Professional Documents
Culture Documents
العقبات التي كابدتها خالل إنجاز هذه األطروحة ،بارك هللا فيه
هجري ه
مرجع أو مصدر سابق Op.cit.p
نفسه Ibid.p
Page P
المقدمة
المقدمة
أ /أمهية املوضوع وإشكاليته.
ب /اإلشكالية.
ج /مربرات اختيار املوضوع.
د /املنجج.
هـ /الصعوبات
و /عرض املوضوع.
ز /الدراسة النقدية للمصادر واملراجع.
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أ /أهمية الموضوع وإشكاليته:
يندرج موضوع "المقدس في ذهنية ساكنة المغرب األوسط بين المعتقدات والطقوس (ق9-7هـ
/ق31 -13م) " ،ضمن حقل الدراسات االجتماعية وتاريخ األكفكار والذهنيات وتاريخ الفئات املجمشة ،واليت
ساد االهتمام هبا يف الدراسات احلديثة من قبل املؤرخني املعاصرين ،أين أضحت الدراسات والبحوث التارخيية
أكثر مشولية ،وهو ما ساعد على زوال النظرة التقليدية اليت كانت مسيطرة على الكتابة التارخيية ،واليت ركزت يف
جمملجا على التاريخ السياسي والعسكري وتسجيل أحداث اجليوش غازية أو مغزية ،باإلضاكفة إىل تاريخ
السالطني ،1واإلشادة بسريهم واجنازاهتم ،أو األولياء واملتصوكفة ورصد مناقبجم ،يف ظل تغييب وهتميش لطبقات
اجملتمع األخرى.
معتقدات سكان املغرب األوسط والذهنية الدينية لديجم كانت تتحكم يف تصركفاهتم ،وتضبط سلوكجم وتوجه
حياهتم ،وهو ما ساعد على بروز مواضيع جديدة للبحث ،هذه املواضيع أصبحت تفرض نفسجا على املؤرخني
للخروج بقراءة جديدة للتاريخ ،وتعميق احلفر التارخيي داخل املنظومة االجتماعية للوقوف على الثابت واملتغري يف
ذهنية وسلوك الساكنة ،وهو ما جعل اهتمامي ينصب حول موضوع ":المقدس في ذهنية ساكنة المغرب
األوسط بين المعتقدات والطقوس ما بين القرنيين (ق9 -7هـ /ق31 -31م )".
ب /اإلشكالية:
باعتباره موضوعا له تأثري عميق على الناحية الذهنية جملتمع املغرب األوسط ،سيتم الرتكيز يف هذه الدراسة
على "ماهية املقدس" من خمتلف وججات نظر املفكرين والباحثني ،ومعركفة عالقته بالكشف عن معتقدات
وممارسات اجملتمع ،ومدى انعكاساهتا على خمتلف نواحي احلياة خاصة االجتماعية ،وإبراز السلوكيات والذهنيات
اليت أكفرزهتا ظاهرة التقديس داخل جمتمع املغرب األوسط.
موضوع "املـقدس يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط بني املعتقدات والطقوس (ق9-7هـ 21 -21/م)"،يـ َعد
من املواضيع اليت هلا تأثري مباشر على احلياة االجتماعية والذهنية ،وهنا أطرح إشكاال حول ما هو موقع املقدس يف
ذهنية ساكنة املغرب األوسط بني املعتقد والطقس؟
وانطالقا من هذه اإلشارات سأحاول تتبع اإلشكاالت الفرعية التالية:
-ما املقصود مبصطلح املـ َق َدس؟ وما مضامينه الرمزية؟
- 1أشارت الباحثة "بوبة ،جماين" إىل أن اهتمام املؤرخني بتاريخ العصر الوسيط كان منصبا على التاريخ السياسي والعسكري ،وأطلقت عليه اسم
"تاريخ أصحاب العروش والتيجان" ،يف دراستجا املوسومة ب "التغيريات االجتماعية يف البلدان املغاربية عرب العصور" ضمن أعمال امللتقى الدويل يف
التاريخ 12-12أكفريل 1002م ،عني مليلة -اجلزائر :دار اهلدى ،منشورات خمرب الدراسات التارخيية جامعة منتوري قسنطينة ،ص.227
أ
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-مبا تتميز الطقوس والعادات املقدسة عن باقي املمارسات االجتماعية؟
-ما هي أنواع املعتقدات املقدسة اليت سادت باملغرب األوسط؟ وما حجم تأثريها على سلوك وذهنية األكفراد؟
-ما موقع املقدس يف املمارسات الطقوسية لدى ساكنة املغرب األوسط؟
-هل تأثرت املمارسات الطقوسية باختالف املستويات الثقاكفية واالجتماعية لساكنة املغرب األوسط؟
-أليست املعتقدات واملمارسات الطقوسية لصيقة بكل األكفعال االجتماعية؟
-كيف مت تقديس بدع العادات ،وبدع العبادات؟
-ما موقف الفقجاء املالكية من بعض املعتقدات والطقوس املقدسة اجتماعيا واخلارجة عن إطار الدين؟
-ما هدف رواد املدرسة االستشراقية 1من نسب مقدسات سكان املغرب األوسط إىل األصل الوثين؟
ج /مبررات اختيار الموضوع:
إن موضوع "املـ َق َدس يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط بني املعتقدات والطقوس (ق9-7هـ /ق21 -22م)" من
املواضيع املستجدة يف حقل الدراسات التارخيية ،ويأيت اختياري هلذا املوضوع لقلة األحباث اليت تسلط الضوء على
املعتقدات الشعبية السائدة باملغرب األوسط يف الفرتة الوسيطة بصفة عامة ،وعلى املمارسات الطقوسية كسلوك
اجتماعي يرتجم لألكفكار واملعتقدات بشكل خاص ،وتأثريه على سلوك وذهنية ساكنة املغرب األوسط ،إذ ركزت
معظمجا على األوضاع السياسية والعسكرية ،أما يف األستوغراكفيا 2التقليدية 3للعصر الوسيط كفتعترب ظاهرة املقدس
يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط من املوضوعات الصعبة والغري جاهزة ،واليت تتطلب قراءات يف مستويات النص
األستوغرايف للمغرب األوسط.4
وبناءً عليه جاء اختياري هلذا املوضوع إىل االعتبارات اآلتية:
-1يعترب الفرد بل من أهم رواد املدرسة الفرنسية له جمموعة من الكتب أمهجا:Paris, librairie oriental, poul Genthner,
Alfred Bel: La Religion Muslmen en Berberie 1938.
-2حتمل كلمة األستوغراكفيا معنيني :كفجي تعين باملعىن الضيق ،جمموع النتائج اليت توصل إليجا الدارسون للكتابات التقليدية ،مثل احلوليات واملذكرات
واألخبار اجلزئية والطبقات والسري ،ويف املعىن الواسع تعين دراسة طرق البحث واالستقصاء ،ويشري هذا املعىن إىل الشكل أو املنجج ،أي إىل املظجر
اخلارجي.عبد اهلل ،العروي :مفجوم التاريخ ،ط ،2الدار البيضاء -املغرب :املركز الثقايف العريب1001 ،م ،ص.97
-3األ ستوغراكفيا التقليدية يف نظر الباحث صاحل بن قربة هي :املؤلفات احلولية وكتب املناقب والعقود والنوازل وكتب اجلغراكفيا والرتاجم وغريها .تاريخ
اجلزائر من خالل املصادر ،اجلزائر :منشورات املركز الوطين للدراسات والبحث 7002 [ ،م] ،ص.112
-4بعض املصادر مل هتتم بتاريخ املغرب األوسط يف العصر الوسيط ،إال مبا تعلق حباضرة تلمسان عاصمة الدولة الزيانية ،وإن كان االهتمام من زاوية
معينة علمية أو أدبية ،كفكتب الرتاجم مثال اهتمت بالعلماء والفقجاء ورجال الدين من األولياء ورجال السياسة ،وعلى سبيل املثال ال احلصر نذكر من
بني هذه املصادر :أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن أمحد ،ابن مرمي (حي 2022هـ 2001/م) :البستان يف ذكر األولياء والعلماء من تلمسان ،مر
وتح :أمحد بن أيب شنب ،اجلزائر :املطبعة الثعالبية2901 ،م؛ ومؤلف جمجول :زهر البستان يف دولة بين زيان (702 – 700هـ – 2219 /
2202م) ،تح :حممد ،بن أمحد باغلي ،ط ،1اجلزائر :األصالة للنشر والتوزيع1021،م.
ب
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أوال :مت اختيار الفرتة الزمنية املمتدة من القرن السابع إىل القرن التاسع اهلجري املواكفق للقرن الثالث عشر إىل القرن
اخلامس عشر للميالد ،ألهنا أصعب كفرتات املغرب األوسط ألن اجملتمع عاش حياة قلقة بسبب الصراعات
واحلروب مع احلفصيني واملرينيني ،باإلضاكفة للقحوط واجلوائح والطواعني والكوارث الطبيعية وغريها ،واليت أثرت
بشكل كبري على املستوى الفكري والذهين جملتمع املغرب األوسط ،خاصة على مستوى انتقائه ملمارسات وطقوس
مقدسة دون غريها.
ثانيا :حماولة اخلروج من القراءة السطحية لتاريخ املغرب األوسط ،طاحمة أن يكون حبثي هذا شامال لظاهرة املقدس
لدى ساكنة املغرب األوسط ،جميبا على جوانب مجمة من اإلشكالية املطروحة ،ألن جل الدراسات ركزت على
طابعجا السياسي والعسكري ،باإلضاكفة إىل الرتكيز على مناقب السالطني واملتصوكفة ،وأردت الولوج إىل أعماق
هذا اجملتمع ،من خالل إعادة قراءة للنص املناقيب والنوازيل كمادة مصدرية مجمة للتاريخ الديين واالجتماعي،
وذلك عن طريق تتبع األسئلة الواكفدة من خالل كتب النوازل ،حول الدواكفع احلقيقية ملمارسة بعض الطقوس
واملعتقدات ،واليت ارتقت إىل أن صارت مقدسات ال ميكن املساس هبا أو الطعن كفيجا.
ثالثا :موضوع املقدس يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط ،يربز لنا حلقة من حلقات التاريخ املغمور لبعض كفئات
وشرائح اجملتمع حمل الدراسة ،السيما الفئات املجمشة واملنسية عرب التاريخ ،باعتبارها الطبقة املفقودة يف الرتاتبية
االجتماعية ،واليت ورد ذكرها يف املصادر ب :اهلمج ،الرعاع ،الغوغاء ،وغريها من األوصاف الدونية ،وهو ما يعد
إقصاءً هلذه الفئات من املدونة التارخيية ،كما يعد تعسفا جيزئ احلقيقة التارخيية.
يف املقابل كفإن النصوص اليت أشارت إىل هذه الفئة وعلى قلتجا ،اكتنزت مبادة هامة حول املقدس واملمارسات
الطقوسية اليت سادت املغرب األوسط ،إذ سجلت بني طياهتا عالقة املعتقدات الشعبية املقدسة بالطقوس يف
املغرب األوسط ،وأحاطت مبختلف جوانبجا الدينية واالجتماعية ووضعتجا يف إطارها التارخيي.
رابعا :تسليط الضوء على جانب مجم من التاريخ االجتماعي يف بعده الديين ،إلبراز دور السلوكيات
واملمارسات اليت ترتجم املستويات الذهنية للتفكري الشعيب والعقائدي لدى ساكنة املغرب األوسط.
خامسا :أطمح إىل كفجم ظاهرة قداسة املعتقدات والطقوس ،كوهنا حركة سلوكية واجتماعية وثقاكفية ونفسية،
وتفسري ظروف نشأهتا وانتشارها.
ت
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سادسا :مثل هذا البحث التارخيي يتطلب أدوات وآليات خاصة ملعاجلته ،ترتكز معظمجا يف علوم اللسانيات،
والطوبونيميا ،1واالنثروبولوجيا ،2والسوسيولوجيا ،3وعلم النفس وعلم االجتماع ،أي تكامل بني خمتلف العلوم
وخباصة االجتماعية منجا قصد الوصول إىل رؤية شاملة حول املوضوع .
سابعا :جل الدراسات التارخيية اليت المست موضوع البحث ،قام هبا باحثون وعسكريون وعلماء االثنولوجيا
واألنثروبولوجيا ومؤرخون كفرنسيون خدمة ألغراض إيديولوجية ،كانوا يجدكفون من ورائجا إىل طمس احلقيقة التارخيية
خدمة ملصاحلجم ،وأنا هبذا العمل أسعى إىل التحقق منجا وتفنيدها ،خصوصا يف ما يتعلق بالبعد الوثين
للمقدسات اإلسالمية ،وربطجا باألصل الوثين لسكان مشال إكفريقيا.
ثامنا :تسليط الضوء على جانب مجم من التاريخ االجتماعي يف بعده الديين ،هبدف املسامهة يف إثبات هوية
ساكنة املغرب األوسط بكل أبعادها الدينية واللغوية ،يف حماولة لدحض األطروحة االستشراقية حول املغرب
األوسط وماضيه الوثين.
-1الطوبونيميا :هي أداة منججية وآلية علمية ،قد تكون لسانية تنري بعض اجلوانب املعتمة من مضامني وداللة النصوص املصدرية اليت هي أساس
البحث التارخيي ،وقد تكون تارخيية تفيد البحث اللساين يف حتديد مضامني أمساء األماكن .حممد ،الربكة :الطوبونيميا والبحث التارخيي ،دورية كان
التارخيية ،ع ،12يونيو ،1022صص ،211-212ص.212
-2األنثروبولوجيا :تعين الكلمة حركفيا علم اإلنسان ،أي العلم الذي ينظر لإلنسان طبيعيا واجتماعيا وحضاريا ،وسلوك اإلنسان وثقاكفته
املختلفة واجملتمعات املاضية واحلاضرة ،وهي علم اإلنسان االجتماعي ،وعلم اإلنسان الثقايف ،ويدرسان قيم ومعايري اجملتمعات ،وهي علم يجتم بتاريخ
األديان واألساطري واحلكايات ،وتطور امل خيلة اإلنسانية عرب أحقاب خمتلفة ،من خالل وصف وحتليل األساطري والطقوس كظواهر ثقاكفية ،ودراسة
األنثروبولوجيا للمجتمعات اإلنسانية ترتكز يف الغالب على التقاليد والعادات ،والنظم واألمناط السلوكية املختلفة اليت ميارسجا شعب أو أمة معينة.
حسني ،كفجيم :قصة األنثروبولوجيا – كفصول يف تاريخ علم اإلنسان ،الكويت :إصدار اجمللس الوطين للثقاكفة والفنون واآلداب2910 ،م ،ص27-20؛
إيكة ،هولتكرانس :قاموس مصطلحات األنثروبولوجيا والفلكلور :تر :حممد ،اجلوهري وحسن الشامي ،ط –،1مصر -القصر العيين :اهليئة العامة
للقصور الثقاكفية ،2971 ،ص29؛ شاكر ،سليم مصطفى :قاموس األنثروبولوجيا ،ط،2الكويت :جامعة الكويت.2912 ،ص10؛ أمحد أبو هالل:
مقدمة يف األنثروبولوجيا الرتبوية ،عمان -األردن :املطابع التعاونية2972 ،م ،ص 21وما بعدها.
- 3السوسيولوجيا :هي كلمة مشتقة من كلمتني"،سوسيو" الالتينية :وتعين ركفيق أو جممع ،والثانية "لوغوس" اليونانية :وتعين العلم أو البحث،
والسوسيولوجيا هي دراسة اجملتمعات اإلنسانية واجملموعات البشرية وظواهرها االجتماعية ،وهي العلم الذي يعىن بفجم النشاط االجتماعي وتأويله
وتفسريه ونتيجته سببيا ،ويدرس اجملتمعات والقوانني اليت حتكم تطورها ،كما يدرس احلياة االجتماعية جبميع مظاهرها ،ويتحرى أسباب حدوثجا وقوانني
تطورها ،وهو العلم الذي يساعد على تكييف الفرد واجملتمع للعيش معا ،ضمن أهداف معينة يسعون إىل حتقيقجا من أجل التقدم واالستمرارية ،كما
يركز على سلوكيات األكفراد ضمن اجملتمع ،وبالتايل يدرس تأثري البيئة االجتماعية واالقتصادية والثقاكفية يف تكوين الشخصية اإلنسانية .للمزيد حول
املوضوع ينظر :مجيل ،محداوي :ججود ماكس كفيرب يف جمال السوسيولوجيا ،ط ،2الرياض -السعودية :دار األلوكة للنشر1021 ،م ،ص 21وما بعدها؛
عيسى ،الشماع :مدخل /الرتبية العامة ،ط ،2دمشق -سوريا :كلية الرتبية1001 ،م ،ص ..17عيسى ،الشماع :مدخل ،ص17؛ ساطع ،احلصري:
أحاديث يف الرتبية واالجتماع ،بريوت :دار العلم للماليني2911 ،م ،ص1؛ حممد ،طلعت عيسى :مدخل علم االجتماع ،بريوت :دار املعارف،
2910م ،ص.22
ث
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاسعا :كفرتة الدراسة القرن (9-7هـ21-22/م) متيزت برتاجع دميغرايف كبري نتيجة األوبئة واجملاعات اليت ظجرت
باملغرب اإلسالمي ككل ،واملغرب األوسط على وجه اخلصوص ،إذ كان هلا تأثري كبري على مستوى التفكري
والذهنيات السائدة يف هذه احلقبة ،وعلى األكثر كفرتة الطاعون اجلارف أو كما يسمى الطاعون األسود(-729
710هـ2229-2221/م).
عاشرا :أردت من هذا العمل أن أثري حقل الدراسات التارخيية املتعلقة بتاريخ املغرب األوسط ،علّين أنري زاوية
لطاملا تناسجا املجتمون بالتاريخ ،خاصة وأن موضوع التاريخ الديين واالجتماعي والبحث يف العوامل املؤثرة كفيجما
ونتائججما أصبح عمال ضروريا ،ال سيما إذا أردنا بناء نسق تارخيي متكامل حول مغربنا األوسط ،يف ظل ما
يعرتي مثل هذه املواضيع من احملدودية والغموض واإلهبام ،من هنا أنا أروم من خالل هذا البحث إىل سد بعض
الثغرات اليت أرى أهنا حباجة إىل الدراسة والرتميم من خالل تسليط الضوء على اجلانب الذهين لساكنة املغرب
األوسط ،وخاصة ظاهرة التقديس والبحث يف مضامينجا.
أخيرا :أتشوف من خالل هذا املوضوع أن أجل حبثا خيدم تاريخ املغرب األوسط ،على املستوى الديين
واالجتماعي حىت تكون دراسيت لبنة جديدة تضاف إىل املكتبة الوطنية اجلزائرية ،ودراسات املغرب األوسط.
د /منهج الدراسة:
منجج البحث منجج مشويل قائم على استقصاء املادة التارخيية من مصادرها حرصا على التوثيق ومراعاة
لألمانة العلمية ،واعتمدت مستويات من القراءة من أجل استنطاق النص التارخيي ،وركزت على التحليل
واالستنباط واستقراء ظاهرة املقدس باملغرب األوسط ،باستعمال بعض األدوات اإلجرائية للفجم والتأويل والتفسري،
وعلى مستوى املنجج كفقد تطلب هذا التوجه اجلديد انفتاح التاريخ على العلوم اإلنسانية األخرى واستيعاب
نتائججا ،واالستفادة من إشكاالهتا ،وهكذا استفاد هذا البحث التارخيي من مفاهيم علم االجتماع واألنرتوبولوجيا
والطوبونوميا ،واألدب وعلم النفس ،خاصة وأن هذه احلقول املعركفية جعلت من جمال البحث يف التاريخ الذهين
إطارا ألحباثجا ،قصد الوصول إىل رسم صورة واضحة وشاملة للموضوع.
وعليه كفإنه لدراسة ظاهرة اجتماعية البد من البحث عن سبب وجودها ،وعن الوظيفة االجتماعية اليت
تؤديجا،ولتحقيق هذه الغاية اعتمدت على مقاربة منججية حترص على اعتماد املنجج التارخيي ،1من وصف
-1املنجج التارخيي :ويسمى أيضا املنجج االسرتدادي ألنه عملية اسرتداد وعملية اسرتجاع للماضي ،وهو منجج علمي مرتبط بعلوم أخرى ،ويساعد
على دراسة التغيريات اليت تطرأ على البىن االجتماعية ،وتطور النظم االجتماعية يف التعرف على ماضي الظاهرة وحتليلجا وتفسريها ،يف ضوء الزمان
واملكان الذي حدثت كفيه ،ومدى ارتباطجا بظواهر أخرى ،ويعتمد هذا املنجج على التحليل والتفسري ،وجتدر اإلشارة لصعوبة تعميم النتائج املتوصل إليجا
باالعتماد على هذا املنجج .للمزيد حول املنجج التارخيي ينظر خالد ،حامد :منججية البحث يف العلوم االجتماعية واإلنسانية ،ط ،2اجلزائر :جسور
للطباعة والنشر.1001 ،
ج
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واستقراء واستنباط وحتليل قصد حتقيق التواكفق بني تاريخ الوقائع وتاريخ الذهنيات ،من خالل االعتماد على
اجلانب التوثيقي والرتكيز على الوصف مللء البياضات الكثرية يف املوضوع ،مث التحليل والرتكيب املقيد بشروط
الزمان واملكان املدروسني ،وذلك راجع لتشعب ظاهرة املقدس وتداخلجا مع احلقول املعركفية األخرى
كاألنثروبولوجيا والسوسيولوجيا ،مما حتم علي االستعانة بأكثر من منجج وإن مل أوظفه كله بل بعض أدواته
كاملنجج الوصفي ،1حيث استعملته يف وصف بعض املمارسات والطقوس ،وتوظيف مفاهيم التحليل النفسي كفيما
يعد ترمجة أمينة لبعض املشاعر والتصركفات والسلوكات.
كما اعتمدت بشكل كبري على املنجج األنثروبولوجي ألنه ال يكتفي بدراسة الظواهر االجتماعية من
اجلانب التارخيي كحدث وكفقط ،بل يتعداه إىل قراءة التأثري احلاصل يف اجملتمع من خالل االعتقاد يف ظاهرة معينة،
حىت تراءى يل أين أحبث يف جمال األنثربولوجيا أكثر من حبثي يف التاريخ وجماالته ،وهو ما يعرب عنه بتكامل العلوم
خاصة يف جمال البحوث اإلنسانية ،وهي حتمية كفرضتجا طبيعة املوضوع يف مشوليته ،خاصة وأننا أمام تطور حقيقي
يف جمال البحث التارخيي وتفتحه عل العديد من العلوم.
هـ /الصعوبات:
ال أخفي صعوبة دراسة املوضوع ،واملتعلق "باملقدس يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط بني املعتقدات
والطقوس (ق9-7هـ /ق 21 -22م)"،ومصدر هذه الصعوبة كامن ليس كفقط كفيما اعرتضين يف دارسيت هلذا
املوضوع وصلته بالرتاث اإلنساين ومشوليته ،وتعدد مظاهره وتنوع ظواهره واختالف أشكاله واتساع بيئاته ،ولكن
كذلك مبا تعرض له من تطوير وتغيري ،نتيجة التحوالت اليت عركفجا جمتمع املغرب األوسط عرب مراحله التارخيية
املختلفة ،مما جعل من الصعوبة مبكان الضبط الدقيق للمقدس املراد دراسته ،وهذا راجع حتما لنوعية املوضوع يف
حد ذاته.
وازدادت هذه الصعوبة حني أردت الكشف عن املقدس يف ذهنية ساكنة جمتمع املغرب األوسط ،ألن
حضوره قد يبدو ألول وهلة واضح املالمح بارز السمات ،إال أنه عند تعميق النظر كفيه للكشف عن هذه املالمح
والسمات ،والرجوع هبا إىل أصوهلا وحماولة حتليلجا ،ال يلبث أن يظجر قضايا خفية ومعقدة ،ميكن إرجاعجا ملا عركفه
جمتمع املغرب األوسط من غىن تارخيي وحضاري ،من خالل معايشته لكثري من املعتقدات والطقوس القدمية ،واليت
كان هلا بالغ األثر يف تشكل ذهنية ساكنة املغرب األوسط.
-1املنجج الوصفي :هو الطريقة لدراسة الظواهر واملشكالت ،من خالل القيام بالوصف بطريقة علمية ،للوصول إىل تفسريات منطقية هلا دالئل
وبراهني ،متنح الباحث القدرة على وضع أطر حمددة للمشكلة للوصول إىل نتائج .عمار ،بوحوش وحممد ،حممود الذنيبات :مناهج البحث العلمي
وطرق إعداد البحوث ،ط ،2اجلزائر :ديوان املطبوعات اجلامعية.1002 ،
ح
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دون أن أنسى صعوبة الفصل بني األنثروبولوجيا والتاريخ يف دراسة هذا املوضوع ،إذ جل التوججات
والدراسات حول املقدس قام هبا أنثروبولوجيون وسوسيولوجيون ،وال نكاد هنتدي إىل دراسات تارخيية حول
املوضوع.
واملتمعن يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط يف العصر الوسيط ،ال حيتاج إىل التنقيب يف النصوص املصدرية
كفحسب ،بل يتطلب نوعا من االستحضار واملعايشة واليت غري غياهبا العديد من عناصر املعادلة ،إذ أن احلديث
عن تاريخ الذهنيات يستلزم املشاهدة ومعايشة احلالة ،أكثر من إعادة إحيائجا عن طريق ختيلجا.
و /عرض الموضوع:
مقدمة :عركفت كفيجا مبوضوع الدراسة وأمهيته ،مث تطرقت لألهم اإلشكاالت اليت مت طرحجا ،معرجة على املنجج
املتبع يف اجنازها ،كما تطرقت لبعض الصعوبات اليت واججتين أثناء إعداد هذه األطروحة ،مث جزأهتا إىل ثالثة
كفصول حوا كل كفصل جمموعة من املباحث ،أسبقتجم بفصل متجيدي وأحلقتجم أخريا خبامتة ،وكفجارس ومالحق
وقائمة البيبليوغراكفيا.
الفصل التمهيدي :أملت طبيعة املوضوع أن يكون الفصل التمجيدي حتت عنوان " :المقدس بحث في
الماهية والعالئق" ،حاولت من خالل مبحثه األول تتبع ماهية امل َق َدس وداللة املصطلح ،والبحث عن مفجوم
املقدس وداللته يف املدونة الوسيطة ،مث الدراسات احلديثة خاصة كتب األنثروبولوجيا ألن هلا السبق يف طرق هذا
املوضوع ،دون إغفال ملعىن املدنس كون املفاهيم تعرف بأضدادها أحيانا ،وجاء املبحث الثاين بعنوان" :موقع
الطقس في مجال المقدس" ،ضبطت خالله ماهية الطقس وماهية األسطورة وعالقتجما باملقدس كوهنما
أساسني مجمني يف تشكله ،أما املبحث الثالث واملسمى ب":رمزية الطقوس وعالقتها باالعتقاد"،كفقد تطرقت
كفيه لضبط ماهية الرمز واملعتقد وعالقتجما باملقدس ،أما املبحث الرابع كفجاء عنوانه ب":االستشراق ومقدس
االختراق" ،حددت كفيه وججة نظر مؤرخي املدرسة الفرنسية ونظريتجم حول البعد الوثين ملقدسات املغرب
األوسط.
الفصل األول :عنونته ب":المعتقدات الشعبية والمقدس" للوقوف على املمارسات السلوكية جملتمع املغرب
األوسط ،ورصد أهم املعتقدات السائدة واليت مشلت حيزا واسعا ضمن ذهنية ساكنته ،عاجلت يف مبحثه األول
ظاهرة "المعتقدات الشعبية والممارسات الطقوسية" ،خاصة ما تعلق باالعتقاد يف سلطة اجلن ،واإلصابة بالعني
واحلسد ،وكذلك االعتقاد يف الفأل والطالع وغريها ،أما املبحث الثاين كفدرست كفيه ظاهرة "السحر والشعوذة"،
ومدى تغلغل هاتني الظاهرتني يف جمتمع املغرب األوسط ،والتصديق اجلازم لفئات خمتلفة من الناس مبا يأيت به
خ
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السحرة وتقديسجم ،وهو األمر الذي احتج به املؤرخون املستشرقون يف دراساهتم حول السحر يف املغرب
اإلسالمي ،وكذلك األمر بالنسبة للكجانة والتنجيم واللذان أحلقا بباب السحر.
مل يقتصر اعتقاد سكان املغرب األوسط حول السحر كظاهرة غيبية مقدسة ،بل تعداها األمر للتصديق ببعض
البدع واخلراكفات وهو ما دار حوله املبحث الثالث :املوسوم ب "البدع والخرافات" كفبدأته بتعريف البدعة ودراسة
بعض مناذججا خاصة املستججنة منجا كبدعة تعليق التمائم ،وكيف وصل األمر إىل حد التطرف الديين بأن ادعى
بعضجم النبوة ،واحرتف بعضجم ضرب الرمل وقراءة الكف والنظر يف الكتف وغريها من البدع اليت وجدت هلا
موضع قدم باملغرب األوسط وأثرت على حياة الفرد واجملتمع.
الفصل الثاني :كان حتت عنوان "المقدس المدفون وبركة الزيارة" .تطرقت كفيه لظاهرة الزيارة واختاذ
املزارات وعاجلت كفيه إشكالية تقديس الويل حيا وميتا ،يف ظاهرة تقديس األشخاص اليت انتشرت بشكل كبري يف
املغرب األوسط ،وابتدأته مببحث أول حول "الزواية قطب مقدس" ونشأهتا باختصار ،ألن هناك العديد من
الدراسات السابقة حول املوضوع ،لذا ركزت على الويل كشخص مقدس يف املخيال الشعيب وعلى الزاوية كمكان
مقدس متارس كفيه طقوس مقدسة ،هبدف قضاء احلوائج والشفاء من األمراض والعاهات وغريها ،دون إغفال
ألنواعجا باملغرب األوسط ،وعالقتجا بظاهرة الشرف.
املبحث الثاين" :الوالية واألولياء" ،حبثت يف القصد من الوالية ودرجاهتا وأسسجا ،وعالقة الويل مبريديه
وطرق حيازة الربكة وجتلي الكرامة واخلوارق على يد األولياء ،وارتأيت إكفراد مبحث خاص حول "األولياء من
النساء" ،ملا أثارته املرأة حول إمكانية حيازهتا الوالية الصوكفية حبجة قداستجا أو دناستجا ،وكيف وصلت النساء
لفرض وجودهن يف جمال األوليائي ،وما هي أنواع احلجب املمارسة على النساء يف اجملتمع ،واخرتت حجب أمساء
النساء يف حياهتن كمثال ،وكيف تعامل اجملتمع مع النساء بوصفجن خطرا حمدقا وجب جتنبه.
أما يف املبحث الرابع" :نشأة األضرحة وأنواعها" ،ال ميكن احلديث عن الزاوية كمكان مقدس وإغفال
الضريح كقطب مقدس ال يقل أمهية عنجا ،لذا خصصت هذا الفصل لألضرحة وعرضت كفيه نشأهتا باختصار
وأنواعجا ،وعالقة الضريح باجملال السوسيولوجي ،واستعرضت اهلدف من زيارهتا واليت مل ختتلف كثريا عن أهداف
زيارة الزوايا ،كطلب الشفاء وربط املواثيق والعجود ،واالستخارة وركفع التظلم أو التخلص من النحس وجلب الرزق
وغريها.
آخر كفصل يف الدراسة كان حول طقوس العبور املقدسة سواء يف جمال الفرح أو القرح ،إذ تعامل جمتمع املغرب
األوسط مع هذه الطقوس بكثري من العناية واالهتمام ،حىت أن بعض املمارسات وصلت حد القداسة أي ال
ميكن املساس هبا أو الطعن كفيجا ،لذا جاء الفصل الثالث بعنوان" :انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية" كفكان
د
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
املبحث األول حتت مسمى" :الحقل الطقوسي بالمغرب األوسط" ،والذي حوى أهم الطقوس االحتفالية
املقدسة بدءاً بشجر رمضان ،وبعده االحتفال بعيد الفطر وموكب احلج مرورا بعيد األضحى وطقوس األضحية،
وهي شعائر دينية األصل كفيجا القداسة ،لكن ما يجمنا هو ما صاحبجا من طقوس ،دون أن ننسى املكانة اهلامة
اليت احتلجا االحتفال بعاشوراء كزمن متجدد ،وختاما املولد النبوي كأهم احتفال مقدس يف جمتمع املغرب
األوسط ،إذ تناكفس يف إقامته السالطني والعامة على حد سواء.
كان املبحث الثاين حتت عنوان" :دورة الحياة وطقوسها" ،كفاملناسبات املختلفة اليت عاشجا سكان املغرب
األوسط ال تقل أمهية عن املناسبات واملواسم الدينية ،كفقد تعامل معجا الناس بنوع من التقديس واإلجالل كمناسبة
الوالدة والعقيقة ،واالحتفال باخلتان كرمز الكتمال الذكورة وغريها.
يف آخر مبحث من الفصل الثالث حبثت يف ":الموت وطقوس الجنازة" كأهم طقس عبور شغل ذهنية جمتمع
املغرب األوسط ،من خالل التنبؤ حبدث املوت والتحضري له ،وما خيلفه من أثر يف نفسية الناس ،بداية بأسباب
كثرة املوت يف املغرب األوسط ،مرورا برحلة العبور والطقوس اجلنائزية وصوال إىل هناية احلداد ،وما يتبعجا من
ممارسات كطقس السبوع وأربعينية امليت ،وشيوع ظاهر تقديسجم لقبور موتاهم واعتقاد بعضجم يف قدرة
الصلحاء على التكلم مع املوتى.
الخاتمة:
خلصت إىل خامتة ضمنتجا أهم النتائج اليت توصلت إليجا بعد استكمال الدراسة ،مذيلة مبالحق وكشاكفات وقائمة
البيبليوغراكفيا املعتمدة يف األطروحة.
و /الدراسة النقدية للمصادر والمراجع:
قبل رصد أهم املصادر اليت اعتمدت عليجا يف هذه األطروحة ،وجب التنويه إىل اندثار بعض املصنفات اليت
تعود لزمن الدراسة ،1واليت مل يصلنا منجا سوى عناوينجا وجاء ورودها عرضا يف بعض املصنفات األخرى ،ومع
هذا كفاملتتبع للمصادر اليت اعتمدت عليجا يف اجناز هذه الدراسة ،جيدها متنوعة ومتباينة يف طريقة عرضجا ملوضوع
املقدس يف املغرب األوسط حبسب توججاهتا ،كفمنجا ما هو خاص بالتاريخ االجتماعي وكتب التاريخ العام،ومنجا
ذ
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما تلعق بالسري والرتاجم وكتب املناقب ،1والتصوف وكتب الرحالت واجلغراكفيا واملدونات النوازلية وغريها،
واقتصرت على ذكر أمهجا مراعية جماالت االستفادة منجا يف ظلتعدد مستويات القراءة هلذه الوثائق ،كما ال يفوتين
أن أنوه إىل استفاديت من جمموعة ال باس هبا من املراجع على اختالف أصناكفجا ،ذلك أهنا أمدتين مبعلومات
وقراءات خمتلفة حول موضوع البحث كما سامهت يف إخراج األطروحة بشكلجا احلايل.
/3المصادر:
من مجلة املصادر اليت عملت عليجا واليت تفاوتت يف درجات اإلكفادة حول موضوع "املقدس يف ذهنية ساكنة
املغرب األوسط بني املعتقدات والطقوس (ق9-7هـ /ق21 -22م)"أذكر:
أوال :كتب المناقب:
وردت أصناف كتب املناقب يف مناقب األولياء واملتصوكفة والسالطني ،واعتربت من املصادر األساسية بالنسبة هلذه
الدراسة ،ألهنا كشفت عن بعض املمارسات والطقوس املقدسة باملغرب األوسط ،كفضال على كشفجا عالقة
املتصوكفة والفقجاء يف تفاعلجم مع بعض املقدسات السائدة يف جمتمع املغرب األوسط ،خاصة تلك اليت تعود
جبذورها إىل ما قبل إسالم سكان املغرب.
كتب المناقب السلطانية: أ-
أبو العباس أمحد بن أيب زرع الفاسي (ت720هـ 2227 /م) يف كتابه :األنيس المطرب بروض القرطاس في
أخبار المغرب وتاريخ مدينة فاس ،2اهتم الكتاب بتاريخ املغرب األقصى منذ القرن(1هـ /ق1م) حىت وكفاة
املؤلف ،ويظجر الكتاب ميوله حنو بين مرين ،كفجو هدية لتاسع سالطني بين مرين أيب سعيد عثمان الثاين
(ت722هـ2220/م) ،ورغم هذا أكفادين يف معركفة أوضاع املغرب األوسط وما تعرض له من أزمات أثرت على
احلياة االجتماعية لساكنته ،وبالتايل أثرت على شيوع الذهنية االتكالية والعجز يف مواججة هذه األزمات ،واللجوء
إىل التفسريات امليتاكفيزيقية واخلراكفية ،والتعلق بكل ما من شأنه ختليصجم من أوضاعجم خاصة األولياء ،وركفع
مكانتجم وااللتجاء إليجم وتقديسجم.
ر
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيب زكريا حيي بن خلدون (ت710هـ2271 /م ) :اعتمدت على مؤلفه "بغية الرواد في ذكر الملوك من بني
عبد الواد" ،الكتاب يتكون من جزأين ،اجلزء األول 1حتدث عن تلمسان واملغرب األوسط منذ الفتح إىل سنة
(712هـ 2212 /م) ،متضمنا وصف تلمسان وأصل بين عبد الواد وتأسيسجم دولة هلم متخذين من تلمسان
عاصمة هلا ،واجلزء الثاين2بدأ من استالم السلطان أبو محو موسى الثاين احلكم سنة (700هـ 2219 /م ) حىت
مقتله سنة (710هـ 2271 /م) ،مفصال األحداث يف تلمسان واملغرب األوسط ،وخصصه ملناقب وأعمال
السلطان أبو محو موسى الثاين (792-700هـ2219-2217/م) ،لكن املنجج ظل يف املدح واإلطناب
والتعميم،ومع هذا أكفاد الكتاب البحث كثريا ،ألن مؤلفه اشتغل يف البالطات الثالث بدءا بالبالط احلفصي سنة
717هـ2210/م ،مث شغل منصب كاتب السر لدى السلطان أبو محو موسى الثاين (792-700هـ-2217/
2219م) سنة 709هـ2207/م ،مث انتقل إىل البالط املريين ،ليعود إىل بالط أبو محو سنة 770هـ2272 /م،
وقد استفاد منه البحث يف رصد احلياة االجتماعية والدينية وأهم املقدسات واملمارسات اليت كان يوليجا السالطني
عناية خاصة ،واليت حضر وشارك يف معظمجا ال سيما االحتفالية منجا.
ابن مرزوق أبو عبد اهلل حممد اخلطيب (ت712هـ2279/م) ،شغل منصب خطيب وكاتب ومستشار وسفري يف
بالط الدولة املرينية ،وله مؤلفني مها "المناقب المرزوقية" 3و"المسند الصحيح الحسن" ،4ألف ابن مرزوق
"المسند" بداكفع الشكر والتقدير واالمتنان لبين مرين ،حيث خصه للكالم عن السلطان املريين أيب
احلسن(729-722هـ2221-2222/م) ،وذكر كفضائله وخصاله والثناء عليه يف مزاياه الروحية ،وكذا سريته مع
رعيته وما قدمه هلم من خدمات كفضال عن اجنازاته.
مؤلفات ابن مرزوق من أهم املصادر اليت واكبت املوضوع ،كفقد تناول مظاهر احلياة االجتماعية واالقتصادية ،وقد
متيز "المسند الصحيح" بأنه أرخ للجانب املعماري باملغرب األوسط خاصة املدارس واجلوامع والربط والزوايا
واألضرحة ،كفقد خصص الباب التاسع والثالثون من مسنده للكالم عن الربط اليت أنشاها السلطان أبو
احلسن(729-722هـ2221-2222/م) ،أما الزوايا كفقد أكفرد هلا الباب الواحد واألربعون وحتدث كفيه عن زيارة
ز
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
األولياء ،وما يؤخذ على مؤلفه "المسند الصحيح" أنه مليء باإلطناب واملبالغات إلبراز مزايا أيب احلسن املريين
(729-722هـ2221-2222/م).
أما "المناقب المرزوقية" اليت أهنى كتابتجا سنة (702هـ2202/م) ،كفقد تضمنت تأثري اجملاعات واألوبئة
خاصة الطاعون األسود (729هـ2221/م) ،أو الطاعون اجلارف كما أمساه عبد الرمحان ابن خلدون(ت-101
،)2201على البنية االجتماعية والدميغراكفية ،وبروز الويل يف صورة املنقذ صاحب الكرامات واخلوارق ،والتجاء
الناس إليه وركفعجم له درجة القداسة.
زهر البستان في دولة بني زيان (793-701هـ3100-3111 /م) ،عاش مؤلفه يف بالط السلطان أبو محو
موسى الثاين (792-700هـ2219-2217/م) ،وهو السفر الثاين أرخ كفيه صاحبه ألربع سنوات من تاريخ
البالط الزياين وهي الفرتة املمتدة من -700إىل 702هأ املواكفقة ل 2202-2219م ووجه االستفادة منه قليل
مقارنة بغريه كونه حتدث عن اجلانب العسكري أكثر.
التنسي أبو عبد اهلل حممد بن عبد اهلل (ت199هـ2292/م) ،1حتدث عن تاريخ الدولة الزيانية باملغرب األوسط،
املؤلف عمل يف القصر الزياين داخل
من خمتلف النواحي يف كفرتة القرن التاسع هجري /اخلامس عشر ميالدي ،و َ
تلمسان ،وأظجر ميوال حنو السلطان الزياين حممد املتوكل( 172-100هـ2201-2201/م) ،جاء الكتاب يف
مخسة أبواب ومقدمة وخ امتة ،وأرخ ملدة تزيد عن سبعني سنة من عمر الدولة الزيانية حاضرة املغرب األوسط،
اعتمد كفيه التنسي على السرد التارخيي ،ومييل التنسي يف مؤلفه إىل تسجيل املالحظات الشخصية والروايات
املتداولة حول احلكام ،كفجو قريب من "اللمحة البدرية" البن اخلطيب ( ت770هـ2272/م) و"بغية الرواد"
ليحي ابن خلدون( ت710هـ2271/م) ،واملتصفح "لنظم الدر" يقف على الكم اهلائل من املعلومات الدقيقة
املتعلقة مبلوك بين زيان من مولد ،وكفاة ،مدة احلكم ،اللباس ،ومجيع األعمال اليت قام هبا امللوك الزيانيني وإن
صغرت ،ومنه معركفة كيف تعامل سالطني املغرب األوسط مع كرامات األولياء وأهم الطقوس اليت قاموا هبا يف
املناسبات واألعياد املقدسة ،ويف املقابل يتضح التقصري الكبري يف ذكر باقي كفئات اجملتمع ،وهو ما صعب عملية
التقصي حول ظاهرة املقدس لدى باقي تراتبيات اجملتمع.
كتب المناقب الصوفية : ب-
تعد كتب املناقب الصوكفية حقال خصبا للوقوف على الشخصيات األوليائية يف املغرب األوسط ،وتطرقجا
لألحوال املعاشية ودور األولياء والصلحاء واملتصوكفة وغريهم ممن عركفوا بالزهد والصالح ،يف دعم كفكرة "الكرامة"
-1تاريخ بين زيان ملوك تلمسان مقتطف من كتاب نظم الدر والعقيان يف بيان شرف بين زيان ومن ملك من أسالكفجم كفيما مضى من الزمان ،تح:
حممود بوعياد ،اجلزائر :املكتبة الوطنية اجلزائرية .2911 ،
س
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و"البركة" وتبنيجا يف اجملتمع ،وكذا املمارسات املصاحبة لطقوس الزيارة والتربك بالزوايا واألضرحة ،ورصد أهم
املقدسات اليت وجدت يف جمتمع املغرب األوسط ،ومن هذه املصنفات املناقبية أذكر:
ابن قنفذ أبو العباس أمحد بن حسن بن علي اخلطيب القسنطيين (ت120هـ2201/م) مؤلفه حتت عنوان :أنس
الفقير و عز الحقير ،1وهو عبارة عن رحلة زيارية إىل املغرب األقصى بدأت سنة (702هـ2271/م)،مجع كفيجا
ابن قنفذ بني كفن الرحلة والرتاجم الصوكفية ،كما ترجم كفيجا للعديد من متصوكفة املغرب األوسط ،وذكر معايشته
جملاعة عظيمة عمت املغرب ككل سنة (770هـ2271 /م) ،وكان وقتجا بالعباد يف تلمسان لزيارة ضريح أيب
مدين شعيب (ت192هـ2291/م) ،يف طريقه راجعا من كفاس إىل قسنطينة ،حيث كفصل يف ذكر هذه اجملاعة
ومظاهرها االقتصادية واالجتماعية ،وتأثريها على تدين املستوى املعيشي باملغرب األوسط ،وتغري ذهنية ساكنته
كفيما تعلق بظاهرة املعتقدات الغيبية واملمارسات الطقوسية ،وابن قنفذ أشار من خالل هذا الكتاب إىل ما شاهده
من سري عن رجال التصوف ودورهم وتكاكفلجم جتاه الفئات الفقرية واملجمشة من اجملتمع ،وجيب التنويه إىل أن ابن
قنفذ نقل عن التشوف البن الزيات (ت 017هـ2120/م) ستني مرة.
حممد بن صعد األنصاري التلمساين (ت902هـ2290/م) ،روضة النسرين في التعريف باألشياخ األربعة
المتأخرين ،2ألفه بطلب من السلطان حممد املتوكل ( 172-100هـ2201-2201 /م)ترجم كفيه للمتصوكفة
من أولياء املغرب األوسط ،وأمهيته تكمن يف إشارته املتعلقة بدور العلماء والصوكفية يف معاجلة أزمات اجملتمع،
وموقفجم من بعض املمارسات والبدع اليت سادت اجملتمع.
ثانيا :كتب التاريخ العام والحوليات:
تكمن أمهية كتب التاريخ العام واحلوليات ،كفيما هلا من دور هام يف استجالء تاريخ املغرب األوسط ،كما أمدتنا
بزمنية األحداث والوقائع ،وهو ما مسح بتتبع أهم املتغريات السياسية والتارخيية والذهنية اليت شجدها جمتمع
الدراسة ،وتأثريها على مقدساته ويف ذهنياته وسلوكياته.
عبد الرمحان ابن خلدون (ت101هـ 2201 /م)يف كتابه "المقدمة"،3إن الرتكيز على ما جاء به ابن خلدون يف
املقدمة خاصة حول صناع املعاش ،أعطانا كفكرة أوضح حول موضوع السحر واالعتقاد يف معركفة الغيب ،وجتدر
اإلشارة أنه من الصعب دراسة أي موضوع تارخيي أو سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي عن الفرتة الوسيطة ببالد
املغرب اإلسالمي ،دون الرجوع ملؤلفات ابن خلدون خاصة "المقدمة" ،واليت تعد موسوعة شاملة ملا تضمنته من
نشر :حممد ،الفاسي و أدولف ،كفور ،الرباط :منشورات املركز اجلامعي للبحث العلمي2901 ،م. -1
-2تح :حيي ،بو عزيز ،ط ،2اجلزائر :منشورات ديوان املطبوعات اجلامعية1001 ،م؛ وله مؤلف آخر هو النجم الثاقب كفيما ألولياء اهلل من مفاخر
املناقب ،تح :حممد ،أمحد الديباجي ،ط ،2بريوت :دار صادر1022 ،م.
-3بريوت :منشورات دار ومكتبة اهلالل للطباعة والنشر 2990،م.
ش
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع ،خاصة املتعلقة بأخالق األمم والعوامل املؤثرة كفيجا ،واليت تنعكس على ذهنايتجم وحصرها يف تأثري اهلواء
وأحوال العمران يف اخلصب واجلوع ،وهو ما المسناه حقيقة من خالل هذه الدراسة خاصة زمن اجلوائح
والطواعيني ،وتغيري ذهنية جمتمع املغرب األوسط إىل ذهنية استسالميه اهنزامية اتكالية ،تلجأ إيل االستعانة مبعركفة
الغيبيات وقراءة الكف وضرب الرمل وغريها من الطرق ،باإلضاكفة إىل االعتقاد يف قدرة األشخاص املقدسني يف
إزالة النحس ومعركفة الغيب.
رحلة ابن خلدون :1إن هذا الكتاب يف احلقيقة ال ميثل مصنفا جغراكفيا من منط الرحلة ،بل هو ترمجة لسرية حياة
صاحبه بقلمه بكل ما حيمل هذا اللفظ من معىن ،أكمل خطاطته سنة (107هـ2202/م) أمساه " التعريفات
بابن خلدون" ،ويف هذا الكتاب تناول صاحبه أوضاع بالد املغرب اإلسالمي يف القرن الثامن للججرة /الرابع عشر
للميالد ،وهي األوضاع اليت كان نفسه شاهدا عليجا وطركفا كفاعال كفيجا ،وأكفادين هذا الكتاب كونه حوا أخبار عن
اجلوائح منجا الطاعون اجلارف (710-729هـ2229-2221/م) وأمساه "النكبة" ،والذي كان سببا يف تغيري
الكثري من املعتقدات والذهنيات ،وأبرز إىل السطح معتقدات ومقدسات ال متت لإلسالم بصلة ،وملا نزل بقلعة
ابن سالمة عكف على تأليف هذا الكتاب ،وقد كفرغ من مقدمته إىل أخبار العرب والرببر وزناتة ،وتشوف إىل
مطالعة الكتب والدواوين اليت ال توجد إال باألمصار ،بعد أن أملى الكثري من احلفظ وأراد التنقيح والتصحيح على
حد تعبريه.
ولعبد الرمحان ابن خلدون (ت101هـ2201 /م) كتاب آخر أمساه :كتاب العبر ،2يتكون الكتاب من سبعة
أجزاء ،وهو كتاب شامل لتاريخ البشرية ككل ،وإن كان يطغى عليه اجلانب السياسي والعسكري ،إال أنين
استفدت منه الحتوائه معلومات عن املغرب األوسط واحلياة االجتماعية به ،وتعود أمهيته لكون مؤلفه رصد لنا
صارات املتكررة من طرف املرينيني ،ومدى تأثريها على ذهنيته وتفكريه حول ِ
أوضاع جمتمع املغرب األوسط يف احل َ
بعض املعتقدات واملقدسات ،خاصة يف اجلزأين السادس والسابع كوهنما خمصصان لتاريخ املغرب اإلسالمي.
ثالثا :كتب الجغرافيا والرحالت:
تعد كتب اجلغراكفيا والرحالت من املؤلفات كفائقة األمهية ألهنا تكاد تكون متخصصة يف اجلغراكفيا البشرية ويف
معاش األمم ،ومتثل رصيدا غنيا باملعلومات التارخيية واألوصاف الدقيقة املتناثرة ،وهذا بسب املشاهدة واخلربة
الشخصية اليت يتمتع ويتميز هبا الرحالة واجلغراكفيون ،وهو ما جعل من هذه املصنفات خصبة من حيث املنجج
-1التعريف بابن خلدون و رحلته غربا و شرقا ،ط ،2تع :حممد ،بن تاويت الطنجي ،بريوت :دار الكتاب العلمية1002 ،م.
-2العرب و ديوان املبتدأ و اخلرب يف أيام العرب و العجم و الرببر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكرب ،مر :سجيل زكار ،بريوت :دار الفكر للطباعة
و النشر1020 ،م 7 ،أجزاء.
ص
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
األنثربولوجي يف دراسة الشعوب والثقاكفات اإلنسانية ،وتتبع العادات والتقاليد واملمارسات واملقدسات بشكل
كبري ،ومن هذه الكتب أذكر.
البكري(ت217هـ2092/م) يف كتابه":المغرب في بالد افريقية والمغرب" ،1وهو جزء من كتاب
"المسالك والممالك" ،وقد أكفادين يف التعريف ببعض املناطق واملدن ببالد املغرب األوسط ،وتأكيد أن جل
اجلغراكفيني بعده كانوا ناقلني عنه ،خاصة بعد القرن 1ه22/م.
الشريف اإلدريسي (ت101هـ 2200 /م) نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق ،نشر منه هنري برييس
اجلزء اخلاص باملغرب حتت عنوان :وصف افريقية الشمالية والصحراوية،2حتدث عن خمتلف مناطق املغرب
اإلسالمي واملساكفات بينجا ،وذكر بعض عادات سكان املغرب األوسط.
العبدري البلنسي أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن علي بن أمحد بن سعود (ت بعد سنة700هـ/
2200م) 3يف رحلته املوسومة كذلك ب "ما سما إليه الناظر المطرق في خبر الرحلة إلى المشرق" ،سجل
صاحب هذه الرحلة نقده الالذع ملختلف أوضاع املغرب األوسط ،ويعزى ذلك إىل داكفع سياسي إذ كان مشحونا
بتعاطفه مع املرينيني على حساب الزيانيني ،مما يفسر عقدته اجتاه جمتمع املغرب األوسط ،وميكن اعتبار كل ما ورد
يف رحلته هو اعرتاف ضمين على ما كفعله املرينيون من أعمال ختريبية اجتاه الدولة الزيانية ،واليت أضرت حبياة الناس
عامة بسبب العجز االقتصادي لدى الدولة واألكفراد ،وهو دليل قاطع على ما مرت به الدولة الزيانية يف املغرب
األوسط من ركود ،أثر على الذهنيات والعقليات بشكل ملحوظ ،وجعل الناس يلتجئون لتقديس بعض الطقوس
واألشخاص طلبا للرزق وتفرجيا للكروب.
"مسالك األبصار في ممالك األمصار" لشجاب الدين أيب العباس أمحد بن حيي بن كفضل اهلل العدوي
املعروف بالعمري (ت729هـ2229/م) ،4اهتم بأهم حواضر املغرب األوسط خاصة تلمسان خالل كفرتة تبعيتجا
لبين مرين سالطني املغرب األقصى ،ونقل لنا صورة اجملتمع يف ظل هذه التبعية.
رحلة عبد اهلل ابن الصباح املدجن "أنساب األخبار وتذكرة األخيار" 5زار وهران وجباية وقسنطينة
وعنابة ،دخل تلمسان أثناء حكم السلطان أيب زيان الثابيت (102-790هـ2291-2292/م) ،ووصف
تلمسان وأهلجا وعاداهتم وصفاهتم وأخالقجم ،وبالتايل معتقداهتم وطقوسجم وممارساهتم املقدسة.
-1أبو عبيد اهلل بن عبد العزيز البكري (ت217هـ2092/م) ،تح :البارون دوسالن ،بغداد :مكتبة املثىن2901 ،م.
- 2طبعة اجلزائر2917 ،م.
-3الرحلة املغربية ،تح :علي ،إبراهيم الكردي ،ط ،1دمشق :دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع1001 ،م.
- 4تح :محزة ،أمحد عباس وآخرون ،أبو ظيب -اإلمارات العربية املتحدة ،منشورات اجملمع الثقايف ،السفر الرابع1002 ،م.
-5تح :حممد ،بنشريفة ،ط ،2الرباط -املغرب :دار أيب الرقراق1001 ،م.
ض
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبو احلسن علي بن حممد القرشي القلصادي(ت192هـ2210/م) ،1أقام القلصادي بتلمسان مثانية
سنوات يف طريقه إىل احلجاز ،وسبع أشجر يف طريق عودته إىل األندلس ،ووصف املراكز اليت مر هبا ،متيز أسلوبه
باإلجياز كفال يتوسع يف ذكر األحداث ،ويف خصائص البالد اليت يزورها ،أما التسمية األصلية للرحلة كفجي" :تمهيد
الطالب ومنتهى الراغب إلى أعلى المنازل والمناقب" ،والرحلة هي رحلة حجازية أدبية ضمنجا احلديث عن
املراكز اليت مر هبا وأقام كفيجا ،عرب مركفأ املنكب كفوهران كفتلمسان سنة (121هـ2222 /م) ،ونفس الشيء يف
طريق العودة إذ كان بتلمسان يف ( 29مجادى الثانية 112هـ) ،ومنه كفاملعلومات اليت حوهتا رحلته هلا قيمة كبرية
يف رصد احلياة االجتماعية والدينية مبختلف مدن املغرب األوسط ،باإلضاكفة إىل رصده أهم كفقجاء ومتصوكفة
وأولياء املغرب األوسط ،وذكر حياهتم وعلمجم وكفقججم وحىت جنائزهم وأماكن دكفنجم ،واليت كان حاضرا يف الكثري
منجا.
الوزان احلسن بن حممد الفاسي (ت919هـ2112/م) 2وكتابه الذي يتكون من جزأين ألفه باللغة
اإليطالية هدية للبابوية سنة (922هـ 2110 /م) ،والذي ترجم إىل الفرنسية ونقله إىل العربية األستاذ حممد
حجي ،وتشمل هذه الرحلة على ثالثة كتب رئيسية موزعة على تسعة أقسام ،هبا وصف شامل ملعامل مشال إكفريقيا
من املغرب إىل مصر ،ومن سواحل املتوسط وصوال إىل أعماق السودان ،ومن بني ما وصفه مملكة تلمسان
عاصمة املغرب األوسط ،ومدهنا كندرومة وأرشقول ووهران وغريها ،وحيتوي على معلومات ليست كثرية من
الناحية الكمية لكن هلا قيمة معركفية مجمة جدا ،وتعود أمهية الكتاب إىل كونه جغراكفيا وتارخييا ومؤلفه زار مدينة
تلمسان سنة (912هـ2121/م) وعاش كفرتة يف قصور سالطينجا ،وجتول يف أحيائجا وأسواقجا ورصد أخالق
جمتمع املغرب األوسط وممارساهتم وعاداهتم ومعتقداهتم ومقدساهتم ،كفكتابه ذو طابع أنثربولوجي ،برز يف اهتمامه
بوصف احلياة اليومية وطبائع الشخصيات وأمناط السلوك والقيم للمجتمعات اليت مر هبا.
رابع :كتب الحسبة :
يعد كتاب حممد العقباين التلمساين(ت172هـ2200/م) ،3أهم مصنف يف خطة احلسبة يف املغرب
األوسط ،اقتصر يف أغلب املواضيع اليت طرقجا على الناحية النظرية ،كفلم يذكر إال أمثلة قليلة من الواقع رصد كفيجا
أوضاع خطة احلسبة وتعامل احملتسب ،خاصة وأنه كفقيه أورد العديد من الفتاوى واألحكام املتعلقة باملمارسات
والطقوس املبتدعة ،واألمر باملعروف والنجي عن املنكر.
-1رحلة القلصادي ،تح :حممد ،أبو األجفان ،تونس :الشركة التونسية للتوزيع2971 ،م.
- 2وصف إكفريقيا ،تر :حممد ،حجي وحممد األخضر ،ط ،1بريوت :دار الغرب اإلسالمي2912 ،م ،جزءان.
-3أبو عبد اهلل ،حممد بن أمحد بن قاسم بن سعيد العقباين (ت 172هـ 2207/م) :كتاب حتفة الناظر وغنية الذاكر يف حفظ الشعائر وتغيري املناكر،
تح :علي ،الشنويف ،دمشق -سوريا :معجد الدراسات الشرقية2907،م ،مج.7
ط
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خامسا :كتب التراجم والفهارس:
هتتم كتب الرتاجم والفجارس والطبقات حبياة العلماء والفقجاء واملتصوكفة واألولياء والصاحلني ،وترصد احلياة
االجتماعية للمجتمعات من حيث عاداهتا وتقاليدها وذهنياهتا وسلوكياهتا ومستواها املعيشي ،وموقفجا من بعض
املعتقدات والطقوس اليت مت تقديسجا يف جمتمع املغرب األوسط ،وخاصة تلك اليت ال متت لإلسالم بصلة ،وهذا
راجع للعدد اهلائل من الشخصيات الواردة يف منت هذه املصنفات ،وهوما نتج عنه صعوبة يف استخراج املادة
التارخيية اليت ختدم موضوع البحث ،ما استدعى التدقيق الكامل يف كل الشخصيات الواردة ،وما يعاب على كتب
الرتاجم والفجارس ذكرها بإطناب لبعض املرتجم هلم دون سواهم ،وإغفال اإلشارة إىل احلياة االجتماعية ألصحاب
الرتاجم.
ابن الزيات أبو يعقوب يوسف بن حيي بن عيسى بن عبد الرمحان التاديل (ت021هـ2110 /م)،1رصد
واقع حياة احلركة الصوكفية يف املغرب اإلسالمي يف القرنني (7-1هـ22-22 /م) ،وترجم ملائتني وستة وسبعون
صوكفيا ،أشار ضمنجا إىل ممارسة املتصوكفة زمن اجلوائح والطواعني .
القاضي أيب العباس أمحد بن أمحد الغربيين (ت702هـ2202 /م) ،2وهو أضخم كتاب متخصص يف
ترمجة علماء املغرب األوسط خالل (ق7هـ22 /م) ،عركفنا ببعض املتصوكفة التلمسانيني الذين عاشوا يف ق 7هـ
22/م وبعض مواقفجم من السلوكات االجتماعية السائدة يف ذلك العصر.
ابن مرمي أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن أمحد التلمساين (ت2022هـ2001/م) ،صاحب "البستان"،
ترجم كفيه لعدد من صلحاء تلمسان وعلمائجا وأوليائجا ،وبلغ عدد املرتجم هلم يف مصنفه 211شخص ،عاشوا
يف بالط الدولة الزيانية باملغرب األوسط ،وكان هلم إسجامات كبرية يف خمتلف النواحي خاصة يف اجملال
االجتماعي ،إال أن ابن مرمي مل يذكر لنا بعض األدوار اليت قام هبا بعض العلماء واألولياء اجتاه الفقراء واملجمشني
واملستضعفني ،كما مل يرتجم ألي امرأة يف تغييب كلي لدور النساء ومكانتجن حىت من وصلت منجن إىل لدرجة
الوالية والصالح ،وما يؤخذ على "البستان" كذلك أن الكرامات واملناقب الواردة كفيه هبا الكثري من املبالغة وذكر
اخلوارق والعجيب.
التشوف إىل رجال التصوف وأخبار أيب العباس السبيت ،تح :أمحد التوكفيق ،ط ،2الرباط -املغرب :منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ، -1
1020م .
-2عنوان الدراية كفيمن عرف من العلماء يف املائة السابعة ببجاية ،تح :حممد بن أيب شنب ،ط ،2اجلزائر :دار البصائر1007 ،م.
ظ
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثبت البلوي الوادآشي( 1ت921هـ2121/م) ،عاش بتلمسان سنتني من (190-192هـ-2211/
2290م) زمن السلطان الزياين حممد الثابيت املتوكل (920-172هـ2101/2201/م) ،ذكر سند السبحة
واللقمة واملصاكفحة والرؤى واألحالم.
سابعا :كتب النوازل:
مل هتتم كتب النوازل بتحديد زمن النازلة وال املكان الذي جاءت منه ،وهو عيبجا لكن ال غىن عنجا يف هكذا
مواضيع،كفالنوازل الفقجية تشكل مادة مصدرية هامة للمؤرخ ،ألن الفقجاء اهتموا بالفتاوى حلل املشكالت اليت قد
تعرقل حسن التصرف يف سري احلياة العامة ،وعلى الرغم من ارتباط هذه الوثائق – النوازل-بالكثري من النواحي
الفكرية واالقتصادية واالجتماعية كفإهنا مل حتظ بدراسة شاملة،2وجتدر املالحظة إىل أن قيمة النوازل كمصدر
للتاريخ االجتماعي ،راجعة لكوهنا ت تضمن مسائل حتدثت عن حياة الناس وواقعجم املعاش على بساطتجا ،وهو ما
نقل لنا صورة حقيقية غري مبالغ كفيجا عن واقع جمتمع املغرب األوسط سواء يف املدن أو البوادي.
وبناء عليه أقول أن البحث عن موقف اجملتمع من الطقوس واملعتقدات اليت اكتسبت صفة القداسة يف جمتمع
املغرب األوسط ،وسيطرت على تفكريه وأثرت يف ذهنيته ،يتطلب االعتماد على املصادر اليت تناولت احلياة اليومية
يف املنطقة ،وهي عملية صعبة جدا ومن هنا يفرض العمل العودة إىل نوع مغمور من املصادر ،وهي مصادر
التشريع واملؤلفات القانونية اليت تعرف يف العامل اإلسالمي بكتب النوازل أو الفتاوى ،وهي أساسا عبارة عن آراء
كفقجاء الفرتة موضوع البحث ،واليت سنعاجلجا يف القضايا املطروحة عليجم من أجل إبداء احلكم الشرعي كفيجا،
مبعىن أن مادة التاريخ االجتماعي يف املغرب اإلسالمي وباألخص املغرب األوسط ،احتضنتجا وتضمنتجا مؤلفات
الفقجاء سواء كانت"كتب أحكام "أو" كتب نوازل " واليت تعاجل يف جمموعجا العام أحكام الشريعة اإلسالمية
وأراء الفقجاء والنخبة العلمية يف حل القضايا الدينية واالجتماعية اليومية على تنوعجا واختالكفجا.
نوازل الونشريسي أمحد بن حيي (ت 922هـ2101/م) ،3تكمن أمهية هذه املدونة الفقجية إلهتمامات
بالناحية الدينية واالجتماعية للمغرب اإلسالمي ككل خالل الفرتة الوسيطة ،وقام الونشريسي جبمع كفتاوى الفقجاء
الذين سبقوه وحىت املعاصرين له ،خاصة كفتاوى املرازقة والعقباين(ت172هـ2200/م) ،احتوت هذه املدونة عددا
هائال من الفتاوى واليت شكلت مادة خصبة وثرية أكفادتين كثريا يف معركفة موقف الفقجاء املالكية من املعتقدات اليت
- 1أبو جعفر ،البلوي :ثبت البلوي :تح :عبد اهلل العمراين ،ط ،02بريوت :دار الغرب اإلسالمي2912 ،م.
أشار صاحل بن قربة إىل أن النوازل الفقجية مل توظف كما جيب ،ودعا إىل إعادة النظر كفيجا واستنطاقجا مبا خيدم البحث التارخيي .تاريخ اجلزائر، -2
ص.111
-3املعيار املعرب واجلامع املغرب عن كفتاوى علماء إكفريقية واألندلس واملغرب ،تح :حممد حجي ،بريوت :دار الغرب اإلسالمي2912 ،م.
ع
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تبنتجا بعض الفئات الدنيا من جمتمع املغرب األوسط ،وججلجا ألمور الدين والشرع،وهو ما مكنين من تتبع
السلوكات واملمارسات الواقعة يف نصوص النوازل.
وتزداد أمهية "المعيار" كفيما يوكفره للمؤرخني والباحثني من رصيد هام من املعلومات يف هذا احلقل من الدراسات
اخلاصة مبجتمع املغرب اإلسالمي ،واليت من شأهنا أن تفتح آكفاقا جديدة للبحث وجتاوز مواضيع التاريخ احلَ َدثِي،
واالهتمام بأحوال اجملتمع مبختلف تشكيالته وطبقاته ،وليس الرتكيز على تسلسل الدول وتعاقب احلكام وهو ما
كفرضته األستوغراكفيا التقليدية.
أبو زكريا حيي بن موسى بن عيسى املغيلي املازوين (ت112هـ 2271/م) ،1مجع املازوين يف موسوعته
كفتاويه باعتباره أحد القضاة ،إضاكفة إىل كفتاوى كثرية من كفقجاء املغرب اإلسالمي ،وتضمنت هذه املدونة العديد من
الفتاوى اخلاصة باملغرب األوسط ،واليت أكفادتين كثريا يف احلديث عن أوضاع الفئات الضعيفة بتلمسان ،كما زودتين
مبادة واكفية عن بعض التدابري امليدانية اليت قام هبا الفقجاء جتاه الفئات املخصوصة زمن احملن والشدائد ،وهو ما
جعلجم مبنأى عن االعتقاد يف حتكم العوامل امليتاكفيزيقية يف سريورة األحداث اليومية.
/ 0المراجع:
تبني يل بعد كفحص املراجع املتنوعة أن املوضوع مل حيظ باالهتمام الالزم ،ذلك أن معظم الباحثني الذين تناولوا
موضوع "المقدس" هم أنثروبولوجيون ،بينما املؤرخون مل يولوا كثري عناية هبذا املوضوع قدر اهتمامجم بالتاريخ
السياسي والعسكري ،ويعود ذلك بدرجة كبرية لطابع التعتيم الذي ساد املدونة الوسيطة ،ومنه كفإن بعض
الدراسات التارخيية احلديثة أشارت إىل الظاهر من هذا النص دون مراعاة خلفاياه ،وبالتايل طبعت املوضوع بالطابع
الشمويل يف تناوله املوضوع "المقدس في ذهنية ساكنة المغرب األوسط بين المعتقدات والطقوس (ق 9-7هـ
/ق31 -31م )" ومنه كفالدراسات تكاد تكون منعدمة ،إال ما جاء عرضا يف بعض الكتب ويف جزئيات قليلة
منجا ،عند احلديث عن العادات والتقاليد ،كفاملوضوع مل حيظ يف تقديري بالتفاتة علمية تذكر من قبل الباحثني
واملجتمني بالتاريخ الديين واالجتماعي للمغرب األوسط يف باب املعتقدات والطقوس ،من خالل دراسته دراسة
مستقلة تستويف مجيع الشروط ،باستثناء بعض اإلشارات أثناء احلديث عن تاريخ جمتمع املغرب األوسط بصفة
-1الدرر املكنونة يف نوازل مازونة ،وقعت بني يدي النسخة املخطوطة لكن مل أمتكن من التعامل معجا مباشر لصعوبة قراءة اخلط ،ويف املقابل وجدت
عدة نسخ مت حتقيقجا ألجزاء من املخطوط ،إذ انفرد كل باحث جبزء معني من اخلطوط كفحقق الباحث إمساعيل بركات ،جامعة قسنطينة ،1020 ،اجلزء
املتعلق بالطجارة ،وحقق الباحث حممد رضا الكريف :دكتورا علوم يف العلوم اإلسالمية ،جامعة وهران1020 ،م اجلزء املتعلق مبسائل النكاح والنفقات،
بينما حقق الباحث كفريد قموح ،يف رسالة ماجستري ،جامعة قسنطينة1022 ،م اجلزء املتعلق باجلجاد واللعان والنذور وغريها ،أما النسخة اليت اشتغلت
عليجا كفجي من حتقيق الباحث ماحي قندوز حول مسائل الضحايا والعقيقة ،دكتورا علوم إسالمية ،جامعة منتوري قسنطينة1022 ،م.
غ
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عامة ،1وقد يفسر هذا اإلقصاء من دائرة اهتمامات الباحثني واملؤرخني بشح املادة التارخيية يف املقام األول لذا
أمهلت املوضوع ،ومع هذا كفإن بعض الدراسات اجلادة اليت عدت إليجا مجمة على مستوى التنظري للموضوع وكذا
على مستوى املنجج ،وتكمن أمهية املراجع املعتمدة يف هذه الدراسة يف معركفة املقدس يف البنية الذهنية جملتمع
املغرب األوسط ،ولعل أمهجا على سبيل الذكر ال احلصر:
أوال :الدراسات المغربية:
جتدر اإلشارة إىل أن مؤرخي اململكة املغربية كان هلم ال سبق يف طرق هذا املوضوع وما شاهبه من املواضيع املتعلقة
بتاريخ الذهنيات واألكفكار ،ومن بني أهم الدراسات أذكر:
-دراسة رحال بوبريك 2للمقدس بصفة عامة ،وحقل القداسة عند النساء أو التصوف لدى اإلناث واملواسم اليت
تقام هلن يف كتابه "بركة النساء".
-دراسة نور الدين الزاهي 3يف كتابيه" :المقدس اإلسالمي" و"المقدس والمجتمع" ،ميكن القول بعد االطالع
على املؤلفني أنه نادرا ما جند رأي أو تعليق املؤلف اخلاص ،كفجو ناقل طرح وججة نظر كل من روجي كايوا وإلياد
مارسي و إميل دوركجامي حول املقدس واجملتمع ،واملقدس اإلسالمي وقارن بينجم ،وجند يف كتابيه عنوانني خمتلفني
لكن حيمالن نفس الطرح ون فس النصوص مكررة وكفيجا تشابه تام ،ومع هذا يعد نور الدين الزاهي خبوضه غمار
البحث يف املقدس قد أسجم بشكل كبري يف إزالة اللبس حول املوضوع .
-دراسة عبد الرحيم العطري4بعنوان" :بركة األولياء" درس كفيه املقدس األوليائي ،واالعتقاد بربكة األولياء وما تعلق
هبا من كرامات يف إطار املمارسات الشعبية ،وما اقرتن هبا من ضرائحية وشعوذة ،منقبا عن الرموز والطقوس
ف
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
األنثروبولوجية ،ورغم ختصيصه "لمدينة سال المغربية" كمجال للدراسة ،إال أنه أكفادين بشكل كبري يف اجلانب
التنظريي ويف ضبط املفاهيم.
-دراسة عبد اهلل زارو 1يف كتابه "الشيخ والمريد" ،حتدث عن العالقة اجلدلية بني الشيخ واملريد ومدى قوهتا
وسطوهتا على اجملتمع ،وكيف أن مكانة الويل تكاد تكون مكانة مقدسة ال ميكن املساس هبا ،وليس من السجل
الوصول إليجا.
-دراسة عبد اهلل احلمودي ،2لطقسي "بلومان" و"بوجلود" ومها طقسان مغربيان يقام هبما بعد يومني من عيد
األضحى درسجما ومجعجما يف كتابه "الضحية وأقنعتها – بحث في الذبيحة والمسخرة بالمغارب".
-الدراسة اليت أجنزها الباحث حممد حقي يف موضوع "الموقف من الموت في المغرب واألندلس في العصر
الوسيط" ،وهو حبث ضمن تاريخ الذهنيات ويعد عمال أكادمييا مجم جدا ،ألن ما كتب عن موضوع املوت حلد
اآلن مل يتجاوز بعض املقاالت أو اإلشارات يف بعض األحباث ،وإن اهتمت بدراسة املقابر أكثر من اهتمامجا
مبوضوع املوت كمؤلفات وليام مارسي.3
-كما كان لكتاب عبد اهلادي البياض املوسوم ب "الكوارث الطبيعية وأثرها في سلوك وذهنيات اإلنسان في
المغرب واألندلس (ق 1-0هـ 30-30/م)" ،4إسجام كبري يف معركفة ذهنيات وسلوك اإلنسان املغريب أوقات
الشدة واحملن ،وبني إرجاع إنسان املغرب ألسباب الكوارث والقحوط لعوامل غيبية وميتاكفيزيقة ،وجلوئه للتقرب
لألولياء والسحرة واملشعوذين عن طريق تقدمي اهلدايا والقرابني ،بغية محاية أنفسجم وأهليجم من هذه الكوارث.
-إبراهيم القادري بوتشيش 5كان له دور كبري يف رسم معامل تاريخ الفئات املجمشة واملستضعفة ،والذي أكفادين كثريا
من حيث حتديد اخللل الذي سقطت كفيه الكتابة التارخيية اإلسالمية الوسيطة ،ورصد موقفجا من تاريخ املجمشني
يف كتابه "المهمشون في تاريخ الغرب اإلسالمي" ،6والذي يعد حجر األساس إلعادة االعتبار هلذه الفئة
- 1الشيخ واملريد -البنية املارقة ،ط ،2الدار البيضاء -املغرب :دار إكفريقيا الشرق1022 ،م.
- 2تر :عبد الكرمي الشرقاوي ،ط ،2الدار البيضاء -املغرب :دار توبقال للنشر1020 ،م.
- 3مارسي وليام :مقتنيات متحف تلمسان ،تع وتق :أرزقي شرقي ،اجلزائر :الشركة الوطنية للنشر والتوزيع1022 ،م.
-4ط ،2بريوت :دار الطليعة للنشر والتوزيع1001 ،م.
- 5جتدر اإلشارة إىل الدراسة اليت قام هبا الدكتور إبراهيم القادري بوتشيش والذي دعا من خالهلا إىل إعادة كتابة التاريخ اإلسالمي بنظرة علمية
مشولية ،وخلخلة الكتابات التقليدية وتطجري ما علق هبا من هنات وشوائب اختلقتجا التخرجيات االستعمارية املتحاملة ،وللمزيد حول رأي القادري
بوتشيش ينظر "النوازل الفقجية وكتب املناقب والعقود العدلية مصادر هامة لدراسة تاريخ الفئات العامة باملغرب اإلسالمي ( ق0-1هـ22-21/م) "،
جملة التاريخ العريب (،الرباط) ،جملد ،7ع1001/11م ،ص ص .171-127
-6ط ،02القاهرة :دار للنشر والتوزيع1002،م.
ق
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تارخييا ،واثبات مسامهتجا الفعالة يف صنع التاريخ ،عن طريق تتبع سريورة احلياة اليومية هلذه الفئات واستخالص
احلقائق واملعطيات التارخيية من خالل إعادة كتابة التاريخ ومتحيصه.
-أهم دراسة اعتمدت عليجا هي الدراسة اليت قام هبا عبد الغين منديب ،1إذ تطرق كفيجا إىل املقدسات والطقوس
واملعتقدات واملمارسات السحرية اليت سادت بالد املغرب ،واملمارسات املومسية بني الصريح واملضمر ،وكذلك
الطقوس اجلنائزية كطقوس عبور ،معرجا على السوسيولوجيا االستعمارية واستمرار أطروحة البقايا الوثنية اليت
حاولت طمس التاريخ الوطين هبدف خدمة أغراضجا االستدمارية.
ثانيا :الدراسات الجزائرية:
أما الدراسات اليت قام هبا املؤرخون والباحثون اجلزائريون يف هذا اجملال كفجي قليلة جند على رأسجا:
-دراسة نور الدين طواليب ،2الذي حبث يف إشكالية املقدس يف اجملتمع احلضري ،وإن كانت كفرتة الدراسة متس الفرتة
احلديثة بعد استقالل اجلزائر ،إىل أنه مجم جدا من اجلانب التنظريي للموضوع ،خاصة كفيما تعلق بطقوس العبور
من والدة وحج وزواج وموت وغريها.
-دراسة عبد العزيز كفياليل يف أطروحته " تلمسان في العهد الزياني -دراسة سياسية ،عمرانية ،اجتماعية،
ثقافية" 3يف الفصل الثالث من الباب الثاين من اجلزء األول ،يف حديثه عن احلياة العامة لتلمسان عاصمة املغرب
األوسط وما مشلته من عادات وتقاليد ،كفقد تطرق للحديث عن بعض الطقوس كعادة دكفن اجلنازة ،وزيارة الزوايا
واملقابر واألضرحة ،وقد أكفادين بشكل كبري يف البحث ،إذ حتدث عن العادات االجتماعية والبدع واخلراكفات
واالحنراكفات السلوكية.
-دراسة الباحث الصديق ثياقة ،كفبالرغم من كوهنا دراسة يف علم االجتماع إال أن هلا عالقة وطيدة مبوضوع البحث
يف املقدس تارخييا وأكفادتين الدراسة كثريا يف اجملال التنظريي لألطروحة.4
-الباحثة مسية مزدور يف دراستجا األكادميية حول" :المجاعات واألوبئة بالمغرب األوسط" ،1تناولت كفيجا أوضاع
املغرب األوسط زمن األزمة ،وكشفت عن العديد من املمارسات والطقوس املقدسة والقضايا اليت أنتجتجا اجملاعات
واألوبئة
- 1الدين واجملتمع :دراسة سوسيولوجية للتدين باملغرب ،ط ،1الدار البيضاء -املغرب :إكفريقيا الشرق للنشر 1020 ،م.
- 2الدين والطقوس والتغريات ،تر :حسن البعيين ،ط ،2اجلزائر :ديوان املطبوعات اجلامعية2919 ،م.
-3اجلزائر :مؤسسة الوطنية للفنون املطبعية1001 ،م،جزءان.
-4املقدس والقبيلة – املمارسة االحتفالية لدى اجملتمعات القصرية باجلنوب الغريب اجلزائري -زيارة الرقاين منوذجا -رسالة خترج لنيل شجادة دكتوراه علوم
يف علم االجتماع ،جامعة وهران ( اجلزائر)1022،م.
ك
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجتدر اإلشارة إىل أن هناك العديد من األحباث التارخيية حول املغرب األوسط تناولت أوضاعه االجتماعية
والدينية يف ثناياها ،لكن دون إشارة تذكر للمعتقدات والطقوس السائدة به ،مبا كفيجا من السلوكات االجتماعية
واليت نطمح للبحث كفيجا ،ومن هذه الدراسات نذكر ما قام به الباحث خالد بلعريب يف مؤلفه "الدولة الزيانية في
عهد يغمراسن بن زيان ( 013-011هـ ،23011-3317/خصص مؤلفه للمرحلة األوىل من تاريخ الدولة
الزيانية باملغرب األوسط ،وكذا دراسة بوعياد حممود ،بعنوان" ،جوانب من الحياة في المغرب األوسط في القرن
التاسع الهجري /الخامس عشر ميالدي3010م) دراسة تاريخية وحضارية" ،3ومؤلف حساين خمتار حتت
عنوان" :تاريخ الدولة الزيانية" 4ودراسة الطمار حممد بن عمرو،5ومؤلف دهينة عطا اهلل ،6والذي تضمن
معلومات حول تأسيس الدولة الزيانية وتعرض تلمسان للحصار ،مما مكننا من رسم صورة حول تغيري ذهنية
اجملتمع زمن احلصار واخلوف ،باإلضاكفة إىل الدراسات األثرية احمللية ،7ودراسات أخرى وإن تفاوتت درجة
االستفادة منجا مثل دراسة :بوعزيز حيي ، 8وشاوش حممد بن رمضان والغوثي بن محدان ،9وبوزياين الدراجي،10
وحاجيات عبد احلميد.11
" -1اجملاعات واألوبئة يف املغرب األوسط ( 911-111هـ2110-2291/م) " ،رسالة ماجستري يف التاريخ الوسيط ،جامعة منتوري (قسنطينة)،
1009م.
- 2خالد ،بلعريب ،الدولة الزيانية يف عجد يغمراسن بن زيان ( 012-022هـ2111-2121/م) دراسة تارخيية وحضارية ،ط ،2قسنطينة -اجلزائر:
دار األملعية للنشر والتوزيع 1022 ،م.
- 3حممود ،بوعياد :جوانب من احلياة يف املغرب األوسط يف القرن التاسع اهلجري /اخلامس عشر ميالدي ،اجلزائر :الشركة الوطنية للنشر والتوزيع،
2911م.
- 4خمتار ،حساين :تاريخ الدولة الزيانية ،ط ،2اجلزائر :دار احلضارة للطباعة والنشر والتوزيع1007،م2 ،أجزاء.
- 5تلمسان عرب العصور ودورها يف سياسة وحضارة اجلزائر ،اجلزائر :املؤسسة الوطنية للفنون املطبعية2912 ،م.
- 6احلياة االقتصادية واالجتماعية لدولة بين زيان ،اجلزائر :املؤسسة الوطنية للكتاب2912 ،م.
- Le Royaume Abdelouadide a l époque d Abou Hammou Moussa 1er et d Abou Tachefin
1er, Alger, 1985.
- 7بلوط عمر :كفنادق مدينة تلمسان الزيانية – دراسة أثرية ،ط ،2اجلزائر :مؤسسة الضحى للنشر والتوزيع1002 ،م،
-Fatima Zohra Bouzina Oufriha : Tlemcen – Capital Musulmane Le Siècle D'or du Maghreb
Central , Alger: Dalimen,2011.
- 8تلمسان عاصمة املغرب األوسط ،اجلزائر :منشورات وزارة الثقاكفة والسياحة2911 ،م؛ وكتاب موجز يف تاريخ اجلزائر القدمية والوسيطة ،ط،01
اجلزائر :ديوان املطبوعات1007 :م.
- 9باقة السوسان يف التعريف حباضرة تلمسان عاصمة دولة بين زيان ،ط ،1اجلزائر :ديوان املطبوعات اجلامعية ،جزءان2991 ،م.
- 10نظم احلكم يف دولة بين عبد الواد الزيانية ،اجلزائر :ديوان املطبوعات اجلامعية2992 ،م
- 11أبو محو موسى الثاين – حياته وأثاره -ط ،1اجلزائر :الشركة الوطنية للنشر والتوزيع2911 ،م.
ل
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثالثا :الدراسات االستشراقية:
أما كفيما خيص الدراسات االستشراقية 1االستعمارية 2حول املوضوع ،كفبغض النظر عن أهداكفجا األيديولوجية ،كفإهنا
تطرقت يف جمملجا للحديث عن البعد الوثين للمقدسات واملعتقدات واملمارسات الطقوسية يف املغرب اإلسالمي
ككل واملغرب األوسط بشكل خاص ،جمندة يف ذلك جل حبوثجا االجتماعية واالنثربولوجية متتبعة الظواهر
املقدسة واملمارسات الطقوسية يف حماولة لطمس التاريخ الوطين وتشويجه على رأسجا نذكر:
الدراسات اليت قام هبا األخوين جورج ووليام مارسيGeorges et William Marcais3واليت متت حتت
رعاية مصلحة معامل اجلزائر التارخيية ،التابعة إلدارة االحتالل الفرنسي باجلزائر سنة 2901م ،كفقد ركز كفيجا
األخوان يف على اجلانب الفين واملعماري لعاصمة املغرب األوسط تلمسان ،أعطتنا هذه الدراسة صورة تقريبية عن
النمط العمراين السائد آنذاك وعالقته بتقديس بعض األماكن دون غريها ،مثل الزاوية والضريح واملقربة واجلبل.
أما مؤلف وليام مارسي حول "مقتنيات متحف تلمسان" ،كفيعد أقدم وثيقة حول جرد مقتنيات متحف تلمسان
سنة 2191م ،كفقد جرد شواهد القبور والكتابات اجلنائزية ،ومن خالهلا ميكن التعرف على بعض الفئات
الربجوازية يف اجملتمع ،بسبب استعمال الرخام املشوي يف شواهد القبور ،كما أورد كذلك أمساء بعض النساء
الصاحلات اليت أغفلت املصادر الوسيطة ذكرهن ،وهو ما مكننا من رصد بعض األولياء من النساء باملغرب
األوسط الوسيط.
-دراسة ألفرد بل يف كتابه "اإلسالم في بالد البربر" ،كفقد حتدث عن االعتقاد بالقوة الرمزية اليت يتمتع هبا
الصلحاء وشيوخ التصوف ،وقدرهتم على منح الربكة ،وهو ما نستشفه من خالل تقريب وتقدمي السالطني
املغرب األوسط هلم ،واعتقاد العامة يف كرامتجم باستجابة الدعاء والشفاء من األمراض وغريها.
-1اإل ستشراق :هو علم تاريخ شعوب الشرق وحضارهتم ولغاهتم وآداهبم وكفنوهنم ومعتقداهتم ،نشأ بداكفع ديين يف الغرب وجعل دراساته يف خدمة
التنصري الذي مجد لالستعمار ،كفاإلستشراق يف مراحله األوىل عاش يف كنف الكنيسة ترعاه وتوججه ،إذ لعب دورا كبريا يف التحضري لالستعمار السياسي
والثقايف والعسكري ،واالستشراق الزال يعمل على الرغم من أن جاك بريك قد أدىل بتصرحيات عام 2971م أعلن كفيجا أن زمن اإلستشراق انتجى،
وتقرر أن يطلق على أي مؤمتر لإلستشراق مؤمتر العلوم اإلنسانية .شوقي ،أبو خليل :اإلسقاط يف مناهج املستشرقني واملبشرين ،ط ،1بريوت :دار
الفكر املعاصر2991 ،م ،ص.0
- 2أشار الباحث عبد الغين منديب يف كتابه سوسيولوجيا التدين باملغرب ،ط ،1املغرب :أكفريقيا الشرق1020 ،م .على ذكر العديد من رواد املدرسة
اإلستشراقية على رأسجم :ويسرتماك والفرد بل وأرنست غيلنر وغريهم.
3-Marcais, Georges :Tlemcen Viele et D’histoire, paris: éditionlaurens collection, 1950.
Marcais Georges et William : Les Monuments Arabes de Tlemcen, Paris: Albert Fontemoing
Editeur, 1903.
م
المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-روجيه كايوا يف كتابه "اإلنسان والمقدس" ،اإلشكالية الرئيسية اليت يطرحجا الكتاب هي :هل ال يزال 1
املقدس يتمتع بالسطوة عينجا ؟ وميارس حضوره السابق؟ أم أنه توارى لصاحل طرائق جديدة ابتدعجا البشر
للتعبري عن أعواضجم تلقاءها كاللعب واحلروب.
-ادموند دويت يف كتابه "اإلسالم الجزائري" ،2يف كفصول من عمله حول املقدس ،تطرق لشعائر املسلمني
وشعائر الصلحاء واألولياء والشركفاء ومعتقداهتم ،كما تطرق ملمارساهتم أثناء طقوسجم.
-أما يف مؤلفه "الدين والسحر في شمال إفريقيا" ،3كفقد خصصه للحديث عن الكرنفال يف حديثه عن بقايا
املعتقدات السحرية القدمية ،وكذا تطرق لبعض املمارسات وطقوس الطبيعة.
-وله كتاب آخر حتت عنوان" :مالحظات حول اإلسالم المغربي" ،4درس كفيه ظاهرة التدين يف املغرب
العريب ،وأنه يعتمد على الوساطة اليت أسسجا الويل الصاحل بني اإلنسان وربه ،كما حتدث عن ظجور الويل
الصاحل املعروف باملرابط ،ودوره الديين والثقايف والسياسي يف التأثري على اجملتمع املغريب ،ومن مث انتشار ظاهرة
تقديس املرابط واشتجارها يف مشال إكفريقيا ،يف إشارة إىل تقديس األولياء.
-وله مؤلف آخر تطرق كفيه لشعائر املسلمني والصلحاء واألولياء والشركفاء يدور حول (املرابطني) ،5كما أبدى
كفيه اهتمامه مبظاهر لالحتفاالت يف األعياد الدينية.
-وقد آزره يف طرحه ريين باسي يف كتابه "أبحاث حول دين البربر" ،6الذي حتدث كفيه عن اجلذور التارخيية
للتدين عند الرببر ،مبا يف ذلك عادة التقرب لآلهلة والقيام بطقوس خاصة ،حماوال إرجاعجا إىل بعدها الوثين
السحيق وهو نفس الطرح الذي تبناه مارسيل موس 7وجاك بريك 8و إميل درمنغن 9وغريهم من املستشرقني.
ويف اخلتام ال يسعين إال أن أثين الثناء احلسن على املشرف الربوكفسور مفتاح خلفات نظري دعمه ومساندته
يل ،كفجزاه اهلل عين خري اجلزاء.
-9Emile, Dermenghne,: le culte des saints dans l’islam Maghrébine, Édition Gallimard, paris,
1954.
ن
الفصل التمهيدي
المقدس بحث في الماهية والعالئق.
المبحث األول :المقدس والمدنس.
أوال :املقدس يف املدونة العربية.
ثانيا :ماهية املقدس.
/2التعريف اللغوي.
/1التعريف االصطالحي.
ثالثا :مفجوم املقدس عند علماء االجتماع وعلماء األديان.
رابعا :ماهية املدنس.
/2تعريف املدنس
المبحث الثاني :موقع الطقس في مجال المقدس.
-ماهية الطقس.
الطقس لغة.
الطقس اصطالحا.
-ماهية األسطورة.
األسطورة لغة.
األسطورة اصطالحا.
المبحث الثالث :رمزية الطقوس وعالقتها باالعتقاد.
-الرمز.
-املعتقد.
المبحث الرابع :االستشراق ومقدس االختراق.
-مؤرخو املدرسة الفرنسية ونظرية البعد الوثين ملقدسات املغرب األوسط.
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
ما من شك يف أن اإلنسان باملغرب األوسط عاش يف عامل ثنائي جيمع بني الغيبيات والواقع ،وأنه يف وجوده
كان أسريا ألساطري وحمرمات ومقدسات ومدنسات ،تناولت كل مقومات هذا الوجود ،1ومع هذا نادرا ما طرح
تساؤل حول حقيقة املقدس واملدنس يف جمتمع املغرب األوسط؟ على أي أساس أصدرنا حكما بأن هذا الشيء
مقدس أو مدنس؟ أو مبعىن آخر ،ملاذا قد يعترب مكان أو زمان مقدسا بينما غريمها يوصف باملدنس ،ما هو
مصدر حكمنا على كفعل أو طقس أو معتقد بأنه جمرد من القداسة؟
وألن الدرس املعريف احلداثي اقتحم ما كان مجمشا ومركفوضا ومسكوتا عنه ،وعجد إىل استعادة املوضوعات
الغريبة ودكفع هبا إىل خمتربات الباحثني ومنججياهتم ،جنده قد متكن من الولوج إىل قضايا كنا نضنجا بديجية ومألوكفة
ومعروكفة ،كفإذا به يربزها ويقدمجا يف صيغ إستشكالية ونقدية ،حيث توسعت جماالت املعركفة وانضمت إليجا
ختصصات كربى ،دشنت رهانات نوعية كفيما خيتص بالظاهرة البشرية ومالزمتجا التارخيية.2
وللغوص يف غمار املغامرة البحثية حول املقدس يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط ،ارتأيت بدءا توضيح معاين
املقدس واملدنس وخمتلف التعاريف اللصيقة هبما ،حسب عديد املؤرخني والباحثني يف خمتلف ختصصات العلوم
اإلنسانية ،بغية تبسيط املفجوم وتوضيحه لفجم العالقة بني الدالالت واملرجعيات الطقوسية ،ومتظجراهتا يف ذهنية
جمتمع املغرب األوسط ،باإلضاكفة إىل تسليط الضوء على جانب لطاملا غيب من الدراسة التارخيية حبجة كفصل
العلوم عن بعضجا.
المبحث األول :المقدس والمدنس.
أوال :المقدس في المدونة العربية.
بداية جيب ضبط مفجوم املقدس وكفق ما ورد يف املصنفات العربية ملعركفة مدى تقارب املقدس املراد دراسته مع
س ،تَـق ِديس ،أي تَـن ِزيه اهلل عز وجل ،والقدس تنزيه اهلل
قد َ
هاته التعاريف ،كفأصل املـقدس يف "لسان العرب" من َ
تعاىل ،وهو املتَـ َق ِدس القدوس املق َدس ،ويقال :القدوس كفَـعول من القدس ،وهو الطجارة ،والتَـق ِديس هو التطجري
س أي تطجر ،يعين لفظ املـ َق َدس من الناحية اللغوية التنزيه والطجارة والتزكية والتربيك.3
والتربيك ،وتَـ َق َد َ
- 1مجدي ،طه مكي" :التقديس واملقدسات دراسة يف كفلسفة الدين" ،جملة العلوم اإلنسانية كلية الرتبية والعلوم اإلنسانية جامعة بابل ،مج -11ع
،2مارس 1021م ،صص ،70-11ص .11
-2احلاج ،أمحنة دواق" :املقدس والسرديات الكربى" ،سلسلة ملفات حبثية الدين وقضايا اجملتمع الراهنة :املغرب :مؤمنون بال حدود للدراسات
واألحباث 21أكتوبر ،1020ص.2
3-أيب الفضل ،مجال الدين حممد ابن منظور بن مكرم اإلكفريقي املصري :لسان العرب ،ط ،2بريوت :دار إحياء الرتاث العريب -مؤسسة التاريخ العريب:
بريوت2999 ،م ،مج.201-207 /0
1
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
وقد يطلق املـ َق َدس على اهلل يف صيغة قدوس وم َق َدس ليعين الطجارة والتنزيه ،كما قد يرتبط باملؤمن ،كفجو حمدد
يف األنبياء وأقطاب الصوكفية والوالية ليدل على الصالة والتكبري والتطجري ،أو قد يرتبط باملالئكة كوهنا خلقت من
الطجارة ،كما ميكن أن يكون املكان هو املقدس كبيت املـَق ِدس واملسجد احلرام مبكة املكرمة ،كفكرامتجا لضمجا
مكان م َق َدس هو الكعبة املشركفة ،أما ما ارتبط بالزمان كاألشجر احلرم اليت يطغى عليجا احلظر واملنع واالحرتام
الناتج عن حرمة األوامر الالهية.1
يتمظجر املقدس يف شكلني متعارضني مها الطاهر ( الطيب) والدنس ( اخلبيث) ،إهنا عناصره األساسية على
اعتبار أن الطاهر سيكون على صلة بالسماوي الديين ،بينما الدنس سيكون على صلة باجملال السحري اجلين،2
وأي جمتمع يعيد إنتاج معطياته من خالل املقدس واملدنس ،واجملال والذات والتقابالت أو األزواج ،ويف ظل هذه
التقابالت يتحول املقدس إىل أهم رهان سياسي ،وبالضبط يف جمتمعات يلعب املقدس كفيجا دورا مجما يف
اسرتاتيجيات الشرف ،العِرض ،الربكة ،والكرامة ،3كمجتمع املغرب األوسط.
املقدس اإلسالمي غالبا ما ارتبط بالدين يف ثنائية احلالل واحلرام ،املسموح واملمنوع ،لكن جنده كذلك قد
ينفك من خالل هذا االرتباط الديين إىل ما هو دنيوي ،كفقد يعد أي انتجاك للعرف انتجاك للمقدس ،ألن اإلنسان
ال يتخلى عن املقدس بل يتخلى عن منط من التقديس ،كفجو ال خيرج من الدين ولكنه خيرج من منط التدين،
كفالقداسة ليست إال وعي اإلنسان مبا يقدس ،وبالتايل ليست مثة أشياء مقدسة بل هناك شعور إنساين يقدس
كفيوجد املقدس.4
ولكننا حباجة إىل مراجعة نقدية تستثمر ما هو حي وكفاعل يف الرتاث والتاريخ ،ألنه حي وكفاعل يف حاضرنا
بإثارته اجليدة احملمودة اليت تعزز تعايشنا وتوحدنا وتنوعنا معا ،وألن التاريخ حركة اإلنسان وكفعاليته يف عالقته
اجلامعة بني املقدس والدنيوي ،كفاملقدس يتمثل يف إحالة األشياء اليت تبدو دنيوية إىل ممارسات وإىل طقوس وليس
إىل معىن مستقل ، 5كفاستعمال هذا اللفظ يبدو معقوال ومستساغا أكثر على لسان رجال الدين ،كفإن لفظ مقدس
ِ
-نور الدين ،الزاهي :املقدس اإلسالمي ،ص .19قال تعاىل ﴿:كفَِإذَا ان َسلَ َخ األَشجر احلرم كفَاقـتـلوا المش ِرك َ
ني َحيث َو َجدمتوهم َوخذوهم َواحصروهم 1
َّ ِ ِ واقـعدوا َهلم ك َّل مرصد ﴾ سورة التوبة اآلية 1؛ وقولهَ ﴿ :غيـر ِحملِّي َّ ِ
الصيد َوأَنـتم حرٌم إ َّن اللَّهَ َحيكم َما ي ِريد﴾سورة املائدة ،اآلية ﴿ ،2يَا أَيـُّ َجا الذ َ
ين َآمنوا َ َ َ َ
الصي َد َوأَنـتم حرٌم﴾ املائدة ،اآلية .91
َال تَـقتـلوا َّ
-2نور الدين ،الزاهي :املرجع السابق ،ص .17
-3عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص.20
- 4كرمية بريكي" :يف منابت التقديس وآكفاقه" ضمن سلسلة ملفات حبثية ،ص22
-5عامر ،عبد زيد الوائلي :جتديد العالقة مع املقدس رهان تفكيك رغبة املوت :سلسلة ملفات حبثية ،ص.0
2
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
قبل كل شيء صفة حتيل إىل أشياء إىل ممارسات إىل طقوس وليس معىن مستقل ،وبالفعل كفاألنثربولوجيا 1هي
األوىل اليت حولت النعت إىل اسم وزعمت بناء املقدس مفجوما مستقال.2
إن املقدس عنصر مكون للظاهرة الدينية وميثل حمور التجربة االعتقادية للمؤمن ،ولكنه يف الوقت نفسه ينتمي
إىل عامل مفارق ،ويصمد أمام كل حماوالت العقلنة ،3كفاإلنسان يصنع مقدساته إنه خيتلقجا ويلفقجا ،مبعىن أن
تكوين أي كفكرة عن ما هو مقدس ،إمنا ختضع لفجم اإلنسان ونظريته بشأن وجوده ووجود العامل الذي حييا كفيه،4
كفاملقدس ظاهرة أبدية موجودة يف احلياة البشرية ،وإحدى البىن العميقة يف الوعي والالوعي البشري يف التاريخ
الفكري ،وما تاريخ املغرب األوسط إال جزء ال يتجزأ من هذه املعادلة ،وعليه كفمقدسات جمتمع الدراسة ليست
كلجا وليدة الدين ،بل هناك مقدسات صنعجا واختلقجا إنسان املغرب األوسط وأحاطجا هبالة من القداسة ،كفال
ميكن املساس هبا أو نقدها أو الطع ن كفيجا ،كالقدرات اخلارقة اليت يتمتع هبا األولياء من طي األرض واملشي على
املاء وتكليم املوتى.
من خالل ما سبق يتبني لنا أن القداسة ليست صفات يف الشيء أو يف املكان ،بل هي نتيجة تقييم اإلنسان
لألشياء والظواهر ،كفاملقدس ينصرف إىل موجود بعينه متعال ومتفارق ،وتكون قداسته من نفسه ،مث تتنزل إىل ما
يصدر عنه ويرتبط به ،من كتب ووصايا ووعود وهياكل وأماكن وبيوت وأزمان وأيام ،كفالثقاكفات مل تتوقف على
مدى تاريخ طويل ،من ممارسة التقديس وإنتاج ضروب من املقدس ،خت ِ
ضع هلا وهبا البشر وتلزمجم بعدم انتجاكجا
أو حىت التفكري كفيه ،وذلك عرب التعايل بضروب من األكفكار والنصوص بل وحىت األشياء واألشخاص من حدود
التارخيي والواقعي ،وإطالقجا يف كفضاء املفارقة والتسامي ليقدسجا البشر ويضعوهنا خارج حدود القابل للتفكري
والفجم.5
يصعب حصر مفجوم املقدس من وججة نظر املدونة العربية ،أو داخل الثقاكفة اإلسالمية ،ألن هلذا املفجوم حضورا
عميقا وعريقا يف متوالية التعاريف واملقاربات والتأويالت اليت طاهلا الفكر اإلنساين.
- 1هي علم دراسة اإلنسان طبيعيا واجتماعيا وحضاريا ،شاكر مصطفى سليم :مرجع سابق ،ص 10؛ وحول أنواع األثربولوجيا ينظر حسني ،كفجيم:
مرجع سابق ،ص 27وما بعدها.
- 2معاذ ،بن عامر :السرديات الكربى من الكربيات األنطلوجية إىل الصغريات األخالقية – سلسلة ملفات حبثية ،ص.22
-3زهري ،اخلويلدي" :الفلسفة الدينية بني حتديات القدسي واستجابات السرد" سلسلة ملفات حبثية ،ص.22
-4عبد اجلبار ،الركفاعي :إنفاذ النزعة اإلنسانية يف الدين ،ط ،1بغداد :مركز دراسات كفلسفة الدين -دار التنوير1022 ،م ،ص.12-11
- 5علي ،مربوك :ما وراء تأسيس األصول -مسامهة يف نزع أقنعة التقديس ،ط ،02القاهرة :دار رؤية للنشر والتوزيع1007 ،م ،ص12؛ مجدي طه
مكي :مرجع سابق ،ص.02
3
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
ويعد املقدس وبكل املقاييس موضوعا إشكاليا ،مفعما باملطبات اليت متتزج كفيجا ندرة املتون النصية التارخيية،
بالتعقيدات املنججية اليت تفرضجا طبيعة موضوع هبذه الشاكلة ،1خاصة وأن كفكرة املقدس أصبحت اليوم من
املوضوعات كثرية اإلقبال عليجا ،على أن هناك من خيرججا من التاريخ ،وهو ما جعلجا موضع خصام وجدل،2
وعليه كان للمقدس تعريفات كثرية يف املدونة العربية ،لكنجم أمجعوا على أن املقدس ميثل كل ما جيب احرتامه
ال رتباطه يف غالبيته بالدين ،ذلك أن الدين هو تعطش النفس إىل املستحيل ،إىل ما هو بعيد املنال ويفوق التصور،
كفالدين يناشد الالمتناهي والنور ،وهو النزوع حنو قطع العالئق مع الكينونة والوجود معا ،أو الرغبة يف جتاوز الوجود
حنو ذلك العدم الذي يكمن كفيه النور األعظم ،إنه رغبة يف التحرر متاما من أغالل الكينونة .3
من هذا املنظور تتخطى الطبيعة القدسية للدين املساحات اخلاضعة لسلطة العقل يف التفسري واإلدراك
والتربير ،وتقفز إىل املساحات الالعقالنية ،واليت ميكن تسميتجا باالعتبارات الغيبية والعناصر امليتاكفيزيقية ،وبقدر ما
يكون القدسي غري عقالين وغامضا ومتكتما ،حيوز على قيمة مضاكفة ويتميز بالركفعة والسمو والتعايل ،بقدر ما
يتعرض للنقد العقالين والتفسري املنججي ،ويفقد هذه القيمة االعتبارية ويصبح أمرا بديجيا ،4وعليه وجب علي
التساؤل هنا عن إمكانية ضبط مفجوم للمقدس يكون شامال ،أو على األقل مفجوم يصب يف خدمة البحث ،من
هذا املنظور أقدم بعض التعريفات ،بعد تعريفه يف املدونة العربية واإلسالمية ألن هلا السبق الزمين على بقية
التعريفات.
4
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
- 1معاذ ،بن عامر :مرجع سابق ،ص . 21وتعرف االيتيمولوجيا بأهنا علم أصل الكلمات ،وتبحث عن العالقة اليت تربط الكلمة بكلمة قدمية هي
األصل ،للبحث عن املعىن األصلي واألويل للكلمة.
2-أندريه ،الالند :موسوعة الالند الفلسفية ،تع :خليل أمحد خليل ،ط ،1بريوت – باريس :منشورات عويدات ،1002 ،مج ،2ص.2119
-3عبد الرحيم العطري :مرجع سابق ،ص.10-27
-4نور الدين ،الزاهي :املقدس واجملتمع.21 ،
-5نور الدين ،الزاهي :املقدس اإلسالمي ،ص .29
5
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
كاألنبياء والصلحاء واألولياء والشركفاء ،وكذا يف اللغة واألساطري والشعائر والطقوس ،وغري ذلك من أشكال تنظيم
اإلنسان لعالقته مع العامل وكفق اعتبار املعىن والقوة.1
ثالثا :مفهوم المقدس عند علماء االجتماع 2وعلماء األديان.
تتقاطع مسألة املقدس مع مجيع اجملاالت املتعلقة بالعلوم اإلنسانية ،كعلم االجتماع والفلسفة وتاريخ الفكر،
ِ
بشكل كبري من مسائل علم اجتماع الدين ،3الذي واهتمام علماء االجتماع بداللة املقدَّس االجتماعية مستمد
هو أحد كفروع علم االجتماع ،وعلى أي حال كفإن هناك خالف كبري حول األصول االجتماعية الدقيقة ملا يدعى
باملقدس ،من هنا كفإن مف جوم املقدس يرتبط أكثر بعملية تصنيف بعض النشاطات االجتماعية بوصفجا نشاطات
دينية مقدسة ختضع لتغري دائم.
ميكن القول أن ما هو مقدس هو نتاج ممارسة أنثروبولوجية ليس الدين العنصر األوحد كفيجا ،بل هناك عناصر
شىت تتشابك كفيجا ،منجا النفسي واالجتماعي والتارخيي واملعريف والسياسي ،وتتضاكفر معا يف إنتاج هذه املمارسة،
واملقدسات تنتقل من جيل إىل جيل آخر ،دون أن تكون حمل تساؤل وحبث ،ألهنا وليدة الفعل اإلمياين والثقايف
لألمة ،4وهو احلال بالنسبة للمقدسات املتوارثة يف املغرب األوسط ،واليت سأتطرق إليجا بشيء من التحليل
والتعليل والتعليق من خالل هذه الدراسة.
6
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
- 1شجدت الكتابة التارخيية نقلة نوعية من حيث املواضيع واملناهج ،قادهتا املدرسة الفرنسية واألملانية للمزيد حول هذا املوضوع ينظر وليد ،موحن:
"مدرسة احلوليات الفرنسية ظروف النشأة وأهم األكفكار" جملة ليكسوس يف التاريخ والعلوم اإلنسانية ،ع ،22مارس1027 ،م ص ص.277 -270
إن هدف السوسيولوجيا هو :كفجم الفعل االجتماعي وتأويله ،مع تفسري هذا الفعل املرصود سببيا بربطه باآلثار والنتائج ،ويقصد بالفعل سلوك الفرد أو
اإلنسان داخل اجملتمع ،مجما كان ذلك السلوك ظاهرا أو مضمرا ،صادرا عن إرادة حرة أو كان نتاجا ألمر خارجي مجيل ،محداوي :ججود ماكس كفيرب
يف جمال السوسيولوجيا ،ط ،2الرياض -السعودية :دار األلوكة للنشر1021 ،م ،ص .21
Emile, Darkheim: les formes élémentaires de la vie religieuse, éditions Presses Universtaires - 2
de France, paris, 1968. p37؛ عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص.21
- 3كفراس ،السواح :دين اإلنسان -حبث يف ماهية الدين ومنشأ الداكفع الديين ،-ط ،2دمشق :دار عالء الدين1001 ،م ،ص.29-21
Emile Darkheim: op.cit.p 583. - 4؛ نور الدين ،الزاهي :املقدس واجملتمع ،ص22؛ املقدس اإلسالمي ،ص.27
Emile Darkheim: op.cit.p 583 -5؛ معاذ ،بين عامر ،مرجع سابق ،ص22؛ نور الدين ،الزاهي :املقدس واجملتمع ،ص. 22
7
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
حسبه ال يلتقي باملدنس ويالمسه إال لكي ينتفي أحدمها ويظل اآلخر قائما ،وبسبب ذلك يتشكل كل طرف
بوصفه نظاما خالصا ومتجانسا وخمتلفا ومتعارضا وموازيا للطرف اآلخر.1
ال يستطيع املقدس التعايش مع ما يعارضه ويجدمه وينفيه ( يقصد املدنس) سوى بكيفية مفارقة ومتوازية وهو
نفس الطرح الذي تبناه جون كازييف ،2وعلى رأي دوركجامي كفاألديان نسق موحد من املعتقدات واملمارسات ذات
الصلة بأشياء مقدسة ،أي بأشياء حرام أو حمرمة ،كفلكل أمة ثوابتجا ومقدساهتا والدين هو العمود الفقري واحملور
الرئيس هلذه الثوابت وتلك املقدسات ،والعقائد واألكفكار والقيم ،كفكل دين هو منظومة من املسلمات اليت حتظى
بالقداسة.3
كفاملقدس إذاً ال ميكن أن يوجد يف هذا العامل دون شجادة أو عالمة أو أيقونة دالة عليه ،كفاألماكن واألشياء
األرضية ال تستمد قداستجا إال من كوهنا ذات عالقة معينة مع السماء ،4وهو األمر الذي جعل للمقدس جماالت
متعددة ،إن إسقاطات دوركجامي للمرجعية الثقاكفية اليجودية واملسيحية للمقدس على ثقاكفات خمتلفة ومغايرة ،األمر
الذي دكفع الباحثني أثناء حبثجم عن املقدس إىل إجياد الديانة حيث ال توجد ،5وهلذا أرى شخصيا أن إسقاطات
دوركجامي ليست يف اختالف الديانات كفقط ،بل تعدهتا للمجتمع كفجو يقصد اجملتمع األوريب ،بينما أنا بصدد
دراسة جمتمع مغريب مسلم يف العصر الوسيط ،وعليه كفالطرح ال ينطبق كلية لكن الفكرة موجودة يف مجيع
اجملتمعات وخمتلف احلضارات.
من خالل طرح دوركجامي ميكن القول :بأنه أحدث نقلة نوعية من الدين كسلوك كفردي أو عقيدة إىل مفجوم
أوسع إىل احلياة الدينية ،إذ رأى أنه من أجل كفجم الفكر الديين ال بد من الرجوع إىل األصول األوىل النبثاق
املقدس ،والذي يعد اجملتمع هو مصدره الوحيد ،وإذا ما عملنا بنظرة دوركجامي كفإن أصل املقدس يف املغرب
األوسط هو اجملتمع ،وما أقره من سلوكيات وممارسات للحياة الدينية وكفق العقيدة اإلسالمية.
- 1نور الدين ،الزاهي :املقدس واجملتمع ،ص22؛ املقدس اإلسالمي ،ص 27؛ Emile Darkheim:op.cit.p538
- 2نور الدين ،الزاهي :املقدس واجملتمع ،ص22؛ املقدس اإلسالمي ،ص27؛ Emile Darkheim:Ibid.p37؛ Jen, cazneeuve:
Sociologie du rite (tabou- magie- sacré), éditions Presses Universtaires de France, paris, 1971,
p334.
- 3مجدي ،طه مكي :مرجع سابق ،ص.02
- 4عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص 22نقل على Dermenghne, Emile: le culte des saints dans l’islam
Maghrébine, Ed Gallimard, paris, 1954 , p 11.
- 5نور الدين ،الزاهي :املقدس واجملتمع ،ص21؛ Laura levé Makarius ,les sacré et la violation des interdits,
éditions payot, paris,1974, p 367.
8
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
وبناءً على هذا الطرح رأت الباحثة صاكفية مناد يف حديثجا عن املقدس واجملتمع أن العالقة بني اإلنسان واملقدس
أو بني اإلنسان واهلل بصفة خاصة وجب أن تكون عالقة حمبة ال عالقة خوف وصراع وهو ما يبدو جليا يف أشعار
الصوكفية ،1ذلك أن كل صور املقدس ومتثالته تتغري حسب ثقاكفة اإلنسان وواقعه املعيش ،وحىت حسب نوع
السلطة اليت حتكمه والثقاكفة اليت اكتسبجا والعادات اليت ترىب عليجا ،كفكلجا متثالت لواقع يؤسس لعامل تقديسي،
كففضاء املقدس يعد مفتوحا وغري متناهي ،يتعدد بتعدد الروايات التارخيية والثقاكفة واجلغراكفيا البشرية ،وهذا ضمن
أنثروبولوجيا الدين وسوسيولوجيا الدين وعلم نفس الدين واهلرمونيطيقا.2
املقدس عند الباحث الفرنسي ليفي ماكاريوس يف كتابه "املقدس وانتجاك احملرمات" ،ذكر أن البحث يف املقدس
هو يف ذاته إبطال ملفعول قدسيته ،بل إنه شكل من أشكال انتجاك احملرم ،3مبعىن أننا مبجرد تفكرينا يف البحث
عن املقدس كفنحن نزيل عنه صفة القداسة ألننا سنخضعه للمسائلة والعقل وهو ما يتعارض معه.
ليس البحث يف التصور الثقايف للمقدس حكرا على ميدان علم االجتماع ،ألن نظرية التحليل النفسي
واألنثروبولوجيا أدلت بدلوها يف حماولة ضبط املقدس من خالل حتليل كفرويد للدين يف كتابه الطوطم والتابو،4
كفبالنسبة إليه كفإن الرابط بني الطوطَمية وامل َق َدس يبدو واضحا يف نواحي معينة من تطور الدين ،وقد بقيت آثاره يف
األسطورة التارخيية واخلراكفة ،وكثريا ما كانت احلاجة البيولوجية واخلوف واجلجل واحملرم والطوطم ،هي اليت تشكل
األرضية اليت نبت كفيجا املقدس والدين واألسطورة .5
- 1من أبرز النماذج يف احلب اإلهلي رابعة العدوية واليت لقبت بشجيدة العشق اإلهلي ،وهي أول من تكلم يف احلب اإلهلي بني الصوكفية املسلمني
للمزيد حول أشعارها يف احلب اإلهلي ينظر :عبد الرمحان بدوي :شجيدة العشق اإلهلي رابعة العدوية ،ط ،01القاهرة :مكتبة النجضة املصرية2901 ،م،
ص 02وما بعدها.
- 2أثر املقدس والدين على ذهنية الفرد واجملتمع واستعماالت السلطة ،جملة متون ،جامعة موالي الطاهر :سعيدة ،مج /21ع ،1010 ،1ص ص
،19-70ص . 12-10أما اهلرمونيطيقا كفجي علم التأويل والتفسري ،وهي مدرسة كفلسفية تشري لتطور دراسة نظريات تفسري دراسة وكفجم النصوص يف
كفق اللغة والالهوت والنقد األديب .معتصم ،السيد أمحد :اهلرمنيوطيقا يف الواقع اإلسالمي بني حقائق النص ونسبية املعركفة ،ط ،2بريوت :دار اهلادي
للطباعة والنشر والتوزيع ،1009 ،ص.21
-3نور الدين ،الزاهي :املقدس اإلسالمي ،ص 27؛ واملقدس واجملتمع ،ص22-21؛Laura levé Makarius: op.cit. p8
- 4سيغموند كفرويد :الطوطم والتابو ،تر :بوعلي ياسني ومر :حممود كبيبو ،ط ،2الالذقية -سوريا :دار حوار للنشر والتوزيع2912 ،م.
-5ياروسالف ،ستيتكيفيتش :العرب والغصن الذهيب -إعادة بناء األسطورة الذهبية ،-تر :سعيد الغامني ،ط ،2الدار البيضاء -املغرب؛ بريوت-
لبنان :نشر املركز الثقايف العريب99 ،1001 ،؛ جيمس ،جورج كفرايزر :الغصن الذهيب دراسة يف السحر والدين ،تر :نايف اخلوص ،دمشق -سوريا:
نشر دار الفرقد للطباعة والنشر والتوزيع1022 ،م ،ص 22-21؛كرمية بريكي :مرجع سابق ،ص.22
9
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
- 1مارسي ،الياد :املقدس واملدنس ،ترمجة :عبد اهلادي عباس احملامي ،ط ،02دمشق :دار دمشق للطباعة والنشر والتوزيع2911 ،م ،ص.27
Mirssia, Eliade: Aspect Du Mythe, Édition Gallimard, -2عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص29؛
paris,1963, p 61
- 3مارسي ،الياد :املرجع السابق ،ص.220
- 4مصطفى ،سليم شاكر :مرجع سابق ،ص.127
10
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
وهناك تعريفات أخرى جاء هبا جمموعة من الباحثني واملؤرخني أمهجا تعريف جوزيف شلجود الذي يرى بأن
املقدس يعانق يف نفس الوقت كال من الطاهر والنجس ،بينما الدين موجه حنو القداسة ،1بينما يعركفه روجي كايوا
بوصفه مقولة احلساسية واليت تعترب ركيزة للديين وكذا اإلحساس باالحرتام الذي يغمر املؤمن ،2كفاملقدس هو ما يثري
اخلوف ويبعث على الثقة واالحرتام ،3أما األساطري واملعتقدات كفتحلل مضامينجا بطريقتجا اخلاصة ،والطقوس
تستعمل خاصيتجا ،أما األخالق الدينية كفإهنا مشتقة منجا ،بينما الكجنوتية متنحجا ،والقبور واألمكنة املقدسة وكذا
اآلثار الدينية تبثجا يف املكان وجتذرها ،ومنه تعد الديانة هي إدارة املقدس.4
بناء على هذا التعريف كفإن للمقدس خاصية قد تكون ثابتة أو عابرة لبعض األشياء ،كاألدوات املستعملة يف
الشعائر والطقوس ،ولبعض الكائنات كامللك والرهبان ،ولبعض األمكنة كالقبور واألماكن املرتفعة ،ولبعض األزمنة
كأيام اآلحاد ورأس السنة ،5ويتمظجر هذا الطرح يف جمتمع املغرب األوسط يف تقديس األضرحة وقبور األولياء،
وكذا الزوايا كأماكن مقدسة باإلضاكفة إىل تقديس األيام كاجلمعة ويوم عاشوراء وغريها ،وإن مل ترتبط بظاهرة
دينية.
يبدو احلديث عن التعارض بني املقدس والدنيوي شيئا غريبا عن املقدس ذاته ،كفالطقوس تكشف الكيفية اليت
يشرف هبا نظام العامل على توزيع املقدس ،تلك الكيفية اليت يسمجا غموض املقدس من ججة إنشطاره إىل مقدس
احرتام حييل إىل نظرية احملرمات ،ومقدس انتجاك حييل إىل نظرية الفعل ،6ويرتبط مقدس االحرتام بالوضع
االجتماعي ،بينما يتصل مقدس االنتجاك بالبذل واهلدر واإلسراف ،كفداخل مقدس االنتجاك وكفضائه الطقوسي ال
سلطة هناك سوى لسلطة اجلسد ،وهو يبدد ويجدر طاقاته من دون احرتام للممنوعات أو احملرمات أو القواعد
الضامنة للوضع االجتماعي ،7وال أدل على هذا من سلطة اجلسد يف الشطحات الصوكفية ،أو التغلب على هذه
السلطة عن طريق متريغ اجلسد وحماربته يف منعه من التمتع مبلذات احلياة ،بإخضاعه لتجربة التجويع والتقشف
وإرهاقه بالعبادات ،واليت كفاضت بذكرها كتب املناقب الصوكفية.
joseph, chelhod: les Structure du sacré chez les Arabes, paris: maisonneuve et larose, 1964, - 1
p42.
Roger, caillois: Op.cit.p, p 18.- 2
op.cit. p 18 -19.-3
Ibid, p 18.- 4
Ibid, p 18 - 5
- 6نور الدين ،الزاهي :املقدس اإلسالمي ،ص.12
- 7نفسه ،ص.12
11
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
أما يف موسوعة الالند الفلسفية ،يعترب املقدس موضوع احرتام ديين من قبل مجاعة من املؤمنني ،كفالكائنات
أو األشياء املقدسة هي تلك اليت تداكفع عن احملرمات وحتميجا ،بينما تكون الكائنات أو األشياء املدنسة هي
اخلاضعة لتلك احملرمات ،واليت ال جيوز هلا االتصال باألوىل إال مبوجب عبادات وشعائر حمددة.1
س:
رابعا :ماهية الم َدنَ ْ
/3تعريف المدنس:
الدنَس يف الثياب ،أي لطخ الوسخ ،وحنوه حىت يف األخالق ،واجلمع أَدنَاس،
املدنس يف "لسان العرب" ،من َ
س ي َدنس َدنَ ًسا ،كفجو َدنس ،أي توسخ ،2أما يف القاموس األنرتوبولوجي كفاملدنس يعين كل شيء دنيوي
وقد َدنَ َ
خارج عن نطاق الدين ،وكل سلوك ال ميت إىل الطقوس بصلة ،ويرى الباحث جون كازينيف أن املدنس ينحصر
يف الالسوي ،أي يف كل ما ال يتطابق مع مألوف الرؤية ،حيث يقول « :يكون مدنسا كل ما يشارك من قريب أو
من بعيد ،مباشرة أو باملالمسة ،يف انقالب النظام الطبيعي أو النظام االجتماعي.»3
ميكن القول أن املدنس هو كل ما هو قذر ومكروه ،وهو ما جيعلنا يف مواججة حقيقة أنه ليس كل قذر أو
مشكوك يف نظاكفته مدنسا ،كفكيف نفسر إذا صورة احلجاج الذين يغطيجم الغبار والتعرق ويكونون يف حالة إحرام،
حيث يسمح هلم بأداء الشعائر األكثر قداسة ،وإن حيوانا للذبح مجما كان نظيفا يعترب مدنسا ،عندما ال جيري
ذحبه حسب تعاليم الشريعة اإلسالمية ،لكنه يعد صاحلا لالستجالك ،ولو كان وسخا مادام ذحبه قد جرى حسب
ما يأمر به الدين ،وعموما يظل مفجوم املقدس واملدنس ،من املفاهيم اليت قلما نعثر عليجا داخل البحوث
والدراسات اليت تعاجل مثل هذه املفاهيم مبنطق العلم والبحث العقلي.
12
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
Mauris, Davan: Dictionaire Du Francais, Presses Universtaires de France, Paris, 1976, p -1
1062.حنان ،محودا" :املاء كمنشط انثروبولوج ي إلنتاج الطقوس بواحة سكورة جنوب املغرب" ،جملة إضاكفات (جامعة حممد اخلامس الرباط)،
ع / 22-22شتاء ربيع ،1020ص.221
- 2عبد الرحيم ،العطري :بركة األولياء ،ص17
jean, cazeneuve: op.cit, p13. -3
- 4عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص17؛ حنان ،محودا :مرجع سابق ،ص.221
13
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
الطقس اصطالحا:
الطقس اصطالحا يعرف بأنه الشعائر واملناسك واألعمال الدينية اليت تشكل اجلانب العملي من العقائد
والالهوت ،1وتعرب عن بعض جوانب امليثولوجيا ،2وتكسبجا صفة الدميومة واالتصال مع الالهوت ،وهي وسيلة
للتعبري من أجل االخنراط يف عامل خارج اإلطار التجرييب ،3كفالطقس بذلك ميثل تقليدا أو إجراءات متقادمة
اكتسبت هيبة دينية هلالة التقديس أو االحرتام الكبري هلذه الطقوس ،وهي مبثابة بقايا لعادات أو معتقدات دينية
بائدة.4
كفالطقس كان سلوك كفردي أو مجاعي كفجو يلتزم مبجموعة من القواعد اليت تشكل طقوسيته وأبرزها التكرار،5
وهي الصفة األولية اليت يضطلع هبا الطقس ،وهي وظيفة االسرتجاع اجلماعية املستذكرة ألصول األسطورة
والدين ،6ويعكس الطقس احلالة االنفعالية اليت تصاحب األسطورة ،ولعل اإليقاع املوسيقي والرقص كانا أول
أشكال هذا السلوك االنفعايل ،الذي حتول تدرجييا إىل طقس مقنن وهو ما جنده يف االجتماعات الصوكفية ،ويرتاكفق
تقنني الطقس وتنظيمه يف أطر حمددة ثابتة مع تنظيم التجربة الدينية وضبطجا يف معتقدات واضحة يؤمن هبا
اجلميع ،ويرون كفيجا تعبريا عن جتارهبم الفردية واخلاصة ،وبذلك يتحول الطقس من أداء كفردي حر إىل مجعي ذي
قواعد وأصول مرسومة بدقة ،7وما يجمنا هنا هو البعد املقدس هلذه الطقوس.
يقوم الطقس احلر الفردي جنبا إىل جنب مع الطقس اجلمعي املنظم ،وقد كانت الصالة يف املعابد وإنشاء
الرتاتيل واإلنشاد أبرز مظاهر الطقس املنظم قدميا ،وبشكل عام ميكن القول بأن أية صورة ذهنية ال خترج من عامل
الفكر إىل عامل الفعل ،هي صورة معرضة للتحجر أو التالشي والزوال ،8وعليه كفالطقس هو تصريف اجتماعي
-1الالهوت :أو األلوهية علم يبحث يف وجود اهلل وذاته وصفاته ويقوم مقام علم الكالم عند املسلمني ويسمى أيضا علم الربوبية .خزعل ،املاجدي:
متون سومر ،ط ،2عمان :األهلية للنشر 2991 ،م ،ص.209
- 2علم األساطري املتصلة باآلهلة وأنصاف اآلهلة واألبطال اخلارقني عند شعب من الشعوب ،وبدل مصطلح أسطورة كفإن معظم املؤرخني يستعملون
كلمة التاريخ املقدس ،أو القصة املقدسةAlan, Dundes: The Meaning Of Folklore: The Analytical Essays Of .
Alan Dundes, university press of colorado: 1984, p41-42.
-3نور الدين ،طواليب :مرجع سابق ،ص .21-22
-4عزام ،أبو محام مطور :الفلكلور والرتاث الشعيب ( املوضوعات ،األساليب ،املناهج) ،ط ،،2عمان :دار أسامة للنشر والتوزيع 1007 ،م،
ص.20
- 5عبد الغين ،منديب :مرجع سابق ،ص212؛ عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص17؛ الصديق ،ثياقة :مرجع سابق ،ص.11
- 6نور الدين ،طواليب :املرجع السابق ،ص.21
- 7كفراس ،السواح :دين اإلنسان ،ص 12-11؛ حنان ،محودا :مرجع سابق ،ص.220
-8كفراس ،السواح :دين اإلنسان ،ص.12
14
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
لسلطة املقدس حسب جون ميزوناف يف كتابه "السلوكات الطقوسية" ،حيث يشري يف املقدمة إىل أن مصطلح
الطقس حيمل عموما معنيني ،أحدمها خاص يدل على املمارسة أو احلفل الديين ،واآلخر عام يدل على العادة أو
التقليد ، 1ومنه كفإن الطقس يقوم على مستني أساسيتني مها املرجعية الدينية املاورائية ،والسمة الثانية هي التكرار
والثبات ،كفالطقس هو كل عمل يقوم به شخص مبفرده أو مجاعة من املتدينني سواء قلوا أو كثروا ،مثل الصالة
عند املسلمني واحلج ،2ويعترب من عناصر الثقاكفة اليت تنتقل من جيل إىل جيل عرب الزمن ،وتتميز بوحدة أساسية
3
مستمرة
وعليه كفالطقس هو األكفق الذي تتبني داخله كل أمناط املقدس سواء يف أشكاهلا الرمزية التخيلية أو اللغوية
واجلسدية واألضحوية ،أو يف أشكاهلا املادية واالقتصادية والسياسية ،4ويغذيجا الرتاكم االجتماعي للعادات
والتقاليد واألكفكار ،كفيصبح املعتقد ذا قوة آمرة قاهرة ،كفجو يأمر يف حالة اإلجياب ويقجر يف حالة السلب ،5ويصبح
الطقس هو األسلوب الذي ترتب به السلوكات الدينية واليت عادة ما تكون احتفالية بسبب ما يتخللجا من
ممارسات يسيطر عليجا الطابع التنظيمي.
إن ما يؤكد أمهية الطقس يف جمتمع رمزي باألساس كمجتمع املغرب األوسط هو معطى االستمرارية واالنتقال
عرب األزمنة واألمكنة ،كفجي ممارسات تتجلى يف حقل املنظومات الرمزية ،وحتل أكثر يف الشعائر واملمارسات
الدينية ،وكذا يف سياق العادات والتقاليد ،كفجي تنتقل من جيل إىل جيل آخر وتعرب عن جتذرها االجتماعي بل
وإلزامجا األدائي يف تدبري كثري من التصركفات االجتماعية ،6إذا ما أخذنا يف االعتبار أن العادات هي منط سلوكي
يتميز عن املعتقد والطقس بأن اجملتمع يقبله عموما دون دواكفع أخرى عدى التمسك بسنن األسالف.7
Jean, Maisonneuve: Les Conduits Rituelles, Presses Universtaires de France, paris, 2eme -1
édition, 1995, p3
- 2الصديق ،ثياقة :مرجع سابق ،ص .11
- 3أمحد ،زكي ،بدوي :معجم مصطلحات العلوم االجتماعية ،ط ،1لبنان :مكتبة لبنان2911 ،م 12 ،جملد ،مج /29ص.291
-4نفسه ،ص21
- 5حسن السجيلي وحممد توكفيق :املعتقدات الشعبية يف الرتاث العريب ،ط ،2دمشق :دار اجلليل ،ص.0
- 6نفسه ،ص .11
- 7أيكة هولنكرانس :مرجع سابق.211/2 ،
15
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
الطقوس هي جمموعة من املمارسات يقوم أكفراد اجملتمع بتأديتجا يف زمان ومكان معينني وكفق قوانني مميزات
ميكن حتددها اجلماعة ،وتقام هذه الطقوس لقيمتجا الرمزية خاصة يف اجملتمعات الدينية كمجتمع املغرب األوسط،
وما هذه الطقوس إال جمموعة من األنشطة واألكفعال الثابتة واملرتبة واملتكررة داخل اجملتمع ،كففي االنتولوجيا وعلم
االجتماع تدل الطقوس على جمموعة من املمارسات املفروضة أو املمنوعة املرتبطة باالعتقادات السحرية أو
الدينية ،وهذا حسب التفرعات الثنائية للمقدس والدنيوي والطاهر والنجس1من ججة ،وانشطاره إىل مقدس احرتام
( حييل على نظرية احملرمات) ،ومقدس انتجاك ( حييل على نظرية احلفل) ،2كففي احلفل جند اإلسراف يف األكل
والبذخ والسفور.
أما يف األنثروبولوج يا واليت اهتمت أكثر بتصنيف الطقوس حيث أن جيمس كفرايز قد وضع تصنيفات
للطقوس وقسمجا إىل جمموعة من األصناف ،أشجرها الطقس االجيايب أو السليب ،والطقس السحري أو الديين،
الطقس الفردي أو اجلماعي ،الطقس االحتفايل أو القرباين ،3أين تقام الطقوس للعديد من األغراض ،كعيد الفطر
وعيد األضحى واملناسبات الدينية ،أو إلشباع بعض احلاجات الروحية والعاطفية للمؤدين كطقوس االستمطار ،أو
لتعزيز الروابط االجتماعية كمراسم اخلتان والزواج ،أو كدليل على االحرتام والطاعة للويل أو صاحب الضريح ،أو
كمؤشر لبداية بعض األحداث كموسم الزرع أو احلصاد مثال ،وجمتمع املغرب األوسط أحد هذه اجملتمعات
اإلنسانية اليت أردت تسليط الضوء على تفاعله مع مقدساته عن طريق ممارسة بعض املراسم والطقوس اليت حتمل
خصوصية هذا اجملتمع.
وتعترب املراسم والطقوس بأنواعجا املختلفة أحد مسات كل اجملتمعات اإلنسانية ،سواء يف املاضي أو احلاضر،
أيضا لتشمل طقوس العبور،
وال تقتصر الطقوس واملراسم على األنواع املختلفة من طقوس الـعبادة ،ولكنجا متتد ً
وميكن تعريف الطقس من خالل ما سبق على أنه تنظيم مركب للنشاط اإلنساين ،ويتضمن استخدام أساليب
السلوك اليت تتسم بقدرهتا على التعبري عن العالقات االجتماعية ،وهو إبداعات ثقاكفية بالغة اإلتقان تقتضي
.4
ترابط أكفعال وأقوال وتصورات أعداد كبرية من البشر على امتداد أجيال عديدة
- 1منصف ،احملواشي :الطقوس وجربوت الرموز -قراءة يف الوظائف والدالالت ضمن جمتمع متحول ،جملة إنسانيات ،كراسك ،وهران :اجلزائر،
عدد1020 ،29م ،ص ص ،22-21ص10؛ كفراس ،السواح :دين اإلنسان ،ص.29
-2روجيه ،كايوا :مرجع سابق ،ص.10
- 3جيمس ،جورج كفرايزر :مرجع سابق.19 ،
-4حممد ،اخلطيب ،األنثروبولوجيا الثقاكفية،ط ،1عمان -األردن :دار عالء الدين للنشر والتوزيع و الرتمجة1001 ،م ،ص.00- 19
16
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
يتوجب التمييز بني عدد من الطقوس كفجناك طقوس اإلباحة – طقوس التشفع واالسرتضاء -طقوس التكجن-
طقوس التلقني – طقوس املرور -طقوس الزراعة -طقوس السلبية أو احملظورة ،1كفاألمر يتعلق مبجتمع حيضر كفيه
الطقوسي يف كل حركاته وسكناته ،كفما من كفعالية اجتماعية إال وهلا ما يربرها ويعضدها من طقوس األداء،
واالشتغال مبا يفيد حضور عنصر التوظيف واالستثمار يف خمتلف هذه املمارسات وهو ما يظجر جبالء أكثر يف
حقل الرتاتبيات االجتماعية ( وهو األمر البارز يف جمتمع املغرب األوسط) ،حيث احلاجة مستمرة إلظجار التفوق
على الزبناء واألتباع واملناكفسني يف كل شيء ،حىت يف مستوى التدين واحرتام الطقوس واملعتقدات.2
نستنتج من حصاد ما سبق أن الطقوس هي جمموعة من األكفعال واحلركات واألقوال واألشياء املقننة ،واليت متثل
جمموعة من التمثالت اليت تتكرر كل مرة عندما حتدث بشكل عرضي أو عادي وأحداث أو ظروف يف جمتمع ما،
مثال الكسوف أو اخلسوف أو اجلفاف أو املرض أو املوت ،3انطالقا من هذا التعريف ميكن رصد مجلة من
اخلصائص والصفات اجلوهرية للطقوس.
-الطقوس سلوكيات منطية ذات طابع تكراري ،كفالطقس شكل ثابت نسبيا ومتكرر أو يتوقع أن يتكرر.
-جتسد من خالل سلوكيات احتفالية مجاعية أو كفردية خاضعة لبعض القواعد ،ومنه كفجي مؤسسة أو مفروضة من
قبل اجملتمع.
-احتفالية حيث أهنا متارس من خالل جمموعة من األنشطة اإلنسانية ،بغرض العبادة أو التقديس.
-هي رمزية وليست ذات أهداف نفعية.
-مهزة وصل مع الكائنات املاورائية ،إذ أهنا ال تلتزم بقواعد العقل واملنطق.
-مرتبطة باألساطري كفاألسطورة هي مبثابة التعليق أو املناقشة أو تفسري للطقوس ،4إن املتتبع للمقدسات واملعتقدات
واملمارسات والطقوس يف جمتمع املغرب األوسط جيد بأن مجيع هذه اخلصائص موجودة وبشكل جلي ،وهو ما
ستؤكده الصفحات القادمة.
17
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
بالرجوع إىل عملية انتقال املقدس إىل مرحلة ممارسة الطقوس كفجو حيتاج إىل أدوات ،أمهجا السرد واحلكاية من
أجل الظجور يف العامل والتجلي يف الكون واإلشراق يف العقول ،والتحدث إىل الناس بلغة مبسطة وأشكال مرئية
وأصوات مسموعة ،ولكي يعرب عن رسالته يف أكفكار منطقية مستساغة ،وعلى هذا النحو يقوم السرد بوظيفة
التوسط يف إبالغ كفحوى النسق االعتقادي وأركانه ،ويعمل على تفصيل أحكامه واشتقاق عناصره من مبادئه
وكلياته ورسم احلدود اليت تفصله عن الدنيوي وعن املدنس.1
ومن ججة أخرى كفإن السرد حيتاج إىل القداسة من أجل كسب الشرعية والظفر باهليبة ،وانتزاع االعرتاف من
النفوس وتشغيل آلية االقتناع ومنظومة التصديق ،ومينحه العامل الديين الركفعة والعلو واالستقامة والنزاهة ،وهبذا
املعىن يؤدي املقدس دورا مجما للسرد وميثل مركز ثقله ومنجاجه التقوميي ،ويزيد من محولته وكثاكفته الرمزية باملقارنة
مع أشكال سردية أخرى يف احلياة العامة ويف ساحة الثقاكفة والعلم.2
ال يج منا كثريا مصدر املقدسات إن كان وثنيا أو إسالميا أو هو نتيجة تفاعل بينجما ،بقدر ما يجمنا
استمرارها وتأثريها على ذهنية جمتمع املغرب األوسط يف زمن غلبت عليه الذهنية االستسالميه واجتاحته الكوارث
والطواعني ،وهو ما ساعد على ظجور األسطورة وتغلغلجا داخل هذا اجملتمع ،وعليه وجب علينا التساؤل حول
ماهية األسطورة؟ وكيف سامهت يف تشكيل الذهنية االستسالميه التقديسية لبعض الظواهر الطبيعية أو بعض
القوى اخلارقة اليت تنسب إىل بعض األشخاص.
ثانيا :األسطورة لغة:
ورة ،يقال:
َساطري واألَبَاطيل ،هي أحاديث ال نظام هلا ،مفردهتا إسطَار وإسطَاَرة ،وأَسطري وأسطور وأسط َ
األ َ
َسطََر كفالن علينا ،إذا جاء بأحاديث تشبه األباطيل ،ويقال :هو يَسطر ما ال أصل له أي يؤلف ،3واشتقاق كلمة
أسطورة يف العربية يقارب اشتقاقجا يف اللغات األجنبية ،كفكلمة( ،)MYTHمشتقة من األصل
اليوناين( )MUTHASوتعين قصة أو حكاية ،4وعادة تكون هذه احلكاية الرمزية التأسيسية واليت من طبيعتجا
أهنا تكتسي بغالف خارجي يبدو وكأنه غري قابل للتصديق ،كأن تتكلم احليوانات أو هتبط النجوم على األرض،
18
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
وتتميز األسطورة بانشقاقجا الداخلي بينما تتظاهر بقوله وما تريد تسريبه ضمنيا ،كفليست كلجا أباطيل وليست
كلجا حقائق.1
األسطورة اصطالحا:
ميكن القول بأن األسطورة هي حكاية مقدسة ذات مضمون عميق ،يكشف عن معاين ذات صلة بالكون
والوجود وحياة اإلنسان ،2وألن األ سطورة اليت يعيش عليجا شعب من الشعوب تشكل جزءا ال يتجزأ من ذاكرته
وضمريه ومن بنيته جمتمعة ،لذلك ال يجون عليه هدمجا بسجولة.3
األسطورة تعطينا اإلحساس بالوحدة بني املنظور والغييب ،بني احلي واجلامد بني اإلنسان وبقية مظاهر احلياة،4
ولكي تؤسس األسطورة البد أن تعتمد يف جانبجا على خلق نظامجا اخلاص ،وهو نظام قوة املاورائيات ،وهو نفس
الدور الذي تلعبه امليتاكفيزيقيا يف الثقاكفات املتطورة ،5ويعرب عنجا بطريقتني :األوىل :تتبدى بالطقس ،والثانية :ذهنية
تتبدى باألسطورة ،6ويف هذا الصدد يقول مارسي إلياد « :األسطورة حتكي تارخيا مقدسا ،بيد أن زاوية تاريخ
مقدس تعادل كشف أسطورة ،ألن شخصيات األسطورة ليست كائنات بشرية ،كفاألسطورة إذن هي التاريخ ملا
سبق حصوله يف الزمن األول ،واألسطورة تكشف القداسة املطلقة .»7
ويرى مارسي الياد أن الطقوس واألساطري تبقى عموما آلية يصعب إجياد حتديد دقيق ووحيد هلا ،كففي أغلب
اجملتمعات القدمية والتقليدية حتتوي األساطري أو الطقوس على حقيقة ثقاكفية معقدة جدا ،واليت ميكن تفسريها
ومناقشتجا من وججات نظر متعددة ،وهي ذاهتا حكاية مقدسة تدور زمنيا عن أصل عمليات اخللق األوىل وحتتمل
أبعادا أسطورية ،ويتم عبورها بواسطة ممارسة الطقوس واملتمثلة حسب مارسي الياد بتجليات املقدس ،وهي تؤدي
أيضا وظيفة حيوية وتصون املبادئ األخالقية وتضمن كفعالية االحتفاالت الطقوسية وتقدم القواعد العملية احملددة
لفعل وممارسة اإلنسان ،وبالتايل كفجي عنصر أساسي من احلضارة اإلنسانية.8
19
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
ومن هنا يتضح أن هناك عالقة وطيدة بني الطقس واألسطورة :كفجناك طقوس متارس من دون مرجعية
ميثولوجية ،وهناك أساطري دون طقوس ،لكن جند أساطري نشأت من أنواع الطقوس ،ووجود طقوس نشأت عن
أساطري ،وتعرب الكرامة يف الطقس عن الفكرة كما يعرب السلوك واحلركة عن الصورة الذهنية اليت تنشأ أثناء
التفكري ،1وهو ما يدعونا لنتساءل هل نشأ الطقس من األسطورة أم نشأت األسطورة من الطقس؟
قد تتحول األسطورة إىل دين ،أو يتم امتصاصجا من خالل السيطرة الدينية املثالية ،إذا ما اعتربنا أن
األسطورة تفسري وتأويل لشعائر دينية ،وهي على العموم ال تؤلف إال بعد ما تزول أو تضيع الفكرة البدائية اليت
دعت إىل اختاذ تلك الشعائر أو التقاليد ،2كفاألسطورة عادة ال تشرح كيف بدأت الشعائر والعادات ،بل إهنا
بنفسجا حتتاج إىل تفسري ،ولذلك تفسر بواسطة العادات اليت تتعلق هبا ،3كفاألسطورة ال تعرف مؤلفا معينا كفجي
ظاهرة مجعية.
واألسطورة هي نتاج الطقس األسبق عليجا يف تاريخ الدين ،كفالطقوس املؤسسة منذ زمن مغرق يف القدم ،تفقد
مبرور األيام معناها وغايتجا ،وتتحول إىل إجراءات غامضة ال يعرف ممارسوها والقيمون عليجا مدلوالهتا
ومضامينجا ،وهنا تأيت األسطورة لكي توضح أصل الطقس ومعناه ،وتقدم تفسريا مقنعا لتلك اإلجراءات اليت
تناقلتجا األجيال ،4وألن الرصيد االعتقادي دائم الستمرار هذه املعتقدات بالغ الضخامة وميتد جبذوره إىل مراحل
تارخيية موغلة يف القدم ،كفإن العامة يف املغرب األوسط مل يكونوا مبنأى عن هذه السيطرة ملدة طويلة.
أما عن زمن األسطورة كفإن أحداثجا جتري يف زمن مقدس غري الزمن احلايل ،ومع ذلك مضامينجا أكثر صدقا
وحقيقة بالنسبة للمؤمن من مضامني الروايات التارخيية ،اليت قد يشكك كفيجا ويعطي لنفسه احلق يف تصديقجا أو
تكذيبجا ، 5هذه احلرية يف التصديق من عدمه قد يتحكم كفيجا املنطق العقلي أحيانا ،لكن سلطة األسطورة ليست
من الربهان العقلي ألهنا تلجأ إىل اخليال والعاطفة ،وهو ما حييلنا إىل ظاهرة الكرامة الصوكفية يف جمتمع املغرب
األوسط ،واليت انطبقت عليجا مميزات وخصائص األسطورة ،من حيث الشكل ،السلطة ،واملشروعية ،وامتدادها
الزمين الطويل ( تاريخ الزمن الطويل) .
20
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
برجوعنا لألسطورة يف الفكر اإلسالمي كفإننا جندها تعترب ضربا من الوهم والكذب والباطل ،وهلذا جند الكثري
من املفكرين املعاصرين دعوا إىل ضرورة تفعيل العقل للنظر يف املفاهيم ( املقدس والطقس) ،ومن بني هؤالء
املفكرين جند حممد أركون الذي نوه إىل املوقف السليب اجتاه هذه املفاهيم :وحسب رأيه كفإن كفكر املسلمني بقي
كفرتة طويلة يوصف باجلمود واالنغالقية ،1وهذا االنغالق طبع وطغى على املدونة الوسيطة خاصة املناقبية 2الراكفضة
للتشكيك يف ما ورد من أساطري حول األولياء والصلحاء ،وهو ما منع إعمال العقل يف نقل أخبار الكرامات
واخلوارق ،وهو ما يفسر الكم اهلائل من الروايات اخلوارقية اليت تزخر هبا املدونة الوسيطة.
المبحث الثالث :رمزية الطقوس وعالقتها باالعتقاد
أوال :الرمز:
ال ميكن االختالف يف كون اإلنسان كائن رمزي ،كفالرموز والطقوس حتديدا تشكل أساس التفاعالت االجتماعية
لألكفراد واجلماعات ،بل إن تاريخ اإلنسان ويف خمتلف اجملتمعات هو تاريخ رموزه وإشاراته ومعانيه ،كما أن اجملتمع حسب
قول ليفي سرتاوس « :يعرب عن حركيته بصورة رمزية أكثر منجا مادية ،وذلك عن طريق العادات والطقوس واملؤسسات».3
كفالرمز حيتمل القراءة والقراءة املضادة ،ويفتح الباب أمام احتماالت التأويل نظرا لكونه عالمة يف البدء حتتاج إىل قراءة،
كفالرمز هو عالمة اصطناعية خمتزلة اختزاال تكثيفيا ،ومبا أهنا كذلك كفجي حاملة باألساس لقيم ومعتقدات ومتثالت ،كفكل
رمز هو محال أوجه ودالالت للمعىن ،4كفعن طريق االستعمال الدائم يتكرس الرمز وتتأسس سلطته التأثريية ،كما أنه عن
طريق تطقيس الرمز وتقديسه وتصريفه يف اجملال تتوطد هذه السلطة وتصري موجبة للخضوع واهليبة يف البناءات اخلاصة
مثال :املساجد – الزوايا والضرائح -وقباب األولياء املتججة حنو السماء واليت تؤسس للسلطة الرمز من خالل حضورها
اجملايل ،5وهو ما ستكشف عنه هذه الدراسة.
لطاملا قامت الرموز املصركفة أثناء ممارسة الطقوس على تقوية سلطة الطقس وحدث االحتفال به ،وبالتايل
ضمان استمرارية مضامني أسطوريته التأسيسية ،كقصص أسطورية جمسدة لثقاكفة شفاهية يتناقلجا أكفراد اجملتمع جيال
- 1حممد ،أركون :معارك من أجل األنسنة يف السياقات اإلسالمية ،تر :هاشم صاحل ،ط ،2بريوت :دار الساقي ،1002 ،ص.21
-2التفسري املعجمي للفظة َمنـ َقبَة حييل على الطريق الضيق بني دارين واألثر العميق يف الشيء وكرم الفعل واملفخرة واألخالق احلسنة ،أما النَ ِقيبَة كفجي
مين الفعل والطباع الفطرية يف مدلوهلا الشخصي اليت تعين النفس أو اخلِل َقة أو الطبيعة ،كما ميكن أن تعين كلمة نقيبة أيضا نفاذ الرأي ،وهو ما دكفع
ب ومدلوله اجملازي الذي يقصد به كفَك طَل َسم وَكشف ِسر َدكفِني .عيسى لطفي :مرجع سابق،
الشَراح إىل إقامة عالقة بني األصل اجملرد للكلمة أي نـَ َق َ
ص. 11
- 3كلود ليفي سرتاوس :األسطورة واملعىن ،تر :صبحي حديد ،ط ،2احملمدية :دار امللتقى للنشر والتوزيع ،1000 ،ص.11؛ عن عبد الرحيم،
العطري :مرجع سابق ،ص 11
-4نفسه ،ص 10؛ حنان ،محودا :مرجع سابق ،ص.221
5عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص.10
21
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
بعد جيل ،والدالة يف كنججا على النظام االجتماعي وعاداته وتقاليده وبنية أعراكفه ،وتتوزع هذه الطقوس ما بني
املمارسات التمثيلية ملواضيع متكاملة األدوار من حيث رموزها ودالالهتا ،وما بني العمليات الذهنية املموقعة
للتصورات والتمثالت الثقاكفية واالجتماعية والدينية القدسية املصبغة على موضوع رمزية املقدس.1
وتأسيسا على ما سبق كفإن الرموز من الناحية األنثربولوجية ،هي مبثابة آلية يتم توظيفجا لرتمجة مضامني وصور
املقدس بكل جتلياته ،كفالرموز هي حاملة لدالالت اخلصب والغيث والتضامن ،وكذا لقيم االتصال بالطبيعة عرب
ممارسة طقوس العبور ،اليت ميكن اعتبارها مبنزلة حمطات سوسيوثقاكفية تكرارية تؤرخ لرموز املقدس املائي ،وهي غالبا
ما متارس لتصريف قيم ومعايري الواقع الطبيعي واملناخي الصعب وتكريسه رمزيا وطقوسيا .2
ثانيا :أنواع الرموز المقدسة ( الرمزية المائية وتقديس العيون المائية أنموذجا):
تنوعت الرموز املقدسة اليت مت توظيفجا يف املغرب األوسط بني األشكال واأللوان ،من ذلك شكل حذوة
احلصان واهلالل والنجمة واخلمسة واللون األخضر واألبيض وغريها ،وكان املاء أكثر هذه الرموز حضورا واستعماال
كفاحلديث عن بنية الرمزية املائية وتقديس العيون املائية باملغرب األوسط ،حييلنا إىل البحث يف دالالت "املاء"
وكيف أصبح رمزا مقدسا ،خاصة يف بيئة أقل ما يقال عنجا أهنا بيئة ذات طبيعة زراعية يكثر كفيجا استعمال املاء.
إن ا ملتأمل يف هذه املمارسات الطقوسية جيد أن املاء حيمل أكثر من داللة ،ولعل ذلك يتجلى يف كون املاء
مصدر احلياة كلجا ،أضف إىل ذلك أنه يرمز إىل دالالت كثرية ،كففي معجم الرموز ذكر يف مقدمة لفظة املاء ميكن
أن ختتزل الداللة الرمزية للماء يف ثالث حماور أساسية" ،مصدر للحياة" "وسيلة للتطجري" "مركز جتدد" هذه احملاور
الثالثة تلتقي يف العادات القدمية ،3لدى مجيع اجملتمعات خاصة الرعوية أو الريفية كمجتمع املغرب األوسط.
وبتحليل القيم الدينية للمياه ندرك بشكل أكفضل البنية الوظيفية للرمز ،وعليه كفإن الرمزية املائية هنا تلعب دورا بارزا
يف احلياة الدينية البشرية ،كفبفضل الرموز يصبح العامل شفاكفا وقابال إلظجار التصاعد ،4تكاد ترجع أغلب أساطري
اجملتمعات البشرية القدمية أصل الكون واحلياة ومجيع أصناف املخلوقات إىل املاء ،5واليت تعرب عنجا داخل قوالب
معركفية أسطورية شائعة الصدى منذ القدم ،كأشكال من املعتقدات واملوروث الشعيب املتصل باملاء ،وترتمجه
22
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
كمضامني دالة على موضوع املقدس واخلصوبة واحلياة واملوت ،1كفاملياه مستودع كل إمكانيات الوجود ،كفاملياه لدى
بعض سكان املغرب األوسط يستعمل يف اإلراقة اجلنائزية كماء تغسيل امليت ،وتطجريات املواليد اجلدد أو
اال ستحمامات الطقوسية كحمام العروسة ،أو االستحمام يوم عاشوراء ،وبسبب هذه املناسبات واملمارسات
تتحول طبيعة املياه حسب اعتقادهم ،من املياه العادية إىل مياه مقدسة تنتج صحة وخصبا ،وهو ما سأتطرق إليه
بالتفصيل يف احلديث عن توظيف املاء املقدس يف املناسبات واالحتفاالت وحىت اجلنائز ،كفاملياه كما قال إلياد
مارسي تغسل الذنوب ويف الوقت ذاته مطجرة ومولدة.2
"املقدس املائي" يشكل جزءاً مجما من بنية املعتقد لدى مجيع األمم وخباصة سكان املغرب األوسط ،واملتمثلة
بنسق من االحتفاالت والطقوس والتصورات املرتبطة حول موضوع املقدس وعالقة املاء ورموزه بدالالت اخلصوبة،
حيث أثرت على البنية الذهنية والسيكولوجية والسوسيولوجية للمجتمع املغرب األوسط الذي حيتفي مبجاالت
العيون كأمكنة للتربك والتشايف من العقم ومن السحر ،ويتم توظيفجا كمزارات من لدن النساء طمعا يف الزواج
واإلجناب وكفك قيود السحر إ ىل غري ذلك من األشكال واملمارسات اليت ترتجم بنية ذهنية جمتمع املغرب األوسط
الزاخرة بطقوس الزيارة والتربك.3
ثالثا :المعتقد:
يعرف املعتقد بأنه أحد أشكال التعبريات اجلمعية اليت خرجت من حيز التأمل الذهين ،ويبدو أن توصل اخلربة
الدينية إىل تكوين معتقد هو حا جة سيكولوجية ماسة ،ألن املعتقد هو الذي يعطي للخربة الدينية شكلجا املعقول
الذي يعمل على ضبط وتقنني أحواهلا ،وقد حتدث مواججة بني ما هو غييب الذي يعده قدسيا يف نفسه وخارج
عن سيطرته ،وبني ما حيدثه هذا الطقس من انفعاالت تؤدي إىل حقائق معينة ،يف حني ينتج عن هذه املواججة ما
يسمى باملعتقد الذي تصوغه اجلماعة من أجل إسقاط التجربة الداخلية على العامل اخلارجي.4
ميكن القول أن املعتقدات هي جمموعة األكفكار واملبادئ اليت تبناها الناس ويؤمنون بصحتجا ،ويتم االتفاق على
أمهيتجا وصحتجا لفرتة زمنية معينة.
23
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
-1اليونان بالضم مث السكون ونونني بينجما ألف موضع منه إىل سبعة كفراسخ ومنه أيضا إىل البلقان سبعة كفراسخ وهي من قرى بعلبك ،ياقوت احلموي:
احلموي أبو عبد اهلل ياقوت الرومي :معجم البلدان ،بريوت :دار صادر2977 ،م ،ص.212
- 2جبل مع روف يف بالد واسعة تضاف إليجم ،كفيقال بالد الروم ،مسوا كذلك لشقرهم بين األصفر ،حيدها شرقا تركيا جنوبا االسكندرية وغربا األندلس
.احلموي :مصدر سابق91-97/2 ،؛ العمري :مصدر سابق ،ص.122-122
- 3عبد العزيز كفياليل" :املؤرخون الفرنسيون واألمن الفكري يف املغرب الكبري" ،ص.ص ،11-9ضمن كتاب :دراسات يف تاريخ اجلزائر والغرب
اإلسالمي ،عني مليلة – اجلزائر :دار اهلدى 1021،م .ص.22
- 4عبد العزيز كفياليل :املرجع السابق ،ص22؛ عبد اهلل العروي :جممل تاريخ املغرب ،ط ،1املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء :املغرب2990 ،م،
ص.222 ،212
24
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
كانت ختفي يف كثري من األحيان دواكفع كامنة للسيطرة واهليمنة على السكان احملليني األصليني ،1وانطالقا من هذا
الرأي سأحاول تتبع بعض الكتابات والدراسات الفرنسية باملغرب األوسط لنتعرف على مواقف أصحاهبا ،وكيف
نفسر بقاء بعض املعتقدات واملقدسات والعادات الوثنية طيلة العصر الوسيط واستمرارها ملا بعده؟
من أهم الكتابات نذكر على سبيل املثال ال احلصر كتابات الفرد بلعن الدين اإلسالمي لدى الرببر وكتاب
إدموند دويت السحر والديانة يف إكفريقيا الشمالية ،باإلضاكفة إىل كتاب ريين باسات عن عبادة املغارات يف املغرب
واجلزائر ،وهي دراسة ميدانية قدمجا لنيل شجادة الدكتوراه من كلية اآلداب باجلزائر مجع وصنف كفيجا عددا هائال
من األساطري واملعتقدات املرتبطة ببعض الكجوف واملغارات املوجودة يف خمتلف مناطق املغرب.2
وتسجيل ما كتبه إدوارد مونيت عن عبادة األولياء املسلمني يف إكفريقيا الشمالية ،وجاك كاريت يف املرابطني
والطرق الدينية اإلسالمية يف اجلزائر وغريهم من املؤرخني ،حاولوا إرجاع أصل كل ما هو مقدس يف املغرب الوسيط
إىل أصول ختدم أهداكفجم.
يرى جاك باركفي كالمه عن مكانة املقدس يف تاريخ املغرب اإلسالمي أنه مجع ملدة طويلة الصوري وامللموس
أكثر وأحسن من أي منط آخر من أمناط املمارسة االجتماعية ،حبيث وإن هو مل يشكل سوى وججا من أوجه
النظام املغريب ،إال أنه كان وججا كفاعال ومفكرا ،من وججة نظر املؤرخني االجتماعيني ،3إذ ذكر جاك بارك « :إن
احلياة الطقوسية تنحصر على األقل كفيما خيص القرية يف احتفاالت دورية ،تدعم إيقاع الفصول وحتمي السالمة
القانونية وحتاكفظ على النظام الزراعي والدفء اجلماعي» ،4كما دعم جاك بارك كفكرة البقايا الوثنية بقوله« :كل
شيء بدأ وانتجى بالرقص ،كفمن املمكن القول أن اهلل ما زال حاضرا يف هذا املغرب العريب املعفر واملذهب ،لقد
وصل صدى الرسالة السماوية كصوت آت من الصحراء ميتزج هبذه األناشيد الوثنية املنبعثة من حوض البحر
األبيض املتوسط».5
- 1عبد العزيز كفياليل" :املؤرخون الفرنسيون ،ص 22؛ وذكر عبد اهلل العروي أن املؤرخ الغريب يلجأ إىل تفسري الظواهر مبنطقه الفاسد ،دون أن جيرأ أحد
على توبيخه ،جممل تاريخ ،ص12-12
- 2عبد الغين ،منديب :مرجع سابق ،ص.21
Ulemas Fondateurs insurges du Maghreb xvii siele, la Biblitheque Arabe Éditions sindbed, -3
Paris,1982,P245.
-4عبد الغين ،منديب :املرجع السابق ،ص ،21جاك بريك جاء للمغرب سنة 2191م ونشر كتابه الطقوس واملعتقدات سنة 2910م ،كما اشتغل
مراقب مدين ممثال لالستعمار الفرنسي مبركز الربوج مث امنانوت ،وله دراسة حول املواثيق الرعوية لقبيلة بين مسكني سنة 2920م ،مث دراسة أخرى
بعنوان :البنيات االجتماعية يف األطلس الكبري سنة 2911م.
jaques, Berque: Dépossession du Monde, Éditions seuil, paris, 1964, p9 -5
25
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
إن الدراسات السوسيولوجية خاصة الفرنسية اليت حتسب على الرتاث الكولونيايل ،متحورت حول اإلسالم
املغاريب وممارساته ،تفيد أن سكان املغرب بعد دخول اإلسالم مل يعيدوا إنتاج نفس اإلسالم التارخيي ،بل أهنم
حاكفظوا على إمياهنم مبعتقداهتم الوثنية اليت ورثوها عن سابقيجم ،واليت انصجرت بدورها مع منط تدينجم اإلسالمي،
وعليه كفإن املقدسات عندهم سواء الدينية أو املدنية كانت مشبعة هبذه املعتقدات املوروثة ،ومنه تطرقجم
للمقدسات يف املغرب الوسيط كان من منظور الدراسات الكولونيالية والدراسات األجنلوساكسونية ،اليت انطلقت
من التوججات الفكرية والسوسيولوجية اليت حكمت هذه الفرتة واليت استقلت على مستوى املوضوع واملنجج
واملفاهيم.
كفبالرغم من كون العلوم االجتماعية الكولونيالية قد قاربت اجملتمعات املغاربية كلجا خبلفيات إيديولوجية
مستوحاة من املشروع االستعماري الذي كان يؤطرها ،كفإهنا استعملت من الناحية التحليلية النظريات واألدوات
املفاهيمية اليت كانت سائدة يف وقتجا.1
وردا عليجم ميكن تسجيل رأي الباحث كفراس السواح عن املمارسات الطقوسية كفجو يرى بأهنا جمموعة من األكفعال
املتعلقة بأسلوب التعامل مع املعتقد ،وأن الطقوس ممارسات كفردية أو مجاعية ترتجم ما يشعر به املعتقد من إميان
داخلي وال تقتصر وظيفة الطقس يف ترمجة األكفكار واملعتقدات ،وإمنا هتدف إىل إحيائجا واستمرارها كفجي أيضا
جمموعة من األسباب والوسائل اليت تعيد خلق اإلميان بشكل دوري 2،والطقس – ممارسة الفعل االحتفايل يف
قالب طقوسي -واقعة ثقاكفية تؤشر على رمزية اجملتمع وعلى تاريخ من القيم واملعايري اليت مت التواكفق عليجا ،كفباتت
تستعمل بشكل تكراري مضبوط ومنمط اجتماعيا.3
وكدليل على حركية املقدس وعدم احتكارها كفيما قبل إسالم سكان املغرب ،كفإن الباحث نور الدين الزاهي
يرى بأن املقدس ينتمي إىل ججة الرمزي وبفضل هذا االنتماء تتجيكل تعبرييته بالصور والرموز املتجذرة يف عمق
املتخيل اجلمعي لتظجر بألوان متعددة داخل املعريف والطقوسي واجملايل والسياسي ،4بينما غريه يرى أن أي جمتمع
يعيد إنتاج معطياته من خالل املقدس واملدنس واجملال والذات والتقابالت أو األزواج ،ويف ظل هذه التقابالت
يتحول املقدس إىل أهم رهان سياسي ،وبالضبط يف جمتمعات يلعب املقدس كفيجا دورا مجما يف اسرتاتيجيات
26
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
الشرف والعرض والربكة والكرامة ،1وهو ما ينطبق على جمتمع املغرب األوسط ،لذا جند أن السالطني الزيانيني
باملغرب األوسط عملوا على احرتام وتقريب كل من ميلك سلطة روحية وقدسية سواء الفقجاء أو املتصوكفة أو حىت
أصحاب الكرامات ملا يضفيه هذا األمر من شرعية هلم.
من هنا بدت لنا عمليات إعادة الرتتيب املتتالية للمقدس هي اليت حتي وحترك تاريخ املغرب من الداخل ،أكثر من
التقلبات السياسية ومن القليل الذي نعركفه عن االقتصاد أو نستحضره من االثنولوجيا 2واالثنوغراكفيا ،3يف حني أن
هناك من رأى بأن ممارسات األكفراد ت َكون الشعور اجلمعي اجتاه املقدس ،معتربين أن املقدس هو إحدى مقوالت
اإلحساس اليت يبىن عليجا السلوك الديين اليت متنحه خاصته النوعية وتفرض على املؤمن شعورا مميزا باالحرتام،
حيصن إميانه ضد روح النقد كما جتعله مبنأى عن اجلدل العقيم بوضعجا إياه خارج نطاق العقل وما ورائه،4
مالحظا أن التاريخ املغريب يف قراءته لذاته منح أولوية ثابتة للديين 5على عكس القراءات االستشراقية.
ومنه نستنتج أن أعمال املستشرقني قد اصطبغت مبنجج تأويلي واضح ،يف حماولة منجم إلثبات كيفية أسلمة
كل الطقوس اليت تطرقوا إليجا بالدراسة من خالل تركيزهم على البقايا الوثنية ،اليت مل تتعرض لعملية األسلمة كما
مسوها وهو املنجج الذي تبنته املدرسة الفرنسية ،خصوصا أنه يسعى إىل إصباغ املعىن على خمتلف الطقوس
واملقدسات املدروسة.
من خالل طرح أكفكار وأراء بعض املؤرخني الفرنسيني حول املمارسات الطقوسية والعادات باملغرب اإلسالمي
كفإن موقفي املتبىن ال خيتلف كثريا عن موقف املؤرخ عبد العزيز كفياليل حول هذه الكتابات ،كون املؤرخني الفرنسني
مل حيجموا عن ذكر املبالغات واملغالطات واألخطاء والتناقضات املعتمدة يف تارخيجم للفرتة القدمية ،كما مل ختل
كتاباهتم من االحنراف والتلفيق والتعصب العرقي والديين وااليديولوجي خدمة للجيمنة والسلطة.6
27
فصل تمهيدي :ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق.
باإلضاكفة إىل األحكام املسبقة والنعوت السلبية للحياة االجتماعية والدينية والعقدية ،وضرب الوسائل
الوجدانية والروحية واهلوية والتاريخ واال نتماء اجلغرايف واحلضاري للشعوب املستعمرة ،كانت من أهم العوامل
املتحكمة يف الكتابات الكولنيالية ،وهي نظريات مبالغ كفيجا تدل داللة واضحة على أن مؤرخي هذه املدرسة
ابتعدوا عن املنجج العلمي السليم يف عالج القضايا التارخيية واالجتماعية واملواضيع احلضارية ،باعتمادها على زرع
الشكوك يف مقومات الشخصية املغربية ومكوناهتا ،ويف أصوهلم وطبائعجم وقامت بتغذية النعرة القبلية والطائفية
وإذكاء نارها ،حىت تسود وتتمكن من هتجني األهايل ومسخجم وتغريبجم ،ليسجل هلا بذلك القيادة والسيطرة
عليجم وعلى مقدراهتم الوطنية.
اشرتكت الدراسات الكولونيالية يف استنتاجاهتا العامة حول البقايا الوثنية للمقدسات باملغرب األوسط ،كما
اشرتكت يف طريقة املعاجلة ومنجج القراءة والتأويل يف قراءة وكفجم مغزى الظواهر املدروسة واعتمدت على نفس
املنجج املبين على املالحظة املباشر يف مجع وتصنيف املعطيات االثنوغراكفية.
28
الفصل األول
المعتقدات الشعبية والمقدس.
المبحث األول :المعتقدات الشعبية والممارسات الطقوسية.
أوال :االعتقاد يف سلطة اجلن.
ثانيا :االعتقاد يف العني واحلسد.
ثالثا :التطري والفأل:
المبحث الثاني :السحر والشعوذة:
أوال :السحر
ثانيا :الشعوذة.
ثالثا :التفريق بني السحر والطالسم واملعجزة والكرامة:
/2املعجزة والسحر:
/1السحر يف املغرب األوسط بني أحكام الشريعة واملدرسة االستشراقية.
/2التداخل بني الدين والسحر.
رابعا :الكجانة والتنجيم.
/2الكجانة والعراكفة.
/1صناعة النجوم (التنجيم):
/2وجه إحلاق التنجيم بالسحر:
المبحث الثالث :البدع والخرافات وتأثيرها على الفرد والمجتمع.
أوال :تعريف البدعة
ثانيا :مناذج من البدع.
/2بدعة تعليق التمائم.
/1بدعة التحية.
/2ظجور احلركات الدينية متطركفة باملغرب األوسط.
/2علم الرمل.
/1قراءة الكف.
/0النظر يف الكتف.
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
سادت املعتقدات الشعبية املقدسة جمال واسع من ذهنية سكان املغرب األوسط ،1خاصة يف ظل الظروف
الصعبة اليت واجججا هذا اجملتمع يف الفرتة موضوع البحث ،واليت شجدت صراع عسكري وحروب مع الدول
اجملاورة ،إنضاكفت إليجا الكوارث الطبيعية واجلوائح واألوبئة اليت حلت به.
للبحث عن املعتقدات الشعبية املقدسة يف املغرب األوسط ،ميكن القول أنه ال ميكن عزهلا عن أصلجا
األسطوري أو امليثولوجي ،كفاملعتقدات يؤمن هبا الناس لتعلقجا بالعامل اخلارجي والعامل كفوق الطبيعي ،2ونتجت
املعتقدات عن اخلربة الدينية الفردية ،واليت خرجت بدورها من حيز االنفعال العاطفي إىل حيز التأمل الذهين،3
ومنه كفاملعتقدات الشعبية هي تلك األكفكار واألحاسيس اليت حترك الناس إزاء الظواهر الطبيعية والشاذة ،كتصورات
الناس عن الزالزل والرعد واخلسوف وغريها ،كفيشعر اإلنسان باخلوف اجتاه هذه الظواهر ،وكذلك تصورات الناس
عن أسرار بعض الظواهر الفيزيقية والنفسية ،كاألحالم والنوم والوالدة واخلالص واملوت ورؤية املستقبل ،كفاملعتقد
إميان ناشئ عن مصدر ال شعوري ،لذا يكره اإلنسان على تصديق كفكر أو رأي أو تأويل أو مذهب ،وسوف نرى
أن "العقل غريب عن تكوين املعتقد ،وال يأخذ العقل تربير املعتقد إال بعد أن يتم تكوينه".4
لعل من أبرز املعتقدات الشعبية انتشارا وتقديسا عند بعض سكان املغرب األوسط ،هو االعتقاد بالتنبؤ
والتكجن واستشراف املستقبل والتطلع ملعركفة الغيب ،بالتوسل إىل األولياء واألضرحة عن طريق التقرب إليجم
ِ
وتقسيمه له كان قبليا أكثر منه جغرايف إذ قال « :بالد املغرب األوسط موطن قبائل زناتة من وادي ملوية غربا ضبط ابن خلدون للمغرب األوسط 1
َ -
إىل واد الشلف والزاب شرقا ،ومن ساحل شرشال ووهران مشاال ،إىل إقليم تيجرت جنوبا ،واألقاليم املمتدة من اجلزائر غربا إىل جباية شرقا بالد صنجاجة،
أما جباية وقسنطينة كفمواطن كتامة وعجيسة وهوارة » العرب 27/0 ،وما بعدها ،وكثريا ما طََر َح الضبط اجلغرايف للمغرب األوسط يف العصر الوسيط
إشكاال كبريا بني الباحثني بني ضبطه قبليا أو جغراكفيا أو سياسيا ،كفقبائل املغرب األوسط من طبيعتجا الرتحال والتنقل حبثا عن املاء والكأل ،وكذلك
األمر بالنسبة للسيطرة السياسية على األراضي ،كفجي مل تستقر لدولة بعينجا كفحىت املوحدون ملكوا املغرب األوسط نظريا لكن عمليا مل يتمكنوا من
السيطرة على مجيع أقاليمه بدليل توظيفجم للقبائل اهلاللية من أجل مجع الضرائب من القبائل املمتنعة ،أضف إىل ذلك ما شجده املغرب األوسط العديد
من احلروب والصراعات السياسية بينه وبني املغرب األقصى واألدىن ،ويرى الباحث عيسى ،ابن احلاج يف خامتة دراسته حول زناتة أن السبب وراء تفادي
معظم الباحثني للخوض يف تفاصيل بطون قبائل زناتة ،هو التعقيد والغموض ال لذان حييطان بالظاهرة ،واليت مل يستطع أكثر املتخصصني يف الشأن
القبلي كابن خلدون من حتديد حدود االتصال واالنفصال بني زناتة واآلخر ،وبدا واضحا صعوبة حتديد اجملال اجلغرايف لزناتة طيلة العصر الوسيط بشكل
دقيق ،بسبب االنتشار الكبري وكثرة التفريعات القبلية ".زناتة املغرب األوسط القبيلة واجملال" ،جملة العرب للدراسات التارخيية واألثرية ،ع ،2جملد،2
جانفي ،1010ص ص ،291-272ص 292؛ وللمزيد حول املوضوع ينظر الدراسة اليت قام هبا الباحث عبد القادر بوعقادة املوسومة ب " :هل
املغرب األوسط خراكفة" ،جملة عصور اجلديدة ،ع ،11-12ماي 1020م ،ص ص .71-00
- 2حممد ،اجلوهري :الدراسات العلمية للمعتقدات الشعبية ،ط ،2اإلسكندرية :دار املعركفة اجلامعية2992 ،م ،ص29؛ نوارة ،عبيدي وكفوزية،
مخيسي" :املعتقدات الشعبية يف األسرة اجلزائرية من طقوس الوالدة حىت منو الطفل" :جملة تاريخ العلوم ،ع 9سبتمرب 1027م ،جامعة الطارف-
اجلزائر ،ص ص ،222- 221ص .220
- 3كفراس ،السواح :دين اإلنسان ،ص .27
- 4غوستاف ،لوبون :اآلراء والمعتقدات ،ترمجة :عادل زعيرت ،ط ،02مصر :منشورات مؤسسة هنداوي للتعليم والثقاكفة1022،م ،ص.21-27
30
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
بالقرابني واألضاحي والنذور والزيارة ،وذلك للحصول على الربكة ،أو لتحقيق أغراض دنيوية باستخدام عدة
وسائط ،إلخضاع القوى كفوق الطبيعية إلرادة اإلنسان واتقاء شرها ،1عن طريق ممارسة عدة طقوس إسرتضائية
ختتلف حسب كل مرحلة من مراحل دورة احلياة بدءا بالوالدة وصوال إىل الوكفاة ،وتقوم هبذه الطقوس "اجلماعة
الشعبية" أقصد شرحية عريضة من املجمشني يف جمتمع املغرب األوسط ،لتتقي هبا أخطار يعتقد أهنا هتدد حياة
أكفرادها ،بكائنات غري منظورة وذات طبيعة سحرية ،والسرتضاء هذه الكائنات وطلب بركتجا ،من خالل التربك
باألماكن واآلثار واألشخاص أحياء أو أموات ،2ومل يقتصر البحث عن معركفة ما ختبأه األيام لدى الفئات الدنيا
بل حىت بعض النخب السياسية من أمراء وقادة جلئوا ملثل هذه الطقوس .
وال ميكن كفصل هذه الطقوس عن سياق املقدسات ،إذ مل جيد إنسان املغرب األوسط غري املمارسات
الطقوسية ذات الطابع الديين أو الدنيوي ليعلق عليجا معتقداته ،يف ثنائية متناقضة ومتضادة خيتلط كفيجا القدسي
اإلهلي بالسحري والوضعي الدنيوي.
- 1حممد ،اجلوهري :علم الفلكلور ،ط ،2القاهرة :دار املعركفة اجلامعية2991 ،م ،ص02؛ وهيب ،أيب كفاضل :موسوعة عامل التاريخ واحلضارة –
حضارات العامل القدمي ،-ط ،2بريوت :نوبليس 20 ،جملدات ،ص.272
-2صاحل ،بن كفوزان :البدعة -تعريفجا – أنواعجا – أحكامجا،ط ،2الرياض -السعودية :املكتب التعاوين للدعوة واإلرشاد 1002 ،م ،ص.20
31
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
المبحث األول :المعتقدات الشعبية والممارسات الطقوسية:
تصنف املعتقدات بأهنا كل ما هو من عمل اإلميان ،ومىت استعان املرء يف حتقيق صحتجا بالتأمل والتجربة
أصبحت هي واملعركفة أمران نفسيان ،خيتلفان من حيث املصدر اختالكفا تاما ،إذ يعترب املعتقد كناية عن إهلام ال
شعوري ناشئ عن علل بعيدة من إرادتنا ،واملعركفة عبارة عن اقتباس شعوري عقلي قائم على االختبار والتأمل،1
كفمجتمع املغرب األوسط جمتمع مؤمن وله معتقداته الراسخة اليت لعبت دورا رئيسيا يف تكوين البنية الذهنية املؤمنة
بالغيب مما كرس بعض اآلراء واملعتقدات.
ولتكوين هذه اآلراء واملعتقدات وذيوعجا وجوه خارقة للعادة ،جتعل املؤمنني هبا يعزوهنا إىل مصدر إهلي ،ومما
يشريون إليه هو أهنم يعتنقوهنا مع خمالفتجا ألكثر مناكفعجم وضوحا ،2ويشتمل عامل املعتقد على سننه ومنطقه،3
كفمنذ القدمي حاول العلماء عبثا أن يدخلوا كفيه مستعينني مبناهججم وأساليبجم ،كفكان الناس يف املاضي يعزون
املعتقدات إ ىل مصدر إهلي ،مما جعلجم يعتنقوهنا غري جمادلني كفيجا ،وذلك ألن مصدر املعتقدات الالشعوري وغري
اإلرادي مينحجا قوة عظيمة ،كفللمعتقدات دينية كانت أم سياسية أم اجتماعية شأن كبري يف التاريخ على الدوام ،إذ
ال تلبث املعتقدات بعد أن تصري عامة أن تصبح قطوبا جاذبة جتذب حوهلا كيان الشعوب ،وتطبع مستجا على كل
عنصر من عناصر حضارهتا.4
لذا جند أن املعتقدات السائدة يف املغرب األوسط أصبحت جزءا من كيانه وحضارته مستندة على املنطق
الديين ،الذي يقوم مقام العلل الطبيعية كعزائم موجودات ،أو قوى علوية جتب خشيتجا ومداراهتا ألهنا ذات أهواء
وتأثري يف مجيع األكفعال ،وميكن رصد قوة املنطق الديين يف جمتمع املغرب األوسط على اخلصوص عند أصحاب
النفوس الدينية ،ذلك أهنا يف نظرهم تتجلى يف الشخص بإسناده قدرة سحرية ال تأثري للعقل كفيجا ،إىل موجود أو
شيء معني أو قوة جمجولة ،وختتلف نتائج هذه النفسية حبسب النفوس ،كفجي عند بعضجم دعامة ملعتقدات دينية
معلومة ترتاءى هلم أهنا صادرة عن شيء يقال له ألوهيات ،والقوى العلوية هي عند آخرين أمر مبجم ،لكنجا ذات
سلطان وقدرة ،وحينئذ تبدو روح التدين يف هؤالء على شكل إحدى اخلراكفات أو األساطري ،5وال أدل على ذلك
32
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
من وجود بعض اخلراكفات واألساطري واملعتقدات السحرية وتغلغلجا داخل جمتمع املغرب األوسط والتصديق اجلازم
هبا.
ال شك أن سيطرة املنطق الديين على البشر امتدت زمنا طويال ،كفجو بإجياده القوانني والعادات واألديان قد
ولد مجيع األوهام اليت سريت النوع اإلنساين حىت يومنا هذا ،1وهو ما يفسر استمرار بعض املعتقدات يف جمتمع
الدراسة واليت كانت سائدة قبل العصر الوسيط ووصوهلا إىل وقتنا احلايل ،كفاملعتقدات ال تكون ذات قوة إال إذا
أصبحت مثال أعلى مقبوال بوجه عام ،2وتعود األسباب والعلل الداخلية للمعتقدات إىل اخللق – املثل األعلى –
االحتياجات -املنفعة -احلرص ،أما العوامل اخلارجية كفرتجع إىل التلقني – االنطباع األويل -االحتياج إىل تفسري-
األلفاظ -الصيغ والصور -األوهام -الضرورة .3
دلت التجربة واالختبار على أن لألمم ذات املاضي الطويل أراء ومعتقدات واحدة يف بعض املواضيع ،4وأن لكل
شعب أخالق جامعة مشرتكة بني أكثر أكفراده ،كفتلك األخالق حتدث يف الشعب أراء متشاهبة ،5وجمتمع املغرب
األوسط مل يشذ عن القاعدة ،كفتارخيه الطويل حتت حكم الزيانيني 6الذي تعدى ثالثة قرون ونصف (-022
901هـ2111-2121/م) ،كان كفيال باحلفاظ على بعض املعتقدات اليت كانت سائدة قبله واستمرارها ملا
بعد.
إن القسمات الذهنية االستسالميه الناجتة عن عالقة واضحة بني ضعف الوعي الديين وتدين مستوى اإلدراك
العلمي ،مقابل التعلق بأحكام التنجيم والسحر والعراكفة السائدة يف املغرب األوسط ،عالقة تنبه إليجا ابن
خلدون(ت101هـ2201/م) يف عصره ،كثابت من ثوابت الذهنية التواكلية العاجزة ،مبينا أن الذي محل الناس
على ذلك يف الغالب هو «:التشوف إىل عواقب أمورهم ،وعلم ما حيدث هلم من حياة وموت وخري وشر ،ولقد
جند يف املدن صنفا من الناس ينتحلون املعاش من ذلك لعلمجم حبرص الناس عليه ،كفينتصبون هلم يف الطرقات
والدكاكني يتعرضون ملن يسأهلم عنه ،كفتغدو عليجم وتروح نسوان املدينة وصبياهنا ،وكثري من ضعفاء العقول،
-1غوستاف لوبون :مرجع سابق ،ص . 71واملنطق الديين عنده هو نتيجة ملا يف اإلنسان من روح دينية ،وهذه الروح اليت كانت عامة بني الناس يف
القرون الغابرة ال تزال منتشرة .ص. 01
- 2نفسه ،ص.201
-3نفسه ،بعدها صفحات متعددة 221-201
-4نفسه ،ص.219
- 5نفسه ،ص.10
- 6بنو زيان نسبة إىل زيان بن ثابت بن حممد بن سدوكس بن أطاع اهلل بن علي بن ميل بن يزكي بن القاسم بن حممد بن عبد اهلل بن إدريس الثاين،
وبذلك ينسب جم النسابة إىل الفرع الثاين من بين عبد الواد املنتسبني إىل بين القاسم .عبد الرمحان ،بن خلدون :العرب7/0-1 ،؛ جمجول :زهر البستان،
ص.20
33
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
يستكشفون عواقب أمرهم يف الكسب واجلاه واملعاش واملعاشرة والعداوة ،وأمثال ذلك ما بني خط رمل ويسمونه
ارب املن َدل ،وهو من
ض َ املنَجم ،وطرق باحلصى واحلبوب ويسمونه احلَاسب ،ونظر يف املرايا واملياه ويسمونه َ
املنكرات الفاشية يف األمصار.»1
إن العقلية التواكلية اليت حتدث عنجا ابن خلدون(ت101هـ2202/م) يف عصره واليت سبقت اإلشارة إليجا ،زاد
من تفاقمجا الظروف الصعبة اليت سادت املغرب األوسط من حروب وكفنت وجماعات وطواعني وغريها واليت سيأيت
ذكرها الحقا.
أوال :االعتقاد في سلطة الجن:
ال ميكن احلديث عن املمارسات والطقوس املقدسة يف جمتمع املغرب األوسط ،أيّا كان تقييمنا هلا دون البحث
يف تاريخ حدوثجا ومراحل تطورها وكيفية بقائجا على مر التاريخ ،كفوكفق العديد من الكتابات والدراسات التارخيية،2
اليت اه تمت بتاريخ منطقة مشال إكفريقيا وعادات تدينجا وطقوسجا ومقدساهتا وممارساهتا ،رجحت أن اجملتمع املغريب
مل يكن ليتخلى عن عاداته وتقاليده بسجولة ،وهو ما يرجح بقاء بعض املقدسات ذات األصل الوثين وليس
مجيعجا كما روجت لذلك املدرسة االستشراقية ،حبجة أن اإلنسان األمازيغي كان إنسانا طقسيا ميارس شعائره
الدينية األسطورية عرب نقل الطقس والسحر والقربان واإلميان باجلن ،والقوى اخلارقة وعبادة احليوانات والقوى
املختلفة.
اعتقد بعض ساكنة املغرب األوسط يف وجود كجوف ومغارات يسكنجا اجلن ،يقدمون للناس خدمات كثرية
شريطة استعطاكفجم والتقرب منجم ،كفجن املغارات هلم قدرة على إبراء األمراض املستعصية واستشراف املستقبل
وجلب احلظ وإبعاد سوء الطالع ،3وساد هذا االعتقاد يف بعض مناطق املغرب األوسط خاصة املناطق اجلبلية اليت
تكثر هبا املغارات والكجوف ،واليت نسجت حوهلا العديد من األساطري واخلوارق.
وألن املعتقدات اليت كانت سائدة رجحت أن اجلن تفضل منابع املياه واملواقد النارية التقليدية حيث تعمل املرأة
وتوجد باستمرار ،كفإن صلتجا تتعمق أكثر مبا جيعلجا عمليا أشد عرضة لإلصابة بأذاها ،4لذا مت االحتفاء مبجاالت
العيون كأمكنة للتربك والتشايف من العقم ومن السحر ،ومت توظيفجا كمزارات من لدن النساء طمعا يف الزواج
34
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
واإلجناب وكفك قيود السحر واسرتضاء ساكنتجا من اجلن إىل غري ذلك من األشكال واملمارسات اليت ترتجم بنية
ذهنية اإلنسان يف املغرب األوسط ،الزاخرة بطقوس الزيارة والتربك.1
يف املقابل جند أن الباحث حممد أركون يدعونا لقراءة العالقة بني األسطوري واملقدس واخلارق والعجيب
املدهش ،ويرى بأن البناء األسطوري ال مييز نسيج الشعوب القدمية البدائية كفحسب ،بل هو حاضر يف كل مراحل
التطور البشري ،وأن األساطري اليت ينتججا اجملتمع كفيلة باإلجابة عن احلاجات اليت تواججه يف احتكاكه بالواقع،
وأن اجملتمع اإلسالمي له تصوراته ونظرته اخلاصة لألساطري وكفق عقيدته ومنطلقاته ،وأن الشعوب األوىل ارتبطت
بأمناط حياة شكلت ثقاكفة قصصجا وأساطريها ونظرهتا للحياة .2
وهو ما سجلته يف جمتمع املغرب األوسط ذلك أن االعتقاد يف قدرة وسلطة اجلن على الناس من أكثر
املعتقدات شيوعا وتأثريا ،حيث حوت املدونة الوسيطة عدد غري قليل من القرائن واألدلة اليت تتحدث عن
التصديق بسلطة اجلن وحتكمجا يف جمريات حياة الناس ،إىل درجة جعلت بعض كفئات اجملتمع يقدسون األماكن
اليت يعتقدون بوجود ا جلن هبا ،لذا أقاموا هلا طقوسا مقدسة خاصة السرتضائجم وجتنب أذاهم ،وأصدق صورة هلذا
االعتقاد هي اليت نقلجا لنا الوزان كفقال «:يوجد محام مكون من عني ماء ساخن يتدكفق بني أحجار ضخمة -
مسي واد السالحف ويعرف اليوم حبمام سيدي مسيد -تعيش كفيه السالحف تعتقد النساء أهنا شياطني وإذا اتفق
وأصيبت إحدى النساء باحلمى أو غريها تقول أن سبب ذلك يرجع إىل السالحف وللتخلص من الداء تذبح
على الفور دجاجة بيضاء تضعجا يف إناء بريشجا الكامل مث تربط حول اإلناء مشعتني وحتمله إىل العني حيث ترتكه،
وكم من الظركفاء من اتبعوا امرأة وهي تتوجه إىل العني حاملة معجا اإلناء والدجاجة وأخذوا اإلناء بعد انصراكفجا مث
طبخوا الدجاجة وأكلوها »3من خالل النص نالحظ التضارب الصارخ بني كفئتني لكل معقده ،الفئة األوىل ترى
بأن هذا الطقس والقربان سيكون كفيال باسرتضاء اجلن وبالتايل حتقيق الشفاء ،أما الفئة الثانية كفاستغلت سذاجة
األوىل واسرتضوا بطوهنم.
على هذا األساس ساد االعتقاد بأن اجلن كائنات تطرق يف الغالب األماكن املظلمة واملوحشة والقذرة،
كمخارج املياه والربك الراكدة واملغارات والغابات املقفرة ،وهي األماكن اليت يتعطل كفيجا كل كالم سوى كالم
اهلل ،4وقد تدخلت عوامل خم تلفة يف تكريس هذه املعتقدات الغيبية وتقديسجا ،منجا سرعة تصديق العامة بل حىت
اإلميان هبا ،كفمن خالل استقراء املاضي يتضح وجود ديانات وثنية ومعتقدات شعبية متنوعة سبقت إسالم سكان
35
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
املنطقة ،طغت على عقلية السكان بعضجا حملي 1وبعضجا واكفد من الشرق ،متخض عن هذه املعتقدات القدمية
اعتقادهم بوجود أرواح اجلن داخل خمتلف العناصر الطبيعية من عيون وأهنار وأحجار وجبال وأشجار ،2وجمتمع
املغرب األوسط ال خيلو من مثل هذه املعتقدات.
وألن املقدس ظل موزعا يف الطبيعة على نطاق واسع كفجناك اعتقاد يف عديد األرواح واجلن اليت تسكن
الصخور واملغاور واألشجار والينابيع ،خاصة وأن اإلسالم ال ينفي وجود اجلن ،وهو ما مسح باستمرار االعتقاد يف
األرواح اخلفية وما يرتبط هبا من طقوس وشعائر ،تعود يف الواقع إىل العصور القدمية ،3واعتقاد أن اجلن يسكنون
ظ بذكراها ،وهو ما
اجلبال والصخور ،كفمظاهر املقدس األكثر حمسوسية واألكثر انتشارا يف العامل هي اليت أحتف َ
ميكن تسميته باحلدث الطوبوغرايف وأوهلا اجلبل وحىت الصخر ،4وهو ما جيعلنا نتساءل عن السبب الذي جعل
سكان املغرب األوسط يعقدون بسكىن اجلن يف اجلبال وملاذا مت إضفاء صفة القداسة على اجلبل هل ترجع لشكل
اجلبل يف حد ذاته أو أن قربه من السماء هو الذي يسوغ توقريه؟ إن استمداد القداسة من األرض ومن السماء
يبدو متعارضا كفكيف يسبغ االرتباط باألرض والعلو يف السماء صفة القداسة؟
حول حتليل معتقدات سكان املغرب يف املغارات واجلبال ال بد من التنويه للدراسة اليت قام هبا الباحث رينيه
باسيه ،واليت تبىن كفيجا املنجج التارخيي االثنوغرايف ،5حيث اعتمد على الوثيقة يف تأرخيه لألحداث واملالحظة
امليدانية يف اجملال االثنوغرايف ،إذ يعترب كتابه "عبادة الكجوف يف املغرب" من أشجر كتاباته ،حيث أبرز خمتلف
الطقوس واملظاهر اليت متارس داخل هذه الكجوف ،وأن كل الطقوس املمارسة هبا تعود يف أصلجا إىل ممارسات
وعادات سابقة ،وركز يف كتابه هذا على منطقة املغرب األقصى ،ومل أجد كفيه إشارات إىل مناطق من املغرب
األوسط ،لكن يف املقابل العمل األكثر أمهية والذي اشتغلت عليه هو مقاله حول التدين عند الرببر حيث قال
كفيه «:ما يلزمنا دراسته بالدرجة األوىل هم السكان املغاربة صناعتجم وعاداهتم ومؤسساهتم وكذلك األعراف
- 1من أشجر اآلهلة اإلكفريقية ذات األصل احمللي جند اإلهلة تانيت وهي احلامية واملراكفقة للنساء احلوامل واإلله آمون أو هامون واقرتن بالشمس كما له
قرنان .حممد العريب عقون :االقتصاد والمجتمع في الشمال اإلفريقي القديم ،دار اهلدى عني مليلة -اجلزائر1001 ،م ،.ص .121-121
-2عبد الوهاب ،بنمنصور :قبائل املغرب ،الرباط :املطبعة امللكية2901 ،م117/2 ،؛ ومن مناذج اجلبال اليت متت عبادهتا يف املغرب األوسط سواء يف
العصر القدمي أو الوسيط جند األطلس كفجو عندهم إله ومعبد يف نفس الوقت ،واجلبل املطل على قرارم وسد بين هارون واجلبل املطل عل مدينة القل هو
سيدي عاشور ،واجلبل املطل على أم بواقي هو سيدي رغيس أما اجلبالن اللذان يطالن على باتنة كفجما سيدي علي وسيدي لعلى .حممد العريب عقون:
املرجع السابق ،ص.122
- 3نفسه ،ص .112
- 4نفسه ،ص .122
- 5األثنوغراكفيا نوع من كفروع األنثروبولوجيا ،وتعىن بوصف الشعوب وحتليل عاداهتم وطبائعجم وأسلوب معاشجم ،انطالقا من املشاهدة امليدانية ،كفجذا
ما جنده بشكل دقيق يف كتب اجلغراكفيا اإلنسانيةMarcel, Mouss: Manuel Déthnorgraphie, Édition payot: .
paris,1926,p9
36
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
واملعتقدات ، »1والذي أورد كفيه أنه أيا كان الرأي حول اجلذور املعقدة للشعوب اليت تسمى بربر واليت حتتل مشال
إكفريقيا من البحر املتوسط إىل السودان واألطلسي إىل غاية حدود مصر ،كفإن البحث يف معتقداهتم يرجع إىل
دينجم القدمي ، 2وهو احلكم الذي ال جيزأ احلقيقة حول تبين سكان مشال إكفريقيا لنفس املعتقدات ،كما يقول بأن
الكتابات الالتينية يف إكفريقيا سجلت عبادة املغاربة للجبال والصخور ألهنا توكفر هلم احلماية ضد الرياح ،لذا اعتقد
املغاربة يف وجود جين اجلبال.3
واالعتقاد يف سلطة اجلن وقدرهتم ظجر بعض الناس ممن ادعوا معركفتجم بعلم اجلن وأهنم حيوزون كتبا
الستحضار اجلن أن هناك عدد كبري من العفاريت حتت خدمتجم كما زعموا أهنم يقتلون اجلن ،4وهو األمر الذي
ساعدهم يف بسط سيطرهتم على السذج من الناس حبجة قدرهتم على إخراج اجلن من املمسوسني بسؤال اجلن
بعد ذكر امسه وكيف دخل اجلسم ،ومن أرسله ويطلب منه اخلروج ومغادرة اجلسد.5
يف املقابل حفظت لنا املدونة الوسيطة بعض الطرق اليت جابه هبا إنسان املغرب األوسط أذية اجلن منجا أن
املعزم يقوم بكتابة بعض احلروف مث يرسم دوائر كفوق التنور وخيط على يد املصروع أو جبينه بعض اإلشارات بعدها
يبدأ يف عملية الرقية ،6لكن كثريا ممن تصدروا للرقية ذكروا أن "البسملة" كفيلة بطرد اجلن وإبعاد خطره ،كفمن أهم
وظائف البسملة "الوظيفة الوقائية" ،يف سعى إىل االحتماء من كل التأثريات السيئة الناجتة عن أرواح اجلن ،هذه
الكائنات غري البشرية والالمرئية اليت يعترب االعتقاد يف وجودها من صميم جوهر الكون ،كفوجود ونشاط هذه
الرحيم »8كفيلة بغلبة
الرمحَان َ
7
املخلوقات مسألة غري قابلة للتشكيك ،والتقاء أذى اجلن كفإن ذكر آية «بسم اهلل َ
اجلن كفجي من آيات الغلبة.9
-9حتدثت الباحثة fanny, colonnaعن دور آيات الغلبة لدراسة وكفجم الدين واجملتمع ،خاصة يف جمتمع يسيطر عليه التعليم التقليدي للقرآن
والثقاكفة الدينية كمجتمع اجلزائر مع ظجور حركة عبد احلميد ابن باديس اإلصالحية ،صحيح أن الفرتة الزمنية اليت درستجا متأخرة مقارنة بفرتة األطروحة
إىل أهنا أشارت إىل استمرارية اإلعتقاد يف قدرة آيات الغلبة منذ زمن طويل أي بداية من الفرتة الوسيطة على طرد اجلن: les versets de .
37
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
اعتقد بعض الناس أن للبسملة خواص وبركات خفية ،كفمن كتبجا ووكفقجا مل حيرتق بالنار ومل يدخلجا ،وذلك
لزعمجم أن عدد حروكفجا تسعة عشر وهو نفسه عدد املالئكة املوكلني بالنار ( الزبانية) ،1ورغم حبثي إال أنه مل يقع
بني يدي حديث صحيح صريح يؤكد هذا القول ،وعليه أرى أن االعتقاد يف سلطة اجلن وقدرته على الـتأثري يف
الناس سلبا من خالل التلبس أو اإلصابة باملرض أو إحلاق الضرر هو من جعلجم يسعون إلجياد طرق وقائية جلنب
وقوعجم حتت هتديد اجلن أو طرق لعالججم يف حال تسلط عليجم نفر من اجلن ،يف املقابل وردت بعض النوازل
عن قدرة بعض اجلن إمامة اآلدميني للصالة إذا كان اجلن مسلما وهي مسألة كفيجا اختالف كبري غري أن هناك من
صدقجا بل وأجاز إمامة اجلين ،كفكان اجلواب على كفتوى ركفعت كفحواها هل جتوز الصالة خلف اإلمام إذا كان
جنيا مؤمنا؟ كفكان اجلواب أهنا تصح ألنه مكلف وألن الرسالة لنا وهلم ،2إن ورود نازلة هبذه الشاكلة تؤكد ال حمالة
على مدى ترسخ كفكرة سلطة اجلن وأعتقد أن التصديق بصحتجا مشل كفئات قليلة داخل اجملتمع وال ميكن تعميم
االعتقاد هبا.
وتعدى األمر حد استعمال البسملة للوقاية من اجلن ،كفجناك من ش ِج َد له حسب املصادر أنه حاز قدرات
وي أن أحد سكان تلمسان 3عاصمة املغرب خارقة بتواصله مع اجلن حىت زعموا أنه كان يقرئجم ،كفمما ر َ
األوسط ،وهو الشيخ أبو يعقوب التفرييت من األولياء الكبار املشجور له بالدين والعلم ،كان يـقرأ اإلنس واجلن
مبسجده والناس يسمعون صوت اجلان ،وحدث أن دخل عليه َحنَش عظيم كففر احلاضرون منه ،كفقال الشيخ:
َدعوهَ ،دعوه ،كفقرب منه وناوله كفتمرغ مث نزع الشيخ بـََراءَة (ورقة) من كفمه ،كفاستدعى الشيخ القلم والدواة وكتب
38
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
أسفل الرباءة وردها إليه والناس ينظرون كفانصركفوا خارجا ،كفأجاب الشيخ أنه رسول اجلن من أرض العراق ،بعثه
أصحابه بسؤال إلينا كفأجبناه.1
ثانيا :االعتقاد في العين والحسد.
يعترب االعتقاد يف العني واحلسد من أهم املعتقدات اليت سادت جمتمع املغرب األوسط وطغت على ذهنية
ساكنته ،وليس غريب أن تنتشر هذه األكفكار وسط هذا اجملتمع ذي البنية الدينية والثقاكفية الغيبية خاصة وأن
القرآن الكرمي ذكر احلسد يف أكثر من موضع ،2ومما زاد يف ترسيخ هذه الظاهرة ظجور ما يسمى "التمايز
االجتماعي" الذي أكفرز شرحية مسكوت عنجا ،تدهورت معيشتجا وتغري تفكريها ،كفلجأت يف األخري إىل أساليب
جديدة للجروب من الواقع ،كفوجدت يف هذا العامل الغييب مبتغاها ،بسبب تركيبتجا الذهنية لينساق وراءها جمموعة
كبرية من السذج اجلاهلني للعواقب الوخيمة ،كفكانوا السباقيني للتصديق بالعني واحلسد ،ويف هذا يقول ابن
خلدون (ت101هـ2202/م) «:من قبيل هذه التأثريات النفسية اإلصابة بالعني ،وهو تأثري من نفس املعيان
عندما يستحسن بعينه مدركا من الذوات أو األحوال ويفرط يف استحسانه ،وينشأ عن ذلك االستحسان حينئذ
أنه يروم معه سلب ذلك الشيء عمن اتصف به ،كفيؤثر كفساده ،وهو جبلة كفطرية أعين هذه اإلصابة بالعني »3وعن
عدم قدرة اإلنسان يف التحكم يف إصابته غريه بالعني يضيف قائال «:قالوا القاتل بالسحر أو بالكرامة يـقتَل،
والقاتل بالعني ال يـقتَل ،وما ذلك إال أنه ليس مما يريده ويقصده أو يرتكه وإمنا هو جمبور يف صدوره ،»4وعليه
كفاإلصابة بالعني الغرض منجا إحلاق األذى والضرر والشر ،5وهي من أكثر املعتقدات شيوعا وتقديسا يف جمتمع
املغرب األوسط.
- 1حيي ،بن خلدون :مصدر سابق .207/2 ،إن ورود ذكر هذه احلادثة تؤكد ال حمالة على ذهنية سكان املغرب األوسط املؤمنة باجلن إىل حد
التصديق يف هذه الرواية دون الطعن كفيجا أو متحيص صدقجا بل ونقلجا على لسان حيي ابن خلدون يف بغيته وهو من أهم مؤرخي املغرب األوسط يف
العصر الوسيط.
َّارا َح َس ًدا ِمن ِعن ِد ِ ِِ ِ ِ ِ ِ ِ
-من بني اآليات اليت أكدت وجود احلسد أذكر قول اهلل تعاىلَ ﴿ :وَّد َكث ٌري من أَه ِل الكتَاب لَو يـَرُّدونَكم من بـَعد إميَانكم كف ً
2
ني َهلم احلَ ُّق كفَاعفوا َواص َفحوا َح َّىت يَأِيتَ اللَّه بِأَم ِرهِ إِ َّن اللَّهَ َعلَى ك ِّل َشيء قَ ِد ٌير ﴾ سورة البقرة اآلية ،209وقوله ﴿ :أَم َحيسدو َن ِ ِ ِ
أَنـفس ِجم من بـَعد َما تَـبَـ َّ َ
يما﴾ سورة النساء اآلية ،12وكذلك قوله تعاىل: ِ ِ ِ النَّاس علَى ما آتَاهم اللَّه ِمن كفَضلِ ِه كفَـ َقد آتَـيـنا َ ِ ِ
اب َواحلك َمةَ َوآتَـيـنَاهم مل ًكا َعظ ً يم الكتَ َ آل إبـَراه َ َ َ َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ
﴿ َسيَـقول الم َخلَّفو َن إِذَا انطَلَقتم إِ َىل َمغَاِنَ لتَأخذ َ
وها ذَرونَا نـَتَّبِعكم ي ِريدو َن أَن يـبَدِّلوا َك َال َم اللَّه قل لَن تَـتَّبِعونَا َك َذلكم قَ َ
ال اللَّه من قَـبل كفَ َسيَـقولو َن بَل
اسد إِذَا َح َس َد﴾ سورة الفلق اآلية .1 َحتسدونـَنَا بل َكانوا َال يـف َقجو َن إَِّال قَلِ ًيال ﴾ سورة الفتح اآلية 21وقوله ﴿ :وِمن َشِّر ح ِ
َ َ َ َ
-3عبد الرمحان ،ابن خلدون :املقدمة ،ص.221
39
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
لذا ساد االعتقاد يف أنه ميكن االحتماء والتحصن واتقاء شر العني احلاسدة بوضع "اخلمسة املقدسة" 1وهي
طقوس خارج أحكام الشريعة ،وما قدسيتجا إىل ملا ترمز إليه من أهل البيت ( الرسول ﷺ وابنته كفاطمة وزوججا
علي وابنيجا احلسن واحلسني ) ،كفاخلمسة استعملت للوقاية من مجيع أشكال احلسد والعني ،أما احلسد كفال خيتلف
عن اإلصابة بالعني ،كفجو ال يصيب هدكفه إال إذا صدر من عني حاسد ،ومنه كفاحلسد حسب البعض يرجع إىل أن
احلاء والسني والدال أصل واحد وهو َح َسد ،2وهو متين زوال نعمة اآلخرين ،سواء متناها احلاسد لنفسه أم ال كفجذا
حسد مذموم ،أما إذا متىن مثل نعمة غريه دون أن يتمىن زواهلا عنه ،كفذلك غبطة وهي حممودة ،3أما عن أعراض
احلسد كفإهنا تظجر على املال والبدن والعيال حبسب مكوناهتا ،كفإذا وقع احلسد على النفس يصاب صاحبجا بشيء
من أمراض النفس ،كفال يستقر له حال أو كفكر أو مقال.4
ومن احلوادث اليت أرجع سببجا للحسد وإن مل تكن باملغرب األوسط إال أن نفس التفكري واملعتقد كان سائد،
هي حادثة غرق أسطول أيب احلسن املريين (729-722هـ2221-2222/م) بسبب العواصف ،إال أهنا مل
حتدث حسب ذهنية التعليل اخلرايف حتت تأثري عوامل االضطرابات اجلوية وهيجان البحر ،بقدر ما نسب ذلك
إىل سجام العني ،ذلك أنه حسب علم أهل البصائر أن عني احلاسد أصابت ،كفكان ذلك بالسحب الذواحل 5أي
املثقلة باألمطار الغزيرة ،ويرجع تفسري ابن اخلطيب (ت770هـ2201/م) لغرق سفينة أيب احلسن املريين سنة
(729هـ2221/م) بسبب شؤم الوقت ،ويتضح هذا جليا يف قوله «:ركب البحر يف الفصل ال َـمحذور والوقت
املشئوم ،»6وأورد ابن مرزوق(ت712هـ2200/م) يف مسنده أنه ملا نزل بظاهر جباية صحبة األمري أيب عمر
تاشفني بن علي (ت702هـ2271/م) ،خرج هلم الشيخ الصاحل الويل املكاشف املخصوص برؤية األموات
وحمادثتجم أبا عبد اهلل حممد ابن موسى اليجري البجائي ،استدعاه وأمره للخلوة معه وكفيما قال له «:اعلم يا ولدي
- 1الكف أو اخلمسة هي يد آهلة الرزق واخلصوبة تانيت يف قرطاج ،وآهلة الوكفرة واحلماية عند اهلندوس ،وهي كف مرمي أخت موسى عند اليجود،
وكف مرمي أم عيسى عند النصارى ،وكف كفاطمة بنت حممد عند الشيعة ،وتعد تعويذة لطرد الشر وجلب احلظ.
-2أبو احلسني ،أمحد بن كفارس ابن زكريا الرازي القزويين :معجم مقاييس اللغة ،تح :إبراهيم مشس الدين ،مج ،2بريوت :دار الكتب العلمية،
،1001جملدان ،ص.192
- 3أبو زكريا ،حيي بن شرف النووي :شرح ريا ض الصاحلني من كالم سيد املرسلني ،شرح :حممد بن صاحل العثيمني ،مصر :دار العقيدة للرتاث،
117/2؛ عبد القادر ،أبو طالب :عالج احلاسد واحملسود والعائن واملعيون ،الدمام -السعودية :مكتبة املتنبئ1001 ،م ،ص.0
- 4حممود ،نبيل بن حممد :تيسري الرمحان يف عالج السحر واملس والعني وأمراض اجلان ،ط ،1بريوت :دار العاملية للنشر والتوزيع ،1002 ،ص.101
- 5النمريي ،مصدر سابق ،ص 100؛ عبد اهلادي ،البياض :مرجع سابق ،ص .222
- 6ابن اخلطيب :رقم احللل يف نظم الدول ،تونس :املطبعة العمومية2191 ،م ،ص 11وأنشد قائال:
ـجة يف كفَصـل الشتَا *** َوقَد طَغَـى املـوج َعلَـيـه َو َعــتَــا
ـب الـل َ
َوَرك َ
احلجا
الر َجا *** يَا َعربة قَد د َهيت منـ َجا َ طب األسطول وانبت َ كفَـ َع َ
40
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
أن السلطان أبا احلسن(729-722هـ2221-2222/م) سيموت غريبا ،»1كناية على أنه سيموت بعيدا عن
أهله وملكه يف إشارة مضمرة ملعركفته الغيب ،واالعتقاد يف احلسد كان سائدا يف جمتمع املغرب األوسط هو اآلخر،
إذ مل يكن مبعزل عن انتشار مثل هذه املعتقدات بسبب التأثري املتبادل بني اجملتمعات املغاربية.
ثالثا :التطير 2والفأل:
تطلع إنسان املغرب األوسط ملعركفة ما ختبأه األيام القادمة ،بغية االستعداد هلا خوكفا من محلجا أنباءً سيئة ،وهو
ما شغل تفكريه وذهنيته أكثر من توقعه لألخبار السارة ،ومنه كان هذا التطلع للوقوف على كائنات األمور
ومستقبالهتا ومغيباهتا ،كفجو بالطبع يتشوكفجا ويروم معركفتجا على قدر استطاعته وحبسب طاقته ،شوقا للوقوف على
األمور الكائنة قبل حدوثجا من ججة وأخذ األهبة هلا ،وهلذا املعىن انساق اإلنسان إىل الفأل والزجر ،إذا عدم مجيع
وجوه االستدالل من أشكال الفلك وحركات النجوم ،ورمبا عدل إىل التكجن وصدق بكثري من الظنون الباطلة،3
كفالذين يلقبون أنفسجم بأحرار الفكر لنبذهم قواعد الدين ،يعتقدون الشعور باألمور قبل وقوعجا أو يعتقدون
بالفؤول والطوالع.4
تبدأ هذه التكجنات عادة بتوقع األسوأ عن طريق ما يعرتضه من إشارات وأَمارات ،وهو ما أطلق عليه لدى
جمتمع املغرب األوسط بالتطري كفما املقصود منه؟ وما هي عالماته؟ وكيف أثر التطري على مقدسات ومعتقدات
وطقوس ساكنة املغرب األوسط؟
41
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
الشرك ،1ومن ذلك التشاؤم 2من الشيء املرئي ،أو املسموع وغريمها ،وهناك آخرون تشاءموا برؤية بعض
الطيور ،كالـغربان والبومة وغريها أو برؤية األعور ،3ووصل األمر ببعضجم بتنظيف البيت وكنسه عقب سفر من
ساكفر من أهله.4
ِ
الطرية العياكفة ،وهيَ :زجر الطري ،وتنفريها ،وإرساهلا ،والتفاؤل ،أو التشاؤم بأمسائجا، ومما يدخل يف مبحث
وأصواهتا ،وممراهتا؛ كفعن العياكفة يكون الفأل ،أو التشاؤم ،5لذلك كانت العرب تزجر الطري والوحش ،أي تـنَـفِّرها،
وترسلجا ،وتتفاءل أو تتشاءم هبا ،وليس جمتمع املغرب األوسط ببعيد عن مثل هذه املعتقدات واملمارسات وهو ما
ستكشفه الصفحات التالية.
ال شك بأن اعتقاد بعض سكان املغرب األوسط يف أن تلك األكفعال ستخربه مبا حتمله قادم األيام من أخبار
الغيب واعتقاد أهنا جتلب له النفع ،أو تدكفع عنه الضرر ،هو اعتقاد خاطئ ألنه يدخل يف باب الشرك حسب رأي
الفقجاء 6حىت أهنم ادخلوها يف باب السح ر ،واعترب كفاعل هذه األمور ،ومفسرها لنفسه أو للناس ساحرا ،وإن
كان صاحب تلك األعمال ال يعتقدها كفجو كذب ،وغش ،وهبتان ،عن طريق االستعانة بالشياطني على كشف
بعض األمور ،واختاذ ذلك وسيلة خيفي هبا صنعه.7
-1مشس الدين ،أيب عبد اهلل حممد ب أيب بكر ابن القيم :مفتاح دار السعادة ومنشور والية أهل العلم واإلرادة ،تق :علي بن حسن ،مر :بكر بن
عبد اهلل،ط ،2السعودية :دار ابن عثمان للنشر والتوزيع2990 ،م 222/2 ،120/1،؛ عبد اهلل ،حممد ابن مفلح املقدسي :اآلداب الشرعية ،تح:
شعيب أرناؤوط وعمر القيام ،بريوت :الرسالة للنشر والتوزيع2999 ،م.202_217/2 ،
- 2ومسي التشاؤم تطريا ألن العرب كانوا يف اجلاهلية إذا خرج أحدهم ألمر قصد عش طائر كفجيجه ،كفإذا طار الطائر ججة اليمني تيمن به ومضى يف
السائح) ،أما إذا طار ججة اليسار اإلنسان تشاؤم به ورجع عما عزم عليه ،وكانوا يسمون الطائر يف هذه احلالة
األمر ويسمون الطائر يف هذه احلالة ( َ
(البَارح) ،كفجاء اإلسالم كفأبطل هذا األمر وهنى عنه وشدد يف النكري على كفاعله ،ورد األمر إىل سنن اهلل الثابتة وإىل قدرته املطلقة .حممد ،بن عبد العزيز
اخلضريي :خطر التطري والتشائم ،الرياض -السعودية :دار الوطن للنشر(،د.ت) ،ص.0
- 3بعض الناس يتشاءم برؤية األعور ومثال ذلك أن أحد الوالة خرج لبعض مجماته كفاستقبله رجل أعور كفتطري به ،وأمر به إىل احلبس كفلما رجع أمر
بإطالقه ،كفقال األعور :سألتك باهلل ما كان جرمي الذي حبستين ألجله؟ كفقال الوايل :تطريت بك .كفقال :كفما أصبت يف يومك برؤييت؟ كفقال :مل ألق
إال خريا .كفقال :أيجا األمري أنا خرجت من منزيل كفرأيتك كفلقيت يف يومي الشر واحلبس ،وأنت رأيتين كفلقيت اخلري والسرور كفمن أشأمنا؟ والطرية مبن
كانت؟ كفاستحيا منه الوايل ووصله .ابن القيم :مصدر سابق171/2 ،
- 4الونشريسي :املعيار.219/1 ،
عراف اليمامة ،واألبلق األسدي ،واألجلح ،وعروة ابن يزيد ،وغريهم؛ كفكان بعض سكان املغرب األوسط حيكمون بذلك، 5
-وممن اشتجر بذلك َّ
ويعملون به ،يف حال األمن ،واخلوف ،والسعة ،والضيق ،واحلرب ،والسلم ،كفإن جنحوا كفيما يتفاءلون به مدحوه ،وداوموا عليه ،وإن عطبوا كفيه تركوه
وذموه .ابن القيم :املرجع السابق.120_119/1 ،
ِ ِ
ب كفَ َال يظ ِجر َعلَى َغيبِه أ َ
َح ًدا﴾ سورة اجلن - 6أمجع الفقجاء على أن ادعاء معركفة الغيب شرك باهلل ألن اهلل وحده عامل الغيب لقوله تعاىلَ ﴿ :عامل الغَي ِ
اآلية ، 10وورد ذكر كلمة الغيب أربعون مرة يف القرآن الكرمي كلجا تؤكد على إنفراد اهلل مبعركفته.
-7أمحد بن ناصر بن حممد ،احلمد :السحر بني احلقيقة واخليال ،ط ،2مكة -السعودية :دار الرتاث2911،م ،ص.211_212
42
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
وقد وصل األمر إىل أن صار اختيار أوقات السفر يتحدد مبا يسفر عنه الزجر والتطري لتفادي الفرتات املشئومة،
وذلك بعد صدور مؤشرات توحي باإلقدام أو اإلحجام ،وهذه عادة ترسخت يف ذهنيات السذج كحقيقة غري
قابلة للنقاش واجلدل ،السيما إذا حازت ممارسة هذه الطقوس على تزكية غري مقصودة من تصركفات أهل القلم من
علماء القدوة ،1وال يفوتنا هنا أن ننوه إىل حادثة غرق سفن أيب احلسن املريين(729-722هـ)2221-2222/
واليت سبق ذكرها ملا عزم السفر إذ تطري الناس كفيجا بالوقت املشئوم.
ومن النماذج اليت وردت يف املصادر الوسيطة عن اعتقاد سكان املغرب يف التطري والتشاؤم ،تطريهم بشجر
النارنج الذي كان مرادكفا يف خمياهلم لكارثة مدمرة ،كفكان ذلك سببا يف عزوف الفالحني عن غرسه ،بالرغم من أنه
يسجم يف التخفيف من درجة تبخر مياه السواقي والصجاريج ،ومنه استغالل املياه والتقليل من خطورة اجلفاف
وهو ما طمسته ذهنية التفكري اخلرايف ،2وال أدل على وجود هذا النوع من التطري يف املغرب األوسط وشيوعه من
اعتقاد ابن خلدون ( ت101هـ2202/م) حني اعترب ذيوع هذه املمارسات مؤشرات على خراب العمران
بقوله «:إن املدينة إذا كثر كفيجا غرس النارنج تأذنت باخلراب ،حىت إن كثريا من العامة يتحاشى غرس النارنج
أورد ابن مرزوق بالدور تطريا به ،وهذا الطور الذي خيشى معه هالك املصر وخرابه ،» 3يف املقابل
(ت712هـ 2279/م) بوجود مجاعة من املتصوكفة ركفضوا التطري بشجر النارنج بل ورد ذكره يف صورة الكرامة اليت
يتربك هبا كفقال «:أخربين أبو العباس ابن القطان وكان كثريا ما حيضر اجلمجور ،قال :كفيجتمع كفيجا صلحاء البلد
وعل ماء الوقت الظاهرين ،أما الليايل اخلاصة كفيجتمع كفيجا بأصحابه وخواصه املتجردين املنقطعني الذين ال يعركفجم
عي
إال من هو منجم كففيجا شاهد العجائب ،وذكر أن هناك من انتقدوا عدم استدعائجم لليايل اخلاصة كفاستد َ
شيخ قال :كفحضر كفما كان إال أن كفرغوا من األوراد ،وقال قائلجم :وقاموا متواجدين كفنظرت إىل شجرة النَارنج،
وإىل هؤالء وكال يقطف منجا نوعا غريبا يَبني منجا ،كالسفرجل والرمان وأنواع الفواكه والرياحني ،قال :كفنظر إىل
الشيخ كفقمت مستغفرا.»4
43
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
المبحث الثاني :السحر والشعوذة:
إن املتتبع لعادات وأمناط سلوك إنسان املغرب األوسط ،يالحظ سيادة بعض املعتقدات السحرية ،ذلك أن
بيئة املغرب عدت بيئة خصبة لربوز وتغذية هذه املعتقدات وتقديسجا ،وقبل البحث والتقصي عنجا ال بأس من
معركفة ما املقصود بالسحر والشعوذة؟
أوال :السحر
تعريف السحر:
السحر لغة :السحر يف اللغة يدور حول عدة معان ،كفيطلق على صرف الشيء عن حقيقته إىل غريه ،ويطلق على
اخلداع ،وعلى إخراج الباطل يف صورة احلق ،وعلى كل ما لطف ودق مأخذه ،1والسحر هو كل تقرب كفيه إىل
وس َحَره سحراً وسحر ،ورجل َساحر من قوم َس َحَرة ،وس َحار
الشيطان ومبعونة منه ،ومجع سحر أَس َحار وسحورَ ،
من قوم َس َحارين ،2ويطلق السحر يف لغة العرب على كل شيء خفي سببه ،ولذلك تقول العرب يف الشيء
الشديد اخلفاء ،أخفى من السحر ،وتصف مالحة العينني بالسحر ألهنا تصيب القلوب بسجامجا يف خفاء ،كما
يوصف البيان بالسحر.3
السحر في االصطالح :السحر ليس نوعا واحدا يشمله ٌّ
حد جامع مانع لكثرة األنواع الداخلة حتته ،ومن هنا
اختلفت عبارات العلماء يف حده اختالكفا متباينا ،4كفقد عركفه أبو بكر اجلصاص ( ت270هـ910/م) بأنه كل
خف َي سببه ،وختيل على غري حقيقته ،وجري جمرى التمويه واخلداع ،5وهو ما مسي بالسحر التخيلي وحيدثأمر ِ
عندما يقوم الساحر بإحضار شيء يعركفه الناس على حقيقته ،مث يقرأ عليه عزميته وطالمسه ويستعني بالشياطني
كفريى الناس الشيء على غري حقيقته.6
44
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
وعركفه أبو بكر ابن العريب املالكي( ت122هـ2221/م) يف قوله :هو كالم مؤلف يعظم كفيه غري اهلل وتنسب
إليه كفيه املقادير والكائنات ،1وعركفه ابن قدامة املقدسي( 010هـ2112/م) بقوله «:السحر عزائم ورقى،تؤثر يف
األبدان والقلوب ،كفيمرض ،ويَـقتل ،ويفرق ،ويأخذ أحد الزوجني عن صاحبه.»2
وعركفه الدكتور أمحد احلمد بقوله :السحر هو املخادعة ،أو التأثري يف عامل العناصر مبقتضى القدرة احملدودة
مبعني من اجلن أو بأدوية ،إثر استعدادات لدى الساحر ،عن طريق التخيل أو املخادعة ،وما كان منه حقيقة يؤثر
باهلمة ،أو مبعني من الشياطني ،أو بدعوى مواكفقة مزاج األكفالك والعناصر ،أو حنو ذلك ،3أما ابن خلدون
بكيفية استعدادات تَـقتَ ِدر النفوس
ِ (ت101هـ2202/م) كفقد عركفه بقوله «:علوم السحر والطلسمات 4هي علوم
البشرية هبا على التأثريات يف عامل العناصر إما بغري معِني أو مبعني ،من األمور السماوية واألول سحر والثاين
طلسمات.»5
املقصود به أن ميدح اإلنسان كفيصدق كفيه حىت يصرف قلوب السامعني إليه ،ويذمه كفيصدق كفيه ويصرف قلوهبم
6
السحور َسحورا ألنه يقع
أيضا عنه ،ويغلب على نفوسجم وحيول الشيء عن حقيقته ويصركفه عن وججته ،ومسي َ
خفيا آخر الليل ،وتطلق العرب السحر على اخلديعة ألنه خيفي سببجا ويدق ،7ولقد عرف السحر بتعاريف كثرية
-1حممد ،بن عبد اهلل أيب بكر ابن العريب املالكي :أحكام القرآن ،تح :حممد عبد القادر عطا ،ط ،2بريوت :دار الكتب العلمية1002 ،م2 ،
جملدات.22/2 ،
-2أبو حممد ،بن قدامة املقدسي :الكايف يف كفقه اإلمام أمحد بن حنبل ،تح :حممد كفارس ومسعد عبد احلميد السعدين ،ط ،2بريوت :دار الكتب
العلمية2992 ،م2 ،أجزاء.02/2 ،
-3أمحد ،احلمد :مرجع سابق ،ص.27
-4الطلسمات مجع طلسم هي كلمة يونانية معربة ،وهي تعين اخلطوط والكتابة اليت يستعملجا الساحر يزعم أنه يدكفع هبا األذى ،مازجا بني القوى
السماوية وبني قوى األرض ،يربط هبا روحانيات الكواكب العلوية بالطبائع السفلية ،وتعين أيضا كل ما هو مبجم ،وعلم الطلسمات علم مادته الفلك
وأنواع املولدات ،وصورته كمال اهلياكل ،وغايته الطبائع وحترير وقته ،وإجراء خبوراته ،وهو علم يستخدم للشفاء من العلل وطرد اهلوام وحفظ ما يطلب
حفظه يف األزمنة املتطاولة .داود ،بن عمر األنطاكي :تذكرة أويل األلباب واجلامع للعجب العجاب ،الطبعة األخرية ،بريوت :املكتبة الشعبية،2979 ،
212/1؛ عبد عون ،الروضان :موسوعة تاريخ العرب -تاريخ ممالك -دول -حضارة ،ط ،2األردن :األهلية للنشر ،1009 ،جزءان002 /2 ،؛
حيي ،الشامي :مرجع سابق ،ص 19و 20؛ ويرى أيب القاسم مسلمة بن أمحد اجملريطي :أن حقيقة الطَل َسم معكوس امسه وهو م َسلَط ،ألنه من جواهر
القجر والتسليط يفعل كفيما له ركب كفعل غلبة وقجر ،والطلسم هو اسم السلجموس وهو استنزال قوى األرواح العلوية ويوقعون على اجلميع اسم السحر،
غاية احلكيم يف األرصاد الفلكية والطالسم الروحية والتنجيم ،تح :هريرت ،ط ،2بريوت :دار اجملة البيضاء ،1001 ،ص .21
-5عبد الرمحان ،بن خلدون :املقدمة ،ص.222
- 6جمد الدين ،حممد بن يعقوب الفريوز أبادي :القاموس احمليط ،تح :مكتب حتقيق الرتاث يف مؤسسة الرسالة ،إشراف :حممد نعيم العرقسوسي ،ط،1
بريوت :مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر ،1001 ،ص.201
-7سليمان ،األشقر :مرجع سابق ،ص.07
45
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
متباية وذلك لكثرة األنواع الداخلة حتته واليت ال يتحقق قدر مشرتك بينجا ،والختالف املذاهب كفيه بني احلقيقة
والتخيل ،1وجلوء الساحر إىل التعزمي الذي يوجب على اجلن األبالسة متعددي األشكال حتقيق نواياه.2
كفالسحر يطلق على معان اخلداع وختيالت ال حقيقة هلا ،حنو ما يفعله املشعوذ عما يفعله خلفة يد ،وما يفعله
النمام بقول مزخرف ،3ويقال :الرجل مطبوب ،أي مسحور ،ويقال :كنوا عن السحر بالطب تفاؤال.4
ات ِيف الع َق ِد﴾ 6وأضاف
ذهب أهل السنة واجلماعة إىل أن السحر ثابت 5لقوله تعاىل﴿ :وِمن َشِّر النـَّفَّاثَ ِ
َ
البعض أن السحر عبارة عن عقد قراءات ونفثات ،7يتوصل هبا الساحر إىل اإلضرار باملسحور كفمنه ما يذهب
العقل ومنه ما يوجب العقد ،يعين تعلق اإلنسان بغريه تعلقا شديدا ،ومنه ما يوجب الصرف يعين انصراكفه عن غريه
انصراكفا كامال ،8والسحر ممارسة تستخدم عناصر خفية أو مادية للتأثري يف الواقع ومن أجل بلوغ غرض حمدد،
46
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
وحتدد القوى املؤثرة وكذا الغاية أو الغايات املوجودة ،1وهناك من ربط بني السحر والطب الشعيب ،وأرجع بأن
املمارسات الغري حمسوسة املتمثلة يف السحر والتمائم والتعاويذ والرقى وغريها هي من أشكال الطب الشعيب.2
حسب املعجم الفرنسي لعلم االجتماع تعين كلمة السحر عملية تستجدف الفعل ضد قوانني الطبيعة بواسطة
السحر ،كما يعرف املعجم نفسه بأهنا هي القدرة على إيذاء اآلخرين من خالل عمل روحاين ،3ومنجم من يقول:
أن السحر هو ما يورث احلب أو البغض ،وأهنا أمور خيالية توجب تأثريا يف النفوس تقع بسببجا مفاسد على
حسب ما تشكلت به النفوس من تلك األكفعال اليت تظجر من كفعل السحر وال حقيقة له عند التحقيق ،4ومنه
كفالسحر جمموعة من األكفعال واملمارسات اليت تسمح ملمتجنجا التأثري على اآلخرين بفضل سيطرته على القوى
املختبئة ،لذلك كفإنه يقوم على طقوس وتقنية تنفذ ذلك االعتقاد.
يطلق على السحر اسم العلم الزائف أو العلم الكاذب ،5وهو أكرب دليل على وجود السحرة الكذابني الذين
يطالبون باملال لشراء العقاقري والبخورات 6والطالسم ،7يف املغرب األوسط وحواضره خاصة الطالسم من بالد
السودان وغرب إكفريقيا.
أما عن مصادر تعلم السحر والوقاية منه يف بالد املغرب اإلسالمي كفرتجع أساسا ملا كان يعرف بالعلوم
املججورة ملا كفيجا من الضرر واليت كانت سائدة باملشرق العريب ،وكانت كتبجا مفقودة بني الناس إال ما وجد يف
كتب األمم األقدمني ،ومن أمثلة ذلك "الفالة النبطية من أوضاع أهل بابل" ،8كفأخذ الناس منجا هذا العلم ونفذوا
كفيه ووضعت بعد ذلك األوضاع مثل "مصاحف الكواكب السبعة" و "كتاب طمطم اهلندي" ،9أما يف املشرق
-1مصطفى ،واعرب :املعتقدات والطقوس السحرية يف املغرب ،ط ،2الدار البيضاء -املغرب :دار احلرف للنشر والتوزيع 1007 ،م ،ص.22
- 2اعتربت الباحثتان نوارة عبيدي و كفوزية مخيسي أن السحر وما ارتبط به طبا شرعيا يف مقاهلما :املعتقدات الشعبية ،ص.221
-3مصطفى ،واعرب :املرجع السابق ،ص.22
- 4أيب القاسم ،بن أمحد البلوي التونسي الربزيل :كفتاوى الربزيل جامع مسائل األحكام ملا نزل من القضايا باملفتني واحلكام ،تح :حممد احلبيب اهليلة،
ط ،2بريوت :دار الغرب اإلسالمي1001 ،م0 ،أجزاء.111/0 ،
-5املاجدي ،حزقل :خبور اآلهلة دراسة يف الطب والسحر واألسطورة والدين ،ط ،2عمان -األردن :دار األهلية للنشر والتوزيع2991 ،م ،ص-21
.22
-6ولع الناس بالبخور وله معتقدات بإبطاله السحر وطرد األرواح الشريرة شفاء شخص مصاب بالعني أو جللب احلظ ،كما مجع بني مناسبات الزواج
والوالدة والعزاء واملوت .املرجع السابق ،ص .22
- 7عبد الرمحان ،ابن خلدون :املقدمة.121 ،
-8بابل هي مدينة بالعراق على ضفيت الفرات ،كانت عاصمة البابليني أيام حكم محو رايب ( 2710-2791ق م) ،وقد اشتجر أهلجا بالسحر
واستفاض العلم به مع نص القرآن عليه .سليمان ،األشقر :مرجع سابق ،ص21
-9عبد الرمحان ،ابن خلدون :املقدمة ،ص.222
47
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
كفعرف جابر بن حيان (ت290هـ121/م) بكبري سحرة هذه امللة ،1مث جاء مسلمة بن أمحد اجملريطي
(ت297هـ2007/م) وعرف بإمام أهل األ ندلس يف التعاليم والسحريات ،كفلخص كتب السابقني يف السحر يف
كتابه "غاية احلكيم يف األرصاد الفلكية والطالسم الروحية والتنجيم".2
ملا كان السحر ظاهرة إنسانية تداولته مجيع اجملتمعات البشرية على اختالف معتقداهتم ومقدساهتم ،كفإن جمتمع
املغرب األوسط مل يكن مبنأى عن االعتقاد يف السحر وممارسته وتقديسه بل حىت التصديق بقدرة السحرة ،ويف
هذا الصدد نورد نص ابن خلدون (ت101هـ2202/م) حول املوضوع إذ قال «:باملغرب صنف من هؤالء
املنتحلني هلذه األعمال السحرية ،يعركفون بالبَـ َعاجني ،وهم الذين ذَ َكرت أوال أهنم يشريون إىل الكساء أو اجللد
كفيتخرق ،ويشريون إىل بطون الغنم بالبَـعج كفَـتَـنبَعج ،ويسمى أحدهم هلذا العجد باسم البَـ َعاج ،ألن أكثر ما ينتحل
من السحر بـَعج األنعام ،يرهب بذلك أهلجا ليعطوه من كفضلجا ،وهم مستَرتون بذلك يف الغاية خوكفا على أنفسجم
من احلكام ،ولقيت منجم مجاعة وشاهدت أكفعاهلم هذه ،بذلك أخربوين أنا هلم.»3
وعن انتحال بعض سكان املغرب األوسط للسحر كمصدر للمعاش وتدرهبم عليه حىت كان السحر عندهم
وججة ورياضة خاصة بدعوات كفرية وإشراك روحانيات اجلن والكواكب ،سطرت كفيجا صحيفة عندهم تسمى
"اخلَِزي ِريَة" يتدارسوهنا ،وأهنم هبذه الرياضة والوججة يصلون إىل حصول هذه األكفعال هلم ،وأن التأثري الذي هلم إمنا
هو كفيما سوى اإلنسان احلر من املتاع واحليوان والرقيق ،ويعربون عن ذلك بقوهلم إمنا نفعل كفيما متشي كفيه
الدراهم.4
استدل ابن خلدون (101هـ2202/م) مبا شجده يف عصره وحكا طركفا من ذلك ،وما مسعه من حكايات
من اهلند والسودان والرتك ،وروى عمل الطلسمات وعجائب األعداد املتحابة ( ر ك ر ف د) وقال إهنا جمربة،5
وقال :أن أهل املغرب ينسبون كتابا لإلمام الفخر بن اخلطيب يف السحر امسه ِ
"السر املـَكتوم" ال يعركفه أهل
املشرق ،وبسبب رواج السحر يف املغرب كفقد حتدث ابن خلدون (101هـ2202/م) عن طائفة السحرة
البعاجني الذين يشريون إىل الغنم كفيبعجون بطوهنا ويسرتزقون من هتديد الرعاة بذلك ،وقال أنه شاهد ذلك
بنفسه.
-1له سبعون رسالة يف الكيمياء ومعركفة تكوين املعادن وختلق األحجار واجلواهر .نفسه ،ص.220
-2نفسه ،ص.221-222
-3نفسه ،ص.222
-4نفسه ،ص .222
-5عبد الرمحان ابن خلدون :املقدمة.221 ،
48
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
ومن بني األمساء اليت أطلقت على الساحر اسم "املـ َع ِزم" ،والذي يعترب قادرا متاما على إنقاذ من اعرتاهم مس
اجة" أي خماطبة األرواح ال
"الزيـَر َ
من الشيطان لسبب واحد هو أهنم يوكفقون أحيانا يف ذلك ،ويطلق عليجم أيضا َ
1
الزاير َجة للمتصوف أيب
يربطون عملياهتم بنصوص بل يعتربوهنا جزئا من العلوم الطبيعية ،ونسب ابن خلدون َ
العباس السبيت. 2
وألن السحر حقيقة كما جاء عند ابن خلدون (101هـ2202/م) سلفا ،كفإنه حقيقة سوسيولوجية
وانثربولوجية شدت اهتمام عديد العلماء ،أمثال إدموند دويت 3وبرونيسالف لينوكفسكي ،4وجيمس كفريزر ومارسال
موس وغريهم من الباحثني الذين اهتموا بدراسة السحر بالبلدان املغاربية ،كفالسحر ليس ظاهرة متعالية عن اجملتمع
ومشاغله ومكوناته بل مشل مجيع الفئات ،كفجو منذ البدء وليد اجملتمع وحاجاته إىل حتقيق تطلعاته ،واإلنسان
البدائي مل يكن قادرا على استيعاب كل ما هو منطقي وعلمي ،كفالتجأ بالتايل إىل الطبيعة وإىل ما حيكمجا لتفسري
بعض الظواهر ،معتربا أن السحر موجه إىل احلاالت اليت يصعب كفيجا الفجم ،وهذا النوع من التفسري مسوه ب:
"ختفيض مستوى الضغط" واعتماد السحر "كمقاربة تعويضية " ملا استحال كفجمه ،وقالوا ال يوجد أناس مجما
كانوا بدائيني دون دين وسحر.5
إن رياضة السحر كلجا إمنا تكون بالتوجه إىل األكفالك والكواكب والعوامل العلوية والشياطني بأنواع التعظيم
والعبادة واخلضوع والتذلل ،كفجي لذلك وججة إىل غري اهلل ،كفلجذا كان السحر كفرا ،6ويرجع هذا األمر لتعطش
اإلنسان يف كل وقت إىل كشف مصريه وإىل نيل املعونة من قوى علوية يعتقد أهنا حميطة به ،ومن هذا التعطش
49
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
بدت أنواع السحر املختلفة ولقد تعاطت الشعوب مجيعجا كفن السحر يف مجيع أجيال التاريخ ،1وصوال إىل الفئات
املخصوصة هبذه املمارسة باملغرب األوسط ،وما يؤكد وجود هذه الفئات بل وتغلغلجا يف اجملتمع هو تفسري ابن
خلدون( 101هـ2202/م) للنفوس الساحرة على مراتب ثالثة:
-النوع األول :املؤثر باهلمة كفقط من غري آلة وال معني ،وهذا هو الذي تسميه الفالسفة السحر.2
-النوع الثاين :مبعني من مزاج األكفالك أو العناصر أو خواص األعداد ،ويسمونه الطلسمات وهو أضعف رتبة
من األول.3
-النوع الثالث :تأثري يف القوى املتخيلة ،يـَع َمد صاحب هذا التأثري إىل القوى املتخيلة ،كفيتصرف كفيجا بنوع من
التصرف ،ويلقي كفيجا أنواعا من اخلياالت واحملاكاة وصورا مما يقصده يف ذلك ،مث ينزهلا إىل احلس من الرائيني
بقوة نفسه امل ؤثرة كفيه ،كفينظر الراءون كأهنا يف اخلارج وليس هناك شيء من ذلك كما حيكى عن بعضجم،
الشعبَ َذة ،4كفما املقصود هبا؟ وما الفرق بينجا وبني السحر؟ وهل مها
السع َوذَة أو َ
ويسمى هذا عند الفالسفة َ
شيء واحد؟
-1غوستاف ،لوبون :مرجع سابق ،ص100؛ حيي ،الشامي :مرجع سابق ،ص .21-22حول أنواع السحر ينظر :الرازي حممد ،بن أيب بكر مشس
الدين :حدائق الحقائق ،حتقيق :سعيد عبد الفتاح ،ط ،2القاهرة :مكتبة الثقاكفة الدينية 1001،م229 -222/1 ،
-2نفسه ،ص.221
-3نفسه ،ص.221
- 4نفسه ،ص221
50
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
ثانيا :الشعوذة.
الشع َوذَة بسكون العني ومصدرها َشع َوذَ ،وهي خفة اليد وتنسب إىل أعمال السحر واالحتيال ،1وهي َ
كالسحر يرى الشيء بغري ما عليه أصله يف رأي العني ،2وحسب غوستاف لوبون كفإن الشعوذة نوع من التلقني،3
وقال الثعاليب :ال أصل لقوهلم م َشعبذ وإمنا هو بالواو ،4والشني والعني والدال ليس بشيء ،والشعوذة ليست من
كالم أهل البادية ،5وهي السرعة ،وقيل هي اخلفة يف كل أمر ،والشعوذي هو رسول األمراء يف مجامجم على الربيد
عوذ الرجل أي احتال على الناس.6
وهو مشتق منه لسرعته ،ويقال َش َ
أما السحر والشعوذة تكون على يد عبد بعيد من والية اهلل ،وتكون بفعله وباستعانته بالشياطني كفيناهلا
بكسبه ، 7ويستخدمون اجلن كفيظجرها اهلل على أيديجم كفتنة هلم وكفتنة هبم وتكذيبا هلم ،كفآية النيب ،وكرامة الويل،
وشعوذة املشعوذ ،وإهانة الكذاب املفرتي ،كلجا أمور خارقة للعادة لكنجا ختتلف على حسب من أظجرها اهلل على
يديه.8
ومنه كفالشعوذة هي القدرة على التضليل وإيجام الناظرين ،وعادة ما يدعي املشعوذ شأنه يف ذلك شأن الساحر
أنه صاحب بركات وله خدام من اجلن ،وذلك من أجل بث الطمأنينة يف املتلقي وجعله يستأنس به وبقدراته،
ولكن يف األصل هو يستخدم آليات تضليل وخداع حبسب شطارته.9
إن الشعوذة وإن كانت تشرتك مع السحر يف بعض اجلوانب ،كفإهنا ال حتمل نفس دالالته ،كفالشعوذة هي ضرب
من ضروب التخيل واخلداع واإليجام وادعاء الربكة ،وتستند إىل عبقرية املشعوذ يف إيجام الفرد بأنه يفعل أكفعاال
سحرية تشد الناظر ،لكنجا يف احلقيقة ليست كذلك كفجي بذلك القدرة على املراوغة دون االستناد إىل نفس
الوسائط اليت يعتمدها الساحر ،وهذا ما جند تأكيدا له عند الباحث زهري احلريري من خالل اعتباره الشعوذة حيل
-1أبو حممد ،عبد اهلل بن أيب زيد القريواين :جامع يف السنن واآلداب واملغازي والتاريخ ،تح :حممد أبو األجفان وآخرون ،ط ،1بريوت :مؤسسة
الرسالة -تونس :املكتبة العتيقة2912 ،م ،ص.120
-2الفريوز أبادي :مصدر سابق ،ص.222
-3غوستاف ،لوبون :مرجع سابق ،ص220
-4أمحد ،أبو حاقة :معجم النفائس الكبري ،ط ،2األردن :دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع1007 ،م ،ص.971
- 5حممد ،بن أيب بكر مشس الدين الرازي :مصدر سابق ،ص.029
-6أبو الذهب ،أشرف طه :املعجم اإلسالمي ،ط ،2القاهرة :دار الشروق1001 ،م ،ص.222
-7للمزيد ينظر :تقي الدين أمحد بن ابن تيمية احلراين :جمموعة الفتاوى ،ط ،02املنصورة -مصر :دار الوكفاء للطباعة والنشر والتوزيع1001 ،م؛ شرح
العقيدة الواسطية ،شر :حممد بن صاحل العثيمني ،ط ،0السعودية :دار ابن اجلوزية للطباعة والنشر والتوزيع1002 ،م ،ص.211
-8النووي :مصدر سابق ،ص.210
- 9حممد ،زهري احلريري :السحر بني احلقيقة واخليال ،ط ،2دمشق -بريوت :دار اإلميان2911 ،م ،ص .211
51
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
وخداع وتضليل ليست من السحر املقصود حقيقة ،ألهنا تتم دون االستعانة باألشياء اليت يقوهلا الساحر ويعتمد
عليجا يف سحره ،كفجي أقرب إىل أن تكون حركات خفة تعتمد على املجارة والسرعة يف عمل األشياء ،وحيل ومتويه
مع خداع البصر الرائي وجعله يرى أشياء ليست موجودة .1
تعترب الشعوذة والفكر اخلرايف من املعتقدات املقدسة يف جل اجملتمعات اإلسالمية خاصة جمتمع املغرب
األوسط ،مث إ ن املقدس كان دائما حاضرا يف ثقاكفة هذا اجملتمع ،وتبقى املعتقدات الغيبية مرتبطة بالتدين ،وهي من
املظاهر الكثرية اليت يتجلى كفيجا اعتقاد بعض سكان املغرب األوسط ،يف الدجل والشعوذة وانتشار سلوكات
وطقوس يف مناطق كثرية من بواديه وحواضره ،وارتباطجا بأشخاص ومهيني أحيانا يعتقدون بأن هلم قدرة كفائقة على
حل املشاكل االجتماعية ،خاصة عند كفئة النساء مثل مشاكل الزواج واإلجناب ،وجلب الرزق بالنسبة للرجال،
ولعل الدواكفع وراء اعتقادهم هبذا اخلفي الذي يتحكم يف مظاهر الطبيعة هي التدين واجلجل الذي ينشر مثل هذه
األكفكار ،وحسب الباحث عبيد بوداود كفإن هذا األمر هو ما ساهم يف انتشار املعتقدات اخلراكفية حول كرامات
الصوكفية ،اليت ال ميكن أن جند هلا تفسريا علميا عقليا منطقيا ،وهذا ما مسح لعدد كبري من املشعوذين والدجالني
انتحال صفة املتصوكفة ،وترتب على ذلك ظجور مظاهر االحنراف والغلو يف الطرق الصوكفية.2
يف مقابل الدين جند ظاهرة السحر والشعوذة ومعركفة الغيب واليت كانت منتشرة يف بعض مناطق املغرب
األوسط منذ القدم ،واستمر الربط بني الطقوس الدينية وبعض املمارسات املرتبطة بالسحر حىت عجد الدولة الزيانية
باملغرب األوسط ،ويتضح لنا هذا جليا يف ظجور مجلة من املمارسات الغريبة والقريبة من السحر والشعوذة وهي ما
عركفت يف املصادر "بالرقادة" وهو مصطلح يشري على حالة نفسية تعرتي اإلنسان بسبب غيبوبة طويلة ينسلخ كفيجا
عن الوجود مدة ثالثة أيام عن طريق النوم العميق ،وبعد اليقظة يصري املغمى عليه يتكلم بنوع من اهلذيان ،كفإذا
صحا يف اليوم املوايل أتى بعجائب مما يكون يف ذلك العام من خصب أو جذب أو حرب.3
وأكثر ما جند السحرة واملشعوذين من منتحلي املعاش يف البوادي واألرياف لبعدها عن أعني احملتسبني والفقجاء
والقضاة ،ولسيادة الذهنية الغيبية واإلتكالية أكثر هبذه املناطق ،ويف هذا يقول ابن خلدون
(ت101هـ2202/م) «:ومعظم هذا الصنف لدينا باملغرب من طلبة الرببر املنتبذين بأطراف البقاع ومساكن
األغمار ،يأوون إىل مساجد البادية وميَِوهو َن على األغبياء منجم أن لديجم صناعة الذهب ،إىل أن يظجر العجز
وتقع الفضيحة كفيفرون إىل موضع آخر ،ويستجدون حاال أخرى يف استجواء بعض أهل الدنيا بأطماعجم كفيما
52
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
لديجم ،وهذا صنف ال كالم معجم ألهنم بلغوا الغاية يف اجلجل والرداءة واالحرتاف بالسرقة ،»1ومبا أن السحر يقوم
أساسا على أكفعال غريبة خبداع احلواس واألعصاب ،واإلحياء إىل النفوس كفجو ال يغري من طبيعة األشياء ،وال ينشئ
حقيقة جديدة ،لكنه يعمل شيئا يؤثر يف جسم املسحور أو قلبه أو عقله من غري مباشرة له ،هبدف حتقيق
مكاسب مالية بالدرجة األوىل أو لرغبتجم يف التحكم والسيطرة على الناس تسخريا خلدمة مصاحلجم.
تبعا لذلك يرى الباحث عبد اهلادي البياض أن من بني وسائل التأثري اليت ميارسجا السحرة املشعوذون هي
تضمني وصفاهتم اخلراكفية أعدادا وترية ملا هلا من أثر يف تصديق العوام ،للتعليل املرتبط هبا واإلغرائية يف ذلك ،كفغالبا
ما يتقاعس العوام السذج عن العمل ،يف انتظار ما يؤول إليه أمر التغيري املناخي ،2كما شاعت باملغرب األوسط
ظاهرة االستعانة بالسحرة واملشعوذين للبحث عن كنوز األمم السابقة واستخراججا ،معتقدين بإمكانية ذلك دون
إعمال لعقوهلم منجرين وراء اخلراكفات ،ونقل لنا ابن خلدون (ت101هـ2202/م) صورة هلم يف قوله «:ضعفاء
ا لعقول يف األمصار حيرصون على استخراج األموال من حتت األرض ويبتغون الكسب من ذلك ،ويعتقدون أن
أموال األمم السالفة خمتزنة كلجا حتت األرض ،خمتوم عليجا كلجا بطالسم سحرية ال يفض ختامجا ذلك إال من
عثر على علمه ،واستحضر ما حيله من البخور والدعاء والقربان ،كفإذا مل يعثروا على شيء ردوا ذلك إىل اجلجل
تم به على ذلك املال.»3
بالطلسم الذي خ َ
من خالل قول ابن خلدون ميكنين اجلزم أن االعتقاد يف قدرة السحرة مل تكن حكرا على سكان البوادي
البعيدة واملقفرة ،كفجاهم سكان األمصار املرتكفة أكثر حرصا على االستعانة بالسحرة وتصديق مزاعمجم بل حىت
الركفع من مكانتجم ،وهو األمر الذي أثار جدال حول احلد الذي ميكن أن يبلغه السحرة يف تأثريهم يف الناس وتأثر
الناس هبم.
اختلف يف مقدار ما يبلغه الساحر بسحره تأثريا على غريه ،أو كفعال يفعله هو أو يفعله يف غريه ،4وهناك من
يرى بأن بعض األعمال اليت تدخل يف باب السحر جند بعضجا كفيمن يتصفون بالكرامة ،كفالساحر والويل كالمها
يدعي القدرة على الطريان يف اهلواء ،وأن يستدق جسمه حىت يدخل من كوة ضيقة ،وينتصب على رأس قصبة،
وميشي على املاء ،وهو ما سأعرج عليه يف حديثي عن كرامات األولياء يف الفصل القادم.
53
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
أكرب دليل على تفشي هذا املعتقد هو اعرتاف ابن خلدون (ت101هـ2202/م) بوقوكفه على الكثري من هذه
املمارسات ومشاهدته هلا وذلك يف قوله «:وأما أكفعاهلم كفظاهرة موجودة وقفنا على الكثري منجا ،وعاينتجا من غري
ريبة يف ذلك ،هذا شأن السحر والطلسمات وآثارمها يف العامل ،كفأما الفالسفة كففرقوا بني السحر والطلسمات بعد
أن أثبتوا أهنما مجيعا أثر للنفس اإلنسانية ،واستدلوا على وجود األثر للنفس اإلنسانية بأن هلا آثارا يف بدهنا على
غري اجملرى الطبيعي وأسبابه اجلسمانية ،بل آثار عارضة من كيفيات األرواح تارة كالسخونة احلادثة عن الفرح
والسرور ،ومن ججة التصورات النفسانية األخرى ،كالذي يقع من قبل التوهم ،كفإن املاشي على حرف احلائط أو
على احلبل منتصب إذا قوي عنده التوهم السقوط سقط بال شك.»1
باإلضاكفة إىل ما سبق كفقد شاع تعليل حدوث الكوارث الطبيعية يف املغرب األوسط بتأثري السحر والطالسم،
دون إعمال للعقل أو تفكري أو ركفض ،ذلك أن السحرة عملوا على تعطيل احلواس اإلدراكية لدى اجملتمع هبدف
تغييب الوعي ،وحتقيق املنفعة املادية.
ثالثا :التفريق بين السحر والطالسم والمعجزة 2والكرامة.
حدث لغط كبري حول تداخل السحر والطالسم وبني املعجزة والكرامة يف املغرب األوسط ،ذلك أن هذه
املعتقدات اليت كانت سائدة آنذاك قد كفرضت نفسجا على كفئة من الناس اعتقدت بصدقجا وتبنت مذهبجا ،بل
هناك من داكفع عنجا حلد أنه اعترب كل مكذب هبا أو شاك يف صدقجا من القوم اجلاهلني ،وسأورد بعض هذه
االختالكفات قصد تبسيط وتقريب الفجم ،كفجناك من اعترب أن الفرق بني املعجزة والكرامة يقوم على أن املعجزة
يتوجب إظجارها ،أما الكرامة كفيجب إخفائجا ،وأن املعجزة تكون لألنبياء بينما الكرامة تكون لألولياء ،3وقيل أن
عقوبة األنبياء حبس الوحي واملعجزات ،وعقوبة األولياء إظجار الكرامات ،4كفالفرق بني املعجزة والكرامة هو أيضا
-1املقدمة ،ص.222-222
- 2املعجزة أمر خارق وخارج على املألوف ،وهي أيضا أمر ال خيضع لقانون وال يسري بناموس وال يتبع سنن اهلل يف خلقه ،ومن هنا تبدو املعجزة
كشيء خارق ومعطل للنظم املتقنة البديعة اليت يراها رجل العلم ،إذن ا ملعجزة كل ما عجز العقل البدائي أو العادي عن تعليله ،واملعجزة كفعل ناقص
للعادة تقصر عنه قوة البشر ،وخيتص مبن يدعي السفارة بني اهلل وبني البشر ،وهي نوعان حسي وعقلي ،كفاحلسي ما يدرك بالعيان وتقع عليه املشاهدة
كطوكفان نوح عليه السالم وناقة صاحل ،أما العقلي كفجو أب لغ يف القوة وأدل على الصدق وأبعد من الشبجة ،وجيب أن تكون املعجزة مواكفقة لطباع املبعوث
إليجم ومالئمة عقوهلم ،كذلك كانت أكثر آيات موسى عليه السالم ،ألنه يف زمنه ظجر السحر وتوكفرت دواعي الناس حىت تلقوا كفيجا الغاية.عبد
احملسن ،صاحل :اإلنسان احلائر بني العلم واخلراكفة ،الكويت :اجمللس الوطين للثقاكفة والفنون واآلداب2991 ،م ،ص .9أبو القاسم ،احلسني بن حممد
املفضل :االعتقادات ،تح :مشران العجلي ،ط ،2بريوت :دار األشراف للتجارة والطباعة2977 ،م ،ص219-211؛ األصفجاين :مصدر سابق،
ص222-219
- 3الرازي :مصدر سابق ،ص.110-111
-4الرازي :مصدر سابق ،ص.110
54
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
بني السحر والكرامة ،ألن الكرامة ال جتيء على يد ساحر مفرت ،والفرق بني املعجزة والسحر هو خباصة رمسه
وجبجل أسبابه ألكثر الناس.1
أما رأي ابن خلدون (ت101هـ 2202/م) حول الفرق بني السحر والطلسمات كفريى بأن السحر إحتاد روح
بروح ،أما الطلسم كفجو احتاد روح جبسم ،ومعناه عندهم ربط الطبائع العلوية السماوية بالطبائع السفلية ،والطبائع
العل وية هي روحانيات الكواكب ،ولذلك يستعني صاحبجا يف غالب األمر بالنجامة ،2وسأتطرق للنجامة وما
يتعلق هبا يف الصفحات القادمة.
/3المعجزة والسحر:
أما عن الفرق بني املعجزة والسحر 3حسب الفالسفة يف مقدمة ابن خلدون (ت101هـ2202/م) كفاملعجزة
حسبجم هي قوة إهلية تبعث على النفس ذلك التأثري كفجو مؤيد بروح على كفعله ذلك ،والساحر إمنا يفعل ذلك من
لدن نفسه وبقوته النفسانية وبإمداد الشياطني يف بعض األحوال ،كفبينجما الفرق يف املعقولية واحلقيقة والذات يف
نفس األمر ،يستدل ابن خلدون(ت101هـ2202/م) على التفرقة بينجما بالعالمات الظاهرة ،وهي وجود املعجزة
لصاحب اخلري ويف مقاصد اخلري ،وللنفوس املتمحصة للخري والتصدي هبا على دعوة النبوءة ،والسحر إمنا يوجد
لصاحب الشر ويف أكفعال الشر يف الغالب ،من التفريق بني الزوجني وضرر األعداء وأمثال ذلك والنفوس املتمحصة
للشر هذا هو الفرق بينجما عند احلكماء اإلهليني.4
إن املتفحص لقول ابن خلدون (101هـ2202/م) يتضح له أن الفرق بينجما يقوم على أسس:
أوال :صاحب املعجزة نواياه خري عكس الساحر نواياه شر ،كالتفريق بني زوجني مثال ،ويجدف إىل -
إيصال الضرر للغري وخداعجم.
ثانيا :املعجزة هلا مدد إهلي رباين ،عكس الساحر الذي يعتمد على قواه النفسية والشياطني بدليل قوله: -
« وقد يوجد لبعض املتصوكفة وأصحاب الكرامات تأثري يف أحوال العامل وليس معدودا من جنس السحر ،إمنا هو
باإلمداد اإلهلي ألن طريقتج م وحنلتجم من أثار النبوة وتوابعجا وهلم املدد إهلي ،وإذا اقتدر أحد منجم على أكفعال
الشر ال يأتيجا ،ألنه متقيد كفيما يأتيه بذره لألمر اإلهلي...كفلذلك ال يعارضه شيء من السحر».5
55
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
لقد الزم السحر اجملتمعات البشرية منذ ظجورها ،1وبقي منتشرا لدى بعض الطبقات الشعبية يف جمتمع املغرب
األوسط ،خاصة أمام األعراض الغامضة اليت شغلت تفكريهم وإمياهنم بوجود قوى خفية هائلة تسيطر عليجم من
كل حدب وصوب ،كفحاولوا بكل الوسائل استعطاكفجا والتقليل من بطشجا بتقدمي القرابني املختلفة هلا ،للحصول
على للحماية وهو احلال يف مجيع اجملتمعات املغاربية الوسيطة ،ويؤكد هذا الطرح أنواع القرابني اليت ورد ذكرها عند
مارسيل ماوس كامللح والدم والريق ،احلديد ،األحجار البلورية ،املعادن الثمينة ،الرماد ،شجرة التني ،البخور ،كفجي
تتوكفر على قوى سحرية عامة ،وكذلك الصلوات واألدعية مبا كفيجا طقوس سلبية مثل احملرمات واجلن ،2وهذه القوى
ذات الفعل السيئ قد تأيت يف نظر الرجل العامي من النجوم البعيدة تنقلجا الطيور ،أو من جوف األرض حيث
املوت والفناء ،وحيث تدكفن األموات وتنقلجا األكفاعي والثعابني الفتاكة احلاملة للسموم.3
/0السحر في المغرب األوسط بين أحكام الشريعة ورأي المدرسة االستشراقية.
إن شيوع ظاهرة السحر والكجانة يف املغرب األوسط ،وبروز كفكرة تقديس بعض السحرة ملا هلم من قدرة على
اإلتيان باخلوارق وتعلق قلوب بعض الناس هبم جعل الفقجاء يقولون :بأن السحر والطلسمات كلجا بابا واحدا
حمظورا ،ألن األكفعال إمنا أباح لنا الشارع منجا ما يجمنا يف ديننا ،والسحر حاصل ضرره بالوقوع ويلحق الطلسمات
ألن أثرمها واحد ،وكالنجامة اليت كفيجا نوع ضرر باعتقاد التأثري ،كفتفسد العقيدة اإلميانية برد األمور إىل غري اهلل،
كفيكون حينئذ ذلك الفعل حمظورا على نسبة الضرر ،وخصه باخلطر والتحرمي ،4كما هنى اإلسالم عن ظاهرة
السحر ،وشن حربا واسعة على الكجان والسحرة والعراكفني واعترب رسول اهلل ﷺ السحر واحدا من أخطر اجلرائم
السبعة الكربى ،ووردت آيات قرآنية يف النجي عن عمل السحر منجا قوله تعاىلَ ﴿ :وَال يـفلِح َّ
الس ِ 5
احر َحيث
أَتَى﴾. 6
-1إن هذه املالزمة أساسجا االعتقاد اجلازم بأن السلطة احلقيقية هي سلطة السحر خاصة يف العصور الوسطى Laura, levé Makarius: .
les sacré et la violation,p 15.
Sociologie Et Anthropologie, p 93-96 - 2
-3قنوايت ،شحاتة :تاريخ الصيدلة والعقاقري يف العجد القدمي والعصر الوسيط ،ط ،1بريوت :أوراق شرقية للطباعة والنشر والتوزيع2990 ،م ،ص.27
-4عبد الرمحان ،ابن خلدون :املقدمة ،ص.222
- 5يعترب السحر من السبع املوبقات كفقد روي أن رسول اهلل سحر كما سبق الذكر ،حىت كان خيَيَل إليه أنه يفعل الشيء وال يفعله ،كفأنزل اهلل عز وجل
عليه املعوذتني ومن شر النفاثات يف العقد ،قالت عائشة رضي اهلل عنجا :كان ال يقرأ على عقدة من تلك العقد اليت سحر كفيجا إال احنلت .ابن حجر
العسقالين :مصدر سابق ،117-110/20 ،وكان البد للمحتسب من حماربة السحرة ويف ذلك قال اجمليلدي:
الكجانَة واخل ِط و ِ
السح ِر َمن أَبَـانَه .ص.21 ِ ِ
َ َ َ َوَمنع َمن اشتَـغَ َل ب َ
- 6سورة طه ،اآلية .09
56
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
حتدث إدموند دويت يف دراسته حول السحر يف مشال إكفريقيا عن نشأة الفكرة السحرية واملقدس ،وركز على
الطقوس السحرية 1والغايات العملية للسحر ،وعلى العالقة القائمة بني السحر والعلم والدين ،2ودور السحرة
والكجنة والعراكفني ،كما تطرق للحديث عن الكرنفال 3واألعياد املومسية 4وطقوس الطبيعة وغريها من املواضيع،5
ورأى دويت أن سكان الشمال اإلكفريقي اضطروا مع جميء اإلسالم إىل التحايل من أجل احملاكفظة على معتقداهتم
األصلية ،وذلك بتكييف هذه املعتقدات الوثنية مع مقتضيات الدين اجلديد ،عن طريق مزججا بطقوس وممارسات
دينية إسالمية ،ذلك أن اإلسالم وبالرغم من قدرته الكبرية على التأثري ،مل يكن بوسعه القضاء كليا على مجيع
الطقوس الوثنية القدمية ،وبالتايل متت أسلمتجا ،6خاصة أن الطبيعة كانت مثار خوف يف ظل سيطرة التفكري
امليتاكفيزيقي ،و على هذا األساس كان للعوامل الطبيعية أثر كبري يف ظجور البدع والعادات والتقاليد واألعراف ذات
التأويالت املختلفة ،كفقوى الطبيعة أثرت يف بروز ذهنيات خراكفية وأخرى سحرية ،كشكل من أشكال التعبري
والعجز عن كفجم العوامل املؤثرة يف االضطرابات املناخية.7
كما أنه أقر بعدم مالئمة النظرية الطوطمية لتفسري احلضارة اإلسالمية اليت درسجا ،واليت اعتربها أكثر تطورا من
حضارات أخرى طبقت عليجا تلك النظرية ،وتطرق بعد ذلك إىل الفرضية اليت سادت يف وقته لدراسة الديانة
اإلسالمية ،وهي النظرية التطورية وكفرضية البقايا الوثنية اليت طرحجا إدوار كفيسرت مارك ،والذي رأى مثال بأن
عاشوراء مجرجان وثين متت أسلمته بأن حتول توقيته من هناية السنة الفالحية ليدرج ضمن التقومي اهلجري ،ويؤكد
على أهنا طقس مشال إكفريقي ال ينتمي إىل اإلسالم وال إىل الوثنية العربية بل كان سائدا عند الربابرة القدماء قبل
57
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
جميء اإلسالم ،1أما عن شجادة دويت بعدم مالئمة النظرية الطوطمية حلضارة املغرب اإلسالمي كفجذا راجع
خلصوصيتجا.
إذا كانت الطقوس الطبيعية والزراعية قد كفقدت الشيء الكثري من أشكاهلا األصلية بفعل عملية األسلمة ،كفإهنا
مل تنقرض وحاكفظت على استمرارها يف الوجود ،بيد أنه مل يكن من املتيسر رصدها والكشف عنجا دون خربة
وحنكة اإلثنوغراكفيني والسوسيولوجيني ،2ويرجع دويت وجود البقايا الوثنية يف احتفاالت سكان مشال إكفريقيا إىل
قدرة الطقوس بشكل عام على االستمرارية ،كفمعظم هذه الطقوس كانت يف األصل ذات مغزى ديين مث حتولت إىل
جمرد طقوس سحرية ،كفعندما يتغري املعتقد يستمر الطقس يف الوجود ويبقى كما تبقى تلك الصدكفات األحفورية
للرخويات الغابرة ،اليت تساعدنا على حتديد الفرتات اجليولوجية ،كفاستمرارية الطقس إذا هي بسبب وجود هذه
البقايا املتناثرة هنا وهناك.3
من خالل ما سبق ميكن القول بأن إدموند دويت قد جتاوز اجملال اخلاص بالظواهر الدينية ،ليقرتح تصورا
أنثروبولوجيا كامال للثقاكفة املغربية التقليدية وعالقة اإلنسان املغريب هبذه الثقاكفة ،وقد اصطبغت أعماله مبنجج
تأويلي ،هذا املنجج حتمه التواصل النظري الذي يقيمه د ويت مع املدرسة الفرنسية ،ولذلك حيضر بشكل جلي
منجج املقارنة عنده.
أما الباحث جان نويل كفريي يف مقاله حول "أنثروبولوجيا املغرب وضعيتجا وأكفاقجا" ،بأنه خالل الفرتة
االستعمارية هناك أعمال مسامهة من الدراسات الالهوتية ،حيث ارتبطت مقاربة اجملتمع بصورة أكرب للدراسات
النقدية للنصوص القدمية ،وكذلك بالعناية املقدسة بالعادات النامجة طبعا عن الرتاث الشفوي وعن الذاكرة
اجلماعية ،لقد انتجى هذا األمر إىل اعتبار املمارسات نفسجا كأهنا نصوص متلك لغتجا وقواعدها اخلاصة ،وهذا
سيؤدي إىل دراسة املعتقدات وليس األكفراد املعتقدين وال الكيفية اليت يعتقدون هبا.4
/1التداخل بين الدين والسحر.
يف الدراسة اليت قام هبا ألفرد بل حول الدين اإلسالمي لدى الرببر ،وضح السبب الرئيسي وراء دراسته املتعلقة
مبعركفة النظام اجملتمعي والديين والعقدي للدول اخلاضعة لفرنسا ،ملعركفة عقليتجم اليت وصفجا بأهنا عقلية دينية
58
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
بالدرجة األوىل ،1وذكر بأن أهل القبائل تعوزهم رقة احلضارة واملعركفة الدينية ،ومل يكن بوسعجم كفجم واستيعاب
كاكفة املعتقدات اجلديدة على حنو دقيق كمعىن التوحيد املطلق ،أو حىت باقي التعاليم الصوكفية الصارمة،2كما
أضاف بأن البقايا الوثنية السحرية والدينية اليت كانت سائدة عند الرببر القدماء ،قد تبنت يف متظجراهتا استعماالت
وتركيبات من اإلسالم الرمسي الصويف ،هذا األخري الذي قدم تنازالت كبرية ملسايرة هذه املعتقدات احمللية ،3كفجناك
من ربط بني الدين والسحر يف جمتمع املغرب األوسط ،ولبحث يف هذه الفكرة ال بأس من التعريف بالدين أوال إذ
قد سبق تعريف السحر.
الدين:
أ -ال ّدين لغة:
يقول ابن منظور يف اللسان الدين هو «:اجلزاء واملكاكفأة ِ
ودنـته بفعله َديناً :جزيته ،وقيل الدَّين املصدر ،والدِّين
االسم ،ويوم الدِّين :يوم اجلزاء ،ويف املثل كما ت ِدين ت َدان أي كما جتَا ِزي جتَ َازى أي جتَ َازى بفعلك وحبسب ما
عملت.»4
ب -ال ّدين اصطالحا:
يعرف الدين بأنه تلك اجملموعة املتماسكة من العقائد والعبادات ،املتصلة بالعامل القدسي واليت تنظم سلوك
اإلنسان ،5وهو املنجل إلرواء الفكر واملعركفة ،وهو املنبع إلثراء احلياة الروحية ،6كما تشري كلمة الدين عند العرب
إىل العالقة بني العابد واملعبود ،وهي عالقة بني طركفني يعظم أحدمها اآلخر وخيضع له.7
أما إميل دوركجامي 8كفيعرف الدين بأنه جمموعة متساندة من االعتقادات واألعمال املتعلقة باألشياء املقدسة،
اعتقادات وأعمال تضم أتباعجا يف وحدة معينة تسمى امللة ،والدين من أهم األمور اليت ترتبط حبياة اإلنسان
1
-La religion Musulmane en Berberie, p09.
2
- op.cit, p388.
3
-Ibid, p406 .
- 4ابن منظور :مصدر سابق.102/22 ،
-5مجدي ،حممد القصاص :علم االجتماع الديين :املنصورة -مصر :دار النشر1001م ،ص.27
- 6صاكفية ،مناد :مرجع سابق ،ص.10
-7حممد ،عبد اهلل دراز :الدين -حبوث ممجدة لدراسة تاريخ األديان -الكويت :دار القلم2911 ،م ،ص.22
-8عمل دوركجامي يف الفصل االكفتتاحي لكتابه األشكال األولية للحياة الدينية ( ) 2921خلص دوركجامي التعاريف السابقة للدين وركفضجا .كفقد ركفض
تعريف تايلور (" )2902اجلوهري" للدين بوصفه "اإلميان بالكائنات الروحية" .إذ ارتبط هذا التعريف بوضع تايلور لألصول الدينية يف نسق للتفكري
نفسا تدجمجم بطبيعتجم وبصفاهتم املقدسة اخلاصة.روحا أو ً
كان يسميه بـ"األرواحية" أي اإلميان بأن كل األشياء ،عضويةً كانت أو غري عضوية ،حتتوي ً
أصر دوركجامي على أن هذا التأكيد كان خاطئًا كونه أمهل املمارسات ،أي اجلوهر احلقيقي للدين ،واليت هي أكثر أمهيةً من االعتقادات ،جوهر الدين
لقوة أو لطاقة غامضة خفيَّة مقدسة مرتاكفقة مع عواطف عميقة متضاربة من الرهبة واخلوف واحرتام الظواهر الطبيعية واليت تسبق عملية َمف َجمة
جتربةً َّ
59
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
وأكفكاره ووجدانه ،كفاإلحساس الديين هو الذي ينتج املعتقد والتجربة املعيشية والسريرة والشعور الديين ،وإن
الطقوس الدينية تقوم على املعتقد ،1أما التدين كفجو الطريقة اليت يعرب هبا املتدين عن عالقته بالدين.2
وميكن استعراض رأي عطية صقر الذي يقول بأن الدين هو «:الوضع اإلهلي الذي اختاره اهلل لعباده
ليصلحجم يف احلياتني ،وقد يكون عامليا بعدم اختصاصه جبنس من األجناس البشرية ،وبعدم احنصار تطبيقه يف
إقليم خاص أو بيئة معيّنة » ،3أو هو « وضع إهلي لذوي العقول باختيارهم احملمود إىل اخلري باطنا
وظاهرا،»4وهناك من يرى بأن الدين يعرب عن نسق إيديولوجي يظجر من خالله سلوك مميز لألسلوب اخلاص
للممارسات والطقوس والشعائر الفردية واجلماعية ،كفالطقوس واملراسيم مع كوهنا تنبع من االعتقاد الديين كفجي
أيضا مؤثرة كفيه وعليه من الناحية األخرى ،5كفالدين مجلة من اإلدراكات واالعتقادات واألكفعال احلاصلة يف النفس
من جراء حبجا هلل وعبادهتا إياه وطاعتجا ألوامره ،6والدين هو نسق من الرموز يعمل على تأسيس طبائع ودواكفع
ذات سلطة وانتشار واستمرار دائم عن الناس ،وذلك عرب تشكيل تصورات حول النظام العام للوجود ،مع إضفاء
طابع الواقعية على هذه التصورات حبيث تبدو هذه الطبائع والدواكفع واقعية بشكل منفرد.7
ويقوم الدين على ثالث عناصر أساسية وهي األسطورة ،والطقس ،واملعتقد ،واليت ال نستطيع التعرف على
الظاهرة الدينية يف تبديجا اجلمعي بدون التعرف عليجا جمتمعة ومتعاونة ،8ذلك أن اإلنسان حاول يف البداية
البحث عن أسرار الكون وحماولة إخضاع الطبيعة خلدمته لكنه كفشل ،كفاستدعى هذا اإلميان بالقوى اخلارقة اليت
تقف وراء املظاهر املتبدية يف هذا العامل ،قوى إهلية معارضة له كفعالة كفيه ،9وهو األمر الذي جعل بعض سكان
املغرب األوسط يف مرحلة تارخيية خاصة يف زمن األزمات يبدءون يف التقرب من تلك القوى ملعاجلة مشاكلجم
املستعصية ،وتغليف ممارساهتم بالشعار الديين مستخدمني األسطورة والطقوس.
األرواح ،واآلهلة ،وما شاكل ذلك ،ومن مث مضى دوركجامي يف تبين معيارين اكفرتض أهنما سيوجدان متواكفقني :التنظيم املشرتك لدين اجلماعة وكفصل
املقدس عن املدنَّس.
-1كفراس السواح :األسطورة واملعىن ،ص221؛ أوليفيه ،روا :اجلجل واملقدس -زمن بال ثقاكفة ،-ط ،02تر :صاحل األمشر ،بريوت :دار الساقي،
1021م ،ص.02
-2نفسه ،ص02
- 3عطية ،صقر :الدين العاملي ومنجج الدعوة إليه ،األزهر -مصر :جممع البحوث اإلسالمية ،الكتاب اخلامس2911 ،م ،ص.20
-4زكي ،حممد إمساعيل :يف الدين واجملتمع -سلسلة اإلسالم والعلوم اإلنسانية ،-اإلسكندرية :دار املطبوعات اجلديدة2919 ،م ،ص.00
- 5هنري ،برغسون :منبعا األخالق والدين ،تر :ساسي األوريب ،ط ،2مصر :مكتبة النجضة ،ص.220
- 6مجيل ،صليبا :املعجم الفلسفي ،بريوت :دار الكتاب اللبناين2911 ،م171/2 ،
- 7عبد الغين منديب :مرجع سابق ،ص.01
- 8كفراس ،السواح :دين اإلنسان ،ص .22
- 9كفراس ،السواح :مغامرة العقل األوىل ( دراسة يف سوريا وبالد الراكفدين) ،ط ،2دمشق :دار عالء الدين2990 ،م ،ص.22
60
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
رابعا :الكهانة والتنجيم.
/3الكهانة والعرافة:
إن النزوع إىل معركفة املستقبل نزوع كفطري راكفق اجملتمعات البشرية منذ أقدم العصور ،كفكان يف كل أمة أو ملة
كفئة أو طائفة تستأثر بادعاء املعركفة ،وهلا وحدها حق االطالع على شؤون املستقبل ،1لذلك سادت الكجانة
والعراكفة كوسيلة ملعركفة ما خيبأه املستقبل من أحداث وأخبار ،وال بأس من التعريج على مفجومجما.
عن مفجوم الكجانة والعراكفة قيل أهنما مبعىن واحد يطلقان على احلَازي ،والطَ ِ
بيب ،وكل من يتعاطى علما دقيقا،2
والكجانة غري العراكفة واليت هي حمصورة باإلخبار عن األمور املاضية ،ومعركفة اآلثار واالستدالل منجا على مؤثرها،3
كفالعَراف حسب هذا القول خيتص به من يزعم معركفة األمور املاضية ومسبباهتا ،مما يدخل يف باب معركفة أمور
َ
الغيب ،ويف هذا الصدد قال القاضي ع ياض العراف هو احلازم واملنجم الذي يدعي معركفة الغيب وهي من العراكفة
وصاحبجا عراف وهو الذي يستدل على األمور مبقدمات يدعي معركفتجا وقد يعتضد بعض أهل هذا الفن يف ذلك
4
بالزجر والطرق والنجوم وهذا الفن هو العياكفة وكلجا يطلق عليجا اسم الكجانة
َوَو َجدت هذه املعت قدات يف جمتمع املغرب األوسط ،من يصدقجا بل ويداكفع عنجا من عوام الناس خاصة
السذج منجم ،رغم النجي الشرعي عن إتياهنم كفقد روي عن صفية بنت أيب عبيد عن بعض أزواج النيب ﷺ :من
أتى عراكفا كفسأله كفصدقه مل تقبل له صالة أربعني يوما ،5وذكر أن كاهنا كان بالبطحاء بإقليم تلمسان يسمى
"سينا" وقد بالغ الناس يف تقديسه وتعظيمه دون أن يقول أو يفعل أو خيرتع هلم شيئا ،مبا كفيجم السلطان الزياين
الذي كان خيشاه نتيجة امتالكه لكتب السحر.6
وتعترب الكجانة والعراكفة هي أكثر أنواع السحر القدمي شيوعا ،7إذ يقصد هبا االستنجاد واالستنصار باجلن
والروح ،وأما ما كان بدعوة أو عزمية أو رقية أو حنو ذلك كفيسمى سحرا ،8وقيل :إن الكاهن والعراف هو من
61
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
يتعاطى اخلرب عن الكائنات يف مستقبل الزمان ،ويد ِ
َّعي معركفة األسرار ومعركفة الشيء املسروق ،ومكان الضالة َ
سواء كان له تابع من اجلن يأتيه باألخبار ،أو كان ممن يزعم أنه يعرف األمور مبقدمات يستدل هبا على مواقعجا
من كالم من يسأله أو كفعله أو حاله كفيخرب عن املاضي ،1والكجانات كان يتعزز شأهنا أكثر ما يكون يف أيام
الشدائد واحملن واحلروب.2
/0صناعة النجوم (التنجيم):
عمد إنسان املغرب األوسط إىل تقديس النجوم ليس بعابدهتا ،بل باجلزم مبعركفته الطوالع والنحوس من خالل
استقراء منازهلا ،واعتبارها بشريا أو نذيرا ملا قد حتمله قادم األيام ،لذلك كان للنجوم ومواقعجا مكانة مقدسة عند
بعض كفئات اجملتمع ،وال بأس من التعريج على مفجوم التنجيم كي يسجل ضبط عالقته باملقدس يف ذهنية سكان
املغرب األوسط.
مفهوم التنجيم:
َّم ،مأخوذ من النَجم ،وهو الكوكب ،وهو اسم علم على الثـَريَا ،3واملنَ ِجم ِ
التَـنجيم يف اللغة من مصدر الفعل َجن َ
واملتَـنَ ِجم الذي ينظر يف النجوم وحيسب مواقيتجا وسريها ويراقب الكواكب وأحواهلا ،4ويف األصل َجنَ َم املال إذا أداه
وجنَ َم عليه الدين ،ويقال «:جعلت مايل على كفالن جنوماً معدودة يؤدي عند انقضاء كل شجر منجا جنما، جنوماًَ ،
وقد َجنَ َم َجا عليه تَـن ِجيماً ،ومنه تنجم املكاتب وجنوم الكتابة ،وأصله أن العرب كانت جتعل مطالع منازل القمر
ومساقطجا مواقيت حللول ديوهنا ،واملنَجم والتَـنجيم :الذي ينظر إىل النجوم حبسب مواقيتجا وسريها».5
-1أبو سليمان بن حممد بن إبراهيم اخلطايب :معامل السنن ،ط ،02حلب :املطبعة العلمية2921 ،م119/2 ،؛ حممد ،زهري احلريري :مرجع سابق،
ص .270_271
- 2حيي ،الشامي :مرجع سابق ،ص .22
-3انظر إمساعيل بن محاد أبو نصر اجلوهري :الصح اح تاج اللغة وصحاح العربية ،القاهرة :مر :حممد تامر ،دار احلديث للطباعة والنشر والتوزيع،
1009م.129/1 ،
-4حممد ،رواسب قلفدجي وحممد ،صادق تينيخي :معجم الفقجاء ،ط ،1بريوت :دار النفائس للنشر والتوزيع2911 ،م ،ص227؛ انظر أبو بكر
حممد بن احلسن ابن دريد ،مججرة اللغة ،تح رمزي منري بعلبكي ،ط ،02بريوت :دار العلم للماليني2917 ،م.221/1 ،
- 5نفسه221/1 ،؛ حيي ،الشامي :مرجع سابق ،ص.11
62
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
التنجيم اصطالحا:
َجنَ َم كفالن نظر يف حظوظ الناس حبسب حركات النجوم وسريها ،ومن يفعل ذلك يقال له :املنجم ،وعلى هذا
كفالتنجيم هو النظر يف احلركات الفلكية ،1واالتصاالت الكوكبية ملعركفة أحكام النجوم من اقتضاء حركات الوقائع
الكونية واألمور األرضية ،كفيكون اإلخبار بذلك بعد النظر يف النجوم ،2وقد يطلق على التنجيم علم النجوم
وصناعة النجوم وعلم األحكام ،أو اسم النجامة أو صناعة النجوم ،3وعموما يقصد به ما خيتص مبعركفة مدة
السنني والشجور واملواقيت وكفصول األزمان وزيادة الليل والنجار ونقصاهنا ومواضيع النريين وكسوكفجا ومسرية
الكواكب يف استقامتجا ورجوعجا وتبدل أشكاهلا ومراتب أكفركجا واالستعانة باجلداول والرباهني اهلندسية والعددية.
والتنجيم هو ادعاء معركفة أحكام النجوم املتعلقة بالعامل السفلي ،وتأثريات النجوم كفيه ،وهو االستدالل على
احلوادث األرضية باألحوال الفلكية ،والتمزيج بني القوى الفلكية ،والقوابل األرضية ،4والعرب يف جمال التنجيم مل
يكونوا بدعا من األمم ،إذ هم عركفوا منذ اجلاهلية ما عرف بعلم األنوا ء ، 5وعركفه ابن خلدون
(ت101هـ2202/م) بقوله «:ما يزعمه أصحاب هذه الصناعة من أهنم يعركفون الكائنات يف عامل العناصر قبل
حدوثجا ،من قِبل معركفة قوى الكواكب وتأثريها يف املولِّدات العنصرية مفردة وجمتمعة ،كفتكون لذلك أوضاع
األكفالك والكواكب دالة على ما سيحدث من أنواع الكائنات الكلية والشخصية.»6
- 1احلركات الفلكية هي على مذهب القدامى القمر – عطارد -الشمس -الزهرة – املريخ – املشرتي -زحل ،وذلك انطالقا من القول بأن األرض
هي مركز العامل الذي تدور حوله سائر الكواكب والنجوم واألجرام والفلك جمرى النجوم وكفلك الشيء مستدراه ومعظمه .ابن منظور :مصدر سابق،
212/20؛ .حيي ،الشامي :مرجع سابق ،ص.10
- 2نفسه ،ص.11،10
-3املقدمة .212يقول ابن خلدون (ت101هـ2202/م) :ومما وقع يف هذا املعىن لبعض أصحابنا من أهل العصر ،عندما غلب العرب عساكر
السلطان أيب احلسن وحاصروه بالقريوان وكثر إرجاف الفريقني األولياء واألعداء ،وقال يف ذلك أبو القاسم الروحي من شعراء أهل تونس ،ص :211
الس َمــاء ِ يَا َراصداً اخلنَ ِ
س اجلَـ َـواري *** َما كفَـ َعــلت َهذه َ
دراء ِ
َوالَ ن ــََرى َغ ـي ـرَ زور قـَــول *** آَذَ َاك َج ــج ــل أَم از َ
اقتضاء ِ ِ
الوَرى َ س تَـقضى*** َوَما َهلَا يف َ يـَقضي َعلَ َيجا َولَي َ
ضلَت عقول تَـَرى قَ ِدمي ـاً *** َما َشــأنــه اجلــرم والفـَنَــاء َ
-4أيب علي احلسني بن عبد اهلل ابن سينا (ت217هـ2027/م) :تسع رسائل يف احلكمة والطبيعيات ،ط ،01القاهرة :دار العرب للبستاين( ،د.ت)
ص ، 220وانظر عبد اجمليد ،بن سامل بن عبد اهلل املشعيب :التنجيم واملنجمون وحكمه يف اإلسالم ،ط ،02الطائف -السعودية :مكتبة الصديق،
2992م ،ص.22
-5حيي ،الشامي :مرجع سابق ،ص17
-6عبد الرمحان ،ابن خلدون :املقدمة ،ص.212
63
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
والنجامة باملعىن األوسع للكلمة ما هي إال نوع من الكجانة اليت ترمي إىل معركفة ما سيحدث يف حياة الدول
واألمم واألشخاص ،1وقد تأخذ لفظة منَ ِجم مدلوال أعم وأمشل ليتعدى معناها نطاق من يتعاطى هذا الضرب من
الز ِاجر ومفسر األحالم ،وهذا إن دل على شيء كفجو يدل على ما كان الصناعة ،كفتدل على ما يقوم به ِ
العائف و َ
َ
للمنجمني من حظوة ومكانة واهتمام.2
ومن هذا املنطلق ميكن ال قول أن املنجمني يف املغرب األوسط ،أصناف عدة كفمنجم الدارس هلذا الفن حاصل
منه على إشباع هوايته وحتقيق رغبته يف النفس ،ومنجم نوع آخر اختذ من التنجيم حركفة يتعيش هبا على سبيل
الكسب واالرتزاق ،ومثل هذا النوع كمثل سواهم من الزراقني واملشعوذين الضاربني بالرمل ،3ودليل وجودهم هو
عبد اهلل بن علي املنجم بن احملفوف( ت100هـ2297/م)وهو من أشجر ضاريب الرمل 4باملغرب األوسط عن
سبب تأليفه ملثلث يف علم الرمل قال « :ملا رأيت الناس من سائر األجناس جمتجدين يف طلب علم الغيب ،وقد
اختلفوا يف الوصول إليه من عدة وجوه متباينة وطرائق غري متباينة خارجا ذلك عن علم النجوم ».
ويف هذا الصدد أورد ابن خلدون (ت101هـ2202/م) أن التنجيم واالعتقاد والتصديق به كان سائدا
بشكل كبري يف املغرب األوسط ،ودعا لتفعيل دور احملتسب 5يف ردع من ينتحل التنجيم كصناعة ملا هلا من مضار
على الدين والدنيا وذلك يف قوله «:وقد شاهدنا من ذلك كثريا ،كفينبغي أن حتظر هذه الصناعة على مجيع أهل
العمران ،ملا ينشأ عنجا من املضار يف الدين والدول ،»6وممن اشتغلوا بالنجامة يف املغرب األوسط حممد بن
- 1حيي ،الشامي :مرجع سابق ،ص . 17التنجيم عند ابن سينا « :أنه علم ختميين الغرض منه االستدالل من أشكال النجوم والكواكب بقياس
بعضجا إىل بعض ،وبقياسجا إىل درج الربوج ،وبقياس مجلة ذلك إىل األرض ،على ما يكون من أحوال وأدوار العامل وامللك واملمالك والبلدان واملواليد
والتحاويل والتسايري واالختبارات واملسائل» احلسني بن عبد اهلل ابن سينا :مصدر سابق ،ـ ص.71
-2حيي ،الشامي :مرجع سابق.129 ،
-3نفسه ،ص.112
- 4وله خمطوط بعنوان املثلث يف علم الرمل ،عدد أوراقه ،10حتت رقم ،0110مبكتبة األسد بدمشق سوريا.
-5موظف تابع للقضاء يسمى احملتسب أو متويل السوق ،ي تخذ معاونني ومساعدين ينتشرون يف األسواق واألزقة وظيفتجم تغيري املنكرات والتشجيع
على أعمال اخلري واملعروف ،ويجتم صاحب السوق أو احملتسب مبراقبة السلع واملوازين واملكاييل منعاً للغش والتالعب باألسعار ،وملا كانت احلسبة
أيضا هي واسطة بني أحكام القضاء وأحكام امل ظامل وتتفق مع القضاء يف إنصاف املظلوم وإلزام املدعى عليه باألداء وأورد اجمليلدي مجام احملتسب يف
أبيات نقال عن األقنوم يف مبادئ العلوم أليب زيد عبد الرمحان بن عبد القادر الفاسي ورقات 227-220
ضا كفَلِلمحتَ ِسب التَم ِزيق *** َوال َكسر َوا ِإل َراقَة َوالتَخ ِريق
أَي ً
الذي يعِيب .املصدر السابق ،ص.21-21 والضرب والطَواف بِاملضروب *** ويـتـلَف الشيء ِ
َ ََ َ َ َ َ
َ
- 6املقدمة ،ص .212
64
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
النجار(ت729هـ2210/م) ،1واشتجر بتضلعه يف معركفة حركة النجوم مبختلف أحكامجا وقواعدها كفاستخلصه
السلطان الزياين أبو تاشفني لقضاء حاجاته.2
كفكل من أويت حظا من العلم أو الكجانة والزجر والعياكفة يشري إىل نفسه بأنه منجم ،ويضع بني يديه آلة أو
أكثر مما يدل على صناعة ،ليثق الناس به ويصدقوه رجاال ونساء سوقة وسَراة ،وال يعين هذا مطلقا إغفال الدور
ا لذي كان يضطلع به أصحاب الفراسة والعياكفة ،وأصحاب الرقى والعزائم والطلسمات وسواهم ممن برعوا يف هذا
اجملال ،كفاستجووا أكفئدة الناس كفخاهنم احلظ حينا وصح حكمجم حينا آخر ،وذلك عن طريق الصدكفة واالتفاق أو
عن طريق املالحظة والدرس.3
وجند أن بعض املنجمني يف املغرب األوسط مل يكن هلم مواطن معينة يثبتون كفيجا الستقبال الناس والنظر يف
أحكام النجوم ،ولكن كان يكفي للقيام هبذا العمل بالنسبة إىل بعضجم أن حيمل ما استطاع محله من كتب ومن
أوراق وخرائط وآالت وتقاومي ،مث ينجض لالنتقال هبا من مكان إىل آخر ومن بلد إىل بلد ومن بيت إىل بيت
معلنا عن طبيعة عمله ،كأن يصيح مثال "املنجم" أو "املعزم" ليقبل عليه ذو احلاجات كفيحكم هلذا بكذا ولذلك
بكيت ،أما املنجمون الذين اختذوا ألنفسجم أماكن خمصوصة ومقاعد ثابتة ،كفغالبا ما كانت على قارعة الطريق أو
عند رحبة اجلسر أو يف الساحات العامة ،أو يف مكان آخر يسمح موقعه باصطياد الزبائن واجتذاب الطامعني يف
أحكامجم ،4وهو احلال يف كثري من مناطق املغرب األوسط.
وظل االعتقاد يف قدرة املنجمني على معركفة الغيب سائدا يف جمتمع املغرب األوسط لزمن طويل رغم ورود عدة
آيات قرآنية تنفي قدرة غري اهلل على معركفة الغيب ،5إال أن هذا االعتقاد مل يكن حكرا على العوام من الناس،
كفمما زاد من ارتباط الفئات الدنيا باملشعوذين والدجالني ،هو اخنراط النخبة املثقفة عن قصد أو عن غري قصد
وهو ما نتج عنه تشجيع الذهنية الساذجة من خالل التنظري والتقعيد للفكر التنجيمي ،كفاتسعت بذلك دائرة
- 1هو أبو عبد اهلل حممد بن حيي بن النجار اإلمام الفقيه خنبة وقته من أعيان املالكية بتلمسان ،تويف بالطاعون اجلارف ،وقيل أنه تنبأ بوقت موته ،ابن
مرزوق :املناب ،ص.291
- 2عبد الرمحان ،بن خلدون :الرحلة ،ص.21
- 3حيي ،الشامي :مرجع سابق ،ص.112
-4نفسه ،ص .112
ب َال يـعلَمجا إَِّال هو ويـعلَم ما ِيف البـِّر والبح ِر وما تَسقط ِمن ورقَة إَِّال يـعلَمجا وَال حبَّة ِيف ظلم ِ ِ - 5قال اهلل تعاىلِ :
ات األَر ِ
ض َوَال َ َ َ َ َ ََ َ َ َ ََ َ ََ َ ﴿وعن َده َم َفاتح الغَي ِ َ َ
َ
ِ ِ ِ
َح ًدا﴾ سورة نوح ،اآلية .10 ِ ِ ِ َرطب َوَال يَابِس إَِّال ِيف كتَاب مبني﴾ سورة االنعام ،اآلية .19وقوله تعاىلَ :
﴿عامل الغَيب كفَ َال يظجر َعلَى َغيبه أ َ ِ
65
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
التعليل اخلرايف يف صفوف العوام ،1كفكانت سذاجتجم جتعلجم يصدقون كل شيء مجما كان مستحيال ،ألن العامة
جتجل نواميس الطبيعة ججال تاما.2
/1وجه إلحاق التنجيم بالسحر:
دراسة هذا العلم من ججة معركفة خصائص األجرام العلوية ،وأبعادها ،وحركاهتا ليس داخالً يف موضوع
السحر ،وإمنا يدخل يف أحد أنواعه أي من ججة السحرة الذين كانوا يعبدون الكواكب ،ويزعمون أهنا هي املدبرة
هلذا العامل ،ومنجا تصدر اخلريات والشرور ،والسعادة والنحوسة ،وهؤالء يعتقدون أن هلذه الكواكب إدراكات
روحانية ،إذا قوبلت مبا يناسب روحانيتَجا من البخور واللباس كانت مطيعة ملن صنع ذلك ،عاملة له ما يريد،
وتعدى األمر اعتقاد الناس بأن سبب الطاعون يرجع لألمور الفلكية من القرانات اليت تؤثر يف العامل ،خاصة عند
أرباب صناعة النجوم.3
وال شك بأن االعتقاد يف النجوم باطل ،ألنه املنحى الذي يتوارثه السحرة ليوحوا إيل الناس بأن هذه األجرام
العلوية تتصرف وتتحكم يف العامل السفلي ،وأهنا كفاعلة ملا حيدث كفيه ،4هكذا مت إحلاق التنجيم بالسحر ،وهلذا
قالﷺ ( :من اقـتَبس ِعلماً ِمن النجوم اقـتَبس شعبةً ِمن ِ
السحر َز َاد َما َزاد).5 َ َ َ َ َ َ َ َ
ساد االعتقاد يف املغرب األوسط بتأثري النجوم يف حصول االضطرابات املناخية ،وهو نفس االعتقاد الذي كان
سائدا ببالد العدوتني ،كفاختصت املناطق القاحلة يف املغرب واألندلس بطقوس سحرية قائمة على التخمني والرجم
بالغيب ،مع اجلزم أن ما حيدث من كوارث طبيعية هلا صلة مباشرة بالطبائع وحركات النجوم واألجرام السماوية،6
وميكن القول أن ارتباط الكوارث الطبيعية وسقوط األمطار واجلوائح باألحكام التنجيمية اليت سادت جمتمع
الدراسة ،ميكن إرجاعجا أساسا إىل التنوع الثقايف واحلضاري وانتشاره يف مجيع بالد املغرب اإلسالمي.
إن تركيز ا ملنجمني على عناصر املناخ يف حدوث االضطرابات والفناء بالطوكفان ،تركيز جيد تفسريه يف توظيف
املسبقات والتمثالت الدينية ،وحماكاة املقدس يف تطجري األرض من املدنس ،سيما وأن الرياح والعواصف العاتية
ارتبطت يف خميال الناس الديين بعالمات الساعة والبعث ،متخذة صورا شىت أللوان العذاب والعقاب اليت
66
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
استجدكفت األقوام الغابرة ،1ذلك أن األقاليم الفلكية والرمزية املتعلقة بالكواكب واألساطري وطقوس التصاعد
وغريها ،حتاكفظ على مكان رحب يف بنية املقدس ،وتستمر السماء ماثلة يف احلياة الدينية بواسطة الرمزية السماوية
تدعم بدورها عددا من الطقوس.2
وهو ما أسجم يف تغذية العقلية السحرية التنجيمية ،من خالل تقريب املنجمني حرصا منجم على معركفة أسرار
الغيب وكشف الطالع وقراءة القراءات ،واإلخبار بسعد أو حنس القابل من األيام ،3بل إن أخذ الطالع مشل املواليد
اجلدد خاصة إن كانوا من أبناء الطبقة العليا ،وهذا كان شيئا متعاركفا عليه إىل درجة الشيوع واالبتذال ليس هذا
كفحسب ،بل هناك من إذا عزم أمرا وأراد سفرا ولبس جديدا هو اآلخر كان يرجع إىل حكم املنجم قبل أن يقوم
بتنفيذ ما عزم عليه أو ميضي يف سفره ،وإال عد من اجلاهلني أو املقصرين.4
هناك أمور يظنجا بعض الناس من التنجيم ،وهي ليست منه ،كالعلم حبادثيت الكسوف واخلسوف ،كفيمكن
النريين كما يعلم طلوع اهلالل والبدر حبساهبما ،وكذلك توقع حالة اجلو وأن النجوم مسببة يف
العلم بذلك حبساب ِّ
سقوط املطر وهبوب الرياح ،لكن هذا التوقع قائم على دراسة معينة ،وبواسطة آالت خاصة بذلك ،وقد تصيب
تلك التوقعات ،وقد ختطئ ،ولكنجا ليست من جنس أخبار املنجمني.5
هذا االرتباط باألحكام التنجيمية يعكس بقايا اجلاهلية واملؤثرات الوثنية الضاربة يف عمق تاريخ املغرب
اإلسالمي كما سبقت اإلشارة ،لذا كان موقف الشرع اإلسالمي واضحا من املعتقدات الوثنية وخاصة ما ارتبط
باالعتقاد يف تأثري النجوم ويف حدوث الكوارث بسقوط األمطار ،6وهبوب الرياح كما ربطوا الظواهر الفلكية
باملوت واألوبئة وغريها ،ويرجع الباحث عبد اهلادي البياض أن هذا األمر جعل املؤرخني يعتربون هذه الظواهر
مروقا وخروجا على الشريعة ،كفصبوا جم غضبجم على أصحاهبا ومل يوردوا أخبارها إال حبيطة وتكتم كبريين ،ومن مث
مل خيصصوا هلا سوى كفقرات هزيلة ال تتناسب مع الدور اخلطري الذي لعبته يف تاريخ العقلية والذهنية املغربية.7
67
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
المبحث الثالث :البدع والخرافات وتأثيرها على الفرد والمجتمع:
انطالقا من قول ابن مرزوق(ت712هـ2279/م) عبارة « :يستدل بالقل منه على الكثري »1حاولت تطبيق
نظريته على البدع واخلراكفات اليت كانت موجودة بشكل ملحوظ باملغرب اإلسالمي ككل ملعركفة ماهيتجا وأنواعجا،
وكيف أثرت يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط من ناحية املمارسات واملقدسات والطقوس ،ألن اإلشارات الواردة يف
مدونة املغرب األوسط قليلة ،وألن املعتقدات تتخطى احلدود اجلغراكفية للدول بفعل التأثري والتأثر املتبادل بني
الشعوب ،وألن التقسيم السياسي لكيانات املغرب اإلسالمي مل يراع التوطن القبلي.
أوال :تعريف البدعة:
ال ضري من قليل متحيص يف أصل ومعىن كلمة "بدعة" ليتضح املعىن العام ،وعليه نقول حسب ما توصلنا إليه من
مادة معركفية أن:
البِد َعة لغة :الباء والدال والعني أصالن ،أحدمها ابتداء الشيء وصنعه ال عن مثال ،واألخر االنقطاع والكالل،
2
ع لالخرتاع على غري مثال سابق ،ومنه قول اهلل كفاألول قوهلم بَ َدعت الشيء قوال أو كفعال ،وأصل مادة بَ َد َ
ضى أَمًرا كفَِإَّمنَا يـَقول لَه كن كفَـيَكون﴾ 3أي خمرتعجما من غري مثال سابق السماو ِ ِ
ض َوإِذَا قَ َ
ات َواألَر ِ تعاىل ﴿ :بَديع َّ َ َ
وحى إِ ََّ ِ ِ ِ متقدم ،وقوله تعاىل ﴿ :قل َما كنت بِد ًعا ِم َن ُّ
الرس ِل َوَما أَد ِري َما يـف َعل ِيب َوَال بكم إن أَتَّبِع إَّال َما ي َ
4
يل َوَما
ِ
ني﴾ ،5أي ما كنت َّأول من جاءَ بالرسالة من اهلل إىل العباد ،بل تقدمين كثري من الرسل ،ويقال: أَنَا إَِّال نَذ ٌير مبِ ٌ
ابتدع كفالن بدعة ،يعين ابتدأ طريقة مل يسبقه إليجا سابق.6
ومن هذا املعىن مسيت البِد َعة بِد َعة ،لكل ما خالف ما اجتمعت عليه أمة من أمور الدين ،كفاستخراججا
للسلوك عليجا هو االبتداع ،وهيئتجا هي البدعة ،وقد يسمى العمل املعمول على ذلك الوجه بدعة ،كفمن هذا
املعىن مسي العمل الذي ال دليل عليه يف الشرع بدعة ،وهو إطالق أخص منه يف اللغة ،2وإبداعشيء إذا مل يكن
له من قبل خلق وال ذكر وال معركفة.7
68
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
البدعة اصطالحا:
البدعة عبارة عن طريقة يف الدين خمرتعة ،تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليجا املبالغة يف التعبد هلل سبحانه
وإمنا قيدت بالدين ألهنا كفيه خترتع ،1وهذا على رأي من ال يدخل العادات يف معىن البدعة ،وإمنا خيصجا
بالعبادات ،وأما على رأي من أدخل األعمال العادية يف معىن البدعة بأن قيدت بالدين ،ألهنا كفيه خترتع وإليه
يضيفجا صاحبجا ،وأيضاً كفلو كانت طريقة خمرتعة يف الدنيا على اخلصوص مل تسم بدعة ،كإحداث الصنائع
والبلدان اليت ال عجد هبا كفيما تق دم ،وذكر الونشريسي أن البدع أمر عظيم عند أهل العلم خياف عليجم اخلالف
كفيما يعتقدون تبغضجم القلوب ويشتد عليجم غضي املؤمنني وال خيرجون من اإلسالم لذلك.2
أصل كلمة البدعة من االخرتاع ،وهو الشيء حيدث من غري أصل سبق وال مثال احتذى وال ألف مثله ،ومنه
قوهلم أبدع اهلل اخللق أي خلقجم ابتداءً ،والبدع هي كل ما مل يقم دليل شرعي على أنه واجب أو مستحب سواء
كفعل على عجده أو مل يفعل ،ولفظ املبتدع ال يكاد يستعمل إال يف الذم ،وأما من حيث أصل االشتقاق كفإنه يقال
ذلك يف املدح والذم ،وهلذا يقال يف الشيء الفائق مجاال وجودة ما هو إال بدعة.3
من أنواع بدع العبادات اليت كانت سائدة باملغرب األوسط على سبيل الذكر ال احلصر واليت كانت مركفوضة شرعا
لدي الفقجاء أذكر:
-وضع احلدود كالناذر للصيام قائما ال يقعد ،ضاحيا ال يستظل ،واالختصاص يف االنقطاع للعبادة ،واالقتصار
من املأكل وامللبس على صنف دون صنف من غري علة ،4وهو شأن الكثري من األولياء واملتصوكفة باملغرب
األوسط.
-التزام العبادات املعينة يف أوقات معينة مل يوجد هلا ذلك التعيني يف الشريعة ،كالتزام صيام يوم النصف من
شعبان وقيام ليلته.5
-األذكار الصوكفية بأنواعجا كفكلجا بدع حمدثة ألهنا خمالفة لألذكار املشروعة يف صيغجا وهيئاهتا وأوقاهتا.6
-التزام الكيفيات واهليئات املعينة ،كالذكر هبيئة االجتماع على صوت واحد ،واختاذ يوم والدة النيب ﷺ عيدا.1
- 1إبراهيم ،أيب إسحاق بن موسى بن حممد اللخمي الشاطيب :االعتصام ،تد :حممد رشيد رضا ،مصر :املكتبة التجارية الكربى -مطابع شركة
اإلعالنات الشرقية2922 ،م.27/2 ،
- 2املعيار.220-229/1 ،
-3شجاب الدين ،أيب حممد عبد الرمحان بن إمساعيل بن إبراهيم املكىن بأيب شامة الشاكفعي :الباعث على إنكار البدع واحلوادث ،ط ،1مكة :مطبعة
النجضة احلديثة 2912 ،م ،ص 21؛ الربزيل :مصدر سابق.100-299 /0 ،
- 4الشاطيب :املصدر السابق.29/2 ،
- 5نفسه.29/2 ،
- 6صاحل ،بن كفوزان :مرجع سابق ،ص.20
69
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
-ومن الطقوس املقدسة اليت ركفضجا الفقجاء كذلك هي إقامة املآمت على األموات ،وصناعة األطعمة واستئجار
املقرئني يزعمون أن ذلك من باب العزاء.2
-البناء على القبور واختاذها مساجد وزيارهتا ألجل التربك هبا ،والتوسل باملوتى وغري ذلك من األغراض الشركية
وزيارة النساء هلا ،3وشاعت يف املغرب األوسط كذلك ظاهرة زيارة األضرحة ومقابر الصلحاء ألخذ الربكة
بشكل الكفت.
جتدر اإلشارة إىل أن كثريا من البدع توارثتجا األجيال حىت أصبحت عادة وكانت أحيانا أقوى من العبادة ،ذلك
أن العادة هي ناظمة احلس كفجي سبب االستمرار يف أكفعال اإلنسان ،وهي ناظمة حياة الفرد وهي دعامة احلياة
االجتماعية أيضا ،واألمر الشاق يف حياة األمة هو أن تبتدع لنفسجا عادات اجتماعية وأال تصمد إزاء هذه
العادات ، 4حيث أنه على الرغم من إيضاح علماء الدين واألئمة يف املساجد والدعاة على حماربة وركفض
البدع 5واملنكرات إال أن هناك من يشك يف أحاديثجم بسبب تراكم العادات لديجم من جيل إىل جيل وصعوبة
حماربتجا خاصة عند اجل َجال.
ومبا أن اإلسالم هو اال ستسالم هلل وأداء ما تقتضيه طاعته من عبادات ،كفإنه يرتبط بأعمال ظاهرة مكشوكفة قد
تعرتيجا بعض املمارسات اليت سرعان ما تتحول إىل طقوس رمبا تتجاوز العبادات ،لتنعكس على كثري من العادات
االجتماعية يف اجملتمع ،اليت تتحول إىل تقاليد ال تلبث مع مرور الزمن أن تكتسي شيئا من القداسة ،حىت حني
حتيد عن اجلادة وتبتعد قليال أو كثريا عن متطلبات الدين الصحيح وتعد من البدع املستنكرة ،وهو األمر احلاصل
يف بعض كفئات جمتمع املغرب األوسط واليت جتاوزت يف ممارساهتا بعض النواهي الشرعية.
إن مواقف الفقجاء من بعض العادات يف جمتمع املغرب األوسط ،كانت هتدف إىل بناء نظام حيايت يتطلب
االلتزام واالنقياد واخلضوع إىل قواعد وأسس دينية ،تؤدي بدورها إىل وظائف اجتماعية ونفسية وضبط السلوك
واألخالق والقيم يف اجملتمع ،خاصة يف ظل رصد العديد من املمارسات اليت شاعت لدى خمتلف الفئات والشرائح
االجتماعية ،واليت تكشف عن اجتياح العقلية اخلراكفية جلميعجا واكفتقارها ألي وازع نقدي ،مما أثار ارتياب العلماء
- 1الشاطيب :مصدر سابق29/2 ،؛ صاحل ،بن كفوزان :مرجع سابق ،ص 21و ص.29
- 2نفسه ،ص29
- 3نفسه ،ص.22
- 4غوستاف ،لوبون :مرجع سابق ،ص.20
- 5ممن تصدى حملاربة البدع يف املغرب األوسط جند الفقيه حممد املعروف بالقلعي ،قال عنه ابن مرمي السيف املسلول على أهل البدع واألهواء الزائغة.
مصدر سابق ، 107 ،كما كانت حملمد بن مرزوق احلفيد يد يف حماربة أهل البدع وكذلك الفقيه حممد العقباين .ابن مرزوق ،املسند ،ص.102
70
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
والفقجاء وقرب وججات نظرهم حول ما اعتربوه انزياح عن الدين وخروج عن الشرع والسنة ،ويف اجململ كفإن بعض
العادات املقدسة ،مل تنل رضا الفقجاء لكنجا حاضرة وبقوة يف املخيال االجتماعي لبعض ساكنة املغرب األوسط.
إن ورود ذكر البدع واخلراكفات يف املصادر التارخيية وخاصة اجلغراكفية منجا ،لكوهنا أكثر احتكاكا بعامة الناس،
والتساؤل عنجم وعن خوارقجم وعاداهتم ،وهذا شأن اجلغراكفيني عموما ،هلو دليل واضح على أن البدع واخلراكفات
كانت منتشرة بينجم ،وألن هؤالء السكان صدقوها أوال ،ومن نقل عنجم من اجلغراكفني ثانيا ،وإال ملا ذكرت يف
تلك املصادر ،1وما استدلوا هبا على أحوال الناس يف املناطق اليت أقاموا أو مروا هبا ،والوقوف على أهم البدع
واخلراكفات انتشارا باملغرب األوسط.
يف املقابل القت الكثري من البدع استحسانا لدى خمتلف كفئات اجملتمع ،واتفق على جواز كفعلجا واالستحباب
هلا ورجاء الثواب ملن حسنت نيته كفيجا ،وهي كل مبتدع مواكفق لقواعد الشريعة غري خمالف لشيء منجا ،وال يلزم
من كفعله حمذور شرعي ،وذلك حنو بناء املنابر والربط واملدارس وخانات السبيل وغري ذلك من أنواع الرب اليت مل
تعجد يف الصدر األول ،2وأورد ابن مرزوق يف حديثه عن حماربة البدع والتحري يف االبتعاد عنجا أن السلطان أبو
احلسن املريين (729-722هـ2221-2222/م) حارب البدع يف قوله «:ومن شدة نفرته من البدع وحذره من
الوقوع يف املنجي عنه...أنه ملا بين املسجد اجلامع بالعباد العلوي حذاء ضريح أيب مدين(ت192هـ )2291/وتأنق
يف بنائه وبالغ يف تشييده واإلحسان كفيه...قام الدهان برقم أشكال اجلبس على داخل اجلدارات بورقة الذهب
والفضة كفاستحسنت ذلك ،وأردت أن يعمل على مثال املسجد الكائن مبنشر اجللد -يقصد مسجد ابن البنا-
واجلامع الذي برحبة القصر وكالمها بتلمسان ،كفشرع يف ذلك وعمل منه الصدر الذي على احملراب ،وبعدها ابتدأ
أبو احلسن املريين(729-722هـ2221-2222/م) زيارة الضريح والصالة يف اجلامع ودخل معه الشيخان ابنا
اإلمام ،3كفلما نظرا إىل الرقم والزواق استحسنه كفقال الفقيه أبو يزيد منجما :هذا بدعة ،كفقال له :أوبدعة هذا،
- 1خبتة خليلي :مرجع سابق ،ص110- 179؛ ومن الكتب اليت ألفت للرد على البدع واحلوادث أذكر:
-حممد ،بن الوليد ابن الوليد أيب بكر الطرطوشي :كتاب احلوادث والبدع ،تح :عبد اجمليد تركي ،ط ،02بريوت :دار الغرب اإلسالمي2990 ،م.
-الشاكفعي أيب شامة :الباعث على إنكار البدع واحلوادث.
- 2الشاكفعي :املصدر السابق ،ص.11
- 3مها عبد الرمحان بن حممد أبو يزيد (ت722هـ ) 2222/وأخيه أبو موسى عيسى ابنا اإلمام الشريف التلمساين ،من أجل علماء املالكية باملغرب
األوسط ،قتل زيري والدمها كففرا إىل تونس واستقرا هبا مث رجعا إىل املغرب األوسط مع عمال بين مرين على أيب زيان كفقرهبما وابتىن هلما أبو محو موسى
األول ( 721-707هـ2227-2207/م) مدرسة وبنا هلما دارين جبانب املدرسة واشتغال بالتدريس كفيجا ،كما اختصجما بالفتيا والشورة ،وكانت هلما
بدولته مكانة عالية. ،عبد الرمحان ،ابن خلدون :العرب222/7،؛ حيي ،بن خلدون :مصدر سابق 220 /2 ،وما بعدها؛ التنسي :مصدر سابق،
ص.229
71
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
قال :نعم ،قال :وال جتدون يف الشرع مسوغا ،كفقاال معا :ال ،كفدعا أبو احلسن (729-722هـ-2222/
2221م) برمح وخط خطا وقال :ما دون هذا اخلط ويكف عن رقم الباقي من اجلامع كفمالنا بالبدع حاجة.»1
وملا كان سلوك الفرد هو سلوك اجلماعة مجما كان هذا السلوك ظاهرا أو مضمرا صادرا عن إرادة حرة أو كان
نتاجا ألمر خارجي ،كفغالبا ما تؤيد اجلماعة العادات اليت تتوارث من تقاليد اجملتمع وتراثه ،إال أنه يف بعض
األحيان قد تبدو هناك عادات ال تتفق وأهداف اجملتمع ،واليت أمساها الباحث مجيل محداوي ب "املتغري داخل
الثابت الديين أو الطقوس البدعية" ،2ومع هذا كفقد عرف عن سكان املغرب قبل إسالمجم بأهنم متمسكون
بعاداهتم وتقاليدهم ،وأن حياهتم االجتماعية مبنية على أساسيات ،كفال ميكن ألي بربري االستغناء عنجا كفجي
متجذرة يف عقوهلم منذ القدم ،كفظجرت عندهم معتقدات خيلت لنا أهنا من نسج اخليال واخلراكفات كففي جمملجا
هي بدع ابتدعجا هؤالء ملا كانوا يعايشونه ،3وهو ما يفسر صعوبة ختليجم عن معتقداهتم.
وحيضرين هنا رأي الباحث املربوك الشيباين حول البدع ،كفرغم أين ال أواكفقه الرأي يف استعماله كلمة ( تغزو-
الغازية) ملا حتمله هذه اللفظة من معان يراد هبا اإلكراه بالقوة ،إال أنه أكد على أن جميء اإلسالم لشمال إكفريقيا
صحح وأزال معظم املعتقدات والبدع اليت كانت سائدة قبل إسالم سكان املغرب كفقد أورد قائال «:عندما تغزو
منظومة ما منظومة أخرى تعجز عن إذابتجا وحموها ،كفتستعمل يف ذلك أسلحة خمتلفة من مصادر شىت كفإذا كانت
هذه املنظومة الغازية دينية ،كفإهنا تستعمل مقوالت تشجريية ،هي مفاهيم تعاجل هبا هذا األخري وحتاصره عاملة على
نفيه وإقصائه باسم البدعة تارة وباسم الكفر تارة أخرى ،وقد جاء اإلسالم كفعدل من مسارات بعض املمارسات
الدينية والعقدية والسلوكية دون أن ينكر وجودها اجلذري.»4
مل يستطع إنسان املغرب األوسط التحكم بالقوى العليا يف مقابل حتكمه جزئيا يف حميطه املباشر وترويضه،
وكانت قوة الطبيعة تتجلى أمامه يف الزالزل واألمطار واجلفاف واألوبئة واألمراض واحلياة واملوت والقحط
والفيضانات ،إذ أكفرزت أشكال أخرى لتجليات الطبيعية والالطبيعية ،رضخ هلا ووجد نفسه جمربا للتقرب منجا،
كفشكلت لديه أمناط سلوكية خمتلفة وغريبة وعدوانية أحيانا ،كالسلب والنجب والغصب واالحتكار ،وهي سلوكيات
حسب عبد اهلادي البياض ترجع اإلنسان إىل شاكلته األوىل ،إىل الطور الوحشي البدائي الذي من خالله يصبح
-1املسند ،ص ، 111-117وحول املناظرة اليت دارت بني أيب مرزوق وابين اإلمام حول جواز الرقم والزواق واستعمال ورق الذهب والفضة .وذكر
الربزيل كراهة التزويق والكتابة على املساجد ججة القبلة .مصدر سابق.210/2 ،
-2مجيل ،محداوي :مرجع سابق ،ص20؛ موكفق ،زازوي :الطقوس اجلنائزية ،ص.220
- 3عبد اهلادي ،البياض :مرجع سابق ،ص.22-20
-4مجاليات اجلسد وطقوسه االحتفالية يف األعياد يف مشال إكفريقيا ،جملة دراسات أندلسية مركز حتقيق تراث العامل اإلسالمي ،تونس العدد ،01
2992م ،ص ص ،92-72ص 12؛ الصديق ،ثياقة :مرجع سابق ،ص .1
72
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
إنسانا غري عاقل كما تصفه الفلسفة ،ويتحول إىل مفرتس آكل للنباتات واحلشائش ومستجلكا ممارسا بامتياز لعامل
السحر والشعوذة ،1وال أدل على ذلك مما عركفناه بعد حصار تلمسان ( 700-091هـ2207-2199 /م)
كفقد ناهلم من اجلجد ما مل ينل أمة من األمم ،2أين تغريت ذهنية الطعام عندهم كفكانوا يأكلون كل ما يدب على
األرض ،3واعتمدوا على بناء املطامري واألهراء لتخزين احلبوب والطعام وامللح والسمن واللحم وغريها من املواد
الغذائية اليت ميكن جتفيفجا وكذلك الفحم واحلطب ،وتبنت السلطة السياسية كفكرة إنشاء مثل هذه املخازن
لتخزين األطعمة هبدف مواججة اجملاعات أو احلصارات املتكررة ،وكانت هذه املخازن مرتكزة يف حومة املطمر
بتلمسان.4
بالعودة إىل السلوكات والذهنيات اليت واجه هبا إنسان املغرب الكوارث الطبيعية كفإهنا تدعوا إىل النبش يف
ظواهر ملغزة تصنف ضمن الئحة البدع واحملرمات ،جتلت يف ذهنيات خراكفية وشعوذة وسلوكيات سحرية تنجيمية،
أحياها اإلنسان وارتبط هبا ارتباطا شديدا إبان املنعطفات املناخية احلرجة يف حياته ،ليعلق عليجا عجزه وآماله
وآالمه ،5وهو ما كان سببا يف عموم االبتالء به من تزيني الشيطان للعامة ختليق احليطان والعمد وسرج مواضع
خمصوصة ،كففي كل بلد حيكي هلم َحاك أنه رأى يف منامه هبا أحدا ممن اشتجر بالصالح والوالية ،كفيفعلون ذلك
وحياكفظون عليه مث يتجاوزون هذا إىل أن يعظم وقع تلك األماكن يف قلوهبم كفيعظموهنا ،ويرجون الشفاء ملرضاهم
وقضاء حوائججم بتقدمي الذبائح والنذور هلم ،وهي من عيون وشجر وحائط وحجر وبناء وطواف بالقبور ،6كل
هذا يف سبيل اسرتضاء القوى الغيبية ونيل املقابل املادي لزوار هذه املواضع.
إن خمتلف املوا ضع واألشياء املادية اليت مت اعتمادها تتحلى بنوع من القداسة حول معتقديجا ،خاصة ما تعلق
بالنبات كاألشجار ،وميكن القول أن كل األشجار املعتربة مقدسة ،كفإن قيمتجا الدينية هي اليت جعلت منجا نباتا
معنيا به ،7أو ارتباطجا حبدث سياسي معني وإن كانت سابقة لفرتة الدراسة زمنيا إال أن االعتقاد ظل متواصال
-1عبد العزيز ،كفراح :تلمسان املدينة احملراب ،تر :إنعام بيوض وآخرون ،اجلزائر :منشورات أبيك1022،م ،.ص 221؛ عبد اهلادي ،البياض :مرجع
سابق ،ص.22-20
- 2عبد الرمحان ،بن خلدون :العرب.211/7 ،
- 3متادى هبا احلصار مثاين سنني وثالث أشجر ،حىت أكلوا اجليف واحلشرات ومجيع احليوانات من الفئران والعقارب واحلياة والضفادع وغري ذلك حىت
أكل بعضجم بعضا .ابن خلدون :العرب.211 /7،
- 4التنسي :مصدر سابق ،ص221؛ العمري :مصدر سابق102/2 ،؛ عبد العزيز كفياليل :تلمسان.211/2 ،
- 5عبد اهلادي ،البياض :مرجع سابق ،ص.220
- 6شجاب الدين ،الشاكفعي :مرجع سابق ،ص12؛ صاحل ،بن كفوزان :مرجع سابق ،ص.20
- 7الياد ،مارسي :املقدس واملدنس ،ص.222
73
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
ذهنيا ،من ذلك بيعة املجدي بن تومرت (ت112هـ2220/م) اليت متت حتت شجرة اخلروب ،1ومع هذا كفإننا جند
شجرة باملغرب األوسط طرحت إشكاال حول التعامل معجا أال وهي شجرة النارنج بني مقدس هلا ،ومتطري متشائم
منجا وهذا ما سنناقشه يف عنصر الطرية والتطري.
كان للشجرة مكانة مقدسة يف ذهنية بعض كفئات اجملتمع ذلك أهنا ترمز للحياة يف مجيع اجملتمعات البشرية،
كفشجرة احلياة بصفتجا موضوعا طبيعيا ال ميكن هلا أن توحي بكلية احلياة الكونية على مستوى التجربة الدنيوية،
وانتخبت صورة الشجرة ،ألهنا تعرب عن الشباب واخللود واحلكمة ،2كما وردت أساطري حول البحث عن اخللود
أو الشباب الدائم ،تربز يف املقدمة شجرة ذات مثار من ذهب أو أوراق عجيبة.»3
ساد االعتقاد يف األشجار سواء لقدراهتا اخلارقة أو التطري منجا ،لذلك أكفىت الفقجاء بوجوب قطع الشجرة اليت
يعتقد كفيجا العوام ،ويف هذا الصدد ذكر ابن اجلوزية على لسان اإلمام أبو بكر الطرطوشي قوله « :أينما وجدمت
سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمون من شأهنا ،ويرجون الربء والشفاء من قبلجا ،وينوطون هبا املسامري واخلرق
كفاقطعوها ،كفجي ذات أنواط. »4
- 1أبو بكر ،الصنجاجي البيدق :أخبار املجدي بن تومرت وبداية دولة املوحدين ،حتقيق :عبد الوهاب بن منصور ،الرباط :دار املنصور للطباعة
والوراقة2972 ،م.
-2الياد ،مارسي :املقدس واملدنس ،ص.222-220
- 3نفسه ،ص222-220؛ يف املقابل حتدث جورج كفرايزر عن االعتقاد يف الشجرة املقدسة بالغابة املقدسة ،ورحلة البحث عن القداسة من خالل
إجياد الشجرة املقدسة واليت ساد االعتقاد هبا يف مجيع اجملتمعات البشرية ،لكنه استبعد من احتالهلا ألمهية مميزة يف التطور الديين .مرجع سابق ،ص-21
.22
- 4حممد ،بن أيب بكر أيوب ا لزرعي أبو عبد اهلل ابن القيم :إغاثة اللجفان من مصائد الشيطان ،تح :حممد حامد الفقي ،ط ،01بريوت :دار
املعركفة2971،م 2 ،أجزاء122/2 ،؛ شجاب الدين ،الشاكفعي :مرجع سابق ،ص.11
74
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
ثانيا :نماذج من البدع.
/3بدعة تعليق التمائم:1
امتاز بعض سكان البادية يف املغرب األوسط باعتقادهم يف الغيبيات ،وهو ما سجل من إتباعجم وانقيادهم
لبعض الزعماء والقادة الذين عركفوا كيفية استغالل هذا الضعف ،2واملالحظ أن هذه املعتقدات الغيبية كثريا ما
كانت هلا خلفية سوسيواقتصادية ونسيج ثقايف ومناخ سياسي ،إذ كانت اخلوارق وعمليات السحر وانتحال النبوة
والكجانة وغريها من املظاهر االجتماعية اليت تعرب عن مواقف لتجاوز املشاكل واألزمات اليت كانت تسود ذلك
العصر.3
وقد حاولت كل واحدة من هذه الظواهر أن جتعل اإلنسان سيدا على الطبيعة ،يذلل الصعوبات ويقتحم
املستحيل عن طريق ختطي املألوف والشائع ،ولألسف كفإن احلوليات التارخيية اتسمت بالصمت جتاه هذه القضايا،
إال أن بعض املصادر التارخيية رممت جزءاً من الثغرات حيث متكن للباحث أن يستجلي هذا اجلانب املطموس،4
خاصة وأن االعتقاد السائد لدى بعض الناس يف جلوئجم إىل جمموعة من املمارسات واليت عدت وقائية يف وجه
األخطار كفوق الطبيعية اليت كانت تلم هبم ،خاصة زمن اجلوائح والفنت أو حىت يف ظروف خاصة تتعلق بالزواج
واخلتان والوالدة وغريها من األحداث ،اليت ميكن أن يكون كفيجا اإلنسان ضعيفا وغري حممي يف رأيجم ،هلذا مت
اللجوء إىل وسائل للحد من هذه األخطار واليت أمساها الباحث عبد الغين منديب ب"بالوقائيات" اليت كانت
سائدة بكثرة ،واختذت هذه "الوقائيات" عدة أشكال تراوحت بني التزيني ببعض أنواع احللي ذات األشكال
اخلاصة ،أو إحراق األخبرة وطالء اجلسد باحلناء ،أو وشم أعلى اجلبني أو أسفل الذقن أو الذراعني والساقني،
- 1التميمة هي عوذة تعلق على اإلنسان ويقال هي اخلرزة ،وكان العرب تعلقجا على أوالدها ليتقوا هبا العني كفأبطلجا اإلسالم ،وأما املعاذات إذا كتب
كفيجا القرآن وأمساء اهلل تعاىل .ابن مفلح املقدسي :مصدر سابق.00-01/2 ،
- 2ولعل من بني القرائن اليت تعطي الدليل على ظا هرة االنقياد لزعماء عركفجم املغرب األوسط اعتمدوا يف إقامة دولتجم على األمور الغيبية مثل الكجانة
والسحر وضرب الرمل واالدعاء حبلول روح اهلل ،جند ثورة الكاهنة أو ديجيا وهي قائدة بربرية حكمت مشال إكفريقيا 21سنة من ( 010إىل 721
ميالدي) ،هزمت الرومان ووحدت القبائل األمازيغية حوهلا ،كما هزمت جيش حسان بن النعمان سنة 092م ،لكن سرعان ما اهنزمت يف منطقة طربقة
بالقرب من جبال األوراس .عبد الرمحان ،ابن خلدون :العرب22-21/7،؛ وكذلك دعوة أيب عبد اهلل الشيعي والذي لقب باملعلم ،وهو ممجد الدولة
الفاطمية والداعي لعبيد اهلل املجد ي وناشر دعوته يف املغرب .للمزيد ينظر :علي ،حسين اخلربوطلي :أبو عبد اهلل الشيعي مؤسس الدولة الفاطمية ،مصر:
املطبعة الفنية احلديثة.2971 ،دون أن ننسى دعوة حممد بن تومرت والذي مرر خمططاته لتصفية الدولة املرابطية عرب جمموعة من احليل واملناورات
والتمويجات واألوه ام .إبراهيم ،القادري بوتشيش :الفكر السحري والعراكفة باملغرب واألندلس خالل عصر املرابطني ،ضمن ملتقى الدراسات املغربية
األندلسية ،تيارات الفكر يف املغرب واألندلس ،رواكفد ومعطيات ،منشورات كلية ندوات ،1جامعة امللك السعدي ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية،
تيطوان ،2992أكفريل ،17-10ص .220
- 3إبراهيم ،القادري بوتشيش :املغرب واألندلس ،ص.222
- 4نفسه ،ص.222
75
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
ومحل التمائم والتعاويذ وغريها مما صنف ضمن دارة السحر األبيض ،1وهي يف معظمجا متائم يتم ربطجا يف عنق
من صنعت من أجله بغية محايته.
ارتبطت بدعة تعليق التمائم بفرتة املرض إذ يعتقد الكثري بأن احلاالت املرضية مردها املس أو العني ،مما أملى
عليجم ردود أكفعال متيزت باالضطرابات واالرتباك النفسي والذهين ،كفسعوا للخالص من املرض وتبعاته بأي وسيلة،
لذا كان لزاما عليجم البحث عن حلول ملشاكلجم وإن تناكفت مع معتقداهتم ،كفكان طبيعيا أن ينساقوا ويستسلموا
أمام كفئة املشعوذين والدجالني مبا أظجروه من تأثري للطالسم السحرية أمامجم ،وإقناعجم بتحقيق أماهلم دومنا تفكري
أو معارضة ،ومثال ذلك ما أورده الوزان (ت919هـ2112/م) حول احلال اليت صار عليجا الناس من سيطرة
املشعوذين عليجم يف قوله «:ويبيعون للجمجور اجلاهل أوراقا صغرية كتب عليجا كلمات ووصفات ضد خمتلف
األوجاع كما يزعمون ،»2ويعزى هذا كما سبق الذكر لسذاجتجم وججلجم وأضاف قائال« :كفكانت سذاجتجم
جتعلجم يصدقون كل شيء مجما كان مستحيال ،ألن العامة جتجل نواميس الطبيعة ججال تاما.»3
كما استنكرت ظاهرة زيارة النساء لبعض الرجال الذين ادعوا عليجم بالتواصل مع اجلن ،ملعاونتجن على التخلص
مما يؤملجن ،يف مثل األمور املرضية اليت تتعلق بالصرع ،أو بإعراض الزوج عنجا ،كفيكتب هلا ما يسمى كتاب عطف
للمرأة إذا أعرض عنجا زوججا ،وهي نوع من التمائم تكتب يف أوراق صغرية ،جلأت إليه املرأة لعقد زوججا وهو ما
أنكره الفقجاء عليجا ،ومل يكن هذا األمر حكرا على النساء كفقد زار الرجال السحرة لنفس األغراض حلل من عقد
على امرأته ،4وقيل أن كتاب العطف يطلق عليه كذلك التَـوَكة وهو ضرب من السحر حيبب املرأة إىل زوججا.5
ومن األدلة أن أهل زناتة كانت هلا معركفة بالغة وحذق وكياسة ويد جيدة يف علم الكف ،وال توجد أمم أعلم
منجا يف هذا الشأن ،6كما كان أهل مرسى اخلرز 7ميتازون بصفرة ألواهنم وال يكاد خيلو عنق أحد منجم من متيمة،8
وكثرية هي القرائن الدالة على تعلق بعض سكان املغرب األوسط بقدرة التمائم على منح احلماية ودكفع الضرر
واإلشفاء من األمراض وهو ما سأكفصل كفيع الحقا يف عنصر وظيفة الزاوية.
76
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
يف املقابل وجدت بعض التمائم واليت أجازها بعض الفقجاء واليت مسيت "كتاب احلمى" و "عالج
املصروعني" ،ودليل ذلك نازلة جاء كفيجا أن بعضجم سأل عن رجل من أهل اخلري والصالح يكتب للحمى ويرقي
ويعمل النشر 1وال يأخذ على ذلك شيئا ويعاجل أيضا صاحب الصرع واجلنون بأمساء اهلل والعزائم واخلوامت وينتفع
بذلك كله من عمله أترى له ذلك جاز أم ال؟ كفكان اجلواب أن ما كتب للحمى والرقى وعمل النشر بالقرآن
وباملعروف كفال بأس ،أما معاجلة املصروعني باجلنون بالعزائم واخلوامت كفعل الغرامني املبطلني كفإنه املنكر والباطل،2
وذكرت املصادر أن أمحد بن إدريس األيلويل البجائي الزواوي (700هـ2219/م) وهو كفقيه مالكي ،أشجر من
عمل الرقى كفكان يرقي الناس بالفاحتة ،وقال الرقى باملعوذات وغريها من أمساء اهلل هو للطالب الروحاين إذا كان
على لسان األبرار حصل الشفاء.3
العالج بالرقى جائز شرعا لقول رسول اهلل ﷺ ( :أَع ِرضوا َعلَ َي رقاكم كفَـلَ َما َعَرضوا قَال :الَ أ ََرى بَأساً ِمن
َخاه كفَـليف َعل) ،4هلذا كان العالج بالرقى منتشرا ومقدسا باملغرب األوسط ،إال أن ظاهرة ِاستطَ ِ
اع منكم أَن يـَنـ َف َع أ َ
َ
التخلص من بعض الرقى وإلقاءها يف الطريق ،رمبا ألن من كتبت له مت له الشفاء أو لعدم كفعاليتجا مع حالته ،وقد
أثارت تساؤالت ركفعت للفقجاء للفصل يف كيفية التعامل مع هذه الرقى ،ومن بني األسئلة الواردة أذكر ماذا يفعل
الرجل جيد امساً معظما ملقى يف الطريق؟ ،هل يفرق حروكفه ويلقيه ،أو يغسله أو جيعله يف حائط5؟.
/0بدعة التحية:
ظجرت بدعة االحنناء والسجود بني يدي السالطني يف العصر الوسيط خاصة بني يدي السلطان أبو احلسن
املريين (729-722هـ2221-2222/م) ،وجرت عادة الواكفدين على امللوك باملغرب والداخلني عليجم من
أوساط وصنف اخلدام أن يقبلوا األرض أو ينحنوا كجيئة الساجد ،كفركفع ذلك كله ،واقتصر يف ذلك على تقبيل اليد
-1النشر هي حل السحر عن املسحور وال يكاد يقدر عليه غال من يعرف السر ،والنشرة مشجورة عند أهل التعزمي ومسي بذلك ألهنا تنشر عن
صاحبجا أي جتلي عنه وأجازها الطربي وغريه ،وقيل أهنا من عمل الشيطان .ابن مفلح املقدسي :مصدر سابق.02-02/2 ،
-2الونشريسي :املعيار 19/22 ،و . 272/22من بني أنواع الرقى اليت كتبت حسب نوع املرض جند رقية لوجع الضرس وكانت تبدأ ب اخلاتري الكاتري
اخلاتري مث تركفق بآيات من القرآن ،ورقية لعالج عرق النساء تبدأ ب مث لزوا دون آنون ،ورقية لعالج الدماميا تبدأ ب عنشش عنرتش دهنش عند قرقش
كفرقش ،وأخرى لعالج بكاء األطفال جاء يف بدايتجا أمساء أهل الكجف وهم :أمليحا ومكسيا قرطوس برليس وبطايش ىرنوس كيدس طوطوس الكلب
وبلدهم اقوس أقوس .وغريها من النماذج الكثرية وغري مفجومة وردت عند الربزيل :مصدر سابق212-210-279-271 – 277/0 ،
-3أمحد بابا ،التنبكيت (ت2020هـ 2010/م) :نيل االبتجاج بتطريز الديباج ،حتقيق :عبد احلميد عبد اهلل اهلرامة ،ط ،01طرابلس -ليبيا :دار
الكتاب1000 ،م ،ص 99؛ هناك من الفقجاء من عارض مثل هذه الطرق يف االستشفاء واحتجوا بقول رسول اهلل ﷺِ « :
الش َفاء يف ثَالثَةَ ،شربَةَ َع َسل
وشرطَة حمَ ِجم ،وَكيةً بِنَار ،وأَهنِي أ َميت َعن ال َكي» .أبو عبد اهلل حممد بن إمساعيل بن إبراهيم بن بردزبة اجلعفي البخاري :صحيح البخاري ،ط،02 َ
تعليق :حممد بن صاحل العثيمني ،باب الواد -اجلزائر :دار اإلمام مالك للكتاب1020 ،م.211/7 ،
-4اإلمام مسلم :مصدر سابق212/1 ،؛ الونشريسي :املعيار . 272-10/22 ،ورغم استحباب الرقية إال أنه ورد حديث يف صحيح البخاري نصه
وعلَى َرهبم يَتوَكلون». ِ ِ ِ
الذين الَ يَسرتقون والَ يتَطَريون والَ يَكتَوون َ
أن النيبﷺ قال «:يَدخل اجلَنَة من أميت َسبـعو َن ألفاً بغري ح َساب هم َ
- 5الربزيل :مصدر سابق279/2 ،؛ الونشريسي :املعيار 10/22 ،و .272
77
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
والقدم والبساط العلية واملتوسطة والدون ،1كما ذكر ابن مرزوق (ت712هـ2279 /م) أن الناس كانوا حييون
السالطني هباتني العبارتني خاصة السلطان أبو احلسن املريين (729-722هـ2221-2222/م) أنعم صباحك،
أنعم مساءك ،كفجرى يوما حبضرة شيخينا ابين اإلمام ذكر هذه التحية ،كفقاال أهنا جاهلية وأن التحية الشرعية
السالم ،كفمحا أثر هذه التحية وعوضجا بالسالم الشرعي لكل الناس.2
تورد املصادر التارخيية أن أبا احلسن املريين(729-722هـ2221-2222/م) يف كفرتة استيالءه على تلمسان
عاصمة املغرب األوسط حارب البدع كفقامت السنن يف مدته على ساق وذهبت آثار ومل يبق هلا انتظام وال
إتساق ،3كما أسقط ألقابا كانت منكرة مجلة ،4وأسقط عن أحواز تلمسان وما اشتمل عليه املغرب األوسط من
احلوادث والظالمات ،كما أسقط املغارم احملدثة واملظامل املبتدعة بادية وحاضرة ومما كان يشتد عنه االستظجار
باملناكر على اجلملة واألمورات يتوصل هبا إىل أكل أموال الناس بالباطل.5
ميكن القول أن أهم سبب النتشار البدع باملغرب األوسط هو الظروف الصعبة سواءً االقتصادية أو السياسية أو
االجتماعية وحىت الطبيعية ،واليت سامهت يف انتشار البدع واخلراكفات على نطاق واسع أكرب دليل على هذا
االنتشار الكم اهلائل من النوازل واألسئلة اليت وردت إىل أهل اإلكفتاء حول التعامل مع أهل البدع منجا هل يعطى
أهل البدع واألهواء الزكاة وهل جيوز الصالة وراء أهل البدع وغريها مما حفظته لنا كتب النوازل والفتاوى على
املذهب املالكي.6
/1ظهور الحركات الدينية المتطرفة بالمغرب األوسط:
إن احلركات الدينية املتطركفة والبدع احملدثة املنكرة باملغرب األوسط كانت ترتكز على وجه اخلصوص يف املناطق
اجلبلية واحلصون والقرى البعيدة والنائية عن احلواضر ،حيث كان أهل تلك املناطق يغلب عليجم اجلجل وقلة املعركفة
بقواعد وأسس اإلسالم الصحيح ،مما سجل انتشار البدع واخلراكفات واألباطيل بينجم ،ذلك ألهنم كانوا يف معظمجم
من السذج والعوام الذين يستجيبون سريعا ملثل تلك البدع واخلراكفات اليت تستجوي عقوهلم ،7وتفيد إحدى
78
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
النوازل 1بظجور حركة دينية متطركفة يف قلعة هوارة 2من أعمال تلمسان سنة (129هـ2220/م) تزعمجا يجودي
ادعى السحر والشعوذة ،وكان يستخف باملسلمني وانتجى أمره إىل سب املسلمني بأن ال أصل هلم وال حسب وال
نسب ،وأن اليجود اهلارونيني رؤساء شركفاء ،وقد أكفىت أيب الفضل قاسم العقباين آنذاك بأن هذا اليجودي يستحق
الضرب الوجيع والسجن الطويل يف القيد.3
ووردت عدة نوازل كفيمن ادعوا النبوة ،كففي نازلة عرضت على الشيخ الفقيه أبو احلسن أجاب كفيجا أن من تنبأ
يستتاب أسر ذلك أو أعلن ه وهو كاملرتد وقاله سحنون وغريه وزاد كفإن مل يتب قتل ومرياثه للمسلمني كاملرتد،4
وهناك نازلة أخرى عن رجل قال :أمرت بالكالم والذي يأمرين أن أقول ما أقول هو شبه احلية تلتوي على بطين
وتقول يل إن مل تتكلم ألدغك كفذلك واهلل شيطانه أو رأيه من اجلن ،ألهنم الذين يتصورون على صورة احلياة
واألكفاعي.5
جاء يف إحدى النوازل اليت وردت للشيخ أبو عبد اهلل حممد القوري سنة 171هـ2207/م ،أن رجال
استضاف إىل مذهبه كفئة غاوية دعدع بشوكتجا اجلوانب واألرجاء ،كفاكتسح األموال ومتادى يف مذاهب الغي
والضالل ،وصرح أنه قد كشف له احلجاب ،حىت يَ ِدينوا بإمامته ويستقيموا على طاعته ،ومما جاء به أنه أسقط
عدة الوكفاة عن أزواج من قتل بسيفه ،6ومل تقتصر احلركات الدينية املتطركفة على األكفراد بل هناك مجاعات قاموا
بتكفري املسلمني وال يأكلون ذبائحجم وال يصلون خلفجم وإن كان وجودهم قليل منجم رجل يقال له داود بن
الشديدة من شدائد الدهر تَـن ِزل بالناس ،ومن هذا املعىن أخذت النَـ َوا ِزل الفقجية كفيقال :نـََزلَت نَا ِزلَة كفَـركفِ َعت إىل كفالن ليفيت كفيجا ،والنوا ِزل هي مسائل
وقضايا دينية ودنيوية حتدث للمسلم ويريد أن يعرف حكم اهلل كفيجا ومسيت بال َفتَ َاوى وامل َسائِل واألسئِلة واألج ِوبة واجلََوابَات مث صنفت كفيجا مؤلفات
َ
كفقجية حرر مادهتا العلمية أهل اإلكفتاء من قضاة ومشاورين يف موضوع أحداث حملية ذات صبغة واقعية ركفعت إليجم من خمتلف كفئات اجملتمع للبث كفيجا
ولبيان حكمجا وكفق مذهب مالك .ابن منظور :مصدر سابق 202/0 ،؛ وأمحد ،الزاوي الطاهر :ترتيب القاموس احمليط على طريقة املصباح املنري
وأساس البالغة ،ط ،1بريوت :دار الفكر للطباعة والنشر2970 ،م 1 ،أجزاء 211/2 ،؛ وحممد ،حجي :نظرات يف النوازل الفقجية ،ط ،2املغرب:
منشورات اجلمعية املغاربية للتأليف والرتمجة والنشر ،2999 ،ص 9و 20؛ وكفاطمة ،بلجواري" :النص النوازيل للغرب اإلسالمي أداة لتجديد البحث يف
تاريخ احلضارة اإلسالمية" ،جملة عصور(وهران ) ع/27جوان -ديسمرب 1022م ،ص ،97-12ص.12
- 2قلعة هوارة أو تسمى قلعة بين راشد بوالية غليزان احلالية ،كانت تقع بالقرب من تيجرت وهي قلعة منيعة يف جبل خصيب كفيه بساتني ومثار
وأشجار ومزارع وأعناب .احلمريي :مصدر سابق ،ص .270
- 3الونشريسي :املعيار .171/1 ،
- 4املصدر السابق.292/1 ،
- 5نفسه.292/1 ،
- 6الونشريسي :املعيار .291/1 ،
79
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
احلسن اجلزنائي الذي أحدث أموراً مل تكن من قبل ،ودعا الكثري إىل مذهبه ومن مل يتبعه كفجو عاص حسب ما
ادعاه.
تعرض الونشريسي(ت922هـ2109/م) لبعض احلركات اهلدامة اليت احتدمت على أيدي أهل البدع
يدعون أهنم من أولياء اهلل الصاحلني ومن أصحاب الكرامات ،ومن ذلك أن رجال من سكان
والضاللة ،الذين َ
جبل ونشريس ( باملغرب األوسط) كان من أهل الصالح كفزعم يف سنة 111هـ2212/م أمورا ال يدعيجا عاقل،
كفذكر أنه يرى جربيل ،ويسمع منه كما يرى ميكائيل يكيل املاء ،ويقول للعامة من يشرتي مين شياخته نشيخه،
ويتحدث عن محل احلوامل ،ويقول ملن يراه مريضا خذ هذه العشبة تداوى هبا ،كفإهنا كما أعطانيجا رسول اهلل إىل
غري ذلك.1
هذه النازلة عرضت على أهل الفتوى بتلمسان على رأسجم الشيخ عبد اهلل بن العباس والفقيه أبو عبد اهلل
ابن سعيد العقباين ،كفأوضحوا أن بيعته الشياخة للعوام دليل كفسقه ،وأن الكرامة ال تصح وال تظجر إال ممن متسك
بطاعة اهلل ،وما ظجر على يديه من خارق كفجو مكر واستدراج من مسالك الشيطان الواضحة االعوجاج ،ألن اهلل
هو املنفرد بالغيب ، 2وردا على من ادعى معركفة الغيب ،ومىت يعدم كفالن أو وقت نزول املطر أو حدوث الفنت
3
واألهوال ،وما يستأثر به اهلل من األخبار واملغيبات ،كفقيل أنه كاكفر جيب قتله من غري إستتابة وقيل بعد اإلستتابة
/0علم الرمل:4
كان خط الرمل من أهم طرق التنبؤ بالغيب اليت شاعت باملغرب األوسط ،وقيل أن علم الرمل علم شريف
﴿علَّ َم بِال َقلَّم ﴾5يقصد هبا علم
وجاءت به األسانيد الصحيحة ،وقال العلماء وكتب تفسري القرآن الكرمي بأن َ
الرمل ،6وهو علم صحيح وسر من األسرار العظيمة ،وتعاطى الناس بضرب خط الرمل والقرعة والفأل ،رغم
احملاذير الشرعية بأن من املشتغل بالكجانة وضرب الرمل وغريه من أكرب الكبائر ،حىت أن بعض العلماء أجاز
- 1املصدر السابق.211-217/1،
- 2نفسه.290/1 ،
- 3نفسه.292/1 ،
- 4وعلم الرمل أخذ أصله من النقطة كعلم احلرف ،كفإذا انفردت قيل مفردة أو مفتوحة ،وإذا كانت النقطة زوجا قيل هلا شرطة وهي زوجا مسدودة ،مث
انتقل إىل اليونان كفعمل به أكفالطون وسقراط وكفيثاغورث وأرسطو وامسه علم املنطق ،أي استنطاق واستخراج الضمري ،مث انتقل إىل اهلند لطمطم اهلندي،
واستخدمه العرب ومن املشجورين كان التبع اليماين ويف بالد املغرب ،ويف تونس اشتجر الزينايت ،وملا كانت العناصر أربعة واألساس هلا النقطة الفردية
جعلوا لكل عنصر نقطة النار اهلواء املاء الرتاب وقد أنتقل هذا العلم إىل مجاعة من العرب والعجم.عبد الفتاح ،السيد عبده الطوخي :منبع أصول الرمل
املعروف بالدرة البجية يف العلوم الرملية ،بريوت :املكتبة الشعبية( ،د.ت) ،ص.2
- 5سورة العلق ،اآلية رقم .2
-6عبد الفتاح ،الطوخي :الدرة البجية ،حيتوي الكتاب على 10درس يف علم الرمل ،وبني شروط الرمل ومنجا :استقبال القبلة -الصالة ركعتني قبل
الضرب -ال خيط وقت هبوب الريح -وال نزول املطر -وال يف قارعة الطريق -وال عند الزوال -وال عند شروق الشمس أو غروهبا.ص.2
80
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
تكفري املشتغل به ،1وما تعاطيجم له إال ضناً منجم أنه يطرد العوامل املسببة للكوارث واجلوائح ،وملعركفة غالء
األسعار ورخصجا ونزول املطر ووقع القتل ،وحلول الفنت وارتفاعجا وغري ذلك من املغيبات.2
واخلط على الرمل من أبواب العراكفة ،إذ يستطيع العامل به أن خيرب بأشياء حتصل يف املستقبل ،كفيكون األمر كما
3
الطرية والطَرق من اجلبت ،وكفيه إبطَال
قال أو شيئا شبيجا ،وهو كذلك الطرق الوارد يف قوله ﷺ ( :العيَاكفَة و َ
َلدالئل النبـ َوات وتَك ِذيب لآلَيات املنَـَزالَت )4لذلك اعتربها من حبائل الشيطان.
وكان لعلم الرمل أو الضرب على الرمل وجود وتأثري عميق لدى بعض ساكنة املغرب األوسط ،وهناك من
اختص به دون سواه ،وطريقة هذه الصناعة أن الذين يتعاطوهنا من املنجمني جعلوا من " النقط واخلطوط ستة
عشر شكال ،"5وميزوا كال منجا باسم وشكل خيتلف عن غريها ،وقسموها إىل سعود وحنوس ،وشأهنم يف ذلك
شأهنم يف الكواكب ،ومسائل هذه الصناعة ختمينية يزعمون أهنا مبنية على جتارب ،ويربطوهنا بالنجوم ،ويقولون:
إن الربوج اإلثنا عشر يقتضي كل منجا شكال معينا من األشكال اليت اصطلحوا عليجا ،وقالوا :إنه حني السؤال
الرمال على الرمل ،وتلك األشكال تدل على
عن املطلوب تقتضي أوضاع الربوج قوى الشكل املعني الذي يرمسه ّ
أحكام خمصوصة تناسب أوضاع الربوج.6
وأشجر من عرف بضرب الرمل هو املجدي ابن تومرت (ت112هـ2220/م) والذي أعترب بأنه أوحد عصره
يف خط الرمل ،7وارتبط ضرب الرمل مبعركفة غالء األسعار أو رخصجا أو التنبؤ باجملاعات واجلفاف ،وهو ما يعكس
ارتباط الفكر الغييب لألزمة عند بعض سكان املغرب األوسط ،بظاهرة تقديس ضاريب الرمل ،لذا مل جيد الناس
غضاضة يف ممارسة خط الرمل ،مبا كفيجم أحد أئمة املساجد الذي اشتغل بضرب خط الرمل ،وهو ما أثار حفيظة
من يؤمجم ،كفتم تأخريه عن اإلمامة ،ألن ضرب اخلط غري جائز وقادح يف إمامته ،وال جتوز الصالة خلفه ،8ومن
81
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
ذلك أيضا احلسابة والكجانة والتنجيم والقرعة 1مما يشبه هذه األشياء ،وعلم الرمل يعتمد على النجوم أساسا له
كما قيل.2
وارتبط ضرب الرمل باعتقاد بعض سكان املغرب األوسط اعتقادا جازما بقوة املعادن وأسرار احلروف ،3لذا
سعوا إىل معركفة خصائصجا وتركيبجا عن طريق تدارسجا وتصنيفجا ،وقيل أن هناك كتاب أختص بأسرار احلروف
مسي "اجلفر" ونسب إىل جعفر الصادق وقيل أن نسبته إليه كذب باتفاق أهل العلم ،ونسبته الشيعة إىل علي بن
أيب طالب 4أما ابن خلدون كفأشار أن واضعه هو هارون بن سعيد العجلي ،أما ابن خلكان كفذكر أنه رأى يف
بعض تواريخ املغرب أن ابن تومرت (ت112هـ2220/م) كان قد ظفر بكتاب يقال له "اجلفر" وكفيه ما يكون على
يده وكفضه عبد املؤمن وحليته وامسه ،وان ابن تومرت (ت112هـ2220/م) أقام مدة يتطلبه حىت وجده وصحبه.5
ومبىن الكالم يف هذه الصناعة واليت يقصد هبا صناعة (الكيمياء) عند احلكماء حسب ابن
خلدون(ت101هـ2202/م) على حال املعادن السبعة ،وهي الذهب ،الفضة ،الرصاص ،القصدير ،النحاس،
احلديد ،اخلارصني ،وختليق بعض احليوانات مع اجلجل بفصوهلا مثل العقرب من الرتاب ،احليات املتكونة من
الشعر ،والنحل كفقدت من عجاجيل البقر ،لكنه رد على أهل هذه الصناعة -الكيمياء -بظالل مزاعمجم ،6وقد
استنكر كفقجاء وعلماء املغرب األوسط هلذه املعتقدات واملمارسات.
/1قراءة الكف:
أن علم النجوم ،واخلط على الرمل ،وما يسمى بالطالع ،وقراءة الكف ،وقراءة الفنجان ،ومعركفة اخلط ،وما أشبه
ذلك كلجا من علوم اجلاهلية ومن أعماهلم اليت جاء اإلسالم بإبطاهلا ،والتحذير من كفعلجا ،أو إتيان من يتعاطاها
وسؤاله عن شيء منجا ،أو تصديقه كفيما خيرب به من ذلك ،ألنه من علم الغيب الذي استأثر اهلل به ،وقراءة الكف
- 5أيب العباس مشس الدين أمحد بن بكر بن خلكان :وكفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان ،تح :إحسان عباس ،بريوت :دار صادر.121/2 ،
-6عبد الرمحان ،ابن خلدون :املقدمة ،ص.211
82
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
هي ضرب من ضروب التنجيم والكجانة ،وتعترب من ادعاء علم الغيب ،1إذ كانت أصول هذا العلم معروكفة عند
قدماء املصريني منذ أكثر من أربعة آالف سنة ومنذ ذلك اليوم تداولته "قبائل املور" املنتسبني إىل املصريني القدماء
ونشروه على وجه األرض كلجا.2
وتعد قراءة الكف إحدى طرق التنبؤ باملستقبل املوجودة يف املعتقدات الشعبية لدى بعض سكان املغرب
األوسط ،حيث تفرتض هذه الطريقة معركفة صفات ومستقبل شخص ما ،من خالل النظر مليا إىل اخلطوط
والتعرجات املوجودة على كف اإلنسان ،من وججة النظر العلمية هي جمرد علوم زائفة إذ أنه ال توجد
أية أحباث تؤكد وتساند إدعاءات العاركفني هبذه املمارسة ،وركفضت شجادة ضارب اخلطوط كفقد ورد يف "منشور
اهلداية" يف احلديث عن أبو العباس أمحد العطار بأن الوثيقة إذا كان شاهدها وحده أو مع من هو على شاكلته ال
تنسب إال للباطل واالكفرتاء وإن كان يف نفس األمر حقاً. 3
وعلم قراءة اليد القدمي أو العراكفة اليدوية املمزوجة بالتنجيم والتأثري الكوكيب قد أدرج يف كفن اإلمهال حيث خيم
عليه غبار النسيان ،كفأصابه من اإلصالح يف ذلك الزمن ما أصاب غريه من العلوم ،إال أنه على الرغم من الرباهني
العديدة واحلجج الدامغة اليت قدموها لتثبت تلك احلقائق ،كثريا ما أطلقوا العنان لتصوراهتم يف علم قراءة الكف
وعلم الفراسة وبقية العلوم اليت تبحث عن أطوار الناس وأمياهلم الغريزية ،وكان من املألوف أيضا يف الشوارع املغربية
وجود مشتغلني بضرب احلظ أو كتابة كتب احملبة للنساء إذا أعرض عنجن األزواج أو خاصموهن وذلك توثيق
4
للروابط الزوجية
/0النظر في الكتف:
هو علم باحث عن اخلطوط واألشكال والرموز اليت ترى يف أكتاف الضأن ،إذ قوبلت بشعاع الشمس من حيث
داللتجا على أحوال العامل األكرب من احلروب واخلصب واجلذب ،5وقلما يستدل هبا على األحوال اجلزئية إلنسان
معني ،ويؤخذ لوح الكتف بعد طبخ حلمه ويلقى على األرض أوال مث ينظر كفيه ،ونظر إنسان املغرب يف كتف الشاه
ملعركفة أخبار األحوال اجلوية ،وختصص كفيجا بعض املشعوذيني والدجاليني املعروكفني باملتومسني ادعاء معركفة أسرار
الطبيعة املكنونة يف الكتف ،كما ورد أن النظر يف كتف الشاه وقراءهتا طريقة ملعركفة الغيب ،وقد برع كفيجا ابن
-1علم الغيب حسب ابن القيم هو علم ما كان وكل ما يكون ،ومن تكلف معركفة ذلك كفقد ظلم نفسه .مفتاح دار السعادة121/1 ،؛ وهو حسب
موسوعة الالند الفلسفية :معركفة أو توقع املستقبل عندما يكون علم الغيب تاما يكون من األمساء احلسىن .ص.2020
-2جنيب أكفندي :علم قراءة اليد ،ط ،2مطبعه اهلالل :مصر2902،م ،ص.11
- 3عبد الكرمي ،الفكون :منشور اهلداية يف كشف حال من ادعى العلم والوالية ،تق وتح وتع :أبو القاسم سعد اهلل ،ط ،02بريوت :دار الغرب
اإلسالمي2917 ،م ،ص.91-92
-4الونشريسي :املعيار.272/22 :
- 5حاجي خليفة :كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ،بريوت :دار إحياء الرتاث العريب ( ،د.ت) ،ص.222
83
الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس
تومرت (ت 112هـ2220 /م) ،1ويعرف الناظر يف الكتف بالتَّ َكاز يف عرف أهل املغرب ،وهي ادعاء معركفة
الغيب بالنظر يف العظام أو الدقيق أو يف الرمل أو يف كف اليد ،والكلمة حتتفظ مبدلوهلا يف تونس وتعرف باملغرب
أحيانا خبط الرمل أو احلظ أو املشعوذين واحل َواة من النساء والرجال ،2وهناك من حتايل على إجياد حركفة يف
األسواق كالعشابة والشعوذة والسحر.3
اشتجرت زناتة املغرب األوسط هبذا العلم كفلجم معركفة وحدق وكياسة ويدا جيدة يف علم الكتف ،وال يدري أحد
من األمم أعلم من زناتة بعلم الكف ،4وقد أكفىت كفقجاء املغرب األوسط ممن سئلوا عن النظر يف الكتف والرصاص
الذائب بأنه ال حيل ألحد ،5إن البحث عن املعتقدات الشعبية يف املغرب األوسط أوضحت مدى متكن الفكر
اخلرايف والغييب والتفسري امليتاكفيزيقي للظواهر الطبيعية ،وهو ما عكس مستوى التفكري يف ذهنية اجملتمع مبختلف
طبقاته وطوائفه ،كفظاهرة تقديس بعض املعتقدات والطقوس واملمارسات واليت تبناه بعض سكان املغرب األوسط
كانت نتيجة اشرتاك جمموعة من العوامل اليت جعلت هذه املعتقدات تصبح مقدسات ال ميكن املساس هبا.
-1ابن حجر ،التميمي :منتجى اإلعالم ،ص 270عن إبراهيم ،القادري بوتشيش :املغرب واألندلس ،ص229؛ عبد اهلادي البياض :مرجع سابق،
ص. 210
-2عبد الرمحان ،بن خلدون :املقدمة ،ص ،222اجمليلدي :أبو العباس أمحد بن سعيد (ت 2092هـ 2012 /م) :كتاب التسيري يف أحكام التسعري،
حتقيق :موسى لقبال ،اجلزائر :الشركة الوطنية للنشر والتوزيع 2972[ ،م] ، ،ص.91
عمر ،بن عثمان بن العباس اجلرسيفي :رسالة يف احلسبة ضم ن ثالث رسائل أندلسية يف آداب احلسبة واحملتسب ،تح :ليفي بروكفنسال ،القاهرة: -3
84
الفصل الثاني
المقدس المدفون وبركة الزيارة.
المبحث األول :الزواية قطب مقدس.
أوال :تعريف الزاوية ونشأهتا.
ثانيا :أنواعجا.
ثالثا:الزيارة املقدسة.
رابعا:وظيفة الزاوية.
خامسا:الزاوية وظاهرة الشرف.
المبحث الثاني :الوالية واألولياء.
أوال:الوالية
أ/درجات الوالية
ب/أسس الوالية
ثانيا :الويل.
أ/الربكة.
ب/الكرامة.
ج /تقديس األولياء.
د /مناذج عن الكرامة.
المبحث الثالث :األولياء من النساء.
أوال :املرأة بني القداسة والدناسة.
ثانيا :اسم النساء والسرت.
ثالثا :املرأة ذلك اخلطر احملدق.
المبحث الرابع :نشأة األضرحة وأنواعجا.
أوال :نشأة األضرحة.
ثانيا :العتبة.
ثالثا :مقدم الضريح
رابعا :الضريح وعالقته باجملال السوسيولوجي
خامسا :موقف الفقجاء من زيارة األضرحة.
سادسا :أهداف زيارة الضريح.
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
خيتلف تقديس األماكن باختالف اجملتمعات والثقاكفات ،حيث جند أماكن مقدسة أكثر من غريها كالزاوية
والضريح ،وهنا حنتاج إىل تفكيك سوسيوأنثربولوجي حىت نستوعب املعىن املادي والرمزي واملقدس هلذه األماكن،
واليت هلا حضور قوي يف اجملتمع شأهنا شأن غريها من املقدسات الدينية ،كفالتقسيم السوسيومكاين 1يتيح إعادة
َّك بِال َو ِاد الم َقد ِ
َّس ك إِن َ إنتاج أجزاء من املكان املقدس ،كفحينما نتأمل اآلية الكرمية﴿ :إِ ِّين أَنَا َربُّ َ
ك كفَاخلَع نـَعلَي َ
ط ًوى﴾ ،2نفجم ال حمالة من أن هذا احليز املكاين مقدس.
ال خيفى علينا أن األماكن ذات الطبيعة الدينية على رأسجا املسجد واجلامع ،تعد أماكن مقدسة ملا تقوم به
من وظيفة تعبدية مقدسة كالصالة ،لكن تقديس أماكن أخرى كالزاوية والضريح ،كفقدسيتجما ليست من
املمارسة التعبدية ،بل إىل ما ميكن التعارف عليه بأنه نتيجة اإلنتاج االجتماعي لقداسة املكان على حد قول
الياد مارسي « :كفاجلماعة تتفق على اإلعالء من شأن مكان ما ،اعتقادا بربكة ذلك املكان أو اخلوف من أهل
املكان يف األضرحة والقبور واملعابد.»3
إن رحلة البح ث عن املكان املقدس حتيلنا إىل قصة الناقة وبناء أول مسجد يف اإلسالم وهي قصة مشجورة
معروكفة ،وعليه جند ظاهرة االستعانة بالعزائم واحليوانات للبحث عن هذا املكان املقدس يف حالة عدم وجوده أو
االهتداء إليه ،وحسبنا يف ذلك ما ورد عند إلياد مارسي يف قوله «:قد يلجأ إىل تطبيق نوع من التَـع ِزمي مبعونة
احليوانات ،كفجي اليت تظجر أي مكان مؤهل إلقامة املعبد أو القرية ،ومنه كفاحليوانات هي اليت كشفت قداسة
املكان ،وأن هذا املكان يتمتع بامتياز من حيث أنه خيتلف نوعيا عن األمكنة األخرى ،»4وهذا االعتقاد ال
تكاد ختلو منه أي حضارة بشرية على اختالف معتقداهتا.
- 1علم اجتماع املكان – سوسيولوجيا املكان أحد كفروع علم االجتماع يبحث يف التكوين االجتماعي واملادي لألماكن ،وكيف تصبح على ماهية
عليه ،وما هي أمهية األماكن بالنسبة للممارسات االجتماعية والتغيري التارخيي ،كما يجتم بفجم املمارسات االجتماعية والقوى املؤسسة والتعقيد املادي
لكيفية تفاعل البشر واملكانThomas F.Gieryn: Aspace for in sociology, Annual Review of Sociology, Vol.26, .
(2000), Édition Puplihed by Annulal Rreviews, 1975, p 463-496.
- 2سورة طه ،اآلية .21
- 3الياد ،مارسي :املقدس واملدنس ،ص.21
- 4نفسه ،ص . 19إن االعتماد على احليوان يف حتديد املكان املقدس ،ميكن احليوان الذي من كسر رتابة التجانس وخيلق أماكن مقدسة ،ويوجد
لإلنسان نقطة استناد مطلقة ،إذ يرسل حيوان كالثور مثال مث جيري البحث عنه بعد بضعة أيام ،ويصار إىل التضحية به حيث يعثر عليه ،مث يقام املذبح
وتشيد القرية حوله .مرسيا الياد :املقدس الدنيوي – رمزية الطقس واألسطورة -تر :هناد خياطة ،دمشق :العريب للطباعة والنشر والتوزيع2917 ،م،
ص.19،20 ،10
87
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
-1موسوعة دائرة املعارف اإلسالمية ،ج ،02ديب :مركز الشارقة لإلبداع الفكري 2991 ،م ،ص221؛ حممد ،مفتاح :اخلطاب الصويف يف الغرب
اإلسالمي مقاربات وظيفية ،القاهرة :رؤية للنشر والتوزيع1022 ،م ،ص27؛ levi provençal: EI Article Zawiya, T.III 1934,
pp 1289-1290.
-2عبد العزيز ،كفياليل :تلمسان.211/2،
-3نفسه221/2 ،؛ خالد ،بلعريب :يغمراسن ،ص.221
- 4املجدي بوعبديل :الرباط والفداء ( وهران القبائل) جملة األصالة ع -22أكفريل ،2972ص ،2نقال عن مفتاح خلفات ،مرجع سابق ،ص .272
-5مفتاح ،خلفات :مرجع سابق ،ص272؛ خالد ،بلعريب :يغمراسن ،ص.220
- 6عبد الرمحان ،ابن خلدون :شفاء السائل وهتذيب املسائل،تح :حممد مطيع حاكفظ ،ط ،02دمشق :دار الفكر -بريوت :دار الفكر2990 ،م،
ص . 11إن الطاعة املطلقة ألوامر شيخ الزاوية وإن كان على خطأ ،حسب ابن خلدون وحدها من متنح املريد القبول للتدرج يف مراتب الوالية ،وهو ما
يثري التساؤل حول مدى اخلطأ الذي ميكن أن يقع كفيه الشيخ وال جيد له معارضة من مرديه.
- 7أصل الكلمة خانقاه ،وهي معربة من الفارسية خانكاه ويقصد به املكان الذي ينقطع كفيه املتصوف للعبادة ،ويعقد كفيجا الطلبة جمالس الوعظ
والذكر ،كفجي جتمع بني ختطيط امل سجد واملدرسة ،نشأت يف املشرق حوايل القرن الرابع اهلجري ،وذكرها ابن بطوطة يف رحلته ملا زار مصر أن الزوايا هبا
كثرية ويسموهنا خوانق واحدهتا خانقة .ابن بطوطة ،حممد بن عبد اهلل بن حممد :رحلة ابن بطوطة يف غرائب األمصار وعجائب األسفار ،تح :حممد
عبد الرحيم ،ط ،02بريوت :دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع1009 ،م ،ص.11
-8أطلقت كلمة الرباط على كل مقيم يف ثغر مداكفعا عن املسلمني ،والرباط هو موضع احلرس يف األوقات اليت يتوقع كفيجا العدو .أبو جعفر حممد بن
جرير الطربي :جامع البيان يف تأويل القرآن ،تح :أمحد حممد شاكر وأمحد حممد شاكر ،ط ،02مصر :دار املعارف.211/7 ،2910،
88
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
لكل طالب راحة ،حيث وجد كفيجا اإلنسان ضالته من الطعام واللباس والشراب دون عناء يذكر ،وتال ذلك
ازدياد عدد املنتظمني يف سلك الصوكفية مببالغة الناس يف حبس األوقاف عليجا ،وتبارى السالطني واألمراء
واألغنياء يف تقدمي األموال واهلدايا ملرتاديجا ،1وأشري إىل أن الربط على ما هو مصطلح عليه يف املشرق ،مل يرى
يف املغرب على سبيلجا ومنطجا إال رباط أيب حممد صاحل ،والزاوية أليب زكريا حيي بن عمر غريب اجلامع األعظم
منجا.2
مل تصل الربط إىل درجة القداسة اليت وصلتجا الزوايا ،ومع هذا ال ميكن إخفاء تربك الناس ببعضجا ،خاصة
بعد ظجورها يف املدن الداخلية وللدور الذي كانت تلعبه واألمن من اخلوف الذي كانت متنحه ،وعليه ميكن
تقسيم الربط إىل نوعني حسب الوظيفة اليت تؤديجا:
/2الربط الساحلية لحماية الثغور:
أشارت املصادر الوسيطة إىل انتشار الربط على السواحل املغربية ككل ،كفيذكرون أن عددها كثري باملغرب
األوسط ،3وأسجمت بنصيب واكفر يف احلياة الدينية واحلربية حيث أنشأت خصيصا حلراسة الثغور وتوكفري
احلماية ،4أي أن دورها كان عسكريا باألساس ،ودليل وجودها نازلة جاء كفيجا أن قوما كانوا جيتمعون ليال عقب
صالة العشاء ،ومعجم قناديل ميشون كفوق السور للحراسة وإيقاظ اجليش ،يف حالة إثارة انتباهجم ملواججة أي
هجوم مفاجئ قد يقوم به العدو وهو ما يؤكد على دورها العسكري.5
لكن الونشريسي (ت922هـ2109/م) حتدث عن تغيري يف دور هذه الرباطات رمبا يف حالة السلم ،إذ كان
جيتمع كفيجا طوائف من أتقياء املسلمني يف الليايل الفاضلة لتالوة بعض أجزاء من القرآن ،ويسمعون ما أمكن من
-1كمال الدين أبو الفضل جعفر بن ثعلب األدكفوي ،املصري :املوىف مبعركفة التصوف والصويف ،تح :حممد عيسى صاحلية ،ط،02الكويت :مكتبة دار
العروبة للنشر والتوزيع2911 ،م ،ص.0
- 2ابن مرزوق :املسند ،ص.222
-3من بني أهم الرباطات الساحلية جند رباط أيب مروان ورباط شرشال ومرسى اخلرز وهنني ووهران ورباط شاكر بتلمسان قيل نسبة لصاحب عقبة بن
ناكفع ،ورابطة أيب حممد عبد الكرمي بن عبد املالك املعروف بابن يبكي ،ورابطة علي بن أيب نصر كفتح اهلل البجائي وغريها حول مناذج هذه الربط ينظر
الغربيين :مصدر سابق ،ص . 219-211-270-222لالستزادة ول دور الرباطات وأنواعجا ينظر حممد األمني بلغيث :كفصول يف تاريخ اجلزائر
بالغرب اإلسالمي ،ط ،02اجلزائر :أنرتسيين1007 ،م ،ص 20وما بعدها؛ حممد األمني بلغيث :الربط باملغرب اإلسالمي ودورها يف عصر املرابطني
واملوحدين ،رسالة ماجستري يف التاريخ ،جامعة اجلزائر2917 ،م ،ص.270
- 4البكري :مصدر سابق ،ص.10
-5حممد األمني بلغيث :املرجع السابق ،ص.270
89
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
كتب الوعظ ،ويذكرون اهلل تعاىل مث ينشدون بعض املدائح النبوية ،ويف ختام اجتماعجم يأكلون ما قدم من
الطعام ،ويدعون للمسلمني وإمامجم مث يفرتقون.1
وورد كفيجم سؤال ذكره الشاطيب(ت790هـ2211/م) جاء كفيه « :ما يقول الشيخ كفالن يف مجاعة من
املسلمني جيتمعون يف رباط على ضفة البحر يف الليايل الفاضلة يقرؤون جزءا من القرآن ويستمعون من كتب
الوعظ والرقائق ما أمكن يف الوقت ،ويذكرون اهلل بأنواع التجليل والتسبيح والتقديس ،مث يقومون من بينجم قوال
يذكر شيئا يف مدح النيب ﷺ ،ويلقي من السماع ما تتوق النفس إليه وتشتاق مساعه من صفات الصاحلني ،مث
يأكلون ما حضر من الطعام وحيمدون اهلل ويدعون للمسلمني وإلمامجم ويفرتقون ،كفجل جيوز اجتماعجم على ما
ذكر؟ كفأجاب مبحصوله جمالس تالوة القرآن وذكر اهلل تعاىل هي رياض اجلنة ،أما اإلنشادات الشعرية كفإمنا الشعر
كالم حسنه حسن وقبيحه قبيح ،»2ويصف دوزي أحد الناس املرابطني كفيقول« :كان منزويا عن الناس ،هاربا
منجم مث تزهد وانزوى ورابط على ساحل البحر.»3
ب /ربط داخلية لتأمين وحماية القوافل التجارية من اللصوص وقطاع الطرق:
زادت حاجة الناس إىل دور املرابطني واألولياء وتقديسجم لتوكفري األمن يف السبل والطرقات ،والذين صاروا
الوسيلة الطبيعية املنقذة لقواكفل التجارة ومتاع املساكفرين ،األمر الذي جعل الناس والتجار يصحبون املرابط أو
الويل يف أسفارهم ليقيجم حبرمته وكرامته من االعتداءات ،يف ظل عجز السلطة املركزية باملغرب األوسط على كبح
مجاح القبائل اهلاللية ،رغم أشكال التقرب واملنح والعطاءات اليت كانت ختصص لشيوخجم ،4ذلك أن احلضور
اهلاليل باملغرب األوسط شكل معضلة للسلطة املركزية يف حماولتجا الستمالتجم والتقليل من خطرهم ،خاصة يف
ظل ممارستجم للحرابة وقطع الطريق والسابلة ،ما أثر على الوضع االقتصادي واالجتماعي والذهين للمغرب
األوسط ،كفلم جيد الناس بدا من االستعانة باألولياء وتقديسجم ،يف حماولة لصنع هالة احلماية الروحية علجا تقف
حاجزا أمام غزوات اهلاللني على جتارهتم وسالمتجم ،وتعترب إقامة الزوايا والربط من أهم املظاهر الدينية
واألخالقية اليت جتلت صورهتا يف حياة رؤساء القبائل اهلاللية وأكفرادها كفيما بعد ،حيث كرسوا حياهتم لعمل اخلري
90
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
ونشر العلم والدين وإغاثة امللجوف واحملتاج ،ومساعدة التجار واملساكفرين ضد قطاع الطرق ،1وهو ما يعد نقلة
نوعية يف حياة اهلاللني ويف تعزيز دور الزوايا والربط يف املغرب األوسط.
هذا الوضع عكسه توكفري األمن واالستقرار يف املواضع املخوكفة ،حيث أمنت الطرق ووكفرت الطمأنينة
للمساكفرين والتجار ،وقد ورد يف إحدى الفتاوى أن بعض الصاحلني كانوا يقيمون يف املواضع املخوكفة لتأمني
السبل ،اليت كانت كفيما مضى مأوى ألهل الفساد وقطاع الطرق ،الذين يجامجون القواكفل والتجار ألجل النجب
والسرقة ،2وهو ما يربز دور الصلحاء يف منح املنطقة اليت يستقرون هبا جزءا من قدسيتجم.
بدأ دور الربط يرتاجع تدرجييا لتحل حملجا الزوايا كأماكن مقدسة ،وحسب الغربيين (ت702هـ2202 /م)
يف "عنوان الدراية" كفإن ظجور الزوايا باملغرب األوسط كان أواخر القرن 0هـ21 /م ،ومتثل زاوية أيب زكريا حيي
الزواوي (ت 022هـ2121 /م) أمهجا ،وكانت عبارة عن بناء صغري ملحق باملسجد خيلو كفيجا الشيخ مبفرده
للتعبد ،وينفرد هبا عن اخللق ويوكل به من يقوم له بقدر حالل من القوت ،بينما كان يؤدي صلواته اخلمس
4
ويعقد جمالسه العلمية باملسجد اجلامع ،3وكذلك األمر بالنسبة لزاوية سيدي أمحد بن إدريس األيلويل الزواوي
(ت2219/700م) ،واليت كانت تأوي املتجولني ودار جمانية تطعم املساكفرين والواردين إليجا من الفقراء والغرباء
واحملتاجني وعابري السبيل ،5وأورد ابن مرزوق (ت712هـ2279/م) يف مناقبه عند احلديث عن والده أبو
العباس أمحد بن مرزوق(722-012هـ2220-2111/م) أن معلمه الفقيه الصاحل الويل أيب زيد عبد الرمحان
بن يعقوب بن علي ،كان صاحب كرامات وكانت سنة جماعة وكانت داره زاوية للرواد.6
- 1مصطفى ،أبو الضيف :أثر القبائل العربية يف احلياة املغربية خالل عصر املوحدين وبين مرين 170-112هـ2271-2220/م ،ط ،2الدار
البيضاء -املغرب :مطبعة دار النشر املغربية 2911 ،م ،ص ص.112-111
-2الونشريسي :املعيار.202/21 ،
-3قد يكون املقصود هبا زاوية أو ركن داخل املسجد ومل تكن بناء مستقال بذاته .الغربيين :مصدر سابق ،ص221-227؛ ابن مرزوق :املسند،
ص222؛ عبد الرمحان ،ابن خلدون :شفاء السائل ،ص10؛ مفتاح ،خلفات :مرجع سابق .271-272 ،
- 4هو كفقيه مالكي ،ينتمي على منطقة أيلولة غرب جباية ،وكان يتبع الطريقة القادرية يبق احلديث عنه يف الرقية إذ أجاز الرقية بالفاحتة وباملعوذتني،
وأقسم أن ال يك تب رقية ألنه وجد إحدى الرقى مكتوبة خبط يد ملقاة على قارعة الطريق.التنبكيت ،مصدر سابق ،ص.99
- 5ابن مرزوق :املسند ،ص222 -222-200؛ عبد القادر ،خالدي :أبو مدين الغوث دكفني تلمسان( 192-110هـ2297-2210/م) ،جملة
األصالة ،ع 2971 ،10م ،ص 111-112؛ عبد العزيز ،كفياليل :تلمسان229/2 ، ،
- 6ابن مرزوق :املناقب ،ص.199-191
91
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
بعدها انتش رت الزوايا يف بالد املغرب األوسط بشكل أكرب يف النصف الثاين من القرن السابع للججرة /الثالث
عشر للميالد ،نتيجة انتشار التصوف وتعدد اجتاهاته ،1وقد ظجر املصطلح كمرادف للرابطة كما سبق الذكر،
أي "الصومعة" اليت يعيش كفيجا الويل وسط تالميذه ومريديه.2
ثانيا :أنواعها:
من خالل ما سبق ميكن التمييز بني نوعني من الزوايا من حيث التأسيس ودرجة التقديس.
/3زوايا رسمية أنشأتها الدولة:
مل تكن الزوايا بالشكل املتعارف عليه يف القرن 9-7هـ21-22/م كفقد مسيت يف العجد املوحدي-121( 3
002هـ2109-2212/م) بدار الكرامة ،4إال أن امللوك والسالطني الزيانيني أظجروا اهتمامجم بزوايا الشيوخ
والصاحلني واحلبس عليجا وتعمريها والنظر يف مصاحلجا ،لدورها اهلام يف احلياة العلمية وحركة التصوف يف املغرب
األوسط ،وكانوا يشملون أيضا أبناء هؤالء الشيوخ وذراريجم بعنايتجم ،ويسبغون عليجم كفيضا من رعايتجم ،من
ذلك إعفائجم من الضرائب واملغارم السلطانية تكرميا هلؤالء الشيوخ الصاحلني ،وتربكا هبم وبذريتجم الصاحلة.5
اعترب حكام املغرب األوسط التقرب من األولياء وتلبية طلباهتم ورغباهتم حيقق هلم مآرب دنيوية هامة،
أمهجا ضمان االستقرار والشرعية وكسب والء الرعية ،ومآرب أخروية بالتربك هبم والتقرب منجم ،حىت حياطوا
باألمان والربكات والرعاية اإلهلية ،ألن البعض من احلكام ال خيتلفون عن عامة الناس يف كفكرة االعتقاد يف
األولياء ،6وقدرهتم على منح الربكة وتلبية حاجيات الناس.
ومن األدلة اليت أسوقجا يف هذا املقام ما سبق ذكره أن السلطان يغمراسن بن زيان (012-022هـ-2122/
2111م) إىل أيب البيان واضح بالشلف ،وكذلك زيارته إىل بيت الفقيه أيب عبد اهلل حممد بن عيسى ،7كفكان
92
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
يقرب األولياء ويف هذا الصدد يقول ابن مرزوق (ت712هـ2279/م) «:كان أبو إسحاق إبراهيم اخلياط
يقصده الواحد من الناس للتوسل يف قضاء حاجته ،كفيقوم معه كفرمبا دخل على السلطان أيب حيي يغمراسن يف
اليوم سبعني مرة ،مع حنوله ومرضه وسلس كان به ،كفرمبا قيل للسلطان يف ذلك كفقال دعوه هذا رمحة للناس ،كفما
قضى اهلل يقضي واهلل ال أبرمته وال رددته كفرحم اهلل السلطان ونفع بالشيخ.» 1
اعتىن السالطني بب ناء وتعمري الزوايا خدمة لألولياء الصاحلني وتقربا منجم يف حياهتم وبعد مماهتم ،لذا وجد
بعض السالطني واألمراء يرغبون كل الرغبة يف أن يدكفنوا إىل جوار األولياء الصاحلني واملتصوكفني وكبار الفقجاء
املعروكفني بالورع والصالح والرب 2التماسا لربكتجم ،كفقد أوصى يغمراسن بن زيان (012-022هـ-2122 /
2111م) أن يدكفن بعد موته جبانب الويل الصاحل أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن أيب بكر بن مرزوق
(ت012هـ2177/م) ،3وبعد وكفاته دكفن جبواره أبو احلسن بن النجارية ،وهكذا كان قربه بني وليني صاحلني.4
ومن بني أهم الزوايا اليت أوالها السالطني عنايتجم أذكر على سبيل املثال ال احلصر:
-زاوية أيب يعقوب (ت727هـ2227 /م) اليت أنشأها السلطان أبو محو موسى الثاين(712-700هـ-2219/
2211م) على ضريح والده.5
-زاوية ومسجد احللوي (ت727هـ2227/م) ،6اليت أنشأها أبو عنان كفارس املريين عام 712هـ 2212 /م
مشال مدينة تلمسان.
-زاوية ومسجد أيب مدين(ت192هـ2291/م) 1بالعباد.2
املريين عام 712هـ 2212 /م ،حسب الكتابة األثرية املوجودة على العقد الذي يعلو املدخل اجلامع ،وهذا نصجا « :احلمد هلل وحده أمر بتشييد هذا
اجلامع املبارك موالنا السلطان أبو عنان كفارس ،بن موالنا السلطان أبو احلسن املريين ،ابن موالنا السلطان أبو سعيد عثمان ،بن موالنا السلطان أيب
يعقوب يوسف ،بن عبد احلق أيده اهلل ونصره عام 712هـ» ،وذكر النمريي أنه من أمجل اجلوا مع كفقد أحكمت كفيه أنواع الصنائع .وكذلك ذكره ابن
مرمي :مصدر سابق ،ص22؛ عبد العزيز ،كفياليل :تلمسان 220/2 ،؛ رشيد ،بوريبة :الكتابات األثرية يف املساجد اجلزائرية ،تر :إبراهيم ربوح ،اجلزائر:
الشركة الوطنية للنشر والتوزيع2979 ،م ،ص97؛ حيي ،بوعزيز :تلمسان ،ص 21؛ حممود ،بوعياد :مرجع سابق ،ص 12؛ ورد وصف معماري
للمسجد عند مبارك بوطارن :املوروث اإلسالمي لتلمسان ،ط ،2اجلزائر :طبع وزارة الثقاكفة1022 ،م ،ص02؛ Rossi Catherine: Les
. Cornets de Tlemcen, Alger: édition dalimen , 2011. p 96
93
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
-1أبو مدين شعيب بن احلسني األنصاري األشبيلي مث البجائي ولد باشبيلية باألندلس حوايل110هـ2210/م يف قرية تدعى قطيانة ،امللقب بالغوث
شيخ مشايخ التصوف يف زمنه ،تتلمذ على يد ابن حرزهم والفقيه أيب احلسن بن غالب ،كان رجال يلبس كساء خشنا وعليه هيبة ،كثري القبض قليل
البسط خترج على يديه ألف شيخ ،تويف يف الطريق بوادي يسر ملا استدعي من جباية إىل مراكش سنة 192هـ2291/م ،ودكفن بالعباد خارج تلمسان،
يف السفح الشمايل ملنحدر "املفروش" من كتبه "أنس الوحيد ونزهة املريد يف التوحيد" .ابن الزيات:مصدر سابق،ص229؛ الرصاع :مصدر سابق،
ص22؛ أبو الوليد ،إمساعيل بن يوسف اخلزرجي األنصاري ابن األمحر (ت107هـ2201 /م) :تاريخ الدولة الزيانية بتلمسان -مقتطف من كتابه "
النفحة النسرينية يف الدولة املرينية" ،تح :هاين سالمة ،ط ،2بور سعيد – مصر :مكتبة الثقاكفة الدينية للنشر والتوزيع 1002م ،ص12؛ ابن صعد:
مصدر سابق ،ص290-210؛ ابن قنفذ :مصدر سابق ،ص 22والوكفيات ،تح :عادل نويجض ،ط ،02بريوت :دار اآلكفاق اجلديدة2912 ،م،
ص197؛ حيي ،بن خلدون :مصدر سابق102/2 ،؛ التنسي :مصدر سابق110 ،؛ عبد العزيز ،كفياليل :تلمسان .229/2 ،عبد احلميد ،محيدو
التلمساين :السعادة األبدية أليب مدين شعيب كفخر الديار التلمسانية ،كفاس -املغرب :املطبعة اجلديدة 2911،م ،عدد ،02ص 20-29؛ جورج
مارسي :املعامل األثرية ،ص200؛ BARGES vie célèbre Marabout Sidi – Abou- Medienne autrement vie
.Bou-Medienne paris larousse librairie p1.
-2العباد مدينة صغرية شبه ربض ،تقع يف اجلبل على بعد ميل جنوب تلمسان ،هبا قبور األولياء التلمسانيني ،ومنجم أبو مدين شعيب ،وقد عمر هذه
املدينة بنو مرين وأقاموا هبا مسجدا ومدرسة ،ومها من أمجل ما شيده الصانع املريين ،كفاجملموعة كلجا حتفة كفنية يندر وجود مثلجا يف بالد أخرى.الوزان:
مصدر سابق12/1 ،؛ مصطفى ،سليمان زبيس :آثار املغرب العريب ،ط ،2تونس :املطبعة العصرية2911 ،م ،ص79؛ مبارك ،بن حممد امليلي :تاريخ
اجلزائر القدمي واحلديث ،تق :حممد امليلي ،اجلزائر :مكتبة النجضة اجلزائرية1002 ،م ،جزءان.212/1 ،
Georges et William MARCAIS : Les Monuments.p220 .-3حممد بن يوسف بن عمر بن شعيب كفقيه سين موحد
متصوف كثري التمسك بالسلف الصاحل صاحب كرامات(ت 191هـ) .الرصاع :املصدر السابق ،ص102؛ مجال الدين ،بوقلي حسن :ابن يوسف
السنوسي يف الذاكرة الشعبية ويف الواقع ،اجلزائر :املؤسسة الوطنية لالتصال واإلشجار ،ص12؛ عبد العزيز ،كفياليل :تلمسان229/2 ،؛
. Georges et William MARCAIS : Les Monuments.pop.cit220
- 4خالد ،بلعريب :يغمراسن ،ص .220
- 5ابن مرزوق :املناقب ،ص112؛ عبد العزيز ،كفياليل :تلمسان229/2 ،؛ جورج ،مارسي :املعامل األثرية ،ص.207
94
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
-1حممد بن البنا التلمساين عاش أواخر القرن 7هـ وبداية القرن 1هـ ،هو كاتب متخلق ظريف وشاعر أديب من أهل تلمسان ،وينسب إليه مسجد
البنا الكائن قرب القيسارية بتلمسان .حيي ،بن خلدون :مصدر سابق211-212/2 ،؛ Catherine Rossi: op.cit. p 68-69؛ حممد،
بن رمضان والغوثي ،بن محدان :إرشاد احلائر120/1،؛ مبارك بوطارن :مرجع سابق ،ص .01عبد العزيز ،كفياليل :تلمسان.229/2 ،
- 2هو إبراهيم بن حممد بن علي اللنيت التازي القطب صاحب الكرامات ،أخذ عن ابن مرزوق احلفيد كان من األولياء الزاهدين تويف يوم األحد
التاسع من شعبان 100هـ .ابن مرمي :مصدر سابق ،ص .19-11
- 3من تأليف عياض ابن موسى السبيت (ت122هـ2229 /م) وهو جمموع يتضمن التعريف بقدر الرسول ﷺ تح :سامي اجلزار ،القاهرة :دار
احلديث1002 ،م.22-2/2 ،
- 4الونشريسي :املعيار.10-21/22 ،
95
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
والصلحاء يف املقامات واألحوال ،بعد أن يصلوا ما تعودوه من النواكفل ،وحيضر الطعام ما يعمجم وينشد من
حضر ممن حيسن اإلنشاد ويعظ من يعظ ،وال يزالون كذلك طول ليلجم ورمبا يظجر عند التواجد أحواال.»1
يف املقابل ظجرت بعض الطرق الصوكفية املذمومة واليت وجدت هلا مريدين ومداكفعني عنجا وعن قدسيتجا من
ذلك ما ذكره القاضي عياض(ت122هـ2229/م) يف الشفا وغريه ،يف وصف مبتدعي التصوف وأن هناك
قسم غلب عليجم اجلجل والوقوف مع ما أحدث من رسوم ،وتركوا النظر يف املعارف والعوارف والعلوم ،كفاستحوذ
عليجم الشيطان وغلب عليجم الطغيان والعصيان ،كفاحتفلوا بالرقص والسماع والشجوات اليت تثريها الطباع ،ال
يقتفون شرعا وال جيتنبون أمرا بدعا.2
"الس َماع" كفعند بعض الصوكفية ليايل تعقد كفيجا ينشدون ويرقصون ،ويف عركفجم
ومن املظاهر املنكرة األخرى َ
"بالوجد" ،وهذا بدوره حيرك أعضاء البدن ،كفإن كانت احلركات غري
أن السماع يولد حالة يف القلب تسمى َ
موزونة كانت اضطرابات ،وإن كانت موزونة كفحينئذ تكون تصفيقا ورقصا ،3وقيل السماع كفيه نصيب لكل
عضو كفما يقع إىل العني تبكي وما يقع إىل اللسان يصيح وما يقع على اليد ميزق الثياب وتلطم وما يقع إىل
الرجل ترقص ،4وهو ما ركفضه أحد الفقجاء وقاال بأنه بدعة يف جواب عن نازلة وردت يف املعيار ،وأنه ال
يتعاطاها إال ناقص عقل واستثىن مساع اإلنشاد وأنه ال بأس به.5
وقد أنكر عليجم مجاعة من العلماء مثل هذا السلوك الشائن ،وصنفوا الكتب ووضعوا القصائد يف ذم
سلوكجم ،كفاإلمام ابن قدامة املقدسي(ت010هـ2112/م) وضع رسالة يف ذم ما عليه مدعو التصوف من
الغناء والرقص والتواجد وضرب الدف ومساع املزامري ،وركفع األصوات املنكرة مبا يسمونه ذكرا وهتليال بدعوى أهنا
من أنواع القرب إىل اهلل تعاىل.6
يقول الفقيه عبد الرمحان الوغسيلي (ت710هـ2212 /م) كفيجم « :وقد انتجى التواقح بأقوام إىل إن
يقولون أن تلك األمور من أبواب القرب وصاحل األعمال ،وأنه بذلك يتم به صفاء األوقات ونسيان
96
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
97
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
ويرقصون ورمبا يتضاربون ،كفرتاهم ككالب ناحبة ولعاهبم كمياه طاكفحة وأنفاسجم كنريان ناكفحة ،ال يفرقون بني
واجب ومندوب وال حمرم ومكروه ،ويعتقدون أن ما هم عليه هو احلق الواضح والطريق األقوم.1
كذلك أشارت إحدى الفتاوى إىل طائفة ظجرت باملغرب سنة (710هـ2212 /م) تنتمي إىل التصوف
والفقر كانوا جيتمعون يف كثري من الليايل عند واحد من الناس ،كفيفتتحون اجمللس بشيء من الذكر على صوت
واحد ،مث ينتقلون إىل الغناء والضرب باألكف والشطح ،إىل آخر الليل ويأكلون يف أثناء ذلك طعاما يعده
صاحب املنزل ،وقد أكفىت الفقجاء بأن « :ما أحدثوه يف الدين يعترب بدعة حمدثة مل تكن يف زمن رسول اهلل ﷺ أو
يف زمن الصحابة وال من بعدهم من التابعني ،»2وأطلق عليجم مرابطو الذكر والسماع والرقص والشطح ،معتربين
ما يقومون به من أبواب القرب.
أملح الونشريسي (ت 922هـ2109/م) إىل انتشار زوايا املتصوكفة والغرباء ،3يف شىت أحناء املغرب كانوا
جيتمعون كفيجا على األكل والذكر وإنشاء الشعر ،مث يبكون ويشطحون طوال الليل ،ويقوم معظمجم بالرقص
كفيقع مغشيا عليه ،وذكر بن مرزوق (ت712هـ2279/م) يف مسنده أن أيب احلسن املريين (-722
729هـ2221-2222/م) ملا استوىل على تلمسان ،كانت هناك طائفة تدعى "الغرباء" وهم العيون
واجلواسيس وخدام الطرق ،يستعملون أشياء جرت هبا عوائدهم واختلفت كفيجا طرقجم ،كفينتحلوهنا قصدا ألكل
أموال الناس بالباطل ،مث حلق هبم كفيجا غريهم كفيقامرون ويسخرون بالناس ،ويدعون كفيجا مناكفع خيدعون ضعفاء
العقول هبا ،ويوظف عليجم بسبب ذلك وظائف وتؤخذ منجم عنه أموال ،كفركفع هذا كله واشتد يف عقوبته كفاعليه
بأنواع العقوبات كفامنحى يف أيامه أثره.4
ميكن القول أن الزوايا الشعبية اشرتكت يف الطقوس املمارسة ،وجدت زوايا املتصوكفة املتطركفني وكانت مواضع
الضالَل،
اجتماعجم ترتكز غالبا يف احلصون والقرى البعيدة عن احلواضر ،ليظجروا ما انطوى عليه باطنجم من َ
كفيومهون عوام املسلمني ومن ال عقل له من النساء ،أن هذه الطريقة اليت يتبعوهنا هي طريقة أولياء اهلل ،وهي
أعظم ما يتقرب به املرء إىل اهلل تعاىل ،كفيضلون ويضلون يف ذلك اكفرتاءً على اهلل وعلى شريعته و أوليائه ،5وهو ما
ساعدهم على استمالة الناس وتصديق العامة بقدسيتجم.
- 1الفكون ،عبد الكرمي :منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والوالية ،ط ،02بريوت :دار الغرب اإلسالمي2917 ،م.210 .
-2الونشريسي :مصدر سابق .20-29/22،
- 3نفسه21/22 ،؛ ابن مرزوق :املسند ،ص.110
- 4نفسه ،ص.222 -222
-5الونشريسي :املعيار.22-21/22 ،
98
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
99
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
عريب(ت021هـ 2170/م) داكفع عنجا رمبا ملا تكتسبه من أمهية يف نفوس املريدين ،أو ألهنا من مقام القداسة
اليت ال جيب الطعن كفيجا.1
وهو األمر الذي دكفع بأمحد بن تيمية (711هـ2220/م) بأن يرد على مثل هذا املوقف يف مؤلف خاص
عنونه ب "الفصل بني أولياء اهلل وأولياء الشيطان" ،سلك كفيه مبدأ الوساطة بإقرار االحتفال بعيد مولد النبوي
من ججة ،وزيارة أضرحة الصاحلني من الزهاد والصوكفية من ججة أخرى ،وبني املنتسبني هلذا التيار من املشعوذين
والدجالني ،2وميكن القول أن ظاهرة زيارة األولياء واختاذ قبورهم أماكن مقدسة من بني الظواهر اليت كانت
منتشرة يف بالد املغرب اإلسالمي واملغرب األوسط ،حيث كان العامة من الناس يعتقدون يف األولياء ويقدروهنم
وحيرتموهنم ويتقربون إليجم مبختلف الوسائل لنيل بركاهتم ،3كما اعترب الويل مالذا للمظلومني واملقجورين يرجعون
إليه وقت حاجتجم ،مستمدين منه القوة على أمل اسرتداد حقوقجم وتعويضجم عن االنكسارات واهلزائم اليت
حلقت هبم.
وقد دعم هذه العادة العاهل التلمساين يغمراسن بن زيان ( 012-022هـ2111-2122/م) الذي كان
معجبا هبؤالء األولياء ساعيا للتقرب منجم راغبا لنيل بركتجم ،كفكان يكثر من زيارة الشيخ الصاحل أيب عبد اهلل
حممد بن عيسى 4مبدينة أغادير ،واشتجر هذا الويل بكثرة حجه إىل بيت اهلل احلرام حيث وصل عدد حجاته إىل
مخسة وعشرين حجة ،وكذلك ارحتل لزيارة الويل الشجري بأيب البيان واضح يف موضعه جببل أكفرشان ملتمسا بركته
والدعاء له ولعقبه ،5وكان كثريا ما جيالس الصلحاء ويكثر من زيارهتم ،كما كان يستقبل الويل إبراهيم بن علي
اخلياط يف قصره ،بل كان يقيم اجملالس معجم إىل جانب الفقجاء والعلماء ويدير معجم املناظرات واملذكرات يف
100
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
قصرهاملشور ،1وهو ما شجع الناس على إتباعه وتعظيم األولياء وإنزاهلم منزلة مقدسة كفتناكفسوا يف زيارهتم
للحصول على الربكة منجم.
إن استفحال ظاهرة زيارة األولياء واالعتقاد يف كراماهتم يكشف عن طبيعة العقلية االعتقادية املجيمنة على
شرحية عريضة من اجملتمع ،هذا إىل جانب احلضور القوي لكرامة الويل يف املشجد الصويف ،وهو ما احتفظت به
الذاكرة اجلماعية 2على مر العصور ،دون اعتبار للنعوت اليت وصفت هبا على أهنا من اخلوارق اليت يصعب
حدوثجا ، 3كففي حال رحيل الويل إىل دار البقاء ،كفإن ضرحيه يغدو ملجأ لكل من انظلم أو دارت به الدوائر،
وهو اللجوء الذي تتم شرعنته مبنطق احلرم الذي مينح احلماية القصوى ،كفإليه يكون اللجوء السياسي
واالجتماعي والصحي والنفسي...اخل ،كفالويل يقدم مشروعية كرامته وبركته كبديل تعبدي سلوكي ،ملا تعذر حله
وتدبريه اجيابيا يف سجل العسر واألزمة واالحنباس.4
قال ابن قنفذ (ت120هـ2207/م) «:الكرامة ال تنقطع مبوت صاحبجا ،بل تظجر وتشتجر بركاته بعد
املمات وتلوح عند قربه الربكات ،»5وكان ابن قنفذ يعترب كرامات األولياء وبركاهتم حتفظ األبناء واألحفاد وتقجر
أصحاب الشر ،6وهو ما ساعد كثريا على انتشار ظاهرة التربك باألولياء ،ملا كان يتطلع إليه الزوار يف حتقيقه من
-1خالد ،بلعريب :يغمراسن ،ص . 202وقصر املشور أو قلعة املشور اليت قاومت صروف الدهر قرونا تتوسط املدينة ،أنشاها املوحدون بعد سيطرهتم
على املدينة يف القرن 21م وبداخلجا دور للسكىن ،ومسجدها مجيل ما يزال حىت اليوم ،و بنا يغمراسن بن زيان قصر املشور وعمره أوائل القرن الثالث
عشر عند مغادرته القصر املرابطي الذي كان موازيا للجامع األعظم ،كفقد وصف التنسي منازله اجلليلة وحدائقه النضرة ،وقد هدم بعض حجراته باي
اجلزائر ،إثر ثورة قام هبا التلمسانيني على احلاكمني ،مث قضى الفرنسيون على ما تبقي منجا سنة 2122واختذوا موضعه معسكرا إال أهنم تركوا صومعة
قصرية مجيلة تدل على أنه كان للقصر مسجدا .حيي ،بوعزيز :تلمسان ،ص27؛ وعبد العزيز ،كفراح :مرجع سابق ،ص110؛ خمتار ،حساين :موسوعة
تاريخ وثقاكفة املدن اجلزائرية ،اجلزائر :دار احلكمة1007،م 2 ،ج9/2 ،؛ عبد العزيز ،كفياليل :تلمسان.221/2 ،
-2حييل مفجوم الذاكرة إىل آليات متثل املاضي واستحضارها هذا التمثل االسرتاتيجي لنسق الذهنيات والتصورات الرمزية يستدعي حفرا شامال يف
الذاكرة البشرية كإنتاج اجتماعي ،كفجي موروث ذهين خيتزل مسرية من الذكريات الفردية واجلماعية اليت تغذي التمثالت اجملتمعية ،كفالذاكرة تعد جمرد
صورة عن ماضي وقع استحضاره واختزاله تضخيمه أو تقزميه وتربيره وكفق حاجيات اللحظة وتناقضات الراهن غالبا ما تغلب عليجا صفة القداسة
.موالي عبد احلكيم الزاوي :جدل التاريخ والذاكرة يف األستوغراكفيا املغربية حفريات يف الذات املغربية املقجورة بلون السياسة ،شبكة ضياء للمؤمترات
والدراسات ،املغرب ،ص ص .22-2
- 3مفتاح ،خلفات :مرجع سابق ،ص.222
-4عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص11
- 5ابن قنفذ :أنس الفقري ،ص . 7هناك من قال بانقطاع الكرامة بوكفاة الويل ألن عمل اإلنسان ينقطع بوكفاته كما جاء يف احلديث الشريف :عن أيب
هريرة رضي اهلل عنه أن الرسول ﷺ قال « :إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث :صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صاحل يدعو له ».
صحيح مسلم ،ص .2022
-6ابن قنفذ :أنس الفقري ،ص.20
101
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
أمنيات ومصاحل دنيوية ،1وجرت العادة 2أن يقدم هؤالء نذورا عند زيارهتم ألضرحة األولياء ،وغالبا ما يعملون
إىل تعليق خرق وشرائط معقودة على قرب الويل الصاحل ،وحىت يف األشجار اجملاورة لضرحيه ،3وهو ما يؤكد أن
اجملموعة البشرية يف حاجة دائما للمقدس األوليائي ،ليس من أجل تدبري حياهتا الدينية كفقط ،بل من أجل إثراء
عالقاهتا وتقوية حظوظ مواججتجا للسلطة املتوزعة طوال وعرضا يف اجملتمع ،4وهذا هو األهم.
رابعا :وظيفة الزاوية:
تعددت املعتقدات يف القدرات واخلوارق اليت ميكن حصوهلا عرب زيارة الزوايا ،ملا متنحه من هالة قدسية وقدرة
على ختطي الصعاب وحل املشاكل ،لذا سادت يف اجملتمع ذهنية تقديس الزاوية اليت شكلت مكانا مقدسا ال
ميكن املساس هبا أو هبيبتجا ،وأهم الوظائف اليت أنيطت هبا الزوايا على رأسجا أذكر:
/3اإلشفاء من األمراض وعالج الحمى :يبدو أن عجز العديد من الناس الفقراء عن دكفع أجرة الطبيب
ألجل التداوي ووجود بعض األمراض املستعصية ،أودى هبم إىل البحث عن سبل أخرى للعالج مجما كان
نوعجا ،كفكانوا يلجئون إىل األولياء كأطباء هلم خاصة بالقرى واملداشر النائية البعيدة عن املدن ،ومن العالج
الذي استجوى شرحية العوام العالج بالتمائم والعزائم على الرغم من اتصاله بأمور السحر والشعوذة وكذلك جلئوا
للعالج بالرقية ،5كفكان محل التمائم اليت يكتبجا األولياء يف الزوايا مبثابة طقوس وقائية لدكفع ضرر حمتمل حدوثه،
ومنه كفحمل التمائم كان مقبوال من اجلميع ومنتشرا على نطاق واسع باملغرب األوسط كما سبقت اإلشارة إليه
يف الفصل األول.
كما كان يعتقد بكالم الطلسم أو الكالم املكتوب املذاب يف املاء من اآليات القرآنية وغريها وبأثرها يف
الشفاء ،إذا كانت مكتوبة من طرف ويل صاحل ،لذا ذهب الناس للزوايا قصد أن متنح هلم الرقى والتمائم بغية
- 1خوان ،غويتيصولو :أضرحة وزوايا وطوائف طقوس زيارة األولياء يف اإلسالم املغريب ،ترمجة :إبراهيم اخلطيب ،جملة املناهل العدد ،12/10السنة
،19وزارة الثقاكفة املغربية1007 ،م .ص.220
- 2العادة هنا مقصود هبا جمموعة من األكفعال واألعمال وألوان السلوك اليت تنشأ يف ا جلماعة بصفة تلقائية ،لتحقيق أغراض تتعلق مبظاهر سلوكجا
وأوضاعجا ،ومتثل ضرورة اجتماعية تستمد قوهتا من هذه الضرورة ،لذلك من الصعب على األكفراد اخلروج على مقتضياهتا لذلك هي مفجوم يستخدم
لإلشارة إىل جمموع األمناط السلوكية اليت تبقى عليجا اجلماعة ،وتتناقلجا عن طريق التقليد والتفاعل مع اآلخرين .جالل ،مدبويل :االجتماع الثقايف،
ط ،2القاهرة :دار الثقاكفة ،2979 ،ص.10-79
- 3خوان ،غويتيصولو :مرجع سابق ،ص.220
- 4عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص 9-1
- 5خليلي ،خبتة :مرجع سابق ،ص .192
102
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
العالج أو الوقاية من األمراض ،ومن بني من اشتغل بالرقي للعالج جند ابن كفرغوس 1الذي كان يرقي املرضى
وأبو العالء املديوين (ت721هـ2222 /م) ،2واشتجر أيب البيان واضح بإبراء العاهات من ذلك أنه صنع
حجابا لزوجة السلطان يغمراسن بن زيان (012-022هـ2111-2122/م) .3
وميدنا الربزيل(ت122هـ2220/م) بنماذج من الرقى كرقية عسر الوالدة كفيقول «:يكتب يف صفحة مث
تغسل وتسقى منجا املرأة ثالث ،كفيكتب بسم اهلل الرمحان الرحيم ال إله إال اهلل العظيم احلليم الكرمي ،سبحان اهلل
رب السموات ورب العرش العظيم ،بعدها يقع حمو الكتابة وتذوب بالنفخ يف املاء ،مث يتحلل ويدخل يف جسد
املريض ،اعتقاداً منجم أن الطلسمات املذابة يف املاء من خالل احملو ،تؤدي إىل تذويب األمل واملرض
واضمحالله ، »4قد تكون مثل هذه الرقى اليت حتوي ألفاظ أعجمية وكلمات غري مفجومة أو طالسم كتبت من
طرف منتحلي الوالية بغية احلصول على مقابل مادي هلذه الرقى اليت يصنعوهنا ،واليت تدل على نوع من املمارسة
السحرية.
وعلى نفس الشاكلة ذكر مثال آخر متثل يف أن كتابة بعض األلفاظ األعجمية على خرقة كتان أزرق ،وجيعل
كفيجا بيضة الدجاجة ويشويجا يف النار ،كفإن البيضة تطيب وال حترق للخرقة كفيأكلجا احملموم وجيعل قشرها يف
اخلرقة املذكورة ويربطجا يف عنقه ،كفإنه يربأ بإذن اهلل وال ترجع احلمى إليه أبدا ،5وخيتلف الطلسم باختالف الزمن
الذي يتم كفيه وغرضه ،وهو أنه حيتوي على كلمات ورسوم ورموز مكتوبة وحمفورة أو بارزة ملونة وغري ملونة،
وكلجا يف غاية الصعوبة ،وصنع الطلسم ال يقدر عليه إال كل ساحر عايت شاخ وداخ يف مجنته ،ويستمر مفعوله
بضعة أيام مث يفسد ،إال إذا تكرر منه ما ميكث بضعة شجور.6
ولقد تعدى األمر يف التمائم والرقى املصطلحات الغري مفجومة والرموز املبجمة ،كفجناك من املشعوذين
والدجالني من استغل قصيدة الربدة البتزاز األموال واالحتيال على صغار األحالم وضعفاء العقول ،واختذوا منجا
متائم وتعاويذ وشرعوا يومهون األغرار بفوائد هذه التمائم ومناكفعجا ويتقاضون على ذلك ما ميأل جيوهبم.7
103
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
يف املقابل ذكرت املصادر الوسيطة بعض األولياء الذين اشتجروا بالقدرة على عالج األمراض دون متائم أو
رقى ،مثل سيدي أيب سعيد الشريف احلسين ،والذي اشتجر بأنه جماب الدعوة وله كرامات باهرة ،ما زاره ذو
عاهة إال برء وال صاحب حاجة إال قضيت.1
من خالل ما سبق يتضح مدى التصديق اجلازم لدى بعض سكان املغرب األوسط يف القدرات واخلوارق اليت
ميتع هبا األولياء ،ذلك أنه يف اعتقادهم ميلكون القدرة على تغري جمرى احلوادث واألشياء ،ويشفون األمراض
املستعصية اليت ال ينفع معجا عالج طيب ،2كفاحلسن أبركان (ت 101هـ2202/م) مثال متكن من إشفاء مصاب
مبرض جلدي امسه "آكلة" عن طريق ريقه بالتفل على موضع املرض ،3واشتجر أبو العباس بن مرزوق بأنه يشفي
املرض بدليل عالجه لولده ابن مرزوق اخلطيب وكان كثري املرض يف صغره حيث عجز األطباء عن مداواته.4
كما كان بإمكاهنم ترويض احليوانات املفرتسة ومصاحبة اجلن ،5وال خيفى علينا ما حوته مناقب أبن
مرزوق(ت712هـ2279/م) من ذكر األولياء الذين متتعوا بقدرة احلديث مع الوحوش املفرتسة وترويضجا على
رأسجا األسد الذي ذكر أكثر من مرة كفأبو يعزى يلينور بن ميمون اشتجر برتويضه لألسود ،6وذكر كذلك من
كان من األولياء وله قرين من اجلن ،وإن دل على شيء كفإمنا يدل على ما حيوزه الويل من كرامات وقدرات
منحت له وحده دون سواه.
/0االلتجاء :شكلت الزوايا منذ نشأهتا درعا للحماية وااللتجاء وهذا سبب كثرهتا باملغرب األوسط،
كفااللتجاء إليجا زمن اجلوائح واألوبئة واجملاعات والقحوط واليت كانت حتصد األرواح ،وتدخل البالد يف حروب
وصراعات مستمرة حول املاء والكالء واألرض وصنوف املعاش ،هلذا كله تقدم (الوالية /الزاوية) متنجا واشتغاالهتا
كخالص دنيوي مساوي ،عرب قيمتجا وممارساهتا القائمة على السفر واهلجرة إىل منازل القربة والوصل ،7وعلى
دورها يف منح املأوى والغذاء زمن األزمة ،ومما حفظته لنا املصادر أن الويل أيب يعقوب ( ق1ه22/م) دكفني بين
حلوان بالقرب من مازونة زاره مجاعة من الفقراء برسم الزيارة ،كفلم جيد ما يطعمجم كفأخذ حبال وكفأسا وسار إىل
مكان وأحضر منه ترابا أو رمال واقتلع شيئا من بصل العنصل ،وجاء بذلك إىل أهله وأمر زوجته بطبخ األكل
104
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
للفقراء ،كفلما كشف ما باحلمل إذ بالرمل حتول دقيقا والعنصل صار حلما مسينا ،صنعت هلم منه طعاما كثريا
كفأكلوا حىت شبعوا.1
إن احلديث عن مثل هذه الكرامات وكثرة وقوعجا مسي ب"انقالب األعيان" 2كانقالب احلصا جواهر،
وانقالب ماء البحر عذبا ،ولبعضجم نشارة اخلشب دقيقا ،ولبعضجم احلطب ذهبا وهذه األشياء مذكورة يف
الرسالة القشريية وغريها.
/1التعليم:
اعتربت الزوايا من بني أهم املؤسسات التعليمية إىل جانب املدارس واليت سامهت بشكل كبري يف نشر
التعليم الديين لدى الشرائح الدنيا يف جمتمع املغرب األوسط،3كما سامهت يف تعليم األوراد واألذكار اليت
اختصت هبا الطرق الصوكفية ،ودرس هبا املريدين بعض املصنفات والنقول والتفاسري وغريها.
/0إقامة االحتفاالت:
هناك الكثري من الزوايا اليت سامهت يف صنع الفرجة كوهنا مركز احتفال ،لكن احتفاالت الطرق الصوكفية
واملواسم ،طغى عليجا البعد الروحاين والفولكلوري وامتزجت كفيجا اخلراكفة بالسحر والدين بالشعوذة ،ومت تغليف
املقدس باملد نس ،خاصة وأن الطرق الصوكفية باملغرب األوسط سيطرت وبشكل جلي على كل مظاهر احلياة
وتفاعلت مع ثقاكفة اجملتمع وجتاربه التارخيية ،مما جعلجا ت َك ِون ثقاكفة خاصة ظجرت من خالل التمثالت الفردية
واجلماعية يف الطقوس واملمارسات االحتفالية ،عرب مؤسسة الزاوية اليت أصبحت مكان مقدس إلقامة االحتفال
عند بعض سكان املغرب األوسط.
مع اختالف الطرق الصوكفية اختلفت املمارسات االحتفالية داخل الزاوية ،وأود هنا أن أنوه إىل أنه ال يوجد
خالف يف كون الطرق الصوكفية يف املغرب األوسط تستمد مرجعيتجا الدينية من السرية النبوية الشريفة ،وتتخذ
من شخصية الرسول ﷺ النموذج املقتدى يف السلوك والفعل ،وهذا ما أكده نور الدين الزاهي حينما قال«:
ترى أغلب الطرق الدينية املغاربية بعودة سالسلجا الصوكفية إىل الشاذيل كفاجلنيد كفالنيب ،باستثناء الطريقة القادرية
اليت تربط ذاهتا بعبد القادر اجليالين ،والتجانية اليت تعترب ذاهتا منحدرة من النيب مباشرة ،»4على الرغم من هذا
كفقد شابتجا ممارسات أكفرغت بعض الزوايا من هدكفجا احلقيقي.
105
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
وقد طالت تلك الطرق الصوكفية الكثري من االحنراكفات والسلوكات الشاذة اليت أخرجتجا من جمال املقدس إىل
املدنس ،من خالل بروز مجلة من البدع اليت تفشت يف وسط مريديجا ،خالل االحتفاالت واليت تنطلق بالتجليل
والتصلية على الرسول ﷺ والذكر والسماع الصويف ،لكن سرعان ما يتم العبور إىل املدنس من خالل طقوس
احلضرة واجلذب ،1ألن كثريا ممن يسمون باألولياء الصاحلني ويقصدون بالزيارة ،وما يشاع عنجم من خراكفات
وقدرات ومعجزات وكرامات ،تؤكد لنا بعض الطقوس االحتفالية املصاحبة لتعظيم آثارهم.
خامسا :الزاوية وظاهرة الشرف:2
تنبع القداسة يف اإلسالم الشعيب من راكفدين خمتلفني ،راكفد تربوي واألخر وراثي ،ويستند أوهلما يف إقامة
مشروعيته على تربية روحية تنتقل من جيل إىل جيل ،بواسطة سلسلة من األولياء الصاحلني حسب قواعد
الطوائف الصوكفية ،حيث ترتقي هذه السلسلة لدى بعضجا إىل النيب حممد عليه الصالة والسالم ،وتـ َعِرب سلسلة
األجداد على نقط التداخل واالنشطار اليت حتدد هوية الفئات االجتماعية ونوعية العالقات القائمة بينجا ،3أما
الثاين والذي انتشر على نطاق واسع يف البادية ،كفيفرتض انتقال الكرامات الروحية من مؤسس الزاوية إىل أحد
أبنائه أو كاكفة ذريته.4
ارتبطت الزاوية بظاهرة الشرف واالنتماء إىل النسب املقدس وبيت النبوة ،حيث أمجعت نصوص النوازل
الفقجية واملناقب والتصوف والتاريخ على مفجوم موحد ملاهية الشرف والشركفاء ،يف كونه كنية كان خيتص هبا كل
من كان ينسب إىل احلسن واحلسني ابين كفاطمة وعلي رضي اهلل عنجم مجيعا ،بوصفجم ميثلون أصول هذه
الظاهرة ومصدر املشروعية كفيجا ،5كففكرة الشرف ظجرت بقوة مع املجدي بن تومرت (ت112هـ2220 /م) يف
-1اجلذبة يف بعض الكتابات احمللية واألجنبية ممارسات مهجية متخلفة ،كفيما األمر بالنسبة للباحث والسوسيولوجي األنثربولوجي يبدوا خمتلفا عن هذه
األحكام ،كفاجلذبة اشتغال طقوسي رمزي على اجلسد والروح .عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص.0
-2حول البوادر األوىل لظجور كفكرة الشرف يف املغرب األوسط خاصة بتلمسان وأحوازها ،وكيف خص الشركفاء ببيت خاص داخل الزاوية كزاوية إبراهيم
التازي (ت100ـ2202/م) ينظر :الطاهر ،بونايب " :خطاب الشرف يف املغرب األوسط خالل العصر الوسيط -مقاربة يف مستوياته ضمن نص النوازل
واملناقب والتاريخ" ،ص ص ، 212-222ضمن كتاب :املغرب األوسط من خالل كتب النوازل ،تنسيق بوبة جماين ،هباء الدين للنشر والتوزيع،
1022م ،منشورات خمرب البحوث والدراسات يف حضارة املغرب اإلسالمي جامعة منتوري قسنطينة ،ص .211-220-221
- 3عبد اهلل ،احلمودي :االنقسامية والرتاتب االجتماعي والسلطة والقداسة -:مالحظات حول أطروحات كلينر ،ضمن كتاب :األنثروبولوجيا والتاريخ،
ص.ص ، 10 - 00حالة املغرب العريب ،تر :عبد األحد السبيت وعبد اللطيف الفلق ،ط ، ،1الدر البيضاء -املغرب :دار توبقال للنشر1007 ،م،
.01
- 4خوان ،كليمنصو :مرجع سابق ،ص 220؛ مفتاح ،خلفات :مرجع سابق ،ص.221
- 5حممد ،بن مرزوق احلفيد :إمساع الصم يف إثبات الشرف لألم :دراسة وتح :مرمي احللو ،ط ،1وجدة :املغرب ،مطبعة الشرق1000 ،م ،ص.117
نقال على الطاهر ،بونايب :خطاب الشرف ،ص .229
106
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
ربط نسبه بفاطمة بنت الرسول ﷺ ،واخلليفة عبد املؤمن بن علي الكومي(ت 111هـ2202/م) الذي ربط
نسبه بعلي بن أيب طالب ،كما كانت تلمسان وآكفاقجا مركزا للنفوذ السياسي والروحي آلل البيت من بين إدريس
بن عبد اهلل وأخويه حممد وسليمان ،1ووجد بعض الناس من أصل بربري صعوبة يف إثبات انتمائجم للنسب
الشريف ألن الشركفاء عرب منسوبون للحسن واحلسني ،2وبالتايل مل يكن بإمكاهنم نيل املكانة االجتماعية
واحلظوة اليت ناهلا غريهم من الشركفاء.
كان العامة ينظرون إىل النسب الشريف على أنه نسب مقدس ومصدر للربكة ،مرتبط باإلرث الساليل
وكامن يف الشريف الورع التقي الصاحل اخلري ،وهي صفات من عطايا الرسول ﷺ ،اليت أودعجا يف ذريته وكانت
متثل بالنسبة جملتمع املغرب األوسط دليل القدرة وحتقيق حاجات الفرد ،3كما كانت الزاوية ختص الشركفاء
بطقوس خاصة يف الضياكفة ،بل أن هناك من الزوايا من كان يف هيكلجا العمراين بيت خاص بالشركفاء ،مثل زاوية
إبراهيم التازي( 4ت100هـ2202 /م) ،وهو ما جعلجا قبلة للمنتسبني إىل حقل الشرف ،والطامعني يف كرم
الزوايا وخصوصية الضياكفة ،5كفظاهرة الشرف أعطت لصاحب الزاوية قدسية خاصة أصبغجا بدوره على البناء
واخلدام واملريدين.
كان االنتساب آلل البيت من أهم األمور اليت تناكفس الناس يف إثباهتا ،حيث ظجرت كفكرة االنتساب آلل
البيت عن طريق "األم" وهو ما أثار جدال بني منكر ومقر هلذا النسب ،6وكان احلرص على النسب الشريف ال
يقتصر على األولياء كفقط بل تناكفس سالطني املغرب األوسط يف إثبات نسبجم الشريف إلعطاء الشرعية للسلطة
- 1موسى ،لقبال " :زناتة واألشراف احلسنيون يف جال تلمسان واملغرب األوسط" ،جملة األصالة ،اجلزائر2971 :م ،ع ،10ص ص .91-92
- 2الونشريسي :املعيار.129/1 ،
- 3حممد ،العمراين :الشرف واجملتمع والسلطة ( الشمال املغريب منوذج) من القرن 20إىل 22هـ29-20/م ،الرباط :دار أيب الرقراق للطباعة والنشر
والتوزيع1021 ،م ،ص201-202
- 4هو إبراهيم بن حممد بن علي اللنيت التازي القطب صاحب الكرامات ،أخذ عن ابن مرزوق احلفيد كان من األولياء الزاهدين تويف يوم األحد
التاسع من شعبان 100هـ .ابن مرمي :مصدر سابق ،ص .19-11
- 5ابن صعد :مصدر سابق ،ص207؛ الطاهر ،بونايب :املرجع السابق ،ص.211
- 6من بني املنكرين للنسب الشريف من ججة األم حيتجون بأن االبن ينسب لألب وهو موقف كفقجاء تونس ،أما كفقجاء جباية وعلى رأسجم املشدايل
(ت722هـ 2222 /م) كفيقر هبذا النسب ،وجند من الفقجاء من وقف بينجما كموقف كفقجاء املغرب األوسط كابن مرزوق واملقري(ت711هـ2217/م)
و أيب عبد اهلل الشريف (ت772هـ2209/م) و أيب سعيد العقباين( ت 122هـ2201/م) الونشريسي :املعيار292/21 ،؛ وللمزيد حول املوضوع
ينظر الدراسة القيمة اليت قام هبا الباحث نصر الدين ،بن داود" :الشركفاء يف اجملتمع املغريب خالل القرنني 9-1هـ21-22 /م) من خالل كتاب إمساع
الصم يف إثبات الشرف من قبل األم للمراكشي القسنطينس األكمه و إمساع الصم يف إثبات الشرف لألم البن مرزوق احلفيد التلمساين" ،جملة املعارف
للبحوث والدراسات التارخيية ،عدد ،10ص ص .220-201
107
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
حسب الظروف والتطورات التارخيية والسياسية ،وكان أهل املغرب حيرصون على توثيق األنساب وتشجريها
حفاظا على أصالة النسب عامة والنسب الشريف يف الدوحة احملمدية الشريفة خاصة.1
وردا على من نفى وجود النسب الشريف وصعوبة إثباته بعد املائة السابعة أو الثامنة ورد عند الونشريسي بأن
هذا ادعاء ضعيف وقول باطل ،2بل أن هناك نازلة وردت عند الونشريسي يف رجلني ختاصما كفقال أحدمها ومل
يكن ي نتمي للنسب الشريف :لعن اهلل الشرف كفكان جواب النازلة أنه يف حالة ثبت عليه قوله تضرب عنقه وإذا
3
مل يثبت عليه ذلك صفد يف احلديد وضرب بالسوط ضربا وجيعا على سفجه وقلة دينه وجرأته
المبحث الثاني :الوالية واألولياء:
أوال :الوالية:
الوالية بالفتح ،جاء يف لسان العرب أن الويل هو اسم من أمساء اهلل تعاىل وهو الناصر ،وقيل املتويل ألمورَ
كفالوالية بالفتح أظجر يف النسب والنصرة ِ 4
العامل واخلالئق القائم هبا ،والوالية بالكسر اسم ومعناها النصرة ،وعليه َ
من قوهلم َويل بني الوالية ،أما بالكسر كفجي اإلمارة من قوهلم َو ِال بني ال ِوالَية.5
تدل الوالية لغة على اإلمارة والسلطان ،كما حتيل على القرب والنصرة ،كفالويل يف قواميس اللغة هو احملب
والصديق والنصري والكفيل ،6والوالية هي قيام العبد عند الفناء عن نفسه ،وذلك بتويل احلق إياه حىت يبلغه غاية
مقام القرب والتمكن ،7والويل يدل على من توىل اهلل أمره وحفظه من العصيان ،ومل خيله نفسه باخلذالن حىت
يبلغه يف الكمال مبلغ الرجال.8
ليست الوالية عند الصوكفية جمرد هجرة إىل السماء ،إهنا موقف مما يعتمل يف األرض ،كفربكة األولياء تنشأ
من كفخ املتناقضات القائم بني الكائن واملمكن دنيويا ،كففي اللحظة اليت تتواتر كفيجا األزمات ويعز كفيجا
108
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
اإلنصالح ،يربز الصالح كجواب تعبدي صويف على عسر الفجم والتكيف مع احمليط ،وهلذا نالحظ أن رد
الفعل اجتاه الطبيعة كالكوارث واجلوائح ،أو اجتاه السلطة كاالستغالل والتسلط ،كفاألكفراد يبحثون عن مالجئ
مادية أو معنوية ملواججة الواقع املتأزم والديين ،مبا يكتنزه من قيم التفاوض مع الواقع ،وإمكان جتاوزه يصري حال
اجيابيا للكثريين ، 1وعليه كفالوالية ال تصدق وال تنكتب إال باملثال والنموذج ،كفاألخذ عن السلف واالبتداء
باملريدية ،هو ما يـنتِج االعرتاف هبا ،كفحسب معتقدات الصوكفية من ال شيخ له كفالشيطان شيخه ،ومن مل ميت
حتت بيعة شيخ مات يف الرتهات والضالل ،وكل سالك طريق حيتاج كفيه إىل دليل مرشد عارف ناصح.2
كما أن الوالية تنبين يف ظل عالقات متوترة بني السلطة واجملتمع ،حبيث تستحيل ركفضا للتدبري السلطوي،
وخروجا عليه مواججة له بطريقة أو بأخرى ،بدءاً باختيار املنفى اجملايل إىل إنتاج اخلطاب املضاد واملمارسة
املناقضة للسائد حمليا ،3أما الويل كفجو املتمسك بالطاعة على وجه القربة ،والويل له معنيان:
ِ ِ ِ ِ ِ
املعىن األول :كفَعيل مبعىن َمفعول ،وهو من يتوىل اهلل تعاىل أمره يف قوله ﴿ :إ َّن َوليِّ َي اللَّه الَّذي نـََّزَل الكتَ َ
اب َوه َو
ني ﴾ ،4مبعىن ال يكله إىل نفسه حلظة. يـتَـوَّىل َّ ِِ
الصاحل َ ََ
اعل ،وهو الذي يتوىل عبادة اهلل وطاعته ،كفعبادته جتري على التوايل من غري أن املعىن الثاين :كفَعِيل مبالغة من كفَ ِ
يتخللجا عصيان.5
يتوجب التأكيد على أن الوالية من املسائل املقدسة يف املغرب األوسط ،إذ تعد درجة عليا تتحصل
لصاحبجا وطالبجا بعد كثري جماهدة ومكابدة طول الطريق ،ويلزمجا اإلرادة ومعجا اجملاهدات ،وحسب الصوكفية
كفإن أوسط الطريق احملبة ومعجا الكرامات ،وآخر الطريق املعركفة ومعجا املشاهدات ،كفإذا متكن يف هذه املراتب ال
جيرى عليه أحكام التلوين وصار سباحا يف حبار التوحيد وسر التفريد ،يكون وليا نائبا لألنبياء وصادقا من
األصفياء.6
109
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
ومن أرباب اجملاهدات والزهد يف املغرب األوسط ،الذين وصلوا درجة كبرية يف الوالية وهلم مكانة مقدسة يف
اجملتمع ،جند الشيخ حممد بن عمر اهلواري (ت122هـ2220/م) ،1وأمحد الغماري (ت 172هـ2201/م)،2
واحلسن بن خملوف الشجري بأبركان (ت117هـ2212/م) ،والذي أمساه حممد التنسي(ت199هـ2292/م)
بالويل الزاهد 3القطب الغوث 4شيخ الزهاد وقدوة العباد.5
أ /درجات الوالية:
صحيح أن الوالية أمر مقدس لدى كفئة كبرية من جمتمع املغرب األوسط ،وال يصل إليجا إال أرباب
اجملاهدات ،لكن ال يتساوى األولياء يف درجات الوالية كفجناك عدة مراحل وحمطات مير هبا الويل حىت يصل إىل
قمة اهلرم ،وال بأس من التطرق لدرجات الوالية بنوع من الشرح ليس بالطويل اململ وال القصري املخل.
بداية كفإن األسطورة تصنف الويل وأمثاله يف إطار مقوالت معينة سلفا مثل كرمي ،كفاضل ،يقوم الليل ،ويصوم
النجار ،6وهلذا وجب للويل أن يتدرج يف سلم الوالية واليت تبدأ درجاهتا "بالسالك" وتنتجي ب "قطب
األقطاب" ،كفأولياء اهلل هلم مراتب وأحوال كفجم على طبقات كثرية وأحوال خمتلفة ،كفمنجم من جتتمع له احلاالت
واملقامات 7كلجا ،ومنجم من حيصل من ذلك ما شاء اهلل ،وما من طبقة إال هلا لقب خاص من أهل األحوال
اليت يظجر عليجا ،ومنجم من حيصره عدد يف كل زمان ،ومنجم من ال عدد له الزم يقلون ويكثرون ،8قال ابن
- 1هو أبو عبد اهلل حممد بن عبد السالم بن يوسف بن كثري اهلواري نسبة إىل هوارة ،ويل عارف باهلل القطب صاحب الكرامات ،نشأ يف طلب العلم
مجع بني اخلطابة والتدريس ،استقر بوهران أين يقع ضرحيه ،تويف سنة 122هـ .الرصاع :مصدر سابق ،ص 10؛ ابن مرمي :مصدر سابق ،ص-111
120؛ ابن صعد :مصدر سابق ،ص.27
- 2ابن صعد :مصدر سابق ،ص20و.210
- 3الزاهد هو كل من أخرج الدنيا من قلبه واحتقرها واستصغرها وأدخل هم اآلخرة .أبو طالب ،املكي :قوت القلوب ،مصر :املطبعة املصرية،
2921م ،ص.209
-4الغوث هي درجة من درجات الوالية والقطب يسمى غوثا باعتبار التجاء امللجوف إليه وهي درجة ال تتحقق إال بعد طول جماهدة وعمق عركفان.
عبد الرحيم العطري :مرجع سابق ،ص.27
- 5ابن مرمي :مصدر سابق ،ص 92-72؛ التنسي :مصدر سابق ،ص .211
- 6عبد اهلل ،احلموي :مرجع سابق ،ص .12
- 7املقامات هي مكاسب وهي است يفاء احلقوق املرسومة شرعا على املقام من معامالت وجماهدات ورياضات ،واملقام هو استيفاء حقوق املراسم وإال
مل يرتق إىل املقام الذي بعده ،كفعالقة املقامات بعضجا ببعض هي عالقة ترق ،قد تكون بال أمساء بل جمرد ترق يف عشرة مقامات ،من املشاهدة األولية
– األحدية -األقربية -البصرية -العلمية -الفاعلية -احلياتية -احملبوبية -مراقبة التوحيد الشجودي .بلغريب ،عبد القادر" :أسس القراءة وآليات التأويل يف
النص الصويف – عفيف الدين التلمساين يف شرح مواقف النفري" ،أطروحة دكتورا علوم يف اللغة واألدب العريب ختصص قضايا األدب ومناهج
الدراسات النقدية املقارنة ،جامعة قاصدي مرباح (ورقلة ) 1020 ،م ،ص. 10
- 8حمي الدين بن عريب :أهل املراتب واألحوال ،تح :حممد عبد الرمحان الشاغول ،ط 2،القاهرة :دار جوامع الكلم1009 ،م ،ص.10
110
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
مرزوق (ت712هـ2279/م) يف املناقب «:رأيت من األولياء يف صغري بتلسمان خالئق ،»1ومنه نستدل على
العدد اهلائل من األولياء يف املغرب األوسط ككل ،وحسبنا يف ذلك قوله يف موضع آخر «:يستدل بالقل منه
على الكثرة» وهكذا كفإن منوذج تلمسان وعدد أوليائجا ميكن تعميمه على باقي حواضر املغرب األوسط.
جتدر اإلشارة إىل أن احلال عند الصوكفية وقتية ،كالسكر والصحو والغيبة والرضى ،ومن شروطجا الصرب مع
البالء والشكر مع النعمة ،كفالصدق واإلخالص أصل كل حال ،2ومن األلقاب اليت حفظتجا لنا املتون النصية
الوسيطة عن درجات الوالية ،خاصة كتب املناقب جند :السالك -اجملذوب -البجلول -الوتد -اجلرس -
البدل -النقيب -النحيب -البجايل -الصاحل -املالميت -الغوث -القطب -وقطب األقطاب يف قمة
الوالية ،وهي درجة عليا ال تتحقق إال للجامعني األحوال واملقامات ،كفالقطب يسمى غوثا باعتبار التجاء
امللجوف إليه ،وهي درجة ال تتحقق إال بعد طول جماهدة وعمق عركفان ،3وال يناله إال الويل العارف الكبري القدر
الصاحل ،4مثل أيب مدين شعيب الغوث قطب األقطاب (ت192هـ2291/م).
أما طبقات األولياء حسب أبو احلسن علي بن حممد املراكشي يف مؤلفه "مناقب األولياء وصفة سلوك
األصفياء" اليت وردت عند الباديسي ( كان حيا 711هـ) يف املقصد الشريف:
أ -الطبقة األوىل من األولياء :هم قوم ال خيرججم اهلل تعاىل عن اخللق ،يشتغلون مبا يشتغل به الناس من سائر
احلرف واملكاسب ،وال يأكلون إال من كد أمياهنم.5
ب -الطبقة الثانية :ال يشتغلون مبكسب أشغلجم املسبب عن السبب ،ما هلم حركفة غري عبادة اهلل تعاىل،
ويكون قوهتم على اهلل ألنه كاكفل أمرهم ويرزقجم على يد من يشاء من عباده املؤمنني.6
ج -الطبقة الثالثة :يأكلون من القدرة ويشربون من القدرة.1
-1املناقب ،ص ،200ونفس الشيء قاله عن جباية « :ودخلنا جباية احملروسة كفلقينا هبا من األولياء خالئق» .ص.202
- 2ابن الزيات :مصدر سابق ،ص . 21وأورد أبياتا على لسان أبو حممد عبد العزيز بن أيب بكر حول الغيبة والصحو عند أيب مدين شعيب كفقال:
ش َعيب َويل اهلل ِسر ِعبَ ِاد ِه *** أَبو َمدين مغ ِين اآلنَ ِام بَِفخ ِره
اشًرا ِعل َم ا ِإل ِله بِأَم ِره
كفَـيا جنَةَ املأوى ويا علَم اهل َدى *** ويا نَ ِ
ََ َ َ َ ََ َ َ
ب طوِرهنت يف ك ِل جبَانِ ِ ِ
ت َومل تَغب *** َوَما ك َ
ِ
ت َومل َحتضر َوغب َضر ََح َ
اس إِط َفاءَ نوِره .ص.99-91 َحد يف النَ ِ ِ
كفَـنورَك نور اهلل يـَجدي لَه َوَهل *** َعلَى أ َ
- 3عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص 27إبراهيم ،عاصم :مرجع سابق ،ص.22
- 4ابن مرزوق :املناقب.229 ،
-5عبد احلق ،بن إمساعيل الباديسي :املقصد الشريف واملنزع اللطيف يف التعريف بصلحاء الريف :تح :سعيد آعراب ،ط ،1الرباط :املطبعة امللكية
2992،م ،ص.10
-6نفسه ،ص12-11
111
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
حس ب هذه الطبقات عم بني الصوكفية اعتقاد بأن اإلنسان إذا إرتاض وجاهد يف العبادة ،كفإنه قد يلتحق
باملالئكة الكرام ،حىت أن بإمكانه الطريان يف اهلواء واملشي على املاء ،كفالربياضة حسب اعتقادهم ينسلخ الصويف
بالكلية عن احلظوظ البشرية ،وهذا االعتقاد يف أساسه اعتقاد الربامهة ولكنه شاع عند الصوكفية وكانوا حيرصون
على نشر األخبار اليت تروي طريان أحدهم يف اهلواء ،2وكان من املصدقني بالكرامات كفقد أورد لنا ابن مرزوق
(ت712هـ 2279/م) يف مناقبه ذكر العديد من متصوكفة املغرب األوسط الذين اشتجروا بالطريان يف اهلواء
واملشي على املاء ،وغريها من اخلوارق اليت تتعارض مع املنطق العقلي ،ورغم هذا وجدت هلا مصدقني هبا
ومداكفعني عنجا ،ويف املقابل ورد نص عند الونشريسي يدعو لعدم تصديقجم جاء كفيه « :ال تغرتوا هبم ولو أهنم
يطريون يف اهلواء وميشون على املاء كفال يغرت أحدكم مبا ظجر من األوهام واخلياالت من أل البدع والضالالت
ويعتقد بأهنا كرامات.»3
ب /أسس الوالية:
هناك عناصر متعددة تسجم بعد طول خماض وجماهدة مع النفس يف إنتاج الوالية وكسب االعرتاف هبا
وتقديس منتسبيجا ،وهي يف الغالب حتضر جمتمعة أو متفرقة يف سري عدد من األولياء ،كفجناك العلم والصالح
والشرف والفعل ،علما بأن هذه املكونات ليست بالضرورة هي املسالك الوحيدة واملمكنة إلنتاج وختصيب
الوالية ، 4كفجناك الوالية بالوراثة أو باإلجازة أو باملنح ،وما تطرقي ألسس الوالية إال من باب البحث عن مدى
تأثريها يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط ،وتقبله ملثل هذه األكفكار واملعتقدات بل وتقديسجا.
أؤكد أن اهلدف من جرد هذه الكرامات ال يتصل بالدكفاع عن معقوليتجا وثبوتيتجا ،وال من أجل دحضجا
وتبخيسجا ،إذ هي على حد قول الباحث عبد الرحيم العطري « :متون لالشتغال والتفكري بعيدا عن االحتفاء
أو اإلنكار»5
112
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
-3العلم:
مل تتحدث املصادر عن علو شأن بعض األولياء يف العلم ،ومع ذلك كفأهنم ارتقوا عاليا يف مسالك الكرامة
والربكة ،وعموما كفإن العلم واهلجرة إليه يظل حامسا يف صناعة الويل ،ومتجيد طريقه إىل مراتب القرب واالتصال
بالقدسي.1
-0المجاهدة:
الطريق إىل الوالية تنسلك عرب جماهدة النفس وقجرها ،2كفكل ما حييل على الغرائزي يصري ثانويا وغري ذي
أمهية بالنسبة للسالك ،وهلذا كفقد كانت الكتابة املناقبية ،تعج بأخبار التقشف واجللد والقناعة والعزلة اليت امتازت
هبا حياة األولياء ،3مثل :جد ابن مرزوق ألبيه أبو عبد اهلل (ت712هـ2279/م) والذي انقطع للعبادة وختلى
وجترد ، 4وكذلك جده ألمه اإلمام أيب إسحاق إبراهيم بن خيلف بن عبد السالم التنسي (ت 199هـ /
2292م) الذي اشتجر كفتخلى وانقطع ،5كل هذا يف سبيل الوصول إىل درجة القداسة يف سلم الوالية.
إن أعظم جماهدة دنيوية مير هبا الويل هي مقاومة اجلوع ،6كفبعد اخللوة يف مكان مظلم يأيت اجلوع مبواصلة
الصيام مث السجر بقيام لليل ليكون الويل ميت البدن حي الروح ،7ومن مناذج الكرامات يف مقاومة اجلوع أنه ملا
كان بتلمسان غالء شديد حىت تعطلت الصالة ،كفنام سيدي أمحد بن احلسن الغماري مبسجد احللفاويني زمنا
طويال ،حىت كفاتت األزمة وعاد الناس للصالة يف املساجد كفلما سئل عن مدة مكوثه باملسجد ظن أنه نام ساعة،
كفقيل أن اهلل غيبه عن كفتنة اجلوع كما غيب أهل الكجف ،8وحدثوا عن أيب زكريا حيي بن موسى املليجي أن أبا
بكر املنادي شكا إليه اجلوع يف عام جماعة وكان ذلك يف أول احلر ،كفأمره أن يدخل يف صومعة جامع مليحة
- 1نفسه ،ص.21
- 2القشريي :مصدر سابق ،ص.221
- 3عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص.27-20
- 4ابن مرزوق :املناقب ،ص.229
- 5نفسه ،ص.212
-6زينب بنت الشيخ الصاحل أيب إسحاق إبراهيم بن حممد الداليل ،أم جد ابن مرزوق ،كان زوججا كفقري وأهلجا ميسورين ،ومع هذا ركفضت طعامجم
إليجا تقربا هلل .املناقب ،ص.210
- 7عبد الرمحان ،ابن خلدون :شفاء السائل ،ص.11
- 8ابن مرمي :مصدر سابق ،ص.22
113
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
كفلما دخلجا نام ،كفلم يستيقظ إال يف زمان حصاد الزرع ،قال أبو بكر كفانتبجت من نومي وقد نسيت القرآن
وأكل السوس من كسائي من اجلانب الذي يلي األرض.1
من خالل ما سبق ميكن القول أن الكتابات املناقبية قد أغرقت يف توصيف إخنراق العادة وإثبات الكرامة،
لتجاوز األزمة كفطي الطريق يغدو بديال لطول املساكفات ،وكرامة القناعة والكفاف تغدو رسالة مشفرة ضدا على
البذخ والثراء الفاحش ،كما أن كرامة الشجاعة واإليثار والقيم اإلنسانية النبيلة ،تصري انتقادا مباشرا للبؤس
القيمي وال التصاحل مع أزمنة القدسي ،كففي الكتابة املناقبية جند تصورا إصالحيا مضمرا ومعلنا ،على اعتبار أن
كتاهبا مل يكونوا منفصلني عن أزمات عصورهم ،2كل هذا يف حماولة منجم لكشف الواقع املعاش وطرح منط
خمتلف وبديل عنه لتجاوز األزمة.
ومن صور اجملاهدة األخرى اليت عمل األولياء على حيازهتا ليحوز املقدس معجا جند البعد والعزلة ،كفالبعد
انقطاع عن احلسي عن الدنيوي عن املدنس ،والعزلة جماهدة للنفس وانتصار عليجا ،باعتبارها مائلة وراغبة أبدا
يف التعلق باحلسي واآلخر ،والسالك إىل مراتب الوالية يتوجب عليه إحداث القطيعة واالنتصار على اللذوي،
أمال يف اكتناز املعىن ويف ذلك كله جماهدة للنفس وقجر هلا ،بل إن هذا القجر يظجر يف سري أخرى باختياره حفرة
القرب مرقدا بدل األسرة الوثرية ،ولبس املرقع واخلشن من اللباس إمعانا يف متريغ اجلسد يف تراب الوضاعة
واالحتقارية ومترينا له على جماهبة اللذة وجتاوزها ،3كفاللباس املرقع واخلشن والذي استعمل يف الطقوس الدينية،
كانت له دالالت خاصة بصفته رمزا ملعىن املقدس ،وأن من يرتديه مع قدرته على ارتداء أكفخر منه ،إمنا هو
إنسان نقي وطاهر .
-1الصحبة :اللقاء:
إن الصحبة واملريدية هي كفرتة امتحان وتعلم يف انتظار بلوغ الكرامة وإثبات الصالح ،إهنا إرادة جلين الربكة
وبلوغ الوصل وإدراك اخلالكفة واملشيخة ،وبذلك كفجما معا تفرتضان سلوكا بل وتقعيدا للمارسة والعالئقية مع
الصاحب واملرشد ،4كفكل طالب والية ال بد له من صاحب يأخذ عنه مبادئ الطريقة للوصول إىل الوالية،
كفالويل الصاحل عندما يجاجر إىل األطراف والنجايات كفكأنه يريد بذلك حتقيق البدايات كفاجلبل يف قمته هو هناية
114
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
لألراضي صعودا حنو السماء ،وهبا يتحقق اللقاء مع القدسي ،1وال يكاد يوجد أحد من األولياء دون أصحاب
يتذاكر ويتزاور معجم حىت وإن كانت املساكفات بعيدة وهو ا حييلنا على العنصر املوايل.
-0السفر:
السفر واهلجرة يف االنشغال على طقس املرور إىل املشيخة والوالية ،كفالسفر يسفر عن العيوب ويطر النفوس
والقلوب ،كفال بد من الفصل كي يتحقق الوصل ،والفصل هنا يكون باالنتقال رمزيا وماديا من الدنيوي إىل
القدسي ،2كفالسفر إىل القدسي يستلزم اجملاهدة واالجتجاد ،ويكون السفر عن طريق الرحلة الزيارية ،اليت يروم
صاحبجا السياحة يف األرض للقاء املتصوكفة واألولياء وزيارة أضرحتجم وقبورهم.3
ومن أشجر األماكن اليت زارها األولياء يف أسفارهم هي أضرحة األولياء الصاحلني كفقد ذكر لنا ابن مرزوق
(ت712هـ 2279/م) واصفا العامل أبو زكريا حيي بن الصيقل بالويل الصاحل العارف إمام وقته ،كان زهدا ورعا
صاحب كرامات وأحوال ،وكان أكثر مالزمة للمقابر واملساجد اخلربة خارج البلد ،4وأهم املقابر واألضرحة اليت
تناكفس املريدون لزيارهتا باملغرب األوسط يف أسفارهم أذكر :مقربة باب وهب ،5ومقربة باب اجلياد واليت كفيجا
مقربتان مها عني وانزوتة 6واملرج أو اخلفري ،7ومقربة باب العقبة ،8ومقربة باب القرمادين ،9ومقربة باب كشوط،10
ومقربة مسند صاحل بباب زيري ،11ومقربة باب الدباغني ،12وأخذت هذه املقابر مكانتجا من منزلة املدكفونني هبا
ودرجة الوالية اليت وصلوا إليجا ،ومدي تقديس الناس هلم ومكانة من زارها من غري صلحاء وأولياء تلمسان.
115
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
ظجر نوع آخر من السفر اقتصر على األولياء دون غريهم ،ذلك أهنم يذهبون أين شاءوا وال يشاهد الناس
هلم غيبة ولو يوما واحدا ،ألهنم إذا ذه بوا تركوا بديال على صورهم يشبججم يف مجيع أحواهلم ،حىت أن سيدي
عبد الرمحان السنوسي روى أنه شاهد يف بعض األيام سيدي أمحد بن احلسن الغماري وبه جراح يف جسده كفلما
سأله عنجا أخربه بأنه شارك يف غزوة بني األندلس والنصارى وغريها من األماكن البعيدة.1
البناء والمخاض
للوصول إىل أعلى درجة يف سلم الوالية ال بد من هدم املدنس وبناء املقدس ،كفاألمر اخلارق للعادة والذي
يظجره اهلل عز وجل على يد عبد مؤمن صاحل غري مقرون بالسوء ،2ذلكم هو ما يدعم البناء ويعمل على تنضيده
وإخراجه من مرتبة املريدية إىل املشيخة واألوليائية ،وهو هدف كل مريد متدرج يف الوالية باملغرب األوسط.
أما االنفصال عن الدنيوي كفجو ما ميجد لالتصال بالقدسي ،كفالطريق إىل الوالية متر مبخاضات االنفصال،
وهلذا تصري املغارة يف اجلبل أشبه ما تكون برحم جمايل ،يولد منه الويل بعد محل اكفرتاضي ،3لذا سعى معظم
األولياء بامل غرب األوسط إىل اختاذ املغارات منفى هلم يتدبرون كفيجا وما أكثرها ببالد املغرب األوسط ذو الطبيعة
اجلبلية.4
التعالي:
الوالية مراتب تتجه صعودا ،والطريق إليجا مراتب أيضا تفرتض التعايل والتجاوز ،ومنه يصري اجملال واختياره
داال على رغبة أثرية يف االنتقال من األرضي إىل السماوي ،كفقمم اجلبال ومغاراهتا العميقة وشواطئ البحر حتيل
كلجا على البعيد واملتعايل ،عن املشدودين إىل الدنيوي ،إنه إعالن لالختالف وطموح انفصال وتعال لالقرتاب
من السماء حيث الوصل والكشف واالمتالء ،5والكشف حسب ابن خلدون حيدث كذلك ألل السيمياء
املرتب طني يف كشف احلجاب الستنزال روحانية األكفالك والتصرف يف عامل الطبيعة مبعونة منجا ،6كفاألصل يف
الكرامة الكتمان واإلخفاء ،ألنه بظجورها بني الناس يسمى األولياء أهل الكشف ،وهلذا سعى األولياء باملغرب
األوسط إلخفاء كرامتجم عن عامة الناس باختاذهم األماكن البعيدة واملعزولة.
116
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
ثانيا :الولي:
ال والية بدون ويل ،كفالويل هو العارف باهلل تعاىل ،املواظب على الطاعة ،اجملتنب للمعاصي ،املعرض عن
اإلهنماك يف اللذات ،ويسمى ولياً ألن اهلل تعاىل توىل أمره كفال يكله إىل نفسه وال إىل غريه حلظة ،1كفالويل
الصاحل هو من توالت طاعاته من غري حتلل معصية ،وهو من توىل احلق حفظه ،كفأولياء اهلل هم أحباء اهلل وأعداء
نفوسجم ،كفجم خلص املؤمنني لقرهبم من اهلل سبحانه وتعاىل ،إن اهلل هو مصدر سلطة الويل ،وليس باستطاعة
البشر وضع حدود هلا ،2من خالل هذا التعريف ميكن القول أن األولياء الصاحلون هم أصناف من الناس ،يوجد
منجم العلماء والفقجاء واألمراء والقضاة والتجار والفالحون وأصحاب املجن واحلرف وأهل الثروات ،وكفيجم العباد
والزهاد والعقالء السالكون وأرباب األحوال واجملاذيب ،3ومنه كفالويل وقاعدة الوالية ظاهرتان متالزمتان تعرب كل
منجما عن األخرى ،وهذا ما يفسر أن أشخاصا خمتلفني يوصفون بنفس األوصاف عندما يتبوءون مقام
الصالح ،رغم تباعدهم على مستوى املكان والزمان ،بينما تنسب إليجم نفس الكرامات.4
إن السمة املشرتكة بني األولياء واليت متنحجم الشرعية املقدسة داخل منظومة جمتمع املغرب األوسط هي
االنقطاع ،كفالويل يف انقطاعه ومنفاه االختياري يعلن ركفضا واضحا لكل ما هو دنيوي وسياسي ،كي يؤسس
ويغذي بركته ويثمر كراماته ،كفجو يتفرغ لبناء شرعيته األوليائية ،واليت ال تتأكد إال بعد طول اشتغال ،وعديد
مقدمات ومربرات ،كفعليه أن تفيض بركته على من حوله ،وأن تلوح كراماته اليت تربر االعرتاف به وتشرعن لقب
الوالية والصالح ،وإال كفإنه لن حيظى إال بألقاب حمدودة الفعالية واملكانة يف سوق التبادالت الرمزية ،كفالعالمات
ال متنح اعتباطيا يف حقل القداسة ،وإمنا ينبغي أن تكون مربرة بعميق الربكة والكرامة.5
كفعندما خيتار الويل الصاحل قمة اجلبل أو هامش املدينة أو مقابرها املطلة على البحر ،كفكأنه يريد تأكيد
ركفضه للقائم يف املركز ،وهجرته خلرياته الرمزية واملادية مؤثرا االنتماء إىل عامل الكفاف والندرة ،6وهو ما حدث
مع العامل الصاحل العارف أبو زكريا حيي بن الصيقل كما سبق الذكر ،والذي كان أكثر مالزمة للمقابر واملساجد
- 1القشريي :مصدر سابق ،ص227؛ عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص20؛ إبراهيم ،عاصم :مرجع سابق ،ص.21
- 2عبد الرحيم ،العطري :املرجع السابق ،ص20؛ إبراهيم ،عاصم :املرجع السابق ،ص21؛ عبد اهلل ،احلمودي :مرجع سابق ،ص02
- 3عبد اهلل ،التليدي :مرجع سابق ،ص.29
-4عبد اهلل ،احلمودي :املرجع السابق ،ص12
- 5عبد الرحيم ،العطري :املرجع السابق ،ص.22-22
- 6نفسه ،ص.21-22
117
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
اخلربة خارج البلد ،1كفالصالح يناقض الفساد والركفض يكون اختيار جماليا ،كفأغلب الصلحاء يف املغرب واملشرق
اختاروا البعد والغربة ،جوابا على ما عركفته جمتمعاهتم من سوء األحوال خاصة السياسية.2
كفالويل الصاحل هو األقدر على خرق العادي وكفقا ملا تؤسسه الكرامة وما يتقعد تارخييا عن طريق التواتر،
كفكل استعصاء لألمور جيد طريقه إىل احلل والتيسري على عتبات الضريح ،بل إن كل ما حيدث ميكن أن يتم
التدخل كفيه عن طريق سلطة الوالية وتأثريات الكرامة 3حسب معتقدات بعض الناس باملغرب األوسط ،كفاألولياء
ميتصون خمزون الالمساواة الكامن لدي كفئات العوام ،وال ميكن اعتبار األولياء جمرد كيان مواز للبنية االجتماعية،
إهنم على العكس من ذلك يوجدون بدون أي التباس داخل تراتبية وهرمية معرتف هبا.4
أ /البركة:
ال بد للويل من أن حيوز الربكة لكي مينحجا بدوره ملريديه كفالربكة تعين النماء والزيادة والعلو واليمن ،كفجي حتيل
على العطاء وقدرة استثنائية ذات مصدر إهلي ،تتوكفر لبعض األشخاص دون غريهم ،وترتبط الربكة وجوبا
باملرابط ،إذ يعتقد أنه ماحنجا ،ويف هذا الصدد يقول روجيه باستيد «:الربكة سائل مقدس يفيض من املرابط،
وميتد إىل كل ما ميس هذا الويل من ثياب وماء يف حياته ،وبعد املوت تظل جثته حمتفظة بالربكة ،كما تظل الربكة
عالقة بقرب الويل بعد موته ،»5أما الفرد بل كفقد اعتمد على املنجج التارخيي الذي يدمج األدوات السوسيولوجية
امل تعلقة باملقابلة واملالحظة الشخصية والرواية الشفوية ،من أجل معركفة طريقة تشكل الويل وعالقته بالربكة
ووظائفجا ،مربزا أن الربكة هي القوة القادرة على صنع الويل يف خميلة األكفراد ،وبالتايل هي العامل الرئيسي املتحكم
يف شكل الطقس االحتفايل سواء الديين أو املدين ،وأرجع سبب النجاح الذي لقيه التصوف اإلسالمي عند
الرببر وسرعة انتشار مبادئه ،لدمج شيوخ التصوف داخل شبكة املعتقدات السابقة ،حيث نسبت إليجم قدرة
منح الربكة.6
جمال القداسة أو الوالية ال يشري يف الثقاكفة العربية اإلسالمية إىل الطجارة كفقط بل إنه يدل أيضا على الربكة،
وداخل جمال هذه الداللة إنبنت وتأسست القداسة الصوكفية بشكليجا الفلسفي والشعيب سواء باملشرق أو
118
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
املغرب ،1إذ ارتكزت القداسة الصوكفية باملشرق على كفعل االنتجاك ،انتجاك احلجب والقواعد األخالقية،
وتأسست القداسة الصوكفية باملغرب على مبدأ االنتجاك الذي جسدته مناقبجا وطقوسجا ،2ميكن القول أن بركة
املؤسس وقدسيته يصطبغ هبا اجملال اجلغرايف ،ويصبح مثل املؤسس موضوعا للمخيلة الفردية واجلماعية مما يكرس
قدسيته وجيذرها ،وهذا األمر نالحظه كذلك يف جمال تأسيس املدن اإلسالمية.3
ب /الكرامة:
الكرامة :لفظجا يف اللغة اسم مشتق من التكرمي أو اإلكرام ،مبعىن الفضل أو التفضل.4
أما الكرامة يف االصطالح كفيقصد هبا أمر خارق للعادة ،يظجر على يد ويل تأييدا له أو إعانة أو تثبيتا أو نصر
للدين ،من غري شذوذ وال خمالفة كفضال من اهلل وإكراما ،والكرامة ثابتة يف الكتاب والسنة والواقع ،5واملقصود
باألمر ا خلارق كل ما يفوق قدرة البشر كفكريا وجسديا ،كقطع مساكفة طويلة يف زمن قصري ،أو الطريان يف اهلواء
واملشي على املاء وغريها وهو ما سيأيت ذكره الحقا.
والكرامة الحقة مبعجزات األنبياء لكنجا غري مقرونة بدعوة نبوة ،كما أهنا بنية أساسية يف الفكر البشري،
وهي كالبنية العقالنية مرتبطة بنمط جمتمعي وبأسلوب معيشي يف الوجود ،وممارسة ملعتقد ديين ،6وترتكز الكرامة
يف جانبجا األكثر جتذرا يف الذات اإلنسانية على أهنا أمناط تبدو غارقة يف القدم ،ومنجا السحر كنموذج وسلوك
قدمي جدا ،ويؤكد الباحث علي زيعور هذه العالقة ويقدمجا بتحليل مفصل كفيقول «:لقد حوت الكرامات
119
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
ومحلت ونقلت إىل جانب الرموز معاين السلوكات اخلراكفية ،واألساطري واملعتقدات الشعبية والبطوالت»،1
ويضيف «:إن البطل يف عالقاته اجلدلية مع جمتمعه يتجاوز قوانني الطبيعة ويتحدى العلية والسببية واملوضوعية،
وحسب رأيه كفالصويف ممثل اهلل ومثله وألجله خلقت الدنيا.2
دعا ابن قنفذ (ت120هـ2207/م) إىل التسليم بالكرامة وبصحتجا وشدد على الذين ينكروهنا ،واصفا
إياهم باملعاندين احملرومني السيئ االعتقاد والكثريي االنتقاد ،3وأشار الباحث الطاهر بونايب إىل أن تفصيل ابن
قنفذ (ت120هـ2207/م) يف قضايا الربكة والكرامة واالعتقاد يف الصوكفية وتأصيلجا حسب املنجج ،ما دكفع
احلرج عنجم وعن املتصوكفة ليستمروا يف اخلوض كفيجا بدون تردد أو حتفظ ،4على اعتبار أن الكرامة هي ما يربر
الوالية ومينحجا شرعية اإلنوجاد ،كفقد نقل املقري(ت 2022هـ2022/م) على لسان أبو مدين شعيب
(ت192هـ2291 /م) أنه قال ألصحابه« :كل معجزة كانت لألنبياء ،وظجرت كرامات لألولياء يف هذه األمة
تشريفا وتعظيما وتكرميا لنبينا حممد ﷺكفقيل له :يا سيدي هل وقعت لبعض األولياء كرامة بانقالب العصا حية
قال :نعم ،وذلك يف حديث طويل.»5
تعد الكرامة شرطا وجوديا مبلمح ا لضرورة لالعرتاف بالويل والسعي الدائم لالستفادة من بركته حيا أو
ميتا ،ذلك أن الربكة ال ختضع للتقادم وال تسقط بانتفاء اجلسد ورحيله ،إهنا تستمر عرب األحفاد وحىت عرب
األمكنة واألشياء اليت كفاضت عليجا وكفيجا كراماته ،كفالضريح واملغارة واملاء والرتاب واخلرقة والسبحة والعكاز
والشجرة واحلفيد واخلدمي ،وما إىل ذلك من األشخاص واألماكن واألشياء اليت استفادت من ملسة الويل ،تعد
مناكفذ إىل كرامته وبركته ،ومنه تربر الزيارة واحلج إىل آثاره الدنيوية واحلرص على استقدام "باروك" الزيارة ممن مل
تسعفه الظروف جلين الربكة من مواقعجا ،6كفالكرامة واحلصول عليجا أمر يف غاية القداسة يف نفوس املتصوكفة
واألولياء وحىت املريدين ،بل تعدته إىل عامة الناس.
ومن مناذج مناكفذ الكرامة ما ذكره ابن مرزوق (ت712هـ22279 /م) يف مناقبه من أن اخلطيب الفقيه أبو
عبد اهلل حممد بن علي اللجام ترك له أبو مدين شعيب (ت192هـ2291 /م) بعد موته «:مرقعته واملظلة اليت
120
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
كان جيعل على رأسه ،وسجادته وعكازه الذي كان يتوكأ عليه ،»1وهو ما منحه الكرامة عن طريق حيازته
ملقتنيات أيب مدين وأصبحت له كرامات وجماب الدعوة .
إن الغاية األساسية من الكرامة إثبات الوالية لصاحبجا ويف هذا يقول القشريي (ت201هـ2072/م) يف
رسالته «:أظجر اهلل الكرامة حىت نعرف من كان صادقا ،وكلما ذكرت للشخص كرامات زاد قرب الناس منه
وكان االتصال والوالء ،كفنجدهم يرددون قصصه وأحاديثه ،ميجدونه ويقدسون روحه ،كفنراهم جيسدون ذلك عرب
طقوس مومسية أو يومية ،يزورون قربه كفيطلبون منه النصرة ورد الظلم ،ويقيمون والئم الطعام يف حضرته يبغون
نزول بركته بينجم ،ويضيف بأن ظجور الكرامات على األولياء جائز ،كفظجور الكرامات عالمات صدق من
ظجرت عليه يف أحواله ،كفمن مل يكن صادقا كفظجور مثلجا عليه ال جيوز.2
يورد صاحب التشوف تأكيد الكرامة حسب اعتقاده من توقيع إمام املتكلمني القاضي أبو بكر بن الطيب
البصري الباقالين(ت202هـ2022/م) الذي قال «:املعجزات خيتص هبا األنبياء ،والكرامات تكون لألولياء،
وأن الكرامة تتحقق ملن تعمق يف الزهد والعبادة عارضا عن ملذات الدنيا وأهوائجا ،»3ويضيف يف السياق ذاته
الشجرستاين(ت121هـ2212/م) يف قوله «:أما كرامات األولياء كفجائزة عقال وواردة مسعا ،ومن أعظم كرامات
اهلل تيسري أسباب اخلري وإجراؤه على أيديجم ،وتعسري أسباب الشر عليجم ،وحيث كان التيسري أكثر كانت
الكرامات أوكفر ،»4وأورد القشريي(ت201هـ2072/م) أن الكرامات قد تكون إجابة دعوة وقد تكون إظجار
طعام يف آوان كفاقة من غري سبب ظاهر ،أو حصول املاء يف زمان عطش.5
ومن أ مثلة هذه الكرامات كرامة سقيا الناس زمن العطش أن سيدي أمحد بن احلسن الغماري كان يف سوق
ندرومة ميأل إبريقا له باملاء يف زمان احلر والعطش ويدور على الناس يف السوق يسقيجم املاء إىل أن يفرتقوا من
غري أن جيدد كفيه املاء كفرد إليه الناس باهلم كفرأو ذلك اإلبريق ينبع من قعره املاء كالعني ،6وهي ظاهرة ال جند هلا
تفسريا علميا وتتناىف واملنطق العقلي مما يطرح تساؤالت عدة حول مدى صحتجا وصدقجا.
121
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
ويؤكد ابن خلدون ( ت101هـ2202م) شيوع التصديق بالكرامة بقوله «:وكرامات القوم أمر صحيح غري
منكر ،وإنكارها نوع مكابرة ،»1كفالكرامة تأخذ صيغا شىت تنبين على إخنراق العادة ،2ومفارقتجا للواقع واملعتاد
متاما ،3ومن صور إخنراق العادة اليت وردت يف املصادر انفالق البحر وجفاكفه ،واملشي على املاء ،وطي الطريق
وإنزواء األرض ،وكالم اجلمادات واحليوانات ،وإبراء العلل والصرب على اجلوع ورؤية املكان البعيد ،4وحسب ابن
قنفذ كفإن منجم من يرى املالئكة ومنجم من يرى اجلن ومنجم من يرى البالد النائية ومنجم من يرى ما يف
السموات ومنجم من يرى اللوح احملفوظ ومنجم من يقرأ ما كفيه،5وهي كلجا ظواهر تتناىف والعقل.
واملالحظ أن كل كتب املناقب أقرت هذه الكرامات ونقلتجا ،كما أن كاكفة العلماء اتفقوا على جتويز خوارق
العادة واخنراقجا لألولياء ،ومل خيالف يف ذلك أحد من أهل السنة إال األستاذ أبو إسحاق األسفراين كفإنه قال مرة
األولياء هلم كرامات مثل إجابة الدعوة ومواكفاة ماء يف بادية يف غري موضع توقع املياه ومظاهنا وحنو هذا أما جنس
ما هو من معجزات األنبياء كفال 6وسأورد بعض من مناذج أولياء املغرب األوسط الذين حازوا الكرامات يف
العنصر املوايل.
وحل هذه اخلوارق والكرامات قال ابن خلدون(ت101هـ2207/م) «:أن املشي على املاء وامتطاء اهلواء
والنفوذ يف كثائف األجساد ،وحنو ذلك من كرامات األولياء اخلارقة للعادة ،»7كفجذا الفعل اخلارق والذي خيرج
122
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
عن العادة ويفوق قدرة البشر ،يعتقد بأن اهلل خص به صفوة من خلقه وهم األولياء ،وسأورد بعضا من مناذج
الكرامات اليت حفظتجا لنا املتون الوسيطة الحقا.
وساد االعتقاد يف املغرب األوسط أن األولياء حيوزون مكانة مقدسة كفال جيوز سبجم أو الطعن كفيجم بل جيب
التقرب منجم والتماس بركتجم كفابن قنفذ(ت120هـ2207/م) قال «:إياك أن تذم من ترى منجم ( يقصد
األولياء) كفإن ذلك سبب حلرمانك ،واعلم أن سوء الظن أساس احلجاب بني الناس واألولياء ،وحسن الظن
سالمة الدين وثبوت اليقني ، »1ولقد حفلت القرون من السابع اهلجري إىل العاشر اهلجري باملغرب األوسط
بأخبار كرامات وخوارق هؤالء األولياء واملتصوكفة ،واليت ال ميكن أن جند هلا أي تفسري عقلي منطقي ،وشابتجا
الكثري من اخلراكفات.
كما دعا ابن قنفذ(ت120هـ2207/م) الناس إىل تلمس بركات األولياء وكراماهتم وحتسسجا واغتنام
دعواهتم والتقرب منجم ،وضرورة االعتقاد كفيجم بقوله « :كفأولياء اهلل تعاىل الذين إذا رآهم املؤمن عظم ربه وذكر
3
ذنبه ،جيب أن تلمس بركاهتم وتغتنم دعواهتم ،» 2ويف هذا الصدد ورد عند ابن الزيات (ت017هـ2120/م)
أبيات يف الكرامة نصجا:
الَ تَس َرتب يف َكَر َامات خيَص هبَا *** َمن اتَـ َقى اهلل يف سر وإعالَن
الزهر يف حسن أَنـ َفاس َوأَلوان
مثَ إ َن ال َكَر َامات أَنـ َواعٌ إذَا نَظََرت *** َك َ
َمش ٌي َعلَى املاء أَو يف اجلَو قَد نقالَ *** َو َشبع ذي شعب أَو ري ظَمآَن
*** َوَكــم اعثيـت َويل عنـ َـد إذ َعــان يل حيـ ـ َـن َدع َوت ــته
ـب َو ٌ
َوَكـم أجيـ َ
*** يـغَيَب َعن َدرك أَمساَع وأَج َفان َوكفَـجـم َمـن جي ــيبــه اجلَ َمــاد َوَمن
َومنـجم َمن يَرى املختَ َار من َملَك *** َوَمن جيَالسجم يف َحال إخ َوان
ف َسعيجم *** املرء يَك َسب إح َساناً بإح َسان صفوا كفَصفوا َونَالوا ضع َ
َ
َ
وس دو َن أَب َدان
يف َعيش أَرَواحجم َماتَت نـفوسجم *** َوقَد َمتــوت نـف ٌ
123
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
-1األولياء حسب إمييل درمنغن يف كتابه عبادة األولياء يف اإلسالم املغريب نوعان:
-األولياء اجليدون الذين يشكلون موضوع علم املقدسات.
-الصلحاء الشعبيون ذو الصبغة الفلكلورية .وكالمها جدير بالدراسة من أجل حتديد كفكرة القداسة مبختلف رتبجاEmile, Dermnghen: .
.Op.cit.p, p 11
-2عبادة اإلنسان األنثربولرتيا Anthropolatrieعبادة اإلنسان عند الرببر وتبجيلجم لكجنتجم الذين كانوا ينبئوهنم بالغيب ،هي عبادة ذات
جذور وثنية.
- 3ادموند ،دويت ،Notessurl’islam :ص21؛ Louis Rinn : Marabouts et Khouans-étude sur L’islam en
Algérie, Adolphe jourdan libraire : éditeur, 1884, p20.
- 4ادموند دويت ،Notessurl’islam :ص.Louis Rinn : op cit, p25.22
5 - Notes surlislam, p2.
6- op cit, p3.
124
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
واختالف أشكال ومتظجرات تقديس األولياء عرب املناطق ،وتتبع األثر الروحي والسياسي لتواجد الويل يف منطقة
معينة ،وتأثري كل هذا التقديس على بعض املمارسات والطقوس يف املغرب اإلسالمي خاصة.
أرجع دويت ظاهرة تقديس األولياء إىل اإلحساس الديين الذي يدكفع العامة إىل تصور اهلل وختيله كما حيبون،1
واعترب تقديس األولياء ظاهرة تعود جبذورها إىل ما قبل اإلسالم يف املغرب الوسيط ،وما ساده من ممارسات
وطقوس ترجع يف غالبيتجا إىل الفرتة السابقة ،وهي الذريعة اليت تبناها يف طرحه حول تفسري أصل بعض
املمارسات والطقوس املقدسة يف الفرتة اإلسالمية.
يف األخري أقول بأن إدموند دويت تبىن منجج أنرتوبولوجي تأويلي ،يعتمد على الوصف اجلزئي للظواهر
املدروسة ،مع البحث عن معىن الطقوس املدروسة ،حيث سعى إلصباغ املعىن على خمتلف الطقوس املالحظة
من أجل جعلجا قابلة للفجم ،هذا املنجج مكنه من دراسة مظاهر تقديس األولياء يف املنطقة املغاربية ،ومنح
تفسريات لتجذرها ،وربط عالقة ظاهرة زيارة األولياء يف املغرب األوسط باجلذور الوثنية لظاهرة تقديس
األشخاص ،2وهو ما جعلين أتعامل مع كفرضياته ومالحظاته واستنتاجاته بنوع من احليطة واحلذر ،إذ وجب علينا
األخذ بالتفاسري املنطقية دون غ ريها من التفاسري اليت حتمل يف طياهتا بعض أغراض االيديولوجية االستعمارية،
وهذا ال ينقص من قيمة إسجاماته يف دراسة هكذا مواضيع.
يف نفس السياق ،جند األسئلة اليت ينطلق منجا الباحث ألفرد بل يف حبثه عن مقدسات سكان املغرب يف
كتابه "الدين اإلسالمي يف بالد الرببر" 3واليت كانت حمكومة بفرضية أسلمة بالد األمازيغ ،حيث طرح
التساؤالت التالية:
كيف أصبح إسالم الرسول ﷺ واخللفاء بعد ثالثة عشر قرنا من التطور؟ -
هل حلقه حتول هبذه البالد؟ -
ما الذي تبقى حاليا من املعتقدات السحرية والدينية اليت كان ميارسجا األمازيغ قبل اإلسالم ؟ -
مضيفا أن اإلسالم املغريب املرتكز على األولياء هو نوع من الربط بني املعتقدات القدمية واملعتقدات
اإلسالمية ،معتربا أن أولياء املغرب عوضوا البقايا اإلهلية القدمية ،ألهنم ظلوا مرتبطني بأرضجم وبآهلتجم احمللية
أكثر من العقائد اإلسالمية يف قوله «:اهلل مل ي عد ذلك اإلله البعيد اجملرد الذي ال جيرؤ وال ميكن لإلنسان
1-Ibid, p1
2 -Magie et Religion, p597, 605.
- 3عبارة عن جمموعة من احملاضرات حول اإلسالم ألقاها خالل مرحلة الثالثينات حني كان يشتغل بالتدريس يف اجلزائر وصدر الكتاب سنة
2921م .عبد الغين ،منديب :مرجع سابق ،ص21
125
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
البسيط تصوره ،كفقد نزل اهلل وسط خدامه ،من خالل ممثليه يف األرض وهم رؤساء الزوايا الصوكفية والصلحاء
األموات منجم واألحياء ،والذين مشلتجم مجيعا الرعايا اإلهلية.»1
إن تفسري الفرد بل يصب يف نفس منحى إدموند دويت ،كفتفسريه لتقديس األولياء والصلحاء باملغرب اإلسالمي
حسبه ،يعود إىل خملفات وثنية مل يتخلص منجا اجملتمع رغم بعد املدة واختالف العقيدة واملقدسات
د /نماذج عن الكرامة:
انطالقا من رأي الباحث توكفيق الفجد يف أن كرامات األولياء متموقعة بني السحر والشعوذة ،2ميكن القول أن
طبيعة الكرامة عند الويل تتشابه ووظيفة الساحر ،من حيث أن كليجما يجدف إلبراز القوة والتحكم والسيطرة
واالستحواذ على العقول ،وإذا كانت الكرامة تأخذ من املعجزة صفة اخلارق ،كفالويل بطبعه ينزع إىل سلوك النيب،
وكرامته ال تستقر مادهتا من املعجزة كفحسب ،بل متتد إىل جمال يتسع ليشمل مظاهر أخرى ،عركفجا اإلنسان يف
تاريخ تعامله مع القدسي مثل السحر واألسطورة.
ص به اهلل األنبياء ،من ذلك إحياء املوتى
وعليه ميكن حصر كرامات األولياء يف مواضيع مشاهبة ملا َخ َ
وتكليمجم ،وانفالق البحر ،وعلمجم باحلوادث قبل وقوعجا ،ومتكنجم من طي األرض واختصار املساكفات،
وكذلك قدرهتم على تفجري العيون املائية يف األراضي القاحلة زمن العطش ،واطالعجم على الغيب حسب
زعمجم ،باإلضاكفة إىل قدرهتم على تكليم احليوانات واجلمادات وإمكانية إبرائجم للعلل وغريها مما يصعب أن
يصدقه عقل.
بداية ش كل اجلسد مادة أولية يف كرامة األولياء ،إذ أخضع هذا اجلسد للعديد من التحديات اجلسمية
والنفسية بغية الوصول به إىل مرحلة جتلي الكرامة ،ذلك أن االشتغال على اجلسد بتعذيبه وترويضه يفيد يف
جتذير النفوذ واملكانة الرمزية ،بل إن اإلمعان يف تعذيب اجلسد والصرب على التنكيل به ،ع َد كرامة حتسب للويل
وتزيد من حظوته وحضوره يف سجل التناكفسات الكراموية ،ولذلك كفابن الزيات (ت017هـ2120/م) يف عمله
املناقيب مل ينس التطرق إىل أوصاف األجساد املجرتئة.3
كما أن أجساد بعض األولياء ظلت حاملة للكرامة حىت بعد وكفاهتم ،كففي رواية وردت عند
القشريي(ت201هـ2072/م) يف رسالته نقل عن بعضجم كفقال « :كنا يف مركب كفمات رجل عليل كان معنا،
كفأخذنا يف ججازه وأردنا إلقاءه يف البحر ،كفصار البحر جاكفا ونزلت السفينة ،كفخرجنا وحفرنا له قرباً ودكفناه ،كفلما
126
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
كفرغنا استوى املاء وارتفع املركب وسرنا ،»1على الرغم من أن القشريي(ت201هـ2072/م) مل يذكر مكان
وزمان احلادثة ،إال أنه ميكن أن نستشف منجا رسوخ االعتقاد يف أن كرامة الويل تبقى عالقة جبسده حىت بعد
موته ،وهو نفس األمر الذي ورد يف التشوف ملا حدثوا عن أبو زكريا حبي ابن موسى املليجي الذي أوصى أن
يدكفن يف رباط شاكر كفلما مات محلوه على مجل ،كفلما وصلوا وادي تانسيفت وجدوه كثري املاء من شدة السيول
ال يدخله أحد ،كفانفلق الوادي وجاوزوه مث عاد كما كان.2
كما مل يفت ابن مرزوق (ت 712هـ2279/م) يف مناقبه اإلشارة إىل كرامات األولياء بتلمسان دون ذكر
نوعجا ،كففي حديثه عن جده ألمه اإلمام أيب إسحاق إبراهيم بن خيلف بن عبد السالم التنسي(ت199هـ/
2292م) ،ذكر بأن له كرامات وبركة خاصة يف جنانه الذي غرس أكثره بيده لكنه مل حيددها ،3وكذلك األمر
مع جده األقرب أبو عبد اهلل ،4وأبو حممد عبد اهلل ،5والفقيه الصاحل الويل أيب زيد عبد الرمحان بن يعقوب بن
علي ،الذي أشار بأن لديه هو اآلخر كرامات ،6وغريهم كثريون وردت كراماهتم وخوارقجم يف خمتلف املصنفات
الوسيطة خاصة املناقبية منجا دون ضبط الكرامة اليت اشتجروا هبا.
نفس املالحظة ميكن تسجيلجا يف البستان البن مرمي كفرغم ذكره أمساء األولياء ممن اتصفوا بالكرامات ،إال
أنه مل يذكر ما هي هذه الكرامات على وجه التحديد ،ال يتسع اجملال لذكرها مجيعا لكن من النماذج اليت
وردت عنده أذكر:
« -سيدي أمحد بن عيسى الورنيدي الزكوطي يعرف بأبركان ،صاحب كرامات جماب الدعوة.» 7
« -سيدي أمحد أبو العباس حفيد سيدي حممد بن مرزوق صاحب كرامات جماب الدعوة.»8
« -سيدي أمحد بن منصور صاحب الصالة اخلزرجي التلمساين من أهل الكرامات واألخبار بالغيب.»9
« -سيدي إبراهيم بن حممد بن علي التازي أبو سامل ،صاحب كرامات »1
-1أمحد كفريد املزيدي :مجع املقال يف إثبات كرامات األولياء يف احلياة وبعد االنتقال ،ط ،02بربلي -سرييلنكا :دار اآلثار اإلسالمية1000 ،م،
ص.212
-2التاديل :مصدر سابق ،ص.210
- 3ابن مرزوق :املناقب ،ص.212
- 4نفسه ،ص.229
-5عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص .19
-6ابن مرزوق :املناقب ،ص.191
- 7ابن مرمي :مصدر سابق.11 ،
- 8نفسه ،ص.17
- 9نفسه ،ص.11
127
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
« -سيدي أبو عبد اهلل الشامي أصال التلمساين مسكناً وداراً ذو الكرامات الباهرة واألحوال املرضية.»2
وجتدر اإلشارة إىل أن هناك بعض األولياء ممن حازوا كرامات عدة يف نفس الوقت واليت وردت يف البستان،
ي عنه من أصحابه طي األرض جند سيدي أمحد بن احلسن الغماري (ت172هـ2201/م) والذي رِو َ
والطريان يف اهلواء ،3كما حكي هو عن نفسه « :أقمت أياما باملسجد جوعان ،كفجاءين رجالن وكان
امسجما حممد وأمحد ،أخذاين وذهبت معجما كفطرنا ساعة وتطوى لنا األرض ساعة ،وإذا جئنا للبحر تطوى
لنا طركفاه كفن جتازه بقدم واحدة ،وقد جزنا على مصر بالليل وحنن يف اهلواء كفقضينا احلج ورجعنا إىل موضعنا
من تلمسان.»4
انفرد بعض األولياء بتكليم احليوان وكفجم لغاهتم حسب ما حفظته لنا املصادر ،كفأبو احلسن علي بن إمساعيل
ابن حممد بن عبد اهلل بن حرزهم 5حيدث األسد ،وكذلك األمر بالنسبة للحسن بن خملوف الشجري بأبركان الذي
كان يكلم األسد ،وكان له ثعبان كبري حيرس بستانه ،وروي عنه كذلك قدرته على رؤية الشيطان ،6وكذلك
األمر بالنسبة لسيدي محزة بن أمحد املغراوي الذي كان يكلم كفرسه وتكلمه.7
ومن بني الكرامات كذلك أهنم حدثوا عن أبا زكريا املليجي ملا جاء إىل داره ليزوره وكان طرف قوس قزح
عند باب داره والطرف اآلخر يف موضع آخر ،كفلما خرج أبو عبد اهلل من داره قال بسم اهلل الرمحان الرحيم
وجعل رجله عليه إىل أن هبط من الطرف اآلخر.8
ومن القرائن اليت حفظتجا كتب املناقب يف قدرة األولياء لقضاء حوائج الناس خاصة زمن األزمات واجلوائح
ختفيفا عنجم ،أن سكان العباد بواد رهيو استسقو بربكة الشيخ أيب البيان واضح زمن قحط وجفاف ،كفأصبح من
128
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
الغد مجيع من واليجم من الغدران مملوءة مباء السماء ،وعركفان للشيخ قصده أهلي املنطقة باهلدايا والتربك به
والتماس الدعاء منه ،1كما استسقى الناس بأيب زكريا يوهان الصنجاجي من أهل تلمسان.2
وكقرينة أخرى أن الناس ملا ضاق هبم احلال بسبب القحط طلبوا من أبو زكريا حيي بن حممد اجلراوي األقرع،
وهو أحد صلحاء بالد تادلة باملغرب األوسط ،أن يستسقي هلم كفقام ورمى بقلنسوته عن رأسه إىل األرض وقال
يا رب أسألك الغيث كفما نزل من مكانه حىت مطر الناس ،3وكذلك حتدثت املناقب يف قدرة بعض األولياء على
ركفع آكفة اجلراد بالدعاء ،مثل ما حدث مع الشيخ أبو عبد اهلل حميو اهلواري ،4ذلك أنه يف اعتقادهم عندما تلوح
اإلمارة وتتأكد الغرابة والفاعلية يتكاثر األتباع واملريدين طلبا للمودة والربكة ،كون الويل يستجيب لشروط عصره
ويقدم اجلواب الكايف على مجلة من االخفاقات والبياضات اليت قد يعركفجا اجملتمع ك املطر /اجلفاف -األكل
/اجلوع -العالج/املرض – العدل /الظلم – الصالح /الفساد ،كفالويل يقدم البديل واملضاد ملا تقدمه أو ترعاه
السلطة ،وبذلك يصري معارضا ومناكفسا ملشروعيتجا ،كفكونه يقدم احللول عن طريق اخلوارقي ،كفإنه ميارس تفوقا
ماديا ورمزيا عليجا ،ما يوجب الرد عليه هتميشا وكبحا وأحيانا قمعا وسجنا.5
أما عن كرامات األولياء يف معركفة وقت وكفاهتم ،وأماكن دكفنجم وتكليمجم للموتى ،كفقد أجلته للفصل القادم
يف طقوس العبور والوكفاة.
129
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
- 1نشاط مصطفى :مرجع سابق ،ص 20؛ يرجع الباحث زازوي موكفق هذا األمر على تصور مفاده أن املرأة كائن دنيوي جيب أال يكون على صلة
متينة باملقدس على عكس الرجل الذي هو حامل للمقدس .جدلية الذكورة ،ص . 201من املصادر اليت تطرقت للمرأة كرمز للغواية والشرور جند أبو
مدين يف أنس الوحيد ونزهة املريد.
- 2نشاط مصطفى :املرجع السابق ،ص 20من املصادر اليت حتدثت عن وصول النساء إىل درجة الوالية الصوكفية جند ابن مرزوق يف مناقبه.
-3عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص 202؛ رحال بوبريك :مرجع سابق ،ص.10
ِِ الصابِ ِرين و َّ ِ الص ِادقِني و َّ ِ ِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِِ
الصابَِرات َواخلَاشع َ -قال تعاىل﴿ إِ َّن المسلم َ
ني 4
الصادقَات َو َّ َ َ ني َوال َقانتَات َو َّ َ َ ني َوالمؤمنَات َوال َقانت َ
ني َوالمسل َمات َوالمؤمن َ
ات أ ََع َّد اللَّه َهلم َمغ ِفَرةً َوأَجًرا
الذاكِر ِ
الذاكِ ِر َ َّ ِ َّ
ين اللهَ َكث ًريا َو َ
ات واحلاكفِ ِظني كفـروججم واحلاكفِظَ ِ
ات َو َّ الصائ َم َ َ َ َ َ َ
الصائِ ِمني و َّ ِ ِ ِ
ص ِّدقَات َو َّ َ َني َوالمتَ َ
ات والمت ِ
صدِّق َ
ِ ِ
َواخلَاش َع َ َ َ
يما ﴾ سورة األحزاب :اآلية .21 ِ
َعظ ً
- 5عبد اهلادي أعراب :مرجع سابق ،ص.227
- 6جورج ،مارسي :املعامل األثرية ،ص201؛ Barges: Telemcen ancienne capital du Royaume de ce nom,
Paris, 1859, p 131-132-309.
130
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
حني تصل املرأة إىل مرتبة الوالية وتناكفس الرجل يف الورع والصالح ،وجب عليجا أن جتاهد نفسجا
بالرياضات والعبادات كفالرياضة تصفية القلب من الرذائل واخلبائث املذمومة وتزكبتجا بالفضائل احملمودة،1
وباالقرتاب من صورة هؤالء النسوة الصاحلات ،سنجدهن يقمن على اجناز نوع من االبتعاد عن احلياة املعتادة
للنساء ،هلذا نسجت حوهلن مجيعا صورة املرعبات املخيفات ،كما ربطن بقدرات خارقة على االتصال بالعامل
الالمرئي ،وهو ما أحاطجن بنوع من الغموض والغرابة بالوجود بني املقدس واملدنس أو بني الديين والدنيوي،2
لكن يف املقابل متتعت النساء بالربكة كفكن حيملن لقب اللة مثل اللة سييت بنت الويل عبد القادر اجليالين
بتلمسان ،ومن األمثلة عن الفضاءات الضرائحية األنثوية أذكر مسجد اللة غريبة ومسجد اللة رويا بتلمسان.
البد من اإلشارة إىل انفرد ابن مرزوق (ت712هـ2279/م) كأحد أقطاب الكتابة املناقبية يف العصر
الوسيط برصد وتسجيل متلك املرأة للربكة والكرامة يف جمتمع املغرب األوسط ،متغلبا يف ذلك على العقل
الذكوري اإلقصائي للمرأة الذي ميز الفرتة الوسيطة ،وأورد يف حديثه عن والدة جده ألبيه األقرب أبو عبد اهلل
قال «:وأمه زينب بنت الشيخ الصاحل أيب إسحاق إبراهيم بن حممد الداليل ...كانت مالزمة للعبادة مع
زوججا...مقتصرة عليه من القوت متورعة عن أكل طعام أبيجا ،مباعدة ألهلجا ،»3كما حتدث على أن جده
ألمه اإلمام أيب إسحاق إبراهيم بن خيلف بن عبد السالم التنسي(ت199هـ 2292 /م) « :قد آوى إليه
مجاعة من عجز أهل مرسية أسكنجم يف دويرة مالصقة لداره ،وكن نساء صاحلات ،يدخل كل ليلة كفيسأهلن عن
حاهلن وكان يقوم مبئونتجن ،وكان جيالسجن ويتحدث معجن مث يعود إىل بيته ،»4ميكن القول أن هناك انفتاح
للنساء على جمتمع الذكوري األوليائي عن طريق تبادل الزيارات واكتساب املعارف ،لكن هذا األمر مل يكن
مقبوال دائما كفكثرية هي النوازل اليت ورد اإلنكار كفيجا على جمالس النساء يف املواعظ والتذكري.5
كما أن هناك من األولياء من سخر نفسه خدمة ألولياء اهلل من النساء ،لكن مل تكن مجيع احللقات النسوية
مرحب هبا لتخلل بعضجا احملضورات الشرعية ،ويؤكد لنا هذا الطرح تنديد القاضي أبو الفضل قاسم العقباين
131
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
(ت 112هـ2210/م) ،1باجتماع النساء على احتفال أو تزيني ،كفيحلقن دائرة على رجل غري حمرم يغنيجن
ويطرهبن ،2ويف تنديده أيضا باجتماعجن للمالهي والرقص 3ويف منع استعمال البوق والعود ،4وهلذا كان البد
للنساء اللوايت تردن الظفر مبوقع داخل نسق الوالية والصالح ،عليجن أن تعملن على الظجور مبظجر ذكوري،
ذلك ما تبينه تلك األوصاف اجلسدية اليت تقدمجا تراجم بعض النساء الوليات.
إن الذهنية الثقاكفية يف جمتمع املغرب األوسط املكونة باملركزية الذكورية ،عملت على إقصاء ذكر النساء
ودورهن يف الصالح اجملتمعي ،وركزت على الذهنية السحرية لدى النساء وارتيادهن لألضرحة احمللية وتقديسجا،
بناءً على ذهنية خراكفية يف حماولة للطعن يف مدى التزامجن بالشعائر الدينية الشرعية ومبدى تدينجن.
يف املقابل كفإن االستثناء الذي صنعته املرأة يف املغرب األوسط والذي جعل مجيع املصادر الوسيطة جتمع على
قدرهتا وقوهتا ،كان مع سوط النسا والدة يغمراسن بن زيان012-022( 5هـ2111-2122/م) زعيم دولة
بين عبد الواد ،ليس لتصوكف جا وال لواليتجا بل لدهائجا السياسي وحنكتجا الدبلوماسية ،كفمعظم املصادر الوسيطة
مل تغفل عن ذكرها خاصة يف املفاوضات والوساطة بني ولدها والسلطان أيب زكريا احلفصي سلطان الدولة
احلفصية 6يف تونس ،أين أسفر توسطجا عن عقد معاهدة بني الطركفني ،1كما أشارت املصادر إىل أن سوط النسا
تويف يف ذي القعدة سنة 112هـ/ديسمرب 2210م صلي عليه باجلامع األعظم ،ودكفن بغربيه بالروضة قرب أيب عبد اهلل حممد بن مرزوق. -1
الونشريسي :وكفيات الونشريسي ضمن ألف سنة من الوكفيات ،تح :حممد حجي ،الرباط :مطبوعات دار املغرب للتأليف والرتمجة والنشر2970 ،م ،
ص 222؛ القلصادي :مصدر سابق ،ص.207
-2العقباين :مصدر سابق ،ص.77
- 3املصدر السابق ،ص.71
- 4نفسه ،ص.99
-5هو أبو حيي يغمراسن بن زيان بن ثابت بن حممد العبد الوادي ولد (012هـ2100/م) وبويع للملك يوم وكفاة أخيه أيب عزة زجدان يف 12ذي
القعدة سنة 022هـ 2120-2129/م وكان معروكفا بني قومه بالدهاء السياسي ،والشجاعة واحلزم وكثري جمالسة للصلحاء تويف برهيو من واد شلف
منسلخ ذي القعدة سنة 012هـ وكان سنه 70سنة ومدة خالكفته 22سنة و 1أشجر و 21يوم ،وتعرب والدته سوط النسا من أشجر نساء الدولة الزيانية
ملا متتعت به من حنكة سياسية ورجاحة عقل .وابن اخلطيب :اإلحاطة 102/2 ،و97/1؛ ورقم احللل ،ص00؛ حيي ،ابن خلدون :مصدر سابق،
102/2و 107؛ عبد الرمحان ،ابن خلدون :العرب 201/7 ،إىل 201؛ التنسي :مصدر سابق ،ص211- 210-211 -222؛ ابن األمحر:
مصدر سابق ،ينفرد بذكر تاريخ 12ذي القعدة سنة 022هـ كتاريخ لبيعة يغمراسن بن زيان وذكر أن مدة حكمه 10سنة وليست 22سنة ص،22
وعبد الرمحن بن حممد اجلياليل :تاريخ اجلزائر العام ،ط ،2بريوت :دار الثقاكفة2910،م221/1 ،؛ واملعسكري أيب راس الناصر (ت2121هـ) :لقطة
العجالن يف شرف الشيخ عبد القادر بن زيان وأنه من بين زيان ملوك تلمسان ،دراسة وتح :محدادو بن عمر ،ط ،1اجلزائر :منشورات دار قرطبة ،
1021م ،ص221؛ وحيي بوعزيز :تلمسان ،ص.11
-6الدولة احلفصية نسبة إىل بنو حفص الذين ينتسبون إىل الشيخ أيب حفص عمر من أصحاب املجدي بن تومرت العشرة ،وهم املسمون باجلماعة إال
أن اسم أيب حفص عمر كان قد مساه به املجدي بن تومرت ،وامسه األصلي هو كفَاص َكة ،وينتمي أبو حفص هذا إىل قبيلة هنتاتة املصمودية ،وبعد وكفاته
يف 2حمرم 021هـ 2112/م ،خلفه ابنه أبا زيد الذي مل تدم واليته سوى ثالثة أشجر ،ليخلفه بعد ذلك أبا حممد عبد اهلل احلفصي يف 27ذو
132
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
لقب وصفة تدل على سطوهتا وهيبتجا ونفاذ أمرها ،وهو ما يؤكد أن املرأة حظيت مبكانة مجمة يف جمتمع املغرب
األوسط سواء كانت متصوكفة أو يف سدة احلكم ،وما ألصق باملرأة من صفات تعلقجا بالسحر ومالزمته هلا عار
من الصحة ،إذ سجلت النصوص جلوء الكثري من الرجال للسحرة واملشعوذين من أجل قضاء حوائججم ،وهو
دليل على أهنا مل تكن حكرا على النساء وهو ما ستكشفه الصفحات القادمة.
وأوردت الباحثة سوزي أنديزان أنه الشك يف أن اإلسالم املرابويت ( املرابطي) أدمج النساء األميات اجلاهالت
يف منظومة دينية ،ومتعجن بقدر من القداسة والربكة ،كففي األضرحة وقبور األولياء وجدن ،ويضطلعن بأعمال
أساسية ومنجن مقدمات خيتارهن شيخ الطريقة لينقلن الربكة للراغبات يف حتصيلجا لقاء هدايا وأعطيات ،مث
لينصنت للزائرات ويساعدهنن على جتاوز مشكالهتن ،ونقل طلباهتن إىل اهلل عرب سلسلة وساطة الويل والصلحاء
والرسولﷺ ،2أرى أن حماولة تفسري بركة النساء املسلمات وتشبيه دورهن بدور الراهبات يف الكنيسة املسيحة،
كفيه الكثري من اللغط وتشويه احلقيقة التارخيية ،وهذا ناتج عن تبين املستشرقني مشروع تارخيي يقوم على تشويه
التاريخ احمللي وحتريفه ،يف ظل غياب شبه كلي للدراسات احمللية املتخصصة يف مثل هذه املواضيع.
إن نظر جمتمع املغرب الوسط يف العصر الوسيط للمرأة على أهنا بعيدة عن القداسة ،وبالتايل بعيدة عن
الوالية الصوكفية ،3أوجب التعرف على املتغريات اليت صنعت وشكلت وصقلت ذهنية هذا اجملتمع يف تعامله
معجا ،وكيف انعكست هذه الن ظرة على تقديس أو تدنيس املرأة ككيان اجتماعي داخل األسرة وداخل اجملتمع،
بداية من مكانتجا يف الرتاتبية الوجودية واألخالقية.4
القعدة 012هـ 2111 /م ،لتعود السلطة إىل بين حفص من جديد على إكفريقية ،كفوىل أبا زكريا حيي كفاس الذي أعلن عدم والئه للموحدين ،ومن هنا
بدأت كفكرة االنفصال سنة (010هـ 2111 /م) الوزان :املصدر السابق 21/2 ،؛ أبو العباس أمحد القسنطيين ابن قنفذ :الفارسية يف مبادئ الدولة
احلفصية ،تق وتح :حممد الشاذيل وعبد اجمليد الرتكي ،تونس :الشركة التونسية للفنون2901 ،م ،ص209-200؛ خالد ،بلعريب ،الدولة الزيانية ،
ص. 12
-1عبد الرمحان ،بشري" :املرأة املغربية يف نوازل أيب القاسم الربزيل" ،عصور اجلديدة ،ع1022-1022 ، 21-22م ،جامعة وهران – اجلزائر
ص.ص 221-212
2
- Sossie Andzian: Femmmesd et religion en islam un couple mauait clio femmes, Genre Histoire, N2, 1995,
accessd on 12-09 2018 p
- 3مؤسسة الوالية الصوكفية هي املؤسسة اليت جتسد داخل اجملتمع اسرتاتيجية اإلظجار واملسرحة الطقوسيتني والصالحيتني مثلما جتعل من الوالية
والصالح قمة الرتاتب ومرجعية الشرعية الدينية .نور الدين ،الزاهي :املقدس واجملتمع ،ص.21
- 4اجلياليل ،املستاري " :اجلسد واملقدس – قراءة يف اخلطاب الفقجي البن قيم اجلوزية" جملة إنسانيات ،ع ،22جانفي مارس 1000م ،مركز
البحث يف األنثروبولوجيا االجتماعية والثقاكفية -وهران ،ص.ص .01-21
133
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
جند أن اجلسد النسوي كان حتت مظلة احلجب حبجة دناسته ،1لكن هناك مواقع حصل كفيجا هذا اجلسد
على أعلى درجات القداسة خاصة يف دور األم ،واعتربت املرأة متضامنة صوكفيا مع األرض ،وارتبطت قداسة
املرأة بقداسة األرض وللخصب النسوي منوذج كوين هو منوذج األرض األم املولدة الشاملة ،2ألن الوظيفة
املقدسة جلسد املرأة هي أن تكون أما ،إذ صورت املدونة الوسيطة ذهنية اجملتمع يف املغرب األوسط يف حكمه
املسبق واملطلق حول أن هدف املرأة األول يف حياهتا والذي تسعى إليه هو أن تكون أما وتعد املرأة اليت تنجب
3
جديرة باحلياة والركفعة
مل حتفظ لنا املصادر املتعلقة بفرتة البحث مناذج من النصوص اليت ميكن أن نستدل هبا حول نظرة جمتمع
املغرب األوسط ملكانة املرأة وكيف تعامل معجا تقديسا أو تدنيسا ،وهو ما كفتح اجملال أمام عدة تأويالت قد
جتانب احلقيقة ،خاصة وأن املستشرقني الذين اهتموا هبذا اجلانب جل كتاباهتم كانت تصب حول حقيقة أن
جممع املغرب اإلسالمي ككل تعامل مع النساء ككائن مدنس بعيد عن القداسة ،يف ظل غياب دراسات تارخيية
جادة تفند هذا الطرح.
ثانيا :اسم النساء والستر:4
أثناء حبثي وجدت تغييبا لذكر أمساء النساء ودورهن يف احلياة االجتماعية باملغرب األوسط داخل املدونة
الوسيطة ،إال بعض النتف اليت ال تليب احلاجة وال تساعد يف بناء املعركفة التارخيية ،وهو ما دعاين لطرح العديد من
التساؤال ت عن السبب وراء هذا احلجب ،خاصة إذا ما أخذا يف احلسبان أن من ترك عدة مؤلفات من املؤرخني
مل يذكروا أمساء النساء من احمليطات هبن وال من أهلن ،كفابن خلدون مثال ورغم ما تركه من تآليف إال أنه مل يورد
ذكر اسم أي امرأة من أهله باستثناء أنه أخرب عن هالك والدته يف الطاعون ،كل هذا احلجب عكسته املصنفات
الوسيطة اليت ذكرت بعض النساء يف متوهنا على الرغم من أن ذكر أغلب النساء الصاحلات وردن بذكر كنيتجن
أو بإضاكفة اسم األب مثل :أم حممد /أم اخلري /أم عصفور تبعزات بنت حسني اهلنتيفي.5
-1عبد القادر ،حممدي :أنثربولوجيا اجلسد األسطوري حبث يف اهلوية واالمتداد ،املغرب :مطبعة كفاس بريس1022 ،م ،ص29؛ كفريد ،الزاهي :اجلسد
والصورة واملقدس يف اإلسالم ،الدار البيضاء -املغرب :دار إكفريقيا الشرق2999 ،م ،ص.20
-2الياد ،مارسي :املقدس واملدنس ،ص.207
- 3نوار عبيدي ومخيسي كفوزية :مرجع سابق ،ص ص ،222- 221
- 4مل يكن اسم النساء وحده موضع السرت يف جمتمع حماكفظ كمجتمع املغرب األوسط ،كفمنذ الصغر تبنت األسر تربية بناهتن على احلياء وعدم الظجور
أمام الرجال ،حىت وإن كن يف سن صغرية إذ روي أن أبو العباس القطان ملا زار أبو إسحاق التنسي يف مرضه نظر البنته وهي صغرية يف الثالثة أو الرابعة
كفناداها والدها يا خدجية كفجربت وغطت وجججا كفقال له :استحيت منك يا بين .ابن مرمي :مصدر سابق ،ص.19
- 5ابن الزيات :مصدر سابق ،ص.211-217-201-
134
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
ورأى الباحث رحال بوبريك أن احلضور النسوي يف املدونة الوسيط نادر جدا كفقال « :نبحث عن أثر النساء
يف كتب تراجم األولياء الشجرية يف املغرب مثال ،ال نكاد نعثر إال على عدد قليل منجن ،»1تتبعت نظريته
واخرتت كتاب التشوف إىل رجال التصوف البن الزيات (ت017هـ2120/م) كفاتضح معي ما يلي:
النساء الصاحلات عددهن قليل مقارنة مع الرجال الصلحاء ،كفقد ورد كفيه ذكر مثانية نساء كفقط ،ومل يرتجم
إال خلمسة منجن ،وهذه الرتمجات قصرية وردت عرضا يف احلديث عن الصلحاء من الرجال ،2وقد ذكر أربعة
منجن باالسم إذ قال« :حدثتين أخيت ملوكة وكانت من الصاحلات »3ويف موضع آخر قال «:حدثتين مرمي بنت
يوسف بن عبد اهلل» ،4أما يف ذكره للمججوالت منجن قال « :ومنجم امرأة جمجولة :رأيت قبلي مدينة أغمات
وريكة على قرب من قرب عبد العزيز التونسي ،قربا يتربك الناس به ويدعون عنده ،ويذكر أنه قرب أخت عبد العزيز
التونسي ،وأهنا انقطعت إىل عبادة اهلل تعاىل إىل أن ماتت وهي بكر.»5
وذكر يف موضع آخر أنه حضر يف رباط شاكر يف أحد املرات ألف من األولياء ،كانت بينجن أربعة عشر امرأة
من أصل سبعة وعشرون وليا من املصامدة خيرتقون اهلواء « :يف املصامدة سبعة وعشرون وليا خيرتقون اهلواء
وكفيجم أربعة عشر امرأة منجن عجوز ،»6وكانت معظم النساء الوليات عجائز كففي بعض مناطق املغرب األوسط
كانت عجوز ختترب املرشحني للقضاء.7
مل حتفظ لنا املتون النصية ملؤرخي العصر الوسيط أمساء النساء الصاحلات ،إذ ندر احلديث عن أمسائجن وهو
ما يعطي صورة عن قداسة وحرم ة اسم النساء وعدم تداوله بني العامة ،لكن شواهد القبور احملفوظة يف متحف
تلمسان حفظت لنا أمساء عدد كبري منجن ،وهذا دليل على كتابة أمسائجن على هذه الشواهد ،كأمنا بعد موت
املرأة تزال القداسة عن امسجا ،وميكن بالتايل الكشف عنه وكتابته على شاهد القرب.
لكن يبقى اإلشكال مطروحا كفاألمساء وحدها ال ميكن أن تكشف مدى صالح املرأة وواليتجا ،إال إذا
اعتمدنا على أن والدها أو زوججا كان من األولياء ،ما يرتتب عليه صالحجا بسبب نشأهتا يف هذه البيئة ،وإن
135
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
أثبتنا صالحجا كفمن غري املمكن إثبات كراماهتا دون نص صريح ،وبعد حبث ومتحيص عثرت على نص البن
مرمي ذكر كفيه عبارة «:وزوجته من أكابر األولياء» يف حديثه عن سيدي محزة بن أمحد املغراوي دون ذكر هل
كانت هلا كرامات وما هي إن وجدت؟ أما األمثلة اليت ذكرها وليام مارسي يف كتابه أذكر بعضجن على سبيل
املثال ال احلصر:1
املصدر والصفحة تاريخ الوكفاة االسم القطعة األثرية
مارسي: وليام، ت121هـ/ ( تاحضريت بنت عمر بن شاهد قرب مصنوع
مقتنيات ،ص.12 2221م) يعقوب بن أيب محو موسى بن من الرخام املشوي
طلحة بن غمرسان
وليام ،مارسي :املرجع (ت112ه2210/م) رقية بنت امة احلق بنت موالي شاهد قرب مصنوع
السابق ،ص.11 عبد الواحد بن موالي أيب محو من الرخام املشوي
نفسه ،ص.11 (ت107ه2201/م) ملوكة بنت الشيخ عثمان بن شاهد قرب مصنوع
مشعل زوجة السلطان أيب عبد من الرخام املشوي
اهلل حممد
نفسه ،ص.12 (ت910ه2110/م) الزهرة بنت السلطان أيب عبد شاهد قرب مصنوع
اهلل حممد بن حممد الثابيت من الرخام املشوي
نفسه ،ص.17 (ت972ه2101/م) رمحونة بنت أيب عبد اهلل حممد شاهد قرب مصنوع
بن القاضي أيب حيي العقباين من الرخام املشوي
ثالثا :المرأة ذلك الخطر المحدق:
مل يقتصر حضور النساء يف املغرب األوسط على دور الوالية ،بل شكلت املرأة خطرا جيب جتنبه حسب
السلطان الزياين أبو محو موسى الثاين( 792-700هـ2211-2219/م) ويتضح ذلك جليا يف وصيته البنه
وويل عرشه يف كتاب واسطة السلوك قال «:يا بين ال تكثر جمالسة النساء لئال يفسرن عقلك بعقوهلن ،ويسرتق
طبعك من طباعجن ،كفإهنن ناقصات عقل ودين ،وإن أشرن عليك بأمر كفخالفجن كفيه ،ألن عقول النساء غري
مواكفقة لعقول الرجال ،كفإنك إن أحسنت إليجن قابلن اإلحسان باإلساءة ،ومن ضعف عقوهلن أن ال يفرقن بني
احملسن واملسيء كفاحذر مطاوعتجن »2وأضاف يف موضع آخر «يا بين إياك وامليل للنساء بالكلية ،كفإن ذلك عني
136
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
األذية وسبب البلية ،كفإنك إن ملت إليجن بكليتك كن سبب أذيتك ،»1ميكنين القول أن هذا النص كفيه نوع من
التحامل وجمانب للحقيقة ،كفعلى الرغم من ندرة املتون النصية الوسيطة اليت حتدثت عن الصالح النسوي يف
املغرب األوسط ،إال أن احلقيقة التارخيية تقر بدورهن يف نسق الوالية والصالح الصويف واجملتمعي ،وعلى سداد
رأيجن بدليل دور سوط النساء وحنكتجا السياسية ،كفالنساء مل يكن بلية وشرا جيب اجتنابه.
المبحث الرابع :نشأة األضرحة وأنواعها.
إن حاجة اإلنسان للتواصل مع املاضي وركفضه كفكرة االنفصال والفناء ،كرست لديه كفكرة عبادة األسالف
واألجداد ،كفأنشأ هلم بنايات وأضرحة ختليدا هلم ،كما راقص اجلسد بقرهبم السرتضائجم ،كفكانت هذه الطقوس
يف حلظتجا األوىل الطفرة اليت متكن خالهلا اإلنسان من التناسق مع روح مقدسة ،2كفكانت هذه الروح املقدسة
هي (روح الويل) ،وبدأت ظاهرة تقديس األولياء منذ مرحلة متقدمة من انتشار اإلسالم ببالد املغرب ،وقد
جعلت هلم شعوب املغرب اإلسالمي بشكل خاص مكانة هامة يف احلياة الدينية ،3وبسبب ذلك اجتمع الرقص
والتعبد وغدا مظجرا واحدا ولغة واحدة ،تتحاكى كفيجا الروح مع اجلسد ،4وكي يشبع اإلنسان حاجته الروحية
للتقرب من األولياء قام بتقديس األضرحة وزيارهتا.
أوال :نشأة األضرحة.
بداية أطلق على املكان الذي يوارى به جسد اإلنسان بعد موته تسميات كثرية منجا :املـَدكفَن ،ال َقرب ،اجلَ َدث،
الض ِريح ،2ويتمحور الضريح
الرجم ،ال ِرمي ،البَـيت ،البَـلَد ،اجلول ،واجلَال ،الكديَة ،اللَحد ،و َ
1 8 7 6 5
الرمس َ ،
اجلَنَنَ ،
- 1نفسه ،ص.17
-2الصديق ،ثياقة :مرجع سابق ،ص.2
-3جورج ،مارسي :املعامل األثرية ،ص 100أطروحة جولد زيجر باللغة األملانية حول املصدر الرئيسي لتقديس األولياء يف اإلسالمDie .
Heiligenverhrung in islam ap mhoha studien IIp275-378.
-4الصديق ،ثياقة :املرجع السابق ،ص.2
-5الرمس :هو الصوت اخلفي ،ورمس الشيء يرمسه رمسا ،طمس أثره ،ورميس دكفنه وسوى عليه األرض ،ويقال ملا حيثى من الرتاب على القرب رمس،
والقرب نفسه رمس.ابن منظور :مصدر سابق.121-222/20 ،
-66الرجم احلجارة اليت تنصب على القرب ،والرمجة هي القرب ،قال عبد اهلل املزين « :ال ترمجوا قربي» أي ال جتعلوا عليه الرجم ،وأراد بذلك تسوية القرب
باألرض وأن ال يكون مسنما مرتفعا .أبو احلسن علي بن إمساعيل األندلسي ابن سيده املرسي ( 211هـ2001 /م) :املخصص ،ط ،2بوالق،
2900م221 /0 ،
-7كلجا نفس معىن القرب وقيل وسطه أو ناحيته .ابن سيده/21 :ص.229-221
-8ومنه أن كفاطمة بنت النيب ﷺ ،خرجت لعزاء بعض جرياهنا ،كفلما انصركفت قال هلا رسول اهلل ﷺ :لعلك بلغت معجم الكدى .أراد املقابر وذلك
ألن مقابرهم كانت يف مواضع صلبة .ابن منظور :مصدر سابق.12-10/1 ،
137
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
كمؤسسة حول قرب الويل الدكفني ،إذ تعترب األضرحة يف الغالب مبعىن واحد ،هم قبور لشخوص من البشر وأحيانا
من اجلن.3
والضريح معلم توكفرت كفيه مسات العظمة واهليبة وبقيت تتقاذكفه موجات القبول والركفض ،وذلك راجع
للنزاعات واالجتاهات املذهبية ،وال يكاد خيلو بناء أي ضريح من القبة ،وهي الشكل اهلندسي األكثر شيوعا يف
بناء هذه املزارات ،4واختلفت حوهلا اآلراء ،كفمنجم من قال إهنا ترمز إىل صورة متطورة للخيمة اليت يستخدمجا
البدو العرب ،5كفالقبة عندهم قاعة مكعبة الشكل منتفخة األسقف ،وهي ترمز بشكلجا إىل احلياة الدنيا ،أما
السقف كفريمز إىل السماء.6
كفيما يرجع آخرون وجودها ألهنا ترمز للسماء ،أو باألحرى هي مبثابة الفتحة اليت ميكن املرور بواسطتجا من
منطقة كونية إىل أخرى ،من األرض إىل السماء ،7وقد أصبحت أضرحة الورعني واملتعبدين معابد خاصة،
يقصدها األوكفياء والنساء بشكل خاص ،واللوايت مل تكن هلن عقيدة سوى إجالل هؤالء الصاحلني ،باجناز
طقوس وتضحيات وتقدمي قرابني ،كإشعال الشموع والنضح مباء الورد ،واجلاوي كل هذه املظاهر تكون ما
يسمى بالزيارة.8
الضريح كبناء حمتضن ومؤسس لربكة الويل الصاحل ،يعد الشاهد املعماري على امتدادات املقدس يف األرض،
كما أنه الدعامة ال وسيطة بني األرض والسماء ،كفالقبة املتججة إىل األعلى تربر هذه العالقة الوسيطة وتدعمجا
معماريا ،إن األمر يتعلق خبزانات أرضية للقداسة السماوية كما ذهب إىل ذلك إميل درمنغن ،9كفاألضرحة وقبور
-1اللحد شق يعمل يف جانب القرب كفيميل عن وسط القرب إىل جانبه حبيث يسع امليت .أبو عبد اهلل حممد بن إمساعيل البخاري ( 211هـ109/م)
صحيح البخاري ،مج-2ج221/ 1
-2الضريح هو شق يف وسط القرب ،وقيل القرب كله ،وقيل هو قرب بال حلد ،ومسي ضرحيا ألنه يشق يف األرض شقا ،أو ألنه انضرح عن جانيب القرب
كفصار يف وسطه.صحيح البخاري ،مج/2ج.221/1
3 - fenneke reysso Des Moussems du Marco une approche anthropologique des fetes
نقال عن عبد الغين ،منديب :مرجع سابق ،صpatronales enshede sneldruk 1988 p51..210
- 4عبد الغين ،منديب :املرجع السابق ،ص.210
- 5حممد ،السعيد :ظاهرة زيارة األولياء واألضرحة يف منطقة تلمسان وأبعادها االجتماعية والنفسية ،وهران -اجلزائر :مطبوعات الكراسك ،2991 ،
ص.20
6 - dermenghem: le culte des saints, P 119.
- 7عبد الغين ،منديب :املرجع السابق ،ص.210
-8جورج ،مارسي :املعامل األثرية ،ص .202
9 -Dermenghem: Op.cit.p, p34.
138
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
األولياء أماكن حج حيرم كفيجا القتال 1لقداستجا ،وسواء كان الضريح حمليا أو مشجورا كفجما مستويان يف سائر
بالد املغرب يف درجة القداسة.2
كفاألضرحة كما سبق الذكر هي خزانات للقداسة السماوية حسب درمنغن الذي يرى بأن اإلسالم عقلن
املقدس ،وأعطاه اهلل كمصدر وحيد كفأصبحت القداسة بذلك من نصيب السماء ،أما العامل األرضي الدنيوي
كفقد ركفعت عنه القداسة وأحلق به الدنس ،وبالتايل كفإن األماكن واألشياء األرضية ال تستمد قداستجا إال من
كوهنا ذات عالقة معينة مع السماء ،ومن هنا نفسر وجود بعض األماكن اليت حتمل نفحات قدسية كاألضرحة
وبعض األحجار واألشجار.3
ثانيا :العتبة:
ال خيلو أي بناء من العتبة كفال بد من جتاوزها لدخول أي بناء ،لكن ليست مجيعجا تتشابه أو باألحرى
ليست جلميعجا نفس القدسية ونفس الوظيفة خاصة عتبة الضريح ،كفالعتبة حتدث االنقطاع وحتقق الالجتانس،
وجتاوز العتبة يدخلنا يف عامل آخر مقدس خيتلف على طول اخلط عن املكان اآلخر الدنيوي ،ويعترب جتاوز العتبة
من بني الطقوس اخلاصة للعبور إىل األماكن املقدسة ،إذ يراكفق جتاوزها كثري من الطقوس كأن تبذل هلا مظاهر
االحرتام أو تلمس باليد قبل الدخول ،4وهناك من ينحين يف وضعية السجود لذا وجدت العديد من عتبات
األضرحة والزوايا قصرية الطول ،وذكر ابن مرزوق (712هـ2279/م) أن والده أوصاه قائال «:يا بين إذ أحدثت
حادثا يف هذا الدار وبنيت كفيجا أشياء كفال تغري عتبة هذا البيت ،كفإن كثريا من أكفراد األولياء وضع رأسه يف هذه
العتبة ،وكم من ويل ممن ال يعركفه إال صاحب هذه الدار ،قد دخل هذا البيت كفال تغريه نفع اهلل هبم أمجعني،»5
وعليه تعد العتبة أهم جزء يف البناء كفحىت القرابني كانت تذبح على أبواب العتبات.
بالعودة للحديث عن الضريح كرمز قدسي ،كفإنه يأخذ أمهيته من خالل أمهية شخصية اإلنسان املدكفون كفيه،
واليت تكون يف الغالب شخصية دينية هامة ،كشيخ طريقة صوكفية أو صاحب كرامات ،أو زاهد أو مؤسس
زاوية ،6وهو ما يفرض طقوس معينة عند جتاوز العتبة ،ورد أن السلطان الكامل حممد بن العادل األيويب(-170
139
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
021هـ2121-2121/م) قام ببناء أول قبة أو ضريح سنة 001هـ2122 /م ،إكراما لرجل تقي وعلم من
أعالم اإلسالم ،أال وهو اإلمام الشاكفعي (ت102هـ110/م) ،كما شيد السالجقة بعدهم ضرحيا مستقال بذاته
لإلمام أيب حامد الغزايل (ت101هـ2222/م) ،وكانوا يولون عنايتجم وتقديسجم هلذه األضرحة بداية من العتبة،
وسار على منواهلم سالطني املغرب إذ أهنم بنو أضرحة مستقلة أو مندجمة للعلماء واألولياء والسالطني ،على أن
هذا النوع األخري قليل باملغرب األوسط عدا روضة 1بين زيان بتلمسان ،وضريح يغمراسن بن زيان (-022
012هـ2111-2122 /م) املندمج ضمن اجلامع األعظم إىل جانب ضريح اإلمام ابن
مرزوق(ت712هـ2279/م).
وحفظت لنا املصادر الوسيطة أن السلطان يغمراسن(012-022هـ2111-2122 /م) أمر بدكفن الويل
حممد بن حممد بن أيب بكر بن مرزوق (019هـ-)012-وهو اجلد اخلامس أليب عبد اهلل أمحد بن مرزوق
(ت012هـ2177/م)- ،2بقصره ،وأوصى بدكفنه إىل جواره حينما يتوىف ،3كما ظل يغمراسن بن زيان(-022
012هـ2111-2122 /م) يلح على أيب إسحاق إبراهيم بن خيلف بن عبد السالم التنسي(ت 199هـ /
2292م) ،4اإلقامة يف تلمسان حىت مت له ذلك ،وكان من العلماء الصاحلني األولياء كبري القدر حيا وميتا،
زاهدا ورعا ذو كرامات شجرية ومكانة عند امللوك عظيمة ،5وهو األمر الذي جعل السلطان يغمراسن بقربه
ويتقرب منه ليناله حظ من الربكة بقربه حيا وميتا ،وتعد هذه األضرحة أهم األضرحة اليت قدست عتباهتا
بتقديس الضريح كلية ،وكان البد من اإلحناء قبل جتاوزها والدخول بالرجل اليمىن ،كما كان متعارف منع النوم
على العتبة حىت ولو مل تكن عتبة ضريح ألهنا مكان يسكنه اجلن وتفصل بني عاملني ،وهو األمر الذي مازال إىل
يومنا.
ثالثا :مقدم الضريح:
- 1الروضة :الروضة لغة هي األرض املخضرة النتشار املاء كفيجا ولوجود شىت النباتات ،وهي يف االستعمال الديين احلديقة أو اجلنة ،كما أن الروضة هي
الطيب بقعة كفيجا أو هي البقعة الشريفة من اجلنة .أنظر الزخمشري :تفسري الكشاف ،تح :حممد مرسي عامر ،ط ،1القاهرة :دار املصحف2977 ،م0،
أجزاء1/ 1،
-2تويف بتلمسان وقربه باملقربة املعروكفة مبسند صاحل حتت الباب املعروف بباب زيري ،حيث قرب أبيه وجده ابن مرزوق :املناقب ،ص 211؛ القلصادي:
مصدر سابق ،ص 90؛ ابن األمحر :مصدر سابق ،ص00؛ الرصاع :مصدر سابق ،ص.212
-3عبد الرمحان ،بن خلدون :العرب 11/7،؛ مفتاح ،خلفات :مرجع سابق ،ص ،201؛ جورج ،مارسي :املعامل األثرية ،ص.200
-4عمرو ،الطمار :مرجع سابق ،ص .91-92
- 5مفتاح ،خلفات :مرجع سابق ،ص.201
140
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
كانت األضرحة باملغرب األوسط تقوم على نظام خاص هبا مسح ملقدم الضريح بأن تكون له مكانة هامة يف
اجملتمع ،كفجو من يسجر على احملاكفظة على الضريح وصيانته واستقبال زواره ،ويكون املقدم يف الغالب من أكفراد أو
من ذرية صاحب الضريح ،والذين تتوكفر هلم ظجائر التوقري واالحرتام ،1وحيرص مسريو األضرحة أحفاد الويل
الذين يعيشون يف رأمساله الرمزي يف هذا الباب على إشاعة قدرات جدهم يف اجناز املعجزات ،وينسبون إليه كل
املعجزات اليت تساير متطلبات العصر وتستجيب لرغبات الزوار ،2ويساهم اخلدام واملريدون هم أيضا يف تدعيم
الرأمسال الرمزي للويل صاحب الضريح ،برواياهتم املتجددة حول حاجاهتم اليت قضيت ،ورغباهتم اليت حققت
بفضل مزايا وبركات الويل.3
رابعا :الضريح وعالقته بالمجال السوسيولوجي في المغرب األوسط.
ذكر الباحث معروف احلاج يف مقارنة بني جمتمع املشرق وجمتمع املغرب ،كفقال بأن النواة األوىل للمجتمع يف
أغلب األحيان تكون هي املدرسة يف املشرق ،بينما يف املغرب كفجي الضريح ،4ويتميز الضريح خبصوصية معمارية
ال تتوكفر يف باقي املباين وهي ما جعلت منه مكان يشع بالقداسة حسب معتقدات بعض كفئات اجملتمع ،وال
بأس من اإلشارة إىل املعمار الضرائحي.
/3المعمار الضرائحي:
العمارة الضرائحية ليست جمرد أبنية خالية من السلطة ،إهنا سياج احتوائي يتضمن رسائل ورموزا ،إهنا تنطق
مبكنون سلطاهتا الرمزية وتعرب عن انتماءاهتا األنطولوجية ،كفقباب األضرحة املتججة إىل السماء تعرب عن داللة
التوسط بني الدنيوي والقدسي ،كما ترمز إىل الركفعة والتسامي ،إهنا ترتجم املقدس معماريا وتعيد صياغته من
داخل الدنيوي ،كما تتم استعادة أشكال املقدس الديين املركزية ( الكعبة أساسا) يف بناء وتطقيس الضريح،
سواء من شكله املربع أو استحضار عملية الطواف بالدربوز أو تغطيته بالكساء األخضر ،يف حماوالت لتحيني
املقدس وإسباغه على خمتلف نواحي املنت الضرائحي.5
وبالرجوع إىل كساء الضريح األخضر ،جتدر يب اإلشارة إىل أن سكان املغرب األوسط استعملوا ألوانا ذات
دالالت ورموز مقدسة يف ضرائحجم ،على اعتبار أن األلوان صفة طبيعية يف األشياء والكائنات واملخلوقات
141
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
وعناصر الكون ومرتبطة بالنور والظل ،واأللوان حتمل يف ذاهتا الكامنة روح اجلمال ومظجره ،مما جيعل كثريا من
األشياء واملخلوقات اجلامدة واحلية ومظاهر الطبيعة وعناصرها تستمد مجاهلا من ألواهنا.1
واأللوان مظجر وبيئة تشاهد بالبصر ،وداللة رمزية ختضع لطبيعة اجملتمع وثقاكفته وبيئته وعصره ،علما أن نظرة
اجملتمعات واألكفراد لأللوان ختتلف وتفسريهم هلا وإحساسجم هبا يتباين من جمتمع آلخر ومن كفرد آلخر ،كفاللون
األبيض واألمحر واألصفر واألسود ليس هلا نفس الداللة واملعىن ،كفاألمحر قد يرمز للغضب ،لكنه حيمل معىن
اإلنارة عند البعض اآلخر ،بينما يعين األبيض النبل والرباءة ،2وهو عند ابن سريين (ت 220هـ719 /م) حييل
إىل معاين اجلاللة والعظمة والتوبة واألخالق الطيبة.3
استعملت األلوان يف املعمار الضرائحي بكثرة كفاللون األبيض 4وجد يف اجلدران والزخارف اجلصية كضريح
أيب مدين شعيب (ت192هـ2291/م) ومسجد الشيخ إبراهيم املصمودي ،5يف حني ظجر هبما الزليج املتعدد
األلوان ،ولعل اللون الطاغي على األضرحة يف املغرب األوسط هو اللون األخضر الذي طليت به جدران ضريح
السنوسي(ت191هـ2219 /م) وبابه أما حممد بن عمر اهلواري (ت122هـ2220/م) كفقد طليت حنياته
اجلدارية أيضا باللون األخضر الداكن ،وأخريا باب ضريح احللوي (ت727هـ2227 /م) ، ،يف حني غاب
اللون األخضر الداكن أو الفاتح جبدران وضريح أيب مدين شعيب (ت192هـ2291/م) وإبراهيم املصمودي
(ت101هـ2202/م) وابن مرزوق احلفيد (ت121هـ2229 /م) ،ولعل التفسري الوحيد واملنطقي الستعمال
هذان اللونان هو أن اللون األبيض يرمز للطجارة والنقاء ،واللون األخضر يرمز للون اجلنة ،6ومها لونان مقدسان
يدالن على الفرح والبججة.
-1األلفي ،أبو صاحل :الفن اإلسالمي-أصوله ،كفلسفته ،مدارسه ،القاهرة :دار املعارف املصرية 2972 ،م ،ص .201
- 2علي ،شلق :الفن واجلمال ،بريوت :املؤسسة اجلامعية للدراسات والتوزيع2911 ،م ،ص.22
- 3أبو بكر حممد ،بن سريين عبد الغين النابلسي :معجم تفسري األحالم ،إعداد :باسل الربيدي ،ط ،2دمشق -بريوت :اليمامة للطباعة والنشر
والتوزيع1001 ،م.
- 4جاءت عادة تبييض األماكن املقدسة املتواترة يف بالد الرببر صخور -جذوع -أشجار زيتون خاوية وغريها ،من خالل إهدءا يوليوس نويليوس
Julius Novellusمعبدا لآلهلة املاورية Numen Mourorumيف مدينة ساتاكفيس . Satafisحممد العريب ،عقون :مرجع سابق ،ص
.127
-5إبراهيم بن حممد املصمودي التلمساين (ت 102هـ) دكفن بروضة آل زيان ،ومسجده من أهم مساجد تلمسان .ابن مرمي :مصدر سابق ،ص00؛ ؛
مبارك ،بوطارن :مرجع سابق ،ص10؛ حساين ،خمتار :موسوعة21/2 ،؛ رشيد ،بورويبة" :جولة عرب مساجد تلمسان" ،جملة األصالة ،اجلزائر ،ع،10
2971م ،ص ص ،211-272ص.270
- 6يفصل جورج مارسي يف هذه األضرحة ويسميجا األضرحة املقدسة .املعامل األثرية ،ص 201وبعدها.
142
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
143
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
والقصر ،وجتدر اإلشارة إىل عمليات الرتميم اخلاطئة اليت خضعت هلا األضرحة مسحت عنجا البصمة األصلية
وجعلت منجا حقل جتارب.
/0ضريح الشيخ السنوسي( ت191هـ3019/م):1
أنشأه السلطان أبو عبد اهلل حممد الثالث(909 -901هـ2102 -2290/م) املعروف بالثابيت نسبة إىل جده
الثابت ،وتقع روضته وضرحيه يف مقربة العباد السفلى ،2وضريح السنوسي ضريح بسيط وال يعود ذلك لفقر
الدولة الزيانية باملغرب األوسط ،وإمنا لطبيعة الويل يف حد ذاته ،إذ عرف بالتواضع الشديد والزهد وكرهه لزينة
الدنيا الزائلة ،وهو القائل عن نفسه « :طفت هبذه العوامل كلجا من العرش إىل الفرش ،ومل أرى منجا ما يسرين،
كفلم آمن لشيء منجا بالكلية» ،3وقال أيضا« :ما عسى أن يصف الواصف من شرور ذا الوقت ،وشرور أهله
وقد أغىن كفيه اخلري عن العيان ،ومن أراد النجاة بعد حتصيله ما يلزم من العلم أن يعتزل الناس مجلة ،ويكون
جليسه بيته ويبكي على نفسه ويدعو دعاء الغريق » ، 4وعلق على بساطة ضريح السنوسي جاك بارك قائال«:
هذا هو املعلم الذي يناسب السنوسي إن تواضعه كان سينزعج من الزخركفة املقربية املبالغ كفيجا واليت تسلط على
قبور العظماء.»5
ب /األضرحة الشعبية ( العامية)
هناك نوع آخر من األضرحة ال يقل قد اسة عن سابقجا وهي األضرحة الشعبية أو األضرحة البسيطة معماريا،
ومسيت باألضرحة الشعبية وذلك بسبب أن من أنشاها ليس سلطانا حبد ذاته بل أنشاها زوار األضرحة إكراما
وإجالال لألولياء وحبا وتعظيما رغم بساطتجا كفمعظمجا ال يعدو أن يكون بناء بسيطا من احلجر املبيض باجلري،
إما من النساء اللوايت زرن الويل كل مجعة أو غريهن ،وعادة ما تكون األضرحة الشعبية مبنية ضمن مقربة وسقفجا
-1نفسه ،ص00؛ Georges et William MARCAIS : Les Monuments,p 220حممد بن يوسف بن عمر بن شعيب
كفقيه سين موحد متصوف كثري التمسك بالسلف الصاحل صاحب كرامات(ت 191هـ) .الرصاع :مصدر سابق ،ص102؛ مجال الدين ،بوقلي حسن:
مرجع سابق ،ص12
- 2حول عمارة الضريح بالتفصيل ينظر :مجال الدين بوقلي :مرجع سابق ،ص12؛ حممد ،عمرو الطمار :مرجع سابق ،ص127؛ Mohamed
Benbal p 251.
3 - Jacques Berque: l'Algerie terre D'art et D'histoire,Alger 1937, p 206.
- 4السنوسي :شرح العقيدة الوسطى ،ص.01
5 - Jacques Berque: Op.cit.p, p 206.
144
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
بسيط ،أما احملراب 1كفجو غري موجود عكس األضرحة السلطانية واليت مل ختلوا من احملاريب املتججة إىل القبلة وإن
مل تستعمل للصالة ،وهي بذلك أضرحة رمزية أكثر ،ال جتلب الزائر معماريا بقدر ما جتلبه روحيا ومعنويا.
وجتدر اإلشارة إىل أن هذا النوع من الضرائح انتشر باملناطق النائية والبعيدة عن حواضر املغرب األوسط واليت
كانت دائما أرض خصبة النتشار الفكر الصويف :كففي املدن واألرياف واجلبال الشاهقة والصحاري القاحلة
عاش معظم املتصوكفة يبثون عقائدهم مبتعدين عن صخب الدنيا ومؤثرين العزلة والعبادة 2.ويبني لنا سعد اهلل أن
أشكال األضرحة يف اجلزائر ويف مشال أكفريقيا عامة ثالثة أنواع.3
خامسا :موقف الفقهاء من زيارة األضرحة.
رغم ركفض الفقجاء للتربك بقبور األولياء واألضرحة ملا حيمله كفعل الزيارة من شرك حسب اعتقادهم إال أن
معظمجم مل يتخلى عنجا ،ذلك أن زيارة أضرحة األولياء تصحبجا معتقدات خاصة يف قدرات الويل املدكفون
بالضريح والذي يعتقد أنه ميتلك القدرة على قجر األرواح الشريرة وجلب اخلري ملن يرضاهم ،وإحلاق الشر مبن
يسخطجم من الناس ،وذلك بفضل ما لديه من بركات ،هذه الربكات اليت اكتسبجا بفعل تقربه من احلضرة
اإلهلية ،حيث أصبحت له القدرة على التوسط بني اإلله والبشر لقضاء حاجات السائلني ،ومل تنته هذه القدرات
اخلارقة هلؤالء املدركني مبوهت م البيولوجي ،ومل تنقطع صلتجم هبذا العامل وأناسه كفاألولياء يضلون أحياء حىت بعد أن
ختتفي أجسادهم حتت الثرى يف أضرحتجم كفيواصلون التدخل.4
سادسا :أهداف زيارة األضرحة:
من أهم أشكال الزيارة املقدسة باإلضاكفة لزيارة الزوايا جند زيارة األضرحة ،وتسمى أيضا قبور األولياء والشركفاء
أو الصاحلني ،وهي قبور خمفية عادة يف أبنية تعبدية ،ويعترب الضريح يف املخيال الشعيب رمز التقوى والصالح
واملنزلة الركفيعة عند اهلل ومكان الربكة ،واليت تعد سائل مقدس يفيض من املرابط وميتد إىل كل ما ميس هذا الويل
- 1عمارة املساجد تطورت وأضيفت إليجا أجزاء من العمائر املسيحية ،وقد يكون احملراب منقوال عن حنية يف صدر الكنيسة واليت كانت متججة يف
معظم األحيان إىل الشرق أي إىل بيت املقدس لذلك ذكر الونشريسي أن احملراب من البدع اليت أحدثت لكنه بدعة مستحسنة .املعيار211/1 ،؛
ويعترب حمراب مسجد أيب احلسن الذي بناه أبو عامر إبراهيم بن حيي بن يغمراسن أمجل حمراب يف العامل اإلسالمي كله .رشيد ،بورويبة" :جولة عرب
مساجد " ،ص.271-272
- 2سعد اهلل ،أبو القاسم :تاريخ اجلزائر الثقايف من القرن العاشر إىل القرن الرابع عشر اهلجري ( 10-20م) ،اجلزائر :الشركة الوطنية للنشر والتوزيع
،ج2912 ،02م ،ص .101
3عبد اجمليد ،مباركي ،ص .12ضريح املرابط العادي وضريح املرابط الويل وضريح املرابط الكبري املشجور الذي ذاعت شجرته وجتاوزت قبيلته أو مدينته.
سعد اهلل ،أبو القاسم :مرجع سابق ،ص.109
- 4عبد الغين ،منديب :مرجع سابق ،ص.229
145
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
من ثياب وماء ،وبعد املوت تظل جثته حمتفظة بالربكة كما تظل عالقة بقربه ،1أو املكان الذي مر به يف حياته
أو جلس كفيه ،كفالقدسية هنا قدسية مكان أكثر من قدسية شخص ،لذا كفقد كان كثري من سكان املغرب
األوسط جيتمعون يف حشود كبرية يف يوم اجلمعة وعاشوراء وخاصة املولد النبوي وكذا األعياد ،إلقامة طقوسجم
واحتفاالهتم وموامسجم ويقصدون أولياء اهلل حسبجم يف األضرحة ،واليت كانت القبلة املفضلة لألسر ،كما كانوا
يتناولون الطعام الذي يتقدم به احملسنون يف هذه األماكن.
ميكن القول أن زيارة األضرحة تعترب ممارسة دينية مرتسخة يف معظم جمتمعات املغرب اإلسالمي ،على الرغم
من اخلطاب الفقجي املناوئ هلا ،2والذي يرى كفيجا بدعة متس جوهر التوحيد الديين لإلسالم ،3وهناك من قال
بأن اخلروج إىل زيارة قبور الصاحلني والعلماء جائز طال السفر أو قصر.4
إن ظاهرة زيارة األضرحة هلا مكونان رئيسيان مها املمارسات الطقوسية كسلوك اجتماعي ،والضريح كقطب
رمزي دال ،حبيث ميثل الضريح صورة ثابتة هلا طابع قدسي ،متثل كفيجا الطقوس واملمارسات ترمجة ألكفكار
ومعتقدات حول شخصية الويل املدكفون داخل الضريح كمدلول ،ومتثل الثنائية ضريح /ويل واقع مثايل مؤسس يف
احملاكفظة على املعتقدات واملمارسات الطقوسية واستمرارها ،5وميكن اجلزم أن ظاهرة زيارة األضرحة يف املغرب
اإلسالمي ككل واملغرب األوسط على وجه اخلصوص ،قد تضاكفرت يف ظجورها عدة عوامل اجتماعية واقتصادية
وتارخيية ،على رأسجا العامل الديين يف جانبه الصويف ،إذا ما أضفنا إليه ظاهرة أسلمة اجملال اجلغرايف ،ألن بعض
ساكنة املغ رب األوسط مل يتخلوا عن طقوسجم ومقدساهتم اليت كانت قبل إسالمجم ،بل أضاكفوا إليجا مقدسات
أخرى كالويل ،الضريح ،الشرف ،املرابط....اخل ،وهو ما أنتج لنا ظاهرة قدسية الزيارة كممارسة ،واليت اختذت
من الضريح جمال مقدس ،تتداخل كفيه ثنائية الروح واجلسد.
146
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
وترجع الزيارة إىل عمليات حتيني ذكرى موت ويل صاحل ،حيث تتأطر هاته العملية بفعل إمتام كفعل عملية
التحيني ،مثلما حيتفل املسلمون باملولد النبوي قصد العيش يف املقدس بفعل تلك الطقوس ،كفاالحتفال وما
يصاحبه من طقوس هي وسيلة للعبور من الدنيوي إىل الديين ،ومن الديين إىل الدنيوي ،ذلك أن الطقوس
تسمح هبذا الفعل ،أقصد ( كفعل العبور) ألهنا تعيد التحيني ،وال حتتفل بذكرى ماضية أو بزمن أصلي ميثي من
حيث هو الزمن املؤسس لألزمنة الوجودية والتارخيية.1
رغم ركفض الفقجاء باملغرب األوسط ملظاهر الشرك ومنجا التربك وزيارة األضرحة يف خطاهبم ،إال أن واقع
احلال دل على جتاوز هذه اخلطابات والفتاوى ،إذ تبىن األعيان النظرية اليت تزعم أن يف زيارة األولياء نوعا من
الشرك ولكن معظمجم ال يتخلى عنجا ،2وهناك من أرجع الزيارة ملا يراه الزائر حبسب معتقده وقوة الباعث عليجا
أو لوجود الصارف عنجا ،3كما أن بعضا من هؤالء الفقجاء أنفسجم وحفظة القرآن الذين يرددون خطاهبم
املناهض لوجود هذه املزارات ،يلجئون إليجا ويستعينون هبا على قضاء حوائججم.4
ومن أبرز الطقوس املقدسة لزيارة الضريح اليت ال جيب إغفاهلا أو جتاهلجا عند دخول الضريح ،هي استقبال
القبلة وإكفشاء السالم على صاحب الضريح دون تقبيل قربه ،مث الوقوف للدعاء وقراءة القرآن بعدها ،وال ينسى
الزائر أن يتصدق أثناء خروجه على من وجدهم مالزمني ألبواب الضريح منتظرين صدقات وعطايا الزوار،5
وهناك من أقر زيارة القبور واألضرحة على أن يقف الزائر مستدبرا القبلة ،مستقبال بوججه امليت ،وأن يسلم عليه
وال ميسح القرب وال ميسه وال يقبله .6
إن قوة املعتقد وتقديسه وحماربة كل من يركفض التصديق به جعلت من الويل كائنا خارقا قادر على حل
املشاكل وتلبية احلاجات ،وتغري أحوال الناس وهو االعتقاد السائد لدى كفئة قليلي العقل واإلميان من عامة
الناس ،إذ يلجأ الناس لضريح الويل قصد احلصول على حلول ملشاكلجم وختفيف كرهبم وأوجاعجم ،معتقدين أن
يف الزيارة إجابة وحل وتفريغ وتفريج للجموم واألزمات ،يلجئون إليه كفيعطيجم ،ويسألونه كفيجيبجم ،جيدون عنده
147
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
احلل عندما تشتد هبم األزمات ،ينال عركفاهنم وتقديرهم ،يركفعونه إىل أعلى املراتب كفيبجلونه ويلبسونه ثوب الوقار
والقداسة ،حيث يصبح له حضور قوي بني الناس شاهدا أو غائبا ،حيا أو ميتا ،كفالعالقة معه ال تنقطع بوكفاته
بل يزورون قربه ويسألونه بإحلاح.
وال يكاد خيلو كفعل الزيارة من تقدمي أعطيات وهدايا خلدام الضريح واليت أطلق عليجا هي األخرى لفظ الزيارة
ويقدمجا األتباع والزوار للشيخ أو للويل ،وتتفاوت هذه اهلدية حسب قيمة املدكفون بالضريح وإمكانية ماحنجا
املادية ،وتشمل األعطيات يف الغالب كال من اهلدية الكبرية ( ذبيحة زربية غطاء ضريح) ،أو اهلدية الصغرية
(مشوع ،نقود ،حناء ،خبور ،ط عام ) ،ووردت باسم "الفتو" عند الباحث نور الدين الزاهي ،كفقال بأهنا عبارة عن
عطاء يقدم إلحدى حاملي الربكة قصد العالج أو الدعاء أو زيارة قرب الويل الصاحل.1
الزائر يلتمس بركة الويل طلبا للولد أو البنت أو الذرية عموما يف حاالت العقم ،أو االقتصار على إجناب
ا لذكور دون اإلناث ،كما يلتمس بركته إلثراء احملصول الزراعي ،أو االستمطار ومحاية دواب الضرع والظجر،
وتيسري التجارة والعلم وسائر األعمال ،2ومن أجل اإلعداد للحرب ولكن أيضا ساعة املوت ،3وتعترب الروايات
حول كرامات وقدرات الويل جزءا من أدب شفوي مستمر ومتجدد خيص كل األولياء إذ تنسب أكثر من معجزة
وكرامة ألكثر من ويل يف أكثر من مكان وزمان ،4كفالعبارات الطقوسية اليت يرددها الناس أثناء زيارهتم لألضرحة
تصب يف جمملجا حول كفك الكربات وحتقيق األمنيات والنجاحات أو ختفيف اآلالم وشفاء األسقام.
وقد اعتاد بعض الناس عند زيارة األضرحة على تقدمي النذور ألجل قضاء حوائججم ،وختتلف النذور حسب
إمكانيات كل شخص ،كفمنجم من تكون نذوره مادية من أعطيات وهدايا وزاريب واليت تتشابه والزيارة ،وهناك
من يكون نذره كالصوم والصدقة وإن اختلفت النذور كفإن الغرض منجا الوكفاء بالوعد الذي اختذه اإلنسان على
ن فسه اجتاه الويل صاحب الضريح ،وعركفانا لقضاء حاجته ،اعرتاف باجلميل إذا حتققت إحدى أمنياته قد يتعجد
بإطعام مئة حمتاج إذا وضعت زوجته احلامل صبيا طال انتصاره ،لذا مت له ما أراد يقوم عندئذ باحرتام تعجده
حتت عاقبة الكفارة أي النكث بالعجد ،5واعترب النذر أمرا مقدسا كفال جيوز بأي شكل من األشكال الرتاجع عن
تنفيذ النذر يف حال حتقيق املراد خشية حلول اللعنة وزوال النعمة.
148
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
يتوكفر الضريح يف غالب األحيان على رأمسال رمزي تعددي يتكون من الشرف ،العلم ،الصالح ،والكرامة،
ويتوكفر أيضا على رأمسال مادي يتمظجر يف امللكية العقارية واألموال واإلعفاءات ،1كفجي ككل األمكنة املقدسة
ليست سوى خزانات أرضية للقداسة السماوية.2
/3طلب الشفاء:
جلأ بعض سكان املغرب األوسط إىل األولياء من أجل كتابة بعض الرقى لعالج ما أصاهبم أو أهليجم من
األسقام بعد عجز الطبيب عن مداواهتم ،لكن مل تكن كل الرقى ناكفعة حسب اعتقادهم لذا جلئوا إىل البحث
عن بدائل أخرى كان تراب الضريح أبرزها لتشايف ،مثل قرب أبو حممد مع اهلل ابن حيي بن جياتن الزنايت كان
يستشفي الناس برتاب قربه ،3وكذلك األمر مع أبو حفص عمر بن مسيكسو الدغدوغي 4وغريهم كثريون.
التجارة:
إذا سلمنا بأن زيارة األضرحة يف املغرب األوسط كانت مشاهبة وختضع لنفس النمط العام يف باقي املغرب
اإلسالمي ،كفإن أهداف الزيارة البد وأن تتشابه ولو يف حيثياهتا الكربى ،كفالتجارة كانت هدكفا أساسيا من خالل
حضور موسم زيارة الويل ،وإن مل تكن هبذه األمهية يف بداياهتا لكن تطور اجملتمع كفرض إدخال نوع آخر من
أهداف زيارة الضريح ،أال وهو الكسب املادي ،إىل جانب حتقيق األهداف الروحية والدنيوية ،وميكنين القول يف
ما خيص العالقة الداللية بني التجارة وزيارة الضريح قد ختضع يف جمملجا لطبيعة نشاط اجملتمع ،كفنجدها يف
اجملتمع الزراعي أكثر خاصة إذا ما اقرتنت بفرتة جين احملاصيل الزراعية ،إنضاف إليجا إمكانية تبادل السلع بني
سكان البوادي واحلواضر.
/0ربط المواثيق والعهود واالستخارة:
كانت األضرحة يف املاضي وال زالت إىل اليوم ،أماكن مقدسة تربم كفيجا العجود وتعقد كفيجا املواثيق بضمانة الويل
دكفني الضريح ،إذ ال جيرؤ أحد املتعاقدين على نكث العجد الذي أخذه على نفسه ،خماكفة أن ينزل الويل به العقاب،5
ومن املواثيق اليت مت عقدها جند عقود الزواج والبيع والشراء وغريها ،كما شكلت االستخارة بعض أسباب زيارة
األضرحة ،وذلك كون األجوبة اليت يتلقاها املستخري على شكل أحداث ووقائع ،تغلب كفة اختيار على آخر أو على
149
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
شكل رسائل مَرَمَزة يبعث هبا الويل املستفىت عرب األحالم لقاصد خيربه كفيجا بالفتوى املنتظرة ،حيث أن األحالم يف
الثقاكفة الشعبية يتم إدراكجا كلغة رمزية يتم التواصل عربها مع العامل اآلخر.1
/1التخلص من النحس:
ما على الزائر إال أن يتخلص من قطعة مالبسه ووضعجا على كوم من الشوك خمصص هلذا الغرض ،كفيسجن هبذا
الطقس كل سوء احلظ ال ذي ينغص عليه حياته ،ويعود إىل بيته آمنا مطمئنا ،كفعندما يلج الشخص إىل هذا العامل
الروحي بإميان مطلق وعارم ،يصبح كل شيء ممكن التحقيق ،وبدون اإلميان يتعطل كل شيء.2
/0حماية مداخل البلد:
شكلت األضرحة يف ذهنية بعض كفئات اجملتمع ذلك احلارس احلامي ملداخل البلد ،لذلك كانت معظم مداخل
حواضر املغرب األوسط حتوي أضرحة ومقابر للصاحلني ،وكانت ضواحي العاصمة تلمسان كلجا مرصعة بأضرحة
األولياء وال جندها كفقط يف املقابر القدمية واجلديدة كفحسب بل ويف معظم أرجاء الريف ويف قلب احلقول وعلى حاكفة
الطرق والبساتني ، 3ومداخل املدن حلمايتجا اليت غالبا ما كانت حتوي قبور شخصيات حمرتمة ومقدسة جدا 4لينال
املدخل بركة جوار صاحل ،5واعترب املرابط املدكفون يف مداخل أبواب املدن مبثابة عفريت حام لتلك املنطقة وحارس
قوي للمدخل اجملاور لضرحيه ،كفعليه أن يصد العدو ويدكفع املكروه من أن حيل إىل قلب املدينة.6
ومن القرائن اليت حفظتجا لنا النصوص التارخيية أن سلطان تونس احلفصي ملا وصل أمام تلمسان بغية دخوهلا
بالقوة تشاور مع وزرائه عن أي األبواب سيدخل منجا املدينة ،واجتمع الرأي عنده على الدخول من باب اجلياد ،لكن
قيل له أنه حيميه بومدين (ت192هـ 2291 /م) ،مث عزم على الدخول من باب العقبة كفقيل له أنه حيميه حممد
الدوادي ( ت201هـ 2022 /م) ،وملا عزم على الدخول من باب الزاوية ذكر له أن هذا الباب حتت محاية سيدي
احللوي ( ت727هـ2227 /م) ،وأخريا قرر الدخول من باب القرميدين 7ألنه ال حيميه أي أحد ،وكفعال قرر
150
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
السلطان احلفصي وجنوده الدخول من هذا الباب كفلما عزموا الدخول مل يستطيعوا ،ألن الباب حتت محاية ويل حي
هو عبد اهلل بن منصور الذي منع تلمسان من السقوط.1
وكذلك كان األمر بالنسبة لبقية أبواب تلمسان ،2كفأغاد ير القدمية يداكفع عنجا الويل سيدي وهب املدكفون بالقرب من
مدخل أغادير ،3وباب كشوط حتت محاية معمر بن عالية من الداخل وسيدي بومجعة من اخلارج ،4غري أن هذا
االعتقاد مت دحضه بدخول املستعمر الفرنسي ملدينة تلمسان واستباحتجا.
/1الزوايا واألضرحة كأماكن لالحتفال وإقامة األعياد
تعود جذور العادات االحتفالية باملغرب األوسط واملرتبطة بتعظيم القبور والبناء عليجا واختاذها أماكن مقدسة
وبقعا لالحتفال وإقامة األعياد إىل تاريخ ما قبل اعتناق اإلسالم ،لذلك كفإن الدور الريادي الذي استوعبته األضرحة
والزوايا ،والذي حول هذه املنظومة إىل مزاعم وطقوس ومعتقدات تتناسب مع األكفق الذهين السائد بانفتاحجا على
املوروث الديين املشرتك للمجتمعات الزراعية املتوسطية القدمية ،واستقطاهبا جلانب كبري من الشرائح املفقرة وحىت
املجمشة داخل هذه اجملتمعات ،األمر الذي يدل على عمق التحوالت اليت عايشتجا هذه املنظومة الدينية والثقاكفية
واتصاهلا العضوي بالتاريخ واإلنسان.5
تعترب ظاهرة زيارة األضرحة واألولياء من بني الظواهر اليت كانت منتشرة يف املغرب اإلسالمي ككل ،حيث كان
العامة من الناس يعتقدون يف األولياء ويقدروهنم وحيرتموهنم ويتقربون إليجم مبختلف الوسائل لنيل بركاهتم ،6ومنه كفزيارة
األضرحة أقل ما يقال عنجا أهنا ظاهرة ثقاكفية وسلوكية أنتجت مفاهيم وممارسات خاصة ،وعليه ميكن القول أن املغرب
األوسط ظل رهني هذه العادات الوثنية على مر العصور ،رغم وجود كفرتات طغت كفيجا عقيدة التوحيد وإكفراد اهلل
بالعبودية بعيدا عن املمارسات الوثني ة ،العائدة جذورها إىل قرون ما قبل التاريخ وعصور ما قبل اإلسالم ،واستمر هذا
الوضع لعدة قرون وحىت بعد جميء اإلسالم هلذه املنطقة ،وما جاء به من نواهي وزواجر ملثل هذه التعبدات والعادات.
بوعزيز :تلمسان ،ص 11؛ وخالد ،بلعريب ،الدولة الزيانية ،ص129؛ ومبارك ،بوطارن :مرجع سابق ،ص22؛ وعبد املالك ،موساوي :دور الزخركفة
يف احلياة احلضارية بتلمسان ،ط ،2اجلزائر :دار السبيل للنشر والتوزيع1022،م ،ص.20
-1جورج ،مارسي :املعامل األثرية ،ص .202-202نقل على البستان
-2تلمسان هلا مخسة أبواب ثالثة منجا يف القبلة باب احلمام وباب وهيب وباب اخلوخة ،ويف الشرق باب العقبة ،ويف الغرب باب أيب قرة .احلمريي:
مصدر سابق ،ص 221وهي نفسجا األبواب اليت ورد ذكرها عند البكري وهذا دليل على أهنا مل تتغري .املسالك واملمالك117/2 ،؛ وذكر حيي بن
خلدون أن هذه األبواب هي :ف القبلة باب اجلياد ،وشرقا باب العقبة ومشاال باب احللوي وباب القرمادين وغربا باب كشوط .مصدر سابق.90/2 ،
-3جورج ،مارسي :املعامل األثرية ،ص.202
-4نفسه ،ص.202
-5لطفي ،عيسى :مدخل لدراسة مميزات الذهنية املغاربية خالل القرن السابع عشر ،تونس :سراس للنشر2992 ،م ،ص.21
-6عبد العزيز ،كفياليل :تلمسان290/1،؛ خالد ،بلعريب :الدولة الزيانية ،ص.202
151
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
مل يكن بعض أكفراد اجملتمع مبعزل عن اختاذ الزوايا واألضرحة كأماكن لالحتفال ،باإلضاكفة إىل تقديس األولياء
وأخذ الربكة منجم يف إقامة االحتفاالت ،لتشكل البججة هبذه الربكة ،وعليه كفقد كان الناس خالل كفرتة حكم يغمراسن
بن زيان(017-022هـ2112-2121/م) باملغرب األوسط يقبلون إقباال كبريا على زيارة األولياء الصاحلني ،1كما
كانت منزلتجم تزداد ركفعة بني العامة وشعبتجم تقوى يوما بعد آخر.2
ومن ناكفلة القول أؤكد أنه مل خيل زمن من األزمنة عرب تاريخ املغرب األوسط ،إال وسجل ججودا ودعوات حملاربة
واستئصال العادات واملعتقدات الفاسدة والطقوس الوثنية اليت ال متت لإلسالم بأي صلة ،واليت تعود يف جمملجا إىل
عص ر ما قبل إسالم سكان املنطقة ،وجتدر اإلشارة إىل اجلجود واملواقف األوىل لعلماء املذهب املالكي األوائل من
أمثال اإلمام القرطيب (ت072هـ2171/م) 3الذي حرم البناء على القبور واختاذها مساجد وقباب ،واإلمام أبو الوليد
ابن رشد اجلد (ت110هـ2210/م) 4الذي أكفيت بوجوب هدم القباب والسقائف املبنية على القبور والروضات.
كما يسجل التاريخ موقف العالمة حممد املكي الناصري 5الذي تأسف على مظاهر عبادة األولياء والصاحلني
وغريهم ،ذاماً بعض ما حيدث عند تلك املشاهد واملقامات من ذبح لغري اهلل ونذر للقبور وتزويق وجتميل لألضرحة
وتربك برتاهبا وأثواهبا ، 6غري أن النصوص التارخيية دلت على وجود كفئات أخرى رحبت بفكرة البناء على القبور حمتجني
-1خمتار ،حساين :تاريخ الدولة الزيانية ،ص297؛ خالد ،بلعريب :املرجع السابق ،ص.202
- 2مفتاح ،خلفات :مرجع سابق ،ص.202
- 3مصدر سابق.212/20 ،
- 4كتاب مسائل أيب الوليد ابن رشد ،تح :حممد احلبيب التجكاين ،ط ،01بريوت :دار اآلكفاق اجلديدة ،جزءان.2091/1 ،
- 5كتاب التسيري يف أحاديث التفسري ،بريوت :دار الغرب اإلسالمي ،ط2912 ،02م 0 ،جملدات.
-6كل هذه اآلراء الفقجية وغريها وردت عند ابن مفلح املقدسي :مصدر سابق 100 /2 ،وما بعدها ،ومن بني أهم األسباب لعدم جواز البناء على
القبور واليت أمجع عليجا رأي الفقجاء أمجلجا الغماري احلسين يف كتابه وهي باختصار:
أ -كون اجلص واآلجر مما مستجما النار وال ينبغي أن يقرتب ذلك من امليت.
ب -العلة كفيه وجود الثقل على امليت واملطلوب التخفيف حوله.
ج -العلة كون البناء كفيه متييز عن سائر قبور املسلمني حوله.
د -إن البناء مينع من دكفن الغري معه.
هـ -كفيه تشبه بفعل الكفار من أهل الكتاب واملشركني من أهل اجلاهلية.
و -كفيه زينة دنيوية وال ينبغي ذلك ملن انتقل إىل اآلخرة.
ز -يدعو إىل اجللوس على القرب وهو منجي عنه شرعا ملا كفيه من أذية للميت بامتجانه.
ح -حيول بني امليت ومساع النداء والذكر وتالوة ما يتلى على قربه من القرآن وسالم املسلم عليه .احلاكفظ أيب الفيض أمحد بن حممد عبد اهلل الصديق
الغماري احلسين :إحياء املقبور من أدلة جواز البناء املساجد على القبور ،ط ،02مصر :مكتبة القاهرة1001 ،م ،صفحات متعددة.
152
الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة.
بالركفض يف حق عامة الناس أما األولياء والصاحلون كفنص مجاعة على جوازه بل استحبابه يف حقجم تعظيما حلرمتجم
وحفظا لقبورهم من االمتجان واالندثار الذي يعدم معه االنتفاع بزيارهتم والتربك هبم.1
خالصة ملا سبق شكلت الزوايا واألضرحة نقطة حتول يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط ،واكفرتق الناس بني مقدس هلا
حمبب لزيارهتا والتربك والدعاء عندها اعتقادا يف قدرهتا على املنح ،وبني راكفض لكل ما مل يرد كفيه نص صريح باجلواز
أو احلظر ،ودليلنا على قوة االعتقاد كفيجما هو بقاء الزاوية والضريح على يومنا هذا قبلة للكثري من الناس احلاملني
أمنيات احلاملني بقدرة دكفني الزاوية والضريح على حتقيقجا.
-1نفسه ،ص .0حول أهم األضرحة واملقابر باملغرب األوسط ينظر ملحق رقم .2
153
الفصل الثالث
انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية
المبحث األول :الحقل الطقوسي بالمغرب األوسط.
أوال :شجر رمضان
ثانيا :االحتفال بعيد الفطر.
ثالثا :موكب احلج وطقوس العبور.
رابعا :األضحية وطقوسجا.
خامسا :عاشوراء والزمن املتجدد.
سادسا :املولد النبوي.
سابعا :يوم اجلمعة.
المبحث الثاني :دورة الحياة وطقوسها.
أوال :الوالدة.
ثانيا :العقيقة.
ثالثا :اخلتان واكتمال الذكورة.
رابعا :الزواج.
خامسا :االحتفال بيناير وبداية السنة الزراعية.
سادسا :السلطان واملقدس.
المبحث الثالث :الموت وطقوس الجنازة.
أوال :أسباب كثرة املوت يف املغرب األوسط.
ثانيا :طقوس املوت.
ثالثا :الموكب الجنائزي والصالة على الميت.
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
إن املوسم 1خي ِ
ضع املقدس يف متظجره الزماين واملكاين آللية االنتجاك ،وهو ما جيعله على صلة كربى بالتوترات
االجتماعية وأشكال التنظيم االجتماعي القائمة ،إن املوسم حلظة جتديدية لعالقة اإلنسان حبقل القداسة ورسم
ملعامله وحدوده ،وكذا تداخل اجلماعات والفئات االجتماعية ،وهو ما جيعله ليس جتميعا للناس كفقط ،ولكن أيضا
ألشكال املتخيل وأمناط املعتقدات الكونية واحمللية.2
تعد املواسم واألعياد واالحتفاالت 3ظاهرة طقسية وأنثروبولوجية بامتياز ،غري أهنا يف نفس الوقت ظاهرة دينية
مركزية كوهنا حمملة بطقوس العبور 4يف حياة اجملتمعات البشرية ،كما يف جمتمع املغرب األوسط ،وهذا بسبب
املوروث الثقايف والتنوع الذي زخر به عرب عصوره املختلفة وصوال إىل القرن 9-7هـ21-22 /م ،وما تشتمل عليه
املواسم واالحتفاالت من ممارسات خمتزنة يف الذاكرة اجلمعية جملتمع الدراسة ،وهذا راجع لعدة عوامل جغراكفية
واجتماعية وثقاكفية ،دون أن ننسى طقوس احلزن والقرح املصاحبة للموت وتبعاته كطقس عبور.
جتدر اإلشارة إىل أن طقوس العبور السنوية واملومسية هي من الظواهر اللصيقة باإلنسان ،كفمنذ وجوده وجدت
معه احتفاالته وطقوسه دينية كانت أو دنيوية ،كفالظاهرة االحتفالية كصريورة إنسانية راكفقت وجود اإلنسان روحا
وجسدا ،كفلحظة الفرح واالنتصار واللقاء واستعطاف املقدس بدأت هكذا ،وألن اإلنسان كائن اجتماعي بطبعه،
وم، 1
سم به البعري ،واجلمع وس ٌ
الوسام :ما و َ
السمة و َ
الوسم :هو أثر الكي ،و َ
-املـَوسم :مفعل من َو َس َم تعين حمل وزمان املوسم ،أي هو معلمة االنعقاد ،و َ
وموسم احلج مسي َمومساً ألنه معلم جيتمع إليه الناس ،ويقال كذلك ومسوا مبعىن
واتسم الرجل إذ جعل لنفسه مسَةً يعرف هبا واجلميع َمواسم َوَميَاسيَ ،
شجدوا املوسم أي حضروا ذلك اجلمع .ابن منظور :مصدر سابق ،مج .020-021/21
-2نور الدين ،الزاهي :املقدس اإلسالمي ،ص.11
-3االحتفال هو أكثر حلظة مجمة ومقدسة يف حياة اإلنسان ،حيث جيمع عدد من أكفراد اجملتمع هبدف التعبري عن وججات نظر مشرتكة ،بفعالية
منظمة رمزية ،تؤدي يف مناسبات معلومة ذات طابع ديين أو اجتماعي .أنظر :مصطفى ،شاكر سليم :مرجع سابق ،ص202؛ Geroges,
Battaille: theorie de la religion,Tome7, Gallimard: paris, 1976,p312.
-4تعرب طقوس العبور عن انتقال شخص من حالة قدمية إىل حالة جديدة ،كاالنتقال من احلياة إىل املوت ،أو التوقف عن احلياة مث املرور إىل حياة
أخرى ،وهذا املصطلح ظجر للمرة األوىل على لسان "كفان جنني" سنة 2909م ،كفكل إنسان حسب نظريته مير مبراحل عدة خالل حياته ،وتتواكب
هذه التحوالت بطقوس خمتلفة طبقا لكل جمتمع ،كما يقصد هبا املراسيم االحتفالية اليت ترمز إىل االنتقال من مرحلة إىل أخرى ،ويف كل احلاالت هناك
عتبات جديدة ميكن جتاوزها ،عتبات الصيف ،عتبات امليالد واملراهقة والرشد والشيخوخة ،وعتبة احلياة واملوت ،بيار ،بونت وميشال ،إيزار :معجم
اإلثنولوجيا واألنثربولوجيا ،تر :مصباح الصمد ،ط ،1بريوت :املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع1022 ،م ،ص022؛ بينما هناك من يرى
بأن طقوس العبور تت جاوز الديين الذي عد حمدودا مجما اتسع ،إىل االجتماعي الذي ينفتح على كل مناحي احلياة الفردية واجلماعية ،نظرا لكون طقوس
العبور تكون مصاحبة لكل حتول يف املكان أو يف احلالة أو االهتمام أو يف الوضعية االجتماعية أو يف الوضع العمري .عبد احلميد ،بوهاها :طقوس
العبور يف اإلسالم ،تق :عبد اجمليد الشريف ،ط ،2بريوت :مؤسسة االنتشار العريب1009 ،م ،ص20؛ عمار ،بن طوبال" :الطقوس ومتثالت اهلوية
اجلمعية يف رواية مملكة الزيوان للصديق حاج أمحد مقاربة انثروبولوجية" ،جملة النص ،ع ،12اجلزائر ،1027 ،ص ص ،21-10ص .20
157
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
يستلزم منه أن يكون تواصلي ،وإذا كانت الظاهرة االحتفالية ظاهرة دينية ،كفإن الدين كان وال يزال آلية للمؤانسة
وارتباط البشرية ببعضجا البعض ،وباملقدسات اليت صنعتجا من تساؤالهتا وحاجاهتا ويف متخيالهتا.1
أهم املم ارسات الطقوسية املقدسة يف املغرب األوسط هي الطقوس الدينية خاصة االحتفالية ،والطقوس
الدورية واليت تشمل دورة احلياة ،واليت لعبت منذ زمن طويل دوراً بارزاً يف حياة اإلنسان املتدين ،2وبالتأكيد كفإن
طقس العبور ممثل بامتياز مبسار البلوغ والعبور من صف عمر آلخر أي من الطفولة إىل املراهقة والشباب ،غري أنه
يوجد كذلك طقس عبور الوالدة والزواج واملوت ،ومن بني طقوس العبور اليت سأخصجا بالدرس :طقوس االحتفال
باألعياد ،وطقوس امليالد واخلتان ،وطقوس الزواج ،والطقوس أثناء املوت وبعدها ،أين مت اخللط بني املقدسات
الدينية بالدنيوية.
المبحث األول :الحقل الطقوسي بالمغرب األوسط.
3
ال جدال أن سكان املغرب األوسط كغريهم من سكان املغرب اإلسالمي أبدوا اهتمامجم ،بالعادات
والطقوس االحتفالية يف األعياد الدينية بشكل كبري ،ألهنا تعد أياما مقدسة جتمع بني العبادة كالصالة والذكر
والصدقة والنسك والتجليل والتسبيح والتكبري ،وبني العادة وما كفيجا من توسع يف الطعام والشراب وامللبس والزينة
واملرح والسرور وسائر األعمال املستحبة ،وسيتم الرتكيز على عيدين دينيني مها عيد الفطر وعيد األضحى كعيدين
مقدسني ،دون أن أنسى أن العرف السائد عند جمتمع املغرب األوسط احتفاهلم باملناسبات الدينية األخرى اليت
ارتقت لديجم وأصبحت أعيادا مقدسة ،كاالحتفال باملولد النبوي الشريف ،وجتدر اإلشارة إىل أن تطرقي لألعياد
عند ساكنة املغرب األوسط سريتكز على املمارسات الطقوسية اليت أحيطت هبالة من القداسة.
158
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
-1عبد اهلل ،بن عبد الرمحن ابن احلارث بن مهام أيب العباس السبيت اهلواري (ت002هـ) :مناقب أيب العباس السبيت ،خمطوط رقم ،2291مكتبة امللك
عبد اهلل بن عبد العزيز 11 ،ورقة ،ب.22مكتبة رقمية.
-2الونشريسي :املعيار.229/2،
-3اإلحاطة يف أخبار غرناطة ،ط ،1تح :حممد بن عبد اهلل عنان ،القاهرة :مكتبة اخلاجني2977-2972 ،م 2 ،أجزاء.221/2 ،
159
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
وتعترب كفرتة الصيام مبثابة طقس مرور على اعتبار أن اجلسد مير من حالة حرقة اجلوع والعطش واحلرمان خالل
االمساك ،إىل حالة النشوة باالرتواء واالشباع عند االكفطار ،كفالصوم هو حماولة لتجاوز ما هو أرضي واالرتقاء إىل
ما هو علوي ومساوي ،ورمضان هبذا املعىن صريورة من أجل تطجري املسلمني.1
كما يعد هذا الشجر كفرصة للفقراء واملستضعفني واملتسوليني كي ينالوا نصيبا من الصدقات والعطايا ،وتتعدد به
الزيارات بني األقارب واجلريان واألصدقاء تدعيما ألواصر املواخات يف اجملتمع ،إذ يدعون بعضجم بعضا إىل
اإلكفطار يف منازهلم طوال شجر رمضان ،2يف املقابل كانت املساجد والزوايا تزين بالشموع والقناديل وبأنواع البخور
والعود والعنرب ،3ومن العادات املقدسة كفيما خيص عبادات هذا الشجر ،حرص الناس على حضور صالة الرتاويح،
حىت يف وقت القر والقيظ وشدة الربد كحضورهم باجلامع األعظم مبدينة تلمسان ،4وخاصة عندما يؤم الصالة
اإلمام أبو العباس الزواوي (ت112هـ2279/م) الذي كان يتميز حبسن الصوت.5
ولكون شجر رمضان شجر مقدس تتضاعف كفيه العبادة ،ملا ذكر من كفضل التججد والتعبد كفيه وقراءة القرآن
واحلديث ،كفإن كاكفة الناس كانوا يواظبون على قراءة األذكار وتأدية الصلوات باملساجد ،كما اعتاد سالطني املغرب
األوسط إحياء هذا الشجر بالقراءة يف مصحف سيدنا عثمان ،6ملا له من مكانة مقدسة يف نفوسجم.
160
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
وهناك مناسك أخرى يقوم هبا سكان املغرب األوسط على غرار باقي املسلمني كمنسك (التَ َسحر) السحور،1
إذ يعد تركه نقيصة يف حق هذا الشجر املقدس ويف صيامه ،وهلذا استعمل الناس عدة وسائل إليقاظجم وقت
السحور ،منجا "النفخ يف النفري ،"2وغالبا ما كان مؤذنو املساجد هم من يتوىل مجمة إيقاظ الناس للسحور.
سبقت اإلشارة إىل كثرة التعبد والنسك إال أن املتصوكفة كانوا يزيدون على ذلك لعظمة وقدسية هذا الشجر يف
نفوسجم ،إذ كانوا يغريون مكان إقامتجم إىل الزوايا قصد التفرغ للعبادة ،3ومنجم من كان خيتم القرآن الكرمي عدة
مرات يف رمضان ،4وتعترب ليلة النصف من رمضان ليلة مقدسة حتظى بطقوس خاصة كالتربع مبوائد اإلكفطار إىل
املساجد ،حيث تقام حلقة الذكر اليت تبدأ بعد صالة العشاء إىل غاية صالة الفجر.5
وجتدر اإلشارة إىل أن سكان املغرب األوسط كغريهم من املسلمني املغاربة كانوا يولون ليلة السابع والعشرين
من شجر رمضان عناية خاصة ،وحييطوهنا هبالة عظيمة من التقديس ،كفكانت على حد قول التاديل « :أعظم ليلة
داود) ،ويليجا األمري يف صدر اجليش والعساكر خلفه وعن ميينه ويساره ،ظل مصحف عثمان حمفوظا يف خزائن ملوك تلمسان من بين عبد الواد ،حىت
قدم أبو احلسن علي بن عثمان بن أىب يعقوب املريين إىل تلمسان يف أواخر شجر رمضان سنة 727هـ (2220م) ،واكفتتحجا سنة 721هـ كفظفر هبذا
املصحف ،كفاهتم به اهتماما خاصا وكان يقدمه أمامه على عادة املوحدين عند خروجه للقتال كفلما كانت وقعة السعيد انتجب املصحف الكرمي يف مجلة
ما انتجب ،واتفق أن وقع هذا املصحف غنيمة يف أيدي الربتغاليني الذين اشرتكوا مع القشتاليني واآلرجونيني يف موقعة طريف املعروكفة يف املصادر
املسيحية مبوقعة هنر سالدو يف 7مجادى األوىل سنة 722هـ ( 2220م) وانتجت هبزمية نكراء مىن هبا املرينيني ،ومل يدخر السلطان املريين ججدا
السرتداد املصحف كفأرسل إىل الربتغاليني التاجر أبا على احلسن بن مجى من مدينة آزمور ليخلص املصحف مبا يطلب كفيه من مال ،وجنح أبو على
احلسن يف مجمته وأعاده إىل السلطان أىب احلسن املريىن بفاس يف سنة 721هـ وذكر ابن مرزوق أنه أنفق يف اكفتداء املصحف آالف من الدنانري
الذهبية ،وهكذا أعيد املصحف األمام إىل كفاس بعد أن جرد الربتغاليون أغشية ومزقوا ما كان على دكفتيه من وشى وأحجار كرمية وأخذ ما عليه من
احللية املوجبة لغىن الدهر وطرح عاريا ،كف وجده رجل ودخل به تلمسان وهو غري عامل مبقداره ،وعرضه للبيع كفكان السمسار ينادي عليه بسوق بيع
الكتب بسبعة عشر درمها ،كفرآه بعض من يعركفه كفأسرع إىل أمري املسلمني يغمراسن(017-022هـ2112-2121/م) وعرف به .،واستمر املصحف
حمفوظا يف خزائن املرينيني ،وكان ذلك آخر العجد به إذ انقطعت أخباره منذ ذلك التاريخ..التنسي :مصدر سابق212 ،؛ سحر ،السيد عبد العزيز
السامل :أضواء على مصحف عثمان بن عفان ورحلته شرقا وغربا ،ط ،02مصر :مؤسسة شباب اجلامعة2992،م.صفحات متعددة.
الس َح ِر وشرابه ،وبضمجا :أكل هذا الطعام .كفجو بالفتح اسم ما يـتَ َس َّحر به ،وبالضم املصدر والفعل نفسه .ابن
السحور - :بفتح السني -طعام َّ
َّ -
1
161
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
يف هذا الشجر ،هي ليلة السابع والعشرين منه ،»1وتعترب ليلة القدر ذروة القدسية والربكة ،إذ تعد وقتا مقدسا
متميزا تقرر كفيه مجيع املصائر واألقدار ،وتكون كفيجا أبواب السماء مفتوحة أمام دعوات السائلني.2
مست الليلة اليت
ولعل ما يدل على أمهية هذه الليلة ما ذكره ابن اخلطيب (ت 770هـ2201/م) بقوله «:الت َ
هي خري من ألف شجر ،كفنشط الصاحلون بك صوماً وهجر املتججدون يف ليلك نوماً ،وأكملناك إن أذن اهلل
ثالثني يوما ،»3ويعود سبب تقديس هذه الليلة ألهنا تزامنت ونزول القرآن لقوله تعاىل ِ﴿ :إِنَّا أَنـَزلنَاه ِيف لَيـلَ ِة ال َقد ِر
(َ )2وَما أَد َر َاك َما لَيـلَة ال َقد ِر﴾.4
وتأسيا بسرية املصطفى عليه السالم 5اجتجد سكان املغرب األوسط كغريهم من املسلمني ،إلحياء واالحتفاء
هبذه الليلة املباركة واحتفلوا هبا أميا احتفال ،كفاجتجدوا يف تالوة القرآن يف تلك الليلة باملساجد اجلامعة ،مع وجوب
ختم القرآن كفيجا وإقامة صالة الرتاويح ،6وهو ما جعل الناس يججرون النوم رغبة يف بلوغجا وخوكفا من كفوات وقتجا
دون نيل أجرها.
ثانيا :االحتفال بعيد الفطر.
تشكل األعياد التقومي للمقدس ،7والعيد كما جاء عند ابن منظور «:كل يوم كفيه مجع ،واشتقاقه من َع َاد يَـعود،
وكأهنم عادوا إليه ،وقيل اشتقاقه من العادة ألهنم اعتادوه ،»8والعيد تصور حيوي مفجومني أساسني مها االجتماع
والتكرار ،وغالب الضن أنه مشتق من عيدا األرامية ( .)eida
-1ابن الزيات :املصدر السابق ،ص .222يقول ابن اخلطيب (ت770هـ2201/م)« :وظلت ليلة سبع وعشرين إحدى املواسم املختصة باستجالب
األمم وختييم اخليم واحتفال األسواق ،إن استعماله ملصطلح إحدى املواسم املختصة دليل على أهنا من بني أهم املناسبات االحتفالية اليت تناكفس يف
إحيائجا الزيانيني أمراء وعامة .نفاضة اجلراب يف عاللة االغرتاب ،تح :السعدية كفاغية ،الدار البيضاء :مطبعة النجاح اجلديدة2919 ،م ،ص.211
- 2عبد الغين ،منديب :مرجع سابق ،ص.229
-3اإلحاطة.221/2 ،
- 4سورة القدر ،اآلية.1 ،2 ،
-5اعتاد رسول اهلل ﷺ االحتفاء هبا وتلتمسجا يف العشر األواخر ويف الوتر منجا خاصة ،وحسبنا يف ذلك ما رواه البخاري(ت256ه) يف صحيحه عن
عائشة رضي اهلل عنجا أهنا قالت" :كان رسول ﷺ إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله ،وجد وشد املئزر" نفسه ،72/1 ،ورد يف باب التماس
ليلة القدر يف السبع األواخر ،رقم احلديث ، 1021حدثنا عبد اهلل بن يوسف أخربنا مالك عن ناكفع عن ابن عمر رضي اهلل عنه أن رجال من أصحاب
النيب رأوا ليلة القدر يف املنام يف السبع كفقال رسول اهلل ﷺ « :أرى رؤياكم قد تواطأت يف السبع األواخر كفمن كان متحريجا كفليتحراها يف السبع
األواخر» .البخاري :مصدر سابق.72/1 ،
-6ابن مرزوق :املسند ،ص ،222وهي من البدع املستحسنة حسب الونشريسي :املعيار.202/1 ،
-7الياد ،مارسي :املقدس واملدنس ،ص.01
-8ابن منظور :مصدر سابق.221/2 ،
162
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
163
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
ويصف لنا ابن اخلطيب (ت770هـ2201/م) حال الناس واستعدادهم هلذا العيد يف قوله «:هذا هالل
شوال قد طلع ،وكر يف منازله وقطع ،وغاب أحد عشر شجراً ،مث رجع...كفقل هو هالل الفطر أو قل هو هالل
العيد ،كفلقه صباح مشى الناس كفيه مشي احلباب ،ولبسوا أكفضل الثياب ،وبرزوا إىل مصالهم من كل باب،
كفارتفعت مهة اإلسالم ،وشركفت أمة حممد عليه السالم ،وخطب بالناس ودعا لإلمام ...مث انصركفوا راشدين...
ورجعوا على غري الطريق الذي أتوا عليه.»1
نستشف من كالم ابن اخلطيب (ت770هـ2201/م) بأن ذهنية ساكنة املغرب األوسط تدعوهم إىل تغيري
طريق العودة من املسجد بعد انقضاء صالة العيد ،كخطوة احرتازية يقومون كفيجا بالتخلص من كل الذنوب واآلثام
ال يت رمبا ال زالت عالقة هبم من شجر رمضان ،ومل متحى بسبب تقصريهم يف العبادات أو عدم بلوغجم ليلة القدر،
كفتغيري الطريق كناية عن التخلص من الذنوب يف املرة األوىل اليت ميرون هبا ،وجيب عدم املرور من نفس الطريق
خماكفة أن تلتصق هبم هذه الذنوب مرة ثانية.
أما صالة العيد كفكانت تقام يف العراء خارج أسوار املدينة أمام باب القرمادين ،2وحيضرها الناس من خمتلف
األعمار والفئات االجتماعية ،يتقدمجم السلطان يف موكب حاكفل ،ومن بني الطقوس األخرى املصاحبة هلذا
االحتفال ،جند أن الناس حيضرون كفيه أنواعا من احللوى كالكعك واملقروط والقريوش ،وتقدم يوم العيد مع مشروب
كالشاي والقجوة ،أما يف اليوم الثاين والثالث كفيتوجه بعض أصحاب الطرق الصوكفية لزيارة املقابر 3وأضرحة األولياء
الصاحلني مثل أيب مدين الغوث (ت192هـ2291 /م) بالعباد.
بالثناء ،وطلقت التوبة ثالثاً بعد البناء وغص الذراع بالسوار ،وختتم يف اليمني واليسار ،وأمسكت الثياب بأيدي األبكار ،ومشت اإلماء أمام األحرار
وتقدمت الدايات باألطفال الصغار ،وامتألت الدنيا سرراً ،وانقلب الكل إىل أهله مسروراً ،والسلطان يجنئ الناس بالعيد .اإلحاطة101/1 ،
- 1نفسه .101/1 :أمجع الفقجاء على أنه ال ينبغي ترك إظجار الزينة والتطيب يف األعياد مع القدرة عليجا تقشفا ألنه بدعة ،كما مل ينكروا لعب
األطفال وندبوا الرجوع من طريق أخرى غري اليت ذهبوا عليجا لصالة العيد أول مرة لشجادهتا وللتصدق على كفقرائجا .خليل أيب اسحاق بن موسى بن
شعيب اجلندي ضياء الدين أبو املودة :شرح منح اجلليل على خمتصر العالمة خليل ،تح :حممد عليش ،ط ،02بريوت :دار الفكر للطباعة والتوزيع ،
2912م.202-202/2 ،
-2حيي ،ابن خلدون :مصدر سابق 90/2،؛ جمجول :زهر البستان ،ص.29
-3حممد ،بن رمضان شاوش :باقة السوسان.12 /1 ،
164
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
-1مل يقتصر االحتفال على خروج موكب احلج ،بل تعداه الستقبال احلجيج عند عودهتم ،كما حدث مع يوسف بن يعقوب املالري أثناء عودته من
البقاع املقدسة وخروج الناس الستقباله .عبد العزيز ،كفياليل :الزاوية املالرية ،ص.222
- 2عبد العزيز ،كفياليل :أبو العباس السبيت أمحد بن مرزوق التلمساين ( سريته -مناقبه -رحلته إىل املشرق) ،ص ص ،110-111ضمن كتاب
دراسات يف تاريخ اجلزائر واملغرب اإلسالمي ،عني مليلة -اجلزائر :دار اهلدى1021 ،م،ص.122-120
- 3الياد ،مارسي :املقدس الدنيوي ،ص.19
- 4وهو عبارة عن محل حيمل اهلدايا الثمينة حلكام احلجاز والكسوة املخصصة لتغطية الكعبة الشريفة ،وال يفوتنا أن نذكر بأن االستعداد للحج يكون
يف الغالب مطلع شجر ربيع األول ،إذ ينادى يف الناس حبلول موسم احلج حىت يتجيأ القاصدون للحج ،بنداء املنادي بني الناس معلنا هلم بقدوم املوسم
حىت يستعد كل واحد منجم يف عقد النية ،وتبدأ الوكفود تصل إىل عاصمة املغرب األوسط – تلمسان -من الضواحي واألطراف ،مث ينطلق منجا احلجاج
يف موكب رمسي على اجلمال واخليل والدواب ،خيرتقون املدينة يف جو من االبتجاج والتجليل والتكبري ،وال سيما إذا كان املوكب يضم أحد أكفراد العائلة
احلاكمة كفيخرج اآلهل واألقارب وسكان تلمسان يف هبجة وسرور لتوديعجم .عبد العزيز ،كفياليل :أبو العباس السبيت ،ص.122-120
- 5ابن مرزوق :املناقب ،ص112؛ عبد العزيز ،كفياليل :أبو العباس السبيت ،ص.122
- 6حول هذا املوضوع ينظر املعيار للونشريسي يف جزئه الثامن؛ أبو حممد عبد اهلل بن ممد أمحد التيجاين :رحلة التيجاين ،تق :حسن حسين عبد
الوهاب ،تونس-ليبيا :الدار العربية للكتاب2912 ،م.
165
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
- 1ابن مرزوق :املسند ،ص . 220 :األضحية تؤسس الصلة مع العامل القدسي ،وتتحول إىل طقس عبور من الدنيوي إىل القدسي ،على اعتبار أن
الطقس يعمل دوما على جتسيد العالقة بني العاملني .عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص.217
-2اإلمام مالك بن أنس (ت279هـ) :املوطأ ،ختريج وتوثيق :صدقي مجيل العطار ،بريوت :دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،ط1001 ،2م،
ص.290
-3ورد عن ابن مرزوق أن الصاحلة ستم بنت الشيخ أيب علي حسني بن اجلالب ،أخربته عن أبيجا ملا أعطى رجال ربع دينار وقال له :اشرت يل به كبشا
مليحا ألضحييت قال :كفقلت :سبحان اهلل هو يعرف ربع دينار ال يوجد به ما طلب وعوايده يعطيين من غري تعني كفلم ميكنين مراجعته وقلت يف نفسي:
لعل هذا سببا كفتوججت ملواضع الشاوية وقضيت غرضي ومل يبق بيدي إال الربع دينار ،وكنت بدوار أيب منصور قال :كفمر يب رجل بقطعة غنم يقدمجا
كبش مل أر مثله كفن ظرت إليه ،وقلت مثل هذا ينبغي أن اشرتي للشيخ قال :كفقال الرجل :يا حسني! هات الربع دينار امحل الكبش للشيخ وأبلغه
السالم ،قال :كفدهشت كفأعاد على الكالم ثانية كفأخذت الكبش وقبلت يده وانصركفت ،كفلما وصلت إىل الشيخ قال يل :يا حسني! وعليه السالم هات
الكبش واسكت .املناقب ،ص.202
-4ابن الزيات :مصدر سابق ،ص . 201كفأحد السالطني كفرق ما يزيد عن "ألف شاه" من الضأن واملاعز على خمتلف الفئات االجتماعية من أمراء
وجند وكفقراء ،حسب ما رواه املقري :مصدر سابق.211/2 ،
- 5بوزياين الدراجي :مرجع سابق ،ص .117
166
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
أهنا جتوز داخل املساجد أيضا ويكون على رأس املصلني األمري أو السلطان الذي يدعو بعد الصالة للناس بدعائه،
وبعد أداء الصالة يضحى السلطان بأضحيته أمام املأل ويذبح الكبش بني يديه ،1ويستعمل يده اليمىن يف عملية
حنر األضحية ،2وما تقدمي الصالة على حنر األضحية إال الجتماع األمة حول اإلمام املضحي كاجتماعجم على
اإلمام املصلي ، 3ومن بني النوازل حول األضاحي هل هي معتربة بذبح اإلمام الذي تؤدى إليه الطاعة أو إمام
الصالة؟ كفكان اجلواب أن املعترب يف ذبح األضاحي اإلمام الذي يصلي بالناس ألن األضحية معتربة بالصالة،4
األمر الذ ي يقضي إىل إعالن أسبقية طقوس الكالم على طقوس الفعل ،ومن مثة سيادة الفريضة على الطقس،5
كما تنطوي عملية النحر يف كاكفة الثقاكفات البشرية على بعد قدسي.6
بعد إمتام صالة العيد كما سبق الذكر ،وبعد توجه اإلمام لذبح أضحيته بيده خارج اجلامع الكبري عند باب
الضحية بتلمسان ،تنقل بعدها األضحية إىل قصر املشور ،7وينتشر املصلون ليقوموا بذبح أضحياهتم 8تطبيقا لآلية
ك َواحنَر﴾ ،9ال ميكن الذبح قبل اإلمام إذ أكفىت اك ال َكوثـَر ( )2كفَ ِ
الكرمية من قول اهلل تعاىل﴿ :إِنَّا أَعطَيـنَ َ
ص ِّل لَربِّ َ
َ َ
كفقجاء املغرب األوسط بعدم جواز األضحية قبل اإلمام ،وال أدل على موقفجم من نازلة جاء كفيجا إذ مل خيرج اإلمام
-1عبد امللك حممد الباجي ،ابن صاحب الصالة (كان حيا سنة 192هـ 2291/م) :تاريخ املن باإلمامة على املستضعفني بأن جعلجم اهلل أئمة
وجعلجم الوارثني ،ط،2تح :عبد الوهاب التازي ،بريوت :دار األندلس للنشر2902،م ،ص217؛ وأكفرد اإلمام مالك بابا يف املوطأ للنجي عن ذبح
األضحية قبل انصراف اإلمام .ص.190
- 2ابن مفلح املقدسي :مصدر سابق 222/2 ،؛ طقس التضحية يتكون من السريورة من املراحل الثالث التالية :صالة العيد ،هتيئة األضحية ،وحنر
األضحية ،مث اعداد الوجبات الفاخرة والقيام باأللعاب الساخرة .عبد الغين منديب :مرجع سابق ،ص.222
- 3يرى الباحث نور الدين الزاهي أ ن التضحية حتكمجا ثالثة اسرتاتيجيات وثالثة مؤسسات ،أما االسرتاتيجيات يف اسرتاتيجية اإلسالم النبوي
واسرتاتيجية اجلماعة الدينية السياسية ،واسرتاتيجية الطرق واإلسالم الطقوسي ،أما عن املؤسسات كفجناك مؤسسة اإلمام املصلي واإلمام املضحي
ومؤسسة الوالية الصوكفية ،وتتمحور شرعيتجا مجيعا حول ثالثة قيم هي :الشرف -اجلجاد -الربكة .املقدس واجملتمع ،ص .0-1
- 4الونشريسي :املعيار21/1 ،؛ املازوين :مصدر سابق.119 ،
- 5نور الدين ،الزاهي :املقدس اإلسالمي ،ص.21
6 -Geroges, Battaille: Op.cit.p 544
-7املشور :قلعة املشور اليت قاومت صروف الدهر قرونا تتوسط املدينة ،أنشاها املوحدون بعد سيطرهتم على املدينة يف القرن 21م وبداخلجا دور
للسكىن ،ومسجدها مجيل ما يزال حىت اليوم ،و بنا يغمراسن بن زيان قصر املشور وعمره أوائل القرن الثالث عشر عند مغادرته القصر املرابطي الذي
كان موازيا للجامع األعظم ،كفقد وصف التنسي منازله اجلليلة وحدائقه النضرة ،وقد هدم بعض حجراته باي اجلزائر ،إثر ثورة قام هبا التلمسانيني على
احلاكمني ،مث قضى الفرنسيون على ما تبقي منجا سنة 2122واختذوا موضعه معسكرا إال أهنم تركوا صومعة قصرية مجيلة تدل على أنه كان للقصر
مسجدا .حيي ،بوعزيز :تلمسان ،ص27؛ وعبد العزيز ،كفراح :مرجع سابق ،ص 110؛ وخمتار ،حساين :موسوعة تاريخ9/2،؛ عبد العزيز ،كفياليل:
تلمسان.221/2 ،
- 8حممد ،بن رمضان شاوش :باقة السوسان.210 /1 ،
- 9سورة الكوثر ،اآلية .1 ،2
167
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
ضحيته إىل املصلى يوم النحر؟ كفكان اجلواب أن الذبح يوم النحر للضحايا مرتبط بذبح اإلمام أضحيته على
مذهب اإلمام مالك ،كفيجب على أهل البلد والقرية تصلى كفيجا صالة العيد جبماعة ،أن ال يذحبوا أضحياهتم حىت
يذبح إمامجم الذي صلى هبم العيد ،كفمن ذبح قبل أن يذبح إمامه وإن كان بعد أن صلى وخطب كفال جتزئه
أضحيته عند مالك وأصحابه.1
كفعل التضحية هنا هو كفعل مقدس كفالتضحية كما يعركفجا مارسيل ماوس :هي كل ممارسة تقتضي حنر حيوان
ما وكفق طقوس وقواعد دقيقة وحمددة ،تضفي دائما طابعا قدسيا على األشياء واألحداث اليت تنجز من أجلجا،
هي عملية حترر بالضرورة طاقة قدسية تعادل قدسية احلدث املضحى من أجله ،2ودم األضاحي دم مقدس ألنه
مقدم للتضرع هلل ،إال أن هناك بعض العادات الغريبة والبقايا الوثنية ،كاالحتفاظ مبرارة الكبش ورمي امللح قبل
الذبح وغريها من السلوكات ،وميكن اإلشارة إىل ما ميثله الكبش لدى سكان املغرب قدميا ،كفقد كانت هناك قبائل
تعبد الكبش.3
رغم زوال الديانة الوثنية من املغرب بعد جميء اإلسالم إال أن هناك من روج لفكرة البقايا الوثنية الكبشية
خاصة املستشرقني كما ورد يف الفصل األول ،وأهنا تتضح بأسىن جتلياهتا يف املمارسات التعبدية والرتكفيجية اليت
تواكب عيد األضحى ،وحسبجم كفاخلروف بالنسبة لكثري من القبائل األمازيغية زمن الدراسة ،كان ذا قيمة كفوق
جمرد األضحية اليت يراد منجا التقرب إىل اهلل ،لتتعدى وظيفتجا الدينية إىل تقديس أطراكفجا وجلودها وبعض
أعضائجا ،هذا دون احلديث عن التعويذات املصنوعة من قرون الكبش لدكفع العني واحلسد.
وهو نفس الطرح الذي تبن ته كتابات علماء االجتماع املعاصرين واليت أشارت إىل أن شعرية التضحية بكبش
عيد األضحى ،اصطدمت بقوة مبعتقدات القبائل الوثنية الكبشية اليت وكفدت عليجا شعرية عيد األضحى ضمن ما
وكفد من شعائر اإلسالم ،واليت كانت تعتقد يف الكبش األقرن الصورة الوحيدة لإلله ،إذ استشكلوا ذبح أكفضل
صور آهلمتجم اتباعا للدين اجلديد ،وهو األمر الذي ن ّفر الكبشيني من اإلسالم ،ودكفع مبن أسلم منجم إىل حماولة
التوكفيق بني اإلسالم والوثنية خشية لعنة قد تلحقجم من ذبح الكبش ،سواء بارتداء جلودها أو تقديس حلمجا
وقروهنا ،لإلبقاء على أكرب ما ميكن من وشائج الصلة باملعبود القدمي ،وكان كبش قعدة اخلروبة ذو التاج أو كبش
168
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
بوعالم أساس املعتقدات اليت أدت إىل عبادة اإلله آمون الذي حيمل رأس كبش والذي ظجر مث انتجى على كفرض
1
وجوده يف مصر عندما حل اجلفاف بالصحراء يف عام 2100ق م ومل يغادرها
هذه مناذج من السلوكات التقل يدية املرتبطة بشعرية األضحية واليت ليس هلا أساس ديين ،أو مربر عقالين أو
علمي ورغم شيوعجا نسبيا يف القرون األوىل كطقوس مصاحبة لألضحية ،إال أهنا سلوكات اجتجت حنو االحنسار
يف كثري من املدن والبوادي بتأثري من الفقجاء الذين حابوا مثل هذه املعتقدات.
ويرى الباحث روين جريار أن تبعات التضحية تؤدي إىل التحام اجلماعة ومتتني الروابط وتفريغ العنف الكامن
داخلجا ،هذا العنف الذي يجدد استمرارية وحدهتا واستقرارها ،كفالتضحية مكون رئيسي من املكونات األساسية
للمجتمعات البشرية ،وكل الثقاكفات هي منتوج لعنف أصلي مت جتاوزه عن طريق سن طقوس التضحية ،2وجتدر
االشارة إىل أن هذه الطقوس كانت منحسرة يف بعض املناطق اجلبلية يف األطلس الكبري وبدأت يف االختفاء
تدرجييا مع انتشار اإلسالم يف املنطقة.
خامسا :عاشوراء 3والزمن المتجدد.
يعترب أول حمرم بداية السنة اهلجرية عند املسلمني وهو يوم مقدس كونه يعلن عن بداية زمن جديد ،جتري كفيه
التطجريات لطرد الذنوب ،4عاشوراء تكون يف اليوم العاشر من هذا الشجر ،وحيتل هذا اليوم مكانة مقدسة يف
جمتمع املغرب األوسط على غرار باقي املسلمني لكن خصوصية االستعداد القبلي لليلة عاشوراء ختتلف وإن كانت
بعض العادات تعد رواسب تعلقت بذهنيات بعض الناس من كفرتة وجود الفاطميني باملغرب األوسط (-109
- 1عبد العزيز ،كفراح :مرجع سابق ،ص .222كما ساد االعتقاد قدميا بأن التضحية الدموية اليت يستجل هبا الفالح مومسه ،كانت هتدف إىل ضمان
خصوبة األ رض اليت تستعيد قوهتا من خالل حنر احليوان ،الذي حيرر دمه املراق تلك الطاقة اليت تعطي احلياة لألرض والنبات ،كفنجضة احلقل ليست من
صنع اهلل وإمنا من صنع روح احلقل نفسجاEmle, Looust: Mots et choses Berberes Notes de linguistique et .
dethnographie .Dialectes du Maroc, paris: Augustin challamel Éditeur, 1920 p 38
2 - René, Girard: la violence et le sacré, paris: Albin Michel Litterature Collection pluriel, 1990,
p144
-3عاشوراء هو اليوم العاشر من شجر حمرم احلرام ،ميزه اهلل بأحداث تارخيية مجمة وكفضائل ،منجا أنه اليوم الذي تاب كفيه اهلل على آدم ،وجنا كفيه نبيه
موسى من كفرعون وجنوده ،وهو اليوم الذي استوت كفيه سفينة نوح على اجلودي وجناه اهلل ومن معه من الطوكفان ،وهو كذلك يوم يرتبط عند املسلمني
بالصوم ،لكون الرسول ﷺ ملا قدم املدينة وجد اليجود يصومونه كفسأهلم عن ذلك كفقالوا إنه اليوم الذي جنا كفيه اهلل سيدنا موسى من بطش كفرعون ،كفقال
رسول اهلل ﷺ " :حنن أوىل بصيامه" ،كفصامه وأمر بصيامه ،صيح مسلم270/1 :؛ حىت يتميز املسلمون عن اليجود أمر الرسول ﷺ بصيام اليوم التاسع
والعاشر ،وش جد هذا اليوم اختالكفا وتباينا يف طرق االحتفال به ،إال أن صوم هذا اليوم يبقى القاسم املشرتك الذي يوحد سكان املغرب اإلسالمي .زين
الدين أيب الفرج عبد الرمحان بن أمحد ابن رجب (ت 791هـ) يف كتاب لطائف املعارف كفيما ملواسم العام من الوظائف ،تح :ياسني حممد السواس،
ط ،1دمشق -بريوت :دار ابن كثري 2999 ،م ،ص .222-201
-4الياد ،مارسي :املقدس واملدنس ،ص.02-01
169
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
211ه909-901 /م) ،كفقبل طلوع مشس اليوم العاشر تبدأ مرحلة االستحمام باملاء البارد ،حيث يتحول ماء
الربك واآلبار إىل ماء مقدس يبطل كل أشكال السحر والنحس وسوء احلظ والطالع ،1كفالرجال ال حيلقون رؤوسجم
والنساء خيضنب أيديجن باحلناء ،2ورغم أن استعمال احلناء ساري يف مجيع أيام السنة ،لكن التخضيب ليلة
عاشوراء يضفي عليجا نوعا من القداسة ،كفتصبح طقسا لسيقا هبذا اليوم.
ويصف ابن اخلطيب (ت770هـ2201/م) مظاهر االحتفال هبذا اليوم يف قوله« :كانت عاشوراء من بني
املناسبات اليت احتفل هبا الناس يف تلك الفرتة ،واستمر حىت أيامنا ،واقرتن أكل الدجاج هبذه املناسبة ،وهذا اليوم
كان يوم صوم وإحسان ،وهناك من اعتربه يوم هلو وترويح كفتشبه الرجال بالنساء ،وحىت اليجود والنصارى وضربوا
آالت اللجو على أشكاهلا.»3
نستنتج من خالل هذا النص أن هذه املناسبة هي كفرصة الجتماع أكفراد األسرة على موائد العشاء لتناول وجبة
الدجاج اليت تعد خصيصا هلذا اليوم ،وكذلك العزف والغناء ،باإلضاكفة إىل التخضيب باحلناء ،جند عادة االكتحال
واالستياك والتزين والتجمل ،واستعمال البخور وأكل الفاكجة اجملففة ،وهي عادات دالة على الفرح ،4وغريها من
العادات اليت اشرتك كفيجا املسلمون مع غريهم من األقليات اليت تعيش ضمن جمتمع املغرب األوسط يف إطار من
التسامح الديين.
يف املقابل هناك من الناس من كفضل ختصيص ليلة عاشوراء ملمارسة أكفعاهلم الشيطانية ،باللجوء إىل اقتناء مواد
السحر والشعوذة ،اعتقادا منجم بأن ليلة عاشوراء هلا تأثري بالغ يف إبطال أو حتقيق مفعول السحر ،ومن األمور
األخرى اليت حييي هبا املغاربة هذه الليلة "إشعا ل النار اللجب املقدس" وصب املاء ،كعادة ضمن االحتفال هبذه
الليلة العتقادهم بأن املاء تفيض منه الربكة كما تفيض على مجيع األمكنة واألشياء ،وخاصة ماء الضريح والذي
170
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
يصري يف اعتقادهم ماءا مطجرا شاكفيا ،أما تراب الضريح كفيصبح معاجلا ورادا لكل سوء ،1لقد سبقت اإلشارة إىل
ظاهرة التشايف برتاب القبور واألضرحة يف الفصل األول.
سادسا :المولد النبوي.
بدأت ظاهرة االحتفال باملولد النبوي يف املغرب اإلسالمي أيام الدولة الفاطمية مبصر ،منذ عجد اخلليفة املعز
لدين اهلل الفاطمي (201-222هـ971-912/م) الذي سن للمجتمع املصري االحتفال بستة مواليد وهي:
مولد النيب ﷺ يف الثاين عشر من شجر ربيع األول ،ومواليد آل البيت رضي اهلل عنجم ،2وأول من سن هذه املبادرة
يف املغرب اإلسالمي هو أمري سبتة الشيخ الفقيه احملدث أبو العباس أمحد بن حممد بن أمحد بن أمحد العزيف
اللخمي السبيت (022-117هـ2121-2202/م) ،3وألف يف ذلك كتاب بعنوان "الدر املنظم يف مولد النيب
املعظم" 4لكنه تويف قبل إكماله كفأمته ابنه من بعده ،وهو الشيخ أبو القاسم حممد (077-022هـ-2110/
2171م) ،وعلل سبب مبادرته لالحتفال هبذا املولد ملشاركة وتقليد مسلمي األندلس للمسيحيني يف كثري من
مظاهر حياهتم واحتفاالهتم ،من ذلك عيد املسيح وامتداد هذه الظاهرة ملدن العد َوة األندلسية.5
انطالقا من تعلق سكان املغرب األوسط بدين اإلسالم وتصديقجم بالرسول احلبيب ألِفوا ختليد ذكرى
مولده بطقوس ختتلف من منطقة إىل أخرى-على أن هذه االحتفاالت كانت منكرة وغائبة يف احلجاز ،-معتربين
الثاين عشر من ربيع األول عيدا رمسيا ال جيوز االشتغال كفيه ،كفرتاهم يستعدون لقدومه بأيام من خالل كنس الدور
-1عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص09؛ حنان ،محودا :مرجع سابق ،ص .220
- 2حسن ،السندويب :تاريخ االحتفال باملولد النبوي من عصر اإلسالم األول إىل عصر كفاروق األول ،ط ،2القاهرة :مطبعة االستقامة ،2921 ،وهي
مواليد علي ابن أيب طالب( 12قبل اهلجرة000/م) ،احلسن بن علي(2هـ012/م) ،احلسني بن علي(2هـ011/م) ،كفاطمة بنت الرسول ﷺ ( 27قبل
اهلجرة 001/م) ،وآخر هذه االحتفاالت مولد اخلليفة الفاطمي احلاضر .تقي الدين ،أبو العباس أمحد بن علي املقريزي (ت121هـ2222/م) :كتاب
املواعظ واالعتبار بذكر اخلطط واآلثار املعروف باخلطط املقريزية ،القاهرة :مطبعة األوكفست :مؤسسة احلليب وشركاؤه ( ،د.ت)290،292/2،؛ عبد
العزيز ،كفياليل :تلمسان.171-172 /2 ،
- 3العزيف صاحب سبتة هو الذي سن ذلك يف بالد املغرب ،وأتى بزلفى تدينه إىل اهلل وتقرب واقتفى الناس سنته ،وتقلدوا منه تعظيما للجانب الذي
وجب له السمو والعلو .املقري :أزهار الرياض يف أخبار عياض ،تح :مصطفى السقا وآخرون ،القاهرة :مطبعة جلنة التأليف والرتمجة والنشر2929 ،م،
122/2؛ « أول من أحدث ليايل املولد يف املغرب ما وضعه العزيف يف ذلك واختاره وتبعه يف ذلك ولده الفقيه أبو القاسم» الونشريسي :املعيار،
121/1
- 4جتدر اإلشارة إىل وجود مؤلفات حول املولد النبوي واالحتفال ب قبل هذا الكتاب كفقد ألف أبو احلسن أمحد بن عبد اهلل البكري
(ت110هـ102/م) كتاب :األنوار ومفتاح السرور واألكفكار يف مولد النيب املختار ﷺ ،وكان يقرأ يف سوق الكتبيني املقريزي :مصدر سابق.292/1 ،
- 5صابرة ،خطيف :كفقجاء تلمسان والسلطة الزيانية ،ط ،02جسور للنشر والتوزيع :اجلزائر1022،م،ص122، 120؛ حممد ،املنوين :ورقات عن
حضارة املرينيني ،ط ،2الرباط :منشورات كلية اآلداب -الدار البيضاء :مطبعة النجاح اجلديدة1000 ،م ،ص 112؛ عبد اهلادي ،التازي " :ملاذا
عيد املولد يف الغرب االسالمي" ،جملة دعوة احلق :اململكة املغربية ،ع ،2919 ،177ص.10
171
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
وطالء اجلدران واقتناء الطعام ،وتتناكفس النساء يف إعداد احللويات من خمتلف األشكال واألذواق بل هناك من
يسارع لشراء مالبس جديدة لألطفال واألهل حىت صارت مظجرا من مظاهر التباهي بني األسر.
وجرت العادة ببعض املناطق باملغرب األوسط أن يبدأ االحتفال منذ حلول مغرب ليلة املولد حيت تتداخل
أهازيج الفرحة برتاتيل األذكار واألدعية ،إذ جيتمع الرجال باملساجد لتالوة بعض سور القرآن والتذكري بالسرية
النبوية واستحضار قصائد الربدة واهلمزية وقصائد القاضي عياض ،وغريها وكان االحتفال يستمر إىل غاية الفجر،
بينما كانت بعض النسوة جتتمعن بإحدى الدور وبعد تذكري إحداهن خبصال النيب وبعض من مالمح سريته ،كن
يشرعن يف اإلنشاد والذكر بشكل مجاعي وباستعمال آالت موسيقية كالبنادير والتعاريج وغريها.1
ميكن القول أن الناس اكفرتقوا يف هذا األمر إىل كفريقني :كفريق ينكر االحتفال وينكر على من يفعله ،لعدم كفعل
السلف إياه وال جميء أثر يف ذلك ،ومن املنكرين الونشريسي(ت922هـ2109/م) يف معياره ،وكفريق يراه جائزاً
لعدم النجي عنه ،ولكل حجته يف هذا ،وال أنسى هنا أن التأثري املريين كان واضحا ،ومع هذا تبىن كفقجاء تلمسان
مبادرة االحتفال باملولد النبوي الشريف ومنجم الفقيه املتصوف أيب احلسن التنسي(ت199هـ2292/م) الذي
خرج من تلمسان يف سفارة أليب يعقوب يوسف أيام حصاره لتلمسان ،وحضر االحتفال باملولد النبوي وباليوم
السابع منه بناءً على رغبة السلطان ،2ومنجم ابن عباد الذي أباح عمل املولد وابن مرزوق ،بدليل تأليفه كتاب
أمساه جنا اجلنتني يف شرف الليلتني.3
وهناك الفقيه أبو موسى عيسى بن اإلمام وهو من كبار كفقجاء ومدرسي تلمسان وممن دخل يف خدمة أيب
العباس أيب مبادرة استحسن ممن كفجو املريين(729-722هـ2221-2222/م)، احلسن
العزيف(ت022هـ2121/م) وابنه أيب القاسم (ت077هـ2171/م) ردا على من أنكروا ذلك من كفقجاء
املغرب.4
لقد حتدث الفقيه ابن مرزوق اخلطيب(ت712هـ2279/م) بإعجاب حول عناية أيب احلسن
املريين(729-722هـ2221-2222/م) الشديدة باملولد النبوي ،كفجو من املؤيدين واملداكفعني عن االحتفال
- 1للمزيد ينظر حممد ،أديوان :الثقاكفة الشعبية املغربية (الذاكرة واجملال واجملتمع) ،الرباط :مطبعة سلمى1001 ،م ،ص 220وما بعدها.
-2صابرة ،خطيف :مرجع سابق ،ص.122
-3الونشريسي :املعيار.171/22 ،
-4صابرة ،خطيف :املرجع السابق ،ص.122
172
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
باملولد النبوي الشريف ويكفي دليال عنوان مصنفه «جىن اجلنتني يف شرف الليلتني» ويقصد هبما ليلة القدر وليلة
1
املولد النبوي.
وحيتج منكري هذا االحتفال ممن يقولون بعدم جوازه واعتباره من البدع احملرمة شرعا ،حبديث النيب ﷺ« :من
أحدث يف أمرنا ما ليس منه كفجو رد»"2وقوله« :كل حمدثة بدعة وكل بدعة ضاللة وكل ضاللة يف النار،»3
باإلضاكفة إىل وجود اختالف يف تاريخ مولده ﷺ إذ ال يستطيع أحد أن جيزم بأن مولد الرسول عليه الصالة
والسالم يف الثاين عشر من ربيع أول ،كفقد كان العرب يؤرخون باحلوادث ،والثابت أن النيب ﷺ ولد يوم االثنني من
ربيع أول عام الفيل ،ولكن تاريخ والدته عليه السالم خمتلف كفيه واملوثوق كفيه واملؤكد هو تاريخ وكفاته يف الثاين عشر
من ربيع أول ،ألن املذاهب املخالفة للسنة النبوية هي من ابتدعت االحتفال باملولد النبوي.
وهناك كفريق آخر أجاز االحتفال باملولد النبوي بصورة مقبولة أو حماكفظة كمجرد ذكرى طيبة يف شجر ربيع
األول ،يتم كفيجا دراسة سرية النيب الكرمي ﷺ والتقرب إىل اهلل تعاىل ببعض الطاعات ومنجا صوم ذلك اليوم ،دون
تشجيع على االحتفاالت املنكرة اليت يتم كفيجا ارتكاب بعض املخالفات ،من مدح مبالغ كفيه للنيب ﷺ ،وركفعه كفوق
منزلة العبودية أو النبوة ،ومن وقوع االختالط املذموم واملنكرات ،والرقص واستعمال آالت املالهي وغري ذلك من
مظاهر صارت مشجورة ومعروكفة تقام كل عام ،وأجازوا اختاذه يوم شكر وعبادة وصالة على النيب والذكر وهو من
القربات املشروعة يف مجيع األوقات ،4ويستدل أصحاب هذا االجتاه حبديث الرسول ﷺ إجابة ملن سأله عن صيام
يوم االثنني كفقال" :ذلك يوم ولدت كفيه وأحب أن أبعث كفيه".5
ِ
أما من عارض كفقد حاجج بأنه لو كان يف االحتفال خرياً ملا قال الرسول ﷺ" :ال تطر ِوين َك َما أَطَرت الن َ
َّص َارى
يسى اب َن َمرَميَ" ،ورغم مواكفقة بعض علماء تلمسان على احتفاالت املولد النبوي وتفضيل هذه الليلة على ليلة ِ
ع َ
القدر ،كما ذهب إىل ذلك اخلطيب ابن مرزوق (ت712هـ2279/م) ،كفإن علماء آخرين عارضوا بعض
السلوكات املصاحبة هلذه االحتفاالت ،واعترب املفيت أمحد الونشريسي (ت927هـ2101/م) اختاذ الطعام
خمصوص من املولد النبوي يف بعض االحتفاالت بدعة من البدع ،وأنكر اجتماع النساء والرجال به. 6
173
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
ورغم ما أثاره االحتفال من تعارض بني الفقجاء إال أن سالطني املغرب األوسط اعتادوا االحتفال باملولد النبوي
يف قاعة كربى من قصر املشور ،وجيلس السلطان وقرابته وحاشيته يف أمجل مالبسجم كفيستمعون للمدائح الدينية
وقراءة القرآن ،1كما اعتاد الناس هبذه املناسبة اخلروج والزغردة كفوق األسطح ساعة من الزمن ،أما الرجال كفأهنم
جيتمعون بعد صالة العصر أو املغرب باملساجد اجلامعة حول مجاعة من الطلبة الذين ينشدون منظومة الشيخ
العروسي (ت177هـ2272/م) يف مدح النيب ﷺ وعادة ما تدوم أربعة وعشرون يوما ألن املنظومة مقسمة من
أربعة وعشرين جلسة وتدوم القراءة مصحوبة بالتصلية على النيب ﷺ ساعة من الزمن.2
كما نظموا القصائد واملدائح لالحتفال ،وهو املنعطف التارخيي والثقايف الذي شجد ظجور قصيدة الربدة،3
واجتماع الناس يف املسجد واالنشاد بالقراءة اجلماعية للقرآن الكرمي واألمداح وحبلقات الذكر ،والتوجه إىل قرية
العباد ،4ويعترب أمرا ال بد منه ألصحاب الزوايا لزيارة ضريح الشيخ أيب مدين بن شعيب (ت192هـ2291/م)،
وهم يذكرون بأصوات عالية ذهابا وإيابا ،كفتثري إعجاب الناس بكثرة وخاصة إذا ما ميز ذلك قرع الطبول
واستخدام املزامري للعزف ،5إضـاكفة إىل إشعال الشموع وترديد الشعر الذي عرف باملولديات أو املديح النبوي،
وهو كفن أديب نشأ يف البيئات الصوكفية ،6أما الصبيان كفيشرتون الشمع ويقدمونه ملؤدبيجم يف الكتاتيب ،7وبدأ هذا
التقليد يف تلمسان منذ عجد السلطان أيب محو موسى الثاين(791-700هـ2219-2217/م) ،وحسب صف
التنسي(ت 199هـ 2292 /م) يف نظم الدر حول هذا االحتفال قال «:وحيتفل هلا مبا كفوق سائر املواسم،
يقيم مدعاة حيشد هلا األشراف والسوقة» ،وتبدو مظاهر االحتفال يف تلمسان من خالل الزينة والشموع واملرشات
174
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
يف الشوارع واألطفال احلاملني للمباخر ،أما داخل قصر املشور كفتلبس أثواب احلرير وتضاء الشموع والثريات،1
ويدور األطفال باملباخر واملرشات على احلضور حىت تفوح الرائحة الزكية وتعرض على احلضور ميقاتة املنجانة
الشجرية أو املنكانة ،2اليت تدق كلما مرت ساعة من الليل.3
وكمظجر آخر لالحتفال باملولد النبوي كثرت السري واآلداب الشعبية اليت ختاطب الوجدان ،ويضم هذا الفضاء
الوجداين كتب املرائي النبوية ومعراجات األولياء واألنبياء والبطوالت املأثورة عن الصحابة أو اخللفاء الراشدين،
وظجرت لنا املولديات 4واليت احتلت مكانة هامة يف الشعر الزياين خاصة شعر أيب محو الثاين(-700
791هـ2219-2217/م) وقد أورد منجا صاحب بغية الرواد إحدى عشر قصيدة نظمجا أبو محو
بينسنيت(772-700هـ) ،5كما أشار مؤرخي الدولة الزيانية باملغرب األوسط ،إىل اهتمامه باالحتفال بليلة املولد
الشريف شأنه يف ذلك شأن بين األمحر باألندلس وبين مرين بفاس وغريهم من السالطني.6
قال التنسي(ت 199هـ2292 /م) «:كان أبو محو -موسى الثاين ( 791-700هـ2219-2217/م)
يقوم حبق ليلة مولد املصطفىﷺ وحيتفل هلا مبا هو كفوق سائر املواسم يقيم مدعاة حيشر هلا األشراف والسوقة
175
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
وأعيان احلضرة على مراتبجم ،تطوف عليجم ولدان قد لبسوا أقبية اخلز امللون ،وبأيديجم مباخر ومرشات ينال منجا
كل حبضه ،»1وملا جاء مولد 21ربيع األول 701هـ 12 /جانفي 2202م «:أمر أبو محو الثاين بإقامة هذه
الليلة الشريفة املخصوصة باألسرار اللطيفة ،كفضاعف كفيجا اإلنفاق وزاد بزيادة امللك من كل ما حسن وراق،
كفكانت ليلة را ئقة اجلمال بديعة االحتفال...أكفاد املرائح الشعراء وواسى املزمزين الفقراء ،وتليت األمداح صورا على
الشادين ونثرت دررا بصناعة األستاذين.»2
ميكن القول أن الطقوس االحتفالية باملولد النبوي الشريف بعد أبو محو موسى الثاين (-700
791هـ2219-2217/م) مل ختتلف كثريا إذ واصل أبنائه األمراء الزيانيني على سنة والدهم كفيما كان خيصصه
هلذا االحتفال ،3كففي يف عجد أيب تاشفني الثاين (791-791هـ2212-2219/م) كفكان حيتفل لليلة مولد
املصطفى من دوحته يوليه حماربة األعداء ،4واستمر االحتفال باملولد النبوي يف املغرب األوسط كحدث مقدس
باهى كفيه السالطني يف التوسعة يف الطعام والشراب وتوزيع اهلدايا ملدة سبع ليايل متواصلة.
سابعا :يوم الجمعة.
وصالهتا واحلث على أدائجا واحلفاوة هبا من اغتسال وطيب وتبكري إليجا ،ولكن من غــري
عين اإلسالم بيوم اجلمعة َ
غلو وال إكفراط ،ولذا جند أن سكان املغرب األوسط وكعادهتم يف االحتفاء بأيام خمصوصة لقداستجا عندهم،
كفاهتمامجم بيوم اجلمعة اعتقادا منجم أنه يــوم آدم عليه السالم كففيه خلق ،وكفيه خلقت الروح ،وكفيه أسكن اجلنة،
يب عليه ،ومن التقاليد اليت أحدثت يف يوم اجلمعة واليت اعتربت من البدع ،قراءة ِ
وكفيه أنزل إىل األرض ،وكفيه تـ َ
القرآن مجاعة ،5واحلقيقة أهنا مباحة إذا كانت سليمة غري حمركفة ،وكذا بقراءة "احلزب" الذي َّ
رمسته الدولة املوحدية
واليت استمر بعدها ، 6وقد اعتاد الناس يف هذا اليوم أهنم خيصصون يوم اجلمعة بعد الصالة على الزيارات ومبا
176
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
تقتضيه هذه املناسبة العظيمة يف نفوسجم كفقد كانت هلا قدسية خاصة ،كفأبو عبد اهلل حممد بن حممد بن أيب بكر
ابن مرزوق كان يزور إخوانه يف اهلل بعد صالة اجلمعة مبسجد تلمسان القدمية.1
من خالل دراسيت ملظاهر املقدس يف الطقوس االحتفالية باملغرب األوسط ،تبني يل أهنا كانت حتظى مبكانة
خاصة يف نفوسجم ،رغم ما شاهبا من طقوس جانبت مبادئ الشريعة اإلسالمية ،لكن عكست يف جمملجا
متسكجم بإحياء املناسبات الدينية وبكل ما يصاحبجا من عادات وتقاليد وأعراف.
المبحث الثاني :دورة الحياة وطقوسها.
عرف جمتمع املغرب األوسط جمموعة من الظواهر الطقوسية ذات اخلصوصيات االجتماعية واألنثروبولوجية،
واليت ترتبط بدورة احلياة من والدة وعقيقة وختان وخطبة وزواج واملوت وغريها ،واليت غالبا ما ارتبطت بتحوالت
بيولوجية يف احلياة واليت أحدثت حتوالت يف الوضعية االجتماعية وأحيانا يف العالقات االجتماعية للشخص املعين
هبا ،2وتعد هذه الطقوس مكونا رئيسيا من مكونات اهلوية والذهنية اليت ميزت اجملتمع.
أوال :الوالدة.
الوالدة هي التحول األول الذي ي طرأ على اإلنسان ،إذ ينتقل مبوجبه من عامل ما قبل احلياة إىل عامل احلياة،
والذي يعرب عن اهلوية اجلماعية للمجموعة البشرية اليت ينتمي إليجا املولود اجلديد ،وميثل كفيجا قطع احلبل السري
الذي يربط بني املولود وأمه بداية طقوس العبور ،ويصنف هذا الفعل ضمن طقوس اإلنفصال ،3كفالوالدة والوضع
مها التجربة الكونية الصغرى لعمل منوذجي مكتمل باألرض ،وكانت العادة عند بعض األسر بوضع الوليد اجلديد
على األرض ،كفاملولود ما أن يولد ويقمط حىت يوضع حاال على األرض ( على األرض األم) وبعدئذ يركفع من قبل
األب بإشارة اعرتاف ،4هذا األمر يف األصل كان سابق إلسالم ساكنة جمتمع املغرب األوسط ،وتعرب تلك
الطقوس كممارسات اجتماعية عن عمق هويتجم وثقاكفتجم.
شجدت طقوس الوالدة يف املغرب األوسط استعدادات خاصة الستقبال املولود اجلديد ،وجتدر اإلشارة إىل أن
الزوج كان حيبذ إجناب الذكور على اإلناث إلعانتجم له على أعباء احلياة يف املستقبل ،هذا ما كان شائعا يف
اعتقادهم ذلك الوقت ،وهلذا الغرض استخدم الناس طرق بسيطة وبدائية لتحديد جنس املولود ،كالقول حبركة
177
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
اجلنني الذكر قبل األنثى ،وبتموضع الذكر من ججة اليمني أما األنثى كفتتموقع ججة اليسار ،باإلضاكفة إىل أنه
خالل كفرتة احلمل عمل الزوج على تلبية رغبات زوجته ،وخاصة ما تشتجيه من مأكوالت حىت لو كان أمر جلبجا
صعبا ، 1وتدعى هذه الفرتة بفرتة الوحم أو الوحام ،وعند ازدياد املولود حيتفل أهله ،كفتذبح الشاة لليوم السابع بعد
الوالدة وتسمى "العقيقة" ،2ومن عادات هذا اليوم ختضيب يد املولود باحلناء ،3وسنتعرف على العادات االحتفالية
مبناسبة العقيقة بشكل موسع يف العنصر املوايل.
قصدت بعض النساء ممن استعصت عليجن الوالدة األضرحة والزوايا ،العتقادهن بقدرهتا على التخفيف من
أآلم املخاض وتسجيل عملية الوالدة ،وكذلك كان أن مؤدب الكتاب يقوم بإرسال الصبيان يطلقون رداءً ميسكون
بأطراكفه ويتجولون يف طرق املدينة مرددين بعض الدعوات ،وأثناء قيامجم هبذا العمل يلقي أصحاب الدكاكني
واملارة التني والبيض والدراهم ،4ومير الصبية بأضرحة الصاحلني باملدينة ويغطسون الرداء يف السواقي والصجاريج
حىت تنكسر بيضة أو عدد من البيض املوجود يف الرداء ،كفيعتقدون أن احلامل قد وضعت وختلصت من أوجاعجا
كفيعودون ،ويستحوذ املؤدب على ما كفيه من مواد ودراهم.5
بعد الوالدة يبدأ أول طقس قويل (اآلذان) يف أذن املولود اليمىن محاية له من األذى وإبعاد األرواح الشريرة،
وتبدأ بعدها وكفود املجنئني بالقدوم للمباركة وإبداء الفرحة باملولود اجلديد ،واعتاد الناس هبذه املناسبة تقدمي اهلدايا
ألهل املولود ،وكانت بعض األسر تتعامل مع ميالد الذكور عكس ميالد اإلناث كما سبقت اإلشارة ،ومنه كفميالد
الذكر كان مدعاة الفرحة والسرور يف األسرة أكثر من ميالد األنثى ،6ومبناسبة االحتفال مبيالد األطفال مت إعداد
حلوى املدائن الكبرية اليت حتتوي على أصناف من الفواكه وهذا النوع من احللويات صنع يف األسر الثرية دون
غريها.
178
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
ثانيا :العقيقة.1
تعد الوالدة كطقس مركزي يف جمتمع املغرب األوسط ،لكن تلحق به طقوس أخرى ال تقل أمهية ،واليت هتدف
لدمج املولود داخل اجملتمع بعد والدته بتحنيكه واختيار امسه وصوال إىل طقس العقيقة وحلق شعر الرأس ،وتبدأ
هذه الطقوس يف اليوم السابع "السبوع" والذي عادة ما يكون هو اليوم الذي يسمى كفيه املولود اجلديد ،2كفعندما
يولد الطفل ال ميلك سوى وجود طبيعي كفلم يعرتف به بعد من قبل العائلة ومل يقبل من اجلماعة ،والطقوس
امللحوظة مباشرة بعد الوالدة هي اليت تضفي على الوليد اجلديد حالة "احلي" مبعىن الكلمة وبفضل هذه الطقوس
كفقط يدخل يف مجاعة األحياء ،3من هذه الطقوس جند طقس العقيقة وهي عادة إسالمية هلا مكانة متميزة يف
سلم األعراف والعادات االجتماعية إمتزج كفيجا الثقايف بالديين.4
ظجرت يف بالد املغرب عادة احتفال الناس مبولودهم حيث يعدون العقيقة لذلك ،وتتكون من خروف أو أكثر
ونوع من احللوى ي سمى العصيدة ،ويطعم من ذلك الفقراء وأقارب أسرة املولود ،ويكون االحتفال عند قص أول
خصلة من شعر الطفل ،وتكون غالبا يف اليوم السابع من والدته ،5كما هي السنة على األرجح ،ويف هذا قال
الونشريسي(ت922هـ2109/م) «:ويف ذلك اليوم تقص خصلة من شعر املولود ،6مث يؤذَّن له يف أذنيه بقدر ما
يَسمع ،وقد تلجأ األمجات لوضع بعض التمائم واحلروز اليت تعلق يف أعناق أوالدهن ِحفظاً هلم من العني ،وتقام
الوليمة يف العقيقة بذبح خروف وحتضر العصيدة من الشعري ويطعم منجا األهل والفقراء من الناس ،»7إن العادات
-1العقيقة :معناها لغة القطع ،أما شرعا كفتعين الذبح عن املولود ،وحكمجا شرعا سنة مؤكدة لقوله ﷺ وكفعله ،أما قوله :كفجو ما أخرجه البخاري يف
صحيحه عن سلمان الضيب قال :قال رسول اهلل ﷺ مع الغالم عقيقة كفأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه األذى ،أما كفعله :كفلحديث ابن عباس أن رسول اهلل
ﷺ عق عن احلسن واحلسني كبشا وكبشا ،ويف رواية أخرى عن أنس كبشني .100/1.
-2موكفق ،زازوي :جدلية الذكورة ،ص .92
- 3الياد ،مارسي :املقدس واملدنس ،ص.221
- 4عبد احلميد ،بوهاها :مرجع سابق ،ص.72
- 5ابن الزيات :مصدر سابق ،ص212؛ ويف موضع آخر ذكر التاديل أن املتصوف أبو يلخيت األسود (ت 001هـ2101 /م) أهدى أحد الفقراء
ثورا ليطعمه أهله ألن زوجته نفست ومل جيد ما يطعمجا إياه أو يقيم به حفل العقيقة ،النص دليل واضح على أن العديد من األسر يف املغرب األوسط
كانت تويل احتفال العقيقة أمهية خاصة ،كما يدل على الدور البارز للمتصوكفة ومسامهتجم يف احلياة االجتماعية وتفاعلجم معجا .ص .217جاء يف
موطأ اإلمام مالك أن كفاطمة بنت رسول اهلل ﷺ وزنت شعر حسن وحسني وزينب وأم كلثوم كفتصدقت بزنته كفضة .ص.200
-6الونشريسي:املعيار 11/2،؛ ارتبطت احلالقة يف الالوعي اجلمعي الذكوري باعتباره كفعل تطجريي ينطوي على جزء خارجي جسدي وجزء داخلي
روحي ،كحماية من اخلطر الذي يرمز إليه الشعر حني حيلق ،وعن الرغبة يف انتزاع الطفل من العامل األنثوي بأسرع وقت ممكن ،لتطعيمه بالقيم الذكورية
كما أن حلق الشعر عالمة على الرغبة يف حتديد هوية املولود ودجمه يف عامل الرجولة .زازوي موكفق :جدلية الذكورة ،ص .91
-7الونشريسي :املعيار .11/2،وكانت بعض األسر تقوم بعد ذبح بأخذ جلد الذبيحة إىل األم اليت تقوم بإدخال املولود يف جوف اجللد الذي مل يفقد
حرارته بعد مث يأيت محام املولود .عمار ،بن طوبال :مرجع سابق ،ص .22
179
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
املتعلقة بتعليق التمائم واحلروز ل تجنب العني احلاسدة وحلماية املولود ظلت من املعتقدات املجمة جدا واملصاحبة
للعقيقة لزمن طويل ،إذ تركت آثارها يف بعض املناطق اليت كانت تابعة للمغرب األوسط يف العصر الوسيط إىل
يومنا هذا.
أما عن موقف الفقه من االحتفال بالوالدة والعقيقة وما صاحبجما من طقوس وعادات كفقد أجازوه واستحبوا
وب»1 اق يـَعق َ اق َوِمن َوَر ِاء إِس َح َ اها بِِإس َح َ
ضح َكت كفَـبَشَّرنَ َ
البشارة باملولود اجلديد لقوله تعاىل «:وامرأَته قَائِمةٌ كفَ ِ
َ َ َ َ
ص ِّدقًا بِ َكلِ َمة ِم َن اللَّ ِه َو َسيِّ ًدا ِ
َن اللَّهَ يـبَشِّرَك بيَح ََي م َ
وقوله «:كفَـنَ َادته الم َالئِ َكة وهو قَائِم يصلِّي ِيف ال ِمحر ِ
اب أ َّ َ َ َ ٌ َ َ
ني »2باإلضاكفة إىل ما سبق كفقد استحبوا حتنيكه عندما يولد مبضغ مترة مث يدلك هبا حنك وحصورا ونَبِيًّا ِمن َّ ِِ
الصاحل َ َ ََ ً َ
املولود ملا يف الصحيحني من حديث أيب موسى رضي اهلل عنه قال« :ولد يل غالم كفأتيت النيب ﷺ كفسماه إبراهيم
وحنكه بتمرة» ،أما عن موقف الفقجاء من االحتفال بإقامة العقيقة للمولود كفأهنم استدلوا بقول اإلمام مالك
بوجوهبا واستحباب العمل هبا كما بني شروط الشاة اليت يعق هبا ،3لكنه كره طعام العقيقة للصانع إذا كان من
أجل السمعة والفخر بشرط مواكفقته لليوم السابع ،وأجاز طعامه وأكله حالل للمصنوع له ،أما ما كان منه قبل
ذلك أو بعده كفال كراهة كفيه ألنه ال يعتد به عقيقة وال جيزئ عنجا ،4لذا جند أن الزيانيني تناكفسوا يف إقامتجا احتفاال
منجم مبواليدهم ذكرانا كانوا أو إناث.
وإذا كان الرقم سبعة يف ثقاكفة جمتمع املغرب األوسط اليت يتجاوز كفيجا الديين واألسطوري ،كفإن اختيار اليوم
السابع للقيام بالعقيقة وما يصاحبجا من طقوس ليس أمرا عفويا بل راجع للذهنية الدينية املرتبطة بالرقم سبعة كما
سجلناه يف ا الحتفال باملولد النبوي والذي استمر لسبع أيام ،وجد كذلك يف طقوس العبور لسبوع املولود ،وسبوع
العروسة ،وسابع امليت وغريها ،وهو نفس الشيء مع الرقم أربعني إذ يعترب اليوم األربعني آخر يوم تغلق كفيه
الطقوس املقدسة للوالدة واحتفاليتجا حيث تنجي األم النفساء ارتباطجا بالعامل السماوي ،وحسب ما يعتقد يف
املخيال االجتماعي حول النفساء كفجي يف هذه املرحلة تقف على عتبة املقدس وتكون منتمية إىل عاملني عامل
180
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
علوي مالئكي كفأبواب اجلنة مفتوحة أمام دعواهتا طيلة األربعني يوما وهي مدة النفاس ،وعامل دنيوي ترجع كفيه إىل
حياهتا العملية أين تكون يف حالة خصوبة من جديد.1
ثالثا :الختان 2وإكتمال الذكورة.
اخلتان طقس مرور أساسي يتم بفضله بناء اهلوية الرجولية ،والشروع يف استيعاب النصوص الثقاكفية املرتبطة
بالقيم الذكورية ،وتأكيد األصل األبوي من خالل عملية غرس قيم اهلوية الذكورية ومشاعرها ،والدمج يف عامل
الرجولة وحصول الولد على شيء من السلطة ،وبداية التفوق على كل نساء العائلة ،3كفاخلتان بكل ما حيمله من
دالالت اجتماعية ورموزية مباركة من طرف التصورات الدينية اليت تربطه على املستوى الشعيب الذهين باإلسالم
حصرا ،ويتمظجر كداللة على العبور من حالة الطفولة إىل حالة البلوغ ،ومن مثة االستعدادات للتكليف واملسؤولية
والفاعلية يف إطار اجملتمع الذي سيعيش كفيه.4
وملا كان اخلتان من سنن الفطرة لقوله ﷺ« :الفطرة مخس اخلتان واالستحداد وقص الشارب وتقليم األظاكفر
ونتف اإلبط» 5ولقوله ﷺ للرجل الذي أتاه كفقال« :قد أسلمت يا رسول اهلل قال ﷺ ألق عنك شعر الكفر
واختنت» ، 6كفإن سكان املغرب األوسط كغريهم من املسلمني كانوا خيتنون أبنائجم ويقيمون هلذا احلدث احتفاالت
باهرة ،وهناك من كان يبالغ كفيجا خاصة من الطبقة اخلاصة والسالطني ،إذ كانت تصرف أموال مجة ويستدعى
املغنون ،وهو ما أنكره بعض الفقجاء ،لكن هناك منجم من حضر ملثل هذه االحتفاالت ،باعتبارها أهم طقوس
عبور يف حياة اإلنسان.
181
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
هلذا ع َد طقس ختان األطفال لدى جمتمع املغرب األوسط من أهم مظاهر الفرجة االحتفالية ،وبدأ التحضري
له مبجرد وصول الطفل إىل م رحلة البلوغ ،هذا إذا مل يكن قد خنت يف صغره مبناسبة العقيقة ،وأطلق على هذه
املناسبة" :ا َخلتَان" و"الطّجارا" و"اإلعذار" ،1وكان اخلتان يف العرف مرحلة كفاصلة تظجر كفيجا الذكورة ،وتعرب رمزية
الوالدة الثانية عن نفسجا حبركات ملموسة كفقبل أن جيرى اخلتان يكون الطفل موضع احتفال ،ويضحي األب
خبروف ،2أو أكثر حسب استطاعته ،ويف نفس الوقت حتقيق هذا الفعل الذي يعترب سنة مؤكدة ،ومن خصال
الفطرة اليت يكتمل هبا منو اإلنسان.
تعامل سكان املغرب األوسط مع عملية اخلتان حبفاوة كبرية ،كفأقاموا هلا احتفاالت كفاخرة ،وغالبا ما كان الوقت
الذي خينت كفيه الصبية هو بلوغجم سن اخلمس سنوات أو ما يقرب منجا مما يعين لزوم ختانه ،ومن الطقوس
املصاحبة للختان " طقس احلَ َمام" كفيبدأ اعداد الطفل للمرور إىل عامل الطجارة والتمييز اجلنسي مث إلباس الصيب
ثياب خاصة ،أين يراعى كفيجا وجود اللونني األبيض واألخضر ،وتدل هذه األلوان على الطابع الديين هلذا الطقس،
كفاألبيض واألخضر يرمزان إىل الصفاء والطجارة ،3أما طقس" ليلة احلناء" كفيتم كفيه وضع احلناء يف يد وِرجل الصيب
على خالف ،وتضعجا عادة اجلدة أو إحدى العجائز لنيل الربكة ،وختلو ليلة احلناء يف العادة من أي حضور
ذكوري ،عكس ذلك يف حلظة اخلتان أين يفصل الصيب عن عامل النساء كفال حيضر عملية اخلتان إال الرجال.
يأيت احلَ َجام ( 4الطجار) إىل الدار ويباشر العملية حبضور املدعوين الذين يقدمون للطفل نقودا لتشجيعه على
ما يقاسيه من أمل ،وعادة ما يتم دعوة األهل واألقارب إىل حفل موسيقي لتلك الليلة ،وحتضر جمموعة من
الع ِذير ،ولعل أصله من -1اإلعذار يف اللغة العربية هو االسم الذي يطلق على الطعام الذي يقدم يف هذه املناسبة ،ومسوه كذلك :العِذار و ِ
العذيرة و َ
َ
العذرة اليت هي قلفة الصيب ،وكذلك العذرة اليت هي البكارة ،ومنجا وصفت البنت البِكر بالعذراء ،وعلى هذا األسلوب يف التسمية أطلقوا على وليمة
الزواج "العرس" ،وعلى طعام الوالدة" :اخلرس" ،وعلى طعام القادم من السفر" :النقيعة".
ِ
اخلرس و اإلع َذار و النَّق َيعة وقد مجع معظمجا يف هذا البيت :ك ُّل الطَّعاَم تَشتَ ِجي َر َ
بيعةَ
- 2الياد ،مارسي :املقدس واملدنس ،ص229؛ عبد الغين ،منديب :مرجع سابق ،ص .201
- 3عبد الغين ،منديب :املرجع السابق ،ص.200-201
وحجوم .ابن منظور :مصدر سابق.27/2 ، اص ِه كفَ ِم املِحجمة وقد حجم َحي ِجم حجما ِ
-4احلجام املصاص يقال للحج ِام مصاص المتِص ِ
وحاجم ََ ً َ َ ََ َ ََ َ َ ََ ََ
واحلجم املص واحلجام املصاص ويدخل ضمن وظائفه اخلتان ،والشراط حمرتف الشراطة وهو أخذ الدم من اجلسم بآلة تسمى املشرط ويرادكفجا احلجام
والشالط .أبو احلسن علي بن حممد التلمساين ،اخلزاعي (ت719ه 2217/م) :خمتصر الدالالت السمعية على ما كان يف عجد رسول اهلل ﷺ من
احلرف والصنائع والعمالت الشرعية ،ط ،2إعداد :أمحد مبارك البغدادي( ،د.م) :مكتبة السندس2990 ،م ،ص212؛ أبو العباس ،أمحد بن سعيد
اجمليلدي :مصدر سابق ،ص91-92؛ وردت نازلة عن جدة ألم أتت حبفيدها إىل احلجام يوم سابعه كفختنه كفمات .الونشريسي :املعيار.222/1 ،
182
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
األطعمة يف شكل وليمة هلذه املناسبة أطلق عليجا كما سبق الذكر "الطجارة" ،1وقد يكون استعمال مفردة الطجارة
كنقيض للنجاسة ،وم نه ختليص الطفل من الدنس والنجاسة اليت كانت تصاحبه يف صغره ،ونقله اىل مرحلة أخرى
يكون كفيجا ملتزما أكثر.
واجلدير بالذكر أن طقس اخلتان كطقس عبور يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط مل يكن مبعزل عن االعتقادات
الشعبية املتعلقة بالربكة والكرامة واملرتبطة بآيام ذات داللة ،هلذا اعترب يوم السابع والعشرون من رمضان أو ليلة
عاشوراء أكفضل األوقات خلتان األطفال ملا حتمله هذه الليايل من هالة أسطورية متعلقة بتحقيق األماين والتطجر عرب
احلصول على الغفران ،هلذا مت توظيف كل هذه املعاين الرمزية وشحذها من أجل مد اخلتون بالربكة ،اليت تراكفق ما
يؤديه اخلتان من وظيفة اجتماعية مرتبطة بالتحول الذي يطرأ على الفرد ويسم انتقاله من وضع أدىن إىل وضع
أرقى.2
حاول بعض املؤرخني املستشرقني الطعن يف مدى التزام سكان املغرب األوسط بالتعاليم اإلسالمية يف حماولة
إلرجاع كل طقوسجم ملا قبل إسالمجم ،وقوهلم بأن الطقوس املمارسة يف مشال إكفريقيا تعود إىل أصول رومانية ناكفني
كل جتذر للمقومات اإلسالمية يف ثقاكفة شعوب املغرب اإلسالمي ،ومن بني هؤالء جند السوسيولوجي إدوارد
مونيت الذي أورد يف كتابه "املقدسات اإلسالمية يف الشمال اإلكفريقي" 3أن هناك جمموعة من القبائل الرببرية
ميارسون طقوس اخلتان ،حبيث أهنم غري منسجمني مع املسلمني على مستوى سلوكاهتم ،وعلى الرغم من أنه كان
يقصد الفرتة احلديثة وليس الفرتة الوسيطة ،إال أن احلقيقة التارخيية أثبتت حسن إسالم سكان املغرب األوسط
واجتجادهم يف اتباع تعاليم الشريعة اإلسالمية وكفق نصوص القرآن والسنة النبوية ،وهو ما يؤكد امتداد حسن
إسالمجم إىل الفرتة اليت مشلتجا الدراسة مما يفند طرحه.
- 1بسام ،كامل عبد الرزاق شقدان" :تلمسان يف العجد الزياين( 901-022هـ2111 – 2121 /م)" ،رسالة ماجستري ،جامعة النجاح الوطنية،
(نابلس – كفلسطني) 1001 ،م ،.ص 200؛ حممد بن رمضان شاوش :باقة السوسان12 /1 ،؛ زازوي موكفق :جدلية الذكورة ،ص.97
- 2عمار ،بن طوبال :مرجع سابق ،ص 21عن عبد احلميد ،بوهاها :مرجع سابق ،ص.222
3-Edourd Montet: Le culte des saints Musulmanes dans L’Afrique de Nord- et plus spécialement
au Maroc.Librairie Georg et Cie Genève, 1909.p 105.
183
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
رابعا :الزواج.
اعترب الزواج رمزا للتعفف وجتنب الوقوع يف الرذيلة ،لذا نظر اجملتمع إىل راكفضيه نظرة ريب وشك يف أخالقجم
وسلوكياهتم ،يف املقابل جند أن الزواج طقس عبور من مجاعة اجتماعية دينية إىل أخرى ،كفاملتزوج شاب يرتك مجاعة
الع َذاب ليساهم منذئذ مع مجاعة أرباب العائلة ،وكل زواج يقتضي توترا وخطرا ويثري أزمة وهلذا ينجز بطقس
العبور ،1وال تكاد عادة الزواج يف املغرب األوسط ختتلف عما كان موجودا يف البالد اإلسالمية حبكم التواصل
واالحتكاك ،باإلضاكفة خلضوعجم لنفس العادات والتقاليد.
إذا وقع اختيار شاب على كفتاة ورضيجا زوجة له أرسل وكفدا خاصا خلطبتجا من ويل أمرها ،غري أن املصاهرة
كانت ختضع للطبقية 2يف أكثر األحيان ،كفرتى األسر العريقة تتقدم إىل مثيلتجا يف اجلاه واملال والعلم أو النسب
الشريف ،ومثال ذلك زواج أبو عبد اهلل حممد بن مرزوق (ت012هـ2111/م) جد اخلطيب بابنة الفقيه أيب عبد
اهلل الكتاين الذي كان من كبار أعيان مدينة تلمسان ماال وجاها ،3بينما الطبقات الفقرية أو املعدومة كفكانت هي
األخرى تتصاهر كفيما بينجا ،إذ سجلت لنا بعض النوازل ألن هناك نساء يف البوادي والقرى ممن وصفن بأهنن من
أهل الدناءة والفساد يف قدرهن ،إذا أردنا الزواج ومل يكن هلن ويل كفإهنن كن يقصدن إمام مسجد القرية ليتوىل
تزوجيجن ،بغرض إصالح حاهلن وشأهنن عن طريق الزواج.4
تعد اخلطبة أوىل خطوات الزواج ،وال تتم هذه املرحلة إىل مبساعدة اخلاطبة ،وال يلجأ للخاطبة إذا كان
أهل العريس على معركفة أو قرابة بالعروس كما كفعل الشيخ الفقيه أبو إسحاق إبراهيم التنسي(010هـ2112/م)
عندما أوصى بأن تزف ابنته خدجية أليب العباس أمحد بن مرزوق والد اخلطيب(ت722هـ2222/م) ،5وأحيانا
أخرى مل يكن يلجأ للخاطبة ،وبعد االنتجاء يتم التفاوض حول املجر.6
وبعد مرحلة اخلطبة تأيت مرحلة اإلعالن ،وطوال كفرتة اخلطوبة كان الزوج يقدم العديد من اهلدايا لعروسه.7
184
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
من بني العادات والطقوس املصابة إلعالن الزواج مرحلة تزيني العروس ،حيث كانت حترص على أن تكون يف
أهبى حلتجا ،1وليست هي كفقط من يعمل على ذلك ،كفكل النسوة اللوايت حيضرن العرس حيرصن على ذلك 2كما
استعملت النسوة وسائل كثرية للتزيني كفكانت املاشطة تشرف على تصفيف شعورهن 3وكانت تقوم أحيانا بتقطيع
شعر إحداهن وتعطيه ملن ال شعر هلا وتعمل هلا سالفا لتزيينجا ،4كما رمسن على أجسامجن مبا يعرف بالوشم،5
تزينا كما اختذ لالحتماء من العني واألرواح الشريرة ،وأشركفت على هذه العملية امرأة عركفت بالوامشة ،واليت كانت
تقوم بشق اجللد مث حتشوه أي اجلرح بالكحل حىت خيضر.6
وهكذا لو تتبعنا أشكال ورموز الوشوم على أجساد النساء ،والعادات والطقوس يف أعراس املغرب
األوسط ،أللفينا كفيجا أثرا من آثار املعتقدات واملقدسات اليت عركفجا املغاربة يف العجود القدمية ،واليت احندرت إليه
من املشرق يف الغالب ،حيث وجدت يف البيئة املغربية جماال خصبا لرعايتجا وتثبيتجا يف النفوس ،وهي بطبيعتجا بيئة
تساعد على تغذية ختيل اإلنسان ملا وراء الكون املنظور.
استمرت بعض العادات واملمارسات الطقوسية املقدسة هبذه املناسبة ،واستمرت معجا النسوة يف االجتجاد على
إبراز مجاهلن يف األعراس حىت لو اقتضت احلاجة استعارهتن للحلي حلضور الزكفاف ،ومن كانت تفتقر إىل كسب ما
تذهب به حلفل الزكفاف من احللي كانت تستعري ما يلزمجا من صديقاهتا ،7وعلى كل كفإن النسوة احلاضرات كن
يتميزن باألناقة واجلمال ،حىت كان يصعب التفريق بينجن وبني العروس ،لوال التاج الذي كانت تضعه العروس على
8
رأسجا ،بينما تشرتك مع باقي النسوة يف التحلي بسوار الذهب وخالخل الفضة وعقود اجلواهر.
185
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
أما عن جانب اللجو واملوسيقى كفقد كان حاضرا بقوة كفقد استعمل سكان املغرب األوسط آالت الطرب
والغناء ، 1كما استعملوا املغنيني وكانت أكثر احتفاالهتم جماال للغناء هي األعراس ،واستعان املغنون مبجموعة من
األدوات مثل الشبابة املزمار البوق القانون الطسوت ،2كما مت استدعاء املغنون واملغنيات وغالبا ما كانوا من
السودان الشتجارهم بالرقص والضرب على الدكفوف ،3ومل يقتصر األمر عليجم كفقد احرتف آخرون هذا العمل،
كفالعديد من الزهاد قبل اعتزاهلم حلياة اللجو واجملون كانوا يغنون يف األعراس.4
ِوالشتمال حفالت الزواج على الكثري من املناكر واملفاسد كفإن الفقجاء قد دعوا إىل جتنب احلضور إىل مثل
هذه املناسبات ،وذكر لنا الونشريسي(ت922هـ2109/م) صفة العرس الذي عارض الفقجاء احلضور إليه
قائال «:صفة العرس أن حيضر املزامري...كفيجتمع مع الفساق وخيرجوا هلم إىل موضع واسع ،كفيجلبون اخلمر
ويشربوهنا ،وإن كان الليل حيضرون النساء والزواين خمتلطات معجم ،وجتمع أهل املوضع الرجال معجم النساء كفوق
أسقاف الديار وعلى اجلدران والطرق ،» 5وألن الناس استعملوا الغناء واملوسيقى يف إقامة أكفراحجم واحتفاالهتم،
كفإن الفقجاء نددوا هبذه الظاهرة وانتشارها باملغرب األوسط ،ويؤكد لنا هذا الطرح تنديد القاضي أبو الفضل قاسم
العقباين (ت 112هـ2210/م) ،باجتماع النساء على احتفال أو تزيني كفيحلقن دائرة على رجل غري حمرم يغنيجن
ويطرهبن »6ويف تنديده أيضا «باجتماعجن للمالهي والرقص 7ويف منع استعمال البوق والعود.8
ومعروف أن الرقص كان عند سكان املغرب األوسط كما كان عند اجملتمعات القدمية قبلجم وعرب عن نشاط
اإلنسان يف حياته العقدية والعملية ،ورمزا للنمو واالزدهار ،وارتباطه باحلركة واإلشارة يوحي مبا له من عالقة
-1وأما الغناء كفجو نسب األصوات ومظجر مجاهلا لألمساع هذه الصناعة هي تلحني األشعار املوزونة بتقطيع األصوات على نسب منتظمة معروكفة يوقع
كل صوت منجا توقيعا عند قطعة كفيكون نغمة مث تلف تلك النغم بعضجا إىل بعض على نسب متعاركفة كفيلذ مساعجا ألجل ذلك التناسب ابن خلدون:
املقدمة ،ص 111و .109
-2املصدر السابق ،ص.170
- 3الونشريسي :املعيار.112/2 ،
-4ابن الزيات :مصدر سابق ،ص .207أبو إسحاق إبراهيم ابن عبد الصمد الصنجاجي (ت190هـ) كان سبب توبته أنه كان يف حداثته حمبا للجو
يغين يف األعراس ويضرب الدف كفخرج يوما مع مجاعة من الشباب يغين هلم ويضرب دكفه هلم كفأبصروا أبا شعيب أيوب السارية وهو مقبل إىل ججتجم
كففروا حياء منه وبقي وحده كفوصل إليه أبو شعيب ودعا له كفنفعه اهلل بدعوته ،ص 222وكذلك أبو علي منصور الصنجاجي كان مسركفا على نفسه يغين
يف األعراس ويلعب كفيجا مث نزعت به إىل اهلل مهة عالية كفلحق بالصاحلني وتوجه من بلده إىل مكة كرمجا اهلل على قدميه ثالث مرات.ص.229
- 5الونشريسي :املعيار.112/2 ،
-6العقباين :مصدر سابق ،ص.77
- 7نفسه ،ص.71
- 8العقباين :مصدر سابق ،ص.99
186
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
بطقوس قدمية ،وكان اجلسد الراقص يف االحتفاالت يعد جسدا مقنعا بأالعيب طقوسية وإيقاعات موسيقية ال يتم
استنباطجا وكفك تسنيناهتا ،إال مبا يتولد عن هذا اجلسد من هزات وإمياءات تعطيجا حضرة الطقس وحرارة الرقص
واملوسيقى وطبيعة الفضاء ونوعية الزمان كمظجر آخر جيعلجا تلعب دور قناة للعبور من البعد اخلفي إىل الظاهر
واجللي ،الذي جيدد جوهره مالمح الكيان العرقي لألقليات الثقاكفية اليت حتن إىل استعادة أصوهلا.1
ومن العادات األخرى يف أعراس املغرب األوسط عادة الوليمة ،واليت تعد طقسا مجما إذ ال ميكن أن يقام
الزكفاف بدوهنا ،لذا جند أن اليوم األول من العرس خيصص لذبح اخلراف والشياه بينما يكون اليوم الثاين خمصصا
الستقبال الضيوف وإطعامجم ،ويف الليل يقام حفل الزكفاف والذي انقسم إىل حفلني واحد يقام يف النجار للرجال
والثاين يقام ليال للنساء ،2وكان من املتعارف عليه أن يقوم الزوج بإرسال هدية من جزور أو حلم إىل بيت والد
العروس كي يعدوا طعاما يأكل منه أقارب العروسني ليلة الزكفاف ،ويف العرس استخدم الطجاة لطجي الطعام وهتيئ
احللويات الالزمة للعرس.3
االحتفاالت اليت تقام مبناسبة الزواج تكون على شكل وليمة كبرية لألهل واألصدقاء ،وتسمى وليمة
العرس ،تذبح كفيجا الذبائح وتقدم هبا األطعمة للمدعوين ،والواقع أن وليمة العرس وليمتان إحدامها للنساء وتقام
يف بيت العروس واألخرى يف بيت العريس ،ورمبا أقيمت الوليمتان يف بيت واحد ،4وأكرب وليمة قدمت يف عرس
هي وليمة زواج بنت املوىل أيب تاشفني عام (702هـ2202/م) وقال عنجا صاحب زهر البستان « :كفكانت
ركبة مل تصنع إال ألبناء جنسجا ،وحاشى أن يكون عرس قبل عرسجا ،ذحبت كفيه األبقار واألغنام وجرى األسبوع
بالشراب والطعام.»5
ومن العادات يف بعض مناطق املغرب األوسط عند خروج العروس من بيت أبيجا تصحبجا النسوة وال تبقى
معجا إال واحدة من أهلجا ،وإذا مضى ثلث الليل تصحبجا إىل غركفة زوججا حاملة معجا كيس من التمر واجلوز
وبيض مسلوق تقدمه كجدية له ليعطيجا هو بدوره ألحد مراكفقيه ليوزعجا على أصحابه ،ومن عاداهتم أيضا أن
تقدم العجوز املصاحبة للعروسة إناء من املاء وتصب منه يف كفيجا ليشرب منجا العريس مث تعيد نفس العملية مع
187
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
العروس ،لكن يقوم بإكفراغه يف الصحن وذلك لتكون كلمتجا أدىن من كلمة الرجل ،مث يقوم العريس ليصلي ركعتني
ويضع يده على ناصيتجا ويدعو اهلل.1
أما احملطة األخرية من مراحل االحتفال يف العرس هي ليلة الدخول بالعروس « ،وكانت عملية الدخول تقع
وكفق طقوس خاصة ،يدخل العريس يف جو من اخلشوع والقداسة ،يدخل برجله اليمىن ويغلق الباب برجله
اليسرى ،ويتأكد من أن العروس ال حتمل معجا أي طلسم أو متيمة إىل غريها من التحويطات الطقوسية ،ليختلي
بعروسه يف غركفة من غرف املنزل الذي يقام كفيه احلفل خمصصة هلذا الطقس ،وجتلس امرأة إىل جانب باب الغركفة
تنتظر إعالن كفض بكارة العروسة ، »2ويعترب هذا الطقس املقدس من أهم طقوس املرور بالنسبة للجنسني معا
كفجذا الطقس دليل على عذرية املرأة وشرف عائلتجا ويف املقابل دليل على كفحولة الرجل.3
ويستمر االحتفال بالزواج سبعة أيام متتالية ،وعرف اليوم األخري بسابع العروسة 4وكفيه يعود إليجا أهلجا
ويلبسوهنا حزاما من احلرير ،ويبارك هلما احلضور من أهلجا وأهل العريس مبا يقدمونه من الدراهم كل حسب
طاقته ،5واختلف عادات لبس احلزام من منطقة إىل أخرى ،إال أهنا محلت نفس الدالالت ،ويرمز احلزام إىل احلزم
والعزم ،مبعىن أن املرأة أصبحت مستعدة للقيام باملجام العائلية ،وبذلك يشكل طقس احلزام خامتة كفرتة راحة العروس
واالخنراط يف احلياة اليومية العادية. 6
ويف األخري ميكن اإلشارة إىل أن نكاح الكتابيات من أهل الذمة 7يف املغرب األوسط إذا تزوجت مسلما مل خيتلف
كثريا يف طقوسه ،أما كفيما خيص الويل كفإن مل يكن هلا ويل كفيتوىل أخ هلا أو األسقف تزوجيجا إذا طلبت منه ذلك،
على أن تلتزم الكتابية باالغتسال وجتتنب أكل كل ما هو حمرم ،وأن ال تقرتب مما يكرهه زوججا املسلم ويشجد
على عقد القران مسلمني ، 8أما كفيما خيص باقي العادات االحتفالية كفال توجد الكثري من االختالكفات حبكم
التداخل والتجاور.
-1مفتاح ،خلفات :قبيلة زواوة ،ص 121 ،122نقال عن مؤلف جمجول :سرية زواوة ،ورقة.2-2
-2الوزان :مصدر سابق.100-299/2،
-3نور الدين ،طواليب :مرجع سابق ،ص29؛ موكفق ،زازوي :جدلية الذكورة ،ص.200
-4الونشريسي :املعيار.201/2،
-5مفتاح خلفات :مرجع سابق ،ص ،121نقال عن مؤلف جمجول :سرية زواوة ،ورقة.2
-6زازوي موكفق :جدلية الذكورة ،ص.202
-7لفظ "الذمة" يعين حق املواطنة واحلرمة واألمان وحرية املعتقد وأهل الذمة هم املعاهدون من اليجود والنصارى .كفياليل ،عبد العزيز" :األقلية املسيحية
يف املغرب األوسط ( اجلزائر) منوذج حلياة السلم والتسامح" ،ص:72-12ضمن كتاب :دراسات يف تاريخ اجلزائر والغرب اإلسالمي ،عني مليلة –
اجلزائر :دار اهلدى1021 ،م.ص.12
-8مجال ،أمحد طه :مرجع سابق ،ص.20
188
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
- 1يعود التاريخ األمازيغي -حسبما تداولته الكتب التارخيية -إىل 910قبل امليالد ،أين قاد امللك األمازيغي شاشناق معركة ضد الفراعنة وانتصر
كفيجا ،ليكون أول ملك يف عصره يقجر الفراعنة ويرتأس مملكة األمازيغ يف مصر ،ومنذ ذلك احلني بدأت الرزنامة اخلاصة باألمازيغ يف عد أيامجا.
- 2عبد الرحيم ،العطري :مرجع سابق ،ص .220كما أن للموسم مسميات أخرى كالزردة – الطعم – املعروف -الوعدة – الركب وهي مسميات
ملسمى واحد هو االحتفال الذي يقام بشكل سنوي أو دوري حول ضريح ويل صاحل معني .نفسه ،ص.221
-3العقباين :مصدر سابق .11 /1،هذه العادات واملم ارسات ضلت تتوارثجا األجيال لعدة قرون وبقاء بعضجا إىل يومنا هذا يؤكد هذا الطرح.
-4العقباين :مصدر سابق .12/1 ،
- 5مجيل ،محداوي :مرجع سابق ،ص.0-2
189
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
ذلك ابن خلدون (ت101هـ2201/م) ،4وأن اإلسالم كسائر الديانات الكربى احتفظ يف خزانته مبكانة خاصة
للطقوس االستمطارية اليت اختزهلا يف صالة عادية تسمى صالة االستسقاء ،واليت مل يستطع اإلسالم حسب
رأيجم من إلغاء أشكاهلا االستمطارية األخرى واليت ظلت تكشف عن أصوهلا الوثنية رغم أسلمتجا وإحلاق إسم اهلل
هبا ، 5لكن احلقيقة التارخية أكدت دائما على أن اعتناق سكان مشال إكفريقيا للدين اإلسالمي بدد بل حمى وأزال
مجيع املعتقدات الوثنية واستبدهلا مبعتقدات وطقوس إسالمية.
سادسا :السلطان والمقدس.
صورت املصادر التارخيية الوسيطة سالطني املغرب األوسط والذين ينتمون لبين زيان يف صورة السلطان الذي
ميارس سلطة كفوق الطبيعة ،كفجميع ما يصدر عنه من أكفعال وأقوال ال ميكن الطعن كفيجا ،حىت أن هناك مصنفات
أكفردت لوصف السالطني املغرب األوسط ووصف اخلصال والسجايا واملزايا اجلسدية والذهنية اليت يتميزون هبا،
كبغية الرواد ليحي بن خلدون ونظم الدر للتنسي.
كذلك خصصت املدونة الوسيطة جزءاً كبريا منجا حملاولة إثبات النسب الشريف للسالطني لكي تضفي عليجم
صفة القداسة الدينية حتت املضلة السياسية ،مما ساهم يف منح السلطان احلق يف سن قوانني وإعطاء األوامر
والنواهي دون اعرتاض من الرعية ،ذلك أنه يف اعتقاد الناس الشخص الوحيد املالك حلق "املنح" أو "املنع" كفجو
وحده له احلق يف منح شعبه العطايا وتوزيع الصدقات على الناس وإظجار كرمه يف كل مناسبة خاصة الدينية
كاالحتفال باملولد النبوي واألعياد وغريها ،وكدليل على مكانة اثبات النسب الشريف أذكر بيت شعري يف مدح
-1عبدت الشمس ألهنا يف اعتقادهم تكشف طريقة أخرى للوجود ،كفجي دوما يف حركة وتبقى ال متغرية وشكلجا نفسه دوما كفالتجلي الشمسي يرتجم
القيم الدينية لالستقاللية والقوة والسيادة والذكاء حسب .الياد مارسي :املقدس واملدنس ،ص .220حيث كانت عبادة الشمس حاضرة يف الطقوس
الدينية األمازيغية أكثر من الديانات الوثنية األخرى كعبادة الكبش مثال ،رغم تالقي العبادتني وتوحدمها لدى بعض القبائل األمازيغية اليت كانت تقدس
الكبش والشمس معا من خالل اإلله "آمون" املمثَّل بقرين كبش تتوسطجما مشس ،وهو ما تدل عليه النقوش اليت مت العثور عليجا بسوق أهراس باجلزائر
مكتوبا كفيجا "الشمس العظيمة" ،باإلضاكفة إىل نقوش صخرية جتسد اإلله يف صورة كبش مستدير الوجه حتيط به أشعة الشمس الساطعة ،ورضخ االنسان
هلذه القوة ووجد نفسه جمربا للتقرب منجا .مجيل ،محداوي :املرجع السابق ،ص0-2؛ عبد العزيز ،كفراح :مرجع سابق ،ص .221
-2الياد مارسي :املقدس واملدنس ،ص . 221بفضل الظواهر القمرية أي والدته وموته وقيامته ،شعر البشر يف آن واحد بطريقة تكوهنم اخلاص يف
الكون ،وبأملجم باستمرارية احلياة أو إعادة الوالدة ،وبفضل الرمزية القمرية توصل اإلنسان املتدين لتقريب جمموعات من الوقائع املتباعدة بدون عالقة
ظاهرة بينجما ،كفبفضل الرمزية القمرية أمكن وضع وقائع متغايرة يف عالقة ويف تضامن مثل :الوالدة ،املصري ،املوت ،البعث ،احلياة ،املرأة ،النباتات،
اخلصب ،اخللود ،الظلمات الكونية ،احلياة قبل الوالدة ،والوجود بعد القرب ،متبوعا بعد والدة من منوذج قمري ( ضوء خارج الظلمات) النسيج رمز
(خط احلياة) الزمنية املوت...اخل .الياد ،مارسي :املرجع السابق ،ص220
.- 3مجيل ،محداوي :املرجع السابق ،ص.0-2
-4العرب.229/0 ،
- 5عبد الغين ،منديب :مرجع سابق ،ص21
190
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
أبو محو موسى الثاين (792-700هـ2211-2219 /م) جاء كفيه « :كفالبيت علوي املنتسب *** وامللك بني
املوروث واملكتسب» ،1معىن القول أن السالطني الزيانيني حاولوا إثبات نسبجم الشريف بإحدى الطريقتني ،إما
عن طريق التتبع الساليل للشرف أو صناعته يف حالة غياب االتصال مع البيت النبوي.
باإلضاكفة ملا سبق كفإن البعد الديين الذي يتمتع به سكان املغرب األوسط وتبنيجم للمذهب املالكي الراكفض
للخروج عن السلطان أضفى هو اآلخر على السلطان صفة القداسة السياسية ،ومما زاد يف ترسيخجا وتثبيتجا التزام
سالطني املغرب األوسط مبجموعة من املقتضيات السلوكية اليت أصبغت عليجم هيئة ورهبة وقوة ،وال أدل على
ذلك من النصائح اليت قدمجا السلطان أبو محو موسى الثاين ( 792-700هـ2211-2219 /م) البنه يف
واسطة السلوك.
إن اضفاء صفة القداسة على السالطني يف العصر الوسيط مل تكن حكرا على سالطني املغرب األوسط،
كفنفس اهلالة من التقديس حضي هبا سالطني املغربني األدىن واألقصى ،وهو ما أكدته املدونة الوسيطة لكال
املغربني ،كففي حديث ابن بطوطة عن بداية رحلته من املغرب األقصى قال «:وكان ارحتايل يف أيام أمري املؤمنيني
...اإلمام املقدس أيب سعيد بن موالنا أمري املؤمنني وناصر الدين ...اإلمام املقدس ابن يوسف بن عبد احلق
جدد اهلل عليجم رضوانه وسقى ضرائحجم املقدسة ،»2إن إرداف ذكر السلطان أو األمري باملقدس يدل على شيوع
استعمال هذه التسمية بني الناس كرمز للمكانة السياسية واالجتماعية اليت حظي هبا السالطني واألمراء ،وهو ما
يؤكد على استعمال مثل هذا املصطلح لدى سكان بقية املغارب يف حديثجم عن سالطينجم.
المبحث الثالث :الموت 3وطقوس الجنازة.
تعامل سكان املغرب األوسط مع املوت بشيء من القداسة لعظم هذا األمر ووقعه يف نفوسجم ،خاصة زمن
اجلوائح والطواعني أين كثر املوتان يف الناس ،ويعترب املوت أهم حدث مير به اإلنسان وممثل منوذجي ملفجوم العبور،
كفثمة انتقال من عامل األحياء إىل عامل األموات ،إذ يعترب املوت أكثر الظواهر البيولوجية "ميتاكفيزيقية" ،وذلك ملا
يثريه يف نفس اإلنسان من خوف وهلع وغموض وتساؤل ،وعملت كل الثقاكفات واألديان 4على احتواء هذا
191
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
اخلوف ،بسن جمموعة من الطقوس اليت هتدف إىل تدبري هذا احلدث املثري للقلق ،وإكفراغ التوترات وتصريف
االنفعاالت الناجتة عنه.1
إن املوت موضوع صعب كفجو ينطوي على الكثري من املفارقات واملتناقضات ،كما أنه موضوع كريه ومزعج ال
يشجع على التفكري أو احلديث ،كفطبيعة املوت هي الكلية املطلقة ،كفجميع البشر كفانون ﴿ ،ك ُّل نـَفس ذَائَِقة
المو ِ
ت مثَّ إِلَيـنَا تـر َجعو َن﴾ ،2إن اهلدف من دراسىة املوت هنا هو التعرف على املعتقدات والطقوس اليت كانت َ
سائدة يف جمتمع املغرب األوسط ،واليت وصلت إىل تقديس بعض املمارسات أثناء اجلنائز ،على الرغم من أن
اإلشارات املتعلقة واملتصلة باملوت يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط ،كلجا مرتبطة بفكرة الرجوع إىل اهلل ،وذلك
راجع لتكوينجم الديين وإمياهنم الراسخ مبا جاء به النص القرآين يف كثري من آياته.3
إن احلديث عن الطقوس والشعائر املمارسة عند موت األشخاص من اجلانب الفقجي ال خالف كفيجا ،ذلك
أن املدونة الفقجية الوسيطة ،قد بينت وحددت الشروط الواجب اتباعجا يف اجلنائز ،بدءاً من تلقني الشجادة وصوال
إىل االنتجاء من عملية الدكفن ،لكن احلديث عن املوت واملعتقدات الذهنية اليت سادت جمتمع املغرب األوسط
الغرض من ورائجا هو تتبع العادات اجلنائزية " كطقس عبور " وكيف سامهت يف تشكيل عقليته ،كفالطقوس
اجلنائزية للموت موجودة لدى كاكفة الشعوب واحلضارات االنسانية ،كففي الرتاث الشعيب يعترب املوت كفاجعة للناس
قاطعا حلبل الرباط بني اإلنسان وأهله وأصدقائه ،ونظرا ملا له من األمهية كفقد كثرت املعتقدات حوله منذ اللحظة
األوىل اليت شعر الناس كفيجا بأمر املوت ،وحىت بعد الدكفن بأيام وأسابيع وسنني.4
كانت الطقوس أكثر تعقيدا إذا ما تعلق األمر باملوت ،كفجي ال تتعلق بظاهرة طبيعية ترك احلياة أو الروح
للجسد ،وإمنا بتغيري نظام انطولوجي واجتماعي معا ،كفبالنسبة لإلنسان املتدين ال يضع املوت حدا هنائيا للحياة،
-أبو عبد اهلل ،حممد بن ي وسف السنوسي :عمدة التحقيق والتسديد يف شرح عقيدة التوحيد( شرح العقيدة الكربى) ،تح :أمحد بوكعرب بلكرد،
بوسعادة -اجلزائر :دار كردادة للنشر والتوزيع1022 ،م.
-املقري (ت 711هـ2217/م) الكليات الفقجية ،تح :حممد أبو االجفان ،ط ،2بريوت :دار ابن حزم1022 ،م.
-الونشريسي :عدة الربوق يف مجع ما يف املذهب من اجلموع والفروق ،تح :أمحد كفريد املزيدي ،ط ،2بريوت :دار الكتب العلمية1001 ،م.
1-عبد الغين ،منديب :مرجع سابق ،ص.217
- 2سورة العنكبوت :اآلية.17 ،
- 3من بني هذه اآليات :قال تعاىلَ ﴿ :واتـَّقوا يـَوًما تـر َجعو َن كفِ ِيه إِ َىل اللَّ ِه مثَّ تـ َو َّىف ك ُّل نـَفس َما َك َسبَت َوهم َال يظلَمو َن﴾ سورة البقرة :اآلية،112 ،
مج ًيعا كفَـيـنَبِّئكم ِمبَا كنتم كفِ ِيه َختتَلِفو َن﴾ .سورة
وقوله تعاىل ﴿ :هو حييِي وميِيت وإِلَي ِه تـرجعو َن﴾ .سورة يونس :اآلية ،10 ،وقوله ﴿ :إِ َىل اللَّ ِه مرِجعكم َِ
َ َ َ َ َ
املائدة :اآلية.21 ،
-4طه ،نضال كفخري :الطقوس واملعتقدات الشعبية يف األدب الشعيب ،رسالة ماجستري ،ختصص أدب عريب ،جامعة النجاح الوطنية ،نابلس
(كفلسطني)1000 ،م ،ص.111
192
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
كفاملوت ليس سوى حالة للوجود البشري ،1والطقس اجلنائزي من وججة نظر معظم األنثروبولوجيني طقس مرور
بامتياز ،2إذ يعرب عن انتقال املتوىف جسدا وروحا من عامل األحياء إىل عامل األموات.
عملية البحث يف موضوع املوت وما يتعلق به من ممارسات وطقوس مقدسة ،نشأت حسب حممد حبيدة عند
نقطة التقاء الدميغراكفيا التارخيية وتاريخ العقليات ،3ويف هذا الصدد يرى الباحث مارك بلوك بأن التاريخ علم
إنساين واحد جيمع بني دراسة األموات واألحياء ،4لكن مثل هذا النوع من الدراسات كان مغيبا يف تاريخ املغرب
األوسط ،إال ما ورد ضمن دراسة اجلوائح والطواعني أو احلروب.5
ال حمالة كفامل وت يتبع سياسة متساوية مع اجلميع ،ومل يأخذ معيار التفاوت الطبقي كمعطى ألخذ أحد على
حساب اآلخر ،كفاجلميع سواسية خنبة وعامة ،علماء ،ججال ،أولياء ،متصوكفة ،سالطني ،مجمشني ،وإن اختلفت
ظروف عيشجم وطرق موهتم ،كفكل منا البد أن ميوت وحده ،والبد أن ميوت هو نفسه ،وال ميكن ألحد أن ميوت
نيابة عن اآلخر أو بدال منه ،وجتدر اإلشارة أن معظم الدراسات يف التاريخ اليت تطرقت للموت ،اهتمت بقدر
كبري مبا بعد املوت أو اخللود ،6حىت نسجت حوله الكثري من األساطري.7
أوال :أسباب كثرة الموتان في المغرب األوسط.
امياناً بأن املوت حق وامياناً بالقضاء والقدر شكل املوت مشجدا متكررا تنوعت أسبابه ،إال أن بعض األسباب
ضاعفت من عدد املوتى ،منجا انتشار اجملاعات واألوبئة واألمراض وانتشار الفنت واحلروب ،واليت أسجمت يف
193
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
تدهور املنحى الدميغرايف للمغرب األوسط وتراجعه ،والشيء املؤسف أن املصادر الوسيطة مل تعطنا صورة واضحة
املعامل عن حجم الكوارث الدميغراكفية واخلسائر البشرية الناجتة عن األزمات واحلروب ،1لكنجا رمست لنا صورة عن
الوضع الدميغرايف الذي كان سائدا أنذاك ،كفلو أخذنا نص ابن زرع الفاسي(ت 720هـ2227/م) حول حصار
املرينيني وأنه أضعف أهل تلمسان بشدة احلصار حىت أشركفوا على اهلالك ،2وأن مدة احلصار جتاوزت الثمانية
سنوات ،لقلنا أنه هلك أكثر من ثلث السكان ،كفاحلروب املتكررة للدولة الزيانية باملغرب األوسط مع جرياهنا
املرينيني واحلفصيني ،أشاعت حالة من الالستقرار والألمن ،أثرت مباشرة يف نفسية سكان املغرب األوسط ،الذين
وجدوا يف زيارة األولياء والتربك هبم هروبا من تلك الصراعات ،وإجابة عن حاالت القلق اليت كانت ختيم عليجم
باستمرار.3
شجد املغرب األوسط تغريات مناخية حادة تنوعت بني اجلفاف والفيضانات والرياح وغريها ،وتنوعت معجا
معتقدات السكان حول أسباهبا الغيبية ،يف حماولة منجم الحتواء ما تركته هذه الكوارث من وكفيات ال حتصى ،وهو
ما أسجم يف ترسيخ التفسريات امليتاكفيزيقية اليت منحت بعض األشخاص كاألولياء مكانة مقدسة داخل تراتبية
اجملتمع.
من صور هذه التغريات املناخية وما خلفته من إهالك للزرع والضرع واألرواح يف كفرتة الدراسة ما حفظه لنا ابن
الزيات يف قوله « :أرسل اهلل املزن املثقل عشارها ...وكادت تدك اجلبال دكا ...وتزامنت أيدي الرياح بكل عارض
كفما كان بأسرع من إحندار السيول الرواعب ،»4وهناك نص آخر جاء كفيه «:جماعة عظيمة نتجت عن إعصار
عظيم أهلك زرع صائفة تلمسان وحيواهنا ،كفأكل الناس بعضجم بعضا واكفتقروا إىل ما يف يد السلطان ،»5ومل تكن
هذه اجملاعة آخر ما حل باملغرب األوسط من الكوارث اليت أهلكت احلرث والنسل إذ حفظت لنا النصوص
التارخيية ذكر العشرات من اجلوائح والطواعني والكوارث.6
194
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
أما عن أهم أسباب كثرة الوكفاة باملغرب األوسط يف العصر نظرا لعدد الوكفيات اليت خلفجا على االطالق هو
تفشي وباء الطاعون 1األسود (729-721هـ2229-2221 /م) ،إذ أمجعت املصادر التارخيية على صعوبة
الوضع الصحي واالجتماعي وحىت الدميغرايف املرتتب عن هذا الوباء ،كفقد انقلبت أحوال املغرب يف منتصف املائة
الثامنة من الطاعون اجلارف الذي حتيف األمم ،وذهب بأهل اجليل وطوى كثريا من حماسن العمران ،2وال يذكر
الطاعون اجلارف ( األسود) إال مقرونا باملوت ،وكأن كرامات األولياء والوصفات اليت قدموها ملواججة األمراض
تنحصر يف األمراض غري الوبائية ،وورد يف هذا السياق َوص َفة أعدها املتصوف ابن عباد ألحد األشخاص أصاب
الطاعون األسود أبناءه الثالثة ،وكانت مكونة من املاء واحلناء ،غري أهنا مل جت ِد نفعا أمام اكتساح الوباء وخطورته.3
مل يكن األمر ليختلف يف باقي مناطق املغرب اإلسالمي ،إذ كان الضعفاء جيتمعون إىل باب سلم أحد أبواب
القريوان كفتحفر هلم أخاديد ويدكفن املائة واألكثر يف األخدود الواحد ،كفمات من طبقات الناس وأهل العلم والتجار
والنساء والصبيان ما ال حيصى عددهم إال خالقجم تعاىل ،وخلت املساجد وتعطلت األكفران واحلمامات ،وقيل أن
أهل البادية أكل بعضجم بعضا ،4وهو نفس الوضع يف املغرب األوسط أين وصل األمر بالناس ألكل جيف
املوتى ،وال أدل على ذلك من اجملاعة اليت أصابت تلمسان سنة (770هـ2272/م).5
كثرية هي القرائن اليت تؤكد حصاد اآلالف من األرواح البشرية بدون استثناء ،عند حدوث األوبئة والطواعني
احلادة يف مجيع بالد املغرب االسالمي ألن الطواعني واألوبئة تتخطى احلدود اجلغراكفية والسياسية للدول كفابن أيب
-1الطاعون نوع من الوباء وهو عند أهل الطب ورم رديء قتال ،خيرج معه تلجب شديد مؤمل جدا ،ويصري ما حوله يف األكثر أسود أو أخضر ،ويتبع
ذلك قيء ،ويؤول أمره إىل التقرح سريعا ،ويف األ كثر حيدث يف اإلبط وخلف األذن .يوسف بن حممد بن مسعود السرمدي احلنبلي(ت770هـ)" :ذكر
الوباء والطاعون" خمطوط رقم 1770مبكتبة باريس 22 ،ورقة ،ورقة 2وجه ،ويعركفه ابن اخلطيب(ت 770هـ2201/م) بأنه :مرض حاد حار
السبب ،مسي املادة ،يتصل بالروح بدءا بوساطة اهلواء ،ويس ري يف العروق كفيفسد الدم وحييل رطوبات إىل السمية ،وتتبعه احلمى ونفث الدم أو يظجر
منه خراج .مقنعة السائل ،ص .01ويتفق معه جالل الدين أيب الفضل عبد الرمحان ابن مجال الدين السيوطي يف تعريف الطاعون ويضيف بأنه يأخذ
أهل البيت من البلد بأمجعجم ".ما رواه الواعون يف أخبار الطاعون" ،نسخة مصورة عن خمطوط رقم ،2122ورقة 201ظجر؛ ويضيف أمحد بن علي
بن حممد ابن حجر العسقالين أن األطباء من أوهلم إىل آخرهم عجزوا عن أن يدكفعوا الطاعون عن بلد من البالد".بذل املاعون يف كفضائل الطاعون" ،
خمطوط رقم ،110باجلامعة االسالمية باملدينة املنورة 270 ،ورقة ،ورقة 01وجه.
- 2ابن اخلطيب :مقنعة السائل ،ص.11
-3ابن عباد ،الرندي :الرسائل الكربى ،كفاس -املغرب :طبعة حجرية2210 ،هـ ،ص.102
-4خبتة ،خليلي :مرجع سابق ،ص .117
-5اضطر ابن قنفذ القسنطيين (ت120هـ2207/م) أن يقيم يف تلمسان النعدام األمن يف املسالك والطرق بسبب هذه اجملاعة لذا قال يف هذا الشأن:
« ويف هذه السنة كانت اجملاعة العظيمة باملغرب وعم اخلراب به ،كفوردت تلمسان واحلالة هذه ،وأقمت هبا قرب شجر غري واجد للطريق...وكان أمر
الطريق يف اخلوف واجلوع ما مقتضاه أن كل من يقع قدومنا يتعجب يف وصولنا ساملني ،مث يتأسف علينا عند ارحتالنا ،حىت أن منجم من يسمعنا ضرب
األكف حتسرا علينا » .أنس الفقري ،ص .201
195
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
زرع (ت 720هـ2227/م) نقل لنا صورة عن احلالة اليت وصلوا إليجا يف طاعون سابق قوله «:كفكانت املوتى
حتمل اثنني وثالث وأربعة على املغتسل ،»1أما الزركشي (ت122هـ2271/م) :يف وصفه لطاعون الحق قال:
« يف ذي القعدة ابتدأ الوباء بتونس ومل يزل يتزايد إىل شوال من عام 172هـ2201/م حىت بلغ ألفا كل يوم ،مث
ارتفع يف ذي احلجة مكمل العام ،»2وأضيف أن ابن أيب دينار (ت2220هـ2091/م) وصف شدة هول الوباء
يف قوله «:ويف سنة ثالث وسبعني كثر الوباء حىت انتجى عدد األموات إىل أربعة عشر شخص يف كل يوم.»3
ونقل لنا ابن اخلطيب (ت 770هـ2201/م) صورة مقربة عن عدد الوكفيات يف الغرب االسالمي ككل
بسبب هذا الطاعون كفقال « :هلك كفيه يف يوم بطول هذه املدة حنو سبعني نسمة باألندلس يف اليوم ،وقد بلغنا
على ألسنة الثقات أنه هلك يف يوم واحد بتونس ألف نسمة ومائتا نسمة وتلمسان سبع مائة نسمة ونيف،
...وكذلك كان األمر بسائر البالد صغريها وكبريها.»4
كما سبق الذكر كفإن اجلوائح والطواعني مل تعرتف باحلدود اجلغراكفية والسياسية للدول ،وهو ما جعل العصر
الوسيط يف مجيع الدول تقريبا يشجد تراجعا دميغراكفيا كبريا أثر على مجيع نواحي احلياة بدون استثناء.
ثانيا :طقوس الموت.
عند اإلنسان املتدين ال يضع املوت حدا هنائيا للحياة ،كفاملوت ليس سوى حالة للوجود البشري ،5وما حتول
اجلسد احلي إىل جثة هامدة ،إال حمطة يف رحلة العبور ،ولقد وردت العديد من النصوص الدينية يف اخلطاب
اإلسالمي حملاولة ترتيب إن مل أقل تقنن الطقوس اجلنائزية بدءاً مبرحلة االحتضار والوكفاة ،مث جتجيز امليت بتطجري
جسده وتطييبه وتكفينه والسري به ،مث الصالة عليه ودكفنه حسبما تقتضيه الشريعة اإلسالمية ،6وسأحاول يف
األسطر التالية تتبع هذه املراحل والطقوس املقدسة اليت هتدف إىل حماولة مسايرة حدث املوت كحدث غريب
خميف وحمزن ومبجم وذو هيبة خاصة.
196
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
/3االحتضار:
يعد االحتضار أول حمطات الوكفاة ونسجت حوله الكثري من الكرامات ،وأصله احتضر بالبناء للمججول
ضر ،أي عندما يشرف الشخص على املوت ،يالحظ كفيه شحوب ضر احتِضاراً ،الرجل حضره املوت كفجو حمتَ ِ
َحيتَ ِ
َ ََ َ
للوجه وحناكفة اجلسم وتثاقل اللسان ،1وكلجا عالمات تدل على بداية النزاع ومفارقة الروح للجسد ،وقد ختتلف
أمارات االحتضار من شخص آلخر ،كفقد ساد االعتقاد يف املغرب األوسط ،بأن سكرات املوت اخلفيفة تنبأ
حبسن خامتة املتوىف ،كما يعدها أهل امليت بشرى مليتجم باجلنة ،على عكس من تطول مدة احتضاره وتصعب
عليه نزعات املوت ،إذ يكون أهله يف حرية وقلق لذا يستعينون بالقراء لقراءة القرآن لتخفيف سكرات املوت على
حمضرهم.2
من بني الطقوس اليت ينشغل هبا الناس قبيل حلول املوت ،اإلحاطة باحملتضر بالتخفيف عنه والدعاء له
حىت ال يصيبه اجلزع وال يواجه هول املوت مبفرده ،ويساهم االلتفاف باحملتضر يف جعل األهل يتبنون حدث
املوت ،ويتفاعلون معه بطريقة اجيابية ويبنون عليه بناءً دينيا ،ويضفون عليه القداسة من خالل القيام باألدعية
واألذكار وتالوة القرآن وتلقني امليت الشجادة وتوجيجه للقبلة ،3وكلجا طقوس متعارف عليجا ال خالف كفيجا ،لكن
تلقني الشجادة يعد من أمهجا ،إذ ساد االعتقاد بان النطق هبا دليل على حسن اخلامتة كما سبق الذكر ،لذا اجتجد
أهل املتوىف قبل خروج الروح إىل أن يكون آخر اتصاله بالدنيا هو نطق الشجادة ،كفمحمد بن يوسف
السنوسي(ت191هـ2219/م) توىل تلقني ابن أخيه الشجادة قبل وكفاته ،4ومنه استبشر أهله حبسن خامتة ابنجم
ألنه نطقجا.
/0كرامة معرفة وقت الموت:
حدث املوت جعل كل ما يتعلق به من جزئيات مجما ومقدسا ومبجال ،إذ نسجت حوله الكثري من
املعتقدات املقدسة يف ذهنية اجملتمع ،منجا كرامة معركفة وقت الوكفاة بالنسبة جملموعة من الناس بعينجم دون سواهم
ملا هلم من كرامات ومناقب ،كفشكلت كرامة معركفة وقت الوكفاة لدى املتصوكفة واألولياء باملغرب األوسط مادة دمسة
-1موكفق ،زازوي :الطقوس اجلنائزية ،ص 21-27؛ جدلية الذكورة ،ص202؛ عبد الغاين ،منديب :مرجع سابق ،ص.211
- 2الربزيل :مصدر سابق120/0 ،؛ من أكثر السور املستحب قراءهتا عند االحتضار هي سورة يس وقراءة سورة الفاحتة على روح امليت بدعة .ناصر
الدين ،حممد ناصر الدين األلباين :تلخيص أحكام اجلنائز وبدعجا ،ط ،02الرياض :مكتبة املعارف2991،م ،ص .27
-3املازوين :مصدر سابق ،ص229؛ أمال ،قرامي :االختالف يف الثقاكفة العربية اإلسالمية ،ط ،2بريوت :دار املدار اإلسالمي1007 ،م ،ص.112
- 4حممد ،بن إبراهيم بن عمر التلمساين املاليل :املواهب القدوسية يف املناقب السنوسية ،حتقيق :عالل بوربيق ،بوسعادة-اجلزائر :دار كردادة،
1022م ص.110
197
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
لكتب املناقب ،كفال يكاد خيلو مؤلف من ذكر كرامات من توقعوا بل وحتضروا ملغادرة احلياة الدنيا ،يف حماولة
للتغلب على ما خيلفه حدث املوت من خوف يف نفوس الناس ،وإن كانوا على يقني بنزوله هبم.
وتواتر احلديث عن هذه الكرامات من ذلك أن أبو عمر عثمان ابن علي بن احلسن التلمساين األصل
(ت 121هـ2221/م) ملا كان وحده يف الصحراء يف الطريق إىل احلجن وبينه وبني سجلماسة مسرية يوم مسع
هاتفا يف أذنه يقول« :أدرك دكفن والدتك كفإهنا قد ماتت ،كفرجع من سفره مسرعاً ،كفوجد جنازة أمه قد وضعت
على شفري القرب كفصلى عليجا ودكفنجا » ،1قد يبدو للوهلة األوىل أن اخباره بوكفاة والدته أمر طبيعي ،لكن أن
يصله اخلرب من مصدر غري معروف وهو وحده يف الصحراء يسمع صوتا خيربه بوكفاهتا كفجذا أمر كفيه اختالف بني
من أنكره وبني من أقره ،ولكل حججه ال أرى داعيا للتفصيل كفيجا هنا غري أهنا تذكرنا حبادثة "سارية واجلبل".2
ساد االعتقاد يف املغرب األوسط بكرامة األولياء يف معركفة وقت موهتم والتحظري له ،وال أدل على ذلك
مما حدث يف بيت أيب عبد اهلل حممد الثاين ابن مرزوق اجلد (ت712هـ2279 /م) حلظة وكفاته ،كفعندما أحس
بدنو أجله - ،قد يكون احساسه بعد مرض عضال أصابه ،أو قد يكون كما روجت لذلك كتب املناقب من أنه
ملك من الكرامات ما مكنه من معركفة دنو أجله ،وهو أمر كفيه نظر وسنفصل كفيه الحقا -طلب حضور بعض
األقارب واألصدقاء كفتجمعوا حوله يقرؤون القرآن وهو يستمع إليجم ،كفعركفت النساء من خالل ذلك دنو أجل
الشيخ ،كفبدأن بالبكاء ،وهو األمر الذي جعل كبري العائلة يف هذه اللحظة يتنقل بني احلاضرين من القراء
واألصدقاء وبني النساء ليجون عليجن ،3وتعترب القراءة اجلماعية للقرآن حول امليت أو بعد وكفاته سواء يف بيته أو
عند قربه كرأمسال للثواب يقدمه األحياء لألموات .
من أجل هذا عمل الكثري من األولياء الصاحلني على التججز ملالقاة خالقجم ،حيث كانوا يقومون باالغتسال
والتزين والتطيب قبل موهتم ،4ومن النصوص اليت حفظتجا لنا كتب املناقب واليت يؤكد أصحاهبا معركفة بعض
الصاحلني لوقت وكفاهتم ،أذكر على سبيل املثال ال احلصر:
198
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
- 1سورة لقمان :اآلية . 22خص اهلل نبيه الكرمي مبعركفة بعض األمور الغيبية كرامة له ،كأنه سيموت يف مرضه الذي مات كفيه ،وأن كفاطمة أول أهله
حلاقا به وأهنا سيدة نساء اجلنة .
- 2يسجى امليت بأن يغطى قبل الغسل ،والغرض منه صيانة امليت عن االنكشاف وسرت صورته املتغرية عن األعني ،وتكون التسجية بعد نزع ثيابه اليت
تويف كفيجا لئال يتغري بدنه بسببجا .موكفق ،زازوي :الطقوس اجلنائزية ،ص21
-3عبد العزيز ،كفياليل :تلمسان 191/،2 ،كان ابن مرزوق هذا قد الم زوجته عشية الوكفاة عندما الحظ يديجا ورجليجا خمضبتني باحلناء املنقوشة
199
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
الناس عندما يصيبجم جلل يف أحد األقارب على البكاء ،وال سيما النساء الالئي كن يكثرن من العويل والنواح،
ويقوم أهل امليت بإشعار األقارب واألصدقاء ،1من ذلك ما ذكر الونشريسي ( ت922هـ2109/م) بأن من
عادات كثري من املواضع يف املغرب عندما يتوىف أحد األشخاص ،يكون اإلعالن بأن يصعد أحدهم إىل منار
مئذنة اجلامع ،ويقرأ شيئا من القرآن ويذكر االبتجاالت كما يفعل املؤذن قبل آذان الفجر ،مث يدور يف املنار معلنا
وكفاة كفالن وجنازته يف كذا ،2ويشكل هذا اإلعالن صدمة هتتز هلا النفوس وينتشر خرب املوت بسرعة كفائقة بني
الناس ،األمر الذي جيعل أقارب امليت ممن تلقوا اخلرب يدخلون يف حالة من احلزن.
وقد تكون وسيلة اإلعالن عن الوكفاة عن طريق النواح 3والعويل من نساء بيت املتوىف ،كفالنسوة حتطن
بامليت تندبنه وتبكني عليه 4وتصحن بآهازيج خاصة ،5وهو ما ع َد من البدع املستحدثة يف اجلنائز كفعن حيي بن
عمر أن « :من بِ َد ِع أهل املغرب عند الوكفاة قيام النساء بالبكاء على امليت بالصراخ ولطم اخلدود ،وإحضار
النوائح النوادب ،كما كن خيرجن وراء اجلنازة من البيت إىل املقربة ،ويف أيديجن مناديل ي ِشر َن هبا إىل النعش،»6
وكره اجتماع النساء للبكاء على امليت سرا أو عالنية 7وأنكر الونشريسي اجتماعجن يف املقابر واجلبانات.8
ومجما كانت األسباب كفالصراخ والنياحة يعدان صراعا مع كائن عدائي ،ومها نوع من الدكفاع بصورة أساسية
ذات جذور بدائية ،ذلك أن الطقس يف التحليل النفسي هو عبارة وضع القوى اليت تتحرك يف الالوعي موضع
العمل على الصعيد االجتماعي ،9وتوصف النياحة بأهنا نعيق الشيطان ،ويعتقد أن إبليس هو أول من ناح وصاح
حني أخرج من اجلنة ،وقد هني عن اتباع اجلنائز بالنياحة.10
200
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
وجتدر اإلشارة إىل أن عادة النواح يف جمتمع املغرب األوسط يصعب استبداهلا أو تغيريها ،ذلك أن بعض
العادات ال ميكن استبداهلا بسجولة كمظاهر احلداد ،حبيث ميكن القول أنه ليست هناك عقيدة أو قانون أخالقي
أو دليل علمي ميكن أن يداين يف سيطرته على الناس سطوة االعتياد على عمل معني تالزمه مشاعر وحاالت
ذهنية شبوا عليجا منذ طفولتجم األوىل ،ومل تقتصر النياحة على اجلنازات إذ ورد ذكر نوع آخر من النواح مل يكن
مستججنا بنفس القدر أال وهو نوح بعض املتصوكفة ،كفأناشيدهم كانت على طريقة النوح والبكاء واليت مساها الربزيل
1
يف نوازله "بالتغبري"
/0تغسيل الميت:
الغرض من تغسيل امليت هو تطجريه من أي جناسة علقت به ،أو يـيَ َم َم اجلسد يف حالة انعدام املاء أو خماكفة
تقطع اجلسد باملاء أو تفسيخه ،كفالغرض من هذه املمارسة الطقسية كما سبق الذكر هو تطجري امليت وإزالة دنس
العالق به ،2كفاملاء رمز الطجارة ورمز احلياة اجلديدة ،وأوردت لنا مصادر الفرتة املدروسة أن هناك من ترك وصية
يذكر كفيجا من يغسله ،ومثال ذلك أن أبو حممد عبد اهلل املليجي أوصى أن يغسله عبد اجلليل.3
إن ما ساد املغرب األوسط من طواعيني وجوائح كثر كفيجا املوتان ،جعل طقوس تغسيل امليت وتكفينه من
الصعوبة مبكان ،ذلك خماكفة انتقال العدوى يف الطاعون ،أو لكثرة العدد يف احلروب واجلوائح ،أين اختفت طقوس
تغسيل امليت كمرحلة من مراحل طقوس العبور املتعارف عليجا ،كفكان الدكفن أهم طقس إذ أمهلت باقي الطقوس
اليت سبقته أو تلته.
وجتدر اإلشارة إىل شيوع بعض املعتقدات لدى بعض ساكنة املغرب األوسط مفادها أن األدوات اليت
استعملت يف تغسيل امليت وتكفينه ودكفنه ،تصري منبعا لقوى سحرية وذات مفعوالت كفوق طبيعية ،قادرة على
إحداث الضرر بالناس ،وهو األمر الذي جعل بعض الناس يلجئون إىل دكفن هذه األدوات التقاء شرها ،ولعدم
توظيفجا يف األغراض السحرية ذلك أن بعض الفئات األخرى عملت على دكفع مبالغ ضخمة أو تقدمي هدايا
غالية مقابل احلصول على أحد هذه األغراض ،كل هذا بسبب الذهنية السحرية اليت طغت على هذه الفئات،
4
وهناك كفئات يف املغرب األوسط جلأت لتغسيل قرب الرجل الصاحل وهو ما عد بدعة مستحدثة ومنكرة
201
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
/1تكفين الميت:
يقصد بتكفني امليت إدراجه يف الكفن 1والكفن هو الثوب الذي يسرت جسده ،ويكون نظيفا أبيض
اللون ،2وجيمر ويبخر ويطيب ،كفالرجل يكفن يف ثالث لفائف ،بينما املرأة تكفن يف مخس ( قميص ،ومئزر،
ولفاكفة ،مقنعة ،وخامسة تشد هبا كفخذاها) ،وترد طرف اللفاكفة العليا على شقه األمين مث يرد طركفجا اآلخر على
شقه األيسر ، 3وعملية تكفني امليت هي عملية مقدسة وهلا خصوصية لدى مجيع املسلمني إىل درجة أن هناك من
كفضل شراء الكفن يف حياته من ماله اخلاص ،كما عمل آخرون على إحضاره معجم أثناء ذهاهبم للحج ،كون
احلج ركن مقدس ومكة مكان مقدس ومنه قدسية الكفن بقدسيتجما ،وتعدى األمر إىل وجود بعض العرائس ممن
أخذت الكفن ضمن ججازها.
أشار الونشريسي (ت922هـ 2109/م) إىل بعض العادات والتقاليد املتصلة باجلنائز والوكفاة ،منجا عادة الذكر
اجلجوري والتجليل أمام اجلنازة ،كفيقوم الناس يف جنائزهم عند محلجا بالتجليل والتصلية والتبشري والتنذير على صوت
واحد ،4وأثناء إخراج امليت من بيته تتبارى النساء بالبكاء والنواح وتصدرن صيحات مزعجة ،وهي صيحات
الوداع األخري ،أين خيتلط الرجال بالنساء يف هذه اللحظة املؤثرة ويف حماولة للتخفيف عليجن ،ويقرأ القرآن على
اجلنازة يرتله مجاعة من حفظته بنغمة واحدة ،5ويبدو أن عادة العويل ولطم اخلدود كانت معروكفة عند نساء مدينة
تلمسان عاصمة املغرب األوسط ،ألن كتب احلسبة تشري إىل ذلك وتذم هذه الظاهرة الغريبة عن اإلسالم وتنجاهن
عنجا ،6إال أن األعيان والوججاء وأسر الفقجاء والصلحاء ال يندبن وال يلطمن خدودهن ،7وهناك من اختذن من
الزغاريت وسيلة لتوديع امليت ،لذا هنى الفقجاء عن هذا الفعل وعدوه بدعة جيب قطعجا ، 8ويذكر
202
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
الونشريسي(922هـ2109/م) أن من عادات أهل املغرب عند وكفاة الرجل خروج نساء أهله وأقاربه ومعجن نساء
اجلريان إىل املقربة ،كما أن املرأة اليت ميوت زوججا أو ولدها تعاهد قربه كل يوم مجعة.1
ثالثا :الموكب الجنائزي والصالة على الميت.
بعد االنتجاء من التكفني ،يوضع امليت على النعش ويغطى بلحاف يسرته ،كفيقدم رأسه عند إخراجه من البيت
ليوضع دائما باجتاه القبلة ،وعادة ما حيمل كفوق أكتاف أربعة رجال من أقاربه ،2ومن العادات اليت أثبتت حضورها
طلي نعش امليت بالزعفران ،3وسادت ببعض مناطق املغرب األوسط ظاهرة التمسح بالنعش والتربك به ،4السيما
إذا كان املتوىف من األولياء والزهاد واملتصوكفة ،من ذلك تزاحم الناس يف جنازة أمحد الغماري
(ت172هـ2201/م) على نعشه بغية التربك به ،كفمنجم من سعى إىل ملس النعش أو مسح ثوبه به ،وكذلك
األمر مع نعش احلسن بن أبركان (ت117هـ2212/م) ،أين تزاحم الناس يف جنازته بغية الوصول إىل النعش
والتربك به ،5وحدث نفس الشيء مع نعش الشيخ السنوسي ( ت191هـ2219/م) ،6وغريهم كثريون ممن تسابق
الناس يف حضور جنائزهم وملس نعوشجم لنيل الربكة ،ذلك أن االعتقاد السائد عندهم بأن النعش الذي حيمل ولياً
صاحلا قد صبِ َـغ بربكة ذلك الويل ،ومن ملسه ستنتقل إليه تلك الربكة ،وهو نفس األمر الذي سجل يف التمسح
باألضرحة.
ومن الطقوس املتعاركفف عليجا واليت ال اختالف كفيجا الصالة على اجلنازة ،إما يف املسجد حيث يكون يف
انتظاره بعض الناس ،أو يصل املوكب إىل املقربة كفيصلى على اجلنازة كفيجا ،بعدها يوضع امليت على جانبه األمين
داخل القرب ويوارى الثرى ،بعد أن يغطى مبجموعة من األحجار املسطحة ،وتوضع حجرة عند رأس امليت تسمى
الشاهدة إذا كان رجال ،وتضاف حجرة أخرى عند أرجل امليت إذا كان املتوىف امرأة وتصبح شاهدتان ،وتعترب
الشاهدة رسم حلدود القرب والتمييز بني قبور الرجال والنساء ،كما أن وجود الشاهدة على رأس امليت الذكر
واختفائجا عند قدميه تعرب عن الفضاء املفتوح أمام الرجال ،وحضورها عند أرجل املرأة تعرب عن انغالق الفضاء
- 1املعيار 210 -229/0 ،؛ حيي ،ابن عمر :مصدر سابق91-92 ،؛ ابن صعد :مصدر سابق ،ص.221
- 2عبد الغين ،منديب :مرجع سابق ،ص219؛ موكفق ،زازوي :جدلية الذكورة ،ص.201
-3الونشريسي :املعيار.212/1 ،
-4حممد ،حقي :املوقف من املوت يف املغرب واألندلس يف العصر الوسيط ،املغرب :مطبعة مانيال1007 ،م ،ص.72
- 5ابن صعد :مصدر سابق ،ص 122-221؛ ابن مرمي :مصدر سابق.92-72 ،
-6حممد ،املاليل :مصدر سابق ،ص222
203
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
أمام املرأة يف القرب ،1ويعزى أهل امليت ،ويسعى الناس ملواساهتم ،ويقدم بعض ذوي املوتى الطعام للمعزين
واملعزيات.2
اختلف عدد ومكانة الناس الذين حضروا الصالة على اجلنازة حسب مكانة املتوىف ،كفإن كان حدث املوت
كطقس عبور واحدا مع اجلميع ويف مجيع مراحله ،إال أن اإلنسان تعامل مع بعض حمطاته بنوع من التفرقة واليت
جتلت يف عملية تشييع اجلنازة ،وكذا تزيني القبور أين يربز االختالف يف وجاهة ومكانة املتوىف ومن أمثلة ذلك:
املصدر احلضور يف اجلنازة
سابق، مصدر حضر وكفاة الشريف التلمساين (ت772هـ2209/م) العلماء والفقجاء التنسي:
ص.210 والطلبة والصلحاء.
حيي بن خلدون :مصدر سابق كفاحتفل الناس يف حضور جنازته.
البغية /2
ابن الزيات :مصدر سابق، احتفل الناس جبنازته.
ص221
كانت جنازته من اآليام املعدودة واحملاضر املشجورة امتألت السكك ابن صعد :مصدر سابق-221 ،
122 والشوارع مبن حضرها.
التنبكيت :مصدر سابق-22/1 ، حضر السلطان ،جنازة أبو الفضل العقباين ( ت112هـ2210 /م).
-271
الغربيين :مصدر سابق ،ص11 كان له مشجد عظيم.
سابق، مصدر ابن صعد: حيضرها الرجال والنساء.
ص221
ابن صعد :مصدر سابق221 ، أما أهل البلد كفما ختلف منجم أحد.
ابن مرزوق احلفيد (ت121ـ2229/م) وأبو الفضل العقباين صلى عليجما ابن مرمي :مصدر سابق ،ص
121 باملسجد األعظم بتلمسان.
سابق، مصدر التنبكيت: وكانت جنازات األولياء كثرية احلشود.
ص.222
204
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
-1موسى ،لقبال :احلسب ة املذهبية يف بالد املغرب العريب ( نشأهتا وتطورها) :الشركة الوطنية للنشر والتوزيع :اجلزائر2972 ،م ،ص.220
- 2موكفق ،زازوي :الطقوس اجلنائزية ،ص.12
-3الياد ،مارسي :املقدس واملدنس ،ص.220
- 4موكفق ،زازوي :الطقوس اجلنائزية ،ص.11
- 5ابن الزيات :مصدر سابق ،ص 221،222 ،219؛ هني عن أخذ تراب القرب يف كفتوى الربزيل :مصدر سابق.101/2 ،
- 6الونشريسي :املعيار.219/2 ،
- 7مصدر سابق ،ص.211
205
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
أهل امليت عن طقس املصاحبة الموا عليه كأنه ترك كفرضا معينا ،1كما أحدثوا عادة القراءة على القرب وتكرار
زيارته ،2ملا شاهدوه من زيارة الصلحاء واملتصوكفة للمقابر كفابن مرزوق (ت012هـ2111/م) كان يزور املقابر يف
أيام خمصوصة.3
باإلضاكفة إىل ظاهرة تقديس قبور األولياء والعناية بقبور السالطني والوججاء اليت أشرت إليجا يف الفصل السابق ،إال
أن العادة جرت عند بعض األسر وخاصة الغنية منجا أن تقوم ببناء القرب وجتميله ،مثل ما حدث يف بيت أيب عبد
اهلل حممد الثاين ابن مرزوق ،4وأكثر املواد املستعملة يف البناء على القبور وجتميلجا مادة الرخام املشوي ،حيث
توجد العشرات من شواهد القبور احملفوظة مبتحف تلمسان واملصنوعة من الرخام املشوي ،واليت أوردها الباحث
وليام مارسي يف كتابه "مقتنيات متحف تلمسان" كفنجد العديد من القطع األثرية األخرى واليت تعود ملقابر
وأضرحة املغرب األوسط خاصة حاضرة تلمسان ،واليت حوت معلومات مجمة عن بعض األمور املتعلقة باجلنائز
واملقابر ،منجا بناء السقائف والقباب والروضات ،يف حني زينت بعض القبور ،واختذت بعضجا شواهد من املرمر
ونقش عليجا اسم املتوىف وتاريخ وكفاته.5
كانت تقتطع أراضي واسعة وختصص لبناء املقابر ،إذ حبس بعض األغنياء أراضي واسعة هلذا الغرض،6
كما كانت بعض األسر التلمسانية تفضل شراء قطع من األرض لدكفن أكفراد العائلة ،7وخصصت بعض املقابر
الستقبال الوججاء واألعيان من رجال الدولة وأكفراد أسرهم دون سواهم ،8كما كانوا يقيمون مقابرهم خارج املدينة
أو جبوار مداخلجا وأبواهبا ،9ومن أمثلة هذه املقابر أذكر:
206
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
مقربة القاضي :الواقعة على حاكفة الطريق املؤدي إىل مزار أيب مدين شعيب (192هـ2291/م)حيث -
توجد شواهد قبو أكفراد أسرة املقري وأكفراد أسرة العقباين.1
مقربة لفئة الربجوازية :والدليل شواهد القبور لفئة الربجوازية من أهايل مدينة تلمسان واملوجودة مبتحف -
تلمسان.2
مقربة ملكية :حوت رخام موشوي خمتلف األشكال ،أ ِخذ من القبور امللكية الزيانية املوجود مبتحف -
تلمسان .3
/0التعزية:
التعزية وهي تصبري أهل امليت وعوهتم الحتساب األجر عند اهلل وختفيف حزهنم وهتوين املصيبة عليجم،4
وتعترب التعزية سلوكا اجتماعيا يقوم به األهل واجلريان واألحباب جتاه أسرة امليت ،حلثجم على الصرب والثبات عند
الصدمة األوىل ،كفجذا احلدث اجللل قد خيلق يف النفس تصادما وتعارضا.
ومن بني الرسائل األدبية جند رسائل التعزية ،واليت تصف حالة النفس وتأثرها عند مساعجا بفقدان أحد األقرباء
أو األصدقاء ،وأحيانا متتزج التعزية بالتجنئة خاصة إذا كان املتويف سلطانا كفَـيـ َع ِزى ويل العجد ويجنئه يف نفس الوقت
باعتالء العرش ،وأمثلة ذلك كثرية منجا الرسالة اليت وجججا ابن اخلطاب التلمساين إىل األمري أيب سعيد عثمان بن
يغمراسن بن زيان (077-022هـ2112-2129/م)مبناسبة وكفاة والده واعتالئه سدة احلكم جاء كفيجا «:وقد
كان من وكفاة موالنا السلطان أيب حيي والدكم ،ما جرى به القدر وشاب ألهله صفو احلياة الكدر ،ومأل القلوب
حزنا وصري سيل العزاء وعرا حزنا ،كفياله رزءا كفادحا وثكال جرى بنا يف ميدان األسى جاحما ،ونفض العيش وعلم
احلليم الوقور الطيش ،وصار شجا يف الصدر معرتكفا كفلوقا ومته نفوسنا لفديناه هبا عن طلوع من ورضا... ...هنأ
اهلل موالنا هذا الصنع الذي نسخ ،كل كرب وأدخل النور يف كل قلب وأجل الصنائع موقعا وأنورها مطلعا ما
أهدى اجلدل إىل الصدور وحما أثر احلزن منجا بيد السرور وأعقب التعزية التجنئة كما عقب الظالم النور.»5
207
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
وهناك خطاب تعزية آخر وججه ابن اخلطاب التلمساين إىل أخ الفقيد ( أيب عبد اهلل حممد الثاين ابن
مرزوق) جاء كفيه « :وقد بلغين ما جرى به القدر من وكفاة أخيكم كفقد صدع مصابه كبدي ،ونقض عرا صربي
وجلدي ،وأطال مدى حزين وكمدي وكفقدت به عديت وعددي كفنومي ناكفر ودمعي ماهر...ولو قبل كفيه الفداء
كفديته مبا لدي من نفس ومال...وله أنه جيل عن الفداء لفديته بالنفس وحللت بدال منه يف ذلك الرمس.»1
يعد واجب العزاء سنة محيدة خيفف هبا الناس عن أهل املتوىف مصيبتجم يف كفقده ،على أن ال يطيل الناس
املكوث عند أهل امليت وال يتصدون للعزاء ألن ذلك بدعة مكروهة حسب رأي الفقجاء املالكية.2
/1نهاية الحداد:
يعترب احلداد من الطقوس التبعة للوكفاة وإن اختلفت مدته حسب عالقة كل واحد باملتوىف كفجناك من ال جيوز له
أن حيد كفوق ثالثة أيا م وهناك من وجب عليجا لبس ثوب احلداد طوال كفرتة العدة إن كان املتوىف ترك زوجة،
وكغريه من الطقوس اجلنائزية السابقة ،يعرف احلداد بدوره نوعا من التباين بني الثابت الديين واملتغري الشعيب ،كففي
الوقت الذي يركز كفيه الثابت الديين على ضرورة الصرب أثناء الفاجعة والرتكيز على االحتساب ،وأن احلزن على
امليت جيب أن يكون يف سكينة وصمت ،ويرتك اجملال األكرب للعربة والدعاء للميت وأهله ،إال أن املتغري الشعيب
يربز بعض املمارسات ،كشق الصدر وندب الوجه والضرب على اجلسم وتقطيع الشعر ،3وهي أمور مستججنة
على قلتجا يف اجملتمع ،ألن عامل الرتبية الدينية والروحية وتنشئة بعض األسر يف املغرب األوسط عملت كحاجز
ملنع أهل املتوىف من جتاوز حدود الشرع يف التعبري عن احلزن.
/0الوصية:
حتضى الوصية اليت يرتكجا امليت مكتوبة أو منطوقة مبكانة خاصة لدى أقارب امليت ،إذ جيب تنفيذها دون
نقاش أو اعرتاض خاص ة إذا مل ختالف الشرع ،ومن بني أهم الوصايا اليت حفظتجا لنا املدونة الوسيطة باملغرب
األوسط أن السلطان يغمراسن بن زيان (012-022هت2111-2122/م) قد أوصى بأن يدكفن جبانب ابن
مرزوق (ت012هـ2111/م) ،4وهو ما حدث كفعال بعد وكفاته ،وكثريون هم من تركو وصية كي يدكفنوا مبقربة
العباد لقدسية املكان نظرا الحتوائه على أضرحة األولياء ،وعلى رأسجم ضريح أيب مدين شعيب
208
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
(ت192هـ2291/م) لدرجة أن أبو اسحاق التنسي ( ت070هـ2217 /م) أوصى ابن القطان بأن يشرتي له
موضعا يف العباد يعده مدكفنا له لرؤية يف منامه.1
وهناك وصايا أخرى حيث أوصى أحدهم بشراء كفن وقـلَة وقدح قبل وكفاته ،وأمر أبو مور الدكايل أن تكون
مصاريف جنازته من الدراهم اليت تركجا حتت كفراشه ،وهو مثن املصحف الذي باعه ،وكذلك أوصى باالحتفاظ
بقلنسوته اليت حج هبا أربع وعشرين سنة ،2أوصى الويل الصاحل أبو عمر ميمون السرغيين بأن يدكفن معه مكتوب،
وهو عبارة عن أمساء طلبته الذين ختموا عنده القرآن وعددهم ستون طالبا ،3كما أوصى أبو احلسن علي بن حممد
الزواوي أوالده حني بكوا عليه بقوله « :ال عليكم مجما أصابكم أمر أو عارض كفأتوا إىل قربي وأذكروا وأشكوا
مهكم وسألوا اهلل يفرج عنكم».4
كثرية هي األمثلة اليت حفظتجا لنا املدونة الوسيطة حول أنواع وحمتويات الوصايا اليت تركجا أصحاهبا لذويجم بغية
تنفيذها ،إذ تعاملوا معجا بكثري من اجلدية وطبقوا حمتواها كأهنا نصوص ملزمة ،ملا له من أثر نفسي يف نفوسجم
بأهنم حققوا ملوتاهم مبتغاهم وهو ما سيحقق هلم نوع من السكينة والطمأنينة.
/1طقس السبوع وأربعينية الميت:5
لطاملا شكلت األرقام رموزا مقدسة لبعض سكان املغرب األوسط خاصة أيام األكفراح ،ومنجا العدد سبعة الذي
احتل مكانة مرموقة يف املخيال الشعيب ،6وقد يعود ذلك إىل التأثر بالنصوص الدينية خاصة القرآن الذي ذكر
العدد سبعة أكثر من مخسة عشر مرة ،7منجا أن األراض والسماوات واألحبر وأبواب اجلنة وأبواب النار كلجا
سبعة ،كفيوم العقيقة يصادف اليوم السابع من الوالدة ،وهناك سابع العروسة ،وسبوع امليت ،باإلضاكفة إىل اليوم
الثالث واليوم األربعني بعد الوكفاة.
209
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
أشار الونشريسي(ت922هـ2109/م) إىل عادة سابع امليت ،يف حديثه أن أهل املتوىف يف اليوم السابع للوكفاة
يصنعون طعاما للقراء والفقراء واألقارب للرتحم على امليت وصلة لألرحام ،ويسمى هذا الطعام بعشاء القرب،1
وذكر أنه من املستحب أن يرسل اجلريان واألقارب الطعام ألهل امليت،2كما كانوا يضربون يف هذا اليوم الفسطاط
(نوع من البناء) على قرب املتوىف ،ويستأجرون أحد القراء لتالوة ما تيسر من القرآن على القرب ،وذلك على الرغم
من حث الفقجاء على نبذ تلك العادة اليت اعتربت من البدع ومما أحدثه الناس ،3وكان أهل تلمسان ال يطفئون
املصباح يف املنزل مدة سبع ليايل كاملة ،4كما كان من عادهتم يف هذا اليوم أن يتصدقوا بثياب امليت وكفرشه وما
كان يتناول كفيه من آنية وغري ذلك للفقراء واملساكني ،5على نية أن يلحقه أجر الصدقة إذا ما استعملت أغراضه.
أما بعد مضي أربعني 6يوما من الوكفاة ،كان يقام "طقس األربعني" لتذكر امليت ،كفيصنع أهله طعاما
يتصدقون به ويدعون له بالرمحة واملغفرة ،ويذهبون إىل قربه ويوضحون حدوده ويعلموهنا بعالمات كنصب بعض
األحجار واليت تدعى بالشواهد بتلمسان وضواحيجا ،7ويعترب طقس األربعني رمزا كفاعال يف إنتاج املظاهر املتصلة
باملوت كآخر يوم حزن ألهل امليت ،أين تبقى األرملة وحدها يف حالة احلداد إذا كان املتوىف زوججا ،ويقوم أهل
امليت ب "طقس اخلتمة" أين تتم قراءة وختم القرآن على نيه أن ينال املتوىف األجر.
/0التكلم مع الموتى:
مل يتوقف اعتقاد سكان املغرب األوسط يف ما حيدثه املوت من خوف وكفزع وهالة ،وما يقومون به من طقوس
ومماراسات الحتواء هذا احلدث ،بل تعدى األمر اعتقادهم يف قدرة بعض الناس على التكلم مع املوتى حىت أن
- 1املعيار 227 /2 :وهو عبارة عن طعام يعده أهل امليت لألقارب واملعزين على نية الصدقة باسم املتوىف ،وعادة ما يكون الطعام من مال امليت
ويشرتط كفيه األضحية ،إذ هي واسطة بني املتوىف واألحياء ،أين يصبح هذا العشاء عشاءا مقدسا ،قال جرير بن عبد اهلل البجلي :كنا نعد االجتماع إىل
أهل امليت وصنعة الطعام من النياحة .األلباين :تلخيص أحكام اجلنائز ،ص.211
- 2رسالة أمحد بن عبد اهلل بن عبد الرؤوف :يف آداب احلسبة واحملتسب ،ص.77
- 3الربزيل :مصدر سابق121/2 ،؛ املعيار 227/2 :؛ وذكر ابو املودة أنه من الضالل الفضيع واملنكر الشنيع والشماتة البينة واحلماقة غري اهلينة
تعليق الثريات وإدامة القجوات يف بيوت األموات واالجتماع كفيجا للحكايات وتضييع األوقات يف املنجيات مع املباهات واملفاخرات .مصدر سابق،
.100/2
- 4الونشريسي ،املعيار.229-227/2 ،
5عبد العزيز ،كفياليل :تلمسان.191/2 ،
ِ ِ ِ ِ
اها بِ َعشر كفَـتَ َّم مي َقات َربِّه أَربَع َ
ني 6
ني لَيـلَةً َوأَمتَمنَ َ
وسى ثََالث َ
اعدنَا م َ -الرقم أربعون ذكر أربعة مرات يف القرآن الكرمي كفميعاد موسى كان ألربعني يوما ﴿ َوَو َ
س َعلَى ال َقوِم ض كفَ َال تَأ َ ني َسنَةً يَتِيجو َن ِيف األَر ِ ِ
ال كفَِإنـ ََّجا حمََّرَمةٌ َعلَي ِجم أَربَع َ
لَيـلَةً﴾ سورة األعراف ،اآلية 221،ونفي إسرائيل كان أربعني سنة﴿ قَ َ
ني﴾ سورة املائدة ،اآلية .10 ِِ
ال َفاسق َ
- 7موكفق ،زازوي :الطقوس اجلنائزية ،ص.222-221
210
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
ابن الزيات قال « :مسعت بعض املريدين يقولون إهنم يكلمون املوتى وجييبوهنم يف قبورهم كفقال يل :هذا صحيح
إن هلل تعاىل عباد لو تكلموا مبا استفادوا من مواهب اهلل تعاىل ألكفىت هؤالء الفقجاء برمججم ،»1ومعناه أن هناك من
الناس من استصعب األمر ومل يصدقه وهو األمر الذي ركفضه الفقجاء ،ومن النصوص الكثري اليت وردت عند ابن
الزيات يف التشوف أن هناك من حتدث مع أحد أصحابه من املوتى ،2كما أشار إىل حوار مطول بني أحد
األولياء واملرأة صاحبة القرب اليت أرسلته لطلب العفو من زوججا.3
ومن الروايات الغريبة أن امليت إذا كان صاحلا ودكفن يف مقربة شفع جلميع املوتى كفيجا ،وهو ما أكده ابن الزيات يف
التشوف من أن كفتاة كانت جتيء لوالدها يف منامه تشكو إليه أهنا تتعذب بسبب دكفن أحد العصاة جبوارها إذ
قالت له «:أنا وجرياين من املوتى يف هم عظيم من أجل رجل من أهل النار يدكفن جبوارنا ،كفادكفعه عنا ما
استطعت ، »4لكن شفاعة املدكفون اجلديد وهو أحد األولياء الصاحلني قد خلصت سكان املقربة ،كفريوي أهنا
جاءت لوالدها مرة أخرى يف املنام وقالت له « :دكفن حبوارنا رجل صاحل كفأشفعه اهلل يف كل من جياوره من أمامه
ومن خلفه وعن ميينه وعن مشاله بأربعني ذراعا ،كفكنت أنا ممن حازته األربعون ذراعا كفغفر اهلل يل بذلك،»5
التحدث مع املوتى كان حسب ما ورد يف املصادر يف حالة اليقظة ويف حالة النوم كفشكل رؤى وأحالم.
/7العدة طقس عبور األرامل:
تعترب العدة لدى النساء املسلمات سواء املطلقة أو املتوىف عنجا زوججا طقس عبور بامتياز ،بكل ما متله من
طقوس وعادات ومقدسات واليت ال ميكن اخلروج عنجا ،ذلك أن العدة متثل حالة خروج من وضع له متطلباته
وإكراهاته االجتماعية ،كفاملرأة الزوجة ت نتقل ملرحلة املطلقة أو األرملة يف زمن العدة ،لتدخل بعدها يف وضع جديد
بعد انقضاءها تتمكن خالله من إعادة بناء حياهتا سواء عن طريق الزواج أو ممارسة نشاطاهتا العادية.
ضر كفيه املمارسات والسلوكيات اليت
إن مرحلة الفصل اليت تعيشجا املرأة يف مدة العدة تتم بشكل طقوسي حت َ
تتسم بطابع رمزي من حيث داللته على كفعل الفصل يف بداية دخول العدة ،وذلك من خالل االمتناع عن القيام
جبملة من األمور اليت كان مسموحا للمرأة القيام هبا من قبل كالتزين واخلروج من البيت طوال املدة احملددة شرعا،
وميكن القول أن العدة هي املنطقة الفاصلة بني وضع سابق ووضع الحق.6
211
الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية.
كفالعدة هي منطقة حرة تتجمع كفيجا أوليات قد تكون غريبة أو حتوالت أخرى تستخدم كفيجا وسائل رمزية
متنوعة ،1كفجي يف كفرتة حداد مما يوجب عليجا ترك ما تتزين به من احللي والكحل واحلرير والطيب واخلضاب ،كما
وجب على الزوجة ذلك مدة العدة اليت حددت يف الشريعة اإلسالمية بأربعة أشجر وعشرا من أجل الوكفاء للزوج
ومراعاة حلقه ،2أما بعد انقضاء العدة الشرعية كفيمكن أن ترتدي األرملة ثياب جديدة ملونة ،وتتزين بطالء احلناء
يف يديجا ورجليجا ،وتضع قليال من الكحل والسواك ،وترمز هذه الزينة إىل املرور من عامل احلداد الضيق املثقل
باحملرمات واملقيد باحملظورات إىل العامل االعتيادي الفسيح املنشرح ،3وتعتقد الكثري من النسوة أن ثياب احلداد
حتمل نفحات قدسية جتعل منجا ترياقا كفعاال ضد العنوسة وتأخر الزواج ،4ورغم قساوة املوت وما خيلفه من آثر
نفسية أليمة إال ان اهلل منح اإلنسان القدرة على االستمرار والتعمري يف األرض.
212
الخاتمة
الخاتمة :ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخاتمة
يتضح من خالل دراسة املـ َق َدس يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط بني املعتقدات والطقوس (ق9-7هـ
/ق21 -13م) ،أن موضوع امل ـ َق َدس يف البحوث األكادميية التارخيية اجلزائرية شبه غائب ،إال بعض اإلشارات أو
املقاالت اليت برزت مؤخرا ،يف املقابل كان السبق يف دراسته ضمن ميدان األنثروبولوجيا كفجناك العديد من
الدراسات اجلادة واجليدة اليت اشتغلت على املقدس أو أحد عناصره يف اجملتمع اجلزائري يف الفرتة احلديثة ،وقد
يكون السبب وراء هذا العزوف هو غياب آليات التعامل مع املدونة الوسيطة.
اإلنسان يتغري باستمرار هلذا ميكنين القول أن الثقاكفات البشرية مل تتوقف على مدى زمن طويل من ممارسة
التقديس وإنتاج أنواع من املقدس ،وبالتايل من الصعب مبكان حصر مفجوم املقدس داخل حقل معريف معني ،كفجو
أثبت وجوده يف خمتلف حقول املعركفة اإلنسانية ،كما ال ميكن حصره يف نشاط معني ،وعليه وجب علينا كباحثني
االستفادة من خمتلف العلوم لدراسة الظاهرة اإلنسانية هبدف اخلروج بقراءات جديدة للتاريخ بصفة عامة ،وتاريخ
املغرب األوسط على وجه اخلصوص.
ومما ميكن استخالصه أيضا أن اهلدف الذي سعت املدرسة االستشراقية إليه هو نسب مقدسات سكان املغرب
األوسط إىل األصل الوثين ،وكفق خلفيات إيديولوجية مستوحاة من املشروع االستعماري الذي كان يأطرها ،لذا
استعملت من الناحية التحليلية النظريات واألدوات املفاهيمية اليت كانت سائدة وقتجا ،ومنه نستنتج أن أعمال
املستشرقني قد اصطبغت مبنجج تأويلي واضح ،يف حماولة منجم إلثبات كيفية أسلمة كل الطقوس اليت تطرقوا إليجا
بالدراسة من خالل تركيزهم على البقايا الوثنية ،اليت مل تتعرض لعملية األسلمة كما مسوها.
جمتمع املغرب األوسط جمتمع مسلم وكفق املذهب املالكي وهو شيء معروف وال خالف كفيه ،هذا األمر جعل
املقدس ال خيرج من إطار الدين يف ثنائية احلالل واحلرام واملسموح واملمنوع ،إال أن احلقائق التارخيية وما حفظته
لنا األستوغراكفيا الوسيطة من معلومات حول املوضوع وعلى قلتجا ،قد أثبتت أن هناك مرحلة وصل كفيجا العرف
لدرجة القداسة وأي انتجاك له ع َد انتجاكا للمقدس ،حيث أصبح اإلنسان هو من يصنع مقدساته وخيتلقجا ،ومينع
املساس هبا أو نقدها أو الطعن كفيجا ،وهذا دليل على ختطي املقدس يف املغرب األوسط للمساحة اخلاصة بالعقل
يف التفسري واإلدراك والتربير ،وقفزت إىل املساحات الالعقالنية والغيبية.
مت الكشف من خالل هذه الدراسة عن أنواع املعتقدات املقدسة اليت كانت سائدة ،واليت كشفت عن
الذهنية االستسالميه لبعض سكان املغرب األوسط ،واليت نتجت عن ضعف الوعي الديين وتدين مستوى اإلدراك
العلمي ،مقابل التعلق بأحكام التنجيم والسحر والعراكفة ،لذا َو َجدت أن املعتقدات اليت كانت سائدة تشابكت
جمموعة من العناصر النفسية واالجتماعية والتارخيية والطبيعية يف إنتاججا.
215
الخاتمة :ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لعل من أبرز املعتقدات الشعبية انتشارا وتقديسا ورصداً ،هو االعتقاد بالتنبؤ والتكجن باملستقبل والتطلع ملعركفة
الغيب ،بالتوسل إىل األولياء واألضرحة عن طريق التقرب إليجم بالقرابني واألضاحي والنذور والزيارة ،كما كشفت
الدراسة يف خمرجاهتا أن املمارسات الطقوسية مل ختتلف كثريا باختالف املستويات الثقاكفية واالجتماعية لساكنة
املغرب األوسط ،ومل تغفل عن إثبات أن املعتقدات واملمارسات الطقوسية لصيقة بكل األكفعال االجتماعية.
ال يفوتين هنا التنويه إىل الدور الذي قامت به املنظومة الفقجية يف مواججة بعض املعتقدات والطقوس ،اليت
أضحت مقدسة اجتماعيا رغم خروججا عن إطار الدين كما أبانت عن كيفية التعامل مع معتقديجا.
ميكنين القول أنه مل خيل زمن من األزمنة عرب تاريخ املغرب األوسط ،إال وسجل ججودا ودعوات حملاربة واستئصال
العادات واملعتقدات الفاسدة والطقوس الوثنية اليت ال متت لإلسالم بأي صلة ،واتضح من خالل االستقراء
التارخيي لبعض الكوارث الطبيعية اليت مر هبا املغرب األوسط ،مدى متكن الفكر اخلرايف والغييب والتفسري
امليتاكفيزيقي للظواهر الطبيعية ،وهو ما عكس مستوى التفكري يف ذهنية اجملتمع مبختلف طبقاته وطوائفه.
شكلت العوامل االجتماعية واالقتصادية والسياسية واليت ظجرت يف القرن 9-7ه21-22/م أرضية خصبة
ساعدت على تشبع ذهنية ساكنة املغرب األوسط ببعض املعتقات ،اليت عكس وجودها وانتشارها مدى تغلغل
الفكر الغييب يف تفسري بعض الظواهر خاصة لدى الفئات املجمشة.
األشخاص املقدسون واملبجلون ظجر تقديسجم يف شخصية الويل الصاحل صاحب الكرامات واخلوارق ،أما
األشخاص املدنسون يف اجملتمع ظجر تدنيسجم يف صورة السحرة واملشعوذين وضاريب الرمل ممن امتجنوا عقول
العوام ليحققوا مكاسب مادية أو اجتماعية.
استغل األولياء مكانتجم داخل الرتاتب ية االجتماعية كفمنم من سخر نفسه خلدمة الناس وتلبية حاجاهتم ،ومنم
من اعتزل الناس وجترد ،وحظي كالمها هبالة من القداسة منحت هلم من طرف السالطني والناس وذلك خلوكفجم
من حرماهنم من الربكة.
أقيمت الطقوس باملغرب األوسط للعديد من األغراض ،كعيد الفطر وعيد األضحى واملناسبات الدينية ،أو
إلشباع بعض احلاجات الروحية والعاطفية للمؤدين كطقوس اإلستمطار ،أو لتعزيز الروابط االجتماعية كمراسم
اخلتان والزواج ،أو كدليل على االحرتام والطاعة للويل أو صاحب الضريح ،أو كمؤشر لبداية بعض األحداث
كموسم الزرع أو احلصاد مثال ،وجمتمع املغرب األوسط يف العصر الوسيط أحد هذه اجملتمعات اإلنسانية اليت
أردت تسليط الضوء على تفاعله مع مقدساته عن طريق ممارسة بعض املراسم والطقوس اليت حتمل خصوصية هذا
اجملتمع.
216
الخاتمة :ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأخريا ورغم اجلجد املبذول يف سبيل مجع شتات املادة اخلربية املبعثرة يف ثنايا املدونة الوسيطة للمغرب األوسط
والعمل على استنطاقجا ،إال أن دراسة املقدس ظاهرة أبدية موجودة يف احلياة البشرية ،وإحدى البىن العميقة يف
الوعي والالوعي البشري يف التاريخ الفكري ،وما تاريخ املغرب األوسط الوسيط إال جزء ال يتجزأ من هذه املعادلة
وعليه كفالبحث يف املقدس وعالقته بالذهن يات واألكفكار اليت تبناها جمتمع املغرب األوسط يبقى دائما جماال خصبا
للبحث والتقصي.
217
المالحق
الملحق رقم :01دائرة احلروف.
الملحق رقم :10الرموز السحرية للكواكب وما يواكفقجا من معادن وخبورات.
الملحق رقم :11أمساء النساء يف شواهد القبور.
الملحق رقم :10أمساء أهم األضرحة واملقابر باملغرب األوسط.
الملحق رقم :11جدول عن بعض اجلوائح والكوارث والطواعني اليت مست املغرب األوسط يف القرن
( 9-7هـ21-22 /م).
المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
220
المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
221
المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
223
المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحق رقم4:
أهم األضرحة واملقابر باملغرب األوسط يف القرن ( 9-7هـ21-13 /م)
املصدر مالحظة اسم املقربة اسم الضريح اسم الويل
حيي ،بن خلدون: مقربة العباد قربه معمر مشجود وحوض ضريح سيدي أبو مدين شعيب
مصدر سابق، مورود والدعاء عند مستجاب. أبو مدين (ت192هـ/
201/2؛ الغربيين: قربه مزور حمجوج من مصر 2291م)
والشام والعراق والسوس األقصى مصدر سابق،
صفحات متعددة؛ والدعاء عند قربه مستجاب
ابن صعد :مصدر
سابق ،ص.290
قربه معروف بإجابة الدعوة عند حيي ،بن خلدون: العباد مسجد الرمحة أبو علي
مصدر سابق /2 ، ضرحيه. املديوين(ت721هـ /من العباد الفوقي العلوي
207؛ ابن مرمي: 2222م)
مصدر سابق ،ص
17؛ ابن مرزوق:
املسند ،ص72
ابن مرمي :مصدر مقربة بطريق تقع بطريق العباد وكفيجا دكفن مقربة زاوية حممد بن أيب عبد
سابق ،ص.202 العباد التميمي اهلل التميمي
(ت710ه/
2211م)
حيي ،بن خلدون: ،مزار شجري معروف بإجابة العباد أبو إسحاق إبراهيم جممع العباد
مصدر سابق، الدعاء ،قيل انه اضطجع أربعة الطيار( ت قبل
222/2 وعشرون سنة قائما بالليل 700هـ2200/م)
صائما بالنجار.
حيي ،بن خلدون: مزار مقصود باب وهب وهب بن منبه من ضريح سيدي
224
المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
225
المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
772هـ)
قربه بإزاء قرب السلطان يغمراسن حيي بن خلدون: تلمسان روضة ملوك بين أبو احلسن بن
مصدر سابق، بن زيان قصد التربك له جبوازه زيان باجلامع النجارية
.211/2 األعظم
حيي بن خلدون: مزار مقصود مبارك جماب خارج باب على مشال شرق أبو عبد اهلل
مصدر سابق، الدعوة من البستان تلمسان الشوذي احللوي
217/2؛ ابن مرمي:
:مصدر سابق ،
ص .70-01
حيي بن خلدون: قربه معروف تلمسان خارج باب أبو زكريا حيي بن
مصدر سابق، العقبة الصقيل
201./2
حيي بن خلدون: قربه معروف مزار ،روضتجم تلمسان أبو العباس أمحد بن خارج باب
مصدر سابق، معروكفة هبم إىل اآلن. منصور ابن صاحب العقبة
220/2؛ ابن الصالة
مرزوق :املسند،
ص202؛ ابن مرمي:
:مصدر سابق ،
ص.77
ابن قنفذ : :مصدر من أصحاب أيب مدين لبس العباد بالل احلبشي خدمي
سابق ،ص.92 اخلرقة من عنده ،مزاره جماب أبو مدين
الدعوة.
ابن مرزوق :املسند، قربه معروف ومشجور ،مبحاذاة قرب من باب أبو مجعة الكواشي
ص .72 ضريح احلاج عامر كشوط املضغري
جمجول :زهر دكفن السلطان أبو محو الثاين دار أيب عامر السلطان أبو
226
المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
227
المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
228
المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الواحد املغراوي
ابن مرزوق :املسند، قربه مشجور وجماب الدعوة شرق باب أبو سعيد الشريف
ص .71 القرماديني احلسين
مالحظة :هناك مقابر عامة مجاعية قرب أبواب املدن مثل مقربة القصارين ،واملقربة القدمية ومقربة مسند صاحل،
ومقربة العباد العلوي ومقربة عني السراق ،ومقربة املسيحني واليجود.
229
المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحق رقم05:
جدول عن بعض اجلوائح والكوارث والطواعني اليت مست املغرب األوسط يف القرن ( 9-7هـ21-22 /م)
املصدر نتائججا مكان الكارثة نوع الكارثة تاريخ الكارثة
ارتفاع األسعار وموت الكثري ابن عذارى :مصدر املغرب األوسط جماعة -020
سابق، من الناس 027هـ -2129/وجفاف
ص107 ،100؛ابن أيب 2110م
زرع :مصدر سابق ،
ص172
انتشار اجلراد والقحط والغالء ابن أيب زرع :مصدر جماعة عظمى املغرب األوسط 027هـ/
سابق ،ص ، 172 الشديد 2110م
172؛ السالوي :مصدر
سابق120/1 ،
السالوي :مصدر سابق ، أتى على احملاصيل بالد املغرب اجلراد 012هـ/
102/1؛ ابن أيب زرع: واجملاعة 2111م
مصدر سابق ،ص 172
ابن أيب زرع :مصدر أكل الشجر ومل يرتك أخضر بالد املغرب من 021-020هـ /عاد اجلراد
سابق ،ص 201؛ على وجه األرض كما اقصى الشرق إىل -2121
السالوي :مصدر سابق ، انعدمت األقوات ونقصت اقصى الغرب 2122
الغالت وعمت اجملاعة
102/1
ابن أيب زرع :مصدر نشفت البشرات وأثنت مجيع بالد املغرب اجلفاف 021هـ/
سابق ،ص170؛ ابن اجللود والريح 2127م
صعد :مصدر سابق ،ص
02؛ ابن اخلطيب:
نفاضة اجلراب ،ص.02
230
المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد الرمحان بن خلدون: قلة األقوات حصار تلمسان حصار وقلة 020هـ /
العرب209-201 /7 ،؛ األقوات 2121م
ابن األمحر :مصدر تكرر احلصار يف
سابق ،ص .00 070هـ/
2172م
ابن أيب زرع :مصدر الريح العظيم املغرب من الشرق األمراض الكثرية واتالف 079هـ/
احملاصيل وقتل البجائم والبشر سابق ،ص201 ملدة ستة 2110م
أشجر
السالوي :االستقصاء، مل ير الناس قطرة ماء قحط شديد مجيع املغرب 011هـ /
19/2؛ العبدري :مصدر 2119م
سابق ،ص.17
ابن أيب زرع :مصدر هلك أغلبجم من اجلوع 091هـ2199/م جماعة بسبب تلمسان
سابق ،ص210؛ ابن احلصار استمر إىل غاية
مرزوق :املناقب ،ص 700هـ2200/م املرينيي
292م؛ ابن األمحر:
مصدر سابق ،ص 02
ابن خلدون :العرب، -ذهب بأهل اجليل شرق وغرب الطاعون 729ـ-
12/7 -طوى كثريا من حماسن املغرب األوسط 712هـ -2221/اجلارف أو
ابن اخلطيب:نفاضة العمران الطاعون 2211م
اجلراب10 ،02/2 ،؛ األسود
-انقضى عمران األرض
-خربت األمصار واملصانع ابن قنفذ :الوكفيات،
ص211؛ الوزان :مصدر
-كثرة املوت
سابق .01/2 ،
-قضى على خلق كثري من
الناس
اقرضت بعض العوائل بسبب
231
المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
232
الفهارس
كفجرس اآليات القرآنية -2
كفجرس األحاديث النبوية -1
كفجرس األشعار -2
كفجرس األعالم -2
كفجرس الشعوب والقبائل والدول والطوائف -1
كفجرس األماكن -0
كفجرس املوضوعات -7
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
22 اآلية 27 ال طَائِركم ِعن َد اللَّ ِه بَل أَنـتم قَـوٌم سورة النمل ك قَ َ ﴿ قَالوا اطَّيَّـرنَا بِ َ
ك َوِمبَن َم َع َ
تـفتَـنو َن﴾
ِ ِ
22 اآلية -21 اب سورة يس ﴿ قَالوا إِنَّا تَطَيَّـرنَا بِكم لَئن َمل تَـنتَـجوا لَنَـرمجَنَّكم َولَيَ َم َّسنَّكم منَّا َع َذ ٌ
.29 يم ( )21قَالوا طَائِركم َم َعكم أَئِن ذ ِّكرمت بَل أَنـتم قَـوٌم مس ِركفو َن﴾ ِ
أَل ٌ
ِ ﴿ع ِ
22 اآلية 10 سورة اجلن َح ًدا﴾ ب كفَ َال يظ ِجر َعلَى َغيبِه أ َ امل الغَي ِ َ
20 اآلية 2 سورة الفلق ات ِيف الع َق ِد﴾ ﴿وِمن َشِّر النـَّفَّاثَ ِ
َ
20 ني الن ِ
َّاس َواستَـرَهبوهم َو َجاءوا سورة األعراف اآلية: ال أَلقوا كفَـلَ َّما أَل َقوا َس َحروا أَع َ
﴿ قَ َ
،220 بِ ِسحر َع ِظيم﴾
235
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
20 اآلية.00 : صيُّـجم خيَيَّل إِلَي ِه ِمن ِسح ِرِهم أَنـ ََّجا سورة طه ال بل أَلقوا كفَِإذَا ِحباهلم و ِع ِ
َ َ ﴿ قَ َ َ
تَس َعى﴾
20 اآلية 201 السحَر َوَما أن ِزَل َعلَى سورة البقرة َّاس ِّ ِّ ِ ِ
ني َك َفروا يـ َعلمو َن الن َ﴿ َولَك َّن الشَّيَاط َ
وت﴾ ني بِبَابِ َل َهار َ
وت َوَمار َ الملَ َك ِ
َ
20 الس َحَرة كفِر َعو َن قَالوا إِ َّن لَنَا سورة األعراف اآلية
احر َعلِيم (َ )221و َجاءَ َّ وك بِك ِّل س ِ
َ ﴿ يَأت َ
ِ
-221 ني (﴾)222 َألَجًرا إِن كنَّا َحنن الغَالبِ َ
222
17 اآلية 09 سورة طه احر َحيث أَتَى﴾ ﴿وَال يـفلِح َّ
الس ِ
َ
01 اآلية 19 ﴿و ِعن َده َم َفاتِح الغَي ِ
ب َال يـَعلَم َجا إَِّال ه َو َويـَعلَم َما ِيف البَـِّر َوالبَح ِر سورة األنعام َ
ض َوَالات األَر ِ وما تَسقط ِمن ورقَة إَِّال يـعلَمجا وَال حبَّة ِيف ظلم ِ
َ َ َ َ َ ََ ََ
َرطب َوَال يَابِس إَِّال ِيف كِتَاب مبِني﴾
ِ ﴿ع ِ
01 اآلية 10 سورة نوح ب كفَ َال يظ ِجر َعلَى َغيبِه أ َ
َح ًدا﴾ امل الغَي ِ َ
ضى أَمًرا كفَِإَّمنَا يـَقول لَه كن سورة البقرة السماو ِ ِ
01 اآلية 227 ض َوإِذَا قَ َ ات َواألَر ِ ﴿ بَديع َّ َ َ
كفَـيَكون﴾
01 اآلية 9 الرس ِل َوَما أَد ِري َما يـف َعل ِيب َوَال بِكم إِن سورة﴿ قل َما كنت بِد ًعا ِم َن ُّ
ِ
األحقاف يل َوَما أَنَا إَِّال نَذ ٌير مبِ ٌ
ني﴾ وحى إِ ََّ ِ
أَتَّبِع إَّال َما ي َ
12 اآلية 2 سورة العلق ﴿علَّ َم بِال َقلَّم﴾
َ
ِ
َّك بِال َواد الم َقد ِ
87 اآلية 21 سورة طه َّس ط ًوى﴾ ك إِن َ ك كفَاخلَع نـَعلَي َ﴿إِ ِّين أَنَا َربُّ َ
ِ َّ ِ ِ ُّ ِ ِ ﴿ اللَّه وِ ُّ َّ ِ
209 اآلية 110 ين َآمنوا خي ِرججم م َن الظل َمات إ َىل النُّور َوالذ َ
ين َك َفروا سورة البقرة، يل الذ َ َ
ِ ِ
كأَوليَاؤهم الطَّاغوت خي ِرجونـَجم ِم َن النُّوِر إِ َىل الظُّل َمات أولَئِ َ
أَص َحاب النَّا ِر هم كفِ َيجا َخالِدو َن﴾
209 اآلية .17 ين ي ِقيمو َن َّ
الص َال َة َويـؤتو َن سورة املائدة، َّ ِ َّ ِ َّ َِّ ِ
ين َآمنوا الذ َ ﴿ إمنَا َوليُّكم الله َوَرسوله َوالذ َ
الزَكا َة َوهم َراكِعو َن﴾ َّ
209 اآلية 01 سورة يونس ﴿ أََال إِ َّن أَولِيَاءَ اللَّ ِه َال َخو ٌ
ف َعلَي ِجم َوَال هم َحيَزنو َن﴾
220 سورة األعراف اآلية 290 ني﴾﴿إِ َّن ولِيِّي اللَّه الَّ ِذي نـََّزَل ال ِكتَاب وهو يـتَـوَّىل َّ ِِ
الصاحل َ َ َ َ ََ َ َ
236
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ِِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِِ
222 ني سورة األحزاب اآلية 21
ني َوالمؤمنَات َوال َقانت َ ني َوالمسل َمات َوالمؤمن َ ﴿ إِ َّن المسلم َ
ِِ الصابِ ِرين و َّ ِ الص ِادقِني و َّ ِ ِ ِ ِ
الصابَِرات َواخلَاشع َ
ني الصادقَات َو َّ َ َ َوال َقانتَات َو َّ َ َ
اتالصائِم ِ ات و َّ ِ ِ ات والمتصدِّقِني والمتص ِّدقَ ِ اشع ِ
ِ
ني َو َّ َ الصائم َ َ َ ََ َ َ ََ َواخلَ َ
ات أ ََع َّدالذاكِر ِ
َّ الذاكِ ِر َّ ِ واحلاكفِ ِظني كفـروججم واحلاكفِظَ ِ
ات َو َّ
ين اللهَ َكث ًريا َو ََ َ َ َ َ َ َ
ِ ِ
يما ﴾اللَّه َهلم َمغفَرةً َوأَجًرا َعظ ً
221 اآلية 12 ﴿إِذ يـَتَـنَ َازعو َن بـَيـنَـجم أَمَرهم كفَـ َقالوا ابـنوا َعلَي ِجم بـنـيَانًا َربـُّجم أَعلَم هبِِم سورة الكجف
َّخ َذ َّن َعلَي ِجم َمس ِج ًدا﴾ ال الَّ ِذين َغلَبوا علَى أَم ِرِهم لَنَت ِ
َ قَ َ َ
201 اآلية 1-2 سورة القدر ﴿إِنَّا أَنـَزلنَاه ِيف لَيـلَ ِة ال َقد ِر (َ )2وَما أَد َر َاك َما لَيـلَة ال َقد ِر﴾
207 اآلية 1-2 سورة الكوثر ك َواحنَر﴾ اك ال َكوثـَر ( )2كفَ ِ ﴿إِنَّا أَعطَيـنَ َ
ص ِّل لَربِّ َ
َ َ
210 اآلية 72 اق َوِمن َوَر ِاء إِس َح َ
اق سورة هود اها بِِإس َح َضح َكت كفَـبَشَّرنَ َ
﴿وامرأَته قَائِمةٌ كفَ ِ
َ َ َ َ
وب﴾ يـَعق َ
210 آل اآلية29 َن اللَّ َه يـبَشِّرَك سورة
اب أ َّ﴿ كفَـنَ َادته الم َالئِ َكة وهو قَائِم يصلِّي ِيف ال ِمحر ِ
َ َ َ ٌ َ َ
ني﴾ عمران بِيحَي مص ِّدقًا بِ َكلِمة ِمن اللَّ ِه وسيِّ ًدا وحصورا ونَبِيًّا ِمن َّ ِِ
الصاحل َ َ َ َ ََ ََ ً َ َ َ َ
291 اآلية 17 سورة ت مثَّ إِلَيـنَا تـر َجعو َن﴾ ﴿ ك ُّل نـَفس ذَائَِقة المو ِ
َ
العنكبوت
292 اآلية112 ﴿واتـَّقوا يـَوًما تـر َجعو َن كفِ ِيه إِ َىل اللَّ ِه مثَّ تـ َو َّىف ك ُّل نـَفس َما َك َسبَت َوهم سورة البقرة
َ
َال يظلَمو َن﴾
292 اآلية 10 سورة يونس ﴿ه َو حييِي َوميِيت َوإِلَي ِه تـر َجعو َن﴾
292 اآلية 21 سورة البقرة مج ًيعا كفَـيـنَبِّئكم ِمبَا كنتم كفِ ِيه َختتَلِفو َن﴾﴿إِ َىل اللَّ ِه مرِجعكم َِ
َ
يم َخبِريٌ﴾ ِ ِ س بِأ ِّ ِ
100 اآلية 22 سورة لقمان َي أَرض َمتوت إ َّن اللَّ َه َعل ٌ ﴿وَما تَدري نـَف ٌَ
ِ ِ ِ ِ
122 اآلية 221 اها بِ َعشر كفَـتَ َّم مي َقات َربِّه أَربَع َ
ني سورة األعراف ني لَيـلَةً َوأَمتَمنَ َ
وسى ثََالث َ
اعدنَا م َ ﴿ َوَو َ
لَيـلَةً﴾
ِ
122 اآلية 10 ال كفَِإنـ ََّجا حمََّرَمةٌ َعلَي ِجم أَربَع َ
ني َسنَةً سورة املائدة ونفي إسرائيل كان أربعني سنة﴿ قَ َ
ني﴾ ِ ِِ يَتِيجو َن ِيف األَر ِ
س َعلَى ال َقوم ال َفاسق َ ض كفَ َال تَأ َ
237
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلَى ِ ِ ِ
77 الذين الَ يَسرتقون والَ يتَطَريون والَ يَكتَوون َ « يَدخل اجلَنَة من أميت َسبـعو َن ألفاً بغري ح َساب هم َ
َرهبم يَتوَكلون».
12 الطرية والطَرق من اجلبت ،وكفيه إبطَال َلدالئل النبـ َوات وتَك ِذيب لآلَيات املنَـَزالَت» « العيَاكفَة و َ
ِ
202 صاحل يَدعو له » صدقَة َجا ِرية أو علم ينت َفع به أو َولَد َ ات ابن آدم انقطَع َعمله إالَ من ثَالثَ : « إذا َم َ
201 اخر» « أرى رؤياكم قد تواطأت يف السبع األواخر كفَمن َكان متح ِريجا كفليتحراها يف السب ِع األو ِ
َ َ َ َ َ ََ َ َ
ِ ِ ِ ِ
202 ني يـَل َقى َربَه» للصائ ِم كفَـر َحتَان كفَـر َحة ح َ
ني يـَفطر وكفَـر َحة ح َ « َ
271 يس منه كفجو ِرد »
ث يف أمرنَا َما لَ َ
«من أح َد َ
271 ضاللَة يف النَار»
ضاللَة وكل َ «كل حمدثَة بد َعة وكل بِ َ
دعة َ
279 «مع الغالَِم عقيقة كفأهريِقوا عنه دماً و ِأميطوا َعنه األَذى»
210 كفسماه إبراهيم وحنكه بتمرة» «ولد يل غالم كفأتيت النيب ﷺ َ
212 الشارب وتقليم األظاكفر ونَتف اإلبط» «الفطرة َمخس اخلِتان واالستح َداد وقَص َ
212 «قد أسلمت يا رسول اهلل قال ﷺألق عنك شعر الكفر واختنت»
107 « إذا طني القرب مل يسمع صاحبه األذان ،وال الدعاء وال يعلم من يزوره كفال تطينو قبور موتاكم ،دعوهم
يسمعون الذكر ،وال يزال تراب القرب يسبح اهلل ما مل يطني القرب كل يوم عشر مرات حىت يغفر اهلل
لصاحبه».
122 «ال حتد امرأة على ميت كفوق ثالث إال على زوج ،كفإهنا حتد عليه أربعة أشجر وعشرا ،وال تلبس ثوبا
مصبوغا إال ثوب غضب وال تكتحل وال تلمس طيبا وال ختتضب وال متشط إال إذا طجرت ،ال متس نبذة
من قسط أو إضفار»
238
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-1فهرس األشعار:
ص البحر البيت الشعري
22 حبر بسيط كب الل َجة يف كفَصل الشتَا *** َوقَد طَغَى املوج َعلَيه َو َعتَا
َوَر َ
احلجا
الر َجا *** يَا َعربة قَد د َهيت منـ َجا َطب األسطول وانبت َ كفَـ َع َ
10 حبر بسيط واخل ِط و ِ
السح ِر َمن أَبَـانَه. ومنع من اشتَـغَل بِ ِ
الك َجانَة
َ َ َ َ ََ َ
02 حبر بسيط الس َماء
يَا َراصداً اخلنَس اجلَـ َـواري *** َما كفَـ َعلت َهذه َ
(خمَلـَع دراء
َوالَ نـََرى َغريَ زور قـَـول *** آَ َذ َاك َججل أَم از َ
البسيط) اقتضاء
الوَرى َ
س تَـقضى*** َوَما َهلَا يف َ
يـَقضي َعلَ َيجا َولَي َ
ضلَت عقول تَـَرى قَدمياً *** َما َشأنه اجلرم وال َفنَاء َ
02 حبر بسيط ضا كفَلِلمحتَ ِسب التَم ِزيق *** َوال َكسر َوا ِإل َراقَة َوالتَخ ِريق أَي ً
الذي يعِيب. والضرب والطَواف بِاملضروب *** ويـتـلَف الشيء ِ
َ ََ َ َ َ َ
َ
221 حبر الطويل ش َعيب َويل اهلل ِسر ِعبَ ِادهِ *** أَبو َمدين مغ ِين اآلنَ ِام بَِفخ ِره
اشًرا ِعل َم ا ِإل ِله بِأَم ِره
كفَـيا جنَةَ املأوى ويا علَم اهل َدى *** ويا نَ ِ
ََ َ َ َ ََ َ َ
ب طوِره نت يف ك ِل جبَانِ ِ ِ
ت َومل تَغب *** َوَما ك َ
ِ
ت َومل َحتضر َوغب َ ضر َ َح َ
اس إِط َفاءَ نوِره . َحد يف النَ ِ ِ
كفَـنورَك نور اهلل يـَجدي لَه َوَهل *** َعلَى أ َ
212 حبر بسيط ص ِفيَة ِ ِ
الس َادة الصوكفيَة *** َم َقالَة َجلية َ
ال بـَعض َ َوقَ َ
وق َم ِاء البَح ِر قَد يَ ِسري
ت َرجالً يَ ِطري *** أَو كفَ َإِذاَ َرأَي َ
الشرِع *** كفَإنَه مستَدرج وي ِ ِ ِ
دعي ََ ند حدود َ َومل يَقف ِع َ
212 حبر البسيط الَ تَس َرتب يف َكَر َامات خيَص هبَا *** َمن اتَـ َقى اهلل يف سر وإعالَن
الزهر يف حسن أَنـ َفاس َوأَلوان مثَ إ َن ال َكَر َامات أَنـ َواعٌ إذَا نَظََرت *** َك َ
َمش ٌي َعلَى املاء أَو يف اجلَو قَد نقالَ *** َو َشبع ذي شعب أَو ري ظَم َآن
*** َوَك ــم اعثيـت َويل عنـ َـد إذ َعــان يل حيـ ـ َـن َدع َوته
ـب َو ٌ
َوَكـم أجيـ َ
*** يـغَيَب َعن َدرك أَمساَع وأَج َفان َوكفَـجـم َمـن جي ــيبــه اجلَ َمــاد َوَمن
َومنـجم َمن يَرى املختَ َار من َملَك *** َوَمن جيَالسجم يف َحال إخ َوان
ف َسعيجم *** املرء يَك َسب إح َساناً بإح َسان صفوا كفَصفوا َونَالوا ضع َ
َ
َ
وس دو َن أَب َدان
يف َعيش أَرَواحجم َماتَت نـفوسجم *** َوقَد َمتــوت نـف ٌ
239
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
240
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زينب بنت الشيخ الصاحل أيب إسحاق إبراهيم بن حممد الداليل 221 -
«س »
ستم بنت الشيخ أيب علي حسني بن اجلالب .200 -
أيب سعيد الشريف احلسين 202 -
سوط النسا والدة يغمراسن بن زيان -222 -
«ش »
اإلمام الشاكفعي 222 -
«ع»
أبو عبد اهلل الشامي 211 -
أبو عبد اهلل القوري 10 -
عبد اهلل بن علي املنجم بن احملفوف .02 -
السلطان أبو عبد اهلل حممد الثالث 220 -
أبو عبد اهلل حممد بن علي اللجام 212 -
أيب عبد اهلل حممد بن عيسى 200 -91 -
أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن أيب بكر بن مرزوق 277 -92 -
أبا عبد اهلل حممد ابن موسى اليجري البجائي .22 -
أبو عبد اهلل حميو اهلواري 220 -
أبو عبد اهلل بن سعيد العقباين 10 -
عبد اهلل بن العباس 10 -
عبد اهلل بن منصور 212 -
أبو عبد اهلل ابن مرزوق 221 -222 -
عبد الرمحان السنوسي .102 -220 -220 -
عبد الرمحان الوغسيلي 97 -
أبو العباس أمحد بن حممد بن أمحد بن أمحد العزيف اللخمي السبيت 272 -
عبد القادر اجليالين 200 -
عبد املؤمن بن علي الكومي 207 -
243
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«م »
حممد التنسي 222 -
حممد الدوادي 212 -
أبو حممد صاحل .19 -
حممد بن عمر اهلواري 222 -210 -220 -
حممد بن حممد بن أيب بكر بن مرزوق– 299.221 -
أبو حممد عبد اهلل املليجي .101 -
أبو حممد مع اهلل ابن حيي بن جياتن الزنايت 212 -
حممد املكي الناصري 211 -
أبو مدين شعيب .109 -101 -272 -202-212 -221-222 -212-210 -72 -
ابن مرزوق 202 -22 -22 -
مرمي بنت يوسف بن عبد اهلل 220 -
مسلمة بن أمحد اجملريطي27 -
املعز لدين اهلل الفاطمي .272 -
معمر بن عالية 212 -
ملوكة بنت الشيخ عثمان بن مشعل زوجة السلطان أيب عبد اهلل حممد 227 -
املجدي بن تومرت 207 -
«و»
الوزان -21 -
أبو الوليد ابن رشد اجلد 211 -
«ي»
أبو يزيد ابن اإلمام -72 -
أبو يعزى يلينور بن ميمون202 -
أبو يعقوب التفرييت .21 -
يعقوب املالري 99 -
يغمراسن بن زيان .212 -221-221 -202-200 -92 -91 -
245
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
246
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
247
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«ت»
تادلة .219 -
تلمسان -221 -221 -219 -221 -207 -99 -91-92 -19 -10 -71 -72 -21 -
.207 -202 -201 -200-212-211
تونس .222 -12 -
تيجرت .20 -
«ج »
248
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«س »
سجلماسة .291 -
السودان .27 -27 -
«ش »
شرشال .19 -20 -
الشلف .91 -
«ص»
249
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-الصحراء .209
«ض »
ضريح احللوي 222 -
ضريح اللة سييت 220 -
«ع»
العباد .120 -272 -202-220-222 -99 -92 -
العراق .21 -
«ف »
-كفلسطني .201
«ق»
-قصر املشور .272 -207
-القريوان .290
«ك»
الكعبة .99 -
«م »
مازونة 202 -
املدينة املنورة .201 -
مسجد إبراهيم املصمودي 222 -
مسجد أيب مدين .92 -
مسجد احللفاوين 222 -
مسجد احللوي 221 -92 -
مسجد اخلليل 201 -
مسجد الشيخ عبد الرمحان السنوسي 92 -
املشرق .221 -19 – 11 -21 -27 -
مرسى اخلرز .19 -
مصر .272-209 -11-27 -
250
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
املغرب -221 -201 -200 -99 -91 -19 -79-71 -21 -20 – 17- 10 -11 -
.201 -221-221-220 -210
املغرب اإلسالمي .272-219 -158- -212-229 -210-211 -
املغرب األقصى .27 -20 -
املغرب األوسط -22 -20 -10 -11 -12 -12 -11 -10 -20 -21 -22 -0 -1 -2 -
-12 -12 -11 -10 -21 -22 -22 -21 -22-29 -27 -20 -21 -22 -22 -21
-90 -19 -12 -12 -11 -12 -10 -79 -71 -70 -72-71 -72 -09 -19 -11
-227 -220 -222 -221 -220 -207 -207 -201 -202 -200-99 -91 -92
-211 -211-212-229 -220 -222 -227 -222 -222 -221 -219 -210 -212
-272 -271 -272 -270 209 -207 -200 -201 -202 -201 -202 -200 -219
-297 -292 -292 -292 -219 -211 -210 -211 -212 -210 -277 -270 -271
.122 -101 -290 -292 -212 -277 -272 -120.271 -109 -100 -101 -299
مقربة باب اجلياد 220 -
مقربة اخلفري 220 -
مقربة باب الدباغني 220 -
ومقربة باب العقبة 220 -
مقربة القاضي .101 -
مقربة عني وانزوتة 220 -
ومقربة باب القرمادين 220 -
ومقربة باب كشوط 220 -
مقربة املرج 220مقربة مسند صاحل بباب زيري 220 -
مقربة باب وهب 220 -
مكة .201 -
«ه »
هنني .19 -
هوارة .79 -20 -
251
الفهارس:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«و»
واد تانسيفت .211 -
واد رهيو .219 -
واد الشلف .20 -
واد ملوية .20 -
وهران 210 -19 -20 -
252
قائمة المصادر
والمراجع
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أوال :المحررات باللغة العربية.
-القرآن الكريم ( رواية ورش عن ناكفع) :دمشق :دار الريادة للنشر والتوزيع ،ط1021 ،2م.
/3المصادر:
أوال :المصادر المخطوطة:
السبيت ،اهلواري عبد اهلل بن عبد الرمحن ابن احلارث بن مهام أيب العباس (ت002ه2102 /م): -3
مناقب أبي العباس السبتي ،خمطوط رقم ،2291مكتبة امللك عبد اهلل بن عبد العزيز 11 ،ورقة.مكتبة رقمية.
السرمدي ،احلنبلي( ت770هـ2272/م) :يوسف بن حممد بن مسعود خمطوط "ذكر الوباء -0
والطاعون" ،رقم ، 1770 :مكتبة باريس 22 ،ورقة.
السيوطي ،جالل الدين أيب الفضل عبد الرمحان ابن مجال الدين ،خمطوط " ما رواه الواعون في أخبار -1
الطاعون" ،نسخة مصورة عن خمطوط رقم ،2122 :ورقة .201
العسقالين ،أمحد بن علي بن حممد ابن حجر ،خمطوط "بذل الماعون في فضائل الطاعون" ،خمطوط -0
رقم ،110باجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة 270 ،ورقة.
ثانيا :المصادر المطبوعة:
ابن األثري ،جمد الدين أبو السعادات املبارك (ت000هـ2120 /م) :النهاية في غريب الحديث -2
واألثر ،حتقيق :طاهر أمحد الزاوي وحممود حممد الطنايب ،ط ،01بريوت :دار الفكر2910 ،م.
األمحر ،أبو الوليد إمساعيل بن يوسف اخلزرجي األنصاري (ت107هـ2201 /م) :تاريخ الدولة الزيانية -1
بتلمسان -مقتطف من كتابه " النفحة النسرينية في الدولة المرينية" ،حتقيق :هاين سالمة ،ط ،2بور سعيد –
مصر :مكتبة الثقاكفة الدينية للنشر والتوزيع1002 ،م.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتتتـ ـ ـ :مستودع العالمة ومستبدع العالمة ،حتقيق :حممد الرتكي التونسي ،الرباط:منشورات -1
املركز اجلامعي للبحث العلمي(،د.ت).
اإلدريسي ،الشريف ( ت101هـ 2200 /م) :نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق ،اجلزائر :هنري -2
برييس2917 ،م.
األصفجاين ،أبو القاسم احلسني بن حممد الراغب (ت 101هـ2201/م) :المفردات في غريب -1
القرآن ،حتقيق :مركز الدراسات والبحوث مبكتبة نزار مصطفى الباز ،مكة -السعودية :دار عامل الكتب للطباعة
والنشر والتوزيع1009 ،م.
254
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-0األدكفوي ،كمال الدين أبو الفضل جعفر بن ثعلب املصري (ت 721ـ2110 /م) :الموفى بمعرفة التصوف
والصوفي ،تح :حممد عيسى صاحلية ،ط،02الكويت :مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع2911 ،م.
الباديسي ،عبد احلق بن إمساعيل (ت010هـ2111 /م) :المقصد الشريف والمنزع اللطيف في -7
التعريف بصلحاء الريف ،حتقيق :سعيد أعراب ،ط ،01الرباط :املطبعة امللكية2992 ،م.
البخاري ،أبو عبد اهلل حممد بن إمساعيل بن إبراهيم بن بردزبة اجلعفي ( ت110هـ109 /م) :صحيح -1
البخاري ،ط ،02تعليق :حممد بن صاحل العثيمني ،باب الواد -اجلزائر :دار اإلمام مالك للكتاب1020 ،م،
1أجزاء.
الربزيل أيب القاسم بن أمحد البلوي التونسي(ت 122هـ2221/م) :فتاوى البرزلي جامع مسائل -9
األحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام ،حتقيق :حممد حبيب اهليلة ،ط ،2بريوت :دار الغرب
اإلسالمي1001 ،م 0 ،أجزاء.
-20ابن بطوطة ،حممد بن عبد اهلل بن حممد (ت 779هـ2277/م) :رحلة ابن بطوطة في غرائب األمصار
وعجائب األسفار ،حتقيق :حممد عبد الرحيم،ط ،02بريوت :دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع1009 ،م.
-22البلوي ،أيب القاسم بن أمحد التونسي ( ت021هـ2122 /م) :فتاوى البرزلي جامع مسائل األحكام
لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام ،حتقيق :حممد حبيب اهليلة ،ط ،2بريوت :دار الغرب اإلسالمي ،
1001م7 ،جملدات.
-21البكري ،أبو عبيد اهلل بن عبد العزيز (حي حوايل 200هـ2009/م) ،حتقيق :البارون دوسالن .المغرب
في ذكر افريقية والمغرب ،بغداد :مكتبة املثىن2901 ،م.
البلوي ،أبو جعفر (ت 921هـ2121/م) :ثبت البلوي :حتقيق :عبد اهلل العمراين ،ط ،02بريوت: -22
دار الغرب اإلسالمي2912 ،م.
-22البوين ،أمحد بن علي (ت011هـ2111/م) :شمس المعارف الكبرى ولطائف العوارف ،ط،01
بريوت :مؤسسة النور للمطبوعات1000،م.
-21البيدق ،أبو بكر الصنجاجي (ت أواخر ق0هـ21/م) :أخبار المهدي بن تومرت وبداية دولة
الموحدين ،حتقيق :عبد الوهاب بن منصور ،الرباط :دار املنصور للطباعة والوراقة2972 ،م.
-20البيصري ،شرف الدين أيب عبد اهلل حممد بن سعيد (ت990هـ2190/م) ،ديوان البويصري ،حتقيق:
حممد سيد الكيالين،ط ،2مصر :مطبعة مصطفى البايب احلليب2911 ،م.
255
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-27التنبكيت ،أمحد بابا(ت2020هـ2010/م) :نيل االبتهاج بتطريز الديباج ،حتقيق :عبد احلميد عبد اهلل
اهلرامة،ط ،01طرابلس -ليبيا :دار الكتاب1000 ،م.
-21التنسي ،حممد بن عبد اهلل (ت 199هـ 2292 /م) ،تاريخ بني زيان ملوك تلمسان مقتطف من كتاب
نظم الدر والعقيان في بيان شرف بني زيان ،حتقيق :حممود بوعياد ،اجلزائر :املكتبة الوطنية اجلزائرية2911 ،م.
-29ابن تيمية تقي الدين أمحد احلراين (ت 711هـ2211/م) :مجموعة الفتاوى ،ط ،02املنصورة -مصر:
دار الوكفاء للطباعة والنشر والتوزيع1001 ،م.
-10ـ ـ ــ :شرح العقيدة الواسطية ،شرح :حممد بن صاحل العثيمني ،ط ،0السعودية :دار ابن اجلوزية للطباعة
والنشر والتوزيع1002 ،م.
-12الثعاليب ،أبو زيد عبد الرمحان بن حممد (ت171هـ2270/م) ،العلوم الفاخرة في النظر في أحوال
اآلخرة ،مطبعة حجرية2199 ،م.
-11اجلرسيفي ،عمر بن عثمان بن العباس (ت2122هـ2100/م) :رسالة في الحسبة ضمن ثالث رسائل
أندلسية في آداب الحسبة والمحتسب ،حتقيق :ليفي بروكفنسال ،القاهرة :مطبعة املعجد العلمي الفرنسي لآلثار
الشرقية2911 ،م.
-12اجلصاص ،أبو بكر أمحد بن علي الرازي ( ت270هـ912/م) :أحكام القرآن ،حتقيق :حممد صادق
القمحاوي ،بريوت :دار إحياء الكتب العربية – مؤسسة التاريخ العريب 1 ،2991 ،جملدات.
-12اجلوهري ،إمساعيل بن محاد أبو نصر (ت 212هـ2001/م) :الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية،
مراجعة :حممد تامر ،القاهرة :دار احلديث للطباعة والنشر والتوزيع1009 ،م 1،جملدات.
-11أبو حامد ،حممد العريب ( ت911ـ2011/م) :مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن،
حتقيق :حممد محزة الكتاين ،ط ،2الدار البيضاء :مطبعة النجاح اجلديدة1002 ،م.
-10أبو محو ،موسى بن زيان العبد الوادي (ت791هـ2219/م) :كتاب واسطة السلوك في سياسة
الملوك ،حتقيق :حممد بوترعة ،ط ،02اجلزائر :دار الشيماء -دار النعمان1021 ،م.
احلموي أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الرومي (ت010هـ2111/م) :معجم البلدان ،بريوت :دار -17
صادر2977 ،م.
-11احلمريي حممد بن عبد املنعم الصنجاجي (ق1هـ22/م) :الروض المعطار في أخبار األقطار ،حتقيق:
إحسان ،عباس ،ط ،1بريوت :مطابع هيلدبرغ2912 ،م.
256
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-19أيب مروان ابن حيان القرطيب (ت 202هـ972/م) :المقتبس في أخبار بلد األندلس ،حتقيق :عبد
الرمحان علي حجي :بريوت :دار الثقاكفة للنشر والتوزيع2901 ،م.
-20اخلزاعي ،أبو احلسن علي بن حممد التلمساين (ت719هـ 2217/م) :مختصر الدالالت السمعية
على ما كان في عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من الحرف والصنائع والعماالت الشرعية ،إعداد:
أمحد مبارك البغدادي ،ط( ،2د.م) :مكتبة السندس2990 ،م.
-22اخلطايب ،أبو سليمان بن حممد بن إبراهيم ( ت211هـ911/م) :معالم السنن ،ط ،02حلب :املطبعة
العلمية2921 ،م.
-21ابن اخلطيب ،لسان الدين حممد بن عبد اهلل (ت770هـ2201/م) :رقم الحلل في نظم الدول،
تونس :املطبعة العمومية2191 ،م.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ :اإلحاطة في أخبار غرناطة ،حتقيق :حممد عبد اهلل عنان ،ط ،1القاهرة :مكتبة اخلاجني، -22
2977-2972م2 ،أجزاء .
-22ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ :مقنعة السائل عن المرض الهائل ،حتقيق وتقدمي :حياة قارة ،ط ،02الرباط :دار األمان،
1021م.
-21ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ :نفاضة الجراب في عاللة االغتراب ،حتقيق وتقدمي :السعدية كفاغية ،الدار البيضاء -املغرب:
مطبعة النجاح اجلديدة2919 ،م.
-20ابن خلدون ،عبد الرمحن (ت101هـ2201/م) :كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب
والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكبر ،مراجعة :سجيل زكار ،بريوت :دار الفكر للطباعة
والنشر1020،م1 ،أجزاء .
-27ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ :المقدمة :بريوت :منشورات دار ومكتبة اهلالل للطباعة والنشر2990 ،م.
-21ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ :التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا ،حتقيق :حممد بن تاويت الطنجي ،ط ،2بريوت :دار
الكتب العلمية1002 ،م.
-29ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ :شفاء السائل وتهذيب المسائل ،حتقيق :حممد مطيع احلاكفظ ،ط ،02دمشق :دار الفكر-
بريوت :دار الفكر2990 ،م.
-20ابن خلدون ،أبو زكريا حيي بن حممد(ت710هـ2271/م) :بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد
الواد ،ج ،2حتقيق :عبد احلميد حاجيات ،اجلزائر :املكتبة الوطنية2910 ،م؛ ج ،1حتقيق :بوزياين الدراجي،
اجلزائر :دار األمل للدراسات والنشر والتوزيع 1007 ،م.
257
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-22ابن خلكان ،أيب العباس مشس الدين أمحد بن بكر ( ت012هـ2111/م) :وفيات األعيان وأنباء أبناء
الزمان ،حتقيق :إحسان عباس ،بريوت :دار صادر.
-21ابن دريد ،أبو بكر حممد بن احلسن (ت212هـ922 /م) :جمهرة اللغة ،حتقيق :رمزي منري
بعلبكي،ط ،02بريوت :دار العلم للماليني2917 ،م.
-22الرازي حممد ،بن أيب بكر مشس الدين (ت000هـ2102 /م) :حدائق الحقائق ،حتقيق :سعيد عبد
الفتاح ،ط ،2القاهرة :مكتبة الثقاكفة الدينية 1001،م.
-22ابن رجب ،زين الدين أيب الفرج عبد الرمحان بن أمحد (ت 791هـ2291 /م) :كتاب لطائف المعارف
فيما لمواسم العام من الوظائف ،حتقيق :ياسني حممد السواس ،ط ،1دمشق -بريوت :دار ابن كثري2999 ،م.
-21ابن رشد اجلد أيب الوليد ( ت 110هـ2210/م) :كتاب مسائل أبي الوليد ابن رشد ،حتقيق :حممد
احلبيب التجكاين ،ط ،01بريوت :دار اآلكفاق اجلديدة ،جزءان.
-20الرصاع ،أبو عبد اهلل حممد بن القاسم األنصاري (ت 192هـ2219 /م) :فهرست الرصاع ،حتقيق:
حممد العنايب ،ط ،2تونس :املكتبة العتيقة2907 ،م.
-27الرندي ،ابن عباد :الرسائل الكبرى ،كفاس -املغرب :طبعة حجرية2210 ،هـ.
-21الزبيدي ،مرتضى احلسيين (ت 2101هـ2790/م) :تاج العروس من جواهر القاموس ،حتقيق:
مصطفى حجازي ،الكويت :مطبعة حكومة الكويت2909 ،م.
-29ابن أيب زرع ،أبو احلسن علي بن عبد اهلل الفاسي (ت 720هـ2227/م) :األنيس المطرب بروض
القرطاس في أخبار المغرب وتاريخ مدينة فاس ،حتقيق :عبد الوهاب ابن منصور ،الرباط :دار املنصور للطباعة
والوراقة2971 ،م.
-11الزرهوين ،حممد الفضيل بن القاضي الشبيجي ( 2221هـ2900 /م) :الفجر الساطع على الصحيح
الجامع ،حتقيق :عبد الفتاح الزنيفي ،ط21 ،2مج ،بريوت ،مكتبة الرشيد22 ،1009 ،جملد.
-12الزخمشري أبو القاسم حممود بن عمر (ت 111هـ2222 /م) :تفسير الكشاف ،حتقيق :حممد مرسي
عامر ،ط ،1القاهرة :دار املصحف2977 ،م 0 ،أجزاء.
-11ابن الزيات ،أبو يعقوب يوسف بن حيي بن عيسى بن عبد الرمحان التاديل (ت027ه2110/م):
التشوف إلى رجال التصوف وأخبار أبي العباس السبتي ،حتقيق :أمحد التوكفيق ،ط ،2الرباط :منشورات كلية
اآلداب والعلوم اإلنسانية1020 ،م .
258
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-12السنوسي ،أبو عبد اهلل حممد بن يوسف(ت 191هـ2290/م) :عمدة التحقيق والتسديد في شرح
عقيدة التوحيد( شرح العقيدة الكبرى) ،حتقيق :أمحد بوكعرب بلكرد ،بوسعادة -اجلزائر :دار كردادة للنشر
والتوزيع1022 ،م.
-12ابن سيده املرسي ،أبو احلسن علي بن إمساعيل األندلسي ( 211هـ2001 /م) :المخصص ،ط،2
بوالق2900 ،م 0 ،أجزاء
-11ابن سريين ،أبو بكر حممد عبد الغين النابلسي (ت 220هـ719/م) :معجم تفسير األحالم ،إعداد:
باسل الربيدي ،ط ،2دمشق -بريوت :اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع1001 ،م.
-10ابن سينا أيب علي احلسني بن عبد اهلل(ت217هـ2027/م) :تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات،
ط ،01القاهرة :دار العرب للبستاين(،د.ت) .
-17الشاكفعي ،شجاب الدين ،أيب حممد عبد الرمحان بن إمساعيل بن إبراهيم املكىن بأيب شامة ( ت001هـ/
2100م) :الباعث على إنكار البدع والحوادث ،ط ،1مكة :مطبعة النجضة احلديثة 2912 ،م.
-11الشاطيب ،أيب إسحاق إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي ( ت790هـ2211/م) :االعتصام ،تدقيق:
حممد رشيد رضا ،مصر :املكتبة التجارية الكربى -مطابع شركة اإلعالنات الشرقية2922 ،م ،جزءان.
-19الشطنويف نور الدين (ت722هـ2222/م) :بهجة األسرار ومعدن األنوار ،حتقيق :مجال الدين كفاحل،
ط ،2مصر :مؤسسة مصر مرتضى. 1002 ،
-00ابن صاحب الصالة ،عبد امللك حممد الباجي ( كان حيا 192هـ2291/م) :تاريخ المن باإلمامة على
المستضعفين بأن جعلهم اهلل أئمة وجعلهم الوارثين ،حتقيق :عبد الوهاب التازي ،ط ،02بريوت :دار األندلس
للنشر2902 ،م.
-02ابن صعد ،حممد بن أمحد بن أيب الفضل األنصاري التلمساين (ت 902هـ2290/م):روضة النسرين
في التعريف باألشياخ األربعة المتأخرين ،حتقيق :حيي بو عزيز ،ط ،2اجلزائر :منشورات ،املؤسسة الوطنية
لإلشجار1001 ،م.
-01ـ ـ ـ ــ :النجم الثاقب فيما ألولياء اهلل من مفاخر المناقب ،حتقيق :حممد أمحد الديباجي ،ط ،2بريوت:
دار صادر1022 ،م.
-02الطربي أبو جعفر حممد بن جرير (ت220هـ912 /م) :جامع البيان في تأويل القرآن ،حتقيق :أمحد
حممد شاكر وأمحد حممد شاكر ،ط ،02مصر :دار املعارف.211/7 ،2910،
259
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-02الطرطوشي ،حممد بن الوليد ابن الوليد أيب بكر (ت 110هـ2019/م) :كتاب الحوادث والبدع،
حتقيق :عبد اجمليد تركي ،ط ،02بريوت :دار الغرب اإلسالمي2990 ،م.
-01العبدري ،أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن علي بن أمحد بن مسعود احلاحي (حي سنة 700هـ/
2200م) ،الرحلة المغربية -ماسما إليه الناظر المطرق في خير الرحلة إلى بالد المشرق ، -حتقيق :علي
إبراهيم الكردي ،ط ،1دمشق :دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع1001 ،م.
-00ابن عذارى ،أبو العباس أمحد بن حممد املراكشي ( ت بعد 721هـ2209/م) :البيان المغرب في
أخبار األندلس والمغرب -قسم الموحدين -حتقيق :إبراهيم الكتاين وآخرون ،بريوت :دار الغرب اإلسالمي،
2911م.
-07بن عريب ،حممد بن علي حمي الدين (ت 021هـ2120 /م) :أهل المراتب واألحوال ،حتقيق :حممد
عبد الرمحان الشاغول ،ط 2،القاهرة :دار جوامع الكلم1009 ،م.
-01ابن العريب املالكي ،حممد بن عبد اهلل أيب بكر ( ت122هـ2221 /م) :أحكام القرآن ،حتقيق :حممد
عبد القادر عطا ،ط ،2بريوت :دار الكتب العلمية1002 ،م 2 ،جملدات.
-09العسقالين ،أمحد بن علي ابن حجر (ت 111هـ2221 /م) :فتح الباري بشرح صحيح اإلمام عبد
اهلل محمد بن إسماعيل البخاري ،إشراف و حتقيق :شعيب األرنؤوط ،ط ،02بريوت :دار الرسالة العاملية،
1022م 10 ،جملد.
-70العقباين ،أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن قاسم بن سعيد التلمساين (ت 172هـ2207/م) :كتاب
تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر ،حتقيق :علي الشنويف ،دمشق :املعجد الفرنسي
بولتان للدراسات اإلستشراقية 2907،م.
-72العقباين ،أبو عثمان سعيد بن حممد (ت 122هـ2201/م) :الوسيلة بذات اهلل وصفاته ،حتقيق :نزار
محادي ،ط ،2بريوت :مؤسسة املعارف للطبع والنشر1001 ،م.
-71بالعمري شجاب الدين ،أيب العباس أمحد بن حيي بن كفضل اهلل العدوي املعروف (ت729هـ2229/م):
مسالك األبصار في ممالك األمصار ،حتقيق :محزة ،أمحد عباس وآخرون ،أبو ظيب -اإلمارات العربية املتحدة:
منشورات اجملمع الثقايف ،السفر الرابع1002 ،م.
-72عياض ابن موسى السبيت ( ت122هـ2229 /م) :تهذيب الشفا بتعريف حقوق المصطفى ،حتقيق:
سامي اجلزار ،القاهرة :دار احلديث1002 ،م 2 ،أجزاء.
260
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-72الغربيين أبو العباس أمحد (ت702هـ2202/م) :عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة
السابعة ببجاية ،حتقيق ،حممد بن أيب شنب ،ط ،02اجلزائر :دار البصائر1007 ،م.
-71الفراهيدي ،اخلليل بن أمحد( ت270هـ710/م) :كتاب العين :حتقيق :عبد احلميد هنداوي ،ط،2
بريوت :دار الكتب العلمية 1001 ،م1 ،مج.
-70بن الفضل ،أبو القاسم احلسني بن حممد :االعتقادات ،حتقيق :مشران العجلي ،ط ،2بريوت :دار
األشراف للتجارة والطباعة والنشر والتوزيع.2911 ،
-77أبو الفضل ،خملوف حممد( 2200هـ2922/م) :شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ،ط،2
لبنان :دار الكتاب العريب2920 ،م
-71الفكون ،عبد الكرمي (:ت2072هـ2001/م) ،منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم
والوالية ،حتقيق :أبو القاسم سعد اهلل ،ط ،02بريوت :دار الغرب اإلسالمي2917 ،م.
-79القرطيب مشس الدين أبو عبد اهلل حممد بن كفرج األنصاري اخلزرجي (ت 072هـ2171 /م) :تفسير
القرطبي -الجامع ألحكام القرآن ،حتقيق :أمحد الربدوين وإبراهيم أطفيش ،ط ،01القاهرة :دار الكتب املصرية،
2902م 12 ،جملد.
-10القشريي ،أيب القاسم عبد الكرمي بن هوزان(ت201هـ2071/م) :الرسالة القشيرية في علم التصوف،
مصر :مطبعة التقدم العلمية2911 ،م.
-12القلصادي ،أبو احلسن علي بن حممد القرشي األندلسي ( ت192هـ2210/م) :تمهيد الطالب
ومنتهى الراغب إلى أعلى المنازل والمناقب ،طبع باسم :رحلة القلصادي ،حتقيق :حممد أبو األجفان،
تونس :الشركة التونسية للتوزيع2971 ،م.
-11ابن قنفذ ،أبو العباس أمحد بن حسن بن علي بن اخلطيب ( ت120هـ2200/م) ،أنس الفقير وعز
الحقير ،نشر :حممد الفاسي و أدولف كفور ،الرباط :منشورات املركز اجلامعي للبحث العلمي2901 ،م.
-12أبو العباس أمحد القسنطيين ابن قنفذ ( ت 120هـ2207/م) :الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية،
تقدمي وحتقيق :حممد الشاذيل النيفر وعبد اجمليد الرتكي ،تونس :الشركة التونسية للفنون2901 ،م.
-12ـ ـ ـ ـ ــ :الوفيات ،حتقيق :عادل نويجض ،ط ،02بريوت :دار اآلكفاق اجلديدة2912 ،م.
261
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-11القريواين ،أبو حممد عبد اهلل بن أيب زيد (ت 210هـ990/م) :جامع في السنن واآلداب والمغازي
والتاريخ ،حتقيق :حممد أبو األجفان وآخرون ،ط ،1بريوت :مؤسسة الرسالة -تونس :املكتبة العتيقة،
2912م.
-10القريواين ،ابن أيب دينار الرعيين (ت2222هـ2090/م) :المؤنس في أخبار افريقية وتونس :تونس:
مطبعة الدولة التونسية2110 ،ه.
-17ابن القيم اجلوزية ،مشس الدين حممد بن أيب بكر أيوب الزرعي أبو عبد اهلل (ت
712هـ2210/م):مفتاح دار السعادة ومنشور والية أهل العلم واإلرادة ،تقدمي :علي بن حسن ،مراجعة:
بكر بن عبد اهلل،ط ،2السعودية :دار ابن عثمان للنشر والتوزيع2990 ،م.
-11ـ ـ ـ ــ :إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ،حتقيق :حممد حامد الفقي ،ط ،01بريوت :دار املعركفة2971،
م2 ،أجزاء.
-19ـ ـ ـ ــ :زاد المعاد في هدي خير العباد ،حتقيق :شعيب األرناؤوط وعبد القادر األرناؤوط ،ط ،2الكويت:
مؤسسة الرسالة2991 ،م 0 ،جملدات.
-90ابن ماجه حممد بن يزيد القزويين ( ت172هـ110/م) :السنن ،حتقيق :حممد كفؤاد عبد الباقي ،بريوت:
مطبعة دار اإلحياء للكتب العربية( ،د.ت).
-92املغيلي املازوين أبو زكريا حيي بن موسى بن عيسى ( ت112هـ2271/م) :مناقب صلحاء الشلف،
تح :عبد القادر بوباية ،ط ،2اجلزائر :مكتبة الرشاد1027 ،م.
-91ـ ـ ـ ــ :الدرر المكنونة في نوازل مازونة ،حتقيق :حتقيق :ماحي قندوز ،جامعة وهران1022 ،م.
-92مالك بن أنس (ت279ه791/م) :الموطأ ،ط ،02ختريج :صدقي مجيل العطار ،بريوت :دار الفكر
للطباعة والنشر والتوزيع1001،م.
-92اجملريطي ،أيب القاسم مسلمة بن أمحد(ت 291هـ2007/م) :غاية الحكيم في األرصاد الفلكية
والطالسم الروحية والتنجيم ،حتقيق :هريرت ،ط ،2بريوت :دار اجملة البيضاء.1001 ،
-91جمجول :زهر البستان في دولة بني زيان (700 –701هـ3101 – 3119/م) ،حتقيق :حممد بن
أمحد باغلي ،ط ،1اجلزائر :األصالة للنشر والتوزيع 1021 ،م .
-90جمجول :االستبصار في عجائب األمصار ،تعليق :سعد زغلول عبد احلميد ،بغداد :دار الشؤون
الثقاكفية( ،د.ت)
262
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-97جمجول :جفر الجامع والنور الالمع ،تح :حسن الربي ،البحرين :مكتبة كفارس حسن الساعدي،
2170م.
-91جمجول :الحلل الموشية واألخبار المراكشية ،حتقيق :سجيل زكار وعبد القادر زمامة ،ط ،2الدار
البيضاء -املغرب :دار الرشاد احلديثة2979 ،م.
-99اجمليلدي ،أبو العباس أمحد بن سعيد (ت 2092هـ 2012 /م ) :كتاب التسيير في أحكام
التسعير ،حتقيق :موسى لقبال ،اجلزائر :الشركة الوطنية للنشر والتوزيع 2972[ ،م].
-200املدجن ،ابن الصباح عبد اهلل (ت النصف األول من ق1هـ) ،أنساب األخبار وتذكرة األخيار ،حتقيق:
حممد بن شريفة ،الرباط -املغرب :دار أيب الرقراق1001 ،م.
-202املراكشي عبد الواحد حمي الدين بن علي التميمي( ت027هـ2110/م) :المعجب في تلخيص أخبار
المغرب ،تعليق :حممد سعيد العريان وحممد العريب العلمي،ط ،02القاهرة :مطبعة االستقامة2929 ،م.
-201ابن مرزوق ،أبو عبد اهلل حممد التلمساين (ت712هـ2279/م) :المناقب المرزوقية ،حتقيق :سلوى
الزاهري ،ط ،2الرباط -املغرب :منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية1001 ،م.
-202ـ ـ ـ ــ :المسند الصحيح الحسن في مآثر ومحاسن موالنا أبي الحسن ،حتقيق :ماريا خيسوس بيغريا،
اجلزائر :الشركة الوطنية للنشر والتوزيع2912،م.
-202بن مرزوق ،احلفيد حممد (ت121هـ2210/م) :إسماع الصم في إثبات الشرف لألم :دراسة وحتقيق:
مرمي احللو ،ط ،1وجدة :املغرب ،مطبعة الشرق1000 ،م.
-201ابن مرمي ،أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن أمحد(حي 2022هـ2001/م) :البستان في ذكر األولياء
والعلماء بتلمسان ،حتقيق :أمحد بن أيب شنب ،اجلزائر :املطبعة الثعالبية2901 ،م.
-200مسلم أيب احلسن بن احلاج القشريي النيسابوري :صحيح مسلم ،حتقيق :حممد كفؤاد عبد الباقي ،ط،02
2992م ،جزءان.
-207املفضل ،أبو القاسم احلسني بن حممد :االعتقادات ،حتقيق :مشران العجلي ،ط ،2بريوت :دار األشراف
للتجارة والطباعة 2977 ،م.
-201املقدسي ،عبد اهلل حممد ابن مفلح :اآلداب الشرعية ،ت حتقيق :شعيب أرناؤوط وعمر القيام ،ط،02
بريوت :الرسالة للنشر والتوزيع2999 ،م.
-209ـ ـ ـ ــ :الكافي في فقه اإلمام أحمد بن حنبل ،تح :حممد كفارس ومسعد عبد احلميد السعدين ،ط،2
بريوت :دار الكتب العلمية2992 ،م 2،جملدات.
263
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-220املقري ،أمحد بن حممد التلمساين (ت 2022هت2022/مـ) ،نفح الطيب من غصن األندلس
الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين ابن الخطيب ،حتقيق :إحسان عباس ،بريوت :دار الكتاب العريب 1 ،
أجزاء .
-222ـ ـ ـ ـ ــ :أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض ،حتقيق :مصطفى السقا وآخرون ،القاهرة :مطبعة جلنة
التأليف والرتمجة والنشر2929 ،م 01 ،جملدات.
-221ـ ـ ـ ــ :الكليات الفقهية ،تح :حممد أبو األجفان ،ط ،2بريوت :دار ابن حزم1022 ،م.
-222املقريزي ،تقي الدين أبو العباس أمحد بن علي (ت 121هـ2222 /م) :كتاب المواعظ واالعتبار
بذكر الخطط واآلثار المعروف بالخطط المقريزية ،حتقيق :حممد زينجم القاهرة :مطبعة االوكفست -مؤسسة
احلليب وشركاؤه( ،د.ت)1 ،أجزاء.
-222املاليل ،حممد بن إبراهيم بن عمر التلمسان ي( حي 197هـ2292/م) :المواهب القدوسية في
المناقب السنوسية ،حتقيق :عالل بوربيق ،بوسعادة-اجلزائر :دار كردادة1022 ،م.
-221ابن منظور أيب الفضل مجال الدين حممد بن مكرم اإلكفريقي املصري(ت722هـ2222/م) :لسان
العرب ،ط ،2بريوت :دار إحياء الرتاث العريب -مؤسسة التاريخ العريب :بريوت2999 ،م 21 ،جزء.
-220أبو املودة ،خليل أيب إسحاق بن موسى بن شعيب اجلندي ضياء الدين :شرح منح الجليل على
مختصر العالمة خليل ،حتقيق :حممد عليش ،ط ،02بريوت :دار الفكر للطباعة والتوزيع 2912 ،م.
-227النمريي إبراهيم بن احلاج (701هـ2200/م) :فيض العباب وإفاضة قداح اآلداب في الحركة
السعيدة إلى قسنطينة والزاب ،حتقيق :حممد بن شقرون ،ط ،2بريوت :دار الغرب اإلسالمي.2990 ،
-221النووي ،أبو زكريا حيي بن شرف( ت 070هـ2177/م) :شرح رياض الصالحين من كالم سيد
المرسلين ،شرح :حممد بن صاحل العثيمني ،مصر :دار العقيدة للرتاث 2 ،أجزاء.
-229اهلبطي ،أبو حممد عبد اهلل بن حممد :كتاب األلفية السنية في تنبيه العامة والخاصة على ما أوقعوه
من التغيير في الملة اإلسالمية ،إعداد وتقدمي :حممد أستيتو ،وجدة -املغرب :منشورات جامعة حممد األول
(كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية) 2997 ،م.
-210الوزان ،احلسن بن حممد الفاسي(ت919هـ2112/م) :وصف إفريقيا ،ترمجة ،حممد حجي وحممد
األخضر ،ط ، 1بريوت:دار الغرب اإلسالمي2912 ،م.جزءان.
264
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-212الوسياين ،أبو الربيع سليمان بن عبد السالم( حي يف 117هـ2202 /م) :سير الوسياني ،حتقيق :عمر
بن لقمان ،مسقط :وزارة الرتاث والثقاكفة1009 ،م.
-211الونشريسي ،أبو العباس أمحد بن حيي (ت 922هـ2101/م) :المعيار المعرب والجامع المغرب عن
فتاوى علماء إفريقية واألندلس والمغرب ،أشرف على حتقيقه :حممد حجي ،بريوت :دار الغرب اإلسالمي،
2912م.
-212ـ ـ ـ ــ :وفيات الونشريسي ضمن ألف سنة من الوفيات ،حتقيق :حممد حجي ،الرباط :مطبوعات دار
املغرب للتأليف والرتمجة والنشر2970 ،م.
-212ـ ـ ـ ــ :عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق ،حتقيق :أمحد كفريد املزيدي ،ط،2
بريوت :دار الكتب العلمية1001 ،م.
ثالثا :المراجع باللغة العربية:
-2أمحد طه ،مجال :الحياة االجتماعية بالمغرب األقصى في عصري المرابطين والموحدين ،اإلسكندرية:
دار الوكفاء لدنيا الطباعة والنشر1000 ،م.
أديوان ،حممد :الثقافة الشعبية المغربية ( الذاكرة والمجال والمجتمع) ،الرباط :مطبعة سلمى، -1
1001م.
أركون ،حممد :معارك من أجل األنسنة في السياقات اإلسالمية ،ترمجة :هاشم صاحل ،ط ،2بريوت: -2
دار الساقي1002 ،م.
ـ ـ ـ ــ :الفكر اإلسالمي نقد واجتهاد ،ترمجة :هاشم صاحل ،ط ،0بريوت :دار الساقي1021 ،م. -2
األسدي ،حممد خري الدين :موسوعة حلب المقارنة ،تنقيح :حممد كمال ،حلب -سوريا :مجعية -1
العاديات1009 ،م.
األشقر ،عمر سليمان :عالم السحر والشعوذة ،ط ،2بريوت :دار النفائس للنشر والتوزيع1001 ،م. -0
أكفندي ،جنيب :علم قراءة اليد ،ط ،2ترمجة ، :مصر :مطبعه اهلالل 2902،م. -7
-1األلباين ،ناصر الدين حممد :تلخيص أحكام الجنائز وبدعها ،ط ،02الرياض :مكتبة املعارف2991 ،م.
-9ـ ـ ـ ـ ــ :ضعيف الترغيب والترهيب ،ط ،02الرياض -السعودية :مكتبة املعارف للنشر والتوزيع1000 ،م.
-20األلفي ،أبو صاحل :الفن اإلسالمي-أصوله ،كفلسفته ،مدارسه ،القاهرة :دار املعارف املصرية ،
2972م.
265
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-22بدوي ،عبد الرمحان :شهيدة العشق اإللهي رابعة العدوية ،ط ،01القاهرة :مكتبة النجضة املصرية،
2901م.
-21بلعريب ،خالد :الدولة الزيانية في عهد يغمراسن بن زيان( 013-011هـ3010-3011/م) -
دراسة تاريخية وحضارية ،-ط ،2قسنطينة :دار األملعية للنشر والتوزيع1022 ،م.
-22بلغيث ،حممد األمني :فصول في تاريخ الجزائر بالغرب اإلسالمي ،ط ،02اجلزائر :أنرتسيين،
1007م.
-22بلوط ،عمر :فنادق مدينة تلمسان الزيانية – دراسة أثرية– ،ط ،2اجلزائر :مؤسسة الضحى للنشر
والتوزيع1022 ،م.
-21بوبريك ،رحال :بركة النساء – الدين بصيغة المؤنث ،ط ،2الدار البيضاء -املغرب :إكفريقيا الشرق،
1020م.
-20بوحوش ،عمار وحممد حممود الذنيبات :مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث ،ط ،2اجلزائر:
ديوان املطبوعات اجلامعية1002 ،م.
-37بوداود ،عبيد :ظاهرة التصوف في المغرب األوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين
(ق31-31م) ،دراسة في التاريخ السوسيوثقافي ،اجلزائر:دار الغرب اإلسالمي للنشر والتوزيع1002،م.
-31بوريبة ،رشيد :الكتابات األثرية في المساجد الجزائرية ،ترمجة :ابراهيم ربوح ،اجلزائر :الشركة الوطنية
للنشر والتوزيع2979 ،م.
-39بوزياين ،الدراجي :نظم الحكم في دولة بني عبد الواد الزيانية ،اجلزائر:ديوان املطبوعات اجلامعية،
2992م.
-01بوطارن ،مبارك :الموروث اإلسالمي لتلمسان ،ط ، 2اجلزائر :طبع بدعم من وزارة الثقاكفة1022 ،م.
-03بوعزيز ،حيي :تلمسان عاصمة المغرب األوسط ،اجلزائر :منشورات وزارة الثقاكفة والسياحة2911 ،م.
-00ـ ـ ـ ـ :موجز في تاريخ الجزائر القديمة والوسيطة ،ط ،01اجلزائر :ديوان املطبوعات1007 :م.
-12بوعياد ،حممود :جوانب من الحياة في المغرب األوسط في القرن التاسع الهجري /الخامس عشر
ميالدي ،اجلزائر :الشركة الوطنية للنشر والتوزيع2911 ،م.
-12بوقلي ،مجال الدين حسن :ابن يوسف السنوسي في الذاكرة الشعبية وفي الواقع ،اجلزائر :املؤسسة
الوطنية لالتصال واإلشجار( ،د.ت).
266
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-11بوهاها ،عبد الرحيم :طقوس العبور في اإلسالم -دراسة في المصادر الفقهية ،ط ،2بريوت :مؤسسة
االنتشار العريب1009 ،م.
-10البياض ،عبد اهلادي :الكوارث الطبيعية وأثرها في سلوك وذهنيات اإلنسان في المغرب
واألندلس(ق 1-0هـ 30-30/م) ،ط ،2بريوت :دار الطليعة للنشر والتوزيع1001 ،م.
-17التليدي ،عبد اهلل ،بن عبد القادر :المطرب في مشاهير أولياء المغرب ،ط ،2الرباط -املغرب :دار
األمان للطباعة والنشر1002،م.
-11اجلياليل ،عبد الرمحن بن حممد :تاريخ الجزائر العام ،ط ،2بريوت :دار الثقاكفة 2910 ،م ،جزءان.
-19اجلوهري ،حممد :الدراسات العلمية للمعتقدات الشعبية ،ط ،2االسكندرية ،دار املعركفة اجلامعية،
2992م.
-20ـ ـ ـ ــ :علم الفلكور ،ط ،02القاهرة ،دار املعرة اجلامعية2991 ،م.
-22حاجيات ،عبد احلميد ،أبو حمو موسى الثاني -حياته وآثاره ،-ط ،1اجلزائر :الشركة الوطنية للنشر
والتوزيع2911 ،م.
-21حامد ،خالد :منهجية البحث في العلوم االجتماعية واإلنسانية ،ط ،2اجلزائر :جسور للطباعة
والنشر.1001 ،
-22حبيب ،ركفيق :المقدس والحرية ،ط ،2القاهرة :دار املعارف2991 ،م.
-22حبيدة ،حممود :تاريخ الموت ضمن كتاب كتابة التاريخ قراءة وتأويالت ،املغرب :دار أيب الرقراق
للطباعة والنشر1022 ،م.
-21حجي ،حممد :نظرات في النوازل الفقهية ،ط ،2املغرب :منشورات اجلمعية املغاربية للتأليف والرتمجة
والنشر.2999 ،
-20احلريري ،حممد كفتحي :كرامات األولياء بين الوهم والحقيقة ،السعودية :دار الفيصل الثقاكفية،
2992م.
-27حزقل ،املاجدي :بخور اآللهة دراسة في الطب والسحر واألسطورة والدين ،ط ،2عمان -األردن:
دار األهلية للنشر والتوزيع2991 ،م.
-21حساين ،خمتار :تاريخ الدولة الزيانية ،ط ،2اجلزائر :دار احلضارة للطباعة والنشر والتوزيع 1007،م،
2أجزاء.
-29ـ ـ ـ ــ :موسوعة تاريخ وثقافة المدن الجزائرية ،ط ،1اجلزائر :دار احلكمة1007 ،م2.ج.
267
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-20احلصري ،ساطع :أحاديث في التربية واالجتماع ،بريوت :دار العلم للماليني2911 ،م.
-22احلفناوي ،أبو القاسم حممد:تعريف الخلف برجال السلف ،حتقيق :حممد أبو األجفان وعثمان بطيخ،
ط ،2بريوت :مؤسسة الرسالة– تونس :املكتبة العتيقة 2911 ،م ،جزءان.
-21حقي ،حممد :الموقف من الموت في المغرب واألندلس في العصر الوسيط ،املغرب :مطبعة
مانيال1007 ،م.
-22ابن محادي ،صاحل :دراسات في األساطير -المعتقدات الشعبية ،-ط ،1تونس :بوسالمة للطبع،
2912م.
-22أبو محام ،مطور عزام :الفلكلور والتراث الشعبي ( الموضوعات ،األساليب ،المناهج) ،ط،2
عمان :دار أسامة للنشر والتوزيع 1007 ،م.
-21احلمد ،أمحد بن ناصر بن حممد :السحر بين الحقيقة والخيال ،ط ،2مكة -السعودية :دار
الرتاث2911،م.
-20محداوي ،مجيل :جهود ماكس فيبر في مجال السوسيولوجيا ،ط ،2الرياض -السعودية :دار األلوكة
للنشر1021 ،م.
-27احلمودي ،عبد اهلل" :الضحية وأقنعتها – بحث في الذبيحة والمسخرة بالمغارب" ،ترمجة :عبد الكرمي
الشرقاوي ،ط ،2الدار البيضاء -املغرب :دار توبقال للنشر1020 ،م.
-21محيدو التلمساين ،عبد احلميد :السعادة األبدية ألبي مدين شعيب فخر الديار التلمسانية ،كفاس-
اململكة املغربية :املطبعة اجلديدة2921 ،م.
-29حوى ،حممد سعيد :التأصيل لمفهوم البدعة ورأيه في توحيد األمة ،جامعة مؤتة :قسم أصول الدين
كلية الشريعة1020 ،م.
-10خان حممد ،عبد املعيد :األساطير العربية قبل اإلسالم ،القاهرة :جلنة التأليف والرتمجة والنشر،
2927م.
-12اخلربوطلي ،علي حسين :أبو عبد اهلل الشيعي مؤسس الدولة الفاطمية ،مصر :املطبعة الفنية احلديثة،
.2971
-11اخلضريي ،حممد بن عبد العزيز :خطر التطير والتشائم ،الرياض -السعودية :دار الوطن للنشر(،د.ت).
-12اخلطيب ،حممد :األنثروبولوجيا الثقافية،ط ،1عمان -األردن :دار عالء الدين للنشر والتوزيع والرتمجة،
1001م.
268
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-12خطيف ،صابرة :فقهاء تلمسان والسلطة الزيانية ،ط ،2اجلزائر :جسور للنشر والتوزيع1002،م.
-11خلفات ،مفتاح :قبيلة زواوة بالمغرب األوسط ما بين القرنين(9-0هـ31-30/م) ،تيزي وزو-
اجلزائر :دار األمل للطباعة والنشر والتوزيع1022 ،م.
-10خليفة ،حاجي :كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ،بريوت :دار إحياء الرتاث العريب( ،
د.ت).
-17أبو خليل ،شوقي :اإلسقاط في مناهج المستشرقين والمبشرين ،ط ،1بريوت :دار الفكر املعاصر،
2991م.
-11دراز ،حممد عبد اهلل :الدين -بحوث ممهدة لدراسة تاريخ األديان -الكويت :دار القلم2911 ،م.
-19دهينة ،عطا اهلل :الحياة االقتصادية واالجتماعية لدولة بني زيان ،اجلزائر :املؤسسة الوطنية للكتاب،
2912م.
-00الديب ،سامي :ختان الذكور واإلناث عند اليهود والمسيحين والمسلمين -الجدل الديني ،ط،2
بريوت :رياض الريس للكتب1000 ،م.
-02الركفاعي ،عبد اجلبار :إنفاذ النزعة اإلنسانية في الدين ،ط ،1بغداد :مركز دراسات كفلسفة الدين -دار
التنوير1022 ،م.
-01الروضان ،عبد عون :موسوعة تاريخ العرب -تاريخ ممالك -دول -حضارة ،ط ،2األردن :األهلية
للنشر ،1009 ،جزءان.
-02زارو ،عبد اهلل :الشيخ والمريد -البنية المارقة ،ط ،2الدار البيضاء -املغرب :نشر إكفريقيا الشرق،
1022م.
-02الزاوي ،الطاهر أمحد :ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البالغة،
ط(،1د.م) :دار الفكر2970 ،م 1 ،أجزاء.
-01الزاهي ،نور الدين :المقدس اإلسالمي ،ط ،02الدار البيضاء -املغرب :دار توبقال للنشر1001،م.
-00ـ ــ :المقدس والمجتمع ،الدار البيضاء -املغرب :دار إكفريقيا الشرق 1002 ،م.
-07الزاهي ،كفريد :الجسد والصورة والمقدس في اإلسالم ،الدار البيضاء -املغرب :دار إكفريقيا الشرق،
2999م.
-01زيعور ،علي :الكرامة الصوفية واألسطورة والحلم ،ط ،2بريوت :دار الطليعة 2997 ،م.
-09زبيس ،مصطفى سليمان :آثار المغرب العربي ،ط ،2تونس :املطبعة العصرية2911 ،م.
269
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-70زهري احلريري ،حممد :السحر بين الحقيقة والخيال ،ط ،2دمشق -بريوت :دار اإلميان2911 ،م.
-72السعيد ،حممد :ظاهرة زيارة األولياء واألضرحة في منطقة تلمسان وأبعادها االجتماعية والنفسية،
وهران -اجلزائر :مطبوعات الكراسك 2991 ،م.
-71السندويب ،حسن :تاريخ االحتفال بالمولد النبوي من عصر اإلسالم األول إلى عصر فاروق األول،
ط ،02القاهرة :مطبعة االستقامة2921 ،م.
-72السواح ،كفراس :دين اإلنسان بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني ، -ط ،02سوريا :دار
عالء الدين1001 ،م.
-72ـ ـ ــ :األسطورة والمعنى -دراسات في الميثولوجيا والديانات الشرقية،ط ،2دمشق :منشورات دار
عالء الدين2997 ،م.
-71ـ ـ ــ :مغامرة العقل األولى ( دراسة في سوريا وبالد الرافدين) ،ط ،2دمشق :دار عالء الدين،
2990م.
-70السجيلي ،حسن وحممد توكفيق :المعتقدات الشعبية في التراث العربي ،ط ،2دمشق :دار اجلليل.
-77السيد ،عبد العزيز سامل ،سحر :أضواء على مصحف عثمان بن عفان ورحلته شرقا وغربا ،ط،2
مصر :مؤسسة شباب اجلامعة2992 ،م.
-71الشاذيل ،عبد اللطيف :التصوف والمجتمع نماذج من القرن العاشر الهجري ،سيال -املغرب:مطبعة
سال.2919 ،
-79الشامي ،حيي :تاريخ التنجيم عند العرب وأثره في المجتمعات العربية واإلسالمية ،ط ،2بريوت:
مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر2992 ،م.
-10شاوش ،حممد بن رمضان والغوثي بن محدان :باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة
دولة بني زيان ،ط ،1اجلزائر :ديوان املطبوعات اجلامعية،جزءان2991،م.
-12ـ ـ ــ :إرشاد الحائر إلى أثار أدباء الجزائر ،ط ،1تلمسان -اجلزائر :داود بريسكي للنشر ،مج/2ج،1
1001م.
شغموم ،امليلودي :المتخيل والقدسي في التصوف اإلسالمي – الحكاية والبركة ،ط،2مطبعة -11
كفضالة :احملمدية2992 ،م.
-12شليب ،أمحد :أديان الهند الكبرى الهندوسية الجينية البوذية ،ط ،2القاهرة :مكتبة النجضة
املصرية2912،م.
270
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-12شلق ،علي :الفن والجمال ،بريوت :املؤسسة اجلامعية للدراسات والتوزيع2911 ،م.
-11الشماع ،عيسى :مدخل إلى علم اإلنسان ( األنثروبولوجيا) ،دمشق :منشورات احتاد كتاب العرب،
1002م.
-10ـ ـ ـ ــ :مدخل /التربية العامة ،ط ،2دمشق -سوريا :كلية الرتبية1001 ،م.
-17الشنقيطي ،حممد األمني :أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ،إشراف :بكر بن عبد اهلل بوزيد،
ط ،2جدة :دار عامل الفوائد للنشر والتوزيع( ،د.ت)2 ،ج
-11صاحل ،عبد احملسن :اإلنسان الحائر بين العلم والخرافة ،الكويت :اجمللس الوطين للثقاكفة والفنون
واآلداب2991 ،م.
-19صقر ،عطية :الدين العالمي ومنهج الدعوة إليه ،األزهر -مصر :جممع البحوث اإلسالمية ،الكتاب
اخلامس2911 ،م.
-90أبو طالب ،عبد القادر :عالج الحاسد والمحسود والعائن والمعيون ،الدمام -السعودية :مكتبة
املتنبئ1001 ،م.
طلعت ،عيسى حممد :مدخل علم االجتماع ،بريوت :دار املعارف2910 ،م. -92
-91الطمار ،حممد بن عمرو ،تلمسان عبر العصور ودورها في سياسة وحضارة الجزائر ،اجلزائر :املؤسسة
الوطنية للفنون املطبعية 2912 ،م.
-92طواليب ،نور الدين :الدين والطقوس والتغيرات :ترمجة :حسن البعيين ،ط ،2اجلزائر :ديوان املطبوعات
اجلامعية2919 ،م.
-92الطوخي ،عبد الفتاح السيد عبده :منبع أصول الرمل المعروف بالدرة البهية في العلوم الرملية،
بريوت :املكتبة الشعبية( ،د.ت).
-91أبو الضيف ،مصطفى :أثر القبائل العربية في الحياة المغربية خالل عصر الموحدين وبني مرين
170-100هـ3070-3311/م ،ط ،2الدار البيضاء -املغرب :مطبعة دار النشر املغربية 2911 ،م.
-90بن عاشور ،حممد الطاهر :تفسير التحرير والتنوير ،تونس :الدار التونسية للنشر2912 ،م 20 ،مج.
-97العامري ،نيلي سالمة :الوالية والمجتمع -مساهمة في التاريخ الديني واالجتماعي إلفريقية العهد
الحفصي ،منوبة -تونس :منشورات كلية اآلداب1002 ،م.
عبده ،حممد :تفسير القرآن الكريم ،ط ،2القاهرة :مطبعة املنار2917 ،م. -91
271
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-99العروي ،عبد اهلل :مفهوم التاريخ ،ط ،2الدار البيضاء -املغرب :املركز الثقايف العريب1001 ،م.
-200ـ ـ ـ ـ ـ :مجمل تاريخ المغرب ،ط ،1املركز الثقايف العريب ،الدار البيضاء :املغرب2990 ،م.
-202العشا حسوين ،عبد القادر عركفات :األحاديث القدسية مع شرحها وما صح عن أحاديث المالئكة
الكرام والجان ،بريوت :دار الفكر للطباعة1002 ،م.
-310عقون ،حممد العريب :االقتصاد والمجتمع في الشمال اإلفريقي القديم ،دار اهلدى عني مليلة-
اجلزائر1001 ،م.
-202العطري ،عبد الرحيم :بركة األولياء -بحث في المقدس الضرائحي ،-ط ،2الدار البيضاء :شركة
النشر والتوزيع املدارس1022،م.
-202عطية ،عاطف :المجتمع الدين والتقاليد -بحث في إشكالية العالقة بين الثقافة والدين والسياسة،
بريوت :جروس برس للنشر2992 ،م.
-201عماد ،عبد الغاين :سوسيولوجية الثقافة المفاهيم واإلشكاليات من الحداثة إلى العولمة ،ط،2
بريوت :مركز دراسات الوحدة العربية1000 ،م.
-200العمراين ،حممد :الشرف والمجتمع والسلطة ( الشمال المغربي نموذج) من القرن 31إلى 31
هـ39-30/م ،الرباط :دار أيب الرقراق للطباعة والنشر والتوزيع1021 ،م.
-207كفتحة حممد :النوازل الفقهية والمجتمع – أبحاث في تاريخ الغرب اإلسالمي من القرن 0إلى
9هـ31-30/م ،سلسلة األطروحات والرسائل ،منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية -جامعة احلسن الثاين،
عني الشق -الدار البيضاء 2999 ،م.
-201كفراح ،عبد العزيز :تلمسان المدينة المحراب ،ترمجة :إنعام بيوض وآخرون ،اجلزائر :منشورات
أبيك1022،م.
- -209كفجد ،توكفيق :العجيب والغريب في إسالم العصر الوسيط ،ترمجة و تقدمي :حممد أركون وآخرون،
ط ،2املغرب -الدار البيضاء1001 :م.
-220كفجيم حسني :قصة األنثروبولوجيا – فصول في تاريخ علم اإلنسان -الكويت :إصدار اجمللس الوطين
للثقاكفة والفنون واآلداب ،عامل املعركفة ع ،91كفيفري 2910م.
-222بن كفوزان ،صاحل :البدعة -تعريفها – أنواعها – أحكامها،ط ،2الرياض -السعودية :املكتب التعاوين
للدعوة واإلرشاد 1002 ،م.
272
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-221كفياليل ،عبد العزيز :تلمسان في العهد الزياني -دراسة سياسية ،عمرانية ،اجتماعية ،ثقافية، -
اجلزائر :املؤسسة الوطنية للفنون املطبعية والنشر والتوزيع ،1001 ،جزءان.
-222القادري ،إبراهيم بوتشيش :حركة المتنبئين والسحرة في الغرب اإلسالمي ،اإلسالم السري في
المغرب العربي ،سينا للنشر ،القاهرة2991 ،م.
-222ـ ـ ـ ـ ــ :المغرب واألندلس في عصر المرابطين – المجتمع – الذهنيات -األولياء ،ط ، 02بريوت:
دار الطليعة للطباعة والنشر2992 ،م.
-221القادري ،بوتشيش إبراهيم :المهمشون في تاريخ الغرب اإلسالمي ،ط ،02القاهرة :دار رؤية للنشر
والتوزيع1002،م.
-220ـ ـ ـ ـ ــ :الخطاب االجتماعي في الكرامة الصوفية بالمغرب خالل عصري المرابطين والموحدين ضمن
جوانب من التاريخ االجتماعي للبدان المتوسطة خالل العصر الوسيط :جامعة موالي إمساعيل :كلية العلوم
اإلنسانية ،مكناس.2992 ،
-227قرامي ،أمال :االختالف في الثقافة العربية اإلسالمية ،ط ،2بريوت :دار املدار اإلسالمي1007 ،م.
-221بن قربة صاحل :تاريخ الجزائر من خالل المصادر ،اجلزائر :منشورات املركز الوطين للدراسات والبحث،
[ 1007م].
-229قنوايت ،شحاتة :تاريخ الصيدلة والعقاقير في العهد القديم والعصر الوسيط ،ط ،1بريوت :أوراق
شرقية للطباعة والنشر والتوزيع2990 ،م.
-210الكيالين ،عاصم إبراهيم :الوالية والولي عند السادة الصوفية في الشريعة والطريقة والحقيقة ،ط،2
بريوت :دار الكتب ناشرون1020 ،م ،ص.29
-212لطفي ،عيسى :مدخل لدراسة مميزات الذهنية المغاربية خالل القرن السابع عشر ،تونس :سراس
للنشر2992 ،م.
-211لطفي ،عيسى :كتاب السير – مقاربات لمدونات المناقب والتراجم واألخبار ،-ط ،2تونس :دار
املعركفة للنشر1007 ،م .
-212املاجدي ،خزعل :متون سومر ،ط ،2عمان :األهلية للنشر 2991 ،م.
-212مبارك ،زكي :المدائح النبوية في األدب العربي ،القاهرة :دار الشعب2972 ،م.
-211مربوك ،علي :ما وراء تأسيس األصول -مساهمة في نزع أقنعة التقديس ،ط ،02القاهرة :دار رؤية
للنشر والتوزيع1007 ،م.
273
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-210جمموعة مؤلفني :موسوعة دائرة المعارف اإلسالمية ،ج ،02ديب :مركز الشارقة لإلبداع الفكري،
2991م.
-217حممد إمساعيل ،زكي :في الدين والمجتمع -سلسلة اإلسالم والعلوم اإلنسانية ،-اإلسكندرية :دار
املطبوعات اجلديدة2919 ،م.
-211حممدي ،عبد القادر :أنثربولوجيا الجسد األسطوري بحث في الهوية واالمتداد ،املغرب :مطبعة كفاس
بريس1022 ،م.
-219املزيدي ،أمحد كفريد :جمع المقال في إثبات كرامات األولياء في الحياة وبعد االنتقال ،ط،02
بربلي -سرييلنكا :دار اآلثار اإلسالمية1000 ،م.
-220املشعيب ،عبد اجمليد بن سامل بن عبد اهلل :التنجيم والمنجمون وحكمه في اإلسالم،ط ،02الطائف-
السعودية :مكتبة الصديق2992 ،م.
-313املعسكري أيب راس الناصر :لقطة العجالن في شرف الشيخ عبد القادر بن زيان وأنه من بني زيان
ملوك تلمسان ،دراسة وحتقيق :محدادو بن عمر ،ط ،1اجلزائر :منشورات دار قرطبة1021 ،م.
-221مفتاح ،حممد :الخطاب الصوفي في الغرب اإلسالمي مقاربات وظيفية ،القاهرة :رؤية للنشر والتوزيع،
1022م.
-222منديب ،عبد الغين :الدين والمجتمع – دراسة سوسيولوجية للتدين بالمغرب ،-ط ،01املغرب:
إكفريقيا الشرق1020 ،م.
-222ـ ـ ـ ـ ـ ــ :سوسيولوجيا التدين بالمغرب ،ط ،1املغرب :إكفريقيا الشرق1020 ،م.
-221املنوين ،حممد :ورقات عن حضارة المرينيين ط ،2الرباط :منشورات كلية اآلداب -الدار البيضاء:
مطبعة النجاح اجلديدة1000،م.
-220مجدي ،حممد القصاص :علم االجتماع الديني :املنصورة -مصر :دار النشر1001م.
-227
-221موساوي ،عبد املالك :دور الزخرفة في الحياة الحضارية بتلمسان ،ط ،2اجلزائر :دار السبيل للنشر
والتوزيع1022 ،م.
-229امليلي ،مبارك بن حممد :تاريخ الجزائر في القديم والحديث ،تقدمي :حممد امليلي ،اجلزائر :مكتبة
النجضة اجلزائرية [1002م] جزءان.
274
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-220الناصري حممد املكي :كتاب التسيير في أحاديث التفسير ،بريوت :دار الغرب اإلسالمي ،ط،02
2912م 0 ،جملدات.
-303النبجاين ،يوسف بن إمساعيل :جامع كرامات األولياء ،ط ،2بريوت :املكتبة املصرية1002 ،م.
-300نبيل ،بن حممد حممود :تيسير الرحمان في عالج السحر والمس والعين وأمراض الجان ،ط،1
بريوت :دار العاملية للنشر والتوزيع.1002 ،
– -222واعراب مصطفى :المعتقدات والطقوس السحرية في المغرب ،ط ،02الدار البيضاء -املغرب :دار
احلرف للنشر والتوزيع1007 ،م.
-222وهيب ،أيب كفاضل :موسوعة عالم التاريخ والحضارة – حضارات العالم القديم ،-ط،2بريوت:
نوبليس 20 ،جملدات ،ص272
رابعا :دراسة ضمن كتاب:
بونايب،الطاهر " :خطاب الشرف في المغرب األوسط خالل العصر الوسيط -مقاربة في مستوياته -2
ضمن نص النوازل والمناقب والتاريخ" ،ص ص ،212-222ضمن كتاب :المغرب األوسط في العصر
الوسيط من خالل كتب النوازل ،تنسيق بوبة جماين ،هباء الدين للنشر والتوزيع1022 ،م ،منشورات خمرب
البحوث والدراسات يف حضارة املغرب اإلسالمي جامعة منتوري قسنطينة .
كفياليل ،عبد العزيز" :األقلية المسيحية في المغرب األوسط ( الجزائر) نموذج لحياة السلم -1
والتسامح" ،ص:72-12ضمن كتاب :دراسات في تاريخ الجزائر والغرب اإلسالمي ،عني مليلة – اجلزائر:
دار اهلدى1021 ،م.
ـ ـ ـ ــ :أبو العباس السبتي أحمد بن مرزوق التلمساني ( سيرته -مناقبه -رحلته إلى المشرق) ،ص ص -2
،110-111ضمن كتاب دراسات في تاريخ الجزائر والمغرب اإلسالمي ،عني مليلة -اجلزائر :دار اهلدى،
1021م،ص.122-120
ـ ـ ـ ــ" :الزاوية المالرية– تأثير شيوخها الروحي والديني على الدولة والمجتمع" ،ص.ص،212-207 -2
ضمن كتاب :دراسات في تاريخ الجزائر والغرب اإلسالمي ،عني مليلة – اجلزائر :دار اهلدى 1021،م.
ـ ـ ـ ــ" :المؤرخون الفرنسيون واألمن الفكري في المغرب الكبير" ،ص.ص ،11-9ضمن كتاب: -1
دراسات في تاريخ الجزائر والغرب اإلسالمي ،عني مليلة – اجلزائر :دار اهلدى 1021،م.
275
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-0احلمودي عبد اهلل :االنقسامية والتراتب االجتماعي والسلطة والقداسة -:مالحظات حول أطروحات
كلينر ،ضمن كتاب :األنثروبولوجيا والتاريخ ،ص.ص ، 10 - 00حالة املغرب العريب ،ترمجة :عبد األحد
السبيت وعبد اللطيف الفلق ،الدر البيضاء -املغرب :دار توبقال للنشر ،ط1007 ،1م.
خامسا :األطاريح والرسائل الجامعية:
أ /رسائل الماجستير:
بلغيث ،حممد األمني" :الربط بالمغرب اإلسالمي ودورها في عصر المرابطين والموحدين" ،رسالة -3
ماجستري يف التاريخ ،جامعة اجلزائر2917 ،م.
زازوي ،موكفق" :الطقوس الجنائزية في مدينة تلمسان" ،رسالة ماجستري يف األنثروبولوجيا ،جامعة أيب -0
بكر بلقايد – تلمسان (اجلزائر)1001 ،م.
سراج ،جياليل" :زيارة األضرحة وأثرها في المعتقدات الشعبية ضريح سيدي يوسف الشريف -2
نموذجا" ،رسالة ماجستري يف األنثروبولوجيا الثقاكفية واالجتماعية ،جامعة أيب بكر بلقايد (تلمسان-
اجلزائر)1021 ،م.
شقدان ،بسام كامل عبد الرزاق" :تلمسان في العهد الزياني( 900-011هـ– 3011 / -2
3111م)" ،رسالة ماجستري ،جامعة النجاح الوطنية( ،نابلس – كفلسطني) 1001 ،م.
شقطي ،هناء " :الخطاب الفقهي والريف في المغرب األوسط من خالل الدرر المكنونة في نوازل -1
مازونة" ،رسالة ماجستري يف التاريخ ،جامعة قسنطينة (،1اجلزائر)1022 ،م.
كفخري ،طه نضال :الطقوس والمعتقدات الشعبية في األدب الشعبي ،رسالة ماجستري ،ختصص أدب -0
عريب ،جامعة النجاح الوطنية ،نابلس (كفلسطني) 1000 ،م ،ص.111
مزدور ،مسية" :المجاعات واألوبئة في المغرب األوسط ( 901-111هـ3101-3390/م) "، -7
رسالة ماجستري يف التاريخ الوسيط ،جامعة منتوري -قسنطينة (اجلزائر)1009 ،م.
ب /أطاريح الدكتورا:
-2بلغريب ،عبد القادر" :أسس القراءة وآليات التأويل في النص الصوفي – عفيف الدين التلمساني في شرح
مواقف النفري " ،أطروحة دكتورا علوم يف اللغة واألدب العريب ختصص قضايا األدب ومناهج الدراسات النقدية
املقارنة ،جامعة قاصدي مرباح (ورقلة ) 1020 ،م.
بكاي ،عبد املالك" :الحياة الريفية بالمغرب األوسط من القرن 31-7هـ30-31/م" ،أطروحة -1
دكتورا علوم يف التاريخ ،جامعة باتنة1022 ،م.
276
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلبشري ،عمر :جوانب من الحياة االجتماعية واالقتصادية والفكرية في المغربين األوسط واألقصى -2
من القرن 0على 9هـ31-30/م – من خالل كتاب المعيار للونشريسي ،-أطروحة دكتوراه يف التاريخ
الوسيط ،جامعة وهران( اجلزائر)1020 ،م.
ثياقة ،الصديق" :المقدس والقبيلة – الممارسة االحتفالية لدى المجتمعات القصرية بالجنوب -2
الغربي الجزائري -زيارة الرقاني نموذجا" -أطروحة دكتوراه علوم يف علم االجتماع ،جامعة وهران 1022 ،م.
خليلي ،خبتة " :الفقر بالمغرب اإلسالمي ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين ( ق 31-31م) -1
واقعه وآثاره" ،أطروحة دكتورا علوم يف التاريخ ،جامعة مصطفى اسطمبويل (معسكر) 1020م.
سادسا :ملتقيات:
جماين ،بوبة " :التغييرات االجتماعية في البلدان المغاربية عبر العصور" ضمن أعمال امللتقى دويل يف -3
التاريخ 12-12أكفريل 1002م ،منشورات خمرب الدراسات التارخيية جامعة منتوري قسنطينة -عني مليلة:
اجلزائر :دار اهلدى.
سابعا :المجالت و الدوريات
-02باحو ،مصطفى :علماء المغرب ومقاومتهم للبدع والمتصوفة والقبورية والمواسم،ط ،02جريدة
السبيل :تونس1007 ،م.
-02براهم عصام و زازوي موكفق " :جدلية الذكورة واألنوثة في العائلة التقليدية من خالل طقوس العبور"،
جملة املواقف للبحوث والدراسات يف اجملتمع والتاريخ ،جملد-22ع /01جوان ،1029ص.201-11
-01الربكة ،حممد :الطوبونيميا والبحث التاريخي ،دورية كان التارخيية ،ع ،12يونيو ،1022ص
ص.211-212
بريكي ،كرمية" :في منابت التقديس وافاقه"،سلسلة ملفات حبثية الدين وقضايا اجملتمع الراهنة ،املغرب: -02
مؤمنون بال حدود للدراسات واألحباث1020 ،م.
-02بشري ،عبد الرمحان" :المرأة المغربية في نوازل أبي القاسم البرزلي" ،عصور اجلديدة ،ع، 21-22
1022-1022م ،جامعة وهران – اجلزائر ص.ص 221-212
-01بلحاج ،معروف :المجمع المعماري العباد ،دراسة أثرية مقارنة " حولية املؤرخ" املركز الوطين للدراسات
البحث يف احلركة الوطنية :اجلزائر.
-00بلجواري ،كفاطمة" :النص النوازلي للغرب اإلسالمي أداة لتجديد البحث في تاريخ الحضارة
اإلسالمية" ،جملة عصور(وهران ) ع/27جوان -ديسمرب 1022م ،ص.97-12
277
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-07بورويبة ،رشيد" :جولة عبر مساجد تلمسان" ،جملة األصالة ،اجلزائر ،ع2971 ،10م ،ص ص
.211-272
-01بوعقادة ،عبد القادر " :هل المغرب األوسط خرافة" ،جملة عصور اجلديدة ،ع ،11-12ماي
1020م ،ص ص .71-00
-09بونايب الطاهر" :حركة المرابطين السنة في الزاب بين التصوف والرباط" ،اجمللة اخللدونية
(بسكرة)ع /9جانفي 1022م ،ص. 72-10
-20التازي ،عبد الوهاب :لماذا عيد المولد في الغرب االسمي؟ جملة دعوة احلق اململكة املغربية ع،177
.2919
-22ابن حاج عيسى " :زناتة المغرب األوسط القبيلة والمجال" ،جملة العرب للدراسات التارخيية واألثرية،
ع ،2جملد ،2جانفي ،1010ص ص .291-272
-21محودا ،حنان" :الماء كمنشط أنثروبولوجي إلنتاج الطقوس بواحة سكورة جنوب المغرب"،جملة
إضاكفات (جامعة حممد اخلامس الرباط) ،ع / 22-22شتاء ربيع ،1020ص ص .210-222
-22خالدي ،عبد القادر :أبو مدين الغوث دفين تلمسان (190-101هـ3397-3300/م) ،جملة
األصالة ،ع 2971 ،10م ،ص .190-112
-22اخلويلدي ،زهري" :الفلسفة الدينية بين تحديات القدسي واستجابات السرد" سلسلة ملفات حبثية
الدين وقضايا اجملتمع الراهنة ،املغرب :مؤمنون بال حدود للدراسات واألحباث1020 ،م.
-21بن داود ،نصر الدين" :الشرفاء في المجتمع المغربي خالل القرنين 9-1هـ31-30 /م) من خالل
كتاب إسماع الصم في إثبات الشرف من قبل األم للمراكشي القسنطينس األكمه و إسماع الصم في
إثبات الشرف لألم البن مرزوق الحفيد التلمساني" ،جملة املعارف للبحوث والدراسات التارخيية ،عدد ،10ص
ص .220-201
-20دواق ،احلاج أمحنة" :المقدس والسرديات الكبرى" سلسلة ملفات حبثية الدين وقضايا اجملتمع الراهنة
،املغرب :مؤمنون بال حدود للدراسات واألحباث1020 ،م.
-27سعيدي ،حممد " :ظاهرة االعتقاد في اإلصابة بالعين بين المقدس والدنيوي" ،جملة الثقاكفة الشعبية،
ع 2سنة ،2990معجد الثقاكفة الشعبية تلمسان ،ص ص.72-11
-21سليمان كفخري ،أمحد :أسماء الموت في القرآن الكريم دراسة داللية ،جملة الرتبية والعلم ،جامعة
املوصل ،مج -21ع1022 ،2م ،ص ص 211-209
278
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-29بن عامر ،معاذ :السرديات الكبرى من الكبريات األنطلوجية إلى الصغريات األخالقية سلسلة
ملفات حبثية الدين وقضايا اجملتمع الراهنة ،املغرب :مؤمنون بال حدود للدراسات واألحباث1020 ،م.
-10عبد زيد ،الوائلي عامر :تجديد العالقة مع المقدس رهان تفكيك رغبة الموت :سلسلة ملفات حبثية
الدين وقضايا اجملتمع الراهنة ،املغرب :مؤمنون بال حدود للدراسات واألحباث1020 ،م.
-12عبيدي نوارة ومخيسي كفوزية :المعتقدات الشعبية في األسرة الجزائرية من طقوس الوالدة حتى نمو
الطفل :جملة تاريخ العلوم عدد 9سبتمرب 1027م ،جامعة الطارف ،ص ص .222- 221
-11القادري بوتشيش "النوازل الفقهية وكتب المناقب والعقود العدلية مصادر هامة لدراسة تاريخ الفئات
العامة بالمغري اإلسالمي ( ق0-1هـ31-30/م)" ،جملة التاريخ العريب (،الرباط) ،جملد ،7ع1001/11م،
ص ص .171-127
-12القادري ،إبراهيم بوتشيش :الفكر السحري والعرافة بالمغرب واألندلس خالل عصر المرابطين،
ضمن ملتقى الدراسات املغربية األندلسية ،تيارات الفكر يف املغرب واألندلس ،رواكفد ومعطيات ،منشورات كلية
ندوات ، 1جامعة امللك السعدي ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،تيطوان ،2992أكفريل ،17-10ص
.220
-12بن طوبال ،عمار " :الطقوس وتمثالت الهوية الجمعية في رواية مملكة الزيوان للصديق حاج أحمد
مقاربة انثروبولوجية" ،جملة النص ،ع ،12اجلزائر،1027 ،
-11طه مكي ،مجدي ":التقديس والمقدسات دراسة في فلسفة الدين" جملة العلوم اإلنسانية ( كلية الرتبية
والعلوم اإلنسانية) ،جملد-11ع/2مارس1021م ،،ص.ص. 70-11
موسى ،لقبال " :زناتة واألشراف الحسنيون في جال تلمسان والمغرب األوسط" ،جملة األصالة، -10
اجلزائر ،ع2971 ،10م ،ص ص .91-92
-17احملواشي ،منصف :الطقوس وجبروت الرموز -قراءة في الوظائف والدالالت ضمن مجتمع متحول،
جملة إنسانيات ،كراسك ،وهران :اجلزائر ،عدد1020 ،29م ،ص ص .22-21
-11مرتاض ،عبد املالك " :حركة الشعر المولدي في تلمسان في عهد أبو حمو الثاني" جملة األصالة
(وزارة الشؤون الدينية واألوقاف)،جملد-22ع1022/10م ،ص.221-222
-19املستاري ،اجلياليل " :الجسد والمقدس – قراءة في الخطاب الفقهي البن قيم الجوزية" جملة
إنسانيات العدد ،22جانفي مارس 1000م ،مركز البحث يف األنثروبولوجيا االجتماعية والثقاكفية -وهران،
ص.ص .01-21
279
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-20مفتاح خلفات :قراءة في مخطوط هذه كيفية زواوة ،جملة العلوم اإلنسانية ،ع1022 ،21م-172 ،
.117
-22مناد ،صاكفية " :أثر المقدس والديني على ذهنية الفرد والمجتمع واستعماالت السلطة" ،جملة
متون(كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الدكتور موالي الطاهر -سعيدة) ،جملد -21ع /01أوت
1010م ،ص ص.19-70
-21املنصوري ،الشيباين املربوك":جماليات الجسد وطقوسه االحتفالية في األعياد في شمال إفريقيا" جملة
دراسات أندلسية ( مركز حتقيق تراث العامل اإلسالمي يف مشال إكفريقيا -تونس)،جملد ،12ع1000 ،2م .ص
ص .92-72
-22نشاط ،مصطفى" :الديمغرافية التاريخية في الرحلة الزيارية بالمغرب الوسيط" جملة كنانيش الدميغراكفيا
التارخيية ،جامعة حممد األول كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،ع1002-2م ص ص -12إىل .22املغرب :دار
املنظومة ،1010 ،ص.11
-22موحن ،وليد" :مدرسة الحوليات الفرنسية ظروف النشأة وأهم األفكار" جملة ليكسوس يف التاريخ
والعلوم اإلنسانية ،ع ،22مارس1027 ،م ص ص.277 -270
ثامنا :المعاجم والقواميس.
إيكة ،هولتكرانس :قاموس مصطلحات األنثروبولوجيا والفلكلور :تر :حممد اجلوهري وحسن الشامي، -2
ط –،1مصر -القصر العيين :اهليئة العامة للقصور الثقاكفية 2971 ،م.
بدوي ،أمحد زكي :معجم مصطلحات العلوم االجتماعية ،ط ،1لبنان :مكتبة لبنان2911 ،م12 ، -1
جملد.
البعلبكي ،منري والبعلبكي ،رمزي :قاموس المورد الحديث ،لبنان :دار العلم للماليني 1022 ،م. -2
أبو حاقة ،أمحد :معجم النفائس الكبير ،ط ،2األردن :دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، -2
1007م.
أبو الذهب ،أشرف طه :المعجم اإلسالمي ،ط ،2القاهرة :دار الشروق1001 ،م. -1
رواسب قلفدجي ،حممد وصادق تينيخي ،حممد :معجم الفقهاء ،ط ،1بريوت :دار النفائس للنشر -0
والتوزيع2911 ،م.
280
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-7الفريوز أبادي ،جمد الدين حممد بن يعقوب (ت127هـ) ::القاموس المحيط ،حتقيق :مكتب حتقيق
الرتاث يف مؤسسة الرسالة ،إشراف :حممد نعيم العرقسوسي ،ط ،1بريوت :مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر،
1001م.
القشاين ،عبد الرزاق :معجم اصطالحات صوفية ،حتقيق :عبد العال شاهني ،ط ،02القاهرة :دار -1
املنار2991 ،م
شاكر ،مصطفى سليم :قاموس األنثروبولوجيا ،ط ،02الكويت :جامعة الكويت2912 ،م. -9
-20أبو احلسني ،أمحد بن كفارس ابن زكريا الرازي القزويين :معجم مقاييس اللغة ،حتقيق :إبراهيم مشس
الدين ،مج ،2بريوت :دار الكتب العلمية ،جملدان1001 ،م.
-22صليبا ،مجيل :المعجم الفلسفي ،بريوت :دار الكتاب اللبناين2911 ،م.
ثانيا :المراجع باللغة األجنبية:
أوال :المراجع المترجمة:
ألفرد بل :الفرق اإلسالمية في الشمال اإلفريقي من الفتح العربي حتى اليوم ،ط ،02ترمجة :عبد -2
الرمحان بدوي ،بريوت :دار الغرب اإلسالمي 2917 ،م.
أوليفيه ،روا :الجهل المقدس -زمن بال ثقافة ،-ط ،02ترمجة :صاحل األمشر ،بريوت :دار الساقي، -1
1021م.
بيار ،بونت وميشال ايزار وآخرون :معجم االثنولوجيا واالنثربولوجيا ،ترمجة :مصباح حممد ،بريوت: -2
املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع1000 ،م.
جورج كفرايزر ،جيمس :الغصن الذهبي دراسة في السحر والدين ،ترمجة :نايف اخلوص ،دمشق- -2
سوريا :نشر دار الفرقد للطباعة والنشر والتوزيع1022 ،م.
روجيه باستيد :مبادئ علم االجتماع الديني ،تر :حممود قاسم ،ط ،2مصر :املكتبة االجنلوسكسونية، -1
2912م.
روجيه ،كايوا :اإلنسان والمقدس ،ترمجة :مسرية باشا ،ط ،02بريوت :املنظمة العربية للرتمجة، -0
1020م.
سيغمون كفرويد :الطوطم والتابو ،ترمجة :بوعلي ياسني ومراجعة :حممود كبيبو ،ط ،2الالذقية -سوريا: -7
دار حوار للنشر والتوزيع 2912 ،م.
281
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-1شورون ،جاك :الموت في الفكر الغربي ،ترمجة :كامل يوسف حسن ،مراجعة :إمام عبد الفتاح إمام ،
الكويت :اجمللس الوطين للثقاكفة والفنون واآلداب2912 ،م.
غوستاف ،لوبون :اآلراء والمعتقدات ،ترمجة :عادل زعيرت ،ط ،02مصر :منشورات مؤسسة هنداوي -9
للتعليم والثقاكفة1022،م.
-20كازنييف جاك وآخرون :عشرة مفاهيم كبرى في علم االجتماع ،البلد :دار املنظومة -نشر معجد
اإلمناء العريب ،مج /0ع.21-27
-22غويتيصولو خوان :أضرحة وزوايا وطوائف طقوس زيارة األولياء في اإلسالم المغربي ،ترمجة :إبراهيم
اخلطيب ،جملة املناهل العدد ،12/10السنة ،19وزارة الثقاكفة املغربية1007 ،م.
-21الالند ،أندريه :موسوعة الالند الفلسفية ،تعليق :خليل أمحد خليل ،ط ،1بريوت – باريس :منشورات
عويدات ،1002 ،مج .2
-22برونيسالف لينوكفسكي:السحر والعلم والدين ،تر :كفيليب عطية ،القاهرة :اهليئة املصرية العامة للكتاب،
.2991
-22كلود ،ليفي سرتاوس :األسطورة والمعنى ،ترمجة :صبحي حديد ،ط ،2احملمدية :دار امللتقى للنشر
والتوزيع .1000 ،
-21مارسي ،الياد :المقدس والمدنس ،ترمجة :عبد اهلادي عباس احملامي ،ط ،02دمشق :دار دمشق
للطباعة والنشر والتوزيع2911 ،م.
-20ـ ـ ــ :المقدس الدنيوي – رمزية الطقس واألسطورة -ترمجة :هناد خياطة ،دمشق :العريب للطباعة والنشر
والتوزيع2917 ،م.
مارسي ،وليام :مقتنيات متحف تلمسان ،تعريب وتقدمي :أرزقي شرقي ،اجلزائر :الشركة الوطنية للنشر -2
والتوزيع اجلزائر1022 ،م.
مارسيل ،ماوس :الهبة وطقوس البوتالنش ،ترمجة :املولدي األمحر ،ط ،2بريوت :مركز الدراسات -1
الوحدة العربية 1022 ،م.
هنري ،برغسون :منبعا األخالق والدين ،ترمجة :ساسي األوريب ،ط ،02مصر :مكتبة النجضة(،د.ت). -2
ياروسالف ،ستيتكيفيتش :العرب والغصن الذهبي -إعادة بناء األسطورة الذهبية ،-ترمجة :سعيد -4
الغامني ،ط ،2الدار البيضاء -املغرب؛ بريوت -لبنان :نشر املركز الثقايف العريب1001 ،م.
282
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
283
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
15- Carrier, Michel: et Daniel Vidal: Penser Le Sacre Les Sciences
Humaines et L invention Du Sacre, les Archives de sciences
sociales des religions, n 136,éditions EHESS, Montrel libre , 2005.
16- Caillois, Roger: Lhomme et le sacré, Gallimrd, paris, 1951.
17- cazneeuve Jen: Sociologie du rite (tabou- magie- sacré),
éditions Presses Universtaires de France, paris, 1971.
18- chelhod, joseph: Structure du sacré chez les Arabes, paris:
maisonneuve et larose, 1964.
19- Chevalier, Jean et, Alain Gheerbrant: Dictionnaire des
syinboles, Édition Robert lafont, paris,1986.
20- colonna, fanny: les versets de linvincibilite, "permanence et
changements dans l Algérie contemporaine", paris, press de
sciences, Biblioger gloss index,1995
21- davan, mauris: dictionaire du francais, Presses Universtaires de
France, Paris, 1976.
22- Dermenghne, Emile: le culte des saints dans l’islam
Maghrébine, paris: Édition Gallimard, 1954.
23- Dundes, Alan: The Meaning Of Folklore: The Analytical
Essays Of Alan Dundes, university press of colorado: 1984.
24- Edmond doutté - Magie et Religion dans l’Afrique du Nord :
Alger : typographe Adoulphejourdan Imprimeur- libraire- Éditeur
1909.
25- :Les Marabouts extrait de Revue d'histoire des Religions 1900
26- : Notes surLislamMaghribein- Marabous:Extrait de la Revue
de l histoire des Religion: Tomes xi et xii, paris: ernestlerouxEditer
,1900.
27- l islam Algerien en l an 1900 , Alger: Giralt, 1900
28- Emile, Darkheim: les formes élémentaires de la viereligieuse,
éditions Presses Universtaires de France, paris, 1968.
29- . Ferrie, Jean Nöel: « Lanthropologie du Maroc sitation
artuelle et perspectives » annuiare de LAfrique du Nord, 1991,
CNRS, paris, 1993, pp 1069-1077
284
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
30- .Gieryn Thomas: Aspace for in sociology, Annual Review of
Sociology, Vol.26, (2000), Édition Puplihed by Annulal
Rreviews, 1975, p 463-496.
31- Gresle, francois: dictionnaire des sciences humaines
anthropologie, sociologie, psychologie, sociale,paris: édition nathan,
1994.
32- Gsell stiven: Histoir Ancienne de l'Afrique du Nord, liberairie
Hachette, Paris, 1926, en 8 tom.
33- René, Girard: la violence et le sacré, paris: Albin Michel
Litterature Collection pluriel, 1990.
34- Laoust, Emle: Mots et choses Berberes Notes de linguistique
et dethnographie .Dialectes du Maroc, paris: Augustin
challamel Éditeur, 1920.
35- levé Makarius, Laura,les sacré et la violation des interdits,
paris: éditions payot,1974.
36- Mircea, Eliade:Aspects Du Mythe, paris: Librairie Gallimard,
1963.
37- maisonneuve, jean: : les conduits rituelles,paris: Presses
Universtaires de France, 2eme édition, 1995.
38- Malinowski Bronislaw Robert Redfield: Magic Science And
Religion and other Essays, With An Introduction By Wareland
Press,1954,
39- Marcais, Georges :Tlemcen Viele et D’histoire, paris: édition
laurens collection, 1950.
40- Marcais Georges et William : Les Monuments Arabes de
Tlemcen, Paris: Albert Fontemoing Editeur, 1903.
41- Mauss, Marcel: Sociologie Et Anthropologie, precede par
claude levestrauss 13 édition quadrige 2013 p 32-143.Essai Sur Le
Don Forme et raison de léchange dans les sociétés archaiques in
sociologie et anthropologie, paris, puf quadrige édition, 1989
42- Montet, Edourd: Le culte des saints Musulmanes dans
L’Afrique de Nord- et plus spécialement au Maroc.Librairie
Georg et Cie Genève, 1909.
285
قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
43- Rinne Louis : Marabouts et Khouans-étude sur L’islam en
Algérie, Adolphe jourdan libraire : éditeur, 1884
44- Rossi Catherine: Les Cornets de Tlemcen, Alger: édition
dalimen , 2011. p 96
286
فهرس
الموضوعات
فهرس الموضوعات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهرس الموضوعات
املقدمة .............................................................................................................خطأ! اإلشارة المرجعية غير ّ
معرفة.
288
فهرس الموضوعات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
289
فهرس الموضوعات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
290
فهرس الموضوعات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
291
فهرس الموضوعات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
292
:ملخص األطروحة
تَـتَبَـ َعت الدراسة بداية ماهية املـ َق َدس وداللة،هذه الدراسة هي حبث يف التاريخ االجتماعي وتاريخ الذهنيات واألكفكار
خاصة ما تعلق باالعتقاد يف سلطة، ورصدت الدراسة أهم املعتقدات السائدة واليت مشلت حيزا واسعا ضمن ذهنية اجملتمع،املصطلح
ومدى تغلغل ظاهريت السحر والشعوذة يف جمتمع املغرب، وكذلك االعتقاد يف الفأل والطالع وغريها، واإلصابة بالعني واحلسد،اجلن
، وكانت عرضا ملختلف العوامل املتحكمة يف ترسيخ ظاهرة زيارة الزوايا واألضرحة وتقديس األولياء واليت انتشرت بشكل كبري،األوسط
حيث رمست لنا يف،) سواء يف جمال ال َفرح أو ال َقرح (احلزن،لقد كان جمتمع املغرب األوسط يويل اهتماما خاصا بطقوس العبور املقدسة
.جمملجا صورة مقربة عن الذهنيات السائدة يف جمتمع املغرب وكيف تعامل معجا الفقجاء املالكية
. الضريح املوت – طقوس العبور- الزاوية- الويل- التنجيم- السحر- املدنس- املقدس:الكلمات المفتاحية
Abstract:
This study is a research in social history and the history of mentalities and ideas The study
traced the beginning of the essence of the sacred and the significance of the term, determined
the most important prevalent beliefs, which included a wide space within the mentality of the
community, especially with regard to the belief in the power of the jinn and the devil and the
envy, as well as the belief in foresights and omens, etc as well as the extent of the spread of
the phenomena of witchcraft and charlatanism in the society of the Middle Maghreb, beliefs
as much as it was a presentation of the various factors controlling the consolidation of the
phenomenon of visiting of Zawias and shrines and sacralization for saints, which has spread
widely.
The Middle Maghreb society was paying special attention to the sacred rites of passage,
whether in the field of joy or ulcers (sadness). in its entirety, reflects for us a close picture of
the prevailing mentalities in Maghreb society and how the Maliki jurists dealt with it.
Key words: the sacred- the légend- Magic- Zawias- the death- the rites of passage.
Résumé :
La présente étude est une recherche dans l'histoire sociale et l'histoire des mentalités et des
idées L'étude a suivi le début de l’essence du sacré et la signification du terme et a cherché sa
connotation dans l’écrit médiateur, l'étude a déterminé les plus importantes croyances
répandues qui ont inclus un large espace au sein de la mentalité de la société notamment en ce
qui concerne la croyance dans le pouvoir du Djinn et l'envie ainsi que les croyances dans le
présage, la voyance, etc. ainsi que l'ampleur de la propagation des phénomènes de la
sorcellerie et du charlatanisme dans la société du Maghreb moyen,
les plus importantes qu'un exposé des différents facteurs contrôlant la consolidation du
phénomène de la visite des Zaouia et des sanctuaires et la sacralisation des saints, qui s'est
largement répandu.
Par ailleurs, la société du Maghreb Moyen a donné une grande importance aux rituels sacrés
de passage dans le domaine du bonheur ou du deuil (la tristesse). dans leur ensemble une
image rapprochée des mentalités répandues dans la société du Maghreb et comment les
juristes Malikites y ont fait face.
Mots clés: le sacre- la légende- la Magie- Zaouia – la mort- rite de passage.