(‪)8‬‬
‫من المشاورات بين قادة الهيئات التنفيذية الثالث‪.‬‬
‫حيث دعت تونس إلى عقد مؤتمر مغاربي بمدينة المهدية‪ ،‬مثل المغرب األقصى فيه‪ ،‬كل من‬
‫السادة احمد بالفريج رئيس الحكومة آنذاك ونائبه السيد عبد الحميد بوعبيد‪ ،‬أما تونس التي‬

‫(‪)1‬معمر العايب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.821‬‬


‫(‪ )2‬المجاهد‪ ،‬مؤتمر تونس كيف بدا وكيف انتهى‪ ،‬ع‪ ،8591 /2/7 ،79‬ص‪.8‬‬
‫(‪ )3‬المهدية‪ :‬مدينة تقع على الساحل الشرقي لتونس بين سوسة وصفاقس (انظر‪ :‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب‬
‫العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫(‪ )4‬محمد طيبي‪ ،‬العالقات الجزائرية التونسية إبان الثورة التحريرية ‪( ،)8597 – 8591‬رسالة ماجستير)‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬قسنطينة‪ ،7115 ،‬ص‪.888‬‬
‫(‪ )5‬هذه المستجدات هي حركة التمرد التي وقعت يوم ‪ 87‬ماي ‪ 8591‬والتي أعلن عنها في خطاب بالجزائر بعد تسلمه‬
‫السلطة‪ ،‬حيت صرح بان الجزائر فرنسية‪ ،‬وبأنها ستبقى فرنسية‪ ،‬معلنا استعداده لدمج الجزائر في فرنسا ( انظر‪ :‬بشير‬
‫سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية‪ ،...‬ج‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،،‬ص ‪)51‬‬
‫(‪ )6‬بشير سعدوني‪ :‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 55 ، 51‬‬
‫(‪)7‬حبيب حسن اللولب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.819‬‬
‫(‪)8‬معمر العايب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.828‬‬

‫‪59‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫احتضنت المؤتمر فقد مثلها الباهي األدغم نائب رئيس المجلس والصادق مقدم كاتب الدولة‬
‫للعالقات الخارجية والطيب المهري كاتب الدولة للداخلية‪ ،‬أما الجانب الجزائري فقد مثل جبهة‬
‫(‪)1‬‬
‫وعبد الحفيظ بوصوف وهم أعضاء‬ ‫التحرير الوطني كل من‪ :‬فرحات عباس وكريم بلقاسم‬
‫لجنة التنسيق والتنفيذ‪" ،‬إلى جانب قائد القاعدة الخلفية في تونس الرائد قاسي واحمد فرانسيس‬
‫واحمد بومنجل وآيت حسن عن جبهة التحرير في الخارج باإلضافة األمين العام لالتحاد العام‬
‫(‪)2‬‬
‫للعمال الجزائريين آنذاك السيد رشيد قايد"‬
‫ونظرا لكون الثورة الجزائرية كانت النقطة األساسية والمحور األساسي للقاءات األخوة‬
‫المغاربية وهو األمر الذي جمعهم في طنجة‪ ،‬فقد أعطيت رئاسة هذا المؤتمر إلى فرحات‬
‫عباس عن الوفد الجزائري المشارك مع عضويين هما احمد التليلي وآيت حسن وقد بادر‬
‫بافتتاح الجلسة‪ ،‬حيث أعطى مباشرة الكلمة إلى السيد الباهي لدغم عن الوفد التونسي راعي‬
‫المؤتمر(‪ )3‬الذي بدوره أكد أن تكون أشغال المؤتمر سرية وقد تضمن جدول األعمال ما يلي‪:‬‬
‫أ‪:‬تطبيق نتائج وقرارات مؤتمر طنجة‪:‬‬
‫دعم الثورة الجزائرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫جالء القوات الفرنسية من منطقة المغرب العربي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إدانة سياسة شارل ديغول العسكرية في الجزائر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫توحيد الجهود في الهيئة الدولية من اجل نصرة القضية الجزائرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اإلسراع في تأسيس الحكومة المؤقتة الجزائرية ودعمها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ب‪ :‬دراسة الهياكل المنبثقة عن مؤتمر طنجة وتفعيلها‪:‬‬

‫(‪)1‬كريم بالقاسم‪ :‬التحق بالجبل ‪ 2‬سنوات قبل اندالع الثورة التحريرية وأصبح منذ سنة ‪ 8591‬بمثابة القلب النابض للثورة‬
‫التحريرية عامة وفي منطقة القبائل خاصة المعروفة بالواليات الثالثة تاريخيا فكان من القادة األوائل للثورة في ‪8591‬‬
‫وعضو بارز في مؤتمر الصومام المنعقد في ‪ 71‬أ‪,‬ـ ‪ 8599‬أين اشرف على التقسيم والتنظيم الهيكلي للثورة ليترك والية‬
‫الثالثة سنة‪ 8599‬بعد ان كان قائدها منذ ‪ 88591‬ليصعد قمة الهرم ويصبح عضو لجنة التنسيق والتنفيذ األولى رفقة من‬
‫يوسف بن خدة‪ ...‬وبميالد الحكومة المؤقتة في ‪ 85‬سبتمبر ‪ 8591‬ليضفي فيها كريم نائب وزير الحربية ثم تولى نيابة‬
‫ا لرئيس ووزير الخارجية‪ ،‬ثم أصبح نائب للرئيس ووزير للداخلية ومن موقعين اتفاقية ايفيان وبعد ‪ 89‬سنة من النضال المسلح‬
‫ليغتال بعد االستقالل في ظروف غامضة بمدينة فرانكفورت األلمانية ( انظر‪ :‬زكية قرماح‪ ،‬أبطال انجيهم من القبائل‪ ،‬جريدة‬
‫الشعب‪ ،‬ع ‪ 21 ،81282‬اكتوبر‪ ،7111‬ص‪)12‬‬
‫(‪)2‬محمد سريح ‪ ،‬البعد المغاربي مع الثورة الجزائرية من خالل جريدتي المجاهد الجزائرية والصباح التونسية (‪– 8599‬‬
‫‪ ( ،)8597‬رسالة ماجستير) جامعة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،7181 ،‬ص ‪.95‬‬
‫(‪)3‬مريم الصغير‪ ،‬مواقف الدول العربية من القضية الجزائرية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.811‬‬

‫‪60‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫المكتب الدائم‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫(‪)1‬‬
‫المجلس االستشاري‬ ‫‪-‬‬
‫وقد تعددت التأويالت حول نتائج هذه الندوة‪ ،‬خاصة بعد الضغوط الديغولية إال أن جبهة‬
‫التحرير الوطني تداركت ذلك(‪ :)2‬فتصدرت في جريدة المجاهد‪:‬‬
‫" إن شمال إفريقيا طائر جبار جسمه هو الجزائر وجناحه القويان هما تونس والمغرب‪ ،‬إن‬
‫السياسيين الفرنسيين الذين نسوا هذه الصورة أقاموا الدليل على أنهم عمي‪ ،‬وان أفكارهم ال‬
‫(‪)3‬‬
‫تستطيع تفهم مطامح الشعوب"‬
‫وفي أوت عقدت الكتابة الدائمة للمغرب العربي اجتماعا في مقر الديوان السياسي للحزب‬
‫(‪)4‬‬
‫الدستوري التونسي ضم كل من السادة عبد المجيد شاكل واحمد تليلي‬
‫واحمد بومنجل واحمد فرنسيس ومحمد بوسنة وعبد الحفيظ القادري أعضاء المكتب الدائم‬
‫لمؤتمر المغرب العربي‪ ،‬حددوا جدول أعمالهم كما يلي‪:‬‬
‫العمل المشترك في الميدان الدبلوماسي لقادة القضية الجزائرية بمناسبة الدورة الجديدة‬ ‫‪-8‬‬
‫والجلسة العامة لهيئة األمم المتحدة‪.‬‬
‫الموقف المشترك تجاه االستفتاء الفرنسي بالجزائر‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫(‪)5‬‬
‫المجلس االستشاري للمغرب العربي‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أما بخصوص تشكيل حكومة جزائرية هو دراسة مشتركة التي قررتها مؤتمر طنجة ودار‬
‫النقاش حول عدة تفاصيل إنشاء الحكومة منها الظرف المالئم لإلعالن عنها‪ ،‬اختيار المقر‪،‬‬

‫(‪ )1‬مريم الصغير‪ ،‬البعد اإلفريقي للقضية الجزائرية‪ ،8597 – 8599 ،‬ط‪ ،8‬دار السبيل للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،7115 ،‬‬
‫ص ص ‪. 28 ،21‬‬
‫(‪)2‬بشير سعدوني الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.811‬‬
‫(‪)3‬المجاهد‪ ،‬من طنجة إلى المهدية‪ ،‬ع ‪ ،8591/2/7 ،79‬ص ‪. 8‬‬
‫(‪)4‬احمد التليلي‪ :‬ولد يوم ‪ 81‬أكتوبر ‪ 8589‬بقصر قفصة وتوفي في جوان ‪ 8592‬قيادي وطني ونقابي تونسي واحد مؤسسي‬
‫الدولة الوطنية الحديثة‪ ،‬التحق احمد بالجزائر حيث اشتغل بالتجارة قبل أن يشتغل كاتبا عموميا‪ ،‬وقد انضم في األثناء الى‬
‫حزب الشعب الجزائري‪ ،‬وعاد بعد ذلك إلى تونس من مؤسسي االتحاد العام التونسي للشغل كذلك اختير احمد التليلي ليتولى‬
‫األمانة العامة واستمر في منصبه إلى سنة ‪ ،8592‬أعلن معارضته لبورقيبة منتقدا األسس التي قامت عليها الدولة ( انظر‪:‬‬
‫رضا مبموني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪)728‬‬
‫(‪)5‬حبيب حسن اللولب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.812‬‬

‫‪61‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫انتظار التوقيت المناسب واعتبر ممثل المغرب أن اختيار الطاقم الحكومي ال يعني المغرب‬
‫(‪)1‬‬
‫مطلقا‪ ،‬لكن أكد ضرورة االتفاق المشترك على إقرارتاريخ اإلعالن عليها‬
‫ولكن لجنة التنسيق والتنفيذ بدأت منذ جوان ‪ 8591‬في إسناد وظائف حكومية معينة ألعضائها‬
‫إلى غاية إنشاء الحكومة الجزائرية المؤقتة‪ ،‬والتي أعلن عنها رسميا في ‪ 85‬سبتمبر ‪8591‬‬
‫(‪)2‬‬
‫بالقاهرة‬

‫(‪)1‬معمر العايب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.822‬‬


‫(‪)2‬رضا ميموني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.815‬‬

‫‪62‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬موقف بورقيبة من نشأة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية‪:‬‬


‫شهدت الثورة الجزائرية منذ اندالعها ‪4591‬م تطورات عسكرية‪ ،‬سياسة واجتماعية هامة‪،‬‬
‫وكان لها األثر البارز في استمرارها‪ ،‬وتعتبر نشأة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية التي‬
‫تمخضت عن عوامل‪ ،‬وظروف داخلية وخارجية نقطة تحول‪ ،‬ومنعرج حاسم في مسار‬
‫(‪)1‬‬
‫الثورة‪.‬‬
‫‪ -1‬تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية‪:‬‬
‫بعد انعقاد مؤتمر الصومام ‪ 02‬أوت‪1954‬م وما أسفر عنه من نتائج تقرر انعقاد مؤتمر‬
‫القاهرة في الدورة الثانية للمجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي منح لجنة التنسيق والتنفيذ‬
‫تفويضا لتتحول إلى حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية المؤقتة‪ .‬حيث دافع عمر أو عمران‬
‫عن فكرة إنشاء حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية وقال‪ :‬لكي ال تتجاوزنا األحداث يجب‬
‫تشكيل حكومة نستطيع بواسطتها دعم االتصاالت بالحكومات األجنبية‪ ،‬ودعم شرعية الثورة‬
‫‪)2( ...‬‬ ‫في المحافل الدولية‬
‫وقررت جبهة التحرير الوطني في ‪ 45‬سبتمبر ‪4591‬م اإلعالن عن الحكومة المؤقتة‬
‫للجمهورية الجزائرية بفندق الكنتتال وذلك بحضور الصحافة الدولية‪ ،‬ودعم الحكومة‬
‫المصرية‪ ،‬وأوضحت الحكومة المؤقتة الجديدة بأن مقرها النهائي سيكون على أرض الجزائر‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫و ذلك يوم الجمعة على الساعة الواحدة بعد الظهر‪.‬‬
‫وقد صدر بالغ في وقت واحد بالقاهرة‪ ،‬وتونس‪ ،‬والرباط‪ ،‬تم فيه اإلعالن عن نشأة الحكومة‬
‫(‪)5‬‬
‫المؤقتة للجمهورية الجزائرية برئاسة (‪ )4‬فرحات عباس‪.‬‬

‫(‪ )1‬محمد علي داهش ‪ ،‬دراسات في الحركة الوطنية و االتجهات الوحدوية في المغرب العربي ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.05‬‬
‫(‪ )2‬علي زغدود‪ ،‬ذاكرة ثورة التحرير الجزائرية‪ ،‬المؤسسة الوطنية االتصاالت والتنسيق واإلشهار الجزائر‪0221 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.15‬‬
‫(‪ )3‬فتحي الديب ‪ ،‬عبد الناصر وثورة الجزائر‪ ،‬دار المستقبل العربي القاهرة‪4511 ،‬م‪ ،‬ص‪.811‬‬
‫(‪ )4‬فرحات عباس‪4155 (:‬م‪4519-‬م) زعيم سياسي يوصف باالعتدال‪ ،‬طالب بالمساواة‪ ،‬واالدماج‪ ،‬في عام ‪ 4591‬انخرط‬
‫في جبهة التحرير الوطني عين في لجنة التنسيق والتنفيذ‪ ،‬وأصبح رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة ‪4591‬م‪ ،‬بعد االستقالل‬
‫عارض التوجه االشتراكي‪( .‬انظر ‪:‬مريم سيد علي مبارك ‪ ،‬مثقفون خالل الثورة ‪ ،‬دار المعرفة ‪،‬الجزائر ‪ 0240،‬م ‪ ،‬ص‬
‫ص‪.002-025‬‬
‫(‪ )5‬عمار بوحوش‪ ،‬التاريخ السياسي للجزائر من البداية ولغاية ‪ ،4510‬ط‪ ،4‬دار الغرب االسالمي‪ ،‬بيروت‪4551 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.119‬‬

‫‪62‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫وسارعت الدول باالعتراف بها‪ ،‬وقد اعترفت بها ستة دول في بداية االعالن عن تأسيسها‬
‫وهي ‪ :‬الباكستان‪ ،‬العراق‪ ،‬تونس ثم توالى اعتراف الدول بالحكومة المؤقتة التي ازداد‬
‫(‪)1‬‬
‫نشاطها ‪ ,‬و تنوعت اختصاصات أعضائها‪.‬‬
‫كما أعطى تشكيلها دافعا معنوي للثوار ذلك أن الجزائر أصبحت تتمتع بالصفة الدولية‬
‫وبصورة رسمية‪ ،‬وتستطيع أن تمارس نشاطها العسكري والسياسي على أرض الوطن‪،‬‬
‫والمحيط الدولي على أساس أن لهما حكومة شرعية‪ ،‬وبذلك نفت االدعاء الفرنسي القائل بأن‬
‫(‪)2‬‬
‫الجزائر جزء من فرنسا و أنها والية من واليات فرنسا‪.‬‬
‫‪ -2‬أهداف الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية‪:‬‬
‫حيث حددت الحكومة المؤقتة الجزائرية أهدافها كاالتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬إدراج تأسيس الحكومة المؤقتة الجزائرية ضمت مسار عام لمواجهة سياسة الجمهورية‬
‫الخامسة بزعامة الجنرال ديغول التي تصب في اتجاهين‪ ،‬وبشكل متوازن على‬
‫المستويين السياسي و على الصعيد الداخلي والخارجي ‪.‬‬
‫إعادة زرع روح التفاؤل‪ ،‬واألمل لدى فئات الشعب الجزائري الطامحة إلى إعالن‬ ‫ب‪-‬‬
‫(‪)3‬‬
‫حكومة وطنية شرعية تواصل النضال لكسب الدعم الفعال‪.‬‬
‫ت‪ -‬ويمكن تلخيص أهداف الحكومة المؤقتة الجزائرية ومهمتها في قول أحمد توفيق‬
‫المدني "‪ ...‬المقصود منها اقناع الرأي العالمي بأن المفاوض الجزائري موجود وهو يظهر‬
‫رغبته في اإلتصال ضمن مفاوضات أعلنتها الثورة ‪ ...‬والمهمة األساسية للحكومة المؤقتة‬
‫هو تحقيق االستقالل وتمكين الجزائر من إبداء صوتها في وسط عالمي والتهيئة لهذا العمل‬
‫‪)4(.‬‬

‫ث‪ -‬و بعد أن تناولنا ظروف و أهداف تأسيس الحكومة المؤقتة ينبغي لنا أن نتحرى عن‬
‫موقف الرئيس الجيب بورقيبة إزاء هذا التطور الحاسم في مسار الثورة ‪.‬‬

‫(‪)1‬عمار بوحوش ‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص‪.119‬‬


‫(‪ )2‬محمد علي داهش دراسات في الحركة الوطنية و االتجاهات الوحدوية في المغرب العربي‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫(‪ )3‬نفسه ‪،‬ص‪.10‬‬
‫(‪)4‬محمد العربي الزبيري‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪63‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫وبشأن هذا يصرح محمد بجاوي " أن لجنة التنسيق و التنفيذ بعدما تراجعت لمدنية تونس بعد‬
‫(‪)1‬‬
‫( وفشلها بسبب الصعوبات التي اعترضتها ‪ ,‬ورد الفعل العنيف من‬ ‫معركة الجزائر‪4591‬‬
‫السلطات العسكرية الفرنسية ‪ .‬حيث حاولت اللجنة معالجة مشاكل الثورة من خارج تونس ‪ .‬ثم‬
‫العودة إلى أرض الوطن لكن األحداث سارت نحو األسوأ )‪)2( .‬و إنشاء الحكومة المؤقتة‬
‫للجمهورية الجزائرية في العاصمة التونسية ‪ ,‬و إحداث جيش الحدود القوي كان دليال على‬
‫(‪)3‬‬
‫سالمة السياسة التونسية ‪.‬‬
‫ج‪ -‬و بالرغم من الخالفات التي ال مفر منها ‪ ,‬و الصعوبات فإن تأييد الرئيس التونسي‬
‫(‪)4‬‬
‫للثورة الجزائرية كأن أحد أثمن ما اعتمدنا عليه خارج بالدنا ‪" .‬‬
‫وفي تصريح لبورقيبة لصحيف ة لوموند جاء كرد للسلطات الفرنسية " و إذا لم أن توصل إلى‬
‫منع الحكومة الجزائرية من البروز إلى الوجود هل ترون الفرق بين انتصابها في القاهرة‪ ،‬و‬
‫انتصابها في تونس ‪ ,‬وفي هذا الوقت الدقيق تطلبون مني ضرب الجبهة من الخلف بقبول‬
‫حراسة الحدود ‪ ,‬إنكم تطلبون مني إفساد مستقبل العالقات التونسية الجزائرية ‪ ,‬إني لن أفعل‬
‫ذلك ‪ ,‬إني لن أضرب الجبهة في الظهر من أجل انسحاب القوات الفرنسية خاصة و أن‬
‫(‪)5‬‬
‫وجودها ال يقلقني إال من الناحية المعنوية‪" .‬‬
‫وقد كانت الحكومة المؤقتة تهدف بالتنسيق مع حكومتي تونس و المغرب إلى إنشاء كونفدرالية‬
‫لدول المغرب العربي ‪ ,‬وذلك بعد حصول الجزائر على استقاللها ‪ ,‬و إذا كان قادة المغرب‬
‫العربي رحبوا بفكرة قيام حكومة مؤقتة جزائرية فإن قادة مصر كانوا يعارضون أن يتولى‬
‫فرحات عباس قيادتها ‪ ,‬ويفضلون أن يقوم بذلك القادة الخمس المسجونين بفرنسا ألنهم كانوا ال‬
‫يثقون بفرحات عباس ‪ ,‬وهو بدوره ال يثق بهم و كانوا يعتبرونه دخيال على الثورة وسيجرها‬
‫(‪)6‬‬
‫عاجال أم آجال إلى مفاوضات مع فرنسا ‪ ,‬لتسير في ركب الغرب ‪.‬‬

‫(‪)1‬محمد بجاوي ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.5‬‬


‫(‪)2‬المجلة التونسية ‪،‬التاريخ العسكري ‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪.19‬‬
‫(‪)3‬محمد بجاوي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫(‪)4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫(‪ )5‬عبد هللا شريط ‪ ،‬ج‪4591 ، 4‬م ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.421‬‬
‫(‪ )6‬أحمد توفيق المدني‪ ،‬حياة كفاح‪ ،‬ج‪ ،8‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر‪4511 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.855‬‬

‫‪64‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫وكان كريم بلقاسم ‪ ,‬وغيره من كبار الشخصيات البارزة في الحكومة المؤقتة يعقد أن توزيع‬
‫المسؤوليات في الحكومة سوف ينتج عنه خلق ديناميكية جديدة سواء في مواجهة فرنسا أو‬
‫(‪)1‬‬
‫تمرير السالح داخل الجزائر ‪.‬‬
‫لكن الذي حصل أن هناك تأثير قوي من الرئيس الحبيب بورقيبة الذي أصبح يضغط على‬
‫كريم بلقاسم ‪ ,‬و فرحات عباس ‪ ,‬ومحمود الشريف‪ .‬و أقنعهم بفكرة المفاوضات حفاظا على‬
‫(‪)2‬‬
‫مناصبهم ‪ ,‬و مستقبل الجزائر ‪.‬‬
‫ولقد واجهت الحكومة منذ انبعاثها ‪ 45‬سبتمبر‪4591‬م مؤامرة دبرت في القاهر‪ ،‬وكانت تهدف‬
‫في نفس الوقت الى تشويه الحكومة التونسية وإضعافها حيث شكل االعالن عن الحكومة‬
‫الجزائرية المؤقتة برئاسة فرحات عباس‪ ،‬واستقرارها رسيما في تونس انتكاسة بالنسبة‬
‫(‪)3‬‬
‫لمصر‪.‬‬
‫وبمساعدة من األمير عبد الكريم‪ ،‬وصالح بن يوسف تبني جمال عبد الناصر عملية سرية‬
‫تهدف لإلطاحة بالحكومة الجزائرية المؤقتة‪ ،‬واغتيال كريم بلقاسم‪ ،‬ومحمود الشريف‪ ،‬وتوسيع‬
‫النزاع الجزائري الفرنسي ليشمل تونس‪ ،‬وكلف بذلك ضابطان جزائريان هما العقيد محمد‬
‫عموري‪ ،‬والرائد المساعد مصطفى لكحل في أكتوبر ‪4519‬م بتنفيذ هذه العملية من قاعدة في‬
‫(‪)4‬‬
‫الشرق (تونس) بدعم من الوالية األولى (األوراس‪-‬النمامشة)‪.‬‬
‫ال ينبغي التقليل من أهمية مؤمراه لعموري التي كادت أن تؤدي إلى عواقب وخيبة لكنها‬
‫أجهضت في الوقت المناسب‪ ،‬وكشفت عن المخاطر التي تتهدد تونس‪ ،‬وكان من أول القرارات‬
‫التي اتخذتها الحكومة المؤقتة بعث قيادتين واحدة في الشرق وأخرى في الغرب‪ ،‬عهد بهما‬
‫الى محمدي سعيد‪ ،‬وهواري بومدين‪ ،‬ترأس كريم بلقاسم وزير القوات المسلحة اجتماعا في‬
‫(‪)5‬‬
‫تونس ‪ 0‬أكتوبر ‪.4591‬‬

‫(‪ )1‬عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬


‫(‪)2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪(3) Béji caid essebsi, Habib Bourguiba, le bon grain et l’ivraie sad éditions Tunis, 2009, p‬‬

‫‪318.‬‬
‫(‪)4‬فتحي الديب‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫(‪ )5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪65‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫وكلف محمدي سعيد العقيد نواورة أمر الوالية األولى‪ ،‬وقائد الكتيبة عواشرية أمر القاعدة‬
‫الشرقية (أي الحدود التونسية – الجزائرية) بأمر من كريم بلقاسم إلرسال وحدات الجيش الى‬
‫الداخل قبل ‪ 09‬أكتوبر ‪4591‬م لكن الشئ الذي حصل أن نواورية وعواشرية رفض التعامل‬
‫مع العقيد محمدي السعيد ولم يقبال بالدخول الى الجزائر‪ ،‬وفجأة وبطريقة سرية عاد العقيد‬
‫(‪)1‬‬
‫العموري الذي تم نفيه الى القاهرة‪.‬‬
‫عاد العموري في شهر سبتمبر عام ‪4591‬م الى تونس مع أحد أنصاره الذي يسمى الجمعي‬
‫سعدية (والمعروف باسم لكحل‪ ،‬وحاول تنظيم انقالب ضد الحكومة المؤقتة للجمهورية‬
‫والتخلص خاصة من العقيد محمود الشريف‪ ،‬وزير التموين بالسالح‪ ،‬والعقيد كريم بالقاسم‪،‬‬
‫ويبدو أن العقيد عبد الحفيظ بوصوف ‪ ،‬والعقيد لخضر بن طوبال كان على علم بالمؤامرة‬
‫ألنهما زودا محمد العموري وال جمعي سعدية بجوازين جديدين للسفر الى تونس‪ ،‬وقد انضم‬
‫الى المؤامرة أحمد نوارة ثم عمارة بوقالز‪ ،‬ومساعده عواشرية‪ ،‬وحاول لعموري االتصال‬
‫بقادة الداخل‪ ،‬وباألخص العقيد عميروش الذي لم يخفي تذمره من الحكومة المؤقتة بحجة‬
‫(‪)2‬‬
‫أولوية الداخل على الخارج لكنه لم يفلح في ذلك ‪.‬‬
‫ولكن محمد الشريف وكريم بلقاسم قد اكتشف المؤامرة قبل تنفيذها وخالل اجتماع العموري‬
‫مع ‪ 01‬من أنصاره في مدينة الكاف التونسية‪ ،‬تمكن كريم بلقاسم من االستعانة بالجيش‬
‫التونسي إللقاء القبض على ‪ 01‬من المتآمرين على الحكومة المؤقتة يوم ‪ 41‬نوفمبر ‪4591‬م‬
‫وتقديمهم للمحاكمة العسكرية برئاسة العقيد بومدين‪ ،‬وحكم باإلعدام على العقيد محمد لعموري‪،‬‬
‫ونواورة‪ ،‬والرائدين عواشريه‪ ،‬ومصطفى لكحل‪ ،‬بينما حكم على العديد منهم بالسجن ومن‬
‫بينهم المقدم عبد هللا بلهوشات‪ ،‬والمقدم الشريف مساعدية ‪ ،‬المقدم أحمد درايع‪ ،‬والمقدم‬
‫(‪)3‬‬
‫األخضر بلحاج‪.‬‬
‫محم د حربي أورد أن تحريات بن طوبال توصلت الى معرفة تورط عبد الحفيط بوصوف في‬
‫المؤامرة غير أن الحكومة غضت عنه الطرف وباستعمال الجيش التونسي لالستالء على‬

‫(‪ )1‬عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬


‫(‪ )2‬عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫(‪ )3‬الباجي قائد السبسي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.849‬‬

‫‪66‬‬
‫الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫أجهزة الالسلكي‪ ،‬وإلقاء القبض على الثوار الجزائريين المعارضين لكريم بلقاسم‪ ،‬وأعضاء‬
‫الحكومة المؤقتة وبسبب هذه الخالفات فقدت الحكومة المؤقتة مصداقيتها دب الصراع في‬
‫أركانها (‪ )1‬فكيف سيكون مسار الثورة في ظل الحضور البو رقيبي المتواصل؟‬

‫الباجي قائد السبسي ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.841‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪67‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية‬
‫البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬قراءة للمواقف البورقيبية‬
‫لدعم الثورة الجزائرية في المحاف ل‬
‫الدولية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬القضية الجزائرية محرك‬
‫العالق ات االتونسية‪ -‬الفرنسية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تأزم العالق ات ومحاولة‬
‫إحتوائه بين بورقيبة والحكومة‬
‫المؤقتةالجزائرية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬بورقيبة والمف اوضات‬
‫الجزائرية الفرنسية‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫المبحث األول‪ :‬قراءة للمواقف البورقيبية لدعم القضية الجزائرية في المحافل الدولية‪.‬‬
‫لقد ناصر بورقيبة الثورة الجزائرية ألنه كان مقتنعا بأن استقالل تونس قد يتالشي إن لم يتحقق‬
‫استقالل الجزائر‪ ،‬فمصير البلدين واحد‪ ،‬وقد زال استقالل تونس سابقا في حركة مد استعماري‬
‫(‪)1‬‬
‫بدأ باحتالل الجزائر ثم امتد فيما بعد إلى تونس‪ ،‬والمغرب‪.‬‬
‫لذلك حرص بورقيبة على دعم الثورة الجزائرية‪ ،‬وحشد الدعم في المحافل الدولية‪.‬‬
‫‪ -1‬التدخل على مستوى الدول الغربية (أمريكا)‪:‬‬
‫حيث تركز الدعم الدولي على واشنطن‪ ،‬ونيويورك أين قام بورقيبة بتوجيه رسالة عاجلة إلي‬
‫الرئيس األمريكي إيزنهاور‪ .‬وجاء فيها‪" ،‬أن أناسا مدنيين عزال يجدون أنفسهم في الجزائر‬
‫رهن االعتقال أو مجبورين على النزوح‪ ،‬أو ضحايا عمليات تقتيل‪ ...‬إن الحرب تتخذ مالمح‬
‫شيطانية مخالفة للشرائع السماوية‪ ،‬ولمبادئ األمم المتحدة‪ ،‬وأمام هذه المأساة المرعبة‬
‫أتوجه بنداء إلى قادة الشعوب‪ ،‬واألمم‪ ،‬وأناشدكم لكي تضعوا حدا للرعب المسلط على شعب‬
‫(‪)2‬‬
‫أعزل جريمته الوحدة‪ ،‬هي مطالبته بحقه في العدالة‪ ،‬والكرامة‪ ،‬وتقرير المصير"‪.‬‬
‫لقد جعلت تونس من الجزائر قضيتها المركزية‪ ،‬حيث قام الرئيس بورقيبة بزيارة إلى القارة‬
‫األمريكية‪ .‬قادته إلى كندا ثم الواليات المتحدة األمريكية‪ .‬وأجرى محادثات مع الرئيس الكندي‬
‫كانت الجزائر أهم نقطة فيه‪ ،‬حي ألح بورقيبة على وجوب ضغط الغربيين على فرنسا كي‬
‫(‪)3‬‬
‫تسرع بأنهاء الحرب الجزائرية‪.‬‬
‫الالئحة التي تقدمت بها أمريكا الجنوبية‪ ،‬وايطاليا المساندة للموقف‬ ‫)‪(4‬‬
‫وانتقدت الدبلوماسية‬
‫الفرنسي‪.‬‬

‫ولقد استطاع بورقيبة في مرحلة أولى من كسب دعم دبلوماسي بتوريط حلفاء فرنسا الغربيين‬
‫في القضية‪ ،‬وقبلت الحكومة األمريكية‪ ،‬اقتراح بورقيبة وجرت ورائها الحكومة البريطانية‬

‫‪ )1( .‬الهادي البكوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.711‬‬


‫(‪ )2‬الباجي قائد السبسي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫(‪ )3‬جريدة المجاهد‪ ،‬الرئيس بورقيبة في واشنطن‪ ،‬ع‪ ،84‬ج ‪ 4 ،8‬ماي ‪7697‬م‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫)‪ (4‬الدبلوماسية ‪ :‬مجموعة المفاهيم‪ ،‬والقواعد واإلجراءات‪ ،‬والمراسيم‪ ،‬المؤسسات واألعراف الدولية‪ ،‬التي تنظم العالقات بين‬
‫الدول‪ ،‬والممثلين الدبلوماسيين‪ ،‬بهدف خدمة المصالح العليا‪ ،‬والسياسات العامة للدول)‪ .‬انظر‪ :‬عبد الوهاب الكيالي‪ ،‬ج‪،4‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪).48‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫ورغم معارضة فرنسا عرضتا وساطتهما‪ .‬ونجحت بدورها في توظيف منبر األمم المتحدة‬
‫(‪)1‬‬
‫للدعاية لصالح القضية الجزائرية‪.‬‬
‫وتبعا لذلك تغيرت بعض المواقف الدولية لصالح القضية الجزائرية وبالتالي كسب أنصار لها‬
‫حيث صرح" إن الواليات المتحدة األمريكية أصبحت تعتبر القضية الجزائرية مسألة‬
‫عالمية‪ ...‬وهي بتحالفها مع فرنسا ال يمكنها غض الطرف عن الحالة السيئة التي أصبحت‬
‫(‪)2‬‬
‫تخيم على الجزائر‪".‬‬

‫أوكلت كل من الحكومة األمريكية‪ ،‬والبريطانية موظفين ساميين هما «روبرت مورفي" و"‬
‫هارولد بيلي " اللذان قاما برحالت بين تونس وفرنسا حيث أعرب لهما بورقيبة عن تمسكه‬
‫(‪)3‬‬
‫بموقفه المتمثل في جالء القوات الفرنسية (باستثناء قاعدة بنزرت) دون قيد أوشرط‪.‬‬
‫رافضا طلب الحكومة الفرنسية في ابقاء خمسة مطارات تحت سيطرتها ووضع قوة دولية على‬
‫الحدود الدولية لمنع تسريب األسلحة‪ ،‬واستعملت فرنسا مختلف أساليب المماطلة‪ ،‬وحتى التهديد‬
‫بالخروج من الحلف األطلسي‪ .‬وضغطت أمريكا على فرنسا مما أدى إلى اندالع أزمة سياسية‬
‫(‪)4‬‬
‫حالت دون استمرار الوساطة األمريكية‪ ،‬والبريطانية‪.‬‬
‫وأصدرت فرنسا تهديدات مباشرة لتونس من قادة الجيش الفرنسي في الجزائر‪ .‬مما دفع‬
‫بورقيبة الى اللجوء من جديد لمجلس األمن الذي علق النظر في القضية مع ابقاء جدول أعماله‬
‫(‪)5‬‬
‫إلفساح المجال للوساطة األمريكية والبريطانية‪.‬‬
‫‪-2‬التحرك على مستوى الدول األوربية ‪:‬‬
‫ت حركت الدولة التونسية على مستوى الدول األوربية الشرقية‪ ،‬والغربية لتنوير الرأي العام‬
‫األوربي‪ ،‬وتحسسيه‪ ،‬وللرد على تصريحات الصحف الفرنسية التي تثير الذعر والهلع حيث‬

‫(‪ )1‬المجلة التونسية للتاريخ العسكري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬


‫(‪ )2‬نفسه‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫(‪ )3‬أحمد المستيري‪ ،‬شهادة التاريخ‪ ،‬ذكريات وتأمالت وتعاليق حول فترة من التاريخ المعاصر لتونس والمغرب‬
‫الكبير(‪7681‬م‪7661-‬م) وثورة ‪ ،4171‬دار الجنوب للنشر‪ ،‬تونس ‪ 4177،‬م‪ ،‬ص ‪.774‬‬
‫(‪ )4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.774‬‬
‫‪(5) Amorch adli, Bourguiba tel que je la connu la transition Bourguiba- ben Ali, simpact,‬‬

‫‪.Tunisie, 2011, p 103‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫أدلى الرئيس بورقيبة بتصريح صحفي لجريدة إيلتيمبو"‪ "iltempoe‬االيطالية‪ ،‬تحدث فيه عن‬
‫الثورة الجزائرية قائال‪" :‬إن التونسيين لن يمنعوا إخوانهم الجزائريين من االلتجاء إلى‬
‫أرضيهم‪ ،‬وإن‪ ،‬الجزائريين يكافحون من أجل السلم‪ .‬وإن هذه األسلحة الخفيفة‪ ،‬والبنادق التي‬
‫تهرب عبر الحدود التونسية‪ ،‬وليس هناك أي داع يثير الدهشة أو التأثر ولسنا مستعدين‬
‫لمساعدة الجيش الفرنسي على تقتيل إخواننا الجزائريين‪ ،‬خاصة عندما يعلم الشعب التونسي أن‬
‫(‪)1‬‬
‫االستعمار الفرنسي بالجزائر‪ ،‬يعني إعادة احتالل تونس ويعني نهاية االستقالل‪".‬‬
‫وفي هذا اإلطار استقبل الرئيس بورقيبة بتونس رئيس حكومة السويد‪« :‬تاج إيرلند" وتناولت‬
‫المحادثات القضية الجزائرية‪ ،‬وطلب بورقيبة من السويد التدخل لدى فرنسا لإلسراع‬
‫بالمفاوضات‪ ،‬وخالل زيارته ليوغسالفيا تحدث بورقيبة مع الرئيس " جوزيف بروزتيتو‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ Josip broztito‬وتناوال القضية الجزائرية‪.‬‬
‫‪-3‬التحرك على المستوى اإلفريقي واألسيوي ‪:‬‬
‫أقامت الحكومة التونسية عالقات مع الدول اإلفريقية‪ ،‬وتحركت على المستوى اإلفريقي‪،‬‬
‫وحاولت كسبهم لصالح القصية الجزائرية‪ .‬وأكدت على من خالل الزيارات الثنائية‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫والمشاركات في الندوات‪ ،‬والمؤتمرات اإلفريقية‪.‬‬
‫حيث قام الرئيس بورقيبة بزيارة إلى "غانا" لحضور عيد استقاللها‪ .‬وناقش مع المسؤولين‬
‫الغانيين‪ ،‬والوفود الحاضرة القضية الجزائرية‪ .‬لتحسيسهم بأهميتها‪ ،‬وعدالة قضيتها‪ ،‬وضرورة‬
‫دعمها وألقى في عاصمتها "أكرا" خطابا عن الجزائر‪" ،‬جاء فيه‪ ":‬لقد توغلت فرنسا بالجزائر‪،‬‬
‫واستع ملت سياسة القوة‪ ،‬التي لن تنجح أبدا وفهم الشعب الجزائري‪ ،‬وطبق كلمات مأثورة عن‬
‫رئيس الحكومة الفرنسية نفسه ال سلم في االستعباد"‪.‬‬
‫وهو يكافح للتحرر ويجب على األمم المتحدة أن تعين لجنة توفيق مهمتها التقريب بين الطرفين‬
‫(‪)4‬‬
‫إليقاف القتال والشروع في مفاوضات للوصول الى حل عادل‪.‬‬

‫(‪ )1‬العمل‪ ،‬تصريح بورقيبة لصحيفة أبل نامبو "اإليطالية‪،‬ع‪، 478‬جوان ‪ 7684‬م ‪،‬ص ص ‪.7،8‬‬
‫(‪ )2‬العمل‪ ،‬محادثات بين بورقيبة ورئيس حكومة السويد‪ ،‬ع ‪ 41 ،7911‬ديسمبر ‪7691‬م‪ ،‬ص ص ‪.7،4‬‬
‫(‪ )3‬بورقيبة‪ ،‬الدولة التونسية والسلم في العالم‪ ،‬ج‪ 8 ،8‬مارس ‪7681‬م‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫(‪ )4‬نفسها‪ ،‬مؤتمر التضامن اإلفريقي األسيوي‪ ،‬ع‪ 46 ،941‬ديسمبر ‪7681‬م‪ ،‬ص‪.7‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫وتحركت الحكومة التونسية على المستوى األسيوي‪ ،‬حيث تحدث الرئيس بورقيبة مع الرئيس‬
‫األندونسي"أحمد سوكارنو في قصر الجمهورية بالمرسى حول القضية الجزائرية‪ ،‬وأكد على‬
‫ضرورة دعمها على المستوى العالمي‪ ،‬واألمم المتحدة‪ .‬وحرصت الحكومة التونسية على‬
‫برمجة مقابالت للمسؤولين‪ ،‬والوفود الزائرة لتونس‪ .‬مع الحكومة المؤقتة الجزائرية إلبرازها‬
‫على المستوى الخارجي على أنها الممثل الشرعي للشعب الجزائري‪ ،‬حيث أجرى فرحات‬
‫عباس مباحثات مع الرئيس االندونيسي بحضور " محمد يزيد"‪ ،‬دارت حول القضية الجزائرية‬
‫(‪)1‬‬
‫والمفاوضات‪.‬‬
‫وألقى بورقيبة خطابا في بلغراد تحدث فيه عن االستعمار‪ ،‬ومناوراته قائال إن حرب الجزائر‬
‫تشكل بدون شك حجر األساس لالستعمار ودقت ساعته ولكنه أبى إال أن يلفظ أنفاسه األخيرة‪،‬‬
‫حيث رفع القناع عن وجهه‪ ،‬فتعالى في ركوب الشطط وفي االستهتار بالذات البشرية‪ ،‬ومتفننا‬
‫في طريق القهر‪ .‬واالضطهاد‪ ،‬وفيها أيضا أصيب سواء في الميدان السياسي‪ ،‬أو األدبي بأفدح‬
‫الهزائم مما زعزع كيانه‪".‬‬
‫حيث كان ليوغسالفيا موقف مميز‪ ،‬وفاعل في دعم الجزائريين في كفاحهم التحريري‪ ،‬حيث‬
‫(‪)2‬‬
‫قدمت لهم مساعدة متعددة الجوانب‪.‬‬
‫‪ -4‬التحرك على المستوى العربي ‪:‬‬
‫عملت الدبلوماسية التونسية على التنسيق مع الدول العربية وخاصة المغرب‪ ،‬وليبيا‪ ،‬من أجل‬
‫تنسيق المواقف والتحرك بصورة جماعية لمساعدة الجزائر الشقيقة‪ ،‬حيث صرح بورقيبة ح"‬
‫إثر زيارته إلى ليبيا" نظرنا في امكانية القيام بعمل مشترك يرمي إلى األخذ بيد شقيقتنا‬
‫الجزائر في محنتها‪ ...‬وأردنا سلوك أقرب السبل وأنجعها لتخفيف المحنة التي يكابدها أشقاؤها‬
‫(‪)3‬‬
‫الجزائريون‪.‬‬
‫ولهذا اجتمع بورقيبة برئيس مجلس الوزراء الليبي ّ مصطفى بن حليم" في الفترة الممتدة من‬
‫‪ 14‬و ‪ 19‬جانفي ‪ ،7681‬وأصدر بالغا مشتركا‪ ،‬ـتناول الطرفان بالبحث عن العديد من‬

‫(‪ )1‬العمل ‪،‬العالقات اإلندونيسية التونسية ع ‪ 8 ،7814‬ماي ‪7691‬م ‪ ،‬ص‪.8‬‬


‫(‪)2‬بورقيبة الحبيب‪ ،‬بلغراد في‪ 7‬سبتمبر ‪7697‬م‪ ،‬ج‪ ،74‬ص ‪.446‬‬
‫(‪ )3‬نفسه ‪،‬القيروان ‪7681‬م ‪ ،‬ج ‪ ، ،777‬ص ‪.419‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫المسائل منها القضية الجزائرية‪ ،‬وأكدا أن‪ ،‬حلها أصبح ضرورة إلستقرار األمن في كامل‬
‫(‪)1‬‬
‫المغرب العربي‪.‬‬
‫ولقد أبدى بورقيبة موقف مشرفا في اطار التضامن المغاربي مع الجزائر بخصوص حراسة‬
‫(‪)2‬‬
‫الحدود مما أدى إلى إضعاف موقف الحكومة الفرنسية‪.‬‬

‫(‪ )1‬الصباح‪ ،‬بالغ مشترك‪ ،‬ع ‪ ،4 7884‬جانفي‪ 7684‬م ‪ ،‬ص ص ‪.8، 7‬‬
‫(‪ )2‬المجاهد‪ ،‬زعماء المغرب العربي في خدمة الوحدة ‪،‬ع‪، 446‬ج‪ 7687، 7‬م ‪ ،‬ص‪.4‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫المبحث األول‪ :‬قراءة للمواقف البورقيبية لدعم القضية الجزائرية في المحافل الدولية‪.‬‬
‫لقد ناصر بورقيبة الثورة الجزائرية ألنه كان مقتنعا بأن استقالل تونس قد يتالشي إن لم يتحقق‬
‫استقالل الجزائر‪ ،‬فمصير البلدين واحد‪ ،‬وقد زال استقالل تونس سابقا في حركة مد استعماري‬
‫(‪)1‬‬
‫بدأ باحتالل الجزائر ثم امتد فيما بعد إلى تونس‪ ،‬والمغرب‪.‬‬
‫لذلك حرص بورقيبة على دعم الثورة الجزائرية‪ ،‬وحشد الدعم في المحافل الدولية‪.‬‬
‫‪ -1‬التدخل على مستوى الدول الغربية (أمريكا)‪:‬‬
‫حيث تركز الدعم الدولي على واشنطن‪ ،‬ونيويورك أين قام بورقيبة بتوجيه رسالة عاجلة إلي‬
‫الرئيس األمريكي إيزنهاور‪ .‬وجاء فيها‪" ،‬أن أناسا مدنيين عزال يجدون أنفسهم في الجزائر‬
‫رهن االعتقال أو مجبورين على النزوح‪ ،‬أو ضحايا عمليات تقتيل‪ ...‬إن الحرب تتخذ مالمح‬
‫شيطانية مخالفة للشرائع السماوية‪ ،‬ولمبادئ األمم المتحدة‪ ،‬وأمام هذه المأساة المرعبة‬
‫أتوجه بنداء إلى قادة الشعوب‪ ،‬واألمم‪ ،‬وأناشدكم لكي تضعوا حدا للرعب المسلط على شعب‬
‫(‪)2‬‬
‫أعزل جريمته الوحدة‪ ،‬هي مطالبته بحقه في العدالة‪ ،‬والكرامة‪ ،‬وتقرير المصير"‪.‬‬
‫لقد جعلت تونس من الجزائر قضيتها المركزية‪ ،‬حيث قام الرئيس بورقيبة بزيارة إلى القارة‬
‫األمريكية‪ .‬قادته إلى كندا ثم الواليات المتحدة األمريكية‪ .‬وأجرى محادثات مع الرئيس الكندي‬
‫كانت الجزائر أهم نقطة فيه‪ ،‬حي ألح بورقيبة على وجوب ضغط الغربيين على فرنسا كي‬
‫(‪)3‬‬
‫تسرع بأنهاء الحرب الجزائرية‪.‬‬
‫الالئحة التي تقدمت بها أمريكا الجنوبية‪ ،‬وايطاليا المساندة للموقف‬ ‫)‪(4‬‬
‫وانتقدت الدبلوماسية‬
‫الفرنسي‪.‬‬

‫ولقد استطاع بورقيبة في مرحلة أولى من كسب دعم دبلوماسي بتوريط حلفاء فرنسا الغربيين‬
‫في القضية‪ ،‬وقبلت الحكومة األمريكية‪ ،‬اقتراح بورقيبة وجرت ورائها الحكومة البريطانية‬

‫‪ )1( .‬الهادي البكوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.711‬‬


‫(‪ )2‬الباجي قائد السبسي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫(‪ )3‬جريدة المجاهد‪ ،‬الرئيس بورقيبة في واشنطن‪ ،‬ع‪ ،84‬ج ‪ 4 ،8‬ماي ‪7697‬م‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫)‪ (4‬الدبلوماسية ‪ :‬مجموعة المفاهيم‪ ،‬والقواعد واإلجراءات‪ ،‬والمراسيم‪ ،‬المؤسسات واألعراف الدولية‪ ،‬التي تنظم العالقات بين‬
‫الدول‪ ،‬والممثلين الدبلوماسيين‪ ،‬بهدف خدمة المصالح العليا‪ ،‬والسياسات العامة للدول)‪ .‬انظر‪ :‬عبد الوهاب الكيالي‪ ،‬ج‪،4‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪).48‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫ورغم معارضة فرنسا عرضتا وساطتهما‪ .‬ونجحت بدورها في توظيف منبر األمم المتحدة‬
‫(‪)1‬‬
‫للدعاية لصالح القضية الجزائرية‪.‬‬
‫وتبعا لذلك تغيرت بعض المواقف الدولية لصالح القضية الجزائرية وبالتالي كسب أنصار لها‬
‫حيث صرح" إن الواليات المتحدة األمريكية أصبحت تعتبر القضية الجزائرية مسألة‬
‫عالمية‪ ...‬وهي بتحالفها مع فرنسا ال يمكنها غض الطرف عن الحالة السيئة التي أصبحت‬
‫(‪)2‬‬
‫تخيم على الجزائر‪".‬‬

‫أوكلت كل من الحكومة األمريكية‪ ،‬والبريطانية موظفين ساميين هما «روبرت مورفي" و"‬
‫هارولد بيلي " اللذان قاما برحالت بين تونس وفرنسا حيث أعرب لهما بورقيبة عن تمسكه‬
‫(‪)3‬‬
‫بموقفه المتمثل في جالء القوات الفرنسية (باستثناء قاعدة بنزرت) دون قيد أوشرط‪.‬‬
‫رافضا طلب الحكومة الفرنسية في ابقاء خمسة مطارات تحت سيطرتها ووضع قوة دولية على‬
‫الحدود الدولية لمنع تسريب األسلحة‪ ،‬واستعملت فرنسا مختلف أساليب المماطلة‪ ،‬وحتى التهديد‬
‫بالخروج من الحلف األطلسي‪ .‬وضغطت أمريكا على فرنسا مما أدى إلى اندالع أزمة سياسية‬
‫(‪)4‬‬
‫حالت دون استمرار الوساطة األمريكية‪ ،‬والبريطانية‪.‬‬
‫وأصدرت فرنسا تهديدات مباشرة لتونس من قادة الجيش الفرنسي في الجزائر‪ .‬مما دفع‬
‫بورقيبة الى اللجوء من جديد لمجلس األمن الذي علق النظر في القضية مع ابقاء جدول أعماله‬
‫(‪)5‬‬
‫إلفساح المجال للوساطة األمريكية والبريطانية‪.‬‬
‫‪-2‬التحرك على مستوى الدول األوربية ‪:‬‬
‫ت حركت الدولة التونسية على مستوى الدول األوربية الشرقية‪ ،‬والغربية لتنوير الرأي العام‬
‫األوربي‪ ،‬وتحسسيه‪ ،‬وللرد على تصريحات الصحف الفرنسية التي تثير الذعر والهلع حيث‬

‫(‪ )1‬المجلة التونسية للتاريخ العسكري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬


‫(‪ )2‬نفسه‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫(‪ )3‬أحمد المستيري‪ ،‬شهادة التاريخ‪ ،‬ذكريات وتأمالت وتعاليق حول فترة من التاريخ المعاصر لتونس والمغرب‬
‫الكبير(‪7681‬م‪7661-‬م) وثورة ‪ ،4171‬دار الجنوب للنشر‪ ،‬تونس ‪ 4177،‬م‪ ،‬ص ‪.774‬‬
‫(‪ )4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.774‬‬
‫‪(5) Amorch adli, Bourguiba tel que je la connu la transition Bourguiba- ben Ali, simpact,‬‬

‫‪.Tunisie, 2011, p 103‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫أدلى الرئيس بورقيبة بتصريح صحفي لجريدة إيلتيمبو"‪ "iltempoe‬االيطالية‪ ،‬تحدث فيه عن‬
‫الثورة الجزائرية قائال‪" :‬إن التونسيين لن يمنعوا إخوانهم الجزائريين من االلتجاء إلى‬
‫أرضيهم‪ ،‬وإن‪ ،‬الجزائريين يكافحون من أجل السلم‪ .‬وإن هذه األسلحة الخفيفة‪ ،‬والبنادق التي‬
‫تهرب عبر الحدود التونسية‪ ،‬وليس هناك أي داع يثير الدهشة أو التأثر ولسنا مستعدين‬
‫لمساعدة الجيش الفرنسي على تقتيل إخواننا الجزائريين‪ ،‬خاصة عندما يعلم الشعب التونسي أن‬
‫(‪)1‬‬
‫االستعمار الفرنسي بالجزائر‪ ،‬يعني إعادة احتالل تونس ويعني نهاية االستقالل‪".‬‬
‫وفي هذا اإلطار استقبل الرئيس بورقيبة بتونس رئيس حكومة السويد‪« :‬تاج إيرلند" وتناولت‬
‫المحادثات القضية الجزائرية‪ ،‬وطلب بورقيبة من السويد التدخل لدى فرنسا لإلسراع‬
‫بالمفاوضات‪ ،‬وخالل زيارته ليوغسالفيا تحدث بورقيبة مع الرئيس " جوزيف بروزتيتو‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ Josip broztito‬وتناوال القضية الجزائرية‪.‬‬
‫‪-3‬التحرك على المستوى اإلفريقي واألسيوي ‪:‬‬
‫أقامت الحكومة التونسية عالقات مع الدول اإلفريقية‪ ،‬وتحركت على المستوى اإلفريقي‪،‬‬
‫وحاولت كسبهم لصالح القصية الجزائرية‪ .‬وأكدت على من خالل الزيارات الثنائية‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫والمشاركات في الندوات‪ ،‬والمؤتمرات اإلفريقية‪.‬‬
‫حيث قام الرئيس بورقيبة بزيارة إلى "غانا" لحضور عيد استقاللها‪ .‬وناقش مع المسؤولين‬
‫الغانيين‪ ،‬والوفود الحاضرة القضية الجزائرية‪ .‬لتحسيسهم بأهميتها‪ ،‬وعدالة قضيتها‪ ،‬وضرورة‬
‫دعمها وألقى في عاصمتها "أكرا" خطابا عن الجزائر‪" ،‬جاء فيه‪ ":‬لقد توغلت فرنسا بالجزائر‪،‬‬
‫واستع ملت سياسة القوة‪ ،‬التي لن تنجح أبدا وفهم الشعب الجزائري‪ ،‬وطبق كلمات مأثورة عن‬
‫رئيس الحكومة الفرنسية نفسه ال سلم في االستعباد"‪.‬‬
‫وهو يكافح للتحرر ويجب على األمم المتحدة أن تعين لجنة توفيق مهمتها التقريب بين الطرفين‬
‫(‪)4‬‬
‫إليقاف القتال والشروع في مفاوضات للوصول الى حل عادل‪.‬‬

‫(‪ )1‬العمل‪ ،‬تصريح بورقيبة لصحيفة أبل نامبو "اإليطالية‪،‬ع‪، 478‬جوان ‪ 7684‬م ‪،‬ص ص ‪.7،8‬‬
‫(‪ )2‬العمل‪ ،‬محادثات بين بورقيبة ورئيس حكومة السويد‪ ،‬ع ‪ 41 ،7911‬ديسمبر ‪7691‬م‪ ،‬ص ص ‪.7،4‬‬
‫(‪ )3‬بورقيبة‪ ،‬الدولة التونسية والسلم في العالم‪ ،‬ج‪ 8 ،8‬مارس ‪7681‬م‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫(‪ )4‬نفسها‪ ،‬مؤتمر التضامن اإلفريقي األسيوي‪ ،‬ع‪ 46 ،941‬ديسمبر ‪7681‬م‪ ،‬ص‪.7‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫وتحركت الحكومة التونسية على المستوى األسيوي‪ ،‬حيث تحدث الرئيس بورقيبة مع الرئيس‬
‫األندونسي"أحمد سوكارنو في قصر الجمهورية بالمرسى حول القضية الجزائرية‪ ،‬وأكد على‬
‫ضرورة دعمها على المستوى العالمي‪ ،‬واألمم المتحدة‪ .‬وحرصت الحكومة التونسية على‬
‫برمجة مقابالت للمسؤولين‪ ،‬والوفود الزائرة لتونس‪ .‬مع الحكومة المؤقتة الجزائرية إلبرازها‬
‫على المستوى الخارجي على أنها الممثل الشرعي للشعب الجزائري‪ ،‬حيث أجرى فرحات‬
‫عباس مباحثات مع الرئيس االندونيسي بحضور " محمد يزيد"‪ ،‬دارت حول القضية الجزائرية‬
‫(‪)1‬‬
‫والمفاوضات‪.‬‬
‫وألقى بورقيبة خطابا في بلغراد تحدث فيه عن االستعمار‪ ،‬ومناوراته قائال إن حرب الجزائر‬
‫تشكل بدون شك حجر األساس لالستعمار ودقت ساعته ولكنه أبى إال أن يلفظ أنفاسه األخيرة‪،‬‬
‫حيث رفع القناع عن وجهه‪ ،‬فتعالى في ركوب الشطط وفي االستهتار بالذات البشرية‪ ،‬ومتفننا‬
‫في طريق القهر‪ .‬واالضطهاد‪ ،‬وفيها أيضا أصيب سواء في الميدان السياسي‪ ،‬أو األدبي بأفدح‬
‫الهزائم مما زعزع كيانه‪".‬‬
‫حيث كان ليوغسالفيا موقف مميز‪ ،‬وفاعل في دعم الجزائريين في كفاحهم التحريري‪ ،‬حيث‬
‫(‪)2‬‬
‫قدمت لهم مساعدة متعددة الجوانب‪.‬‬
‫‪ -4‬التحرك على المستوى العربي ‪:‬‬
‫عملت الدبلوماسية التونسية على التنسيق مع الدول العربية وخاصة المغرب‪ ،‬وليبيا‪ ،‬من أجل‬
‫تنسيق المواقف والتحرك بصورة جماعية لمساعدة الجزائر الشقيقة‪ ،‬حيث صرح بورقيبة ح"‬
‫إثر زيارته إلى ليبيا" نظرنا في امكانية القيام بعمل مشترك يرمي إلى األخذ بيد شقيقتنا‬
‫الجزائر في محنتها‪ ...‬وأردنا سلوك أقرب السبل وأنجعها لتخفيف المحنة التي يكابدها أشقاؤها‬
‫(‪)3‬‬
‫الجزائريون‪.‬‬
‫ولهذا اجتمع بورقيبة برئيس مجلس الوزراء الليبي ّ مصطفى بن حليم" في الفترة الممتدة من‬
‫‪ 14‬و ‪ 19‬جانفي ‪ ،7681‬وأصدر بالغا مشتركا‪ ،‬ـتناول الطرفان بالبحث عن العديد من‬

‫(‪ )1‬العمل ‪،‬العالقات اإلندونيسية التونسية ع ‪ 8 ،7814‬ماي ‪7691‬م ‪ ،‬ص‪.8‬‬


‫(‪)2‬بورقيبة الحبيب‪ ،‬بلغراد في‪ 7‬سبتمبر ‪7697‬م‪ ،‬ج‪ ،74‬ص ‪.446‬‬
‫(‪ )3‬نفسه ‪،‬القيروان ‪7681‬م ‪ ،‬ج ‪ ، ،777‬ص ‪.419‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫المسائل منها القضية الجزائرية‪ ،‬وأكدا أن‪ ،‬حلها أصبح ضرورة إلستقرار األمن في كامل‬
‫(‪)1‬‬
‫المغرب العربي‪.‬‬
‫ولقد أبدى بورقيبة موقف مشرفا في اطار التضامن المغاربي مع الجزائر بخصوص حراسة‬
‫(‪)2‬‬
‫الحدود مما أدى إلى إضعاف موقف الحكومة الفرنسية‪.‬‬

‫(‪ )1‬الصباح‪ ،‬بالغ مشترك‪ ،‬ع ‪ ،4 7884‬جانفي‪ 7684‬م ‪ ،‬ص ص ‪.8، 7‬‬
‫(‪ )2‬المجاهد‪ ،‬زعماء المغرب العربي في خدمة الوحدة ‪،‬ع‪، 446‬ج‪ 7687، 7‬م ‪ ،‬ص‪.4‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الثورة الجزائرية محرك العالقات التونسية الفرنسية‪:‬‬


‫‪ -‬إن امتداد الحرب الجزائرية في الزمان والمكان تسبب في تأزم العالقات بين فرنسا وتونس‬
‫وحتى في مناطق الصحراء المغربية بين المغاربة والجيوش الفرنسية‪.‬‬
‫‪ -‬لقد تيقن المغاربة أن هذه الحرب واحدة في الشمال اإلفريقي وهم يواجهون عدوا واحد وال‬
‫شك أن هذا الشعور قد ظهر خاصة بعد حوادث ساقية سيدي يوسف ‪8591‬م التي يمكن‬
‫(‪)1‬‬
‫اعتبارها نقطة تحول في السياسة التونسية‪ ،‬والمغربية‪.‬‬
‫ولقد كانت تونس تعتبر الكفاح الجزائري جزءا من كفاحها ضد النظام االستعماري‪ ،‬ولهذا‬
‫قبلت التضحية بمصالحها ال بسيادتها‪ .‬حيث تحملت تونس تعليق المساعدات المالية‬
‫الفرنسية‪ ،‬وعمليات االجتياح والغارات الفرنسية‪ ،‬انطالقا من الجزائر‪ ،‬ولم تكن تونس‬
‫تتدخل في القرارات السياسية وال في تحالفات الحكومة المؤقتة الجزائرية التي لم تكن‬
‫تتالءم غالبا مع توجهات بورقيبة كما ظلت تتلقى النقد من القادة الجزائريين في الداخل‬
‫(‪)2‬‬
‫والخارج‪.‬‬
‫حيث اختارت تونس المستقلة وعلى الرغم من كثرة الضغوط الفرنسية والمطامع القطرية‬
‫أن تقف الى جانب الثورة الجزائرية وتدخلت خصوصية الواقع التونسي المتشابك مع الثورة‬
‫الجزائرية في بلورة موقف متميز كان من أبرز سماته الواقعية في التعامل مع المشكلة‬
‫(‪)3‬‬
‫الجزائرية‪ ،‬وحماية االستقالل التونسي وخدمته بكل السبل الممكنة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن االستقالل التونسي واجه منذ البداية مشكلتين رئيسيتين مسألة ضبط‬
‫العالقات مع فرنسا‪ ،‬وإتمام مفاوضات االستقالل التام‪ ،‬ومشكلة االرتباط مع الثورة‬
‫(‪)4‬‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫إن بورقيبة الذي كان يأمل في إنهاء الحرب ويعول على الحلول السياسية وجد نفسه في‬
‫فوهة الحرب ومتورط في القضية الجزائرية فلم يكن بمقداره ضرب التضامن المغاربي‬

‫(‪ )1‬عبد هللا شريط‪ ،‬ج‪ 8591 ، 8‬م‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.841‬‬
‫(‪ )2‬الباجي قائد السبسي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫عبد هللا مقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية ابان الثورة التحريرية الجزائرية ‪ 8593 -8594‬م ‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫ص ‪.359‬‬
‫(‪ )4‬الحبيب بورقيبة‪ ،‬في سبيل السلم بالجزائر المرجع السابق‪ ،‬ص‪.95‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫ل لكفاح الجزائري‪ ،‬وال الحفاظ على عالقات الصداقة مع الحكومة الفرنسية التي كانت‬
‫تضغط بكل السبل لجعل تونس بلد محايد يخدم االستراتيجية الفرنسية‪ .‬وحكمت فرنسا على‬
‫بورقيبة في التورط في القضية الجزائرية وقد كان بورقيبة يعلم أن هذه الحرب ال تنتهي إال‬
‫(‪)1‬‬
‫بتنازالت مشتركة بين الطرفين‪.‬‬
‫وليس من المبالغة أن نقول إن تونس كانت أكثر الدول تأثرا بالحرب الجزائرية وذلك بحكم‬
‫ارتباطاتها الوثيقة مع الثورة الجزائرية‪ ،‬وموقعها االستراتيجي في طريق اإلمدادات‬
‫(‪)2‬‬
‫وقد‬ ‫العسكرية‪ ،‬وتمركز جيش التحرير الجزائري على طول الحدود التونسية الجزائرية‪.‬‬
‫كانت االعتداءات الفرنسية على الحدود تثير حفيظة التونسيين‪ ،‬وغضب بورقيبة وقد‬
‫انقطعت العالقات الفرنسية عدة مرات إثر اختطاف الزعماء الجزائريين في أكتوبر ‪8599‬‬
‫م كما عرجنا عليه سابقا‪ ،‬وبعد حوادث ساقية سيدي يوسف‪ .‬فلم تستقيم العالقات التونسية‬
‫(‪)3‬‬
‫الفرنسية على نسق واضح بسبب تأثيرات حرب الجزائر‪.‬‬
‫وخالل عام ‪8591‬م تدعم الوجود الجزائري في تونس وتركزت المجموعات المسلحة في‬
‫المناطق الحدودية‪ ،‬وكانت تلجأ إلى التراب التونسي كلما أجبرت على ذلك‪ ،‬ولكنها ال‬
‫تخوض المواجهات ضد القوات الفرنسية نزوال عند تعليمات بورقيبة وقد تم ضبط مسألة‬
‫مرور األسلحة‪ ،‬وأصبحت تديرها الحكومة التونسية‪ ،‬لكنها لم تكن بعيدة عن أعين‬
‫(‪)4‬‬
‫الفرنسيين وحامت الشكوك حول تورط بورقيبة‪.‬‬
‫وقد خيمت تبعات حرب الجزائر على العالقات التونسية الفرنسية وعاشت مناطق الحدود‬
‫التونسية الجزائرية الحرب بكل ويالتها‪ ،‬وتعرض سكانها للقتل واالضطهاد‪.‬‬
‫وقد حاول بورقيبة امام هذه التجاوزات والتطورات الخطيرة التوفيق بين عالقة التعاون مع‬
‫(‪)5‬‬
‫فرنسا‪ ،‬والتضامن مع الثورة الجزائرية‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد هللا شريط الثورة الجزائرية في الصحافة الدولية‪ ،‬ج‪ ،2‬منشورات وزارة المجاهدين ‪ ،8591‬ص ‪.39‬‬
‫(‪ )2‬الحبيب بورقيبة‪ ،‬تونس‪ ،‬دائما مع الجزائر‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫عبد هللا مقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية ابان الثورة التحريرية الجزائرية ‪ 8593-8594‬م المرجع السابق‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫ص ‪.359‬‬
‫(‪ )4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.353‬‬
‫(‪ )5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.353‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫وقد بلغ األمر بأن صرح بورقيبة بأن بالده مستعدة لالعتراف بوجود قوات فرنسية بقاعدة‬
‫بنزرت إذا قبلت فرنسا تسوية القضية الجزائرية وكانت فرنسا تدرك أنه من المستحيل بأن‬
‫يصدر عن الرئيس بورقيبة مثل هذا العرض لو كان هناك أدنى شك في معارضة الجزائر‬
‫والمغرب لذلك‪.‬‬
‫بالتالي فأقطار المغرب الثالثة مستعدة لقبول التسوية لحل المشكلة الجزائري‪ .‬وهو أيضا‬
‫كان يفكر في قاعدة للمرسى الكبير الجزائرية‪ ،‬والقواعد الجوية المغربية وإن مثل هذا‬
‫العرض يشكل حال وسطا يمكن أن تقبل به الحكومة الفرنسية لحل مشاكلها مع المغرب‬
‫(‪)1‬‬
‫العربي‪.‬‬
‫وقد تواصلت انتهاكات الجيش الفرنسي للمجال التونسي بحجة مالحقة الثوار الجزائريين‪.‬‬
‫وتعد تلك العمليات بالعشرات نذكر من بينها‪:‬‬

‫‪-‬االعتداء على مشيختي أوالد مسلم والخمايرية في ‪ 28‬ماي ‪8591‬م‪ ،‬أسفر عن مقتل ‪81‬‬
‫تونسيين من بينهم خميس الحجري‪ ،‬والكاتب العام لوزارة الشؤون الخارجية‪.‬‬
‫‪-‬اشتباك بمنطقة الكويف قرب الحدود ‪ 18‬سبتمبر ‪8591‬م أدى الى مقتل أربعة جنود‬
‫تونسيين‪.‬‬
‫‪-‬االعتداء على منطقة فم الخنقة في ‪ 13‬جانفي ‪8591‬م أسفر عن مقتل ‪ 12‬شهداء‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪-‬لكن يبقى العدوان على قرية ساقية سيدي يوسف أبرز تلك االعتداءات على اإلطالق‪.‬‬
‫ورددت في باريس شعارات معادية له ومنددة بموقف تونس المساند للثورة الجزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬إن االدارة الفرنسية التي راهنت على بورقيبة كانت تعتقد أنه سيمضي في الوقوف إلى‬
‫صفها إلى أبعد الحدود‪ ،‬ويمنع وصول األسلحة الى الثوار الجزائريين ويضع حدا لنشاطهم‬
‫في تونس لكن الرياح تمضي بما ال تشتهي السفن‪.‬‬
‫وعليه فقد خططت اإلدارة االستعمارية إليجاد فجوة بين النظام التونسي وقيادة الثورة‬
‫الجزائرية‪ ،‬وذلك بتحميلهم مسؤولية االعتداءات الفرنسية على المناطق التونسية‪ ،‬وابراز‬

‫(‪ )1‬عبد هللا شريط الثورة الجزائرية في الصحافة الدولية‪ ،‬ج‪ 8‬منشورات وزارة المجاهدين‪ 8595،‬م ص ‪.829‬‬
‫(‪ )2‬المجلة التونسية للتاريخ العسكري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.45 ،41‬‬

‫‪76‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫عجز السلطات التونسية في حماية مواطنيها‪ ،‬واثبات أن سيادتها منتهكة من قبل الجزائريين‬
‫(‪)1‬‬
‫قبل أن تنتهكها القوات الفرنسية‪.‬‬
‫‪-‬ولم يقتصر األمر على التهديد المباشر‪ ،‬إذا خططت إلشراك المعمرين المتعصبين لبث‬
‫الفوضى‪ ،‬واثارة االضطراب ونسبه إلى الجزائريين المعارضين للتوجه البو رقيبي‪.‬‬
‫وشدت فرنسا الخناق على تونس وقطعت اإلعانات االقتصادية‪ ،‬والتقنية‪ ،‬فأمر "غي مول"‬
‫بتعليق االعانة الخاصة بتجهيز الدولة التونسية والمقدرة بـ ‪ 84‬مليار فرنك‪ ،‬وأعلن سفير‬
‫(‪)2‬‬
‫فرنسا في تونس أن اإلجراء أتخذ بسبب موقف بورقيبة من المشكلة الجزائرية‪.‬‬
‫‪-‬وعلى الرغم من حاجة الحكومة التونسية لهذه المعنوية‪ ،‬وتشابك العالقات التونسية‬
‫الفرنسية‪ ،‬فقد أعلن بورقيبة أنه ال يقبل بأية معونة فرنسية مشروطة" إنني أصرح بصفتي‬
‫(‪)3‬‬
‫رئيس حكومة أننا لسنا بحاجة إلى تلك القروض إذ أريد بها وسيلة ضغط علينا‪".‬‬

‫(‪ )1‬عبد هللا مقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية ابان الثورة التحريرية الجزائرية ‪ 8593-8594‬م ‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.353‬‬
‫محمد حسني عباس‪ ،‬حول اتجاهات السياسية التونسية‪ ،‬مجلة العلوم السياسة‪ ،‬تصدرها الجمعية العربية العلوم‬ ‫(‪)2‬‬

‫السياسية‪ ،‬ع‪ ،2‬القاهرة‪ ،‬ديسمبر ‪8591‬م‪ ،‬ص ص ‪.23 ،28‬‬


‫(‪ )3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪77‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الثورة الجزائرية محرك العالقات التونسية الفرنسية‪:‬‬


‫‪ -‬إن امتداد الحرب الجزائرية في الزمان والمكان تسبب في تأزم العالقات بين فرنسا وتونس‬
‫وحتى في مناطق الصحراء المغربية بين المغاربة والجيوش الفرنسية‪.‬‬
‫‪ -‬لقد تيقن المغاربة أن هذه الحرب واحدة في الشمال اإلفريقي وهم يواجهون عدوا واحد وال‬
‫شك أن هذا الشعور قد ظهر خاصة بعد حوادث ساقية سيدي يوسف ‪8591‬م التي يمكن‬
‫(‪)1‬‬
‫اعتبارها نقطة تحول في السياسة التونسية‪ ،‬والمغربية‪.‬‬
‫ولقد كانت تونس تعتبر الكفاح الجزائري جزءا من كفاحها ضد النظام االستعماري‪ ،‬ولهذا‬
‫قبلت التضحية بمصالحها ال بسيادتها‪ .‬حيث تحملت تونس تعليق المساعدات المالية‬
‫الفرنسية‪ ،‬وعمليات االجتياح والغارات الفرنسية‪ ،‬انطالقا من الجزائر‪ ،‬ولم تكن تونس‬
‫تتدخل في القرارات السياسية وال في تحالفات الحكومة المؤقتة الجزائرية التي لم تكن‬
‫تتالءم غالبا مع توجهات بورقيبة كما ظلت تتلقى النقد من القادة الجزائريين في الداخل‬
‫(‪)2‬‬
‫والخارج‪.‬‬
‫حيث اختارت تونس المستقلة وعلى الرغم من كثرة الضغوط الفرنسية والمطامع القطرية‬
‫أن تقف الى جانب الثورة الجزائرية وتدخلت خصوصية الواقع التونسي المتشابك مع الثورة‬
‫الجزائرية في بلورة موقف متميز كان من أبرز سماته الواقعية في التعامل مع المشكلة‬
‫(‪)3‬‬
‫الجزائرية‪ ،‬وحماية االستقالل التونسي وخدمته بكل السبل الممكنة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن االستقالل التونسي واجه منذ البداية مشكلتين رئيسيتين مسألة ضبط‬
‫العالقات مع فرنسا‪ ،‬وإتمام مفاوضات االستقالل التام‪ ،‬ومشكلة االرتباط مع الثورة‬
‫(‪)4‬‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫إن بورقيبة الذي كان يأمل في إنهاء الحرب ويعول على الحلول السياسية وجد نفسه في‬
‫فوهة الحرب ومتورط في القضية الجزائرية فلم يكن بمقداره ضرب التضامن المغاربي‬

‫(‪ )1‬عبد هللا شريط‪ ،‬ج‪ 8591 ، 8‬م‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.841‬‬
‫(‪ )2‬الباجي قائد السبسي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫عبد هللا مقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية ابان الثورة التحريرية الجزائرية ‪ 8593 -8594‬م ‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫ص ‪.359‬‬
‫(‪ )4‬الحبيب بورقيبة‪ ،‬في سبيل السلم بالجزائر المرجع السابق‪ ،‬ص‪.95‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫ل لكفاح الجزائري‪ ،‬وال الحفاظ على عالقات الصداقة مع الحكومة الفرنسية التي كانت‬
‫تضغط بكل السبل لجعل تونس بلد محايد يخدم االستراتيجية الفرنسية‪ .‬وحكمت فرنسا على‬
‫بورقيبة في التورط في القضية الجزائرية وقد كان بورقيبة يعلم أن هذه الحرب ال تنتهي إال‬
‫(‪)1‬‬
‫بتنازالت مشتركة بين الطرفين‪.‬‬
‫وليس من المبالغة أن نقول إن تونس كانت أكثر الدول تأثرا بالحرب الجزائرية وذلك بحكم‬
‫ارتباطاتها الوثيقة مع الثورة الجزائرية‪ ،‬وموقعها االستراتيجي في طريق اإلمدادات‬
‫(‪)2‬‬
‫وقد‬ ‫العسكرية‪ ،‬وتمركز جيش التحرير الجزائري على طول الحدود التونسية الجزائرية‪.‬‬
‫كانت االعتداءات الفرنسية على الحدود تثير حفيظة التونسيين‪ ،‬وغضب بورقيبة وقد‬
‫انقطعت العالقات الفرنسية عدة مرات إثر اختطاف الزعماء الجزائريين في أكتوبر ‪8599‬‬
‫م كما عرجنا عليه سابقا‪ ،‬وبعد حوادث ساقية سيدي يوسف‪ .‬فلم تستقيم العالقات التونسية‬
‫(‪)3‬‬
‫الفرنسية على نسق واضح بسبب تأثيرات حرب الجزائر‪.‬‬
‫وخالل عام ‪8591‬م تدعم الوجود الجزائري في تونس وتركزت المجموعات المسلحة في‬
‫المناطق الحدودية‪ ،‬وكانت تلجأ إلى التراب التونسي كلما أجبرت على ذلك‪ ،‬ولكنها ال‬
‫تخوض المواجهات ضد القوات الفرنسية نزوال عند تعليمات بورقيبة وقد تم ضبط مسألة‬
‫مرور األسلحة‪ ،‬وأصبحت تديرها الحكومة التونسية‪ ،‬لكنها لم تكن بعيدة عن أعين‬
‫(‪)4‬‬
‫الفرنسيين وحامت الشكوك حول تورط بورقيبة‪.‬‬
‫وقد خيمت تبعات حرب الجزائر على العالقات التونسية الفرنسية وعاشت مناطق الحدود‬
‫التونسية الجزائرية الحرب بكل ويالتها‪ ،‬وتعرض سكانها للقتل واالضطهاد‪.‬‬
‫وقد حاول بورقيبة امام هذه التجاوزات والتطورات الخطيرة التوفيق بين عالقة التعاون مع‬
‫(‪)5‬‬
‫فرنسا‪ ،‬والتضامن مع الثورة الجزائرية‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد هللا شريط الثورة الجزائرية في الصحافة الدولية‪ ،‬ج‪ ،2‬منشورات وزارة المجاهدين ‪ ،8591‬ص ‪.39‬‬
‫(‪ )2‬الحبيب بورقيبة‪ ،‬تونس‪ ،‬دائما مع الجزائر‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫عبد هللا مقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية ابان الثورة التحريرية الجزائرية ‪ 8593-8594‬م المرجع السابق‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫ص ‪.359‬‬
‫(‪ )4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.353‬‬
‫(‪ )5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.353‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫وقد بلغ األمر بأن صرح بورقيبة بأن بالده مستعدة لالعتراف بوجود قوات فرنسية بقاعدة‬
‫بنزرت إذا قبلت فرنسا تسوية القضية الجزائرية وكانت فرنسا تدرك أنه من المستحيل بأن‬
‫يصدر عن الرئيس بورقيبة مثل هذا العرض لو كان هناك أدنى شك في معارضة الجزائر‬
‫والمغرب لذلك‪.‬‬
‫بالتالي فأقطار المغرب الثالثة مستعدة لقبول التسوية لحل المشكلة الجزائري‪ .‬وهو أيضا‬
‫كان يفكر في قاعدة للمرسى الكبير الجزائرية‪ ،‬والقواعد الجوية المغربية وإن مثل هذا‬
‫العرض يشكل حال وسطا يمكن أن تقبل به الحكومة الفرنسية لحل مشاكلها مع المغرب‬
‫(‪)1‬‬
‫العربي‪.‬‬
‫وقد تواصلت انتهاكات الجيش الفرنسي للمجال التونسي بحجة مالحقة الثوار الجزائريين‪.‬‬
‫وتعد تلك العمليات بالعشرات نذكر من بينها‪:‬‬

‫‪-‬االعتداء على مشيختي أوالد مسلم والخمايرية في ‪ 28‬ماي ‪8591‬م‪ ،‬أسفر عن مقتل ‪81‬‬
‫تونسيين من بينهم خميس الحجري‪ ،‬والكاتب العام لوزارة الشؤون الخارجية‪.‬‬
‫‪-‬اشتباك بمنطقة الكويف قرب الحدود ‪ 18‬سبتمبر ‪8591‬م أدى الى مقتل أربعة جنود‬
‫تونسيين‪.‬‬
‫‪-‬االعتداء على منطقة فم الخنقة في ‪ 13‬جانفي ‪8591‬م أسفر عن مقتل ‪ 12‬شهداء‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪-‬لكن يبقى العدوان على قرية ساقية سيدي يوسف أبرز تلك االعتداءات على اإلطالق‪.‬‬
‫ورددت في باريس شعارات معادية له ومنددة بموقف تونس المساند للثورة الجزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬إن االدارة الفرنسية التي راهنت على بورقيبة كانت تعتقد أنه سيمضي في الوقوف إلى‬
‫صفها إلى أبعد الحدود‪ ،‬ويمنع وصول األسلحة الى الثوار الجزائريين ويضع حدا لنشاطهم‬
‫في تونس لكن الرياح تمضي بما ال تشتهي السفن‪.‬‬
‫وعليه فقد خططت اإلدارة االستعمارية إليجاد فجوة بين النظام التونسي وقيادة الثورة‬
‫الجزائرية‪ ،‬وذلك بتحميلهم مسؤولية االعتداءات الفرنسية على المناطق التونسية‪ ،‬وابراز‬

‫(‪ )1‬عبد هللا شريط الثورة الجزائرية في الصحافة الدولية‪ ،‬ج‪ 8‬منشورات وزارة المجاهدين‪ 8595،‬م ص ‪.829‬‬
‫(‪ )2‬المجلة التونسية للتاريخ العسكري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.45 ،41‬‬

‫‪76‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫عجز السلطات التونسية في حماية مواطنيها‪ ،‬واثبات أن سيادتها منتهكة من قبل الجزائريين‬
‫(‪)1‬‬
‫قبل أن تنتهكها القوات الفرنسية‪.‬‬
‫‪-‬ولم يقتصر األمر على التهديد المباشر‪ ،‬إذا خططت إلشراك المعمرين المتعصبين لبث‬
‫الفوضى‪ ،‬واثارة االضطراب ونسبه إلى الجزائريين المعارضين للتوجه البو رقيبي‪.‬‬
‫وشدت فرنسا الخناق على تونس وقطعت اإلعانات االقتصادية‪ ،‬والتقنية‪ ،‬فأمر "غي مول"‬
‫بتعليق االعانة الخاصة بتجهيز الدولة التونسية والمقدرة بـ ‪ 84‬مليار فرنك‪ ،‬وأعلن سفير‬
‫(‪)2‬‬
‫فرنسا في تونس أن اإلجراء أتخذ بسبب موقف بورقيبة من المشكلة الجزائرية‪.‬‬
‫‪-‬وعلى الرغم من حاجة الحكومة التونسية لهذه المعنوية‪ ،‬وتشابك العالقات التونسية‬
‫الفرنسية‪ ،‬فقد أعلن بورقيبة أنه ال يقبل بأية معونة فرنسية مشروطة" إنني أصرح بصفتي‬
‫(‪)3‬‬
‫رئيس حكومة أننا لسنا بحاجة إلى تلك القروض إذ أريد بها وسيلة ضغط علينا‪".‬‬

‫(‪ )1‬عبد هللا مقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية ابان الثورة التحريرية الجزائرية ‪ 8593-8594‬م ‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.353‬‬
‫محمد حسني عباس‪ ،‬حول اتجاهات السياسية التونسية‪ ،‬مجلة العلوم السياسة‪ ،‬تصدرها الجمعية العربية العلوم‬ ‫(‪)2‬‬

‫السياسية‪ ،‬ع‪ ،2‬القاهرة‪ ،‬ديسمبر ‪8591‬م‪ ،‬ص ص ‪.23 ،28‬‬


‫(‪ )3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪77‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تأزم العالقات بين بورقيبة والحكومة الجزائرية المؤقتة ‪:‬‬
‫‪ -1‬أزمة ايجلي‪ 03 :‬جوان ‪1591‬م‪.‬‬
‫ان مظاهر التضامن الذي أكده مؤتمر طنجة والذي اكسب الثورة الجزائرية مزيدا من التضامن‬
‫شعوب المغرب العربي معها وما تركه من صدى إعالمي واسع‪ ،‬أصبح هاجس يهدد المصالح‬
‫الفرنسية في منطقة المغرب العربي‪ ،‬األمر الذي جعل ديغول يدعو الى اشتراك الدولتين في‬
‫بعض المشاريع االقتصادية لضرب التضامن المغاربي وخدمة المصالح الفرنسية من جهة‬
‫أخرى فعرضت على تونس الدخول في المنطقة المشتركة الستغالل األراضي الصحراوية‬
‫(‪ .)1()O.C.R.S‬وضمن هذه اإلستراتيجية استطاع ديغول إلى جر تونس إلى إبرام اتفاقية‬
‫ايجلي ‪ 03‬جوان ‪ )2( 8591‬التي تسمح للشركة الفرنسية ‪ )3(STRAPSA‬لتحويل البترول‬
‫التونسية‬ ‫الجزائري عبر أنبوب نفط من آبار ايجلي (جنوب إفريقيا) مرورا باألراضي‬
‫(‪)4‬‬
‫لتصديره عن طريق ميناء الصخيرة بقايس ( شمال تونس)‬
‫حيث يعد سلوك تونس هذا اختالال بالتزاماتها في مؤتمر طنجة حول وحدة المغرب العربي (‬
‫‪ 03 – 72‬افريل ‪ )8591‬هذا المؤتمر الذي تم التأكيد فيه على المصير المشترك لبلدان‬
‫(‪)5‬‬
‫المغرب العربي‪.‬‬
‫وهو االتفاق الذي عرض على ليبيا في باريس ورفضته جملة وتفصيال(‪ )6‬هذا االجراء اغضب‬
‫مسؤولي الثورة واعتبروه يتنافى وروح التضامن كما يتنافى وقرارات مؤتمر طنجة النه من‬
‫جهة سهل على المستعمر ابتزاز واستغالل خيرات البالد الباطنية‪ ،‬ومن جهة أخرى يزود‬
‫خزينة المستعمر بأموال‪ ،‬إضافة لمواصلة الحرب ويخفف عنها االعباء المالية التي تعاني منها‬

‫(‪ )1‬أنشأت هذه المنظمة بعد إصدار البرلمان الفرنسي قانون فصل الصحراء‪ ،‬وذلك بتاريخ ‪ 83‬جانفي ‪ ،8592‬ويرى واضعو‬
‫هذا القانون الذي جاء في ‪ 80‬مادة ان الهدف المتوخي من إصدار هذه الهيئة هو العمل على التطوير االقتصادي والرقي‬
‫االجتماعي للمناطق للجمهورية الفرنسية وهي الجزائر موريطانييا والسودان والتشاد وفيما بعد تونس والمغرب (انظر‪ :‬معمر‬
‫العايب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.)857‬‬
‫(‪)2‬محمد هاشمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.811‬‬
‫(‪ )3‬شركة سترابسا فرع من شركة كريس التي تملك الدولة الفرنسية ‪ 27‬في المائة من أسهمها ( انظر‪ :‬المجاهد‪ ،‬الخبر‬
‫المسموم‪ ،‬ع ‪،72‬ص‪.)8‬‬
‫(‪ )4‬مسعود معداد‪ ،‬المرجع السابق‪.877 ،‬‬
‫(‪ )5‬اسماعيل دبش‪ ،‬السياسة العربية والواقف الدولية تجاه الثورة الجزائرية ‪ ،8577 – 8591‬د ط‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ ،7335‬ص ‪.835‬‬
‫(‪ )6‬مريم الصغير‪ ،‬البعد اإلفريقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.27‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫والتي بلغت أكثر من مليوني فرنك فرنسي يوميا مما أرهق هذه الخزينة واضطرها الى‬
‫استدانة الخارجية كما انه يعطي للمستعمر مبررا أساسيا‪ ،‬وحجة معنوية يستغلها لمواصلة‬
‫الحرب على الجزائر‪ ،‬وكسب الرأي العام إلى جانبه مفادها أن دول المغرب العربي معترفة‬
‫(‪)1‬‬
‫بوجوده في الجزائر‪ ،‬بل وبحقه الطبيعي في استغالل خيراتها‪ ،‬وإال لما تعاملت معها‬
‫ولقد بادرت صحيفة الثورة الجزائرية اثر التوقيع على نشر النص الكامل للمذكرة التي رفعتها‬
‫لجنة التنسيق والتنفيذ و قد شرحت الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني للثورة الجزائرية في هذه‬
‫(‪)2‬‬
‫المذكرة التتبعات الخطيرة التي تترب على توقيع االتفاقية‪ ،‬مركزة خاصة على النقاط التالية‬

‫إن التوقيع على مثل هذه االتفاقية يعني االعتراف بحق فرنسا بالتصرف في الثروات‬ ‫‪-1‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫ان موافقة الحكومة التونسية على ذلك يعني خرقا التفاقات طنجة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الشعب الجزائري ال يقبل أن يستعمل البترول لتغذية الحرب الستثماره ضد الجزائر‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫إن بناء هذا األنبوب يفقد الشعب الجزائري ثمار معركة الصحراء‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫إن مشروع األنبوب هذا من شانه ان يحقق تعبئة االحتكارات ورؤوس األموال األجنبية‬ ‫‪-5‬‬
‫وراء فرنسا‪ ،‬في نفس الوقت الذي يمنح فيه الحكومة الفرنسية تبرير استمرار الحرب أمام‬
‫الرأي العام الفرنسي‪.‬‬
‫إن إقامة الدليل على إمكانية استغالل بترول ايجلي في الحال‪ ،‬من خالل مد هذا األنبوب‬ ‫‪-6‬‬
‫يساعد على تدفق رؤوس األموال األجنبية األمر الذي يخدم السياسة االستعمارية في الجزائر‬
‫بما يقدم لها من دعم يطيل في أمد الحرب‪.‬‬
‫إن حرب الجزائر أشرفت على نهاية سنتها الرابعة‪ ،‬ولتعجيل بنهاية الحرب ال بد ان‬ ‫‪-7‬‬
‫(‪4‬‬
‫يظهر المغرب العربي في مظهر كتلة متضامنة ال تصدع فيها‬

‫(‪ )1‬بشير سعدوني ‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،8‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫(‪ )2‬المجاهد‪ ،‬من جبهة التحرير إلى الحكومة التونسية‪ ،‬ع ‪ ،8191 /2 /77 ،72‬ص ‪.7‬‬
‫(‪ )3‬محمد هاشمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.815‬‬
‫(‪ )4‬محمد الميلي‪ ،‬المرجع السابق‪ً ،‬ص ص ‪. 831 ، 832‬‬

‫‪79‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫فقد انجر عن هذا الخالف تأزم العالقات بين الطرفين وقد قامت جبهة التحرير بإدانة الموقف‬
‫التونسي في بيان أصدرته بتاريخ ‪ 83‬جويلية ‪ ،8591‬أعلنت على المأل أنها ستفجر أنابيب‬
‫(‪)1‬‬
‫بنقل مكاتبها إلى‬ ‫البترول المارة عبر األراضي الجزائرية كما قامت لجنة التنسيق والتنفيذ‬
‫طرابلس‪ ،‬هذا الخالف أدى إلى تبرير موقفها بالحجة االقتصادية باعتبارها تحقق دخال ماليا‬
‫(‪)2‬‬
‫لتونس وتوفر مناصب شغل وان التحسن االقتصادي لتونس الخبر اليومي للشعب التونسي‬
‫وردا على الحجج التي ردت بها الصحافة التونسية كتبت جريدة المجاهد مقال افتتاحي بعنوان‬
‫الخبر المسموم " ان تونس الشقيقة تدرك جيدا ان النفط الذي يمر في أرضها هو الذي تستهلكه‬
‫(‪)3‬‬
‫الطائرات الفرنسية التي دمرت ساقية سيدي يوسف وتدمر كل يوم مثلها في الجزائر"‪.‬‬
‫ورد على هذه االنتقادات قررت السلطات التونسية بعد اطالعها على محتويات العدد الثامن‬
‫والعشرون في المطبعة حجز العدد قبل نزوله الى السوق واضطرت حصة صوت الجزائر‬
‫للتوقف بعد ان أخضعت برامجها للمراقبة‪ ،‬تم منع دخول السلع الموجهة للهالل االحمر‬
‫(‪)4‬‬
‫الجزائري طوال شهر جويلية ‪ 8591‬وحجزت كميات ضخمة من األسلحة‬
‫وقد كانت لهذه االتفاقية مجموعة من االنعكاسات على الثورة الجزائرية من بينها‪:‬‬
‫‪-8‬إن هذا االتفاق تدعيما غير مباشر سياسيا وماديا من طرف الحكومة التونسية لالستعمار‬
‫الفرنسي وقمع فرنسا المتضاعف للشعب الجزائري‪.‬‬
‫‪ -7‬استغالل هذا االتفاق من طرف فرنسا لمحاولة تخليط الرأي العام العالمي على ان الثورة‬
‫الجزائرية مرفوضة حتى من طرف جيرانها الذين يتعاملون مع فرنسا بشكل عادي على‬
‫حساب جبهة التحرير الوطني‪.‬‬
‫‪-0‬هذا االتفاق عبارة عن تدعيم لمشروع فرنسا لفصل الصحراء عن الجزائر‪.‬‬

‫(‪ )1‬لجنة التنسيق والتنفيذ‪)C. C.E ( :‬انبثقت هذه اللجنة عن المجلس الوطني للثورة الذي شكل مؤتمر الصومام ( ‪ 73‬أوت‬
‫‪ 8597‬تكونت في البداية من خمسة اعضاء‪ :‬العربي بن مهيدي‪ ،‬كريم بلقاسم‪ ،‬عبان رمضان‪ ،‬بن يوسف بن خدة‪ ،‬سعد‬
‫دحلب‪ ،‬وهي المسؤولية عن إدارة جمع شؤون الثورة وأجهزتها العسكرية والسياسية أمام المجلس الوطني للثورة‪ ،‬أقيمت‬
‫اللجنة في البداية بعاصمة الجزائر‪ ،‬ثم اضطرت إلى مغادرتها إلى الخارج ( بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب‬
‫العربي‪ ،‬ج‪ ،8‬المرجع السابق ص ‪.03‬‬
‫(‪ )2‬عبد هللا مقالتي ولميش صالح‪ ،‬تونس والثورة التحريرية‪ ،‬ج‪ ،7‬شمس األزيبان للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،7380 ،‬‬
‫ص‪.773‬‬
‫(‪)3‬المجاهد‪ ،‬الخبر المسموم‪ ،‬ع ‪ ،8591 /2 /77 ،72‬ص ‪.8‬‬
‫(‪ )4‬عبد هللا المقالني ولميش صالح‪ ،‬تونس والثورة الجزائرية‪ ،‬ج‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 770 ، 777‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫‪ -1‬خلق مبرر جديد لتضاعف وتواجد الجيوش الفرنسية على الحدود الجزائرية التونسية من اجل‬
‫تشديد الحراسة وعرقلة نشاط جيش التحرير الوطني‪.‬‬
‫‪-9‬التأثير السلبي على معنويات أعضاء جيش التحرير الوطني خاصة المتواجدين في الحدود‬
‫الجزائرية التونسية‪ ،‬حيث اعتبرت جبهة التحرير الوطني التأثير االقتصادي السلبي لالتفاق لم‬
‫(‪)1‬‬
‫يكن على حساب الجزائر بل على حساب كل أقطار المغرب العربي‪.‬‬
‫وكاد هذا التصرف أن يحدث أرمة بين مسؤولي الثورة الجزائرية والحكومة التونسية‪ ،‬لو ال‬
‫الحنكة والرزانة وضبط النفس لمواجهة األمر وحسن التدبر والتصرف لتحاشي كل إجراء قد‬
‫(‪)2‬‬
‫يؤدي إلى اصطدام‬
‫‪ -2‬الخالف الحدودي‪:‬‬
‫لقد انساق بورقيبة وراء إغراءات ديغول‪ ،‬فمن القبول بتمرير أنبوب نفط ايجلي(‪ )3‬إلى تصرف‬
‫آخر أكثر غرابة وإثارة لمشاعر الجزائريين اتخذه الرئيس الحبيب بورقيبة‪ ،‬وكاد أن يحدث‬
‫(‪)4‬‬
‫أزمة جديدة بين المسؤولين الجزائريين والتونسيين وهو موقفه من قضية الصحراء‬
‫إذ استغل الرئيس التونسي الظروف التي تمر بها الثورة وراح بتعديل حدوده مع الجزائر‬
‫باعتبار أن الدولة التونسية صغيرة مقارنة بجيرانها وليس لها إمداد صحراوي مما دفع بورقيبة‬
‫إلى محاولة ضم أراضي واسعة من الصحراء الجزائرية وكان يريد ترميم حدوده إلى غاية‬
‫النقطة ‪ 700‬بدل النقطة ‪ 773‬مشيرا إلى االتفاقية الفرنسية التركية عام ‪ 8583‬وهي منطقة‬
‫نفطية تقدر مساحتها بحوالي ‪ 03‬ألف كلم‪ ،7‬ولقد أكد الرئيس التونسي مطلبه أمام المجلس‬
‫الوطني التونسي في فيفري ‪ 8595‬معتبرا الصحراء الجزائرية بحرا داخليا تشترك فيه كل‬
‫الدول المجاورة وقد هدد إذا لم يقبل هذا االقتراح سوف يرفع القضية الى محكمة العدل الدولية‬
‫(‪)5‬‬
‫لتأخذ لتونس حقها‪.‬‬

‫(‪ )1‬اسماعيل دبش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪. 887 ، 888‬‬


‫(‪ )2‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،8‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.08‬‬
‫(‪ )3‬عبد هللا مقالتي وصالح لميش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.877‬‬
‫(‪ )4‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.08‬‬
‫(‪ )5‬عبد هللا مقالتي‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية واإلفريقية إبان الثورة التحريرية‪ ،‬ج‪ ،7‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪، 778‬‬
‫‪. 777‬‬

‫‪81‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫ولم يكتفي بالتصريحات‪ ،‬بل سعى إلى تحقيق ذلك بكل الوسائل ليأخذ نصيبه من هذه الغنيمة‬
‫فاتصل بالجنرال ديغول وعقد الرئيسان اجتماعا يوم ‪ 72‬فيفري ‪ 8578‬أثار من خالله الرئيس‬
‫بورقيبة قضية بنزرت‪ ،‬ثم تطرق إلى الموضوع الرئيسي الذي جاء من اجله‪ ،‬وهو إعطاءه‬
‫جزءا من الصحراء‪ ،‬خاصة بعد اكتشاف البترول في المنطقة الحدودية الشرقية المحاذية‬
‫لتونس واعلمه بان المنطقة تمتاز بطبقاتها الرسوبية والتي تعد كخزانات للبترول والغاز‬
‫(‪)1‬‬
‫الطبيعي‪..‬‬
‫وقد أكد الجنرال ديغول هذه الحقائق في مذكراته‪ ،‬فأوضح ان بورقيبة أثار معه في البداية‬
‫قضية "بنزرت" إال أن همه كان منصرفا بشكل خاص إلى توسيع حدوده بضم جزء من‬
‫الصحراء إليها‪ ،‬وان وجود النفط أثار في نفسه هذه الرغبة بعد أن اكتشف في الصحراء‬
‫الجزائرية‪ ،‬ولم يتم اكتشافه في تونس مبررا مسعاه ذاك بان الحدود بين الجزائر وتونس قد تم‬
‫(‪)2‬‬
‫تخطيطها قديما بشكل مبهم‪ ،‬وقد رفضت تلبية طلبه ذاك‪.‬‬
‫ولكن حين قامت لجنة التنسيق والتنفيذ بالتنديد بنص االتفاق لدى السلطات التونسية‪ ،‬فقامت‬
‫السلطات التونسية على منع توزيع جريدة المجاهد وحجز أعداد منها وتوقيف حمالت التموين‬
‫(‪)3‬‬
‫واإلمداد باإلضافة إلى فرض رقابة صارمة على الالجئين والمقيمين في تونس‬
‫ويبدو أن بورقيبة أراد بعد توقيع اتفاقية البترول والمطالبة بتوسيع الحدود على حساب‬
‫األراضي الجزائرية ولكن كل هذه األطماع البورقيبية واجهتها طائرات الجيش الفرنسي بقنبلة‬
‫منطقة بنزرت في ‪ 8578 /32/73‬فكشف الستار على لقاء رامبويي(‪ ،)4‬التي كانت نتيجته إال‬
‫(‪)5‬‬
‫الخزي والعار‪.‬‬

‫(‪ )1‬بشير سعدوني‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.00‬‬
‫(‪ )2‬شارل ديغول‪ ،‬مذكرات االمل ‪ ،8577 – 8591‬تر‪ ،‬سموحي‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بيروت‪ ،8528 ،‬ص‪.881‬‬
‫(‪ )3‬علي احمد مسعود‪ ،‬التطور السياسي في الثورة الجزائرية ‪ ،8578 – 8573‬دار الحكمة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،7383 ،‬ص‬
‫‪ ،807‬ص‪.802‬‬
‫(‪ )4‬لقاء رامبويي‪ :‬جرى لقاء في قصر "رامبويي" يوم ‪ 72‬فيفري ‪ 8578‬عرض فيه بورقيبة على ديغول " اإلمكانيات التي‬
‫تسمح بتحقيق تطور ايجابي للمعضلة الجزائرية والتي تتلخص في نقطتين‪ :‬إجراء التفاوض على أساس قيام دولة جزائرية‪،‬‬
‫وتهيئة الجو سلفا لتقريب شقة الخالف‪ ،‬إفراج على الزعماء‪ ،‬إلغاء المحتشدات‪...‬‬
‫(‪ )5‬علي احمد مسعود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.802‬‬

‫‪82‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫المبحث الرابع‪ :‬بورقيبة والمفاوضات الجزائرية الفرنسية ‪.‬‬


‫يعود أول اتصال بين جبهة التحرير الوطني والحكومة الفرنسية الى شهر أفريل ‪6591‬م‪،‬‬
‫لكن هذه المحادثات ألغيت بسبب اختطاف طائرة الزعماء الخمسة في ‪ 22‬أكتوبر ‪6591‬م‬
‫(‪)1‬‬
‫من طرف الطيران الفرنسي‪ ،‬وكانت هذه المحادثات غير مجدية ‪.‬‬
‫لكن نضال الثوار الجزائريين والضغط الدولي أرغم ديغول على االعتراف يوم ‪ 61‬سبتمبر‬
‫‪6595‬م بمبدأ تقرير المصير الذي رفضته جبهة التحرير جملة وتفصيال لما كان يحتويه من‬
‫خطر على السيادة الوطنية‪.‬‬
‫وقد كان الجن رال ديغول عازما على تخليص فرنسا من ورطة الحرب في الجزائر‪ ،‬وكان‬
‫يعتبر بورقيبة حلقة أساسية في المنطقة‪.‬‬
‫وكشف بورقيبة بدوره أن ديغول أعلمه أن سيخير الشعب الجزائري بين االشتراك‬
‫واالستقالل‪ ،‬وأنه حريص على تصفية االستعمار نهائيا وأنه يعتبره عهدا قد ولى‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وانقضي‪.‬‬
‫والتمس بورقيبة أن تقوم فرنسا بتسليم الزعماء التاريخيين الخمسة للملك محمد الخامس الذين‬
‫استضافهم قبل اختطاف طائرتهم شهر أكتوبر ‪6591‬م فقبل ديغول بذلك مع الترخيص لهم‬
‫باالتصال بالحكومة المؤقتة التي أكدت أن اطالق سراح بن بلة ورفاقه ال يشكل شرطا مسبقا‬
‫(‪)3‬‬
‫للتفاوض‪.‬‬
‫واستجابة لتصريح ديغول في ‪ 61‬جوان ‪ 6511‬م أرسلت الحكومة الجزائرية المؤقتة يوم‬
‫‪ 29‬جوان ‪6511‬م مندوبين عنها وهما أحمد بومنجل ‪ ،‬ومحمد الصديق بن يحي الى مدينة‬
‫(‪)5‬‬
‫موالن)‪ (4‬بفرنسا ‪.‬‬

‫(‪)1‬أحمد المستيرى‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪200‬‬


‫(‪ )2‬الحبيب بورقيبة‪ ،‬في سبيل السلم بالجزائر‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫(‪ )3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫)‪ (4‬موالن‪ :‬مقاطعة واقعة بمحاذاة نهر السين جنوب شرق باريس‪.‬‬
‫(‪ )5‬لطفي الخولي‪ ،‬عن الثورة في الثورة والثورة ‪ ،‬منشورات التجمع الوطني الجزائري البوميديني‪ ،‬قسنطينة ‪ ،‬دت ص‪.33‬‬

‫‪83‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫في ‪ 29‬جويلية‪ ،‬بدأت المفاوضات الجزائرية الفرنسية في موالن بضواحي العاصمة باريس‬
‫‪ ،‬ولكنها فشلت منذ البداية‪ ،‬بسبب فرض الوفد الفرنسي شرط وقف اطالق النار لالستمرار‬
‫(‪)1‬‬
‫في المفاوضات‪ ،‬وكان ذلك معناه االستسالم واستمرت الثورة في عملياتها العسكرية‪.‬‬
‫إن فشل مفاوضات موالن *لم يترك خيبة لدى الجزائريين فقط وانما أثار حتى القادة‬
‫السياسيين لشمال إفريقي ا الذين أظهروا تحمسا كبيرا لتسهيل تلك المحادثات ومنهم بورقيبة‬
‫الذي أظهر حقدا على ديغول بعد أن كان يعرب عن تمنياته للعودة الى الحكم حتى يحقق‬
‫(‪)2‬‬
‫تسوية للقضية الجزائرية‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى صرح الجنرال ديغول بعد مفاوضات موالن بأن فرنسا راغبة في تسوية‬
‫قضية الجزائر بمقتضى مبدأ االعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها‪ ،‬وأنه مازال‬
‫متفائال بإمكانية الوصول الى حل لهذه القضية بين الطرفين وقد بين الطريق التي يجب‬
‫سلوكها لبلوغ هذه النتيجة بالمراحل التالية ‪( :‬وقف اطالق النار‪ ،‬عودة األمن واالستقرار‬
‫(‪)3‬‬
‫بالجزائر‪ ،‬تقرير الجزائر مصيرها‪.‬‬
‫وعليه ففي بداية ديسمبر ‪ 6511‬سافر الجنرال ديغول الى الجزائر‪ ،‬وقام بجولة فيها ‪,‬‬
‫وجرت في هذه المناسبة مظاهرات واسعة (‪66‬ديسمبر‪ )6511‬في جميع مدن الجزائر ‪,‬‬
‫وأكدت تلك المظاهرات على إجماع الشعب الجزائري على المطالبة باالستقبال ‪ .‬وقدم الشعب‬
‫الجزائري مزيدا من التضحيات في تلك المظاهرة كما فشل االستفتاء الذي فرضته الحكومة‬
‫(‪)4‬‬
‫الفرنسية على الجزائريين خالل جانفي ‪6516‬م‪.‬‬
‫ذلك أن ‪ 14‬من الناخبين الجزائريين قاطعوا االستفتاء مستمعين إلى نداء جبهة التحرير أما‬
‫البقية فقد شاركت في التصويت تحت ضغط قوات االحتالل وقد تبع ذلك استمرار مظاهرات‬
‫(‪)5‬‬
‫الشعب طيلة الشهور األولي من عام‪. "6516‬‬

‫(‪ )1‬محمد على داهش‪ ،‬دراسات في الحركة الوطنية و االتجاهات الوحدوية في المغرب العربي ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪ )2‬عبد هللا شريط ‪ ،‬ج‪ ،2591 ، ،3‬المرجع السابق ص‪.33‬‬
‫(‪)3‬عبد هللا شريط ‪،‬ج‪ 2591، 3‬م ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33،‬‬
‫(‪ )4‬جياللي صاري ‪،‬مظاهرات ديسمبر ‪ 2591‬ودورها في التحرير الوطني‪ ،‬مجلة المصادر‪ ،‬ع‪ ،1‬المركز الوطني‬
‫للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر (‪ ،) 2555-2573‬ص ص ‪.291،293‬‬
‫(‪ )5‬يحي بوعزيز‪ ،‬ثورات الجزائر في القرن التاسع عشرو العشرين‪2 ،‬ط‪ ،‬دار البحث‪ ،‬قسنطينة ‪ ،2511‬ص ‪. 931‬‬

‫‪84‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫‪ -‬وحتى ال نتجاوز األحداث يجدر بنا التذكير بأن االتصاالت بعد فشل محادثات موالن لم‬
‫تنقطع حيث تمت عدة لقاءات سرية بين الطرفين في كل من لوسارن يوم ‪ 21‬فيفري‬
‫‪6516‬م و أيفيان يوم ‪ 21‬ماي ‪6516‬م لكن هده المحادثات باءت بالفشل بسبب اختالف‬
‫(‪)1‬‬
‫وجهات النظر بين الطرفين حيث حاولت فرنسا ضرب الوحدة الوطنية ‪.‬‬
‫‪-‬فمن الحكم الذاتي ‪,‬وتجزئة الجزائر عرقيا إلى طلب الهدنة ‪ ,‬وفصل الصحراء عن الشمال ‪,‬‬
‫وإقحام الحكومة الوطنية التي يتزعمها مصالي الحاج في المفاوضات ‪.‬‬
‫بينما كان موقف ال حكومة الجزائرية المؤقتة ثابتا يستمد مبادئه من نداء أول نوفمبر‪،‬‬
‫وقرارات مؤتمر الصومام ‪ (.‬السيادة الكاملة ‪ ,‬الوحدة الشعبية و الترابية للجزائر بما فيها‬
‫(‪)2‬‬
‫الصحراء ‪ ،‬جبهة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد‪ ،‬وقضية وقف اطالق النار‪.‬‬
‫في ‪ 22‬أوت أفريل ‪ 6516‬بادر أنصار الجزائر فرنسية لدعم الجنراالت مثال‪ ،‬جوهر‪،‬‬
‫ساالن ‪ ،‬وزيلير بالقيام بانقالب عسكري في الجزائر ضد حكم ديغول لكن المحاولة باءت‬
‫(‪)3‬‬
‫بالفشل ‪.‬‬
‫وفي ‪ 15‬أوت ‪ 6516‬اجتمع مجلس الثورة بطرابلس (ليبيا) وأحدث تعديال طفيفا على‬
‫رئيس للحكومة المؤقتة خلفا لفرحات عباس‪ ،‬ثم‬ ‫‪4‬‬
‫الحكومة ‪ ،‬عين السيد يوسف بن خدة‬
‫(‪)5‬‬
‫استأنف بعد ذلك المفاوضات من جديد بين الحكومة المؤقتة الجزائري وفرنسا‪.‬‬
‫وفي ‪ 61‬جويلية صدر بالغ من الحكومة المؤقتة الجزائية ‪ ،‬وبالغ مماثل من الحكومة‬
‫الفرنسية يعلنان عن موعد استئناف المفاوضات في قصر لوقران‪.‬‬
‫لكن في ‪ 65‬جويلية بدأت حوادث بنزت‪ ،‬واجتمع الوافدان الجزائري والفرنسي على مائدة‬
‫(‪)6‬‬
‫المفاوضات لوضع حد لدائرة الحرب التي امتدت ‪ 1‬سنوات‪.‬‬

‫(‪ )1‬وهيبة سعيدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.233‬‬


‫(‪)2‬صالح بلحاج‪ ،‬تاريخ الثورة الجزائية‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬الجزائر‪ ،1111 ،‬ص ‪.311‬‬
‫(‪)3‬عمار بوحوش‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.715‬‬
‫)‪ (4‬بن يوسف بن خدة‪2511( :‬م‪ 1113-‬م) األمين العام للمركزيين‪ ،‬عمل مساعدا لعبان في العاصمة‪ ،‬وعين عضو في لجنة‬
‫التنسيق والتنفيذ‪ ،‬تولى عام ‪ 2571‬م وزارة الشؤون االجتماعية‪ ،‬ثم رئاسة الحكومة الجزائرية المؤقتة (‪2592‬م‪2591-‬م)‬
‫بعد االستقالل ابتعد عن الحياة السياسية‪(.‬انظر مريم سيد علي مبارك ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪).111‬‬
‫(‪ )5‬محمد علي داهش‪ ،‬دراسات في الحركة الوطنية و االتجاهات الوحدوية في المغرب العربي ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫(‪ )6‬جريدة المجاهد ‪ ،‬ع‪ ،1592‬ج‪ ،3‬ص‪.227‬‬

‫‪85‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫حيث التقى في مدينة جنيف رضا مالك الناطق بلسان الوفد الجزائري بالوفد الفرنسي‪،‬و طرح‬
‫قضية مبدأ تقرير مصير الجزائر‪ ،‬وذلك في ‪ 21‬جويلية‪.‬‬
‫وهكذا انفتحت أمام الجزائر أفاق اختيار سياسي يعهد لالستقالل‪.‬‬
‫فهل يستمر ذلك على حساب تونس في في مواجهتها لقضية بنزرت خاصة وقد أبدت فرنسا‬
‫بعض المرونة والواقعية بخصوص المسألة الجزائرية وتصلبت في الوقت ذاته ازاء قاعدة‬
‫(‪)1‬‬
‫بنزرت ؟‬
‫ولكن في ‪ 21‬جويلية أصدرت الحكومة الجزائرية بالغا تعلن فيه استعدادها لوضع كل‬
‫(‪)2‬‬
‫مالديها لمساعدة تونس الشقيقة في العدوان الفرنسي على بنزرت ‪.‬‬
‫وكان بورقيبة قد أثار قضية بنزرت في ‪ 21‬فيفري ‪ 6516‬في قمة رامبويي‬
‫(‪ )Rambouillet‬التي جمعته بالجنرال ديغول ‪.‬واندلعت معركة بنزرت في ‪ 21‬جويلية‬
‫وأحصى مراسلون أجانب عدد القتلى حوالي ‪ 111‬من التونسيين ‪ %51‬منهم مدنيين‬
‫و‪ 6991‬جريح‪ ،‬وأصدر مجلس األمن ‪ 22‬جويلية ‪ 6516‬أمرا عاجال بوقف اطالق النار‪،‬‬
‫وتمت الموافقة على القرار ودخل الطرفان في مفاوضات دامت ما يقارب عامين وفي ‪69‬‬
‫اكتوبر ‪ 6514‬أجلت فرنسا آخر جنودها عن بنزرت‪( ،‬وتحصلت الجزائر قبل ذلك على‬
‫(‪)3‬‬
‫استقاللها)‪.‬‬
‫وتتواصل سلسلة اللقاءات بين الوفدين الجزائري والفرنسي إليجاد مخرج للقضية الجزائرية‬
‫حيث التقى المندوبات محمد الصديق يحي ورضا مالك بالوفد الفرنسي في مدينة بال‬
‫بسويسرا يومي ‪ 22‬و‪ 25‬أكتوبر ‪6516‬م‪ ،‬ثم لقاء بال الثاني يوم ‪ 5‬نوفمبر ‪6516‬م‬
‫للوصول الى اتفاق مبدئي و في محادثات لي روس*‪ 4‬التي انعقدت من ‪ 16‬إلى‪19‬فيفري‬

‫(‪ )1‬الطاهر بلخوجة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.53‬‬


‫‪)2 ( ben youcef ben khedda, la fin de la guerre d’Algérie, les accords d’Évran,2eme édition o.p.u‬‬

‫‪Alger : sd.p23.‬‬
‫(‪ )3‬محمد الهاشمي عباس‪ ،‬بورقيبة ونويرة‪ ،‬ذكريات ومذكرات‪ ،‬تر‪ :‬الشاذلي التعليمي‪ ،‬ط‪ ،2 ،‬ميدياكوم‪ ،‬تونس‪ ،1121 ،‬ص‬
‫ص‪.251 ،255‬‬
‫)‪ (4‬ليروس‪ :‬تقع في أعلى جبال الحوار (‪ )jura‬على الحدود الفرنسية السويسرية‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫‪ 6512‬م بين الوفدين الجزائري الذي كان يرأسه كريم بلقاسم ‪ ،‬والوفد الفرنسي برئاسة‬
‫(‪)1‬‬
‫جوكس‪.‬‬
‫الذي تم فيه التطرق الى كل النقاط األساسية التالية‪:‬‬
‫االستقالل‪ ،‬وحدة التراب الوطني بما فيها الصحراء‪ ،‬وحدة الشعب الجزائري‪ ،‬مصير‬
‫(‪)2‬‬
‫الفرنسيين المدنيين بالجزائر‪ ،‬طبيعة العالقات بين الجزائر المستقلة وفرنسا‪.‬‬
‫وفعال لم يجد الرئيس الفرنسي بدا من التسليم وبالفشل مشروعه الذي أعلن عنه يوم ‪61‬‬
‫سبتمبر ‪6595‬م‪ ،‬فصرح يوم ‪ 9‬سبتمبر ‪ 6516‬قائال "ليس هناك أي جزائري ال يعتقد أن‬
‫(‪)3‬‬
‫الصحراء يجب أن تكون للجزائر"‬
‫وعرضت حصيلة تلك االتفاقية على المجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي انعقد من ‪22‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الى ‪ 21‬فيفري ‪ 6512‬م بطرابلس‪ ،‬وبعد دراستها تم التصويت عليها بإجماع‪.‬‬
‫التقى الطرفان من جديد بإيفيان (سويسرا) وبصفة رسمية افتتحت المفاوضات يوم ‪ 11‬مارس‬
‫‪6512‬م بين الوفد الجزائري الذي كان يرأسه كريم بلقاسم ومن الجانب الفرنسي لوي‬
‫جوكس‪.‬‬
‫وبعد مناقشات حادة استلزمت ‪ 62‬يوما تم خاللها التطرق الى المسائل المتعلقة بالتطبيق‬
‫(‪)5‬‬
‫الفعلي لوقف اطالق النار ‪ ،‬وتحضير عملية االستفتاء‪.‬‬
‫وقع الطرفان أخيرا على اتفاقية ايفيان ‪ 62‬مارس ‪6512‬م ‪ ،‬وبتفويض من مجلس الثورة‬
‫الجزائرية دخل وقف اطالق النار حيز التنفيذ في ‪ 65‬مارس ‪6512‬م ‪ ،‬على الساعة الثانية‬
‫(‪)6‬‬
‫عشر ظهرا في كامل التراب الوطني‪.‬‬

‫(‪ )1‬صالح بالحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.313‬‬

‫(‪ )2‬ادريس خيضر‪ ،‬تاريخ الجزائر الحديث (‪2591-2131‬م)‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الغرب النشر والتوزيع ‪ ،‬وهران‪،1119 ،‬ص ‪.355‬‬
‫(‪ )3‬مجلة الدراسات التاريخية‪ ،‬ع ‪ ،23‬جامعة الجزائر ‪ ،‬ص ‪. 331‬‬
‫(‪ )4‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.331‬‬
‫(‪ )5‬محمد عباس‪ ،‬نصر بال ثمن (الثورة الجزائرية ‪ )2591-2573‬دار القصبة للنش‪ ،‬الجزائر‪1115 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.529‬‬
‫‪(6) Ben youcef ben khedda, l’Algérie A l’indépendance, la cirse de 1962, éditions dahlab, Alger,‬‬

‫‪1997, p 09.‬‬

‫‪87‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالق ات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‬

‫وإلفشال وقف اطالق النار قامت منظمة الجيش السري ‪ O.A.S‬بعمليات ارهابية‪ ،‬وقامت‬
‫باغتيال مئات الجزائريين وكمحاولة الحتواء هذه األوضاع المتردية التقي وزير خارجية‬
‫الحكومة المؤقتة السيد سعد دحلب بنظيره الوزير الفرنسي جوكس يوم ‪ 66‬ماي ‪6512‬م‬
‫بمدينة بروس (سويسرا) لدراسة األوضاع المستجدة في الجزائر‪ ،‬وتم االتفاق على اعادة‬
‫(‪)1‬‬
‫النظام‪ ،‬وتموين السكان المتضررين‪ ،‬والتعاون المستقبلي بين فرنسا‪ ،‬والجزائر‪.‬‬
‫تم االتفاق على أن يكون يوم االستفتاء في ‪ 6‬جويلية وباقتراب هذا اليوم اتصلت منظمة‬
‫الجيش السري بجبهة التحرير قصد توقيق العمليات اإلرهابية وبالفعل تم االتفاق بينهم في‬
‫(‪.)2‬‬
‫‪ 61‬جوان ‪6512‬‬
‫ولكن اإلشاعات التي ألقتها منظمة ‪ O.A.S‬في صفوف األوروبيين والتي مفادهما أن‬
‫الجزائريين سوف ينتقمون منهم‪ ،‬أجبرتهم على الرحيل‪ ،‬وهكذا خلصتنا نهائيا من صراع‬
‫مستقبلي بين طائفتين مختلفتين عرقيا‪ ،‬ثقافيا‪ ،‬ودينيا‪.‬‬
‫وفي ‪ 16‬جويلية ‪6512‬م تقدم الشعب الجزائري نحو صناديق االقتراع وكانت النتيجة‬
‫لصالح الجزائر‪.‬‬
‫وفي نفس اليوم اعترفت فرنسا رسميا باستقالل الجزائر‪ ،‬وتم تحديد يوم ‪ 19‬جويلية ‪ 6512‬م‬
‫(‪)3‬‬
‫كموعد رسمي إلعالن االستقالل‪.‬‬
‫وهكذا انتهت حرب الجزائر بنصر مبين وأرغمت فرنسا على االعتراف باستقالل الجزائر‬
‫وأرجعت ثروات البالد بعد مضي ‪ 642‬سنة من االستعمار راح ضحيتها أكثر من مليون‬
‫(‪)4‬‬
‫ونصف شهيد‪.‬‬

‫)‪(1‬‬‫‪Ben youcef ben khedda, l’Algérie la fin de la guerre d’Algérie op, cit, p35.‬‬
‫(‪ )2‬صالح بلحاج ‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.329‬‬
‫‪(3) Ali hammoutene, reflexiens sur la guerre d’Algérie, éditions publisud, tizi ouzo, 1956, p, 19‬‬

‫(‪ )4‬الهادي البكوش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.133‬‬

‫‪88‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬

‫يتبين بعد هذه الدراسة لموضوع بورقيبة ‪ ،‬و الثورة الجزائرية ( ‪4591‬م‪4591-‬م) أن كثيرا من قضاياه‬
‫كانت شائكة ‪ ،‬و لقد تطلب منا االطالع على مضامينه األصلية‪ ،‬و المتنوعة ‪ ،‬و الغوص في كثير من‬
‫قضاياه السياسية ‪ ،‬و اإليديولوجية ‪ ،‬و عقد مقاربات لالقتراب أكثر من الحقائق التاريخية ‪.‬‬

‫وانطالقا من دراستنا للموضوع خالل فصول البحث نخلص إلى تسجيل النتائج التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬خضعت مواقف الحبيب بورقيبة لتوجهات إيديولوجية ‪،‬فقد كان بورقيبة ذو توجه علماني ‪،‬وكان‬
‫يرى أن تونس أقرب إلى الغرب وإلى فرنسا تحديدا‪،‬وأكد أن مصير شعوب المغرب العربي مرتبط‬
‫بفرنسا‪،‬ونتيجة لهذه الميوالت كانت عالقة بورقيبة باألقطار المغاربية ‪،‬والمنطقة العربية فاترة في أغلب‬
‫األحيان‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شهدت فترة (‪4599-4591‬م) تضامن و تالحم بين المقاومة التونسية و الثورة الجزائرية و يتضح‬
‫ذلك جليا من خالل ازدواج العمل المسلح بين الثوار التونسيين ‪ ،‬و الجزائريين ويظهر ذلك من خالل‬
‫إشتراك الثوار الجزائريين ‪،‬والتونسيين في جبهة واحدة لمواجهة عدو واحد ‪،‬وقد أستشهد العديد من‬
‫الثوار الجزائريين علي األرض التونسية أمثال علي الزرواني‪ ،‬ومسعود الساقي في معركة عيش الثانية‬
‫‪20‬نوفمبر ‪1954‬م ‪.‬رغم تفاوت‪ ،‬وتباين المراحل بين الطرفين‪.‬حيث إندلعت الثورة الجزائرية على حين‬
‫غرة في ‪1954‬م عندما كانت تونس في نهاية أدوار الصراع الذي خاضته مع فرنسا بداية من أواخر‬
‫‪ 1951‬م‪.‬فقد كان منهج بورقيبة في كفاحه من أجل إسقاط نظام الحماية الفرنسية ‪ ،‬والحصول علي‬
‫إستقالل تونس يقبل باإلستقالل عبر المراحل من خالل سياسته المعروفة خذ وطالب‪،‬في حين كانت‬
‫جبهة التحر ير الوطني تعتبر اإلستقالل التام ومن دون قيود الحل الوحيد للمعظلة الجزائرية ‪،‬وهو ما‬
‫تضمنه بيان أول نوفمبر‪1954‬م‪،‬الذي جعل من أهداف الكفاح المسلح اإلستقالل الوطني بواسطة ‪:‬إقامة‬
‫الدولة الجزائرية الديموقراطية‪،‬اإلجتماعية ذات السيادة ‪،‬ضمن إطار المبادئ اإلسالمية ‪،‬واإلعتراف‬
‫بالسيادة الوطنية جزء ال يتجزأ للدخول في مفاوضات‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عملت تونس بإمكانياتها المادية و المعنوية خاصة بعداالستقالل في ‪ ،4599‬على مساندة الشعب‬
‫الجزائري دبلوماسيا‪ ،‬سياسيا و عسكريا لخدمة الثورة التحريرية ‪ .‬فأصبحت تونس تمثل قاعدة خلفية‬
‫للثورة الجزائرية لمواجهة االستعمار و استكمال استقالل المغرب العربي و كان اندالع الثورة الجزائرية‬
‫وتطورها‪ ،‬وفشل فرنسا في القضاء عليها بمثابة الورقة الرابحة بالنسبة لتونس لتعجيل حرق المراحل‬
‫والحصول على االستقالل التام وهو ما تحقق فعال‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫رابعا ‪ :‬كانت سنة ‪4599‬م محطة حاسمة لبداية البحث في مشروع الوحدة المغاربية ‪،‬و الذي ترجم في‬
‫مؤتمر تونس ‪12‬أكتوبر‪4599‬م و الذي نظم من قبل الحبيب بورقيبة لضمان تفاهم ‪،‬و توحيد مواقف‬
‫المغاربيين إلقامة وحدة شمال إفريقيا تحت لواء فرنسا ‪ ،‬فكانت حادثة إختطاف الفرنسين لوفد جبهة‬
‫التحرير الوطني في ‪11‬أكتوبر ‪1956‬م الذي كان متوجها من المغرب إلى تونس بواسطة طائرة مغربية‬
‫للمشاركة في المؤتمر إلى جانب الرئيس الحبيب بورقيبة‪،‬والملك المغربي محمد الخامس محاولة فرنسية‬
‫إلحباط المؤتمر‪،‬وإفشال محاوالت التنسيق المغاربي بما يخدم القضية الجزائرية‪ .‬مما أدى إلى تأزم‬
‫العالقات التونسية الفرنسية ‪ .‬وأدى إلى عدة انتفاضات في التراب التونسي ‪.‬‬

‫خامسا ‪:‬نتيجة للموقف الداعم للثورة الجزائرية ‪،‬قامت السلطات الفرنسية بجملة من االعتداءات على‬
‫االراضي التونسية بحجة تتبع الثوار الجزائريين ‪ ،‬فكانت مجزرة ساقية سيدي يوسف ‪8‬فيفري ‪ 4598‬م‬
‫لضرب التعاون التونسي الجزائري و إجبارها على التخلي عن تضامنها من جهة ‪،‬و محاولة عزل‬
‫الجزائر من جهة أخرى ‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬بالرغم من الظروف التي كانت األقطار المغاربية الثالث تعاني منها فقد سعت األحزاب‬
‫المغاربية الثالث (جبهة التحريرالوطني الجزائرية‪ ،‬حزب االستقالل المغربي‪ ،‬الحزب الدستوري‬
‫التونسي) إلى تحقيق الوحدة المغاربية و ذلك بعقد سلسلة من المؤتمرات المغربية الهادفة إلى تمكين‬
‫الشعب الجزائري من اإلستقالل‪،‬وتحقيق حلم الوحدة المغاربية‪،‬وأبرزها مؤتمر طنجة المغاربي المنعقد‬
‫خال فترة ‪28_30‬أفريل ‪1958‬م‬

‫سابعا‪ :‬تأسيس االحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية منعرجا حاسما ‪ ،‬ونقطة تحول في مسار الثورة‪،‬‬
‫حيث أعطت الصبغة الشرعية و القانونية لجبهة التحرير الجزائري ‪ ،‬حيث أبدى بورقيبة موقفا مشرفا‬
‫إزاء هذا الحدث‪ ،‬واحتضن الحكومة المؤقتة ‪ ،‬وقدم الدعم الكافي آنذاك لقادتها لفرض النظام بين مختلف‬

‫هياكلها‪ ،‬رغم جهود بعض األطراف التي حاولت اغتيال هذه الحكومة في مهدها‪.‬‬

‫ثامنا ‪ :‬حرص الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة على دعم القضية الجزائرية في المحافل الدولية ‪،‬و أبدى‬
‫مواقف داعمة للتأكيد عدالة القضية الجزائرية ‪ ،‬حيث وظف الجهاز الدبلوماسي التونسي لحشد الدعم‬
‫الدولي للقضية الجزائرية ‪ ،‬فتحرك على مستوى الدول الغربية و اإلفرواسوية و العربية‪ ،‬وكان للبعثة‬
‫الدبلوماسية التونسية في األمم المتحدة دورا مهما في دعم قضية الجزائر على مستوى الجمعية العامة‬
‫لألمم المتحدة ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫تاسعا ‪ :‬ساهمت الثورة الجزائرية دون شك في التأثير علي العالقات البورقيبية الفرنسية‪،‬حيث سعت‬
‫إلستمالة بورقيبة لضرب الثورة الجزائرية‪،‬غسر أن دعم بورقيبة للثورة الجزائرية‪،‬وسماحه لجبهة‬
‫التحرير الوطني ببناء قواعد عسكرية على التراب التونسي قرب الحدود مع الجزائر المستعمرة‪،‬وغضه‬
‫الطرف عن إستعمال جيش التحرير الوطني للتراب التونسي منطلقا لعملياته العسكرية ضد األهداف‬
‫اإلستعمارية الفرنسية‪،‬وتهريب السالح إلى جيش التحرير في الداخل‪.‬كل ذلك أدى إلى فترات توتر شديد‬
‫في العالقات التونسية الفرنسية‪.‬كان من أسوأ مظاهره العدوان الفرنسي على ساقية سيدي يوسف التونسية‬
‫يوم ‪08‬فيفري‪1958‬م والذي ساهم في إثارة المجتمع الدولي إلى أصل المشكلة ‪،‬وهو الحرب العدوانية‬
‫اإلستعمارية الفرنسية ضد الشعب الجزائري‪.‬‬

‫عاشرا ‪:‬شهدت العالقات الجزائرية التونسية توترات‪ ،‬فالبرغم من اجتماع األحزاب الثالث و حرصهم‬
‫على تأكيد الوحدة المغربية في مؤتمراتهم إال أنها بقيت مجرد حبر على ورق و يتضح ذلك جليا في‬
‫أزمة إيجلي و مشكلة الحدود التي كادت تعصف بالثورة فقد إستطاع ديغول إستمالة بورقيبة ‪،‬وجره إلى‬
‫إبرام إتفاقية إيجلي في ‪30‬جوان ‪1958‬م ‪،‬والتي سمحت للشركة الفرنسية تحويل البترول الجزائري عبر‬
‫أنبوب نفط من أبار إيجلي (جنوب إفريقيا)مرورا بتونس لتصديره عن طريق ميناء الصخيرة بقابس‬
‫(شمال تونس) ‪،‬ويعد هذا السلوك من طرف بورقيبة ضربا في إلتزامات وحدة مصير بلدان المغرب‬
‫العربي ‪،‬حيث أدان المسؤولون عن الثورةهذا الموقف ألنه يفتح الباب أمام فرنسا إلستغالل ثروات‬
‫الجزائر‪.‬مما أدى إلى تأزم العالقات بين الجزائر وتونس ولم يكتفي بورقيبة بهذا فقد طرحت قضية‬
‫الحدود ‪ .‬وطالب بورقيبة بتعديل الحدود بين تونس والجزائر‪،‬بإعتبار أن تونس دولة صغيرة مقارنة مع‬
‫جيرانها ‪،‬وليس لها إمتداد صحراوي ‪،‬فطالب بضم أراضي واسعة من الصحراء الجزائرية معتبرا‬
‫الصحراء الجزائرية بحرا تشترك فيه كل الدول المجاورة‪ .‬وهو ماحاولت فرنسا إستغالله الضعاف‬
‫الثورة الجزائرية ‪،‬وتشتيتها لتدخل في متاهات ‪ .‬وقد كشف هذا الموقف عن أطماع بورقيبة التي أثارت‬
‫إستياء الجزائر ‪.‬ولو ال حكمة وتعقل قادة الثورة في مراعاة أولوية الكفاح على حساب المصالح القطرية‬
‫لذهبت الثورة هباء منثورا ‪.‬وهكذا سرعان ما شهدت العالقات الجزائرية التونسية تحسنا و إستمر الدعم‬
‫التونسي للثورة الجزائرية‪.‬‬

‫وأخيرا كان خضوع الجانب الفرنسي للمفاوضات تحت وطئه تطورات متعلقة بفرنسا بحد ذاتها ‪،‬و‬
‫أخرى خاصة بجبهة التحرير حيث لعب بورقيبة دورا بارزا خالل مراحل المفاوضات ‪ ،‬وكانت حوادث‬
‫بنزرت اخر ورقة لعبها بورقيبة و أستغلها لصالحه ‪.‬فقد كانت أزمة بنزرت محطة مهمة في مسار‬
‫تطورات الثورة الجزائرية‪،‬حيث جعلت فرنسا من بنزرت قاعدة إستراتيجية سعت للحفاظ‬
‫عليها‪،‬إلستغاللها في حربها مع الجزائر لسد أي منفذ في وجه الثوار الجزائريين ‪،‬وكان لهذه األزمة تأثير‬

‫‪91‬‬
‫علي المفاوضات الجزائرية الفرنسية ‪.‬ففي نفس اللحظة التي تتاح فيها الفرصة للجزائر لوقف المجازر‬
‫الفرنسية ضد الشعب الجزائري في مفاوضات حاسمة مع عدوها ‪،‬تجد نفس العدو يرتكب أفضع الجرائم‬
‫في حق تونس الشقيقة عندما قرر بورقيبة إجالء القوات الفرنسية عن بنزرت ‪،‬ورغم حساسية الموقف لم‬
‫تضحي الجزائر بتونس ‪،‬ولم تضرب بمبادئ الثورة الداعية للتضامن عرض الحائط ‪،‬وأعلنت الحكومة‬
‫المؤقتة للجمهورية الجزائرية دعمها الكامل لتونس متجاهلة مصير المفاوضات‪،‬وبمجرد صدور قرار‬
‫وقف القتال في بنزرت في ‪22‬جويلية‪1961‬م أستأنفت المفاوضات من جديد بين فرنسا والجزائر والتي‬
‫إنتهت بتوقيع معاهدة اإلستقالل في ‪05‬جويلة‪1962‬م‪.‬‬

‫وعلى العموم كان موقف بورقيبة من الثورة الجزائرية متبايننا نظرا للظروف المحرجة التي اندلعت فيها‬
‫الثورة الجزائرية‪ ،‬حيث كانت معادلة صعبة بالنسبة للحبيب بورقيبة خاصة في ظل الظروف الصعبة‬
‫التي تواجهها تونس ‪.‬وال يمكن الحكم تعسفا علي بورقيبة بانه خذل الثورة الجزائرية‪،‬فرغم المواقف‬
‫السلبية التي ابداها في بعض االحيان اتجاه الثورة الجزائرية‪ ،‬اال انه قدم الكثيرللجزائر شعبا وحكومة‪،‬‬
‫واصبحت تونس قاعدة خلفية للثورة الجزائرية ‪.‬رغم المجازر التي ارتكبتها فرنسا في حق الشعب‬
‫التونسي تاديبا لموقفه الداعم للثورة الجزائرية‪،‬كما اليمكن ان نتجاهل ان بورقيبة رجل سياسي‪ ،‬ورجل‬
‫دولة تختلف حساباته عن االخرين في قراءة االحداث ‪،‬فالعدو كان فرنسا التي لم تكن لتتاخرفي ابادة اي‬
‫طرف يعترض مصالحها‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫المالحق‬
‫ق ائمة المصادر‬
‫و المراجع‬
‫أوال ‪ :‬المصادر باللغة العربية ‪:‬‬
‫‪-1‬الباجي قايد السبسي ‪،‬الحبيب بورقيبة المهم و األهم ‪،‬تر‪ :‬محمد معالي ‪،‬دار الجنوب للنشر ‪،‬تونس‬
‫‪ 1122،‬م‪.‬‬

‫‪-2‬التميمي عبد الجليل ‪،‬كتابات و مذكرات يوسف الروسي السياسة مع وثائق جديدة تنشر ألول مرة‬
‫‪،‬ط‪،2‬مؤسسة التميمي للبحث العلمي و المعلومات ‪ ،‬زغوان‪ 2991 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -3‬الحبيب بورقيبة ‪،‬في سبيل السلم بالجزائر ‪،‬د‪.‬د‪.‬و‪ 2919،‬م‪.‬‬

‫‪ -4‬الرشيد إدريسي ‪،‬في طريق الجمهورية مذكرات ‪،‬ط‪،2‬دار الغرب اإلسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ 1112،‬م‪.‬‬

‫‪ -1‬السمعيلي عبد القادر‪ ،‬مذكرات مقاوم تجربتي مع جيش التحرير التونسي و المقاومة المسلحة كما‬
‫عشتها ‪،‬تحقيق‪ :‬عبد الجليل الميساوي ‪،‬دار النهى لطباعة و النشر ‪،‬صفاقس ‪ 1121،‬م‪.‬‬

‫‪ -7‬الصافي سعيد ‪ ،‬بورقيبة سيرة شبه محرمة‪،‬ط‪،2‬رياض الريس للكتب و النشر ‪ ،‬لبنان ‪1111 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -8‬الفاسي عالل‪ ،‬الحركات االستقاللية في المغرب العربي‪ ،‬ط‪ ،6‬مؤسسة عالل الفاسي‪ ،‬دار البيضاء‪،‬‬
‫المغرب‪ 1113،‬م‪.‬‬

‫‪ -9‬المدني أحمد توفيق‪ ،‬حياة كفاح‪،‬ج‪ ،3‬دط ‪ ،‬دار البصائر‪،‬الجزائر‪ 1119،‬م‪.‬‬

‫‪ -21‬المستيري أحمد ‪ ،‬شهادة تاريخ ذكريات وتأمالت وتعاليق حول فترة من تاريخ المعاصر لتونس‬
‫والمغرب الكبير ‪2991-1940‬م و ثورة ‪ 1121‬م‪ ،‬دار الجنوب للنشر‪ ،‬تونس‪ 1122،‬م‪.‬‬

‫‪ -22‬الهاشمي عباس محمد‪ ،‬بورقيبة ونويرة ذكريات ومذكرات‪ ،‬تر‪ :‬الشاذلي التعليمي‪ ،‬ط‪ ،2‬ميديا كوم‪،‬‬
‫تونس‪1121 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -21‬بجاوي محمد‪ ،‬حقائق عن الثورة الجزائرية‪ ،‬دار الفكر الحر دم ن‪.2972،‬‬

‫‪ -23‬بلخوجة الطاهر ‪،‬الحبيب بورقيبة سيرة زعيم شاهد على العصر ‪،‬ط‪،2‬دار‬
‫الثقافةللنشر‪،‬القاهرة‪.2999،‬‬

‫‪-26‬بوزبيد عبد المجيد اإلمداد خالل حرب التحرير الوطني شهادتي طبعة خاصة‪ ،‬وزارة المجاهدين‬
‫‪.1117،‬‬

‫‪ -24‬ديغول شارل‪ ،‬مذكرات االمل ‪ ،2961-2918‬تر‪ :‬سموحي‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بيروت‪.2972،‬‬

‫‪ -21‬سعيداني الطاهر‪،‬القاعدة الشرقية قلب الثورة النابض‪،‬دط‪،‬داراألئمة‪،‬الجزائر‪.1121،‬‬

‫‪-26‬فتحي الديب‪ ،‬جمال عبد الناصر والثورة الجزائرية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار المستقبل العربي‪ ،‬القاهرة‪.2991،‬‬

‫ثانيا‪ :‬المصادر باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪101‬‬
‫‪1. Belhadj Tahar, les trois décennies de Bourguiba, témoignage, publi‬‬
‫‪sud ; Tunis.‬‬
‫‪2. _Ben khedda ben Youcef، la fin de la guerre d’Algérie، les accords‬‬
‫‪d’Evran, 2eme édition o.p.u Alger: sd.‬‬
‫‪3. _Ben khedda ben Youcef، l’Algérie a l’indécence، la cirse de 1962،‬‬
‫‪éditions dahlab، Alger2997.‬‬
‫‪4. _ Béja caïd essebsi, Habib Bourguiba, le bon grain et l’ivraie sad‬‬
‫‪édition, Tunis,1119 .‬‬

‫ثالثا‪ :‬المراجع باللغة العربية‪:‬‬


‫‪ -2‬إحدادان زهير‪ ،‬المختصر في الثورة الجزائرية‪،2961-2914‬ط‪،2‬مؤسسة إحدادان للنشر و‬
‫التوزيع‪،‬الجزائر‪ 1117،‬م‪.‬‬

‫‪ -4‬التركي عروسيه ‪،‬الحركة اليوسفية في تونس‪،2916-2911‬دار نهى للطباعة و النشر و‬


‫التوزيع‪،‬صفاقس‪ 1122،‬م‪.‬‬

‫‪ - 1‬التيمومي الهادي‪ ،‬تونس ‪ 2916‬م‪ 2987 -‬م‪،‬ط‪،2‬دار محمد علي للنشر ‪،‬تونس‪ 1116،‬م‪.‬‬

‫‪ – 6‬الحسين بن عيسى‪ ،‬البورقيبية والهوية صراع مشاريع‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة تونس‪ ،‬تونس‪ 1121،‬م‪.‬‬

‫‪ -7‬الخولي لطفي ‪،‬عن الثورة في الثورة و الثورة ‪،‬منشورات التجمع الوطني الجزائري البوميديني‬
‫‪،‬قسنطينة ‪،‬دس‪.‬‬

‫‪ - 8‬الرشيد إدريس ‪،‬في طريق الجمهورية مذكرات‪،‬ط‪،2‬الغرب اإلسالمي بيروت‪ 1112،‬م‪.‬‬

‫‪ -9‬الزبيري محمد العربي‪ ،‬قراءة في كتاب عبد الناصر و الثورة الجزائرية ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الحكمة‪،‬‬
‫الجزائر‪1121 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -21‬السنبل عبد العزيز بن عبد هللا‪ ،‬تونس االصالة و المعاصرة في عهد بن علي ‪،‬ط‪،2‬المؤسسة العربية‬
‫لدراسات و النشر‪،‬بيروت‪1111،‬م‪.‬‬

‫‪ - 22‬الشريطي عبيد منصور البشير نصر زيدي‪ ،‬ثورة ثوار و أنصار تاريخ الحركة الوطنية‬
‫المسلحة التونسية ‪ 2911‬م‪2917-‬م ‪ ،‬د ط ‪ ،‬وزارة الثقافة و المحافظة على التراث‪1117،‬م‪.‬‬

‫‪-28‬صديق مراد‪ ،‬الثورة الجزائرية عمليات التسلح السرية‪ ،‬تر‪ :‬أحمد الخطيب‪ ،‬دط‪ ،‬دار الرائد للكتاب‪،‬‬
‫الجزائر‪.1121،‬‬

‫‪ -23‬الصغير مريم‪ ،‬البعد اإلفريقي للقضية الجزائرية ‪2911‬م‪ 2961 -‬م ‪ ،‬ط‪ ، 2‬دار السبيل للنشر و‬
‫التوزيع‪،‬الجزائر‪ 1119،‬م‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫‪ - 24‬الصغير مريم‪،‬مواقفدوليةمنالقضيةالجزائرية‪ ،4591-4591‬د‪.‬ط ‪ ،‬دارالحكمة ‪ ،‬الجزائر‪ 1005 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -21‬العايب معمر ‪،‬مؤتمر طنجة المغاربي دراسة تحليلية تقييمية ‪،‬د ط‪ ،‬دار الحكمة للنشر و‬
‫التوزيع‪،‬الجزائر‪ 1121،‬م‪.‬‬

‫‪ -26‬العربي محمد األزهر ‪،‬تونس رغم اإلستعمار‪،‬ط‪،2‬دار نقوش عربية‪،‬تونس‪.1123،‬‬

‫‪ - 27‬العلوي محمد الطيب‪ ،‬مظاهر المقاومة الجزائرية ‪2831‬م‪ 2914-‬م‪ ،‬ط‪ ،3‬وزارة المجاهدين‪،‬‬
‫الجزائر‪1116 ،‬م ‪.‬‬

‫‪-28‬اللولب حبيب حسن‪ ،‬التونسيون و الثورة الجزائرية‪ 2914‬م‪ 2961-‬م‪ ،‬كلية اآلداب و الفنون و‬
‫االنسانيات‪ ،‬تونس ‪،‬دس‪.‬‬

‫‪ - 29‬المنصر عدنان‪ ،‬دولة بورقيبة ‪،‬فصول في اإليديولوجيا و الممارسة‪2916‬م‪ 2971-‬م‪ ،‬مطبعة‬


‫التفسيرالفني‪،‬صفاقس‪ 1114،‬م‪.‬‬

‫‪ -11‬الميلي محمد ‪،‬مواقف جزائرية‪ ،‬د ط‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬الجزائر‪2984،‬م‪.‬‬

‫‪ - 12‬الهادي وناسي‪ ،‬الطاهر لسود القيادة العامة لجيش تحرير شمال إفريقيا‪ ،‬ط‪ ، 2‬مطبعة التفسير‬
‫الفني‪ ،‬دم ‪ 1118،‬م‪.‬‬

‫‪24‬بن بلة أحمد‪ ،‬مذكرات أحمد بن بلة‪ ،‬تر‪ :‬العفيف األخضر‪ ،‬دط‪ ،‬دار اآلداب‪ ،‬بيروت‪ ،‬د س‪.‬‬

‫‪ -21‬بكوش الهادي ‪ ،‬إضاءات على االستعمار و المقاومة في تونس و في المغرب الكبير‪،‬ط‪،1‬مركز‬


‫النشر الجامعي ‪ ،‬تونس ‪.1118،‬‬

‫‪ - 11‬بديدة لزهر‪ ،‬دراسات في تاريخ الثورة وأبعادها األفريقية‪،‬ط‪،2‬دار السبيل للنشر‪،‬الجزائر‪1111،‬م‪.‬‬

‫‪ -13‬بشيري أحمد‪ ،‬الثورة الجزائرية و الجامعة العربية‪ ،‬ط‪، 1‬تالة‪،‬الجزائر‪ 1119،‬م‪.‬‬

‫‪ - 14‬بالسي نبيل أحمد ‪،‬االتحاد العربي اإلسالمي و دوره في تحرير الجزائر ‪ ،‬د ط ‪ ،‬الهيئة المصرية‬
‫العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ 2991،‬م‪.‬‬

‫‪ – 11‬بن سلطان عمار و اخرون‪ ،‬الدعم العربي للثورة الجزائرية‪ ،‬طبعة خاصة‪ ،‬منشورات المركز‬
‫الوطني للدراسات و البحث في الحركة الوطنية و ثورة أول نوفمبر‪ 2914‬م‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د ‪.‬س‪.‬‬

‫‪ - 16‬بلحاج صالح‪ ،‬تاريخ الثورة الجزائرية ‪،‬د ط‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪،‬الجزائر‪ 1118،‬م‪.‬‬

‫‪ -17‬بلقاسم محمد‪ ،‬دور المغرب العربي فكرة و واقعا‪ 2914‬م‪2971-‬م‪،‬ط‪،2‬البصائرالجديدة للنشر و‬


‫التوزيع‪،‬الجزائر‪1123،‬م‪.‬‬

‫‪ - 19‬بلقاسم محمد و اخرون‪ ،‬القواعد الخلفية للثورة الجزائرية الجهة الشرقية‪2914‬م ‪2961-‬م‪ ،‬طبعة‬
‫خاصة منشورات المركز الوطني لدراسات و البحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر‪2914‬م‪،‬دس‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫‪ - 31‬بوحوش عمار‪ ،‬التاريخ السياسي للجزائر من البداية و غاية ‪ 2961‬م‪،‬ط‪،2‬دارالغرب االسالمي‬
‫‪،‬بيروت‪ 2997 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -32‬بوضربة عمر‪ ،‬النشاط الدبلوماسي للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية سبتمبر‪2918‬م‪2961-‬م‬


‫‪ ،‬د ط ‪ ،‬دار الحكمة الجزائر‪ 1121،‬م‪.‬‬

‫‪ - 31‬بوعزيز يحي‪ ،‬ثورات الجزائر في القرن التاسع عشر و العشرين‪،‬ط‪،2‬دارالبحث‪،‬قسنطينة‪.2918،‬‬

‫‪ -33‬حجي لطيف‪ ،‬بورقيبة و االسالم الزعامة و االمامة ‪،‬ط‪،1‬دارالجنوب للنشر‪،‬تونس‪.1123،‬‬

‫‪ - 34‬جبيلي الطاهر‪ ،‬االمداد بالسالح خالل الثورة الجزائرية‪،2961-2914‬د ط ‪ ،‬دار االمة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪1121‬م ‪.‬‬

‫‪ - 31‬خيضر إدريس‪ ،‬تاريخ الجزائر الحديث‪2831‬م – ‪ 2961‬م ‪،‬ج‪ ،1‬دار الغرب للنشر و‬
‫التوزيع‪،‬وهران‪1116،‬م ‪.‬‬

‫‪ -36‬داهش محمد علي‪ ،‬المغرب العربي المعاصر‪،‬ط‪ ،2‬دار العربية للموسوعات‪،‬لبنان‪ 1124،‬م‪.‬‬

‫‪ -37‬داهش محمد علي‪ ،‬دراسات في الحركة الوطنية و االتجاهات الوحدوية في المغرب العربي ‪،‬د ط‪،‬‬
‫منشورات اتحاد الكتاب العربي‪،‬دمشق‪ 1114،‬م‪.‬‬

‫‪ - 38‬دبش إسماعيل‪ ،‬السياسة العربية و المواقف الدولية اتجاه الثورة الجزائرية‪2914‬م‪2961-‬م‪ ،‬دط‪،‬‬
‫دار الهومة ‪،‬الجزائر‪ 1119 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -39‬زغد ود علي‪ ،‬ذاكرة الثورة التحريرية الجزائرية‪ ،‬المؤسسة الوطنية التصاالت و التنسيق و‬
‫اإلشهار‪ ،‬الجزائر‪ 1114،‬م‪.‬‬

‫‪ - 41‬سعدوني بشير‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي مواقف الدول العربية و الجامعة‬
‫العربية من الثورة الجزائرية‪ 2914‬م‪ 2961-‬م‪،‬ج‪،2‬دط‪،‬دارمدانى‪ ،‬الجزائر ‪ 1123،‬م‪.‬‬

‫‪ -42‬سعدوني بشير‪ ،‬الثورة الجزائرية في الخطاب العربي الرسمي مواقف الدول العربية و الجامعة‬
‫العربية من الثورة الجزائرية‪ 2914‬م‪ 2961-‬م‪،‬ج‪ ،1‬د ط ‪ ،‬دار مدانى‪ ،‬الجزائر ‪ 1123،‬م‪.‬‬

‫‪ - 41‬سعيدي وهيبة‪ ،‬الثورة الجزائرية ومشكلة السالح ‪ 2914‬م‪ 2961-‬م‪،‬ط‪،2‬دارالعرب االسالمي‬


‫‪،‬بيروت‪2997 ،‬م‪.‬‬

‫‪ - 43‬سعيدان عمر‪ ،‬رحلة مع التاريخ والذكريات أحداث تاريخية ذكريات وطنية سيرة الثورة التونسية‬
‫وخصوصيتها‪ ،‬سعيدان لطباعة والنشر‪ ،‬تونس‪ 1123 ،‬م‪.‬‬

‫‪- 44‬عباس محمد‪ ،‬نصر بال ثمن الثورة الجزائرية ‪2914‬م – ‪ 2961‬م ‪ ،‬د ط ‪ ،‬دار القصبة للنشر‪،‬‬
‫الجزائر‪ 1117 ،‬م‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫‪ -41‬علية الصغير عميرة ‪،‬الحاكم بأمره بورقيبة األول دراسات وأراء في عهده‪،‬ط‪،2‬المغاربية لطباعة و‬
‫إشهارالكتاب‪،‬تونس‪1122،‬م‪.‬‬

‫‪ -46‬علية الصغير عميرة‪ ،‬في التحرر االجتماعي و الوطني فصول من تاريخ تونس المعاصر‪،‬ط‪،2‬دار‬
‫الطباعة و إشهار الكتاب‪،‬تونس‪ 1122،‬م‪.‬‬

‫‪ -47‬عمراني عبد المجيد‪ ،‬جان بول سارتر و الثورة الجزائرية‪ ،‬د ط‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬الجزائر ‪،‬دس‪.‬‬

‫‪ -48‬عمور عمار‪ ،‬موجز في تاريخ الجزائر‪،‬ط‪،2‬دار ريحانة‪،‬الجزائر‪ 1111،‬م‪.‬‬

‫‪ - 49‬قريعة عمار‪ ،‬مراحل الحكم في تونس منذ‪2916‬إلى ما بعد الثورة‪24‬جانفي ‪1122‬م عالقة الوالي‬
‫بمواطني الجهة رسائل و خواطر‪ ،‬مطبعة فن الطباعة‪،‬تونس‪ 1123،‬م‪.‬‬

‫‪ -11‬قيران دانيال‪ ،‬عندما تثور الجزائر ‪،‬تر‪ :‬العيد دوان‪،‬ط‪،2‬دار التنوير‪،‬الجزائر‪ 1124،‬م‪.‬‬

‫‪ -12‬مسعود علي أحمد‪ ،‬التطور السياسي في الثورة الجزائرية‪2961‬م ‪ 2962-‬م‪ ،‬د ط‪ ،‬دار الحكمة‬
‫لنشر‪ ،‬الجزائر‪ 1121،‬م‪.‬‬

‫‪ -11‬مصباحي حسونة‪ ،‬رحلة في زمن بورقيبة‪،‬ط‪،2‬دارأفاق ‪ 1122،‬م‪.‬‬

‫‪ -13‬معداد مسعود‪ ،‬حرب الجزائر أحداث تاريخية و تعاليق‪ ،‬تر‪ :‬حروش موهوب ‪،‬د ط‪ ،‬موفم‬
‫للنشر‪،‬الجزائر‪ 1123،‬م‪.‬‬

‫‪ -14‬مقالتي عبد هللا ولميش صالح‪ ،‬تونس والثورة التحريرية‪ ،‬ج‪ ،1‬دط‪ ،‬شمس الزيبان للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪ 1123 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -99‬مقالتي عبد هللا‪ ،‬دور بلدان المغرب العربي في دعم الثورة الجزائرية‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار السبيل‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ 1005‬م‪.‬‬

‫‪ -99‬مقالتي عبد هللا‪ ،‬دور بلدان المغرب العربي في دعم الثورة الجزائرية‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ، 1‬دار السبيل‪،‬‬
‫الجزائر‪ 1005،‬م‪.‬‬

‫‪ -17‬مؤلف جماعي‪ ،‬تونس ‪ 1141‬م‪ ،‬مساهمة في تجديد مشروع الحداثي التونسي ‪،‬دار الجنوب للنشر‪،‬‬
‫تونس‪1123 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -18‬موسى أمال‪ ،‬بورقيبة و المسألة الدينية‪ ،‬سراس للنشر‪ ،‬تونس‪ 1117،‬م‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬المراجع باللغة الفرنسية‪:‬‬


‫‪1- Amroch Adli, Bourguiba tel que je la connu la transition Bourguiba-ben Ali,‬‬
‫‪simpact, tunisia ,2011‬‬

‫‪105‬‬
2- Bor Sali Noura, Bourguiba à l’épreuve de la démocratie (2916-1963), samed
éditions, Tunis ,2008

3-dresse Abassi, entre Bourguiba et Hannibal, identité tunisienne ,et histoire


de puis l’indépendance, préface de robert Ibert, Karthala et lrenam , 2005

4- Hammoutene Ali , réflexions sur la guerre d’Algérie, éditions publisud ;


Tizi ouzo ; 1956

5-Meftah Mahmoud, de la dérive au sursaut, la Tunisie de Bourguiba a ben Ali,


impression, simpact ; 2007

: ‫ مراجع بالغة االنجليزية‬: ‫خامسا‬


2-Kenneth j.Perkins ،history of modern tunisia، Cambridge , 2004.

:‫ الدوريات و الملتقيات‬:‫سادسا‬
.‫ م‬1118/21/24727،31 ‫ ع‬،‫الشعب‬-2
.‫ م‬2911/2/8 ،2111 ‫ ع‬،‫الصباح‬- 1
.‫ م‬2918 ‫جوان‬،823 ‫ع‬، ‫ العمل‬- 3
.‫م‬2961/1/3 ،2418 ‫ ع‬،‫العمل‬-4
.‫م‬2961/21/ 2617،11 ‫ ع‬،‫العمل‬-1
.‫م‬2918/2/26،21 ‫ ع‬،‫المجاهد‬-6
.‫م‬2918/1/28،21 ‫ ع‬،‫المجاهد‬-7
.‫م‬2918/3/29،2 ‫ ع‬،‫المجاهد‬-8
.‫م‬2918/3/11،21 ‫ ع‬،‫المجاهد‬-9
.‫م‬2917/4/21، 11 ‫ ع‬،‫المجاهد‬-21
.‫ م‬2918/1/13،8 ‫ ع‬،‫المجاهد‬-22

106
‫‪-21‬المجاهد‪ ،‬ع ‪ 2918 /7/1 ،16‬م‪.‬‬
‫‪-23‬المجاهد‪ ،‬ع ‪ 2918 /7/16، 16‬م‪.‬‬
‫‪-24‬المجاهد‪ ،‬ع ‪ 2918 /1/8، 33‬م‪.‬‬
‫‪-21‬المجاهد‪ ،‬ع ‪ 2962 /1/8 ،41‬م‪.‬‬
‫‪-26‬المجاهد‪ ،‬ع‪ 2918/ 8 /11 ،67‬م‪.‬‬
‫‪-27‬المجاهد‪ ،‬ع ‪ ،189‬فيفري ‪ 2912‬م‪.‬‬
‫‪-28‬المجلة التونسية لتاريخ العسكري‪ ،‬ع ‪ ،6‬ديسمبر ‪ 1126‬م‪.‬‬
‫‪ -29‬اللولب حبيب حسن ‪،‬الدبلوماسية و الثورة الجزائرية بين(‪2911‬م‪2961-‬م)‪،‬‬
‫دفاتر السياسية و القانون ‪،‬ع‪،26‬جانفي ‪1127‬م ‪.‬‬
‫‪ -11‬بوقريوة لمياء ‪ ،‬الالجئون الجزائريون في تونس إبان الثورة التحريرية‬
‫الجزائرية ‪،2961-2914،‬دورة كان التاريخية ‪،‬ع ‪،26‬الجزائر‪،‬جويلية ‪ 1121‬م‪.‬‬
‫‪ – 11‬بورقيبة الحبيب‪ ،‬الدولة التونسية والسلم في العالم‪ ،‬ج‪ 4،1‬مارس‪ 2917‬م‪.‬‬
‫‪ -13‬بورقيبة الحبيب‪ ،‬بلغراد في ‪2‬سبتمبر‪،2962‬ج‪.21‬‬
‫‪ -14‬بورقيبة الحبيب‪ ،‬القيروان ‪ 2917‬م‪،‬ج‪.222‬‬
‫‪ -11‬رخيلة عمار‪ ،‬الثورة الجزائرية و المغرب العربي ‪،‬مجلة المصادر ‪،‬ع ‪، 2‬‬
‫‪2999‬م‪.‬‬
‫‪ -16‬صاري جياللي‪ ،‬مظاهرات ديسمبر ‪2961‬و دورها في التحرير الوطني‪،‬‬
‫مجلة المصادر‪ ،‬ع‪ ،1‬المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية‬
‫وثورة أول نوفمبر‪2914‬م‪ 2999 -‬م‪.‬‬
‫‪ -17‬عباس محمد حسني‪ ،‬حول اتجاهات السياسية التونسية‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫السياسية‪ ،‬تصدرها الجمعية العربية‪ ،‬العلوم السياسية‪ ،‬ع‪ ،3‬ديسمبر ‪ 2917‬م‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ - 18‬مجلة الدراسات التاريخية‪ ،‬ع ‪ ،24‬جامعة الجزائر‪.‬‬
‫‪-19‬مولود قاسم نايت قاسم‪ ،‬دور الفاتح نوفمبر في استرجاع ليبيا والمغرب‬
‫وتونس استقاللهما بل وإفريقيا كلها حريتها الثورة الجزائرية وصداها في العالم‪،‬‬
‫المركز الوطني للدراسات التاريخية‪ ،‬د‪.‬م‪18-14،‬نوفمبر ‪ 2984‬م‪.‬‬
‫‪- 31‬هيال يلي حنفي‪ ،‬المغرب والثورة الجزائرية‪ ،‬دعم وتضامن ‪2914‬م‪-‬‬
‫‪ ،2961‬وزارة الشؤن الخارجية والتعاون‪ ،‬الرباط‪ 21-24 ،‬نوفمبر ‪ 1111‬م‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬موسوعات‪:‬‬
‫_ الكيالي عبد الوهاب ‪ ،‬الموسوعة السياسية ‪،‬ج ‪،1‬دط‪ ،‬دار الهدى للنشر و‬
‫التوزيع ‪ ،‬بيروت ‪،‬د س‪.‬‬
‫_ الكيالي عبد الوهاب ‪ ،‬الموسوعة السياسية ‪،‬ج ‪،3‬دط ‪ ،‬دار الهدى للنشر و‬
‫التوزيع ‪،‬بيروت ‪ ،‬دس ‪.‬‬
‫_ الكيالي عبد الوهاب‪ ،‬الموسوعة السياسية‪ ،‬ج‪ ،6‬دط‪ ،‬دار الهدى للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬دس‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬حصص تلفزيونية‪:‬‬
‫‪- 1‬المستيري أحمد ‪ ،‬شاهد على العصر‪،‬ج ‪ ، 2‬تقديم أحمد المنصور ‪ :‬قناة الجزيرة ‪ ،‬قطر ‪،‬‬
‫‪.1123/21/1‬‬

‫‪ - 2‬المستيري أحمد ‪ ،‬شاهد على العصر ‪،‬ج‪ ، 4‬تقديم أحمد المنصور ‪ :‬قناة الجزيرة ‪ ،‬قطر ‪/21/11 ،‬‬
‫‪1123‬م‪.‬‬

‫‪ -3‬بن بلة أحمد ‪ ،‬شاهد على العصر ‪،‬ج‪ ،2‬تقديم أحمد المنصور‪ :‬قناة الجزيرة ‪،‬قطر‪ 1121 /1/21 ،‬م‪.‬‬

‫‪ - 4‬بن بلة أحمد شاهد على العصر‪،‬ج‪،6‬تقديم أحمد المنصور‪ :‬قناة الجزيرة‪،‬قطر‪1121/1/24،‬م‪.‬‬

‫تاسعا ‪ :‬المذكرات والرسائل الجامعية‪:‬‬


‫‪ - 1‬بلقاسمي رقية ‪،‬التكامل االقليمي المغربي ‪ :‬دراسة في التحديات و االفاق المستقبلية ‪،‬‬
‫(مذكرة ماجستير) ‪،‬جامعة بسكرة ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم العلوم السياسية و‬
‫العالقات الدولية‪ 1122 ،‬م‪1121 -‬م‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫‪-1‬براهمة لوازع‪ ،‬كتابات الجزائر بين الصحافة التونسية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة‬
‫التعمق في البحث في التاريخ المعاصر‪( ،‬غير منشورة)‪ ،‬جامعة تونس األولى‪2998 ،‬م ‪-‬‬
‫‪2999‬م‪.‬‬

‫‪-3‬سريح محمد‪ ،‬البعد المغربي مع الثورة الجزائرية من خالل جريدتي المجاهد الجزائرية‬
‫والصباح التونسية (‪2916‬م‪2961-‬م)‪( ،‬رسالة ماجستير)‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪1119 ،‬م‪ 1121-‬م‪.‬‬

‫‪ -4‬شيطبي محمد ‪ ،‬العالقات الجزائرية التونسية إبان الثورة التحريرية ‪2914‬م‪-‬‬


‫‪2961‬م‪(،‬مذكرة ماجستير)‪،‬جامعة قسنطينة ‪1118 ،‬م ‪1119-‬م ‪.‬‬

‫‪-1‬عسول صالح ‪ ،‬الالجئون الجزائريون بتونس و دورهم في الثورة ‪2916‬م‪-‬‬


‫‪2961‬م‪(،‬مذكرة ماجستير)‪،‬قسم التاريخ و علم االثار‪،‬جامعة باتنة ‪ 1118 ،‬م‪ 1119-‬م‪. .‬‬

‫‪-6‬علية الصغير عميرة‪ ،‬المقاومة الشعبية في تونس في الخمسينات ‪( ،‬مذكرة ماجستير)‪،‬‬


‫(غير منشورة ) ‪،‬كلية اآلداب و العلوم االنسانية ‪،‬جامعة منوبة ‪ ،‬تونس ‪2998 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -7‬مومن العمري ‪ ،‬شعار الوحدة و مضامينه في المغرب العربي أثناء فترة الكفاح‬
‫الوطني‪(،‬مذكرة لنيل الدكتوراه)‪،‬علوم في التاريخ الحديث و المعاصر‪ ،‬جامعة قسنطينة‬
‫‪1119،‬م‪ 1121-‬م‪.‬‬

‫‪ -8‬مقالتي عبد هللا‪ ،‬العالقات الجزائرية المغاربية إبان الثورة التحريرية الجزائرية‬
‫‪2914‬م‪2961-‬م‪(،‬مذكرة لنيل الدكتوراه)‪،‬العلوم في التاريخ الحديث و المعاصر ‪ ،‬جامعة‬
‫قسنطينة‪1117،‬م‪1118-‬م‪.‬‬

‫‪ -9‬ميموني رضا‪ ،‬دور الوطنين المغربة في حركة تحرير تونس والمغرب من نهاية‬
‫الحرب العالمية الثانية إلى غاية االستقالل‪( ،‬مذكرة ماجستير)‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية والعلوم اإلسالمية ‪1122،‬م‪1121-‬م‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫فهرس‬
‫الموضوعات‬
‫‪-‬خطة البحث ‪:‬‬
‫البسملة‬
‫شكر وتقدير‪:‬‬
‫إهداء‪:‬‬
‫مقدمة‪.....................................................................................:‬أ ‪ -‬ط‬
‫تمهيد‪01 - 01.................................................................................. :‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عالقة بورقيبة بجبهة التحرير الجزائرية قبل توليه الحكم‪13-01.......... .‬‬
‫المبحث األول‪ :‬عالقة المقاومة التونسية بالثورة الجزائرية‪01-01.......................... .‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الثورة الجزائرية ومشروع الوحدة المغاربية‪03-00..........................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تونس قاعدة خلفية للثورة الجزائرية‪02-01................................. .‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬الثورة الجزائرية في ظل االزمة البورقيبية اليوسفية‪13-02............... .‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الثورة الجزائرية في ظل حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة‪36 -13.......... .‬‬
‫المبحث األول‪ :‬بورقيبة ومؤتمر تونس لبحث المسألة الجزائرية‪30-13......................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االعتداء على ساقية سيدي يوسف وتداعياتها‪11-30....................... .‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬بورقيبة وتفعيل المؤتمرات المغاربية لحل القضية الجزائرية‪30-.10.......‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬موقف بورقيبة من نشأة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية‪36-31... .‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تطور العالقات الجزائرية البورقيبية في ظل التحديات الفرنسية‪22-32 ...‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬قراءة للمواقف البورقيبية لدعم الثورة الجزائرية في المحافل الدولية‪-32 .‬‬
‫‪61‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬القضية الجزائرية محرك العالقات التونسية‪ -‬الفرنسية‪66-63... .‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تأزم العالقات ومحاولة إحتوائها بين بورقيبة والحكومة المؤقتة للجمهورية‬
‫الجزائرية‪20-62....... .‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬بورقيبة والمفاوضات الجزائرية الفرنسية‪22-21............................‬‬
‫خاتمة‪20-22................................................................................... .‬‬
‫المالحق‪22-23................................................................................. .‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪012-010.........................................................‬‬
‫فهرس الموضوعات ‪. 000....................................................................‬‬

You might also like