You are on page 1of 322

‫امجلهورية اجلزائرية ادلميقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعلمي العايل والبحث العلمي‬


‫جامعة محمد بوضياف الس يةل‬
‫لكية العلوم لإنسانية والعلوم الاجامتعية‬
‫قسم ‪:‬التارخي‬
‫الرمق التسلسيل‪:‬‬
‫رمق التسجيل‪DH/02/16:‬‬
‫المقدس في ذهنية ساكنة المغرب األوسط‬
‫بين المعتقدات والطقوس‬
‫(ق‪9 - 7‬هـ ‪ /‬ق‪31 -31‬م)‬
‫أطروحة دكتوراه علوم في التاريخ تخصص التاريخ الوسيط‬
‫إعداد الطالبة‪ :‬سهيلة دهمش‬
‫تاريخ المناقشة‪:‬‬
‫أعضاء لجنة المناقشة‬
‫الصفة‬ ‫الجامعة‬ ‫الرتبة‬ ‫الرقم االسم واللقب‬
‫رئيسا‬ ‫جامعة محمد بوضياف‪ -‬المسيلة‬ ‫أستاذ‬ ‫حروز عبد الغني‬ ‫‪13‬‬
‫مشرفا ومقر ار‬ ‫جامعة محمد بوضياف‪ -‬المسيلة‬ ‫أستاذ‬ ‫مفتاح خلفات‬ ‫‪10‬‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة محمد بوضياف‪ -‬المسيلة‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫بركات اسماعيل‬ ‫‪11‬‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة محمد بوضياف‪ -‬المسيلة‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫بن زاوي طارق‬ ‫‪10‬‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة بسكرة‬ ‫أستاذ‬ ‫فتيحة شلوق‬ ‫‪11‬‬
‫ممتحنا‬ ‫جامعة سطيف ‪0‬‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫بشير بوقاعدة‬ ‫‪10‬‬

‫السنة الجامعية ‪ 3001-3000‬هـ‪0101-0100 /‬م‬


‫اإلهداء‬
‫أهدي عصارة تعبي وسهري وجهدي إلى روح كل باحث‬

‫أدركه الموت قبل أن ينهي أطروحته‪ ،‬وأدعو أن يبعثه اهلل مع‬

‫الصديقين ويسكنه جنة عليين‪.‬‬


‫شكر وعرفان‬

‫أتقدم بجزيل الشكر وخالص الثناء إلى البرفسور وأستاذي‬

‫الموقر مفتاح خلفات لعدم توانيه في تقديم النصائح‬

‫والتوجيهات بكل رحابة صدر‪ ،‬األمر الذي ساعدني على تجاوز‬

‫العقبات التي كابدتها خالل إنجاز هذه األطروحة‪ ،‬بارك هللا فيه‬

‫وجزاه عني خير الجزاء‪.‬‬


‫قائمة المختصرات‬
‫ما يقابله‬ ‫االختصار‬
‫تويف‬ ‫ت‬
‫حتقيق‬ ‫تح‬
‫ختريج‬ ‫تخ‬
‫ترمجة‬ ‫تر‬
‫تقدمي‬ ‫تق‬
‫تصحيح‬ ‫تص‬
‫تعريب‬ ‫تع‬
‫تنسيق‬ ‫تن‬
‫جزء‬ ‫ج‬
‫دون بلد نشر‬ ‫د‪.‬ب‬
‫دون تاريخ‬ ‫د‪.‬ت‬
‫دون طبعة‬ ‫د‪.‬ط‬
‫طبعة‬ ‫ط‬
‫صفحة‬ ‫ص‬
‫عدد‬ ‫ع‬
‫قرن‬ ‫ق‬
‫جملد‬ ‫مج‬
‫مراجعة‬ ‫مر‬
‫ميالدي‬ ‫م‬

‫هجري‬ ‫ه‬
‫مرجع أو مصدر سابق‬ ‫‪Op.cit.p‬‬
‫نفسه‬ ‫‪Ibid.p‬‬
‫‪Page‬‬ ‫‪P‬‬
‫المقدمة‬
‫المقدمة‬
‫أ ‪/‬أمهية املوضوع وإشكاليته‪.‬‬
‫ب‪ /‬اإلشكالية‪.‬‬
‫ج‪ /‬مربرات اختيار املوضوع‪.‬‬
‫د‪ /‬املنجج‪.‬‬
‫هـ‪ /‬الصعوبات‬
‫و ‪ /‬عرض املوضوع‪.‬‬
‫ز‪ /‬الدراسة النقدية للمصادر واملراجع‪.‬‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أ ‪/‬أهمية الموضوع وإشكاليته‪:‬‬
‫يندرج موضوع "المقدس في ذهنية ساكنة المغرب األوسط بين المعتقدات والطقوس (ق‪9-7‬هـ‬
‫‪/‬ق‪31 -13‬م) "‪ ،‬ضمن حقل الدراسات االجتماعية وتاريخ األكفكار والذهنيات وتاريخ الفئات املجمشة‪ ،‬واليت‬
‫ساد االهتمام هبا يف الدراسات احلديثة من قبل املؤرخني املعاصرين‪ ،‬أين أضحت الدراسات والبحوث التارخيية‬
‫أكثر مشولية‪ ،‬وهو ما ساعد على زوال النظرة التقليدية اليت كانت مسيطرة على الكتابة التارخيية‪ ،‬واليت ركزت يف‬
‫جمملجا على التاريخ السياسي والعسكري وتسجيل أحداث اجليوش غازية أو مغزية‪ ،‬باإلضاكفة إىل تاريخ‬
‫السالطني‪ ،1‬واإلشادة بسريهم واجنازاهتم‪ ،‬أو األولياء واملتصوكفة ورصد مناقبجم‪ ،‬يف ظل تغييب وهتميش لطبقات‬
‫اجملتمع األخرى‪.‬‬
‫معتقدات سكان املغرب األوسط والذهنية الدينية لديجم كانت تتحكم يف تصركفاهتم‪ ،‬وتضبط سلوكجم وتوجه‬
‫حياهتم‪ ،‬وهو ما ساعد على بروز مواضيع جديدة للبحث‪ ،‬هذه املواضيع أصبحت تفرض نفسجا على املؤرخني‬
‫للخروج بقراءة جديدة للتاريخ‪ ،‬وتعميق احلفر التارخيي داخل املنظومة االجتماعية للوقوف على الثابت واملتغري يف‬
‫ذهنية وسلوك الساكنة‪ ،‬وهو ما جعل اهتمامي ينصب حول موضوع‪ ":‬المقدس في ذهنية ساكنة المغرب‬
‫األوسط بين المعتقدات والطقوس ما بين القرنيين (ق‪9 -7‬هـ ‪/‬ق‪31 -31‬م )"‪.‬‬
‫ب‪ /‬اإلشكالية‪:‬‬
‫باعتباره موضوعا له تأثري عميق على الناحية الذهنية جملتمع املغرب األوسط‪ ،‬سيتم الرتكيز يف هذه الدراسة‬
‫على "ماهية املقدس" من خمتلف وججات نظر املفكرين والباحثني‪ ،‬ومعركفة عالقته بالكشف عن معتقدات‬
‫وممارسات اجملتمع‪ ،‬ومدى انعكاساهتا على خمتلف نواحي احلياة خاصة االجتماعية‪ ،‬وإبراز السلوكيات والذهنيات‬
‫اليت أكفرزهتا ظاهرة التقديس داخل جمتمع املغرب األوسط‪.‬‬
‫موضوع "املـقدس يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط بني املعتقدات والطقوس (ق‪9-7‬هـ ‪21 -21/‬م)"‪،‬يـ َعد‬
‫من املواضيع اليت هلا تأثري مباشر على احلياة االجتماعية والذهنية‪ ،‬وهنا أطرح إشكاال حول ما هو موقع املقدس يف‬
‫ذهنية ساكنة املغرب األوسط بني املعتقد والطقس؟‬
‫وانطالقا من هذه اإلشارات سأحاول تتبع اإلشكاالت الفرعية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ما املقصود مبصطلح املـ َق َدس؟ وما مضامينه الرمزية؟‬

‫‪ - 1‬أشارت الباحثة "بوبة‪ ،‬جماين" إىل أن اهتمام املؤرخني بتاريخ العصر الوسيط كان منصبا على التاريخ السياسي والعسكري‪ ،‬وأطلقت عليه اسم‬
‫"تاريخ أصحاب العروش والتيجان"‪ ،‬يف دراستجا املوسومة ب "التغيريات االجتماعية يف البلدان املغاربية عرب العصور" ضمن أعمال امللتقى الدويل يف‬
‫التاريخ ‪ 12-12‬أكفريل ‪1002‬م‪ ،‬عني مليلة‪ -‬اجلزائر‪ :‬دار اهلدى‪ ،‬منشورات خمرب الدراسات التارخيية جامعة منتوري قسنطينة‪ ،‬ص‪.227‬‬

‫أ‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -‬مبا تتميز الطقوس والعادات املقدسة عن باقي املمارسات االجتماعية؟‬
‫‪ -‬ما هي أنواع املعتقدات املقدسة اليت سادت باملغرب األوسط؟ وما حجم تأثريها على سلوك وذهنية األكفراد؟‬
‫‪ -‬ما موقع املقدس يف املمارسات الطقوسية لدى ساكنة املغرب األوسط؟‬
‫‪ -‬هل تأثرت املمارسات الطقوسية باختالف املستويات الثقاكفية واالجتماعية لساكنة املغرب األوسط؟‬
‫‪ -‬أليست املعتقدات واملمارسات الطقوسية لصيقة بكل األكفعال االجتماعية؟‬
‫‪ -‬كيف مت تقديس بدع العادات‪ ،‬وبدع العبادات؟‬
‫‪ -‬ما موقف الفقجاء املالكية من بعض املعتقدات والطقوس املقدسة اجتماعيا واخلارجة عن إطار الدين؟‬
‫‪ -‬ما هدف رواد املدرسة االستشراقية‪ 1‬من نسب مقدسات سكان املغرب األوسط إىل األصل الوثين؟‬
‫ج‪ /‬مبررات اختيار الموضوع‪:‬‬
‫إن موضوع "املـ َق َدس يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط بني املعتقدات والطقوس (ق‪9-7‬هـ ‪/‬ق‪21 -22‬م)" من‬
‫املواضيع املستجدة يف حقل الدراسات التارخيية‪ ،‬ويأيت اختياري هلذا املوضوع لقلة األحباث اليت تسلط الضوء على‬
‫املعتقدات الشعبية السائدة باملغرب األوسط يف الفرتة الوسيطة بصفة عامة‪ ،‬وعلى املمارسات الطقوسية كسلوك‬
‫اجتماعي يرتجم لألكفكار واملعتقدات بشكل خاص‪ ،‬وتأثريه على سلوك وذهنية ساكنة املغرب األوسط‪ ،‬إذ ركزت‬
‫معظمجا على األوضاع السياسية والعسكرية‪ ،‬أما يف األستوغراكفيا‪ 2‬التقليدية‪ 3‬للعصر الوسيط كفتعترب ظاهرة املقدس‬
‫يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط من املوضوعات الصعبة والغري جاهزة‪ ،‬واليت تتطلب قراءات يف مستويات النص‬
‫األستوغرايف للمغرب األوسط‪.4‬‬
‫وبناءً عليه جاء اختياري هلذا املوضوع إىل االعتبارات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬يعترب الفرد بل من أهم رواد املدرسة الفرنسية له جمموعة من الكتب أمهجا‪:Paris, librairie oriental, poul Genthner,‬‬
‫‪Alfred Bel: La Religion Muslmen en Berberie 1938.‬‬
‫‪ -2‬حتمل كلمة األستوغراكفيا معنيني‪ :‬كفجي تعين باملعىن الضيق‪ ،‬جمموع النتائج اليت توصل إليجا الدارسون للكتابات التقليدية‪ ،‬مثل احلوليات واملذكرات‬
‫واألخبار اجلزئية والطبقات والسري‪ ،‬ويف املعىن الواسع تعين دراسة طرق البحث واالستقصاء‪ ،‬ويشري هذا املعىن إىل الشكل أو املنجج‪ ،‬أي إىل املظجر‬
‫اخلارجي‪.‬عبد اهلل‪ ،‬العروي‪ :‬مفجوم التاريخ ‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء ‪ -‬املغرب‪ :‬املركز الثقايف العريب‪1001 ،‬م‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫‪ -3‬األ ستوغراكفيا التقليدية يف نظر الباحث صاحل بن قربة هي‪ :‬املؤلفات احلولية وكتب املناقب والعقود والنوازل وكتب اجلغراكفيا والرتاجم وغريها‪ .‬تاريخ‬
‫اجلزائر من خالل املصادر‪ ،‬اجلزائر‪ :‬منشورات املركز الوطين للدراسات والبحث‪ 7002 [ ،‬م]‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪ -4‬بعض املصادر مل هتتم بتاريخ املغرب األوسط يف العصر الوسيط‪ ،‬إال مبا تعلق حباضرة تلمسان عاصمة الدولة الزيانية‪ ،‬وإن كان االهتمام من زاوية‬
‫معينة علمية أو أدبية‪ ،‬كفكتب الرتاجم مثال اهتمت بالعلماء والفقجاء ورجال الدين من األولياء ورجال السياسة‪ ،‬وعلى سبيل املثال ال احلصر نذكر من‬
‫بني هذه املصادر‪ :‬أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن أمحد‪ ،‬ابن مرمي (حي ‪2022‬هـ‪ 2001/‬م) ‪ :‬البستان يف ذكر األولياء والعلماء من تلمسان ‪ ،‬مر‬
‫وتح‪ :‬أمحد بن أيب شنب‪ ،‬اجلزائر‪ :‬املطبعة الثعالبية‪2901 ،‬م؛ ومؤلف جمجول‪ :‬زهر البستان يف دولة بين زيان (‪702 – 700‬هـ ‪– 2219 /‬‬
‫‪2202‬م)‪ ،‬تح‪ :‬حممد‪ ،‬بن أمحد باغلي‪ ،‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ :‬األصالة للنشر والتوزيع‪1021،‬م‪.‬‬

‫ب‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أوال‪ :‬مت اختيار الفرتة الزمنية املمتدة من القرن السابع إىل القرن التاسع اهلجري املواكفق للقرن الثالث عشر إىل القرن‬
‫اخلامس عشر للميالد‪ ،‬ألهنا أصعب كفرتات املغرب األوسط ألن اجملتمع عاش حياة قلقة بسبب الصراعات‬
‫واحلروب مع احلفصيني واملرينيني‪ ،‬باإلضاكفة للقحوط واجلوائح والطواعني والكوارث الطبيعية وغريها‪ ،‬واليت أثرت‬
‫بشكل كبري على املستوى الفكري والذهين جملتمع املغرب األوسط‪ ،‬خاصة على مستوى انتقائه ملمارسات وطقوس‬
‫مقدسة دون غريها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حماولة اخلروج من القراءة السطحية لتاريخ املغرب األوسط‪ ،‬طاحمة أن يكون حبثي هذا شامال لظاهرة املقدس‬
‫لدى ساكنة املغرب األوسط‪ ،‬جميبا على جوانب مجمة من اإلشكالية املطروحة‪ ،‬ألن جل الدراسات ركزت على‬
‫طابعجا السياسي والعسكري‪ ،‬باإلضاكفة إىل الرتكيز على مناقب السالطني واملتصوكفة‪ ،‬وأردت الولوج إىل أعماق‬
‫هذا اجملتمع‪ ،‬من خالل إعادة قراءة للنص املناقيب والنوازيل كمادة مصدرية مجمة للتاريخ الديين واالجتماعي‪،‬‬
‫وذلك عن طريق تتبع األسئلة الواكفدة من خالل كتب النوازل‪ ،‬حول الدواكفع احلقيقية ملمارسة بعض الطقوس‬
‫واملعتقدات‪ ،‬واليت ارتقت إىل أن صارت مقدسات ال ميكن املساس هبا أو الطعن كفيجا‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬موضوع املقدس يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط‪ ،‬يربز لنا حلقة من حلقات التاريخ املغمور لبعض كفئات‬
‫وشرائح اجملتمع حمل الدراسة‪ ،‬السيما الفئات املجمشة واملنسية عرب التاريخ‪ ،‬باعتبارها الطبقة املفقودة يف الرتاتبية‬
‫االجتماعية‪ ،‬واليت ورد ذكرها يف املصادر ب‪ :‬اهلمج‪ ،‬الرعاع‪ ،‬الغوغاء‪ ،‬وغريها من األوصاف الدونية‪ ،‬وهو ما يعد‬
‫إقصاءً هلذه الفئات من املدونة التارخيية‪ ،‬كما يعد تعسفا جيزئ احلقيقة التارخيية‪.‬‬
‫يف املقابل كفإن النصوص اليت أشارت إىل هذه الفئة وعلى قلتجا‪ ،‬اكتنزت مبادة هامة حول املقدس واملمارسات‬
‫الطقوسية اليت سادت املغرب األوسط‪ ،‬إذ سجلت بني طياهتا عالقة املعتقدات الشعبية املقدسة بالطقوس يف‬
‫املغرب األوسط‪ ،‬وأحاطت مبختلف جوانبجا الدينية واالجتماعية ووضعتجا يف إطارها التارخيي‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تسليط الضوء على جانب مجم من التاريخ االجتماعي يف بعده الديين‪ ،‬إلبراز دور السلوكيات‬
‫واملمارسات اليت ترتجم املستويات الذهنية للتفكري الشعيب والعقائدي لدى ساكنة املغرب األوسط‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬أطمح إىل كفجم ظاهرة قداسة املعتقدات والطقوس‪ ،‬كوهنا حركة سلوكية واجتماعية وثقاكفية ونفسية‪،‬‬
‫وتفسري ظروف نشأهتا وانتشارها‪.‬‬

‫ت‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫سادسا‪ :‬مثل هذا البحث التارخيي يتطلب أدوات وآليات خاصة ملعاجلته‪ ،‬ترتكز معظمجا يف علوم اللسانيات‪،‬‬
‫والطوبونيميا‪ ،1‬واالنثروبولوجيا‪ ،2‬والسوسيولوجيا‪ ،3‬وعلم النفس وعلم االجتماع‪ ،‬أي تكامل بني خمتلف العلوم‬
‫وخباصة االجتماعية منجا قصد الوصول إىل رؤية شاملة حول املوضوع ‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬جل الدراسات التارخيية اليت المست موضوع البحث‪ ،‬قام هبا باحثون وعسكريون وعلماء االثنولوجيا‬
‫واألنثروبولوجيا ومؤرخون كفرنسيون خدمة ألغراض إيديولوجية‪ ،‬كانوا يجدكفون من ورائجا إىل طمس احلقيقة التارخيية‬
‫خدمة ملصاحلجم‪ ،‬وأنا هبذا العمل أسعى إىل التحقق منجا وتفنيدها‪ ،‬خصوصا يف ما يتعلق بالبعد الوثين‬
‫للمقدسات اإلسالمية‪ ،‬وربطجا باألصل الوثين لسكان مشال إكفريقيا‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬تسليط الضوء على جانب مجم من التاريخ االجتماعي يف بعده الديين‪ ،‬هبدف املسامهة يف إثبات هوية‬
‫ساكنة املغرب األوسط بكل أبعادها الدينية واللغوية‪ ،‬يف حماولة لدحض األطروحة االستشراقية حول املغرب‬
‫األوسط وماضيه الوثين‪.‬‬

‫‪ -1‬الطوبونيميا‪ :‬هي أداة منججية وآلية علمية‪ ،‬قد تكون لسانية تنري بعض اجلوانب املعتمة من مضامني وداللة النصوص املصدرية اليت هي أساس‬
‫البحث التارخيي‪ ،‬وقد تكون تارخيية تفيد البحث اللساين يف حتديد مضامني أمساء األماكن‪ .‬حممد‪ ،‬الربكة‪ :‬الطوبونيميا والبحث التارخيي‪ ،‬دورية كان‬
‫التارخيية‪ ،‬ع‪ ،12‬يونيو ‪ ،1022‬صص‪ ،211-212‬ص‪.212‬‬
‫‪ -2‬األنثروبولوجيا ‪ :‬تعين الكلمة حركفيا علم اإلنسان‪ ،‬أي العلم الذي ينظر لإلنسان طبيعيا واجتماعيا وحضاريا‪ ،‬وسلوك اإلنسان وثقاكفته‬
‫املختلفة واجملتمعات املاضية واحلاضرة‪ ،‬وهي علم اإلنسان االجتماعي‪ ،‬وعلم اإلنسان الثقايف‪ ،‬ويدرسان قيم ومعايري اجملتمعات‪ ،‬وهي علم يجتم بتاريخ‬
‫األديان واألساطري واحلكايات‪ ،‬وتطور امل خيلة اإلنسانية عرب أحقاب خمتلفة‪ ،‬من خالل وصف وحتليل األساطري والطقوس كظواهر ثقاكفية‪ ،‬ودراسة‬
‫األنثروبولوجيا للمجتمعات اإلنسانية ترتكز يف الغالب على التقاليد والعادات‪ ،‬والنظم واألمناط السلوكية املختلفة اليت ميارسجا شعب أو أمة معينة‪.‬‬
‫حسني‪ ،‬كفجيم‪ :‬قصة األنثروبولوجيا – كفصول يف تاريخ علم اإلنسان‪ ،‬الكويت‪ :‬إصدار اجمللس الوطين للثقاكفة والفنون واآلداب‪2910 ،‬م‪ ،‬ص‪27-20‬؛‬
‫إيكة‪ ،‬هولتكرانس‪ :‬قاموس مصطلحات األنثروبولوجيا والفلكلور‪ :‬تر‪ :‬حممد‪ ،‬اجلوهري وحسن الشامي‪ ،‬ط‪ –،1‬مصر‪ -‬القصر العيين‪ :‬اهليئة العامة‬
‫للقصور الثقاكفية‪ ،2971 ،‬ص‪29‬؛ شاكر‪ ،‬سليم مصطفى‪ :‬قاموس األنثروبولوجيا‪ ،‬ط‪،2‬الكويت‪ :‬جامعة الكويت‪.2912 ،‬ص‪10‬؛ أمحد أبو هالل‪:‬‬
‫مقدمة يف األنثروبولوجيا الرتبوية‪ ،‬عمان‪ -‬األردن‪ :‬املطابع التعاونية‪2972 ،‬م‪ ،‬ص‪ 21‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 3‬السوسيولوجيا‪ :‬هي كلمة مشتقة من كلمتني‪"،‬سوسيو" الالتينية‪ :‬وتعين ركفيق أو جممع‪ ،‬والثانية "لوغوس" اليونانية‪ :‬وتعين العلم أو البحث‪،‬‬
‫والسوسيولوجيا هي دراسة اجملتمعات اإلنسانية واجملموعات البشرية وظواهرها االجتماعية‪ ،‬وهي العلم الذي يعىن بفجم النشاط االجتماعي وتأويله‬
‫وتفسريه ونتيجته سببيا‪ ،‬ويدرس اجملتمعات والقوانني اليت حتكم تطورها‪ ،‬كما يدرس احلياة االجتماعية جبميع مظاهرها‪ ،‬ويتحرى أسباب حدوثجا وقوانني‬
‫تطورها‪ ،‬وهو العلم الذي يساعد على تكييف الفرد واجملتمع للعيش معا‪ ،‬ضمن أهداف معينة يسعون إىل حتقيقجا من أجل التقدم واالستمرارية‪ ،‬كما‬
‫يركز على سلوكيات األكفراد ضمن اجملتمع‪ ،‬وبالتايل يدرس تأثري البيئة االجتماعية واالقتصادية والثقاكفية يف تكوين الشخصية اإلنسانية‪ .‬للمزيد حول‬
‫املوضوع ينظر‪ :‬مجيل‪ ،‬محداوي‪ :‬ججود ماكس كفيرب يف جمال السوسيولوجيا‪ ،‬ط‪ ،2‬الرياض‪ -‬السعودية‪ :‬دار األلوكة للنشر‪1021 ،‬م‪ ،‬ص‪ 21‬وما بعدها؛‬
‫عيسى‪ ،‬الشماع‪ :‬مدخل‪ /‬الرتبية العامة‪ ،‬ط‪ ،2‬دمشق‪ -‬سوريا‪ :‬كلية الرتبية‪1001 ،‬م ‪ ،‬ص‪ ..17‬عيسى‪ ،‬الشماع‪ :‬مدخل‪ ،‬ص‪17‬؛ ساطع‪ ،‬احلصري‪:‬‬
‫أحاديث يف الرتبية واالجتماع‪ ،‬بريوت‪ :‬دار العلم للماليني‪2911 ،‬م‪ ،‬ص‪1‬؛ حممد‪ ،‬طلعت عيسى‪ :‬مدخل علم االجتماع‪ ،‬بريوت‪ :‬دار املعارف‪،‬‬
‫‪2910‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫ث‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تاسعا‪ :‬كفرتة الدراسة القرن (‪9-7‬هـ‪21-22/‬م) متيزت برتاجع دميغرايف كبري نتيجة األوبئة واجملاعات اليت ظجرت‬
‫باملغرب اإلسالمي ككل‪ ،‬واملغرب األوسط على وجه اخلصوص‪ ،‬إذ كان هلا تأثري كبري على مستوى التفكري‬
‫والذهنيات السائدة يف هذه احلقبة‪ ،‬وعلى األكثر كفرتة الطاعون اجلارف أو كما يسمى الطاعون األسود(‪-729‬‬
‫‪710‬هـ‪2229-2221/‬م)‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬أردت من هذا العمل أن أثري حقل الدراسات التارخيية املتعلقة بتاريخ املغرب األوسط‪ ،‬علّين أنري زاوية‬
‫لطاملا تناسجا املجتمون بالتاريخ‪ ،‬خاصة وأن موضوع التاريخ الديين واالجتماعي والبحث يف العوامل املؤثرة كفيجما‬
‫ونتائججما أصبح عمال ضروريا‪ ،‬ال سيما إذا أردنا بناء نسق تارخيي متكامل حول مغربنا األوسط‪ ،‬يف ظل ما‬
‫يعرتي مثل هذه املواضيع من احملدودية والغموض واإلهبام‪ ،‬من هنا أنا أروم من خالل هذا البحث إىل سد بعض‬
‫الثغرات اليت أرى أهنا حباجة إىل الدراسة والرتميم من خالل تسليط الضوء على اجلانب الذهين لساكنة املغرب‬
‫األوسط‪ ،‬وخاصة ظاهرة التقديس والبحث يف مضامينجا‪.‬‬
‫أخيرا‪ :‬أتشوف من خالل هذا املوضوع أن أجل حبثا خيدم تاريخ املغرب األوسط‪ ،‬على املستوى الديين‬
‫واالجتماعي حىت تكون دراسيت لبنة جديدة تضاف إىل املكتبة الوطنية اجلزائرية‪ ،‬ودراسات املغرب األوسط‪.‬‬
‫د‪ /‬منهج الدراسة‪:‬‬
‫منجج البحث منجج مشويل قائم على استقصاء املادة التارخيية من مصادرها حرصا على التوثيق ومراعاة‬
‫لألمانة العلمية‪ ،‬واعتمدت مستويات من القراءة من أجل استنطاق النص التارخيي‪ ،‬وركزت على التحليل‬
‫واالستنباط واستقراء ظاهرة املقدس باملغرب األوسط‪ ،‬باستعمال بعض األدوات اإلجرائية للفجم والتأويل والتفسري‪،‬‬
‫وعلى مستوى املنجج كفقد تطلب هذا التوجه اجلديد انفتاح التاريخ على العلوم اإلنسانية األخرى واستيعاب‬
‫نتائججا‪ ،‬واالستفادة من إشكاالهتا‪ ،‬وهكذا استفاد هذا البحث التارخيي من مفاهيم علم االجتماع واألنرتوبولوجيا‬
‫والطوبونوميا‪ ،‬واألدب وعلم النفس‪ ،‬خاصة وأن هذه احلقول املعركفية جعلت من جمال البحث يف التاريخ الذهين‬
‫إطارا ألحباثجا‪ ،‬قصد الوصول إىل رسم صورة واضحة وشاملة للموضوع‪.‬‬
‫وعليه كفإنه لدراسة ظاهرة اجتماعية البد من البحث عن سبب وجودها‪ ،‬وعن الوظيفة االجتماعية اليت‬
‫تؤديجا‪،‬ولتحقيق هذه الغاية اعتمدت على مقاربة منججية حترص على اعتماد املنجج التارخيي‪ ،1‬من وصف‬

‫‪ -1‬املنجج التارخيي‪ :‬ويسمى أيضا املنجج االسرتدادي ألنه عملية اسرتداد وعملية اسرتجاع للماضي‪ ،‬وهو منجج علمي مرتبط بعلوم أخرى‪ ،‬ويساعد‬
‫على دراسة التغيريات اليت تطرأ على البىن االجتماعية‪ ،‬وتطور النظم االجتماعية يف التعرف على ماضي الظاهرة وحتليلجا وتفسريها‪ ،‬يف ضوء الزمان‬
‫واملكان الذي حدثت كفيه‪ ،‬ومدى ارتباطجا بظواهر أخرى‪ ،‬ويعتمد هذا املنجج على التحليل والتفسري‪ ،‬وجتدر اإلشارة لصعوبة تعميم النتائج املتوصل إليجا‬
‫باالعتماد على هذا املنجج ‪.‬للمزيد حول املنجج التارخيي ينظر خالد‪ ،‬حامد‪ :‬منججية البحث يف العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬جسور‬
‫للطباعة والنشر‪.1001 ،‬‬

‫ج‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫واستقراء واستنباط وحتليل قصد حتقيق التواكفق بني تاريخ الوقائع وتاريخ الذهنيات‪ ،‬من خالل االعتماد على‬
‫اجلانب التوثيقي والرتكيز على الوصف مللء البياضات الكثرية يف املوضوع‪ ،‬مث التحليل والرتكيب املقيد بشروط‬
‫الزمان واملكان املدروسني‪ ،‬وذلك راجع لتشعب ظاهرة املقدس وتداخلجا مع احلقول املعركفية األخرى‬
‫كاألنثروبولوجيا والسوسيولوجيا‪ ،‬مما حتم علي االستعانة بأكثر من منجج وإن مل أوظفه كله بل بعض أدواته‬
‫كاملنجج الوصفي‪ ،1‬حيث استعملته يف وصف بعض املمارسات والطقوس‪ ،‬وتوظيف مفاهيم التحليل النفسي كفيما‬
‫يعد ترمجة أمينة لبعض املشاعر والتصركفات والسلوكات‪.‬‬
‫كما اعتمدت بشكل كبري على املنجج األنثروبولوجي ألنه ال يكتفي بدراسة الظواهر االجتماعية من‬
‫اجلانب التارخيي كحدث وكفقط‪ ،‬بل يتعداه إىل قراءة التأثري احلاصل يف اجملتمع من خالل االعتقاد يف ظاهرة معينة‪،‬‬
‫حىت تراءى يل أين أحبث يف جمال األنثربولوجيا أكثر من حبثي يف التاريخ وجماالته‪ ،‬وهو ما يعرب عنه بتكامل العلوم‬
‫خاصة يف جمال البحوث اإلنسانية‪ ،‬وهي حتمية كفرضتجا طبيعة املوضوع يف مشوليته‪ ،‬خاصة وأننا أمام تطور حقيقي‬
‫يف جمال البحث التارخيي وتفتحه عل العديد من العلوم‪.‬‬
‫هـ‪ /‬الصعوبات‪:‬‬
‫ال أخفي صعوبة دراسة املوضوع‪ ،‬واملتعلق "باملقدس يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط بني املعتقدات‬
‫والطقوس (ق‪9-7‬هـ ‪/‬ق ‪21 -22‬م)"‪،‬ومصدر هذه الصعوبة كامن ليس كفقط كفيما اعرتضين يف دارسيت هلذا‬
‫املوضوع وصلته بالرتاث اإلنساين ومشوليته‪ ،‬وتعدد مظاهره وتنوع ظواهره واختالف أشكاله واتساع بيئاته‪ ،‬ولكن‬
‫كذلك مبا تعرض له من تطوير وتغيري‪ ،‬نتيجة التحوالت اليت عركفجا جمتمع املغرب األوسط عرب مراحله التارخيية‬
‫املختلفة‪ ،‬مما جعل من الصعوبة مبكان الضبط الدقيق للمقدس املراد دراسته‪ ،‬وهذا راجع حتما لنوعية املوضوع يف‬
‫حد ذاته‪.‬‬
‫وازدادت هذه الصعوبة حني أردت الكشف عن املقدس يف ذهنية ساكنة جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬ألن‬
‫حضوره قد يبدو ألول وهلة واضح املالمح بارز السمات‪ ،‬إال أنه عند تعميق النظر كفيه للكشف عن هذه املالمح‬
‫والسمات‪ ،‬والرجوع هبا إىل أصوهلا وحماولة حتليلجا‪ ،‬ال يلبث أن يظجر قضايا خفية ومعقدة‪ ،‬ميكن إرجاعجا ملا عركفه‬
‫جمتمع املغرب األوسط من غىن تارخيي وحضاري‪ ،‬من خالل معايشته لكثري من املعتقدات والطقوس القدمية‪ ،‬واليت‬
‫كان هلا بالغ األثر يف تشكل ذهنية ساكنة املغرب األوسط‪.‬‬

‫‪ -1‬املنجج الوصفي‪ :‬هو الطريقة لدراسة الظواهر واملشكالت‪ ،‬من خالل القيام بالوصف بطريقة علمية‪ ،‬للوصول إىل تفسريات منطقية هلا دالئل‬
‫وبراهني‪ ،‬متنح الباحث القدرة على وضع أطر حمددة للمشكلة للوصول إىل نتائج‪ .‬عمار‪ ،‬بوحوش وحممد‪ ،‬حممود الذنيبات‪ :‬مناهج البحث العلمي‬
‫وطرق إعداد البحوث‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪.1002 ،‬‬

‫ح‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دون أن أنسى صعوبة الفصل بني األنثروبولوجيا والتاريخ يف دراسة هذا املوضوع‪ ،‬إذ جل التوججات‬
‫والدراسات حول املقدس قام هبا أنثروبولوجيون وسوسيولوجيون‪ ،‬وال نكاد هنتدي إىل دراسات تارخيية حول‬
‫املوضوع‪.‬‬
‫واملتمعن يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط يف العصر الوسيط‪ ،‬ال حيتاج إىل التنقيب يف النصوص املصدرية‬
‫كفحسب‪ ،‬بل يتطلب نوعا من االستحضار واملعايشة واليت غري غياهبا العديد من عناصر املعادلة‪ ،‬إذ أن احلديث‬
‫عن تاريخ الذهنيات يستلزم املشاهدة ومعايشة احلالة‪ ،‬أكثر من إعادة إحيائجا عن طريق ختيلجا‪.‬‬
‫و‪ /‬عرض الموضوع‪:‬‬
‫مقدمة‪ :‬عركفت كفيجا مبوضوع الدراسة وأمهيته‪ ،‬مث تطرقت لألهم اإلشكاالت اليت مت طرحجا‪ ،‬معرجة على املنجج‬
‫املتبع يف اجنازها‪ ،‬كما تطرقت لبعض الصعوبات اليت واججتين أثناء إعداد هذه األطروحة‪ ،‬مث جزأهتا إىل ثالثة‬
‫كفصول حوا كل كفصل جمموعة من املباحث‪ ،‬أسبقتجم بفصل متجيدي وأحلقتجم أخريا خبامتة‪ ،‬وكفجارس ومالحق‬
‫وقائمة البيبليوغراكفيا‪.‬‬
‫الفصل التمهيدي‪ :‬أملت طبيعة املوضوع أن يكون الفصل التمجيدي حتت عنوان‪ " :‬المقدس بحث في‬
‫الماهية والعالئق"‪ ،‬حاولت من خالل مبحثه األول تتبع ماهية امل َق َدس وداللة املصطلح‪ ،‬والبحث عن مفجوم‬
‫املقدس وداللته يف املدونة الوسيطة‪ ،‬مث الدراسات احلديثة خاصة كتب األنثروبولوجيا ألن هلا السبق يف طرق هذا‬
‫املوضوع‪ ،‬دون إغفال ملعىن املدنس كون املفاهيم تعرف بأضدادها أحيانا‪ ،‬وجاء املبحث الثاين بعنوان‪" :‬موقع‬
‫الطقس في مجال المقدس"‪ ،‬ضبطت خالله ماهية الطقس وماهية األسطورة وعالقتجما باملقدس كوهنما‬
‫أساسني مجمني يف تشكله‪ ،‬أما املبحث الثالث واملسمى ب‪":‬رمزية الطقوس وعالقتها باالعتقاد"‪،‬كفقد تطرقت‬
‫كفيه لضبط ماهية الرمز واملعتقد وعالقتجما باملقدس‪ ،‬أما املبحث الرابع كفجاء عنوانه ب‪":‬االستشراق ومقدس‬
‫االختراق"‪ ،‬حددت كفيه وججة نظر مؤرخي املدرسة الفرنسية ونظريتجم حول البعد الوثين ملقدسات املغرب‬
‫األوسط‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عنونته ب‪":‬المعتقدات الشعبية والمقدس" للوقوف على املمارسات السلوكية جملتمع املغرب‬
‫األوسط‪ ،‬ورصد أهم املعتقدات السائدة واليت مشلت حيزا واسعا ضمن ذهنية ساكنته‪ ،‬عاجلت يف مبحثه األول‬
‫ظاهرة "المعتقدات الشعبية والممارسات الطقوسية"‪ ،‬خاصة ما تعلق باالعتقاد يف سلطة اجلن‪ ،‬واإلصابة بالعني‬
‫واحلسد‪ ،‬وكذلك االعتقاد يف الفأل والطالع وغريها‪ ،‬أما املبحث الثاين كفدرست كفيه ظاهرة "السحر والشعوذة"‪،‬‬
‫ومدى تغلغل هاتني الظاهرتني يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬والتصديق اجلازم لفئات خمتلفة من الناس مبا يأيت به‬

‫خ‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫السحرة وتقديسجم‪ ،‬وهو األمر الذي احتج به املؤرخون املستشرقون يف دراساهتم حول السحر يف املغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة للكجانة والتنجيم واللذان أحلقا بباب السحر‪.‬‬
‫مل يقتصر اعتقاد سكان املغرب األوسط حول السحر كظاهرة غيبية مقدسة‪ ،‬بل تعداها األمر للتصديق ببعض‬
‫البدع واخلراكفات وهو ما دار حوله املبحث الثالث‪ :‬املوسوم ب "البدع والخرافات" كفبدأته بتعريف البدعة ودراسة‬
‫بعض مناذججا خاصة املستججنة منجا كبدعة تعليق التمائم‪ ،‬وكيف وصل األمر إىل حد التطرف الديين بأن ادعى‬
‫بعضجم النبوة‪ ،‬واحرتف بعضجم ضرب الرمل وقراءة الكف والنظر يف الكتف وغريها من البدع اليت وجدت هلا‬
‫موضع قدم باملغرب األوسط وأثرت على حياة الفرد واجملتمع‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬كان حتت عنوان "المقدس المدفون وبركة الزيارة"‪ .‬تطرقت كفيه لظاهرة الزيارة واختاذ‬
‫املزارات وعاجلت كفيه إشكالية تقديس الويل حيا وميتا‪ ،‬يف ظاهرة تقديس األشخاص اليت انتشرت بشكل كبري يف‬
‫املغرب األوسط‪ ،‬وابتدأته مببحث أول حول "الزواية قطب مقدس" ونشأهتا باختصار‪ ،‬ألن هناك العديد من‬
‫الدراسات السابقة حول املوضوع‪ ،‬لذا ركزت على الويل كشخص مقدس يف املخيال الشعيب وعلى الزاوية كمكان‬
‫مقدس متارس كفيه طقوس مقدسة‪ ،‬هبدف قضاء احلوائج والشفاء من األمراض والعاهات وغريها‪ ،‬دون إغفال‬
‫ألنواعجا باملغرب األوسط‪ ،‬وعالقتجا بظاهرة الشرف‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪" :‬الوالية واألولياء"‪ ،‬حبثت يف القصد من الوالية ودرجاهتا وأسسجا‪ ،‬وعالقة الويل مبريديه‬
‫وطرق حيازة الربكة وجتلي الكرامة واخلوارق على يد األولياء‪ ،‬وارتأيت إكفراد مبحث خاص حول "األولياء من‬
‫النساء"‪ ،‬ملا أثارته املرأة حول إمكانية حيازهتا الوالية الصوكفية حبجة قداستجا أو دناستجا‪ ،‬وكيف وصلت النساء‬
‫لفرض وجودهن يف جمال األوليائي‪ ،‬وما هي أنواع احلجب املمارسة على النساء يف اجملتمع‪ ،‬واخرتت حجب أمساء‬
‫النساء يف حياهتن كمثال‪ ،‬وكيف تعامل اجملتمع مع النساء بوصفجن خطرا حمدقا وجب جتنبه‪.‬‬
‫أما يف املبحث الرابع‪" :‬نشأة األضرحة وأنواعها"‪ ،‬ال ميكن احلديث عن الزاوية كمكان مقدس وإغفال‬
‫الضريح كقطب مقدس ال يقل أمهية عنجا‪ ،‬لذا خصصت هذا الفصل لألضرحة وعرضت كفيه نشأهتا باختصار‬
‫وأنواعجا‪ ،‬وعالقة الضريح باجملال السوسيولوجي‪ ،‬واستعرضت اهلدف من زيارهتا واليت مل ختتلف كثريا عن أهداف‬
‫زيارة الزوايا‪ ،‬كطلب الشفاء وربط املواثيق والعجود‪ ،‬واالستخارة وركفع التظلم أو التخلص من النحس وجلب الرزق‬
‫وغريها‪.‬‬
‫آخر كفصل يف الدراسة كان حول طقوس العبور املقدسة سواء يف جمال الفرح أو القرح‪ ،‬إذ تعامل جمتمع املغرب‬
‫األوسط مع هذه الطقوس بكثري من العناية واالهتمام‪ ،‬حىت أن بعض املمارسات وصلت حد القداسة أي ال‬
‫ميكن املساس هبا أو الطعن كفيجا‪ ،‬لذا جاء الفصل الثالث بعنوان‪" :‬انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية" كفكان‬

‫د‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫املبحث األول حتت مسمى‪" :‬الحقل الطقوسي بالمغرب األوسط"‪ ،‬والذي حوى أهم الطقوس االحتفالية‬
‫املقدسة بدءاً بشجر رمضان‪ ،‬وبعده االحتفال بعيد الفطر وموكب احلج مرورا بعيد األضحى وطقوس األضحية‪،‬‬
‫وهي شعائر دينية األصل كفيجا القداسة‪ ،‬لكن ما يجمنا هو ما صاحبجا من طقوس‪ ،‬دون أن ننسى املكانة اهلامة‬
‫اليت احتلجا االحتفال بعاشوراء كزمن متجدد‪ ،‬وختاما املولد النبوي كأهم احتفال مقدس يف جمتمع املغرب‬
‫األوسط‪ ،‬إذ تناكفس يف إقامته السالطني والعامة على حد سواء‪.‬‬
‫كان املبحث الثاين حتت عنوان‪" :‬دورة الحياة وطقوسها"‪ ،‬كفاملناسبات املختلفة اليت عاشجا سكان املغرب‬
‫األوسط ال تقل أمهية عن املناسبات واملواسم الدينية‪ ،‬كفقد تعامل معجا الناس بنوع من التقديس واإلجالل كمناسبة‬
‫الوالدة والعقيقة‪ ،‬واالحتفال باخلتان كرمز الكتمال الذكورة وغريها‪.‬‬
‫يف آخر مبحث من الفصل الثالث حبثت يف ‪":‬الموت وطقوس الجنازة" كأهم طقس عبور شغل ذهنية جمتمع‬
‫املغرب األوسط‪ ،‬من خالل التنبؤ حبدث املوت والتحضري له‪ ،‬وما خيلفه من أثر يف نفسية الناس‪ ،‬بداية بأسباب‬
‫كثرة املوت يف املغرب األوسط‪ ،‬مرورا برحلة العبور والطقوس اجلنائزية وصوال إىل هناية احلداد‪ ،‬وما يتبعجا من‬
‫ممارسات كطقس السبوع وأربعينية امليت‪ ،‬وشيوع ظاهر تقديسجم لقبور موتاهم واعتقاد بعضجم يف قدرة‬
‫الصلحاء على التكلم مع املوتى‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫خلصت إىل خامتة ضمنتجا أهم النتائج اليت توصلت إليجا بعد استكمال الدراسة‪ ،‬مذيلة مبالحق وكشاكفات وقائمة‬
‫البيبليوغراكفيا املعتمدة يف األطروحة‪.‬‬
‫و‪ /‬الدراسة النقدية للمصادر والمراجع‪:‬‬
‫قبل رصد أهم املصادر اليت اعتمدت عليجا يف هذه األطروحة‪ ،‬وجب التنويه إىل اندثار بعض املصنفات اليت‬
‫تعود لزمن الدراسة‪ ،1‬واليت مل يصلنا منجا سوى عناوينجا وجاء ورودها عرضا يف بعض املصنفات األخرى‪ ،‬ومع‬
‫هذا كفاملتتبع للمصادر اليت اعتمدت عليجا يف اجناز هذه الدراسة‪ ،‬جيدها متنوعة ومتباينة يف طريقة عرضجا ملوضوع‬
‫املقدس يف املغرب األوسط حبسب توججاهتا‪ ،‬كفمنجا ما هو خاص بالتاريخ االجتماعي وكتب التاريخ العام‪،‬ومنجا‬

‫‪ -1‬من املصنفات املندثرة‪:‬‬


‫‪-‬جمجول‪ :‬زهر البستان يف دولة بين زيان ( ‪702-700‬هـ‪2202-2219/‬م)‪ ،‬السفر األول والثالث منه مفقودان‪ ،‬ووردت اإلشارة إليجما يف السفر‬
‫الثاين الذي حققه حممد بن أمحد باغلي‪ ،‬يف قوله‪ « :‬أعلم أنه تقدم لنا يف السفر األول» ‪.2/1‬ونص آخر قال كفيه‪« :‬وهنا انتجى السفر الثاين من زهر‬
‫البستان يف دولة بين زيان يتلوه السفر الثالث حبول اهلل وقوته» ‪.121/1‬‬
‫‪ -‬ابن هدية القرشي(ت ‪721‬هـ‪2222/‬م) تاريخ تلمسان ورد ذكره يف البغية ليحي بن خلدون‪.‬‬

‫ذ‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ما تلعق بالسري والرتاجم وكتب املناقب‪ ،1‬والتصوف وكتب الرحالت واجلغراكفيا واملدونات النوازلية وغريها‪،‬‬
‫واقتصرت على ذكر أمهجا مراعية جماالت االستفادة منجا يف ظلتعدد مستويات القراءة هلذه الوثائق‪ ،‬كما ال يفوتين‬
‫أن أنوه إىل استفاديت من جمموعة ال باس هبا من املراجع على اختالف أصناكفجا‪ ،‬ذلك أهنا أمدتين مبعلومات‬
‫وقراءات خمتلفة حول موضوع البحث كما سامهت يف إخراج األطروحة بشكلجا احلايل‪.‬‬
‫‪ /3‬المصادر‪:‬‬
‫من مجلة املصادر اليت عملت عليجا واليت تفاوتت يف درجات اإلكفادة حول موضوع "املقدس يف ذهنية ساكنة‬
‫املغرب األوسط بني املعتقدات والطقوس (ق‪9-7‬هـ ‪/‬ق‪21 -22‬م)"أذكر‪:‬‬
‫أوال‪ :‬كتب المناقب‪:‬‬
‫وردت أصناف كتب املناقب يف مناقب األولياء واملتصوكفة والسالطني‪ ،‬واعتربت من املصادر األساسية بالنسبة هلذه‬
‫الدراسة‪ ،‬ألهنا كشفت عن بعض املمارسات والطقوس املقدسة باملغرب األوسط‪ ،‬كفضال على كشفجا عالقة‬
‫املتصوكفة والفقجاء يف تفاعلجم مع بعض املقدسات السائدة يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬خاصة تلك اليت تعود‬
‫جبذورها إىل ما قبل إسالم سكان املغرب‪.‬‬
‫كتب المناقب السلطانية‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪ ‬أبو العباس أمحد بن أيب زرع الفاسي (ت‪720‬هـ ‪2227 /‬م) يف كتابه‪ :‬األنيس المطرب بروض القرطاس في‬
‫أخبار المغرب وتاريخ مدينة فاس‪ ،2‬اهتم الكتاب بتاريخ املغرب األقصى منذ القرن(‪1‬هـ ‪ /‬ق‪1‬م) حىت وكفاة‬
‫املؤلف‪ ،‬ويظجر الكتاب ميوله حنو بين مرين‪ ،‬كفجو هدية لتاسع سالطني بين مرين أيب سعيد عثمان الثاين‬
‫(ت‪722‬هـ‪2220/‬م)‪ ،‬ورغم هذا أكفادين يف معركفة أوضاع املغرب األوسط وما تعرض له من أزمات أثرت على‬
‫احلياة االجتماعية لساكنته‪ ،‬وبالتايل أثرت على شيوع الذهنية االتكالية والعجز يف مواججة هذه األزمات‪ ،‬واللجوء‬
‫إىل التفسريات امليتاكفيزيقية واخلراكفية‪ ،‬والتعلق بكل ما من شأنه ختليصجم من أوضاعجم خاصة األولياء‪ ،‬وركفع‬
‫مكانتجم وااللتجاء إليجم وتقديسجم‪.‬‬

‫اعة‪ ،‬والنَ ِقيب‬


‫ضَ‬ ‫الو َ‬
‫ِ‬ ‫‪ِ -1‬‬
‫املـناقب هي طباع الشخصية اليت هبا تكشف عن سريهتا ومآثرها اخللقية‪ ،‬لذلك تعرف املَنـ َقبَة بضدها املَثـلَبَة‪ ،‬ويقصد هبا اخل َسة و َ‬
‫هو الذي يشرف على مصاحل شرحية اجتماعية أو حركفة يدوية أو طائفة‪ ،‬بنيت نصوص املناقب على استعراض العقبات اليت مر هبا أبطاهلا‪ ،‬كاالمتحان‬
‫وظلم حكام اجلور ومستَـغرقي الذمة وبطانتجم‪ ،‬قبل أن تنفلق الكرامات حمولة أولئك األبطال إىل أقطاب‪ ،‬اللتقاط الربكة ومصادر نـَبتِ َجا بني مجيع‬
‫السالكني واملصدقني من الفقراء واحملبني‪ .‬عيسى‪ ،‬لطفي‪ :‬كتاب السري مقاربات ملدونات املناقب والرتاجم واألخبار‪ ،‬ط‪ ،2‬تونس‪ :‬دار املعركفة للنشر‪،‬‬
‫‪1007‬م‪ ،‬ص‪.22-11‬‬
‫تح‪ :‬عبد الوهاب‪ ،‬ابن منصور‪ ،‬الرباط‪ :‬دار املنصور للطباعة والوراقة‪2971 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ر‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ‬أيب زكريا حيي بن خلدون (ت‪710‬هـ‪2271 /‬م )‪ :‬اعتمدت على مؤلفه "بغية الرواد في ذكر الملوك من بني‬
‫عبد الواد"‪ ،‬الكتاب يتكون من جزأين‪ ،‬اجلزء األول‪ 1‬حتدث عن تلمسان واملغرب األوسط منذ الفتح إىل سنة‬
‫(‪712‬هـ ‪2212 /‬م)‪ ،‬متضمنا وصف تلمسان وأصل بين عبد الواد وتأسيسجم دولة هلم متخذين من تلمسان‬
‫عاصمة هلا‪ ،‬واجلزء الثاين‪2‬بدأ من استالم السلطان أبو محو موسى الثاين احلكم سنة (‪700‬هـ ‪2219 /‬م ) حىت‬
‫مقتله سنة (‪710‬هـ ‪2271 /‬م)‪ ،‬مفصال األحداث يف تلمسان واملغرب األوسط‪ ،‬وخصصه ملناقب وأعمال‬
‫السلطان أبو محو موسى الثاين (‪792-700‬هـ‪2219-2217/‬م)‪ ،‬لكن املنجج ظل يف املدح واإلطناب‬
‫والتعميم‪،‬ومع هذا أكفاد الكتاب البحث كثريا‪ ،‬ألن مؤلفه اشتغل يف البالطات الثالث بدءا بالبالط احلفصي سنة‬
‫‪717‬هـ‪2210/‬م‪ ،‬مث شغل منصب كاتب السر لدى السلطان أبو محو موسى الثاين (‪792-700‬هـ‪-2217/‬‬
‫‪2219‬م) سنة ‪709‬هـ‪2207/‬م‪ ،‬مث انتقل إىل البالط املريين‪ ،‬ليعود إىل بالط أبو محو سنة ‪770‬هـ‪2272 /‬م‪،‬‬
‫وقد استفاد منه البحث يف رصد احلياة االجتماعية والدينية وأهم املقدسات واملمارسات اليت كان يوليجا السالطني‬
‫عناية خاصة‪ ،‬واليت حضر وشارك يف معظمجا ال سيما االحتفالية منجا‪.‬‬
‫‪ ‬ابن مرزوق أبو عبد اهلل حممد اخلطيب (ت‪712‬هـ‪2279/‬م)‪ ،‬شغل منصب خطيب وكاتب ومستشار وسفري يف‬
‫بالط الدولة املرينية‪ ،‬وله مؤلفني مها "المناقب المرزوقية"‪ 3‬و"المسند الصحيح الحسن"‪ ،4‬ألف ابن مرزوق‬
‫"المسند" بداكفع الشكر والتقدير واالمتنان لبين مرين‪ ،‬حيث خصه للكالم عن السلطان املريين أيب‬
‫احلسن(‪729-722‬هـ‪2221-2222/‬م)‪ ،‬وذكر كفضائله وخصاله والثناء عليه يف مزاياه الروحية‪ ،‬وكذا سريته مع‬
‫رعيته وما قدمه هلم من خدمات كفضال عن اجنازاته‪.‬‬
‫مؤلفات ابن مرزوق من أهم املصادر اليت واكبت املوضوع‪ ،‬كفقد تناول مظاهر احلياة االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وقد‬
‫متيز "المسند الصحيح" بأنه أرخ للجانب املعماري باملغرب األوسط خاصة املدارس واجلوامع والربط والزوايا‬
‫واألضرحة‪ ،‬كفقد خصص الباب التاسع والثالثون من مسنده للكالم عن الربط اليت أنشاها السلطان أبو‬
‫احلسن(‪729-722‬هـ‪2221-2222/‬م)‪ ،‬أما الزوايا كفقد أكفرد هلا الباب الواحد واألربعون وحتدث كفيه عن زيارة‬

‫‪ -1‬تح‪ :‬عبد احلميد‪ ،‬حاجيات‪ ،‬اجلزائر‪ :‬املكتبة الوطنية‪2910 ،‬م‪ ،‬ج‪2‬‬


‫‪ -2‬تح‪ :‬بوزياين‪ ،‬الدراجي‪ ،‬اجلزائر‪ :‬دار األمل للدراسات والنشر والتوزيع‪1007 ،‬م‪ ،‬ج‪ .1‬قال حيي بن خلدون عن مغادرته بالط أبو محو والتحاقه‬
‫بالبالط املريين‪ «:‬ومن كفارقته أيده اهلل خلياالت سوداوية إعتورتين‪ ،‬ونزعات شيطانية جتاذبتين‪ ،‬وسوء خبت وتقاعس عن إدراك الفخر برحلي‪ ،‬وشقاء‬
‫مكتوب أهوى إىل درك اخلسارة يب» ‪.120/1‬‬
‫‪ -3‬املناقب املرزوقية‪ ،‬تح‪ :‬سلوى‪ ،‬الزاهري‪ ،‬ط‪ ،2‬اململكة املغربية‪ :‬منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪-4‬واملسند الصحيح يف مآثر وحماسن موالنا أيب احلسن‪ ،‬تح‪ :‬ماريا‪ ،‬خيسوس بيغريا‪ ،‬اجلزائر‪ :‬منشورات الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪2912 ،‬م‪.‬‬

‫ز‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫األولياء‪ ،‬وما يؤخذ على مؤلفه "المسند الصحيح" أنه مليء باإلطناب واملبالغات إلبراز مزايا أيب احلسن املريين‬
‫(‪729-722‬هـ‪2221-2222/‬م)‪.‬‬
‫أما "المناقب المرزوقية" اليت أهنى كتابتجا سنة (‪702‬هـ‪2202/‬م)‪ ،‬كفقد تضمنت تأثري اجملاعات واألوبئة‬
‫خاصة الطاعون األسود (‪729‬هـ‪2221/‬م)‪ ،‬أو الطاعون اجلارف كما أمساه عبد الرمحان ابن خلدون(ت‪-101‬‬
‫‪ ،)2201‬على البنية االجتماعية والدميغراكفية‪ ،‬وبروز الويل يف صورة املنقذ صاحب الكرامات واخلوارق‪ ،‬والتجاء‬
‫الناس إليه وركفعجم له درجة القداسة‪.‬‬
‫‪ ‬زهر البستان في دولة بني زيان (‪793-701‬هـ‪3100-3111 /‬م)‪ ،‬عاش مؤلفه يف بالط السلطان أبو محو‬
‫موسى الثاين (‪792-700‬هـ‪2219-2217/‬م)‪ ،‬وهو السفر الثاين أرخ كفيه صاحبه ألربع سنوات من تاريخ‬
‫البالط الزياين وهي الفرتة املمتدة من ‪ -700‬إىل ‪702‬هأ املواكفقة ل ‪2202-2219‬م ووجه االستفادة منه قليل‬
‫مقارنة بغريه كونه حتدث عن اجلانب العسكري أكثر‪.‬‬
‫‪ ‬التنسي أبو عبد اهلل حممد بن عبد اهلل (ت‪199‬هـ‪2292/‬م)‪ ،1‬حتدث عن تاريخ الدولة الزيانية باملغرب األوسط‪،‬‬
‫املؤلف عمل يف القصر الزياين داخل‬
‫من خمتلف النواحي يف كفرتة القرن التاسع هجري ‪ /‬اخلامس عشر ميالدي‪ ،‬و َ‬
‫تلمسان‪ ،‬وأظجر ميوال حنو السلطان الزياين حممد املتوكل( ‪172-100‬هـ‪2201-2201/‬م)‪ ،‬جاء الكتاب يف‬
‫مخسة أبواب ومقدمة وخ امتة‪ ،‬وأرخ ملدة تزيد عن سبعني سنة من عمر الدولة الزيانية حاضرة املغرب األوسط‪،‬‬
‫اعتمد كفيه التنسي على السرد التارخيي‪ ،‬ومييل التنسي يف مؤلفه إىل تسجيل املالحظات الشخصية والروايات‬
‫املتداولة حول احلكام‪ ،‬كفجو قريب من "اللمحة البدرية" البن اخلطيب ( ت‪770‬هـ‪2272/‬م) و"بغية الرواد"‬
‫ليحي ابن خلدون( ت‪710‬هـ‪2271/‬م)‪ ،‬واملتصفح "لنظم الدر" يقف على الكم اهلائل من املعلومات الدقيقة‬
‫املتعلقة مبلوك بين زيان من مولد‪ ،‬وكفاة‪ ،‬مدة احلكم‪ ،‬اللباس‪ ،‬ومجيع األعمال اليت قام هبا امللوك الزيانيني وإن‬
‫صغرت‪ ،‬ومنه معركفة كيف تعامل سالطني املغرب األوسط مع كرامات األولياء وأهم الطقوس اليت قاموا هبا يف‬
‫املناسبات واألعياد املقدسة‪ ،‬ويف املقابل يتضح التقصري الكبري يف ذكر باقي كفئات اجملتمع‪ ،‬وهو ما صعب عملية‬
‫التقصي حول ظاهرة املقدس لدى باقي تراتبيات اجملتمع‪.‬‬
‫كتب المناقب الصوفية ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫تعد كتب املناقب الصوكفية حقال خصبا للوقوف على الشخصيات األوليائية يف املغرب األوسط‪ ،‬وتطرقجا‬
‫لألحوال املعاشية ودور األولياء والصلحاء واملتصوكفة وغريهم ممن عركفوا بالزهد والصالح‪ ،‬يف دعم كفكرة "الكرامة"‬

‫‪ -1‬تاريخ بين زيان ملوك تلمسان مقتطف من كتاب نظم الدر والعقيان يف بيان شرف بين زيان ومن ملك من أسالكفجم كفيما مضى من الزمان ‪ ،‬تح‪:‬‬
‫حممود بوعياد‪ ،‬اجلزائر‪ :‬املكتبة الوطنية اجلزائرية ‪.2911 ،‬‬

‫س‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫و"البركة" وتبنيجا يف اجملتمع‪ ،‬وكذا املمارسات املصاحبة لطقوس الزيارة والتربك بالزوايا واألضرحة‪ ،‬ورصد أهم‬
‫املقدسات اليت وجدت يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬ومن هذه املصنفات املناقبية أذكر‪:‬‬
‫‪ ‬ابن قنفذ أبو العباس أمحد بن حسن بن علي اخلطيب القسنطيين (ت‪120‬هـ‪2201/‬م) مؤلفه حتت عنوان‪ :‬أنس‬
‫الفقير و عز الحقير‪ ،1‬وهو عبارة عن رحلة زيارية إىل املغرب األقصى بدأت سنة (‪702‬هـ‪2271/‬م)‪،‬مجع كفيجا‬
‫ابن قنفذ بني كفن الرحلة والرتاجم الصوكفية‪ ،‬كما ترجم كفيجا للعديد من متصوكفة املغرب األوسط‪ ،‬وذكر معايشته‬
‫جملاعة عظيمة عمت املغرب ككل سنة (‪770‬هـ‪2271 /‬م)‪ ،‬وكان وقتجا بالعباد يف تلمسان لزيارة ضريح أيب‬
‫مدين شعيب (ت‪192‬هـ‪2291/‬م)‪ ،‬يف طريقه راجعا من كفاس إىل قسنطينة‪ ،‬حيث كفصل يف ذكر هذه اجملاعة‬
‫ومظاهرها االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتأثريها على تدين املستوى املعيشي باملغرب األوسط‪ ،‬وتغري ذهنية ساكنته‬
‫كفيما تعلق بظاهرة املعتقدات الغيبية واملمارسات الطقوسية‪ ،‬وابن قنفذ أشار من خالل هذا الكتاب إىل ما شاهده‬
‫من سري عن رجال التصوف ودورهم وتكاكفلجم جتاه الفئات الفقرية واملجمشة من اجملتمع‪ ،‬وجيب التنويه إىل أن ابن‬
‫قنفذ نقل عن التشوف البن الزيات (ت ‪017‬هـ‪2120/‬م) ستني مرة‪.‬‬
‫‪ ‬حممد بن صعد األنصاري التلمساين (ت‪902‬هـ‪2290/‬م)‪ ،‬روضة النسرين في التعريف باألشياخ األربعة‬
‫المتأخرين‪ ،2‬ألفه بطلب من السلطان حممد املتوكل ( ‪172-100‬هـ‪2201-2201 /‬م)ترجم كفيه للمتصوكفة‬
‫من أولياء املغرب األوسط‪ ،‬وأمهيته تكمن يف إشارته املتعلقة بدور العلماء والصوكفية يف معاجلة أزمات اجملتمع‪،‬‬
‫وموقفجم من بعض املمارسات والبدع اليت سادت اجملتمع‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬كتب التاريخ العام والحوليات‪:‬‬
‫تكمن أمهية كتب التاريخ العام واحلوليات‪ ،‬كفيما هلا من دور هام يف استجالء تاريخ املغرب األوسط‪ ،‬كما أمدتنا‬
‫بزمنية األحداث والوقائع‪ ،‬وهو ما مسح بتتبع أهم املتغريات السياسية والتارخيية والذهنية اليت شجدها جمتمع‬
‫الدراسة‪ ،‬وتأثريها على مقدساته ويف ذهنياته وسلوكياته‪.‬‬
‫‪ ‬عبد الرمحان ابن خلدون (ت‪101‬هـ ‪2201 /‬م)يف كتابه "المقدمة"‪،3‬إن الرتكيز على ما جاء به ابن خلدون يف‬
‫املقدمة خاصة حول صناع املعاش‪ ،‬أعطانا كفكرة أوضح حول موضوع السحر واالعتقاد يف معركفة الغيب‪ ،‬وجتدر‬
‫اإلشارة أنه من الصعب دراسة أي موضوع تارخيي أو سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي عن الفرتة الوسيطة ببالد‬
‫املغرب اإلسالمي‪ ،‬دون الرجوع ملؤلفات ابن خلدون خاصة "المقدمة"‪ ،‬واليت تعد موسوعة شاملة ملا تضمنته من‬

‫نشر‪ :‬حممد‪ ،‬الفاسي و أدولف‪ ،‬كفور‪ ،‬الرباط‪ :‬منشورات املركز اجلامعي للبحث العلمي‪2901 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪ -2‬تح‪ :‬حيي‪ ،‬بو عزيز‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬منشورات ديوان املطبوعات اجلامعية‪1001 ،‬م؛ وله مؤلف آخر هو النجم الثاقب كفيما ألولياء اهلل من مفاخر‬
‫املناقب‪ ،‬تح‪ :‬حممد‪ ،‬أمحد الديباجي‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار صادر‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬بريوت‪ :‬منشورات دار ومكتبة اهلالل للطباعة والنشر‪ 2990،‬م‪.‬‬

‫ش‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مواضيع‪ ،‬خاصة املتعلقة بأخالق األمم والعوامل املؤثرة كفيجا‪ ،‬واليت تنعكس على ذهنايتجم وحصرها يف تأثري اهلواء‬
‫وأحوال العمران يف اخلصب واجلوع‪ ،‬وهو ما المسناه حقيقة من خالل هذه الدراسة خاصة زمن اجلوائح‬
‫والطواعيني‪ ،‬وتغيري ذهنية جمتمع املغرب األوسط إىل ذهنية استسالميه اهنزامية اتكالية‪ ،‬تلجأ إيل االستعانة مبعركفة‬
‫الغيبيات وقراءة الكف وضرب الرمل وغريها من الطرق‪ ،‬باإلضاكفة إىل االعتقاد يف قدرة األشخاص املقدسني يف‬
‫إزالة النحس ومعركفة الغيب‪.‬‬
‫‪ ‬رحلة ابن خلدون‪ :1‬إن هذا الكتاب يف احلقيقة ال ميثل مصنفا جغراكفيا من منط الرحلة‪ ،‬بل هو ترمجة لسرية حياة‬
‫صاحبه بقلمه بكل ما حيمل هذا اللفظ من معىن‪ ،‬أكمل خطاطته سنة (‪107‬هـ‪2202/‬م) أمساه " التعريفات‬
‫بابن خلدون"‪ ،‬ويف هذا الكتاب تناول صاحبه أوضاع بالد املغرب اإلسالمي يف القرن الثامن للججرة‪ /‬الرابع عشر‬
‫للميالد‪ ،‬وهي األوضاع اليت كان نفسه شاهدا عليجا وطركفا كفاعال كفيجا‪ ،‬وأكفادين هذا الكتاب كونه حوا أخبار عن‬
‫اجلوائح منجا الطاعون اجلارف (‪710-729‬هـ‪2229-2221/‬م) وأمساه "النكبة"‪ ،‬والذي كان سببا يف تغيري‬
‫الكثري من املعتقدات والذهنيات‪ ،‬وأبرز إىل السطح معتقدات ومقدسات ال متت لإلسالم بصلة‪ ،‬وملا نزل بقلعة‬
‫ابن سالمة عكف على تأليف هذا الكتاب‪ ،‬وقد كفرغ من مقدمته إىل أخبار العرب والرببر وزناتة‪ ،‬وتشوف إىل‬
‫مطالعة الكتب والدواوين اليت ال توجد إال باألمصار‪ ،‬بعد أن أملى الكثري من احلفظ وأراد التنقيح والتصحيح على‬
‫حد تعبريه‪.‬‬
‫‪ ‬ولعبد الرمحان ابن خلدون (ت‪101‬هـ‪2201 /‬م) كتاب آخر أمساه‪ :‬كتاب العبر‪ ،2‬يتكون الكتاب من سبعة‬
‫أجزاء‪ ،‬وهو كتاب شامل لتاريخ البشرية ككل‪ ،‬وإن كان يطغى عليه اجلانب السياسي والعسكري‪ ،‬إال أنين‬
‫استفدت منه الحتوائه معلومات عن املغرب األوسط واحلياة االجتماعية به‪ ،‬وتعود أمهيته لكون مؤلفه رصد لنا‬
‫صارات املتكررة من طرف املرينيني‪ ،‬ومدى تأثريها على ذهنيته وتفكريه حول‬ ‫ِ‬
‫أوضاع جمتمع املغرب األوسط يف احل َ‬
‫بعض املعتقدات واملقدسات‪ ،‬خاصة يف اجلزأين السادس والسابع كوهنما خمصصان لتاريخ املغرب اإلسالمي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬كتب الجغرافيا والرحالت‪:‬‬
‫تعد كتب اجلغراكفيا والرحالت من املؤلفات كفائقة األمهية ألهنا تكاد تكون متخصصة يف اجلغراكفيا البشرية ويف‬
‫معاش األمم‪ ،‬ومتثل رصيدا غنيا باملعلومات التارخيية واألوصاف الدقيقة املتناثرة‪ ،‬وهذا بسب املشاهدة واخلربة‬
‫الشخصية اليت يتمتع ويتميز هبا الرحالة واجلغراكفيون‪ ،‬وهو ما جعل من هذه املصنفات خصبة من حيث املنجج‬

‫‪-1‬التعريف بابن خلدون و رحلته غربا و شرقا‪ ،‬ط‪ ،2‬تع‪ :‬حممد‪ ،‬بن تاويت الطنجي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتاب العلمية‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬العرب و ديوان املبتدأ و اخلرب يف أيام العرب و العجم و الرببر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكرب‪ ،‬مر‪ :‬سجيل زكار‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر للطباعة‬
‫و النشر‪1020 ،‬م‪ 7 ،‬أجزاء‪.‬‬

‫ص‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫األنثربولوجي يف دراسة الشعوب والثقاكفات اإلنسانية‪ ،‬وتتبع العادات والتقاليد واملمارسات واملقدسات بشكل‬
‫كبري‪ ،‬ومن هذه الكتب أذكر‪.‬‬
‫البكري(ت‪217‬هـ‪2092/‬م) يف كتابه‪":‬المغرب في بالد افريقية والمغرب"‪ ،1‬وهو جزء من كتاب‬ ‫‪‬‬
‫"المسالك والممالك"‪ ،‬وقد أكفادين يف التعريف ببعض املناطق واملدن ببالد املغرب األوسط‪ ،‬وتأكيد أن جل‬
‫اجلغراكفيني بعده كانوا ناقلني عنه‪ ،‬خاصة بعد القرن ‪1‬ه‪22/‬م‪.‬‬
‫الشريف اإلدريسي (ت‪101‬هـ ‪2200 /‬م) نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق‪ ،‬نشر منه هنري برييس‬ ‫‪‬‬
‫اجلزء اخلاص باملغرب حتت عنوان‪ :‬وصف افريقية الشمالية والصحراوية‪،2‬حتدث عن خمتلف مناطق املغرب‬
‫اإلسالمي واملساكفات بينجا‪ ،‬وذكر بعض عادات سكان املغرب األوسط‪.‬‬
‫العبدري البلنسي أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن علي بن أمحد بن سعود (ت بعد سنة‪700‬هـ‪/‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2200‬م)‪ 3‬يف رحلته املوسومة كذلك ب "ما سما إليه الناظر المطرق في خبر الرحلة إلى المشرق"‪ ،‬سجل‬
‫صاحب هذه الرحلة نقده الالذع ملختلف أوضاع املغرب األوسط‪ ،‬ويعزى ذلك إىل داكفع سياسي إذ كان مشحونا‬
‫بتعاطفه مع املرينيني على حساب الزيانيني‪ ،‬مما يفسر عقدته اجتاه جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬وميكن اعتبار كل ما ورد‬
‫يف رحلته هو اعرتاف ضمين على ما كفعله املرينيون من أعمال ختريبية اجتاه الدولة الزيانية‪ ،‬واليت أضرت حبياة الناس‬
‫عامة بسبب العجز االقتصادي لدى الدولة واألكفراد‪ ،‬وهو دليل قاطع على ما مرت به الدولة الزيانية يف املغرب‬
‫األوسط من ركود‪ ،‬أثر على الذهنيات والعقليات بشكل ملحوظ‪ ،‬وجعل الناس يلتجئون لتقديس بعض الطقوس‬
‫واألشخاص طلبا للرزق وتفرجيا للكروب‪.‬‬
‫"مسالك األبصار في ممالك األمصار" لشجاب الدين أيب العباس أمحد بن حيي بن كفضل اهلل العدوي‬ ‫‪‬‬
‫املعروف بالعمري (ت‪729‬هـ‪2229/‬م)‪ ،4‬اهتم بأهم حواضر املغرب األوسط خاصة تلمسان خالل كفرتة تبعيتجا‬
‫لبين مرين سالطني املغرب األقصى‪ ،‬ونقل لنا صورة اجملتمع يف ظل هذه التبعية‪.‬‬
‫رحلة عبد اهلل ابن الصباح املدجن "أنساب األخبار وتذكرة األخيار"‪ 5‬زار وهران وجباية وقسنطينة‬ ‫‪‬‬
‫وعنابة‪ ،‬دخل تلمسان أثناء حكم السلطان أيب زيان الثابيت (‪102-790‬هـ‪2291-2292/‬م)‪ ،‬ووصف‬
‫تلمسان وأهلجا وعاداهتم وصفاهتم وأخالقجم‪ ،‬وبالتايل معتقداهتم وطقوسجم وممارساهتم املقدسة‪.‬‬

‫‪ -1‬أبو عبيد اهلل بن عبد العزيز البكري (ت‪217‬هـ‪2092/‬م)‪ ،‬تح‪ :‬البارون دوسالن‪ ،‬بغداد‪ :‬مكتبة املثىن‪2901 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 2‬طبعة اجلزائر‪2917 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬الرحلة املغربية‪ ،‬تح‪ :‬علي‪ ،‬إبراهيم الكردي‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪ :‬دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 4‬تح‪ :‬محزة‪ ،‬أمحد عباس وآخرون‪ ،‬أبو ظيب‪ -‬اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬منشورات اجملمع الثقايف‪ ،‬السفر الرابع‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬تح‪ :‬حممد‪ ،‬بنشريفة‪ ،‬ط‪ ،2‬الرباط‪ -‬املغرب‪ :‬دار أيب الرقراق‪1001 ،‬م‪.‬‬

‫ض‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أبو احلسن علي بن حممد القرشي القلصادي(ت‪192‬هـ‪2210/‬م)‪ ،1‬أقام القلصادي بتلمسان مثانية‬ ‫‪‬‬
‫سنوات يف طريقه إىل احلجاز‪ ،‬وسبع أشجر يف طريق عودته إىل األندلس‪ ،‬ووصف املراكز اليت مر هبا‪ ،‬متيز أسلوبه‬
‫باإلجياز كفال يتوسع يف ذكر األحداث‪ ،‬ويف خصائص البالد اليت يزورها‪ ،‬أما التسمية األصلية للرحلة كفجي‪" :‬تمهيد‬
‫الطالب ومنتهى الراغب إلى أعلى المنازل والمناقب"‪ ،‬والرحلة هي رحلة حجازية أدبية ضمنجا احلديث عن‬
‫املراكز اليت مر هبا وأقام كفيجا‪ ،‬عرب مركفأ املنكب كفوهران كفتلمسان سنة (‪121‬هـ‪2222 /‬م)‪ ،‬ونفس الشيء يف‬
‫طريق العودة إذ كان بتلمسان يف (‪ 29‬مجادى الثانية ‪112‬هـ)‪ ،‬ومنه كفاملعلومات اليت حوهتا رحلته هلا قيمة كبرية‬
‫يف رصد احلياة االجتماعية والدينية مبختلف مدن املغرب األوسط‪ ،‬باإلضاكفة إىل رصده أهم كفقجاء ومتصوكفة‬
‫وأولياء املغرب األوسط‪ ،‬وذكر حياهتم وعلمجم وكفقججم وحىت جنائزهم وأماكن دكفنجم‪ ،‬واليت كان حاضرا يف الكثري‬
‫منجا‪.‬‬
‫الوزان احلسن بن حممد الفاسي (ت‪919‬هـ‪2112/‬م)‪ 2‬وكتابه الذي يتكون من جزأين ألفه باللغة‬ ‫‪‬‬
‫اإليطالية هدية للبابوية سنة (‪922‬هـ ‪2110 /‬م)‪ ،‬والذي ترجم إىل الفرنسية ونقله إىل العربية األستاذ حممد‬
‫حجي‪ ،‬وتشمل هذه الرحلة على ثالثة كتب رئيسية موزعة على تسعة أقسام‪ ،‬هبا وصف شامل ملعامل مشال إكفريقيا‬
‫من املغرب إىل مصر‪ ،‬ومن سواحل املتوسط وصوال إىل أعماق السودان‪ ،‬ومن بني ما وصفه مملكة تلمسان‬
‫عاصمة املغرب األوسط‪ ،‬ومدهنا كندرومة وأرشقول ووهران وغريها‪ ،‬وحيتوي على معلومات ليست كثرية من‬
‫الناحية الكمية لكن هلا قيمة معركفية مجمة جدا‪ ،‬وتعود أمهية الكتاب إىل كونه جغراكفيا وتارخييا ومؤلفه زار مدينة‬
‫تلمسان سنة (‪912‬هـ‪2121/‬م) وعاش كفرتة يف قصور سالطينجا‪ ،‬وجتول يف أحيائجا وأسواقجا ورصد أخالق‬
‫جمتمع املغرب األوسط وممارساهتم وعاداهتم ومعتقداهتم ومقدساهتم‪ ،‬كفكتابه ذو طابع أنثربولوجي‪ ،‬برز يف اهتمامه‬
‫بوصف احلياة اليومية وطبائع الشخصيات وأمناط السلوك والقيم للمجتمعات اليت مر هبا‪.‬‬
‫رابع‪ :‬كتب الحسبة ‪:‬‬
‫يعد كتاب حممد العقباين التلمساين(ت‪172‬هـ‪2200/‬م)‪ ،3‬أهم مصنف يف خطة احلسبة يف املغرب‬ ‫‪‬‬
‫األوسط‪ ،‬اقتصر يف أغلب املواضيع اليت طرقجا على الناحية النظرية‪ ،‬كفلم يذكر إال أمثلة قليلة من الواقع رصد كفيجا‬
‫أوضاع خطة احلسبة وتعامل احملتسب‪ ،‬خاصة وأنه كفقيه أورد العديد من الفتاوى واألحكام املتعلقة باملمارسات‬
‫والطقوس املبتدعة‪ ،‬واألمر باملعروف والنجي عن املنكر‪.‬‬

‫‪-1‬رحلة القلصادي‪ ،‬تح‪ :‬حممد‪ ،‬أبو األجفان‪ ،‬تونس‪ :‬الشركة التونسية للتوزيع‪2971 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 2‬وصف إكفريقيا‪ ،‬تر‪ :‬حممد‪ ،‬حجي وحممد األخضر‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪2912 ،‬م‪ ،‬جزءان‪.‬‬
‫‪ -3‬أبو عبد اهلل‪ ،‬حممد بن أمحد بن قاسم بن سعيد العقباين (ت ‪ 172‬هـ‪ 2207/‬م)‪ :‬كتاب حتفة الناظر وغنية الذاكر يف حفظ الشعائر وتغيري املناكر‪،‬‬
‫تح‪ :‬علي‪ ،‬الشنويف‪ ،‬دمشق‪ -‬سوريا‪ :‬معجد الدراسات الشرقية‪2907،‬م‪ ،‬مج‪.7‬‬

‫ط‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫خامسا‪ :‬كتب التراجم والفهارس‪:‬‬
‫هتتم كتب الرتاجم والفجارس والطبقات حبياة العلماء والفقجاء واملتصوكفة واألولياء والصاحلني‪ ،‬وترصد احلياة‬
‫االجتماعية للمجتمعات من حيث عاداهتا وتقاليدها وذهنياهتا وسلوكياهتا ومستواها املعيشي‪ ،‬وموقفجا من بعض‬
‫املعتقدات والطقوس اليت مت تقديسجا يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬وخاصة تلك اليت ال متت لإلسالم بصلة‪ ،‬وهذا‬
‫راجع للعدد اهلائل من الشخصيات الواردة يف منت هذه املصنفات‪ ،‬وهوما نتج عنه صعوبة يف استخراج املادة‬
‫التارخيية اليت ختدم موضوع البحث‪ ،‬ما استدعى التدقيق الكامل يف كل الشخصيات الواردة‪ ،‬وما يعاب على كتب‬
‫الرتاجم والفجارس ذكرها بإطناب لبعض املرتجم هلم دون سواهم‪ ،‬وإغفال اإلشارة إىل احلياة االجتماعية ألصحاب‬
‫الرتاجم‪.‬‬
‫ابن الزيات أبو يعقوب يوسف بن حيي بن عيسى بن عبد الرمحان التاديل (ت‪021‬هـ‪2110 /‬م)‪،1‬رصد‬ ‫‪‬‬
‫واقع حياة احلركة الصوكفية يف املغرب اإلسالمي يف القرنني (‪7-1‬هـ‪22-22 /‬م)‪ ،‬وترجم ملائتني وستة وسبعون‬
‫صوكفيا‪ ،‬أشار ضمنجا إىل ممارسة املتصوكفة زمن اجلوائح والطواعني ‪.‬‬
‫القاضي أيب العباس أمحد بن أمحد الغربيين (ت‪702‬هـ‪2202 /‬م)‪ ،2‬وهو أضخم كتاب متخصص يف‬ ‫‪‬‬
‫ترمجة علماء املغرب األوسط خالل (ق‪7‬هـ‪22 /‬م)‪ ،‬عركفنا ببعض املتصوكفة التلمسانيني الذين عاشوا يف ق ‪7‬هـ‬
‫‪22/‬م وبعض مواقفجم من السلوكات االجتماعية السائدة يف ذلك العصر‪.‬‬
‫ابن مرمي أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن أمحد التلمساين (ت‪2022‬هـ‪2001/‬م)‪ ،‬صاحب "البستان"‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ترجم كفيه لعدد من صلحاء تلمسان وعلمائجا وأوليائجا‪ ،‬وبلغ عدد املرتجم هلم يف مصنفه ‪ 211‬شخص‪ ،‬عاشوا‬
‫يف بالط الدولة الزيانية باملغرب األوسط‪ ،‬وكان هلم إسجامات كبرية يف خمتلف النواحي خاصة يف اجملال‬
‫االجتماعي‪ ،‬إال أن ابن مرمي مل يذكر لنا بعض األدوار اليت قام هبا بعض العلماء واألولياء اجتاه الفقراء واملجمشني‬
‫واملستضعفني ‪ ،‬كما مل يرتجم ألي امرأة يف تغييب كلي لدور النساء ومكانتجن حىت من وصلت منجن إىل لدرجة‬
‫الوالية والصالح‪ ،‬وما يؤخذ على "البستان" كذلك أن الكرامات واملناقب الواردة كفيه هبا الكثري من املبالغة وذكر‬
‫اخلوارق والعجيب‪.‬‬

‫التشوف إىل رجال التصوف وأخبار أيب العباس السبيت‪ ،‬تح‪ :‬أمحد التوكفيق‪ ،‬ط‪ ،2‬الرباط‪ -‬املغرب‪ :‬منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ‪،‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪1020‬م ‪.‬‬
‫‪ -2‬عنوان الدراية كفيمن عرف من العلماء يف املائة السابعة ببجاية‪ ،‬تح‪ :‬حممد بن أيب شنب‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬دار البصائر‪1007 ،‬م‪.‬‬

‫ظ‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ثبت البلوي الوادآشي‪( 1‬ت‪921‬هـ‪2121/‬م)‪ ،‬عاش بتلمسان سنتني من (‪190-192‬هـ‪-2211/‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2290‬م) زمن السلطان الزياين حممد الثابيت املتوكل (‪920-172‬هـ‪2101/2201/‬م)‪ ،‬ذكر سند السبحة‬
‫واللقمة واملصاكفحة والرؤى واألحالم‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬كتب النوازل‪:‬‬
‫مل هتتم كتب النوازل بتحديد زمن النازلة وال املكان الذي جاءت منه‪ ،‬وهو عيبجا لكن ال غىن عنجا يف هكذا‬
‫مواضيع‪،‬كفالنوازل الفقجية تشكل مادة مصدرية هامة للمؤرخ‪ ،‬ألن الفقجاء اهتموا بالفتاوى حلل املشكالت اليت قد‬
‫تعرقل حسن التصرف يف سري احلياة العامة‪ ،‬وعلى الرغم من ارتباط هذه الوثائق – النوازل‪-‬بالكثري من النواحي‬
‫الفكرية واالقتصادية واالجتماعية كفإهنا مل حتظ بدراسة شاملة‪،2‬وجتدر املالحظة إىل أن قيمة النوازل كمصدر‬
‫للتاريخ االجتماعي‪ ،‬راجعة لكوهنا ت تضمن مسائل حتدثت عن حياة الناس وواقعجم املعاش على بساطتجا‪ ،‬وهو ما‬
‫نقل لنا صورة حقيقية غري مبالغ كفيجا عن واقع جمتمع املغرب األوسط سواء يف املدن أو البوادي‪.‬‬
‫وبناء عليه أقول أن البحث عن موقف اجملتمع من الطقوس واملعتقدات اليت اكتسبت صفة القداسة يف جمتمع‬
‫املغرب األوسط‪ ،‬وسيطرت على تفكريه وأثرت يف ذهنيته‪ ،‬يتطلب االعتماد على املصادر اليت تناولت احلياة اليومية‬
‫يف املنطقة‪ ،‬وهي عملية صعبة جدا ومن هنا يفرض العمل العودة إىل نوع مغمور من املصادر‪ ،‬وهي مصادر‬
‫التشريع واملؤلفات القانونية اليت تعرف يف العامل اإلسالمي بكتب النوازل أو الفتاوى‪ ،‬وهي أساسا عبارة عن آراء‬
‫كفقجاء الفرتة موضوع البحث‪ ،‬واليت سنعاجلجا يف القضايا املطروحة عليجم من أجل إبداء احلكم الشرعي كفيجا‪،‬‬
‫مبعىن أن مادة التاريخ االجتماعي يف املغرب اإلسالمي وباألخص املغرب األوسط‪ ،‬احتضنتجا وتضمنتجا مؤلفات‬
‫الفقجاء سواء كانت"كتب أحكام "أو" كتب نوازل " واليت تعاجل يف جمموعجا العام أحكام الشريعة اإلسالمية‬
‫وأراء الفقجاء والنخبة العلمية يف حل القضايا الدينية واالجتماعية اليومية على تنوعجا واختالكفجا‪.‬‬
‫نوازل الونشريسي أمحد بن حيي (ت ‪922‬هـ‪2101/‬م)‪ ،3‬تكمن أمهية هذه املدونة الفقجية إلهتمامات‬ ‫‪‬‬
‫بالناحية الدينية واالجتماعية للمغرب اإلسالمي ككل خالل الفرتة الوسيطة‪ ،‬وقام الونشريسي جبمع كفتاوى الفقجاء‬
‫الذين سبقوه وحىت املعاصرين له‪ ،‬خاصة كفتاوى املرازقة والعقباين(ت‪172‬هـ‪2200/‬م)‪ ،‬احتوت هذه املدونة عددا‬
‫هائال من الفتاوى واليت شكلت مادة خصبة وثرية أكفادتين كثريا يف معركفة موقف الفقجاء املالكية من املعتقدات اليت‬

‫‪ - 1‬أبو جعفر‪ ،‬البلوي‪ :‬ثبت البلوي‪ :‬تح‪ :‬عبد اهلل العمراين‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪2912 ،‬م‪.‬‬
‫أشار صاحل بن قربة إىل أن النوازل الفقجية مل توظف كما جيب‪ ،‬ودعا إىل إعادة النظر كفيجا واستنطاقجا مبا خيدم البحث التارخيي‪ .‬تاريخ اجلزائر‪،‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ص‪.111‬‬
‫‪ -3‬املعيار املعرب واجلامع املغرب عن كفتاوى علماء إكفريقية واألندلس واملغرب‪ ،‬تح‪ :‬حممد حجي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪2912 ،‬م‪.‬‬

‫ع‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تبنتجا بعض الفئات الدنيا من جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬وججلجا ألمور الدين والشرع‪،‬وهو ما مكنين من تتبع‬
‫السلوكات واملمارسات الواقعة يف نصوص النوازل‪.‬‬
‫وتزداد أمهية "المعيار" كفيما يوكفره للمؤرخني والباحثني من رصيد هام من املعلومات يف هذا احلقل من الدراسات‬
‫اخلاصة مبجتمع املغرب اإلسالمي‪ ،‬واليت من شأهنا أن تفتح آكفاقا جديدة للبحث وجتاوز مواضيع التاريخ احلَ َدثِي‪،‬‬
‫واالهتمام بأحوال اجملتمع مبختلف تشكيالته وطبقاته‪ ،‬وليس الرتكيز على تسلسل الدول وتعاقب احلكام وهو ما‬
‫كفرضته األستوغراكفيا التقليدية‪.‬‬
‫أبو زكريا حيي بن موسى بن عيسى املغيلي املازوين (ت‪112‬هـ ‪2271/‬م)‪ ،1‬مجع املازوين يف موسوعته‬ ‫‪‬‬
‫كفتاويه باعتباره أحد القضاة‪ ،‬إضاكفة إىل كفتاوى كثرية من كفقجاء املغرب اإلسالمي‪ ،‬وتضمنت هذه املدونة العديد من‬
‫الفتاوى اخلاصة باملغرب األوسط‪ ،‬واليت أكفادتين كثريا يف احلديث عن أوضاع الفئات الضعيفة بتلمسان‪ ،‬كما زودتين‬
‫مبادة واكفية عن بعض التدابري امليدانية اليت قام هبا الفقجاء جتاه الفئات املخصوصة زمن احملن والشدائد‪ ،‬وهو ما‬
‫جعلجم مبنأى عن االعتقاد يف حتكم العوامل امليتاكفيزيقية يف سريورة األحداث اليومية‪.‬‬
‫‪ / 0‬المراجع‪:‬‬
‫تبني يل بعد كفحص املراجع املتنوعة أن املوضوع مل حيظ باالهتمام الالزم‪ ،‬ذلك أن معظم الباحثني الذين تناولوا‬
‫موضوع "المقدس" هم أنثروبولوجيون‪ ،‬بينما املؤرخون مل يولوا كثري عناية هبذا املوضوع قدر اهتمامجم بالتاريخ‬
‫السياسي والعسكري‪ ،‬ويعود ذلك بدرجة كبرية لطابع التعتيم الذي ساد املدونة الوسيطة‪ ،‬ومنه كفإن بعض‬
‫الدراسات التارخيية احلديثة أشارت إىل الظاهر من هذا النص دون مراعاة خلفاياه‪ ،‬وبالتايل طبعت املوضوع بالطابع‬
‫الشمويل يف تناوله املوضوع "المقدس في ذهنية ساكنة المغرب األوسط بين المعتقدات والطقوس (ق ‪9-7‬هـ‬
‫‪/‬ق‪31 -31‬م )" ومنه كفالدراسات تكاد تكون منعدمة‪ ،‬إال ما جاء عرضا يف بعض الكتب ويف جزئيات قليلة‬
‫منجا‪ ،‬عند احلديث عن العادات والتقاليد‪ ،‬كفاملوضوع مل حيظ يف تقديري بالتفاتة علمية تذكر من قبل الباحثني‬
‫واملجتمني بالتاريخ الديين واالجتماعي للمغرب األوسط يف باب املعتقدات والطقوس‪ ،‬من خالل دراسته دراسة‬
‫مستقلة تستويف مجيع الشروط‪ ،‬باستثناء بعض اإلشارات أثناء احلديث عن تاريخ جمتمع املغرب األوسط بصفة‬

‫‪-1‬الدرر املكنونة يف نوازل مازونة‪ ،‬وقعت بني يدي النسخة املخطوطة لكن مل أمتكن من التعامل معجا مباشر لصعوبة قراءة اخلط‪ ،‬ويف املقابل وجدت‬
‫عدة نسخ مت حتقيقجا ألجزاء من املخطوط‪ ،‬إذ انفرد كل باحث جبزء معني من اخلطوط كفحقق الباحث إمساعيل بركات‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،1020 ،‬اجلزء‬
‫املتعلق بالطجارة‪ ،‬وحقق الباحث حممد رضا الكريف‪ :‬دكتورا علوم يف العلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة وهران‪1020 ،‬م اجلزء املتعلق مبسائل النكاح والنفقات‪،‬‬
‫بينما حقق الباحث كفريد قموح ‪،‬يف رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة قسنطينة‪1022 ،‬م اجلزء املتعلق باجلجاد واللعان والنذور وغريها‪ ،‬أما النسخة اليت اشتغلت‬
‫عليجا كفجي من حتقيق الباحث ماحي قندوز حول مسائل الضحايا والعقيقة‪ ،‬دكتورا علوم إسالمية‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪1022 ،‬م‪.‬‬

‫غ‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عامة‪ ،1‬وقد يفسر هذا اإلقصاء من دائرة اهتمامات الباحثني واملؤرخني بشح املادة التارخيية يف املقام األول لذا‬
‫أمهلت املوضوع‪ ،‬ومع هذا كفإن بعض الدراسات اجلادة اليت عدت إليجا مجمة على مستوى التنظري للموضوع وكذا‬
‫على مستوى املنجج‪ ،‬وتكمن أمهية املراجع املعتمدة يف هذه الدراسة يف معركفة املقدس يف البنية الذهنية جملتمع‬
‫املغرب األوسط‪ ،‬ولعل أمهجا على سبيل الذكر ال احلصر‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الدراسات المغربية‪:‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن مؤرخي اململكة املغربية كان هلم ال سبق يف طرق هذا املوضوع وما شاهبه من املواضيع املتعلقة‬
‫بتاريخ الذهنيات واألكفكار‪ ،‬ومن بني أهم الدراسات أذكر‪:‬‬
‫‪ -‬دراسة رحال بوبريك‪ 2‬للمقدس بصفة عامة‪ ،‬وحقل القداسة عند النساء أو التصوف لدى اإلناث واملواسم اليت‬
‫تقام هلن يف كتابه "بركة النساء"‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة نور الدين الزاهي‪ 3‬يف كتابيه‪" :‬المقدس اإلسالمي" و"المقدس والمجتمع"‪ ،‬ميكن القول بعد االطالع‬
‫على املؤلفني أنه نادرا ما جند رأي أو تعليق املؤلف اخلاص‪ ،‬كفجو ناقل طرح وججة نظر كل من روجي كايوا وإلياد‬
‫مارسي و إميل دوركجامي حول املقدس واجملتمع‪ ،‬واملقدس اإلسالمي وقارن بينجم‪ ،‬وجند يف كتابيه عنوانني خمتلفني‬
‫لكن حيمالن نفس الطرح ون فس النصوص مكررة وكفيجا تشابه تام‪ ،‬ومع هذا يعد نور الدين الزاهي خبوضه غمار‬
‫البحث يف املقدس قد أسجم بشكل كبري يف إزالة اللبس حول املوضوع ‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة عبد الرحيم العطري‪4‬بعنوان‪" :‬بركة األولياء" درس كفيه املقدس األوليائي‪ ،‬واالعتقاد بربكة األولياء وما تعلق‬
‫هبا من كرامات يف إطار املمارسات الشعبية‪ ،‬وما اقرتن هبا من ضرائحية وشعوذة‪ ،‬منقبا عن الرموز والطقوس‬

‫‪ - 1‬من بني أهم هذه الدراسات اليت اطلعت عليجا أذكر‪:‬‬


‫‪ -‬عمر‪ ،‬بلبشري‪ :‬جوانب من احلياة االجتماعية واالقتصادية والفكرية يف املغربني األوسط واألقصى من القرن ‪ 0‬على ‪9‬هـ‪21-21/‬م – من خالل‬
‫كتاب املعيار للونشريسي‪ ،-‬أطروحة دكتوراه يف التاريخ الوسيط‪ ،‬جامعة وهران ( اجلزائر)‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬عبد املالك‪ ،‬بكاي‪ :‬احلياة الريفية باملغرب األوسط من القرن ‪20-7‬هـ‪20-22/‬م‪ ،‬أطروحة دكتوراه يف التاريخ الوسيط‪ ،‬جامعة باتنة (اجلزائر)‪،‬‬
‫‪1022‬م‪.‬‬
‫‪ -‬هناء‪ ،‬شقطي‪ :‬اخلطاب الفقجي والريف يف املغرب األوسط من خالل الدرر املكنونة يف نوازل مازونة‪ ،‬رسالة ماجستري يف التاريخ الوسيط‪ ،‬جامعة‬
‫قسنطينة ‪ ( 01‬اجلزائر)‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 2‬بركة النساء‪ -‬الدين بصيغة املؤنث‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار إكفريقيا الشرق‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 3‬املقدس اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء ‪ -‬املغرب‪ :‬دار توبقال للنشر ‪1001 ،‬م؛ واملقدس واجملتمع‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار إكفريقيا الشرق‪،‬‬
‫‪1002‬م‪.‬‬
‫‪ - 4‬بركة األولياء ‪ -‬حبث يف املقدس الضرائحي‪، -‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬شركة املدارس للنشر والتوزيع‪1022 ،‬م‬

‫ف‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫األنثروبولوجية‪ ،‬ورغم ختصيصه "لمدينة سال المغربية" كمجال للدراسة‪ ،‬إال أنه أكفادين بشكل كبري يف اجلانب‬
‫التنظريي ويف ضبط املفاهيم‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة عبد اهلل زارو‪ 1‬يف كتابه "الشيخ والمريد"‪ ،‬حتدث عن العالقة اجلدلية بني الشيخ واملريد ومدى قوهتا‬
‫وسطوهتا على اجملتمع ‪ ،‬وكيف أن مكانة الويل تكاد تكون مكانة مقدسة ال ميكن املساس هبا‪ ،‬وليس من السجل‬
‫الوصول إليجا‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة عبد اهلل احلمودي‪ ،2‬لطقسي "بلومان" و"بوجلود" ومها طقسان مغربيان يقام هبما بعد يومني من عيد‬
‫األضحى درسجما ومجعجما يف كتابه "الضحية وأقنعتها – بحث في الذبيحة والمسخرة بالمغارب"‪.‬‬
‫‪ -‬الدراسة اليت أجنزها الباحث حممد حقي يف موضوع "الموقف من الموت في المغرب واألندلس في العصر‬
‫الوسيط"‪ ،‬وهو حبث ضمن تاريخ الذهنيات ويعد عمال أكادمييا مجم جدا‪ ،‬ألن ما كتب عن موضوع املوت حلد‬
‫اآلن مل يتجاوز بعض املقاالت أو اإلشارات يف بعض األحباث‪ ،‬وإن اهتمت بدراسة املقابر أكثر من اهتمامجا‬
‫مبوضوع املوت كمؤلفات وليام مارسي‪.3‬‬
‫‪ -‬كما كان لكتاب عبد اهلادي البياض املوسوم ب "الكوارث الطبيعية وأثرها في سلوك وذهنيات اإلنسان في‬
‫المغرب واألندلس (ق ‪ 1-0‬هـ‪ 30-30/‬م)"‪ ،4‬إسجام كبري يف معركفة ذهنيات وسلوك اإلنسان املغريب أوقات‬
‫الشدة واحملن‪ ،‬وبني إرجاع إنسان املغرب ألسباب الكوارث والقحوط لعوامل غيبية وميتاكفيزيقة‪ ،‬وجلوئه للتقرب‬
‫لألولياء والسحرة واملشعوذين عن طريق تقدمي اهلدايا والقرابني‪ ،‬بغية محاية أنفسجم وأهليجم من هذه الكوارث‪.‬‬
‫‪ -‬إبراهيم القادري بوتشيش‪ 5‬كان له دور كبري يف رسم معامل تاريخ الفئات املجمشة واملستضعفة‪ ،‬والذي أكفادين كثريا‬
‫من حيث حتديد اخللل الذي سقطت كفيه الكتابة التارخيية اإلسالمية الوسيطة‪ ،‬ورصد موقفجا من تاريخ املجمشني‬
‫يف كتابه "المهمشون في تاريخ الغرب اإلسالمي"‪ ،6‬والذي يعد حجر األساس إلعادة االعتبار هلذه الفئة‬

‫‪ - 1‬الشيخ واملريد‪ -‬البنية املارقة‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار إكفريقيا الشرق‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 2‬تر‪ :‬عبد الكرمي الشرقاوي‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء ‪ -‬املغرب‪ :‬دار توبقال للنشر‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 3‬مارسي وليام‪ :‬مقتنيات متحف تلمسان‪ ،‬تع وتق‪ :‬أرزقي شرقي‪ ،‬اجلزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الطليعة للنشر والتوزيع‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 5‬جتدر اإلشارة إىل الدراسة اليت قام هبا الدكتور إبراهيم القادري بوتشيش والذي دعا من خالهلا إىل إعادة كتابة التاريخ اإلسالمي بنظرة علمية‬
‫مشولية‪ ،‬وخلخلة الكتابات التقليدية وتطجري ما علق هبا من هنات وشوائب اختلقتجا التخرجيات االستعمارية املتحاملة‪ ،‬وللمزيد حول رأي القادري‬
‫بوتشيش ينظر "النوازل الفقجية وكتب املناقب والعقود العدلية مصادر هامة لدراسة تاريخ الفئات العامة باملغرب اإلسالمي ( ق‪0-1‬هـ‪22-21/‬م) "‪،‬‬
‫جملة التاريخ العريب ‪ (،‬الرباط)‪ ،‬جملد ‪،7‬ع‪1001/11‬م‪ ،‬ص ص ‪.171-127‬‬
‫‪ -6‬ط‪ ،02‬القاهرة‪ :‬دار للنشر والتوزيع‪1002،‬م‪.‬‬

‫ق‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تارخييا‪ ،‬واثبات مسامهتجا الفعالة يف صنع التاريخ‪ ،‬عن طريق تتبع سريورة احلياة اليومية هلذه الفئات واستخالص‬
‫احلقائق واملعطيات التارخيية من خالل إعادة كتابة التاريخ ومتحيصه‪.‬‬
‫‪ -‬أهم دراسة اعتمدت عليجا هي الدراسة اليت قام هبا عبد الغين منديب‪ ،1‬إذ تطرق كفيجا إىل املقدسات والطقوس‬
‫واملعتقدات واملمارسات السحرية اليت سادت بالد املغرب‪ ،‬واملمارسات املومسية بني الصريح واملضمر‪ ،‬وكذلك‬
‫الطقوس اجلنائزية كطقوس عبور‪ ،‬معرجا على السوسيولوجيا االستعمارية واستمرار أطروحة البقايا الوثنية اليت‬
‫حاولت طمس التاريخ الوطين هبدف خدمة أغراضجا االستدمارية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الدراسات الجزائرية‪:‬‬
‫أما الدراسات اليت قام هبا املؤرخون والباحثون اجلزائريون يف هذا اجملال كفجي قليلة جند على رأسجا‪:‬‬
‫‪ -‬دراسة نور الدين طواليب‪ ،2‬الذي حبث يف إشكالية املقدس يف اجملتمع احلضري‪ ،‬وإن كانت كفرتة الدراسة متس الفرتة‬
‫احلديثة بعد استقالل اجلزائر‪ ،‬إىل أنه مجم جدا من اجلانب التنظريي للموضوع‪ ،‬خاصة كفيما تعلق بطقوس العبور‬
‫من والدة وحج وزواج وموت وغريها‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة عبد العزيز كفياليل يف أطروحته " تلمسان في العهد الزياني ‪ -‬دراسة سياسية ‪،‬عمرانية ‪،‬اجتماعية‪،‬‬
‫ثقافية"‪ 3‬يف الفصل الثالث من الباب الثاين من اجلزء األول‪ ،‬يف حديثه عن احلياة العامة لتلمسان عاصمة املغرب‬
‫األوسط وما مشلته من عادات وتقاليد‪ ،‬كفقد تطرق للحديث عن بعض الطقوس كعادة دكفن اجلنازة‪ ،‬وزيارة الزوايا‬
‫واملقابر واألضرحة‪ ،‬وقد أكفادين بشكل كبري يف البحث‪ ،‬إذ حتدث عن العادات االجتماعية والبدع واخلراكفات‬
‫واالحنراكفات السلوكية‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة الباحث الصديق ثياقة‪ ،‬كفبالرغم من كوهنا دراسة يف علم االجتماع إال أن هلا عالقة وطيدة مبوضوع البحث‬
‫يف املقدس تارخييا وأكفادتين الدراسة كثريا يف اجملال التنظريي لألطروحة‪.4‬‬
‫‪ -‬الباحثة مسية مزدور يف دراستجا األكادميية حول‪" :‬المجاعات واألوبئة بالمغرب األوسط"‪ ،1‬تناولت كفيجا أوضاع‬
‫املغرب األوسط زمن األزمة‪ ،‬وكشفت عن العديد من املمارسات والطقوس املقدسة والقضايا اليت أنتجتجا اجملاعات‬
‫واألوبئة‬

‫‪ - 1‬الدين واجملتمع‪ :‬دراسة سوسيولوجية للتدين باملغرب‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء ‪ -‬املغرب‪ :‬إكفريقيا الشرق للنشر ‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 2‬الدين والطقوس والتغريات‪ ،‬تر‪ :‬حسن البعيين‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪2919 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬اجلزائر‪ :‬مؤسسة الوطنية للفنون املطبعية‪1001 ،‬م‪،‬جزءان‪.‬‬
‫‪ -4‬املقدس والقبيلة – املمارسة االحتفالية لدى اجملتمعات القصرية باجلنوب الغريب اجلزائري‪ -‬زيارة الرقاين منوذجا‪ -‬رسالة خترج لنيل شجادة دكتوراه علوم‬
‫يف علم االجتماع‪ ،‬جامعة وهران ( اجلزائر)‪1022،‬م‪.‬‬

‫ك‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن هناك العديد من األحباث التارخيية حول املغرب األوسط تناولت أوضاعه االجتماعية‬
‫والدينية يف ثناياها‪ ،‬لكن دون إشارة تذكر للمعتقدات والطقوس السائدة به‪ ،‬مبا كفيجا من السلوكات االجتماعية‬
‫واليت نطمح للبحث كفيجا‪ ،‬ومن هذه الدراسات نذكر ما قام به الباحث خالد بلعريب يف مؤلفه "الدولة الزيانية في‬
‫عهد يغمراسن بن زيان ( ‪ 013-011‬هـ‪ ،23011-3317/‬خصص مؤلفه للمرحلة األوىل من تاريخ الدولة‬
‫الزيانية باملغرب األوسط‪ ،‬وكذا دراسة بوعياد حممود‪ ،‬بعنوان‪" ،‬جوانب من الحياة في المغرب األوسط في القرن‬
‫التاسع الهجري ‪ /‬الخامس عشر ميالدي‪3010‬م) دراسة تاريخية وحضارية"‪ ،3‬ومؤلف حساين خمتار حتت‬
‫عنوان‪" :‬تاريخ الدولة الزيانية"‪ 4‬ودراسة الطمار حممد بن عمرو‪،5‬ومؤلف دهينة عطا اهلل‪ ،6‬والذي تضمن‬
‫معلومات حول تأسيس الدولة الزيانية وتعرض تلمسان للحصار‪ ،‬مما مكننا من رسم صورة حول تغيري ذهنية‬
‫اجملتمع زمن احلصار واخلوف‪ ،‬باإلضاكفة إىل الدراسات األثرية احمللية‪ ،7‬ودراسات أخرى وإن تفاوتت درجة‬
‫االستفادة منجا مثل دراسة ‪:‬بوعزيز حيي‪ ، 8‬وشاوش حممد بن رمضان والغوثي بن محدان‪ ،9‬وبوزياين الدراجي‪،10‬‬
‫وحاجيات عبد احلميد‪.11‬‬

‫‪" -1‬اجملاعات واألوبئة يف املغرب األوسط ( ‪911-111‬هـ‪2110-2291/‬م) "‪ ،‬رسالة ماجستري يف التاريخ الوسيط‪ ،‬جامعة منتوري (قسنطينة)‪،‬‬
‫‪1009‬م‪.‬‬
‫‪ - 2‬خالد‪ ،‬بلعريب‪ ،‬الدولة الزيانية يف عجد يغمراسن بن زيان ( ‪ 012-022‬هـ‪2111-2121/‬م) دراسة تارخيية وحضارية ‪ ،‬ط‪ ،2‬قسنطينة‪ -‬اجلزائر‪:‬‬
‫دار األملعية للنشر والتوزيع ‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 3‬حممود‪ ،‬بوعياد‪ :‬جوانب من احلياة يف املغرب األوسط يف القرن التاسع اهلجري ‪ /‬اخلامس عشر ميالدي‪ ،‬اجلزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪2911‬م‪.‬‬
‫‪ - 4‬خمتار‪ ،‬حساين‪ :‬تاريخ الدولة الزيانية‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬دار احلضارة للطباعة والنشر والتوزيع‪1007،‬م‪2 ،‬أجزاء‪.‬‬
‫‪ - 5‬تلمسان عرب العصور ودورها يف سياسة وحضارة اجلزائر‪ ،‬اجلزائر‪ :‬املؤسسة الوطنية للفنون املطبعية‪2912 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 6‬احلياة االقتصادية واالجتماعية لدولة بين زيان‪ ،‬اجلزائر‪ :‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪2912 ،‬م‪.‬‬
‫‪- Le Royaume Abdelouadide a l époque d Abou Hammou Moussa 1er et d Abou Tachefin‬‬
‫‪1er, Alger, 1985.‬‬
‫‪ - 7‬بلوط عمر‪ :‬كفنادق مدينة تلمسان الزيانية – دراسة أثرية‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬مؤسسة الضحى للنشر والتوزيع‪1002 ،‬م‪،‬‬
‫‪-Fatima Zohra Bouzina Oufriha : Tlemcen – Capital Musulmane Le Siècle D'or du Maghreb‬‬
‫‪Central , Alger: Dalimen,2011.‬‬
‫‪ - 8‬تلمسان عاصمة املغرب األوسط‪ ،‬اجلزائر‪ :‬منشورات وزارة الثقاكفة والسياحة‪2911 ،‬م؛ وكتاب موجز يف تاريخ اجلزائر القدمية والوسيطة‪ ،‬ط‪،01‬‬
‫اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات‪1007 :‬م‪.‬‬
‫‪ - 9‬باقة السوسان يف التعريف حباضرة تلمسان عاصمة دولة بين زيان‪ ،‬ط‪ ،1‬اجلزائر ‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬جزءان‪2991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 10‬نظم احلكم يف دولة بين عبد الواد الزيانية‪ ،‬اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪2992 ،‬م‬
‫‪ - 11‬أبو محو موسى الثاين – حياته وأثاره‪ -‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪2911 ،‬م‪.‬‬

‫ل‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ثالثا‪ :‬الدراسات االستشراقية‪:‬‬
‫أما كفيما خيص الدراسات االستشراقية‪ 1‬االستعمارية‪ 2‬حول املوضوع‪ ،‬كفبغض النظر عن أهداكفجا األيديولوجية‪ ،‬كفإهنا‬
‫تطرقت يف جمملجا للحديث عن البعد الوثين للمقدسات واملعتقدات واملمارسات الطقوسية يف املغرب اإلسالمي‬
‫ككل واملغرب األوسط بشكل خاص‪ ،‬جمندة يف ذلك جل حبوثجا االجتماعية واالنثربولوجية متتبعة الظواهر‬
‫املقدسة واملمارسات الطقوسية يف حماولة لطمس التاريخ الوطين وتشويجه على رأسجا نذكر‪:‬‬
‫الدراسات اليت قام هبا األخوين جورج ووليام مارسي‪Georges et William Marcais3‬واليت متت حتت‬
‫رعاية مصلحة معامل اجلزائر التارخيية‪ ،‬التابعة إلدارة االحتالل الفرنسي باجلزائر سنة ‪2901‬م‪ ،‬كفقد ركز كفيجا‬
‫األخوان يف على اجلانب الفين واملعماري لعاصمة املغرب األوسط تلمسان‪ ،‬أعطتنا هذه الدراسة صورة تقريبية عن‬
‫النمط العمراين السائد آنذاك وعالقته بتقديس بعض األماكن دون غريها‪ ،‬مثل الزاوية والضريح واملقربة واجلبل‪.‬‬
‫أما مؤلف وليام مارسي حول "مقتنيات متحف تلمسان"‪ ،‬كفيعد أقدم وثيقة حول جرد مقتنيات متحف تلمسان‬
‫سنة ‪ 2191‬م‪ ،‬كفقد جرد شواهد القبور والكتابات اجلنائزية‪ ،‬ومن خالهلا ميكن التعرف على بعض الفئات‬
‫الربجوازية يف اجملتمع‪ ،‬بسبب استعمال الرخام املشوي يف شواهد القبور‪ ،‬كما أورد كذلك أمساء بعض النساء‬
‫الصاحلات اليت أغفلت املصادر الوسيطة ذكرهن‪ ،‬وهو ما مكننا من رصد بعض األولياء من النساء باملغرب‬
‫األوسط الوسيط‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة ألفرد بل يف كتابه "اإلسالم في بالد البربر"‪ ،‬كفقد حتدث عن االعتقاد بالقوة الرمزية اليت يتمتع هبا‬
‫الصلحاء وشيوخ التصوف‪ ،‬وقدرهتم على منح الربكة‪ ،‬وهو ما نستشفه من خالل تقريب وتقدمي السالطني‬
‫املغرب األوسط هلم‪ ،‬واعتقاد العامة يف كرامتجم باستجابة الدعاء والشفاء من األمراض وغريها‪.‬‬

‫‪ -1‬اإل ستشراق‪ :‬هو علم تاريخ شعوب الشرق وحضارهتم ولغاهتم وآداهبم وكفنوهنم ومعتقداهتم‪ ،‬نشأ بداكفع ديين يف الغرب وجعل دراساته يف خدمة‬
‫التنصري الذي مجد لالستعمار‪ ،‬كفاإلستشراق يف مراحله األوىل عاش يف كنف الكنيسة ترعاه وتوججه‪ ،‬إذ لعب دورا كبريا يف التحضري لالستعمار السياسي‬
‫والثقايف والعسكري‪ ،‬واالستشراق الزال يعمل على الرغم من أن جاك بريك قد أدىل بتصرحيات عام ‪2971‬م أعلن كفيجا أن زمن اإلستشراق انتجى‪،‬‬
‫وتقرر أن يطلق على أي مؤمتر لإلستشراق مؤمتر العلوم اإلنسانية‪ .‬شوقي‪ ،‬أبو خليل‪ :‬اإلسقاط يف مناهج املستشرقني واملبشرين‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار‬
‫الفكر املعاصر‪2991 ،‬م‪ ،‬ص‪.0‬‬
‫‪ - 2‬أشار الباحث عبد الغين منديب يف كتابه سوسيولوجيا التدين باملغرب‪ ،‬ط‪ ،1‬املغرب‪ :‬أكفريقيا الشرق‪1020 ،‬م‪ .‬على ذكر العديد من رواد املدرسة‬
‫اإلستشراقية على رأسجم ‪ :‬ويسرتماك والفرد بل وأرنست غيلنر وغريهم‪.‬‬
‫‪3-Marcais,‬‬ ‫‪Georges :Tlemcen Viele et D’histoire, paris: éditionlaurens collection, 1950.‬‬
‫‪Marcais Georges et William : Les Monuments Arabes de Tlemcen, Paris: Albert Fontemoing‬‬
‫‪Editeur, 1903.‬‬
‫م‬
‫المقدمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -‬روجيه كايوا يف كتابه "اإلنسان والمقدس" ‪ ،‬اإلشكالية الرئيسية اليت يطرحجا الكتاب هي‪ :‬هل ال يزال‬ ‫‪1‬‬

‫املقدس يتمتع بالسطوة عينجا ؟ وميارس حضوره السابق؟ أم أنه توارى لصاحل طرائق جديدة ابتدعجا البشر‬
‫للتعبري عن أعواضجم تلقاءها كاللعب واحلروب‪.‬‬
‫‪ -‬ادموند دويت يف كتابه "اإلسالم الجزائري"‪ ،2‬يف كفصول من عمله حول املقدس‪ ،‬تطرق لشعائر املسلمني‬
‫وشعائر الصلحاء واألولياء والشركفاء ومعتقداهتم‪ ،‬كما تطرق ملمارساهتم أثناء طقوسجم‪.‬‬
‫‪ -‬أما يف مؤلفه "الدين والسحر في شمال إفريقيا"‪ ،3‬كفقد خصصه للحديث عن الكرنفال يف حديثه عن بقايا‬
‫املعتقدات السحرية القدمية‪ ،‬وكذا تطرق لبعض املمارسات وطقوس الطبيعة‪.‬‬
‫‪ -‬وله كتاب آخر حتت عنوان‪" :‬مالحظات حول اإلسالم المغربي"‪ ،4‬درس كفيه ظاهرة التدين يف املغرب‬
‫العريب‪ ،‬وأنه يعتمد على الوساطة اليت أسسجا الويل الصاحل بني اإلنسان وربه‪ ،‬كما حتدث عن ظجور الويل‬
‫الصاحل املعروف باملرابط‪ ،‬ودوره الديين والثقايف والسياسي يف التأثري على اجملتمع املغريب‪ ،‬ومن مث انتشار ظاهرة‬
‫تقديس املرابط واشتجارها يف مشال إكفريقيا‪ ،‬يف إشارة إىل تقديس األولياء‪.‬‬
‫‪ -‬وله مؤلف آخر تطرق كفيه لشعائر املسلمني والصلحاء واألولياء والشركفاء يدور حول (املرابطني)‪ ،5‬كما أبدى‬
‫كفيه اهتمامه مبظاهر لالحتفاالت يف األعياد الدينية‪.‬‬
‫‪ -‬وقد آزره يف طرحه ريين باسي يف كتابه "أبحاث حول دين البربر"‪ ،6‬الذي حتدث كفيه عن اجلذور التارخيية‬
‫للتدين عند الرببر‪ ،‬مبا يف ذلك عادة التقرب لآلهلة والقيام بطقوس خاصة‪ ،‬حماوال إرجاعجا إىل بعدها الوثين‬
‫السحيق وهو نفس الطرح الذي تبناه مارسيل موس‪ 7‬وجاك بريك‪ 8‬و إميل درمنغن‪ 9‬وغريهم من املستشرقني‪.‬‬
‫ويف اخلتام ال يسعين إال أن أثين الثناء احلسن على املشرف الربوكفسور مفتاح خلفات نظري دعمه ومساندته‬
‫يل‪ ،‬كفجزاه اهلل عين خري اجلزاء‪.‬‬

‫‪ - 1‬ترمجة‪ :‬مسرية باشا‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬املنظمة العربية للرتمجة‪1020،‬م‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Edmond doutté, l islam Algerien en l an 1900 , Alger: Giralt, 1900.‬‬
‫‪3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــ‪-‬‬ ‫‪Magie et Religion dans l’Afrique du Nord : Alger : typographe‬‬
‫‪Adoulphejourdan Imprimeur- libraire- Éditeur 1909.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ Notes sur Lislam Maghribein- Marabouts:Extrait de la Revue de l histoire des‬ـــــــــــــــــــــ‪-‬‬
‫‪Religino: Tomes xi et xii,paris:ErnestlerouxEditer,1900.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ : Les Marabouts, extrait de Revue d'histoire des Religions, Paris, 1900.‬ـــــــــــــــــــــ ‪-‬ـ‬
‫‪6‬‬
‫‪- René Basset: Recherches sur la Religion des Berberes: Revue de l histoir des Religions,‬‬
‫‪Paris: Ernest lerouxEditeur, 1910.‬‬
‫‪ - 7‬اهلبة وطقوس البوتالنش‪ ،‬تر‪ :‬املولدي األمحر‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬مركز الدراسات الوحدة العربية ‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪-8Jacques, Berque : Structures socials du Haut Atlas, Presses Universtaires de France, paris,‬‬
‫‪1955.‬‬

‫‪-9Emile, Dermenghne,: le culte des saints dans l’islam Maghrébine, Édition Gallimard, paris,‬‬
‫‪1954.‬‬

‫ن‬
‫الفصل التمهيدي‬
‫المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المقدس والمدنس‪.‬‬
‫أوال‪ :‬املقدس يف املدونة العربية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ماهية املقدس‪.‬‬
‫‪ /2‬التعريف اللغوي‪.‬‬
‫‪ /1‬التعريف االصطالحي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مفجوم املقدس عند علماء االجتماع وعلماء األديان‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ماهية املدنس‪.‬‬
‫‪ /2‬تعريف املدنس‬
‫المبحث الثاني‪ :‬موقع الطقس في مجال المقدس‪.‬‬
‫‪ -‬ماهية الطقس‪.‬‬
‫الطقس لغة‪.‬‬
‫الطقس اصطالحا‪.‬‬
‫‪ -‬ماهية األسطورة‪.‬‬
‫األسطورة لغة‪.‬‬
‫األسطورة اصطالحا‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬رمزية الطقوس وعالقتها باالعتقاد‪.‬‬
‫‪ -‬الرمز‪.‬‬
‫‪ -‬املعتقد‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬االستشراق ومقدس االختراق‪.‬‬
‫‪ -‬مؤرخو املدرسة الفرنسية ونظرية البعد الوثين ملقدسات املغرب األوسط‪.‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫ما من شك يف أن اإلنسان باملغرب األوسط عاش يف عامل ثنائي جيمع بني الغيبيات والواقع‪ ،‬وأنه يف وجوده‬
‫كان أسريا ألساطري وحمرمات ومقدسات ومدنسات‪ ،‬تناولت كل مقومات هذا الوجود‪ ،1‬ومع هذا نادرا ما طرح‬
‫تساؤل حول حقيقة املقدس واملدنس يف جمتمع املغرب األوسط؟ على أي أساس أصدرنا حكما بأن هذا الشيء‬
‫مقدس أو مدنس؟ أو مبعىن آخر‪ ،‬ملاذا قد يعترب مكان أو زمان مقدسا بينما غريمها يوصف باملدنس‪ ،‬ما هو‬
‫مصدر حكمنا على كفعل أو طقس أو معتقد بأنه جمرد من القداسة؟‬
‫وألن الدرس املعريف احلداثي اقتحم ما كان مجمشا ومركفوضا ومسكوتا عنه‪ ،‬وعجد إىل استعادة املوضوعات‬
‫الغريبة ودكفع هبا إىل خمتربات الباحثني ومنججياهتم‪ ،‬جنده قد متكن من الولوج إىل قضايا كنا نضنجا بديجية ومألوكفة‬
‫ومعروكفة‪ ،‬كفإذا به يربزها ويقدمجا يف صيغ إستشكالية ونقدية‪ ،‬حيث توسعت جماالت املعركفة وانضمت إليجا‬
‫ختصصات كربى‪ ،‬دشنت رهانات نوعية كفيما خيتص بالظاهرة البشرية ومالزمتجا التارخيية‪.2‬‬
‫وللغوص يف غمار املغامرة البحثية حول املقدس يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬ارتأيت بدءا توضيح معاين‬
‫املقدس واملدنس وخمتلف التعاريف اللصيقة هبما‪ ،‬حسب عديد املؤرخني والباحثني يف خمتلف ختصصات العلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬بغية تبسيط املفجوم وتوضيحه لفجم العالقة بني الدالالت واملرجعيات الطقوسية‪ ،‬ومتظجراهتا يف ذهنية‬
‫جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬باإلضاكفة إىل تسليط الضوء على جانب لطاملا غيب من الدراسة التارخيية حبجة كفصل‬
‫العلوم عن بعضجا‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المقدس والمدنس‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المقدس في المدونة العربية‪.‬‬
‫بداية جيب ضبط مفجوم املقدس وكفق ما ورد يف املصنفات العربية ملعركفة مدى تقارب املقدس املراد دراسته مع‬
‫س‪ ،‬تَـق ِديس‪ ،‬أي تَـن ِزيه اهلل عز وجل‪ ،‬والقدس تنزيه اهلل‬
‫قد َ‬
‫هاته التعاريف‪ ،‬كفأصل املـقدس يف "لسان العرب" من َ‬
‫تعاىل‪ ،‬وهو املتَـ َق ِدس القدوس املق َدس‪ ،‬ويقال‪ :‬القدوس كفَـعول من القدس‪ ،‬وهو الطجارة‪ ،‬والتَـق ِديس هو التطجري‬
‫س أي تطجر‪ ،‬يعين لفظ املـ َق َدس من الناحية اللغوية التنزيه والطجارة والتزكية والتربيك‪.3‬‬
‫والتربيك‪ ،‬وتَـ َق َد َ‬

‫‪ - 1‬مجدي‪ ،‬طه مكي‪" :‬التقديس واملقدسات دراسة يف كفلسفة الدين"‪ ،‬جملة العلوم اإلنسانية كلية الرتبية والعلوم اإلنسانية جامعة بابل‪ ،‬مج ‪ -11‬ع‬
‫‪ ،2‬مارس ‪1021‬م‪ ،‬صص‪ ،70-11‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -2‬احلاج‪ ،‬أمحنة دواق‪" :‬املقدس والسرديات الكربى"‪ ،‬سلسلة ملفات حبثية الدين وقضايا اجملتمع الراهنة‪ :‬املغرب‪ :‬مؤمنون بال حدود للدراسات‬
‫واألحباث ‪ 21‬أكتوبر ‪ ،1020‬ص‪.2‬‬
‫‪ 3-‬أيب الفضل‪ ،‬مجال الدين حممد ابن منظور بن مكرم اإلكفريقي املصري‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‪ -‬مؤسسة التاريخ العريب‪:‬‬
‫بريوت‪2999 ،‬م‪ ،‬مج‪.201-207 /0‬‬

‫‪1‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫وقد يطلق املـ َق َدس على اهلل يف صيغة قدوس وم َق َدس ليعين الطجارة والتنزيه‪ ،‬كما قد يرتبط باملؤمن‪ ،‬كفجو حمدد‬
‫يف األنبياء وأقطاب الصوكفية والوالية ليدل على الصالة والتكبري والتطجري‪ ،‬أو قد يرتبط باملالئكة كوهنا خلقت من‬
‫الطجارة‪ ،‬كما ميكن أن يكون املكان هو املقدس كبيت املـَق ِدس واملسجد احلرام مبكة املكرمة‪ ،‬كفكرامتجا لضمجا‬
‫مكان م َق َدس هو الكعبة املشركفة‪ ،‬أما ما ارتبط بالزمان كاألشجر احلرم اليت يطغى عليجا احلظر واملنع واالحرتام‬
‫الناتج عن حرمة األوامر الالهية‪.1‬‬
‫يتمظجر املقدس يف شكلني متعارضني مها الطاهر ( الطيب) والدنس ( اخلبيث)‪ ،‬إهنا عناصره األساسية على‬
‫اعتبار أن الطاهر سيكون على صلة بالسماوي الديين‪ ،‬بينما الدنس سيكون على صلة باجملال السحري اجلين‪،2‬‬
‫وأي جمتمع يعيد إنتاج معطياته من خالل املقدس واملدنس‪ ،‬واجملال والذات والتقابالت أو األزواج‪ ،‬ويف ظل هذه‬
‫التقابالت يتحول املقدس إىل أهم رهان سياسي‪ ،‬وبالضبط يف جمتمعات يلعب املقدس كفيجا دورا مجما يف‬
‫اسرتاتيجيات الشرف‪ ،‬العِرض‪ ،‬الربكة‪ ،‬والكرامة‪ ،3‬كمجتمع املغرب األوسط‪.‬‬
‫املقدس اإلسالمي غالبا ما ارتبط بالدين يف ثنائية احلالل واحلرام‪ ،‬املسموح واملمنوع‪ ،‬لكن جنده كذلك قد‬
‫ينفك من خالل هذا االرتباط الديين إىل ما هو دنيوي‪ ،‬كفقد يعد أي انتجاك للعرف انتجاك للمقدس‪ ،‬ألن اإلنسان‬
‫ال يتخلى عن املقدس بل يتخلى عن منط من التقديس‪ ،‬كفجو ال خيرج من الدين ولكنه خيرج من منط التدين‪،‬‬
‫كفالقداسة ليست إال وعي اإلنسان مبا يقدس ‪ ،‬وبالتايل ليست مثة أشياء مقدسة بل هناك شعور إنساين يقدس‬
‫كفيوجد املقدس‪.4‬‬
‫ولكننا حباجة إىل مراجعة نقدية تستثمر ما هو حي وكفاعل يف الرتاث والتاريخ‪ ،‬ألنه حي وكفاعل يف حاضرنا‬
‫بإثارته اجليدة احملمودة اليت تعزز تعايشنا وتوحدنا وتنوعنا معا‪ ،‬وألن التاريخ حركة اإلنسان وكفعاليته يف عالقته‬
‫اجلامعة بني املقدس والدنيوي‪ ،‬كفاملقدس يتمثل يف إحالة األشياء اليت تبدو دنيوية إىل ممارسات وإىل طقوس وليس‬
‫إىل معىن مستقل‪ ، 5‬كفاستعمال هذا اللفظ يبدو معقوال ومستساغا أكثر على لسان رجال الدين‪ ،‬كفإن لفظ مقدس‬

‫ِ‬
‫‪-‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس اإلسالمي‪ ،‬ص ‪.19‬قال تعاىل‪ ﴿:‬كفَِإذَا ان َسلَ َخ األَشجر احلرم كفَاقـتـلوا المش ِرك َ‬
‫ني َحيث َو َجدمتوهم َوخذوهم َواحصروهم‬ ‫‪1‬‬

‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫واقـعدوا َهلم ك َّل مرصد ﴾ سورة التوبة اآلية ‪1‬؛ وقوله‪َ ﴿ :‬غيـر ِحملِّي َّ ِ‬
‫الصيد َوأَنـتم حرٌم إ َّن اللَّهَ َحيكم َما ي ِريد﴾سورة املائدة‪ ،‬اآلية‪ ﴿ ،2‬يَا أَيـُّ َجا الذ َ‬
‫ين َآمنوا‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫الصي َد َوأَنـتم حرٌم﴾ املائدة‪ ،‬اآلية ‪.91‬‬
‫َال تَـقتـلوا َّ‬
‫‪ -2‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ -3‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ - 4‬كرمية بريكي‪" :‬يف منابت التقديس وآكفاقه" ضمن سلسلة ملفات حبثية‪ ،‬ص‪22‬‬
‫‪ -5‬عامر‪ ،‬عبد زيد الوائلي‪ :‬جتديد العالقة مع املقدس رهان تفكيك رغبة املوت‪ :‬سلسلة ملفات حبثية‪ ،‬ص‪.0‬‬

‫‪2‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫قبل كل شيء صفة حتيل إىل أشياء إىل ممارسات إىل طقوس وليس معىن مستقل‪ ،‬وبالفعل كفاألنثربولوجيا‪ 1‬هي‬
‫األوىل اليت حولت النعت إىل اسم وزعمت بناء املقدس مفجوما مستقال‪.2‬‬
‫إن املقدس عنصر مكون للظاهرة الدينية وميثل حمور التجربة االعتقادية للمؤمن‪ ،‬ولكنه يف الوقت نفسه ينتمي‬
‫إىل عامل مفارق‪ ،‬ويصمد أمام كل حماوالت العقلنة‪ ،3‬كفاإلنسان يصنع مقدساته إنه خيتلقجا ويلفقجا‪ ،‬مبعىن أن‬
‫تكوين أي كفكرة عن ما هو مقدس‪ ،‬إمنا ختضع لفجم اإلنسان ونظريته بشأن وجوده ووجود العامل الذي حييا كفيه‪،4‬‬
‫كفاملقدس ظاهرة أبدية موجودة يف احلياة البشرية‪ ،‬وإحدى البىن العميقة يف الوعي والالوعي البشري يف التاريخ‬
‫الفكري‪ ،‬وما تاريخ املغرب األوسط إال جزء ال يتجزأ من هذه املعادلة‪ ،‬وعليه كفمقدسات جمتمع الدراسة ليست‬
‫كلجا وليدة الدين‪ ،‬بل هناك مقدسات صنعجا واختلقجا إنسان املغرب األوسط وأحاطجا هبالة من القداسة‪ ،‬كفال‬
‫ميكن املساس هبا أو نقدها أو الطع ن كفيجا‪ ،‬كالقدرات اخلارقة اليت يتمتع هبا األولياء من طي األرض واملشي على‬
‫املاء وتكليم املوتى‪.‬‬
‫من خالل ما سبق يتبني لنا أن القداسة ليست صفات يف الشيء أو يف املكان‪ ،‬بل هي نتيجة تقييم اإلنسان‬
‫لألشياء والظواهر‪ ،‬كفاملقدس ينصرف إىل موجود بعينه متعال ومتفارق‪ ،‬وتكون قداسته من نفسه‪ ،‬مث تتنزل إىل ما‬
‫يصدر عنه ويرتبط به‪ ،‬من كتب ووصايا ووعود وهياكل وأماكن وبيوت وأزمان وأيام‪ ،‬كفالثقاكفات مل تتوقف على‬
‫مدى تاريخ طويل‪ ،‬من ممارسة التقديس وإنتاج ضروب من املقدس‪ ،‬خت ِ‬
‫ضع هلا وهبا البشر وتلزمجم بعدم انتجاكجا‬
‫أو حىت التفكري كفيه‪ ،‬وذلك عرب التعايل بضروب من األكفكار والنصوص بل وحىت األشياء واألشخاص من حدود‬
‫التارخيي والواقعي‪ ،‬وإطالقجا يف كفضاء املفارقة والتسامي ليقدسجا البشر ويضعوهنا خارج حدود القابل للتفكري‬
‫والفجم‪.5‬‬
‫يصعب حصر مفجوم املقدس من وججة نظر املدونة العربية‪ ،‬أو داخل الثقاكفة اإلسالمية‪ ،‬ألن هلذا املفجوم حضورا‬
‫عميقا وعريقا يف متوالية التعاريف واملقاربات والتأويالت اليت طاهلا الفكر اإلنساين‪.‬‬

‫‪ - 1‬هي علم دراسة اإلنسان طبيعيا واجتماعيا وحضاريا‪ ،‬شاكر مصطفى سليم‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 10‬؛ وحول أنواع األثربولوجيا ينظر حسني‪ ،‬كفجيم‪:‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 27‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 2‬معاذ‪ ،‬بن عامر‪ :‬السرديات الكربى من الكربيات األنطلوجية إىل الصغريات األخالقية – سلسلة ملفات حبثية‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -3‬زهري‪ ،‬اخلويلدي‪" :‬الفلسفة الدينية بني حتديات القدسي واستجابات السرد" سلسلة ملفات حبثية‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -4‬عبد اجلبار‪ ،‬الركفاعي‪ :‬إنفاذ النزعة اإلنسانية يف الدين‪ ،‬ط‪ ،1‬بغداد‪ :‬مركز دراسات كفلسفة الدين ‪ -‬دار التنوير‪1022 ،‬م‪ ،‬ص‪.12-11‬‬
‫‪ - 5‬علي‪ ،‬مربوك‪ :‬ما وراء تأسيس األصول ‪ -‬مسامهة يف نزع أقنعة التقديس‪ ،‬ط‪ ،02‬القاهرة‪ :‬دار رؤية للنشر والتوزيع‪1007 ،‬م‪ ،‬ص‪12‬؛ مجدي طه‬
‫مكي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.02‬‬

‫‪3‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫ويعد املقدس وبكل املقاييس موضوعا إشكاليا‪ ،‬مفعما باملطبات اليت متتزج كفيجا ندرة املتون النصية التارخيية‪،‬‬
‫بالتعقيدات املنججية اليت تفرضجا طبيعة موضوع هبذه الشاكلة‪ ،1‬خاصة وأن كفكرة املقدس أصبحت اليوم من‬
‫املوضوعات كثرية اإلقبال عليجا‪ ،‬على أن هناك من خيرججا من التاريخ‪ ،‬وهو ما جعلجا موضع خصام وجدل‪،2‬‬
‫وعليه كان للمقدس تعريفات كثرية يف املدونة العربية‪ ،‬لكنجم أمجعوا على أن املقدس ميثل كل ما جيب احرتامه‬
‫ال رتباطه يف غالبيته بالدين‪ ،‬ذلك أن الدين هو تعطش النفس إىل املستحيل‪ ،‬إىل ما هو بعيد املنال ويفوق التصور‪،‬‬
‫كفالدين يناشد الالمتناهي والنور‪ ،‬وهو النزوع حنو قطع العالئق مع الكينونة والوجود معا‪ ،‬أو الرغبة يف جتاوز الوجود‬
‫حنو ذلك العدم الذي يكمن كفيه النور األعظم‪ ،‬إنه رغبة يف التحرر متاما من أغالل الكينونة ‪.3‬‬
‫من هذا املنظور تتخطى الطبيعة القدسية للدين املساحات اخلاضعة لسلطة العقل يف التفسري واإلدراك‬
‫والتربير‪ ،‬وتقفز إىل املساحات الالعقالنية‪ ،‬واليت ميكن تسميتجا باالعتبارات الغيبية والعناصر امليتاكفيزيقية‪ ،‬وبقدر ما‬
‫يكون القدسي غري عقالين وغامضا ومتكتما‪ ،‬حيوز على قيمة مضاكفة ويتميز بالركفعة والسمو والتعايل‪ ،‬بقدر ما‬
‫يتعرض للنقد العقالين والتفسري املنججي‪ ،‬ويفقد هذه القيمة االعتبارية ويصبح أمرا بديجيا‪ ،4‬وعليه وجب علي‬
‫التساؤل هنا عن إمكانية ضبط مفجوم للمقدس يكون شامال‪ ،‬أو على األقل مفجوم يصب يف خدمة البحث‪ ،‬من‬
‫هذا املنظور أقدم بعض التعريفات‪ ،‬بعد تعريفه يف املدونة العربية واإلسالمية ألن هلا السبق الزمين على بقية‬
‫التعريفات‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.07‬‬


‫‪ - 2‬كرمية‪ ،‬بريكي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .22‬أحلت الدراسات املختصة على هذه املفارقة الذاتية حىت تواضع عليجا جل الذين تناولوا مسألة املقدس‬
‫بالدرس‪ ،‬بدءا مبن اعترب أول من اقرتح عليه مقاربة جيدة هلذا اإلشكال‪ ،‬وهو رودولف آتو يف مؤلفه "كفكرة القدسي التقصي على العلل الغري عقالين‬
‫وعن عالقته بالعامل العقالين" صدر عن دار املعارف احلكيمة‪ ،‬سنة ‪ ، 1020‬وقد تبعه كل من ‪ :‬الياد مارسي يف كتابه‪ :‬املقدس واملدنس ‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبد‬
‫اهلادي عباس احملامي‪،‬ط‪ ،02‬دمشق‪ :‬دار دمشق للطباعة والنشر والتوزيع‪2911 ،‬م‪ le sacré et proforne /.‬وروجي كايوا يف مؤلفه‪ :‬اإلنسان‬
‫واملقدس‪ ،/ l'homme et le sacré‬وجورج باتاي يف‪ theorie de la religion :‬واتفقوا مجيعا على أن املقدس هو ما يقع خارج ما نقرتح‬
‫أن نسميه اليومي بدل اللفظ الشائع املدنس‪.‬‬
‫‪ - 3‬زهري‪ ،‬اخلويلدي‪" :‬الفلسفة الدينية بني حتديات القدسي واستجابات السرد" – ضمن سلسلة ملفات حبثية‪ ،-‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 4‬زهري‪ ،‬اخلويلدي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪4‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ماهية المقدس‪.‬‬


‫‪ /3‬التعريف اللغوي ‪ :‬وردت لفظة املقدس يف اللغات القدمية مع اختالف معناها‪ ،‬إال أن أقرب تعريف خيدم‬
‫البحث هو إرجاع املقدس لألصل الالتيين للفظ‪َ :‬ساكر َساكرس ‪ ،SACRE-SACRIS‬ويشري اللفظ إىل‬
‫الكاهن‪َ ،‬ساكروس َساكروديتس ‪SACERDOTIS- SACERDOS‬والذي يتعلق بالطبع باالتيمولوجيا‬
‫نفسجا‪.1‬‬
‫وتشري الكلمة الالتينية ‪ SACRE‬اليت اشتق منجا مصطلح ‪( SACRED‬املقدَّس)‪ ،‬إىل التمييز بني ما هو‬
‫متعلق باآلهلة وما ال عالقة له هبا‪ ،‬أيا كان التعبري احملدد للم َقدَّس‪ ،‬كفإن هناك تقسيما ثقاكفيا شامال إىل حد ما‪،‬‬
‫يشكل املقدَّس وكفقا له ظاهرة مميزة ومبجلة وخمتلفة عن كل الظواهر األخرى اليت تشكل املدنس أو الدنيوي‪.2‬‬
‫‪ /0‬التعريف االصطالحي‪:‬‬
‫مثة تعريفات عدة تطرح كمرادكفات هلذه الكلمة‪ ،‬ويف هذا اإلطار جند أن املقدس يأيت يف مقابل املدنس أو‬
‫مقابل للدنيوي‪ ،‬كفالرموز والطقوس تشكل جوهر املقدس‪ ،‬بل إن الولوج إىل املقدس وإدراكه يتطلب يف كل حني‬
‫االنتباه للطقس والرمز‪ ،‬كفاملقدس هو طاقة رمزية مبمارسات طقوسية‪ ،‬كفعن طريق الرموز تتأتى قراءته‪.3‬‬
‫من خالل هذا التعريف يتضح أن اإلشكال القائم حول ضبط ماهية املقدس الديين أو الدنيوي‪ ،‬ينطلق أساسا‬
‫من خالل كفجم عالقة املقدس بالرمز والطقس وماهيتجما يف حد ذاهتا‪ ،‬وهو ما سأجيب عليه يف الصفحات‬
‫املوالية‪ ،‬يف املقابل جند هناك من يشرتط لتحديد ماهية املقدس ربطه باملدنس يف عالقة تضاد‪ ،‬كالباحث نور الدين‬
‫الزاهي الذي تساءل قائال‪ « :‬هل ميكن اعتبار البحث عن ماهية املقدس مدخال مؤديا لالمساك به‪ ،‬أم أن‬
‫البحث عن هاته املاهية إعالن بدئي بأننا سنتحرك خارج سلطته وجماله‪ »4‬أي داخل سلطة املدنس‪.‬‬
‫ويتجلى تعقد العالقة بني املقدس واملدنس يف االختالكفات احلاصلة بني الباحثني حول حتديدها‪ ،‬كفمقابل من‬
‫جيعل املقدس متماثال مع اإلهلي أو مع الديين‪ ،‬جند من يؤكد االنفصال التارخيي بني املقدس واملؤسسات الدينية‬
‫املقدسة‪ ،5‬ويتجلى املقدس املـراد دراسته يف جماالت طبيعية كاألمكنة واألهنار واألشجار‪ ،‬ويتعداها إىل ما كفوق‬
‫الطبيعة كالكائنات السماوية‪ ،‬كما أنه يتجلى يف الزمان كأيام األعياد ودورات الفصول‪ ،‬وجيلى يف األشخاص‬

‫‪ - 1‬معاذ‪ ،‬بن عامر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ . 21‬وتعرف االيتيمولوجيا بأهنا علم أصل الكلمات‪ ،‬وتبحث عن العالقة اليت تربط الكلمة بكلمة قدمية هي‬
‫األصل‪ ،‬للبحث عن املعىن األصلي واألويل للكلمة‪.‬‬
‫‪ 2-‬أندريه ‪ ،‬الالند‪ :‬موسوعة الالند الفلسفية‪ ،‬تع‪ :‬خليل أمحد خليل‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت – باريس‪ :‬منشورات عويدات‪ ،1002 ،‬مج ‪ ،2‬ص‪.2119‬‬
‫‪ -3‬عبد الرحيم العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10-27‬‬
‫‪ -4‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس واجملتمع‪.21 ،‬‬
‫‪ -5‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس اإلسالمي‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪5‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫كاألنبياء والصلحاء واألولياء والشركفاء‪ ،‬وكذا يف اللغة واألساطري والشعائر والطقوس‪ ،‬وغري ذلك من أشكال تنظيم‬
‫اإلنسان لعالقته مع العامل وكفق اعتبار املعىن والقوة‪.1‬‬
‫ثالثا‪ :‬مفهوم المقدس عند علماء االجتماع‪ 2‬وعلماء األديان‪.‬‬
‫تتقاطع مسألة املقدس مع مجيع اجملاالت املتعلقة بالعلوم اإلنسانية‪ ،‬كعلم االجتماع والفلسفة وتاريخ الفكر‪،‬‬
‫ِ‬
‫بشكل كبري من مسائل علم اجتماع الدين‪ ،3‬الذي‬ ‫واهتمام علماء االجتماع بداللة املقدَّس االجتماعية مستمد‬
‫هو أحد كفروع علم االجتماع‪ ،‬وعلى أي حال كفإن هناك خالف كبري حول األصول االجتماعية الدقيقة ملا يدعى‬
‫باملقدس‪ ،‬من هنا كفإن مف جوم املقدس يرتبط أكثر بعملية تصنيف بعض النشاطات االجتماعية بوصفجا نشاطات‬
‫دينية مقدسة ختضع لتغري دائم‪.‬‬
‫ميكن القول أن ما هو مقدس هو نتاج ممارسة أنثروبولوجية ليس الدين العنصر األوحد كفيجا‪ ،‬بل هناك عناصر‬
‫شىت تتشابك كفيجا‪ ،‬منجا النفسي واالجتماعي والتارخيي واملعريف والسياسي‪ ،‬وتتضاكفر معا يف إنتاج هذه املمارسة‪،‬‬
‫واملقدسات تنتقل من جيل إىل جيل آخر‪ ،‬دون أن تكون حمل تساؤل وحبث‪ ،‬ألهنا وليدة الفعل اإلمياين والثقايف‬
‫لألمة‪ ،4‬وهو احلال بالنسبة للمقدسات املتوارثة يف املغرب األوسط‪ ،‬واليت سأتطرق إليجا بشيء من التحليل‬
‫والتعليل والتعليق من خالل هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ -2‬علم االجتماع يعىن بدراسة أكفعال األكفراد يف اجملتمع ضمن نظرية التفاعل االجتماعي أو نظرية التأثري والتأثر‪ ،‬كفالعلوم الوضعية هي علوم تفسريية‬
‫خارجية‪ ،‬يف حني أن العلوم اإلنسانية مبا كفيجا علم االجتماع هي علوم روحية تفجمية وعلوم تأويلية داخلية‪ .‬مجيل‪ ،‬محداوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪Michel Carrier et Daniel Vidal: Penser Le Sacré Les Sciences Humaines et L invention Du Sacre, - 3‬‬
‫‪les Archives de sciences sociales des religions, n 136,éditions EHESS, Montrel libre , 2005,p115-283,‬‬
‫‪p 116.‬‬
‫‪ - 4‬مجدي‪ ،‬طه مكي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.02‬‬

‫‪6‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المقدس عند علماء االجتماع‪.‬‬


‫‪ /3‬المقدس عند رائد علم االجتماع إميل دوركهايم‪:‬‬
‫إن دعوة إميل دوركجامي إىل ذوبان كل العلوم يف إطار واحد وهو "السوسيولوجيا"‪ ،‬يعد مبثابة زلزال يف حقل‬
‫الكتابة التارخيية‪ ،1‬ذلك أن التاريخ يف نظره ال ميكنه أن يكون علما إال إذا قام بالتفسري‪ ،‬وال ميكن أن يفسر إال‬
‫عندما يقوم باملقارنة‪ ،‬وعندما يقوم التاريخ بعملية املقارنة كفإن التمييز بينه وبني السوسيولوجيا ينعدم‪ ،‬واعترب أن‬
‫املقدس هو السمة األساسية لتعريف الظاهرة اجلينية‪ ،‬علما بأن القداسة يف ذاهتا تنتج عن اجملتمع نفسه‪ ،‬وبالتايل‬
‫كفاملقدس واجملتمع مها شيء واحد‪.2‬‬
‫إن املعتقد الديين حسب هذا الطرح هو شأن مجعي بالضرورة اشرتكت عقول اجلماعة يف صياغته‪ ،‬وقامت‬
‫األجيال املتالحقة بصقله وتطويره وهو مجعي ألكثر من سبب‪ ،‬كفمن غري املمكن أن يقوم الفرد بصياغة معتقد‬
‫خاص به‪ ،‬مما يؤدي إىل سلوك متضارب مع اآلخرين‪ ،‬وكذلك دوام واستمرار أي معتقد يتطلب إميان عدد كبري‬
‫من األكفراد‪ ،‬وإال اندثر وكفقد تأثريه حىت يف نفس من أوجده‪ ،‬ويتألف املعتقد عادة من عدد كبري من األكفكار‬
‫الواضحة واملباشرة‪ ،‬واليت تعمل على رسم صورة ذهنية لعامل املقدسات وتوضح الصلة بينه وبني عامل اإلنسان‪،‬‬
‫وغالبا ما تصاغ هذه األكفكار يف شكل صلوات وتراتيل‪ ،3‬كفبقدر ما حييل املقدس داخل سياق تعارضه مع املدنس‬
‫إىل ما هو طاهر وخالص‪ ،‬كفإن املدنس حييل إىل ما هو دنيوي وجنس‪.4‬‬
‫كفدوركجامي يف كتابه "األشكال األولية للحياة الدينية" عرف املقدس بأنه تعارض مع الدنيوي‪ ،‬واألشياء‬
‫املقدسة هي تلك اليت حتميجا احملظورات وتعزهلا‪ ،‬أما األشياء املدنسة كفجي ما تنطبق عليجا هذه احملظورات‪ ،‬واليت‬
‫ينبغي أن تظل بعيدة عن األوىل‪ ،5‬كما حدد قدسية املقدس مبا يعارضجا بشكل كامل عن جمال املدنس‪ ،‬كفاملقدس‬

‫‪ - 1‬شجدت الكتابة التارخيية نقلة نوعية من حيث املواضيع واملناهج‪ ،‬قادهتا املدرسة الفرنسية واألملانية للمزيد حول هذا املوضوع ينظر وليد‪ ،‬موحن‪:‬‬
‫"مدرسة احلوليات الفرنسية ظروف النشأة وأهم األكفكار" جملة ليكسوس يف التاريخ والعلوم اإلنسانية‪ ،‬ع‪ ،22‬مارس‪1027 ،‬م ص ص‪.277 -270‬‬
‫إن هدف السوسيولوجيا هو‪ :‬كفجم الفعل االجتماعي وتأويله‪ ،‬مع تفسري هذا الفعل املرصود سببيا بربطه باآلثار والنتائج‪ ،‬ويقصد بالفعل سلوك الفرد أو‬
‫اإلنسان داخل اجملتمع‪ ،‬مجما كان ذلك السلوك ظاهرا أو مضمرا‪ ،‬صادرا عن إرادة حرة أو كان نتاجا ألمر خارجي مجيل‪ ،‬محداوي‪ :‬ججود ماكس كفيرب‬
‫يف جمال السوسيولوجيا‪ ،‬ط‪ ،2‬الرياض‪ -‬السعودية‪ :‬دار األلوكة للنشر‪1021 ،‬م‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪Emile, Darkheim: les formes élémentaires de la vie religieuse, éditions Presses Universtaires - 2‬‬
‫‪ de France, paris, 1968. p37‬؛ عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 3‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬دين اإلنسان‪ -‬حبث يف ماهية الدين ومنشأ الداكفع الديين‪ ،-‬ط‪ ،2‬دمشق‪ :‬دار عالء الدين‪1001 ،‬م ‪ ،‬ص‪.29-21‬‬
‫‪Emile Darkheim: op.cit.p 583. - 4‬؛ نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس واجملتمع‪ ،‬ص‪22‬؛ املقدس اإلسالمي‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪Emile Darkheim: op.cit.p 583 -5‬؛ معاذ‪ ،‬بين عامر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪22‬؛ نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس واجملتمع‪ ،‬ص‪. 22‬‬

‫‪7‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫حسبه ال يلتقي باملدنس ويالمسه إال لكي ينتفي أحدمها ويظل اآلخر قائما‪ ،‬وبسبب ذلك يتشكل كل طرف‬
‫بوصفه نظاما خالصا ومتجانسا وخمتلفا ومتعارضا وموازيا للطرف اآلخر‪.1‬‬
‫ال يستطيع املقدس التعايش مع ما يعارضه ويجدمه وينفيه ( يقصد املدنس) سوى بكيفية مفارقة ومتوازية وهو‬
‫نفس الطرح الذي تبناه جون كازييف‪ ،2‬وعلى رأي دوركجامي كفاألديان نسق موحد من املعتقدات واملمارسات ذات‬
‫الصلة بأشياء مقدسة‪ ،‬أي بأشياء حرام أو حمرمة‪ ،‬كفلكل أمة ثوابتجا ومقدساهتا والدين هو العمود الفقري واحملور‬
‫الرئيس هلذه الثوابت وتلك املقدسات‪ ،‬والعقائد واألكفكار والقيم‪ ،‬كفكل دين هو منظومة من املسلمات اليت حتظى‬
‫بالقداسة‪.3‬‬
‫كفاملقدس إذاً ال ميكن أن يوجد يف هذا العامل دون شجادة أو عالمة أو أيقونة دالة عليه‪ ،‬كفاألماكن واألشياء‬
‫األرضية ال تستمد قداستجا إال من كوهنا ذات عالقة معينة مع السماء‪ ،4‬وهو األمر الذي جعل للمقدس جماالت‬
‫متعددة‪ ،‬إن إسقاطات دوركجامي للمرجعية الثقاكفية اليجودية واملسيحية للمقدس على ثقاكفات خمتلفة ومغايرة‪ ،‬األمر‬
‫الذي دكفع الباحثني أثناء حبثجم عن املقدس إىل إجياد الديانة حيث ال توجد‪ ،5‬وهلذا أرى شخصيا أن إسقاطات‬
‫دوركجامي ليست يف اختالف الديانات كفقط‪ ،‬بل تعدهتا للمجتمع كفجو يقصد اجملتمع األوريب‪ ،‬بينما أنا بصدد‬
‫دراسة جمتمع مغريب مسلم يف العصر الوسيط‪ ،‬وعليه كفالطرح ال ينطبق كلية لكن الفكرة موجودة يف مجيع‬
‫اجملتمعات وخمتلف احلضارات‪.‬‬
‫من خالل طرح دوركجامي ميكن القول‪ :‬بأنه أحدث نقلة نوعية من الدين كسلوك كفردي أو عقيدة إىل مفجوم‬
‫أوسع إىل احلياة الدينية‪ ،‬إذ رأى أنه من أجل كفجم الفكر الديين ال بد من الرجوع إىل األصول األوىل النبثاق‬
‫املقدس‪ ،‬والذي يعد اجملتمع هو مصدره الوحيد‪ ،‬وإذا ما عملنا بنظرة دوركجامي كفإن أصل املقدس يف املغرب‬
‫األوسط هو اجملتمع‪ ،‬وما أقره من سلوكيات وممارسات للحياة الدينية وكفق العقيدة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ - 1‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس واجملتمع‪ ،‬ص‪22‬؛ املقدس اإلسالمي‪ ،‬ص ‪27‬؛ ‪Emile Darkheim:op.cit.p538‬‬
‫‪ - 2‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس واجملتمع‪ ،‬ص‪22‬؛ املقدس اإلسالمي‪ ،‬ص‪27‬؛ ‪Emile Darkheim:Ibid.p37‬؛ ‪Jen, cazneeuve:‬‬
‫‪Sociologie du rite (tabou- magie- sacré), éditions Presses Universtaires de France, paris, 1971,‬‬
‫‪p334.‬‬
‫‪ - 3‬مجدي‪ ،‬طه مكي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.02‬‬
‫‪ - 4‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 22‬نقل على ‪Dermenghne, Emile: le culte des saints dans l’islam‬‬
‫‪Maghrébine, Ed Gallimard, paris, 1954 , p 11.‬‬
‫‪ - 5‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس واجملتمع‪ ،‬ص‪21‬؛ ‪Laura levé Makarius ,les sacré et la violation des interdits,‬‬
‫‪éditions payot, paris,1974, p 367.‬‬

‫‪8‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫وبناءً على هذا الطرح رأت الباحثة صاكفية مناد يف حديثجا عن املقدس واجملتمع أن العالقة بني اإلنسان واملقدس‬
‫أو بني اإلنسان واهلل بصفة خاصة وجب أن تكون عالقة حمبة ال عالقة خوف وصراع وهو ما يبدو جليا يف أشعار‬
‫الصوكفية‪ ،1‬ذلك أن كل صور املقدس ومتثالته تتغري حسب ثقاكفة اإلنسان وواقعه املعيش‪ ،‬وحىت حسب نوع‬
‫السلطة اليت حتكمه والثقاكفة اليت اكتسبجا والعادات اليت ترىب عليجا‪ ،‬كفكلجا متثالت لواقع يؤسس لعامل تقديسي‪،‬‬
‫كففضاء املقدس يعد مفتوحا وغري متناهي‪ ،‬يتعدد بتعدد الروايات التارخيية والثقاكفة واجلغراكفيا البشرية‪ ،‬وهذا ضمن‬
‫أنثروبولوجيا الدين وسوسيولوجيا الدين وعلم نفس الدين واهلرمونيطيقا‪.2‬‬
‫املقدس عند الباحث الفرنسي ليفي ماكاريوس يف كتابه "املقدس وانتجاك احملرمات"‪ ،‬ذكر أن البحث يف املقدس‬
‫هو يف ذاته إبطال ملفعول قدسيته‪ ،‬بل إنه شكل من أشكال انتجاك احملرم‪ ،3‬مبعىن أننا مبجرد تفكرينا يف البحث‬
‫عن املقدس كفنحن نزيل عنه صفة القداسة ألننا سنخضعه للمسائلة والعقل وهو ما يتعارض معه‪.‬‬
‫ليس البحث يف التصور الثقايف للمقدس حكرا على ميدان علم االجتماع‪ ،‬ألن نظرية التحليل النفسي‬
‫واألنثروبولوجيا أدلت بدلوها يف حماولة ضبط املقدس من خالل حتليل كفرويد للدين يف كتابه الطوطم والتابو‪،4‬‬
‫كفبالنسبة إليه كفإن الرابط بني الطوطَمية وامل َق َدس يبدو واضحا يف نواحي معينة من تطور الدين‪ ،‬وقد بقيت آثاره يف‬
‫األسطورة التارخيية واخلراكفة‪ ،‬وكثريا ما كانت احلاجة البيولوجية واخلوف واجلجل واحملرم والطوطم‪ ،‬هي اليت تشكل‬
‫األرضية اليت نبت كفيجا املقدس والدين واألسطورة ‪.5‬‬

‫‪ - 1‬من أبرز النماذج يف احلب اإلهلي رابعة العدوية واليت لقبت بشجيدة العشق اإلهلي‪ ،‬وهي أول من تكلم يف احلب اإلهلي بني الصوكفية املسلمني‬
‫للمزيد حول أشعارها يف احلب اإلهلي ينظر‪ :‬عبد الرمحان بدوي‪ :‬شجيدة العشق اإلهلي رابعة العدوية‪ ،‬ط‪ ،01‬القاهرة‪ :‬مكتبة النجضة املصرية‪2901 ،‬م‪،‬‬
‫ص ‪ 02‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 2‬أثر املقدس والدين على ذهنية الفرد واجملتمع واستعماالت السلطة‪ ،‬جملة متون‪ ،‬جامعة موالي الطاهر‪ :‬سعيدة‪ ،‬مج‪ /21‬ع‪ ،1010 ،1‬ص ص‬
‫‪ ،19-70‬ص ‪. 12-10‬أما اهلرمونيطيقا كفجي علم التأويل والتفسري‪ ،‬وهي مدرسة كفلسفية تشري لتطور دراسة نظريات تفسري دراسة وكفجم النصوص يف‬
‫كفق اللغة والالهوت والنقد األديب‪ .‬معتصم‪ ،‬السيد أمحد‪ :‬اهلرمنيوطيقا يف الواقع اإلسالمي بني حقائق النص ونسبية املعركفة‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار اهلادي‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،1009 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -3‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس اإلسالمي‪ ،‬ص ‪27‬؛ واملقدس واجملتمع‪ ،‬ص‪22-21‬؛‪Laura levé Makarius: op.cit. p8‬‬
‫‪ - 4‬سيغموند كفرويد‪ :‬الطوطم والتابو‪ ،‬تر‪ :‬بوعلي ياسني ومر‪ :‬حممود كبيبو‪ ،‬ط‪ ،2‬الالذقية‪ -‬سوريا‪ :‬دار حوار للنشر والتوزيع‪2912 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬ياروسالف‪ ،‬ستيتكيفيتش‪ :‬العرب والغصن الذهيب‪ -‬إعادة بناء األسطورة الذهبية‪ ،-‬تر‪ :‬سعيد الغامني‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب؛ بريوت‪-‬‬
‫لبنان‪ :‬نشر املركز الثقايف العريب‪99 ،1001 ،‬؛ جيمس‪ ،‬جورج كفرايزر‪ :‬الغصن الذهيب دراسة يف السحر والدين‪ ،‬تر‪ :‬نايف اخلوص‪ ،‬دمشق‪ -‬سوريا‪:‬‬
‫نشر دار الفرقد للطباعة والنشر والتوزيع‪1022 ،‬م‪ ،‬ص‪ 22-21‬؛كرمية بريكي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪9‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المقدس من وجهة نظر مؤرخي األديان‪:‬‬


‫‪ /2‬المقدس عند مؤرخ األديان مارسي الياد‪:‬‬
‫مفجوم املقدس عند مؤرخ األديان مارسي الياد والذي كان له السبق يف خوض عملية البحث عن املقدس‬
‫وماهيته‪ ،‬وأكد على وجوب اخلروج من كفخ التعارض بني املقدس واملدنس‪ ،‬ألنه يرتجم يف األغلب كتعارض بني‬
‫حقيقي وال حقيقي‪ ،‬على اعتبار أن املقدس غري متماثل مع اإلهلي وال مقابل كفقط للدنيوي بل هو َجتَل له‪،1‬‬
‫كفلفظ التَ َجلي هو الذي مسح بتجاوز الثنائيات التعارضية‪ ،‬ومن مث إعالن أشكال التواصل القائمة بني املقدس‬
‫واملدنس‪ ،‬وهو ما يشاطره الرأي كفيه الباحث واملفكر عبد الرحيم العطري يف قوله‪ «:‬املقدس هو كفقط جتلي لإلهلي‬
‫(للديين) يف الزمان واملكان‪ ،‬والطقوس واجلسد والسلوك والعمران واهلندسة والطبيعة‪...‬اخل‪ ،‬ومن حيث هو كذلك‬
‫تظل إمكانية العبور من الزمن العادي إىل الزمن القدسي‪ ،»2‬أي إمكانية االنتقال من املدنس إىل املقدس‪ ،‬ومن‬
‫املقدس إىل املدنس حاضرة على الدوام‪.‬‬
‫إن املقدس موضوع ال حد له ألنه ال يعين مؤرخ األديان والعامل باألعراف وعامل االجتماع كفقط‪ ،‬وإمنا يعين‬
‫املؤرخ وعامل النفس والفيلسوف‪ ،‬كفمعركفة األوضاع اليت يضطلع هبا اإلنسان املتدين واخرتاق عامله الروحي‪ ،‬هي‬
‫إمجاال تعد تقدما يف معركفة عامة لإلنسان‪.3‬‬
‫كفاألشخاص املقدسون واملبجلون يظجر تقديسجم يف شخصية الويل الصاحل صاحب الكرامات واخلوارق‪ ،‬أما‬
‫األشخاص املدنسون كفوجودهم يف اجملتمع غري قليل‪ ،‬كفمنجم السحرة واملشعوذين وضاريب الرمل وغريهم‪ ،‬وعمل‬
‫هؤالء على إجي اد مكانة هلم داخل تراتبية اجملتمع‪ ،‬عرب امتجان عقول العوام والسذج ليحققوا مكسبا ماديا وآخر‬
‫اجتماعيا‪ ،‬وهو ما سأستعرضه بنوع من التحليل والتعليل يف الفصول القادمة من هذه األطروحة‪.‬‬
‫أما املقدس يف القاموس األنرتوبولوجي‪ ،‬كفجو صفة يطلقجا اجملتمع على أشياء وأماكن وأعمال يعتربها واجبة‬
‫االحرتام‪ ،‬كفيقيم هلا طقوسا دينية العتقاده باتصاهلا بعبادة اإلله‪ ،‬أو اآلهلة‪ ،‬أو املعبودات والقوى كفوق الطبيعية‪ ،‬أو‬
‫ألهنا ترمز إىل القيم األساسية للمجتمع‪ ،‬وهلذا كفجي مصونة من العبث أو التخريب‪.4‬‬

‫‪ - 1‬مارسي‪ ،‬الياد‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبد اهلادي عباس احملامي‪ ،‬ط‪ ،02‬دمشق‪ :‬دار دمشق للطباعة والنشر والتوزيع‪2911 ،‬م‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪Mirssia, Eliade: Aspect Du Mythe, Édition Gallimard,‬‬ ‫‪ -2‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪29‬؛‬
‫‪paris,1963, p 61‬‬
‫‪ - 3‬مارسي‪ ،‬الياد‪ :‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 4‬مصطفى‪ ،‬سليم شاكر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.127‬‬

‫‪10‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫وهناك تعريفات أخرى جاء هبا جمموعة من الباحثني واملؤرخني أمهجا تعريف جوزيف شلجود الذي يرى بأن‬
‫املقدس يعانق يف نفس الوقت كال من الطاهر والنجس‪ ،‬بينما الدين موجه حنو القداسة‪ ،1‬بينما يعركفه روجي كايوا‬
‫بوصفه مقولة احلساسية واليت تعترب ركيزة للديين وكذا اإلحساس باالحرتام الذي يغمر املؤمن‪ ،2‬كفاملقدس هو ما يثري‬
‫اخلوف ويبعث على الثقة واالحرتام‪ ،3‬أما األساطري واملعتقدات كفتحلل مضامينجا بطريقتجا اخلاصة‪ ،‬والطقوس‬
‫تستعمل خاصيتجا‪ ،‬أما األخالق الدينية كفإهنا مشتقة منجا‪ ،‬بينما الكجنوتية متنحجا‪ ،‬والقبور واألمكنة املقدسة وكذا‬
‫اآلثار الدينية تبثجا يف املكان وجتذرها‪ ،‬ومنه تعد الديانة هي إدارة املقدس‪.4‬‬
‫بناء على هذا التعريف كفإن للمقدس خاصية قد تكون ثابتة أو عابرة لبعض األشياء‪ ،‬كاألدوات املستعملة يف‬
‫الشعائر والطقوس‪ ،‬ولبعض الكائنات كامللك والرهبان‪ ،‬ولبعض األمكنة كالقبور واألماكن املرتفعة‪ ،‬ولبعض األزمنة‬
‫كأيام اآلحاد ورأس السنة ‪ ،5‬ويتمظجر هذا الطرح يف جمتمع املغرب األوسط يف تقديس األضرحة وقبور األولياء‪،‬‬
‫وكذا الزوايا كأماكن مقدسة باإلضاكفة إىل تقديس األيام كاجلمعة ويوم عاشوراء وغريها‪ ،‬وإن مل ترتبط بظاهرة‬
‫دينية‪.‬‬
‫يبدو احلديث عن التعارض بني املقدس والدنيوي شيئا غريبا عن املقدس ذاته‪ ،‬كفالطقوس تكشف الكيفية اليت‬
‫يشرف هبا نظام العامل على توزيع املقدس‪ ،‬تلك الكيفية اليت يسمجا غموض املقدس من ججة إنشطاره إىل مقدس‬
‫احرتام حييل إىل نظرية احملرمات‪ ،‬ومقدس انتجاك حييل إىل نظرية الفعل‪ ،6‬ويرتبط مقدس االحرتام بالوضع‬
‫االجتماعي‪ ،‬بينما يتصل مقدس االنتجاك بالبذل واهلدر واإلسراف‪ ،‬كفداخل مقدس االنتجاك وكفضائه الطقوسي ال‬
‫سلطة هناك سوى لسلطة اجلسد‪ ،‬وهو يبدد ويجدر طاقاته من دون احرتام للممنوعات أو احملرمات أو القواعد‬
‫الضامنة للوضع االجتماعي‪ ،7‬وال أدل على هذا من سلطة اجلسد يف الشطحات الصوكفية‪ ،‬أو التغلب على هذه‬
‫السلطة عن طريق متريغ اجلسد وحماربته يف منعه من التمتع مبلذات احلياة‪ ،‬بإخضاعه لتجربة التجويع والتقشف‬
‫وإرهاقه بالعبادات‪ ،‬واليت كفاضت بذكرها كتب املناقب الصوكفية‪.‬‬

‫‪joseph, chelhod: les Structure du sacré chez les Arabes, paris: maisonneuve et larose, 1964, - 1‬‬
‫‪p42.‬‬
‫‪Roger, caillois: Op.cit.p, p 18.- 2‬‬
‫‪op.cit. p 18 -19.-3‬‬
‫‪Ibid, p 18.- 4‬‬
‫‪Ibid, p 18 - 5‬‬
‫‪ - 6‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس اإلسالمي‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ - 7‬نفسه‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪11‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫أما يف موسوعة الالند الفلسفية‪ ،‬يعترب املقدس موضوع احرتام ديين من قبل مجاعة من املؤمنني‪ ،‬كفالكائنات‬
‫أو األشياء املقدسة هي تلك اليت تداكفع عن احملرمات وحتميجا‪ ،‬بينما تكون الكائنات أو األشياء املدنسة هي‬
‫اخلاضعة لتلك احملرمات‪ ،‬واليت ال جيوز هلا االتصال باألوىل إال مبوجب عبادات وشعائر حمددة‪.1‬‬
‫س‪:‬‬
‫رابعا‪ :‬ماهية الم َدنَ ْ‬
‫‪ /3‬تعريف المدنس‪:‬‬
‫الدنَس يف الثياب‪ ،‬أي لطخ الوسخ‪ ،‬وحنوه حىت يف األخالق‪ ،‬واجلمع أَدنَاس‪،‬‬
‫املدنس يف "لسان العرب"‪ ،‬من َ‬
‫س ي َدنس َدنَ ًسا‪ ،‬كفجو َدنس‪ ،‬أي توسخ‪ ،2‬أما يف القاموس األنرتوبولوجي كفاملدنس يعين كل شيء دنيوي‬
‫وقد َدنَ َ‬
‫خارج عن نطاق الدين‪ ،‬وكل سلوك ال ميت إىل الطقوس بصلة‪ ،‬ويرى الباحث جون كازينيف أن املدنس ينحصر‬
‫يف الالسوي‪ ،‬أي يف كل ما ال يتطابق مع مألوف الرؤية‪ ،‬حيث يقول‪ « :‬يكون مدنسا كل ما يشارك من قريب أو‬
‫من بعيد‪ ،‬مباشرة أو باملالمسة‪ ،‬يف انقالب النظام الطبيعي أو النظام االجتماعي‪.»3‬‬
‫ميكن القول أن املدنس هو كل ما هو قذر ومكروه‪ ،‬وهو ما جيعلنا يف مواججة حقيقة أنه ليس كل قذر أو‬
‫مشكوك يف نظاكفته مدنسا‪ ،‬كفكيف نفسر إذا صورة احلجاج الذين يغطيجم الغبار والتعرق ويكونون يف حالة إحرام‪،‬‬
‫حيث يسمح هلم بأداء الشعائر األكثر قداسة‪ ،‬وإن حيوانا للذبح مجما كان نظيفا يعترب مدنسا‪ ،‬عندما ال جيري‬
‫ذحبه حسب تعاليم الشريعة اإلسالمية‪ ،‬لكنه يعد صاحلا لالستجالك‪ ،‬ولو كان وسخا مادام ذحبه قد جرى حسب‬
‫ما يأمر به الدين‪ ،‬وعموما يظل مفجوم املقدس واملدنس‪ ،‬من املفاهيم اليت قلما نعثر عليجا داخل البحوث‬
‫والدراسات اليت تعاجل مثل هذه املفاهيم مبنطق العلم والبحث العقلي‪.‬‬

‫‪ - 1‬أندريه‪ ،‬الالند‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.2119‬‬


‫‪ -2‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬مج‪ /0‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 3‬جاك كازنييف وآخرون‪ :‬عشرة مفاهيم كربى يف علم االجتماع‪ ،‬البلد‪ :‬دار املنظومة‪ -‬نشر معجد اإلمناء العريب‪ ،‬مج‪ /0‬ع‪ ،21-27‬ص‬

‫‪12‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬موقع الطقس في مجال المقدس‬


‫كان الطقس ومازال موضوع حبث وتقصي يف العديد من الدراسات واليت حاولت ضبط مفجومه‪ ،‬خاصة وأن‬
‫املعاجم العربية القدمية مل تورد املصطلح يف معناه الذي أريده‪ ،‬بل أوردته بألفاظ مماثلة كاملناسك والشعائر وغريها‪،‬‬
‫وسأحاول ضبط ماهيته مبا خيدم موضوع البحث‪.‬‬
‫أوال‪ :‬ماهية الطقس‪:‬‬
‫الطقس لغة‪:‬‬
‫الطقس مجعه طقوس ويقصد به النظام والرتتيب‪ ،‬ويقصد به كل ما يتعلق بالشعائر والطرق الدينية‪ ،‬ومصطلح‬
‫الطقس املوجود يف معاجم اللغة العربية قصد به حالة اجلو وتقلبجا من حال إىل آخر‪ ،‬ومل أعثر على تعريف يفيد‬
‫املعىن الذي أريده‪ ،‬وأمجعت هذه املعاجم عل ى أن الطقس هو طريقة العبادات واالحتفاالت الدينية عند املسيحني‬
‫وعليه ال بد من الرجوع إىل أصل كلمة طَقس ‪ RIT‬املشتقة من الكلمة الالتينية ‪ ،RITUS‬واليت تعين‬
‫االستعمال املقدس‪ ،‬كففي الدين يعين الطقس جمموع احلركات اليت منارسجا يف ظرف معني‪ ،‬أو جمموعة القواعد‬
‫املستعملة يف العبادات‪ ،‬حسب االستعمال الذي ينص عليه هذا أو ذاك الدين‪.1‬‬
‫ويعين الطقس يف حياة اجملتمع كذلك العادات والتقاليد‪ ،‬كما يعين أنواع االحتفاالت املرتبطة مبعتقدات‬
‫ماورائية‪ ،2‬أكثر من دالالهتا على جمرد عادات اجتماعية‪ ،‬وهي أمناط من العمل املتكرر يف نوع من الثبات‪ ،3‬ومنه‬
‫كفالطقوس جمموعة من املمارسات أو احملظورات املتعلقة باملعتقدات السحرية أو الدينية‪ ،‬وعليه ميكن تعريف الطقس‬
‫بأنه واقعة ثقاكفية تؤشر على رمزية اجملتمع‪ ،‬وعلى تاريخ من القيم واملعايري اليت مت التواكفق عليجا‪ ،‬كفباتت تستعمل‬
‫بشكل تكراري مضبوط ومنمط اجتماعيا‪. 4‬‬

‫‪Mauris, Davan: Dictionaire Du Francais, Presses Universtaires de France, Paris, 1976, p -1‬‬
‫‪1062.‬حنان‪ ،‬محودا‪" :‬املاء كمنشط انثروبولوج ي إلنتاج الطقوس بواحة سكورة جنوب املغرب"‪ ،‬جملة إضاكفات (جامعة حممد اخلامس الرباط)‪،‬‬
‫ع‪ / 22-22‬شتاء ربيع ‪ ،1020‬ص‪.221‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬بركة األولياء‪ ،‬ص‪17‬‬
‫‪jean, cazeneuve: op.cit, p13. -3‬‬
‫‪ - 4‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪17‬؛ حنان‪ ،‬محودا‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬

‫‪13‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫الطقس اصطالحا‪:‬‬
‫الطقس اصطالحا يعرف بأنه الشعائر واملناسك واألعمال الدينية اليت تشكل اجلانب العملي من العقائد‬
‫والالهوت‪ ،1‬وتعرب عن بعض جوانب امليثولوجيا‪ ،2‬وتكسبجا صفة الدميومة واالتصال مع الالهوت‪ ،‬وهي وسيلة‬
‫للتعبري من أجل االخنراط يف عامل خارج اإلطار التجرييب‪ ،3‬كفالطقس بذلك ميثل تقليدا أو إجراءات متقادمة‬
‫اكتسبت هيبة دينية هلالة التقديس أو االحرتام الكبري هلذه الطقوس‪ ،‬وهي مبثابة بقايا لعادات أو معتقدات دينية‬
‫بائدة‪.4‬‬
‫كفالطقس كان سلوك كفردي أو مجاعي كفجو يلتزم مبجموعة من القواعد اليت تشكل طقوسيته وأبرزها التكرار‪،5‬‬
‫وهي الصفة األولية اليت يضطلع هبا الطقس‪ ،‬وهي وظيفة االسرتجاع اجلماعية املستذكرة ألصول األسطورة‬
‫والدين‪ ،6‬ويعكس الطقس احلالة االنفعالية اليت تصاحب األسطورة‪ ،‬ولعل اإليقاع املوسيقي والرقص كانا أول‬
‫أشكال هذا السلوك االنفعايل‪ ،‬الذي حتول تدرجييا إىل طقس مقنن وهو ما جنده يف االجتماعات الصوكفية‪ ،‬ويرتاكفق‬
‫تقنني الطقس وتنظيمه يف أطر حمددة ثابتة مع تنظيم التجربة الدينية وضبطجا يف معتقدات واضحة يؤمن هبا‬
‫اجلميع‪ ،‬ويرون كفيجا تعبريا عن جتارهبم الفردية واخلاصة‪ ،‬وبذلك يتحول الطقس من أداء كفردي حر إىل مجعي ذي‬
‫قواعد وأصول مرسومة بدقة‪ ،7‬وما يجمنا هنا هو البعد املقدس هلذه الطقوس‪.‬‬
‫يقوم الطقس احلر الفردي جنبا إىل جنب مع الطقس اجلمعي املنظم‪ ،‬وقد كانت الصالة يف املعابد وإنشاء‬
‫الرتاتيل واإلنشاد أبرز مظاهر الطقس املنظم قدميا‪ ،‬وبشكل عام ميكن القول بأن أية صورة ذهنية ال خترج من عامل‬
‫الفكر إىل عامل الفعل‪ ،‬هي صورة معرضة للتحجر أو التالشي والزوال‪ ،8‬وعليه كفالطقس هو تصريف اجتماعي‬

‫‪ -1‬الالهوت‪ :‬أو األلوهية علم يبحث يف وجود اهلل وذاته وصفاته ويقوم مقام علم الكالم عند املسلمني ويسمى أيضا علم الربوبية‪ .‬خزعل‪ ،‬املاجدي‪:‬‬
‫متون سومر‪ ،‬ط‪ ،2‬عمان‪ :‬األهلية للنشر ‪2991 ،‬م‪ ،‬ص‪.209‬‬
‫‪ - 2‬علم األساطري املتصلة باآلهلة وأنصاف اآلهلة واألبطال اخلارقني عند شعب من الشعوب‪ ،‬وبدل مصطلح أسطورة كفإن معظم املؤرخني يستعملون‬
‫كلمة التاريخ املقدس‪ ،‬أو القصة املقدسة‪Alan, Dundes: The Meaning Of Folklore: The Analytical Essays Of .‬‬
‫‪Alan Dundes, university press of colorado: 1984, p41-42.‬‬
‫‪ -3‬نور الدين‪ ،‬طواليب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21-22‬‬
‫‪ -4‬عزام‪ ،‬أبو محام مطور‪ :‬الفلكلور والرتاث الشعيب ( املوضوعات ‪ ،‬األساليب‪ ،‬املناهج)‪ ،‬ط‪ ،،2‬عمان‪ :‬دار أسامة للنشر والتوزيع ‪1007 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.20‬‬
‫‪ - 5‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪212‬؛ عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪17‬؛ الصديق‪ ،‬ثياقة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 6‬نور الدين‪ ،‬طواليب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 7‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬دين اإلنسان‪ ،‬ص ‪12-11‬؛ حنان‪ ،‬محودا‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ -8‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬دين اإلنسان‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪14‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫لسلطة املقدس حسب جون ميزوناف يف كتابه "السلوكات الطقوسية"‪ ،‬حيث يشري يف املقدمة إىل أن مصطلح‬
‫الطقس حيمل عموما معنيني‪ ،‬أحدمها خاص يدل على املمارسة أو احلفل الديين‪ ،‬واآلخر عام يدل على العادة أو‬
‫التقليد‪ ، 1‬ومنه كفإن الطقس يقوم على مستني أساسيتني مها املرجعية الدينية املاورائية‪ ،‬والسمة الثانية هي التكرار‬
‫والثبات‪ ،‬كفالطقس هو كل عمل يقوم به شخص مبفرده أو مجاعة من املتدينني سواء قلوا أو كثروا‪ ،‬مثل الصالة‬
‫عند املسلمني واحلج‪ ،2‬ويعترب من عناصر الثقاكفة اليت تنتقل من جيل إىل جيل عرب الزمن‪ ،‬وتتميز بوحدة أساسية‬
‫‪3‬‬
‫مستمرة‬
‫وعليه كفالطقس هو األكفق الذي تتبني داخله كل أمناط املقدس سواء يف أشكاهلا الرمزية التخيلية أو اللغوية‬
‫واجلسدية واألضحوية‪ ،‬أو يف أشكاهلا املادية واالقتصادية والسياسية‪ ،4‬ويغذيجا الرتاكم االجتماعي للعادات‬
‫والتقاليد واألكفكار‪ ،‬كفيصبح املعتقد ذا قوة آمرة قاهرة‪ ،‬كفجو يأمر يف حالة اإلجياب ويقجر يف حالة السلب‪ ،5‬ويصبح‬
‫الطقس هو األسلوب الذي ترتب به السلوكات الدينية واليت عادة ما تكون احتفالية بسبب ما يتخللجا من‬
‫ممارسات يسيطر عليجا الطابع التنظيمي‪.‬‬
‫إن ما يؤكد أمهية الطقس يف جمتمع رمزي باألساس كمجتمع املغرب األوسط هو معطى االستمرارية واالنتقال‬
‫عرب األزمنة واألمكنة‪ ،‬كفجي ممارسات تتجلى يف حقل املنظومات الرمزية‪ ،‬وحتل أكثر يف الشعائر واملمارسات‬
‫الدينية‪ ،‬وكذا يف سياق العادات والتقاليد‪ ،‬كفجي تنتقل من جيل إىل جيل آخر وتعرب عن جتذرها االجتماعي بل‬
‫وإلزامجا األدائي يف تدبري كثري من التصركفات االجتماعية‪ ،6‬إذا ما أخذنا يف االعتبار أن العادات هي منط سلوكي‬
‫يتميز عن املعتقد والطقس بأن اجملتمع يقبله عموما دون دواكفع أخرى عدى التمسك بسنن األسالف‪.7‬‬

‫‪Jean, Maisonneuve: Les Conduits Rituelles, Presses Universtaires de France, paris, 2eme -1‬‬
‫‪édition, 1995, p3‬‬
‫‪ - 2‬الصديق‪ ،‬ثياقة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 3‬أمحد‪ ،‬زكي‪ ،‬بدوي‪ :‬معجم مصطلحات العلوم االجتماعية‪ ،‬ط‪ ،1‬لبنان‪ :‬مكتبة لبنان‪2911 ،‬م‪ 12 ،‬جملد‪ ،‬مج‪ /29‬ص‪.291‬‬
‫‪-4‬نفسه‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪ - 5‬حسن السجيلي وحممد توكفيق‪ :‬املعتقدات الشعبية يف الرتاث العريب‪ ،‬ط‪ ،2‬دمشق‪ :‬دار اجلليل‪ ،‬ص‪.0‬‬
‫‪ - 6‬نفسه‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪- 7‬أيكة هولنكرانس‪ :‬مرجع سابق‪.211/2 ،‬‬

‫‪15‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫الطقوس هي جمموعة من املمارسات يقوم أكفراد اجملتمع بتأديتجا يف زمان ومكان معينني وكفق قوانني مميزات‬
‫ميكن حتددها اجلماعة‪ ،‬وتقام هذه الطقوس لقيمتجا الرمزية خاصة يف اجملتمعات الدينية كمجتمع املغرب األوسط‪،‬‬
‫وما هذه الطقوس إال جمموعة من األنشطة واألكفعال الثابتة واملرتبة واملتكررة داخل اجملتمع‪ ،‬كففي االنتولوجيا وعلم‬
‫االجتماع تدل الطقوس على جمموعة من املمارسات املفروضة أو املمنوعة املرتبطة باالعتقادات السحرية أو‬
‫الدينية‪ ،‬وهذا حسب التفرعات الثنائية للمقدس والدنيوي والطاهر والنجس‪1‬من ججة‪ ،‬وانشطاره إىل مقدس احرتام‬
‫( حييل على نظرية احملرمات)‪ ،‬ومقدس انتجاك ( حييل على نظرية احلفل)‪ ،2‬كففي احلفل جند اإلسراف يف األكل‬
‫والبذخ والسفور‪.‬‬
‫أما يف األنثروبولوج يا واليت اهتمت أكثر بتصنيف الطقوس حيث أن جيمس كفرايز قد وضع تصنيفات‬
‫للطقوس وقسمجا إىل جمموعة من األصناف‪ ،‬أشجرها الطقس االجيايب أو السليب‪ ،‬والطقس السحري أو الديين‪،‬‬
‫الطقس الفردي أو اجلماعي‪ ،‬الطقس االحتفايل أو القرباين‪ ،3‬أين تقام الطقوس للعديد من األغراض‪ ،‬كعيد الفطر‬
‫وعيد األضحى واملناسبات الدينية‪ ،‬أو إلشباع بعض احلاجات الروحية والعاطفية للمؤدين كطقوس االستمطار‪ ،‬أو‬
‫لتعزيز الروابط االجتماعية كمراسم اخلتان والزواج‪ ،‬أو كدليل على االحرتام والطاعة للويل أو صاحب الضريح‪ ،‬أو‬
‫كمؤشر لبداية بعض األحداث كموسم الزرع أو احلصاد مثال‪ ،‬وجمتمع املغرب األوسط أحد هذه اجملتمعات‬
‫اإلنسانية اليت أردت تسليط الضوء على تفاعله مع مقدساته عن طريق ممارسة بعض املراسم والطقوس اليت حتمل‬
‫خصوصية هذا اجملتمع‪.‬‬
‫وتعترب املراسم والطقوس بأنواعجا املختلفة أحد مسات كل اجملتمعات اإلنسانية‪ ،‬سواء يف املاضي أو احلاضر‪،‬‬
‫أيضا لتشمل طقوس العبور‪،‬‬
‫وال تقتصر الطقوس واملراسم على األنواع املختلفة من طقوس الـعبادة‪ ،‬ولكنجا متتد ً‬
‫وميكن تعريف الطقس من خالل ما سبق على أنه تنظيم مركب للنشاط اإلنساين‪ ،‬ويتضمن استخدام أساليب‬
‫السلوك اليت تتسم بقدرهتا على التعبري عن العالقات االجتماعية‪ ،‬وهو إبداعات ثقاكفية بالغة اإلتقان تقتضي‬
‫‪.4‬‬
‫ترابط أكفعال وأقوال وتصورات أعداد كبرية من البشر على امتداد أجيال عديدة‬

‫‪ - 1‬منصف‪ ،‬احملواشي‪ :‬الطقوس وجربوت الرموز‪ -‬قراءة يف الوظائف والدالالت ضمن جمتمع متحول‪ ،‬جملة إنسانيات‪ ،‬كراسك‪ ،‬وهران‪ :‬اجلزائر‪،‬‬
‫عدد‪1020 ،29‬م‪ ،‬ص ص ‪ ،22-21‬ص‪10‬؛ كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬دين اإلنسان‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -2‬روجيه‪ ،‬كايوا‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ - 3‬جيمس‪ ،‬جورج كفرايزر‪ :‬مرجع سابق‪.19 ،‬‬
‫‪ -4‬حممد‪ ،‬اخلطيب ‪ ،‬األنثروبولوجيا الثقاكفية‪،‬ط‪ ،1‬عمان‪ -‬األردن‪ :‬دار عالء الدين للنشر والتوزيع و الرتمجة‪1001 ،‬م‪ ،‬ص‪.00- 19‬‬

‫‪16‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫يتوجب التمييز بني عدد من الطقوس كفجناك طقوس اإلباحة – طقوس التشفع واالسرتضاء‪ -‬طقوس التكجن‪-‬‬
‫طقوس التلقني – طقوس املرور‪ -‬طقوس الزراعة‪ -‬طقوس السلبية أو احملظورة‪ ،1‬كفاألمر يتعلق مبجتمع حيضر كفيه‬
‫الطقوسي يف كل حركاته وسكناته‪ ،‬كفما من كفعالية اجتماعية إال وهلا ما يربرها ويعضدها من طقوس األداء‪،‬‬
‫واالشتغال مبا يفيد حضور عنصر التوظيف واالستثمار يف خمتلف هذه املمارسات وهو ما يظجر جبالء أكثر يف‬
‫حقل الرتاتبيات االجتماعية ( وهو األمر البارز يف جمتمع املغرب األوسط)‪ ،‬حيث احلاجة مستمرة إلظجار التفوق‬
‫على الزبناء واألتباع واملناكفسني يف كل شيء‪ ،‬حىت يف مستوى التدين واحرتام الطقوس واملعتقدات‪.2‬‬
‫نستنتج من حصاد ما سبق أن الطقوس هي جمموعة من األكفعال واحلركات واألقوال واألشياء املقننة‪ ،‬واليت متثل‬
‫جمموعة من التمثالت اليت تتكرر كل مرة عندما حتدث بشكل عرضي أو عادي وأحداث أو ظروف يف جمتمع ما‪،‬‬
‫مثال الكسوف أو اخلسوف أو اجلفاف أو املرض أو املوت ‪ ،3‬انطالقا من هذا التعريف ميكن رصد مجلة من‬
‫اخلصائص والصفات اجلوهرية للطقوس‪.‬‬
‫‪ -‬الطقوس سلوكيات منطية ذات طابع تكراري‪ ،‬كفالطقس شكل ثابت نسبيا ومتكرر أو يتوقع أن يتكرر‪.‬‬
‫‪ -‬جتسد من خالل سلوكيات احتفالية مجاعية أو كفردية خاضعة لبعض القواعد‪ ،‬ومنه كفجي مؤسسة أو مفروضة من‬
‫قبل اجملتمع‪.‬‬
‫‪ -‬احتفالية حيث أهنا متارس من خالل جمموعة من األنشطة اإلنسانية‪ ،‬بغرض العبادة أو التقديس‪.‬‬
‫‪ -‬هي رمزية وليست ذات أهداف نفعية‪.‬‬
‫‪ -‬مهزة وصل مع الكائنات املاورائية‪ ،‬إذ أهنا ال تلتزم بقواعد العقل واملنطق‪.‬‬
‫‪ -‬مرتبطة باألساطري كفاألسطورة هي مبثابة التعليق أو املناقشة أو تفسري للطقوس‪ ،4‬إن املتتبع للمقدسات واملعتقدات‬
‫واملمارسات والطقوس يف جمتمع املغرب األوسط جيد بأن مجيع هذه اخلصائص موجودة وبشكل جلي‪ ،‬وهو ما‬
‫ستؤكده الصفحات القادمة‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 29‬هامش ‪.2‬‬


‫‪ -2‬نفسه‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪Francois, Gresle: Dictionnaire Des sciences Humaines Anthropologie, Sociologie, - 3‬‬
‫‪Psychologie, Sociale, Édition nathan: paris, 1994, p 326.‬‬
‫‪ -4‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية يف منطقة تلمسان‪ -‬رسالة ماجستري يف األنثروبولوجيا‪ ،‬كلية ‪ ،‬جامعة أيب بكر بلقايد – تلمسان (اجلزائر)‪،‬‬
‫‪1001‬م‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪17‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫بالرجوع إىل عملية انتقال املقدس إىل مرحلة ممارسة الطقوس كفجو حيتاج إىل أدوات‪ ،‬أمهجا السرد واحلكاية من‬
‫أجل الظجور يف العامل والتجلي يف الكون واإلشراق يف العقول‪ ،‬والتحدث إىل الناس بلغة مبسطة وأشكال مرئية‬
‫وأصوات مسموعة‪ ،‬ولكي يعرب عن رسالته يف أكفكار منطقية مستساغة‪ ،‬وعلى هذا النحو يقوم السرد بوظيفة‬
‫التوسط يف إبالغ كفحوى النسق االعتقادي وأركانه‪ ،‬ويعمل على تفصيل أحكامه واشتقاق عناصره من مبادئه‬
‫وكلياته ورسم احلدود اليت تفصله عن الدنيوي وعن املدنس‪.1‬‬
‫ومن ججة أخرى كفإن السرد حيتاج إىل القداسة من أجل كسب الشرعية والظفر باهليبة‪ ،‬وانتزاع االعرتاف من‬
‫النفوس وتشغيل آلية االقتناع ومنظومة التصديق‪ ،‬ومينحه العامل الديين الركفعة والعلو واالستقامة والنزاهة‪ ،‬وهبذا‬
‫املعىن يؤدي املقدس دورا مجما للسرد وميثل مركز ثقله ومنجاجه التقوميي‪ ،‬ويزيد من محولته وكثاكفته الرمزية باملقارنة‬
‫مع أشكال سردية أخرى يف احلياة العامة ويف ساحة الثقاكفة والعلم‪.2‬‬
‫ال يج منا كثريا مصدر املقدسات إن كان وثنيا أو إسالميا أو هو نتيجة تفاعل بينجما‪ ،‬بقدر ما يجمنا‬
‫استمرارها وتأثريها على ذهنية جمتمع املغرب األوسط يف زمن غلبت عليه الذهنية االستسالميه واجتاحته الكوارث‬
‫والطواعني‪ ،‬وهو ما ساعد على ظجور األسطورة وتغلغلجا داخل هذا اجملتمع‪ ،‬وعليه وجب علينا التساؤل حول‬
‫ماهية األسطورة؟ وكيف سامهت يف تشكيل الذهنية االستسالميه التقديسية لبعض الظواهر الطبيعية أو بعض‬
‫القوى اخلارقة اليت تنسب إىل بعض األشخاص‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬األسطورة لغة‪:‬‬
‫ورة‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫َساطري واألَبَاطيل‪ ،‬هي أحاديث ال نظام هلا‪ ،‬مفردهتا إسطَار وإسطَاَرة‪ ،‬وأَسطري وأسطور وأسط َ‬
‫األ َ‬
‫َسطََر كفالن علينا‪ ،‬إذا جاء بأحاديث تشبه األباطيل‪ ،‬ويقال‪ :‬هو يَسطر ما ال أصل له أي يؤلف‪ ،3‬واشتقاق كلمة‬
‫أسطورة يف العربية يقارب اشتقاقجا يف اللغات األجنبية‪ ،‬كفكلمة(‪ ،)MYTH‬مشتقة من األصل‬
‫اليوناين(‪ )MUTHAS‬وتعين قصة أو حكاية‪ ،4‬وعادة تكون هذه احلكاية الرمزية التأسيسية واليت من طبيعتجا‬
‫أهنا تكتسي بغالف خارجي يبدو وكأنه غري قابل للتصديق‪ ،‬كأن تتكلم احليوانات أو هتبط النجوم على األرض‪،‬‬

‫‪ -1‬زهري‪ ،‬اخلويلدي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬


‫‪ -2‬نفسه‪ ،‬ص‪10‬‬
‫‪ - 3‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪.202/2 ،‬‬
‫‪ - 4‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬دين اإلنسان‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪18‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫وتتميز األسطورة بانشقاقجا الداخلي بينما تتظاهر بقوله وما تريد تسريبه ضمنيا‪ ،‬كفليست كلجا أباطيل وليست‬
‫كلجا حقائق‪.1‬‬
‫األسطورة اصطالحا‪:‬‬
‫ميكن القول بأن األسطورة هي حكاية مقدسة ذات مضمون عميق‪ ،‬يكشف عن معاين ذات صلة بالكون‬
‫والوجود وحياة اإلنسان‪ ،2‬وألن األ سطورة اليت يعيش عليجا شعب من الشعوب تشكل جزءا ال يتجزأ من ذاكرته‬
‫وضمريه ومن بنيته جمتمعة‪ ،‬لذلك ال يجون عليه هدمجا بسجولة‪.3‬‬
‫األسطورة تعطينا اإلحساس بالوحدة بني املنظور والغييب‪ ،‬بني احلي واجلامد بني اإلنسان وبقية مظاهر احلياة‪،4‬‬
‫ولكي تؤسس األسطورة البد أن تعتمد يف جانبجا على خلق نظامجا اخلاص‪ ،‬وهو نظام قوة املاورائيات‪ ،‬وهو نفس‬
‫الدور الذي تلعبه امليتاكفيزيقيا يف الثقاكفات املتطورة‪ ،5‬ويعرب عنجا بطريقتني‪ :‬األوىل‪ :‬تتبدى بالطقس‪ ،‬والثانية‪ :‬ذهنية‬
‫تتبدى باألسطورة‪ ،6‬ويف هذا الصدد يقول مارسي إلياد‪ « :‬األسطورة حتكي تارخيا مقدسا‪ ،‬بيد أن زاوية تاريخ‬
‫مقدس تعادل كشف أسطورة‪ ،‬ألن شخصيات األسطورة ليست كائنات بشرية‪ ،‬كفاألسطورة إذن هي التاريخ ملا‬
‫سبق حصوله يف الزمن األول‪ ،‬واألسطورة تكشف القداسة املطلقة ‪.»7‬‬
‫ويرى مارسي الياد أن الطقوس واألساطري تبقى عموما آلية يصعب إجياد حتديد دقيق ووحيد هلا‪ ،‬كففي أغلب‬
‫اجملتمعات القدمية والتقليدية حتتوي األساطري أو الطقوس على حقيقة ثقاكفية معقدة جدا‪ ،‬واليت ميكن تفسريها‬
‫ومناقشتجا من وججات نظر متعددة‪ ،‬وهي ذاهتا حكاية مقدسة تدور زمنيا عن أصل عمليات اخللق األوىل وحتتمل‬
‫أبعادا أسطورية‪ ،‬ويتم عبورها بواسطة ممارسة الطقوس واملتمثلة حسب مارسي الياد بتجليات املقدس‪ ،‬وهي تؤدي‬
‫أيضا وظيفة حيوية وتصون املبادئ األخالقية وتضمن كفعالية االحتفاالت الطقوسية وتقدم القواعد العملية احملددة‬
‫لفعل وممارسة اإلنسان‪ ،‬وبالتايل كفجي عنصر أساسي من احلضارة اإلنسانية‪.8‬‬

‫‪ - 1‬ياروسالف‪ ،‬ستيتكيفيتش‪ :‬مرجع سابق‪،20 ،‬‬


‫‪ - 2‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬األسطورة واملعىن‪ -‬دراسات يف امليثولوجيا والديانات الشرقية‪،‬ط‪ ،2‬دمشق‪ :‬منشورات دار عالء الدين‪2997 ،‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 3‬مجدي‪ ،‬طه مكي‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪11‬؛ إلياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪7-0‬؛ ركفيق‪ ،‬حبيب‪ :‬املقدس واحلرية‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ :‬دار املعارف‪،‬‬
‫‪2991‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -4‬صاحل‪ ،‬ابن محادي‪ :‬دراسات يف األساطري‪ -‬املعتقدات الشعبية‪ ،-‬ط‪ ،1‬تونس‪ :‬بوسالمة للطبع‪2912 ،‬م‪ ،‬ص‪.20-1‬‬
‫‪ -5‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬األسطورة واملعىن‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -6‬نفسه‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫‪ - 7‬إلياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.72-72‬‬
‫‪ - 8‬حنان‪ ،‬محودا‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.227‬‬

‫‪19‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫ومن هنا يتضح أن هناك عالقة وطيدة بني الطقس واألسطورة‪ :‬كفجناك طقوس متارس من دون مرجعية‬
‫ميثولوجية‪ ،‬وهناك أساطري دون طقوس‪ ،‬لكن جند أساطري نشأت من أنواع الطقوس‪ ،‬ووجود طقوس نشأت عن‬
‫أساطري‪ ،‬وتعرب الكرامة يف الطقس عن الفكرة كما يعرب السلوك واحلركة عن الصورة الذهنية اليت تنشأ أثناء‬
‫التفكري‪ ،1‬وهو ما يدعونا لنتساءل هل نشأ الطقس من األسطورة أم نشأت األسطورة من الطقس؟‬
‫قد تتحول األسطورة إىل دين‪ ،‬أو يتم امتصاصجا من خالل السيطرة الدينية املثالية‪ ،‬إذا ما اعتربنا أن‬
‫األسطورة تفسري وتأويل لشعائر دينية‪ ،‬وهي على العموم ال تؤلف إال بعد ما تزول أو تضيع الفكرة البدائية اليت‬
‫دعت إىل اختاذ تلك الشعائر أو التقاليد‪ ،2‬كفاألسطورة عادة ال تشرح كيف بدأت الشعائر والعادات‪ ،‬بل إهنا‬
‫بنفسجا حتتاج إىل تفسري‪ ،‬ولذلك تفسر بواسطة العادات اليت تتعلق هبا‪ ،3‬كفاألسطورة ال تعرف مؤلفا معينا كفجي‬
‫ظاهرة مجعية‪.‬‬
‫واألسطورة هي نتاج الطقس األسبق عليجا يف تاريخ الدين‪ ،‬كفالطقوس املؤسسة منذ زمن مغرق يف القدم‪ ،‬تفقد‬
‫مبرور األيام معناها وغايتجا‪ ،‬وتتحول إىل إجراءات غامضة ال يعرف ممارسوها والقيمون عليجا مدلوالهتا‬
‫ومضامينجا‪ ،‬وهنا تأيت األسطورة لكي توضح أصل الطقس ومعناه‪ ،‬وتقدم تفسريا مقنعا لتلك اإلجراءات اليت‬
‫تناقلتجا األجيال‪ ،4‬وألن الرصيد االعتقادي دائم الستمرار هذه املعتقدات بالغ الضخامة وميتد جبذوره إىل مراحل‬
‫تارخيية موغلة يف القدم‪ ،‬كفإن العامة يف املغرب األوسط مل يكونوا مبنأى عن هذه السيطرة ملدة طويلة‪.‬‬
‫أما عن زمن األسطورة كفإن أحداثجا جتري يف زمن مقدس غري الزمن احلايل‪ ،‬ومع ذلك مضامينجا أكثر صدقا‬
‫وحقيقة بالنسبة للمؤمن من مضامني الروايات التارخيية‪ ،‬اليت قد يشكك كفيجا ويعطي لنفسه احلق يف تصديقجا أو‬
‫تكذيبجا‪ ، 5‬هذه احلرية يف التصديق من عدمه قد يتحكم كفيجا املنطق العقلي أحيانا‪ ،‬لكن سلطة األسطورة ليست‬
‫من الربهان العقلي ألهنا تلجأ إىل اخليال والعاطفة‪ ،‬وهو ما حييلنا إىل ظاهرة الكرامة الصوكفية يف جمتمع املغرب‬
‫األوسط‪ ،‬واليت انطبقت عليجا مميزات وخصائص األسطورة‪ ،‬من حيث الشكل‪ ،‬السلطة‪ ،‬واملشروعية‪ ،‬وامتدادها‬
‫الزمين الطويل ( تاريخ الزمن الطويل) ‪.‬‬

‫‪ - 1‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬األسطورة واملعىن‪ ،‬ص‪.220‬‬


‫‪ - 2‬عبد املعيد‪ ،‬خان حممد‪ :‬األساطري العربية قبل اإلسالم‪ ،‬القاهرة‪ :‬جلنة التأليف والرتمجة والنشر‪2927 ،‬م‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪ - 3‬عبد املعيد‪ ،‬خان حممد‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ - 4‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬األسطورة والدين‪ ،‬ص‪221‬؛ علي‪ ،‬زيعور‪ :‬الكرامة الصوكفية واألسطورة واحللم ‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الطليعة ‪2997 ،‬م ‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ -5‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪20‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫برجوعنا لألسطورة يف الفكر اإلسالمي كفإننا جندها تعترب ضربا من الوهم والكذب والباطل‪ ،‬وهلذا جند الكثري‬
‫من املفكرين املعاصرين دعوا إىل ضرورة تفعيل العقل للنظر يف املفاهيم ( املقدس والطقس)‪ ،‬ومن بني هؤالء‬
‫املفكرين جند حممد أركون الذي نوه إىل املوقف السليب اجتاه هذه املفاهيم ‪ :‬وحسب رأيه كفإن كفكر املسلمني بقي‬
‫كفرتة طويلة يوصف باجلمود واالنغالقية‪ ،1‬وهذا االنغالق طبع وطغى على املدونة الوسيطة خاصة املناقبية‪ 2‬الراكفضة‬
‫للتشكيك يف ما ورد من أساطري حول األولياء والصلحاء‪ ،‬وهو ما منع إعمال العقل يف نقل أخبار الكرامات‬
‫واخلوارق‪ ،‬وهو ما يفسر الكم اهلائل من الروايات اخلوارقية اليت تزخر هبا املدونة الوسيطة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬رمزية الطقوس وعالقتها باالعتقاد‬
‫أوال‪ :‬الرمز‪:‬‬
‫ال ميكن االختالف يف كون اإلنسان كائن رمزي‪ ،‬كفالرموز والطقوس حتديدا تشكل أساس التفاعالت االجتماعية‬
‫لألكفراد واجلماعات‪ ،‬بل إن تاريخ اإلنسان ويف خمتلف اجملتمعات هو تاريخ رموزه وإشاراته ومعانيه‪ ،‬كما أن اجملتمع حسب‬
‫قول ليفي سرتاوس‪ « :‬يعرب عن حركيته بصورة رمزية أكثر منجا مادية‪ ،‬وذلك عن طريق العادات والطقوس واملؤسسات»‪.3‬‬
‫كفالرمز حيتمل القراءة والقراءة املضادة‪ ،‬ويفتح الباب أمام احتماالت التأويل نظرا لكونه عالمة يف البدء حتتاج إىل قراءة‪،‬‬
‫كفالرمز هو عالمة اصطناعية خمتزلة اختزاال تكثيفيا‪ ،‬ومبا أهنا كذلك كفجي حاملة باألساس لقيم ومعتقدات ومتثالت‪ ،‬كفكل‬
‫رمز هو محال أوجه ودالالت للمعىن‪ ،4‬كفعن طريق االستعمال الدائم يتكرس الرمز وتتأسس سلطته التأثريية‪ ،‬كما أنه عن‬
‫طريق تطقيس الرمز وتقديسه وتصريفه يف اجملال تتوطد هذه السلطة وتصري موجبة للخضوع واهليبة يف البناءات اخلاصة‬
‫مثال ‪ :‬املساجد – الزوايا والضرائح‪ -‬وقباب األولياء املتججة حنو السماء واليت تؤسس للسلطة الرمز من خالل حضورها‬
‫اجملايل‪ ،5‬وهو ما ستكشف عنه هذه الدراسة‪.‬‬
‫لطاملا قامت الرموز املصركفة أثناء ممارسة الطقوس على تقوية سلطة الطقس وحدث االحتفال به‪ ،‬وبالتايل‬
‫ضمان استمرارية مضامني أسطوريته التأسيسية‪ ،‬كقصص أسطورية جمسدة لثقاكفة شفاهية يتناقلجا أكفراد اجملتمع جيال‬

‫‪ - 1‬حممد‪ ،‬أركون‪ :‬معارك من أجل األنسنة يف السياقات اإلسالمية‪ ،‬تر‪ :‬هاشم صاحل‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الساقي‪ ،1002 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -2‬التفسري املعجمي للفظة َمنـ َقبَة حييل على الطريق الضيق بني دارين واألثر العميق يف الشيء وكرم الفعل واملفخرة واألخالق احلسنة‪ ،‬أما النَ ِقيبَة كفجي‬
‫مين الفعل والطباع الفطرية يف مدلوهلا الشخصي اليت تعين النفس أو اخلِل َقة أو الطبيعة‪ ،‬كما ميكن أن تعين كلمة نقيبة أيضا نفاذ الرأي‪ ،‬وهو ما دكفع‬
‫ب ومدلوله اجملازي الذي يقصد به كفَك طَل َسم وَكشف ِسر َدكفِني‪ .‬عيسى لطفي‪ :‬مرجع سابق‪،‬‬
‫الشَراح إىل إقامة عالقة بني األصل اجملرد للكلمة أي نـَ َق َ‬
‫ص‪. 11‬‬
‫‪ - 3‬كلود ليفي سرتاوس‪ :‬األسطورة واملعىن‪ ،‬تر‪ :‬صبحي حديد‪ ،‬ط‪ ،2‬احملمدية‪ :‬دار امللتقى للنشر والتوزيع‪ ،1000 ،‬ص‪.11‬؛ عن عبد الرحيم‪،‬‬
‫العطري‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص ‪10‬؛ حنان‪ ،‬محودا‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪5‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪21‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫بعد جيل‪ ،‬والدالة يف كنججا على النظام االجتماعي وعاداته وتقاليده وبنية أعراكفه‪ ،‬وتتوزع هذه الطقوس ما بني‬
‫املمارسات التمثيلية ملواضيع متكاملة األدوار من حيث رموزها ودالالهتا‪ ،‬وما بني العمليات الذهنية املموقعة‬
‫للتصورات والتمثالت الثقاكفية واالجتماعية والدينية القدسية املصبغة على موضوع رمزية املقدس‪.1‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق كفإن الرموز من الناحية األنثربولوجية‪ ،‬هي مبثابة آلية يتم توظيفجا لرتمجة مضامني وصور‬
‫املقدس بكل جتلياته‪ ،‬كفالرموز هي حاملة لدالالت اخلصب والغيث والتضامن‪ ،‬وكذا لقيم االتصال بالطبيعة عرب‬
‫ممارسة طقوس العبور‪ ،‬اليت ميكن اعتبارها مبنزلة حمطات سوسيوثقاكفية تكرارية تؤرخ لرموز املقدس املائي‪ ،‬وهي غالبا‬
‫ما متارس لتصريف قيم ومعايري الواقع الطبيعي واملناخي الصعب وتكريسه رمزيا وطقوسيا ‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع الرموز المقدسة ( الرمزية المائية وتقديس العيون المائية أنموذجا)‪:‬‬
‫تنوعت الرموز املقدسة اليت مت توظيفجا يف املغرب األوسط بني األشكال واأللوان‪ ،‬من ذلك شكل حذوة‬
‫احلصان واهلالل والنجمة واخلمسة واللون األخضر واألبيض وغريها‪ ،‬وكان املاء أكثر هذه الرموز حضورا واستعماال‬
‫كفاحلديث عن بنية الرمزية املائية وتقديس العيون املائية باملغرب األوسط‪ ،‬حييلنا إىل البحث يف دالالت "املاء"‬
‫وكيف أصبح رمزا مقدسا‪ ،‬خاصة يف بيئة أقل ما يقال عنجا أهنا بيئة ذات طبيعة زراعية يكثر كفيجا استعمال املاء‪.‬‬
‫إن ا ملتأمل يف هذه املمارسات الطقوسية جيد أن املاء حيمل أكثر من داللة‪ ،‬ولعل ذلك يتجلى يف كون املاء‬
‫مصدر احلياة كلجا‪ ،‬أضف إىل ذلك أنه يرمز إىل دالالت كثرية‪ ،‬كففي معجم الرموز ذكر يف مقدمة لفظة املاء ميكن‬
‫أن ختتزل الداللة الرمزية للماء يف ثالث حماور أساسية‪" ،‬مصدر للحياة" "وسيلة للتطجري" "مركز جتدد" هذه احملاور‬
‫الثالثة تلتقي يف العادات القدمية‪ ،3‬لدى مجيع اجملتمعات خاصة الرعوية أو الريفية كمجتمع املغرب األوسط‪.‬‬
‫وبتحليل القيم الدينية للمياه ندرك بشكل أكفضل البنية الوظيفية للرمز‪ ،‬وعليه كفإن الرمزية املائية هنا تلعب دورا بارزا‬
‫يف احلياة الدينية البشرية‪ ،‬كفبفضل الرموز يصبح العامل شفاكفا وقابال إلظجار التصاعد‪ ،4‬تكاد ترجع أغلب أساطري‬
‫اجملتمعات البشرية القدمية أصل الكون واحلياة ومجيع أصناف املخلوقات إىل املاء‪ ،5‬واليت تعرب عنجا داخل قوالب‬
‫معركفية أسطورية شائعة الصدى منذ القدم‪ ،‬كأشكال من املعتقدات واملوروث الشعيب املتصل باملاء‪ ،‬وترتمجه‬

‫‪ - 1‬حنان‪ ،‬محودا‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪Jean Chevalier et Alain Gheerbrant: Dictionnaire des syinboles, Édition Robert lafont, -3‬‬
‫‪paris,1986, p 374.‬‬
‫‪ - 4‬إلياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ - 5‬كان املاء موضوعا للعبادة عرب طقوس تبجل وتقدس آهلة املاء‪ ،‬واليت تتعدد ما بني آهلة البحار وآهلة األهنار وآهلة اآلبار واملغارات املائية‪ ،‬إىل غري‬
‫ذلك من اجملاالت املائية املقدسة يف بلدان مشال إكفريقيا قبل اإلسالم‪ .‬حنان‪ ،‬محودا‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪22‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫كمضامني دالة على موضوع املقدس واخلصوبة واحلياة واملوت‪ ،1‬كفاملياه مستودع كل إمكانيات الوجود‪ ،‬كفاملياه لدى‬
‫بعض سكان املغرب األوسط يستعمل يف اإلراقة اجلنائزية كماء تغسيل امليت‪ ،‬وتطجريات املواليد اجلدد أو‬
‫اال ستحمامات الطقوسية كحمام العروسة‪ ،‬أو االستحمام يوم عاشوراء‪ ،‬وبسبب هذه املناسبات واملمارسات‬
‫تتحول طبيعة املياه حسب اعتقادهم‪ ،‬من املياه العادية إىل مياه مقدسة تنتج صحة وخصبا‪ ،‬وهو ما سأتطرق إليه‬
‫بالتفصيل يف احلديث عن توظيف املاء املقدس يف املناسبات واالحتفاالت وحىت اجلنائز‪ ،‬كفاملياه كما قال إلياد‬
‫مارسي تغسل الذنوب ويف الوقت ذاته مطجرة ومولدة‪.2‬‬
‫"املقدس املائي" يشكل جزءاً مجما من بنية املعتقد لدى مجيع األمم وخباصة سكان املغرب األوسط‪ ،‬واملتمثلة‬
‫بنسق من االحتفاالت والطقوس والتصورات املرتبطة حول موضوع املقدس وعالقة املاء ورموزه بدالالت اخلصوبة‪،‬‬
‫حيث أثرت على البنية الذهنية والسيكولوجية والسوسيولوجية للمجتمع املغرب األوسط الذي حيتفي مبجاالت‬
‫العيون كأمكنة للتربك والتشايف من العقم ومن السحر‪ ،‬ويتم توظيفجا كمزارات من لدن النساء طمعا يف الزواج‬
‫واإلجناب وكفك قيود السحر إ ىل غري ذلك من األشكال واملمارسات اليت ترتجم بنية ذهنية جمتمع املغرب األوسط‬
‫الزاخرة بطقوس الزيارة والتربك‪.3‬‬
‫ثالثا‪ :‬المعتقد‪:‬‬
‫يعرف املعتقد بأنه أحد أشكال التعبريات اجلمعية اليت خرجت من حيز التأمل الذهين‪ ،‬ويبدو أن توصل اخلربة‬
‫الدينية إىل تكوين معتقد هو حا جة سيكولوجية ماسة‪ ،‬ألن املعتقد هو الذي يعطي للخربة الدينية شكلجا املعقول‬
‫الذي يعمل على ضبط وتقنني أحواهلا‪ ،‬وقد حتدث مواججة بني ما هو غييب الذي يعده قدسيا يف نفسه وخارج‬
‫عن سيطرته‪ ،‬وبني ما حيدثه هذا الطقس من انفعاالت تؤدي إىل حقائق معينة‪ ،‬يف حني ينتج عن هذه املواججة ما‬
‫يسمى باملعتقد الذي تصوغه اجلماعة من أجل إسقاط التجربة الداخلية على العامل اخلارجي‪.4‬‬
‫ميكن القول أن املعتقدات هي جمموعة األكفكار واملبادئ اليت تبناها الناس ويؤمنون بصحتجا‪ ،‬ويتم االتفاق على‬
‫أمهيتجا وصحتجا لفرتة زمنية معينة‪.‬‬

‫‪ -1‬حنان‪ ،‬محودا‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪- 2‬إلياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ -3‬حنان‪ ،‬محودا‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ -4‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬دين اإلنسان‪ ،‬ص ‪.27‬‬

‫‪23‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬االستشراق ونظرية مقدس االختراق‪.‬‬


‫الحظ بعض األكادميني واملؤرخيني على رأسجم األستاذ الباحث عبد العزيز كفياليل يف كل ما أجنزه رواد‬
‫املدرسة التارخيية الفرنسية‪ ،‬يف معظم مصنفاهتم حول تاريخ اجلزائر يف عصورها املختلفة‪ ،‬كفوصفجا بالعنصرية‬
‫والتطرف واالبتعاد عن املوضوعية أكثر من غريها‪ ،‬باعتمادها على مصادر يونانية‪ 1‬ورومانية‪ 2‬وبيزنطية‪ ،‬وهي‬
‫عناصر كان بعضجا حمتال هلذه الربوع ومستغال لشعوهبا‪ ،‬حبيث نظر مؤرخو هذه املصادر إىل بالد املغرب وأهله‬
‫نظرة تَـتَ ِسم بالكثري من التشويه والتحامل‪ ،‬يريدون بذلك أن يؤثروا على جمرى األحداث والتطورات ويغريوها‪ ،‬عن‬
‫طريق خلق نظريات وكفرضيات عديدة تتصل بتاريخ بالد املغرب القدمي‪ ،3‬حماولني إرجاع مقدسات سكان املغرب‬
‫اإلسالمي عامة واملغرب األوسط على وجه اخلصوص إىل املقدسات واملعتقدات الوثنية‪ ،‬يف حماولة إلزالة أي عالقة‬
‫للموروث احلضاري املغاريب بالدين اإلسالمي‪.‬‬
‫لذا ميكن القول أن موقف عبد العزيز كفياليل وغريه من املؤرخني اجلزائريني الذين يشاطرونه الرأي‪ ،‬الذي جاء‬
‫انطالقا من اطالعه على ما جاء يف كتب القدماء وموقفجم من أهل املغرب‪ ،‬بأهنم أناس غري متحضرين جيسدون‬
‫كل مظاهر التخلف واهلمجية‪ ،‬وال ميكن احملاكفظة على السلم واألمن معجم‪ ،‬وال ميكن اعتبارهم من ساللة البشر‪،‬‬
‫كما مت وصفجم بأهنم حيبون بطبعجم الفوضى‪.4‬‬
‫وهو الرأي الذي عارضه الباحث عبد العزيز كفياليل‪ ،‬وذكر أن املدرسة التارخيية الفرنسية مل تتورع يف التحامل‬
‫على اجملتمع املغريب يف عصوره املختلفة‪ ،‬بأحكام ظاملة مليئة بالقرارات اخلاطئة اليت بنتجا على اكفرتاضات وختمينات‬
‫اختلقتجا للتنكر حلضارهتم‪ ،‬والتجين على أعالمجم وثقاكفتجم وطبائعجم وتزوير حقائقجم وتزييف أخبارهم‪ ،‬ليس‬
‫باالعتماد على أمجات املصادر األساسية والسند التارخيي احلقيقي‪ ،‬وإمنا على األكفكار الواهية واالنطباعات املغرضة‬
‫والتأويالت اخلالية من الصحة‪ ،‬بالرغم من حماوالهتا االحتفاظ باملظجر األكادميي يف كتاباهتا وتدوينجا‪ ،‬إال أهنا‬

‫‪ -1‬اليونان بالضم مث السكون ونونني بينجما ألف موضع منه إىل سبعة كفراسخ ومنه أيضا إىل البلقان سبعة كفراسخ وهي من قرى بعلبك‪ ،‬ياقوت احلموي‪:‬‬
‫احلموي أبو عبد اهلل ياقوت الرومي‪ :‬معجم البلدان‪ ،‬بريوت‪ :‬دار صادر‪2977 ،‬م‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ - 2‬جبل مع روف يف بالد واسعة تضاف إليجم‪ ،‬كفيقال بالد الروم‪ ،‬مسوا كذلك لشقرهم بين األصفر‪ ،‬حيدها شرقا تركيا جنوبا االسكندرية وغربا األندلس‬
‫‪ .‬احلموي‪ :‬مصدر سابق‪91-97/2 ،‬؛ العمري‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.122-122‬‬
‫‪ - 3‬عبد العزيز كفياليل‪" :‬املؤرخون الفرنسيون واألمن الفكري يف املغرب الكبري"‪ ،‬ص‪.‬ص‪ ،11-9‬ضمن كتاب‪ :‬دراسات يف تاريخ اجلزائر والغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬عني مليلة – اجلزائر‪ :‬دار اهلدى ‪1021،‬م‪ .‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 4‬عبد العزيز كفياليل‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪22‬؛ عبد اهلل العروي‪ :‬جممل تاريخ املغرب‪ ،‬ط‪ ،1‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬املغرب‪2990 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.222 ،212‬‬

‫‪24‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫كانت ختفي يف كثري من األحيان دواكفع كامنة للسيطرة واهليمنة على السكان احملليني األصليني‪ ،1‬وانطالقا من هذا‬
‫الرأي سأحاول تتبع بعض الكتابات والدراسات الفرنسية باملغرب األوسط لنتعرف على مواقف أصحاهبا‪ ،‬وكيف‬
‫نفسر بقاء بعض املعتقدات واملقدسات والعادات الوثنية طيلة العصر الوسيط واستمرارها ملا بعده؟‬
‫من أهم الكتابات نذكر على سبيل املثال ال احلصر كتابات الفرد بلعن الدين اإلسالمي لدى الرببر وكتاب‬
‫إدموند دويت السحر والديانة يف إكفريقيا الشمالية‪ ،‬باإلضاكفة إىل كتاب ريين باسات عن عبادة املغارات يف املغرب‬
‫واجلزائر‪ ،‬وهي دراسة ميدانية قدمجا لنيل شجادة الدكتوراه من كلية اآلداب باجلزائر مجع وصنف كفيجا عددا هائال‬
‫من األساطري واملعتقدات املرتبطة ببعض الكجوف واملغارات املوجودة يف خمتلف مناطق املغرب‪.2‬‬
‫وتسجيل ما كتبه إدوارد مونيت عن عبادة األولياء املسلمني يف إكفريقيا الشمالية‪ ،‬وجاك كاريت يف املرابطني‬
‫والطرق الدينية اإلسالمية يف اجلزائر وغريهم من املؤرخني‪ ،‬حاولوا إرجاع أصل كل ما هو مقدس يف املغرب الوسيط‬
‫إىل أصول ختدم أهداكفجم‪.‬‬
‫يرى جاك باركفي كالمه عن مكانة املقدس يف تاريخ املغرب اإلسالمي أنه مجع ملدة طويلة الصوري وامللموس‬
‫أكثر وأحسن من أي منط آخر من أمناط املمارسة االجتماعية‪ ،‬حبيث وإن هو مل يشكل سوى وججا من أوجه‬
‫النظام املغريب‪ ،‬إال أنه كان وججا كفاعال ومفكرا‪ ،‬من وججة نظر املؤرخني االجتماعيني‪ ،3‬إذ ذكر جاك بارك‪ « :‬إن‬
‫احلياة الطقوسية تنحصر على األقل كفيما خيص القرية يف احتفاالت دورية‪ ،‬تدعم إيقاع الفصول وحتمي السالمة‬
‫القانونية وحتاكفظ على النظام الزراعي والدفء اجلماعي»‪ ،4‬كما دعم جاك بارك كفكرة البقايا الوثنية بقوله‪« :‬كل‬
‫شيء بدأ وانتجى بالرقص‪ ،‬كفمن املمكن القول أن اهلل ما زال حاضرا يف هذا املغرب العريب املعفر واملذهب‪ ،‬لقد‬
‫وصل صدى الرسالة السماوية كصوت آت من الصحراء ميتزج هبذه األناشيد الوثنية املنبعثة من حوض البحر‬
‫األبيض املتوسط»‪.5‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز كفياليل‪" :‬املؤرخون الفرنسيون‪ ،‬ص‪ 22‬؛ وذكر عبد اهلل العروي أن املؤرخ الغريب يلجأ إىل تفسري الظواهر مبنطقه الفاسد‪ ،‬دون أن جيرأ أحد‬
‫على توبيخه‪ ،‬جممل تاريخ‪ ،‬ص‪12-12‬‬
‫‪ - 2‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪Ulemas Fondateurs insurges du Maghreb xvii siele, la Biblitheque Arabe Éditions sindbed, -3‬‬
‫‪Paris,1982,P245.‬‬
‫‪ -4‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،21‬جاك بريك جاء للمغرب سنة ‪2191‬م ونشر كتابه الطقوس واملعتقدات سنة ‪2910‬م‪ ،‬كما اشتغل‬
‫مراقب مدين ممثال لالستعمار الفرنسي مبركز الربوج مث امنانوت‪ ،‬وله دراسة حول املواثيق الرعوية لقبيلة بين مسكني سنة ‪2920‬م‪ ،‬مث دراسة أخرى‬
‫بعنوان‪ :‬البنيات االجتماعية يف األطلس الكبري سنة ‪2911‬م‪.‬‬
‫‪jaques, Berque: Dépossession du Monde, Éditions seuil, paris, 1964, p9 -5‬‬

‫‪25‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫إن الدراسات السوسيولوجية خاصة الفرنسية اليت حتسب على الرتاث الكولونيايل‪ ،‬متحورت حول اإلسالم‬
‫املغاريب وممارساته‪ ،‬تفيد أن سكان املغرب بعد دخول اإلسالم مل يعيدوا إنتاج نفس اإلسالم التارخيي‪ ،‬بل أهنم‬
‫حاكفظوا على إمياهنم مبعتقداهتم الوثنية اليت ورثوها عن سابقيجم‪ ،‬واليت انصجرت بدورها مع منط تدينجم اإلسالمي‪،‬‬
‫وعليه كفإن املقدسات عندهم سواء الدينية أو املدنية كانت مشبعة هبذه املعتقدات املوروثة‪ ،‬ومنه تطرقجم‬
‫للمقدسات يف املغرب الوسيط كان من منظور الدراسات الكولونيالية والدراسات األجنلوساكسونية‪ ،‬اليت انطلقت‬
‫من التوججات الفكرية والسوسيولوجية اليت حكمت هذه الفرتة واليت استقلت على مستوى املوضوع واملنجج‬
‫واملفاهيم‪.‬‬
‫كفبالرغم من كون العلوم االجتماعية الكولونيالية قد قاربت اجملتمعات املغاربية كلجا خبلفيات إيديولوجية‬
‫مستوحاة من املشروع االستعماري الذي كان يؤطرها‪ ،‬كفإهنا استعملت من الناحية التحليلية النظريات واألدوات‬
‫املفاهيمية اليت كانت سائدة يف وقتجا‪.1‬‬
‫وردا عليجم ميكن تسجيل رأي الباحث كفراس السواح عن املمارسات الطقوسية كفجو يرى بأهنا جمموعة من األكفعال‬
‫املتعلقة بأسلوب التعامل مع املعتقد‪ ،‬وأن الطقوس ممارسات كفردية أو مجاعية ترتجم ما يشعر به املعتقد من إميان‬
‫داخلي وال تقتصر وظيفة الطقس يف ترمجة األكفكار واملعتقدات‪ ،‬وإمنا هتدف إىل إحيائجا واستمرارها كفجي أيضا‬
‫جمموعة من األسباب والوسائل اليت تعيد خلق اإلميان بشكل دوري‪ 2،‬والطقس – ممارسة الفعل االحتفايل يف‬
‫قالب طقوسي‪ -‬واقعة ثقاكفية تؤشر على رمزية اجملتمع وعلى تاريخ من القيم واملعايري اليت مت التواكفق عليجا‪ ،‬كفباتت‬
‫تستعمل بشكل تكراري مضبوط ومنمط اجتماعيا‪.3‬‬
‫وكدليل على حركية املقدس وعدم احتكارها كفيما قبل إسالم سكان املغرب‪ ،‬كفإن الباحث نور الدين الزاهي‬
‫يرى بأن املقدس ينتمي إىل ججة الرمزي وبفضل هذا االنتماء تتجيكل تعبرييته بالصور والرموز املتجذرة يف عمق‬
‫املتخيل اجلمعي لتظجر بألوان متعددة داخل املعريف والطقوسي واجملايل والسياسي‪ ،4‬بينما غريه يرى أن أي جمتمع‬
‫يعيد إنتاج معطياته من خالل املقدس واملدنس واجملال والذات والتقابالت أو األزواج‪ ،‬ويف ظل هذه التقابالت‬
‫يتحول املقدس إىل أهم رهان سياسي‪ ،‬وبالضبط يف جمتمعات يلعب املقدس كفيجا دورا مجما يف اسرتاتيجيات‬

‫‪ - 1‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪11‬‬


‫‪ - 2‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬دين اإلنسان‪ ،‬ص‪ 27‬و‪.12‬‬
‫‪ - 3‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ -4‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس اإلسالمي‪ ،‬ص‪.7‬‬

‫‪26‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫الشرف والعرض والربكة والكرامة‪ ،1‬وهو ما ينطبق على جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬لذا جند أن السالطني الزيانيني‬
‫باملغرب األوسط عملوا على احرتام وتقريب كل من ميلك سلطة روحية وقدسية سواء الفقجاء أو املتصوكفة أو حىت‬
‫أصحاب الكرامات ملا يضفيه هذا األمر من شرعية هلم‪.‬‬
‫من هنا بدت لنا عمليات إعادة الرتتيب املتتالية للمقدس هي اليت حتي وحترك تاريخ املغرب من الداخل‪ ،‬أكثر من‬
‫التقلبات السياسية ومن القليل الذي نعركفه عن االقتصاد أو نستحضره من االثنولوجيا‪ 2‬واالثنوغراكفيا‪ ،3‬يف حني أن‬
‫هناك من رأى بأن ممارسات األكفراد ت َكون الشعور اجلمعي اجتاه املقدس‪ ،‬معتربين أن املقدس هو إحدى مقوالت‬
‫اإلحساس اليت يبىن عليجا السلوك الديين اليت متنحه خاصته النوعية وتفرض على املؤمن شعورا مميزا باالحرتام‪،‬‬
‫حيصن إميانه ضد روح النقد كما جتعله مبنأى عن اجلدل العقيم بوضعجا إياه خارج نطاق العقل وما ورائه‪،4‬‬
‫مالحظا أن التاريخ املغريب يف قراءته لذاته منح أولوية ثابتة للديين‪ 5‬على عكس القراءات االستشراقية‪.‬‬
‫ومنه نستنتج أن أعمال املستشرقني قد اصطبغت مبنجج تأويلي واضح‪ ،‬يف حماولة منجم إلثبات كيفية أسلمة‬
‫كل الطقوس اليت تطرقوا إليجا بالدراسة من خالل تركيزهم على البقايا الوثنية‪ ،‬اليت مل تتعرض لعملية األسلمة كما‬
‫مسوها وهو املنجج الذي تبنته املدرسة الفرنسية‪ ،‬خصوصا أنه يسعى إىل إصباغ املعىن على خمتلف الطقوس‬
‫واملقدسات املدروسة‪.‬‬
‫من خالل طرح أكفكار وأراء بعض املؤرخني الفرنسيني حول املمارسات الطقوسية والعادات باملغرب اإلسالمي‬
‫كفإن موقفي املتبىن ال خيتلف كثريا عن موقف املؤرخ عبد العزيز كفياليل حول هذه الكتابات‪ ،‬كون املؤرخني الفرنسني‬
‫مل حيجموا عن ذكر املبالغات واملغالطات واألخطاء والتناقضات املعتمدة يف تارخيجم للفرتة القدمية‪ ،‬كما مل ختل‬
‫كتاباهتم من االحنراف والتلفيق والتعصب العرقي والديين وااليديولوجي خدمة للجيمنة والسلطة‪.6‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬


‫‪ -2‬نيللي‪ ،‬سالمة العامري‪ :‬الوالية واجملتمع‪ -‬مسامهة يف التاريخ الديين واالجتماعي إلكفريقيا يف العجد الفصي‪ ،‬منوبة‪ -‬تونس‪ :‬منشورات كلية اآلداب‪،‬‬
‫(د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪ ،22‬ص‪ . 12-10‬اإلثنولوجيا هتتم بدراسة التحليلية واملقارنة للمادة اإلثنوغراكفية‪ ،‬هبدف الوصول إىل تصورات نظرية أو تعميمات بصدد‬
‫خمتلف النظم االجتماعية اإلنسانية‪ ،‬من حيث أصوهلا وتطورها وتنوعجا ‪.‬حسني‪ ،‬كفجيم‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪- 3‬االثنوغراكفيا تعين الدراسة الوصفية ألسلوب احلياة وجمموعة التقاليد والعادات والقيم واملأثورات الشعبية لدى مجاعة معينة أو جمتمع معني خالل كفرتة‬
‫زمنية حمددة‪ .‬نفسه‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -4‬روجي كايوا‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ - 5‬نيللي سالمة‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.12-10‬‬
‫‪ -6‬عبد العزيز كفياليل‪ :‬املؤرخون الفرنسيون‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪27‬‬
‫فصل تمهيدي ‪ :‬ـــــــــــــــــــــــــــ المقدس بحث في الماهية والعالئق‪.‬‬

‫باإلضاكفة إىل األحكام املسبقة والنعوت السلبية للحياة االجتماعية والدينية والعقدية‪ ،‬وضرب الوسائل‬
‫الوجدانية والروحية واهلوية والتاريخ واال نتماء اجلغرايف واحلضاري للشعوب املستعمرة‪ ،‬كانت من أهم العوامل‬
‫املتحكمة يف الكتابات الكولنيالية‪ ،‬وهي نظريات مبالغ كفيجا تدل داللة واضحة على أن مؤرخي هذه املدرسة‬
‫ابتعدوا عن املنجج العلمي السليم يف عالج القضايا التارخيية واالجتماعية واملواضيع احلضارية‪ ،‬باعتمادها على زرع‬
‫الشكوك يف مقومات الشخصية املغربية ومكوناهتا‪ ،‬ويف أصوهلم وطبائعجم وقامت بتغذية النعرة القبلية والطائفية‬
‫وإذكاء نارها‪ ،‬حىت تسود وتتمكن من هتجني األهايل ومسخجم وتغريبجم‪ ،‬ليسجل هلا بذلك القيادة والسيطرة‬
‫عليجم وعلى مقدراهتم الوطنية‪.‬‬
‫اشرتكت الدراسات الكولونيالية يف استنتاجاهتا العامة حول البقايا الوثنية للمقدسات باملغرب األوسط‪ ،‬كما‬
‫اشرتكت يف طريقة املعاجلة ومنجج القراءة والتأويل يف قراءة وكفجم مغزى الظواهر املدروسة واعتمدت على نفس‬
‫املنجج املبين على املالحظة املباشر يف مجع وتصنيف املعطيات االثنوغراكفية‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل األول‬
‫المعتقدات الشعبية والمقدس‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المعتقدات الشعبية والممارسات الطقوسية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬االعتقاد يف سلطة اجلن‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬االعتقاد يف العني واحلسد‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التطري والفأل‪:‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬السحر والشعوذة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬السحر‬
‫ثانيا‪ :‬الشعوذة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التفريق بني السحر والطالسم واملعجزة والكرامة‪:‬‬
‫‪ /2‬املعجزة والسحر‪:‬‬
‫‪ /1‬السحر يف املغرب األوسط بني أحكام الشريعة واملدرسة االستشراقية‪.‬‬
‫‪ /2‬التداخل بني الدين والسحر‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الكجانة والتنجيم‪.‬‬
‫‪ /2‬الكجانة والعراكفة‪.‬‬
‫‪ /1‬صناعة النجوم (التنجيم)‪:‬‬
‫‪ /2‬وجه إحلاق التنجيم بالسحر‪:‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬البدع والخرافات وتأثيرها على الفرد والمجتمع‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف البدعة‬
‫ثانيا‪ :‬مناذج من البدع‪.‬‬
‫‪ /2‬بدعة تعليق التمائم‪.‬‬
‫‪ /1‬بدعة التحية‪.‬‬
‫‪ /2‬ظجور احلركات الدينية متطركفة باملغرب األوسط‪.‬‬
‫‪ /2‬علم الرمل‪.‬‬
‫‪ /1‬قراءة الكف‪.‬‬
‫‪ /0‬النظر يف الكتف‪.‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫سادت املعتقدات الشعبية املقدسة جمال واسع من ذهنية سكان املغرب األوسط‪ ،1‬خاصة يف ظل الظروف‬
‫الصعبة اليت واجججا هذا اجملتمع يف الفرتة موضوع البحث‪ ،‬واليت شجدت صراع عسكري وحروب مع الدول‬
‫اجملاورة‪ ،‬إنضاكفت إليجا الكوارث الطبيعية واجلوائح واألوبئة اليت حلت به‪.‬‬
‫للبحث عن املعتقدات الشعبية املقدسة يف املغرب األوسط‪ ،‬ميكن القول أنه ال ميكن عزهلا عن أصلجا‬
‫األسطوري أو امليثولوجي‪ ،‬كفاملعتقدات يؤمن هبا الناس لتعلقجا بالعامل اخلارجي والعامل كفوق الطبيعي‪ ،2‬ونتجت‬
‫املعتقدات عن اخلربة الدينية الفردية‪ ،‬واليت خرجت بدورها من حيز االنفعال العاطفي إىل حيز التأمل الذهين‪،3‬‬
‫ومنه كفاملعتقدات الشعبية هي تلك األكفكار واألحاسيس اليت حترك الناس إزاء الظواهر الطبيعية والشاذة‪ ،‬كتصورات‬
‫الناس عن الزالزل والرعد واخلسوف وغريها‪ ،‬كفيشعر اإلنسان باخلوف اجتاه هذه الظواهر‪ ،‬وكذلك تصورات الناس‬
‫عن أسرار بعض الظواهر الفيزيقية والنفسية‪ ،‬كاألحالم والنوم والوالدة واخلالص واملوت ورؤية املستقبل‪ ،‬كفاملعتقد‬
‫إميان ناشئ عن مصدر ال شعوري‪ ،‬لذا يكره اإلنسان على تصديق كفكر أو رأي أو تأويل أو مذهب‪ ،‬وسوف نرى‬
‫أن "العقل غريب عن تكوين املعتقد‪ ،‬وال يأخذ العقل تربير املعتقد إال بعد أن يتم تكوينه"‪.4‬‬
‫لعل من أبرز املعتقدات الشعبية انتشارا وتقديسا عند بعض سكان املغرب األوسط‪ ،‬هو االعتقاد بالتنبؤ‬
‫والتكجن واستشراف املستقبل والتطلع ملعركفة الغيب‪ ،‬بالتوسل إىل األولياء واألضرحة عن طريق التقرب إليجم‬

‫ِ‬
‫وتقسيمه له كان قبليا أكثر منه جغرايف إذ قال‪ « :‬بالد املغرب األوسط موطن قبائل زناتة من وادي ملوية غربا‬ ‫ضبط ابن خلدون للمغرب األوسط‬ ‫‪1‬‬
‫‪َ -‬‬
‫إىل واد الشلف والزاب شرقا‪ ،‬ومن ساحل شرشال ووهران مشاال‪ ،‬إىل إقليم تيجرت جنوبا‪ ،‬واألقاليم املمتدة من اجلزائر غربا إىل جباية شرقا بالد صنجاجة‪،‬‬
‫أما جباية وقسنطينة كفمواطن كتامة وعجيسة وهوارة » العرب‪ 27/0 ،‬وما بعدها‪ ،‬وكثريا ما طََر َح الضبط اجلغرايف للمغرب األوسط يف العصر الوسيط‬
‫إشكاال كبريا بني الباحثني بني ضبطه قبليا أو جغراكفيا أو سياسيا‪ ،‬كفقبائل املغرب األوسط من طبيعتجا الرتحال والتنقل حبثا عن املاء والكأل‪ ،‬وكذلك‬
‫األمر بالنسبة للسيطرة السياسية على األراضي‪ ،‬كفجي مل تستقر لدولة بعينجا كفحىت املوحدون ملكوا املغرب األوسط نظريا لكن عمليا مل يتمكنوا من‬
‫السيطرة على مجيع أقاليمه بدليل توظيفجم للقبائل اهلاللية من أجل مجع الضرائب من القبائل املمتنعة‪ ،‬أضف إىل ذلك ما شجده املغرب األوسط العديد‬
‫من احلروب والصراعات السياسية بينه وبني املغرب األقصى واألدىن‪ ،‬ويرى الباحث عيسى‪ ،‬ابن احلاج يف خامتة دراسته حول زناتة أن السبب وراء تفادي‬
‫معظم الباحثني للخوض يف تفاصيل بطون قبائل زناتة‪ ،‬هو التعقيد والغموض ال لذان حييطان بالظاهرة‪ ،‬واليت مل يستطع أكثر املتخصصني يف الشأن‬
‫القبلي كابن خلدون من حتديد حدود االتصال واالنفصال بني زناتة واآلخر‪ ،‬وبدا واضحا صعوبة حتديد اجملال اجلغرايف لزناتة طيلة العصر الوسيط بشكل‬
‫دقيق‪ ،‬بسبب االنتشار الكبري وكثرة التفريعات القبلية‪ ".‬زناتة املغرب األوسط القبيلة واجملال"‪ ،‬جملة العرب للدراسات التارخيية واألثرية‪ ،‬ع‪ ،2‬جملد‪،2‬‬
‫جانفي ‪ ،1010‬ص ص ‪ ،291-272‬ص‪ 292‬؛ وللمزيد حول املوضوع ينظر الدراسة اليت قام هبا الباحث عبد القادر بوعقادة املوسومة ب ‪ " :‬هل‬
‫املغرب األوسط خراكفة"‪ ،‬جملة عصور اجلديدة‪ ،‬ع ‪ ،11-12‬ماي ‪1020‬م‪ ،‬ص ص ‪.71-00‬‬
‫‪ - 2‬حممد‪ ،‬اجلوهري‪ :‬الدراسات العلمية للمعتقدات الشعبية‪ ،‬ط‪ ،2‬اإلسكندرية‪ :‬دار املعركفة اجلامعية‪2992 ،‬م‪ ،‬ص‪29‬؛ نوارة‪ ،‬عبيدي وكفوزية‪،‬‬
‫مخيسي‪" :‬املعتقدات الشعبية يف األسرة اجلزائرية من طقوس الوالدة حىت منو الطفل"‪ :‬جملة تاريخ العلوم‪ ،‬ع‪ 9‬سبتمرب ‪1027‬م‪ ،‬جامعة الطارف‪-‬‬
‫اجلزائر‪ ،‬ص ص ‪ ،222- 221‬ص ‪.220‬‬
‫‪ - 3‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬دين اإلنسان‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ - 4‬غوستاف‪ ،‬لوبون‪ :‬اآلراء والمعتقدات‪ ،‬ترمجة‪ :‬عادل زعيرت‪ ،‬ط‪ ،02‬مصر‪ :‬منشورات مؤسسة هنداوي للتعليم والثقاكفة‪1022،‬م‪ ،‬ص‪.21-27‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫بالقرابني واألضاحي والنذور والزيارة‪ ،‬وذلك للحصول على الربكة‪ ،‬أو لتحقيق أغراض دنيوية باستخدام عدة‬
‫وسائط‪ ،‬إلخضاع القوى كفوق الطبيعية إلرادة اإلنسان واتقاء شرها‪ ،1‬عن طريق ممارسة عدة طقوس إسرتضائية‬
‫ختتلف حسب كل مرحلة من مراحل دورة احلياة بدءا بالوالدة وصوال إىل الوكفاة‪ ،‬وتقوم هبذه الطقوس "اجلماعة‬
‫الشعبية" أقصد شرحية عريضة من املجمشني يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬لتتقي هبا أخطار يعتقد أهنا هتدد حياة‬
‫أكفرادها‪ ،‬بكائنات غري منظورة وذات طبيعة سحرية‪ ،‬والسرتضاء هذه الكائنات وطلب بركتجا‪ ،‬من خالل التربك‬
‫باألماكن واآلثار واألشخاص أحياء أو أموات‪ ،2‬ومل يقتصر البحث عن معركفة ما ختبأه األيام لدى الفئات الدنيا‬
‫بل حىت بعض النخب السياسية من أمراء وقادة جلئوا ملثل هذه الطقوس ‪.‬‬
‫وال ميكن كفصل هذه الطقوس عن سياق املقدسات‪ ،‬إذ مل جيد إنسان املغرب األوسط غري املمارسات‬
‫الطقوسية ذات الطابع الديين أو الدنيوي ليعلق عليجا معتقداته‪ ،‬يف ثنائية متناقضة ومتضادة خيتلط كفيجا القدسي‬
‫اإلهلي بالسحري والوضعي الدنيوي‪.‬‬

‫‪ - 1‬حممد‪ ،‬اجلوهري‪ :‬علم الفلكلور‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ :‬دار املعركفة اجلامعية‪2991 ،‬م‪ ،‬ص‪02‬؛ وهيب‪ ،‬أيب كفاضل‪ :‬موسوعة عامل التاريخ واحلضارة –‬
‫حضارات العامل القدمي‪ ،-‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬نوبليس‪ 20 ،‬جملدات‪ ،‬ص‪.272‬‬
‫‪ -2‬صاحل‪ ،‬بن كفوزان‪ :‬البدعة‪ -‬تعريفجا – أنواعجا – أحكامجا‪،‬ط‪ ،2‬الرياض‪ -‬السعودية‪ :‬املكتب التعاوين للدعوة واإلرشاد‪ 1002 ،‬م‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫المبحث األول‪ :‬المعتقدات الشعبية والممارسات الطقوسية‪:‬‬
‫تصنف املعتقدات بأهنا كل ما هو من عمل اإلميان‪ ،‬ومىت استعان املرء يف حتقيق صحتجا بالتأمل والتجربة‬
‫أصبحت هي واملعركفة أمران نفسيان‪ ،‬خيتلفان من حيث املصدر اختالكفا تاما‪ ،‬إذ يعترب املعتقد كناية عن إهلام ال‬
‫شعوري ناشئ عن علل بعيدة من إرادتنا‪ ،‬واملعركفة عبارة عن اقتباس شعوري عقلي قائم على االختبار والتأمل‪،1‬‬
‫كفمجتمع املغرب األوسط جمتمع مؤمن وله معتقداته الراسخة اليت لعبت دورا رئيسيا يف تكوين البنية الذهنية املؤمنة‬
‫بالغيب مما كرس بعض اآلراء واملعتقدات‪.‬‬
‫ولتكوين هذه اآلراء واملعتقدات وذيوعجا وجوه خارقة للعادة‪ ،‬جتعل املؤمنني هبا يعزوهنا إىل مصدر إهلي‪ ،‬ومما‬
‫يشريون إليه هو أهنم يعتنقوهنا مع خمالفتجا ألكثر مناكفعجم وضوحا‪ ،2‬ويشتمل عامل املعتقد على سننه ومنطقه‪،3‬‬
‫كفمنذ القدمي حاول العلماء عبثا أن يدخلوا كفيه مستعينني مبناهججم وأساليبجم‪ ،‬كفكان الناس يف املاضي يعزون‬
‫املعتقدات إ ىل مصدر إهلي‪ ،‬مما جعلجم يعتنقوهنا غري جمادلني كفيجا‪ ،‬وذلك ألن مصدر املعتقدات الالشعوري وغري‬
‫اإلرادي مينحجا قوة عظيمة‪ ،‬كفللمعتقدات دينية كانت أم سياسية أم اجتماعية شأن كبري يف التاريخ على الدوام‪ ،‬إذ‬
‫ال تلبث املعتقدات بعد أن تصري عامة أن تصبح قطوبا جاذبة جتذب حوهلا كيان الشعوب‪ ،‬وتطبع مستجا على كل‬
‫عنصر من عناصر حضارهتا‪.4‬‬
‫لذا جند أن املعتقدات السائدة يف املغرب األوسط أصبحت جزءا من كيانه وحضارته مستندة على املنطق‬
‫الديين‪ ،‬الذي يقوم مقام العلل الطبيعية كعزائم موجودات‪ ،‬أو قوى علوية جتب خشيتجا ومداراهتا ألهنا ذات أهواء‬
‫وتأثري يف مجيع األكفعال‪ ،‬وميكن رصد قوة املنطق الديين يف جمتمع املغرب األوسط على اخلصوص عند أصحاب‬
‫النفوس الدينية‪ ،‬ذلك أهنا يف نظرهم تتجلى يف الشخص بإسناده قدرة سحرية ال تأثري للعقل كفيجا‪ ،‬إىل موجود أو‬
‫شيء معني أو قوة جمجولة‪ ،‬وختتلف نتائج هذه النفسية حبسب النفوس‪ ،‬كفجي عند بعضجم دعامة ملعتقدات دينية‬
‫معلومة ترتاءى هلم أهنا صادرة عن شيء يقال له ألوهيات‪ ،‬والقوى العلوية هي عند آخرين أمر مبجم‪ ،‬لكنجا ذات‬
‫سلطان وقدرة‪ ،‬وحينئذ تبدو روح التدين يف هؤالء على شكل إحدى اخلراكفات أو األساطري‪ ،5‬وال أدل على ذلك‬

‫‪ - 1‬غوستاف‪ ،‬لوبون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27‬‬


‫‪ -2‬نفسه‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ -3‬يقسم غوستاف لوبون املنطق إىل مخسة أنواع‪ :‬منطق احلياة‪ -‬املنطق العاطفي – منطق اجلموع‪ -‬املنطق الديين – املنطق العقلي‪ .‬ص‪ ،01‬واملنطق‬
‫الديين عنده هو نتيجة ملا يف اإلنسان من روح دينية‪ ،‬وهذه الروح اليت كانت عامة بني الناس يف القرون الغابرة ال تزال منتشرة‪ .‬نفسه‪ ،‬ص‪.01‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -5‬غوستاف لوبون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.70‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫من وجود بعض اخلراكفات واألساطري واملعتقدات السحرية وتغلغلجا داخل جمتمع املغرب األوسط والتصديق اجلازم‬
‫هبا‪.‬‬
‫ال شك أن سيطرة املنطق الديين على البشر امتدت زمنا طويال‪ ،‬كفجو بإجياده القوانني والعادات واألديان قد‬
‫ولد مجيع األوهام اليت سريت النوع اإلنساين حىت يومنا هذا‪ ،1‬وهو ما يفسر استمرار بعض املعتقدات يف جمتمع‬
‫الدراسة واليت كانت سائدة قبل العصر الوسيط ووصوهلا إىل وقتنا احلايل‪ ،‬كفاملعتقدات ال تكون ذات قوة إال إذا‬
‫أصبحت مثال أعلى مقبوال بوجه عام‪ ،2‬وتعود األسباب والعلل الداخلية للمعتقدات إىل اخللق – املثل األعلى –‬
‫االحتياجات‪ -‬املنفعة‪ -‬احلرص‪ ،‬أما العوامل اخلارجية كفرتجع إىل التلقني – االنطباع األويل‪ -‬االحتياج إىل تفسري‪-‬‬
‫األلفاظ‪ -‬الصيغ والصور‪ -‬األوهام‪ -‬الضرورة ‪.3‬‬
‫دلت التجربة واالختبار على أن لألمم ذات املاضي الطويل أراء ومعتقدات واحدة يف بعض املواضيع‪ ،4‬وأن لكل‬
‫شعب أخالق جامعة مشرتكة بني أكثر أكفراده‪ ،‬كفتلك األخالق حتدث يف الشعب أراء متشاهبة‪ ،5‬وجمتمع املغرب‬
‫األوسط مل يشذ عن القاعدة‪ ،‬كفتارخيه الطويل حتت حكم الزيانيني‪ 6‬الذي تعدى ثالثة قرون ونصف (‪-022‬‬
‫‪901‬هـ‪2111-2121/‬م)‪ ،‬كان كفيال باحلفاظ على بعض املعتقدات اليت كانت سائدة قبله واستمرارها ملا‬
‫بعد‪.‬‬
‫إن القسمات الذهنية االستسالميه الناجتة عن عالقة واضحة بني ضعف الوعي الديين وتدين مستوى اإلدراك‬
‫العلمي‪ ،‬مقابل التعلق بأحكام التنجيم والسحر والعراكفة السائدة يف املغرب األوسط‪ ،‬عالقة تنبه إليجا ابن‬
‫خلدون(ت‪101‬هـ‪2201/‬م) يف عصره‪ ،‬كثابت من ثوابت الذهنية التواكلية العاجزة‪ ،‬مبينا أن الذي محل الناس‬
‫على ذلك يف الغالب هو‪ «:‬التشوف إىل عواقب أمورهم‪ ،‬وعلم ما حيدث هلم من حياة وموت وخري وشر‪ ،‬ولقد‬
‫جند يف املدن صنفا من الناس ينتحلون املعاش من ذلك لعلمجم حبرص الناس عليه‪ ،‬كفينتصبون هلم يف الطرقات‬
‫والدكاكني يتعرضون ملن يسأهلم عنه‪ ،‬كفتغدو عليجم وتروح نسوان املدينة وصبياهنا‪ ،‬وكثري من ضعفاء العقول‪،‬‬

‫‪ -1‬غوستاف لوبون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ . 71‬واملنطق الديين عنده هو نتيجة ملا يف اإلنسان من روح دينية‪ ،‬وهذه الروح اليت كانت عامة بني الناس يف‬
‫القرون الغابرة ال تزال منتشرة‪ .‬ص‪. 01‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ -3‬نفسه‪ ،‬بعدها صفحات متعددة ‪221-201‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص‪.219‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ - 6‬بنو زيان نسبة إىل زيان بن ثابت بن حممد بن سدوكس بن أطاع اهلل بن علي بن ميل بن يزكي بن القاسم بن حممد بن عبد اهلل بن إدريس الثاين‪،‬‬
‫وبذلك ينسب جم النسابة إىل الفرع الثاين من بين عبد الواد املنتسبني إىل بين القاسم‪ .‬عبد الرمحان‪ ،‬بن خلدون‪ :‬العرب‪7/0-1 ،‬؛ جمجول‪ :‬زهر البستان‪،‬‬
‫ص‪.20‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫يستكشفون عواقب أمرهم يف الكسب واجلاه واملعاش واملعاشرة والعداوة‪ ،‬وأمثال ذلك ما بني خط رمل ويسمونه‬
‫ارب املن َدل‪ ،‬وهو من‬
‫ض َ‬ ‫املنَجم‪ ،‬وطرق باحلصى واحلبوب ويسمونه احلَاسب‪ ،‬ونظر يف املرايا واملياه ويسمونه َ‬
‫املنكرات الفاشية يف األمصار‪.»1‬‬
‫إن العقلية التواكلية اليت حتدث عنجا ابن خلدون(ت‪101‬هـ‪2202/‬م) يف عصره واليت سبقت اإلشارة إليجا‪ ،‬زاد‬
‫من تفاقمجا الظروف الصعبة اليت سادت املغرب األوسط من حروب وكفنت وجماعات وطواعني وغريها واليت سيأيت‬
‫ذكرها الحقا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬االعتقاد في سلطة الجن‪:‬‬
‫ال ميكن احلديث عن املمارسات والطقوس املقدسة يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬أيّا كان تقييمنا هلا دون البحث‬
‫يف تاريخ حدوثجا ومراحل تطورها وكيفية بقائجا على مر التاريخ‪ ،‬كفوكفق العديد من الكتابات والدراسات التارخيية‪،2‬‬
‫اليت اه تمت بتاريخ منطقة مشال إكفريقيا وعادات تدينجا وطقوسجا ومقدساهتا وممارساهتا‪ ،‬رجحت أن اجملتمع املغريب‬
‫مل يكن ليتخلى عن عاداته وتقاليده بسجولة‪ ،‬وهو ما يرجح بقاء بعض املقدسات ذات األصل الوثين وليس‬
‫مجيعجا كما روجت لذلك املدرسة االستشراقية‪ ،‬حبجة أن اإلنسان األمازيغي كان إنسانا طقسيا ميارس شعائره‬
‫الدينية األسطورية عرب نقل الطقس والسحر والقربان واإلميان باجلن‪ ،‬والقوى اخلارقة وعبادة احليوانات والقوى‬
‫املختلفة‪.‬‬
‫اعتقد بعض ساكنة املغرب األوسط يف وجود كجوف ومغارات يسكنجا اجلن‪ ،‬يقدمون للناس خدمات كثرية‬
‫شريطة استعطاكفجم والتقرب منجم‪ ،‬كفجن املغارات هلم قدرة على إبراء األمراض املستعصية واستشراف املستقبل‬
‫وجلب احلظ وإبعاد سوء الطالع‪ ،3‬وساد هذا االعتقاد يف بعض مناطق املغرب األوسط خاصة املناطق اجلبلية اليت‬
‫تكثر هبا املغارات والكجوف‪ ،‬واليت نسجت حوهلا العديد من األساطري واخلوارق‪.‬‬
‫وألن املعتقدات اليت كانت سائدة رجحت أن اجلن تفضل منابع املياه واملواقد النارية التقليدية حيث تعمل املرأة‬
‫وتوجد باستمرار‪ ،‬كفإن صلتجا تتعمق أكثر مبا جيعلجا عمليا أشد عرضة لإلصابة بأذاها‪ ،4‬لذا مت االحتفاء مبجاالت‬
‫العيون كأمكنة للتربك والتشايف من العقم ومن السحر‪ ،‬ومت توظيفجا كمزارات من لدن النساء طمعا يف الزواج‬

‫‪ -1‬املقدمة‪ ،‬ص ‪.120-109‬‬


‫‪ - 2‬أورد ستيفن أقزال أن‪ « :‬الشعب املغريب من أكثر الشعوب خضوعا لعاداته القدمية وسلوكياته املوروثة من أجداده الرببر‪ ،‬كفمنذ العصور األوىل‬
‫واملؤرخون يسجلون صفات الرببر الدائمة املتسمة بالقلق والطيش وامليل إىل الشغب والنزعة إىل الغضب والثورة »‪Stiven, Gsell: Histoir .‬‬
‫‪Ancienne de l'Afrique du Nord, liberairie Hachette, Paris, 1926, en 8 tom,t 6/p278 et t5 p 137‬‬
‫‪Henri, Basset: Le Culte Des Grottes au Maroc, Maison Bastide, Alger: jourdan jules - 3‬‬
‫‪ carbonel, 1920, p7‬؛ وجتدر اإلشارة أنه مت ذكر إله واحد يسكن املغارات هو اإلله باكاكس‪ .‬حممد العريب عقون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫‪Emile, Deermenghen: op.cit, pp 143-145. -4‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫واإلجناب وكفك قيود السحر واسرتضاء ساكنتجا من اجلن إىل غري ذلك من األشكال واملمارسات اليت ترتجم بنية‬
‫ذهنية اإلنسان يف املغرب األوسط‪ ،‬الزاخرة بطقوس الزيارة والتربك‪.1‬‬
‫يف املقابل جند أن الباحث حممد أركون يدعونا لقراءة العالقة بني األسطوري واملقدس واخلارق والعجيب‬
‫املدهش‪ ،‬ويرى بأن البناء األسطوري ال مييز نسيج الشعوب القدمية البدائية كفحسب‪ ،‬بل هو حاضر يف كل مراحل‬
‫التطور البشري‪ ،‬وأن األساطري اليت ينتججا اجملتمع كفيلة باإلجابة عن احلاجات اليت تواججه يف احتكاكه بالواقع‪،‬‬
‫وأن اجملتمع اإلسالمي له تصوراته ونظرته اخلاصة لألساطري وكفق عقيدته ومنطلقاته‪ ،‬وأن الشعوب األوىل ارتبطت‬
‫بأمناط حياة شكلت ثقاكفة قصصجا وأساطريها ونظرهتا للحياة ‪.2‬‬
‫وهو ما سجلته يف جمتمع املغرب األوسط ذلك أن االعتقاد يف قدرة وسلطة اجلن على الناس من أكثر‬
‫املعتقدات شيوعا وتأثريا‪ ،‬حيث حوت املدونة الوسيطة عدد غري قليل من القرائن واألدلة اليت تتحدث عن‬
‫التصديق بسلطة اجلن وحتكمجا يف جمريات حياة الناس‪ ،‬إىل درجة جعلت بعض كفئات اجملتمع يقدسون األماكن‬
‫اليت يعتقدون بوجود ا جلن هبا‪ ،‬لذا أقاموا هلا طقوسا مقدسة خاصة السرتضائجم وجتنب أذاهم‪ ،‬وأصدق صورة هلذا‬
‫االعتقاد هي اليت نقلجا لنا الوزان كفقال‪ «:‬يوجد محام مكون من عني ماء ساخن يتدكفق بني أحجار ضخمة ‪-‬‬
‫مسي واد السالحف ويعرف اليوم حبمام سيدي مسيد‪ -‬تعيش كفيه السالحف تعتقد النساء أهنا شياطني وإذا اتفق‬
‫وأصيبت إحدى النساء باحلمى أو غريها تقول أن سبب ذلك يرجع إىل السالحف وللتخلص من الداء تذبح‬
‫على الفور دجاجة بيضاء تضعجا يف إناء بريشجا الكامل مث تربط حول اإلناء مشعتني وحتمله إىل العني حيث ترتكه‪،‬‬
‫وكم من الظركفاء من اتبعوا امرأة وهي تتوجه إىل العني حاملة معجا اإلناء والدجاجة وأخذوا اإلناء بعد انصراكفجا مث‬
‫طبخوا الدجاجة وأكلوها ‪ »3‬من خالل النص نالحظ التضارب الصارخ بني كفئتني لكل معقده‪ ،‬الفئة األوىل ترى‬
‫بأن هذا الطقس والقربان سيكون كفيال باسرتضاء اجلن وبالتايل حتقيق الشفاء‪ ،‬أما الفئة الثانية كفاستغلت سذاجة‬
‫األوىل واسرتضوا بطوهنم‪.‬‬
‫على هذا األساس ساد االعتقاد بأن اجلن كائنات تطرق يف الغالب األماكن املظلمة واملوحشة والقذرة‪،‬‬
‫كمخارج املياه والربك الراكدة واملغارات والغابات املقفرة‪ ،‬وهي األماكن اليت يتعطل كفيجا كل كالم سوى كالم‬
‫اهلل‪ ،4‬وقد تدخلت عوامل خم تلفة يف تكريس هذه املعتقدات الغيبية وتقديسجا‪ ،‬منجا سرعة تصديق العامة بل حىت‬
‫اإلميان هبا‪ ،‬كفمن خالل استقراء املاضي يتضح وجود ديانات وثنية ومعتقدات شعبية متنوعة سبقت إسالم سكان‬

‫‪ -1‬حنان محودا‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬


‫‪ - 2‬حممد‪ ،‬أركون‪ :‬الفكر اإلسالمي نقد واجتجاد‪ ،‬تر‪ :‬هاشم صاحل‪ ،‬ط‪ ،0‬بريوت‪ :‬دار الساقي‪ ،1021 ،‬ص‪.109‬‬
‫‪ - 3‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ -4‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.212‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫املنطقة‪ ،‬طغت على عقلية السكان بعضجا حملي‪ 1‬وبعضجا واكفد من الشرق‪ ،‬متخض عن هذه املعتقدات القدمية‬
‫اعتقادهم بوجود أرواح اجلن داخل خمتلف العناصر الطبيعية من عيون وأهنار وأحجار وجبال وأشجار‪ ،2‬وجمتمع‬
‫املغرب األوسط ال خيلو من مثل هذه املعتقدات‪.‬‬
‫وألن املقدس ظل موزعا يف الطبيعة على نطاق واسع كفجناك اعتقاد يف عديد األرواح واجلن اليت تسكن‬
‫الصخور واملغاور واألشجار والينابيع‪ ،‬خاصة وأن اإلسالم ال ينفي وجود اجلن‪ ،‬وهو ما مسح باستمرار االعتقاد يف‬
‫األرواح اخلفية وما يرتبط هبا من طقوس وشعائر‪ ،‬تعود يف الواقع إىل العصور القدمية‪ ،3‬واعتقاد أن اجلن يسكنون‬
‫ظ بذكراها‪ ،‬وهو ما‬
‫اجلبال والصخور‪ ،‬كفمظاهر املقدس األكثر حمسوسية واألكثر انتشارا يف العامل هي اليت أحتف َ‬
‫ميكن تسميته باحلدث الطوبوغرايف وأوهلا اجلبل وحىت الصخر‪ ،4‬وهو ما جيعلنا نتساءل عن السبب الذي جعل‬
‫سكان املغرب األوسط يعقدون بسكىن اجلن يف اجلبال وملاذا مت إضفاء صفة القداسة على اجلبل هل ترجع لشكل‬
‫اجلبل يف حد ذاته أو أن قربه من السماء هو الذي يسوغ توقريه؟ إن استمداد القداسة من األرض ومن السماء‬
‫يبدو متعارضا كفكيف يسبغ االرتباط باألرض والعلو يف السماء صفة القداسة؟‬
‫حول حتليل معتقدات سكان املغرب يف املغارات واجلبال ال بد من التنويه للدراسة اليت قام هبا الباحث رينيه‬
‫باسيه‪ ،‬واليت تبىن كفيجا املنجج التارخيي االثنوغرايف‪ ،5‬حيث اعتمد على الوثيقة يف تأرخيه لألحداث واملالحظة‬
‫امليدانية يف اجملال االثنوغرايف‪ ،‬إذ يعترب كتابه "عبادة الكجوف يف املغرب" من أشجر كتاباته‪ ،‬حيث أبرز خمتلف‬
‫الطقوس واملظاهر اليت متارس داخل هذه الكجوف‪ ،‬وأن كل الطقوس املمارسة هبا تعود يف أصلجا إىل ممارسات‬
‫وعادات سابقة‪ ،‬وركز يف كتابه هذا على منطقة املغرب األقصى‪ ،‬ومل أجد كفيه إشارات إىل مناطق من املغرب‬
‫األوسط‪ ،‬لكن يف املقابل العمل األكثر أمهية والذي اشتغلت عليه هو مقاله حول التدين عند الرببر حيث قال‬
‫كفيه‪ «:‬ما يلزمنا دراسته بالدرجة األوىل هم السكان املغاربة صناعتجم وعاداهتم ومؤسساهتم وكذلك األعراف‬

‫‪ - 1‬من أشجر اآلهلة اإلكفريقية ذات األصل احمللي جند اإلهلة تانيت وهي احلامية واملراكفقة للنساء احلوامل واإلله آمون أو هامون واقرتن بالشمس كما له‬
‫قرنان‪ .‬حممد العريب عقون‪ :‬االقتصاد والمجتمع في الشمال اإلفريقي القديم‪ ،‬دار اهلدى عني مليلة‪ -‬اجلزائر‪1001 ،‬م‪ ،.‬ص ‪.121-121‬‬
‫‪ -2‬عبد الوهاب‪ ،‬بنمنصور‪ :‬قبائل املغرب‪ ،‬الرباط‪ :‬املطبعة امللكية‪2901 ،‬م‪117/2 ،‬؛ ومن مناذج اجلبال اليت متت عبادهتا يف املغرب األوسط سواء يف‬
‫العصر القدمي أو الوسيط جند األطلس كفجو عندهم إله ومعبد يف نفس الوقت‪ ،‬واجلبل املطل على قرارم وسد بين هارون واجلبل املطل عل مدينة القل هو‬
‫سيدي عاشور‪ ،‬واجلبل املطل على أم بواقي هو سيدي رغيس أما اجلبالن اللذان يطالن على باتنة كفجما سيدي علي وسيدي لعلى‪ .‬حممد العريب عقون‪:‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ - 5‬األثنوغراكفيا نوع من كفروع األنثروبولوجيا‪ ،‬وتعىن بوصف الشعوب وحتليل عاداهتم وطبائعجم وأسلوب معاشجم‪ ،‬انطالقا من املشاهدة امليدانية‪ ،‬كفجذا‬
‫ما جنده بشكل دقيق يف كتب اجلغراكفيا اإلنسانية‪Marcel, Mouss: Manuel Déthnorgraphie, Édition payot: .‬‬
‫‪paris,1926,p9‬‬
‫‪36‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫واملعتقدات‪ ، »1‬والذي أورد كفيه أنه أيا كان الرأي حول اجلذور املعقدة للشعوب اليت تسمى بربر واليت حتتل مشال‬
‫إكفريقيا من البحر املتوسط إىل السودان واألطلسي إىل غاية حدود مصر‪ ،‬كفإن البحث يف معتقداهتم يرجع إىل‬
‫دينجم القدمي‪ ، 2‬وهو احلكم الذي ال جيزأ احلقيقة حول تبين سكان مشال إكفريقيا لنفس املعتقدات‪ ،‬كما يقول بأن‬
‫الكتابات الالتينية يف إكفريقيا سجلت عبادة املغاربة للجبال والصخور ألهنا توكفر هلم احلماية ضد الرياح‪ ،‬لذا اعتقد‬
‫املغاربة يف وجود جين اجلبال‪.3‬‬
‫واالعتقاد يف سلطة اجلن وقدرهتم ظجر بعض الناس ممن ادعوا معركفتجم بعلم اجلن وأهنم حيوزون كتبا‬
‫الستحضار اجلن أن هناك عدد كبري من العفاريت حتت خدمتجم كما زعموا أهنم يقتلون اجلن‪ ،4‬وهو األمر الذي‬
‫ساعدهم يف بسط سيطرهتم على السذج من الناس حبجة قدرهتم على إخراج اجلن من املمسوسني بسؤال اجلن‬
‫بعد ذكر امسه وكيف دخل اجلسم‪ ،‬ومن أرسله ويطلب منه اخلروج ومغادرة اجلسد‪.5‬‬
‫يف املقابل حفظت لنا املدونة الوسيطة بعض الطرق اليت جابه هبا إنسان املغرب األوسط أذية اجلن منجا أن‬
‫املعزم يقوم بكتابة بعض احلروف مث يرسم دوائر كفوق التنور وخيط على يد املصروع أو جبينه بعض اإلشارات بعدها‬
‫يبدأ يف عملية الرقية‪ ،6‬لكن كثريا ممن تصدروا للرقية ذكروا أن "البسملة" كفيلة بطرد اجلن وإبعاد خطره‪ ،‬كفمن أهم‬
‫وظائف البسملة "الوظيفة الوقائية"‪ ،‬يف سعى إىل االحتماء من كل التأثريات السيئة الناجتة عن أرواح اجلن‪ ،‬هذه‬
‫الكائنات غري البشرية والالمرئية اليت يعترب االعتقاد يف وجودها من صميم جوهر الكون‪ ،‬كفوجود ونشاط هذه‬
‫الرحيم ‪ »8‬كفيلة بغلبة‬
‫الرمحَان َ‬
‫‪7‬‬
‫املخلوقات مسألة غري قابلة للتشكيك ‪ ،‬والتقاء أذى اجلن كفإن ذكر آية «بسم اهلل َ‬
‫اجلن كفجي من آيات الغلبة‪.9‬‬

‫‪Recherches sur la Religion,p-133 :" Lh-1‬‬


‫‪op.cit, P1, 2, 3. -2‬‬
‫‪ipid , p6. -3‬‬
‫‪ - 4‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.272/22 ،‬‬
‫‪ - 5‬الوزان‪ :‬مصدر سابق‪.101/2 ،‬‬
‫‪ - 6‬أمحد بن علي البوين‪ :‬شمس المعارف الكبرى ولطائف العوارف‪ ،‬ط‪ ،01‬بريوت‪ :‬مؤسسة النور‪1000،‬م‪ ،‬ص‪ .112‬حول هذه الدوائر ينظر‬
‫امللحق رقم ‪.02‬‬
‫‪ -7‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ . 212-212‬الدليل القطعي على وجود اجلن عند سكان املغرب األوسط واملسلمني بصفة عامة هو وجود‬
‫سورة يف القرآن الكرمي باسم "سورة اجلن" وهي سورة مكية كلجا عدد آياهتا ‪ 11‬آية‪.‬‬
‫الرِحي ِم﴾ سورة النمل‪ ،‬اآلية ‪.20‬‬ ‫‪ ﴿ -‬إِنَّه ِمن سلَي َما َن َوإِنَّه بِس ِم اللَّ ِه َّ‬
‫الرمحَ ِن َّ‬
‫‪8‬‬

‫‪ -9‬حتدثت الباحثة ‪ fanny, colonna‬عن دور آيات الغلبة لدراسة وكفجم الدين واجملتمع‪ ،‬خاصة يف جمتمع يسيطر عليه التعليم التقليدي للقرآن‬
‫والثقاكفة الدينية كمجتمع اجلزائر مع ظجور حركة عبد احلميد ابن باديس اإلصالحية‪ ،‬صحيح أن الفرتة الزمنية اليت درستجا متأخرة مقارنة بفرتة األطروحة‬
‫إىل أهنا أشارت إىل استمرارية اإلعتقاد يف قدرة آيات الغلبة منذ زمن طويل أي بداية من الفرتة الوسيطة على طرد اجلن‪: les versets de .‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫اعتقد بعض الناس أن للبسملة خواص وبركات خفية‪ ،‬كفمن كتبجا ووكفقجا مل حيرتق بالنار ومل يدخلجا‪ ،‬وذلك‬
‫لزعمجم أن عدد حروكفجا تسعة عشر وهو نفسه عدد املالئكة املوكلني بالنار ( الزبانية)‪ ،1‬ورغم حبثي إال أنه مل يقع‬
‫بني يدي حديث صحيح صريح يؤكد هذا القول‪ ،‬وعليه أرى أن االعتقاد يف سلطة اجلن وقدرته على الـتأثري يف‬
‫الناس سلبا من خالل التلبس أو اإلصابة باملرض أو إحلاق الضرر هو من جعلجم يسعون إلجياد طرق وقائية جلنب‬
‫وقوعجم حتت هتديد اجلن أو طرق لعالججم يف حال تسلط عليجم نفر من اجلن‪ ،‬يف املقابل وردت بعض النوازل‬
‫عن قدرة بعض اجلن إمامة اآلدميني للصالة إذا كان اجلن مسلما وهي مسألة كفيجا اختالف كبري غري أن هناك من‬
‫صدقجا بل وأجاز إمامة اجلين‪ ،‬كفكان اجلواب على كفتوى ركفعت كفحواها هل جتوز الصالة خلف اإلمام إذا كان‬
‫جنيا مؤمنا؟ كفكان اجلواب أهنا تصح ألنه مكلف وألن الرسالة لنا وهلم‪ ،2‬إن ورود نازلة هبذه الشاكلة تؤكد ال حمالة‬
‫على مدى ترسخ كفكرة سلطة اجلن وأعتقد أن التصديق بصحتجا مشل كفئات قليلة داخل اجملتمع وال ميكن تعميم‬
‫االعتقاد هبا‪.‬‬
‫وتعدى األمر حد استعمال البسملة للوقاية من اجلن‪ ،‬كفجناك من ش ِج َد له حسب املصادر أنه حاز قدرات‬
‫وي أن أحد سكان تلمسان‪ 3‬عاصمة املغرب‬ ‫خارقة بتواصله مع اجلن حىت زعموا أنه كان يقرئجم‪ ،‬كفمما ر َ‬
‫األوسط‪ ،‬وهو الشيخ أبو يعقوب التفرييت من األولياء الكبار املشجور له بالدين والعلم‪ ،‬كان يـقرأ اإلنس واجلن‬
‫مبسجده والناس يسمعون صوت اجلان‪ ،‬وحدث أن دخل عليه َحنَش عظيم كففر احلاضرون منه‪ ،‬كفقال الشيخ‪:‬‬
‫َدعوه‪َ ،‬دعوه‪ ،‬كفقرب منه وناوله كفتمرغ مث نزع الشيخ بـََراءَة (ورقة) من كفمه‪ ،‬كفاستدعى الشيخ القلم والدواة وكتب‬

‫‪linvincibilite, "permanence et changements dans l Algérie contemporaine", paris, press de‬‬


‫‪sciences, Biblioger gloss index,1995, p2.‬‬
‫‪ - 1‬أمحد بن علي البوين‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 2‬املغيلي املازوين أبو زكريا حيي بن موسى بن عيسى (ت‪112‬هـ ‪ 2271/‬م) الدرر املكنونة يف نوازل مازونة‪ ،‬حتقيق‪ :‬ماحي قندوز‪ ،‬جامعة وهران‪،‬‬
‫‪1022‬م‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -3‬تلمسان قاعدة ملك املغرب األوسط ودار مملكة زناته على قدمي الزمان‪ ،‬مدينة عريقة التمدن قدمية اآلثار‪ ،‬عذبة املاء كرمية املنبت كثرية اخلصب‪،‬‬
‫رخيصة األسعار كثرية اخلريات والنعم‪ ،‬اقتعدت على سفح جبل الورنيد‪ ،‬مدينة علم وخري ومل تزل دار العلماء واحملدثني‪ .‬جمجول‪ :‬االستبصار يف عجائب‬
‫األمصار‪ ،‬تع‪ :‬سعد زغلول عبد احلميد‪ ،‬بغداد‪ :‬دار الشؤون الثقاكفية‪277-270 /9 ،‬؛ جمجول‪ :‬احللل املوشية واألخبار املراكشية‪ ،‬تح‪ :‬سجيل زكار‬
‫وعبد القادر زمامة‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار الرشاد احلديثة‪ ،‬ط‪2979 ،2‬م‪ ،‬ص‪210‬؛ حيي‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬مصدر سابق‪11/2 ،‬؛ عبد الرمحان‪،‬‬
‫ابن خلدون‪ :‬العرب‪.210/7 ،‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫أسفل الرباءة وردها إليه والناس ينظرون كفانصركفوا خارجا‪ ،‬كفأجاب الشيخ أنه رسول اجلن من أرض العراق‪ ،‬بعثه‬
‫أصحابه بسؤال إلينا كفأجبناه‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬االعتقاد في العين والحسد‪.‬‬
‫يعترب االعتقاد يف العني واحلسد من أهم املعتقدات اليت سادت جمتمع املغرب األوسط وطغت على ذهنية‬
‫ساكنته‪ ،‬وليس غريب أن تنتشر هذه األكفكار وسط هذا اجملتمع ذي البنية الدينية والثقاكفية الغيبية خاصة وأن‬
‫القرآن الكرمي ذكر احلسد يف أكثر من موضع‪ ،2‬ومما زاد يف ترسيخ هذه الظاهرة ظجور ما يسمى "التمايز‬
‫االجتماعي" الذي أكفرز شرحية مسكوت عنجا‪ ،‬تدهورت معيشتجا وتغري تفكريها‪ ،‬كفلجأت يف األخري إىل أساليب‬
‫جديدة للجروب من الواقع‪ ،‬كفوجدت يف هذا العامل الغييب مبتغاها‪ ،‬بسبب تركيبتجا الذهنية لينساق وراءها جمموعة‬
‫كبرية من السذج اجلاهلني للعواقب الوخيمة‪ ،‬كفكانوا السباقيني للتصديق بالعني واحلسد‪ ،‬ويف هذا يقول ابن‬
‫خلدون (ت‪101‬هـ‪2202/‬م)‪ «:‬من قبيل هذه التأثريات النفسية اإلصابة بالعني‪ ،‬وهو تأثري من نفس املعيان‬
‫عندما يستحسن بعينه مدركا من الذوات أو األحوال ويفرط يف استحسانه‪ ،‬وينشأ عن ذلك االستحسان حينئذ‬
‫أنه يروم معه سلب ذلك الشيء عمن اتصف به‪ ،‬كفيؤثر كفساده‪ ،‬وهو جبلة كفطرية أعين هذه اإلصابة بالعني‪ »3‬وعن‬
‫عدم قدرة اإلنسان يف التحكم يف إصابته غريه بالعني يضيف قائال‪ «:‬قالوا القاتل بالسحر أو بالكرامة يـقتَل‪،‬‬
‫والقاتل بالعني ال يـقتَل‪ ،‬وما ذلك إال أنه ليس مما يريده ويقصده أو يرتكه وإمنا هو جمبور يف صدوره‪ ،»4‬وعليه‬
‫كفاإلصابة بالعني الغرض منجا إحلاق األذى والضرر والشر‪ ،5‬وهي من أكثر املعتقدات شيوعا وتقديسا يف جمتمع‬
‫املغرب األوسط‪.‬‬

‫‪ - 1‬حيي‪ ،‬بن خلدون‪ :‬مصدر سابق‪ .207/2 ،‬إن ورود ذكر هذه احلادثة تؤكد ال حمالة على ذهنية سكان املغرب األوسط املؤمنة باجلن إىل حد‬
‫التصديق يف هذه الرواية دون الطعن كفيجا أو متحيص صدقجا بل ونقلجا على لسان حيي ابن خلدون يف بغيته وهو من أهم مؤرخي املغرب األوسط يف‬
‫العصر الوسيط‪.‬‬
‫َّارا َح َس ًدا ِمن ِعن ِد‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪ -‬من بني اآليات اليت أكدت وجود احلسد أذكر قول اهلل تعاىل‪َ ﴿ :‬وَّد َكث ٌري من أَه ِل الكتَاب لَو يـَرُّدونَكم من بـَعد إميَانكم كف ً‬
‫‪2‬‬

‫ني َهلم احلَ ُّق كفَاعفوا َواص َفحوا َح َّىت يَأِيتَ اللَّه بِأَم ِرهِ إِ َّن اللَّهَ َعلَى ك ِّل َشيء قَ ِد ٌير ﴾ سورة البقرة اآلية ‪ ،209‬وقوله‪ ﴿ :‬أَم َحيسدو َن‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫أَنـفس ِجم من بـَعد َما تَـبَـ َّ َ‬
‫يما﴾ سورة النساء اآلية ‪ ،12‬وكذلك قوله تعاىل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النَّاس علَى ما آتَاهم اللَّه ِمن كفَضلِ ِه كفَـ َقد آتَـيـنا َ ِ ِ‬
‫اب َواحلك َمةَ َوآتَـيـنَاهم مل ًكا َعظ ً‬ ‫يم الكتَ َ‬ ‫آل إبـَراه َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ َسيَـقول الم َخلَّفو َن إِذَا انطَلَقتم إِ َىل َمغَاِنَ لتَأخذ َ‬
‫وها ذَرونَا نـَتَّبِعكم ي ِريدو َن أَن يـبَدِّلوا َك َال َم اللَّه قل لَن تَـتَّبِعونَا َك َذلكم قَ َ‬
‫ال اللَّه من قَـبل كفَ َسيَـقولو َن بَل‬
‫اسد إِذَا َح َس َد﴾ سورة الفلق اآلية ‪.1‬‬ ‫َحتسدونـَنَا بل َكانوا َال يـف َقجو َن إَِّال قَلِ ًيال ﴾ سورة الفتح اآلية ‪ 21‬وقوله‪ ﴿ :‬وِمن َشِّر ح ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ -3‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص‪.221‬‬

‫‪ - 4‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص‪.221‬‬


‫‪ - 5‬سعيدي‪ ،‬حممد ظاهر‪ " :‬ظاهرة االعتقاد يف اإلصابة بالعني بني املقدس والدنيوي"‪ ،‬جملة الثقاكفة الشعبية‪2990 ،‬م العدد ‪ ،2‬ص‪.11‬‬

‫‪39‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫لذا ساد االعتقاد يف أنه ميكن االحتماء والتحصن واتقاء شر العني احلاسدة بوضع "اخلمسة املقدسة"‪ 1‬وهي‬
‫طقوس خارج أحكام الشريعة‪ ،‬وما قدسيتجا إىل ملا ترمز إليه من أهل البيت ( الرسول ﷺ وابنته كفاطمة وزوججا‬
‫علي وابنيجا احلسن واحلسني )‪ ،‬كفاخلمسة استعملت للوقاية من مجيع أشكال احلسد والعني‪ ،‬أما احلسد كفال خيتلف‬
‫عن اإلصابة بالعني‪ ،‬كفجو ال يصيب هدكفه إال إذا صدر من عني حاسد‪ ،‬ومنه كفاحلسد حسب البعض يرجع إىل أن‬
‫احلاء والسني والدال أصل واحد وهو َح َسد‪ ،2‬وهو متين زوال نعمة اآلخرين‪ ،‬سواء متناها احلاسد لنفسه أم ال كفجذا‬
‫حسد مذموم‪ ،‬أما إذا متىن مثل نعمة غريه دون أن يتمىن زواهلا عنه‪ ،‬كفذلك غبطة وهي حممودة‪ ،3‬أما عن أعراض‬
‫احلسد كفإهنا تظجر على املال والبدن والعيال حبسب مكوناهتا‪ ،‬كفإذا وقع احلسد على النفس يصاب صاحبجا بشيء‬
‫من أمراض النفس‪ ،‬كفال يستقر له حال أو كفكر أو مقال‪.4‬‬
‫ومن احلوادث اليت أرجع سببجا للحسد وإن مل تكن باملغرب األوسط إال أن نفس التفكري واملعتقد كان سائد‪،‬‬
‫هي حادثة غرق أسطول أيب احلسن املريين (‪729-722‬هـ‪2221-2222/‬م) بسبب العواصف‪ ،‬إال أهنا مل‬
‫حتدث حسب ذهنية التعليل اخلرايف حتت تأثري عوامل االضطرابات اجلوية وهيجان البحر‪ ،‬بقدر ما نسب ذلك‬
‫إىل سجام العني‪ ،‬ذلك أنه حسب علم أهل البصائر أن عني احلاسد أصابت‪ ،‬كفكان ذلك بالسحب الذواحل‪ 5‬أي‬
‫املثقلة باألمطار الغزيرة‪ ،‬ويرجع تفسري ابن اخلطيب (ت‪770‬هـ‪2201/‬م) لغرق سفينة أيب احلسن املريين سنة‬
‫(‪729‬هـ‪2221/‬م) بسبب شؤم الوقت‪ ،‬ويتضح هذا جليا يف قوله‪ «:‬ركب البحر يف الفصل ال َـمحذور والوقت‬
‫املشئوم‪ ،»6‬وأورد ابن مرزوق(ت‪712‬هـ‪2200/‬م) يف مسنده أنه ملا نزل بظاهر جباية صحبة األمري أيب عمر‬
‫تاشفني بن علي (ت‪702‬هـ‪2271/‬م)‪ ،‬خرج هلم الشيخ الصاحل الويل املكاشف املخصوص برؤية األموات‬
‫وحمادثتجم أبا عبد اهلل حممد ابن موسى اليجري البجائي‪ ،‬استدعاه وأمره للخلوة معه وكفيما قال له‪ «:‬اعلم يا ولدي‬

‫‪ - 1‬الكف أو اخلمسة هي يد آهلة الرزق واخلصوبة تانيت يف قرطاج‪ ،‬وآهلة الوكفرة واحلماية عند اهلندوس‪ ،‬وهي كف مرمي أخت موسى عند اليجود‪،‬‬
‫وكف مرمي أم عيسى عند النصارى‪ ،‬وكف كفاطمة بنت حممد عند الشيعة‪ ،‬وتعد تعويذة لطرد الشر وجلب احلظ‪.‬‬
‫‪ -2‬أبو احلسني‪ ،‬أمحد بن كفارس ابن زكريا الرازي القزويين‪ :‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تح‪ :‬إبراهيم مشس الدين‪ ،‬مج‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪ ،1001‬جملدان‪ ،‬ص‪.192‬‬
‫‪ - 3‬أبو زكريا‪ ،‬حيي بن شرف النووي‪ :‬شرح ريا ض الصاحلني من كالم سيد املرسلني‪ ،‬شرح‪ :‬حممد بن صاحل العثيمني‪ ،‬مصر‪ :‬دار العقيدة للرتاث‪،‬‬
‫‪117/2‬؛ عبد القادر‪ ،‬أبو طالب‪ :‬عالج احلاسد واحملسود والعائن واملعيون‪ ،‬الدمام‪ -‬السعودية‪ :‬مكتبة املتنبئ‪1001 ،‬م‪ ،‬ص‪.0‬‬
‫‪ - 4‬حممود‪ ،‬نبيل بن حممد‪ :‬تيسري الرمحان يف عالج السحر واملس والعني وأمراض اجلان‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار العاملية للنشر والتوزيع‪ ،1002 ،‬ص‪.101‬‬
‫‪ - 5‬النمريي‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪ 100‬؛ عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ - 6‬ابن اخلطيب‪ :‬رقم احللل يف نظم الدول‪ ،‬تونس‪ :‬املطبعة العمومية‪2191 ،‬م‪ ،‬ص‪ 11‬وأنشد قائال‪:‬‬
‫ـجة يف كفَصـل الشتَا *** َوقَد طَغَـى املـوج َعلَـيـه َو َعــتَــا‬
‫ـب الـل َ‬
‫َوَرك َ‬
‫احلجا‬
‫الر َجا *** يَا َعربة قَد د َهيت منـ َجا َ‬ ‫طب األسطول وانبت َ‬ ‫كفَـ َع َ‬
‫‪40‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫أن السلطان أبا احلسن(‪729-722‬هـ‪2221-2222/‬م) سيموت غريبا‪ ،»1‬كناية على أنه سيموت بعيدا عن‬
‫أهله وملكه يف إشارة مضمرة ملعركفته الغيب‪ ،‬واالعتقاد يف احلسد كان سائدا يف جمتمع املغرب األوسط هو اآلخر‪،‬‬
‫إذ مل يكن مبعزل عن انتشار مثل هذه املعتقدات بسبب التأثري املتبادل بني اجملتمعات املغاربية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التطير‪ 2‬والفأل‪:‬‬
‫تطلع إنسان املغرب األوسط ملعركفة ما ختبأه األيام القادمة‪ ،‬بغية االستعداد هلا خوكفا من محلجا أنباءً سيئة‪ ،‬وهو‬
‫ما شغل تفكريه وذهنيته أكثر من توقعه لألخبار السارة‪ ،‬ومنه كان هذا التطلع للوقوف على كائنات األمور‬
‫ومستقبالهتا ومغيباهتا‪ ،‬كفجو بالطبع يتشوكفجا ويروم معركفتجا على قدر استطاعته وحبسب طاقته‪ ،‬شوقا للوقوف على‬
‫األمور الكائنة قبل حدوثجا من ججة وأخذ األهبة هلا‪ ،‬وهلذا املعىن انساق اإلنسان إىل الفأل والزجر‪ ،‬إذا عدم مجيع‬
‫وجوه االستدالل من أشكال الفلك وحركات النجوم‪ ،‬ورمبا عدل إىل التكجن وصدق بكثري من الظنون الباطلة‪،3‬‬
‫كفالذين يلقبون أنفسجم بأحرار الفكر لنبذهم قواعد الدين‪ ،‬يعتقدون الشعور باألمور قبل وقوعجا أو يعتقدون‬
‫بالفؤول والطوالع‪.4‬‬
‫تبدأ هذه التكجنات عادة بتوقع األسوأ عن طريق ما يعرتضه من إشارات وأَمارات‪ ،‬وهو ما أطلق عليه لدى‬
‫جمتمع املغرب األوسط بالتطري كفما املقصود منه؟ وما هي عالماته؟ وكيف أثر التطري على مقدسات ومعتقدات‬
‫وطقوس ساكنة املغرب األوسط؟‬

‫الطيرة لغة‪َ :‬‬


‫الطرية‪ ،‬والتَطَري مبعىن واحد‪ ،‬كفالتَطَري مصدر من الفعل تَطَيَـَر يـَتَطَري‪ ،‬والطرية اسم املصدر‪ ،‬ويقـال‪:‬‬ ‫َ‬
‫تَطَ َّـريت من الشـيء‪ ،‬وبالشيء‪ ،‬ويكون يف التشاؤم والتسعد‪.5‬‬
‫الطيرة اصطالحا‪ :‬هي كل ما يـعتَـ َقد يف كونه سببا يف إحلاق الشر واألذى‪ ،‬بغض النظر عن هذا املسبب سواء‬
‫كان مسموعاً‪ ،‬أو مرئياً‪ ،‬حيواناً‪ ،‬أو مجاداً‪ ،‬أو زماناً‪ ،‬أو مكاناً‪ ،‬أو شخصاً‪ ،‬أو نباتاً‪ ،‬أو عدداً‪ ،‬أو حنو ذلك‪،‬‬
‫كاملرأة واملسكن واملركب‪ ،‬كفإذا استعمل جا اإلنسان كفرجع هبا من سفر أو امتنع هبا عما عزم عليه كفقد قرع باب‬

‫‪- 1‬ابن مرزوق ‪:‬املسند‪ ،‬ص‪.207‬‬


‫‪ -2‬والتطري قدمي الوجود يف األمم‪ ،‬كفقد أخربنا اهلل سبحانه وتعاىل أن كفرعون وقومه تطريوا مبوسى عليه السالم ومن معه‪:‬‬
‫وسى َوَمن َم َعه أََال إَِّمنَا طَائِرهم ِعن َد اللَّ ِه َولَ ِك َّن أَكثَـَرهم َال يـَعلَمو َن ﴾‪.‬سورة األعراف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ كفَإ َذا َجاءَتـجم احلَ َسنَة قَالوا لَنَا َهذه َوإن تصبـجم َسيِّئَةٌ يَطَّيَّـروا مب َ‬
‫ال طَائِركم ِعن َد اللَّ ِه بَل أَنـتم قَـوٌم تـفتَـنو َن ﴾‪،‬‬
‫ك قَ َ‬ ‫اآلية ‪ ،222‬وقبل ذلك تشاءم قوم صاحل بصاحل عليه السالم‪ ﴿ :‬قَالوا اطَّيَّـرنَا بِ َ‬
‫ك َوِمبَن َم َع َ‬
‫سورة النمل‪،‬اآلية ‪ ،27‬وكذلك أص حاب القرية تطريوا برسول اهلل كفقالوا إنا تطرينا بكم قال الرسل الثالثة ألهل القرية‪ ﴿ :‬قَالوا إِنَّا تَطَيَّـرنَا بِكم لَئِن َمل‬
‫يم (‪ )21‬قَالوا طَائِركم َم َعكم أَئِن ذ ِّكرمت بَل أَنـتم قَـوٌم مس ِركفو َن (‪ .﴾)29‬سورة يس‪ ،‬اآلية ‪.29-21‬‬ ‫تَـنتـجوا لَنـرمجنَّكم ولَيم َّسنَّكم ِمنَّا ع َذ ِ‬
‫اب أَل ٌ‬
‫َ ٌ‬ ‫َ َ َ َ ََ‬
‫‪ - 3‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬تاريخ التنجيم عند العرب وأثره في المجتمعات العربية واإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬مؤسسة عز الدين للطباعة‪2992 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.7‬‬
‫‪ - 4‬غوستاف‪ ،‬لوبون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫‪ -5‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪122_121/2 ،‬؛‬

‫‪41‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫الشرك‪ ،1‬ومن ذلك التشاؤم‪ 2‬من الشيء املرئي‪ ،‬أو املسموع وغريمها‪ ،‬وهناك آخرون تشاءموا برؤية بعض‬
‫الطيور‪ ،‬كالـغربان والبومة وغريها أو برؤية األعور‪ ،3‬ووصل األمر ببعضجم بتنظيف البيت وكنسه عقب سفر من‬
‫ساكفر من أهله‪.4‬‬
‫ِ‬
‫الطرية العياكفة‪ ،‬وهي‪َ :‬زجر الطري‪ ،‬وتنفريها‪ ،‬وإرساهلا‪ ،‬والتفاؤل‪ ،‬أو التشاؤم بأمسائجا‪،‬‬ ‫ومما يدخل يف مبحث‬
‫وأصواهتا‪ ،‬وممراهتا؛ كفعن العياكفة يكون الفأل‪ ،‬أو التشاؤم‪ ،5‬لذلك كانت العرب تزجر الطري والوحش‪ ،‬أي تـنَـفِّرها‪،‬‬
‫وترسلجا‪ ،‬وتتفاءل أو تتشاءم هبا‪ ،‬وليس جمتمع املغرب األوسط ببعيد عن مثل هذه املعتقدات واملمارسات وهو ما‬
‫ستكشفه الصفحات التالية‪.‬‬
‫ال شك بأن اعتقاد بعض سكان املغرب األوسط يف أن تلك األكفعال ستخربه مبا حتمله قادم األيام من أخبار‬
‫الغيب واعتقاد أهنا جتلب له النفع‪ ،‬أو تدكفع عنه الضرر‪ ،‬هو اعتقاد خاطئ ألنه يدخل يف باب الشرك حسب رأي‬
‫الفقجاء‪ 6‬حىت أهنم ادخلوها يف باب السح ر‪ ،‬واعترب كفاعل هذه األمور‪ ،‬ومفسرها لنفسه أو للناس ساحرا‪ ،‬وإن‬
‫كان صاحب تلك األعمال ال يعتقدها كفجو كذب‪ ،‬وغش‪ ،‬وهبتان‪ ،‬عن طريق االستعانة بالشياطني على كشف‬
‫بعض األمور‪ ،‬واختاذ ذلك وسيلة خيفي هبا صنعه‪.7‬‬

‫‪ -1‬مشس الدين‪ ،‬أيب عبد اهلل حممد ب أيب بكر ابن القيم‪ :‬مفتاح دار السعادة ومنشور والية أهل العلم واإلرادة‪ ،‬تق‪ :‬علي بن حسن ‪ ،‬مر‪ :‬بكر بن‬
‫عبد اهلل‪،‬ط‪ ،2‬السعودية‪ :‬دار ابن عثمان للنشر والتوزيع‪2990 ،‬م‪ 222/2 ،120/1،‬؛ عبد اهلل‪ ،‬حممد ابن مفلح املقدسي‪ :‬اآلداب الشرعية‪ ،‬تح‪:‬‬
‫شعيب أرناؤوط وعمر القيام‪ ،‬بريوت‪ :‬الرسالة للنشر والتوزيع‪2999 ،‬م‪.202_217/2 ،‬‬
‫‪ - 2‬ومسي التشاؤم تطريا ألن العرب كانوا يف اجلاهلية إذا خرج أحدهم ألمر قصد عش طائر كفجيجه‪ ،‬كفإذا طار الطائر ججة اليمني تيمن به ومضى يف‬
‫السائح)‪ ،‬أما إذا طار ججة اليسار اإلنسان تشاؤم به ورجع عما عزم عليه‪ ،‬وكانوا يسمون الطائر يف هذه احلالة‬
‫األمر ويسمون الطائر يف هذه احلالة ( َ‬
‫(البَارح) ‪ ،‬كفجاء اإلسالم كفأبطل هذا األمر وهنى عنه وشدد يف النكري على كفاعله‪ ،‬ورد األمر إىل سنن اهلل الثابتة وإىل قدرته املطلقة‪ .‬حممد‪ ،‬بن عبد العزيز‬
‫اخلضريي‪ :‬خطر التطري والتشائم‪ ،‬الرياض‪ -‬السعودية‪ :‬دار الوطن للنشر‪(،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.0‬‬
‫‪ - 3‬بعض الناس يتشاءم برؤية األعور ومثال ذلك أن أحد الوالة خرج لبعض مجماته كفاستقبله رجل أعور كفتطري به‪ ،‬وأمر به إىل احلبس كفلما رجع أمر‬
‫بإطالقه‪ ،‬كفقال األعور‪ :‬سألتك باهلل ما كان جرمي الذي حبستين ألجله؟ كفقال الوايل‪ :‬تطريت بك‪ .‬كفقال‪ :‬كفما أصبت يف يومك برؤييت؟ كفقال‪ :‬مل ألق‬
‫إال خريا‪ .‬كفقال‪ :‬أيجا األمري أنا خرجت من منزيل كفرأيتك كفلقيت يف يومي الشر واحلبس‪ ،‬وأنت رأيتين كفلقيت اخلري والسرور كفمن أشأمنا؟ والطرية مبن‬
‫كانت؟ كفاستحيا منه الوايل ووصله ‪.‬ابن القيم‪ :‬مصدر سابق‪171/2 ،‬‬
‫‪ - 4‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.219/1 ،‬‬
‫عراف اليمامة‪ ،‬واألبلق األسدي‪ ،‬واألجلح‪ ،‬وعروة ابن يزيد‪ ،‬وغريهم؛ كفكان بعض سكان املغرب األوسط حيكمون بذلك‪،‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪ -‬وممن اشتجر بذلك َّ‬
‫ويعملون به‪ ،‬يف حال األمن‪ ،‬واخلوف‪ ،‬والسعة‪ ،‬والضيق‪ ،‬واحلرب‪ ،‬والسلم‪ ،‬كفإن جنحوا كفيما يتفاءلون به مدحوه‪ ،‬وداوموا عليه‪ ،‬وإن عطبوا كفيه تركوه‬
‫وذموه‪ .‬ابن القيم‪ :‬املرجع السابق‪.120_119/1 ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب كفَ َال يظ ِجر َعلَى َغيبِه أ َ‬
‫َح ًدا﴾ سورة اجلن‬ ‫‪ - 6‬أمجع الفقجاء على أن ادعاء معركفة الغيب شرك باهلل ألن اهلل وحده عامل الغيب لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬عامل الغَي ِ‬
‫اآلية ‪ ، 10‬وورد ذكر كلمة الغيب أربعون مرة يف القرآن الكرمي كلجا تؤكد على إنفراد اهلل مبعركفته‪.‬‬
‫‪ -7‬أمحد بن ناصر بن حممد‪ ،‬احلمد‪ :‬السحر بني احلقيقة واخليال‪ ،‬ط‪ ،2‬مكة‪ -‬السعودية‪ :‬دار الرتاث‪2911،‬م ‪ ،‬ص‪.211_212‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫وقد وصل األمر إىل أن صار اختيار أوقات السفر يتحدد مبا يسفر عنه الزجر والتطري لتفادي الفرتات املشئومة‪،‬‬
‫وذلك بعد صدور مؤشرات توحي باإلقدام أو اإلحجام‪ ،‬وهذه عادة ترسخت يف ذهنيات السذج كحقيقة غري‬
‫قابلة للنقاش واجلدل‪ ،‬السيما إذا حازت ممارسة هذه الطقوس على تزكية غري مقصودة من تصركفات أهل القلم من‬
‫علماء القدوة‪ ،1‬وال يفوتنا هنا أن ننوه إىل حادثة غرق سفن أيب احلسن املريين(‪729-722‬هـ‪)2221-2222/‬‬
‫واليت سبق ذكرها ملا عزم السفر إذ تطري الناس كفيجا بالوقت املشئوم‪.‬‬
‫ومن النماذج اليت وردت يف املصادر الوسيطة عن اعتقاد سكان املغرب يف التطري والتشاؤم‪ ،‬تطريهم بشجر‬
‫النارنج الذي كان مرادكفا يف خمياهلم لكارثة مدمرة‪ ،‬كفكان ذلك سببا يف عزوف الفالحني عن غرسه‪ ،‬بالرغم من أنه‬
‫يسجم يف التخفيف من درجة تبخر مياه السواقي والصجاريج‪ ،‬ومنه استغالل املياه والتقليل من خطورة اجلفاف‬
‫وهو ما طمسته ذهنية التفكري اخلرايف‪ ،2‬وال أدل على وجود هذا النوع من التطري يف املغرب األوسط وشيوعه من‬
‫اعتقاد ابن خلدون ( ت‪101‬هـ‪2202/‬م) حني اعترب ذيوع هذه املمارسات مؤشرات على خراب العمران‬
‫بقوله‪ «:‬إن املدينة إذا كثر كفيجا غرس النارنج تأذنت باخلراب‪ ،‬حىت إن كثريا من العامة يتحاشى غرس النارنج‬
‫أورد ابن مرزوق‬ ‫بالدور تطريا به‪ ،‬وهذا الطور الذي خيشى معه هالك املصر وخرابه‪ ،» 3‬يف املقابل‬
‫(ت‪712‬هـ‪ 2279/‬م) بوجود مجاعة من املتصوكفة ركفضوا التطري بشجر النارنج بل ورد ذكره يف صورة الكرامة اليت‬
‫يتربك هبا كفقال‪ «:‬أخربين أبو العباس ابن القطان وكان كثريا ما حيضر اجلمجور‪ ،‬قال‪ :‬كفيجتمع كفيجا صلحاء البلد‬
‫وعل ماء الوقت الظاهرين‪ ،‬أما الليايل اخلاصة كفيجتمع كفيجا بأصحابه وخواصه املتجردين املنقطعني الذين ال يعركفجم‬
‫عي‬
‫إال من هو منجم كففيجا شاهد العجائب‪ ،‬وذكر أن هناك من انتقدوا عدم استدعائجم لليايل اخلاصة كفاستد َ‬
‫شيخ قال‪ :‬كفحضر كفما كان إال أن كفرغوا من األوراد‪ ،‬وقال قائلجم‪ :‬وقاموا متواجدين كفنظرت إىل شجرة النَارنج‪،‬‬
‫وإىل هؤالء وكال يقطف منجا نوعا غريبا يَبني منجا‪ ،‬كالسفرجل والرمان وأنواع الفواكه والرياحني‪ ،‬قال‪ :‬كفنظر إىل‬
‫الشيخ كفقمت مستغفرا‪.»4‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪221‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ - 3‬املقدمة‪.120 ،‬‬
‫‪- 4‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.211 -217‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫المبحث الثاني‪ :‬السحر والشعوذة‪:‬‬
‫إن املتتبع لعادات وأمناط سلوك إنسان املغرب األوسط‪ ،‬يالحظ سيادة بعض املعتقدات السحرية‪ ،‬ذلك أن‬
‫بيئة املغرب عدت بيئة خصبة لربوز وتغذية هذه املعتقدات وتقديسجا‪ ،‬وقبل البحث والتقصي عنجا ال بأس من‬
‫معركفة ما املقصود بالسحر والشعوذة؟‬
‫أوال‪ :‬السحر‬
‫تعريف السحر‪:‬‬
‫السحر لغة‪ :‬السحر يف اللغة يدور حول عدة معان‪ ،‬كفيطلق على صرف الشيء عن حقيقته إىل غريه‪ ،‬ويطلق على‬
‫اخلداع‪ ،‬وعلى إخراج الباطل يف صورة احلق‪ ،‬وعلى كل ما لطف ودق مأخذه‪ ،1‬والسحر هو كل تقرب كفيه إىل‬
‫وس َحَره سحراً وسحر‪ ،‬ورجل َساحر من قوم َس َحَرة‪ ،‬وس َحار‬
‫الشيطان ومبعونة منه‪ ،‬ومجع سحر أَس َحار وسحور‪َ ،‬‬
‫من قوم َس َحارين‪ ،2‬ويطلق السحر يف لغة العرب على كل شيء خفي سببه‪ ،‬ولذلك تقول العرب يف الشيء‬
‫الشديد اخلفاء‪ ،‬أخفى من السحر‪ ،‬وتصف مالحة العينني بالسحر ألهنا تصيب القلوب بسجامجا يف خفاء‪ ،‬كما‬
‫يوصف البيان بالسحر‪.3‬‬
‫السحر في االصطالح‪ :‬السحر ليس نوعا واحدا يشمله ٌّ‬
‫حد جامع مانع لكثرة األنواع الداخلة حتته‪ ،‬ومن هنا‬
‫اختلفت عبارات العلماء يف حده اختالكفا متباينا‪ ،4‬كفقد عركفه أبو بكر اجلصاص ( ت‪270‬هـ‪910/‬م) بأنه كل‬
‫خف َي سببه‪ ،‬وختيل على غري حقيقته‪ ،‬وجري جمرى التمويه واخلداع‪ ،5‬وهو ما مسي بالسحر التخيلي وحيدث‬‫أمر ِ‬

‫عندما يقوم الساحر بإحضار شيء يعركفه الناس على حقيقته‪ ،‬مث يقرأ عليه عزميته وطالمسه ويستعني بالشياطني‬
‫كفريى الناس الشيء على غري حقيقته‪.6‬‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪.20-22/20 ،‬‬


‫‪ -2‬نفسه‪ ،‬مج‪2911/2‬‬
‫‪ -3‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،21‬عمر‪ ،‬سليمان األشقر‪ :‬عامل السحر والشعوذة‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار النفائس للنشر والتوزيع‪1001 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.09‬‬
‫‪ -4‬حممد األمني‪ ،‬الشنقيطي‪ :‬أضواء البيان يف إيضاح القرآن بالقرآن‪ ،‬إشر‪ :‬بكر بن عبد اهلل بوزيد‪ ،‬ط‪ ،2‬جدة‪ :‬دار عامل الفوائد للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫(د‪.‬ت)‪.222/2 ،‬‬
‫‪ -5‬أمحد‪ ،‬بن علي الرازي اجلصاص أبو بكر‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬تح‪ :‬حممد صادق القمحاوي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار إحياء الكتب العربية – مؤسسة التاريخ‬
‫العريب‪ 1 ،2991 ،‬جملدات‪12/2 ،‬؛ سليمان‪ ،‬األشقر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ - 6‬حممود‪ ،‬نبيل بن حممد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫وعركفه أبو بكر ابن العريب املالكي( ت‪122‬هـ‪2221/‬م) يف قوله‪ :‬هو كالم مؤلف يعظم كفيه غري اهلل وتنسب‬
‫إليه كفيه املقادير والكائنات‪ ،1‬وعركفه ابن قدامة املقدسي( ‪010‬هـ‪2112/‬م) بقوله‪ «:‬السحر عزائم ورقى‪،‬تؤثر يف‬
‫األبدان والقلوب‪ ،‬كفيمرض‪ ،‬ويَـقتل‪ ،‬ويفرق ‪ ،‬ويأخذ أحد الزوجني عن صاحبه‪.»2‬‬
‫وعركفه الدكتور أمحد احلمد بقوله‪ :‬السحر هو املخادعة‪ ،‬أو التأثري يف عامل العناصر مبقتضى القدرة احملدودة‬
‫مبعني من اجلن أو بأدوية‪ ،‬إثر استعدادات لدى الساحر‪ ،‬عن طريق التخيل أو املخادعة‪ ،‬وما كان منه حقيقة يؤثر‬
‫باهلمة‪ ،‬أو مبعني من الشياطني‪ ،‬أو بدعوى مواكفقة مزاج األكفالك والعناصر‪ ،‬أو حنو ذلك‪ ،3‬أما ابن خلدون‬
‫بكيفية استعدادات تَـقتَ ِدر النفوس‬
‫ِ‬ ‫(ت‪101‬هـ‪2202/‬م) كفقد عركفه بقوله‪ «:‬علوم السحر والطلسمات‪ 4‬هي علوم‬
‫البشرية هبا على التأثريات يف عامل العناصر إما بغري معِني أو مبعني‪ ،‬من األمور السماوية واألول سحر والثاين‬
‫طلسمات‪.»5‬‬
‫املقصود به أن ميدح اإلنسان كفيصدق كفيه حىت يصرف قلوب السامعني إليه‪ ،‬ويذمه كفيصدق كفيه ويصرف قلوهبم‬
‫‪6‬‬
‫السحور َسحورا ألنه يقع‬
‫أيضا عنه ‪ ،‬ويغلب على نفوسجم وحيول الشيء عن حقيقته ويصركفه عن وججته‪ ،‬ومسي َ‬
‫خفيا آخر الليل‪ ،‬وتطلق العرب السحر على اخلديعة ألنه خيفي سببجا ويدق‪ ،7‬ولقد عرف السحر بتعاريف كثرية‬

‫‪ -1‬حممد‪ ،‬بن عبد اهلل أيب بكر ابن العريب املالكي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬تح‪ :‬حممد عبد القادر عطا‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1002 ،‬م‪2 ،‬‬
‫جملدات‪.22/2 ،‬‬
‫‪ -2‬أبو حممد‪ ،‬بن قدامة املقدسي‪ :‬الكايف يف كفقه اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬تح‪ :‬حممد كفارس ومسعد عبد احلميد السعدين‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪2992 ،‬م‪2 ،‬أجزاء‪.02/2 ،‬‬
‫‪ -3‬أمحد‪ ،‬احلمد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ -4‬الطلسمات مجع طلسم هي كلمة يونانية معربة‪ ،‬وهي تعين اخلطوط والكتابة اليت يستعملجا الساحر يزعم أنه يدكفع هبا األذى‪ ،‬مازجا بني القوى‬
‫السماوية وبني قوى األرض‪ ،‬يربط هبا روحانيات الكواكب العلوية بالطبائع السفلية‪ ،‬وتعين أيضا كل ما هو مبجم‪ ،‬وعلم الطلسمات علم مادته الفلك‬
‫وأنواع املولدات‪ ،‬وصورته كمال اهلياكل‪ ،‬وغايته الطبائع وحترير وقته‪ ،‬وإجراء خبوراته‪ ،‬وهو علم يستخدم للشفاء من العلل وطرد اهلوام وحفظ ما يطلب‬
‫حفظه يف األزمنة املتطاولة‪ .‬داود‪ ،‬بن عمر األنطاكي‪ :‬تذكرة أويل األلباب واجلامع للعجب العجاب‪ ،‬الطبعة األخرية‪ ،‬بريوت‪ :‬املكتبة الشعبية‪،2979 ،‬‬
‫‪212/1‬؛ عبد عون‪ ،‬الروضان‪ :‬موسوعة تاريخ العرب‪ -‬تاريخ ممالك‪ -‬دول‪ -‬حضارة‪ ،‬ط‪ ،2‬األردن‪ :‬األهلية للنشر‪ ،1009 ،‬جزءان‪002 /2 ،‬؛‬
‫حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 19‬و ‪20‬؛ ويرى أيب القاسم مسلمة بن أمحد اجملريطي‪ :‬أن حقيقة الطَل َسم معكوس امسه وهو م َسلَط‪ ،‬ألنه من جواهر‬
‫القجر والتسليط يفعل كفيما له ركب كفعل غلبة وقجر‪ ،‬والطلسم هو اسم السلجموس وهو استنزال قوى األرواح العلوية ويوقعون على اجلميع اسم السحر‪،‬‬
‫غاية احلكيم يف األرصاد الفلكية والطالسم الروحية والتنجيم‪ ،‬تح‪ :‬هريرت‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار اجملة البيضاء‪ ،1001 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -5‬عبد الرمحان‪ ،‬بن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ - 6‬جمد الدين‪ ،‬حممد بن يعقوب الفريوز أبادي‪ :‬القاموس احمليط‪ ،‬تح‪ :‬مكتب حتقيق الرتاث يف مؤسسة الرسالة‪ ،‬إشراف‪ :‬حممد نعيم العرقسوسي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر‪ ،1001 ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ -7‬سليمان‪ ،‬األشقر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.07‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫متباية وذلك لكثرة األنواع الداخلة حتته واليت ال يتحقق قدر مشرتك بينجا‪ ،‬والختالف املذاهب كفيه بني احلقيقة‬
‫والتخيل‪ ،1‬وجلوء الساحر إىل التعزمي الذي يوجب على اجلن األبالسة متعددي األشكال حتقيق نواياه‪.2‬‬
‫كفالسحر يطلق على معان اخلداع وختيالت ال حقيقة هلا‪ ،‬حنو ما يفعله املشعوذ عما يفعله خلفة يد‪ ،‬وما يفعله‬
‫النمام بقول مزخرف‪ ،3‬ويقال‪ :‬الرجل مطبوب‪ ،‬أي مسحور‪ ،‬ويقال‪ :‬كنوا عن السحر بالطب تفاؤال‪.4‬‬
‫ات ِيف الع َق ِد﴾‪ 6‬وأضاف‬
‫ذهب أهل السنة واجلماعة إىل أن السحر ثابت‪ 5‬لقوله تعاىل‪﴿ :‬وِمن َشِّر النـَّفَّاثَ ِ‬
‫َ‬
‫البعض أن السحر عبارة عن عقد قراءات ونفثات‪ ،7‬يتوصل هبا الساحر إىل اإلضرار باملسحور كفمنه ما يذهب‬
‫العقل ومنه ما يوجب العقد‪ ،‬يعين تعلق اإلنسان بغريه تعلقا شديدا‪ ،‬ومنه ما يوجب الصرف يعين انصراكفه عن غريه‬
‫انصراكفا كامال‪ ،8‬والسحر ممارسة تستخدم عناصر خفية أو مادية للتأثري يف الواقع ومن أجل بلوغ غرض حمدد‪،‬‬

‫‪ - 1‬نبيل‪ ،‬بن حممد حممود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ - 2‬توكفيق‪ ،‬كفجد‪ :‬العجيب والغريب يف إسالم العصر الوسيط‪ ،‬تر و تق‪ :‬حممد أركون وآخرون‪ ،‬ط‪ ،2‬املغرب‪ -‬الدار البيضاء‪ ،1001 :‬ص‪222‬؛‬
‫أمحد‪ ،‬أبو حاقة ‪ :‬معجم النفائس الكبري‪ ،‬ط‪ ،2‬األردن‪ :‬دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع‪1007 ،‬م‪ ،‬ص‪120-119‬؛ حممد‪ ،‬الفضيل بن القاضي‬
‫الشبيجي الزرهوين‪ :‬الفجر الساطع على الصحيح اجلامع‪ ،‬تح‪ :‬عبد الفتاح الزنيفي‪ ،‬ط‪21 ،2‬مج‪ ،‬بريوت‪ ،‬مكتبة الرشيد‪19-11/22 ،1009 ،‬؛ أبو‬
‫القاسم‪ ،‬احلسني بن حممد بن الفضل‪ :‬االعتقادات‪ ،‬تح‪ :‬مشران العجلي‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار األشراف للتجارة والطباعة والنشر والتوزيع‪،2911 ،‬‬
‫ص‪ . 219‬ويقول غوستاف لوبون بأن الشيطان كان يظجر هلم على شكل ضفدع هر كلب أسود وكان يطعم أنصاره طعاما من اجليف‪ .‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ‪.100‬‬
‫‪- 3‬أبو القاسم‪ ،‬احلسني بن حممد الراغب األصفجاين ‪ :‬املفردات يف غريب القرآن‪ ،‬تح‪ :‬مركز الدراسات والبحوث مبكتبة نزار‪ ،‬مكة‪ -‬السعودية‪ :‬دار‬
‫ال‬
‫عامل الكتب للطباعة والنشر والتوزيع‪1009 ،‬م‪191/2 ،‬؛ سليمان‪ ،‬األشقر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪97‬؛ ووردت آيات قرآنية يف ذلك قال تعاىل‪ ﴿ :‬قَ َ‬
‫ال بل أَلقوا كفَِإ َذا ِحباهلم و ِع ِ‬
‫صيُّـجم خيَيَّل‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ني الن ِ‬
‫َ َ‬ ‫َّاس َواستَـرَهبوهم َو َجاءوا بسحر َعظيم﴾ سورة األعراف‪ ،‬اآلية‪ ،220 :‬وقوله‪ ﴿ :‬قَ َ َ‬ ‫أَلقوا كفَـلَ َّما أَل َقوا َس َحروا أَع َ‬
‫إِلَي ِه ِمن ِسح ِرِهم أَنـ ََّجا تَس َعى﴾‪ ،‬سورة طه‪ ،‬اآلية‪.00 :‬‬
‫‪ -4‬ابن مفلح املقدسي‪ :‬مصدر سابق‪12/2،‬؛ عبد القادر‪ ،‬عركفات العشا حسوين‪ :‬األحاديث القدسية مع شرحجا وما صح عن أحاديث املالئكة‬
‫الكرام واجلان‪ ،‬دار الفكر للطباعة‪ ،1002 ،‬ص‪.112‬‬
‫‪ -5‬أكرب دليل على ثبوت وجود السحر حقيقة هو عدد املرات اليت ذكر كفيجا يف القرآن الكرمي إذ وردت كلمة سحر ‪ 21‬مرة‪ ،‬وكلمة ساحر ‪ 22‬مرة‪،‬‬
‫السحَر َوَما أن ِزَل َعلَى‬ ‫َّاس ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني َك َفروا يـ َعلمو َن الن َ‬ ‫وكلمة مسحوراً ‪ 2‬مرات‪ ،‬وكلمة َمسحورين مرة واحدة‪ ،‬ومن أمثلة ذلك قول اهلل تعاىل‪َ ﴿:‬ولَك َّن الشَّيَاط َ‬
‫الس َحَرة كفِر َعو َن قَالوا إِ َّن لَنَا َألَجًرا إِن كنَّا‬
‫احر َعلِيم (‪َ )221‬و َجاءَ َّ‬ ‫وك بِك ِّل س ِ‬
‫َ‬ ‫وت﴾ سورة البقرة اآلية ‪ ، 201‬وقوله‪ ﴿ :‬يَأت َ‬ ‫ني بِبَابِ َل َهار َ‬
‫وت َوَمار َ‬ ‫الملَ َك ِ‬
‫َ‬
‫ني (‪ ﴾)222‬سورة األعراف اآلية ‪ ،222-221‬باإلضاكفة إىل احلديث املشجور يف أن النيب ﷺ س ِحر يف مشط وم َشاطَة وجف طَل َعة ذَكر‬ ‫ِ‬‫ب‬‫َحنن الغالِ‬
‫َ َ‬
‫ووضع السحر يف بئر ذروان‪ ،‬والذي رواه خباري ومسلم لكن أبو بكر اجلصاص شكك يف صحة احلديث ونسبه إىل امللحدين‪ .‬مصدر سابق‪.29/2،‬‬
‫‪ -6‬سورة الفلق‪ ،‬اآلية‪.02 :‬‬
‫‪ - 7‬النفاثات املقصود هبا النمامون لروابط األلفة واملعرقلون هلا‪ ،‬مبا يلقون عليجا من ضرام منائمجم‪ ،‬وأراد اهلل تعاىل أن يشبججم بأولئك السحرة‬
‫واملشعوذين‪ ،‬والنفث النفخ الرقيق بالريق‪ .‬حممد‪ ،‬عبده‪ :‬تفسري القرآن الكرمي‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ :‬مطبعة املنار‪2917 ،‬م‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ - 8‬النووي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.272‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫وحتدد القوى املؤثرة وكذا الغاية أو الغايات املوجودة‪ ،1‬وهناك من ربط بني السحر والطب الشعيب‪ ،‬وأرجع بأن‬
‫املمارسات الغري حمسوسة املتمثلة يف السحر والتمائم والتعاويذ والرقى وغريها هي من أشكال الطب الشعيب‪.2‬‬
‫حسب املعجم الفرنسي لعلم االجتماع تعين كلمة السحر عملية تستجدف الفعل ضد قوانني الطبيعة بواسطة‬
‫السحر‪ ،‬كما يعرف املعجم نفسه بأهنا هي القدرة على إيذاء اآلخرين من خالل عمل روحاين‪ ،3‬ومنجم من يقول‪:‬‬
‫أن السحر هو ما يورث احلب أو البغض‪ ،‬وأهنا أمور خيالية توجب تأثريا يف النفوس تقع بسببجا مفاسد على‬
‫حسب ما تشكلت به النفوس من تلك األكفعال اليت تظجر من كفعل السحر وال حقيقة له عند التحقيق‪ ،4‬ومنه‬
‫كفالسحر جمموعة من األكفعال واملمارسات اليت تسمح ملمتجنجا التأثري على اآلخرين بفضل سيطرته على القوى‬
‫املختبئة‪ ،‬لذلك كفإنه يقوم على طقوس وتقنية تنفذ ذلك االعتقاد‪.‬‬
‫يطلق على السحر اسم العلم الزائف أو العلم الكاذب‪ ،5‬وهو أكرب دليل على وجود السحرة الكذابني الذين‬
‫يطالبون باملال لشراء العقاقري والبخورات‪ 6‬والطالسم‪ ،7‬يف املغرب األوسط وحواضره خاصة الطالسم من بالد‬
‫السودان وغرب إكفريقيا‪.‬‬
‫أما عن مصادر تعلم السحر والوقاية منه يف بالد املغرب اإلسالمي كفرتجع أساسا ملا كان يعرف بالعلوم‬
‫املججورة ملا كفيجا من الضرر واليت كانت سائدة باملشرق العريب‪ ،‬وكانت كتبجا مفقودة بني الناس إال ما وجد يف‬
‫كتب األمم األقدمني‪ ،‬ومن أمثلة ذلك "الفالة النبطية من أوضاع أهل بابل"‪ ،8‬كفأخذ الناس منجا هذا العلم ونفذوا‬
‫كفيه ووضعت بعد ذلك األوضاع مثل "مصاحف الكواكب السبعة" و "كتاب طمطم اهلندي"‪ ،9‬أما يف املشرق‬

‫‪ -1‬مصطفى‪ ،‬واعرب‪ :‬املعتقدات والطقوس السحرية يف املغرب‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار احلرف للنشر والتوزيع ‪1007 ،‬م ‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 2‬اعتربت الباحثتان نوارة عبيدي و كفوزية مخيسي أن السحر وما ارتبط به طبا شرعيا يف مقاهلما‪ :‬املعتقدات الشعبية‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ -3‬مصطفى‪ ،‬واعرب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 4‬أيب القاسم‪ ،‬بن أمحد البلوي التونسي الربزيل‪ :‬كفتاوى الربزيل جامع مسائل األحكام ملا نزل من القضايا باملفتني واحلكام‪ ،‬تح‪ :‬حممد احلبيب اهليلة‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪1001 ،‬م‪0 ،‬أجزاء‪.111/0 ،‬‬
‫‪ -5‬املاجدي‪ ،‬حزقل‪ :‬خبور اآلهلة دراسة يف الطب والسحر واألسطورة والدين‪ ،‬ط‪ ،2‬عمان‪ -‬األردن‪ :‬دار األهلية للنشر والتوزيع‪2991 ،‬م‪ ،‬ص‪-21‬‬
‫‪.22‬‬
‫‪ -6‬ولع الناس بالبخور وله معتقدات بإبطاله السحر وطرد األرواح الشريرة شفاء شخص مصاب بالعني أو جللب احلظ‪ ،‬كما مجع بني مناسبات الزواج‬
‫والوالدة والعزاء واملوت‪ .‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 7‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪.121 ،‬‬
‫‪ -8‬بابل هي مدينة بالعراق على ضفيت الفرات‪ ،‬كانت عاصمة البابليني أيام حكم محو رايب ( ‪2710-2791‬ق م)‪ ،‬وقد اشتجر أهلجا بالسحر‬
‫واستفاض العلم به مع نص القرآن عليه‪ .‬سليمان‪ ،‬األشقر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪ -9‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص‪.222‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫كفعرف جابر بن حيان (ت‪290‬هـ‪121/‬م) بكبري سحرة هذه امللة‪ ،1‬مث جاء مسلمة بن أمحد اجملريطي‬
‫(ت‪297‬هـ‪2007/‬م) وعرف بإمام أهل األ ندلس يف التعاليم والسحريات‪ ،‬كفلخص كتب السابقني يف السحر يف‬
‫كتابه "غاية احلكيم يف األرصاد الفلكية والطالسم الروحية والتنجيم"‪.2‬‬
‫ملا كان السحر ظاهرة إنسانية تداولته مجيع اجملتمعات البشرية على اختالف معتقداهتم ومقدساهتم‪ ،‬كفإن جمتمع‬
‫املغرب األوسط مل يكن مبنأى عن االعتقاد يف السحر وممارسته وتقديسه بل حىت التصديق بقدرة السحرة‪ ،‬ويف‬
‫هذا الصدد نورد نص ابن خلدون (ت‪101‬هـ‪2202/‬م) حول املوضوع إذ قال‪ «:‬باملغرب صنف من هؤالء‬
‫املنتحلني هلذه األعمال السحرية‪ ،‬يعركفون بالبَـ َعاجني‪ ،‬وهم الذين ذَ َكرت أوال أهنم يشريون إىل الكساء أو اجللد‬
‫كفيتخرق‪ ،‬ويشريون إىل بطون الغنم بالبَـعج كفَـتَـنبَعج‪ ،‬ويسمى أحدهم هلذا العجد باسم البَـ َعاج‪ ،‬ألن أكثر ما ينتحل‬
‫من السحر بـَعج األنعام‪ ،‬يرهب بذلك أهلجا ليعطوه من كفضلجا‪ ،‬وهم مستَرتون بذلك يف الغاية خوكفا على أنفسجم‬
‫من احلكام‪ ،‬ولقيت منجم مجاعة وشاهدت أكفعاهلم هذه‪ ،‬بذلك أخربوين أنا هلم‪.»3‬‬
‫وعن انتحال بعض سكان املغرب األوسط للسحر كمصدر للمعاش وتدرهبم عليه حىت كان السحر عندهم‬
‫وججة ورياضة خاصة بدعوات كفرية وإشراك روحانيات اجلن والكواكب‪ ،‬سطرت كفيجا صحيفة عندهم تسمى‬
‫"اخلَِزي ِريَة" يتدارسوهنا‪ ،‬وأهنم هبذه الرياضة والوججة يصلون إىل حصول هذه األكفعال هلم‪ ،‬وأن التأثري الذي هلم إمنا‬
‫هو كفيما سوى اإلنسان احلر من املتاع واحليوان والرقيق‪ ،‬ويعربون عن ذلك بقوهلم إمنا نفعل كفيما متشي كفيه‬
‫الدراهم‪.4‬‬
‫استدل ابن خلدون (‪101‬هـ‪2202/‬م) مبا شجده يف عصره وحكا طركفا من ذلك‪ ،‬وما مسعه من حكايات‬
‫من اهلند والسودان والرتك‪ ،‬وروى عمل الطلسمات وعجائب األعداد املتحابة ( ر ك ر ف د) وقال إهنا جمربة‪،5‬‬
‫وقال‪ :‬أن أهل املغرب ينسبون كتابا لإلمام الفخر بن اخلطيب يف السحر امسه ِ‬
‫"السر املـَكتوم" ال يعركفه أهل‬
‫املشرق‪ ،‬وبسبب رواج السحر يف املغرب كفقد حتدث ابن خلدون (‪101‬هـ‪2202/‬م) عن طائفة السحرة‬
‫البعاجني الذين يشريون إىل الغنم كفيبعجون بطوهنا ويسرتزقون من هتديد الرعاة بذلك‪ ،‬وقال أنه شاهد ذلك‬
‫بنفسه‪.‬‬

‫‪ -1‬له سبعون رسالة يف الكيمياء ومعركفة تكوين املعادن وختلق األحجار واجلواهر‪ .‬نفسه‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ -2‬نفسه‪ ،‬ص‪.221-222‬‬
‫‪ -3‬نفسه‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ -5‬عبد الرمحان ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪.221 ،‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫ومن بني األمساء اليت أطلقت على الساحر اسم "املـ َع ِزم"‪ ،‬والذي يعترب قادرا متاما على إنقاذ من اعرتاهم مس‬
‫اجة" أي خماطبة األرواح ال‬
‫"الزيـَر َ‬
‫من الشيطان لسبب واحد هو أهنم يوكفقون أحيانا يف ذلك‪ ،‬ويطلق عليجم أيضا َ‬
‫‪1‬‬
‫الزاير َجة للمتصوف أيب‬
‫يربطون عملياهتم بنصوص بل يعتربوهنا جزئا من العلوم الطبيعية ‪ ،‬ونسب ابن خلدون َ‬
‫العباس السبيت‪. 2‬‬
‫وألن السحر حقيقة كما جاء عند ابن خلدون (‪101‬هـ‪2202/‬م) سلفا‪ ،‬كفإنه حقيقة سوسيولوجية‬
‫وانثربولوجية شدت اهتمام عديد العلماء‪ ،‬أمثال إدموند دويت‪ 3‬وبرونيسالف لينوكفسكي‪ ،4‬وجيمس كفريزر ومارسال‬
‫موس وغريهم من الباحثني الذين اهتموا بدراسة السحر بالبلدان املغاربية‪ ،‬كفالسحر ليس ظاهرة متعالية عن اجملتمع‬
‫ومشاغله ومكوناته بل مشل مجيع الفئات‪ ،‬كفجو منذ البدء وليد اجملتمع وحاجاته إىل حتقيق تطلعاته‪ ،‬واإلنسان‬
‫البدائي مل يكن قادرا على استيعاب كل ما هو منطقي وعلمي‪ ،‬كفالتجأ بالتايل إىل الطبيعة وإىل ما حيكمجا لتفسري‬
‫بعض الظواهر‪ ،‬معتربا أن السحر موجه إىل احلاالت اليت يصعب كفيجا الفجم‪ ،‬وهذا النوع من التفسري مسوه ب‪:‬‬
‫"ختفيض مستوى الضغط" واعتماد السحر "كمقاربة تعويضية " ملا استحال كفجمه‪ ،‬وقالوا ال يوجد أناس مجما‬
‫كانوا بدائيني دون دين وسحر‪.5‬‬
‫إن رياضة السحر كلجا إمنا تكون بالتوجه إىل األكفالك والكواكب والعوامل العلوية والشياطني بأنواع التعظيم‬
‫والعبادة واخلضوع والتذلل‪ ،‬كفجي لذلك وججة إىل غري اهلل‪ ،‬كفلجذا كان السحر كفرا‪ ،6‬ويرجع هذا األمر لتعطش‬
‫اإلنسان يف كل وقت إىل كشف مصريه وإىل نيل املعونة من قوى علوية يعتقد أهنا حميطة به‪ ،‬ومن هذا التعطش‬

‫‪ -1‬الوزان‪ :‬مصدر سابق‪.102/2 ،‬‬


‫‪ - 2‬إبراهيم القادري‪ ،‬بوتشيش‪ :‬املغرب واألندلس يف عصر املرابطني – اجملتمع – الذهنيات‪ -‬األولياء‪ ،-‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪،‬‬
‫‪2992‬م‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪ - 3‬كتابه السحر والدين يف إكفريقيا الشمالية‪ :‬هو يف األصل دروس ألقاها إدموند دويت يف املدرسة العليا لآلداب‪ ،‬اليت كان أستاذا هبا يف اجلزائر‪ ،‬وبدأت‬
‫يف ديسمرب ‪ ، 2901‬وهو تاريخ إلقاء احملاضرة األوىل اليت قدم هبا الكتاب‪ .‬ويف سنة ‪ 2909‬نشر الكتاب باجلزائر عن مطبعة تيبوغرايف أدولف أوردان‪،‬‬
‫وبعد قرن من تأليف إدموند دويت ملؤلفه" الدين والسحر يف إكفريقيا الشمالية"‪ ،‬قام الناقد األديب كفريد الزاهي الباحث باملركز اجلامعي للبحث العلمي‪،‬‬
‫جامعة حممد اخلامس‪-‬السويسي‪ ،‬برتمجته إىل العربية سنة ‪ .1001‬وصدر عن دار مرسم للطبع والنشر بالدار البيضاء ‪.‬ترجم سنة ‪.1001‬‬
‫‪ - 4‬السحر والعلم والدين‪ ،‬تر‪ :‬كفيليب عطية‪ ،‬القاهرة‪ :‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‪2991 ،‬؛ الكتاب األصلي ‪Bronislaw Malinowski‬‬
‫‪Robert Redfield: Magic Science And Religion and other Essays, With An Introduction By‬‬
‫‪Wareland Press,1954, p 72-73.‬‬
‫‪Marcel Mauss: Sociologie Et Anthropologie, precede par claude levestrauss 13 édition - 5‬‬
‫‪quadrige 2013 p 32-143.Essai Sur Le Don Forme et raison de léchange dans les sociétés‬‬
‫‪archaiques in sociologie et anthropologie, paris, puf quadrige édition, 1989.‬‬
‫‪ -6‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص‪.221‬‬

‫‪49‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫بدت أنواع السحر املختلفة ولقد تعاطت الشعوب مجيعجا كفن السحر يف مجيع أجيال التاريخ‪ ،1‬وصوال إىل الفئات‬
‫املخصوصة هبذه املمارسة باملغرب األوسط‪ ،‬وما يؤكد وجود هذه الفئات بل وتغلغلجا يف اجملتمع هو تفسري ابن‬
‫خلدون( ‪101‬هـ‪2202/‬م) للنفوس الساحرة على مراتب ثالثة‪:‬‬
‫‪ -‬النوع األول‪ :‬املؤثر باهلمة كفقط من غري آلة وال معني‪ ،‬وهذا هو الذي تسميه الفالسفة السحر‪.2‬‬
‫‪ -‬النوع الثاين‪ :‬مبعني من مزاج األكفالك أو العناصر أو خواص األعداد‪ ،‬ويسمونه الطلسمات وهو أضعف رتبة‬
‫من األول‪.3‬‬
‫‪ -‬النوع الثالث‪ :‬تأثري يف القوى املتخيلة‪ ،‬يـَع َمد صاحب هذا التأثري إىل القوى املتخيلة‪ ،‬كفيتصرف كفيجا بنوع من‬
‫التصرف‪ ،‬ويلقي كفيجا أنواعا من اخلياالت واحملاكاة وصورا مما يقصده يف ذلك‪ ،‬مث ينزهلا إىل احلس من الرائيني‬
‫بقوة نفسه امل ؤثرة كفيه‪ ،‬كفينظر الراءون كأهنا يف اخلارج وليس هناك شيء من ذلك كما حيكى عن بعضجم‪،‬‬
‫الشعبَ َذة‪ ،4‬كفما املقصود هبا؟ وما الفرق بينجا وبني السحر؟ وهل مها‬
‫السع َوذَة أو َ‬
‫ويسمى هذا عند الفالسفة َ‬
‫شيء واحد؟‬

‫‪ -1‬غوستاف‪ ،‬لوبون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪100‬؛ حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .21-22‬حول أنواع السحر ينظر‪ :‬الرازي حممد‪ ،‬بن أيب بكر مشس‬
‫الدين‪ :‬حدائق الحقائق‪ ،‬حتقيق‪ :‬سعيد عبد الفتاح‪ ،‬ط ‪،2‬القاهرة‪ :‬مكتبة الثقاكفة الدينية ‪1001،‬م‪229 -222/1 ،‬‬
‫‪ -2‬نفسه‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ -3‬نفسه‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪221‬‬

‫‪50‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫ثانيا‪ :‬الشعوذة‪.‬‬
‫الشع َوذَة بسكون العني ومصدرها َشع َوذَ‪ ،‬وهي خفة اليد وتنسب إىل أعمال السحر واالحتيال‪ ،1‬وهي‬ ‫َ‬
‫كالسحر يرى الشيء بغري ما عليه أصله يف رأي العني‪ ،2‬وحسب غوستاف لوبون كفإن الشعوذة نوع من التلقني‪،3‬‬
‫وقال الثعاليب‪ :‬ال أصل لقوهلم م َشعبذ وإمنا هو بالواو‪ ،4‬والشني والعني والدال ليس بشيء‪ ،‬والشعوذة ليست من‬
‫كالم أهل البادية‪ ،5‬وهي السرعة‪ ،‬وقيل هي اخلفة يف كل أمر‪ ،‬والشعوذي هو رسول األمراء يف مجامجم على الربيد‬
‫عوذ الرجل أي احتال على الناس‪.6‬‬
‫وهو مشتق منه لسرعته‪ ،‬ويقال َش َ‬
‫أما السحر والشعوذة تكون على يد عبد بعيد من والية اهلل‪ ،‬وتكون بفعله وباستعانته بالشياطني كفيناهلا‬
‫بكسبه‪ ، 7‬ويستخدمون اجلن كفيظجرها اهلل على أيديجم كفتنة هلم وكفتنة هبم وتكذيبا هلم‪ ،‬كفآية النيب‪ ،‬وكرامة الويل‪،‬‬
‫وشعوذة املشعوذ‪ ،‬وإهانة الكذاب املفرتي‪ ،‬كلجا أمور خارقة للعادة لكنجا ختتلف على حسب من أظجرها اهلل على‬
‫يديه‪.8‬‬
‫ومنه كفالشعوذة هي القدرة على التضليل وإيجام الناظرين‪ ،‬وعادة ما يدعي املشعوذ شأنه يف ذلك شأن الساحر‬
‫أنه صاحب بركات وله خدام من اجلن‪ ،‬وذلك من أجل بث الطمأنينة يف املتلقي وجعله يستأنس به وبقدراته‪،‬‬
‫ولكن يف األصل هو يستخدم آليات تضليل وخداع حبسب شطارته‪.9‬‬
‫إن الشعوذة وإن كانت تشرتك مع السحر يف بعض اجلوانب‪ ،‬كفإهنا ال حتمل نفس دالالته‪ ،‬كفالشعوذة هي ضرب‬
‫من ضروب التخيل واخلداع واإليجام وادعاء الربكة‪ ،‬وتستند إىل عبقرية املشعوذ يف إيجام الفرد بأنه يفعل أكفعاال‬
‫سحرية تشد الناظر‪ ،‬لكنجا يف احلقيقة ليست كذلك كفجي بذلك القدرة على املراوغة دون االستناد إىل نفس‬
‫الوسائط اليت يعتمدها الساحر‪ ،‬وهذا ما جند تأكيدا له عند الباحث زهري احلريري من خالل اعتباره الشعوذة حيل‬

‫‪ -1‬أبو حممد‪ ،‬عبد اهلل بن أيب زيد القريواين‪ :‬جامع يف السنن واآلداب واملغازي والتاريخ‪ ،‬تح‪ :‬حممد أبو األجفان وآخرون‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ‪ -‬تونس‪ :‬املكتبة العتيقة‪2912 ،‬م‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫‪ -2‬الفريوز أبادي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -3‬غوستاف‪ ،‬لوبون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪220‬‬
‫‪ -4‬أمحد‪ ،‬أبو حاقة‪ :‬معجم النفائس الكبري‪ ،‬ط‪ ،2‬األردن‪ :‬دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع‪1007 ،‬م‪ ،‬ص‪.971‬‬
‫‪ - 5‬حممد‪ ،‬بن أيب بكر مشس الدين الرازي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.029‬‬
‫‪ -6‬أبو الذهب‪ ،‬أشرف طه‪ :‬املعجم اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ :‬دار الشروق‪1001 ،‬م‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -7‬للمزيد ينظر‪ :‬تقي الدين أمحد بن ابن تيمية احلراين‪ :‬جمموعة الفتاوى‪ ،‬ط‪ ،02‬املنصورة‪ -‬مصر‪ :‬دار الوكفاء للطباعة والنشر والتوزيع‪1001 ،‬م؛ شرح‬
‫العقيدة الواسطية‪ ،‬شر‪ :‬حممد بن صاحل العثيمني‪ ،‬ط‪ ،0‬السعودية‪ :‬دار ابن اجلوزية للطباعة والنشر والتوزيع‪1002 ،‬م‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ -8‬النووي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ - 9‬حممد‪ ،‬زهري احلريري‪ :‬السحر بني احلقيقة واخليال‪ ،‬ط‪ ،2‬دمشق‪ -‬بريوت‪ :‬دار اإلميان‪2911 ،‬م‪ ،‬ص ‪.211‬‬

‫‪51‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫وخداع وتضليل ليست من السحر املقصود حقيقة‪ ،‬ألهنا تتم دون االستعانة باألشياء اليت يقوهلا الساحر ويعتمد‬
‫عليجا يف سحره‪ ،‬كفجي أقرب إىل أن تكون حركات خفة تعتمد على املجارة والسرعة يف عمل األشياء‪ ،‬وحيل ومتويه‬
‫مع خداع البصر الرائي وجعله يرى أشياء ليست موجودة ‪.1‬‬
‫تعترب الشعوذة والفكر اخلرايف من املعتقدات املقدسة يف جل اجملتمعات اإلسالمية خاصة جمتمع املغرب‬
‫األوسط‪ ،‬مث إ ن املقدس كان دائما حاضرا يف ثقاكفة هذا اجملتمع‪ ،‬وتبقى املعتقدات الغيبية مرتبطة بالتدين‪ ،‬وهي من‬
‫املظاهر الكثرية اليت يتجلى كفيجا اعتقاد بعض سكان املغرب األوسط‪ ،‬يف الدجل والشعوذة وانتشار سلوكات‬
‫وطقوس يف مناطق كثرية من بواديه وحواضره‪ ،‬وارتباطجا بأشخاص ومهيني أحيانا يعتقدون بأن هلم قدرة كفائقة على‬
‫حل املشاكل االجتماعية‪ ،‬خاصة عند كفئة النساء مثل مشاكل الزواج واإلجناب‪ ،‬وجلب الرزق بالنسبة للرجال‪،‬‬
‫ولعل الدواكفع وراء اعتقادهم هبذا اخلفي الذي يتحكم يف مظاهر الطبيعة هي التدين واجلجل الذي ينشر مثل هذه‬
‫األكفكار‪ ،‬وحسب الباحث عبيد بوداود كفإن هذا األمر هو ما ساهم يف انتشار املعتقدات اخلراكفية حول كرامات‬
‫الصوكفية‪ ،‬اليت ال ميكن أن جند هلا تفسريا علميا عقليا منطقيا‪ ،‬وهذا ما مسح لعدد كبري من املشعوذين والدجالني‬
‫انتحال صفة املتصوكفة‪ ،‬وترتب على ذلك ظجور مظاهر االحنراف والغلو يف الطرق الصوكفية‪.2‬‬
‫يف مقابل الدين جند ظاهرة السحر والشعوذة ومعركفة الغيب واليت كانت منتشرة يف بعض مناطق املغرب‬
‫األوسط منذ القدم‪ ،‬واستمر الربط بني الطقوس الدينية وبعض املمارسات املرتبطة بالسحر حىت عجد الدولة الزيانية‬
‫باملغرب األوسط‪ ،‬ويتضح لنا هذا جليا يف ظجور مجلة من املمارسات الغريبة والقريبة من السحر والشعوذة وهي ما‬
‫عركفت يف املصادر "بالرقادة" وهو مصطلح يشري على حالة نفسية تعرتي اإلنسان بسبب غيبوبة طويلة ينسلخ كفيجا‬
‫عن الوجود مدة ثالثة أيام عن طريق النوم العميق‪ ،‬وبعد اليقظة يصري املغمى عليه يتكلم بنوع من اهلذيان‪ ،‬كفإذا‬
‫صحا يف اليوم املوايل أتى بعجائب مما يكون يف ذلك العام من خصب أو جذب أو حرب‪.3‬‬
‫وأكثر ما جند السحرة واملشعوذين من منتحلي املعاش يف البوادي واألرياف لبعدها عن أعني احملتسبني والفقجاء‬
‫والقضاة‪ ،‬ولسيادة الذهنية الغيبية واإلتكالية أكثر هبذه املناطق‪ ،‬ويف هذا يقول ابن خلدون‬
‫(ت‪101‬هـ‪2202/‬م)‪ «:‬ومعظم هذا الصنف لدينا باملغرب من طلبة الرببر املنتبذين بأطراف البقاع ومساكن‬
‫األغمار‪ ،‬يأوون إىل مساجد البادية وميَِوهو َن على األغبياء منجم أن لديجم صناعة الذهب‪ ،‬إىل أن يظجر العجز‬
‫وتقع الفضيحة كفيفرون إىل موضع آخر‪ ،‬ويستجدون حاال أخرى يف استجواء بعض أهل الدنيا بأطماعجم كفيما‬

‫‪ - 1‬حممد‪ ،‬زهري احلريري‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫‪ - 2‬حول مظاهر االحنراف يف الطرق الصوكفية باملغرب األوسط ينظر‪ :‬عبيد‪ ،‬بوداود‪ :‬التصوف يف املغرب األوسط ما بني القرنيني السابع والتاسع‬
‫اهلجريني( ق‪21-22‬م)‪ -‬دراسة يف التاريخ السوسيوثقايف‪ ،‬اجلزائر‪ -‬وهران‪ :‬دار الغرب للنشر والتوزيع‪1002 ،‬م‪ ،‬ص ‪.102-129‬‬
‫‪ - 3‬إبراهيم‪ ،‬القادري بوتشيش‪ :‬املغرب واألندلس‪ ،‬ص‪.221‬‬

‫‪52‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫لديجم‪ ،‬وهذا صنف ال كالم معجم ألهنم بلغوا الغاية يف اجلجل والرداءة واالحرتاف بالسرقة‪ ،»1‬ومبا أن السحر يقوم‬
‫أساسا على أكفعال غريبة خبداع احلواس واألعصاب‪ ،‬واإلحياء إىل النفوس كفجو ال يغري من طبيعة األشياء‪ ،‬وال ينشئ‬
‫حقيقة جديدة‪ ،‬لكنه يعمل شيئا يؤثر يف جسم املسحور أو قلبه أو عقله من غري مباشرة له‪ ،‬هبدف حتقيق‬
‫مكاسب مالية بالدرجة األوىل أو لرغبتجم يف التحكم والسيطرة على الناس تسخريا خلدمة مصاحلجم‪.‬‬
‫تبعا لذلك يرى الباحث عبد اهلادي البياض أن من بني وسائل التأثري اليت ميارسجا السحرة املشعوذون هي‬
‫تضمني وصفاهتم اخلراكفية أعدادا وترية ملا هلا من أثر يف تصديق العوام‪ ،‬للتعليل املرتبط هبا واإلغرائية يف ذلك‪ ،‬كفغالبا‬
‫ما يتقاعس العوام السذج عن العمل‪ ،‬يف انتظار ما يؤول إليه أمر التغيري املناخي‪ ،2‬كما شاعت باملغرب األوسط‬
‫ظاهرة االستعانة بالسحرة واملشعوذين للبحث عن كنوز األمم السابقة واستخراججا‪ ،‬معتقدين بإمكانية ذلك دون‬
‫إعمال لعقوهلم منجرين وراء اخلراكفات‪ ،‬ونقل لنا ابن خلدون (ت‪101‬هـ‪2202/‬م) صورة هلم يف قوله‪ «:‬ضعفاء‬
‫ا لعقول يف األمصار حيرصون على استخراج األموال من حتت األرض ويبتغون الكسب من ذلك‪ ،‬ويعتقدون أن‬
‫أموال األمم السالفة خمتزنة كلجا حتت األرض‪ ،‬خمتوم عليجا كلجا بطالسم سحرية ال يفض ختامجا ذلك إال من‬
‫عثر على علمه‪ ،‬واستحضر ما حيله من البخور والدعاء والقربان‪ ،‬كفإذا مل يعثروا على شيء ردوا ذلك إىل اجلجل‬
‫تم به على ذلك املال‪.»3‬‬
‫بالطلسم الذي خ َ‬
‫من خالل قول ابن خلدون ميكنين اجلزم أن االعتقاد يف قدرة السحرة مل تكن حكرا على سكان البوادي‬
‫البعيدة واملقفرة‪ ،‬كفجاهم سكان األمصار املرتكفة أكثر حرصا على االستعانة بالسحرة وتصديق مزاعمجم بل حىت‬
‫الركفع من مكانتجم‪ ،‬وهو األمر الذي أثار جدال حول احلد الذي ميكن أن يبلغه السحرة يف تأثريهم يف الناس وتأثر‬
‫الناس هبم‪.‬‬
‫اختلف يف مقدار ما يبلغه الساحر بسحره تأثريا على غريه‪ ،‬أو كفعال يفعله هو أو يفعله يف غريه‪ ،4‬وهناك من‬
‫يرى بأن بعض األعمال اليت تدخل يف باب السحر جند بعضجا كفيمن يتصفون بالكرامة‪ ،‬كفالساحر والويل كالمها‬
‫يدعي القدرة على الطريان يف اهلواء‪ ،‬وأن يستدق جسمه حىت يدخل من كوة ضيقة‪ ،‬وينتصب على رأس قصبة‪،‬‬
‫وميشي على املاء‪ ،‬وهو ما سأعرج عليه يف حديثي عن كرامات األولياء يف الفصل القادم‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص ‪.217‬‬


‫‪ -2‬عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪ -3‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫‪ -4‬حول تأثري السحر وما ميكن للساحر كفعله ينظر‪:‬أمحد بن علي ابن حجر العسقالين‪ :‬كفتح الباري بشرح صحيح اإلمام عبد اهلل حممد بن إمساعيل‬
‫البخاري‪ ،‬إش و تح‪ :‬شعيب األرناؤوط‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الرسالة العاملية‪1022 ،‬م‪ 10 ،‬جملد‪.111/20 ،‬‬

‫‪53‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫أكرب دليل على تفشي هذا املعتقد هو اعرتاف ابن خلدون (ت‪101‬هـ‪2202/‬م) بوقوكفه على الكثري من هذه‬
‫املمارسات ومشاهدته هلا وذلك يف قوله‪ «:‬وأما أكفعاهلم كفظاهرة موجودة وقفنا على الكثري منجا‪ ،‬وعاينتجا من غري‬
‫ريبة يف ذلك‪ ،‬هذا شأن السحر والطلسمات وآثارمها يف العامل‪ ،‬كفأما الفالسفة كففرقوا بني السحر والطلسمات بعد‬
‫أن أثبتوا أهنما مجيعا أثر للنفس اإلنسانية‪ ،‬واستدلوا على وجود األثر للنفس اإلنسانية بأن هلا آثارا يف بدهنا على‬
‫غري اجملرى الطبيعي وأسبابه اجلسمانية‪ ،‬بل آثار عارضة من كيفيات األرواح تارة كالسخونة احلادثة عن الفرح‬
‫والسرور‪ ،‬ومن ججة التصورات النفسانية األخرى‪ ،‬كالذي يقع من قبل التوهم‪ ،‬كفإن املاشي على حرف احلائط أو‬
‫على احلبل منتصب إذا قوي عنده التوهم السقوط سقط بال شك‪.»1‬‬
‫باإلضاكفة إىل ما سبق كفقد شاع تعليل حدوث الكوارث الطبيعية يف املغرب األوسط بتأثري السحر والطالسم‪،‬‬
‫دون إعمال للعقل أو تفكري أو ركفض‪ ،‬ذلك أن السحرة عملوا على تعطيل احلواس اإلدراكية لدى اجملتمع هبدف‬
‫تغييب الوعي‪ ،‬وحتقيق املنفعة املادية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التفريق بين السحر والطالسم والمعجزة‪ 2‬والكرامة‪.‬‬
‫حدث لغط كبري حول تداخل السحر والطالسم وبني املعجزة والكرامة يف املغرب األوسط‪ ،‬ذلك أن هذه‬
‫املعتقدات اليت كانت سائدة آنذاك قد كفرضت نفسجا على كفئة من الناس اعتقدت بصدقجا وتبنت مذهبجا‪ ،‬بل‬
‫هناك من داكفع عنجا حلد أنه اعترب كل مكذب هبا أو شاك يف صدقجا من القوم اجلاهلني‪ ،‬وسأورد بعض هذه‬
‫االختالكفات قصد تبسيط وتقريب الفجم‪ ،‬كفجناك من اعترب أن الفرق بني املعجزة والكرامة يقوم على أن املعجزة‬
‫يتوجب إظجارها‪ ،‬أما الكرامة كفيجب إخفائجا‪ ،‬وأن املعجزة تكون لألنبياء بينما الكرامة تكون لألولياء‪ ،3‬وقيل أن‬
‫عقوبة األنبياء حبس الوحي واملعجزات‪ ،‬وعقوبة األولياء إظجار الكرامات‪ ،4‬كفالفرق بني املعجزة والكرامة هو أيضا‬

‫‪ -1‬املقدمة‪ ،‬ص‪.222-222‬‬
‫‪ - 2‬املعجزة أمر خارق وخارج على املألوف‪ ،‬وهي أيضا أمر ال خيضع لقانون وال يسري بناموس وال يتبع سنن اهلل يف خلقه‪ ،‬ومن هنا تبدو املعجزة‬
‫كشيء خارق ومعطل للنظم املتقنة البديعة اليت يراها رجل العلم‪ ،‬إذن ا ملعجزة كل ما عجز العقل البدائي أو العادي عن تعليله‪ ،‬واملعجزة كفعل ناقص‬
‫للعادة تقصر عنه قوة البشر‪ ،‬وخيتص مبن يدعي السفارة بني اهلل وبني البشر‪ ،‬وهي نوعان حسي وعقلي‪ ،‬كفاحلسي ما يدرك بالعيان وتقع عليه املشاهدة‬
‫كطوكفان نوح عليه السالم وناقة صاحل‪ ،‬أما العقلي كفجو أب لغ يف القوة وأدل على الصدق وأبعد من الشبجة‪ ،‬وجيب أن تكون املعجزة مواكفقة لطباع املبعوث‬
‫إليجم ومالئمة عقوهلم‪ ،‬كذلك كانت أكثر آيات موسى عليه السالم‪ ،‬ألنه يف زمنه ظجر السحر وتوكفرت دواعي الناس حىت تلقوا كفيجا الغاية‪.‬عبد‬
‫احملسن‪ ،‬صاحل‪ :‬اإلنسان احلائر بني العلم واخلراكفة ‪ ،‬الكويت‪ :‬اجمللس الوطين للثقاكفة والفنون واآلداب‪2991 ،‬م‪ ،‬ص‪ .9‬أبو القاسم‪ ،‬احلسني بن حممد‬
‫املفضل‪ :‬االعتقادات‪ ،‬تح‪ :‬مشران العجلي‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار األشراف للتجارة والطباعة‪2977 ،‬م‪ ،‬ص‪219-211‬؛ األصفجاين‪ :‬مصدر سابق‪،‬‬
‫ص‪222-219‬‬
‫‪ - 3‬الرازي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.110-111‬‬
‫‪-4‬الرازي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.110‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫بني السحر والكرامة‪ ،‬ألن الكرامة ال جتيء على يد ساحر مفرت‪ ،‬والفرق بني املعجزة والسحر هو خباصة رمسه‬
‫وجبجل أسبابه ألكثر الناس‪.1‬‬
‫أما رأي ابن خلدون (ت‪101‬هـ‪ 2202/‬م) حول الفرق بني السحر والطلسمات كفريى بأن السحر إحتاد روح‬
‫بروح‪ ،‬أما الطلسم كفجو احتاد روح جبسم‪ ،‬ومعناه عندهم ربط الطبائع العلوية السماوية بالطبائع السفلية‪ ،‬والطبائع‬
‫العل وية هي روحانيات الكواكب‪ ،‬ولذلك يستعني صاحبجا يف غالب األمر بالنجامة‪ ،2‬وسأتطرق للنجامة وما‬
‫يتعلق هبا يف الصفحات القادمة‪.‬‬
‫‪ /3‬المعجزة والسحر‪:‬‬
‫أما عن الفرق بني املعجزة والسحر‪ 3‬حسب الفالسفة يف مقدمة ابن خلدون (ت‪101‬هـ‪2202/‬م) كفاملعجزة‬
‫حسبجم هي قوة إهلية تبعث على النفس ذلك التأثري كفجو مؤيد بروح على كفعله ذلك‪ ،‬والساحر إمنا يفعل ذلك من‬
‫لدن نفسه وبقوته النفسانية وبإمداد الشياطني يف بعض األحوال‪ ،‬كفبينجما الفرق يف املعقولية واحلقيقة والذات يف‬
‫نفس األمر‪ ،‬يستدل ابن خلدون(ت‪101‬هـ‪2202/‬م) على التفرقة بينجما بالعالمات الظاهرة‪ ،‬وهي وجود املعجزة‬
‫لصاحب اخلري ويف مقاصد اخلري‪ ،‬وللنفوس املتمحصة للخري والتصدي هبا على دعوة النبوءة‪ ،‬والسحر إمنا يوجد‬
‫لصاحب الشر ويف أكفعال الشر يف الغالب‪ ،‬من التفريق بني الزوجني وضرر األعداء وأمثال ذلك والنفوس املتمحصة‬
‫للشر هذا هو الفرق بينجما عند احلكماء اإلهليني‪.4‬‬
‫إن املتفحص لقول ابن خلدون (‪101‬هـ‪2202/‬م) يتضح له أن الفرق بينجما يقوم على أسس‪:‬‬
‫أوال‪ :‬صاحب املعجزة نواياه خري عكس الساحر نواياه شر‪ ،‬كالتفريق بني زوجني مثال‪ ،‬ويجدف إىل‬ ‫‪-‬‬
‫إيصال الضرر للغري وخداعجم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬املعجزة هلا مدد إهلي رباين‪ ،‬عكس الساحر الذي يعتمد على قواه النفسية والشياطني بدليل قوله‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫« وقد يوجد لبعض املتصوكفة وأصحاب الكرامات تأثري يف أحوال العامل وليس معدودا من جنس السحر‪ ،‬إمنا هو‬
‫باإلمداد اإلهلي ألن طريقتج م وحنلتجم من أثار النبوة وتوابعجا وهلم املدد إهلي‪ ،‬وإذا اقتدر أحد منجم على أكفعال‬
‫الشر ال يأتيجا‪ ،‬ألنه متقيد كفيما يأتيه بذره لألمر اإلهلي‪...‬كفلذلك ال يعارضه شيء من السحر»‪.5‬‬

‫‪ -1‬الرازي‪ :‬مصدر سابق‪177/0 ،‬‬


‫‪ -2‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -3‬الرازي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪ -4‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -5‬عبد الرمحان ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫لقد الزم السحر اجملتمعات البشرية منذ ظجورها‪ ،1‬وبقي منتشرا لدى بعض الطبقات الشعبية يف جمتمع املغرب‬
‫األوسط‪ ،‬خاصة أمام األعراض الغامضة اليت شغلت تفكريهم وإمياهنم بوجود قوى خفية هائلة تسيطر عليجم من‬
‫كل حدب وصوب‪ ،‬كفحاولوا بكل الوسائل استعطاكفجا والتقليل من بطشجا بتقدمي القرابني املختلفة هلا‪ ،‬للحصول‬
‫على للحماية وهو احلال يف مجيع اجملتمعات املغاربية الوسيطة‪ ،‬ويؤكد هذا الطرح أنواع القرابني اليت ورد ذكرها عند‬
‫مارسيل ماوس كامللح والدم والريق‪ ،‬احلديد‪ ،‬األحجار البلورية‪ ،‬املعادن الثمينة‪ ،‬الرماد‪ ،‬شجرة التني‪ ،‬البخور‪ ،‬كفجي‬
‫تتوكفر على قوى سحرية عامة‪ ،‬وكذلك الصلوات واألدعية مبا كفيجا طقوس سلبية مثل احملرمات واجلن‪ ،2‬وهذه القوى‬
‫ذات الفعل السيئ قد تأيت يف نظر الرجل العامي من النجوم البعيدة تنقلجا الطيور‪ ،‬أو من جوف األرض حيث‬
‫املوت والفناء‪ ،‬وحيث تدكفن األموات وتنقلجا األكفاعي والثعابني الفتاكة احلاملة للسموم‪.3‬‬
‫‪ /0‬السحر في المغرب األوسط بين أحكام الشريعة ورأي المدرسة االستشراقية‪.‬‬
‫إن شيوع ظاهرة السحر والكجانة يف املغرب األوسط‪ ،‬وبروز كفكرة تقديس بعض السحرة ملا هلم من قدرة على‬
‫اإلتيان باخلوارق وتعلق قلوب بعض الناس هبم جعل الفقجاء يقولون‪ :‬بأن السحر والطلسمات كلجا بابا واحدا‬
‫حمظورا‪ ،‬ألن األكفعال إمنا أباح لنا الشارع منجا ما يجمنا يف ديننا‪ ،‬والسحر حاصل ضرره بالوقوع ويلحق الطلسمات‬
‫ألن أثرمها واحد‪ ،‬وكالنجامة اليت كفيجا نوع ضرر باعتقاد التأثري‪ ،‬كفتفسد العقيدة اإلميانية برد األمور إىل غري اهلل‪،‬‬
‫كفيكون حينئذ ذلك الفعل حمظورا على نسبة الضرر‪ ،‬وخصه باخلطر والتحرمي‪ ،4‬كما هنى اإلسالم عن ظاهرة‬
‫السحر‪ ،‬وشن حربا واسعة على الكجان والسحرة والعراكفني واعترب رسول اهلل ﷺ السحر واحدا من أخطر اجلرائم‬
‫السبعة الكربى ‪ ،‬ووردت آيات قرآنية يف النجي عن عمل السحر منجا قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وَال يـفلِح َّ‬
‫الس ِ‬ ‫‪5‬‬
‫احر َحيث‬
‫أَتَى﴾‪. 6‬‬

‫‪ -1‬إن هذه املالزمة أساسجا االعتقاد اجلازم بأن السلطة احلقيقية هي سلطة السحر خاصة يف العصور الوسطى ‪Laura, levé Makarius: .‬‬
‫‪les sacré et la violation,p 15.‬‬
‫‪Sociologie Et Anthropologie, p 93-96 - 2‬‬
‫‪ -3‬قنوايت‪ ،‬شحاتة‪ :‬تاريخ الصيدلة والعقاقري يف العجد القدمي والعصر الوسيط‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬أوراق شرقية للطباعة والنشر والتوزيع‪2990 ،‬م‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ -4‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ - 5‬يعترب السحر من السبع املوبقات كفقد روي أن رسول اهلل سحر كما سبق الذكر‪ ،‬حىت كان خيَيَل إليه أنه يفعل الشيء وال يفعله‪ ،‬كفأنزل اهلل عز وجل‬
‫عليه املعوذتني ومن شر النفاثات يف العقد‪ ،‬قالت عائشة رضي اهلل عنجا‪ :‬كان ال يقرأ على عقدة من تلك العقد اليت سحر كفيجا إال احنلت‪ .‬ابن حجر‬
‫العسقالين‪ :‬مصدر سابق‪ ،117-110/20 ،‬وكان البد للمحتسب من حماربة السحرة ويف ذلك قال اجمليلدي‪:‬‬
‫الكجانَة واخل ِط و ِ‬
‫السح ِر َمن أَبَـانَه‪ .‬ص‪.21‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َوَمنع َمن اشتَـغَ َل ب َ‬
‫‪ - 6‬سورة طه‪ ،‬اآلية ‪.09‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫حتدث إدموند دويت يف دراسته حول السحر يف مشال إكفريقيا عن نشأة الفكرة السحرية واملقدس‪ ،‬وركز على‬
‫الطقوس السحرية‪ 1‬والغايات العملية للسحر‪ ،‬وعلى العالقة القائمة بني السحر والعلم والدين‪ ،2‬ودور السحرة‬
‫والكجنة والعراكفني‪ ،‬كما تطرق للحديث عن الكرنفال‪ 3‬واألعياد املومسية‪ 4‬وطقوس الطبيعة وغريها من املواضيع‪،5‬‬
‫ورأى دويت أن سكان الشمال اإلكفريقي اضطروا مع جميء اإلسالم إىل التحايل من أجل احملاكفظة على معتقداهتم‬
‫األصلية‪ ،‬وذلك بتكييف هذه املعتقدات الوثنية مع مقتضيات الدين اجلديد‪ ،‬عن طريق مزججا بطقوس وممارسات‬
‫دينية إسالمية‪ ،‬ذلك أن اإلسالم وبالرغم من قدرته الكبرية على التأثري‪ ،‬مل يكن بوسعه القضاء كليا على مجيع‬
‫الطقوس الوثنية القدمية‪ ،‬وبالتايل متت أسلمتجا‪ ،6‬خاصة أن الطبيعة كانت مثار خوف يف ظل سيطرة التفكري‬
‫امليتاكفيزيقي‪ ،‬و على هذا األساس كان للعوامل الطبيعية أثر كبري يف ظجور البدع والعادات والتقاليد واألعراف ذات‬
‫التأويالت املختلفة‪ ،‬كفقوى الطبيعة أثرت يف بروز ذهنيات خراكفية وأخرى سحرية‪ ،‬كشكل من أشكال التعبري‬
‫والعجز عن كفجم العوامل املؤثرة يف االضطرابات املناخية‪.7‬‬
‫كما أنه أقر بعدم مالئمة النظرية الطوطمية لتفسري احلضارة اإلسالمية اليت درسجا‪ ،‬واليت اعتربها أكثر تطورا من‬
‫حضارات أخرى طبقت عليجا تلك النظرية‪ ،‬وتطرق بعد ذلك إىل الفرضية اليت سادت يف وقته لدراسة الديانة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وهي النظرية التطورية وكفرضية البقايا الوثنية اليت طرحجا إدوار كفيسرت مارك‪ ،‬والذي رأى مثال بأن‬
‫عاشوراء مجرجان وثين متت أسلمته بأن حتول توقيته من هناية السنة الفالحية ليدرج ضمن التقومي اهلجري‪ ،‬ويؤكد‬
‫على أهنا طقس مشال إكفريقي ال ينتمي إىل اإلسالم وال إىل الوثنية العربية بل كان سائدا عند الربابرة القدماء قبل‬

‫‪Magie et Religion , p58. -1‬‬


‫‪Ibid, p307-2‬‬
‫‪ -3‬أرجع دويت ظاهرة الكرنفال إىل وقت طويل قبل جميء اإلسالم لبالد املغرب‪ ،‬وحتدث عن الكرنفال يف ورقلة وكذا يف الشمال اإلكفريقي‪ ،‬إذا قال عن‬
‫االحتفال بعاشوراء مثال ‪ « :‬تأيت يف اليوم العاشر من حمرم يف أول سنة هجرية‪ ،‬هذه الفرتة مساها عيد الفول‪ ،‬وقال‪ :‬هو اليوم الذي تضرب كفيه األرض‬
‫أي اليوم الذي نشأت كفيه األرض‪ ،‬ويف املساء يرتدوا أقنعة احليوانات كاجلمل واألسد والنعامة‪ ،‬كما علق على أنواع اللباس يف هذا الكرنفال (القندورة‬
‫الطويلة‪ ،‬الشاشية احلمراء)‪ ،‬وأشار إىل بعض الطقوس كاملشي حايف األقدام‪ ،‬واألعني املثبتة على األرض‪ ،‬وهي املظاهر االحتفالية اليت أرجعجا حسب‬
‫رأيه إىل تقمصجم لألساطري القدمية‪.Ibid, p497, 498 .‬‬
‫‪ -4‬وصف دويت األعياد املومسية كليلة عاشوراء واليت وصف االحتفال هبا بالفنطازية الشعبية وقال‪ « :‬بأن االحتفال بعاشوراء ليس ليلة واحدة بل ميتد‬
‫مجيع ليايل الشجر»‪Ibid, p499.‬‬
‫‪ - 5‬ومن هذه املواضيع االحتفال يف األغواط‪ ،‬ميزاب‪ ،‬توقرت‪ ،‬بسكرة‪.Ibid, p500, 541 .‬‬
‫‪Ibid , p15. -6‬‬
‫‪ - 7‬عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22-20‬‬

‫‪57‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫جميء اإلسالم‪ ،1‬أما عن شجادة دويت بعدم مالئمة النظرية الطوطمية حلضارة املغرب اإلسالمي كفجذا راجع‬
‫خلصوصيتجا‪.‬‬
‫إذا كانت الطقوس الطبيعية والزراعية قد كفقدت الشيء الكثري من أشكاهلا األصلية بفعل عملية األسلمة‪ ،‬كفإهنا‬
‫مل تنقرض وحاكفظت على استمرارها يف الوجود‪ ،‬بيد أنه مل يكن من املتيسر رصدها والكشف عنجا دون خربة‬
‫وحنكة اإلثنوغراكفيني والسوسيولوجيني‪ ،2‬ويرجع دويت وجود البقايا الوثنية يف احتفاالت سكان مشال إكفريقيا إىل‬
‫قدرة الطقوس بشكل عام على االستمرارية‪ ،‬كفمعظم هذه الطقوس كانت يف األصل ذات مغزى ديين مث حتولت إىل‬
‫جمرد طقوس سحرية‪ ،‬كفعندما يتغري املعتقد يستمر الطقس يف الوجود ويبقى كما تبقى تلك الصدكفات األحفورية‬
‫للرخويات الغابرة‪ ،‬اليت تساعدنا على حتديد الفرتات اجليولوجية‪ ،‬كفاستمرارية الطقس إذا هي بسبب وجود هذه‬
‫البقايا املتناثرة هنا وهناك‪.3‬‬
‫من خالل ما سبق ميكن القول بأن إدموند دويت قد جتاوز اجملال اخلاص بالظواهر الدينية‪ ،‬ليقرتح تصورا‬
‫أنثروبولوجيا كامال للثقاكفة املغربية التقليدية وعالقة اإلنسان املغريب هبذه الثقاكفة‪ ،‬وقد اصطبغت أعماله مبنجج‬
‫تأويلي‪ ،‬هذا املنجج حتمه التواصل النظري الذي يقيمه د ويت مع املدرسة الفرنسية‪ ،‬ولذلك حيضر بشكل جلي‬
‫منجج املقارنة عنده‪.‬‬
‫أما الباحث جان نويل كفريي يف مقاله حول "أنثروبولوجيا املغرب وضعيتجا وأكفاقجا"‪ ،‬بأنه خالل الفرتة‬
‫االستعمارية هناك أعمال مسامهة من الدراسات الالهوتية‪ ،‬حيث ارتبطت مقاربة اجملتمع بصورة أكرب للدراسات‬
‫النقدية للنصوص القدمية‪ ،‬وكذلك بالعناية املقدسة بالعادات النامجة طبعا عن الرتاث الشفوي وعن الذاكرة‬
‫اجلماعية‪ ،‬لقد انتجى هذا األمر إىل اعتبار املمارسات نفسجا كأهنا نصوص متلك لغتجا وقواعدها اخلاصة‪ ،‬وهذا‬
‫سيؤدي إىل دراسة املعتقدات وليس األكفراد املعتقدين وال الكيفية اليت يعتقدون هبا‪.4‬‬
‫‪ /1‬التداخل بين الدين والسحر‪.‬‬
‫يف الدراسة اليت قام هبا ألفرد بل حول الدين اإلسالمي لدى الرببر‪ ،‬وضح السبب الرئيسي وراء دراسته املتعلقة‬
‫مبعركفة النظام اجملتمعي والديين والعقدي للدول اخلاضعة لفرنسا‪ ،‬ملعركفة عقليتجم اليت وصفجا بأهنا عقلية دينية‬

‫‪.Magie et Religion, p543, 544 - 1‬‬


‫‪. op.cit, p15- 2‬‬
‫‪Ibid, p602. -3‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪- Ferrie, Jean Nöel: « Lanthropologie du Maroc sitation artuelle et perspectives » annuiare de‬‬
‫‪LAfrique du Nord, 1991, CNRS, paris, 1993, pp 1069-1077, p 1070.‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫بالدرجة األوىل‪ ،1‬وذكر بأن أهل القبائل تعوزهم رقة احلضارة واملعركفة الدينية‪ ،‬ومل يكن بوسعجم كفجم واستيعاب‬
‫كاكفة املعتقدات اجلديدة على حنو دقيق كمعىن التوحيد املطلق‪ ،‬أو حىت باقي التعاليم الصوكفية الصارمة‪،2‬كما‬
‫أضاف بأن البقايا الوثنية السحرية والدينية اليت كانت سائدة عند الرببر القدماء‪ ،‬قد تبنت يف متظجراهتا استعماالت‬
‫وتركيبات من اإلسالم الرمسي الصويف‪ ،‬هذا األخري الذي قدم تنازالت كبرية ملسايرة هذه املعتقدات احمللية‪ ،3‬كفجناك‬
‫من ربط بني الدين والسحر يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬ولبحث يف هذه الفكرة ال بأس من التعريف بالدين أوال إذ‬
‫قد سبق تعريف السحر‪.‬‬
‫الدين‪:‬‬
‫أ‪ -‬ال ّدين لغة‪:‬‬
‫يقول ابن منظور يف اللسان الدين هو‪ «:‬اجلزاء واملكاكفأة ِ‬
‫ودنـته بفعله َديناً‪ :‬جزيته‪ ،‬وقيل الدَّين املصدر‪ ،‬والدِّين‬
‫االسم‪ ،‬ويوم الدِّين‪ :‬يوم اجلزاء‪ ،‬ويف املثل كما ت ِدين ت َدان أي كما جتَا ِزي جتَ َازى أي جتَ َازى بفعلك وحبسب ما‬
‫عملت‪.»4‬‬
‫ب‪ -‬ال ّدين اصطالحا‪:‬‬
‫يعرف الدين بأنه تلك اجملموعة املتماسكة من العقائد والعبادات‪ ،‬املتصلة بالعامل القدسي واليت تنظم سلوك‬
‫اإلنسان‪ ،5‬وهو املنجل إلرواء الفكر واملعركفة‪ ،‬وهو املنبع إلثراء احلياة الروحية‪ ،6‬كما تشري كلمة الدين عند العرب‬
‫إىل العالقة بني العابد واملعبود‪ ،‬وهي عالقة بني طركفني يعظم أحدمها اآلخر وخيضع له‪.7‬‬
‫أما إميل دوركجامي‪ 8‬كفيعرف الدين بأنه جمموعة متساندة من االعتقادات واألعمال املتعلقة باألشياء املقدسة‪،‬‬
‫اعتقادات وأعمال تضم أتباعجا يف وحدة معينة تسمى امللة‪ ،‬والدين من أهم األمور اليت ترتبط حبياة اإلنسان‬

‫‪1‬‬
‫‪-La religion Musulmane en Berberie, p09.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- op.cit, p388.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Ibid, p406 .‬‬
‫‪ - 4‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪.102/22 ،‬‬
‫‪ -5‬مجدي‪ ،‬حممد القصاص‪ :‬علم االجتماع الديين‪ :‬املنصورة‪ -‬مصر‪ :‬دار النشر‪1001‬م‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ - 6‬صاكفية‪ ،‬مناد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ -7‬حممد‪ ،‬عبد اهلل دراز‪ :‬الدين‪ -‬حبوث ممجدة لدراسة تاريخ األديان‪ -‬الكويت‪ :‬دار القلم‪2911 ،‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -8‬عمل دوركجامي يف الفصل االكفتتاحي لكتابه األشكال األولية للحياة الدينية (‪ ) 2921‬خلص دوركجامي التعاريف السابقة للدين وركفضجا‪ .‬كفقد ركفض‬
‫تعريف تايلور (‪" )2902‬اجلوهري" للدين بوصفه "اإلميان بالكائنات الروحية"‪ .‬إذ ارتبط هذا التعريف بوضع تايلور لألصول الدينية يف نسق للتفكري‬
‫نفسا تدجمجم بطبيعتجم وبصفاهتم املقدسة اخلاصة‪.‬‬‫روحا أو ً‬
‫كان يسميه بـ"األرواحية" أي اإلميان بأن كل األشياء‪ ،‬عضويةً كانت أو غري عضوية‪ ،‬حتتوي ً‬
‫أصر دوركجامي على أن هذا التأكيد كان خاطئًا كونه أمهل املمارسات‪ ،‬أي اجلوهر احلقيقي للدين‪ ،‬واليت هي أكثر أمهيةً من االعتقادات‪ ،‬جوهر الدين‬
‫لقوة أو لطاقة غامضة خفيَّة مقدسة مرتاكفقة مع عواطف عميقة متضاربة من الرهبة واخلوف واحرتام الظواهر الطبيعية واليت تسبق عملية َمف َجمة‬
‫جتربةً َّ‬
‫‪59‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫وأكفكاره ووجدانه‪ ،‬كفاإلحساس الديين هو الذي ينتج املعتقد والتجربة املعيشية والسريرة والشعور الديين‪ ،‬وإن‬
‫الطقوس الدينية تقوم على املعتقد‪ ،1‬أما التدين كفجو الطريقة اليت يعرب هبا املتدين عن عالقته بالدين‪.2‬‬
‫وميكن استعراض رأي عطية صقر الذي يقول بأن الدين هو‪ «:‬الوضع اإلهلي الذي اختاره اهلل لعباده‬
‫ليصلحجم يف احلياتني‪ ،‬وقد يكون عامليا بعدم اختصاصه جبنس من األجناس البشرية‪ ،‬وبعدم احنصار تطبيقه يف‬
‫إقليم خاص أو بيئة معيّنة »‪ ،3‬أو هو « وضع إهلي لذوي العقول باختيارهم احملمود إىل اخلري باطنا‬
‫وظاهرا‪،»4‬وهناك من يرى بأن الدين يعرب عن نسق إيديولوجي يظجر من خالله سلوك مميز لألسلوب اخلاص‬
‫للممارسات والطقوس والشعائر الفردية واجلماعية‪ ،‬كفالطقوس واملراسيم مع كوهنا تنبع من االعتقاد الديين كفجي‬
‫أيضا مؤثرة كفيه وعليه من الناحية األخرى‪ ،5‬كفالدين مجلة من اإلدراكات واالعتقادات واألكفعال احلاصلة يف النفس‬
‫من جراء حبجا هلل وعبادهتا إياه وطاعتجا ألوامره‪ ،6‬والدين هو نسق من الرموز يعمل على تأسيس طبائع ودواكفع‬
‫ذات سلطة وانتشار واستمرار دائم عن الناس‪ ،‬وذلك عرب تشكيل تصورات حول النظام العام للوجود‪ ،‬مع إضفاء‬
‫طابع الواقعية على هذه التصورات حبيث تبدو هذه الطبائع والدواكفع واقعية بشكل منفرد‪.7‬‬
‫ويقوم الدين على ثالث عناصر أساسية وهي األسطورة‪ ،‬والطقس‪ ،‬واملعتقد‪ ،‬واليت ال نستطيع التعرف على‬
‫الظاهرة الدينية يف تبديجا اجلمعي بدون التعرف عليجا جمتمعة ومتعاونة‪ ،8‬ذلك أن اإلنسان حاول يف البداية‬
‫البحث عن أسرار الكون وحماولة إخضاع الطبيعة خلدمته لكنه كفشل‪ ،‬كفاستدعى هذا اإلميان بالقوى اخلارقة اليت‬
‫تقف وراء املظاهر املتبدية يف هذا العامل‪ ،‬قوى إهلية معارضة له كفعالة كفيه‪ ،9‬وهو األمر الذي جعل بعض سكان‬
‫املغرب األوسط يف مرحلة تارخيية خاصة يف زمن األزمات يبدءون يف التقرب من تلك القوى ملعاجلة مشاكلجم‬
‫املستعصية‪ ،‬وتغليف ممارساهتم بالشعار الديين مستخدمني األسطورة والطقوس‪.‬‬

‫األرواح‪ ،‬واآلهلة‪ ،‬وما شاكل ذلك‪ ،‬ومن مث مضى دوركجامي يف تبين معيارين اكفرتض أهنما سيوجدان متواكفقني‪ :‬التنظيم املشرتك لدين اجلماعة وكفصل‬
‫املقدس عن املدنَّس‪.‬‬
‫‪ -1‬كفراس السواح‪ :‬األسطورة واملعىن‪ ،‬ص‪221‬؛ أوليفيه‪ ،‬روا‪ :‬اجلجل واملقدس‪ -‬زمن بال ثقاكفة‪ ،-‬ط‪ ،02‬تر‪ :‬صاحل األمشر‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الساقي‪،‬‬
‫‪1021‬م‪ ،‬ص‪.02‬‬
‫‪ -2‬نفسه‪ ،‬ص‪02‬‬
‫‪ - 3‬عطية‪ ،‬صقر‪ :‬الدين العاملي ومنجج الدعوة إليه‪ ،‬األزهر‪ -‬مصر‪ :‬جممع البحوث اإلسالمية‪ ،‬الكتاب اخلامس‪2911 ،‬م‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ -4‬زكي‪ ،‬حممد إمساعيل‪ :‬يف الدين واجملتمع‪ -‬سلسلة اإلسالم والعلوم اإلنسانية‪ ،-‬اإلسكندرية‪ :‬دار املطبوعات اجلديدة‪2919 ،‬م‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫‪ - 5‬هنري‪ ،‬برغسون‪ :‬منبعا األخالق والدين‪ ،‬تر‪ :‬ساسي األوريب‪ ،‬ط‪ ،2‬مصر‪ :‬مكتبة النجضة‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 6‬مجيل‪ ،‬صليبا‪ :‬املعجم الفلسفي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتاب اللبناين‪2911 ،‬م‪171/2 ،‬‬
‫‪ - 7‬عبد الغين منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.01‬‬
‫‪ - 8‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬دين اإلنسان‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 9‬كفراس‪ ،‬السواح‪ :‬مغامرة العقل األوىل ( دراسة يف سوريا وبالد الراكفدين)‪ ،‬ط‪ ،2‬دمشق‪ :‬دار عالء الدين‪2990 ،‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪60‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫رابعا‪ :‬الكهانة والتنجيم‪.‬‬
‫‪ /3‬الكهانة والعرافة‪:‬‬
‫إن النزوع إىل معركفة املستقبل نزوع كفطري راكفق اجملتمعات البشرية منذ أقدم العصور‪ ،‬كفكان يف كل أمة أو ملة‬
‫كفئة أو طائفة تستأثر بادعاء املعركفة‪ ،‬وهلا وحدها حق االطالع على شؤون املستقبل‪ ،1‬لذلك سادت الكجانة‬
‫والعراكفة كوسيلة ملعركفة ما خيبأه املستقبل من أحداث وأخبار‪ ،‬وال بأس من التعريج على مفجومجما‪.‬‬
‫عن مفجوم الكجانة والعراكفة قيل أهنما مبعىن واحد يطلقان على احلَازي‪ ،‬والطَ ِ‬
‫بيب‪ ،‬وكل من يتعاطى علما دقيقا‪،2‬‬
‫والكجانة غري العراكفة واليت هي حمصورة باإلخبار عن األمور املاضية‪ ،‬ومعركفة اآلثار واالستدالل منجا على مؤثرها‪،3‬‬
‫كفالعَراف حسب هذا القول خيتص به من يزعم معركفة األمور املاضية ومسبباهتا‪ ،‬مما يدخل يف باب معركفة أمور‬
‫َ‬
‫الغيب‪ ،‬ويف هذا الصدد قال القاضي ع ياض العراف هو احلازم واملنجم الذي يدعي معركفة الغيب وهي من العراكفة‬
‫وصاحبجا عراف وهو الذي يستدل على األمور مبقدمات يدعي معركفتجا وقد يعتضد بعض أهل هذا الفن يف ذلك‬
‫‪4‬‬
‫بالزجر والطرق والنجوم وهذا الفن هو العياكفة وكلجا يطلق عليجا اسم الكجانة‬
‫َوَو َجدت هذه املعت قدات يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬من يصدقجا بل ويداكفع عنجا من عوام الناس خاصة‬
‫السذج منجم‪ ،‬رغم النجي الشرعي عن إتياهنم كفقد روي عن صفية بنت أيب عبيد عن بعض أزواج النيب ﷺ‪ :‬من‬
‫أتى عراكفا كفسأله كفصدقه مل تقبل له صالة أربعني يوما‪ ،5‬وذكر أن كاهنا كان بالبطحاء بإقليم تلمسان يسمى‬
‫"سينا" وقد بالغ الناس يف تقديسه وتعظيمه دون أن يقول أو يفعل أو خيرتع هلم شيئا‪ ،‬مبا كفيجم السلطان الزياين‬
‫الذي كان خيشاه نتيجة امتالكه لكتب السحر‪.6‬‬
‫وتعترب الكجانة والعراكفة هي أكثر أنواع السحر القدمي شيوعا‪ ،7‬إذ يقصد هبا االستنجاد واالستنصار باجلن‬
‫والروح‪ ،‬وأما ما كان بدعوة أو عزمية أو رقية أو حنو ذلك كفيسمى سحرا ‪ ،8‬وقيل‪ :‬إن الكاهن والعراف هو من‬

‫‪ - 1‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬


‫‪ -2‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪ ،121_122/27 ،‬و‪221/22‬؛ الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.112/0‬‬
‫‪ - 3‬جمد الدين أبو السعادات املبارك ابن األثري‪ :‬النجاية يف غريب احلديث واألثر‪ ،‬تح‪ :‬طاهر أمحد الزاوي وحممود حممد الطنايب‪ ،‬ط‪ ،01‬بريوت‪ :‬دار‬
‫الفكر‪2910،‬م‪.122/2 ،‬‬
‫‪ -4‬أبو عبد اهلل حممد بن كفرج األنصاري اخلزرجي مشس الدين القرطيب‪ :‬تفسري القرطيب‪ -‬اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬تح‪ :‬أمحد الربدوين وإبراهيم أطفيش‪،‬‬
‫ط‪ ،01‬القاهرة‪ :‬دار الكتب املصرية‪2902 ،‬م‪ 12،‬جملد‪.2/7 ،‬‬
‫‪ - 5‬أيب احلسن مسلم بن احلاج القشريي النيسابوري‪ :‬صحيح مسلم‪ ،‬تح‪ :‬حممد كفؤاد عبد الباقي‪ ،‬ط‪2992 ،02‬م‪.2721/2 ،‬‬
‫‪ - 6‬الوزان‪ :‬مصدر سابق‪.19-17 ،‬‬
‫‪ -7‬غوستاف‪ ،‬لوبون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪ - 8‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪61‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫يتعاطى اخلرب عن الكائنات يف مستقبل الزمان‪ ،‬ويد ِ‬
‫َّعي معركفة األسرار ومعركفة الشيء املسروق‪ ،‬ومكان الضالة‬ ‫َ‬
‫سواء كان له تابع من اجلن يأتيه باألخبار‪ ،‬أو كان ممن يزعم أنه يعرف األمور مبقدمات يستدل هبا على مواقعجا‬
‫من كالم من يسأله أو كفعله أو حاله كفيخرب عن املاضي‪ ،1‬والكجانات كان يتعزز شأهنا أكثر ما يكون يف أيام‬
‫الشدائد واحملن واحلروب‪.2‬‬
‫‪ /0‬صناعة النجوم (التنجيم)‪:‬‬
‫عمد إنسان املغرب األوسط إىل تقديس النجوم ليس بعابدهتا‪ ،‬بل باجلزم مبعركفته الطوالع والنحوس من خالل‬
‫استقراء منازهلا‪ ،‬واعتبارها بشريا أو نذيرا ملا قد حتمله قادم األيام‪ ،‬لذلك كان للنجوم ومواقعجا مكانة مقدسة عند‬
‫بعض كفئات اجملتمع‪ ،‬وال بأس من التعريج على مفجوم التنجيم كي يسجل ضبط عالقته باملقدس يف ذهنية سكان‬
‫املغرب األوسط‪.‬‬
‫مفهوم التنجيم‪:‬‬
‫َّم‪ ،‬مأخوذ من النَجم‪ ،‬وهو الكوكب‪ ،‬وهو اسم علم على الثـَريَا‪ ،3‬واملنَ ِجم‬ ‫ِ‬
‫التَـنجيم يف اللغة من مصدر الفعل َجن َ‬
‫واملتَـنَ ِجم الذي ينظر يف النجوم وحيسب مواقيتجا وسريها ويراقب الكواكب وأحواهلا‪ ،4‬ويف األصل َجنَ َم املال إذا أداه‬
‫وجنَ َم عليه الدين‪ ،‬ويقال‪ «:‬جعلت مايل على كفالن جنوماً معدودة يؤدي عند انقضاء كل شجر منجا جنما‪،‬‬ ‫جنوماً‪َ ،‬‬
‫وقد َجنَ َم َجا عليه تَـن ِجيماً‪ ،‬ومنه تنجم املكاتب وجنوم الكتابة‪ ،‬وأصله أن العرب كانت جتعل مطالع منازل القمر‬
‫ومساقطجا مواقيت حللول ديوهنا‪ ،‬واملنَجم والتَـنجيم‪ :‬الذي ينظر إىل النجوم حبسب مواقيتجا وسريها»‪.5‬‬

‫‪ -1‬أبو سليمان بن حممد بن إبراهيم اخلطايب‪ :‬معامل السنن‪ ،‬ط‪ ،02‬حلب‪ :‬املطبعة العلمية‪2921 ،‬م‪119/2 ،‬؛ حممد‪ ،‬زهري احلريري‪ :‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ‪.270_271‬‬
‫‪ - 2‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -3‬انظر إمساعيل بن محاد أبو نصر اجلوهري‪ :‬الصح اح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مر‪ :‬حممد تامر‪ ،‬دار احلديث للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪1009‬م‪.129/1 ،‬‬
‫‪ -4‬حممد‪ ،‬رواسب قلفدجي وحممد‪ ،‬صادق تينيخي‪ :‬معجم الفقجاء‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار النفائس للنشر والتوزيع‪2911 ،‬م‪ ،‬ص‪227‬؛ انظر أبو بكر‬
‫حممد بن احلسن ابن دريد‪ ،‬مججرة اللغة‪ ،‬تح رمزي منري بعلبكي‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار العلم للماليني‪2917 ،‬م‪.221/1 ،‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪221/1 ،‬؛ حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫التنجيم اصطالحا‪:‬‬
‫َجنَ َم كفالن نظر يف حظوظ الناس حبسب حركات النجوم وسريها‪ ،‬ومن يفعل ذلك يقال له‪ :‬املنجم‪ ،‬وعلى هذا‬
‫كفالتنجيم هو النظر يف احلركات الفلكية‪ ،1‬واالتصاالت الكوكبية ملعركفة أحكام النجوم من اقتضاء حركات الوقائع‬
‫الكونية واألمور األرضية‪ ،‬كفيكون اإلخبار بذلك بعد النظر يف النجوم‪ ،2‬وقد يطلق على التنجيم علم النجوم‬
‫وصناعة النجوم وعلم األحكام‪ ،‬أو اسم النجامة أو صناعة النجوم‪ ،3‬وعموما يقصد به ما خيتص مبعركفة مدة‬
‫السنني والشجور واملواقيت وكفصول األزمان وزيادة الليل والنجار ونقصاهنا ومواضيع النريين وكسوكفجا ومسرية‬
‫الكواكب يف استقامتجا ورجوعجا وتبدل أشكاهلا ومراتب أكفركجا واالستعانة باجلداول والرباهني اهلندسية والعددية‪.‬‬
‫والتنجيم هو ادعاء معركفة أحكام النجوم املتعلقة بالعامل السفلي‪ ،‬وتأثريات النجوم كفيه‪ ،‬وهو االستدالل على‬
‫احلوادث األرضية باألحوال الفلكية‪ ،‬والتمزيج بني القوى الفلكية‪ ،‬والقوابل األرضية‪ ،4‬والعرب يف جمال التنجيم مل‬
‫يكونوا بدعا من األمم‪ ،‬إذ هم عركفوا منذ اجلاهلية ما عرف بعلم األنوا ء‪ ، 5‬وعركفه ابن خلدون‬
‫(ت‪101‬هـ‪2202/‬م) بقوله‪ «:‬ما يزعمه أصحاب هذه الصناعة من أهنم يعركفون الكائنات يف عامل العناصر قبل‬
‫حدوثجا‪ ،‬من قِبل معركفة قوى الكواكب وتأثريها يف املولِّدات العنصرية مفردة وجمتمعة‪ ،‬كفتكون لذلك أوضاع‬
‫األكفالك والكواكب دالة على ما سيحدث من أنواع الكائنات الكلية والشخصية‪.»6‬‬

‫‪ - 1‬احلركات الفلكية هي على مذهب القدامى القمر – عطارد ‪ -‬الشمس‪ -‬الزهرة – املريخ – املشرتي ‪ -‬زحل‪ ،‬وذلك انطالقا من القول بأن األرض‬
‫هي مركز العامل الذي تدور حوله سائر الكواكب والنجوم واألجرام والفلك جمرى النجوم وكفلك الشيء مستدراه ومعظمه‪ .‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪،‬‬
‫‪212/20‬؛ ‪ .‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.11،10‬‬
‫‪ -3‬املقدمة ‪ .212‬يقول ابن خلدون (ت‪101‬هـ‪2202/‬م)‪ :‬ومما وقع يف هذا املعىن لبعض أصحابنا من أهل العصر‪ ،‬عندما غلب العرب عساكر‬
‫السلطان أيب احلسن وحاصروه بالقريوان وكثر إرجاف الفريقني األولياء واألعداء‪ ،‬وقال يف ذلك أبو القاسم الروحي من شعراء أهل تونس‪ ،‬ص ‪:211‬‬
‫الس َمــاء‬ ‫ِ‬ ‫يَا َراصداً اخلنَ ِ‬
‫س اجلَـ َـواري *** َما كفَـ َعــلت َهذه َ‬
‫دراء‬ ‫ِ‬
‫َوالَ ن ــََرى َغ ـي ـرَ زور قـَــول *** آَذَ َاك َج ــج ــل أَم از َ‬
‫اقتضاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوَرى َ‬ ‫س تَـقضى*** َوَما َهلَا يف َ‬ ‫يـَقضي َعلَ َيجا َولَي َ‬
‫ضلَت عقول تَـَرى قَ ِدمي ـاً *** َما َشــأنــه اجلــرم والفـَنَــاء‬ ‫َ‬
‫‪-4‬أيب علي احلسني بن عبد اهلل ابن سينا (ت‪217‬هـ‪2027/‬م)‪ :‬تسع رسائل يف احلكمة والطبيعيات‪ ،‬ط‪ ،01‬القاهرة‪ :‬دار العرب للبستاين‪( ،‬د‪.‬ت)‬
‫ص‪ ، 220‬وانظر عبد اجمليد‪ ،‬بن سامل بن عبد اهلل املشعيب‪ :‬التنجيم واملنجمون وحكمه يف اإلسالم‪ ،‬ط‪ ،02‬الطائف‪ -‬السعودية‪ :‬مكتبة الصديق‪،‬‬
‫‪2992‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -5‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪17‬‬
‫‪ -6‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص‪.212‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫والنجامة باملعىن األوسع للكلمة ما هي إال نوع من الكجانة اليت ترمي إىل معركفة ما سيحدث يف حياة الدول‬
‫واألمم واألشخاص‪ ،1‬وقد تأخذ لفظة منَ ِجم مدلوال أعم وأمشل ليتعدى معناها نطاق من يتعاطى هذا الضرب من‬
‫الز ِاجر ومفسر األحالم‪ ،‬وهذا إن دل على شيء كفجو يدل على ما كان‬ ‫الصناعة‪ ،‬كفتدل على ما يقوم به ِ‬
‫العائف و َ‬
‫َ‬
‫للمنجمني من حظوة ومكانة واهتمام‪.2‬‬
‫ومن هذا املنطلق ميكن ال قول أن املنجمني يف املغرب األوسط‪ ،‬أصناف عدة كفمنجم الدارس هلذا الفن حاصل‬
‫منه على إشباع هوايته وحتقيق رغبته يف النفس‪ ،‬ومنجم نوع آخر اختذ من التنجيم حركفة يتعيش هبا على سبيل‬
‫الكسب واالرتزاق‪ ،‬ومثل هذا النوع كمثل سواهم من الزراقني واملشعوذين الضاربني بالرمل‪ ،3‬ودليل وجودهم هو‬
‫عبد اهلل بن علي املنجم بن احملفوف( ت‪100‬هـ‪2297/‬م)وهو من أشجر ضاريب الرمل‪ 4‬باملغرب األوسط عن‬
‫سبب تأليفه ملثلث يف علم الرمل قال‪ « :‬ملا رأيت الناس من سائر األجناس جمتجدين يف طلب علم الغيب‪ ،‬وقد‬
‫اختلفوا يف الوصول إليه من عدة وجوه متباينة وطرائق غري متباينة خارجا ذلك عن علم النجوم »‪.‬‬
‫ويف هذا الصدد أورد ابن خلدون (ت‪101‬هـ‪2202/‬م) أن التنجيم واالعتقاد والتصديق به كان سائدا‬
‫بشكل كبري يف املغرب األوسط‪ ،‬ودعا لتفعيل دور احملتسب‪ 5‬يف ردع من ينتحل التنجيم كصناعة ملا هلا من مضار‬
‫على الدين والدنيا وذلك يف قوله‪ «:‬وقد شاهدنا من ذلك كثريا‪ ،‬كفينبغي أن حتظر هذه الصناعة على مجيع أهل‬
‫العمران‪ ،‬ملا ينشأ عنجا من املضار يف الدين والدول‪ ،»6‬وممن اشتغلوا بالنجامة يف املغرب األوسط حممد بن‬

‫‪ - 1‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ . 17‬التنجيم عند ابن سينا‪ « :‬أنه علم ختميين الغرض منه االستدالل من أشكال النجوم والكواكب بقياس‬
‫بعضجا إىل بعض‪ ،‬وبقياسجا إىل درج الربوج‪ ،‬وبقياس مجلة ذلك إىل األرض‪ ،‬على ما يكون من أحوال وأدوار العامل وامللك واملمالك والبلدان واملواليد‬
‫والتحاويل والتسايري واالختبارات واملسائل» احلسني بن عبد اهلل ابن سينا‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ـ ص‪.71‬‬
‫‪ -2‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪.129 ،‬‬
‫‪ -3‬نفسه‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪ - 4‬وله خمطوط بعنوان املثلث يف علم الرمل‪ ،‬عدد أوراقه ‪ ،10‬حتت رقم ‪ ،0110‬مبكتبة األسد بدمشق سوريا‪.‬‬
‫‪ -5‬موظف تابع للقضاء يسمى احملتسب أو متويل السوق‪ ،‬ي تخذ معاونني ومساعدين ينتشرون يف األسواق واألزقة وظيفتجم تغيري املنكرات والتشجيع‬
‫على أعمال اخلري واملعروف‪ ،‬ويجتم صاحب السوق أو احملتسب مبراقبة السلع واملوازين واملكاييل منعاً للغش والتالعب باألسعار‪ ،‬وملا كانت احلسبة‬
‫أيضا هي واسطة بني أحكام القضاء وأحكام امل ظامل وتتفق مع القضاء يف إنصاف املظلوم وإلزام املدعى عليه باألداء وأورد اجمليلدي مجام احملتسب يف‬
‫أبيات نقال عن األقنوم يف مبادئ العلوم أليب زيد عبد الرمحان بن عبد القادر الفاسي ورقات ‪227-220‬‬
‫ضا كفَلِلمحتَ ِسب التَم ِزيق *** َوال َكسر َوا ِإل َراقَة َوالتَخ ِريق‬
‫أَي ً‬
‫الذي يعِيب‪ .‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.21-21‬‬ ‫والضرب والطَواف بِاملضروب *** ويـتـلَف الشيء ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫َ‬
‫‪- 6‬املقدمة‪ ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫النجار(ت‪729‬هـ‪2210/‬م)‪ ،1‬واشتجر بتضلعه يف معركفة حركة النجوم مبختلف أحكامجا وقواعدها كفاستخلصه‬
‫السلطان الزياين أبو تاشفني لقضاء حاجاته‪.2‬‬
‫كفكل من أويت حظا من العلم أو الكجانة والزجر والعياكفة يشري إىل نفسه بأنه منجم‪ ،‬ويضع بني يديه آلة أو‬
‫أكثر مما يدل على صناعة‪ ،‬ليثق الناس به ويصدقوه رجاال ونساء سوقة وسَراة‪ ،‬وال يعين هذا مطلقا إغفال الدور‬
‫ا لذي كان يضطلع به أصحاب الفراسة والعياكفة‪ ،‬وأصحاب الرقى والعزائم والطلسمات وسواهم ممن برعوا يف هذا‬
‫اجملال‪ ،‬كفاستجووا أكفئدة الناس كفخاهنم احلظ حينا وصح حكمجم حينا آخر‪ ،‬وذلك عن طريق الصدكفة واالتفاق أو‬
‫عن طريق املالحظة والدرس‪.3‬‬
‫وجند أن بعض املنجمني يف املغرب األوسط مل يكن هلم مواطن معينة يثبتون كفيجا الستقبال الناس والنظر يف‬
‫أحكام النجوم‪ ،‬ولكن كان يكفي للقيام هبذا العمل بالنسبة إىل بعضجم أن حيمل ما استطاع محله من كتب ومن‬
‫أوراق وخرائط وآالت وتقاومي‪ ،‬مث ينجض لالنتقال هبا من مكان إىل آخر ومن بلد إىل بلد ومن بيت إىل بيت‬
‫معلنا عن طبيعة عمله‪ ،‬كأن يصيح مثال "املنجم" أو "املعزم" ليقبل عليه ذو احلاجات كفيحكم هلذا بكذا ولذلك‬
‫بكيت‪ ،‬أما املنجمون الذين اختذوا ألنفسجم أماكن خمصوصة ومقاعد ثابتة‪ ،‬كفغالبا ما كانت على قارعة الطريق أو‬
‫عند رحبة اجلسر أو يف الساحات العامة‪ ،‬أو يف مكان آخر يسمح موقعه باصطياد الزبائن واجتذاب الطامعني يف‬
‫أحكامجم‪ ،4‬وهو احلال يف كثري من مناطق املغرب األوسط‪.‬‬
‫وظل االعتقاد يف قدرة املنجمني على معركفة الغيب سائدا يف جمتمع املغرب األوسط لزمن طويل رغم ورود عدة‬
‫آيات قرآنية تنفي قدرة غري اهلل على معركفة الغيب‪ ،5‬إال أن هذا االعتقاد مل يكن حكرا على العوام من الناس‪،‬‬
‫كفمما زاد من ارتباط الفئات الدنيا باملشعوذين والدجالني‪ ،‬هو اخنراط النخبة املثقفة عن قصد أو عن غري قصد‬
‫وهو ما نتج عنه تشجيع الذهنية الساذجة من خالل التنظري والتقعيد للفكر التنجيمي‪ ،‬كفاتسعت بذلك دائرة‬

‫‪ - 1‬هو أبو عبد اهلل حممد بن حيي بن النجار اإلمام الفقيه خنبة وقته من أعيان املالكية بتلمسان‪ ،‬تويف بالطاعون اجلارف‪ ،‬وقيل أنه تنبأ بوقت موته‪ ،‬ابن‬
‫مرزوق‪ :‬املناب‪ ،‬ص‪.291‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرمحان‪ ،‬بن خلدون‪ :‬الرحلة‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 3‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫ب َال يـعلَمجا إَِّال هو ويـعلَم ما ِيف البـِّر والبح ِر وما تَسقط ِمن ورقَة إَِّال يـعلَمجا وَال حبَّة ِيف ظلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ - 5‬قال اهلل تعاىل‪ِ :‬‬
‫ات األَر ِ‬
‫ض َوَال‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫﴿وعن َده َم َفاتح الغَي ِ َ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َح ًدا﴾ سورة نوح‪ ،‬اآلية ‪.10‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َرطب َوَال يَابِس إَِّال ِيف كتَاب مبني﴾ سورة االنعام‪ ،‬اآلية ‪ .19‬وقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫﴿عامل الغَيب كفَ َال يظجر َعلَى َغيبه أ َ‬ ‫ِ‬

‫‪65‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫التعليل اخلرايف يف صفوف العوام‪ ،1‬كفكانت سذاجتجم جتعلجم يصدقون كل شيء مجما كان مستحيال‪ ،‬ألن العامة‬
‫جتجل نواميس الطبيعة ججال تاما‪.2‬‬
‫‪ /1‬وجه إلحاق التنجيم بالسحر‪:‬‬
‫دراسة هذا العلم من ججة معركفة خصائص األجرام العلوية‪ ،‬وأبعادها‪ ،‬وحركاهتا ليس داخالً يف موضوع‬
‫السحر‪ ،‬وإمنا يدخل يف أحد أنواعه أي من ججة السحرة الذين كانوا يعبدون الكواكب‪ ،‬ويزعمون أهنا هي املدبرة‬
‫هلذا العامل‪ ،‬ومنجا تصدر اخلريات والشرور‪ ،‬والسعادة والنحوسة‪ ،‬وهؤالء يعتقدون أن هلذه الكواكب إدراكات‬
‫روحانية‪ ،‬إذا قوبلت مبا يناسب روحانيتَجا من البخور واللباس كانت مطيعة ملن صنع ذلك‪ ،‬عاملة له ما يريد‪،‬‬
‫وتعدى األمر اعتقاد الناس بأن سبب الطاعون يرجع لألمور الفلكية من القرانات اليت تؤثر يف العامل‪ ،‬خاصة عند‬
‫أرباب صناعة النجوم‪.3‬‬
‫وال شك بأن االعتقاد يف النجوم باطل‪ ،‬ألنه املنحى الذي يتوارثه السحرة ليوحوا إيل الناس بأن هذه األجرام‬
‫العلوية تتصرف وتتحكم يف العامل السفلي‪ ،‬وأهنا كفاعلة ملا حيدث كفيه‪ ،4‬هكذا مت إحلاق التنجيم بالسحر‪ ،‬وهلذا‬
‫قالﷺ ‪ ( :‬من اقـتَبس ِعلماً ِمن النجوم اقـتَبس شعبةً ِمن ِ‬
‫السحر َز َاد َما َزاد)‪.5‬‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ساد االعتقاد يف املغرب األوسط بتأثري النجوم يف حصول االضطرابات املناخية‪ ،‬وهو نفس االعتقاد الذي كان‬
‫سائدا ببالد العدوتني‪ ،‬كفاختصت املناطق القاحلة يف املغرب واألندلس بطقوس سحرية قائمة على التخمني والرجم‬
‫بالغيب‪ ،‬مع اجلزم أن ما حيدث من كوارث طبيعية هلا صلة مباشرة بالطبائع وحركات النجوم واألجرام السماوية‪،6‬‬
‫وميكن القول أن ارتباط الكوارث الطبيعية وسقوط األمطار واجلوائح باألحكام التنجيمية اليت سادت جمتمع‬
‫الدراسة‪ ،‬ميكن إرجاعجا أساسا إىل التنوع الثقايف واحلضاري وانتشاره يف مجيع بالد املغرب اإلسالمي‪.‬‬
‫إن تركيز ا ملنجمني على عناصر املناخ يف حدوث االضطرابات والفناء بالطوكفان‪ ،‬تركيز جيد تفسريه يف توظيف‬
‫املسبقات والتمثالت الدينية‪ ،‬وحماكاة املقدس يف تطجري األرض من املدنس‪ ،‬سيما وأن الرياح والعواصف العاتية‬
‫ارتبطت يف خميال الناس الديين بعالمات الساعة والبعث‪ ،‬متخذة صورا شىت أللوان العذاب والعقاب اليت‬

‫‪ -1‬عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.229‬‬


‫‪ -2‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪ - 3‬ابن اخلطيب‪ :‬مقنعة السائل‪ ،‬ص‪ ،01‬وحول هذه الكواكب وما قابلجا من خبورات ورموز ومعادن ينظر امللحق رقم ‪.01‬‬
‫‪ -4‬انظر اجلصاص‪ :‬مصدر سابق‪ 12_11/2 ،‬؛ حممد الطاهر بن عاشور‪ :‬تفسري التحرير والتنوير‪ ،‬تونس‪ :‬الدار التونسية للنشر‪2912 ،‬م‪ 20 ،‬مج‪،‬‬
‫‪.021/2‬‬
‫‪ -5‬مسلم أيب احلسن بن احلاج القشريي النيسابوري‪ :‬صحيح مسلم‪ ،‬تح‪ :‬حممد كفؤاد عبد الباقي‪ ،‬ط‪2992 ،02‬م‪ ،‬جزءان‪2072/2 ،‬؛ حممد بن يزيد‬
‫القزويين ابن ماجه‪ :‬السنن‪ ،‬تح‪ :‬حممد كفؤاد عبد الباقي‪ ،‬بريوت‪ :‬مطبعة دار اإلحياء للكتب العربية‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫‪ - 6‬عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.221-227‬‬

‫‪66‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫استجدكفت األقوام الغابرة‪ ،1‬ذلك أن األقاليم الفلكية والرمزية املتعلقة بالكواكب واألساطري وطقوس التصاعد‬
‫وغريها‪ ،‬حتاكفظ على مكان رحب يف بنية املقدس‪ ،‬وتستمر السماء ماثلة يف احلياة الدينية بواسطة الرمزية السماوية‬
‫تدعم بدورها عددا من الطقوس‪.2‬‬
‫وهو ما أسجم يف تغذية العقلية السحرية التنجيمية‪ ،‬من خالل تقريب املنجمني حرصا منجم على معركفة أسرار‬
‫الغيب وكشف الطالع وقراءة القراءات‪ ،‬واإلخبار بسعد أو حنس القابل من األيام‪ ،3‬بل إن أخذ الطالع مشل املواليد‬
‫اجلدد خاصة إن كانوا من أبناء الطبقة العليا‪ ،‬وهذا كان شيئا متعاركفا عليه إىل درجة الشيوع واالبتذال ليس هذا‬
‫كفحسب‪ ،‬بل هناك من إذا عزم أمرا وأراد سفرا ولبس جديدا هو اآلخر كان يرجع إىل حكم املنجم قبل أن يقوم‬
‫بتنفيذ ما عزم عليه أو ميضي يف سفره‪ ،‬وإال عد من اجلاهلني أو املقصرين‪.4‬‬
‫هناك أمور يظنجا بعض الناس من التنجيم‪ ،‬وهي ليست منه‪ ،‬كالعلم حبادثيت الكسوف واخلسوف‪ ،‬كفيمكن‬
‫النريين كما يعلم طلوع اهلالل والبدر حبساهبما‪ ،‬وكذلك توقع حالة اجلو وأن النجوم مسببة يف‬
‫العلم بذلك حبساب ِّ‬
‫سقوط املطر وهبوب الرياح‪ ،‬لكن هذا التوقع قائم على دراسة معينة‪ ،‬وبواسطة آالت خاصة بذلك‪ ،‬وقد تصيب‬
‫تلك التوقعات‪ ،‬وقد ختطئ‪ ،‬ولكنجا ليست من جنس أخبار املنجمني‪.5‬‬
‫هذا االرتباط باألحكام التنجيمية يعكس بقايا اجلاهلية واملؤثرات الوثنية الضاربة يف عمق تاريخ املغرب‬
‫اإلسالمي كما سبقت اإلشارة‪ ،‬لذا كان موقف الشرع اإلسالمي واضحا من املعتقدات الوثنية وخاصة ما ارتبط‬
‫باالعتقاد يف تأثري النجوم ويف حدوث الكوارث بسقوط األمطار‪ ،6‬وهبوب الرياح كما ربطوا الظواهر الفلكية‬
‫باملوت واألوبئة وغريها‪ ،‬ويرجع الباحث عبد اهلادي البياض أن هذا األمر جعل املؤرخني يعتربون هذه الظواهر‬
‫مروقا وخروجا على الشريعة‪ ،‬كفصبوا جم غضبجم على أصحاهبا ومل يوردوا أخبارها إال حبيطة وتكتم كبريين‪ ،‬ومن مث‬
‫مل خيصصوا هلا سوى كفقرات هزيلة ال تتناسب مع الدور اخلطري الذي لعبته يف تاريخ العقلية والذهنية املغربية‪.7‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.221‬‬


‫‪ -2‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪ -3‬عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ -4‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪ -5‬عبد اجمليد‪ ،‬املشعيب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 210_202‬و‪.211‬‬
‫‪ - 6‬عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ -7‬إبراهيم‪ ،‬القادري بوتشيش‪ :‬حركة املتنبئني والسحرة يف الغرب اإلسالمي‪ ،‬اإلسالم السري يف املغرب العريب‪ ،‬القاهرة‪ :‬سينا للنشر‪ ،2991 ،‬ص‪.22‬‬

‫‪67‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫المبحث الثالث‪ :‬البدع والخرافات وتأثيرها على الفرد والمجتمع‪:‬‬
‫انطالقا من قول ابن مرزوق(ت‪712‬هـ‪2279/‬م) عبارة‪ « :‬يستدل بالقل منه على الكثري‪ »1‬حاولت تطبيق‬
‫نظريته على البدع واخلراكفات اليت كانت موجودة بشكل ملحوظ باملغرب اإلسالمي ككل ملعركفة ماهيتجا وأنواعجا‪،‬‬
‫وكيف أثرت يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط من ناحية املمارسات واملقدسات والطقوس‪ ،‬ألن اإلشارات الواردة يف‬
‫مدونة املغرب األوسط قليلة‪ ،‬وألن املعتقدات تتخطى احلدود اجلغراكفية للدول بفعل التأثري والتأثر املتبادل بني‬
‫الشعوب‪ ،‬وألن التقسيم السياسي لكيانات املغرب اإلسالمي مل يراع التوطن القبلي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف البدعة‪:‬‬
‫ال ضري من قليل متحيص يف أصل ومعىن كلمة "بدعة" ليتضح املعىن العام‪ ،‬وعليه نقول حسب ما توصلنا إليه من‬
‫مادة معركفية أن‪:‬‬
‫البِد َعة لغة‪ :‬الباء والدال والعني أصالن‪ ،‬أحدمها ابتداء الشيء وصنعه ال عن مثال‪ ،‬واألخر االنقطاع والكالل‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ع لالخرتاع على غري مثال سابق‪ ،‬ومنه قول اهلل‬ ‫كفاألول قوهلم بَ َدعت الشيء قوال أو كفعال ‪ ،‬وأصل مادة بَ َد َ‬
‫ضى أَمًرا كفَِإَّمنَا يـَقول لَه كن كفَـيَكون﴾‪ 3‬أي خمرتعجما من غري مثال سابق‬ ‫السماو ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َوإِذَا قَ َ‬
‫ات َواألَر ِ‬ ‫تعاىل‪ ﴿ :‬بَديع َّ َ َ‬
‫وحى إِ ََّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫متقدم ‪ ،‬وقوله تعاىل‪ ﴿ :‬قل َما كنت بِد ًعا ِم َن ُّ‬
‫الرس ِل َوَما أَد ِري َما يـف َعل ِيب َوَال بكم إن أَتَّبِع إَّال َما ي َ‬
‫‪4‬‬
‫يل َوَما‬
‫ِ‬
‫ني﴾‪ ،5‬أي ما كنت َّأول من جاءَ بالرسالة من اهلل إىل العباد‪ ،‬بل تقدمين كثري من الرسل‪ ،‬ويقال‪:‬‬ ‫أَنَا إَِّال نَذ ٌير مبِ ٌ‬
‫ابتدع كفالن بدعة‪ ،‬يعين ابتدأ طريقة مل يسبقه إليجا سابق‪.6‬‬
‫ومن هذا املعىن مسيت البِد َعة بِد َعة‪ ،‬لكل ما خالف ما اجتمعت عليه أمة من أمور الدين‪ ،‬كفاستخراججا‬
‫للسلوك عليجا هو االبتداع‪ ،‬وهيئتجا هي البدعة‪ ،‬وقد يسمى العمل املعمول على ذلك الوجه بدعة‪ ،‬كفمن هذا‬
‫املعىن مسي العمل الذي ال دليل عليه يف الشرع بدعة‪ ،‬وهو إطالق أخص منه يف اللغة ‪ ،2‬وإبداعشيء إذا مل يكن‬
‫له من قبل خلق وال ذكر وال معركفة‪.7‬‬

‫‪ - 1‬ابن مرزوق‪ :‬املسند‪ ،‬ص‪.117‬‬


‫‪ - 2‬حممد‪ ،‬سعيد حوى‪ :‬التأصيل ملفجوم البدعة ورأيه يف توحيد األمة‪ ،‬جامعة مؤتة‪ :‬قسم أصول الدين كلية الشريعة‪1020 ،‬م‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫‪ - 3‬سورة البقرة‪ :‬اآلية ‪.227‬‬
‫‪ -4‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪.100/0 ،‬‬
‫‪ - 5‬سورة األحقاف‪ :‬اآلية ‪.9‬‬
‫‪ - 6‬أيب زيد القريواين‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪207‬؛ صاحل‪ ،‬بن كفوزان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪ - 7‬اخلليل‪ ،‬أيب عبد الرمحان بن أمحد الفراهيدي‪ :‬كتاب العني‪ :‬تح‪ :‬عبد احلميد هنداوي‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1001 ،‬م‪1،‬مج‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫ص‪.211‬‬

‫‪68‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫البدعة اصطالحا‪:‬‬
‫البدعة عبارة عن طريقة يف الدين خمرتعة‪ ،‬تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليجا املبالغة يف التعبد هلل سبحانه‬
‫وإمنا قيدت بالدين ألهنا كفيه خترتع‪ ،1‬وهذا على رأي من ال يدخل العادات يف معىن البدعة‪ ،‬وإمنا خيصجا‬
‫بالعبادات‪ ،‬وأما على رأي من أدخل األعمال العادية يف معىن البدعة بأن قيدت بالدين‪ ،‬ألهنا كفيه خترتع وإليه‬
‫يضيفجا صاحبجا‪ ،‬وأيضاً كفلو كانت طريقة خمرتعة يف الدنيا على اخلصوص مل تسم بدعة‪ ،‬كإحداث الصنائع‬
‫والبلدان اليت ال عجد هبا كفيما تق دم‪ ،‬وذكر الونشريسي أن البدع أمر عظيم عند أهل العلم خياف عليجم اخلالف‬
‫كفيما يعتقدون تبغضجم القلوب ويشتد عليجم غضي املؤمنني وال خيرجون من اإلسالم لذلك‪.2‬‬
‫أصل كلمة البدعة من االخرتاع‪ ،‬وهو الشيء حيدث من غري أصل سبق وال مثال احتذى وال ألف مثله‪ ،‬ومنه‬
‫قوهلم أبدع اهلل اخللق أي خلقجم ابتداءً‪ ،‬والبدع هي كل ما مل يقم دليل شرعي على أنه واجب أو مستحب سواء‬
‫كفعل على عجده أو مل يفعل‪ ،‬ولفظ املبتدع ال يكاد يستعمل إال يف الذم‪ ،‬وأما من حيث أصل االشتقاق كفإنه يقال‬
‫ذلك يف املدح والذم‪ ،‬وهلذا يقال يف الشيء الفائق مجاال وجودة ما هو إال بدعة‪.3‬‬
‫من أنواع بدع العبادات اليت كانت سائدة باملغرب األوسط على سبيل الذكر ال احلصر واليت كانت مركفوضة شرعا‬
‫لدي الفقجاء أذكر‪:‬‬
‫‪ -‬وضع احلدود كالناذر للصيام قائما ال يقعد‪ ،‬ضاحيا ال يستظل‪ ،‬واالختصاص يف االنقطاع للعبادة‪ ،‬واالقتصار‬
‫من املأكل وامللبس على صنف دون صنف من غري علة‪ ،4‬وهو شأن الكثري من األولياء واملتصوكفة باملغرب‬
‫األوسط‪.‬‬
‫‪ -‬التزام العبادات املعينة يف أوقات معينة مل يوجد هلا ذلك التعيني يف الشريعة‪ ،‬كالتزام صيام يوم النصف من‬
‫شعبان وقيام ليلته‪.5‬‬
‫‪ -‬األذكار الصوكفية بأنواعجا كفكلجا بدع حمدثة ألهنا خمالفة لألذكار املشروعة يف صيغجا وهيئاهتا وأوقاهتا‪.6‬‬
‫‪ -‬التزام الكيفيات واهليئات املعينة‪ ،‬كالذكر هبيئة االجتماع على صوت واحد‪ ،‬واختاذ يوم والدة النيب ﷺ عيدا‪.1‬‬

‫‪ - 1‬إبراهيم‪ ،‬أيب إسحاق بن موسى بن حممد اللخمي الشاطيب‪ :‬االعتصام‪ ،‬تد‪ :‬حممد رشيد رضا‪ ،‬مصر‪ :‬املكتبة التجارية الكربى‪ -‬مطابع شركة‬
‫اإلعالنات الشرقية‪2922 ،‬م‪.27/2 ،‬‬
‫‪ - 2‬املعيار‪.220-229/1 ،‬‬
‫‪ -3‬شجاب الدين‪ ،‬أيب حممد عبد الرمحان بن إمساعيل بن إبراهيم املكىن بأيب شامة الشاكفعي‪ :‬الباعث على إنكار البدع واحلوادث‪ ،‬ط‪ ،1‬مكة‪ :‬مطبعة‬
‫النجضة احلديثة ‪2912 ،‬م‪ ،‬ص ‪21‬؛ الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪.100-299 /0 ،‬‬
‫‪ - 4‬الشاطيب‪ :‬املصدر السابق‪.29/2 ،‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪.29/2 ،‬‬
‫‪ - 6‬صاحل‪ ،‬بن كفوزان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫‪ -‬ومن الطقوس املقدسة اليت ركفضجا الفقجاء كذلك هي إقامة املآمت على األموات‪ ،‬وصناعة األطعمة واستئجار‬
‫املقرئني يزعمون أن ذلك من باب العزاء‪.2‬‬
‫‪ -‬البناء على القبور واختاذها مساجد وزيارهتا ألجل التربك هبا‪ ،‬والتوسل باملوتى وغري ذلك من األغراض الشركية‬
‫وزيارة النساء هلا‪ ،3‬وشاعت يف املغرب األوسط كذلك ظاهرة زيارة األضرحة ومقابر الصلحاء ألخذ الربكة‬
‫بشكل الكفت‪.‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن كثريا من البدع توارثتجا األجيال حىت أصبحت عادة وكانت أحيانا أقوى من العبادة‪ ،‬ذلك‬
‫أن العادة هي ناظمة احلس كفجي سبب االستمرار يف أكفعال اإلنسان‪ ،‬وهي ناظمة حياة الفرد وهي دعامة احلياة‬
‫االجتماعية أيضا‪ ،‬واألمر الشاق يف حياة األمة هو أن تبتدع لنفسجا عادات اجتماعية وأال تصمد إزاء هذه‬
‫العادات‪ ، 4‬حيث أنه على الرغم من إيضاح علماء الدين واألئمة يف املساجد والدعاة على حماربة وركفض‬
‫البدع‪ 5‬واملنكرات إال أن هناك من يشك يف أحاديثجم بسبب تراكم العادات لديجم من جيل إىل جيل وصعوبة‬
‫حماربتجا خاصة عند اجل َجال‪.‬‬
‫ومبا أن اإلسالم هو اال ستسالم هلل وأداء ما تقتضيه طاعته من عبادات‪ ،‬كفإنه يرتبط بأعمال ظاهرة مكشوكفة قد‬
‫تعرتيجا بعض املمارسات اليت سرعان ما تتحول إىل طقوس رمبا تتجاوز العبادات‪ ،‬لتنعكس على كثري من العادات‬
‫االجتماعية يف اجملتمع‪ ،‬اليت تتحول إىل تقاليد ال تلبث مع مرور الزمن أن تكتسي شيئا من القداسة‪ ،‬حىت حني‬
‫حتيد عن اجلادة وتبتعد قليال أو كثريا عن متطلبات الدين الصحيح وتعد من البدع املستنكرة‪ ،‬وهو األمر احلاصل‬
‫يف بعض كفئات جمتمع املغرب األوسط واليت جتاوزت يف ممارساهتا بعض النواهي الشرعية‪.‬‬
‫إن مواقف الفقجاء من بعض العادات يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬كانت هتدف إىل بناء نظام حيايت يتطلب‬
‫االلتزام واالنقياد واخلضوع إىل قواعد وأسس دينية‪ ،‬تؤدي بدورها إىل وظائف اجتماعية ونفسية وضبط السلوك‬
‫واألخالق والقيم يف اجملتمع‪ ،‬خاصة يف ظل رصد العديد من املمارسات اليت شاعت لدى خمتلف الفئات والشرائح‬
‫االجتماعية‪ ،‬واليت تكشف عن اجتياح العقلية اخلراكفية جلميعجا واكفتقارها ألي وازع نقدي‪ ،‬مما أثار ارتياب العلماء‬

‫‪ - 1‬الشاطيب‪ :‬مصدر سابق‪29/2 ،‬؛ صاحل‪ ،‬بن كفوزان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 21‬و ص‪.29‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪29‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 4‬غوستاف‪ ،‬لوبون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ - 5‬ممن تصدى حملاربة البدع يف املغرب األوسط جند الفقيه حممد املعروف بالقلعي‪ ،‬قال عنه ابن مرمي السيف املسلول على أهل البدع واألهواء الزائغة‪.‬‬
‫مصدر سابق‪ ، 107 ،‬كما كانت حملمد بن مرزوق احلفيد يد يف حماربة أهل البدع وكذلك الفقيه حممد العقباين‪ .‬ابن مرزوق‪ ،‬املسند‪ ،‬ص‪.102‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫والفقجاء وقرب وججات نظرهم حول ما اعتربوه انزياح عن الدين وخروج عن الشرع والسنة‪ ،‬ويف اجململ كفإن بعض‬
‫العادات املقدسة‪ ،‬مل تنل رضا الفقجاء لكنجا حاضرة وبقوة يف املخيال االجتماعي لبعض ساكنة املغرب األوسط‪.‬‬
‫إن ورود ذكر البدع واخلراكفات يف املصادر التارخيية وخاصة اجلغراكفية منجا‪ ،‬لكوهنا أكثر احتكاكا بعامة الناس‪،‬‬
‫والتساؤل عنجم وعن خوارقجم وعاداهتم‪ ،‬وهذا شأن اجلغراكفيني عموما‪ ،‬هلو دليل واضح على أن البدع واخلراكفات‬
‫كانت منتشرة بينجم‪ ،‬وألن هؤالء السكان صدقوها أوال‪ ،‬ومن نقل عنجم من اجلغراكفني ثانيا‪ ،‬وإال ملا ذكرت يف‬
‫تلك املصادر‪ ،1‬وما استدلوا هبا على أحوال الناس يف املناطق اليت أقاموا أو مروا هبا‪ ،‬والوقوف على أهم البدع‬
‫واخلراكفات انتشارا باملغرب األوسط‪.‬‬
‫يف املقابل القت الكثري من البدع استحسانا لدى خمتلف كفئات اجملتمع‪ ،‬واتفق على جواز كفعلجا واالستحباب‬
‫هلا ورجاء الثواب ملن حسنت نيته كفيجا‪ ،‬وهي كل مبتدع مواكفق لقواعد الشريعة غري خمالف لشيء منجا‪ ،‬وال يلزم‬
‫من كفعله حمذور شرعي‪ ،‬وذلك حنو بناء املنابر والربط واملدارس وخانات السبيل وغري ذلك من أنواع الرب اليت مل‬
‫تعجد يف الصدر األول‪ ،2‬وأورد ابن مرزوق يف حديثه عن حماربة البدع والتحري يف االبتعاد عنجا أن السلطان أبو‬
‫احلسن املريين (‪729-722‬هـ‪2221-2222/‬م) حارب البدع يف قوله‪ «:‬ومن شدة نفرته من البدع وحذره من‬
‫الوقوع يف املنجي عنه‪...‬أنه ملا بين املسجد اجلامع بالعباد العلوي حذاء ضريح أيب مدين(ت‪192‬هـ‪ )2291/‬وتأنق‬
‫يف بنائه وبالغ يف تشييده واإلحسان كفيه‪...‬قام الدهان برقم أشكال اجلبس على داخل اجلدارات بورقة الذهب‬
‫والفضة كفاستحسنت ذلك‪ ،‬وأردت أن يعمل على مثال املسجد الكائن مبنشر اجللد‪ -‬يقصد مسجد ابن البنا‪-‬‬
‫واجلامع الذي برحبة القصر وكالمها بتلمسان‪ ،‬كفشرع يف ذلك وعمل منه الصدر الذي على احملراب‪ ،‬وبعدها ابتدأ‬
‫أبو احلسن املريين(‪729-722‬هـ‪2221-2222/‬م) زيارة الضريح والصالة يف اجلامع ودخل معه الشيخان ابنا‬
‫اإلمام‪ ،3‬كفلما نظرا إىل الرقم والزواق استحسنه كفقال الفقيه أبو يزيد منجما‪ :‬هذا بدعة‪ ،‬كفقال له‪ :‬أوبدعة هذا‪،‬‬

‫‪ - 1‬خبتة خليلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪110- 179‬؛ ومن الكتب اليت ألفت للرد على البدع واحلوادث أذكر‪:‬‬
‫‪ -‬حممد‪ ،‬بن الوليد ابن الوليد أيب بكر الطرطوشي‪ :‬كتاب احلوادث والبدع‪ ،‬تح‪ :‬عبد اجمليد تركي‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪2990 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الشاكفعي أيب شامة‪ :‬الباعث على إنكار البدع واحلوادث‪.‬‬
‫‪ - 2‬الشاكفعي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 3‬مها عبد الرمحان بن حممد أبو يزيد (ت‪722‬هـ‪ ) 2222/‬وأخيه أبو موسى عيسى ابنا اإلمام الشريف التلمساين‪ ،‬من أجل علماء املالكية باملغرب‬
‫األوسط‪ ،‬قتل زيري والدمها كففرا إىل تونس واستقرا هبا مث رجعا إىل املغرب األوسط مع عمال بين مرين على أيب زيان كفقرهبما وابتىن هلما أبو محو موسى‬
‫األول ( ‪721-707‬هـ‪2227-2207/‬م) مدرسة وبنا هلما دارين جبانب املدرسة واشتغال بالتدريس كفيجا‪ ،‬كما اختصجما بالفتيا والشورة‪ ،‬وكانت هلما‬
‫بدولته مكانة عالية‪. ،‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬العرب‪222/7،‬؛ حيي‪ ،‬بن خلدون‪ :‬مصدر سابق‪ 220 /2 ،‬وما بعدها؛ التنسي‪ :‬مصدر سابق‪،‬‬
‫ص‪.229‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬وال جتدون يف الشرع مسوغا‪ ،‬كفقاال معا‪ :‬ال‪ ،‬كفدعا أبو احلسن (‪729-722‬هـ‪-2222/‬‬
‫‪2221‬م) برمح وخط خطا وقال‪ :‬ما دون هذا اخلط ويكف عن رقم الباقي من اجلامع كفمالنا بالبدع حاجة‪.»1‬‬
‫وملا كان سلوك الفرد هو سلوك اجلماعة مجما كان هذا السلوك ظاهرا أو مضمرا صادرا عن إرادة حرة أو كان‬
‫نتاجا ألمر خارجي‪ ،‬كفغالبا ما تؤيد اجلماعة العادات اليت تتوارث من تقاليد اجملتمع وتراثه‪ ،‬إال أنه يف بعض‬
‫األحيان قد تبدو هناك عادات ال تتفق وأهداف اجملتمع‪ ،‬واليت أمساها الباحث مجيل محداوي ب "املتغري داخل‬
‫الثابت الديين أو الطقوس البدعية" ‪ ،2‬ومع هذا كفقد عرف عن سكان املغرب قبل إسالمجم بأهنم متمسكون‬
‫بعاداهتم وتقاليدهم‪ ،‬وأن حياهتم االجتماعية مبنية على أساسيات‪ ،‬كفال ميكن ألي بربري االستغناء عنجا كفجي‬
‫متجذرة يف عقوهلم منذ القدم‪ ،‬كفظجرت عندهم معتقدات خيلت لنا أهنا من نسج اخليال واخلراكفات كففي جمملجا‬
‫هي بدع ابتدعجا هؤالء ملا كانوا يعايشونه‪ ،3‬وهو ما يفسر صعوبة ختليجم عن معتقداهتم‪.‬‬
‫وحيضرين هنا رأي الباحث املربوك الشيباين حول البدع‪ ،‬كفرغم أين ال أواكفقه الرأي يف استعماله كلمة ( تغزو‪-‬‬
‫الغازية) ملا حتمله هذه اللفظة من معان يراد هبا اإلكراه بالقوة‪ ،‬إال أنه أكد على أن جميء اإلسالم لشمال إكفريقيا‬
‫صحح وأزال معظم املعتقدات والبدع اليت كانت سائدة قبل إسالم سكان املغرب كفقد أورد قائال‪ «:‬عندما تغزو‬
‫منظومة ما منظومة أخرى تعجز عن إذابتجا وحموها‪ ،‬كفتستعمل يف ذلك أسلحة خمتلفة من مصادر شىت كفإذا كانت‬
‫هذه املنظومة الغازية دينية‪ ،‬كفإهنا تستعمل مقوالت تشجريية‪ ،‬هي مفاهيم تعاجل هبا هذا األخري وحتاصره عاملة على‬
‫نفيه وإقصائه باسم البدعة تارة وباسم الكفر تارة أخرى‪ ،‬وقد جاء اإلسالم كفعدل من مسارات بعض املمارسات‬
‫الدينية والعقدية والسلوكية دون أن ينكر وجودها اجلذري‪.»4‬‬
‫مل يستطع إنسان املغرب األوسط التحكم بالقوى العليا يف مقابل حتكمه جزئيا يف حميطه املباشر وترويضه‪،‬‬
‫وكانت قوة الطبيعة تتجلى أمامه يف الزالزل واألمطار واجلفاف واألوبئة واألمراض واحلياة واملوت والقحط‬
‫والفيضانات‪ ،‬إذ أكفرزت أشكال أخرى لتجليات الطبيعية والالطبيعية‪ ،‬رضخ هلا ووجد نفسه جمربا للتقرب منجا‪،‬‬
‫كفشكلت لديه أمناط سلوكية خمتلفة وغريبة وعدوانية أحيانا‪ ،‬كالسلب والنجب والغصب واالحتكار‪ ،‬وهي سلوكيات‬
‫حسب عبد اهلادي البياض ترجع اإلنسان إىل شاكلته األوىل‪ ،‬إىل الطور الوحشي البدائي الذي من خالله يصبح‬

‫‪ -1‬املسند‪ ،‬ص ‪ ، 111-117‬وحول املناظرة اليت دارت بني أيب مرزوق وابين اإلمام حول جواز الرقم والزواق واستعمال ورق الذهب والفضة‪ .‬وذكر‬
‫الربزيل كراهة التزويق والكتابة على املساجد ججة القبلة‪ .‬مصدر سابق‪.210/2 ،‬‬
‫‪ -2‬مجيل‪ ،‬محداوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪20‬؛ موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22-20‬‬
‫‪ -4‬مجاليات اجلسد وطقوسه االحتفالية يف األعياد يف مشال إكفريقيا‪ ،‬جملة دراسات أندلسية مركز حتقيق تراث العامل اإلسالمي‪ ،‬تونس العدد ‪،01‬‬
‫‪2992‬م‪ ،‬ص ص‪ ،92-72‬ص‪ 12‬؛ الصديق‪ ،‬ثياقة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫إنسانا غري عاقل كما تصفه الفلسفة‪ ،‬ويتحول إىل مفرتس آكل للنباتات واحلشائش ومستجلكا ممارسا بامتياز لعامل‬
‫السحر والشعوذة‪ ،1‬وال أدل على ذلك مما عركفناه بعد حصار تلمسان ( ‪700-091‬هـ‪2207-2199 /‬م)‬
‫كفقد ناهلم من اجلجد ما مل ينل أمة من األمم‪ ،2‬أين تغريت ذهنية الطعام عندهم كفكانوا يأكلون كل ما يدب على‬
‫األرض‪ ،3‬واعتمدوا على بناء املطامري واألهراء لتخزين احلبوب والطعام وامللح والسمن واللحم وغريها من املواد‬
‫الغذائية اليت ميكن جتفيفجا وكذلك الفحم واحلطب‪ ،‬وتبنت السلطة السياسية كفكرة إنشاء مثل هذه املخازن‬
‫لتخزين األطعمة هبدف مواججة اجملاعات أو احلصارات املتكررة‪ ،‬وكانت هذه املخازن مرتكزة يف حومة املطمر‬
‫بتلمسان‪.4‬‬
‫بالعودة إىل السلوكات والذهنيات اليت واجه هبا إنسان املغرب الكوارث الطبيعية كفإهنا تدعوا إىل النبش يف‬
‫ظواهر ملغزة تصنف ضمن الئحة البدع واحملرمات‪ ،‬جتلت يف ذهنيات خراكفية وشعوذة وسلوكيات سحرية تنجيمية‪،‬‬
‫أحياها اإلنسان وارتبط هبا ارتباطا شديدا إبان املنعطفات املناخية احلرجة يف حياته‪ ،‬ليعلق عليجا عجزه وآماله‬
‫وآالمه‪ ،5‬وهو ما كان سببا يف عموم االبتالء به من تزيني الشيطان للعامة ختليق احليطان والعمد وسرج مواضع‬
‫خمصوصة‪ ،‬كففي كل بلد حيكي هلم َحاك أنه رأى يف منامه هبا أحدا ممن اشتجر بالصالح والوالية‪ ،‬كفيفعلون ذلك‬
‫وحياكفظون عليه مث يتجاوزون هذا إىل أن يعظم وقع تلك األماكن يف قلوهبم كفيعظموهنا‪ ،‬ويرجون الشفاء ملرضاهم‬
‫وقضاء حوائججم بتقدمي الذبائح والنذور هلم‪ ،‬وهي من عيون وشجر وحائط وحجر وبناء وطواف بالقبور‪ ،6‬كل‬
‫هذا يف سبيل اسرتضاء القوى الغيبية ونيل املقابل املادي لزوار هذه املواضع‪.‬‬
‫إن خمتلف املوا ضع واألشياء املادية اليت مت اعتمادها تتحلى بنوع من القداسة حول معتقديجا‪ ،‬خاصة ما تعلق‬
‫بالنبات كاألشجار‪ ،‬وميكن القول أن كل األشجار املعتربة مقدسة‪ ،‬كفإن قيمتجا الدينية هي اليت جعلت منجا نباتا‬
‫معنيا به‪ ،7‬أو ارتباطجا حبدث سياسي معني وإن كانت سابقة لفرتة الدراسة زمنيا إال أن االعتقاد ظل متواصال‬

‫‪ -1‬عبد العزيز‪ ،‬كفراح‪ :‬تلمسان املدينة احملراب‪ ،‬تر‪ :‬إنعام بيوض وآخرون‪ ،‬اجلزائر‪ :‬منشورات أبيك‪1022،‬م‪ ،.‬ص ‪221‬؛ عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ :‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.22-20‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرمحان‪ ،‬بن خلدون‪ :‬العرب‪.211/7 ،‬‬
‫‪ - 3‬متادى هبا احلصار مثاين سنني وثالث أشجر‪ ،‬حىت أكلوا اجليف واحلشرات ومجيع احليوانات من الفئران والعقارب واحلياة والضفادع وغري ذلك حىت‬
‫أكل بعضجم بعضا‪ .‬ابن خلدون‪ :‬العرب‪.211 /7،‬‬
‫‪ - 4‬التنسي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪221‬؛ العمري‪ :‬مصدر سابق‪102/2 ،‬؛ عبد العزيز كفياليل‪ :‬تلمسان‪.211/2 ،‬‬
‫‪ - 5‬عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 6‬شجاب الدين‪ ،‬الشاكفعي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪12‬؛ صاحل‪ ،‬بن كفوزان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ - 7‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.222‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫ذهنيا‪ ،‬من ذلك بيعة املجدي بن تومرت (ت‪112‬هـ‪2220/‬م) اليت متت حتت شجرة اخلروب‪ ،1‬ومع هذا كفإننا جند‬
‫شجرة باملغرب األوسط طرحت إشكاال حول التعامل معجا أال وهي شجرة النارنج بني مقدس هلا‪ ،‬ومتطري متشائم‬
‫منجا وهذا ما سنناقشه يف عنصر الطرية والتطري‪.‬‬
‫كان للشجرة مكانة مقدسة يف ذهنية بعض كفئات اجملتمع ذلك أهنا ترمز للحياة يف مجيع اجملتمعات البشرية‪،‬‬
‫كفشجرة احلياة بصفتجا موضوعا طبيعيا ال ميكن هلا أن توحي بكلية احلياة الكونية على مستوى التجربة الدنيوية‪،‬‬
‫وانتخبت صورة الشجرة‪ ،‬ألهنا تعرب عن الشباب واخللود واحلكمة‪ ،2‬كما وردت أساطري حول البحث عن اخللود‬
‫أو الشباب الدائم‪ ،‬تربز يف املقدمة شجرة ذات مثار من ذهب أو أوراق عجيبة‪.»3‬‬
‫ساد االعتقاد يف األشجار سواء لقدراهتا اخلارقة أو التطري منجا‪ ،‬لذلك أكفىت الفقجاء بوجوب قطع الشجرة اليت‬
‫يعتقد كفيجا العوام‪ ،‬ويف هذا الصدد ذكر ابن اجلوزية على لسان اإلمام أبو بكر الطرطوشي قوله‪ « :‬أينما وجدمت‬
‫سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمون من شأهنا‪ ،‬ويرجون الربء والشفاء من قبلجا‪ ،‬وينوطون هبا املسامري واخلرق‬
‫كفاقطعوها‪ ،‬كفجي ذات أنواط‪. »4‬‬

‫‪ - 1‬أبو بكر‪ ،‬الصنجاجي البيدق‪ :‬أخبار املجدي بن تومرت وبداية دولة املوحدين‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الوهاب بن منصور‪ ،‬الرباط‪ :‬دار املنصور للطباعة‬
‫والوراقة‪2972 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.222-220‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪222-220‬؛ يف املقابل حتدث جورج كفرايزر عن االعتقاد يف الشجرة املقدسة بالغابة املقدسة‪ ،‬ورحلة البحث عن القداسة من خالل‬
‫إجياد الشجرة املقدسة واليت ساد االعتقاد هبا يف مجيع اجملتمعات البشرية‪ ،‬لكنه استبعد من احتالهلا ألمهية مميزة يف التطور الديين‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-21‬‬
‫‪.22‬‬
‫‪ - 4‬حممد‪ ،‬بن أيب بكر أيوب ا لزرعي أبو عبد اهلل ابن القيم‪ :‬إغاثة اللجفان من مصائد الشيطان‪ ،‬تح‪ :‬حممد حامد الفقي‪ ،‬ط‪ ،01‬بريوت‪ :‬دار‬
‫املعركفة‪2971،‬م‪ 2 ،‬أجزاء‪122/2 ،‬؛ شجاب الدين‪ ،‬الشاكفعي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫ثانيا‪ :‬نماذج من البدع‪.‬‬
‫‪ /3‬بدعة تعليق التمائم‪:1‬‬
‫امتاز بعض سكان البادية يف املغرب األوسط باعتقادهم يف الغيبيات‪ ،‬وهو ما سجل من إتباعجم وانقيادهم‬
‫لبعض الزعماء والقادة الذين عركفوا كيفية استغالل هذا الضعف‪ ،2‬واملالحظ أن هذه املعتقدات الغيبية كثريا ما‬
‫كانت هلا خلفية سوسيواقتصادية ونسيج ثقايف ومناخ سياسي‪ ،‬إذ كانت اخلوارق وعمليات السحر وانتحال النبوة‬
‫والكجانة وغريها من املظاهر االجتماعية اليت تعرب عن مواقف لتجاوز املشاكل واألزمات اليت كانت تسود ذلك‬
‫العصر‪.3‬‬
‫وقد حاولت كل واحدة من هذه الظواهر أن جتعل اإلنسان سيدا على الطبيعة‪ ،‬يذلل الصعوبات ويقتحم‬
‫املستحيل عن طريق ختطي املألوف والشائع‪ ،‬ولألسف كفإن احلوليات التارخيية اتسمت بالصمت جتاه هذه القضايا‪،‬‬
‫إال أن بعض املصادر التارخيية رممت جزءاً من الثغرات حيث متكن للباحث أن يستجلي هذا اجلانب املطموس‪،4‬‬
‫خاصة وأن االعتقاد السائد لدى بعض الناس يف جلوئجم إىل جمموعة من املمارسات واليت عدت وقائية يف وجه‬
‫األخطار كفوق الطبيعية اليت كانت تلم هبم‪ ،‬خاصة زمن اجلوائح والفنت أو حىت يف ظروف خاصة تتعلق بالزواج‬
‫واخلتان والوالدة وغريها من األحداث‪ ،‬اليت ميكن أن يكون كفيجا اإلنسان ضعيفا وغري حممي يف رأيجم‪ ،‬هلذا مت‬
‫اللجوء إىل وسائل للحد من هذه األخطار واليت أمساها الباحث عبد الغين منديب ب"بالوقائيات" اليت كانت‬
‫سائدة بكثرة‪ ،‬واختذت هذه "الوقائيات" عدة أشكال تراوحت بني التزيني ببعض أنواع احللي ذات األشكال‬
‫اخلاصة‪ ،‬أو إحراق األخبرة وطالء اجلسد باحلناء‪ ،‬أو وشم أعلى اجلبني أو أسفل الذقن أو الذراعني والساقني‪،‬‬

‫‪ - 1‬التميمة هي عوذة تعلق على اإلنسان ويقال هي اخلرزة‪ ،‬وكان العرب تعلقجا على أوالدها ليتقوا هبا العني كفأبطلجا اإلسالم‪ ،‬وأما املعاذات إذا كتب‬
‫كفيجا القرآن وأمساء اهلل تعاىل‪ .‬ابن مفلح املقدسي‪ :‬مصدر سابق‪.00-01/2 ،‬‬
‫‪ - 2‬ولعل من بني القرائن اليت تعطي الدليل على ظا هرة االنقياد لزعماء عركفجم املغرب األوسط اعتمدوا يف إقامة دولتجم على األمور الغيبية مثل الكجانة‬
‫والسحر وضرب الرمل واالدعاء حبلول روح اهلل‪ ،‬جند ثورة الكاهنة أو ديجيا وهي قائدة بربرية حكمت مشال إكفريقيا ‪ 21‬سنة من (‪ 010‬إىل ‪721‬‬
‫ميالدي)‪ ،‬هزمت الرومان ووحدت القبائل األمازيغية حوهلا‪ ،‬كما هزمت جيش حسان بن النعمان سنة ‪092‬م‪ ،‬لكن سرعان ما اهنزمت يف منطقة طربقة‬
‫بالقرب من جبال األوراس‪ .‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬العرب‪22-21/7،‬؛ وكذلك دعوة أيب عبد اهلل الشيعي والذي لقب باملعلم‪ ،‬وهو ممجد الدولة‬
‫الفاطمية والداعي لعبيد اهلل املجد ي وناشر دعوته يف املغرب‪ .‬للمزيد ينظر‪ :‬علي‪ ،‬حسين اخلربوطلي‪ :‬أبو عبد اهلل الشيعي مؤسس الدولة الفاطمية‪ ،‬مصر‪:‬‬
‫املطبعة الفنية احلديثة‪.2971 ،‬دون أن ننسى دعوة حممد بن تومرت والذي مرر خمططاته لتصفية الدولة املرابطية عرب جمموعة من احليل واملناورات‬
‫والتمويجات واألوه ام‪ .‬إبراهيم‪ ،‬القادري بوتشيش‪ :‬الفكر السحري والعراكفة باملغرب واألندلس خالل عصر املرابطني‪ ،‬ضمن ملتقى الدراسات املغربية‬
‫األندلسية‪ ،‬تيارات الفكر يف املغرب واألندلس‪ ،‬رواكفد ومعطيات‪ ،‬منشورات كلية ندوات ‪ ،1‬جامعة امللك السعدي‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪،‬‬
‫تيطوان ‪ ،2992‬أكفريل ‪ ،17-10‬ص ‪.220‬‬
‫‪ - 3‬إبراهيم‪ ،‬القادري بوتشيش‪ :‬املغرب واألندلس‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.222‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫ومحل التمائم والتعاويذ وغريها مما صنف ضمن دارة السحر األبيض‪ ،1‬وهي يف معظمجا متائم يتم ربطجا يف عنق‬
‫من صنعت من أجله بغية محايته‪.‬‬
‫ارتبطت بدعة تعليق التمائم بفرتة املرض إذ يعتقد الكثري بأن احلاالت املرضية مردها املس أو العني‪ ،‬مما أملى‬
‫عليجم ردود أكفعال متيزت باالضطرابات واالرتباك النفسي والذهين‪ ،‬كفسعوا للخالص من املرض وتبعاته بأي وسيلة‪،‬‬
‫لذا كان لزاما عليجم البحث عن حلول ملشاكلجم وإن تناكفت مع معتقداهتم‪ ،‬كفكان طبيعيا أن ينساقوا ويستسلموا‬
‫أمام كفئة املشعوذين والدجالني مبا أظجروه من تأثري للطالسم السحرية أمامجم‪ ،‬وإقناعجم بتحقيق أماهلم دومنا تفكري‬
‫أو معارضة‪ ،‬ومثال ذلك ما أورده الوزان (ت‪919‬هـ‪2112/‬م) حول احلال اليت صار عليجا الناس من سيطرة‬
‫املشعوذين عليجم يف قوله‪ «:‬ويبيعون للجمجور اجلاهل أوراقا صغرية كتب عليجا كلمات ووصفات ضد خمتلف‬
‫األوجاع كما يزعمون‪ ،»2‬ويعزى هذا كما سبق الذكر لسذاجتجم وججلجم وأضاف قائال‪« :‬كفكانت سذاجتجم‬
‫جتعلجم يصدقون كل شيء مجما كان مستحيال‪ ،‬ألن العامة جتجل نواميس الطبيعة ججال تاما‪.»3‬‬
‫كما استنكرت ظاهرة زيارة النساء لبعض الرجال الذين ادعوا عليجم بالتواصل مع اجلن‪ ،‬ملعاونتجن على التخلص‬
‫مما يؤملجن‪ ،‬يف مثل األمور املرضية اليت تتعلق بالصرع‪ ،‬أو بإعراض الزوج عنجا‪ ،‬كفيكتب هلا ما يسمى كتاب عطف‬
‫للمرأة إذا أعرض عنجا زوججا‪ ،‬وهي نوع من التمائم تكتب يف أوراق صغرية‪ ،‬جلأت إليه املرأة لعقد زوججا وهو ما‬
‫أنكره الفقجاء عليجا‪ ،‬ومل يكن هذا األمر حكرا على النساء كفقد زار الرجال السحرة لنفس األغراض حلل من عقد‬
‫على امرأته‪ ،4‬وقيل أن كتاب العطف يطلق عليه كذلك التَـوَكة وهو ضرب من السحر حيبب املرأة إىل زوججا‪.5‬‬
‫ومن األدلة أن أهل زناتة كانت هلا معركفة بالغة وحذق وكياسة ويد جيدة يف علم الكف‪ ،‬وال توجد أمم أعلم‬
‫منجا يف هذا الشأن‪ ،6‬كما كان أهل مرسى اخلرز‪ 7‬ميتازون بصفرة ألواهنم وال يكاد خيلو عنق أحد منجم من متيمة‪،8‬‬
‫وكثرية هي القرائن الدالة على تعلق بعض سكان املغرب األوسط بقدرة التمائم على منح احلماية ودكفع الضرر‬
‫واإلشفاء من األمراض وهو ما سأكفصل كفيع الحقا يف عنصر وظيفة الزاوية‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.272‬‬


‫‪ - 2‬الوزان‪ :‬مصدر سابق‪.179/1 ،‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.170/1 ،‬‬
‫‪ -4‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪212-210/2 ،‬و ‪120/0‬؛ الونشريسي‪ :‬املعيار‪272/22 ،‬؛‬
‫‪ - 5‬ابن مفلح املقدسي‪ :‬مصدر سابق‪.01/2 ،‬‬
‫‪ - 6‬اإلدريسي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.219/2‬‬
‫‪ -7‬مرسى اخلرز وهو مدينة القالة حاليا‪ ،‬مدينة شرق بونة‪ ،‬قليلة الزرع شرب أهلجا من اآلبار‪ ،‬جيلب إليجا قوهتا من بوادي املغرب اجملاورة‪ ،‬وهي مدينة‬
‫كثرية احليات‪ .‬ابن عبد املنعم‪ ،‬احلمريي‪ :‬الروض املعطار يف خرب األقطار‪ ،‬تح‪ :‬إحسان‪ ،‬عباس‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬مطابع هيدلربغ ‪،2912 ،‬ص‪.121‬‬
‫‪ - 8‬نفسه‪ ،‬ص ‪121‬؛ البكري‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪11‬؛ خبتة خليلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 179‬‬

‫‪76‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫يف املقابل وجدت بعض التمائم واليت أجازها بعض الفقجاء واليت مسيت "كتاب احلمى" و "عالج‬
‫املصروعني"‪ ،‬ودليل ذلك نازلة جاء كفيجا أن بعضجم سأل عن رجل من أهل اخلري والصالح يكتب للحمى ويرقي‬
‫ويعمل النشر‪ 1‬وال يأخذ على ذلك شيئا ويعاجل أيضا صاحب الصرع واجلنون بأمساء اهلل والعزائم واخلوامت وينتفع‬
‫بذلك كله من عمله أترى له ذلك جاز أم ال؟ كفكان اجلواب أن ما كتب للحمى والرقى وعمل النشر بالقرآن‬
‫وباملعروف كفال بأس‪ ،‬أما معاجلة املصروعني باجلنون بالعزائم واخلوامت كفعل الغرامني املبطلني كفإنه املنكر والباطل‪،2‬‬
‫وذكرت املصادر أن أمحد بن إدريس األيلويل البجائي الزواوي (‪700‬هـ‪2219/‬م) وهو كفقيه مالكي‪ ،‬أشجر من‬
‫عمل الرقى كفكان يرقي الناس بالفاحتة‪ ،‬وقال الرقى باملعوذات وغريها من أمساء اهلل هو للطالب الروحاين إذا كان‬
‫على لسان األبرار حصل الشفاء‪.3‬‬
‫العالج بالرقى جائز شرعا لقول رسول اهلل ﷺ‪ ( :‬أَع ِرضوا َعلَ َي رقاكم كفَـلَ َما َعَرضوا قَال‪ :‬الَ أ ََرى بَأساً ِمن‬
‫َخاه كفَـليف َعل)‪ ،4‬هلذا كان العالج بالرقى منتشرا ومقدسا باملغرب األوسط‪ ،‬إال أن ظاهرة‬ ‫ِاستطَ ِ‬
‫اع منكم أَن يـَنـ َف َع أ َ‬
‫َ‬
‫التخلص من بعض الرقى وإلقاءها يف الطريق‪ ،‬رمبا ألن من كتبت له مت له الشفاء أو لعدم كفعاليتجا مع حالته‪ ،‬وقد‬
‫أثارت تساؤالت ركفعت للفقجاء للفصل يف كيفية التعامل مع هذه الرقى‪ ،‬ومن بني األسئلة الواردة أذكر ماذا يفعل‬
‫الرجل جيد امساً معظما ملقى يف الطريق؟‪ ،‬هل يفرق حروكفه ويلقيه‪ ،‬أو يغسله أو جيعله يف حائط‪5‬؟‪.‬‬
‫‪ /0‬بدعة التحية‪:‬‬
‫ظجرت بدعة االحنناء والسجود بني يدي السالطني يف العصر الوسيط خاصة بني يدي السلطان أبو احلسن‬
‫املريين (‪729-722‬هـ‪2221-2222/‬م) ‪ ،‬وجرت عادة الواكفدين على امللوك باملغرب والداخلني عليجم من‬
‫أوساط وصنف اخلدام أن يقبلوا األرض أو ينحنوا كجيئة الساجد‪ ،‬كفركفع ذلك كله‪ ،‬واقتصر يف ذلك على تقبيل اليد‬

‫‪ -1‬النشر هي حل السحر عن املسحور وال يكاد يقدر عليه غال من يعرف السر‪ ،‬والنشرة مشجورة عند أهل التعزمي ومسي بذلك ألهنا تنشر عن‬
‫صاحبجا أي جتلي عنه وأجازها الطربي وغريه‪ ،‬وقيل أهنا من عمل الشيطان‪ .‬ابن مفلح املقدسي‪ :‬مصدر سابق‪.02-02/2 ،‬‬
‫‪ -2‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪ 19/22 ،‬و ‪. 272/22‬من بني أنواع الرقى اليت كتبت حسب نوع املرض جند رقية لوجع الضرس وكانت تبدأ ب اخلاتري الكاتري‬
‫اخلاتري مث تركفق بآيات من القرآن‪ ،‬ورقية لعالج عرق النساء تبدأ ب مث لزوا دون آنون‪ ،‬ورقية لعالج الدماميا تبدأ ب عنشش عنرتش دهنش عند قرقش‬
‫كفرقش‪ ،‬وأخرى لعالج بكاء األطفال جاء يف بدايتجا أمساء أهل الكجف وهم‪ :‬أمليحا ومكسيا قرطوس برليس وبطايش ىرنوس كيدس طوطوس الكلب‬
‫وبلدهم اقوس أقوس‪ .‬وغريها من النماذج الكثرية وغري مفجومة وردت عند الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪212-210-279-271 – 277/0 ،‬‬
‫‪ -3‬أمحد بابا‪ ،‬التنبكيت (ت‪2020‬هـ‪ 2010/‬م)‪ :‬نيل االبتجاج بتطريز الديباج‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد احلميد عبد اهلل اهلرامة‪ ،‬ط‪ ،01‬طرابلس‪ -‬ليبيا‪ :‬دار‬
‫الكتاب‪1000 ،‬م‪ ،‬ص‪ 99‬؛ هناك من الفقجاء من عارض مثل هذه الطرق يف االستشفاء واحتجوا بقول رسول اهلل ﷺ‪ِ « :‬‬
‫الش َفاء يف ثَالثَة‪َ ،‬شربَةَ َع َسل‬
‫وشرطَة حمَ ِجم‪ ،‬وَكيةً بِنَار‪ ،‬وأَهنِي أ َميت َعن ال َكي» ‪ .‬أبو عبد اهلل حممد بن إمساعيل بن إبراهيم بن بردزبة اجلعفي البخاري‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬ط‪،02‬‬ ‫َ‬
‫تعليق‪ :‬حممد بن صاحل العثيمني‪ ،‬باب الواد‪ -‬اجلزائر‪ :‬دار اإلمام مالك للكتاب‪1020 ،‬م‪.211/7 ،‬‬
‫‪ -4‬اإلمام مسلم‪ :‬مصدر سابق‪212/1 ،‬؛ الونشريسي‪ :‬املعيار‪ . 272-10/22 ،‬ورغم استحباب الرقية إال أنه ورد حديث يف صحيح البخاري نصه‬
‫وعلَى َرهبم يَتوَكلون»‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الذين الَ يَسرتقون والَ يتَطَريون والَ يَكتَوون َ‬
‫أن النيبﷺ قال‪ «:‬يَدخل اجلَنَة من أميت َسبـعو َن ألفاً بغري ح َساب هم َ‬
‫‪ - 5‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪279/2 ،‬؛ الونشريسي‪ :‬املعيار‪ 10/22 ،‬و ‪.272‬‬

‫‪77‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫والقدم والبساط العلية واملتوسطة والدون‪ ،1‬كما ذكر ابن مرزوق (ت‪712‬هـ‪2279 /‬م) أن الناس كانوا حييون‬
‫السالطني هباتني العبارتني خاصة السلطان أبو احلسن املريين (‪729-722‬هـ‪2221-2222/‬م) أنعم صباحك‪،‬‬
‫أنعم مساءك ‪ ،‬كفجرى يوما حبضرة شيخينا ابين اإلمام ذكر هذه التحية‪ ،‬كفقاال أهنا جاهلية وأن التحية الشرعية‬
‫السالم‪ ،‬كفمحا أثر هذه التحية وعوضجا بالسالم الشرعي لكل الناس‪.2‬‬
‫تورد املصادر التارخيية أن أبا احلسن املريين(‪729-722‬هـ‪2221-2222/‬م) يف كفرتة استيالءه على تلمسان‬
‫عاصمة املغرب األوسط حارب البدع كفقامت السنن يف مدته على ساق وذهبت آثار ومل يبق هلا انتظام وال‬
‫إتساق‪ ،3‬كما أسقط ألقابا كانت منكرة مجلة‪ ،4‬وأسقط عن أحواز تلمسان وما اشتمل عليه املغرب األوسط من‬
‫احلوادث والظالمات‪ ،‬كما أسقط املغارم احملدثة واملظامل املبتدعة بادية وحاضرة ومما كان يشتد عنه االستظجار‬
‫باملناكر على اجلملة واألمورات يتوصل هبا إىل أكل أموال الناس بالباطل‪.5‬‬
‫ميكن القول أن أهم سبب النتشار البدع باملغرب األوسط هو الظروف الصعبة سواءً االقتصادية أو السياسية أو‬
‫االجتماعية وحىت الطبيعية‪ ،‬واليت سامهت يف انتشار البدع واخلراكفات على نطاق واسع أكرب دليل على هذا‬
‫االنتشار الكم اهلائل من النوازل واألسئلة اليت وردت إىل أهل اإلكفتاء حول التعامل مع أهل البدع منجا هل يعطى‬
‫أهل البدع واألهواء الزكاة وهل جيوز الصالة وراء أهل البدع وغريها مما حفظته لنا كتب النوازل والفتاوى على‬
‫املذهب املالكي‪.6‬‬
‫‪ /1‬ظهور الحركات الدينية المتطرفة بالمغرب األوسط‪:‬‬
‫إن احلركات الدينية املتطركفة والبدع احملدثة املنكرة باملغرب األوسط كانت ترتكز على وجه اخلصوص يف املناطق‬
‫اجلبلية واحلصون والقرى البعيدة والنائية عن احلواضر‪ ،‬حيث كان أهل تلك املناطق يغلب عليجم اجلجل وقلة املعركفة‬
‫بقواعد وأسس اإلسالم الصحيح‪ ،‬مما سجل انتشار البدع واخلراكفات واألباطيل بينجم‪ ،‬ذلك ألهنم كانوا يف معظمجم‬
‫من السذج والعوام الذين يستجيبون سريعا ملثل تلك البدع واخلراكفات اليت تستجوي عقوهلم‪ ،7‬وتفيد إحدى‬

‫‪ - 1‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪292/0 ،‬؛ ابن مرزوق‪ :‬املسند‪ ،‬ص‪.117‬‬


‫‪ -2‬نفسه‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫‪- 3‬ابن مرزوق‪ :‬املسند‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ - 6‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.221 -227 /1 ،‬‬
‫‪ -7‬االستبصار‪ ،‬ص ‪.291-290‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫النوازل‪ 1‬بظجور حركة دينية متطركفة يف قلعة هوارة‪ 2‬من أعمال تلمسان سنة (‪129‬هـ‪2220/‬م) تزعمجا يجودي‬
‫ادعى السحر والشعوذة‪ ،‬وكان يستخف باملسلمني وانتجى أمره إىل سب املسلمني بأن ال أصل هلم وال حسب وال‬
‫نسب‪ ،‬وأن اليجود اهلارونيني رؤساء شركفاء‪ ،‬وقد أكفىت أيب الفضل قاسم العقباين آنذاك بأن هذا اليجودي يستحق‬
‫الضرب الوجيع والسجن الطويل يف القيد‪.3‬‬
‫ووردت عدة نوازل كفيمن ادعوا النبوة‪ ،‬كففي نازلة عرضت على الشيخ الفقيه أبو احلسن أجاب كفيجا أن من تنبأ‬
‫يستتاب أسر ذلك أو أعلن ه وهو كاملرتد وقاله سحنون وغريه وزاد كفإن مل يتب قتل ومرياثه للمسلمني كاملرتد‪،4‬‬
‫وهناك نازلة أخرى عن رجل قال ‪ :‬أمرت بالكالم والذي يأمرين أن أقول ما أقول هو شبه احلية تلتوي على بطين‬
‫وتقول يل إن مل تتكلم ألدغك كفذلك واهلل شيطانه أو رأيه من اجلن‪ ،‬ألهنم الذين يتصورون على صورة احلياة‬
‫واألكفاعي‪.5‬‬
‫جاء يف إحدى النوازل اليت وردت للشيخ أبو عبد اهلل حممد القوري سنة ‪171‬هـ‪2207/‬م‪ ،‬أن رجال‬
‫استضاف إىل مذهبه كفئة غاوية دعدع بشوكتجا اجلوانب واألرجاء‪ ،‬كفاكتسح األموال ومتادى يف مذاهب الغي‬
‫والضالل‪ ،‬وصرح أنه قد كشف له احلجاب‪ ،‬حىت يَ ِدينوا بإمامته ويستقيموا على طاعته‪ ،‬ومما جاء به أنه أسقط‬
‫عدة الوكفاة عن أزواج من قتل بسيفه‪ ،6‬ومل تقتصر احلركات الدينية املتطركفة على األكفراد بل هناك مجاعات قاموا‬
‫بتكفري املسلمني وال يأكلون ذبائحجم وال يصلون خلفجم وإن كان وجودهم قليل منجم رجل يقال له داود بن‬

‫ومنزالً مبعىن َّح َل ومنه أسباب نزول القرآن‪ ،‬والنَا ِزلَة‬


‫النّا ِزلَة ‪ :‬النـزول يف اللغة هو احللول يقال نـََزَهلم كفيتعدى بنفسه ونـََزَل هبم وعليجم يـَن ِزل نـزوالً َ‬
‫‪-1‬‬

‫الشديدة من شدائد الدهر تَـن ِزل بالناس‪ ،‬ومن هذا املعىن أخذت النَـ َوا ِزل الفقجية كفيقال‪ :‬نـََزلَت نَا ِزلَة كفَـركفِ َعت إىل كفالن ليفيت كفيجا‪ ،‬والنوا ِزل هي مسائل‬
‫وقضايا دينية ودنيوية حتدث للمسلم ويريد أن يعرف حكم اهلل كفيجا ومسيت بال َفتَ َاوى وامل َسائِل واألسئِلة واألج ِوبة واجلََوابَات مث صنفت كفيجا مؤلفات‬
‫َ‬
‫كفقجية حرر مادهتا العلمية أهل اإلكفتاء من قضاة ومشاورين يف موضوع أحداث حملية ذات صبغة واقعية ركفعت إليجم من خمتلف كفئات اجملتمع للبث كفيجا‬
‫ولبيان حكمجا وكفق مذهب مالك‪ .‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪ 202/0 ،‬؛ وأمحد‪ ،‬الزاوي الطاهر‪ :‬ترتيب القاموس احمليط على طريقة املصباح املنري‬
‫وأساس البالغة‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر‪2970 ،‬م‪ 1 ،‬أجزاء‪ 211/2 ،‬؛ وحممد‪ ،‬حجي‪ :‬نظرات يف النوازل الفقجية‪ ،‬ط‪ ،2‬املغرب‪:‬‬
‫منشورات اجلمعية املغاربية للتأليف والرتمجة والنشر‪ ،2999 ،‬ص‪ 9‬و‪ 20‬؛ وكفاطمة‪ ،‬بلجواري‪" :‬النص النوازيل للغرب اإلسالمي أداة لتجديد البحث يف‬
‫تاريخ احلضارة اإلسالمية"‪ ،‬جملة عصور(وهران ) ع‪/27‬جوان‪ -‬ديسمرب ‪1022‬م ‪ ،‬ص‪ ،97-12‬ص‪.12‬‬
‫‪ - 2‬قلعة هوارة أو تسمى قلعة بين راشد بوالية غليزان احلالية‪ ،‬كانت تقع بالقرب من تيجرت وهي قلعة منيعة يف جبل خصيب كفيه بساتني ومثار‬
‫وأشجار ومزارع وأعناب‪ .‬احلمريي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.270‬‬
‫‪ - 3‬الونشريسي‪ :‬املعيار ‪.171/1 ،‬‬
‫‪ - 4‬املصدر السابق‪.292/1 ،‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪.292/1 ،‬‬
‫‪ - 6‬الونشريسي‪ :‬املعيار ‪.291/1 ،‬‬

‫‪79‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫احلسن اجلزنائي الذي أحدث أموراً مل تكن من قبل‪ ،‬ودعا الكثري إىل مذهبه ومن مل يتبعه كفجو عاص حسب ما‬
‫ادعاه‪.‬‬
‫تعرض الونشريسي(ت‪922‬هـ‪2109/‬م) لبعض احلركات اهلدامة اليت احتدمت على أيدي أهل البدع‬
‫يدعون أهنم من أولياء اهلل الصاحلني ومن أصحاب الكرامات‪ ،‬ومن ذلك أن رجال من سكان‬
‫والضاللة‪ ،‬الذين َ‬
‫جبل ونشريس ( باملغرب األوسط) كان من أهل الصالح كفزعم يف سنة ‪111‬هـ‪2212/‬م أمورا ال يدعيجا عاقل‪،‬‬
‫كفذكر أنه يرى جربيل‪ ،‬ويسمع منه كما يرى ميكائيل يكيل املاء‪ ،‬ويقول للعامة من يشرتي مين شياخته نشيخه‪،‬‬
‫ويتحدث عن محل احلوامل‪ ،‬ويقول ملن يراه مريضا خذ هذه العشبة تداوى هبا‪ ،‬كفإهنا كما أعطانيجا رسول اهلل إىل‬
‫غري ذلك‪.1‬‬
‫هذه النازلة عرضت على أهل الفتوى بتلمسان على رأسجم الشيخ عبد اهلل بن العباس والفقيه أبو عبد اهلل‬
‫ابن سعيد العقباين‪ ،‬كفأوضحوا أن بيعته الشياخة للعوام دليل كفسقه‪ ،‬وأن الكرامة ال تصح وال تظجر إال ممن متسك‬
‫بطاعة اهلل‪ ،‬وما ظجر على يديه من خارق كفجو مكر واستدراج من مسالك الشيطان الواضحة االعوجاج‪ ،‬ألن اهلل‬
‫هو املنفرد بالغيب‪ ، 2‬وردا على من ادعى معركفة الغيب‪ ،‬ومىت يعدم كفالن أو وقت نزول املطر أو حدوث الفنت‬
‫‪3‬‬
‫واألهوال‪ ،‬وما يستأثر به اهلل من األخبار واملغيبات‪ ،‬كفقيل أنه كاكفر جيب قتله من غري إستتابة وقيل بعد اإلستتابة‬
‫‪ /0‬علم الرمل‪:4‬‬
‫كان خط الرمل من أهم طرق التنبؤ بالغيب اليت شاعت باملغرب األوسط‪ ،‬وقيل أن علم الرمل علم شريف‬
‫﴿علَّ َم بِال َقلَّم‪ ﴾5‬يقصد هبا علم‬
‫وجاءت به األسانيد الصحيحة‪ ،‬وقال العلماء وكتب تفسري القرآن الكرمي بأن َ‬
‫الرمل‪ ،6‬وهو علم صحيح وسر من األسرار العظيمة‪ ،‬وتعاطى الناس بضرب خط الرمل والقرعة والفأل‪ ،‬رغم‬
‫احملاذير الشرعية بأن من املشتغل بالكجانة وضرب الرمل وغريه من أكرب الكبائر‪ ،‬حىت أن بعض العلماء أجاز‬

‫‪ - 1‬املصدر السابق‪.211-217/1،‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪.290/1 ،‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.292/1 ،‬‬
‫‪ - 4‬وعلم الرمل أخذ أصله من النقطة كعلم احلرف‪ ،‬كفإذا انفردت قيل مفردة أو مفتوحة‪ ،‬وإذا كانت النقطة زوجا قيل هلا شرطة وهي زوجا مسدودة‪ ،‬مث‬
‫انتقل إىل اليونان كفعمل به أكفالطون وسقراط وكفيثاغورث وأرسطو وامسه علم املنطق‪ ،‬أي استنطاق واستخراج الضمري‪ ،‬مث انتقل إىل اهلند لطمطم اهلندي‪،‬‬
‫واستخدمه العرب ومن املشجورين كان التبع اليماين ويف بالد املغرب‪ ،‬ويف تونس اشتجر الزينايت‪ ،‬وملا كانت العناصر أربعة واألساس هلا النقطة الفردية‬
‫جعلوا لكل عنصر نقطة النار اهلواء املاء الرتاب وقد أنتقل هذا العلم إىل مجاعة من العرب والعجم‪.‬عبد الفتاح‪ ،‬السيد عبده الطوخي‪ :‬منبع أصول الرمل‬
‫املعروف بالدرة البجية يف العلوم الرملية‪ ،‬بريوت‪ :‬املكتبة الشعبية‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪ - 5‬سورة العلق‪ ،‬اآلية رقم ‪.2‬‬
‫‪ -6‬عبد الفتاح‪ ،‬الطوخي‪ :‬الدرة البجية‪ ،‬حيتوي الكتاب على ‪ 10‬درس يف علم الرمل‪ ،‬وبني شروط الرمل ومنجا‪ :‬استقبال القبلة‪ -‬الصالة ركعتني قبل‬
‫الضرب‪ -‬ال خيط وقت هبوب الريح ‪ -‬وال نزول املطر‪ -‬وال يف قارعة الطريق‪ -‬وال عند الزوال ‪ -‬وال عند شروق الشمس أو غروهبا‪.‬ص‪.2‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫تكفري املشتغل به‪ ،1‬وما تعاطيجم له إال ضناً منجم أنه يطرد العوامل املسببة للكوارث واجلوائح‪ ،‬وملعركفة غالء‬
‫األسعار ورخصجا ونزول املطر ووقع القتل‪ ،‬وحلول الفنت وارتفاعجا وغري ذلك من املغيبات‪.2‬‬
‫واخلط على الرمل من أبواب العراكفة‪ ،‬إذ يستطيع العامل به أن خيرب بأشياء حتصل يف املستقبل‪ ،‬كفيكون األمر كما‬
‫‪3‬‬
‫الطرية والطَرق من اجلبت‪ ،‬وكفيه إبطَال‬
‫قال أو شيئا شبيجا ‪ ،‬وهو كذلك الطرق الوارد يف قوله ﷺ‪ ( :‬العيَاكفَة و َ‬
‫َلدالئل النبـ َوات وتَك ِذيب لآلَيات املنَـَزالَت ‪ )4‬لذلك اعتربها من حبائل الشيطان‪.‬‬
‫وكان لعلم الرمل أو الضرب على الرمل وجود وتأثري عميق لدى بعض ساكنة املغرب األوسط‪ ،‬وهناك من‬
‫اختص به دون سواه‪ ،‬وطريقة هذه الصناعة أن الذين يتعاطوهنا من املنجمني جعلوا من " النقط واخلطوط ستة‬
‫عشر شكال‪ ،"5‬وميزوا كال منجا باسم وشكل خيتلف عن غريها‪ ،‬وقسموها إىل سعود وحنوس‪ ،‬وشأهنم يف ذلك‬
‫شأهنم يف الكواكب‪ ،‬ومسائل هذه الصناعة ختمينية يزعمون أهنا مبنية على جتارب‪ ،‬ويربطوهنا بالنجوم‪ ،‬ويقولون‪:‬‬
‫إن الربوج اإلثنا عشر يقتضي كل منجا شكال معينا من األشكال اليت اصطلحوا عليجا‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنه حني السؤال‬
‫الرمال على الرمل‪ ،‬وتلك األشكال تدل على‬
‫عن املطلوب تقتضي أوضاع الربوج قوى الشكل املعني الذي يرمسه ّ‬
‫أحكام خمصوصة تناسب أوضاع الربوج‪.6‬‬
‫وأشجر من عرف بضرب الرمل هو املجدي ابن تومرت (ت‪112‬هـ‪2220/‬م) والذي أعترب بأنه أوحد عصره‬
‫يف خط الرمل‪ ،7‬وارتبط ضرب الرمل مبعركفة غالء األسعار أو رخصجا أو التنبؤ باجملاعات واجلفاف‪ ،‬وهو ما يعكس‬
‫ارتباط الفكر الغييب لألزمة عند بعض سكان املغرب األوسط‪ ،‬بظاهرة تقديس ضاريب الرمل‪ ،‬لذا مل جيد الناس‬
‫غضاضة يف ممارسة خط الرمل‪ ،‬مبا كفيجم أحد أئمة املساجد الذي اشتغل بضرب خط الرمل‪ ،‬وهو ما أثار حفيظة‬
‫من يؤمجم‪ ،‬كفتم تأخريه عن اإلمامة‪ ،‬ألن ضرب اخلط غري جائز وقادح يف إمامته‪ ،‬وال جتوز الصالة خلفه‪ ،8‬ومن‬

‫‪ - 1‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.11/21 ،‬‬


‫‪ - 2‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪112/0 ،‬؛ الونشريسي‪ :‬املعيار‪222/2 ،‬؛ إبراهيم‪ ،‬القادري بوتشيش‪ :‬املغرب واألندلس‪ ،‬ص‪227‬؛عبد اهلادي‪ ،‬البياض‪:‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ - 3‬الربزيل‪ :‬املصدر السابق‪112/0 ،‬؛ الونشريسي‪ :‬املصدر السابق‪.222/2 ،‬‬
‫‪ - 4‬حممد ناصر الدين األلباين‪ :‬ضعيف الرتغيب والرتهيب‪ ،‬ط‪ ،02‬الرياض‪ -‬السعودية‪ :‬مكتبة املعارف للنشر والتوزيع‪1000 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬عبد الفتاح‪ ،‬الطوخي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪-6‬املشعيب‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.192‬‬
‫‪ -7‬عبد الواحد املراكشي‪ :‬املعجب يف تلخيص أخبار املغرب‪ ،‬تع‪ :‬حممد سعيد العريان وحممد العريب العلمي‪ ،‬ط‪ ،02‬القاهرة‪ :‬مطبعة االستقامة‪،‬‬
‫‪2929‬م‪ ،‬ص ‪ 101 210‬؛ إبراهيم القادري بوتشيش‪ :‬املغرب واألندلس‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪ -8‬كما ورد نازلة عن أهل قرية أنكروا على إمامجم الصالة هبم النتحاله البدع وضربه الكف والرقص مع املداحني ليلة االثنني واجلمعة‪ ،‬وإذا كان يوم‬
‫املولد ميشي إىل قرية أخرى ويبقى املسجد بال إمام حىت يرجع‪ ،‬كفكان اجلواب أن هذا تالعب بالدين‪ .‬املعيار ‪222/2‬و ‪.202-200/2‬‬

‫‪81‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫ذلك أيضا احلسابة والكجانة والتنجيم والقرعة‪ 1‬مما يشبه هذه األشياء‪ ،‬وعلم الرمل يعتمد على النجوم أساسا له‬
‫كما قيل‪.2‬‬
‫وارتبط ضرب الرمل باعتقاد بعض سكان املغرب األوسط اعتقادا جازما بقوة املعادن وأسرار احلروف‪ ،3‬لذا‬
‫سعوا إىل معركفة خصائصجا وتركيبجا عن طريق تدارسجا وتصنيفجا‪ ،‬وقيل أن هناك كتاب أختص بأسرار احلروف‬
‫مسي "اجلفر" ونسب إىل جعفر الصادق وقيل أن نسبته إليه كذب باتفاق أهل العلم‪ ،‬ونسبته الشيعة إىل علي بن‬
‫أيب طالب‪ 4‬أما ابن خلدون كفأشار أن واضعه هو هارون بن سعيد العجلي‪ ،‬أما ابن خلكان كفذكر أنه رأى يف‬
‫بعض تواريخ املغرب أن ابن تومرت (ت‪112‬هـ‪2220/‬م) كان قد ظفر بكتاب يقال له "اجلفر" وكفيه ما يكون على‬
‫يده وكفضه عبد املؤمن وحليته وامسه‪ ،‬وان ابن تومرت (ت‪112‬هـ‪2220/‬م) أقام مدة يتطلبه حىت وجده وصحبه‪.5‬‬
‫ومبىن الكالم يف هذه الصناعة واليت يقصد هبا صناعة (الكيمياء) عند احلكماء حسب ابن‬
‫خلدون(ت‪101‬هـ‪2202/‬م) على حال املعادن السبعة‪ ،‬وهي الذهب‪ ،‬الفضة‪ ،‬الرصاص‪ ،‬القصدير‪ ،‬النحاس‪،‬‬
‫احلديد‪ ،‬اخلارصني‪ ،‬وختليق بعض احليوانات مع اجلجل بفصوهلا مثل العقرب من الرتاب‪ ،‬احليات املتكونة من‬
‫الشعر‪ ،‬والنحل كفقدت من عجاجيل البقر‪ ،‬لكنه رد على أهل هذه الصناعة‪ -‬الكيمياء‪ -‬بظالل مزاعمجم‪ ،6‬وقد‬
‫استنكر كفقجاء وعلماء املغرب األوسط هلذه املعتقدات واملمارسات‪.‬‬
‫‪ /1‬قراءة الكف‪:‬‬
‫أن علم النجوم‪ ،‬واخلط على الرمل‪ ،‬وما يسمى بالطالع‪ ،‬وقراءة الكف‪ ،‬وقراءة الفنجان‪ ،‬ومعركفة اخلط‪ ،‬وما أشبه‬
‫ذلك كلجا من علوم اجلاهلية ومن أعماهلم اليت جاء اإلسالم بإبطاهلا‪ ،‬والتحذير من كفعلجا‪ ،‬أو إتيان من يتعاطاها‬
‫وسؤاله عن شيء منجا‪ ،‬أو تصديقه كفيما خيرب به من ذلك‪ ،‬ألنه من علم الغيب الذي استأثر اهلل به‪ ،‬وقراءة الكف‬

‫‪ - 1‬الونشريسي‪ :‬املصدر السابق‪.222/2 ،‬‬


‫‪ - 2‬حيي‪ ،‬الشامي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ . 22‬إدريس النيب أول من خط بالقلم ونظر يف علم النجوم واحلساب‪ ،‬أما هرمس يقال إنه أطلق على إدريس‬
‫وهرمس عند اإلغريق هو اسم لعطارد أما دانيال كفنسبة للنيب؟ ومما يدخل يف علم الرمل‪ ،‬ويأخذ حكمه علم األسارير‪ ،‬وهو علم باحث يف االستدالل‬
‫باخلطوط املوجودة يف األكف واألقدام واجلباه‪ ،‬حبسب التقاطع والتباين والطول والعرض والقصر‪ ،‬وحب سب ما بينجا من الفروج املتسعة‪ ،‬أو املتضايقة على‬
‫أحوال اإلنسان من طول األعمار وقصرها‪ ،‬والسعادة والشقاوة‪ ،‬والغىن والفقر‪ ،‬وما شابه ذلك‪.‬‬
‫‪ - 3‬اعتقد الناس أن من بني طرق عالج وباء الطاعون‪ ،‬طريقة أسرار احلروف والتوجه هلل تعاىل بالدعاء املأثور‪ .‬ابن اخلطيب‪ :‬مقنعة السائل ‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 4‬جمجول‪ :‬جفر اجلامع والنور الالمع‪ ،‬تح‪ :‬حسن الربي‪ ،‬البحرين‪ :‬مكتبة كفارس حسن الساعدي‪2170 ،‬م‪ ،‬ص‪20‬؛ عبد الرمحان بن خلدون‪:‬‬
‫املقدمة‪ ،‬ص‪.121‬‬

‫‪ - 5‬أيب العباس مشس الدين أمحد بن بكر بن خلكان‪ :‬وكفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬تح‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬بريوت‪ :‬دار صادر‪.121/2 ،‬‬
‫‪ -6‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص‪.211‬‬

‫‪82‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫هي ضرب من ضروب التنجيم والكجانة‪ ،‬وتعترب من ادعاء علم الغيب‪ ،1‬إذ كانت أصول هذا العلم معروكفة عند‬
‫قدماء املصريني منذ أكثر من أربعة آالف سنة ومنذ ذلك اليوم تداولته "قبائل املور" املنتسبني إىل املصريني القدماء‬
‫ونشروه على وجه األرض كلجا‪.2‬‬
‫وتعد قراءة الكف إحدى طرق التنبؤ باملستقبل املوجودة يف املعتقدات الشعبية لدى بعض سكان املغرب‬
‫األوسط‪ ،‬حيث تفرتض هذه الطريقة معركفة صفات ومستقبل شخص ما‪ ،‬من خالل النظر مليا إىل اخلطوط‬
‫والتعرجات املوجودة على كف اإلنسان‪ ،‬من وججة النظر العلمية هي جمرد علوم زائفة إذ أنه ال توجد‬
‫أية أحباث تؤكد وتساند إدعاءات العاركفني هبذه املمارسة‪ ،‬وركفضت شجادة ضارب اخلطوط كفقد ورد يف "منشور‬
‫اهلداية" يف احلديث عن أبو العباس أمحد العطار بأن الوثيقة إذا كان شاهدها وحده أو مع من هو على شاكلته ال‬
‫تنسب إال للباطل واالكفرتاء وإن كان يف نفس األمر حقاً‪. 3‬‬
‫وعلم قراءة اليد القدمي أو العراكفة اليدوية املمزوجة بالتنجيم والتأثري الكوكيب قد أدرج يف كفن اإلمهال حيث خيم‬
‫عليه غبار النسيان‪ ،‬كفأصابه من اإلصالح يف ذلك الزمن ما أصاب غريه من العلوم‪ ،‬إال أنه على الرغم من الرباهني‬
‫العديدة واحلجج الدامغة اليت قدموها لتثبت تلك احلقائق‪ ،‬كثريا ما أطلقوا العنان لتصوراهتم يف علم قراءة الكف‬
‫وعلم الفراسة وبقية العلوم اليت تبحث عن أطوار الناس وأمياهلم الغريزية‪ ،‬وكان من املألوف أيضا يف الشوارع املغربية‬
‫وجود مشتغلني بضرب احلظ أو كتابة كتب احملبة للنساء إذا أعرض عنجن األزواج أو خاصموهن وذلك توثيق‬
‫‪4‬‬
‫للروابط الزوجية‬
‫‪ /0‬النظر في الكتف‪:‬‬
‫هو علم باحث عن اخلطوط واألشكال والرموز اليت ترى يف أكتاف الضأن‪ ،‬إذ قوبلت بشعاع الشمس من حيث‬
‫داللتجا على أحوال العامل األكرب من احلروب واخلصب واجلذب‪ ،5‬وقلما يستدل هبا على األحوال اجلزئية إلنسان‬
‫معني‪ ،‬ويؤخذ لوح الكتف بعد طبخ حلمه ويلقى على األرض أوال مث ينظر كفيه‪ ،‬ونظر إنسان املغرب يف كتف الشاه‬
‫ملعركفة أخبار األحوال اجلوية‪ ،‬وختصص كفيجا بعض املشعوذيني والدجاليني املعروكفني باملتومسني ادعاء معركفة أسرار‬
‫الطبيعة املكنونة يف الكتف‪ ،‬كما ورد أن النظر يف كتف الشاه وقراءهتا طريقة ملعركفة الغيب‪ ،‬وقد برع كفيجا ابن‬

‫‪ -1‬علم الغيب حسب ابن القيم هو علم ما كان وكل ما يكون‪ ،‬ومن تكلف معركفة ذلك كفقد ظلم نفسه‪ .‬مفتاح دار السعادة‪121/1 ،‬؛ وهو حسب‬
‫موسوعة الالند الفلسفية‪ :‬معركفة أو توقع املستقبل عندما يكون علم الغيب تاما يكون من األمساء احلسىن‪ .‬ص‪.2020‬‬
‫‪ -2‬جنيب أكفندي‪ :‬علم قراءة اليد‪ ،‬ط‪ ،2‬مطبعه اهلالل‪ :‬مصر‪2902،‬م‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 3‬عبد الكرمي‪ ،‬الفكون‪ :‬منشور اهلداية يف كشف حال من ادعى العلم والوالية‪ ،‬تق وتح وتع‪ :‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪2917 ،‬م‪ ،‬ص‪.91-92‬‬
‫‪ -4‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.272/22 :‬‬
‫‪ - 5‬حاجي خليفة‪ :‬كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون‪ ،‬بريوت‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.222‬‬

‫‪83‬‬
‫الفصل األول ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المعتقدات الشعبيةوالمقدس‬
‫تومرت (ت ‪112‬هـ‪2220 /‬م)‪ ،1‬ويعرف الناظر يف الكتف بالتَّ َكاز يف عرف أهل املغرب‪ ،‬وهي ادعاء معركفة‬
‫الغيب بالنظر يف العظام أو الدقيق أو يف الرمل أو يف كف اليد‪ ،‬والكلمة حتتفظ مبدلوهلا يف تونس وتعرف باملغرب‬
‫أحيانا خبط الرمل أو احلظ أو املشعوذين واحل َواة من النساء والرجال‪ ،2‬وهناك من حتايل على إجياد حركفة يف‬
‫األسواق كالعشابة والشعوذة والسحر‪.3‬‬
‫اشتجرت زناتة املغرب األوسط هبذا العلم كفلجم معركفة وحدق وكياسة ويدا جيدة يف علم الكتف‪ ،‬وال يدري أحد‬
‫من األمم أعلم من زناتة بعلم الكف‪ ،4‬وقد أكفىت كفقجاء املغرب األوسط ممن سئلوا عن النظر يف الكتف والرصاص‬
‫الذائب بأنه ال حيل ألحد‪ ،5‬إن البحث عن املعتقدات الشعبية يف املغرب األوسط أوضحت مدى متكن الفكر‬
‫اخلرايف والغييب والتفسري امليتاكفيزيقي للظواهر الطبيعية‪ ،‬وهو ما عكس مستوى التفكري يف ذهنية اجملتمع مبختلف‬
‫طبقاته وطوائفه‪ ،‬كفظاهرة تقديس بعض املعتقدات والطقوس واملمارسات واليت تبناه بعض سكان املغرب األوسط‬
‫كانت نتيجة اشرتاك جمموعة من العوامل اليت جعلت هذه املعتقدات تصبح مقدسات ال ميكن املساس هبا‪.‬‬

‫‪ -1‬ابن حجر‪ ،‬التميمي‪ :‬منتجى اإلعالم‪ ،‬ص‪ 270‬عن إبراهيم‪ ،‬القادري بوتشيش‪ :‬املغرب واألندلس‪ ،‬ص‪229‬؛ عبد اهلادي البياض‪ :‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪. 210‬‬
‫‪ -2‬عبد الرمحان‪ ،‬بن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص‪ ،222‬اجمليلدي‪ :‬أبو العباس أمحد بن سعيد (ت ‪ 2092‬هـ ‪2012 /‬م)‪ :‬كتاب التسيري يف أحكام التسعري‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬موسى لقبال ‪،‬اجلزائر ‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪2972[ ،‬م]‪ ، ،‬ص‪.91‬‬
‫عمر‪ ،‬بن عثمان بن العباس اجلرسيفي‪ :‬رسالة يف احلسبة ضم ن ثالث رسائل أندلسية يف آداب احلسبة واحملتسب‪ ،‬تح‪ :‬ليفي بروكفنسال‪ ،‬القاهرة‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫مطبعة املعجد العلمي الفرنسي لآلثار الشرقية‪2911 ،‬م‪ ،‬ص‪.212‬‬


‫‪ - 4‬اإلدريسي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 5‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.211/22 ،‬‬

‫‪84‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الزواية قطب مقدس‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الزاوية ونشأهتا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواعجا‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬الزيارة املقدسة‪.‬‬
‫رابعا‪:‬وظيفة الزاوية‪.‬‬
‫خامسا‪:‬الزاوية وظاهرة الشرف‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الوالية واألولياء‪.‬‬
‫أوال‪:‬الوالية‬
‫أ‪/‬درجات الوالية‬
‫ب‪/‬أسس الوالية‬
‫ثانيا‪ :‬الويل‪.‬‬
‫أ‪/‬الربكة‪.‬‬
‫ب‪/‬الكرامة‪.‬‬
‫ج‪ /‬تقديس األولياء‪.‬‬
‫د‪ /‬مناذج عن الكرامة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬األولياء من النساء‪.‬‬
‫أوال‪ :‬املرأة بني القداسة والدناسة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اسم النساء والسرت‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬املرأة ذلك اخلطر احملدق‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬نشأة األضرحة وأنواعجا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬نشأة األضرحة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العتبة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مقدم الضريح‬
‫رابعا‪ :‬الضريح وعالقته باجملال السوسيولوجي‬
‫خامسا‪ :‬موقف الفقجاء من زيارة األضرحة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬أهداف زيارة الضريح‪.‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫خيتلف تقديس األماكن باختالف اجملتمعات والثقاكفات‪ ،‬حيث جند أماكن مقدسة أكثر من غريها كالزاوية‬
‫والضريح‪ ،‬وهنا حنتاج إىل تفكيك سوسيوأنثربولوجي حىت نستوعب املعىن املادي والرمزي واملقدس هلذه األماكن‪،‬‬
‫واليت هلا حضور قوي يف اجملتمع شأهنا شأن غريها من املقدسات الدينية‪ ،‬كفالتقسيم السوسيومكاين‪ 1‬يتيح إعادة‬
‫َّك بِال َو ِاد الم َقد ِ‬
‫َّس‬ ‫ك إِن َ‬ ‫إنتاج أجزاء من املكان املقدس‪ ،‬كفحينما نتأمل اآلية الكرمية‪﴿ :‬إِ ِّين أَنَا َربُّ َ‬
‫ك كفَاخلَع نـَعلَي َ‬
‫ط ًوى﴾‪ ،2‬نفجم ال حمالة من أن هذا احليز املكاين مقدس‪.‬‬
‫ال خيفى علينا أن األماكن ذات الطبيعة الدينية على رأسجا املسجد واجلامع‪ ،‬تعد أماكن مقدسة ملا تقوم به‬
‫من وظيفة تعبدية مقدسة كالصالة‪ ،‬لكن تقديس أماكن أخرى كالزاوية والضريح‪ ،‬كفقدسيتجما ليست من‬
‫املمارسة التعبدية‪ ،‬بل إىل ما ميكن التعارف عليه بأنه نتيجة اإلنتاج االجتماعي لقداسة املكان على حد قول‬
‫الياد مارسي‪ « :‬كفاجلماعة تتفق على اإلعالء من شأن مكان ما‪ ،‬اعتقادا بربكة ذلك املكان أو اخلوف من أهل‬
‫املكان يف األضرحة والقبور واملعابد‪.»3‬‬
‫إن رحلة البح ث عن املكان املقدس حتيلنا إىل قصة الناقة وبناء أول مسجد يف اإلسالم وهي قصة مشجورة‬
‫معروكفة‪ ،‬وعليه جند ظاهرة االستعانة بالعزائم واحليوانات للبحث عن هذا املكان املقدس يف حالة عدم وجوده أو‬
‫االهتداء إليه‪ ،‬وحسبنا يف ذلك ما ورد عند إلياد مارسي يف قوله‪ «:‬قد يلجأ إىل تطبيق نوع من التَـع ِزمي مبعونة‬
‫احليوانات‪ ،‬كفجي اليت تظجر أي مكان مؤهل إلقامة املعبد أو القرية‪ ،‬ومنه كفاحليوانات هي اليت كشفت قداسة‬
‫املكان‪ ،‬وأن هذا املكان يتمتع بامتياز من حيث أنه خيتلف نوعيا عن األمكنة األخرى‪ ،»4‬وهذا االعتقاد ال‬
‫تكاد ختلو منه أي حضارة بشرية على اختالف معتقداهتا‪.‬‬

‫‪ - 1‬علم اجتماع املكان – سوسيولوجيا املكان أحد كفروع علم االجتماع يبحث يف التكوين االجتماعي واملادي لألماكن‪ ،‬وكيف تصبح على ماهية‬
‫عليه‪ ،‬وما هي أمهية األماكن بالنسبة للممارسات االجتماعية والتغيري التارخيي‪ ،‬كما يجتم بفجم املمارسات االجتماعية والقوى املؤسسة والتعقيد املادي‬
‫لكيفية تفاعل البشر واملكان‪Thomas F.Gieryn: Aspace for in sociology, Annual Review of Sociology, Vol.26, .‬‬
‫‪(2000), Édition Puplihed by Annulal Rreviews, 1975, p 463-496.‬‬
‫‪ - 2‬سورة طه‪ ،‬اآلية ‪.21‬‬
‫‪ - 3‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪ . 19‬إن االعتماد على احليوان يف حتديد املكان املقدس‪ ،‬ميكن احليوان الذي من كسر رتابة التجانس وخيلق أماكن مقدسة‪ ،‬ويوجد‬
‫لإلنسان نقطة استناد مطلقة‪ ،‬إذ يرسل حيوان كالثور مثال مث جيري البحث عنه بعد بضعة أيام‪ ،‬ويصار إىل التضحية به حيث يعثر عليه‪ ،‬مث يقام املذبح‬
‫وتشيد القرية حوله‪ .‬مرسيا الياد‪ :‬املقدس الدنيوي – رمزية الطقس واألسطورة‪ -‬تر‪ :‬هناد خياطة ‪ ،‬دمشق‪ :‬العريب للطباعة والنشر والتوزيع‪2917 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.19،20 ،10‬‬

‫‪87‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الزاوية قطب مقدس‪.‬‬


‫أوال‪ :‬تعريف الزاوية ونشأتها‪.‬‬
‫إن مفجوم الزاوية ظل يتغري حسب الوظيفة اليت تؤديجا‪ ،‬ويف كل األحوال ظلت على مر العصور حماكفظة على‬
‫اخلط العام وأهم املعامل واملكانة املقدسة‪ ،‬كفالزاوية هي يف األصل ركن البناء‪ ،‬وكانت تطلق يف بادئ األمر على‬
‫صومعة الراهب املسيحي‪ ،‬مث أطلقت على املسجد الصغري يف مقابل املسجد الكبري‪ ،1‬والزوايا مجع زاوية‪ ،‬وهي‬
‫مؤسسة دينية ثقاكفية اعتمدها مذهب الطائفة الصوكفية لنشر ثقاكفة اإلسالم الطرقِي الذي يعتمد الرتبية الروحية‪،2‬‬
‫ويقيم كفيجا الشيخ الصويف حيث يؤدي هبا صلواته اخلمس‪ ،3‬ويعتكف للعبادة واألوراد‪ ،‬كما خيدمه متطوعني‬
‫ومريدين نذروا أنفسجم لذلك‪ ،4‬على أن يأخذوا منه العلم ومبادئ طريقته الصوكفية‪ ،‬ويف املقابل تتكفل الزاوية‬
‫بإطعامجم وإيوائجم شريطة أن يلتزموا بنظامجا الرتبوي والتعليمي‪ ،5‬وجيب على املريد إذا ظفر بشيخ أن يقتدي‬
‫بأمره ويجتدي بأقواله وأكفعاه‪ ،‬وأدق وصف لدرجة تسليم املريد لشيخة‪ ،‬هي أنه جيب أن يلقي نفسه بني يديه‬
‫كامليت بيد الغاسل ويعلم أن نفعه يف خطأ شيخه أكثر من نفعه يف صواب نفسه‪.6‬‬
‫أما عن نشأة الزاوية كفإن جذورها األوىل تعود ملا كان يعرف باخلوانق‪ 7‬والربط‪8‬باملشرق‪ ،‬بعدها احتل مجاعة‬
‫من الناس هذه األماكن وامتجنوا الذكر وقراءة القرآن هبا‪ ،‬لكن تلك األماكن ما لبثت أن أصبحت ملجئا ومالذا‬

‫‪ -1‬موسوعة دائرة املعارف اإلسالمية ‪ ،‬ج‪ ،02‬ديب‪ :‬مركز الشارقة لإلبداع الفكري ‪2991 ،‬م‪ ،‬ص‪221‬؛ حممد‪ ،‬مفتاح‪ :‬اخلطاب الصويف يف الغرب‬
‫اإلسالمي مقاربات وظيفية‪ ،‬القاهرة‪ :‬رؤية للنشر والتوزيع‪1022 ،‬م‪ ،‬ص‪27‬؛ ‪levi provençal: EI Article Zawiya, T.III 1934,‬‬
‫‪pp 1289-1290.‬‬
‫‪ -2‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪.211/2،‬‬
‫‪ -3‬نفسه‪221/2 ،‬؛ خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬يغمراسن‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ - 4‬املجدي بوعبديل‪ :‬الرباط والفداء ( وهران القبائل) جملة األصالة ع‪ -22‬أكفريل ‪ ،2972‬ص‪ ،2‬نقال عن مفتاح خلفات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.272‬‬
‫‪ -5‬مفتاح‪ ،‬خلفات‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪272‬؛ خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬يغمراسن‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 6‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬شفاء السائل وهتذيب املسائل‪،‬تح‪ :‬حممد مطيع حاكفظ‪ ،‬ط‪ ،02‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ -‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪2990 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪ . 11‬إن الطاعة املطلقة ألوامر شيخ الزاوية وإن كان على خطأ‪ ،‬حسب ابن خلدون وحدها من متنح املريد القبول للتدرج يف مراتب الوالية‪ ،‬وهو ما‬
‫يثري التساؤل حول مدى اخلطأ الذي ميكن أن يقع كفيه الشيخ وال جيد له معارضة من مرديه‪.‬‬
‫‪ - 7‬أصل الكلمة خانقاه‪ ،‬وهي معربة من الفارسية خانكاه ويقصد به املكان الذي ينقطع كفيه املتصوف للعبادة‪ ،‬ويعقد كفيجا الطلبة جمالس الوعظ‬
‫والذكر‪ ،‬كفجي جتمع بني ختطيط امل سجد واملدرسة‪ ،‬نشأت يف املشرق حوايل القرن الرابع اهلجري‪ ،‬وذكرها ابن بطوطة يف رحلته ملا زار مصر أن الزوايا هبا‬
‫كثرية ويسموهنا خوانق واحدهتا خانقة‪ .‬ابن بطوطة‪ ،‬حممد بن عبد اهلل بن حممد‪ :‬رحلة ابن بطوطة يف غرائب األمصار وعجائب األسفار‪ ،‬تح‪ :‬حممد‬
‫عبد الرحيم‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪1009 ،‬م‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -8‬أطلقت كلمة الرباط على كل مقيم يف ثغر مداكفعا عن املسلمني‪ ،‬والرباط هو موضع احلرس يف األوقات اليت يتوقع كفيجا العدو‪ .‬أبو جعفر حممد بن‬
‫جرير الطربي‪ :‬جامع البيان يف تأويل القرآن‪ ،‬تح‪ :‬أمحد حممد شاكر وأمحد حممد شاكر‪ ،‬ط‪ ،02‬مصر‪ :‬دار املعارف‪.211/7 ،2910،‬‬

‫‪88‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫لكل طالب راحة‪ ،‬حيث وجد كفيجا اإلنسان ضالته من الطعام واللباس والشراب دون عناء يذكر‪ ،‬وتال ذلك‬
‫ازدياد عدد املنتظمني يف سلك الصوكفية مببالغة الناس يف حبس األوقاف عليجا‪ ،‬وتبارى السالطني واألمراء‬
‫واألغنياء يف تقدمي األموال واهلدايا ملرتاديجا‪ ،1‬وأشري إىل أن الربط على ما هو مصطلح عليه يف املشرق‪ ،‬مل يرى‬
‫يف املغرب على سبيلجا ومنطجا إال رباط أيب حممد صاحل‪ ،‬والزاوية أليب زكريا حيي بن عمر غريب اجلامع األعظم‬
‫منجا‪.2‬‬
‫مل تصل الربط إىل درجة القداسة اليت وصلتجا الزوايا‪ ،‬ومع هذا ال ميكن إخفاء تربك الناس ببعضجا‪ ،‬خاصة‬
‫بعد ظجورها يف املدن الداخلية وللدور الذي كانت تلعبه واألمن من اخلوف الذي كانت متنحه‪ ،‬وعليه ميكن‬
‫تقسيم الربط إىل نوعني حسب الوظيفة اليت تؤديجا‪:‬‬
‫‪ /2‬الربط الساحلية لحماية الثغور‪:‬‬
‫أشارت املصادر الوسيطة إىل انتشار الربط على السواحل املغربية ككل‪ ،‬كفيذكرون أن عددها كثري باملغرب‬
‫األوسط‪ ،3‬وأسجمت بنصيب واكفر يف احلياة الدينية واحلربية حيث أنشأت خصيصا حلراسة الثغور وتوكفري‬
‫احلماية‪ ،4‬أي أن دورها كان عسكريا باألساس‪ ،‬ودليل وجودها نازلة جاء كفيجا أن قوما كانوا جيتمعون ليال عقب‬
‫صالة العشاء‪ ،‬ومعجم قناديل ميشون كفوق السور للحراسة وإيقاظ اجليش‪ ،‬يف حالة إثارة انتباهجم ملواججة أي‬
‫هجوم مفاجئ قد يقوم به العدو وهو ما يؤكد على دورها العسكري‪.5‬‬
‫لكن الونشريسي (ت‪922‬هـ‪2109/‬م) حتدث عن تغيري يف دور هذه الرباطات رمبا يف حالة السلم‪ ،‬إذ كان‬
‫جيتمع كفيجا طوائف من أتقياء املسلمني يف الليايل الفاضلة لتالوة بعض أجزاء من القرآن‪ ،‬ويسمعون ما أمكن من‬

‫‪ -1‬كمال الدين أبو الفضل جعفر بن ثعلب األدكفوي‪ ،‬املصري‪ :‬املوىف مبعركفة التصوف والصويف‪ ،‬تح‪ :‬حممد عيسى صاحلية‪ ،‬ط‪،02‬الكويت‪ :‬مكتبة دار‬
‫العروبة للنشر والتوزيع‪2911 ،‬م‪ ،‬ص‪.0‬‬
‫‪ - 2‬ابن مرزوق‪ :‬املسند‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -3‬من بني أهم الرباطات الساحلية جند رباط أيب مروان ورباط شرشال ومرسى اخلرز وهنني ووهران ورباط شاكر بتلمسان قيل نسبة لصاحب عقبة بن‬
‫ناكفع‪ ،‬ورابطة أيب حممد عبد الكرمي بن عبد املالك املعروف بابن يبكي‪ ،‬ورابطة علي بن أيب نصر كفتح اهلل البجائي وغريها حول مناذج هذه الربط ينظر‬
‫الغربيين‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪ . 219-211-270-222‬لالستزادة ول دور الرباطات وأنواعجا ينظر حممد األمني بلغيث‪ :‬كفصول يف تاريخ اجلزائر‬
‫بالغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،02‬اجلزائر‪ :‬أنرتسيين‪1007 ،‬م‪ ،‬ص‪ 20‬وما بعدها؛ حممد األمني بلغيث‪ :‬الربط باملغرب اإلسالمي ودورها يف عصر املرابطني‬
‫واملوحدين‪ ،‬رسالة ماجستري يف التاريخ‪ ،‬جامعة اجلزائر‪2917 ،‬م‪ ،‬ص‪.270‬‬
‫‪ - 4‬البكري‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ -5‬حممد األمني بلغيث‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.270‬‬

‫‪89‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫كتب الوعظ‪ ،‬ويذكرون اهلل تعاىل مث ينشدون بعض املدائح النبوية‪ ،‬ويف ختام اجتماعجم يأكلون ما قدم من‬
‫الطعام‪ ،‬ويدعون للمسلمني وإمامجم مث يفرتقون‪.1‬‬
‫وورد كفيجم سؤال ذكره الشاطيب(ت‪790‬هـ‪2211/‬م) جاء كفيه‪ « :‬ما يقول الشيخ كفالن يف مجاعة من‬
‫املسلمني جيتمعون يف رباط على ضفة البحر يف الليايل الفاضلة يقرؤون جزءا من القرآن ويستمعون من كتب‬
‫الوعظ والرقائق ما أمكن يف الوقت‪ ،‬ويذكرون اهلل بأنواع التجليل والتسبيح والتقديس‪ ،‬مث يقومون من بينجم قوال‬
‫يذكر شيئا يف مدح النيب ﷺ‪ ،‬ويلقي من السماع ما تتوق النفس إليه وتشتاق مساعه من صفات الصاحلني‪ ،‬مث‬
‫يأكلون ما حضر من الطعام وحيمدون اهلل ويدعون للمسلمني وإلمامجم ويفرتقون‪ ،‬كفجل جيوز اجتماعجم على ما‬
‫ذكر؟ كفأجاب مبحصوله جمالس تالوة القرآن وذكر اهلل تعاىل هي رياض اجلنة‪ ،‬أما اإلنشادات الشعرية كفإمنا الشعر‬
‫كالم حسنه حسن وقبيحه قبيح ‪ ،»2‬ويصف دوزي أحد الناس املرابطني كفيقول‪« :‬كان منزويا عن الناس‪ ،‬هاربا‬
‫منجم مث تزهد وانزوى ورابط على ساحل البحر‪.»3‬‬
‫ب‪ /‬ربط داخلية لتأمين وحماية القوافل التجارية من اللصوص وقطاع الطرق‪:‬‬
‫زادت حاجة الناس إىل دور املرابطني واألولياء وتقديسجم لتوكفري األمن يف السبل والطرقات‪ ،‬والذين صاروا‬
‫الوسيلة الطبيعية املنقذة لقواكفل التجارة ومتاع املساكفرين‪ ،‬األمر الذي جعل الناس والتجار يصحبون املرابط أو‬
‫الويل يف أسفارهم ليقيجم حبرمته وكرامته من االعتداءات‪ ،‬يف ظل عجز السلطة املركزية باملغرب األوسط على كبح‬
‫مجاح القبائل اهلاللية‪ ،‬رغم أشكال التقرب واملنح والعطاءات اليت كانت ختصص لشيوخجم‪ ،4‬ذلك أن احلضور‬
‫اهلاليل باملغرب األوسط شكل معضلة للسلطة املركزية يف حماولتجا الستمالتجم والتقليل من خطرهم‪ ،‬خاصة يف‬
‫ظل ممارستجم للحرابة وقطع الطريق والسابلة‪ ،‬ما أثر على الوضع االقتصادي واالجتماعي والذهين للمغرب‬
‫األوسط‪ ،‬كفلم جيد الناس بدا من االستعانة باألولياء وتقديسجم‪ ،‬يف حماولة لصنع هالة احلماية الروحية علجا تقف‬
‫حاجزا أمام غزوات اهلاللني على جتارهتم وسالمتجم‪ ،‬وتعترب إقامة الزوايا والربط من أهم املظاهر الدينية‬
‫واألخالقية اليت جتلت صورهتا يف حياة رؤساء القبائل اهلاللية وأكفرادها كفيما بعد‪ ،‬حيث كرسوا حياهتم لعمل اخلري‬

‫‪ -1‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.201/22 ،‬‬


‫‪ - 2‬الشاطيب‪ :‬مصدر سابق‪.100-101/2 ،‬‬
‫‪ - 3‬حممد‪ ،‬مفتاح‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪27‬؛ عن ‪Dozy: Supplement aux dictionaire Arabes, T 1, paris 1967. P616.‬‬
‫‪ -4‬الطاهر‪ ،‬بونايب‪ :‬حركة املرابطني "حركة املرابطني السنة يف الزاب بني التصوف والرباط"‪ ،‬اجمللة اخللدونية (بسكرة)ع‪ /9‬جانفي ‪1022‬م‪ ،‬ص‪-10‬‬
‫‪ ،72‬ص ‪.71-72‬‬

‫‪90‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫ونشر العلم والدين وإغاثة امللجوف واحملتاج‪ ،‬ومساعدة التجار واملساكفرين ضد قطاع الطرق‪ ،1‬وهو ما يعد نقلة‬
‫نوعية يف حياة اهلاللني ويف تعزيز دور الزوايا والربط يف املغرب األوسط‪.‬‬
‫هذا الوضع عكسه توكفري األمن واالستقرار يف املواضع املخوكفة‪ ،‬حيث أمنت الطرق ووكفرت الطمأنينة‬
‫للمساكفرين والتجار‪ ،‬وقد ورد يف إحدى الفتاوى أن بعض الصاحلني كانوا يقيمون يف املواضع املخوكفة لتأمني‬
‫السبل‪ ،‬اليت كانت كفيما مضى مأوى ألهل الفساد وقطاع الطرق‪ ،‬الذين يجامجون القواكفل والتجار ألجل النجب‬
‫والسرقة‪ ،2‬وهو ما يربز دور الصلحاء يف منح املنطقة اليت يستقرون هبا جزءا من قدسيتجم‪.‬‬
‫بدأ دور الربط يرتاجع تدرجييا لتحل حملجا الزوايا كأماكن مقدسة‪ ،‬وحسب الغربيين (ت‪702‬هـ‪2202 /‬م)‬
‫يف "عنوان الدراية" كفإن ظجور الزوايا باملغرب األوسط كان أواخر القرن ‪0‬هـ‪21 /‬م‪ ،‬ومتثل زاوية أيب زكريا حيي‬
‫الزواوي (ت ‪022‬هـ‪2121 /‬م) أمهجا‪ ،‬وكانت عبارة عن بناء صغري ملحق باملسجد خيلو كفيجا الشيخ مبفرده‬
‫للتعبد‪ ،‬وينفرد هبا عن اخللق ويوكل به من يقوم له بقدر حالل من القوت‪ ،‬بينما كان يؤدي صلواته اخلمس‬
‫‪4‬‬
‫ويعقد جمالسه العلمية باملسجد اجلامع‪ ،3‬وكذلك األمر بالنسبة لزاوية سيدي أمحد بن إدريس األيلويل الزواوي‬
‫(ت‪2219/700‬م)‪ ،‬واليت كانت تأوي املتجولني ودار جمانية تطعم املساكفرين والواردين إليجا من الفقراء والغرباء‬
‫واحملتاجني وعابري السبيل‪ ،5‬وأورد ابن مرزوق (ت‪712‬هـ‪2279/‬م) يف مناقبه عند احلديث عن والده أبو‬
‫العباس أمحد بن مرزوق(‪722-012‬هـ‪2220-2111/‬م) أن معلمه الفقيه الصاحل الويل أيب زيد عبد الرمحان‬
‫بن يعقوب بن علي‪ ،‬كان صاحب كرامات وكانت سنة جماعة وكانت داره زاوية للرواد‪.6‬‬

‫‪ - 1‬مصطفى‪ ،‬أبو الضيف‪ :‬أثر القبائل العربية يف احلياة املغربية خالل عصر املوحدين وبين مرين ‪170-112‬هـ‪2271-2220/‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار‬
‫البيضاء‪ -‬املغرب ‪ :‬مطبعة دار النشر املغربية ‪2911 ،‬م‪ ،‬ص ص‪.112-111‬‬
‫‪ -2‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.202/21 ،‬‬
‫‪ -3‬قد يكون املقصود هبا زاوية أو ركن داخل املسجد ومل تكن بناء مستقال بذاته‪ .‬الغربيين‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪221-227‬؛ ابن مرزوق‪ :‬املسند‪،‬‬
‫ص‪222‬؛ عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬شفاء السائل‪ ،‬ص‪10‬؛ مفتاح‪ ،‬خلفات‪ :‬مرجع سابق ‪.271-272 ،‬‬
‫‪ - 4‬هو كفقيه مالكي‪ ،‬ينتمي على منطقة أيلولة غرب جباية‪ ،‬وكان يتبع الطريقة القادرية يبق احلديث عنه يف الرقية إذ أجاز الرقية بالفاحتة وباملعوذتني‪،‬‬
‫وأقسم أن ال يك تب رقية ألنه وجد إحدى الرقى مكتوبة خبط يد ملقاة على قارعة الطريق‪.‬التنبكيت‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ - 5‬ابن مرزوق‪ :‬املسند‪ ،‬ص‪222 -222-200‬؛ عبد القادر‪ ،‬خالدي‪ :‬أبو مدين الغوث دكفني تلمسان( ‪192-110‬هـ‪2297-2210/‬م)‪ ،‬جملة‬
‫األصالة‪ ،‬ع ‪2971 ،10‬م‪ ،‬ص ‪111-112‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪229/2 ، ،‬‬
‫‪ - 6‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.199-191‬‬

‫‪91‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫بعدها انتش رت الزوايا يف بالد املغرب األوسط بشكل أكرب يف النصف الثاين من القرن السابع للججرة‪ /‬الثالث‬
‫عشر للميالد‪ ،‬نتيجة انتشار التصوف وتعدد اجتاهاته‪ ،1‬وقد ظجر املصطلح كمرادف للرابطة كما سبق الذكر‪،‬‬
‫أي "الصومعة" اليت يعيش كفيجا الويل وسط تالميذه ومريديه‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواعها‪:‬‬
‫من خالل ما سبق ميكن التمييز بني نوعني من الزوايا من حيث التأسيس ودرجة التقديس‪.‬‬
‫‪ /3‬زوايا رسمية أنشأتها الدولة‪:‬‬
‫مل تكن الزوايا بالشكل املتعارف عليه يف القرن ‪9-7‬هـ‪21-22/‬م كفقد مسيت يف العجد املوحدي‪-121( 3‬‬
‫‪002‬هـ‪2109-2212/‬م) بدار الكرامة‪ ،4‬إال أن امللوك والسالطني الزيانيني أظجروا اهتمامجم بزوايا الشيوخ‬
‫والصاحلني واحلبس عليجا وتعمريها والنظر يف مصاحلجا‪ ،‬لدورها اهلام يف احلياة العلمية وحركة التصوف يف املغرب‬
‫األوسط‪ ،‬وكانوا يشملون أيضا أبناء هؤالء الشيوخ وذراريجم بعنايتجم‪ ،‬ويسبغون عليجم كفيضا من رعايتجم‪ ،‬من‬
‫ذلك إعفائجم من الضرائب واملغارم السلطانية تكرميا هلؤالء الشيوخ الصاحلني‪ ،‬وتربكا هبم وبذريتجم الصاحلة‪.5‬‬
‫اعترب حكام املغرب األوسط التقرب من األولياء وتلبية طلباهتم ورغباهتم حيقق هلم مآرب دنيوية هامة‪،‬‬
‫أمهجا ضمان االستقرار والشرعية وكسب والء الرعية‪ ،‬ومآرب أخروية بالتربك هبم والتقرب منجم‪ ،‬حىت حياطوا‬
‫باألمان والربكات والرعاية اإلهلية‪ ،‬ألن البعض من احلكام ال خيتلفون عن عامة الناس يف كفكرة االعتقاد يف‬
‫األولياء‪ ،6‬وقدرهتم على منح الربكة وتلبية حاجيات الناس‪.‬‬
‫ومن األدلة اليت أسوقجا يف هذا املقام ما سبق ذكره أن السلطان يغمراسن بن زيان (‪012-022‬هـ‪-2122/‬‬
‫‪ 2111‬م) إىل أيب البيان واضح بالشلف‪ ،‬وكذلك زيارته إىل بيت الفقيه أيب عبد اهلل حممد بن عيسى‪ ،7‬كفكان‬

‫‪ - 1‬خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬يغمراسن‪ ،‬ص‪.220‬‬


‫‪ - 2‬موسوعة دائرة املعارف اإلسالمية‪ :‬ص‪.221‬‬
‫‪ - 3‬تأسست الدولة املوحدية سنة(‪112‬هـ‪ 2219/‬م) على يد املجدي ابن تومرت كفكرة دينية ودعوة روحية‪ ،‬وأخذت شكلجا السياسي مع عبد املؤمن بن‬
‫ع لي‪ ،‬الذي بسط نفوذه على كامل املغرب اإلسالمي وصوال إىل األندلس‪ ،‬اليت سقطت على يد املرينيني سنة ‪001‬هـ‪2109/‬م‪ .‬للمزيد حول املوضوع‬
‫ينظر‪ :‬جمجول‪ :‬احللل املوشية‪ ،‬ص‪201‬؛ ابن عذارى املراكشي‪ :‬البيان املغرب يف أخبار األندلس واملغرب‪ -‬قسم املوحدين‪ -‬تح‪ :‬إبراهيم الكتاين وآخرون‪،‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪2911 ،‬م‪ ،‬ص‪ 27‬وما بعدها؛ البيدق‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.20-19‬‬
‫‪ - 4‬مفتاح‪ ،‬خلفات‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.272‬‬
‫‪ -5‬الونشريسي‪ :‬مصدر سابق‪272/0 ،‬؛ كمال‪.‬‬
‫‪ -6‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪ ،‬ص‪220‬‬
‫‪ -7‬هو رجل صاحل ورع حج مخسا وعشرين مرة وكان ذا مكاشفات‪.‬حيي‪ ،‬بن خلدون‪ :‬مصدر سابق‪229/2 ،‬؛ ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.200‬‬

‫‪92‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫يقرب األولياء ويف هذا الصدد يقول ابن مرزوق (ت‪712‬هـ‪2279/‬م)‪ «:‬كان أبو إسحاق إبراهيم اخلياط‬
‫يقصده الواحد من الناس للتوسل يف قضاء حاجته‪ ،‬كفيقوم معه كفرمبا دخل على السلطان أيب حيي يغمراسن يف‬
‫اليوم سبعني مرة‪ ،‬مع حنوله ومرضه وسلس كان به‪ ،‬كفرمبا قيل للسلطان يف ذلك كفقال دعوه هذا رمحة للناس‪ ،‬كفما‬
‫قضى اهلل يقضي واهلل ال أبرمته وال رددته كفرحم اهلل السلطان ونفع بالشيخ‪.» 1‬‬
‫اعتىن السالطني بب ناء وتعمري الزوايا خدمة لألولياء الصاحلني وتقربا منجم يف حياهتم وبعد مماهتم‪ ،‬لذا وجد‬
‫بعض السالطني واألمراء يرغبون كل الرغبة يف أن يدكفنوا إىل جوار األولياء الصاحلني واملتصوكفني وكبار الفقجاء‬
‫املعروكفني بالورع والصالح والرب‪ 2‬التماسا لربكتجم‪ ،‬كفقد أوصى يغمراسن بن زيان (‪012-022‬هـ‪-2122 /‬‬
‫‪2111‬م) أن يدكفن بعد موته جبانب الويل الصاحل أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن أيب بكر بن مرزوق‬
‫(ت‪012‬هـ‪2177/‬م)‪ ،3‬وبعد وكفاته دكفن جبواره أبو احلسن بن النجارية‪ ،‬وهكذا كان قربه بني وليني صاحلني‪.4‬‬
‫ومن بني أهم الزوايا اليت أوالها السالطني عنايتجم أذكر على سبيل املثال ال احلصر‪:‬‬
‫‪ -‬زاوية أيب يعقوب (ت‪727‬هـ‪2227 /‬م) اليت أنشأها السلطان أبو محو موسى الثاين(‪712-700‬هـ‪-2219/‬‬
‫‪2211‬م) على ضريح والده‪.5‬‬
‫‪ -‬زاوية ومسجد احللوي (ت‪727‬هـ‪2227/‬م)‪ ،6‬اليت أنشأها أبو عنان كفارس املريين عام ‪712‬هـ ‪2212 /‬م‬
‫مشال مدينة تلمسان‪.‬‬
‫‪ -‬زاوية ومسجد أيب مدين(ت‪192‬هـ‪2291/‬م)‪ 1‬بالعباد‪.2‬‬

‫‪ -1‬املناقب‪ ،‬ص‪212‬؛ حيي‪ ،‬بن خلدون‪ :‬مصدر سابق‪.211/2 ،‬‬


‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪.191/2 ،‬‬
‫‪ -3‬تويف بتلمسان وقربه باملقربة املعروكفة مبسند صاحل حت ت الباب املعروف بباب زيري‪ ،‬حيث قرب أبيه وجده ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ :‬ص‪211‬؛ القلصادي‪:‬‬
‫مصدر سابق‪ ،‬ص‪90‬؛ الرصاع‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ - 4‬املناقب‪ ،‬ص‪270212-207‬؛ حيي‪ ،‬بن خلدون‪ :‬مصدر سابق‪.200-211/2 ،‬‬
‫‪ - 5‬حيي‪ ،‬بن خلدون‪ :‬مصدر سابق‪217/2 ،‬؛ ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪01 ،‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪.229/2 ،‬‬
‫مسجد احللوي نسبة إىل أيب عبد اهلل الشوذي‪ ،‬وهو قاض إشبيلية سابقا‪ ،‬ولقب باحللوي عندما استقر بتلمسان‪ ،‬وقد شيد هذا املسجد أبو عنان‬ ‫‪-6‬‬

‫املريين عام ‪712‬هـ ‪ 2212 /‬م‪ ،‬حسب الكتابة األثرية املوجودة على العقد الذي يعلو املدخل اجلامع‪ ،‬وهذا نصجا‪ « :‬احلمد هلل وحده أمر بتشييد هذا‬
‫اجلامع املبارك موالنا السلطان أبو عنان كفارس‪ ،‬بن موالنا السلطان أبو احلسن املريين‪ ،‬ابن موالنا السلطان أبو سعيد عثمان‪ ،‬بن موالنا السلطان أيب‬
‫يعقوب يوسف‪ ،‬بن عبد احلق أيده اهلل ونصره عام ‪712‬هـ»‪ ،‬وذكر النمريي أنه من أمجل اجلوا مع كفقد أحكمت كفيه أنواع الصنائع ‪ .‬وكذلك ذكره ابن‬
‫مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪22‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪ 220/2 ،‬؛ رشيد‪ ،‬بوريبة‪ :‬الكتابات األثرية يف املساجد اجلزائرية‪ ،‬تر‪ :‬إبراهيم ربوح‪ ،‬اجلزائر‪:‬‬
‫الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪2979 ،‬م‪ ،‬ص‪97‬؛ حيي‪ ،‬بوعزيز‪ :‬تلمسان‪ ،‬ص‪ 21‬؛ حممود‪ ،‬بوعياد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 12‬؛ ورد وصف معماري‬
‫للمسجد عند مبارك بوطارن ‪ :‬املوروث اإلسالمي لتلمسان‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬طبع وزارة الثقاكفة‪1022 ،‬م‪ ،‬ص‪02‬؛ ‪Rossi Catherine: Les‬‬
‫‪. Cornets de Tlemcen, Alger: édition dalimen , 2011. p 96‬‬

‫‪93‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫زاوية وجامع الشيخ السنوسي (ت‪191‬هـ‪2219/‬م) وضرحيه‪.3‬‬


‫‪ /0‬زوايا شعبية أسسها شيوخ الطرق الصوفية‪.‬‬
‫الزوايا الشعبية كان يؤسسجا شيوخ الطرق الصوكفية أو تؤسس بعد وكفاهتم من طرف عامة الناس‪ ،‬كما كان‬
‫ينشئجا أهل اخلري أو كبار رجال الدولة من أمواهلم اخلاصة‪ ،‬أو تشرتك مجاعة يف إنشائجا‪ ،‬ويوقفون عليجا أوقاكفا‬
‫لتغطية نفقاهتا‪ ،‬وتوكل إدارهتا ورعايتجا إىل ناظر ومجاعة من املساعدين‪ ،‬وحيدد املوقفون يف عقودهم األوجه اليت‬
‫تصرف كفيجا عوائد أوقاكفجم وطريقة إدارهتا‪ ،4‬من مناذججا أذكر‪:‬‬
‫‪ -‬زاوية أيب عبد اهلل أحد كبار األعالم سكن موضعا واختذه خلوة‪ ،‬وألزم كل من دخل زاويته أن يكون سلوكه وكفق‬
‫السنة والسلف الصاحل‪ ،‬وكفرض عليجم سلوكا معينا يف املأكل وامللبس‪.5‬‬
‫‪ -‬زاوية ابن البناء بتلمسان‪.1‬‬

‫‪ -1‬أبو مدين شعيب بن احلسني األنصاري األشبيلي مث البجائي ولد باشبيلية باألندلس حوايل‪110‬هـ‪2210/‬م يف قرية تدعى قطيانة‪ ،‬امللقب بالغوث‬
‫شيخ مشايخ التصوف يف زمنه‪ ،‬تتلمذ على يد ابن حرزهم والفقيه أيب احلسن بن غالب‪ ،‬كان رجال يلبس كساء خشنا وعليه هيبة‪ ،‬كثري القبض قليل‬
‫البسط خترج على يديه ألف شيخ‪ ،‬تويف يف الطريق بوادي يسر ملا استدعي من جباية إىل مراكش سنة ‪192‬هـ‪2291/‬م‪ ،‬ودكفن بالعباد خارج تلمسان‪،‬‬
‫يف السفح الشمايل ملنحدر "املفروش" من كتبه "أنس الوحيد ونزهة املريد يف التوحيد"‪ .‬ابن الزيات‪:‬مصدر سابق‪،‬ص‪229‬؛ الرصاع‪ :‬مصدر سابق‪،‬‬
‫ص‪22‬؛ أبو الوليد‪ ،‬إمساعيل بن يوسف اخلزرجي األنصاري ابن األمحر (ت‪107‬هـ‪2201 /‬م)‪ :‬تاريخ الدولة الزيانية بتلمسان ‪-‬مقتطف من كتابه "‬
‫النفحة النسرينية يف الدولة املرينية"‪ ،‬تح‪ :‬هاين سالمة‪ ،‬ط‪ ،2‬بور سعيد – مصر‪ :‬مكتبة الثقاكفة الدينية للنشر والتوزيع ‪1002‬م‪ ،‬ص‪12‬؛ ابن صعد‪:‬‬
‫مصدر سابق ‪ ،‬ص‪290-210‬؛ ابن قنفذ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ 22‬والوكفيات‪ ،‬تح‪ :‬عادل نويجض‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار اآلكفاق اجلديدة‪2912 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪197‬؛ حيي‪ ،‬بن خلدون‪ :‬مصدر سابق‪102/2 ،‬؛ التنسي‪ :‬مصدر سابق‪110 ،‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪ .229/2 ،‬عبد احلميد‪ ،‬محيدو‬
‫التلمساين‪ :‬السعادة األبدية أليب مدين شعيب كفخر الديار التلمسانية‪ ،‬كفاس‪ -‬املغرب‪ :‬املطبعة اجلديدة‪ 2911،‬م‪ ،‬عدد ‪ ،02‬ص ‪20-29‬؛ جورج‬
‫مارسي‪ :‬املعامل األثرية‪ ،‬ص‪200‬؛ ‪BARGES vie célèbre Marabout Sidi – Abou- Medienne autrement vie‬‬
‫‪.Bou-Medienne paris larousse librairie p1.‬‬
‫‪ -2‬العباد مدينة صغرية شبه ربض‪ ،‬تقع يف اجلبل على بعد ميل جنوب تلمسان‪ ،‬هبا قبور األولياء التلمسانيني‪ ،‬ومنجم أبو مدين شعيب‪ ،‬وقد عمر هذه‬
‫املدينة بنو مرين وأقاموا هبا مسجدا ومدرسة‪ ،‬ومها من أمجل ما شيده الصانع املريين‪ ،‬كفاجملموعة كلجا حتفة كفنية يندر وجود مثلجا يف بالد أخرى‪.‬الوزان‪:‬‬
‫مصدر سابق‪12/1 ،‬؛ مصطفى‪ ،‬سليمان زبيس‪ :‬آثار املغرب العريب‪ ،‬ط‪ ،2‬تونس‪ :‬املطبعة العصرية‪2911 ،‬م‪ ،‬ص‪79‬؛ مبارك‪ ،‬بن حممد امليلي‪ :‬تاريخ‬
‫اجلزائر القدمي واحلديث‪ ،‬تق‪ :‬حممد امليلي‪ ،‬اجلزائر‪ :‬مكتبة النجضة اجلزائرية‪1002 ،‬م‪ ،‬جزءان‪.212/1 ،‬‬
‫‪ Georges et William MARCAIS : Les Monuments.p220 .-3‬حممد بن يوسف بن عمر بن شعيب كفقيه سين موحد‬
‫متصوف كثري التمسك بالسلف الصاحل صاحب كرامات(ت ‪191‬هـ)‪ .‬الرصاع‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪102‬؛ مجال الدين‪ ،‬بوقلي حسن‪ :‬ابن يوسف‬
‫السنوسي يف الذاكرة الشعبية ويف الواقع‪ ،‬اجلزائر‪ :‬املؤسسة الوطنية لالتصال واإلشجار‪ ،‬ص‪12‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪229/2 ،‬؛‬
‫‪. Georges et William MARCAIS : Les Monuments.pop.cit220‬‬
‫‪ - 4‬خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬يغمراسن‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪ - 5‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪112‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪229/2 ،‬؛ جورج‪ ،‬مارسي‪ :‬املعامل األثرية‪ ،‬ص‪.207‬‬

‫‪94‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫‪ -‬زاوية إبراهيم التازي (ت‪100‬هـ‪2202 /‬م)‪.2‬‬


‫لقد كان عدد الزوايا اليت حتمل طابعا قدسيا باملغرب األوسط كبري جدا‪ ،‬د ِمَر معظمجا يف الفرتة االستعمارية‪،‬‬
‫وما تبقى منجا على قلته أصبح هشا بسبب القدم وعمليات الرتميم مبواد وطرق خمتلفة عن املواد املبنية هبا‬
‫أساسا‪ ،‬ورغم هذا ال زالت حماكفظة على مكانتجا وقدسيتجا لدى مرتاديجا من الزوار‪.‬‬
‫وبغض النظر عن مؤسس الزاوية وعن كفخامة بناءها أو بساطته‪ ،‬كفمكانتجا املقدسة يف نفوس منتسبيجا‬
‫ومريديجا جعلت منجا مالذا يقصده القاصدون‪ ،‬واشرتكت مجيعجا تقريبا يف إقامة اجتماعات الصوكفية‪ ،‬كفقد‬
‫أشارت إحدى النوازل إىل إحدى الطرق الصوكفية اليت اعتاد أصحاهبا على االجتماع بأثر صالة اجلمعة يف جملس‬
‫على شيخ خيتارونه‪ ،‬يكون أقواهم على أذكار الذاكرين وأكثرهم استنباطا وكفجما آلداب املريدين‪ ،‬وعندما‬
‫جيتمعون حول شيخجم يقوم خدمي الشيخ بإخراج سبحة منظومة‪ ،‬الحصار التسبيحات والتجليالت‪ ،‬مث ينتقلون‬
‫بعد ذلك إىل الصالة والسالم على رسول اهللﷺ‪ ،‬مث خيتمون ذلك بالسالم على سائر املرسلني‪ ،‬مث يقرأ منشدهم‬
‫بعض ما تيسر من كتاب اهلل وخيتمه بالصالة على رسول اهللﷺ ‪ ،‬مث يقوم منشدهم بإنشاد قصيدة إما يف مدح‬
‫الرسول ﷺ ‪ ،‬أو يف احلض على كفعل اخلريات والتحذير من الوقوع يف الزالت‪ ،‬مث يقرأ آخر كتاب "الشفا بتعريف‬
‫حقوق املصطفى"‪ ،3‬وبعد هناية الذكر يتناولون طعاما‪ ،‬وجيزل العطاء للفقراء منجم‪ ،‬مث خيتتمون جملسجم بقراءة‬
‫سورة من قصار السور والفاحتة وبعض ما ألف يف توحيد اهلل‪ ،‬وعقب ذلك يدعوا الشيخ ويؤمنون على دعائه مث‬
‫يصاكفحون شيخجم وينصركفون‪.4‬‬
‫وتأكيدا على ما سبق كفقد قال ابن مرزوق (ت‪712‬هـ‪2279/‬م) واصفا إحدى اجتماعات الزوايا‪ « :‬أخربين‬
‫أبو العباس بن القطان وكان كثريا ما حيضر اجلمجور‪ ،‬قال‪ :‬جيمع كفيجا صلحاء البلد وعلماء الوقت الظاهرين‪،‬‬
‫قال‪ :‬كفإذا حضروا صلوا وتذاكروا كفتقع األسئلة يف األحاديث واملسائل للعلماء‪ ،‬وتقع املذاكرات بني املتصوكفة‬

‫‪ -1‬حممد بن البنا التلمساين عاش أواخر القرن‪ 7‬هـ وبداية القرن ‪1‬هـ‪ ،‬هو كاتب متخلق ظريف وشاعر أديب من أهل تلمسان‪ ،‬وينسب إليه مسجد‬
‫البنا الكائن قرب القيسارية بتلمسان‪ .‬حيي‪ ،‬بن خلدون‪ :‬مصدر سابق‪211-212/2 ،‬؛ ‪ Catherine Rossi: op.cit. p 68-69‬؛ حممد‪،‬‬
‫بن رمضان والغوثي‪ ،‬بن محدان‪ :‬إرشاد احلائر‪120/1،‬؛ مبارك بوطارن‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .01‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪.229/2 ،‬‬
‫‪ - 2‬هو إبراهيم بن حممد بن علي اللنيت التازي القطب صاحب الكرامات‪ ،‬أخذ عن ابن مرزوق احلفيد كان من األولياء الزاهدين تويف يوم األحد‬
‫التاسع من شعبان ‪100‬هـ‪ .‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.19-11‬‬
‫‪ - 3‬من تأليف عياض ابن موسى السبيت (ت‪122‬هـ‪2229 /‬م) وهو جمموع يتضمن التعريف بقدر الرسول ﷺ تح‪ :‬سامي اجلزار‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫احلديث‪1002 ،‬م‪.22-2/2 ،‬‬
‫‪ - 4‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.10-21/22 ،‬‬

‫‪95‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫والصلحاء يف املقامات واألحوال‪ ،‬بعد أن يصلوا ما تعودوه من النواكفل‪ ،‬وحيضر الطعام ما يعمجم وينشد من‬
‫حضر ممن حيسن اإلنشاد ويعظ من يعظ‪ ،‬وال يزالون كذلك طول ليلجم ورمبا يظجر عند التواجد أحواال‪.»1‬‬
‫يف املقابل ظجرت بعض الطرق الصوكفية املذمومة واليت وجدت هلا مريدين ومداكفعني عنجا وعن قدسيتجا من‬
‫ذلك ما ذكره القاضي عياض(ت‪122‬هـ‪2229/‬م) يف الشفا وغريه‪ ،‬يف وصف مبتدعي التصوف وأن هناك‬
‫قسم غلب عليجم اجلجل والوقوف مع ما أحدث من رسوم‪ ،‬وتركوا النظر يف املعارف والعوارف والعلوم‪ ،‬كفاستحوذ‬
‫عليجم الشيطان وغلب عليجم الطغيان والعصيان‪ ،‬كفاحتفلوا بالرقص والسماع والشجوات اليت تثريها الطباع‪ ،‬ال‬
‫يقتفون شرعا وال جيتنبون أمرا بدعا‪.2‬‬
‫"الس َماع" كفعند بعض الصوكفية ليايل تعقد كفيجا ينشدون ويرقصون‪ ،‬ويف عركفجم‬
‫ومن املظاهر املنكرة األخرى َ‬
‫"بالوجد"‪ ،‬وهذا بدوره حيرك أعضاء البدن‪ ،‬كفإن كانت احلركات غري‬
‫أن السماع يولد حالة يف القلب تسمى َ‬
‫موزونة كانت اضطرابات‪ ،‬وإن كانت موزونة كفحينئذ تكون تصفيقا ورقصا‪ ،3‬وقيل السماع كفيه نصيب لكل‬
‫عضو كفما يقع إىل العني تبكي وما يقع إىل اللسان يصيح وما يقع على اليد ميزق الثياب وتلطم وما يقع إىل‬
‫الرجل ترقص‪ ،4‬وهو ما ركفضه أحد الفقجاء وقاال بأنه بدعة يف جواب عن نازلة وردت يف املعيار‪ ،‬وأنه ال‬
‫يتعاطاها إال ناقص عقل واستثىن مساع اإلنشاد وأنه ال بأس به‪.5‬‬
‫وقد أنكر عليجم مجاعة من العلماء مثل هذا السلوك الشائن‪ ،‬وصنفوا الكتب ووضعوا القصائد يف ذم‬
‫سلوكجم‪ ،‬كفاإلمام ابن قدامة املقدسي(ت‪010‬هـ‪2112/‬م) وضع رسالة يف ذم ما عليه مدعو التصوف من‬
‫الغناء والرقص والتواجد وضرب الدف ومساع املزامري‪ ،‬وركفع األصوات املنكرة مبا يسمونه ذكرا وهتليال بدعوى أهنا‬
‫من أنواع القرب إىل اهلل تعاىل‪.6‬‬
‫يقول الفقيه عبد الرمحان الوغسيلي (ت‪710‬هـ‪2212 /‬م) كفيجم‪ « :‬وقد انتجى التواقح بأقوام إىل إن‬
‫يقولون أن تلك األمور من أبواب القرب وصاحل األعمال‪ ،‬وأنه بذلك يتم به صفاء األوقات ونسيان‬

‫‪ - 1‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.217‬‬


‫‪ -2‬كمال الدين‪ ،‬املصري‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.72-70‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 4‬القشريي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪ - 5‬الونشريسي‪.19/22 ،‬‬
‫‪ - 6‬كمال الدين‪ ،‬املصري‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪96‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫"العس َك ِريَة" كفيجم‬ ‫‪1‬‬


‫األحوال »‪،‬كما أشار الربزيل(ت‪122‬هـ‪2220/‬م) يف قوله‪ « :‬وكذا كان قوم عندنا يسمون َ‬
‫حاالت ينسبوهنا إىل أوليائجم‪ ،‬وزوايا خيلطون النساء معجم‪.»2‬‬
‫وهو ما أكد عليه اإلمام الشاطيب (ت‪790‬هـ‪2211/‬م) يف وقوله‪ « :‬وقع سؤال عن قوم يتسمون بالفقراء‬
‫يزعمون أهنم سلكوا طريق الصوكفية‪ ،‬كفيجتمعون يف بعض الليايل ويأخذون يف الذكر اجلجوري على صوت واحد‪،‬‬
‫مث يف الغناء والرقص إىل آخر الليل وحيضر معم بعض املتسمني بالفقجاء‪ ،‬يرتمسون برسم الشيوخ اهلداة إىل سلوك‬
‫ذلك الطريق‪ ،‬هل هذا العمل صحيح يف الشرع أم ال؟ كفوقع اجلواب بأن ذلك كله من البدع احملدثات‪.»3‬‬
‫ويصف أهل الفتوى املغاربة تلك الفئة املتطركفة من الصوكفية‪ ،‬بأهنم طائفة أمية جاهلة ولعوا جبمع أقوام‬
‫ججال‪ ،‬كفدخ لوا عليجم من طريق الدين وأهنم هلم من الناصحني‪ ،‬وأضاف الفقجاء بأن ما يفعله هؤالء القوم من‬
‫الرقص والتصفيق بدعة وضالل مل يسمع به يف اإلسالم‪.4‬‬
‫و أشار الونشريسي(ت ‪ 922‬هـ‪2109/‬م) إىل وجود طائفة صوكفية أخرى من املتصوكفة تسمو "بالفقراء"‪،‬‬
‫كانوا جيتمعون على الرقص والغناء‪ ،‬كفإذا كفرغوا من ذلك أكلوا طعاما أعدوه للمبيت عليه‪ ،‬مث ي ِ‬
‫صلو َن ذلك بقراءة‬ ‫َ‬
‫عشر من القرآن والذكر‪ ،‬مث يبكون ويزعمون يف ذلك كله أهنم على مقربة وطاعة‪ ،‬ويدعون الناس إىل االقتداء‬
‫هبم ويطعنون على من مل يأخذ بذلك من أهل العلم‪ ،‬ويضيف بأن بعض النساء اقتفني أثرهن يف ذلك‪ ،5‬وذكر‬
‫أنه مل يكن أحد يف املغرب من هذه الطوائف كفيما سلف إىل أن ظجرت هذه الطائفة ووصفجا باألمية اجلاهلة‬
‫الغبية وأهنا أشد ضررا على املسلمني وأن الشاطيب(ت‪790‬هـ‪2211/‬م) والعقباين( ت‪122‬هـ‪2201/‬م) أكفتوا‬
‫بأهنا بدعة وكفساد يف عقائد العوام‪.6‬‬
‫وعن شيوع وا نتشار هذه الطائفة ورد يف "منشور اهلداية" أن رجال جببال نقاوس جعل تالمذة مساهم الفقراء‬
‫على طريق أهل البدع‪ ،‬واختذوا احلضرة‪ ،‬وهي لعبة يتخذوهنا يراؤون هبا الناس وال يستخفون من اهلل‪ ،‬هبا يأكلون‬
‫ومنجا يـَتَ َم َولون وعليجا يف قضاء أوطارهم يعولون‪ ،‬جيتمعون لذكر املوىل جل جالله كفيغريون امسه‪ ،‬ويشطحون‬

‫‪ -1‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.22/22 ،‬‬


‫‪ -2‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪210/0 ،‬‬
‫‪ - 3‬الشاطيب‪ :‬مصدر سابق‪102/2 ،‬؛ الونشريسي‪ :‬املعيار‪.20/22 ،‬‬
‫‪ -4‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.22/22 ،‬‬
‫‪ -5‬املعيار‪.20/22 ،‬‬
‫‪ - 6‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.221-29-22 -20/22 ،‬‬

‫‪97‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫ويرقصون ورمبا يتضاربون‪ ،‬كفرتاهم ككالب ناحبة ولعاهبم كمياه طاكفحة وأنفاسجم كنريان ناكفحة‪ ،‬ال يفرقون بني‬
‫واجب ومندوب وال حمرم ومكروه‪ ،‬ويعتقدون أن ما هم عليه هو احلق الواضح والطريق األقوم‪.1‬‬
‫كذلك أشارت إحدى الفتاوى إىل طائفة ظجرت باملغرب سنة (‪710‬هـ‪2212 /‬م) تنتمي إىل التصوف‬
‫والفقر كانوا جيتمعون يف كثري من الليايل عند واحد من الناس‪ ،‬كفيفتتحون اجمللس بشيء من الذكر على صوت‬
‫واحد‪ ،‬مث ينتقلون إىل الغناء والضرب باألكف والشطح‪ ،‬إىل آخر الليل ويأكلون يف أثناء ذلك طعاما يعده‬
‫صاحب املنزل‪ ،‬وقد أكفىت الفقجاء بأن‪ « :‬ما أحدثوه يف الدين يعترب بدعة حمدثة مل تكن يف زمن رسول اهلل ﷺ أو‬
‫يف زمن الصحابة وال من بعدهم من التابعني‪ ،»2‬وأطلق عليجم مرابطو الذكر والسماع والرقص والشطح‪ ،‬معتربين‬
‫ما يقومون به من أبواب القرب‪.‬‬
‫أملح الونشريسي (ت ‪922‬هـ‪2109/‬م) إىل انتشار زوايا املتصوكفة والغرباء‪ ،3‬يف شىت أحناء املغرب كانوا‬
‫جيتمعون كفيجا على األكل والذكر وإنشاء الشعر‪ ،‬مث يبكون ويشطحون طوال الليل‪ ،‬ويقوم معظمجم بالرقص‬
‫كفيقع مغشيا عليه‪ ،‬وذكر بن مرزوق (ت‪712‬هـ‪2279/‬م) يف مسنده أن أيب احلسن املريين (‪-722‬‬
‫‪729‬هـ‪2221-2222/‬م) ملا استوىل على تلمسان‪ ،‬كانت هناك طائفة تدعى "الغرباء" وهم العيون‬
‫واجلواسيس وخدام الطرق‪ ،‬يستعملون أشياء جرت هبا عوائدهم واختلفت كفيجا طرقجم‪ ،‬كفينتحلوهنا قصدا ألكل‬
‫أموال الناس بالباطل‪ ،‬مث حلق هبم كفيجا غريهم كفيقامرون ويسخرون بالناس‪ ،‬ويدعون كفيجا مناكفع خيدعون ضعفاء‬
‫العقول هبا‪ ،‬ويوظف عليجم بسبب ذلك وظائف وتؤخذ منجم عنه أموال‪ ،‬كفركفع هذا كله واشتد يف عقوبته كفاعليه‬
‫بأنواع العقوبات كفامنحى يف أيامه أثره‪.4‬‬
‫ميكن القول أن الزوايا الشعبية اشرتكت يف الطقوس املمارسة‪ ،‬وجدت زوايا املتصوكفة املتطركفني وكانت مواضع‬
‫الضالَل‪،‬‬
‫اجتماعجم ترتكز غالبا يف احلصون والقرى البعيدة عن احلواضر‪ ،‬ليظجروا ما انطوى عليه باطنجم من َ‬
‫كفيومهون عوام املسلمني ومن ال عقل له من النساء‪ ،‬أن هذه الطريقة اليت يتبعوهنا هي طريقة أولياء اهلل‪ ،‬وهي‬
‫أعظم ما يتقرب به املرء إىل اهلل تعاىل‪ ،‬كفيضلون ويضلون يف ذلك اكفرتاءً على اهلل وعلى شريعته و أوليائه‪ ،5‬وهو ما‬
‫ساعدهم على استمالة الناس وتصديق العامة بقدسيتجم‪.‬‬

‫‪ - 1‬الفكون‪ ،‬عبد الكرمي‪ :‬منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والوالية‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪2917 ،‬م‪.210 .‬‬
‫‪ -2‬الونشريسي‪ :‬مصدر سابق ‪.20-29/22،‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪21/22 ،‬؛ ابن مرزوق‪ :‬املسند‪ ،‬ص‪.110‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.222 -222‬‬
‫‪ -5‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.22-21/22 ،‬‬

‫‪98‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الزيارة المقدسة‪:‬‬


‫يرجع مصطلح ال ِزيَاَرة يف مفجومه اللغوي إىل الفعل َز َار يـَزور‪ ،‬ومبعىن حج حيج‪ ،‬كفمن زار املكان حج إليه‪،‬‬
‫هلذا ينعت الباحثون الغربيون زيارة األضرحة واألولياء بكوهنا حجا‪ ،‬إضاكفة إىل ذلك يتخذ لفظ الزيارة داخل‬
‫السياق الداليل الصالحي معىن آخر ذي منحى جمازي‪ ،‬تعضده وتسنده سلوكيات وأكفعال عينية‪ ،1‬ومنه كفزيارة‬
‫األولياء هي حج رمزي يتم االستعاضة به عن احلج إىل مكة‪ ،‬كفعن طريق التمسح بقرب الويل أو الثوب املغطى به‪،‬‬
‫يستعيد الزائر طقس املسح بالكعبة واحلجر األسود‪ ،2‬ومن بني هذه السلوكيات جند منجا ماهلا طابعا كفرجويا‬
‫بامتياز‪ ،‬يقرتن مع احتضان وتصريف للنظام القرباين‪.‬‬
‫وللزاوية رمزية قدسية لدي بعض كفئات جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬كفجي تستحق الزيارة والتربك هبا سواء يف‬
‫حياة الشيخ أو بعد وكفاته‪ ،‬ذلك ألن الشيخ يدكفن عادة بعد وكفاته يف الزاوية اليت أسسجا‪ ،‬ومنه يصبح الضريح‬
‫كنصب تذكاري يف شكل مكان مقدس للزيارة والتربك به‪ ،‬ويرث األبناء واألحفاد الزاوية وتتحول سلطة الزاوية‬
‫إىل االبن األكرب‪ ،‬وهو ما حدث يف الزاوية املالرية مثال‪ ،‬واليت هبا قرب الشيخ يعقوب املالري (‪727‬هـ‪2227/‬م)‬
‫الذي ابتعد عن تيار التصوف الفلسفي الذي يأخذ من الشطحات والرقص برناجما له‪ ،3‬وهو ما جعل هذه‬
‫الزاوية تأخذ مكانة خاصة يف قلوب الناس‪ ،‬وهو نفس الشيء الذي شجدته زاوية العباد بتلمسان‪.4‬‬
‫إن إشاعة أخبار األولياء والدعوة إىل زيارة قبورهم يف املغرب األوسط‪ ،‬يؤكد على استفحال ظاهرة "بركة‬
‫األولياء" واليت شاعت أكثر يف أوساط العامة وأهل البادية على وجه اخلصوص‪ ،‬لقصور تفكريهم واعتقادهم يف‬
‫بركة الويل‪ ،‬وهذا عائد بطبيعة احلال إىل املناخ الثقايف الذي ساد بالد املغرب األوسط خالل ق‪9‬هـ‪21/‬م‪،‬‬
‫والذي وصل إىل مرحلة اإلعياء والتقعد الفكري‪ ،‬وإنصاكفا للحقيقة كفإن العلماء دعوا إىل حترمي ظاهرة التربك‪ ،‬وما‬
‫يصاحبجا من الطقوس اليت ميارسجا زوار الزوايا واألضرحة باعتبارها بدعة تقود صاحبجا إىل الشرك‪ ،‬إال أن ابن‬

‫‪ - 1‬الصديق‪ ،‬ثياقة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.07‬‬


‫‪- 2‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -3‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪" :‬الزاوية املالرية– تأثري شيوخجا الروحي والديين على الدولة واجملتمع"‪ ،‬ص‪.‬ص‪ ،212-207‬ضمن كتاب‪ :‬دراسات يف تاريخ‬
‫اجلزائر والغرب اإلسالمي‪ ،‬عني مليلة – اجلزائر‪ :‬دار اهلدى ‪1021،‬م‪ ،‬ص‪ . 222-220‬يف املقابل اختلف نظام الزوايا باملغرب األوسط باختالف‬
‫اجتاهات الشيوخ وأساليبجم الرتبوية‪ ،‬إال أن تركيزهم على مبدأ الرتبية الروحية للمريد وما تشتمل عليه من مبادئ وقيم وعبادات وسلوك‪ ،‬أضحى قامسا‬
‫مشرتكا بني مجيع الزوايا مع تقيدهم الشديد بالعلوم الشرعية‪ ،‬والبعد عن اخلراكفات واخلزعبالت والشطحات الصوكفية املبتدعة‪ .‬مفتاح‪ ،‬خلفات‪ :‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.207‬‬
‫‪ -4‬عبد العزيز كفياليل‪ :‬الزاوية املالرية‪ ،‬ص‪.221-222-‬‬

‫‪99‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫عريب(ت‪021‬هـ‪ 2170/‬م) داكفع عنجا رمبا ملا تكتسبه من أمهية يف نفوس املريدين‪ ،‬أو ألهنا من مقام القداسة‬
‫اليت ال جيب الطعن كفيجا‪.1‬‬
‫وهو األمر الذي دكفع بأمحد بن تيمية (‪711‬هـ‪2220/‬م) بأن يرد على مثل هذا املوقف يف مؤلف خاص‬
‫عنونه ب "الفصل بني أولياء اهلل وأولياء الشيطان"‪ ،‬سلك كفيه مبدأ الوساطة بإقرار االحتفال بعيد مولد النبوي‬
‫من ججة‪ ،‬وزيارة أضرحة الصاحلني من الزهاد والصوكفية من ججة أخرى‪ ،‬وبني املنتسبني هلذا التيار من املشعوذين‬
‫والدجالني‪ ،2‬وميكن القول أن ظاهرة زيارة األولياء واختاذ قبورهم أماكن مقدسة من بني الظواهر اليت كانت‬
‫منتشرة يف بالد املغرب اإلسالمي واملغرب األوسط‪ ،‬حيث كان العامة من الناس يعتقدون يف األولياء ويقدروهنم‬
‫وحيرتموهنم ويتقربون إليجم مبختلف الوسائل لنيل بركاهتم‪ ،3‬كما اعترب الويل مالذا للمظلومني واملقجورين يرجعون‬
‫إليه وقت حاجتجم‪ ،‬مستمدين منه القوة على أمل اسرتداد حقوقجم وتعويضجم عن االنكسارات واهلزائم اليت‬
‫حلقت هبم‪.‬‬
‫وقد دعم هذه العادة العاهل التلمساين يغمراسن بن زيان ( ‪012-022‬هـ‪2111-2122/‬م) الذي كان‬
‫معجبا هبؤالء األولياء ساعيا للتقرب منجم راغبا لنيل بركتجم‪ ،‬كفكان يكثر من زيارة الشيخ الصاحل أيب عبد اهلل‬
‫حممد بن عيسى‪ 4‬مبدينة أغادير‪ ،‬واشتجر هذا الويل بكثرة حجه إىل بيت اهلل احلرام حيث وصل عدد حجاته إىل‬
‫مخسة وعشرين حجة‪ ،‬وكذلك ارحتل لزيارة الويل الشجري بأيب البيان واضح يف موضعه جببل أكفرشان ملتمسا بركته‬
‫والدعاء له ولعقبه‪ ،5‬وكان كثريا ما جيالس الصلحاء ويكثر من زيارهتم‪ ،‬كما كان يستقبل الويل إبراهيم بن علي‬
‫اخلياط يف قصره‪ ،‬بل كان يقيم اجملالس معجم إىل جانب الفقجاء والعلماء ويدير معجم املناظرات واملذكرات يف‬

‫‪ - 1‬ابن مرزوق‪ :‬املسند‪ ،‬ص ‪.221‬‬


‫‪ - 2‬مفتاح‪ ،‬خلفات‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ -3‬خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬يغمراسن‪ ،‬ص‪202‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪.290/1 ،‬‬
‫‪ -4‬يعترب أبو عبد اهلل حممد بن عيسى رجال صاحلا وعاملا ورعا كانت له كرامات ومكاشفات يوجد قربه خارج باب العقبة حيي‪ ،‬بن خلدون‪:‬‬
‫البغية‪221/2،‬‬
‫‪ -5‬التنسي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.210‬ابن صعد‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪201-201‬؛ حيي‪ ،‬بن خلدون‪ :‬املصدر السابق‪229/2 ،‬؛ ابن مرمي‪ :‬مصدر‬
‫سابق‪ ،‬ص‪. 200‬عن تفاصيل هذه الزيارة واحلوار الذي دار بني يغمراسن وأيب البيان ينظر‪ .‬املازوين‪ :‬مناقب صلحاء الشلف‪ ،‬ص ‪ 222-221‬خالد‪،‬‬
‫بلعريب‪ :‬يغمراسن‪ ،‬ص‪202‬؛ بوداود عبيد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.110‬‬

‫‪100‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫قصرهاملشور‪ ،1‬وهو ما شجع الناس على إتباعه وتعظيم األولياء وإنزاهلم منزلة مقدسة كفتناكفسوا يف زيارهتم‬
‫للحصول على الربكة منجم‪.‬‬
‫إن استفحال ظاهرة زيارة األولياء واالعتقاد يف كراماهتم يكشف عن طبيعة العقلية االعتقادية املجيمنة على‬
‫شرحية عريضة من اجملتمع‪ ،‬هذا إىل جانب احلضور القوي لكرامة الويل يف املشجد الصويف‪ ،‬وهو ما احتفظت به‬
‫الذاكرة اجلماعية‪ 2‬على مر العصور‪ ،‬دون اعتبار للنعوت اليت وصفت هبا على أهنا من اخلوارق اليت يصعب‬
‫حدوثجا‪ ، 3‬كففي حال رحيل الويل إىل دار البقاء‪ ،‬كفإن ضرحيه يغدو ملجأ لكل من انظلم أو دارت به الدوائر‪،‬‬
‫وهو اللجوء الذي تتم شرعنته مبنطق احلرم الذي مينح احلماية القصوى‪ ،‬كفإليه يكون اللجوء السياسي‬
‫واالجتماعي والصحي والنفسي‪...‬اخل‪ ،‬كفالويل يقدم مشروعية كرامته وبركته كبديل تعبدي سلوكي‪ ،‬ملا تعذر حله‬
‫وتدبريه اجيابيا يف سجل العسر واألزمة واالحنباس‪.4‬‬
‫قال ابن قنفذ (ت‪120‬هـ‪2207/‬م)‪ «:‬الكرامة ال تنقطع مبوت صاحبجا‪ ،‬بل تظجر وتشتجر بركاته بعد‬
‫املمات وتلوح عند قربه الربكات‪ ،»5‬وكان ابن قنفذ يعترب كرامات األولياء وبركاهتم حتفظ األبناء واألحفاد وتقجر‬
‫أصحاب الشر‪ ،6‬وهو ما ساعد كثريا على انتشار ظاهرة التربك باألولياء‪ ،‬ملا كان يتطلع إليه الزوار يف حتقيقه من‬

‫‪-1‬خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬يغمراسن‪ ،‬ص‪ . 202‬وقصر املشور أو قلعة املشور اليت قاومت صروف الدهر قرونا تتوسط املدينة‪ ،‬أنشاها املوحدون بعد سيطرهتم‬
‫على املدينة يف القرن ‪ 21‬م وبداخلجا دور للسكىن‪ ،‬ومسجدها مجيل ما يزال حىت اليوم‪ ،‬و بنا يغمراسن بن زيان قصر املشور وعمره أوائل القرن الثالث‬
‫عشر عند مغادرته القصر املرابطي الذي كان موازيا للجامع األعظم‪ ،‬كفقد وصف التنسي منازله اجلليلة وحدائقه النضرة‪ ،‬وقد هدم بعض حجراته باي‬
‫اجلزائر‪ ،‬إثر ثورة قام هبا التلمسانيني على احلاكمني‪ ،‬مث قضى الفرنسيون على ما تبقي منجا سنة ‪ 2122‬واختذوا موضعه معسكرا إال أهنم تركوا صومعة‬
‫قصرية مجيلة تدل على أنه كان للقصر مسجدا‪ .‬حيي‪ ،‬بوعزيز‪ :‬تلمسان‪ ،‬ص‪27‬؛ وعبد العزيز‪ ،‬كفراح‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪110‬؛ خمتار‪ ،‬حساين‪ :‬موسوعة‬
‫تاريخ وثقاكفة املدن اجلزائرية‪ ،‬اجلزائر‪ :‬دار احلكمة‪1007،‬م‪ 2 ،‬ج‪9/2 ،‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪.221/2 ،‬‬
‫‪ -2‬حييل مفجوم الذاكرة إىل آليات متثل املاضي واستحضارها هذا التمثل االسرتاتيجي لنسق الذهنيات والتصورات الرمزية يستدعي حفرا شامال يف‬
‫الذاكرة البشرية كإنتاج اجتماعي ‪ ،‬كفجي موروث ذهين خيتزل مسرية من الذكريات الفردية واجلماعية اليت تغذي التمثالت اجملتمعية‪ ،‬كفالذاكرة تعد جمرد‬
‫صورة عن ماضي وقع استحضاره واختزاله تضخيمه أو تقزميه وتربيره وكفق حاجيات اللحظة وتناقضات الراهن غالبا ما تغلب عليجا صفة القداسة‬
‫‪.‬موالي عبد احلكيم الزاوي ‪ :‬جدل التاريخ والذاكرة يف األستوغراكفيا املغربية حفريات يف الذات املغربية املقجورة بلون السياسة ‪ ،‬شبكة ضياء للمؤمترات‬
‫والدراسات‪ ،‬املغرب‪ ،‬ص ص ‪.22-2‬‬
‫‪ - 3‬مفتاح‪ ،‬خلفات‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -4‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪11‬‬
‫‪ - 5‬ابن قنفذ‪ :‬أنس الفقري‪ ،‬ص‪ . 7‬هناك من قال بانقطاع الكرامة بوكفاة الويل ألن عمل اإلنسان ينقطع بوكفاته كما جاء يف احلديث الشريف‪ :‬عن أيب‬
‫هريرة رضي اهلل عنه أن الرسول ﷺ قال‪ « :‬إذا مات ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث‪ :‬صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صاحل يدعو له »‪.‬‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬ص ‪.2022‬‬
‫‪ -6‬ابن قنفذ‪ :‬أنس الفقري‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪101‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫أمنيات ومصاحل دنيوية‪ ،1‬وجرت العادة‪ 2‬أن يقدم هؤالء نذورا عند زيارهتم ألضرحة األولياء‪ ،‬وغالبا ما يعملون‬
‫إىل تعليق خرق وشرائط معقودة على قرب الويل الصاحل‪ ،‬وحىت يف األشجار اجملاورة لضرحيه‪ ،3‬وهو ما يؤكد أن‬
‫اجملموعة البشرية يف حاجة دائما للمقدس األوليائي‪ ،‬ليس من أجل تدبري حياهتا الدينية كفقط‪ ،‬بل من أجل إثراء‬
‫عالقاهتا وتقوية حظوظ مواججتجا للسلطة املتوزعة طوال وعرضا يف اجملتمع‪ ،4‬وهذا هو األهم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬وظيفة الزاوية‪:‬‬
‫تعددت املعتقدات يف القدرات واخلوارق اليت ميكن حصوهلا عرب زيارة الزوايا‪ ،‬ملا متنحه من هالة قدسية وقدرة‬
‫على ختطي الصعاب وحل املشاكل‪ ،‬لذا سادت يف اجملتمع ذهنية تقديس الزاوية اليت شكلت مكانا مقدسا ال‬
‫ميكن املساس هبا أو هبيبتجا‪ ،‬وأهم الوظائف اليت أنيطت هبا الزوايا على رأسجا أذكر‪:‬‬
‫‪ /3‬اإلشفاء من األمراض وعالج الحمى‪ :‬يبدو أن عجز العديد من الناس الفقراء عن دكفع أجرة الطبيب‬
‫ألجل التداوي ووجود بعض األمراض املستعصية‪ ،‬أودى هبم إىل البحث عن سبل أخرى للعالج مجما كان‬
‫نوعجا‪ ،‬كفكانوا يلجئون إىل األولياء كأطباء هلم خاصة بالقرى واملداشر النائية البعيدة عن املدن‪ ،‬ومن العالج‬
‫الذي استجوى شرحية العوام العالج بالتمائم والعزائم على الرغم من اتصاله بأمور السحر والشعوذة وكذلك جلئوا‬
‫للعالج بالرقية‪ ،5‬كفكان محل التمائم اليت يكتبجا األولياء يف الزوايا مبثابة طقوس وقائية لدكفع ضرر حمتمل حدوثه‪،‬‬
‫ومنه كفحمل التمائم كان مقبوال من اجلميع ومنتشرا على نطاق واسع باملغرب األوسط كما سبقت اإلشارة إليه‬
‫يف الفصل األول‪.‬‬
‫كما كان يعتقد بكالم الطلسم أو الكالم املكتوب املذاب يف املاء من اآليات القرآنية وغريها وبأثرها يف‬
‫الشفاء‪ ،‬إذا كانت مكتوبة من طرف ويل صاحل‪ ،‬لذا ذهب الناس للزوايا قصد أن متنح هلم الرقى والتمائم بغية‬

‫‪ - 1‬خوان‪ ،‬غويتيصولو‪ :‬أضرحة وزوايا وطوائف طقوس زيارة األولياء يف اإلسالم املغريب‪ ،‬ترمجة‪ :‬إبراهيم اخلطيب‪ ،‬جملة املناهل العدد ‪ ،12/10‬السنة‬
‫‪ ،19‬وزارة الثقاكفة املغربية‪1007 ،‬م‪ .‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 2‬العادة هنا مقصود هبا جمموعة من األكفعال واألعمال وألوان السلوك اليت تنشأ يف ا جلماعة بصفة تلقائية‪ ،‬لتحقيق أغراض تتعلق مبظاهر سلوكجا‬
‫وأوضاعجا‪ ،‬ومتثل ضرورة اجتماعية تستمد قوهتا من هذه الضرورة‪ ،‬لذلك من الصعب على األكفراد اخلروج على مقتضياهتا لذلك هي مفجوم يستخدم‬
‫لإلشارة إىل جمموع األمناط السلوكية اليت تبقى عليجا اجلماعة‪ ،‬وتتناقلجا عن طريق التقليد والتفاعل مع اآلخرين‪ .‬جالل‪ ،‬مدبويل‪ :‬االجتماع الثقايف‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬القاهرة‪ :‬دار الثقاكفة‪ ،2979 ،‬ص‪.10-79‬‬
‫‪ - 3‬خوان‪ ،‬غويتيصولو‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 4‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪9-1‬‬
‫‪ - 5‬خليلي‪ ،‬خبتة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.192‬‬

‫‪102‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫العالج أو الوقاية من األمراض‪ ،‬ومن بني من اشتغل بالرقي للعالج جند ابن كفرغوس‪ 1‬الذي كان يرقي املرضى‬
‫وأبو العالء املديوين (ت‪721‬هـ‪2222 /‬م)‪ ،2‬واشتجر أيب البيان واضح بإبراء العاهات من ذلك أنه صنع‬
‫حجابا لزوجة السلطان يغمراسن بن زيان (‪012-022‬هـ‪2111-2122/‬م) ‪.3‬‬
‫وميدنا الربزيل(ت‪122‬هـ‪2220/‬م) بنماذج من الرقى كرقية عسر الوالدة كفيقول‪ «:‬يكتب يف صفحة مث‬
‫تغسل وتسقى منجا املرأة ثالث‪ ،‬كفيكتب بسم اهلل الرمحان الرحيم ال إله إال اهلل العظيم احلليم الكرمي‪ ،‬سبحان اهلل‬
‫رب السموات ورب العرش العظيم‪ ،‬بعدها يقع حمو الكتابة وتذوب بالنفخ يف املاء‪ ،‬مث يتحلل ويدخل يف جسد‬
‫املريض‪ ،‬اعتقاداً منجم أن الطلسمات املذابة يف املاء من خالل احملو‪ ،‬تؤدي إىل تذويب األمل واملرض‬
‫واضمحالله‪ ، »4‬قد تكون مثل هذه الرقى اليت حتوي ألفاظ أعجمية وكلمات غري مفجومة أو طالسم كتبت من‬
‫طرف منتحلي الوالية بغية احلصول على مقابل مادي هلذه الرقى اليت يصنعوهنا‪ ،‬واليت تدل على نوع من املمارسة‬
‫السحرية‪.‬‬
‫وعلى نفس الشاكلة ذكر مثال آخر متثل يف أن كتابة بعض األلفاظ األعجمية على خرقة كتان أزرق‪ ،‬وجيعل‬
‫كفيجا بيضة الدجاجة ويشويجا يف النار‪ ،‬كفإن البيضة تطيب وال حترق للخرقة كفيأكلجا احملموم وجيعل قشرها يف‬
‫اخلرقة املذكورة ويربطجا يف عنقه‪ ،‬كفإنه يربأ بإذن اهلل وال ترجع احلمى إليه أبدا‪ ،5‬وخيتلف الطلسم باختالف الزمن‬
‫الذي يتم كفيه وغرضه‪ ،‬وهو أنه حيتوي على كلمات ورسوم ورموز مكتوبة وحمفورة أو بارزة ملونة وغري ملونة‪،‬‬
‫وكلجا يف غاية الصعوبة‪ ،‬وصنع الطلسم ال يقدر عليه إال كل ساحر عايت شاخ وداخ يف مجنته‪ ،‬ويستمر مفعوله‬
‫بضعة أيام مث يفسد‪ ،‬إال إذا تكرر منه ما ميكث بضعة شجور‪.6‬‬
‫ولقد تعدى األمر يف التمائم والرقى املصطلحات الغري مفجومة والرموز املبجمة‪ ،‬كفجناك من املشعوذين‬
‫والدجالني من استغل قصيدة الربدة البتزاز األموال واالحتيال على صغار األحالم وضعفاء العقول‪ ،‬واختذوا منجا‬
‫متائم وتعاويذ وشرعوا يومهون األغرار بفوائد هذه التمائم ومناكفعجا ويتقاضون على ذلك ما ميأل جيوهبم‪.7‬‬

‫‪ -1‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.127‬‬


‫‪ - 2‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫‪ -3‬املازوين‪ :‬صلحاء‪ ،‬ص ‪.112-122‬‬
‫‪ - 4‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪.211/0 ،‬‬
‫‪ - 5‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.271 /22 ،‬‬
‫‪ - 6‬سليمان‪ ،‬األشقر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ - 7‬البويصري شرف الدين حممد بن سعيد‪ ،‬ديوان البويصري‪ ،‬تح‪ :‬حممد سيد الكيالين‪ ،‬ط‪ ،2‬مصر‪ :‬مطبعة مصطفى البايب احلليب‪2911 ،‬م‪.‬ص‪.20‬‬

‫‪103‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫يف املقابل ذكرت املصادر الوسيطة بعض األولياء الذين اشتجروا بالقدرة على عالج األمراض دون متائم أو‬
‫رقى‪ ،‬مثل سيدي أيب سعيد الشريف احلسين‪ ،‬والذي اشتجر بأنه جماب الدعوة وله كرامات باهرة‪ ،‬ما زاره ذو‬
‫عاهة إال برء وال صاحب حاجة إال قضيت‪.1‬‬
‫من خالل ما سبق يتضح مدى التصديق اجلازم لدى بعض سكان املغرب األوسط يف القدرات واخلوارق اليت‬
‫ميتع هبا األولياء‪ ،‬ذلك أنه يف اعتقادهم ميلكون القدرة على تغري جمرى احلوادث واألشياء‪ ،‬ويشفون األمراض‬
‫املستعصية اليت ال ينفع معجا عالج طيب‪ ،2‬كفاحلسن أبركان (ت ‪101‬هـ‪2202/‬م) مثال متكن من إشفاء مصاب‬
‫مبرض جلدي امسه "آكلة" عن طريق ريقه بالتفل على موضع املرض‪ ،3‬واشتجر أبو العباس بن مرزوق بأنه يشفي‬
‫املرض بدليل عالجه لولده ابن مرزوق اخلطيب وكان كثري املرض يف صغره حيث عجز األطباء عن مداواته‪.4‬‬
‫كما كان بإمكاهنم ترويض احليوانات املفرتسة ومصاحبة اجلن‪ ،5‬وال خيفى علينا ما حوته مناقب أبن‬
‫مرزوق(ت‪712‬هـ‪2279/‬م) من ذكر األولياء الذين متتعوا بقدرة احلديث مع الوحوش املفرتسة وترويضجا على‬
‫رأسجا األسد الذي ذكر أكثر من مرة كفأبو يعزى يلينور بن ميمون اشتجر برتويضه لألسود‪ ،6‬وذكر كذلك من‬
‫كان من األولياء وله قرين من اجلن‪ ،‬وإن دل على شيء كفإمنا يدل على ما حيوزه الويل من كرامات وقدرات‬
‫منحت له وحده دون سواه‪.‬‬
‫‪ /0‬االلتجاء‪ :‬شكلت الزوايا منذ نشأهتا درعا للحماية وااللتجاء وهذا سبب كثرهتا باملغرب األوسط‪،‬‬
‫كفااللتجاء إليجا زمن اجلوائح واألوبئة واجملاعات والقحوط واليت كانت حتصد األرواح‪ ،‬وتدخل البالد يف حروب‬
‫وصراعات مستمرة حول املاء والكالء واألرض وصنوف املعاش‪ ،‬هلذا كله تقدم (الوالية‪ /‬الزاوية) متنجا واشتغاالهتا‬
‫كخالص دنيوي مساوي‪ ،‬عرب قيمتجا وممارساهتا القائمة على السفر واهلجرة إىل منازل القربة والوصل‪ ،7‬وعلى‬
‫دورها يف منح املأوى والغذاء زمن األزمة‪ ،‬ومما حفظته لنا املصادر أن الويل أيب يعقوب ( ق‪1‬ه‪22/‬م) دكفني بين‬
‫حلوان بالقرب من مازونة زاره مجاعة من الفقراء برسم الزيارة‪ ،‬كفلم جيد ما يطعمجم كفأخذ حبال وكفأسا وسار إىل‬
‫مكان وأحضر منه ترابا أو رمال واقتلع شيئا من بصل العنصل‪ ،‬وجاء بذلك إىل أهله وأمر زوجته بطبخ األكل‬

‫‪ - 1‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.71-72‬‬


‫‪ -2‬امليلودي‪ ،‬شغموم‪ :‬املتخيل والقدسي يف التصوف اإلسالمي – احلكاية والربكة‪ ،‬مطبعة كفضالة‪ :‬احملمدية‪2992 ،‬م ‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ - 3‬ابن مرمي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ - 4‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪ -5‬امليلودي‪ ،‬شغموم‪ :‬املرجع سابق‪ ،‬ص‪17‬؛ عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 29‬‬
‫‪ - 6‬التاديل‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪ - 7‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪104‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫للفقراء‪ ،‬كفلما كشف ما باحلمل إذ بالرمل حتول دقيقا والعنصل صار حلما مسينا‪ ،‬صنعت هلم منه طعاما كثريا‬
‫كفأكلوا حىت شبعوا‪.1‬‬
‫إن احلديث عن مثل هذه الكرامات وكثرة وقوعجا مسي ب"انقالب األعيان"‪ 2‬كانقالب احلصا جواهر‪،‬‬
‫وانقالب ماء البحر عذبا‪ ،‬ولبعضجم نشارة اخلشب دقيقا‪ ،‬ولبعضجم احلطب ذهبا وهذه األشياء مذكورة يف‬
‫الرسالة القشريية وغريها‪.‬‬
‫‪ /1‬التعليم‪:‬‬
‫اعتربت الزوايا من بني أهم املؤسسات التعليمية إىل جانب املدارس واليت سامهت بشكل كبري يف نشر‬
‫التعليم الديين لدى الشرائح الدنيا يف جمتمع املغرب األوسط‪،3‬كما سامهت يف تعليم األوراد واألذكار اليت‬
‫اختصت هبا الطرق الصوكفية‪ ،‬ودرس هبا املريدين بعض املصنفات والنقول والتفاسري وغريها‪.‬‬
‫‪ /0‬إقامة االحتفاالت‪:‬‬
‫هناك الكثري من الزوايا اليت سامهت يف صنع الفرجة كوهنا مركز احتفال‪ ،‬لكن احتفاالت الطرق الصوكفية‬
‫واملواسم‪ ،‬طغى عليجا البعد الروحاين والفولكلوري وامتزجت كفيجا اخلراكفة بالسحر والدين بالشعوذة‪ ،‬ومت تغليف‬
‫املقدس باملد نس‪ ،‬خاصة وأن الطرق الصوكفية باملغرب األوسط سيطرت وبشكل جلي على كل مظاهر احلياة‬
‫وتفاعلت مع ثقاكفة اجملتمع وجتاربه التارخيية‪ ،‬مما جعلجا ت َك ِون ثقاكفة خاصة ظجرت من خالل التمثالت الفردية‬
‫واجلماعية يف الطقوس واملمارسات االحتفالية‪ ،‬عرب مؤسسة الزاوية اليت أصبحت مكان مقدس إلقامة االحتفال‬
‫عند بعض سكان املغرب األوسط‪.‬‬
‫مع اختالف الطرق الصوكفية اختلفت املمارسات االحتفالية داخل الزاوية‪ ،‬وأود هنا أن أنوه إىل أنه ال يوجد‬
‫خالف يف كون الطرق الصوكفية يف املغرب األوسط تستمد مرجعيتجا الدينية من السرية النبوية الشريفة‪ ،‬وتتخذ‬
‫من شخصية الرسول ﷺ النموذج املقتدى يف السلوك والفعل‪ ،‬وهذا ما أكده نور الدين الزاهي حينما قال‪«:‬‬
‫ترى أغلب الطرق الدينية املغاربية بعودة سالسلجا الصوكفية إىل الشاذيل كفاجلنيد كفالنيب‪ ،‬باستثناء الطريقة القادرية‬
‫اليت تربط ذاهتا بعبد القادر اجليالين‪ ،‬والتجانية اليت تعترب ذاهتا منحدرة من النيب مباشرة‪ ،»4‬على الرغم من هذا‬
‫كفقد شابتجا ممارسات أكفرغت بعض الزوايا من هدكفجا احلقيقي‪.‬‬

‫‪ -1‬املازوين‪ :‬صلحاء‪ ،‬ص‪.172‬‬


‫‪ -2‬املزيدي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬
‫‪ - 3‬خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬يغمراسن‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ -4‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬بركة السلطان‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪105‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫وقد طالت تلك الطرق الصوكفية الكثري من االحنراكفات والسلوكات الشاذة اليت أخرجتجا من جمال املقدس إىل‬
‫املدنس‪ ،‬من خالل بروز مجلة من البدع اليت تفشت يف وسط مريديجا‪ ،‬خالل االحتفاالت واليت تنطلق بالتجليل‬
‫والتصلية على الرسول ﷺ والذكر والسماع الصويف‪ ،‬لكن سرعان ما يتم العبور إىل املدنس من خالل طقوس‬
‫احلضرة واجلذب‪ ،1‬ألن كثريا ممن يسمون باألولياء الصاحلني ويقصدون بالزيارة‪ ،‬وما يشاع عنجم من خراكفات‬
‫وقدرات ومعجزات وكرامات‪ ،‬تؤكد لنا بعض الطقوس االحتفالية املصاحبة لتعظيم آثارهم‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬الزاوية وظاهرة الشرف‪:2‬‬
‫تنبع القداسة يف اإلسالم الشعيب من راكفدين خمتلفني‪ ،‬راكفد تربوي واألخر وراثي‪ ،‬ويستند أوهلما يف إقامة‬
‫مشروعيته على تربية روحية تنتقل من جيل إىل جيل‪ ،‬بواسطة سلسلة من األولياء الصاحلني حسب قواعد‬
‫الطوائف الصوكفية‪ ،‬حيث ترتقي هذه السلسلة لدى بعضجا إىل النيب حممد عليه الصالة والسالم‪ ،‬وتـ َعِرب سلسلة‬
‫األجداد على نقط التداخل واالنشطار اليت حتدد هوية الفئات االجتماعية ونوعية العالقات القائمة بينجا‪ ،3‬أما‬
‫الثاين والذي انتشر على نطاق واسع يف البادية‪ ،‬كفيفرتض انتقال الكرامات الروحية من مؤسس الزاوية إىل أحد‬
‫أبنائه أو كاكفة ذريته‪.4‬‬
‫ارتبطت الزاوية بظاهرة الشرف واالنتماء إىل النسب املقدس وبيت النبوة‪ ،‬حيث أمجعت نصوص النوازل‬
‫الفقجية واملناقب والتصوف والتاريخ على مفجوم موحد ملاهية الشرف والشركفاء‪ ،‬يف كونه كنية كان خيتص هبا كل‬
‫من كان ينسب إىل احلسن واحلسني ابين كفاطمة وعلي رضي اهلل عنجم مجيعا‪ ،‬بوصفجم ميثلون أصول هذه‬
‫الظاهرة ومصدر املشروعية كفيجا‪ ،5‬كففكرة الشرف ظجرت بقوة مع املجدي بن تومرت (ت‪112‬هـ‪2220 /‬م) يف‬

‫‪ -1‬اجلذبة يف بعض الكتابات احمللية واألجنبية ممارسات مهجية متخلفة‪ ،‬كفيما األمر بالنسبة للباحث والسوسيولوجي األنثربولوجي يبدوا خمتلفا عن هذه‬
‫األحكام‪ ،‬كفاجلذبة اشتغال طقوسي رمزي على اجلسد والروح‪ .‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.0‬‬
‫‪ -2‬حول البوادر األوىل لظجور كفكرة الشرف يف املغرب األوسط خاصة بتلمسان وأحوازها‪ ،‬وكيف خص الشركفاء ببيت خاص داخل الزاوية كزاوية إبراهيم‬
‫التازي (ت‪100‬ـ‪2202/‬م) ينظر‪ :‬الطاهر‪ ،‬بونايب‪ " :‬خطاب الشرف يف املغرب األوسط خالل العصر الوسيط‪ -‬مقاربة يف مستوياته ضمن نص النوازل‬
‫واملناقب والتاريخ"‪ ،‬ص ص ‪ ، 212-222‬ضمن كتاب‪ :‬املغرب األوسط من خالل كتب النوازل‪ ،‬تنسيق بوبة جماين‪ ،‬هباء الدين للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪ 1022‬م‪ ،‬منشورات خمرب البحوث والدراسات يف حضارة املغرب اإلسالمي جامعة منتوري قسنطينة ‪ ،‬ص ‪.211-220-221‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل‪ ،‬احلمودي‪ :‬االنقسامية والرتاتب االجتماعي والسلطة والقداسة‪ -:‬مالحظات حول أطروحات كلينر‪ ،‬ضمن كتاب‪ :‬األنثروبولوجيا والتاريخ‪،‬‬
‫ص‪.‬ص‪ ، 10 - 00‬حالة املغرب العريب‪ ،‬تر‪ :‬عبد األحد السبيت وعبد اللطيف الفلق‪ ،‬ط‪ ، ،1‬الدر البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار توبقال للنشر‪1007 ،‬م‪،‬‬
‫‪.01‬‬
‫‪ - 4‬خوان‪ ،‬كليمنصو‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪220‬؛ مفتاح‪ ،‬خلفات‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ - 5‬حممد‪ ،‬بن مرزوق احلفيد‪ :‬إمساع الصم يف إثبات الشرف لألم‪ :‬دراسة وتح‪ :‬مرمي احللو‪ ،‬ط‪ ،1‬وجدة‪ :‬املغرب‪ ،‬مطبعة الشرق‪1000 ،‬م‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫نقال على الطاهر‪ ،‬بونايب‪ :‬خطاب الشرف‪ ،‬ص ‪.229‬‬

‫‪106‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫ربط نسبه بفاطمة بنت الرسول ﷺ‪ ،‬واخلليفة عبد املؤمن بن علي الكومي(ت ‪111‬هـ‪2202/‬م) الذي ربط‬
‫نسبه بعلي بن أيب طالب‪ ،‬كما كانت تلمسان وآكفاقجا مركزا للنفوذ السياسي والروحي آلل البيت من بين إدريس‬
‫بن عبد اهلل وأخويه حممد وسليمان‪ ،1‬ووجد بعض الناس من أصل بربري صعوبة يف إثبات انتمائجم للنسب‬
‫الشريف ألن الشركفاء عرب منسوبون للحسن واحلسني‪ ،2‬وبالتايل مل يكن بإمكاهنم نيل املكانة االجتماعية‬
‫واحلظوة اليت ناهلا غريهم من الشركفاء‪.‬‬
‫كان العامة ينظرون إىل النسب الشريف على أنه نسب مقدس ومصدر للربكة‪ ،‬مرتبط باإلرث الساليل‬
‫وكامن يف الشريف الورع التقي الصاحل اخلري‪ ،‬وهي صفات من عطايا الرسول ﷺ‪ ،‬اليت أودعجا يف ذريته وكانت‬
‫متثل بالنسبة جملتمع املغرب األوسط دليل القدرة وحتقيق حاجات الفرد‪ ،3‬كما كانت الزاوية ختص الشركفاء‬
‫بطقوس خاصة يف الضياكفة‪ ،‬بل أن هناك من الزوايا من كان يف هيكلجا العمراين بيت خاص بالشركفاء‪ ،‬مثل زاوية‬
‫إبراهيم التازي‪( 4‬ت‪100‬هـ‪2202 /‬م)‪ ،‬وهو ما جعلجا قبلة للمنتسبني إىل حقل الشرف‪ ،‬والطامعني يف كرم‬
‫الزوايا وخصوصية الضياكفة‪ ،5‬كفظاهرة الشرف أعطت لصاحب الزاوية قدسية خاصة أصبغجا بدوره على البناء‬
‫واخلدام واملريدين‪.‬‬
‫كان االنتساب آلل البيت من أهم األمور اليت تناكفس الناس يف إثباهتا‪ ،‬حيث ظجرت كفكرة االنتساب آلل‬
‫البيت عن طريق "األم" وهو ما أثار جدال بني منكر ومقر هلذا النسب‪ ،6‬وكان احلرص على النسب الشريف ال‬
‫يقتصر على األولياء كفقط بل تناكفس سالطني املغرب األوسط يف إثبات نسبجم الشريف إلعطاء الشرعية للسلطة‬

‫‪ - 1‬موسى‪ ،‬لقبال‪ " :‬زناتة واألشراف احلسنيون يف جال تلمسان واملغرب األوسط"‪ ،‬جملة األصالة‪ ،‬اجلزائر‪2971 :‬م‪ ،‬ع‪ ،10‬ص ص ‪.91-92‬‬
‫‪ - 2‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.129/1 ،‬‬
‫‪ - 3‬حممد‪ ،‬العمراين‪ :‬الشرف واجملتمع والسلطة ( الشمال املغريب منوذج) من القرن ‪ 20‬إىل ‪ 22‬هـ‪29-20/‬م‪ ،‬الرباط‪ :‬دار أيب الرقراق للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪1021 ،‬م‪ ،‬ص‪201-202‬‬
‫‪ - 4‬هو إبراهيم بن حممد بن علي اللنيت التازي القطب صاحب الكرامات‪ ،‬أخذ عن ابن مرزوق احلفيد كان من األولياء الزاهدين تويف يوم األحد‬
‫التاسع من شعبان ‪100‬هـ‪ .‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪.19-11‬‬
‫‪ - 5‬ابن صعد‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪207‬؛ الطاهر‪ ،‬بونايب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ - 6‬من بني املنكرين للنسب الشريف من ججة األم حيتجون بأن االبن ينسب لألب وهو موقف كفقجاء تونس‪ ،‬أما كفقجاء جباية وعلى رأسجم املشدايل‬
‫(ت‪722‬هـ‪ 2222 /‬م) كفيقر هبذا النسب‪ ،‬وجند من الفقجاء من وقف بينجما كموقف كفقجاء املغرب األوسط كابن مرزوق واملقري(ت‪711‬هـ‪2217/‬م)‬
‫و أيب عبد اهلل الشريف (ت‪772‬هـ‪2209/‬م) و أيب سعيد العقباين( ت ‪122‬هـ‪2201/‬م) الونشريسي‪ :‬املعيار‪292/21 ،‬؛ وللمزيد حول املوضوع‬
‫ينظر الدراسة القيمة اليت قام هبا الباحث نصر الدين‪ ،‬بن داود‪" :‬الشركفاء يف اجملتمع املغريب خالل القرنني ‪9-1‬هـ‪21-22 /‬م) من خالل كتاب إمساع‬
‫الصم يف إثبات الشرف من قبل األم للمراكشي القسنطينس األكمه و إمساع الصم يف إثبات الشرف لألم البن مرزوق احلفيد التلمساين"‪ ،‬جملة املعارف‬
‫للبحوث والدراسات التارخيية‪ ،‬عدد‪ ،10‬ص ص ‪.220-201‬‬

‫‪107‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫حسب الظروف والتطورات التارخيية والسياسية‪ ،‬وكان أهل املغرب حيرصون على توثيق األنساب وتشجريها‬
‫حفاظا على أصالة النسب عامة والنسب الشريف يف الدوحة احملمدية الشريفة خاصة‪.1‬‬
‫وردا على من نفى وجود النسب الشريف وصعوبة إثباته بعد املائة السابعة أو الثامنة ورد عند الونشريسي بأن‬
‫هذا ادعاء ضعيف وقول باطل‪ ،2‬بل أن هناك نازلة وردت عند الونشريسي يف رجلني ختاصما كفقال أحدمها ومل‬
‫يكن ي نتمي للنسب الشريف‪ :‬لعن اهلل الشرف كفكان جواب النازلة أنه يف حالة ثبت عليه قوله تضرب عنقه وإذا‬
‫‪3‬‬
‫مل يثبت عليه ذلك صفد يف احلديد وضرب بالسوط ضربا وجيعا على سفجه وقلة دينه وجرأته‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الوالية واألولياء‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الوالية‪:‬‬
‫الوالية بالفتح‪ ،‬جاء يف لسان العرب أن الويل هو اسم من أمساء اهلل تعاىل وهو الناصر‪ ،‬وقيل املتويل ألمور‬‫َ‬
‫كفالوالية بالفتح أظجر يف النسب والنصرة‬ ‫‪ِ 4‬‬
‫العامل واخلالئق القائم هبا ‪ ،‬والوالية بالكسر اسم ومعناها النصرة‪ ،‬وعليه َ‬
‫من قوهلم َويل بني الوالية‪ ،‬أما بالكسر كفجي اإلمارة من قوهلم َو ِال بني ال ِوالَية‪.5‬‬
‫تدل الوالية لغة على اإلمارة والسلطان‪ ،‬كما حتيل على القرب والنصرة‪ ،‬كفالويل يف قواميس اللغة هو احملب‬
‫والصديق والنصري والكفيل‪ ،6‬والوالية هي قيام العبد عند الفناء عن نفسه‪ ،‬وذلك بتويل احلق إياه حىت يبلغه غاية‬
‫مقام القرب والتمكن‪ ،7‬والويل يدل على من توىل اهلل أمره وحفظه من العصيان‪ ،‬ومل خيله نفسه باخلذالن حىت‬
‫يبلغه يف الكمال مبلغ الرجال‪.8‬‬
‫ليست الوالية عند الصوكفية جمرد هجرة إىل السماء‪ ،‬إهنا موقف مما يعتمل يف األرض‪ ،‬كفربكة األولياء تنشأ‬
‫من كفخ املتناقضات القائم بني الكائن واملمكن دنيويا‪ ،‬كففي اللحظة اليت تتواتر كفيجا األزمات ويعز كفيجا‬

‫‪ - 1‬نصر الدين‪ ،‬بن داود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220‬‬


‫‪ - 2‬املعيار‪.121/1 ،‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.270/1 ،‬‬
‫‪ - 4‬ابن منظور ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ .200‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ك أَص َحاب النَّا ِر هم كفِ َيجا‬ ‫ات إِ َىل النُّوِر والَّ ِذين َك َفروا أَولِياؤهم الطَّاغوت خي ِرجونـَجم ِمن النُّوِر إِ َىل الظُّلم ِ‬
‫يل الَّ ِذين آمنوا خي ِرججم ِمن الظُّلم ِ‬
‫ات أولَئِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫﴿ اللَّه َوِ ُّ َ َ‬
‫َخالِدو َن﴾ سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪ 110‬ومنه كفإن اهلل هو مصدر سلطة الويل‪ ،‬وليس باستطاعة البشر وضع حد هلا‪.‬‬
‫الص َالةَ َويـؤتو َن الَّزَكاةَ َوهم َراكِعو َن ﴾ سورة املائدة‪ ،‬اآلية ‪.17‬‬ ‫ين ي ِقيمو َن َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َِّ ِ‬
‫﴿ إمنَا َوليُّكم اللَّه َوَرسوله َوالذ َ‬
‫ين َآمنوا الذ َ‬
‫ف َعلَي ِجم َوَال هم َحيَزنو َن ﴾ سورة يونس‪ ،‬اآلية ‪.01‬‬ ‫﴿ أََال إِ َّن أَولِيَاءَ اللَّ ِه َال َخو ٌ‬
‫‪ - 5‬عبد الرزاق‪ ،‬القشاين‪ :‬معجم اصطالحات صوكفية‪ ،‬تح‪ :‬عبد العال شاهني‪ ،‬ط‪ ،02‬القاهرة‪ :‬دار املنار‪2991 ،‬م‪.12 ،‬‬
‫‪ - 6‬عاصم‪ ،‬إبراهيم الكيالين‪ :‬الوالية والويل عند السادة الصوكفية يف الشريعة والطريقة واحلقيقة‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الكتب ناشرون‪1020 ،‬م‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -7‬عبد الرزاق‪ ،‬القشاين‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -8‬نفسه‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪108‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫اإلنصالح‪ ،‬يربز الصالح كجواب تعبدي صويف على عسر الفجم والتكيف مع احمليط‪ ،‬وهلذا نالحظ أن رد‬
‫الفعل اجتاه الطبيعة كالكوارث واجلوائح‪ ،‬أو اجتاه السلطة كاالستغالل والتسلط‪ ،‬كفاألكفراد يبحثون عن مالجئ‬
‫مادية أو معنوية ملواججة الواقع املتأزم والديين‪ ،‬مبا يكتنزه من قيم التفاوض مع الواقع‪ ،‬وإمكان جتاوزه يصري حال‬
‫اجيابيا للكثريين‪ ، 1‬وعليه كفالوالية ال تصدق وال تنكتب إال باملثال والنموذج‪ ،‬كفاألخذ عن السلف واالبتداء‬
‫باملريدية‪ ،‬هو ما يـنتِج االعرتاف هبا‪ ،‬كفحسب معتقدات الصوكفية من ال شيخ له كفالشيطان شيخه‪ ،‬ومن مل ميت‬
‫حتت بيعة شيخ مات يف الرتهات والضالل‪ ،‬وكل سالك طريق حيتاج كفيه إىل دليل مرشد عارف ناصح‪.2‬‬
‫كما أن الوالية تنبين يف ظل عالقات متوترة بني السلطة واجملتمع‪ ،‬حبيث تستحيل ركفضا للتدبري السلطوي‪،‬‬
‫وخروجا عليه مواججة له بطريقة أو بأخرى‪ ،‬بدءاً باختيار املنفى اجملايل إىل إنتاج اخلطاب املضاد واملمارسة‬
‫املناقضة للسائد حمليا‪ ،3‬أما الويل كفجو املتمسك بالطاعة على وجه القربة‪ ،‬والويل له معنيان‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫املعىن األول‪ :‬كفَعيل مبعىن َمفعول‪ ،‬وهو من يتوىل اهلل تعاىل أمره يف قوله‪ ﴿ :‬إ َّن َوليِّ َي اللَّه الَّذي نـََّزَل الكتَ َ‬
‫اب َوه َو‬
‫ني ﴾‪ ،4‬مبعىن ال يكله إىل نفسه حلظة‪.‬‬ ‫يـتَـوَّىل َّ ِِ‬
‫الصاحل َ‬ ‫ََ‬
‫اعل‪ ،‬وهو الذي يتوىل عبادة اهلل وطاعته‪ ،‬كفعبادته جتري على التوايل من غري أن‬ ‫املعىن الثاين‪ :‬كفَعِيل مبالغة من كفَ ِ‬
‫يتخللجا عصيان‪.5‬‬
‫يتوجب التأكيد على أن الوالية من املسائل املقدسة يف املغرب األوسط‪ ،‬إذ تعد درجة عليا تتحصل‬
‫لصاحبجا وطالبجا بعد كثري جماهدة ومكابدة طول الطريق‪ ،‬ويلزمجا اإلرادة ومعجا اجملاهدات‪ ،‬وحسب الصوكفية‬
‫كفإن أوسط الطريق احملبة ومعجا الكرامات‪ ،‬وآخر الطريق املعركفة ومعجا املشاهدات‪ ،‬كفإذا متكن يف هذه املراتب ال‬
‫جيرى عليه أحكام التلوين وصار سباحا يف حبار التوحيد وسر التفريد‪ ،‬يكون وليا نائبا لألنبياء وصادقا من‬
‫األصفياء‪.6‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ - 2‬عبد اللطيف‪ ،‬الشاذيل‪ :‬التصوف واجملتمع مناذج من القرن العاشر اهلجري‪ ،‬سيال‪ -‬املغرب‪ :‬مطبعة سال‪ ،2919 ،‬ص‪212‬؛ عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪:‬‬
‫مرجع سابق‪.21 ،‬‬
‫‪ -3‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ - 4‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية ‪.290‬‬
‫‪ - 5‬القشريي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫‪ - 6‬نفسه‪ ،‬ص‪221-227‬؛ عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 20‬‬

‫‪109‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫ومن أرباب اجملاهدات والزهد يف املغرب األوسط‪ ،‬الذين وصلوا درجة كبرية يف الوالية وهلم مكانة مقدسة يف‬
‫اجملتمع‪ ،‬جند الشيخ حممد بن عمر اهلواري (ت‪122‬هـ‪2220/‬م)‪ ،1‬وأمحد الغماري (ت ‪172‬هـ‪2201/‬م)‪،2‬‬
‫واحلسن بن خملوف الشجري بأبركان (ت‪117‬هـ‪2212/‬م)‪ ،‬والذي أمساه حممد التنسي(ت‪199‬هـ‪2292/‬م)‬
‫بالويل الزاهد‪ 3‬القطب الغوث‪ 4‬شيخ الزهاد وقدوة العباد‪.5‬‬
‫أ‪ /‬درجات الوالية‪:‬‬
‫صحيح أن الوالية أمر مقدس لدى كفئة كبرية من جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬وال يصل إليجا إال أرباب‬
‫اجملاهدات‪ ،‬لكن ال يتساوى األولياء يف درجات الوالية كفجناك عدة مراحل وحمطات مير هبا الويل حىت يصل إىل‬
‫قمة اهلرم‪ ،‬وال بأس من التطرق لدرجات الوالية بنوع من الشرح ليس بالطويل اململ وال القصري املخل‪.‬‬
‫بداية كفإن األسطورة تصنف الويل وأمثاله يف إطار مقوالت معينة سلفا مثل كرمي‪ ،‬كفاضل‪ ،‬يقوم الليل‪ ،‬ويصوم‬
‫النجار‪ ،6‬وهلذا وجب للويل أن يتدرج يف سلم الوالية واليت تبدأ درجاهتا "بالسالك" وتنتجي ب "قطب‬
‫األقطاب"‪ ،‬كفأولياء اهلل هلم مراتب وأحوال كفجم على طبقات كثرية وأحوال خمتلفة‪ ،‬كفمنجم من جتتمع له احلاالت‬
‫واملقامات‪ 7‬كلجا‪ ،‬ومنجم من حيصل من ذلك ما شاء اهلل‪ ،‬وما من طبقة إال هلا لقب خاص من أهل األحوال‬
‫اليت يظجر عليجا‪ ،‬ومنجم من حيصره عدد يف كل زمان‪ ،‬ومنجم من ال عدد له الزم يقلون ويكثرون‪ ،8‬قال ابن‬

‫‪ - 1‬هو أبو عبد اهلل حممد بن عبد السالم بن يوسف بن كثري اهلواري نسبة إىل هوارة‪ ،‬ويل عارف باهلل القطب صاحب الكرامات‪ ،‬نشأ يف طلب العلم‬
‫مجع بني اخلطابة والتدريس‪ ،‬استقر بوهران أين يقع ضرحيه‪ ،‬تويف سنة ‪122‬هـ ‪.‬الرصاع‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪10‬؛ ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪-111‬‬
‫‪120‬؛ ابن صعد‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ - 2‬ابن صعد‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪20‬و‪.210‬‬
‫‪ - 3‬الزاهد هو كل من أخرج الدنيا من قلبه واحتقرها واستصغرها وأدخل هم اآلخرة‪ .‬أبو طالب‪ ،‬املكي‪ :‬قوت القلوب‪ ،‬مصر‪ :‬املطبعة املصرية‪،‬‬
‫‪2921‬م‪ ،‬ص‪.209‬‬
‫‪ -4‬الغوث هي درجة من درجات الوالية والقطب يسمى غوثا باعتبار التجاء امللجوف إليه وهي درجة ال تتحقق إال بعد طول جماهدة وعمق عركفان‪.‬‬
‫عبد الرحيم العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ - 5‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪92-72‬؛ التنسي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ - 6‬عبد اهلل‪ ،‬احلموي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 7‬املقامات هي مكاسب وهي است يفاء احلقوق املرسومة شرعا على املقام من معامالت وجماهدات ورياضات‪ ،‬واملقام هو استيفاء حقوق املراسم وإال‬
‫مل يرتق إىل املقام الذي بعده‪ ،‬كفعالقة املقامات بعضجا ببعض هي عالقة ترق‪ ،‬قد تكون بال أمساء بل جمرد ترق يف عشرة مقامات‪ ،‬من املشاهدة األولية‬
‫– األحدية‪ -‬األقربية‪ -‬البصرية‪ -‬العلمية‪ -‬الفاعلية‪ -‬احلياتية‪ -‬احملبوبية‪ -‬مراقبة التوحيد الشجودي‪ .‬بلغريب‪ ،‬عبد القادر‪" :‬أسس القراءة وآليات التأويل يف‬
‫النص الصويف – عفيف الدين التلمساين يف شرح مواقف النفري"‪ ،‬أطروحة دكتورا علوم يف اللغة واألدب العريب ختصص قضايا األدب ومناهج‬
‫الدراسات النقدية املقارنة‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح (ورقلة )‪ 1020 ،‬م‪ ،‬ص‪. 10‬‬
‫‪ - 8‬حمي الدين بن عريب ‪ :‬أهل املراتب واألحوال‪ ،‬تح‪ :‬حممد عبد الرمحان الشاغول‪ ،‬ط‪ 2،‬القاهرة‪ :‬دار جوامع الكلم‪1009 ،‬م‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪110‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫مرزوق (ت‪712‬هـ‪2279/‬م) يف املناقب‪ «:‬رأيت من األولياء يف صغري بتلسمان خالئق‪ ،»1‬ومنه نستدل على‬
‫العدد اهلائل من األولياء يف املغرب األوسط ككل‪ ،‬وحسبنا يف ذلك قوله يف موضع آخر ‪ «:‬يستدل بالقل منه‬
‫على الكثرة» وهكذا كفإن منوذج تلمسان وعدد أوليائجا ميكن تعميمه على باقي حواضر املغرب األوسط‪.‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن احلال عند الصوكفية وقتية‪ ،‬كالسكر والصحو والغيبة والرضى‪ ،‬ومن شروطجا الصرب مع‬
‫البالء والشكر مع النعمة‪ ،‬كفالصدق واإلخالص أصل كل حال‪ ،2‬ومن األلقاب اليت حفظتجا لنا املتون النصية‬
‫الوسيطة عن درجات الوالية‪ ،‬خاصة كتب املناقب جند‪ :‬السالك ‪ -‬اجملذوب ‪ -‬البجلول ‪ -‬الوتد ‪ -‬اجلرس ‪-‬‬
‫البدل ‪ -‬النقيب ‪ -‬النحيب ‪ -‬البجايل ‪ -‬الصاحل ‪ -‬املالميت ‪ -‬الغوث ‪ -‬القطب ‪-‬وقطب األقطاب يف قمة‬
‫الوالية‪ ،‬وهي درجة عليا ال تتحقق إال للجامعني األحوال واملقامات‪ ،‬كفالقطب يسمى غوثا باعتبار التجاء‬
‫امللجوف إليه‪ ،‬وهي درجة ال تتحقق إال بعد طول جماهدة وعمق عركفان‪ ،3‬وال يناله إال الويل العارف الكبري القدر‬
‫الصاحل ‪ ،4‬مثل أيب مدين شعيب الغوث قطب األقطاب (ت‪192‬هـ‪2291/‬م)‪.‬‬
‫أما طبقات األولياء حسب أبو احلسن علي بن حممد املراكشي يف مؤلفه "مناقب األولياء وصفة سلوك‬
‫األصفياء" اليت وردت عند الباديسي ( كان حيا ‪711‬هـ) يف املقصد الشريف‪:‬‬
‫أ‪ -‬الطبقة األوىل من األولياء‪ :‬هم قوم ال خيرججم اهلل تعاىل عن اخللق‪ ،‬يشتغلون مبا يشتغل به الناس من سائر‬
‫احلرف واملكاسب‪ ،‬وال يأكلون إال من كد أمياهنم‪.5‬‬
‫ب‪ -‬الطبقة الثانية‪ :‬ال يشتغلون مبكسب أشغلجم املسبب عن السبب‪ ،‬ما هلم حركفة غري عبادة اهلل تعاىل‪،‬‬
‫ويكون قوهتم على اهلل ألنه كاكفل أمرهم ويرزقجم على يد من يشاء من عباده املؤمنني‪.6‬‬
‫ج‪ -‬الطبقة الثالثة‪ :‬يأكلون من القدرة ويشربون من القدرة‪.1‬‬

‫‪ -1‬املناقب‪ ،‬ص‪ ،200‬ونفس الشيء قاله عن جباية ‪ « :‬ودخلنا جباية احملروسة كفلقينا هبا من األولياء خالئق»‪ .‬ص‪.202‬‬
‫‪ - 2‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ . 21‬وأورد أبياتا على لسان أبو حممد عبد العزيز بن أيب بكر حول الغيبة والصحو عند أيب مدين شعيب كفقال‪:‬‬
‫ش َعيب َويل اهلل ِسر ِعبَ ِاد ِه *** أَبو َمدين مغ ِين اآلنَ ِام بَِفخ ِره‬
‫اشًرا ِعل َم ا ِإل ِله بِأَم ِره‬
‫كفَـيا جنَةَ املأوى ويا علَم اهل َدى *** ويا نَ ِ‬
‫ََ‬ ‫َ َ َ ََ َ َ‬
‫ب طوِره‬‫نت يف ك ِل جبَانِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َومل تَغب *** َوَما ك َ‬
‫ِ‬
‫ت َومل َحتضر َوغب َ‬‫ضر َ‬‫َح َ‬
‫اس إِط َفاءَ نوِره ‪ .‬ص‪.99-91‬‬ ‫َحد يف النَ ِ‬ ‫ِ‬
‫كفَـنورَك نور اهلل يـَجدي لَه َوَهل *** َعلَى أ َ‬
‫‪ - 3‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 27‬إبراهيم‪ ،‬عاصم‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 4‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪.229 ،‬‬
‫‪ -5‬عبد احلق‪ ،‬بن إمساعيل الباديسي‪ :‬املقصد الشريف واملنزع اللطيف يف التعريف بصلحاء الريف‪ :‬تح‪ :‬سعيد آعراب‪ ،‬ط‪ ،1‬الرباط‪ :‬املطبعة امللكية‬
‫‪2992،‬م‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ -6‬نفسه‪ ،‬ص‪12-11‬‬

‫‪111‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫حس ب هذه الطبقات عم بني الصوكفية اعتقاد بأن اإلنسان إذا إرتاض وجاهد يف العبادة‪ ،‬كفإنه قد يلتحق‬
‫باملالئكة الكرام‪ ،‬حىت أن بإمكانه الطريان يف اهلواء واملشي على املاء‪ ،‬كفالربياضة حسب اعتقادهم ينسلخ الصويف‬
‫بالكلية عن احلظوظ البشرية‪ ،‬وهذا االعتقاد يف أساسه اعتقاد الربامهة ولكنه شاع عند الصوكفية وكانوا حيرصون‬
‫على نشر األخبار اليت تروي طريان أحدهم يف اهلواء‪ ،2‬وكان من املصدقني بالكرامات كفقد أورد لنا ابن مرزوق‬
‫(ت‪712‬هـ‪ 2279/‬م) يف مناقبه ذكر العديد من متصوكفة املغرب األوسط الذين اشتجروا بالطريان يف اهلواء‬
‫واملشي على املاء‪ ،‬وغريها من اخلوارق اليت تتعارض مع املنطق العقلي‪ ،‬ورغم هذا وجدت هلا مصدقني هبا‬
‫ومداكفعني عنجا‪ ،‬ويف املقابل ورد نص عند الونشريسي يدعو لعدم تصديقجم جاء كفيه‪ « :‬ال تغرتوا هبم ولو أهنم‬
‫يطريون يف اهلواء وميشون على املاء كفال يغرت أحدكم مبا ظجر من األوهام واخلياالت من أل البدع والضالالت‬
‫ويعتقد بأهنا كرامات‪.»3‬‬
‫ب‪ /‬أسس الوالية‪:‬‬
‫هناك عناصر متعددة تسجم بعد طول خماض وجماهدة مع النفس يف إنتاج الوالية وكسب االعرتاف هبا‬
‫وتقديس منتسبيجا‪ ،‬وهي يف الغالب حتضر جمتمعة أو متفرقة يف سري عدد من األولياء‪ ،‬كفجناك العلم والصالح‬
‫والشرف والفعل‪ ،‬علما بأن هذه املكونات ليست بالضرورة هي املسالك الوحيدة واملمكنة إلنتاج وختصيب‬
‫الوالية‪ ، 4‬كفجناك الوالية بالوراثة أو باإلجازة أو باملنح‪ ،‬وما تطرقي ألسس الوالية إال من باب البحث عن مدى‬
‫تأثريها يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬وتقبله ملثل هذه األكفكار واملعتقدات بل وتقديسجا‪.‬‬
‫أؤكد أن اهلدف من جرد هذه الكرامات ال يتصل بالدكفاع عن معقوليتجا وثبوتيتجا‪ ،‬وال من أجل دحضجا‬
‫وتبخيسجا‪ ،‬إذ هي على حد قول الباحث عبد الرحيم العطري‪ « :‬متون لالشتغال والتفكري بعيدا عن االحتفاء‬
‫أو اإلنكار‪»5‬‬

‫‪ - 1‬الباديسي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫‪ - 2‬كمال الدين‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ .21‬املزيدي‪ :‬مرجع سابق‪ . 212-212 ،‬الربامهة اسم يطلق على أكفراد الطبقة العليا‪ ،‬وهي طبقة الكجنوت أو‬
‫رجال الدين عند اهلندوس‪ ،‬والديانة الربامهية نسبة إىل براهم ومعناها اهلل وقيل معناها رب الصالة‪ ،‬اخلالق املانح للحياة‪ .‬للمزيد حول هذه الديانة ينظر‪:‬‬
‫أمحد‪ ،‬شليب‪ :‬أديان اهلند الكربى اهلندوسية اجلينية البوذية‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ :‬مكتبة النجضة املصرية‪2912،‬م‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫‪ - 3‬املعيار‪.21/22 ،‬‬
‫‪ - 4‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21-22‬‬
‫‪ -5‬نفسه ‪ ،‬ص‪.17‬‬

‫‪112‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫‪ -3‬العلم‪:‬‬
‫مل تتحدث املصادر عن علو شأن بعض األولياء يف العلم‪ ،‬ومع ذلك كفأهنم ارتقوا عاليا يف مسالك الكرامة‬
‫والربكة‪ ،‬وعموما كفإن العلم واهلجرة إليه يظل حامسا يف صناعة الويل‪ ،‬ومتجيد طريقه إىل مراتب القرب واالتصال‬
‫بالقدسي‪.1‬‬
‫‪ -0‬المجاهدة‪:‬‬
‫الطريق إىل الوالية تنسلك عرب جماهدة النفس وقجرها‪ ،2‬كفكل ما حييل على الغرائزي يصري ثانويا وغري ذي‬
‫أمهية بالنسبة للسالك‪ ،‬وهلذا كفقد كانت الكتابة املناقبية‪ ،‬تعج بأخبار التقشف واجللد والقناعة والعزلة اليت امتازت‬
‫هبا حياة األولياء‪ ،3‬مثل‪ :‬جد ابن مرزوق ألبيه أبو عبد اهلل (ت‪712‬هـ‪2279/‬م) والذي انقطع للعبادة وختلى‬
‫وجترد‪ ، 4‬وكذلك جده ألمه اإلمام أيب إسحاق إبراهيم بن خيلف بن عبد السالم التنسي (ت ‪199‬هـ ‪/‬‬
‫‪2292‬م) الذي اشتجر كفتخلى وانقطع‪ ،5‬كل هذا يف سبيل الوصول إىل درجة القداسة يف سلم الوالية‪.‬‬
‫إن أعظم جماهدة دنيوية مير هبا الويل هي مقاومة اجلوع‪ ،6‬كفبعد اخللوة يف مكان مظلم يأيت اجلوع مبواصلة‬
‫الصيام مث السجر بقيام لليل ليكون الويل ميت البدن حي الروح‪ ،7‬ومن مناذج الكرامات يف مقاومة اجلوع أنه ملا‬
‫كان بتلمسان غالء شديد حىت تعطلت الصالة‪ ،‬كفنام سيدي أمحد بن احلسن الغماري مبسجد احللفاويني زمنا‬
‫طويال‪ ،‬حىت كفاتت األزمة وعاد الناس للصالة يف املساجد كفلما سئل عن مدة مكوثه باملسجد ظن أنه نام ساعة‪،‬‬
‫كفقيل أن اهلل غيبه عن كفتنة اجلوع كما غيب أهل الكجف‪ ،8‬وحدثوا عن أيب زكريا حيي بن موسى املليجي أن أبا‬
‫بكر املنادي شكا إليه اجلوع يف عام جماعة وكان ذلك يف أول احلر‪ ،‬كفأمره أن يدخل يف صومعة جامع مليحة‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 2‬القشريي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ - 3‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27-20‬‬
‫‪ - 4‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ -6‬زينب بنت الشيخ الصاحل أيب إسحاق إبراهيم بن حممد الداليل‪ ،‬أم جد ابن مرزوق‪ ،‬كان زوججا كفقري وأهلجا ميسورين‪ ،‬ومع هذا ركفضت طعامجم‬
‫إليجا تقربا هلل‪ .‬املناقب‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ - 7‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬شفاء السائل‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 8‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪113‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫كفلما دخلجا نام‪ ،‬كفلم يستيقظ إال يف زمان حصاد الزرع‪ ،‬قال أبو بكر كفانتبجت من نومي وقد نسيت القرآن‬
‫وأكل السوس من كسائي من اجلانب الذي يلي األرض‪.1‬‬
‫من خالل ما سبق ميكن القول أن الكتابات املناقبية قد أغرقت يف توصيف إخنراق العادة وإثبات الكرامة‪،‬‬
‫لتجاوز األزمة كفطي الطريق يغدو بديال لطول املساكفات‪ ،‬وكرامة القناعة والكفاف تغدو رسالة مشفرة ضدا على‬
‫البذخ والثراء الفاحش‪ ،‬كما أن كرامة الشجاعة واإليثار والقيم اإلنسانية النبيلة‪ ،‬تصري انتقادا مباشرا للبؤس‬
‫القيمي وال التصاحل مع أزمنة القدسي‪ ،‬كففي الكتابة املناقبية جند تصورا إصالحيا مضمرا ومعلنا‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫كتاهبا مل يكونوا منفصلني عن أزمات عصورهم‪ ،2‬كل هذا يف حماولة منجم لكشف الواقع املعاش وطرح منط‬
‫خمتلف وبديل عنه لتجاوز األزمة‪.‬‬
‫ومن صور اجملاهدة األخرى اليت عمل األولياء على حيازهتا ليحوز املقدس معجا جند البعد والعزلة‪ ،‬كفالبعد‬
‫انقطاع عن احلسي عن الدنيوي عن املدنس‪ ،‬والعزلة جماهدة للنفس وانتصار عليجا‪ ،‬باعتبارها مائلة وراغبة أبدا‬
‫يف التعلق باحلسي واآلخر‪ ،‬والسالك إىل مراتب الوالية يتوجب عليه إحداث القطيعة واالنتصار على اللذوي‪،‬‬
‫أمال يف اكتناز املعىن ويف ذلك كله جماهدة للنفس وقجر هلا‪ ،‬بل إن هذا القجر يظجر يف سري أخرى باختياره حفرة‬
‫القرب مرقدا بدل األسرة الوثرية‪ ،‬ولبس املرقع واخلشن من اللباس إمعانا يف متريغ اجلسد يف تراب الوضاعة‬
‫واالحتقارية ومترينا له على جماهبة اللذة وجتاوزها‪ ،3‬كفاللباس املرقع واخلشن والذي استعمل يف الطقوس الدينية‪،‬‬
‫كانت له دالالت خاصة بصفته رمزا ملعىن املقدس‪ ،‬وأن من يرتديه مع قدرته على ارتداء أكفخر منه‪ ،‬إمنا هو‬
‫إنسان نقي وطاهر ‪.‬‬
‫‪ -1‬الصحبة‪ :‬اللقاء‪:‬‬
‫إن الصحبة واملريدية هي كفرتة امتحان وتعلم يف انتظار بلوغ الكرامة وإثبات الصالح‪ ،‬إهنا إرادة جلين الربكة‬
‫وبلوغ الوصل وإدراك اخلالكفة واملشيخة‪ ،‬وبذلك كفجما معا تفرتضان سلوكا بل وتقعيدا للمارسة والعالئقية مع‬
‫الصاحب واملرشد‪ ،4‬كفكل طالب والية ال بد له من صاحب يأخذ عنه مبادئ الطريقة للوصول إىل الوالية‪،‬‬
‫كفالويل الصاحل عندما يجاجر إىل األطراف والنجايات كفكأنه يريد بذلك حتقيق البدايات كفاجلبل يف قمته هو هناية‬

‫‪ - 1‬التاديل ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.210‬‬


‫‪ -2‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪.12 ،‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪114‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫لألراضي صعودا حنو السماء‪ ،‬وهبا يتحقق اللقاء مع القدسي‪ ،1‬وال يكاد يوجد أحد من األولياء دون أصحاب‬
‫يتذاكر ويتزاور معجم حىت وإن كانت املساكفات بعيدة وهو ا حييلنا على العنصر املوايل‪.‬‬
‫‪ -0‬السفر‪:‬‬
‫السفر واهلجرة يف االنشغال على طقس املرور إىل املشيخة والوالية‪ ،‬كفالسفر يسفر عن العيوب ويطر النفوس‬
‫والقلوب‪ ،‬كفال بد من الفصل كي يتحقق الوصل‪ ،‬والفصل هنا يكون باالنتقال رمزيا وماديا من الدنيوي إىل‬
‫القدسي‪ ،2‬كفالسفر إىل القدسي يستلزم اجملاهدة واالجتجاد‪ ،‬ويكون السفر عن طريق الرحلة الزيارية‪ ،‬اليت يروم‬
‫صاحبجا السياحة يف األرض للقاء املتصوكفة واألولياء وزيارة أضرحتجم وقبورهم‪.3‬‬
‫ومن أشجر األماكن اليت زارها األولياء يف أسفارهم هي أضرحة األولياء الصاحلني كفقد ذكر لنا ابن مرزوق‬
‫(ت‪712‬هـ‪ 2279/‬م) واصفا العامل أبو زكريا حيي بن الصيقل بالويل الصاحل العارف إمام وقته‪ ،‬كان زهدا ورعا‬
‫صاحب كرامات وأحوال‪ ،‬وكان أكثر مالزمة للمقابر واملساجد اخلربة خارج البلد‪ ،4‬وأهم املقابر واألضرحة اليت‬
‫تناكفس املريدون لزيارهتا باملغرب األوسط يف أسفارهم أذكر‪ :‬مقربة باب وهب‪ ،5‬ومقربة باب اجلياد واليت كفيجا‬
‫مقربتان مها عني وانزوتة‪ 6‬واملرج أو اخلفري‪ ،7‬ومقربة باب العقبة‪ ،8‬ومقربة باب القرمادين‪ ،9‬ومقربة باب كشوط‪،10‬‬
‫ومقربة مسند صاحل بباب زيري‪ ،11‬ومقربة باب الدباغني‪ ،12‬وأخذت هذه املقابر مكانتجا من منزلة املدكفونني هبا‬
‫ودرجة الوالية اليت وصلوا إليجا‪ ،‬ومدي تقديس الناس هلم ومكانة من زارها من غري صلحاء وأولياء تلمسان‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22-21‬‬


‫‪ - 2‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 3‬مصطفى‪ ،‬نشاط‪" :‬الدميغراكفية التارخيية يف الرحلة الزيارية باملغرب الوسيط" جملة كنانيش الدميغراكفيا التارخيية‪ ،‬جامعة حممد األول كلية اآلداب والعلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ع‪1002-2‬م ص ص ‪-12‬إىل ‪.22‬املغرب‪ :‬دار املنظومة‪ ،1010 ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 4‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.272‬‬
‫‪ - 5‬كفيجا قرب أيب يعقوب التفريسي وابن تاشفني األول‪ .‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪211‬؛ ابن مرزوق‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪ - 6‬كفيجا قرب يعقوب املغراوي‪ .‬ابن مرمي‪ :‬املصدر السابق ‪ ،‬ص‪211‬‬
‫‪ - 7‬كفيجا قرب أيب يعقوب الصنجاجي‪ .‬ابن مرزوق‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.299‬‬
‫‪ - 8‬كفيجا دكفن حممد بن عيسى‪ ،‬وابن الصيقل‪ ،‬وابن صاحب الصالة‪ .‬ابن مرمي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪200‬؛ ابن مرزوق‪ :‬املصدر السابق ‪ ،‬ص‪-272‬‬
‫‪.270‬‬
‫‪ - 9‬كفيجا دكفن أبو سعيد الشريف‪ .‬ابن مرمي‪ :‬املصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ - 10‬كفيجا دكفن أبو مجعة الكواش ‪ .‬نفسه‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ - 11‬كفيجا دكفن أبو عبد اهلل بن أيب بكر بن مرزوق‪ ،‬وأبوه وجده‪ .‬ابن مرزوق‪ :‬املصدر السابق ‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ - 12‬التاديل‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.222‬‬

‫‪115‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫ظجر نوع آخر من السفر اقتصر على األولياء دون غريهم‪ ،‬ذلك أهنم يذهبون أين شاءوا وال يشاهد الناس‬
‫هلم غيبة ولو يوما واحدا‪ ،‬ألهنم إذا ذه بوا تركوا بديال على صورهم يشبججم يف مجيع أحواهلم‪ ،‬حىت أن سيدي‬
‫عبد الرمحان السنوسي روى أنه شاهد يف بعض األيام سيدي أمحد بن احلسن الغماري وبه جراح يف جسده كفلما‬
‫سأله عنجا أخربه بأنه شارك يف غزوة بني األندلس والنصارى وغريها من األماكن البعيدة‪.1‬‬
‫البناء والمخاض‬
‫للوصول إىل أعلى درجة يف سلم الوالية ال بد من هدم املدنس وبناء املقدس‪ ،‬كفاألمر اخلارق للعادة والذي‬
‫يظجره اهلل عز وجل على يد عبد مؤمن صاحل غري مقرون بالسوء‪ ،2‬ذلكم هو ما يدعم البناء ويعمل على تنضيده‬
‫وإخراجه من مرتبة املريدية إىل املشيخة واألوليائية‪ ،‬وهو هدف كل مريد متدرج يف الوالية باملغرب األوسط‪.‬‬
‫أما االنفصال عن الدنيوي كفجو ما ميجد لالتصال بالقدسي‪ ،‬كفالطريق إىل الوالية متر مبخاضات االنفصال‪،‬‬
‫وهلذا تصري املغارة يف اجلبل أشبه ما تكون برحم جمايل‪ ،‬يولد منه الويل بعد محل اكفرتاضي‪ ،3‬لذا سعى معظم‬
‫األولياء بامل غرب األوسط إىل اختاذ املغارات منفى هلم يتدبرون كفيجا وما أكثرها ببالد املغرب األوسط ذو الطبيعة‬
‫اجلبلية‪.4‬‬
‫التعالي‪:‬‬
‫الوالية مراتب تتجه صعودا‪ ،‬والطريق إليجا مراتب أيضا تفرتض التعايل والتجاوز‪ ،‬ومنه يصري اجملال واختياره‬
‫داال على رغبة أثرية يف االنتقال من األرضي إىل السماوي‪ ،‬كفقمم اجلبال ومغاراهتا العميقة وشواطئ البحر حتيل‬
‫كلجا على البعيد واملتعايل‪ ،‬عن املشدودين إىل الدنيوي‪ ،‬إنه إعالن لالختالف وطموح انفصال وتعال لالقرتاب‬
‫من السماء حيث الوصل والكشف واالمتالء‪ ،5‬والكشف حسب ابن خلدون حيدث كذلك ألل السيمياء‬
‫املرتب طني يف كشف احلجاب الستنزال روحانية األكفالك والتصرف يف عامل الطبيعة مبعونة منجا‪ ،6‬كفاألصل يف‬
‫الكرامة الكتمان واإلخفاء‪ ،‬ألنه بظجورها بني الناس يسمى األولياء أهل الكشف‪ ،‬وهلذا سعى األولياء باملغرب‬
‫األوسط إلخفاء كرامتجم عن عامة الناس باختاذهم األماكن البعيدة واملعزولة‪.‬‬

‫‪ - 1‬ابن مرمي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.21-21‬‬


‫‪ - 2‬عبد اهلل‪ ،‬بن عبد القادر التليدي‪ :‬املطرب يف مشاهري أولياء املغرب‪ ،‬ط‪ ،1‬طنجة‪ -‬املغرب‪ :‬مؤسسة الشمال للطباعة والنشر‪2917،‬م‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 3‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -4‬من أشجر جبال املغرب األوسط جبال مصمودة‪ ،‬وجبل تارين وهو جبل كبري معمور‪ ،‬وجبل يسمى جبل الفضل ينبع من أسفله هنر سطفسيف‪.‬‬
‫احلمريي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ - 5‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪.21 ،‬‬
‫‪ - 6‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬شفاء السائل‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪116‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الولي‪:‬‬
‫ال والية بدون ويل‪ ،‬كفالويل هو العارف باهلل تعاىل‪ ،‬املواظب على الطاعة‪ ،‬اجملتنب للمعاصي‪ ،‬املعرض عن‬
‫اإلهنماك يف اللذات‪ ،‬ويسمى ولياً ألن اهلل تعاىل توىل أمره كفال يكله إىل نفسه وال إىل غريه حلظة‪ ،1‬كفالويل‬
‫الصاحل هو من توالت طاعاته من غري حتلل معصية‪ ،‬وهو من توىل احلق حفظه‪ ،‬كفأولياء اهلل هم أحباء اهلل وأعداء‬
‫نفوسجم‪ ،‬كفجم خلص املؤمنني لقرهبم من اهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬إن اهلل هو مصدر سلطة الويل‪ ،‬وليس باستطاعة‬
‫البشر وضع حدود هلا‪ ،2‬من خالل هذا التعريف ميكن القول أن األولياء الصاحلون هم أصناف من الناس‪ ،‬يوجد‬
‫منجم العلماء والفقجاء واألمراء والقضاة والتجار والفالحون وأصحاب املجن واحلرف وأهل الثروات‪ ،‬وكفيجم العباد‬
‫والزهاد والعقالء السالكون وأرباب األحوال واجملاذيب‪ ،3‬ومنه كفالويل وقاعدة الوالية ظاهرتان متالزمتان تعرب كل‬
‫منجما عن األخرى‪ ،‬وهذا ما يفسر أن أشخاصا خمتلفني يوصفون بنفس األوصاف عندما يتبوءون مقام‬
‫الصالح‪ ،‬رغم تباعدهم على مستوى املكان والزمان‪ ،‬بينما تنسب إليجم نفس الكرامات‪.4‬‬
‫إن السمة املشرتكة بني األولياء واليت متنحجم الشرعية املقدسة داخل منظومة جمتمع املغرب األوسط هي‬
‫االنقطاع‪ ،‬كفالويل يف انقطاعه ومنفاه االختياري يعلن ركفضا واضحا لكل ما هو دنيوي وسياسي‪ ،‬كي يؤسس‬
‫ويغذي بركته ويثمر كراماته‪ ،‬كفجو يتفرغ لبناء شرعيته األوليائية‪ ،‬واليت ال تتأكد إال بعد طول اشتغال‪ ،‬وعديد‬
‫مقدمات ومربرات‪ ،‬كفعليه أن تفيض بركته على من حوله‪ ،‬وأن تلوح كراماته اليت تربر االعرتاف به وتشرعن لقب‬
‫الوالية والصالح‪ ،‬وإال كفإنه لن حيظى إال بألقاب حمدودة الفعالية واملكانة يف سوق التبادالت الرمزية‪ ،‬كفالعالمات‬
‫ال متنح اعتباطيا يف حقل القداسة‪ ،‬وإمنا ينبغي أن تكون مربرة بعميق الربكة والكرامة‪.5‬‬
‫كفعندما خيتار الويل الصاحل قمة اجلبل أو هامش املدينة أو مقابرها املطلة على البحر‪ ،‬كفكأنه يريد تأكيد‬
‫ركفضه للقائم يف املركز‪ ،‬وهجرته خلرياته الرمزية واملادية مؤثرا االنتماء إىل عامل الكفاف والندرة‪ ،6‬وهو ما حدث‬
‫مع العامل الصاحل العارف أبو زكريا حيي بن الصيقل كما سبق الذكر‪ ،‬والذي كان أكثر مالزمة للمقابر واملساجد‬

‫‪ - 1‬القشريي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪227‬؛ عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪20‬؛ إبراهيم‪ ،‬عاصم‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪20‬؛ إبراهيم‪ ،‬عاصم‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪21‬؛ عبد اهلل‪ ،‬احلمودي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪02‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل‪ ،‬التليدي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -4‬عبد اهلل‪ ،‬احلمودي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪12‬‬
‫‪ - 5‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.22-22‬‬
‫‪ - 6‬نفسه‪ ،‬ص‪.21-22‬‬

‫‪117‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫اخلربة خارج البلد‪ ،1‬كفالصالح يناقض الفساد والركفض يكون اختيار جماليا‪ ،‬كفأغلب الصلحاء يف املغرب واملشرق‬
‫اختاروا البعد والغربة‪ ،‬جوابا على ما عركفته جمتمعاهتم من سوء األحوال خاصة السياسية‪.2‬‬
‫كفالويل الصاحل هو األقدر على خرق العادي وكفقا ملا تؤسسه الكرامة وما يتقعد تارخييا عن طريق التواتر‪،‬‬
‫كفكل استعصاء لألمور جيد طريقه إىل احلل والتيسري على عتبات الضريح‪ ،‬بل إن كل ما حيدث ميكن أن يتم‬
‫التدخل كفيه عن طريق سلطة الوالية وتأثريات الكرامة‪ 3‬حسب معتقدات بعض الناس باملغرب األوسط‪ ،‬كفاألولياء‬
‫ميتصون خمزون الالمساواة الكامن لدي كفئات العوام‪ ،‬وال ميكن اعتبار األولياء جمرد كيان مواز للبنية االجتماعية‪،‬‬
‫إهنم على العكس من ذلك يوجدون بدون أي التباس داخل تراتبية وهرمية معرتف هبا‪.4‬‬
‫أ‪ /‬البركة‪:‬‬
‫ال بد للويل من أن حيوز الربكة لكي مينحجا بدوره ملريديه كفالربكة تعين النماء والزيادة والعلو واليمن‪ ،‬كفجي حتيل‬
‫على العطاء وقدرة استثنائية ذات مصدر إهلي‪ ،‬تتوكفر لبعض األشخاص دون غريهم‪ ،‬وترتبط الربكة وجوبا‬
‫باملرابط‪ ،‬إذ يعتقد أنه ماحنجا‪ ،‬ويف هذا الصدد يقول روجيه باستيد‪ «:‬الربكة سائل مقدس يفيض من املرابط‪،‬‬
‫وميتد إىل كل ما ميس هذا الويل من ثياب وماء يف حياته‪ ،‬وبعد املوت تظل جثته حمتفظة بالربكة‪ ،‬كما تظل الربكة‬
‫عالقة بقرب الويل بعد موته‪ ،»5‬أما الفرد بل كفقد اعتمد على املنجج التارخيي الذي يدمج األدوات السوسيولوجية‬
‫امل تعلقة باملقابلة واملالحظة الشخصية والرواية الشفوية‪ ،‬من أجل معركفة طريقة تشكل الويل وعالقته بالربكة‬
‫ووظائفجا‪ ،‬مربزا أن الربكة هي القوة القادرة على صنع الويل يف خميلة األكفراد‪ ،‬وبالتايل هي العامل الرئيسي املتحكم‬
‫يف شكل الطقس االحتفايل سواء الديين أو املدين‪ ،‬وأرجع سبب النجاح الذي لقيه التصوف اإلسالمي عند‬
‫الرببر وسرعة انتشار مبادئه‪ ،‬لدمج شيوخ التصوف داخل شبكة املعتقدات السابقة‪ ،‬حيث نسبت إليجم قدرة‬
‫منح الربكة‪.6‬‬
‫جمال القداسة أو الوالية ال يشري يف الثقاكفة العربية اإلسالمية إىل الطجارة كفقط بل إنه يدل أيضا على الربكة‪،‬‬
‫وداخل جمال هذه الداللة إنبنت وتأسست القداسة الصوكفية بشكليجا الفلسفي والشعيب سواء باملشرق أو‬

‫‪ -1‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.272‬‬


‫‪ 2‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21-22‬‬
‫‪ - 3‬امليلودي شغموم‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪17‬؛ عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -4‬عبد اهلل‪ ،‬احلمودي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪70‬‬
‫‪ -5‬روجيه باستيد‪ :‬مبادئ علم االجتماع الديين‪ ،‬تر‪ :‬حممود قاسم‪ ،‬ط‪ ،2‬مصر‪ :‬املكتبة االجنلوسكسونية‪2912 ،‬م‪،‬ص‪.01‬‬
‫‪Alfred Bel, La religion Musulmane en Berberie, p338 .-6‬‬

‫‪118‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫املغرب‪ ،1‬إذ ارتكزت القداسة الصوكفية باملشرق على كفعل االنتجاك‪ ،‬انتجاك احلجب والقواعد األخالقية‪،‬‬
‫وتأسست القداسة الصوكفية باملغرب على مبدأ االنتجاك الذي جسدته مناقبجا وطقوسجا‪ ،2‬ميكن القول أن بركة‬
‫املؤسس وقدسيته يصطبغ هبا اجملال اجلغرايف‪ ،‬ويصبح مثل املؤسس موضوعا للمخيلة الفردية واجلماعية مما يكرس‬
‫قدسيته وجيذرها‪ ،‬وهذا األمر نالحظه كذلك يف جمال تأسيس املدن اإلسالمية‪.3‬‬
‫ب‪ /‬الكرامة‪:‬‬
‫الكرامة‪ :‬لفظجا يف اللغة اسم مشتق من التكرمي أو اإلكرام‪ ،‬مبعىن الفضل أو التفضل‪.4‬‬
‫أما الكرامة يف االصطالح كفيقصد هبا أمر خارق للعادة‪ ،‬يظجر على يد ويل تأييدا له أو إعانة أو تثبيتا أو نصر‬
‫للدين‪ ،‬من غري شذوذ وال خمالفة كفضال من اهلل وإكراما‪ ،‬والكرامة ثابتة يف الكتاب والسنة والواقع‪ ،5‬واملقصود‬
‫باألمر ا خلارق كل ما يفوق قدرة البشر كفكريا وجسديا‪ ،‬كقطع مساكفة طويلة يف زمن قصري‪ ،‬أو الطريان يف اهلواء‬
‫واملشي على املاء وغريها وهو ما سيأيت ذكره الحقا‪.‬‬
‫والكرامة الحقة مبعجزات األنبياء لكنجا غري مقرونة بدعوة نبوة‪ ،‬كما أهنا بنية أساسية يف الفكر البشري‪،‬‬
‫وهي كالبنية العقالنية مرتبطة بنمط جمتمعي وبأسلوب معيشي يف الوجود‪ ،‬وممارسة ملعتقد ديين‪ ،6‬وترتكز الكرامة‬
‫يف جانبجا األكثر جتذرا يف الذات اإلنسانية على أهنا أمناط تبدو غارقة يف القدم‪ ،‬ومنجا السحر كنموذج وسلوك‬
‫قدمي جدا‪ ،‬ويؤكد الباحث علي زيعور هذه العالقة ويقدمجا بتحليل مفصل كفيقول‪ «:‬لقد حوت الكرامات‬

‫‪ - 1‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس اإلسالمي‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 3‬يرجع تأسيس الكثري من املدن إىل من اشتجروا بالوالية والصالح‪ ،‬وحيث كانت أضرحتجم نواة أقيمت حوهلا املدن‪ ،‬ورغم أين مل أعثر يف املغرب‬
‫األوسط على قرائن دامغة إلثبات هذا رمبا إلغفال احلديث عنجا من طرف مدوين العصر الوسيط أو لعدم إملامي جبميع مصادر هذه الفرتة‪ ،‬لكن القرائن‬
‫اليت سبقت وتلت كفرتة الدراسة تؤكد هذا الطرح من ذلك مدينة سيدي عقبة بالزاب واليت بنيت بالقرب من ضريح عقبة بن ناكفع الفجري‪ ،‬وميكن إضاكفة‬
‫مدينة سيدي العباس يف الغرب اجلزائري واليت أقيمت على ضريح ويل صاحل هو سيدي بالعباس البوزيدي يف القرن‪22‬ه‪27/‬م ومدينة وهران نسبة إىل‬
‫الويل الصاح حممد بن عمار اهلواري القرن‪9‬هـ‪ 21/‬م‪ ،‬وكذلك مدينة مغنية اليت نسبت المرأة شديدة الورع كانت حتج سنويا‪ ،‬وماتت يف هذه املنطقة اليت‬
‫أخذت تسميتجا منجا يف القرن ‪21‬ه‪21/‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬كرم‪ :‬الكرمي من أمساء اهلل احلسنىى وهو الكثري اخلري اجلواد‪ ،‬كرم علينا كفالن كرامة وأكرم نفسه بالتقوى وأكرمجا عن املعاصي وهو يتكرم عن الشوائن‬
‫أي تنزه وأكرم نفسه عنجا وركفعجا والكرم شرف الرجل‪.‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪200/1 129/2 ،‬؛ الفريوز أبادي‪ :‬مصدر سابق ‪220/2 ،‬‬
‫‪ - 5‬ابن تيمية‪ :‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪.210‬‬
‫‪ - 6‬إبراهيم‪ ،‬القادري بوتشيش‪ :‬املجمشون‪ ،‬ص‪ 212‬؛ اخلطاب االجتماعي يف الكرامة الصوكفية باملغرب خالل عصري املرابطني واملوحدين ضمن‬
‫جوانب من التاريخ االجتماعي للبدان املتوسطة خالل العصر الوسيط‪ :‬جامعة موالي إمساعيل‪ :‬كلية العلوم اإلنسانية‪ ،‬مكناس‪ ،2992 ،‬ص‪97‬؛ ينظر‬
‫كذلك راشد‪ ،‬حممد‪ ،‬كفتحي احلريري‪ :‬كرامات األولياء بني الوهم واحلقيقة‪ ،‬السعودية‪ :‬دار الفيصل الثقاكفية‪ ،‬العدد‪2992 ، 122‬م‪ ،‬ص ‪.100‬‬

‫‪119‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫ومحلت ونقلت إىل جانب الرموز معاين السلوكات اخلراكفية‪ ،‬واألساطري واملعتقدات الشعبية والبطوالت»‪،1‬‬
‫ويضيف‪ «:‬إن البطل يف عالقاته اجلدلية مع جمتمعه يتجاوز قوانني الطبيعة ويتحدى العلية والسببية واملوضوعية‪،‬‬
‫وحسب رأيه كفالصويف ممثل اهلل ومثله وألجله خلقت الدنيا‪.2‬‬
‫دعا ابن قنفذ (ت‪120‬هـ‪2207/‬م) إىل التسليم بالكرامة وبصحتجا وشدد على الذين ينكروهنا‪ ،‬واصفا‬
‫إياهم باملعاندين احملرومني السيئ االعتقاد والكثريي االنتقاد‪ ،3‬وأشار الباحث الطاهر بونايب إىل أن تفصيل ابن‬
‫قنفذ (ت‪120‬هـ‪2207/‬م) يف قضايا الربكة والكرامة واالعتقاد يف الصوكفية وتأصيلجا حسب املنجج‪ ،‬ما دكفع‬
‫احلرج عنجم وعن املتصوكفة ليستمروا يف اخلوض كفيجا بدون تردد أو حتفظ‪ ،4‬على اعتبار أن الكرامة هي ما يربر‬
‫الوالية ومينحجا شرعية اإلنوجاد‪ ،‬كفقد نقل املقري(ت ‪2022‬هـ‪2022/‬م) على لسان أبو مدين شعيب‬
‫(ت‪192‬هـ‪2291 /‬م) أنه قال ألصحابه‪« :‬كل معجزة كانت لألنبياء‪ ،‬وظجرت كرامات لألولياء يف هذه األمة‬
‫تشريفا وتعظيما وتكرميا لنبينا حممد ﷺكفقيل له‪ :‬يا سيدي هل وقعت لبعض األولياء كرامة بانقالب العصا حية‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬وذلك يف حديث طويل‪.»5‬‬
‫تعد الكرامة شرطا وجوديا مبلمح ا لضرورة لالعرتاف بالويل والسعي الدائم لالستفادة من بركته حيا أو‬
‫ميتا‪ ،‬ذلك أن الربكة ال ختضع للتقادم وال تسقط بانتفاء اجلسد ورحيله‪ ،‬إهنا تستمر عرب األحفاد وحىت عرب‬
‫األمكنة واألشياء اليت كفاضت عليجا وكفيجا كراماته‪ ،‬كفالضريح واملغارة واملاء والرتاب واخلرقة والسبحة والعكاز‬
‫والشجرة واحلفيد واخلدمي‪ ،‬وما إىل ذلك من األشخاص واألماكن واألشياء اليت استفادت من ملسة الويل‪ ،‬تعد‬
‫مناكفذ إىل كرامته وبركته‪ ،‬ومنه تربر الزيارة واحلج إىل آثاره الدنيوية واحلرص على استقدام "باروك" الزيارة ممن مل‬
‫تسعفه الظروف جلين الربكة من مواقعجا‪ ،6‬كفالكرامة واحلصول عليجا أمر يف غاية القداسة يف نفوس املتصوكفة‬
‫واألولياء وحىت املريدين‪ ،‬بل تعدته إىل عامة الناس‪.‬‬
‫ومن مناذج مناكفذ الكرامة ما ذكره ابن مرزوق (ت‪712‬هـ‪22279 /‬م) يف مناقبه من أن اخلطيب الفقيه أبو‬
‫عبد اهلل حممد بن علي اللجام ترك له أبو مدين شعيب (ت‪192‬هـ‪2291 /‬م) بعد موته‪ «:‬مرقعته واملظلة اليت‬

‫‪ - 1‬علي‪ ،‬زيعور‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -3‬أنس الفقري‪ ،‬ص‪2‬؛ وهو ما أكده القشريي بقوله‪ :‬القول بكرامات األولياء صحيح‪ .‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ -4‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬دراسات‪ ،‬ص‪222‬؛ الطاهر‪ ،‬بونايب‪ :‬احلركة الصوكفية‪.119/2 ،‬‬
‫‪ - 5‬أمحد‪ ،‬بن حممد التلمساين املقري‪ ،‬نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين ابن اخلطيب‪ ،‬حتقيق‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬بريوت‪:‬‬
‫دار الكتاب العريب ‪ 1 ،‬أجزاء ‪222/7 ،‬‬
‫‪ - 6‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11-17‬‬

‫‪120‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫كان جيعل على رأسه‪ ،‬وسجادته وعكازه الذي كان يتوكأ عليه‪ ،»1‬وهو ما منحه الكرامة عن طريق حيازته‬
‫ملقتنيات أيب مدين وأصبحت له كرامات وجماب الدعوة ‪.‬‬
‫إن الغاية األساسية من الكرامة إثبات الوالية لصاحبجا ويف هذا يقول القشريي (ت‪201‬هـ‪2072/‬م) يف‬
‫رسالته‪ «:‬أظجر اهلل الكرامة حىت نعرف من كان صادقا‪ ،‬وكلما ذكرت للشخص كرامات زاد قرب الناس منه‬
‫وكان االتصال والوالء‪ ،‬كفنجدهم يرددون قصصه وأحاديثه‪ ،‬ميجدونه ويقدسون روحه‪ ،‬كفنراهم جيسدون ذلك عرب‬
‫طقوس مومسية أو يومية‪ ،‬يزورون قربه كفيطلبون منه النصرة ورد الظلم‪ ،‬ويقيمون والئم الطعام يف حضرته يبغون‬
‫نزول بركته بينجم‪ ،‬ويضيف بأن ظجور الكرامات على األولياء جائز‪ ،‬كفظجور الكرامات عالمات صدق من‬
‫ظجرت عليه يف أحواله‪ ،‬كفمن مل يكن صادقا كفظجور مثلجا عليه ال جيوز‪.2‬‬
‫يورد صاحب التشوف تأكيد الكرامة حسب اعتقاده من توقيع إمام املتكلمني القاضي أبو بكر بن الطيب‬
‫البصري الباقالين(ت‪202‬هـ‪2022/‬م) الذي قال‪ «:‬املعجزات خيتص هبا األنبياء‪ ،‬والكرامات تكون لألولياء‪،‬‬
‫وأن الكرامة تتحقق ملن تعمق يف الزهد والعبادة عارضا عن ملذات الدنيا وأهوائجا‪ ،»3‬ويضيف يف السياق ذاته‬
‫الشجرستاين(ت‪121‬هـ‪2212/‬م) يف قوله‪ «:‬أما كرامات األولياء كفجائزة عقال وواردة مسعا‪ ،‬ومن أعظم كرامات‬
‫اهلل تيسري أسباب اخلري وإجراؤه على أيديجم‪ ،‬وتعسري أسباب الشر عليجم‪ ،‬وحيث كان التيسري أكثر كانت‬
‫الكرامات أوكفر‪ ،»4‬وأورد القشريي(ت‪201‬هـ‪2072/‬م) أن الكرامات قد تكون إجابة دعوة وقد تكون إظجار‬
‫طعام يف آوان كفاقة من غري سبب ظاهر‪ ،‬أو حصول املاء يف زمان عطش‪.5‬‬
‫ومن أ مثلة هذه الكرامات كرامة سقيا الناس زمن العطش أن سيدي أمحد بن احلسن الغماري كان يف سوق‬
‫ندرومة ميأل إبريقا له باملاء يف زمان احلر والعطش ويدور على الناس يف السوق يسقيجم املاء إىل أن يفرتقوا من‬
‫غري أن جيدد كفيه املاء كفرد إليه الناس باهلم كفرأو ذلك اإلبريق ينبع من قعره املاء كالعني ‪ ،6‬وهي ظاهرة ال جند هلا‬
‫تفسريا علميا وتتناىف واملنطق العقلي مما يطرح تساؤالت عدة حول مدى صحتجا وصدقجا‪.‬‬

‫‪ - 1‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.272‬ودكفع سالح أيب مدين ص‪.271‬‬


‫‪ - 2‬الرسالة القشريية‪ :‬مصدر سابق ‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪ - 3‬ابن الزيات‪:‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ - 4‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 5‬القشريي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪ - 6‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪121‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫ويؤكد ابن خلدون ( ت‪101‬هـ‪2202‬م) شيوع التصديق بالكرامة بقوله‪ «:‬وكرامات القوم أمر صحيح غري‬
‫منكر‪ ،‬وإنكارها نوع مكابرة‪ ،»1‬كفالكرامة تأخذ صيغا شىت تنبين على إخنراق العادة‪ ،2‬ومفارقتجا للواقع واملعتاد‬
‫متاما‪ ،3‬ومن صور إخنراق العادة اليت وردت يف املصادر انفالق البحر وجفاكفه‪ ،‬واملشي على املاء‪ ،‬وطي الطريق‬
‫وإنزواء األرض‪ ،‬وكالم اجلمادات واحليوانات‪ ،‬وإبراء العلل والصرب على اجلوع ورؤية املكان البعيد‪ ،4‬وحسب ابن‬
‫قنفذ كفإن منجم من يرى املالئكة ومنجم من يرى اجلن ومنجم من يرى البالد النائية ومنجم من يرى ما يف‬
‫السموات ومنجم من يرى اللوح احملفوظ ومنجم من يقرأ ما كفيه‪،5‬وهي كلجا ظواهر تتناىف والعقل‪.‬‬
‫واملالحظ أن كل كتب املناقب أقرت هذه الكرامات ونقلتجا‪ ،‬كما أن كاكفة العلماء اتفقوا على جتويز خوارق‬
‫العادة واخنراقجا لألولياء‪ ،‬ومل خيالف يف ذلك أحد من أهل السنة إال األستاذ أبو إسحاق األسفراين كفإنه قال مرة‬
‫األولياء هلم كرامات مثل إجابة الدعوة ومواكفاة ماء يف بادية يف غري موضع توقع املياه ومظاهنا وحنو هذا أما جنس‬
‫ما هو من معجزات األنبياء كفال‪ 6‬وسأورد بعض من مناذج أولياء املغرب األوسط الذين حازوا الكرامات يف‬
‫العنصر املوايل‪.‬‬
‫وحل هذه اخلوارق والكرامات قال ابن خلدون(ت‪101‬هـ‪2207/‬م)‪ «:‬أن املشي على املاء وامتطاء اهلواء‬
‫والنفوذ يف كثائف األجساد‪ ،‬وحنو ذلك من كرامات األولياء اخلارقة للعادة‪ ،»7‬كفجذا الفعل اخلارق والذي خيرج‬

‫‪ -1‬نفسه‪ ،‬ص‪221‬؛ عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬العرب‪.201/1 ،‬‬


‫‪ - 2‬يتخطى مفجوم العادة االجتماعية مسألة التكرار لعملية معينة أو نشاط الالشعوري والالواعي لعملية ما‪ ،‬والناتج عن تكرار كفعل حىت ولو كان كفعال‬
‫اجتماعيا‪ ،‬إعادة إنتاج األكفكار االجتماعية مث إعادة إنتاججا مع تغري الظروف االجتماعية أيضا‪ ،‬واستمرارية هذا النشاط مع استمرارية تطور اجملتمع‬
‫والتفاعل الدائم بني االثنني‪ .‬عاطف‪ ،‬عطية‪ :‬اجملتمع الدين والتقاليد‪ -‬حبث يف إشكالية العالقة بني الثقاكفة والدين والسياسة‪ ،‬بريوت‪ :‬جروس برس‬
‫للنشر‪2992 ،‬م‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -3‬يوسف‪ ،‬بن إمساعيل النبجاين‪ :‬جامع كرامات األولياء‪ ،‬ط‪ ، 2‬بريوت‪ :‬املكتبة العصرية‪1002 ،‬م‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص‪ . 27‬وقد وجد الكثري من أدعياء الوالية ولذلك دعا املتصوكفة إىل التحرز منجم وقال أيب زيد الشيخ عبد الرمحان األخضري حول مدعي‬
‫الوالية‪:‬‬
‫ص ِفيَة‬ ‫ِ ِ‬
‫الس َادة الصوكفيَة *** َم َقالَة َجلية َ‬‫ال بـَعض َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫وق َم ِاء البَح ِر قَد يَ ِسري‬
‫ت َرجالً يَ ِطري *** أَو كفَ َ‬‫إِذاَ َرأَي َ‬
‫الشرِع *** كفَإنَه مستدرج وي ِ‬
‫دعي ‪ .‬الفكون‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬ ‫َ ََ‬
‫ِ‬
‫ند حدود َ‬ ‫َومل يَِقف ِع َ‬
‫‪ - 5‬أنس الفقري‪ ،‬ص‪ . 1‬جتدر اإلشارة أن رواية ابن قنفذ حول كرامات األولياء وإن وجدت مصدقا هلا ومؤمن هبا إال أهنا تتعارض وقدرة العقل البشري‬
‫على معركفة عامل الغيب وعلى قدرة العني البشرية من رؤية املالئكة أو اللوح احملفوظ‪.‬‬
‫‪ - 6‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.211/1 ،‬‬
‫‪ - 7‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬املقدمة‪ ،‬ص‪ . 219‬واخلارق للعادة هو خرق نظام الطبيعة املعلوم ويطلق اخلارق على ما جياوز قدرة اإلنسان ال على ما‬
‫جياوز نظام الطبيعة‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫عن العادة ويفوق قدرة البشر‪ ،‬يعتقد بأن اهلل خص به صفوة من خلقه وهم األولياء‪ ،‬وسأورد بعضا من مناذج‬
‫الكرامات اليت حفظتجا لنا املتون الوسيطة الحقا‪.‬‬
‫وساد االعتقاد يف املغرب األوسط أن األولياء حيوزون مكانة مقدسة كفال جيوز سبجم أو الطعن كفيجم بل جيب‬
‫التقرب منجم والتماس بركتجم كفابن قنفذ(ت‪120‬هـ‪2207/‬م) قال‪ «:‬إياك أن تذم من ترى منجم ( يقصد‬
‫األولياء) كفإن ذلك سبب حلرمانك‪ ،‬واعلم أن سوء الظن أساس احلجاب بني الناس واألولياء‪ ،‬وحسن الظن‬
‫سالمة الدين وثبوت اليقني‪ ، »1‬ولقد حفلت القرون من السابع اهلجري إىل العاشر اهلجري باملغرب األوسط‬
‫بأخبار كرامات وخوارق هؤالء األولياء واملتصوكفة‪ ،‬واليت ال ميكن أن جند هلا أي تفسري عقلي منطقي‪ ،‬وشابتجا‬
‫الكثري من اخلراكفات‪.‬‬
‫كما دعا ابن قنفذ(ت‪120‬هـ‪2207/‬م) الناس إىل تلمس بركات األولياء وكراماهتم وحتسسجا واغتنام‬
‫دعواهتم والتقرب منجم‪ ،‬وضرورة االعتقاد كفيجم بقوله‪ « :‬كفأولياء اهلل تعاىل الذين إذا رآهم املؤمن عظم ربه وذكر‬
‫‪3‬‬
‫ذنبه‪ ،‬جيب أن تلمس بركاهتم وتغتنم دعواهتم‪ ،» 2‬ويف هذا الصدد ورد عند ابن الزيات (ت‪017‬هـ‪2120/‬م)‬
‫أبيات يف الكرامة نصجا‪:‬‬
‫الَ تَس َرتب يف َكَر َامات خيَص هبَا *** َمن اتَـ َقى اهلل يف سر وإعالَن‬
‫الزهر يف حسن أَنـ َفاس َوأَلوان‬
‫مثَ إ َن ال َكَر َامات أَنـ َواعٌ إذَا نَظََرت *** َك َ‬
‫َمش ٌي َعلَى املاء أَو يف اجلَو قَد نقالَ *** َو َشبع ذي شعب أَو ري ظَمآَن‬
‫*** َوَكــم اعثيـت َويل عنـ َـد إذ َعــان‬ ‫يل حيـ ـ َـن َدع َوت ــته‬
‫ـب َو ٌ‬
‫َوَكـم أجيـ َ‬
‫*** يـغَيَب َعن َدرك أَمساَع وأَج َفان‬ ‫َوكفَـجـم َمـن جي ــيبــه اجلَ َمــاد َوَمن‬
‫َومنـجم َمن يَرى املختَ َار من َملَك *** َوَمن جيَالسجم يف َحال إخ َوان‬
‫ف َسعيجم *** املرء يَك َسب إح َساناً بإح َسان‬ ‫صفوا كفَصفوا َونَالوا ضع َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫وس دو َن أَب َدان‬
‫يف َعيش أَرَواحجم َماتَت نـفوسجم *** َوقَد َمتــوت نـف ٌ‬

‫‪ - 1‬أنس الفقري‪ ،‬ص‪1‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬دراسات‪ ،‬ص ‪.221‬‬


‫‪ -2‬أنس الفقري‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫‪ -3‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.70‬‬

‫‪123‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫ج‪ /‬تقديس األولياء‪:1‬‬


‫إن االعتقاد يف بركة األشخاص مثلته ثنائية الشيخ واملريد‪ ،‬واليت يرجعجا بعض الباحثني إىل االعتقاد يف اإلنسان‬
‫وعبادة القديسني‪ ،‬كفقد حاول إدموند دويت إرجاع ظاهرة تقديس األولياء إىل األصل املسيحي‪ ،‬ولذا جنده يف‬
‫الفصل األول من كتابه حتدث عن عبادة القديسني يف الدين املسيحي‪ ،‬وظجور تقديس الرجال عند الشيعة‪،‬‬
‫ورأى دويت أن كفكرة تقديس اإلنسان قدمية قدم اإلنسانية‪ ،2‬كفقد عرف بربر مشال إكفريقيا بتقديس السحرة‬
‫والكجنة قبل جميء اإلسالم‪ ،‬لتظجر الحقا يف تقديس مشايخ الطرق الصوكفية والزوايا املنحدرين من النسب‬
‫الشريف‪ ،‬ل كن هذا التقديس مل يتوقف على حياة شيوخ الدين واملرابطني‪ ،‬بل حاكفظ على بقائه واستمراره حىت‬
‫بعد وكفاهتم‪.3‬‬
‫وهذا األمر يعطينا كفكرة حول التقرب لألولياء والصاحلني وزيارة قبورهم لنيل الربكة‪ ،‬األمر الذي ساهم يف تطبع‬
‫االعتقاد يف األولياء والصالح‪ ،‬وأصبح امتيازا للتوسط بني اإلنسان واهلل‪ ،‬حيث يعترب املرابط كائن قاهر يستمد‬
‫قوته من الربكة اإلهلية‪ ،‬كما أنه هناك من اليجود واملسيحيني ممن اعتنقوا اإلسالم وحتولوا إىل مرابطني‪ ،4‬ورمزا‬
‫للتقديس وتقدم هلم القرابني واهلدايا لنيل رضاهم‪.‬‬
‫تطرق إدموند دويت يف كتابه "مالحظات حول اإلسالم املغاريب"‪( :‬األولياء) لظاهرة تقديس األولياء يف‬
‫املنطقة املغاربية وعرضجا متسائال‪ ،‬ومفسرا أسباب انتشارها يف البيئة املغاربية املسلمة خاصة لدى العامة‪،‬‬
‫وتساءل على البحث عن الوسيط بني اإلنسان واهلل عرب الوالية‪ ،5‬كفقال‪ :‬بأن الرسول ﷺنفسه مل يسلم من‬
‫هذه العبادة‪ ،‬على الرغم من حترمي اإلسالم هلا بشكل واضح وصريح‪ ،6‬ورصد مظاهر تقديس األولياء يف املنطقة‬
‫املغاربية‪ ،‬ومنح تفسريات لتجذر هذه الظاهرة باستحضار كفرضيات كولدزهري‪ ،‬وتأصيلجا لدى األمازيغ‪،‬‬

‫‪ -1‬األولياء حسب إمييل درمنغن يف كتابه عبادة األولياء يف اإلسالم املغريب نوعان‪:‬‬
‫‪ -‬األولياء اجليدون الذين يشكلون موضوع علم املقدسات‪.‬‬
‫‪ -‬الصلحاء الشعبيون ذو الصبغة الفلكلورية‪ .‬وكالمها جدير بالدراسة من أجل حتديد كفكرة القداسة مبختلف رتبجا‪Emile, Dermnghen: .‬‬

‫‪.Op.cit.p, p 11‬‬
‫‪ -2‬عبادة اإلنسان األنثربولرتيا ‪ Anthropolatrie‬عبادة اإلنسان عند الرببر وتبجيلجم لكجنتجم الذين كانوا ينبئوهنم بالغيب‪ ،‬هي عبادة ذات‬
‫جذور وثنية‪.‬‬
‫‪ - 3‬ادموند‪ ،‬دويت‪ ،Notessurl’islam :‬ص‪21‬؛ ‪Louis Rinn : Marabouts et Khouans-étude sur L’islam en‬‬
‫‪Algérie, Adolphe jourdan libraire : éditeur, 1884, p20.‬‬
‫‪ - 4‬ادموند دويت‪ ،Notessurl’islam :‬ص‪.Louis Rinn : op cit, p25.22‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪- Notes surlislam, p2.‬‬
‫‪6-‬‬ ‫‪op cit, p3.‬‬

‫‪124‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫واختالف أشكال ومتظجرات تقديس األولياء عرب املناطق‪ ،‬وتتبع األثر الروحي والسياسي لتواجد الويل يف منطقة‬
‫معينة‪ ،‬وتأثري كل هذا التقديس على بعض املمارسات والطقوس يف املغرب اإلسالمي خاصة‪.‬‬
‫أرجع دويت ظاهرة تقديس األولياء إىل اإلحساس الديين الذي يدكفع العامة إىل تصور اهلل وختيله كما حيبون‪،1‬‬
‫واعترب تقديس األولياء ظاهرة تعود جبذورها إىل ما قبل اإلسالم يف املغرب الوسيط‪ ،‬وما ساده من ممارسات‬
‫وطقوس ترجع يف غالبيتجا إىل الفرتة السابقة‪ ،‬وهي الذريعة اليت تبناها يف طرحه حول تفسري أصل بعض‬
‫املمارسات والطقوس املقدسة يف الفرتة اإلسالمية‪.‬‬
‫يف األخري أقول بأن إدموند دويت تبىن منجج أنرتوبولوجي تأويلي‪ ،‬يعتمد على الوصف اجلزئي للظواهر‬
‫املدروسة‪ ،‬مع البحث عن معىن الطقوس املدروسة‪ ،‬حيث سعى إلصباغ املعىن على خمتلف الطقوس املالحظة‬
‫من أجل جعلجا قابلة للفجم‪ ،‬هذا املنجج مكنه من دراسة مظاهر تقديس األولياء يف املنطقة املغاربية‪ ،‬ومنح‬
‫تفسريات لتجذرها‪ ،‬وربط عالقة ظاهرة زيارة األولياء يف املغرب األوسط باجلذور الوثنية لظاهرة تقديس‬
‫األشخاص‪ ،2‬وهو ما جعلين أتعامل مع كفرضياته ومالحظاته واستنتاجاته بنوع من احليطة واحلذر‪ ،‬إذ وجب علينا‬
‫األخذ بالتفاسري املنطقية دون غ ريها من التفاسري اليت حتمل يف طياهتا بعض أغراض االيديولوجية االستعمارية‪،‬‬
‫وهذا ال ينقص من قيمة إسجاماته يف دراسة هكذا مواضيع‪.‬‬
‫يف نفس السياق‪ ،‬جند األسئلة اليت ينطلق منجا الباحث ألفرد بل يف حبثه عن مقدسات سكان املغرب يف‬
‫كتابه "الدين اإلسالمي يف بالد الرببر"‪ 3‬واليت كانت حمكومة بفرضية أسلمة بالد األمازيغ‪ ،‬حيث طرح‬
‫التساؤالت التالية‪:‬‬
‫كيف أصبح إسالم الرسول ﷺ واخللفاء بعد ثالثة عشر قرنا من التطور؟‬ ‫‪-‬‬
‫هل حلقه حتول هبذه البالد؟‬ ‫‪-‬‬
‫ما الذي تبقى حاليا من املعتقدات السحرية والدينية اليت كان ميارسجا األمازيغ قبل اإلسالم ؟‬ ‫‪-‬‬
‫مضيفا أن اإلسالم املغريب املرتكز على األولياء هو نوع من الربط بني املعتقدات القدمية واملعتقدات‬
‫اإلسالمية‪ ،‬معتربا أن أولياء املغرب عوضوا البقايا اإلهلية القدمية‪ ،‬ألهنم ظلوا مرتبطني بأرضجم وبآهلتجم احمللية‬
‫أكثر من العقائد اإلسالمية يف قوله‪ «:‬اهلل مل ي عد ذلك اإلله البعيد اجملرد الذي ال جيرؤ وال ميكن لإلنسان‬

‫‪1-Ibid,‬‬ ‫‪p1‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪-Magie et Religion, p597, 605.‬‬
‫‪ - 3‬عبارة عن جمموعة من احملاضرات حول اإلسالم ألقاها خالل مرحلة الثالثينات حني كان يشتغل بالتدريس يف اجلزائر وصدر الكتاب سنة‬
‫‪2921‬م‪ .‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬‬

‫‪125‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫البسيط تصوره‪ ،‬كفقد نزل اهلل وسط خدامه‪ ،‬من خالل ممثليه يف األرض وهم رؤساء الزوايا الصوكفية والصلحاء‬
‫األموات منجم واألحياء‪ ،‬والذين مشلتجم مجيعا الرعايا اإلهلية‪.»1‬‬
‫إن تفسري الفرد بل يصب يف نفس منحى إدموند دويت‪ ،‬كفتفسريه لتقديس األولياء والصلحاء باملغرب اإلسالمي‬
‫حسبه‪ ،‬يعود إىل خملفات وثنية مل يتخلص منجا اجملتمع رغم بعد املدة واختالف العقيدة واملقدسات‬
‫د‪ /‬نماذج عن الكرامة‪:‬‬
‫انطالقا من رأي الباحث توكفيق الفجد يف أن كرامات األولياء متموقعة بني السحر والشعوذة‪ ،2‬ميكن القول أن‬
‫طبيعة الكرامة عند الويل تتشابه ووظيفة الساحر‪ ،‬من حيث أن كليجما يجدف إلبراز القوة والتحكم والسيطرة‬
‫واالستحواذ على العقول‪ ،‬وإذا كانت الكرامة تأخذ من املعجزة صفة اخلارق‪ ،‬كفالويل بطبعه ينزع إىل سلوك النيب‪،‬‬
‫وكرامته ال تستقر مادهتا من املعجزة كفحسب‪ ،‬بل متتد إىل جمال يتسع ليشمل مظاهر أخرى‪ ،‬عركفجا اإلنسان يف‬
‫تاريخ تعامله مع القدسي مثل السحر واألسطورة‪.‬‬
‫ص به اهلل األنبياء‪ ،‬من ذلك إحياء املوتى‬
‫وعليه ميكن حصر كرامات األولياء يف مواضيع مشاهبة ملا َخ َ‬
‫وتكليمجم‪ ،‬وانفالق البحر‪ ،‬وعلمجم باحلوادث قبل وقوعجا‪ ،‬ومتكنجم من طي األرض واختصار املساكفات‪،‬‬
‫وكذلك قدرهتم على تفجري العيون املائية يف األراضي القاحلة زمن العطش‪ ،‬واطالعجم على الغيب حسب‬
‫زعمجم‪ ،‬باإلضاكفة إىل قدرهتم على تكليم احليوانات واجلمادات وإمكانية إبرائجم للعلل وغريها مما يصعب أن‬
‫يصدقه عقل‪.‬‬
‫بداية ش كل اجلسد مادة أولية يف كرامة األولياء‪ ،‬إذ أخضع هذا اجلسد للعديد من التحديات اجلسمية‬
‫والنفسية بغية الوصول به إىل مرحلة جتلي الكرامة‪ ،‬ذلك أن االشتغال على اجلسد بتعذيبه وترويضه يفيد يف‬
‫جتذير النفوذ واملكانة الرمزية‪ ،‬بل إن اإلمعان يف تعذيب اجلسد والصرب على التنكيل به‪ ،‬ع َد كرامة حتسب للويل‬
‫وتزيد من حظوته وحضوره يف سجل التناكفسات الكراموية‪ ،‬ولذلك كفابن الزيات (ت‪017‬هـ‪2120/‬م) يف عمله‬
‫املناقيب مل ينس التطرق إىل أوصاف األجساد املجرتئة‪.3‬‬
‫كما أن أجساد بعض األولياء ظلت حاملة للكرامة حىت بعد وكفاهتم‪ ،‬كففي رواية وردت عند‬
‫القشريي(ت‪201‬هـ‪2072/‬م) يف رسالته نقل عن بعضجم كفقال‪ « :‬كنا يف مركب كفمات رجل عليل كان معنا‪،‬‬
‫كفأخذنا يف ججازه وأردنا إلقاءه يف البحر‪ ،‬كفصار البحر جاكفا ونزلت السفينة‪ ،‬كفخرجنا وحفرنا له قرباً ودكفناه‪ ،‬كفلما‬

‫‪1‬‬ ‫‪- Alfred, Bel, La religion Musulmane en Berberie, p338 .‬‬


‫‪ -2‬توكفيق‪ ،‬كفجد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪ - 3‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬صفحات متعددة‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫كفرغنا استوى املاء وارتفع املركب وسرنا‪ ،»1‬على الرغم من أن القشريي(ت‪201‬هـ‪2072/‬م) مل يذكر مكان‬
‫وزمان احلادثة‪ ،‬إال أنه ميكن أن نستشف منجا رسوخ االعتقاد يف أن كرامة الويل تبقى عالقة جبسده حىت بعد‬
‫موته‪ ،‬وهو نفس األمر الذي ورد يف التشوف ملا حدثوا عن أبو زكريا حبي ابن موسى املليجي الذي أوصى أن‬
‫يدكفن يف رباط شاكر كفلما مات محلوه على مجل‪ ،‬كفلما وصلوا وادي تانسيفت وجدوه كثري املاء من شدة السيول‬
‫ال يدخله أحد‪ ،‬كفانفلق الوادي وجاوزوه مث عاد كما كان‪.2‬‬
‫كما مل يفت ابن مرزوق (ت ‪712‬هـ‪2279/‬م) يف مناقبه اإلشارة إىل كرامات األولياء بتلمسان دون ذكر‬
‫نوعجا‪ ،‬كففي حديثه عن جده ألمه اإلمام أيب إسحاق إبراهيم بن خيلف بن عبد السالم التنسي(ت‪199‬هـ‪/‬‬
‫‪2292‬م)‪ ،‬ذكر بأن له كرامات وبركة خاصة يف جنانه الذي غرس أكثره بيده لكنه مل حيددها‪ ،3‬وكذلك األمر‬
‫مع جده األقرب أبو عبد اهلل‪ ،4‬وأبو حممد عبد اهلل‪ ،5‬والفقيه الصاحل الويل أيب زيد عبد الرمحان بن يعقوب بن‬
‫علي‪ ،‬الذي أشار بأن لديه هو اآلخر كرامات‪ ،6‬وغريهم كثريون وردت كراماهتم وخوارقجم يف خمتلف املصنفات‬
‫الوسيطة خاصة املناقبية منجا دون ضبط الكرامة اليت اشتجروا هبا‪.‬‬
‫نفس املالحظة ميكن تسجيلجا يف البستان البن مرمي كفرغم ذكره أمساء األولياء ممن اتصفوا بالكرامات‪ ،‬إال‬
‫أنه مل يذكر ما هي هذه الكرامات على وجه التحديد‪ ،‬ال يتسع اجملال لذكرها مجيعا لكن من النماذج اليت‬
‫وردت عنده أذكر‪:‬‬
‫‪« -‬سيدي أمحد بن عيسى الورنيدي الزكوطي يعرف بأبركان‪ ،‬صاحب كرامات جماب الدعوة‪.» 7‬‬
‫‪ « -‬سيدي أمحد أبو العباس حفيد سيدي حممد بن مرزوق صاحب كرامات جماب الدعوة‪.»8‬‬
‫‪« -‬سيدي أمحد بن منصور صاحب الصالة اخلزرجي التلمساين من أهل الكرامات واألخبار بالغيب‪.»9‬‬
‫‪« -‬سيدي إبراهيم بن حممد بن علي التازي أبو سامل‪ ،‬صاحب كرامات ‪»1‬‬

‫‪ -1‬أمحد كفريد املزيدي‪ :‬مجع املقال يف إثبات كرامات األولياء يف احلياة وبعد االنتقال‪ ،‬ط‪ ،02‬بربلي‪ -‬سرييلنكا‪ :‬دار اآلثار اإلسالمية‪1000 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.212‬‬
‫‪ -2‬التاديل‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ - 3‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪ -5‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -6‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.191‬‬
‫‪ - 7‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪.11 ،‬‬
‫‪ - 8‬نفسه‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ - 9‬نفسه‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪127‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫‪« -‬سيدي أبو عبد اهلل الشامي أصال التلمساين مسكناً وداراً ذو الكرامات الباهرة واألحوال املرضية‪.»2‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن هناك بعض األولياء ممن حازوا كرامات عدة يف نفس الوقت واليت وردت يف البستان‪،‬‬
‫ي عنه من أصحابه طي األرض‬ ‫جند سيدي أمحد بن احلسن الغماري (ت‪172‬هـ‪2201/‬م) والذي رِو َ‬
‫والطريان يف اهلواء‪ ،3‬كما حكي هو عن نفسه‪ « :‬أقمت أياما باملسجد جوعان‪ ،‬كفجاءين رجالن وكان‬
‫امسجما حممد وأمحد‪ ،‬أخذاين وذهبت معجما كفطرنا ساعة وتطوى لنا األرض ساعة‪ ،‬وإذا جئنا للبحر تطوى‬
‫لنا طركفاه كفن جتازه بقدم واحدة‪ ،‬وقد جزنا على مصر بالليل وحنن يف اهلواء كفقضينا احلج ورجعنا إىل موضعنا‬
‫من تلمسان‪.»4‬‬
‫انفرد بعض األولياء بتكليم احليوان وكفجم لغاهتم حسب ما حفظته لنا املصادر‪ ،‬كفأبو احلسن علي بن إمساعيل‬
‫ابن حممد بن عبد اهلل بن حرزهم‪ 5‬حيدث األسد‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة للحسن بن خملوف الشجري بأبركان الذي‬
‫كان يكلم األسد‪ ،‬وكان له ثعبان كبري حيرس بستانه‪ ،‬وروي عنه كذلك قدرته على رؤية الشيطان‪ ،6‬وكذلك‬
‫األمر بالنسبة لسيدي محزة بن أمحد املغراوي الذي كان يكلم كفرسه وتكلمه‪.7‬‬
‫ومن بني الكرامات كذلك أهنم حدثوا عن أبا زكريا املليجي ملا جاء إىل داره ليزوره وكان طرف قوس قزح‬
‫عند باب داره والطرف اآلخر يف موضع آخر‪ ،‬كفلما خرج أبو عبد اهلل من داره قال بسم اهلل الرمحان الرحيم‬
‫وجعل رجله عليه إىل أن هبط من الطرف اآلخر‪.8‬‬
‫ومن القرائن اليت حفظتجا كتب املناقب يف قدرة األولياء لقضاء حوائج الناس خاصة زمن األزمات واجلوائح‬
‫ختفيفا عنجم‪ ،‬أن سكان العباد بواد رهيو استسقو بربكة الشيخ أيب البيان واضح زمن قحط وجفاف‪ ،‬كفأصبح من‬

‫‪-1‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ - 3‬وعن الطريان يف اهلواء يقول إلياد مارسي‪ « :‬طريان الروح‪ ،‬معناه إلغاء العامل املشروط على املستوى امليتاكفيزيقي‪ ،‬ومنه كفالطريان يعرب عن االنقطاع من‬
‫املستوى األنطولوجي واملرور من طريقة تكون ألخرى‪ ،‬أو بدقة أكثر املرور من الوجود املشروط لطريقة تكون غري مشروطة أي للحرية الكاملة»‪ .‬إلياد‪،‬‬
‫مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.220-219‬‬
‫‪ - 4‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -5‬التاديل‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.271‬‬
‫‪ - 6‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.71-72‬‬
‫‪ - 7‬نفسه‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪ - 8‬التاديل‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪128‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫الغد مجيع من واليجم من الغدران مملوءة مباء السماء‪ ،‬وعركفان للشيخ قصده أهلي املنطقة باهلدايا والتربك به‬
‫والتماس الدعاء منه‪ ،1‬كما استسقى الناس بأيب زكريا يوهان الصنجاجي من أهل تلمسان‪.2‬‬
‫وكقرينة أخرى أن الناس ملا ضاق هبم احلال بسبب القحط طلبوا من أبو زكريا حيي بن حممد اجلراوي األقرع‪،‬‬
‫وهو أحد صلحاء بالد تادلة باملغرب األوسط‪ ،‬أن يستسقي هلم كفقام ورمى بقلنسوته عن رأسه إىل األرض وقال‬
‫يا رب أسألك الغيث كفما نزل من مكانه حىت مطر الناس‪ ،3‬وكذلك حتدثت املناقب يف قدرة بعض األولياء على‬
‫ركفع آكفة اجلراد بالدعاء‪ ،‬مثل ما حدث مع الشيخ أبو عبد اهلل حميو اهلواري‪ ،4‬ذلك أنه يف اعتقادهم عندما تلوح‬
‫اإلمارة وتتأكد الغرابة والفاعلية يتكاثر األتباع واملريدين طلبا للمودة والربكة‪ ،‬كون الويل يستجيب لشروط عصره‬
‫ويقدم اجلواب الكايف على مجلة من االخفاقات والبياضات اليت قد يعركفجا اجملتمع ك املطر‪ /‬اجلفاف‪ -‬األكل‬
‫‪/‬اجلوع‪ -‬العالج‪/‬املرض – العدل‪ /‬الظلم – الصالح‪ /‬الفساد‪ ،‬كفالويل يقدم البديل واملضاد ملا تقدمه أو ترعاه‬
‫السلطة‪ ،‬وبذلك يصري معارضا ومناكفسا ملشروعيتجا‪ ،‬كفكونه يقدم احللول عن طريق اخلوارقي‪ ،‬كفإنه ميارس تفوقا‬
‫ماديا ورمزيا عليجا‪ ،‬ما يوجب الرد عليه هتميشا وكبحا وأحيانا قمعا وسجنا‪.5‬‬
‫أما عن كرامات األولياء يف معركفة وقت وكفاهتم‪ ،‬وأماكن دكفنجم وتكليمجم للموتى‪ ،‬كفقد أجلته للفصل القادم‬
‫يف طقوس العبور والوكفاة‪.‬‬

‫‪ - 1‬املازوين‪ :‬صلحاء واد الشلف‪.291-291 ،‬‬


‫‪ - 2‬التاديل‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ - 3‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪212‬؛ املازوين‪ :‬صلحاء واد الشلف‪.192 ،‬‬
‫‪ -4‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.212-210‬‬
‫‪ -5‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.02-01‬‬

‫‪129‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬األولياء من النساء‪:‬‬


‫أوال‪ :‬المرأة بين القداسة والدناسة‪:‬‬
‫يتموقع حضور املرأة يف األستوغراكفيا املغربية الوسيطة بني خطابني‪ ،‬أحدمها يعتربها مصدرا للغواية والشرور‬
‫وخيصجا بدرجة دونية عن الرجل‪ ،‬وهنا يقدم التأريخ للمرأة على هامش اجملتمع الذكوري‪ ،1‬واآلخر يربز حضورها‬
‫الفعلي مبختلف مناحي احلياة على األقل بالنسبة لنساء احلواضر‪ ،2‬كفعندما يتأسس االختالف على اعتبارات‬
‫الذكورة واألنوثة‪ ،‬وتصري القداسة حمتجبة على النساء كفقط ألهنن نساء‪ ،‬جند أن العقل الذكوري اإلقصائي يف‬
‫املدونة الوسيطة‪ ،‬جتنب احلديث عن قداسة املرأة وواليتجا‪ ،‬وأحاهلا على سجل املدنس‪ ،‬وإال كيف نفسر هذه‬
‫الوالية املنسية وكل هذا املثغور كفيما يتعلق بربكة النساء‪ ،3‬إال ما ورد عرضا يف بعض النتف‪.‬‬
‫على الرغم من املساواة يف اجلانب اإلمياين بني الرجل واملرأة‪ ،4‬إال أننا نستطيع تأكيد أن إبعاد املرأة من املقدس‬
‫ووسم تدينجا بالضعف‪ ،‬مؤشرات عميقة على إقصائجا االجتماعي والسياسي واالقتصادي والديين‪ ،‬كفلئن كان‬
‫الدين اإلسالمي املعياري يعترب النساء والرجال متساويني أو شقائق يف األحكام‪ ،‬كفقد مت تغييبجن يف التاريخ‬
‫الواقعي لإلسالم من مواقع السلطة الدينية‪ ،5‬ورغم هذا كفقد متكنت املرأة يف املغرب األوسط من جتاوز الصورة‬
‫السلبية اليت علقت هبا يف األدبيات الفقجية واألخالقية‪ ،‬وحازت على مكانة مرموقة خلدت من خالهلا صورهتا‪،‬‬
‫بدليل األضرحة اليت شيدت لتخليد ذكراها املقدسة‪ ،‬كضريح اللة سييت اليت دكفنت على اهلضبة الصخرية اليت‬
‫تشرف يف جنوهبا الغريب على مدينة تلمسان‪ 6‬عاصمة املغرب األوسط‪ ،‬واللة رويا واللة تركية واللة مغنية كفيما‬
‫بعد‪ ،‬ومنه استطاعت املرأة مبمارساهتا الدينية والصوكفية من أخذ مكانتجا يف نسق الوالية والصالح الصويف رغم‬
‫املعارضة الذكورية‪.‬‬

‫‪ - 1‬نشاط مصطفى‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 20‬؛ يرجع الباحث زازوي موكفق هذا األمر على تصور مفاده أن املرأة كائن دنيوي جيب أال يكون على صلة‬
‫متينة باملقدس على عكس الرجل الذي هو حامل للمقدس‪ .‬جدلية الذكورة‪ ،‬ص ‪. 201‬من املصادر اليت تطرقت للمرأة كرمز للغواية والشرور جند أبو‬
‫مدين يف أنس الوحيد ونزهة املريد‪.‬‬
‫‪ - 2‬نشاط مصطفى‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 20‬من املصادر اليت حتدثت عن وصول النساء إىل درجة الوالية الصوكفية جند ابن مرزوق يف مناقبه‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 202‬؛ رحال بوبريك‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫ِِ‬ ‫الصابِ ِرين و َّ ِ‬ ‫الص ِادقِني و َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫الصابَِرات َواخلَاشع َ‬ ‫‪ -‬قال تعاىل﴿ إِ َّن المسلم َ‬
‫ني‬ ‫‪4‬‬
‫الصادقَات َو َّ َ َ‬ ‫ني َوال َقانتَات َو َّ َ َ‬ ‫ني َوالمؤمنَات َوال َقانت َ‬
‫ني َوالمسل َمات َوالمؤمن َ‬
‫ات أ ََع َّد اللَّه َهلم َمغ ِفَرةً َوأَجًرا‬
‫الذاكِر ِ‬
‫الذاكِ ِر َ َّ ِ َّ‬
‫ين اللهَ َكث ًريا َو َ‬
‫ات واحلاكفِ ِظني كفـروججم واحلاكفِظَ ِ‬
‫ات َو َّ‬ ‫الصائ َم َ َ َ َ َ َ‬
‫الصائِ ِمني و َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِّدقَات َو َّ َ َ‬‫ني َوالمتَ َ‬
‫ات والمت ِ‬
‫صدِّق َ‬
‫ِ ِ‬
‫َواخلَاش َع َ َ َ‬
‫يما ﴾ سورة األحزاب‪ :‬اآلية ‪.21‬‬ ‫ِ‬
‫َعظ ً‬
‫‪ - 5‬عبد اهلادي أعراب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫‪ - 6‬جورج‪ ،‬مارسي‪ :‬املعامل األثرية‪ ،‬ص‪201‬؛ ‪Barges: Telemcen ancienne capital du Royaume de ce nom,‬‬
‫‪Paris, 1859, p 131-132-309.‬‬

‫‪130‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫حني تصل املرأة إىل مرتبة الوالية وتناكفس الرجل يف الورع والصالح‪ ،‬وجب عليجا أن جتاهد نفسجا‬
‫بالرياضات والعبادات كفالرياضة تصفية القلب من الرذائل واخلبائث املذمومة وتزكبتجا بالفضائل احملمودة‪،1‬‬
‫وباالقرتاب من صورة هؤالء النسوة الصاحلات‪ ،‬سنجدهن يقمن على اجناز نوع من االبتعاد عن احلياة املعتادة‬
‫للنساء‪ ،‬هلذا نسجت حوهلن مجيعا صورة املرعبات املخيفات‪ ،‬كما ربطن بقدرات خارقة على االتصال بالعامل‬
‫الالمرئي‪ ،‬وهو ما أحاطجن بنوع من الغموض والغرابة بالوجود بني املقدس واملدنس أو بني الديين والدنيوي‪،2‬‬
‫لكن يف املقابل متتعت النساء بالربكة كفكن حيملن لقب اللة مثل اللة سييت بنت الويل عبد القادر اجليالين‬
‫بتلمسان‪ ،‬ومن األمثلة عن الفضاءات الضرائحية األنثوية أذكر مسجد اللة غريبة ومسجد اللة رويا بتلمسان‪.‬‬
‫البد من اإلشارة إىل انفرد ابن مرزوق (ت‪712‬هـ‪2279/‬م) كأحد أقطاب الكتابة املناقبية يف العصر‬
‫الوسيط برصد وتسجيل متلك املرأة للربكة والكرامة يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬متغلبا يف ذلك على العقل‬
‫الذكوري اإلقصائي للمرأة الذي ميز الفرتة الوسيطة‪ ،‬وأورد يف حديثه عن والدة جده ألبيه األقرب أبو عبد اهلل‬
‫قال‪ «:‬وأمه زينب بنت الشيخ الصاحل أيب إسحاق إبراهيم بن حممد الداليل ‪...‬كانت مالزمة للعبادة مع‬
‫زوججا‪...‬مقتصرة عليه من القوت متورعة عن أكل طعام أبيجا‪ ،‬مباعدة ألهلجا‪ ،»3‬كما حتدث على أن جده‬
‫ألمه اإلمام أيب إسحاق إبراهيم بن خيلف بن عبد السالم التنسي(ت‪199‬هـ ‪2292 /‬م)‪ « :‬قد آوى إليه‬
‫مجاعة من عجز أهل مرسية أسكنجم يف دويرة مالصقة لداره‪ ،‬وكن نساء صاحلات‪ ،‬يدخل كل ليلة كفيسأهلن عن‬
‫حاهلن وكان يقوم مبئونتجن‪ ،‬وكان جيالسجن ويتحدث معجن مث يعود إىل بيته‪ ،»4‬ميكن القول أن هناك انفتاح‬
‫للنساء على جمتمع الذكوري األوليائي عن طريق تبادل الزيارات واكتساب املعارف‪ ،‬لكن هذا األمر مل يكن‬
‫مقبوال دائما كفكثرية هي النوازل اليت ورد اإلنكار كفيجا على جمالس النساء يف املواعظ والتذكري‪.5‬‬
‫كما أن هناك من األولياء من سخر نفسه خدمة ألولياء اهلل من النساء‪ ،‬لكن مل تكن مجيع احللقات النسوية‬
‫مرحب هبا لتخلل بعضجا احملضورات الشرعية‪ ،‬ويؤكد لنا هذا الطرح تنديد القاضي أبو الفضل قاسم العقباين‬

‫‪ - 1‬عبد الرمحان‪ ،‬بن خلدون‪ :‬شفاء السائل‪ :‬ص‪.10‬‬


‫‪ -2‬عبد اهلادي‪ ،‬أعراب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬
‫‪ -3‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص ‪.210-229‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.210‬‬
‫‪ - 5‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪.211/0 ،‬‬

‫‪131‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫(ت‪ 112‬هـ‪2210/‬م)‪ ،1‬باجتماع النساء على احتفال أو تزيني‪ ،‬كفيحلقن دائرة على رجل غري حمرم يغنيجن‬
‫ويطرهبن‪ ،2‬ويف تنديده أيضا باجتماعجن للمالهي والرقص‪ 3‬ويف منع استعمال البوق والعود‪ ،4‬وهلذا كان البد‬
‫للنساء اللوايت تردن الظفر مبوقع داخل نسق الوالية والصالح‪ ،‬عليجن أن تعملن على الظجور مبظجر ذكوري‪،‬‬
‫ذلك ما تبينه تلك األوصاف اجلسدية اليت تقدمجا تراجم بعض النساء الوليات‪.‬‬
‫إن الذهنية الثقاكفية يف جمتمع املغرب األوسط املكونة باملركزية الذكورية‪ ،‬عملت على إقصاء ذكر النساء‬
‫ودورهن يف الصالح اجملتمعي‪ ،‬وركزت على الذهنية السحرية لدى النساء وارتيادهن لألضرحة احمللية وتقديسجا‪،‬‬
‫بناءً على ذهنية خراكفية يف حماولة للطعن يف مدى التزامجن بالشعائر الدينية الشرعية ومبدى تدينجن‪.‬‬
‫يف املقابل كفإن االستثناء الذي صنعته املرأة يف املغرب األوسط والذي جعل مجيع املصادر الوسيطة جتمع على‬
‫قدرهتا وقوهتا‪ ،‬كان مع سوط النسا والدة يغمراسن بن زيان‪012-022( 5‬هـ‪2111-2122/‬م) زعيم دولة‬
‫بين عبد الواد‪ ،‬ليس لتصوكف جا وال لواليتجا بل لدهائجا السياسي وحنكتجا الدبلوماسية‪ ،‬كفمعظم املصادر الوسيطة‬
‫مل تغفل عن ذكرها خاصة يف املفاوضات والوساطة بني ولدها والسلطان أيب زكريا احلفصي سلطان الدولة‬
‫احلفصية‪ 6‬يف تونس‪ ،‬أين أسفر توسطجا عن عقد معاهدة بني الطركفني‪ ،1‬كما أشارت املصادر إىل أن سوط النسا‬

‫تويف يف ذي القعدة سنة ‪112‬هـ‪/‬ديسمرب ‪2210‬م صلي عليه باجلامع األعظم‪ ،‬ودكفن بغربيه بالروضة قرب أيب عبد اهلل حممد بن مرزوق‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫الونشريسي ‪ :‬وكفيات الونشريسي ضمن ألف سنة من الوكفيات‪ ،‬تح‪ :‬حممد حجي‪ ،‬الرباط‪ :‬مطبوعات دار املغرب للتأليف والرتمجة والنشر‪2970 ،‬م ‪،‬‬
‫ص‪ 222‬؛ القلصادي ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.207‬‬
‫‪ -2‬العقباين‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ - 3‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ -5‬هو أبو حيي يغمراسن بن زيان بن ثابت بن حممد العبد الوادي ولد (‪012‬هـ‪2100/‬م) وبويع للملك يوم وكفاة أخيه أيب عزة زجدان يف ‪ 12‬ذي‬
‫القعدة سنة ‪022‬هـ‪ 2120-2129/‬م وكان معروكفا بني قومه بالدهاء السياسي‪ ،‬والشجاعة واحلزم وكثري جمالسة للصلحاء تويف برهيو من واد شلف‬
‫منسلخ ذي القعدة سنة ‪012‬هـ وكان سنه ‪70‬سنة ومدة خالكفته ‪22‬سنة و‪ 1‬أشجر و‪ 21‬يوم‪ ،‬وتعرب والدته سوط النسا من أشجر نساء الدولة الزيانية‬
‫ملا متتعت به من حنكة سياسية ورجاحة عقل ‪ .‬وابن اخلطيب‪ :‬اإلحاطة‪ 102/2 ،‬و‪97/1‬؛ ورقم احللل‪ ،‬ص‪00‬؛ حيي‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬مصدر سابق‪،‬‬
‫‪102/2‬و‪ 107‬؛ عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬العرب‪ 201/7 ،‬إىل ‪201‬؛ التنسي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪211- 210-211 -222‬؛ ابن األمحر‪:‬‬
‫مصدر سابق‪ ،‬ينفرد بذكر تاريخ ‪ 12‬ذي القعدة سنة ‪022‬هـ كتاريخ لبيعة يغمراسن بن زيان وذكر أن مدة حكمه ‪10‬سنة وليست ‪ 22‬سنة ص‪،22‬‬
‫وعبد الرمحن بن حممد اجلياليل ‪:‬تاريخ اجلزائر العام‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الثقاكفة‪2910،‬م‪221/1 ،‬؛ واملعسكري أيب راس الناصر (ت‪2121‬هـ)‪ :‬لقطة‬
‫العجالن يف شرف الشيخ عبد القادر بن زيان وأنه من بين زيان ملوك تلمسان‪ ،‬دراسة وتح‪ :‬محدادو بن عمر‪ ،‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ :‬منشورات دار قرطبة ‪،‬‬
‫‪1021‬م ‪ ،‬ص‪221‬؛ وحيي بوعزيز ‪ :‬تلمسان ‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -6‬الدولة احلفصية نسبة إىل بنو حفص الذين ينتسبون إىل الشيخ أيب حفص عمر من أصحاب املجدي بن تومرت العشرة‪ ،‬وهم املسمون باجلماعة إال‬
‫أن اسم أيب حفص عمر كان قد مساه به املجدي بن تومرت‪ ،‬وامسه األصلي هو كفَاص َكة ‪ ،‬وينتمي أبو حفص هذا إىل قبيلة هنتاتة املصمودية‪ ،‬وبعد وكفاته‬
‫يف ‪ 2‬حمرم ‪ 021‬هـ ‪ 2112/‬م‪ ،‬خلفه ابنه أبا زيد الذي مل تدم واليته سوى ثالثة أشجر‪ ،‬ليخلفه بعد ذلك أبا حممد عبد اهلل احلفصي يف ‪ 27‬ذو‬

‫‪132‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫لقب وصفة تدل على سطوهتا وهيبتجا ونفاذ أمرها‪ ،‬وهو ما يؤكد أن املرأة حظيت مبكانة مجمة يف جمتمع املغرب‬
‫األوسط سواء كانت متصوكفة أو يف سدة احلكم‪ ،‬وما ألصق باملرأة من صفات تعلقجا بالسحر ومالزمته هلا عار‬
‫من الصحة‪ ،‬إذ سجلت النصوص جلوء الكثري من الرجال للسحرة واملشعوذين من أجل قضاء حوائججم‪ ،‬وهو‬
‫دليل على أهنا مل تكن حكرا على النساء وهو ما ستكشفه الصفحات القادمة‪.‬‬
‫وأوردت الباحثة سوزي أنديزان أنه الشك يف أن اإلسالم املرابويت ( املرابطي) أدمج النساء األميات اجلاهالت‬
‫يف منظومة دينية‪ ،‬ومتعجن بقدر من القداسة والربكة‪ ،‬كففي األضرحة وقبور األولياء وجدن‪ ،‬ويضطلعن بأعمال‬
‫أساسية ومنجن مقدمات خيتارهن شيخ الطريقة لينقلن الربكة للراغبات يف حتصيلجا لقاء هدايا وأعطيات‪ ،‬مث‬
‫لينصنت للزائرات ويساعدهنن على جتاوز مشكالهتن‪ ،‬ونقل طلباهتن إىل اهلل عرب سلسلة وساطة الويل والصلحاء‬
‫والرسولﷺ‪ ،2‬أرى أن حماولة تفسري بركة النساء املسلمات وتشبيه دورهن بدور الراهبات يف الكنيسة املسيحة‪،‬‬
‫كفيه الكثري من اللغط وتشويه احلقيقة التارخيية‪ ،‬وهذا ناتج عن تبين املستشرقني مشروع تارخيي يقوم على تشويه‬
‫التاريخ احمللي وحتريفه‪ ،‬يف ظل غياب شبه كلي للدراسات احمللية املتخصصة يف مثل هذه املواضيع‪.‬‬
‫إن نظر جمتمع املغرب الوسط يف العصر الوسيط للمرأة على أهنا بعيدة عن القداسة‪ ،‬وبالتايل بعيدة عن‬
‫الوالية الصوكفية‪ ،3‬أوجب التعرف على املتغريات اليت صنعت وشكلت وصقلت ذهنية هذا اجملتمع يف تعامله‬
‫معجا‪ ،‬وكيف انعكست هذه الن ظرة على تقديس أو تدنيس املرأة ككيان اجتماعي داخل األسرة وداخل اجملتمع‪،‬‬
‫بداية من مكانتجا يف الرتاتبية الوجودية واألخالقية‪.4‬‬

‫القعدة‪ 012‬هـ ‪ 2111 /‬م‪ ،‬لتعود السلطة إىل بين حفص من جديد على إكفريقية‪ ،‬كفوىل أبا زكريا حيي كفاس الذي أعلن عدم والئه للموحدين ‪ ،‬ومن هنا‬
‫بدأت كفكرة االنفصال سنة (‪010‬هـ‪ 2111 /‬م) الوزان ‪ :‬املصدر السابق ‪ 21/2 ،‬؛ أبو العباس أمحد القسنطيين ابن قنفذ‪ :‬الفارسية يف مبادئ الدولة‬
‫احلفصية‪ ،‬تق وتح‪ :‬حممد الشاذيل وعبد اجمليد الرتكي‪ ،‬تونس‪ :‬الشركة التونسية للفنون‪2901 ،‬م‪ ،‬ص‪209-200‬؛ خالد‪ ،‬بلعريب ‪ ،‬الدولة الزيانية ‪،‬‬
‫ص‪. 12‬‬
‫‪ -1‬عبد الرمحان‪ ،‬بشري‪" :‬املرأة املغربية يف نوازل أيب القاسم الربزيل"‪ ،‬عصور اجلديدة‪ ،‬ع‪1022-1022 ، 21-22‬م‪ ،‬جامعة وهران – اجلزائر‬
‫ص‪.‬ص ‪221-212‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Sossie Andzian: Femmmesd et religion en islam un couple mauait clio femmes, Genre Histoire, N2, 1995,‬‬
‫‪accessd on 12-09 2018 p‬‬
‫‪ - 3‬مؤسسة الوالية الصوكفية هي املؤسسة اليت جتسد داخل اجملتمع اسرتاتيجية اإلظجار واملسرحة الطقوسيتني والصالحيتني مثلما جتعل من الوالية‬
‫والصالح قمة الرتاتب ومرجعية الشرعية الدينية‪ .‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس واجملتمع‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 4‬اجلياليل‪ ،‬املستاري‪ " :‬اجلسد واملقدس – قراءة يف اخلطاب الفقجي البن قيم اجلوزية" جملة إنسانيات‪ ،‬ع‪ ،22‬جانفي مارس ‪1000‬م‪ ،‬مركز‬
‫البحث يف األنثروبولوجيا االجتماعية والثقاكفية ‪ -‬وهران‪ ،‬ص‪.‬ص ‪.01-21‬‬

‫‪133‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫جند أن اجلسد النسوي كان حتت مظلة احلجب حبجة دناسته‪ ،1‬لكن هناك مواقع حصل كفيجا هذا اجلسد‬
‫على أعلى درجات القداسة خاصة يف دور األم‪ ،‬واعتربت املرأة متضامنة صوكفيا مع األرض‪ ،‬وارتبطت قداسة‬
‫املرأة بقداسة األرض وللخصب النسوي منوذج كوين هو منوذج األرض األم املولدة الشاملة‪ ،2‬ألن الوظيفة‬
‫املقدسة جلسد املرأة هي أن تكون أما‪ ،‬إذ صورت املدونة الوسيطة ذهنية اجملتمع يف املغرب األوسط يف حكمه‬
‫املسبق واملطلق حول أن هدف املرأة األول يف حياهتا والذي تسعى إليه هو أن تكون أما وتعد املرأة اليت تنجب‬
‫‪3‬‬
‫جديرة باحلياة والركفعة‬
‫مل حتفظ لنا املصادر املتعلقة بفرتة البحث مناذج من النصوص اليت ميكن أن نستدل هبا حول نظرة جمتمع‬
‫املغرب األوسط ملكانة املرأة وكيف تعامل معجا تقديسا أو تدنيسا‪ ،‬وهو ما كفتح اجملال أمام عدة تأويالت قد‬
‫جتانب احلقيقة‪ ،‬خاصة وأن املستشرقني الذين اهتموا هبذا اجلانب جل كتاباهتم كانت تصب حول حقيقة أن‬
‫جممع املغرب اإلسالمي ككل تعامل مع النساء ككائن مدنس بعيد عن القداسة‪ ،‬يف ظل غياب دراسات تارخيية‬
‫جادة تفند هذا الطرح‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اسم النساء والستر‪:4‬‬
‫أثناء حبثي وجدت تغييبا لذكر أمساء النساء ودورهن يف احلياة االجتماعية باملغرب األوسط داخل املدونة‬
‫الوسيطة‪ ،‬إال بعض النتف اليت ال تليب احلاجة وال تساعد يف بناء املعركفة التارخيية‪ ،‬وهو ما دعاين لطرح العديد من‬
‫التساؤال ت عن السبب وراء هذا احلجب‪ ،‬خاصة إذا ما أخذا يف احلسبان أن من ترك عدة مؤلفات من املؤرخني‬
‫مل يذكروا أمساء النساء من احمليطات هبن وال من أهلن‪ ،‬كفابن خلدون مثال ورغم ما تركه من تآليف إال أنه مل يورد‬
‫ذكر اسم أي امرأة من أهله باستثناء أنه أخرب عن هالك والدته يف الطاعون‪ ،‬كل هذا احلجب عكسته املصنفات‬
‫الوسيطة اليت ذكرت بعض النساء يف متوهنا على الرغم من أن ذكر أغلب النساء الصاحلات وردن بذكر كنيتجن‬
‫أو بإضاكفة اسم األب مثل‪ :‬أم حممد ‪ /‬أم اخلري ‪ /‬أم عصفور تبعزات بنت حسني اهلنتيفي‪.5‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر‪ ،‬حممدي‪ :‬أنثربولوجيا اجلسد األسطوري حبث يف اهلوية واالمتداد‪ ،‬املغرب‪ :‬مطبعة كفاس بريس‪1022 ،‬م‪ ،‬ص‪29‬؛ كفريد‪ ،‬الزاهي‪ :‬اجلسد‬
‫والصورة واملقدس يف اإلسالم‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار إكفريقيا الشرق‪2999 ،‬م‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ -2‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.207‬‬
‫‪ - 3‬نوار عبيدي ومخيسي كفوزية‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪،222- 221‬‬
‫‪ - 4‬مل يكن اسم النساء وحده موضع السرت يف جمتمع حماكفظ كمجتمع املغرب األوسط‪ ،‬كفمنذ الصغر تبنت األسر تربية بناهتن على احلياء وعدم الظجور‬
‫أمام الرجال‪ ،‬حىت وإن كن يف سن صغرية إذ روي أن أبو العباس القطان ملا زار أبو إسحاق التنسي يف مرضه نظر البنته وهي صغرية يف الثالثة أو الرابعة‬
‫كفناداها والدها يا خدجية كفجربت وغطت وجججا كفقال له‪ :‬استحيت منك يا بين‪ .‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ - 5‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.211-217-201-‬‬

‫‪134‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫ورأى الباحث رحال بوبريك أن احلضور النسوي يف املدونة الوسيط نادر جدا كفقال‪ « :‬نبحث عن أثر النساء‬
‫يف كتب تراجم األولياء الشجرية يف املغرب مثال‪ ،‬ال نكاد نعثر إال على عدد قليل منجن‪ ،»1‬تتبعت نظريته‬
‫واخرتت كتاب التشوف إىل رجال التصوف البن الزيات (ت‪017‬هـ‪2120/‬م) كفاتضح معي ما يلي‪:‬‬
‫النساء الصاحلات عددهن قليل مقارنة مع الرجال الصلحاء‪ ،‬كفقد ورد كفيه ذكر مثانية نساء كفقط‪ ،‬ومل يرتجم‬
‫إال خلمسة منجن‪ ،‬وهذه الرتمجات قصرية وردت عرضا يف احلديث عن الصلحاء من الرجال‪ ،2‬وقد ذكر أربعة‬
‫منجن باالسم إذ قال‪« :‬حدثتين أخيت ملوكة وكانت من الصاحلات‪ »3‬ويف موضع آخر قال‪ «:‬حدثتين مرمي بنت‬
‫يوسف بن عبد اهلل»‪ ،4‬أما يف ذكره للمججوالت منجن قال‪ « :‬ومنجم امرأة جمجولة‪ :‬رأيت قبلي مدينة أغمات‬
‫وريكة على قرب من قرب عبد العزيز التونسي‪ ،‬قربا يتربك الناس به ويدعون عنده‪ ،‬ويذكر أنه قرب أخت عبد العزيز‬
‫التونسي‪ ،‬وأهنا انقطعت إىل عبادة اهلل تعاىل إىل أن ماتت وهي بكر‪.»5‬‬
‫وذكر يف موضع آخر أنه حضر يف رباط شاكر يف أحد املرات ألف من األولياء‪ ،‬كانت بينجن أربعة عشر امرأة‬
‫من أصل سبعة وعشرون وليا من املصامدة خيرتقون اهلواء‪ « :‬يف املصامدة سبعة وعشرون وليا خيرتقون اهلواء‬
‫وكفيجم أربعة عشر امرأة منجن عجوز‪ ،»6‬وكانت معظم النساء الوليات عجائز كففي بعض مناطق املغرب األوسط‬
‫كانت عجوز ختترب املرشحني للقضاء‪.7‬‬
‫مل حتفظ لنا املتون النصية ملؤرخي العصر الوسيط أمساء النساء الصاحلات‪ ،‬إذ ندر احلديث عن أمسائجن وهو‬
‫ما يعطي صورة عن قداسة وحرم ة اسم النساء وعدم تداوله بني العامة‪ ،‬لكن شواهد القبور احملفوظة يف متحف‬
‫تلمسان حفظت لنا أمساء عدد كبري منجن‪ ،‬وهذا دليل على كتابة أمسائجن على هذه الشواهد‪ ،‬كأمنا بعد موت‬
‫املرأة تزال القداسة عن امسجا‪ ،‬وميكن بالتايل الكشف عنه وكتابته على شاهد القرب‪.‬‬
‫لكن يبقى اإلشكال مطروحا كفاألمساء وحدها ال ميكن أن تكشف مدى صالح املرأة وواليتجا‪ ،‬إال إذا‬
‫اعتمدنا على أن والدها أو زوججا كان من األولياء‪ ،‬ما يرتتب عليه صالحجا بسبب نشأهتا يف هذه البيئة‪ ،‬وإن‬

‫‪ - 1‬رحال‪ ،‬بوبريك‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬


‫‪ -2‬نشاط مصطفى‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪20‬؛ علي‪ ،‬حممد كفتحة‪ :‬النوازل الفقجية واجملتمع‪ ،‬عني الشق‪ -‬الدار البيضاء‪ :‬منشورات كلية اآلداب‪ ،‬ص‪،‬‬
‫‪120-109‬‬
‫‪ -3‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.227-220‬‬
‫‪ -5‬نفسه‪ ،‬ص‪92‬‬
‫‪ - 6‬نفسه‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪ -7‬الوسياين‪ :‬سري الوسياين در وتح‪ :‬عمر بن لقمان‪ ،‬مسقط‪ :‬وزارة الرتاث والثقاكفة‪1009 ،‬م‪ ،‬ص‪171‬‬

‫‪135‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫أثبتنا صالحجا كفمن غري املمكن إثبات كراماهتا دون نص صريح‪ ،‬وبعد حبث ومتحيص عثرت على نص البن‬
‫مرمي ذكر كفيه عبارة‪ «:‬وزوجته من أكابر األولياء» يف حديثه عن سيدي محزة بن أمحد املغراوي دون ذكر هل‬
‫كانت هلا كرامات وما هي إن وجدت؟ أما األمثلة اليت ذكرها وليام مارسي يف كتابه أذكر بعضجن على سبيل‬
‫املثال ال احلصر‪:1‬‬
‫املصدر والصفحة‬ ‫تاريخ الوكفاة‬ ‫االسم‬ ‫القطعة األثرية‬
‫مارسي‪:‬‬ ‫وليام‪،‬‬ ‫ت‪121‬هـ‪/‬‬ ‫(‬ ‫تاحضريت بنت عمر بن‬ ‫شاهد قرب مصنوع‬
‫مقتنيات‪ ،‬ص‪.12‬‬ ‫‪2221‬م)‬ ‫يعقوب بن أيب محو موسى بن‬ ‫من الرخام املشوي‬
‫طلحة بن غمرسان‬
‫وليام‪ ،‬مارسي‪ :‬املرجع‬ ‫(ت‪112‬ه‪2210/‬م)‬ ‫رقية بنت امة احلق بنت موالي‬ ‫شاهد قرب مصنوع‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫عبد الواحد بن موالي أيب محو‬ ‫من الرخام املشوي‬
‫نفسه‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫(ت‪107‬ه‪2201/‬م)‬ ‫ملوكة بنت الشيخ عثمان بن‬ ‫شاهد قرب مصنوع‬
‫مشعل زوجة السلطان أيب عبد‬ ‫من الرخام املشوي‬
‫اهلل حممد‬
‫نفسه‪ ،‬ص‪.12‬‬ ‫(ت‪910‬ه‪2110/‬م)‬ ‫الزهرة بنت السلطان أيب عبد‬ ‫شاهد قرب مصنوع‬
‫اهلل حممد بن حممد الثابيت‬ ‫من الرخام املشوي‬
‫نفسه‪ ،‬ص‪.17‬‬ ‫(ت‪972‬ه‪2101/‬م)‬ ‫رمحونة بنت أيب عبد اهلل حممد‬ ‫شاهد قرب مصنوع‬
‫بن القاضي أيب حيي العقباين‬ ‫من الرخام املشوي‬
‫ثالثا‪ :‬المرأة ذلك الخطر المحدق‪:‬‬
‫مل يقتصر حضور النساء يف املغرب األوسط على دور الوالية‪ ،‬بل شكلت املرأة خطرا جيب جتنبه حسب‬
‫السلطان الزياين أبو محو موسى الثاين( ‪792-700‬هـ‪2211-2219/‬م) ويتضح ذلك جليا يف وصيته البنه‬
‫وويل عرشه يف كتاب واسطة السلوك قال‪ «:‬يا بين ال تكثر جمالسة النساء لئال يفسرن عقلك بعقوهلن‪ ،‬ويسرتق‬
‫طبعك من طباعجن‪ ،‬كفإهنن ناقصات عقل ودين‪ ،‬وإن أشرن عليك بأمر كفخالفجن كفيه‪ ،‬ألن عقول النساء غري‬
‫مواكفقة لعقول الرجال‪ ،‬كفإنك إن أحسنت إليجن قابلن اإلحسان باإلساءة‪ ،‬ومن ضعف عقوهلن أن ال يفرقن بني‬
‫احملسن واملسيء كفاحذر مطاوعتجن‪ »2‬وأضاف يف موضع آخر «يا بين إياك وامليل للنساء بالكلية‪ ،‬كفإن ذلك عني‬

‫‪ - 1‬ملعركفة بقية األمساء الواردة يف مؤلفه ينظر امللحق رقم‪.02 :‬‬


‫‪ -2‬موسى‪ ،‬أبو محو بن زيان العبد الوادي (ت‪791‬هـ‪ 2219/‬م)‪ :‬كتاب واسطة السلوك يف سياسة امللوك‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد بوترعة‪ ،‬ط‪ ،02‬اجلزائر‪ :‬دار‬
‫الشيماء‪ -‬دار النعمان‪1021 ،‬م‪ ،‬ص‪.01-11‬‬

‫‪136‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫األذية وسبب البلية‪ ،‬كفإنك إن ملت إليجن بكليتك كن سبب أذيتك‪ ،»1‬ميكنين القول أن هذا النص كفيه نوع من‬
‫التحامل وجمانب للحقيقة‪ ،‬كفعلى الرغم من ندرة املتون النصية الوسيطة اليت حتدثت عن الصالح النسوي يف‬
‫املغرب األوسط‪ ،‬إال أن احلقيقة التارخيية تقر بدورهن يف نسق الوالية والصالح الصويف واجملتمعي‪ ،‬وعلى سداد‬
‫رأيجن بدليل دور سوط النساء وحنكتجا السياسية‪ ،‬كفالنساء مل يكن بلية وشرا جيب اجتنابه‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬نشأة األضرحة وأنواعها‪.‬‬
‫إن حاجة اإلنسان للتواصل مع املاضي وركفضه كفكرة االنفصال والفناء‪ ،‬كرست لديه كفكرة عبادة األسالف‬
‫واألجداد‪ ،‬كفأنشأ هلم بنايات وأضرحة ختليدا هلم‪ ،‬كما راقص اجلسد بقرهبم السرتضائجم‪ ،‬كفكانت هذه الطقوس‬
‫يف حلظتجا األوىل الطفرة اليت متكن خالهلا اإلنسان من التناسق مع روح مقدسة‪ ،2‬كفكانت هذه الروح املقدسة‬
‫هي (روح الويل)‪ ،‬وبدأت ظاهرة تقديس األولياء منذ مرحلة متقدمة من انتشار اإلسالم ببالد املغرب‪ ،‬وقد‬
‫جعلت هلم شعوب املغرب اإلسالمي بشكل خاص مكانة هامة يف احلياة الدينية‪ ،3‬وبسبب ذلك اجتمع الرقص‬
‫والتعبد وغدا مظجرا واحدا ولغة واحدة‪ ،‬تتحاكى كفيجا الروح مع اجلسد‪ ،4‬وكي يشبع اإلنسان حاجته الروحية‬
‫للتقرب من األولياء قام بتقديس األضرحة وزيارهتا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬نشأة األضرحة‪.‬‬
‫بداية أطلق على املكان الذي يوارى به جسد اإلنسان بعد موته تسميات كثرية منجا‪ :‬املـَدكفَن‪ ،‬ال َقرب‪ ،‬اجلَ َدث‪،‬‬
‫الض ِريح‪ ،2‬ويتمحور الضريح‬
‫الرجم ‪ ،‬ال ِرمي‪ ،‬البَـيت‪ ،‬البَـلَد‪ ،‬اجلول‪ ،‬واجلَال ‪ ،‬الكديَة ‪ ،‬اللَحد ‪ ،‬و َ‬
‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬
‫الرمس ‪َ ،‬‬
‫اجلَنَن‪َ ،‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ -2‬الصديق‪ ،‬ثياقة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪ -3‬جورج‪ ،‬مارسي‪ :‬املعامل األثرية‪ ،‬ص‪ 100‬أطروحة جولد زيجر باللغة األملانية حول املصدر الرئيسي لتقديس األولياء يف اإلسالم‪Die .‬‬
‫‪Heiligenverhrung in islam ap mhoha studien IIp275-378.‬‬
‫‪ -4‬الصديق‪ ،‬ثياقة‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫‪ -5‬الرمس‪ :‬هو الصوت اخلفي‪ ،‬ورمس الشيء يرمسه رمسا‪ ،‬طمس أثره‪ ،‬ورميس دكفنه وسوى عليه األرض‪ ،‬ويقال ملا حيثى من الرتاب على القرب رمس‪،‬‬
‫والقرب نفسه رمس‪.‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪.121-222/20 ،‬‬
‫‪ -66‬الرجم احلجارة اليت تنصب على القرب‪ ،‬والرمجة هي القرب‪ ،‬قال عبد اهلل املزين ‪« :‬ال ترمجوا قربي» أي ال جتعلوا عليه الرجم‪ ،‬وأراد بذلك تسوية القرب‬
‫باألرض وأن ال يكون مسنما مرتفعا‪ .‬أبو احلسن علي بن إمساعيل األندلسي ابن سيده املرسي ( ‪211‬هـ‪2001 /‬م)‪ :‬املخصص‪ ،‬ط‪ ،2‬بوالق‪،‬‬
‫‪2900‬م‪221 /0 ،‬‬
‫‪ -7‬كلجا نفس معىن القرب وقيل وسطه أو ناحيته‪ .‬ابن سيده‪/21 :‬ص‪.229-221‬‬
‫‪ -8‬ومنه أن كفاطمة بنت النيب ﷺ‪ ،‬خرجت لعزاء بعض جرياهنا‪ ،‬كفلما انصركفت قال هلا رسول اهلل ﷺ‪ :‬لعلك بلغت معجم الكدى‪ .‬أراد املقابر وذلك‬
‫ألن مقابرهم كانت يف مواضع صلبة‪ .‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪.12-10/1 ،‬‬

‫‪137‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫كمؤسسة حول قرب الويل الدكفني‪ ،‬إذ تعترب األضرحة يف الغالب مبعىن واحد‪ ،‬هم قبور لشخوص من البشر وأحيانا‬
‫من اجلن‪.3‬‬
‫والضريح معلم توكفرت كفيه مسات العظمة واهليبة وبقيت تتقاذكفه موجات القبول والركفض‪ ،‬وذلك راجع‬
‫للنزاعات واالجتاهات املذهبية‪ ،‬وال يكاد خيلو بناء أي ضريح من القبة‪ ،‬وهي الشكل اهلندسي األكثر شيوعا يف‬
‫بناء هذه املزارات‪ ،4‬واختلفت حوهلا اآلراء‪ ،‬كفمنجم من قال إهنا ترمز إىل صورة متطورة للخيمة اليت يستخدمجا‬
‫البدو العرب‪ ،5‬كفالقبة عندهم قاعة مكعبة الشكل منتفخة األسقف‪ ،‬وهي ترمز بشكلجا إىل احلياة الدنيا‪ ،‬أما‬
‫السقف كفريمز إىل السماء‪.6‬‬
‫كفيما يرجع آخرون وجودها ألهنا ترمز للسماء‪ ،‬أو باألحرى هي مبثابة الفتحة اليت ميكن املرور بواسطتجا من‬
‫منطقة كونية إىل أخرى‪ ،‬من األرض إىل السماء‪ ،7‬وقد أصبحت أضرحة الورعني واملتعبدين معابد خاصة‪،‬‬
‫يقصدها األوكفياء والنساء بشكل خاص‪ ،‬واللوايت مل تكن هلن عقيدة سوى إجالل هؤالء الصاحلني‪ ،‬باجناز‬
‫طقوس وتضحيات وتقدمي قرابني‪ ،‬كإشعال الشموع والنضح مباء الورد‪ ،‬واجلاوي كل هذه املظاهر تكون ما‬
‫يسمى بالزيارة‪.8‬‬
‫الضريح كبناء حمتضن ومؤسس لربكة الويل الصاحل‪ ،‬يعد الشاهد املعماري على امتدادات املقدس يف األرض‪،‬‬
‫كما أنه الدعامة ال وسيطة بني األرض والسماء‪ ،‬كفالقبة املتججة إىل األعلى تربر هذه العالقة الوسيطة وتدعمجا‬
‫معماريا‪ ،‬إن األمر يتعلق خبزانات أرضية للقداسة السماوية كما ذهب إىل ذلك إميل درمنغن‪ ،9‬كفاألضرحة وقبور‬

‫‪ -1‬اللحد شق يعمل يف جانب القرب كفيميل عن وسط القرب إىل جانبه حبيث يسع امليت‪ .‬أبو عبد اهلل حممد بن إمساعيل البخاري ( ‪211‬هـ‪109/‬م)‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬مج‪-2‬ج‪221/ 1‬‬
‫‪ -2‬الضريح هو شق يف وسط القرب‪ ،‬وقيل القرب كله‪ ،‬وقيل هو قرب بال حلد‪ ،‬ومسي ضرحيا ألنه يشق يف األرض شقا‪ ،‬أو ألنه انضرح عن جانيب القرب‬
‫كفصار يف وسطه‪.‬صحيح البخاري‪ ،‬مج‪/2‬ج‪.221/1‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪- fenneke reysso Des Moussems du Marco une approche anthropologique des fetes‬‬
‫نقال عن عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪patronales enshede sneldruk 1988 p51..210‬‬
‫‪ - 4‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ - 5‬حممد‪ ،‬السعيد‪ :‬ظاهرة زيارة األولياء واألضرحة يف منطقة تلمسان وأبعادها االجتماعية والنفسية‪ ،‬وهران‪ -‬اجلزائر‪ :‬مطبوعات الكراسك ‪،2991 ،‬‬
‫ص‪.20‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪- dermenghem: le culte des saints, P 119.‬‬
‫‪ - 7‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ -8‬جورج‪ ،‬مارسي‪ :‬املعامل األثرية‪ ،‬ص ‪.202‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪-Dermenghem: Op.cit.p, p34.‬‬

‫‪138‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫األولياء أماكن حج حيرم كفيجا القتال‪ 1‬لقداستجا‪ ،‬وسواء كان الضريح حمليا أو مشجورا كفجما مستويان يف سائر‬
‫بالد املغرب يف درجة القداسة‪.2‬‬
‫كفاألضرحة كما سبق الذكر هي خزانات للقداسة السماوية حسب درمنغن الذي يرى بأن اإلسالم عقلن‬
‫املقدس‪ ،‬وأعطاه اهلل كمصدر وحيد كفأصبحت القداسة بذلك من نصيب السماء‪ ،‬أما العامل األرضي الدنيوي‬
‫كفقد ركفعت عنه القداسة وأحلق به الدنس‪ ،‬وبالتايل كفإن األماكن واألشياء األرضية ال تستمد قداستجا إال من‬
‫كوهنا ذات عالقة معينة مع السماء‪ ،‬ومن هنا نفسر وجود بعض األماكن اليت حتمل نفحات قدسية كاألضرحة‬
‫وبعض األحجار واألشجار‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬العتبة‪:‬‬
‫ال خيلو أي بناء من العتبة كفال بد من جتاوزها لدخول أي بناء‪ ،‬لكن ليست مجيعجا تتشابه أو باألحرى‬
‫ليست جلميعجا نفس القدسية ونفس الوظيفة خاصة عتبة الضريح‪ ،‬كفالعتبة حتدث االنقطاع وحتقق الالجتانس‪،‬‬
‫وجتاوز العتبة يدخلنا يف عامل آخر مقدس خيتلف على طول اخلط عن املكان اآلخر الدنيوي‪ ،‬ويعترب جتاوز العتبة‬
‫من بني الطقوس اخلاصة للعبور إىل األماكن املقدسة‪ ،‬إذ يراكفق جتاوزها كثري من الطقوس كأن تبذل هلا مظاهر‬
‫االحرتام أو تلمس باليد قبل الدخول‪ ،4‬وهناك من ينحين يف وضعية السجود لذا وجدت العديد من عتبات‬
‫األضرحة والزوايا قصرية الطول‪ ،‬وذكر ابن مرزوق (‪712‬هـ‪2279/‬م) أن والده أوصاه قائال‪ «:‬يا بين إذ أحدثت‬
‫حادثا يف هذا الدار وبنيت كفيجا أشياء كفال تغري عتبة هذا البيت‪ ،‬كفإن كثريا من أكفراد األولياء وضع رأسه يف هذه‬
‫العتبة‪ ،‬وكم من ويل ممن ال يعركفه إال صاحب هذه الدار‪ ،‬قد دخل هذا البيت كفال تغريه نفع اهلل هبم أمجعني‪،»5‬‬
‫وعليه تعد العتبة أهم جزء يف البناء كفحىت القرابني كانت تذبح على أبواب العتبات‪.‬‬
‫بالعودة للحديث عن الضريح كرمز قدسي‪ ،‬كفإنه يأخذ أمهيته من خالل أمهية شخصية اإلنسان املدكفون كفيه‪،‬‬
‫واليت تكون يف الغالب شخصية دينية هامة‪ ،‬كشيخ طريقة صوكفية أو صاحب كرامات‪ ،‬أو زاهد أو مؤسس‬
‫زاوية‪ ،6‬وهو ما يفرض طقوس معينة عند جتاوز العتبة‪ ،‬ورد أن السلطان الكامل حممد بن العادل األيويب(‪-170‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل‪ ،‬احلمودي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72‬‬


‫‪ - 2‬جورج‪ ،‬مارسي‪ :‬املعامل األثرية‪ ،‬ص‪201‬؛ ‪doutté: les marabouts, p 7 et 8.‬‬
‫‪ - 3‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪20-21‬؛‬
‫‪ - 4‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس الدنيوي‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ - 5‬املناقب‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ -6‬جياليل‪ ،‬سراج‪" :‬زيارة األضرحة وأثرها يف املعتقدات الشعبية ضريح سيدي يوسف الشريف منوذجا"‪ ،‬رسالة ماجستري يف األنثروبولوجيا الثقاكفية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة أيب بكر بلقايد (تلمسان‪ -‬اجلزائر)‪1021 ،‬م‪ ،‬ص ‪2‬؛ جورج‪ ،‬مارسي‪ :‬املعامل األثرية‪ ،‬ص‪201‬‬

‫‪139‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫‪021‬هـ‪2121-2121/‬م) قام ببناء أول قبة أو ضريح سنة ‪001‬هـ‪2122 /‬م‪ ،‬إكراما لرجل تقي وعلم من‬
‫أعالم اإلسالم‪ ،‬أال وهو اإلمام الشاكفعي (ت‪102‬هـ‪110/‬م)‪ ،‬كما شيد السالجقة بعدهم ضرحيا مستقال بذاته‬
‫لإلمام أيب حامد الغزايل (ت‪101‬هـ‪2222/‬م)‪ ،‬وكانوا يولون عنايتجم وتقديسجم هلذه األضرحة بداية من العتبة‪،‬‬
‫وسار على منواهلم سالطني املغرب إذ أهنم بنو أضرحة مستقلة أو مندجمة للعلماء واألولياء والسالطني‪ ،‬على أن‬
‫هذا النوع األخري قليل باملغرب األوسط عدا روضة‪ 1‬بين زيان بتلمسان‪ ،‬وضريح يغمراسن بن زيان (‪-022‬‬
‫‪012‬هـ‪2111-2122 /‬م) املندمج ضمن اجلامع األعظم إىل جانب ضريح اإلمام ابن‬
‫مرزوق(ت‪712‬هـ‪2279/‬م)‪.‬‬
‫وحفظت لنا املصادر الوسيطة أن السلطان يغمراسن(‪012-022‬هـ‪2111-2122 /‬م) أمر بدكفن الويل‬
‫حممد بن حممد بن أيب بكر بن مرزوق (‪019‬هـ‪-)012-‬وهو اجلد اخلامس أليب عبد اهلل أمحد بن مرزوق‬
‫(ت‪012‬هـ‪2177/‬م)‪- ،2‬بقصره‪ ،‬وأوصى بدكفنه إىل جواره حينما يتوىف‪ ،3‬كما ظل يغمراسن بن زيان(‪-022‬‬
‫‪012‬هـ‪2111-2122 /‬م) يلح على أيب إسحاق إبراهيم بن خيلف بن عبد السالم التنسي(ت ‪199‬هـ ‪/‬‬
‫‪2292‬م)‪ ،4‬اإلقامة يف تلمسان حىت مت له ذلك‪ ،‬وكان من العلماء الصاحلني األولياء كبري القدر حيا وميتا‪،‬‬
‫زاهدا ورعا ذو كرامات شجرية ومكانة عند امللوك عظيمة‪ ،5‬وهو األمر الذي جعل السلطان يغمراسن بقربه‬
‫ويتقرب منه ليناله حظ من الربكة بقربه حيا وميتا‪ ،‬وتعد هذه األضرحة أهم األضرحة اليت قدست عتباهتا‬
‫بتقديس الضريح كلية‪ ،‬وكان البد من اإلحناء قبل جتاوزها والدخول بالرجل اليمىن‪ ،‬كما كان متعارف منع النوم‬
‫على العتبة حىت ولو مل تكن عتبة ضريح ألهنا مكان يسكنه اجلن وتفصل بني عاملني‪ ،‬وهو األمر الذي مازال إىل‬
‫يومنا‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مقدم الضريح‪:‬‬

‫‪ - 1‬الروضة‪ :‬الروضة لغة هي األرض املخضرة النتشار املاء كفيجا ولوجود شىت النباتات‪ ،‬وهي يف االستعمال الديين احلديقة أو اجلنة‪ ،‬كما أن الروضة هي‬
‫الطيب بقعة كفيجا أو هي البقعة الشريفة من اجلنة‪ .‬أنظر الزخمشري‪ :‬تفسري الكشاف‪ ،‬تح‪ :‬حممد مرسي عامر‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار املصحف‪2977 ،‬م‪0،‬‬
‫أجزاء‪1/ 1،‬‬
‫‪ -2‬تويف بتلمسان وقربه باملقربة املعروكفة مبسند صاحل حتت الباب املعروف بباب زيري‪ ،‬حيث قرب أبيه وجده ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪ 211‬؛ القلصادي‪:‬‬
‫مصدر سابق‪ ،‬ص‪ 90‬؛ ابن األمحر‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪00‬؛ الرصاع ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ -3‬عبد الرمحان‪ ،‬بن خلدون‪ :‬العرب‪ 11/7،‬؛ مفتاح‪ ،‬خلفات‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،201‬؛ جورج‪ ،‬مارسي‪ :‬املعامل األثرية‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪ -4‬عمرو‪ ،‬الطمار‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91-92‬‬
‫‪ - 5‬مفتاح‪ ،‬خلفات‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.201‬‬

‫‪140‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫كانت األضرحة باملغرب األوسط تقوم على نظام خاص هبا مسح ملقدم الضريح بأن تكون له مكانة هامة يف‬
‫اجملتمع‪ ،‬كفجو من يسجر على احملاكفظة على الضريح وصيانته واستقبال زواره‪ ،‬ويكون املقدم يف الغالب من أكفراد أو‬
‫من ذرية صاحب الضريح‪ ،‬والذين تتوكفر هلم ظجائر التوقري واالحرتام‪ ،1‬وحيرص مسريو األضرحة أحفاد الويل‬
‫الذين يعيشون يف رأمساله الرمزي يف هذا الباب على إشاعة قدرات جدهم يف اجناز املعجزات‪ ،‬وينسبون إليه كل‬
‫املعجزات اليت تساير متطلبات العصر وتستجيب لرغبات الزوار‪ ،2‬ويساهم اخلدام واملريدون هم أيضا يف تدعيم‬
‫الرأمسال الرمزي للويل صاحب الضريح‪ ،‬برواياهتم املتجددة حول حاجاهتم اليت قضيت‪ ،‬ورغباهتم اليت حققت‬
‫بفضل مزايا وبركات الويل‪.3‬‬
‫رابعا‪ :‬الضريح وعالقته بالمجال السوسيولوجي في المغرب األوسط‪.‬‬
‫ذكر الباحث معروف احلاج يف مقارنة بني جمتمع املشرق وجمتمع املغرب‪ ،‬كفقال بأن النواة األوىل للمجتمع يف‬
‫أغلب األحيان تكون هي املدرسة يف املشرق‪ ،‬بينما يف املغرب كفجي الضريح‪ ،4‬ويتميز الضريح خبصوصية معمارية‬
‫ال تتوكفر يف باقي املباين وهي ما جعلت منه مكان يشع بالقداسة حسب معتقدات بعض كفئات اجملتمع‪ ،‬وال‬
‫بأس من اإلشارة إىل املعمار الضرائحي‪.‬‬
‫‪ /3‬المعمار الضرائحي‪:‬‬
‫العمارة الضرائحية ليست جمرد أبنية خالية من السلطة‪ ،‬إهنا سياج احتوائي يتضمن رسائل ورموزا‪ ،‬إهنا تنطق‬
‫مبكنون سلطاهتا الرمزية وتعرب عن انتماءاهتا األنطولوجية‪ ،‬كفقباب األضرحة املتججة إىل السماء تعرب عن داللة‬
‫التوسط بني الدنيوي والقدسي‪ ،‬كما ترمز إىل الركفعة والتسامي‪ ،‬إهنا ترتجم املقدس معماريا وتعيد صياغته من‬
‫داخل الدنيوي‪ ،‬كما تتم استعادة أشكال املقدس الديين املركزية ( الكعبة أساسا) يف بناء وتطقيس الضريح‪،‬‬
‫سواء من شكله املربع أو استحضار عملية الطواف بالدربوز أو تغطيته بالكساء األخضر‪ ،‬يف حماوالت لتحيني‬
‫املقدس وإسباغه على خمتلف نواحي املنت الضرائحي‪.5‬‬
‫وبالرجوع إىل كساء الضريح األخضر‪ ،‬جتدر يب اإلشارة إىل أن سكان املغرب األوسط استعملوا ألوانا ذات‬
‫دالالت ورموز مقدسة يف ضرائحجم‪ ،‬على اعتبار أن األلوان صفة طبيعية يف األشياء والكائنات واملخلوقات‬

‫‪ - 1‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪.21 ،‬‬


‫‪ - 2‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ -4‬معروف‪ ،‬بلحاج‪ :‬اجملمع املعماري بالعباد‪ ،‬دراسة أثرية مقارنة‪ ،‬حولية املؤرخ باملركز الوطين للدراسات والبحث‪ ،‬ص ‪.211-212‬‬
‫‪ - 5‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪141‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫وعناصر الكون ومرتبطة بالنور والظل‪ ،‬واأللوان حتمل يف ذاهتا الكامنة روح اجلمال ومظجره‪ ،‬مما جيعل كثريا من‬
‫األشياء واملخلوقات اجلامدة واحلية ومظاهر الطبيعة وعناصرها تستمد مجاهلا من ألواهنا‪.1‬‬
‫واأللوان مظجر وبيئة تشاهد بالبصر‪ ،‬وداللة رمزية ختضع لطبيعة اجملتمع وثقاكفته وبيئته وعصره‪ ،‬علما أن نظرة‬
‫اجملتمعات واألكفراد لأللوان ختتلف وتفسريهم هلا وإحساسجم هبا يتباين من جمتمع آلخر ومن كفرد آلخر‪ ،‬كفاللون‬
‫األبيض واألمحر واألصفر واألسود ليس هلا نفس الداللة واملعىن‪ ،‬كفاألمحر قد يرمز للغضب‪ ،‬لكنه حيمل معىن‬
‫اإلنارة عند البعض اآلخر‪ ،‬بينما يعين األبيض النبل والرباءة‪ ،2‬وهو عند ابن سريين (ت ‪220‬هـ‪719 /‬م) حييل‬
‫إىل معاين اجلاللة والعظمة والتوبة واألخالق الطيبة‪.3‬‬
‫استعملت األلوان يف املعمار الضرائحي بكثرة كفاللون األبيض‪ 4‬وجد يف اجلدران والزخارف اجلصية كضريح‬
‫أيب مدين شعيب (ت‪192‬هـ‪2291/‬م) ومسجد الشيخ إبراهيم املصمودي‪ ،5‬يف حني ظجر هبما الزليج املتعدد‬
‫األلوان‪ ،‬ولعل اللون الطاغي على األضرحة يف املغرب األوسط هو اللون األخضر الذي طليت به جدران ضريح‬
‫السنوسي(ت‪191‬هـ‪2219 /‬م) وبابه أما حممد بن عمر اهلواري (ت‪122‬هـ‪2220/‬م) كفقد طليت حنياته‬
‫اجلدارية أيضا باللون األخضر الداكن‪ ،‬وأخريا باب ضريح احللوي (ت‪727‬هـ‪2227 /‬م)‪ ، ،‬يف حني غاب‬
‫اللون األخضر الداكن أو الفاتح جبدران وضريح أيب مدين شعيب (ت‪192‬هـ‪2291/‬م) وإبراهيم املصمودي‬
‫(ت‪101‬هـ‪2202/‬م) وابن مرزوق احلفيد (ت‪121‬هـ‪2229 /‬م)‪ ،‬ولعل التفسري الوحيد واملنطقي الستعمال‬
‫هذان اللونان هو أن اللون األبيض يرمز للطجارة والنقاء‪ ،‬واللون األخضر يرمز للون اجلنة‪ ،6‬ومها لونان مقدسان‬
‫يدالن على الفرح والبججة‪.‬‬

‫‪ -1‬األلفي‪ ،‬أبو صاحل ‪ :‬الفن اإلسالمي‪-‬أصوله‪ ،‬كفلسفته‪ ،‬مدارسه‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار املعارف املصرية ‪2972 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.201‬‬
‫‪ - 2‬علي‪ ،‬شلق‪ :‬الفن واجلمال‪ ،‬بريوت‪ :‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والتوزيع‪2911 ،‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 3‬أبو بكر حممد‪ ،‬بن سريين عبد الغين النابلسي‪ :‬معجم تفسري األحالم‪ ،‬إعداد‪ :‬باسل الربيدي‪ ،‬ط‪ ،2‬دمشق‪ -‬بريوت‪ :‬اليمامة للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ - 4‬جاءت عادة تبييض األماكن املقدسة املتواترة يف بالد الرببر صخور‪ -‬جذوع‪ -‬أشجار زيتون خاوية وغريها‪ ،‬من خالل إهدءا يوليوس نويليوس‬
‫‪Julius Novellus‬معبدا لآلهلة املاورية ‪ Numen Mourorum‬يف مدينة ساتاكفيس‪ . Satafis‬حممد العريب‪ ،‬عقون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.127‬‬
‫‪ -5‬إبراهيم بن حممد املصمودي التلمساين (ت‪ 102‬هـ) دكفن بروضة آل زيان‪ ،‬ومسجده من أهم مساجد تلمسان ‪.‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪00‬؛ ؛‬
‫مبارك‪ ،‬بوطارن‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪10‬؛ حساين‪ ،‬خمتار‪ :‬موسوعة‪21/2 ،‬؛ رشيد‪ ،‬بورويبة‪" :‬جولة عرب مساجد تلمسان"‪ ،‬جملة األصالة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ع‪،10‬‬
‫‪2971‬م‪ ،‬ص ص ‪ ،211-272‬ص‪.270‬‬
‫‪ - 6‬يفصل جورج مارسي يف هذه األضرحة ويسميجا األضرحة املقدسة‪ .‬املعامل األثرية‪ ،‬ص ‪ 201‬وبعدها‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫أ‪ /‬األضرحة السلطانية‪:‬‬


‫إن مؤسسي األضرحة السلطانية قد تأثروا ببيئات خمتلفة‪ ،‬انعكست على هذه األضرحة‪ ،‬إما ثراءً وتنميقا‪،‬‬
‫وإما زهدا وبساطة‪ ،‬واحلق أن األضرحة السلطانية الرمسية قد ظجرت باملغرب األوسط غنية من حيث العناصر‬
‫املعمارية املوجودة هبا‪ ،‬مقارنة باألضرحة الشعبية‪ ،‬واألضرحة السلطانية عادة ما تكون مسبوقة بصحن وتكون‬
‫جزء من املسجد‪ ،‬وأهم ضريح لشخصية ذات دم ملكي هو ضريح سيدي يعقوب‪.1‬‬
‫يعترب مسجد احللوي (ت‪727‬هـ‪2227/‬م) هو األروع من نوعه املوجود يف اجلزائر‪ ،‬كفجو يأيت يف الريادة‬
‫من الناحية املعمارية والزخركفية ضمن األضرحة السلطانية دون مناكفس‪ ،‬لقد شيده السلطان أبو زيان حممد بن‬
‫عثمان حفيد يغمراسن بن زيان(‪012-022‬هـ‪2111-2122/‬م)‪ ،‬كفكان الضريح بسيطا جمردا من كل تنميق‬
‫وزخركفة‪ ،‬وهو الوحيد تقريبا الذي ال تعلوه قبة وال يوجد به صحن‪ ،‬بل يتألف من غركفة الدكفن و ثالثة كورات‬
‫جدارية‪ ،2‬وهنا نالحظ الفرق الكبري بني املسجد والضريح‪ ،‬كفاألول قمة يف الزخركفة بينما الضريح كان بسيط‬
‫جدا‪ ،‬وتقدم لنا املصادر التارخيية الئحة بأمساء األضرحة املشجورة عصرئذ نذكر من بينجا‪.‬‬
‫‪ /2‬ضريح الشيخ أبي مدين بن شعيب الغوث (ت‪190‬هـ‪3391/‬م)‪.‬‬
‫الويل‬
‫اك كفَ َحبَ َذا ذَ َاك َ‬
‫كفني ش َعيبَـ َجا *** زره هنَ َ‬
‫العار َ‬
‫ضريح تَاج َ‬ ‫َو َ‬
‫ك تَـن َجلي‬
‫ك َوكروبَ َ‬
‫كفَ َمـ َـزاره للــديـ ــن َوالـدنـيَـا َمـعـاً *** َمتحي ذنوبَ َ‬
‫أنشأ ضريح أيب مدين (ت‪192‬هـ‪2291/‬م) بأمر السلطان املوحدي حممد الناصر أواخر (ق‪0‬ه‪21/‬م)‪،‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن أبا مدين شعيب قد تبىن سياسة احلذر اجتاه سلطة املوحدين يف جباية‪ ،‬ومتوقع يف السند‬
‫الصويف املتصل باجلنيد(ت‪191‬هـ‪922/‬م)‪ 3‬واملنتمي إىل النيب ﷺ‪ ،4‬ولبس خرقة التصوف من يد الشيخ عبد‬
‫القادر الكيالين(ت‪100‬هـ‪2201/‬م) بسندها إيل النيب ﷺ‪ ،5‬وعمل بعده يغمراسن بن زيان( ‪-022‬‬
‫‪012‬هـ‪2112-2122/‬م) على تزيني هذا الضريح‪ ،‬بينما قام السلطان أبو احلسن املريين (‪-722‬‬
‫‪729‬هـ‪2221-2222/‬م) على ترميم مبىن الضريح وجتديده‪ ،‬وإنشاء جممع يشتمل على املسجد واملدرسة‬

‫‪ - 1‬جورج مارسي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.201‬‬


‫‪ -2‬رشيد‪ ،‬بورويبة‪ :‬جولة عرب مساجد‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ - 3‬اجلنيد بن حممد اجلنيد البغدادي (ت ‪191‬هـ‪ 922 /‬م) ودكفن ببغداد هو صاحب طريقة صوكفية له جمموعة من املؤلفات منجا تاج العاركفني‪ -‬رسائل‬
‫اجلنيد وحتتوي على ‪ 22‬رسالة‪ -‬كتاب الفناء‪ -‬كتاب دواء األرواح‪ -‬كتاب دواء التفريط‪.‬‬
‫‪ -4‬حممد العريب‪ ،‬أبو حامد‪ :‬مرآة احملاسن من أخبار الشيخ أيب احملاسن‪ ،‬تح‪ :‬حممد محزة الكتاين‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ :‬مطبعة النجاح اجلديدة‪،‬‬
‫‪1002‬م‪ ،‬ص ‪. 102‬‬
‫‪ -5‬خملوف‪ ،‬أبو الفضل حممد‪ :‬شجرة النور الزكية يف طبقات املالكية‪ ،‬ط‪ ،2‬لبنان‪ :‬دار الكتاب العريب‪2920 ،‬م‪ ،‬ص‪.202‬‬

‫‪143‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫والقصر‪ ،‬وجتدر اإلشارة إىل عمليات الرتميم اخلاطئة اليت خضعت هلا األضرحة مسحت عنجا البصمة األصلية‬
‫وجعلت منجا حقل جتارب‪.‬‬
‫‪ /0‬ضريح الشيخ السنوسي( ت‪191‬هـ‪3019/‬م)‪:1‬‬
‫أنشأه السلطان أبو عبد اهلل حممد الثالث(‪909 -901‬هـ‪2102 -2290/‬م) املعروف بالثابيت نسبة إىل جده‬
‫الثابت‪ ،‬وتقع روضته وضرحيه يف مقربة العباد السفلى‪ ،2‬وضريح السنوسي ضريح بسيط وال يعود ذلك لفقر‬
‫الدولة الزيانية باملغرب األوسط‪ ،‬وإمنا لطبيعة الويل يف حد ذاته‪ ،‬إذ عرف بالتواضع الشديد والزهد وكرهه لزينة‬
‫الدنيا الزائلة‪ ،‬وهو القائل عن نفسه‪ « :‬طفت هبذه العوامل كلجا من العرش إىل الفرش‪ ،‬ومل أرى منجا ما يسرين‪،‬‬
‫كفلم آمن لشيء منجا بالكلية»‪ ،3‬وقال أيضا‪« :‬ما عسى أن يصف الواصف من شرور ذا الوقت‪ ،‬وشرور أهله‬
‫وقد أغىن كفيه اخلري عن العيان‪ ،‬ومن أراد النجاة بعد حتصيله ما يلزم من العلم أن يعتزل الناس مجلة‪ ،‬ويكون‬
‫جليسه بيته ويبكي على نفسه ويدعو دعاء الغريق »‪ ، 4‬وعلق على بساطة ضريح السنوسي جاك بارك قائال‪«:‬‬
‫هذا هو املعلم الذي يناسب السنوسي إن تواضعه كان سينزعج من الزخركفة املقربية املبالغ كفيجا واليت تسلط على‬
‫قبور العظماء‪.»5‬‬
‫ب‪ /‬األضرحة الشعبية ( العامية)‬
‫هناك نوع آخر من األضرحة ال يقل قد اسة عن سابقجا وهي األضرحة الشعبية أو األضرحة البسيطة معماريا‪،‬‬
‫ومسيت باألضرحة الشعبية وذلك بسبب أن من أنشاها ليس سلطانا حبد ذاته بل أنشاها زوار األضرحة إكراما‬
‫وإجالال لألولياء وحبا وتعظيما رغم بساطتجا كفمعظمجا ال يعدو أن يكون بناء بسيطا من احلجر املبيض باجلري‪،‬‬
‫إما من النساء اللوايت زرن الويل كل مجعة أو غريهن‪ ،‬وعادة ما تكون األضرحة الشعبية مبنية ضمن مقربة وسقفجا‬

‫‪ -1‬نفسه‪ ،‬ص‪00‬؛ ‪ Georges et William MARCAIS : Les Monuments,p 220‬حممد بن يوسف بن عمر بن شعيب‬
‫كفقيه سين موحد متصوف كثري التمسك بالسلف الصاحل صاحب كرامات(ت ‪191‬هـ)‪ .‬الرصاع‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪102‬؛ مجال الدين‪ ،‬بوقلي حسن‪:‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪12‬‬
‫‪ - 2‬حول عمارة الضريح بالتفصيل ينظر‪ :‬مجال الدين بوقلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪12‬؛ حممد‪ ،‬عمرو الطمار‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪127‬؛ ‪Mohamed‬‬
‫‪Benbal p 251.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪- Jacques Berque: l'Algerie terre D'art et D'histoire,Alger 1937, p 206.‬‬
‫‪ - 4‬السنوسي‪ :‬شرح العقيدة الوسطى‪ ،‬ص‪.01‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪- Jacques Berque: Op.cit.p, p 206.‬‬

‫‪144‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫بسيط‪ ،‬أما احملراب‪ 1‬كفجو غري موجود عكس األضرحة السلطانية واليت مل ختلوا من احملاريب املتججة إىل القبلة وإن‬
‫مل تستعمل للصالة‪ ،‬وهي بذلك أضرحة رمزية أكثر‪ ،‬ال جتلب الزائر معماريا بقدر ما جتلبه روحيا ومعنويا‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن هذا النوع من الضرائح انتشر باملناطق النائية والبعيدة عن حواضر املغرب األوسط واليت‬
‫كانت دائما أرض خصبة النتشار الفكر الصويف‪ :‬كففي املدن واألرياف واجلبال الشاهقة والصحاري القاحلة‬
‫عاش معظم املتصوكفة يبثون عقائدهم مبتعدين عن صخب الدنيا ومؤثرين العزلة والعبادة‪ 2.‬ويبني لنا سعد اهلل أن‬
‫أشكال األضرحة يف اجلزائر ويف مشال أكفريقيا عامة ثالثة أنواع‪.3‬‬
‫خامسا‪ :‬موقف الفقهاء من زيارة األضرحة‪.‬‬
‫رغم ركفض الفقجاء للتربك بقبور األولياء واألضرحة ملا حيمله كفعل الزيارة من شرك حسب اعتقادهم إال أن‬
‫معظمجم مل يتخلى عنجا‪ ،‬ذلك أن زيارة أضرحة األولياء تصحبجا معتقدات خاصة يف قدرات الويل املدكفون‬
‫بالضريح والذي يعتقد أنه ميتلك القدرة على قجر األرواح الشريرة وجلب اخلري ملن يرضاهم‪ ،‬وإحلاق الشر مبن‬
‫يسخطجم من الناس‪ ،‬وذلك بفضل ما لديه من بركات‪ ،‬هذه الربكات اليت اكتسبجا بفعل تقربه من احلضرة‬
‫اإلهلية‪ ،‬حيث أصبحت له القدرة على التوسط بني اإلله والبشر لقضاء حاجات السائلني‪ ،‬ومل تنته هذه القدرات‬
‫اخلارقة هلؤالء املدركني مبوهت م البيولوجي‪ ،‬ومل تنقطع صلتجم هبذا العامل وأناسه كفاألولياء يضلون أحياء حىت بعد أن‬
‫ختتفي أجسادهم حتت الثرى يف أضرحتجم كفيواصلون التدخل‪.4‬‬
‫سادسا‪ :‬أهداف زيارة األضرحة‪:‬‬
‫من أهم أشكال الزيارة املقدسة باإلضاكفة لزيارة الزوايا جند زيارة األضرحة‪ ،‬وتسمى أيضا قبور األولياء والشركفاء‬
‫أو الصاحلني‪ ،‬وهي قبور خمفية عادة يف أبنية تعبدية‪ ،‬ويعترب الضريح يف املخيال الشعيب رمز التقوى والصالح‬
‫واملنزلة الركفيعة عند اهلل ومكان الربكة‪ ،‬واليت تعد سائل مقدس يفيض من املرابط وميتد إىل كل ما ميس هذا الويل‬

‫‪ - 1‬عمارة املساجد تطورت وأضيفت إليجا أجزاء من العمائر املسيحية‪ ،‬وقد يكون احملراب منقوال عن حنية يف صدر الكنيسة واليت كانت متججة يف‬
‫معظم األحيان إىل الشرق أي إىل بيت املقدس لذلك ذكر الونشريسي أن احملراب من البدع اليت أحدثت لكنه بدعة مستحسنة‪ .‬املعيار‪211/1 ،‬؛‬
‫ويعترب حمراب مسجد أيب احلسن الذي بناه أبو عامر إبراهيم بن حيي بن يغمراسن أمجل حمراب يف العامل اإلسالمي كله‪ .‬رشيد‪ ،‬بورويبة‪" :‬جولة عرب‬
‫مساجد "‪ ،‬ص‪.271-272‬‬
‫‪ - 2‬سعد اهلل‪ ،‬أبو القاسم‪ :‬تاريخ اجلزائر الثقايف من القرن العاشر إىل القرن الرابع عشر اهلجري ( ‪10-20‬م)‪ ،‬اجلزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‬
‫‪،‬ج‪2912 ،02‬م ‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ 3‬عبد اجمليد‪ ،‬مباركي ‪ ،‬ص‪ .12‬ضريح املرابط العادي وضريح املرابط الويل وضريح املرابط الكبري املشجور الذي ذاعت شجرته وجتاوزت قبيلته أو مدينته‪.‬‬
‫سعد اهلل‪ ،‬أبو القاسم‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.109‬‬
‫‪ - 4‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.229‬‬

‫‪145‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫من ثياب وماء‪ ،‬وبعد املوت تظل جثته حمتفظة بالربكة كما تظل عالقة بقربه‪ ،1‬أو املكان الذي مر به يف حياته‬
‫أو جلس كفيه‪ ،‬كفالقدسية هنا قدسية مكان أكثر من قدسية شخص‪ ،‬لذا كفقد كان كثري من سكان املغرب‬
‫األوسط جيتمعون يف حشود كبرية يف يوم اجلمعة وعاشوراء وخاصة املولد النبوي وكذا األعياد‪ ،‬إلقامة طقوسجم‬
‫واحتفاالهتم وموامسجم ويقصدون أولياء اهلل حسبجم يف األضرحة‪ ،‬واليت كانت القبلة املفضلة لألسر‪ ،‬كما كانوا‬
‫يتناولون الطعام الذي يتقدم به احملسنون يف هذه األماكن‪.‬‬
‫ميكن القول أن زيارة األضرحة تعترب ممارسة دينية مرتسخة يف معظم جمتمعات املغرب اإلسالمي‪ ،‬على الرغم‬
‫من اخلطاب الفقجي املناوئ هلا‪ ،2‬والذي يرى كفيجا بدعة متس جوهر التوحيد الديين لإلسالم‪ ،3‬وهناك من قال‬
‫بأن اخلروج إىل زيارة قبور الصاحلني والعلماء جائز طال السفر أو قصر‪.4‬‬
‫إن ظاهرة زيارة األضرحة هلا مكونان رئيسيان مها املمارسات الطقوسية كسلوك اجتماعي‪ ،‬والضريح كقطب‬
‫رمزي دال‪ ،‬حبيث ميثل الضريح صورة ثابتة هلا طابع قدسي‪ ،‬متثل كفيجا الطقوس واملمارسات ترمجة ألكفكار‬
‫ومعتقدات حول شخصية الويل املدكفون داخل الضريح كمدلول‪ ،‬ومتثل الثنائية ضريح ‪ /‬ويل واقع مثايل مؤسس يف‬
‫احملاكفظة على املعتقدات واملمارسات الطقوسية واستمرارها‪ ،5‬وميكن اجلزم أن ظاهرة زيارة األضرحة يف املغرب‬
‫اإلسالمي ككل واملغرب األوسط على وجه اخلصوص‪ ،‬قد تضاكفرت يف ظجورها عدة عوامل اجتماعية واقتصادية‬
‫وتارخيية‪ ،‬على رأسجا العامل الديين يف جانبه الصويف‪ ،‬إذا ما أضفنا إليه ظاهرة أسلمة اجملال اجلغرايف‪ ،‬ألن بعض‬
‫ساكنة املغ رب األوسط مل يتخلوا عن طقوسجم ومقدساهتم اليت كانت قبل إسالمجم‪ ،‬بل أضاكفوا إليجا مقدسات‬
‫أخرى كالويل‪ ،‬الضريح‪ ،‬الشرف‪ ،‬املرابط‪....‬اخل‪ ،‬وهو ما أنتج لنا ظاهرة قدسية الزيارة كممارسة‪ ،‬واليت اختذت‬
‫من الضريح جمال مقدس‪ ،‬تتداخل كفيه ثنائية الروح واجلسد‪.‬‬

‫‪ -1‬روجيه‪ ،‬باستيد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.01‬‬


‫‪ - 2‬اختلف الفقجاء حول مشروعية زيارة املقابر وانقسموا إىل جميز هلا‪ ،‬على أن تقتصر على الرجال دون النساء‪ ،‬وعلى قبور املسلمني عموما والدعاء‬
‫هلم‪ ،‬وبني منكر لزيارهتا على وجه التخصيص‪ ،‬إذا كان املقصود بالزيارة قرب بعينه‪ ،‬هبدف الدعاء عنده واالستعانة وطلب املدد والعون والتمسح بالقرب‪،‬‬
‫كفجذا ال جيوز وعدوه بدعة منكرة‪ ،‬قال الطربي يف تفسري اآلية ‪ 12‬من سورة الكجف قال تعاىل‪ ﴿ :‬إِذ يـَتَـنَ َازعو َن بـَيـنَـجم أَمَرهم كفَـ َقالوا ابـنوا َعلَي ِجم بـنـيَانًا‬
‫َّخ َذ َّن َعلَي ِجم َمس ِج ًدا ﴾ أن من قال ابنوا عليجم بنياناً هم املشركني ليتخذوهم أولياء من دون اهلل‬ ‫ال الَّ ِذين َغلَبوا علَى أَم ِرِهم لَنَت ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َربـُّجم أَعلَم هبِِم قَ َ‬
‫(أضرحة)‪ ،‬بينما الفئة اليت قالت لنتخذن عليجم مسجدا هو املوحدين املؤمنني وهو جائز شرعا‪ .‬مصدر سابق‪.020/27 ،‬‬
‫‪ - 3‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪ - 4‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪ 210/2 ،‬و‪.19/1‬‬
‫‪ -5‬سراج‪ ،‬اجلياليل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.2‬‬

‫‪146‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫وترجع الزيارة إىل عمليات حتيني ذكرى موت ويل صاحل‪ ،‬حيث تتأطر هاته العملية بفعل إمتام كفعل عملية‬
‫التحيني‪ ،‬مثلما حيتفل املسلمون باملولد النبوي قصد العيش يف املقدس بفعل تلك الطقوس‪ ،‬كفاالحتفال وما‬
‫يصاحبه من طقوس هي وسيلة للعبور من الدنيوي إىل الديين‪ ،‬ومن الديين إىل الدنيوي‪ ،‬ذلك أن الطقوس‬
‫تسمح هبذا الفعل‪ ،‬أقصد ( كفعل العبور) ألهنا تعيد التحيني‪ ،‬وال حتتفل بذكرى ماضية أو بزمن أصلي ميثي من‬
‫حيث هو الزمن املؤسس لألزمنة الوجودية والتارخيية‪.1‬‬
‫رغم ركفض الفقجاء باملغرب األوسط ملظاهر الشرك ومنجا التربك وزيارة األضرحة يف خطاهبم‪ ،‬إال أن واقع‬
‫احلال دل على جتاوز هذه اخلطابات والفتاوى‪ ،‬إذ تبىن األعيان النظرية اليت تزعم أن يف زيارة األولياء نوعا من‬
‫الشرك ولكن معظمجم ال يتخلى عنجا‪ ،2‬وهناك من أرجع الزيارة ملا يراه الزائر حبسب معتقده وقوة الباعث عليجا‬
‫أو لوجود الصارف عنجا ‪ ،3‬كما أن بعضا من هؤالء الفقجاء أنفسجم وحفظة القرآن الذين يرددون خطاهبم‬
‫املناهض لوجود هذه املزارات‪ ،‬يلجئون إليجا ويستعينون هبا على قضاء حوائججم‪.4‬‬
‫ومن أبرز الطقوس املقدسة لزيارة الضريح اليت ال جيب إغفاهلا أو جتاهلجا عند دخول الضريح‪ ،‬هي استقبال‬
‫القبلة وإكفشاء السالم على صاحب الضريح دون تقبيل قربه‪ ،‬مث الوقوف للدعاء وقراءة القرآن بعدها‪ ،‬وال ينسى‬
‫الزائر أن يتصدق أثناء خروجه على من وجدهم مالزمني ألبواب الضريح منتظرين صدقات وعطايا الزوار‪،5‬‬
‫وهناك من أقر زيارة القبور واألضرحة على أن يقف الزائر مستدبرا القبلة‪ ،‬مستقبال بوججه امليت‪ ،‬وأن يسلم عليه‬
‫وال ميسح القرب وال ميسه وال يقبله ‪.6‬‬
‫إن قوة املعتقد وتقديسه وحماربة كل من يركفض التصديق به جعلت من الويل كائنا خارقا قادر على حل‬
‫املشاكل وتلبية احلاجات‪ ،‬وتغري أحوال الناس وهو االعتقاد السائد لدى كفئة قليلي العقل واإلميان من عامة‬
‫الناس‪ ،‬إذ يلجأ الناس لضريح الويل قصد احلصول على حلول ملشاكلجم وختفيف كرهبم وأوجاعجم‪ ،‬معتقدين أن‬
‫يف الزيارة إجابة وحل وتفريغ وتفريج للجموم واألزمات‪ ،‬يلجئون إليه كفيعطيجم‪ ،‬ويسألونه كفيجيبجم‪ ،‬جيدون عنده‬

‫‪ - 1‬الصديق‪ ،‬ثياقة‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 11-12‬‬


‫‪ - 2‬عبد اهلل‪ ،‬احلمودي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪01‬؛ ص‪229‬؛ ‪Fanny Colona: les versets de linvincibilite, p 59.‬‬
‫‪ - 3‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪ 210/2 ،‬و‪19/1‬‬
‫‪ - 4‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 5‬ابن قنفذ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ . 221‬شاهدت يف صغري يف اجلامع أين كنت أحفظ القرآن‪ ،‬وكان اجلامع مبين على "ضريح الويل بومجلني بوالية‬
‫املسيلة"‪ ،‬بعض الطقوس كتقبيل الضريح‪ ،‬وإيقاد الشموع‪ ،‬وحتضري "الروينة" وهي نوع من الطعام تصنع من القمح‪ ،‬وإعطاء قطع نقدية خلادم الضريح‪،‬‬
‫ومع مرور الوقت زالت هاته العادات‪ ،‬كما مت غلق الضريح يف وجه الزوار‪.‬‬
‫‪ - 6‬الثعاليب أبو زيد عبد الرمحان بن حممد‪ :‬العلوم الفاخرة يف النظر يف أمور اآلخرة ‪ ،‬مطبعة حجرية‪2199 ،‬م‪.212/2 ،‬‬

‫‪147‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫احلل عندما تشتد هبم األزمات‪ ،‬ينال عركفاهنم وتقديرهم‪ ،‬يركفعونه إىل أعلى املراتب كفيبجلونه ويلبسونه ثوب الوقار‬
‫والقداسة‪ ،‬حيث يصبح له حضور قوي بني الناس شاهدا أو غائبا‪ ،‬حيا أو ميتا‪ ،‬كفالعالقة معه ال تنقطع بوكفاته‬
‫بل يزورون قربه ويسألونه بإحلاح‪.‬‬
‫وال يكاد خيلو كفعل الزيارة من تقدمي أعطيات وهدايا خلدام الضريح واليت أطلق عليجا هي األخرى لفظ الزيارة‬
‫ويقدمجا األتباع والزوار للشيخ أو للويل‪ ،‬وتتفاوت هذه اهلدية حسب قيمة املدكفون بالضريح وإمكانية ماحنجا‬
‫املادية‪ ،‬وتشمل األعطيات يف الغالب كال من اهلدية الكبرية ( ذبيحة زربية غطاء ضريح)‪ ،‬أو اهلدية الصغرية‬
‫(مشوع‪ ،‬نقود‪ ،‬حناء‪ ،‬خبور‪ ،‬ط عام )‪ ،‬ووردت باسم "الفتو" عند الباحث نور الدين الزاهي‪ ،‬كفقال بأهنا عبارة عن‬
‫عطاء يقدم إلحدى حاملي الربكة قصد العالج أو الدعاء أو زيارة قرب الويل الصاحل‪.1‬‬
‫الزائر يلتمس بركة الويل طلبا للولد أو البنت أو الذرية عموما يف حاالت العقم‪ ،‬أو االقتصار على إجناب‬
‫ا لذكور دون اإلناث‪ ،‬كما يلتمس بركته إلثراء احملصول الزراعي‪ ،‬أو االستمطار ومحاية دواب الضرع والظجر‪،‬‬
‫وتيسري التجارة والعلم وسائر األعمال‪ ،2‬ومن أجل اإلعداد للحرب ولكن أيضا ساعة املوت‪ ،3‬وتعترب الروايات‬
‫حول كرامات وقدرات الويل جزءا من أدب شفوي مستمر ومتجدد خيص كل األولياء إذ تنسب أكثر من معجزة‬
‫وكرامة ألكثر من ويل يف أكثر من مكان وزمان‪ ،4‬كفالعبارات الطقوسية اليت يرددها الناس أثناء زيارهتم لألضرحة‬
‫تصب يف جمملجا حول كفك الكربات وحتقيق األمنيات والنجاحات أو ختفيف اآلالم وشفاء األسقام‪.‬‬
‫وقد اعتاد بعض الناس عند زيارة األضرحة على تقدمي النذور ألجل قضاء حوائججم‪ ،‬وختتلف النذور حسب‬
‫إمكانيات كل شخص‪ ،‬كفمنجم من تكون نذوره مادية من أعطيات وهدايا وزاريب واليت تتشابه والزيارة‪ ،‬وهناك‬
‫من يكون نذره كالصوم والصدقة وإن اختلفت النذور كفإن الغرض منجا الوكفاء بالوعد الذي اختذه اإلنسان على‬
‫ن فسه اجتاه الويل صاحب الضريح‪ ،‬وعركفانا لقضاء حاجته‪ ،‬اعرتاف باجلميل إذا حتققت إحدى أمنياته قد يتعجد‬
‫بإطعام مئة حمتاج إذا وضعت زوجته احلامل صبيا طال انتصاره‪ ،‬لذا مت له ما أراد يقوم عندئذ باحرتام تعجده‬
‫حتت عاقبة الكفارة أي النكث بالعجد‪ ،5‬واعترب النذر أمرا مقدسا كفال جيوز بأي شكل من األشكال الرتاجع عن‬
‫تنفيذ النذر يف حال حتقيق املراد خشية حلول اللعنة وزوال النعمة‪.‬‬

‫‪ -1‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬


‫‪ - 2‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ -3‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫‪ - 4‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫‪ -5‬نور الدين‪ ،‬طواليب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬

‫‪148‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫يتوكفر الضريح يف غالب األحيان على رأمسال رمزي تعددي يتكون من الشرف‪ ،‬العلم‪ ،‬الصالح‪ ،‬والكرامة‪،‬‬
‫ويتوكفر أيضا على رأمسال مادي يتمظجر يف امللكية العقارية واألموال واإلعفاءات‪ ،1‬كفجي ككل األمكنة املقدسة‬
‫ليست سوى خزانات أرضية للقداسة السماوية‪.2‬‬
‫‪ /3‬طلب الشفاء‪:‬‬
‫جلأ بعض سكان املغرب األوسط إىل األولياء من أجل كتابة بعض الرقى لعالج ما أصاهبم أو أهليجم من‬
‫األسقام بعد عجز الطبيب عن مداواهتم‪ ،‬لكن مل تكن كل الرقى ناكفعة حسب اعتقادهم لذا جلئوا إىل البحث‬
‫عن بدائل أخرى كان تراب الضريح أبرزها لتشايف‪ ،‬مثل قرب أبو حممد مع اهلل ابن حيي بن جياتن الزنايت كان‬
‫يستشفي الناس برتاب قربه‪ ،3‬وكذلك األمر مع أبو حفص عمر بن مسيكسو الدغدوغي‪ 4‬وغريهم كثريون‪.‬‬
‫التجارة‪:‬‬
‫إذا سلمنا بأن زيارة األضرحة يف املغرب األوسط كانت مشاهبة وختضع لنفس النمط العام يف باقي املغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬كفإن أهداف الزيارة البد وأن تتشابه ولو يف حيثياهتا الكربى‪ ،‬كفالتجارة كانت هدكفا أساسيا من خالل‬
‫حضور موسم زيارة الويل‪ ،‬وإن مل تكن هبذه األمهية يف بداياهتا لكن تطور اجملتمع كفرض إدخال نوع آخر من‬
‫أهداف زيارة الضريح‪ ،‬أال وهو الكسب املادي‪ ،‬إىل جانب حتقيق األهداف الروحية والدنيوية‪ ،‬وميكنين القول يف‬
‫ما خيص العالقة الداللية بني التجارة وزيارة الضريح قد ختضع يف جمملجا لطبيعة نشاط اجملتمع‪ ،‬كفنجدها يف‬
‫اجملتمع الزراعي أكثر خاصة إذا ما اقرتنت بفرتة جين احملاصيل الزراعية‪ ،‬إنضاف إليجا إمكانية تبادل السلع بني‬
‫سكان البوادي واحلواضر‪.‬‬
‫‪ /0‬ربط المواثيق والعهود واالستخارة‪:‬‬
‫كانت األضرحة يف املاضي وال زالت إىل اليوم‪ ،‬أماكن مقدسة تربم كفيجا العجود وتعقد كفيجا املواثيق بضمانة الويل‬
‫دكفني الضريح‪ ،‬إذ ال جيرؤ أحد املتعاقدين على نكث العجد الذي أخذه على نفسه‪ ،‬خماكفة أن ينزل الويل به العقاب‪،5‬‬
‫ومن املواثيق اليت مت عقدها جند عقود الزواج والبيع والشراء وغريها‪ ،‬كما شكلت االستخارة بعض أسباب زيارة‬
‫األضرحة‪ ،‬وذلك كون األجوبة اليت يتلقاها املستخري على شكل أحداث ووقائع‪ ،‬تغلب كفة اختيار على آخر أو على‬

‫‪ -1‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.9‬‬


‫‪ - 2‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ -3‬التاديل‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -5‬نفسه ‪ ،‬ص‪.212‬‬

‫‪149‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫شكل رسائل مَرَمَزة يبعث هبا الويل املستفىت عرب األحالم لقاصد خيربه كفيجا بالفتوى املنتظرة‪ ،‬حيث أن األحالم يف‬
‫الثقاكفة الشعبية يتم إدراكجا كلغة رمزية يتم التواصل عربها مع العامل اآلخر‪.1‬‬
‫‪ /1‬التخلص من النحس‪:‬‬
‫ما على الزائر إال أن يتخلص من قطعة مالبسه ووضعجا على كوم من الشوك خمصص هلذا الغرض‪ ،‬كفيسجن هبذا‬
‫الطقس كل سوء احلظ ال ذي ينغص عليه حياته‪ ،‬ويعود إىل بيته آمنا مطمئنا‪ ،‬كفعندما يلج الشخص إىل هذا العامل‬
‫الروحي بإميان مطلق وعارم‪ ،‬يصبح كل شيء ممكن التحقيق‪ ،‬وبدون اإلميان يتعطل كل شيء‪.2‬‬
‫‪ /0‬حماية مداخل البلد‪:‬‬
‫شكلت األضرحة يف ذهنية بعض كفئات اجملتمع ذلك احلارس احلامي ملداخل البلد‪ ،‬لذلك كانت معظم مداخل‬
‫حواضر املغرب األوسط حتوي أضرحة ومقابر للصاحلني‪ ،‬وكانت ضواحي العاصمة تلمسان كلجا مرصعة بأضرحة‬
‫األولياء وال جندها كفقط يف املقابر القدمية واجلديدة كفحسب بل ويف معظم أرجاء الريف ويف قلب احلقول وعلى حاكفة‬
‫الطرق والبساتني‪ ، 3‬ومداخل املدن حلمايتجا اليت غالبا ما كانت حتوي قبور شخصيات حمرتمة ومقدسة جدا‪ 4‬لينال‬
‫املدخل بركة جوار صاحل‪ ،5‬واعترب املرابط املدكفون يف مداخل أبواب املدن مبثابة عفريت حام لتلك املنطقة وحارس‬
‫قوي للمدخل اجملاور لضرحيه‪ ،‬كفعليه أن يصد العدو ويدكفع املكروه من أن حيل إىل قلب املدينة‪.6‬‬
‫ومن القرائن اليت حفظتجا لنا النصوص التارخيية أن سلطان تونس احلفصي ملا وصل أمام تلمسان بغية دخوهلا‬
‫بالقوة تشاور مع وزرائه عن أي األبواب سيدخل منجا املدينة‪ ،‬واجتمع الرأي عنده على الدخول من باب اجلياد‪ ،‬لكن‬
‫قيل له أنه حيميه بومدين (ت‪192‬هـ‪ 2291 /‬م)‪ ،‬مث عزم على الدخول من باب العقبة كفقيل له أنه حيميه حممد‬
‫الدوادي ( ت‪201‬هـ‪ 2022 /‬م)‪ ،‬وملا عزم على الدخول من باب الزاوية ذكر له أن هذا الباب حتت محاية سيدي‬
‫احللوي ( ت‪727‬هـ‪2227 /‬م)‪ ،‬وأخريا قرر الدخول من باب القرميدين‪ 7‬ألنه ال حيميه أي أحد‪ ،‬وكفعال قرر‬

‫‪ -1‬التاديل‪ :‬مصدر سابق ‪ ،‬ص‪.210-211‬‬


‫‪ -2‬نفسه‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ -3‬جورج مارسي‪ :‬املعامل األثرية‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ -5‬نفسه‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫‪ -6‬نفسه‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫‪ - 7‬باب القرميدين أحد أبواب تلمسان يقع يف الشمال الغريب منجا‪ ،‬ويعترب احلصن الدكفاعي األساسي الذي حيمي مدخل املدينة وأخذ هذا الباب امسه‬
‫من صناعة القرميد اليت كانت رائجة كفيه‪ ،‬بدليل أكفران صناعة الفخار والقرميد‪ .‬حيي‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬البغية ‪ 90/2،‬؛ جمجول‪ :‬زهر البستان‪ ،‬ص‪29‬؛ وحيي‬

‫‪150‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫السلطان احلفصي وجنوده الدخول من هذا الباب كفلما عزموا الدخول مل يستطيعوا‪ ،‬ألن الباب حتت محاية ويل حي‬
‫هو عبد اهلل بن منصور الذي منع تلمسان من السقوط‪.1‬‬
‫وكذلك كان األمر بالنسبة لبقية أبواب تلمسان‪ ،2‬كفأغاد ير القدمية يداكفع عنجا الويل سيدي وهب املدكفون بالقرب من‬
‫مدخل أغادير‪ ،3‬وباب كشوط حتت محاية معمر بن عالية من الداخل وسيدي بومجعة من اخلارج‪ ،4‬غري أن هذا‬
‫االعتقاد مت دحضه بدخول املستعمر الفرنسي ملدينة تلمسان واستباحتجا‪.‬‬
‫‪ /1‬الزوايا واألضرحة كأماكن لالحتفال وإقامة األعياد‬
‫تعود جذور العادات االحتفالية باملغرب األوسط واملرتبطة بتعظيم القبور والبناء عليجا واختاذها أماكن مقدسة‬
‫وبقعا لالحتفال وإقامة األعياد إىل تاريخ ما قبل اعتناق اإلسالم‪ ،‬لذلك كفإن الدور الريادي الذي استوعبته األضرحة‬
‫والزوايا‪ ،‬والذي حول هذه املنظومة إىل مزاعم وطقوس ومعتقدات تتناسب مع األكفق الذهين السائد بانفتاحجا على‬
‫املوروث الديين املشرتك للمجتمعات الزراعية املتوسطية القدمية‪ ،‬واستقطاهبا جلانب كبري من الشرائح املفقرة وحىت‬
‫املجمشة داخل هذه اجملتمعات‪ ،‬األمر الذي يدل على عمق التحوالت اليت عايشتجا هذه املنظومة الدينية والثقاكفية‬
‫واتصاهلا العضوي بالتاريخ واإلنسان‪.5‬‬
‫تعترب ظاهرة زيارة األضرحة واألولياء من بني الظواهر اليت كانت منتشرة يف املغرب اإلسالمي ككل‪ ،‬حيث كان‬
‫العامة من الناس يعتقدون يف األولياء ويقدروهنم وحيرتموهنم ويتقربون إليجم مبختلف الوسائل لنيل بركاهتم‪ ،6‬ومنه كفزيارة‬
‫األضرحة أقل ما يقال عنجا أهنا ظاهرة ثقاكفية وسلوكية أنتجت مفاهيم وممارسات خاصة‪ ،‬وعليه ميكن القول أن املغرب‬
‫األوسط ظل رهني هذه العادات الوثنية على مر العصور‪ ،‬رغم وجود كفرتات طغت كفيجا عقيدة التوحيد وإكفراد اهلل‬
‫بالعبودية بعيدا عن املمارسات الوثني ة‪ ،‬العائدة جذورها إىل قرون ما قبل التاريخ وعصور ما قبل اإلسالم‪ ،‬واستمر هذا‬
‫الوضع لعدة قرون وحىت بعد جميء اإلسالم هلذه املنطقة‪ ،‬وما جاء به من نواهي وزواجر ملثل هذه التعبدات والعادات‪.‬‬

‫بوعزيز ‪ :‬تلمسان‪ ،‬ص ‪ 11‬؛ وخالد‪ ،‬بلعريب‪ ،‬الدولة الزيانية‪ ،‬ص‪129‬؛ ومبارك‪ ،‬بوطارن‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪22‬؛ وعبد املالك‪ ،‬موساوي‪ :‬دور الزخركفة‬
‫يف احلياة احلضارية بتلمسان ‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬دار السبيل للنشر والتوزيع‪1022،‬م ‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ -1‬جورج‪ ،‬مارسي‪ :‬املعامل األثرية‪ ،‬ص‪ .202-202‬نقل على البستان‬
‫‪ -2‬تلمسان هلا مخسة أبواب ثالثة منجا يف القبلة باب احلمام وباب وهيب وباب اخلوخة‪ ،‬ويف الشرق باب العقبة‪ ،‬ويف الغرب باب أيب قرة‪ .‬احلمريي‪:‬‬
‫مصدر سابق‪ ،‬ص ‪ 221‬وهي نفسجا األبواب اليت ورد ذكرها عند البكري وهذا دليل على أهنا مل تتغري‪ .‬املسالك واملمالك‪117/2 ،‬؛ وذكر حيي بن‬
‫خلدون أن هذه األبواب هي‪ :‬ف القبلة باب اجلياد‪ ،‬وشرقا باب العقبة ومشاال باب احللوي وباب القرمادين وغربا باب كشوط‪ .‬مصدر سابق‪.90/2 ،‬‬
‫‪ -3‬جورج‪ ،‬مارسي‪ :‬املعامل األثرية‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫‪ -5‬لطفي‪ ،‬عيسى‪ :‬مدخل لدراسة مميزات الذهنية املغاربية خالل القرن السابع عشر‪ ،‬تونس‪ :‬سراس للنشر‪2992 ،‬م‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -6‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪290/1،‬؛ خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬الدولة الزيانية‪ ،‬ص‪.202‬‬

‫‪151‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫مل يكن بعض أكفراد اجملتمع مبعزل عن اختاذ الزوايا واألضرحة كأماكن لالحتفال‪ ،‬باإلضاكفة إىل تقديس األولياء‬
‫وأخذ الربكة منجم يف إقامة االحتفاالت‪ ،‬لتشكل البججة هبذه الربكة‪ ،‬وعليه كفقد كان الناس خالل كفرتة حكم يغمراسن‬
‫بن زيان(‪017-022‬هـ‪2112-2121/‬م) باملغرب األوسط يقبلون إقباال كبريا على زيارة األولياء الصاحلني‪ ،1‬كما‬
‫كانت منزلتجم تزداد ركفعة بني العامة وشعبتجم تقوى يوما بعد آخر‪.2‬‬
‫ومن ناكفلة القول أؤكد أنه مل خيل زمن من األزمنة عرب تاريخ املغرب األوسط‪ ،‬إال وسجل ججودا ودعوات حملاربة‬
‫واستئصال العادات واملعتقدات الفاسدة والطقوس الوثنية اليت ال متت لإلسالم بأي صلة‪ ،‬واليت تعود يف جمملجا إىل‬
‫عص ر ما قبل إسالم سكان املنطقة‪ ،‬وجتدر اإلشارة إىل اجلجود واملواقف األوىل لعلماء املذهب املالكي األوائل من‬
‫أمثال اإلمام القرطيب (ت‪072‬هـ‪2171/‬م)‪ 3‬الذي حرم البناء على القبور واختاذها مساجد وقباب‪ ،‬واإلمام أبو الوليد‬
‫ابن رشد اجلد (ت‪110‬هـ‪2210/‬م)‪ 4‬الذي أكفيت بوجوب هدم القباب والسقائف املبنية على القبور والروضات‪.‬‬
‫كما يسجل التاريخ موقف العالمة حممد املكي الناصري‪ 5‬الذي تأسف على مظاهر عبادة األولياء والصاحلني‬
‫وغريهم‪ ،‬ذاماً بعض ما حيدث عند تلك املشاهد واملقامات من ذبح لغري اهلل ونذر للقبور وتزويق وجتميل لألضرحة‬
‫وتربك برتاهبا وأثواهبا‪ ، 6‬غري أن النصوص التارخيية دلت على وجود كفئات أخرى رحبت بفكرة البناء على القبور حمتجني‬

‫‪ -1‬خمتار‪ ،‬حساين‪ :‬تاريخ الدولة الزيانية‪ ،‬ص‪297‬؛ خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫‪ - 2‬مفتاح‪ ،‬خلفات‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫‪ - 3‬مصدر سابق‪.212/20 ،‬‬
‫‪ - 4‬كتاب مسائل أيب الوليد ابن رشد‪ ،‬تح‪ :‬حممد احلبيب التجكاين‪ ،‬ط‪ ،01‬بريوت‪ :‬دار اآلكفاق اجلديدة‪ ،‬جزءان‪.2091/1 ،‬‬
‫‪ - 5‬كتاب التسيري يف أحاديث التفسري‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪2912 ،02‬م‪ 0 ،‬جملدات‪.‬‬
‫‪ -6‬كل هذه اآلراء الفقجية وغريها وردت عند ابن مفلح املقدسي‪ :‬مصدر سابق‪ 100 /2 ،‬وما بعدها‪ ،‬ومن بني أهم األسباب لعدم جواز البناء على‬
‫القبور واليت أمجع عليجا رأي الفقجاء أمجلجا الغماري احلسين يف كتابه وهي باختصار‪:‬‬
‫أ‪ -‬كون اجلص واآلجر مما مستجما النار وال ينبغي أن يقرتب ذلك من امليت‪.‬‬
‫ب‪ -‬العلة كفيه وجود الثقل على امليت واملطلوب التخفيف حوله‪.‬‬
‫ج‪ -‬العلة كون البناء كفيه متييز عن سائر قبور املسلمني حوله‪.‬‬
‫د‪ -‬إن البناء مينع من دكفن الغري معه‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬كفيه تشبه بفعل الكفار من أهل الكتاب واملشركني من أهل اجلاهلية‪.‬‬
‫و‪ -‬كفيه زينة دنيوية وال ينبغي ذلك ملن انتقل إىل اآلخرة‪.‬‬
‫ز‪ -‬يدعو إىل اجللوس على القرب وهو منجي عنه شرعا ملا كفيه من أذية للميت بامتجانه‪.‬‬
‫ح‪ -‬حيول بني امليت ومساع النداء والذكر وتالوة ما يتلى على قربه من القرآن وسالم املسلم عليه‪ .‬احلاكفظ أيب الفيض أمحد بن حممد عبد اهلل الصديق‬
‫الغماري احلسين‪ :‬إحياء املقبور من أدلة جواز البناء املساجد على القبور‪ ،‬ط‪ ،02‬مصر‪ :‬مكتبة القاهرة‪1001 ،‬م‪ ،‬صفحات متعددة‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫الفصل الثاني ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬

‫بالركفض يف حق عامة الناس أما األولياء والصاحلون كفنص مجاعة على جوازه بل استحبابه يف حقجم تعظيما حلرمتجم‬
‫وحفظا لقبورهم من االمتجان واالندثار الذي يعدم معه االنتفاع بزيارهتم والتربك هبم‪.1‬‬
‫خالصة ملا سبق شكلت الزوايا واألضرحة نقطة حتول يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬واكفرتق الناس بني مقدس هلا‬
‫حمبب لزيارهتا والتربك والدعاء عندها اعتقادا يف قدرهتا على املنح‪ ،‬وبني راكفض لكل ما مل يرد كفيه نص صريح باجلواز‬
‫أو احلظر ‪ ،‬ودليلنا على قوة االعتقاد كفيجما هو بقاء الزاوية والضريح على يومنا هذا قبلة للكثري من الناس احلاملني‬
‫أمنيات احلاملني بقدرة دكفني الزاوية والضريح على حتقيقجا‪.‬‬

‫‪ -1‬نفسه‪ ،‬ص ‪ .0‬حول أهم األضرحة واملقابر باملغرب األوسط ينظر ملحق رقم ‪.2‬‬

‫‪153‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‬
‫المبحث األول‪ :‬الحقل الطقوسي بالمغرب األوسط‪.‬‬
‫أوال‪ :‬شجر رمضان‬
‫ثانيا‪ :‬االحتفال بعيد الفطر‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬موكب احلج وطقوس العبور‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬األضحية وطقوسجا‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬عاشوراء والزمن املتجدد‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬املولد النبوي‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬يوم اجلمعة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دورة الحياة وطقوسها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الوالدة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العقيقة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اخلتان واكتمال الذكورة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الزواج‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬االحتفال بيناير وبداية السنة الزراعية‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬السلطان واملقدس‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الموت وطقوس الجنازة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أسباب كثرة املوت يف املغرب األوسط‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬طقوس املوت‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الموكب الجنائزي والصالة على الميت‪.‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬
‫إن املوسم‪ 1‬خي ِ‬
‫ضع املقدس يف متظجره الزماين واملكاين آللية االنتجاك‪ ،‬وهو ما جيعله على صلة كربى بالتوترات‬
‫االجتماعية وأشكال التنظيم االجتماعي القائمة‪ ،‬إن املوسم حلظة جتديدية لعالقة اإلنسان حبقل القداسة ورسم‬
‫ملعامله وحدوده‪ ،‬وكذا تداخل اجلماعات والفئات االجتماعية‪ ،‬وهو ما جيعله ليس جتميعا للناس كفقط‪ ،‬ولكن أيضا‬
‫ألشكال املتخيل وأمناط املعتقدات الكونية واحمللية‪.2‬‬
‫تعد املواسم واألعياد واالحتفاالت‪ 3‬ظاهرة طقسية وأنثروبولوجية بامتياز‪ ،‬غري أهنا يف نفس الوقت ظاهرة دينية‬
‫مركزية كوهنا حمملة بطقوس العبور‪ 4‬يف حياة اجملتمعات البشرية‪ ،‬كما يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬وهذا بسبب‬
‫املوروث الثقايف والتنوع الذي زخر به عرب عصوره املختلفة وصوال إىل القرن ‪9-7‬هـ‪21-22 /‬م‪ ،‬وما تشتمل عليه‬
‫املواسم واالحتفاالت من ممارسات خمتزنة يف الذاكرة اجلمعية جملتمع الدراسة‪ ،‬وهذا راجع لعدة عوامل جغراكفية‬
‫واجتماعية وثقاكفية‪ ،‬دون أن ننسى طقوس احلزن والقرح املصاحبة للموت وتبعاته كطقس عبور‪.‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن طقوس العبور السنوية واملومسية هي من الظواهر اللصيقة باإلنسان‪ ،‬كفمنذ وجوده وجدت‬
‫معه احتفاالته وطقوسه دينية كانت أو دنيوية‪ ،‬كفالظاهرة االحتفالية كصريورة إنسانية راكفقت وجود اإلنسان روحا‬
‫وجسدا‪ ،‬كفلحظة الفرح واالنتصار واللقاء واستعطاف املقدس بدأت هكذا‪ ،‬وألن اإلنسان كائن اجتماعي بطبعه‪،‬‬

‫وم‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫سم به البعري‪ ،‬واجلمع وس ٌ‬
‫الوسام‪ :‬ما و َ‬
‫السمة و َ‬
‫الوسم‪ :‬هو أثر الكي‪ ،‬و َ‬
‫‪ -‬املـَوسم‪ :‬مفعل من َو َس َم تعين حمل وزمان املوسم‪ ،‬أي هو معلمة االنعقاد‪ ،‬و َ‬
‫وموسم احلج مسي َمومساً ألنه معلم جيتمع إليه الناس‪ ،‬ويقال كذلك ومسوا مبعىن‬
‫واتسم الرجل إذ جعل لنفسه مسَةً يعرف هبا واجلميع َمواسم َوَميَاسي‪َ ،‬‬
‫شجدوا املوسم أي حضروا ذلك اجلمع ‪ .‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬مج ‪.020-021/21‬‬
‫‪ -2‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس اإلسالمي‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -3‬االحتفال هو أكثر حلظة مجمة ومقدسة يف حياة اإلنسان‪ ،‬حيث جيمع عدد من أكفراد اجملتمع هبدف التعبري عن وججات نظر مشرتكة‪ ،‬بفعالية‬
‫منظمة رمزية‪ ،‬تؤدي يف مناسبات معلومة ذات طابع ديين أو اجتماعي‪ .‬أنظر‪ :‬مصطفى‪ ،‬شاكر سليم‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪202‬؛ ‪Geroges,‬‬
‫‪Battaille: theorie de la religion,Tome7, Gallimard: paris, 1976,p312.‬‬
‫‪ -4‬تعرب طقوس العبور عن انتقال شخص من حالة قدمية إىل حالة جديدة‪ ،‬كاالنتقال من احلياة إىل املوت‪ ،‬أو التوقف عن احلياة مث املرور إىل حياة‬
‫أخرى‪ ،‬وهذا املصطلح ظجر للمرة األوىل على لسان "كفان جنني" سنة ‪ 2909‬م‪ ،‬كفكل إنسان حسب نظريته مير مبراحل عدة خالل حياته‪ ،‬وتتواكب‬
‫هذه التحوالت بطقوس خمتلفة طبقا لكل جمتمع‪ ،‬كما يقصد هبا املراسيم االحتفالية اليت ترمز إىل االنتقال من مرحلة إىل أخرى‪ ،‬ويف كل احلاالت هناك‬
‫عتبات جديدة ميكن جتاوزها‪ ،‬عتبات الصيف‪ ،‬عتبات امليالد واملراهقة والرشد والشيخوخة‪ ،‬وعتبة احلياة واملوت‪ ،‬بيار‪ ،‬بونت وميشال‪ ،‬إيزار‪ :‬معجم‬
‫اإلثنولوجيا واألنثربولوجيا‪ ،‬تر‪ :‬مصباح الصمد‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪1022 ،‬م‪ ،‬ص‪022‬؛ بينما هناك من يرى‬
‫بأن طقوس العبور تت جاوز الديين الذي عد حمدودا مجما اتسع‪ ،‬إىل االجتماعي الذي ينفتح على كل مناحي احلياة الفردية واجلماعية‪ ،‬نظرا لكون طقوس‬
‫العبور تكون مصاحبة لكل حتول يف املكان أو يف احلالة أو االهتمام أو يف الوضعية االجتماعية أو يف الوضع العمري‪ .‬عبد احلميد‪ ،‬بوهاها‪ :‬طقوس‬
‫العبور يف اإلسالم‪ ،‬تق‪ :‬عبد اجمليد الشريف‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬مؤسسة االنتشار العريب‪1009 ،‬م‪ ،‬ص‪20‬؛ عمار‪ ،‬بن طوبال‪" :‬الطقوس ومتثالت اهلوية‬
‫اجلمعية يف رواية مملكة الزيوان للصديق حاج أمحد مقاربة انثروبولوجية"‪ ،‬جملة النص‪ ،‬ع‪ ،12‬اجلزائر‪ ،1027 ،‬ص ص ‪ ،21-10‬ص ‪.20‬‬

‫‪157‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫يستلزم منه أن يكون تواصلي‪ ،‬وإذا كانت الظاهرة االحتفالية ظاهرة دينية‪ ،‬كفإن الدين كان وال يزال آلية للمؤانسة‬
‫وارتباط البشرية ببعضجا البعض‪ ،‬وباملقدسات اليت صنعتجا من تساؤالهتا وحاجاهتا ويف متخيالهتا‪.1‬‬
‫أهم املم ارسات الطقوسية املقدسة يف املغرب األوسط هي الطقوس الدينية خاصة االحتفالية‪ ،‬والطقوس‬
‫الدورية واليت تشمل دورة احلياة‪ ،‬واليت لعبت منذ زمن طويل دوراً بارزاً يف حياة اإلنسان املتدين‪ ،2‬وبالتأكيد كفإن‬
‫طقس العبور ممثل بامتياز مبسار البلوغ والعبور من صف عمر آلخر أي من الطفولة إىل املراهقة والشباب‪ ،‬غري أنه‬
‫يوجد كذلك طقس عبور الوالدة والزواج واملوت‪ ،‬ومن بني طقوس العبور اليت سأخصجا بالدرس‪ :‬طقوس االحتفال‬
‫باألعياد‪ ،‬وطقوس امليالد واخلتان‪ ،‬وطقوس الزواج‪ ،‬والطقوس أثناء املوت وبعدها‪ ،‬أين مت اخللط بني املقدسات‬
‫الدينية بالدنيوية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الحقل الطقوسي بالمغرب األوسط‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ال جدال أن سكان املغرب األوسط كغريهم من سكان املغرب اإلسالمي أبدوا اهتمامجم‪ ،‬بالعادات‬
‫والطقوس االحتفالية يف األعياد الدينية بشكل كبري‪ ،‬ألهنا تعد أياما مقدسة جتمع بني العبادة كالصالة والذكر‬
‫والصدقة والنسك والتجليل والتسبيح والتكبري‪ ،‬وبني العادة وما كفيجا من توسع يف الطعام والشراب وامللبس والزينة‬
‫واملرح والسرور وسائر األعمال املستحبة‪ ،‬وسيتم الرتكيز على عيدين دينيني مها عيد الفطر وعيد األضحى كعيدين‬
‫مقدسني‪ ،‬دون أن أنسى أن العرف السائد عند جمتمع املغرب األوسط احتفاهلم باملناسبات الدينية األخرى اليت‬
‫ارتقت لديجم وأصبحت أعيادا مقدسة‪ ،‬كاالحتفال باملولد النبوي الشريف‪ ،‬وجتدر اإلشارة إىل أن تطرقي لألعياد‬
‫عند ساكنة املغرب األوسط سريتكز على املمارسات الطقوسية اليت أحيطت هبالة من القداسة‪.‬‬

‫‪ - 1‬الصديق‪ ،‬ثياقة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.1‬‬


‫‪ -2‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ -3‬العادات واألعراف من بني العناصر الثقاكفية اليت تبدوا أكثر عمومية‪ ،‬وإن ما حيكم العادة هو التكرار والتعود‪ ،‬كفيتعود الناس أو يعتادوا عليجا‪ ،‬كما‬
‫يأيت هنا املفجوم االشتقاقي لكلمة عيد أو أَعيَاد ألن الناس اعتادوه‪ ،‬كفالعيد يذهب مث يـَعود‪ ،‬وهنا يتخطى مفجوم العادة االجتماعية مسألة تكرار لعملية‬
‫معينة أو النشاط الالشعوري والالواعي لعملية ما‪ ،‬والناتج عن تكرار كفعل حىت ولو كان كفعال اجتماعيا‪ ،‬كفمفجوم العادة أضيق من املفجوم االجتماعي‬
‫هلذه الكلمة‪ .‬عبد الغاين‪ ،‬عماد‪ :‬سوسيولوجية الثقاكفة املفاهيم واإلشكاليات من احلداثة إىل العوملة‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪1000‬م‪ ،‬ص‪.211‬‬

‫‪158‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬شهر رمضان‪.‬‬


‫كان لشجر رمضان قداسته عند املسلمني عامة‪ ،‬لكنه امتاز ببعض اخلصوصية لدى جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬إذ‬
‫كانوا يستعدون له منذ اليوم األول بشراء كل ما يلزمجم من مأكل ومشرب للفطور والسحور‪ ،1‬وكان القضاة‬
‫‪2‬‬
‫س مجيع أكفراد‬
‫يشركفون على ترقب هالل رمضان بشغف‪ ،‬وهم من يعلم كاكفة املسلمني حبلوله ‪ ،‬وهذا الرتقب َم َ‬
‫اجملتمع على اختالف مشارهبم‪.‬‬
‫قداسة املناسبات الدينية ألقت بقدسيتجا على اهلالل‪ ،‬كفتحديد بداية شجر الصوم ومواعيد عيد الفطر وعركفة‬
‫واحلج وعيد األضحى‪ ،‬وحتديد رأس السنة اهلجرية كلجا مواعيد مقدسة‪ ،‬تنبع قداستجا من كوهنا مناسبات دينية‪،‬‬
‫ومنه كفاهلالل الذي ينبأ بدخول هذه األوقات أو املناسبات هو هالل مقدس‪.‬‬
‫كفموعد ظجور اهلالل يعد مناسبة جتعل من الفقيه املعلن عن والدة اهلالل شخصا مجما‪ ،‬كفال ميكن ألحد مجما‬
‫كانت مكانته من نزع هالة االحرتام والتوقري عن الفقيه املعلن عن بدء شجر رمضان أو عيد الفطر‪ ،‬كفجو ميثل‬
‫السلطة الدينية الشرعية الوحيدة اليت متتلك حق االكفتاء بشأن ميالد أو انتجاء اهلالل املقدس‪ ،‬وجتدر اإلشارة إىل‬
‫وجود هالل آخر أقل قداسة‪ ،‬أال وهو اهلالل الذي تدل والدته ومنازل حركته على مواعيد ومناسبات أخرى كليلة‬
‫اإلسراء واملعراج واملولد النبوي وغريها‪.‬‬
‫ومن الطقوس املصاحبة لإلعالن عن باية هذا الشجر يف الغرب اإلسالمي ككل ما نقله لنا ابن اخلطيب‬
‫(ت‪770‬هـ‪2201/‬م) يف وصفه الستعداد الناس الستقبال هذا الشجر ‪ «:‬حىت إذا وقف األئمة منك على‬
‫اعجا واندكفعت‬
‫الصحيح وصرحوا برؤيتك كل التصريح‪ ،‬نظرت كل مجاعة يف اجتماعجا‪ ،‬وتأهبت القراء إلش َف َ‬
‫األصوات باختالف أنواعجا‪ ،‬وتضرعت األلباب‪ ،‬وطلبت املواقف أواخر الع َشار واألحزاب‪ ،‬عندما أوقدت قناديل‬
‫كأمنا قد بدت من الصباح‪ ،»3‬إن وصف ابن اخلطيب(ت ‪770‬هـ‪2201/‬م) ينقل لنا صورة عن املكانة املقدسة‬
‫هلذا الشجر يف نفوس سكان الغرب اإلسالمي مبا كفيه املغرب األوسط‪ ،‬والتحضريات اليت يقومون هبا احتفاء‬
‫بقدومه‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد اهلل‪ ،‬بن عبد الرمحن ابن احلارث بن مهام أيب العباس السبيت اهلواري (ت‪002‬هـ)‪ :‬مناقب أيب العباس السبيت‪ ،‬خمطوط رقم ‪ ،2291‬مكتبة امللك‬
‫عبد اهلل بن عبد العزيز‪ 11 ،‬ورقة‪ ،‬ب‪.22‬مكتبة رقمية‪.‬‬
‫‪ -2‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.229/2،‬‬
‫‪ -3‬اإلحاطة يف أخبار غرناطة‪ ،‬ط‪ ،1‬تح‪ :‬حممد بن عبد اهلل عنان‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة اخلاجني‪2977-2972 ،‬م‪ 2 ،‬أجزاء‪.221/2 ،‬‬

‫‪159‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫وتعترب كفرتة الصيام مبثابة طقس مرور على اعتبار أن اجلسد مير من حالة حرقة اجلوع والعطش واحلرمان خالل‬
‫االمساك‪ ،‬إىل حالة النشوة باالرتواء واالشباع عند االكفطار‪ ،‬كفالصوم هو حماولة لتجاوز ما هو أرضي واالرتقاء إىل‬
‫ما هو علوي ومساوي‪ ،‬ورمضان هبذا املعىن صريورة من أجل تطجري املسلمني‪.1‬‬
‫كما يعد هذا الشجر كفرصة للفقراء واملستضعفني واملتسوليني كي ينالوا نصيبا من الصدقات والعطايا‪ ،‬وتتعدد به‬
‫الزيارات بني األقارب واجلريان واألصدقاء تدعيما ألواصر املواخات يف اجملتمع‪ ،‬إذ يدعون بعضجم بعضا إىل‬
‫اإلكفطار يف منازهلم طوال شجر رمضان‪ ،2‬يف املقابل كانت املساجد والزوايا تزين بالشموع والقناديل وبأنواع البخور‬
‫والعود والعنرب‪ ،3‬ومن العادات املقدسة كفيما خيص عبادات هذا الشجر‪ ،‬حرص الناس على حضور صالة الرتاويح‪،‬‬
‫حىت يف وقت القر والقيظ وشدة الربد كحضورهم باجلامع األعظم مبدينة تلمسان‪ ،4‬وخاصة عندما يؤم الصالة‬
‫اإلمام أبو العباس الزواوي (ت‪112‬هـ‪2279/‬م) الذي كان يتميز حبسن الصوت‪.5‬‬
‫ولكون شجر رمضان شجر مقدس تتضاعف كفيه العبادة‪ ،‬ملا ذكر من كفضل التججد والتعبد كفيه وقراءة القرآن‬
‫واحلديث‪ ،‬كفإن كاكفة الناس كانوا يواظبون على قراءة األذكار وتأدية الصلوات باملساجد‪ ،‬كما اعتاد سالطني املغرب‬
‫األوسط إحياء هذا الشجر بالقراءة يف مصحف سيدنا عثمان‪ ،6‬ملا له من مكانة مقدسة يف نفوسجم‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬


‫‪ -2‬مجال‪ ،‬أمحد طه‪ :‬احلياة االجتماعية باملغرب األقصى يف عصري املرابطني واملوحدين‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار الوكفاء لدنيا الطباعة والنشر‪1000 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.221‬‬
‫‪ - 3‬أجاز الربزيل وغريه من االئمة املالكية تزيني املساجد بالشموع ألنه نوع من االحرتام واإلكرام‪ .‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪221/2 ،‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪:‬‬
‫تلمسان‪.170/2 ،‬‬
‫‪- 4‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.272‬‬
‫‪ - 5‬هو أبو العباس شجاب الدين أمحد بن عبد اهلل اجلزائري الزواوي (‪112 -100‬هـ ‪2279 – 2291/‬م)‪ ،‬متكلم وكفقيه مالكي‪ ،‬من كبار العلماء‬
‫يف وقته‪ ،‬له نظم‪ ،‬يقال أنه نظري عبد الرمحن الثعاليب علما وعمال‪ ،‬أصله من قبيلة زواوة‪ ،‬سكن اجلزائر وتويف هبا‪ ،‬قال السخاوي‪ :‬من املشجورين بالصالح‬
‫والعلم والورع والتحقيق‪ ،‬وقال عنه الشيخ زروق‪ :‬كان شيخنا من أعظم العلماء إتباعا للسنّة وأكربهم حاال يف الورع‪ ،‬من آثاره كفاية املريد يف علم‬
‫الكالم‪ ،‬منظومة المية تزيد على ‪ 200‬بيت‪ ،‬وتسمى أيضا اجلزائرية يف العقائد اإلميانية خمطوطة‪ ،‬يف األزهرية‪ ،‬شرحجا اإلمام حممد بن يوسف السنوسي‬
‫التلمساين وأثىن عليه‪ ،‬وله أيضا القصيد يف علم التوحيد‪ ،‬التنبكيت‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ : 202‬وقال عنه أيب القاسم‪ ،‬احلفناوي نقال عن الشيخ الفقيه‬
‫الويل الصاحل أبو العباس ظريف العاركفني‪ ،‬صاحب العقيدة املنظومة الالمية املشجورة‪ .‬تعريف اخللف برجال السلف‪ :‬اجلزائر‪ :‬مطبعة بيري كفونتانة الشرقية‪،‬‬
‫‪2900‬م‪.22/2 ،‬‬
‫‪ -6‬عبد الرمحان‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬العرب‪222-220/7 ،‬؛ حتدث التنسي(ت ‪199‬هـ ‪2292 /‬م) عن مصحف عثمان بقوله‪ «:‬كما كان سالطني بين‬
‫زيان األوائل حيرصون على إحضار مصحف عثمان على عادة املوحدين‪ ،‬ويستصحبونه يف كل حركاهتم للقتال تربكا به‪ ،‬وهلم يف ذلك ترتيب حسن‬
‫وذلك أهنم يف سفرهم أول ما يتقدم بني يدي األمري على راية عظيمة بيضاء على أطول ما يكون من العصي‪ ،‬ويتلوها املصحف الكرمي حمموال على‬
‫أضخم خبيت‪ ،‬يوجد جمعوال يف قبة حرير مربعة بأعالها َجامور أبدع ما يكون يف رأس ركن من أركان القبة‪ ،‬راية عظيمة ختفق بأقل ريح ولو مل يكن إال‬
‫حركة اجلمل يف سريه‪ ،‬ويتلوها بغل من أكفره البغال حيمل ربـ َعة كبرية مربعة مغَ َشاة حبرير تضمنت ( املوطأ والبخاري ومسلما والرتمذي والنسائي وأبا‬

‫‪160‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫وهناك مناسك أخرى يقوم هبا سكان املغرب األوسط على غرار باقي املسلمني كمنسك (التَ َسحر) السحور‪،1‬‬
‫إذ يعد تركه نقيصة يف حق هذا الشجر املقدس ويف صيامه‪ ،‬وهلذا استعمل الناس عدة وسائل إليقاظجم وقت‬
‫السحور‪ ،‬منجا "النفخ يف النفري‪ ،"2‬وغالبا ما كان مؤذنو املساجد هم من يتوىل مجمة إيقاظ الناس للسحور‪.‬‬
‫سبقت اإلشارة إىل كثرة التعبد والنسك إال أن املتصوكفة كانوا يزيدون على ذلك لعظمة وقدسية هذا الشجر يف‬
‫نفوسجم‪ ،‬إذ كانوا يغريون مكان إقامتجم إىل الزوايا قصد التفرغ للعبادة‪ ،3‬ومنجم من كان خيتم القرآن الكرمي عدة‬
‫مرات يف رمضان‪ ،4‬وتعترب ليلة النصف من رمضان ليلة مقدسة حتظى بطقوس خاصة كالتربع مبوائد اإلكفطار إىل‬
‫املساجد‪ ،‬حيث تقام حلقة الذكر اليت تبدأ بعد صالة العشاء إىل غاية صالة الفجر‪.5‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن سكان املغرب األوسط كغريهم من املسلمني املغاربة كانوا يولون ليلة السابع والعشرين‬
‫من شجر رمضان عناية خاصة‪ ،‬وحييطوهنا هبالة عظيمة من التقديس‪ ،‬كفكانت على حد قول التاديل‪ « :‬أعظم ليلة‬

‫داود)‪ ،‬ويليجا األمري يف صدر اجليش والعساكر خلفه وعن ميينه ويساره‪ ،‬ظل مصحف عثمان حمفوظا يف خزائن ملوك تلمسان من بين عبد الواد‪ ،‬حىت‬
‫قدم أبو احلسن علي بن عثمان بن أىب يعقوب املريين إىل تلمسان يف أواخر شجر رمضان سنة ‪ 727‬هـ (‪2220‬م)‪ ،‬واكفتتحجا سنة ‪ 721‬هـ كفظفر هبذا‬
‫املصحف‪ ،‬كفاهتم به اهتماما خاصا وكان يقدمه أمامه على عادة املوحدين عند خروجه للقتال كفلما كانت وقعة السعيد انتجب املصحف الكرمي يف مجلة‬
‫ما انتجب‪ ،‬واتفق أن وقع هذا املصحف غنيمة يف أيدي الربتغاليني الذين اشرتكوا مع القشتاليني واآلرجونيني يف موقعة طريف املعروكفة يف املصادر‬
‫املسيحية مبوقعة هنر سالدو يف ‪ 7‬مجادى األوىل سنة ‪ 722‬هـ ( ‪ 2220‬م) وانتجت هبزمية نكراء مىن هبا املرينيني‪ ،‬ومل يدخر السلطان املريين ججدا‬
‫السرتداد املصحف كفأرسل إىل الربتغاليني التاجر أبا على احلسن بن مجى من مدينة آزمور ليخلص املصحف مبا يطلب كفيه من مال‪ ،‬وجنح أبو على‬
‫احلسن يف مجمته وأعاده إىل السلطان أىب احلسن املريىن بفاس يف سنة ‪ 721‬هـ وذكر ابن مرزوق أنه أنفق يف اكفتداء املصحف آالف من الدنانري‬
‫الذهبية‪ ،‬وهكذا أعيد املصحف األمام إىل كفاس بعد أن جرد الربتغاليون أغشية ومزقوا ما كان على دكفتيه من وشى وأحجار كرمية وأخذ ما عليه من‬
‫احللية املوجبة لغىن الدهر وطرح عاريا‪ ،‬كف وجده رجل ودخل به تلمسان وهو غري عامل مبقداره‪ ،‬وعرضه للبيع كفكان السمسار ينادي عليه بسوق بيع‬
‫الكتب بسبعة عشر درمها‪ ،‬كفرآه بعض من يعركفه كفأسرع إىل أمري املسلمني يغمراسن(‪017-022‬هـ‪2112-2121/‬م) وعرف به‪ .،‬واستمر املصحف‬
‫حمفوظا يف خزائن املرينيني‪ ،‬وكان ذلك آخر العجد به إذ انقطعت أخباره منذ ذلك التاريخ‪..‬التنسي‪ :‬مصدر سابق‪212 ،‬؛ سحر‪ ،‬السيد عبد العزيز‬
‫السامل‪ :‬أضواء على مصحف عثمان بن عفان ورحلته شرقا وغربا ‪،‬ط‪ ،02‬مصر‪ :‬مؤسسة شباب اجلامعة‪2992،‬م‪.‬صفحات متعددة‪.‬‬
‫الس َح ِر وشرابه‪ ،‬وبضمجا‪ :‬أكل هذا الطعام‪ .‬كفجو بالفتح اسم ما يـتَ َس َّحر به‪ ،‬وبالضم املصدر والفعل نفسه‪ .‬ابن‬
‫السحور‪ - :‬بفتح السني ‪ -‬طعام َّ‬
‫‪َّ -‬‬
‫‪1‬‬

‫منظور‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬مج ‪.2912/11 ،2‬‬


‫‪ -2‬مجال‪ ،‬أمحد طه‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .221‬والنَ ِفيـر أو البَـو َجآللة آلة نفخ حناسية حادة الصوت تشبه يف شكلجا البوق‪ ،‬تصدر بعض نغمات إلعالن‬
‫ساعة االستيقاظ أو اإلكفطار يف رمضان‪ ،‬وإلشجار األعراس أيضا ويف االحتفاالت واملناسبات الشعبية‪ ،‬ولدى طائفة عيساوة الصوكفية يف املغرب‪،‬‬
‫وتستعمل إلعالن قدوم عيد الفطر‪ .‬منري‪ ،‬البعلبكي ورمزي‪ ،‬البعلبكي‪ :‬قاموس املورد احلديث‪ ،‬لبنان‪ :‬دار العلم للماليني‪1022 ،‬م‪ ،‬ص ‪.207‬‬
‫‪ -3‬ابن الزيات‪ :،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -4‬نفسه‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ - 5‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.229‬‬

‫‪161‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫يف هذا الشجر‪ ،‬هي ليلة السابع والعشرين منه‪ ،»1‬وتعترب ليلة القدر ذروة القدسية والربكة‪ ،‬إذ تعد وقتا مقدسا‬
‫متميزا تقرر كفيه مجيع املصائر واألقدار‪ ،‬وتكون كفيجا أبواب السماء مفتوحة أمام دعوات السائلني‪.2‬‬
‫مست الليلة اليت‬
‫ولعل ما يدل على أمهية هذه الليلة ما ذكره ابن اخلطيب (ت ‪770‬هـ‪2201/‬م) بقوله‪ «:‬الت َ‬
‫هي خري من ألف شجر‪ ،‬كفنشط الصاحلون بك صوماً وهجر املتججدون يف ليلك نوماً‪ ،‬وأكملناك إن أذن اهلل‬
‫ثالثني يوما‪ ،»3‬ويعود سبب تقديس هذه الليلة ألهنا تزامنت ونزول القرآن لقوله تعاىل‪ ِ﴿ :‬إِنَّا أَنـَزلنَاه ِيف لَيـلَ ِة ال َقد ِر‬
‫(‪َ )2‬وَما أَد َر َاك َما لَيـلَة ال َقد ِر﴾‪.4‬‬
‫وتأسيا بسرية املصطفى عليه السالم‪ 5‬اجتجد سكان املغرب األوسط كغريهم من املسلمني‪ ،‬إلحياء واالحتفاء‬
‫هبذه الليلة املباركة واحتفلوا هبا أميا احتفال‪ ،‬كفاجتجدوا يف تالوة القرآن يف تلك الليلة باملساجد اجلامعة‪ ،‬مع وجوب‬
‫ختم القرآن كفيجا وإقامة صالة الرتاويح‪ ،6‬وهو ما جعل الناس يججرون النوم رغبة يف بلوغجا وخوكفا من كفوات وقتجا‬
‫دون نيل أجرها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬االحتفال بعيد الفطر‪.‬‬
‫تشكل األعياد التقومي للمقدس‪ ،7‬والعيد كما جاء عند ابن منظور‪ «:‬كل يوم كفيه مجع‪ ،‬واشتقاقه من َع َاد يَـعود‪،‬‬
‫وكأهنم عادوا إليه‪ ،‬وقيل اشتقاقه من العادة ألهنم اعتادوه‪ ،»8‬والعيد تصور حيوي مفجومني أساسني مها االجتماع‬
‫والتكرار‪ ،‬وغالب الضن أنه مشتق من عيدا األرامية ( ‪.)eida‬‬

‫‪ -1‬ابن الزيات‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪ .222‬يقول ابن اخلطيب (ت‪770‬هـ‪2201/‬م)‪« :‬وظلت ليلة سبع وعشرين إحدى املواسم املختصة باستجالب‬
‫األمم وختييم اخليم واحتفال األسواق‪ ،‬إن استعماله ملصطلح إحدى املواسم املختصة دليل على أهنا من بني أهم املناسبات االحتفالية اليت تناكفس يف‬
‫إحيائجا الزيانيني أمراء وعامة‪ .‬نفاضة اجلراب يف عاللة االغرتاب‪ ،‬تح ‪ :‬السعدية كفاغية‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬مطبعة النجاح اجلديدة‪2919 ،‬م‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ - 2‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫‪ -3‬اإلحاطة‪.221/2 ،‬‬
‫‪ - 4‬سورة القدر‪ ،‬اآلية‪.1 ،2 ،‬‬
‫‪ -5‬اعتاد رسول اهلل ﷺ االحتفاء هبا وتلتمسجا يف العشر األواخر ويف الوتر منجا خاصة‪ ،‬وحسبنا يف ذلك ما رواه البخاري(ت‪256‬ه) يف صحيحه عن‬
‫عائشة رضي اهلل عنجا أهنا قالت‪" :‬كان رسول ﷺ إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله‪ ،‬وجد وشد املئزر" نفسه‪ ،72/1 ،‬ورد يف باب التماس‬
‫ليلة القدر يف السبع األواخر‪ ،‬رقم احلديث ‪ ، 1021‬حدثنا عبد اهلل بن يوسف أخربنا مالك عن ناكفع عن ابن عمر رضي اهلل عنه أن رجال من أصحاب‬
‫النيب رأوا ليلة القدر يف املنام يف السبع كفقال رسول اهلل ﷺ‪ « :‬أرى رؤياكم قد تواطأت يف السبع األواخر كفمن كان متحريجا كفليتحراها يف السبع‬
‫األواخر»‪ .‬البخاري‪ :‬مصدر سابق‪.72/1 ،‬‬
‫‪ -6‬ابن مرزوق‪ :‬املسند‪ ،‬ص ‪ ،222‬وهي من البدع املستحسنة حسب الونشريسي‪ :‬املعيار‪.202/1 ،‬‬
‫‪ -7‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.01‬‬
‫‪ -8‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪.221/2 ،‬‬

‫‪162‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫ني يـَف ِطر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫للصائ ِم كفَـر َحتَان كفَـر َحة ح َ‬
‫عيد الفطر هو أول الفرحتني‪ ،‬جاء يف احلديث النبوي الشريف قوله ﷺ‪َ « :‬‬
‫ني يـَل َقى َربَه»‪ ،1‬وحيتفلون به يف أول أيام شجر شوال بعد صيام رمضان‪ ،‬ويف هذا الصدد قال ابن‬ ‫ِ‬
‫وكفَـر َحة ح َ‬
‫اخلطيب (ت‪770‬هـ‪2201/‬م)‪ «:‬واحتفلوا بآخر ليلي رمضان‪ ،‬وبرؤية هالل شوال»‪ ،2‬عندما تثبت رؤية اهلالل‬
‫بشجادة الشجود أمام قاضي اجلماعة بتلمسان عاصمة املغرب األوسط‪ ،‬والذي يعلن بدوره على حلول عيد الفطر‬
‫للمسلمني‪ ،‬وحبلول العيد يدكفع الصائمون عن أنفسجم وعن أكفراد عائالهتم وعن املولود قبل أن يفجم أو يعقل‬
‫صدقة ال َفطَرة‪ ،‬وتسمى زكاة الفطر للفقراء واملساكني‪ ،3‬وجرت العادة أن يتم إخراججا قبل هذا اليوم حىت ميكن‬
‫من االستفادة منجا ليلة العيد أو قبل ذلك بقليل‪ ،‬وجيوز دكفعجا قبيل صالة العيد أو يف أواخر شجر رمضان لشراء‬
‫ما حيتاجون إليه من مالبس ومؤن‪ ،4‬ويظل االحتفال بعيد الفطر ثالثة أيام‪.‬‬
‫سبقت اإلشارات التارخيية أن الربنس املغريب كان أهم ما يلبسه الرجال يف املغرب األوسط يف األعياد‪«،‬كفكان‬
‫كساء الصوف ال غري‪ ،»5‬وذلك ملا وردت يف مدحه من كفضائل عن النيب ﷺواليت ورد ذكرها عن ابن‬
‫صعد(ت‪902‬هـ‪2290/‬م)‪ «:‬عليكم بلباس الصوف جتدون حالوة اإلميان يف قلوبكم ‪ ،‬وعليكم بلباس الصوف‬
‫تعركفون به يف اآلخرة‪ ،‬وعليكم بلباس الصوف جتدون قلة األكل كفإنه يورث يف القلب التفكر‪ ،‬والتفكر يورث‬
‫احلكمة‪ ،‬واحلكمة جتري يف اجلوف جمرى الدم‪ ،‬كفمن كثر تفكره قل طعمه وكل لسانه‪ ،‬ومن كثر طعمه عظم بدنه‬
‫وقسا قلبه والقلب القاسي بعيد من اهلل عز وجل بعيد من اجلنة‪ ،‬قريب من النار‪ ،»6‬كما ميكن رصد ألبسة تصنع‬
‫من أقمشة أخرى كالكتان واحلرير وامللف‪ ،7‬وكانت النساء أكثر حرصا على الظجور يف ثوب جديد وأنيق‪ ،‬على‬
‫املسك‪.8‬‬ ‫أهنا كانت تستعمل أيام األعياد خمتلف أدوات الزينة من احلناء املنقوشة والسواك والكحل وتتعطر بأنواع‬

‫‪ -1‬اإلمام مسلم‪ :‬مصدر سابق‪.7/22 ،‬‬


‫‪ -2‬اإلحاطة‪.100/1 ،‬‬
‫‪ -3‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪ - 4‬خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬الدولة الزيانية‪ ،‬ص‪201‬؛ ومجال‪ ،‬أمحد طه‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪221‬؛ وعبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪ ،170 /2:‬عندما يتم االعالن‬
‫عن رؤية هالل العيد يسابق الناس اىل اخراج زكاة الفطر اليت تؤدى يف البوادي على شكل حبوب‪ .‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ -5‬القلصادي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬
‫‪ -6‬ابن صعد‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫‪ -7‬امللف نسيج كان يرد من بالد الروم إىل املغرب واألندلس‪ ،‬وكانت اجلبة امللف املصنوعة من اجلوخ من ثياب الطبقة الثرية‪ ،‬وكان للفقجاء موقف من‬
‫هذا القماش على اعتبار أنه ملني بشحم اخلنزير‪ ،‬أنظر يف هذا األمر الونشريسي‪ :‬املعيار‪.2/2،‬‬
‫‪ -8‬خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬الدولة الزيانية‪ ،‬ص‪ .207‬وأورد ابن اخلطيب(ت ‪770‬هـ‪ 2201/‬م) وصفا دقيقا للنساء وزينتجن يف العيد يف قوله‪ « :‬وقد زينت‬
‫العيون بالتكحيل‪ ،‬والشعور بالرتجيل‪ ،‬وكرر السواك على مواضع التقبيل‪ ،‬وطوقت األعناق بالعقود‪ ،‬وضرب الفكر يف صفحات اخلدود‪ ،‬ومد بالغالية‬
‫على مواضع السجود‪ ،‬وأقبلت صنعاً بأوشيتجا‪ ،‬وعنت بأرديتجا‪ ،‬ودخلت العروس يف حليتجا ورقمت الكفوف باحلناء‪ ،‬وأثين على احلسن وهو أحق‬

‫‪163‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫ويصف لنا ابن اخلطيب (ت‪770‬هـ‪2201/‬م) حال الناس واستعدادهم هلذا العيد يف قوله‪ «:‬هذا هالل‬
‫شوال قد طلع‪ ،‬وكر يف منازله وقطع‪ ،‬وغاب أحد عشر شجراً‪ ،‬مث رجع‪...‬كفقل هو هالل الفطر أو قل هو هالل‬
‫العيد‪ ،‬كفلقه صباح مشى الناس كفيه مشي احلباب‪ ،‬ولبسوا أكفضل الثياب‪ ،‬وبرزوا إىل مصالهم من كل باب‪،‬‬
‫كفارتفعت مهة اإلسالم‪ ،‬وشركفت أمة حممد عليه السالم‪ ،‬وخطب بالناس ودعا لإلمام‪ ...‬مث انصركفوا راشدين‪...‬‬
‫ورجعوا على غري الطريق الذي أتوا عليه‪.»1‬‬
‫نستشف من كالم ابن اخلطيب (ت‪770‬هـ‪2201/‬م) بأن ذهنية ساكنة املغرب األوسط تدعوهم إىل تغيري‬
‫طريق العودة من املسجد بعد انقضاء صالة العيد‪ ،‬كخطوة احرتازية يقومون كفيجا بالتخلص من كل الذنوب واآلثام‬
‫ال يت رمبا ال زالت عالقة هبم من شجر رمضان‪ ،‬ومل متحى بسبب تقصريهم يف العبادات أو عدم بلوغجم ليلة القدر‪،‬‬
‫كفتغيري الطريق كناية عن التخلص من الذنوب يف املرة األوىل اليت ميرون هبا‪ ،‬وجيب عدم املرور من نفس الطريق‬
‫خماكفة أن تلتصق هبم هذه الذنوب مرة ثانية‪.‬‬
‫أما صالة العيد كفكانت تقام يف العراء خارج أسوار املدينة أمام باب القرمادين‪ ،2‬وحيضرها الناس من خمتلف‬
‫األعمار والفئات االجتماعية‪ ،‬يتقدمجم السلطان يف موكب حاكفل‪ ،‬ومن بني الطقوس األخرى املصاحبة هلذا‬
‫االحتفال‪ ،‬جند أن الناس حيضرون كفيه أنواعا من احللوى كالكعك واملقروط والقريوش‪ ،‬وتقدم يوم العيد مع مشروب‬
‫كالشاي والقجوة‪ ،‬أما يف اليوم الثاين والثالث كفيتوجه بعض أصحاب الطرق الصوكفية لزيارة املقابر‪ 3‬وأضرحة األولياء‬
‫الصاحلني مثل أيب مدين الغوث (ت‪192‬هـ‪2291 /‬م) بالعباد‪.‬‬

‫بالثناء‪ ،‬وطلقت التوبة ثالثاً بعد البناء وغص الذراع بالسوار‪ ،‬وختتم يف اليمني واليسار‪ ،‬وأمسكت الثياب بأيدي األبكار‪ ،‬ومشت اإلماء أمام األحرار‬
‫وتقدمت الدايات باألطفال الصغار‪ ،‬وامتألت الدنيا سرراً‪ ،‬وانقلب الكل إىل أهله مسروراً‪ ،‬والسلطان يجنئ الناس بالعيد‪ .‬اإلحاطة‪101/1 ،‬‬
‫‪ - 1‬نفسه‪ .101/1 :‬أمجع الفقجاء على أنه ال ينبغي ترك إظجار الزينة والتطيب يف األعياد مع القدرة عليجا تقشفا ألنه بدعة‪ ،‬كما مل ينكروا لعب‬
‫األطفال وندبوا الرجوع من طريق أخرى غري اليت ذهبوا عليجا لصالة العيد أول مرة لشجادهتا وللتصدق على كفقرائجا‪ .‬خليل أيب اسحاق بن موسى بن‬
‫شعيب اجلندي ضياء الدين أبو املودة‪ :‬شرح منح اجلليل على خمتصر العالمة خليل‪ ،‬تح‪ :‬حممد عليش‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الفكر للطباعة والتوزيع ‪،‬‬
‫‪2912‬م‪.202-202/2 ،‬‬
‫‪ -2‬حيي‪ ،‬ابن خلدون‪ :‬مصدر سابق‪ 90/2،‬؛ جمجول‪ :‬زهر البستان‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -3‬حممد‪ ،‬بن رمضان شاوش‪ :‬باقة السوسان‪.12 /1 ،‬‬

‫‪164‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬موكب الحج‪.‬‬


‫على غرار باقي املسلمني أبدى ساكنة املغرب األوسط اهتمامجم اخلاص بفريضة احلج‪ ،‬وجتلى ذلك من خالل‬
‫مظاهر االستعداد والتججيز ألدائجا‪ ،‬بتجيئة الثياب اخلاصة باإلحرام‪ ،‬وعقد جلسات احلناء‪ ،‬مما اعتاده الناس‬
‫حتضريا ملثل هذه املناسبة‪ ،‬باإلضاكفة اىل االحتفال بالركب املتوجه إىل البقاع املقدسة باحلجاز‪.1‬‬
‫وكان احلجاج حيملون معجم املصاحف والكتب الصحاح‪ ،‬ويقومون بتحبيسجا على القراء يف مكة واملدينة‬
‫وبيت املقدس ومسجد اخلليل بفلسطني‪ ،2‬وهي أماكن حتظى بقدر كبري من القداسة ألهنا يف تصور اإلنسان‬
‫املثقل بالتمثالت األسطورية متثل جتليا للمقدس‪ ،3‬كما كانوا ال يتوانون يف إرسال "احململ"‪.4‬‬
‫كان احلجاج يتعرضون أحيانا إىل ما يصادكفجم يف الطريق أو قد يصابون باألمراض الفتاكة وموت الدواب‪،‬‬
‫وخطر اللصوص وقطاع الطرق من القبائل البدوية‪ ،5‬وذلك بسبب اختالل موازين القوى خالل املنتصف الثاين من‬
‫القرن ‪1‬ه‪ 22/‬م‪ ،‬إذ مل يعد الطريق البحري آمنا كفكثريا ما وقع احلجاج أسرى يف يد النصارى‪ ،‬رمبا هذا األمر هو‬
‫الذي دكفع بأحد الفقجاء إىل املناداة بضرورة إسقاط كفريضة احلج املقدسة‪ ،‬وإحياء كفريضة أخرى ال تقل قداسة عنجا‬
‫وهي كفريضة اجلجاد يف سبيل اهلل‪.6‬‬

‫‪ -1‬مل يقتصر االحتفال على خروج موكب احلج‪ ،‬بل تعداه الستقبال احلجيج عند عودهتم‪ ،‬كما حدث مع يوسف بن يعقوب املالري أثناء عودته من‬
‫البقاع املقدسة وخروج الناس الستقباله‪ .‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬الزاوية املالرية‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ - 2‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬أبو العباس السبيت أمحد بن مرزوق التلمساين ( سريته‪ -‬مناقبه‪ -‬رحلته إىل املشرق)‪ ،‬ص ص ‪ ،110-111‬ضمن كتاب‬
‫دراسات يف تاريخ اجلزائر واملغرب اإلسالمي‪ ،‬عني مليلة‪ -‬اجلزائر‪ :‬دار اهلدى‪1021 ،‬م‪،‬ص‪.122-120‬‬
‫‪ - 3‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس الدنيوي‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ - 4‬وهو عبارة عن محل حيمل اهلدايا الثمينة حلكام احلجاز والكسوة املخصصة لتغطية الكعبة الشريفة‪ ،‬وال يفوتنا أن نذكر بأن االستعداد للحج يكون‬
‫يف الغالب مطلع شجر ربيع األول‪ ،‬إذ ينادى يف الناس حبلول موسم احلج حىت يتجيأ القاصدون للحج‪ ،‬بنداء املنادي بني الناس معلنا هلم بقدوم املوسم‬
‫حىت يستعد كل واحد منجم يف عقد النية‪ ،‬وتبدأ الوكفود تصل إىل عاصمة املغرب األوسط – تلمسان‪ -‬من الضواحي واألطراف‪ ،‬مث ينطلق منجا احلجاج‬
‫يف موكب رمسي على اجلمال واخليل والدواب‪ ،‬خيرتقون املدينة يف جو من االبتجاج والتجليل والتكبري‪ ،‬وال سيما إذا كان املوكب يضم أحد أكفراد العائلة‬
‫احلاكمة كفيخرج اآلهل واألقارب وسكان تلمسان يف هبجة وسرور لتوديعجم‪ .‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬أبو العباس السبيت‪ ،‬ص‪.122-120‬‬
‫‪ - 5‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪112‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬أبو العباس السبيت‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫‪ - 6‬حول هذا املوضوع ينظر املعيار للونشريسي يف جزئه الثامن؛ أبو حممد عبد اهلل بن ممد أمحد التيجاين‪ :‬رحلة التيجاين‪ ،‬تق‪ :‬حسن حسين عبد‬
‫الوهاب‪ ،‬تونس‪-‬ليبيا‪ :‬الدار العربية للكتاب‪2912 ،‬م‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬األضحية وطقوسها‪.‬‬


‫ال جدال أن عيد األضحى أو العيد الكبري مناسبة مقدسة ختتلف يف طقوسجا عن يوم عيد الفطر‪ ،‬ويكون‬
‫االحتفال هبذه املناسبة يف اليوم العاشر من ذي احلجة من كل سنة هجرية ويتعلق االختالف بني العيدين (الفطر‬
‫واألضحى) يف شعرية األضحية‪ ،1‬واليت تعد سنة واجبة على من استطاعجا‪.2‬‬
‫وكان سكان املغرب األوسط يستعدون هلا بشراء األضاحي‪ ،‬ورغم قدسية هذه الشعرية إال أن شراء كبش العيد‬
‫مل يكن يف مقدور كل كفئات اجملتمع‪ ،‬ولذلك اقتصر على الفئات امليسورة‪ ،3‬وختفيفا على غري القادرين ومساعدة‬
‫هلم‪ ،‬كان بعض السالطني يف هذه املناسبة يشرتون أعداد كبرية من الكباش ويقدموهنا للرعية للتضحية هبا يوم‬
‫العيد‪ ،‬كفكثريا ما كان امليسورون من الرعية يقومون بشراء األضاحي ويوزعوهنا على األسر العاجزة‪ ،‬حبا منجم يف‬
‫إدخال البججة والسرور‪.4‬‬
‫سبقت اإلشارة أن عيد األضحى أهم طقس احتفايل وديين عند املسلمني‪ ،‬ويبدأ االحتفال بالعيد خبروج‬
‫املنادي إىل الشوارع ينادي بالعيد يف اليوم التايل‪ ،‬وخيرج السلطان إىل املصلى يف موكب مجيب ورجال الدولة يف‬
‫أحسن زي وخلفجم أعداد من العامة‪ ،‬ويسري السلطان مبوكبه الذي له أهبة خاصة إىل القصر والناس يلوحون‬
‫للسلطان ويدعون له‪.5‬‬
‫الطقوس املقدسة يف املغرب األوسط تبدأ بأداء صالة العيد كفجر اليوم األول منه‪ ،‬وقد اعتاد الناس أدائجا يف‬
‫العراء خارج املساجد أسوة بالرسول ﷺ من ججة‪ ،‬وكذلك لكثرة عدد املصلني ذلك اليوم من ججة أخرى‪ ،‬كما‬

‫‪ - 1‬ابن مرزوق‪ :‬املسند‪ ،‬ص‪ . 220 :‬األضحية تؤسس الصلة مع العامل القدسي‪ ،‬وتتحول إىل طقس عبور من الدنيوي إىل القدسي‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫الطقس يعمل دوما على جتسيد العالقة بني العاملني‪ .‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪ -2‬اإلمام مالك بن أنس (ت‪279‬هـ)‪ :‬املوطأ‪ ،‬ختريج وتوثيق‪ :‬صدقي مجيل العطار‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1001 ،2‬م‪،‬‬
‫ص‪.290‬‬
‫‪ -3‬ورد عن ابن مرزوق أن الصاحلة ستم بنت الشيخ أيب علي حسني بن اجلالب‪ ،‬أخربته عن أبيجا ملا أعطى رجال ربع دينار وقال له‪ :‬اشرت يل به كبشا‬
‫مليحا ألضحييت قال‪ :‬كفقلت ‪ :‬سبحان اهلل هو يعرف ربع دينار ال يوجد به ما طلب وعوايده يعطيين من غري تعني كفلم ميكنين مراجعته وقلت يف نفسي‪:‬‬
‫لعل هذا سببا كفتوججت ملواضع الشاوية وقضيت غرضي ومل يبق بيدي إال الربع دينار‪ ،‬وكنت بدوار أيب منصور قال‪ :‬كفمر يب رجل بقطعة غنم يقدمجا‬
‫كبش مل أر مثله كفن ظرت إليه‪ ،‬وقلت مثل هذا ينبغي أن اشرتي للشيخ قال‪ :‬كفقال الرجل‪ :‬يا حسني! هات الربع دينار امحل الكبش للشيخ وأبلغه‬
‫السالم‪ ،‬قال‪ :‬كفدهشت كفأعاد على الكالم ثانية كفأخذت الكبش وقبلت يده وانصركفت‪ ،‬كفلما وصلت إىل الشيخ قال يل‪ :‬يا حسني! وعليه السالم هات‬
‫الكبش واسكت‪ .‬املناقب‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫‪ -4‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ . 201‬كفأحد السالطني كفرق ما يزيد عن "ألف شاه" من الضأن واملاعز على خمتلف الفئات االجتماعية من أمراء‬
‫وجند وكفقراء‪ ،‬حسب ما رواه املقري‪ :‬مصدر سابق‪.211/2 ،‬‬
‫‪ - 5‬بوزياين الدراجي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.117‬‬

‫‪166‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫أهنا جتوز داخل املساجد أيضا ويكون على رأس املصلني األمري أو السلطان الذي يدعو بعد الصالة للناس بدعائه‪،‬‬
‫وبعد أداء الصالة يضحى السلطان بأضحيته أمام املأل ويذبح الكبش بني يديه‪ ،1‬ويستعمل يده اليمىن يف عملية‬
‫حنر األضحية ‪ ،2‬وما تقدمي الصالة على حنر األضحية إال الجتماع األمة حول اإلمام املضحي كاجتماعجم على‬
‫اإلمام املصلي‪ ، 3‬ومن بني النوازل حول األضاحي هل هي معتربة بذبح اإلمام الذي تؤدى إليه الطاعة أو إمام‬
‫الصالة؟ كفكان اجلواب أن املعترب يف ذبح األضاحي اإلمام الذي يصلي بالناس ألن األضحية معتربة بالصالة‪،4‬‬
‫األمر الذ ي يقضي إىل إعالن أسبقية طقوس الكالم على طقوس الفعل‪ ،‬ومن مثة سيادة الفريضة على الطقس‪،5‬‬
‫كما تنطوي عملية النحر يف كاكفة الثقاكفات البشرية على بعد قدسي‪.6‬‬
‫بعد إمتام صالة العيد كما سبق الذكر‪ ،‬وبعد توجه اإلمام لذبح أضحيته بيده خارج اجلامع الكبري عند باب‬
‫الضحية بتلمسان‪ ،‬تنقل بعدها األضحية إىل قصر املشور‪ ،7‬وينتشر املصلون ليقوموا بذبح أضحياهتم‪ 8‬تطبيقا لآلية‬
‫ك َواحنَر﴾‪ ،9‬ال ميكن الذبح قبل اإلمام إذ أكفىت‬ ‫اك ال َكوثـَر (‪ )2‬كفَ ِ‬
‫الكرمية من قول اهلل تعاىل‪﴿ :‬إِنَّا أَعطَيـنَ َ‬
‫ص ِّل لَربِّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كفقجاء املغرب األوسط بعدم جواز األضحية قبل اإلمام‪ ،‬وال أدل على موقفجم من نازلة جاء كفيجا إذ مل خيرج اإلمام‬

‫‪ -1‬عبد امللك حممد الباجي‪ ،‬ابن صاحب الصالة (كان حيا سنة ‪192‬هـ‪ 2291/‬م)‪ :‬تاريخ املن باإلمامة على املستضعفني بأن جعلجم اهلل أئمة‬
‫وجعلجم الوارثني ‪ ،‬ط‪،2‬تح‪ :‬عبد الوهاب التازي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار األندلس للنشر‪2902،‬م‪ ،‬ص‪217‬؛ وأكفرد اإلمام مالك بابا يف املوطأ للنجي عن ذبح‬
‫األضحية قبل انصراف اإلمام ‪ .‬ص‪.190‬‬
‫‪ - 2‬ابن مفلح املقدسي‪ :‬مصدر سابق‪ 222/2 ،‬؛ طقس التضحية يتكون من السريورة من املراحل الثالث التالية‪ :‬صالة العيد‪ ،‬هتيئة األضحية‪ ،‬وحنر‬
‫األضحية‪ ،‬مث اعداد الوجبات الفاخرة والقيام باأللعاب الساخرة‪ .‬عبد الغين منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ - 3‬يرى الباحث نور الدين الزاهي أ ن التضحية حتكمجا ثالثة اسرتاتيجيات وثالثة مؤسسات‪ ،‬أما االسرتاتيجيات يف اسرتاتيجية اإلسالم النبوي‬
‫واسرتاتيجية اجلماعة الدينية السياسية‪ ،‬واسرتاتيجية الطرق واإلسالم الطقوسي‪ ،‬أما عن املؤسسات كفجناك مؤسسة اإلمام املصلي واإلمام املضحي‬
‫ومؤسسة الوالية الصوكفية‪ ،‬وتتمحور شرعيتجا مجيعا حول ثالثة قيم هي‪ :‬الشرف‪ -‬اجلجاد‪ -‬الربكة‪ .‬املقدس واجملتمع‪ ،‬ص ‪.0-1‬‬
‫‪ - 4‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪21/1 ،‬؛ املازوين‪ :‬مصدر سابق‪.119 ،‬‬
‫‪ - 5‬نور الدين‪ ،‬الزاهي‪ :‬املقدس اإلسالمي‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪-Geroges, Battaille: Op.cit.p 544‬‬
‫‪ -7‬املشور‪ :‬قلعة املشور اليت قاومت صروف الدهر قرونا تتوسط املدينة‪ ،‬أنشاها املوحدون بعد سيطرهتم على املدينة يف القرن ‪21‬م وبداخلجا دور‬
‫للسكىن‪ ،‬ومسجدها مجيل ما يزال حىت اليوم‪ ،‬و بنا يغمراسن بن زيان قصر املشور وعمره أوائل القرن الثالث عشر عند مغادرته القصر املرابطي الذي‬
‫كان موازيا للجامع األعظم‪ ،‬كفقد وصف التنسي منازله اجلليلة وحدائقه النضرة‪ ،‬وقد هدم بعض حجراته باي اجلزائر‪ ،‬إثر ثورة قام هبا التلمسانيني على‬
‫احلاكمني‪ ،‬مث قضى الفرنسيون على ما تبقي منجا سنة ‪ 2122‬واختذوا موضعه معسكرا إال أهنم تركوا صومعة قصرية مجيلة تدل على أنه كان للقصر‬
‫مسجدا‪ .‬حيي‪ ،‬بوعزيز‪ :‬تلمسان‪ ،‬ص‪27‬؛ وعبد العزيز‪ ،‬كفراح‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 110‬؛ وخمتار‪ ،‬حساين‪ :‬موسوعة تاريخ‪9/2،‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪:‬‬
‫تلمسان‪.221/2 ،‬‬
‫‪ - 8‬حممد‪ ،‬بن رمضان شاوش‪ :‬باقة السوسان‪.210 /1 ،‬‬
‫‪ - 9‬سورة الكوثر‪ ،‬اآلية ‪.1 ،2‬‬

‫‪167‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫ضحيته إىل املصلى يوم النحر؟ كفكان اجلواب أن الذبح يوم النحر للضحايا مرتبط بذبح اإلمام أضحيته على‬
‫مذهب اإلمام مالك‪ ،‬كفيجب على أهل البلد والقرية تصلى كفيجا صالة العيد جبماعة‪ ،‬أن ال يذحبوا أضحياهتم حىت‬
‫يذبح إمامجم الذي صلى هبم العيد‪ ،‬كفمن ذبح قبل أن يذبح إمامه وإن كان بعد أن صلى وخطب كفال جتزئه‬
‫أضحيته عند مالك وأصحابه‪.1‬‬
‫كفعل التضحية هنا هو كفعل مقدس كفالتضحية كما يعركفجا مارسيل ماوس‪ :‬هي كل ممارسة تقتضي حنر حيوان‬
‫ما وكفق طقوس وقواعد دقيقة وحمددة‪ ،‬تضفي دائما طابعا قدسيا على األشياء واألحداث اليت تنجز من أجلجا‪،‬‬
‫هي عملية حترر بالضرورة طاقة قدسية تعادل قدسية احلدث املضحى من أجله‪ ،2‬ودم األضاحي دم مقدس ألنه‬
‫مقدم للتضرع هلل‪ ،‬إال أن هناك بعض العادات الغريبة والبقايا الوثنية‪ ،‬كاالحتفاظ مبرارة الكبش ورمي امللح قبل‬
‫الذبح وغريها من السلوكات‪ ،‬وميكن اإلشارة إىل ما ميثله الكبش لدى سكان املغرب قدميا‪ ،‬كفقد كانت هناك قبائل‬
‫تعبد الكبش‪.3‬‬
‫رغم زوال الديانة الوثنية من املغرب بعد جميء اإلسالم إال أن هناك من روج لفكرة البقايا الوثنية الكبشية‬
‫خاصة املستشرقني كما ورد يف الفصل األول‪ ،‬وأهنا تتضح بأسىن جتلياهتا يف املمارسات التعبدية والرتكفيجية اليت‬
‫تواكب عيد األضحى‪ ،‬وحسبجم كفاخلروف بالنسبة لكثري من القبائل األمازيغية زمن الدراسة‪ ،‬كان ذا قيمة كفوق‬
‫جمرد األضحية اليت يراد منجا التقرب إىل اهلل‪ ،‬لتتعدى وظيفتجا الدينية إىل تقديس أطراكفجا وجلودها وبعض‬
‫أعضائجا‪ ،‬هذا دون احلديث عن التعويذات املصنوعة من قرون الكبش لدكفع العني واحلسد‪.‬‬
‫وهو نفس الطرح الذي تبن ته كتابات علماء االجتماع املعاصرين واليت أشارت إىل أن شعرية التضحية بكبش‬
‫عيد األضحى‪ ،‬اصطدمت بقوة مبعتقدات القبائل الوثنية الكبشية اليت وكفدت عليجا شعرية عيد األضحى ضمن ما‬
‫وكفد من شعائر اإلسالم‪ ،‬واليت كانت تعتقد يف الكبش األقرن الصورة الوحيدة لإلله‪ ،‬إذ استشكلوا ذبح أكفضل‬
‫صور آهلمتجم اتباعا للدين اجلديد‪ ،‬وهو األمر الذي ن ّفر الكبشيني من اإلسالم‪ ،‬ودكفع مبن أسلم منجم إىل حماولة‬
‫التوكفيق بني اإلسالم والوثنية خشية لعنة قد تلحقجم من ذبح الكبش‪ ،‬سواء بارتداء جلودها أو تقديس حلمجا‬
‫وقروهنا‪ ،‬لإلبقاء على أكرب ما ميكن من وشائج الصلة باملعبود القدمي‪ ،‬وكان كبش قعدة اخلروبة ذو التاج أو كبش‬

‫‪ - 1‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.22/1 ،‬‬


‫‪ - 2‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 3‬كان كبش قعدة اخلروبة ذو التاج أو كبش بوعالم بأكفلو وغريمها يف كامل سلسلة األطلس الصحراوي‪ ،‬أساس املعتقدات اليت أدت إىل عبادة االله‬
‫آمون‪ ،‬الذي حيمل رأس كبش‪ ،‬والذي ظجر مث انتجى إىل كفرض وجوده يف مصر عندما حل اجلفاف بالصحراء يف عام ‪ 2100‬ق م ومل يغادرها‪ .‬عبد‬
‫العزيز‪ ،‬كفراح‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪222‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬املؤرخون الفرنسيون‪ ،‬ص‪10‬؛ وعثمان‪ ،‬حممد العريب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.110‬‬

‫‪168‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫بوعالم أساس املعتقدات اليت أدت إىل عبادة اإلله آمون الذي حيمل رأس كبش والذي ظجر مث انتجى على كفرض‬
‫‪1‬‬
‫وجوده يف مصر عندما حل اجلفاف بالصحراء يف عام ‪2100‬ق م ومل يغادرها‬
‫هذه مناذج من السلوكات التقل يدية املرتبطة بشعرية األضحية واليت ليس هلا أساس ديين‪ ،‬أو مربر عقالين أو‬
‫علمي ورغم شيوعجا نسبيا يف القرون األوىل كطقوس مصاحبة لألضحية‪ ،‬إال أهنا سلوكات اجتجت حنو االحنسار‬
‫يف كثري من املدن والبوادي بتأثري من الفقجاء الذين حابوا مثل هذه املعتقدات‪.‬‬
‫ويرى الباحث روين جريار أن تبعات التضحية تؤدي إىل التحام اجلماعة ومتتني الروابط وتفريغ العنف الكامن‬
‫داخلجا‪ ،‬هذا العنف الذي يجدد استمرارية وحدهتا واستقرارها‪ ،‬كفالتضحية مكون رئيسي من املكونات األساسية‬
‫للمجتمعات البشرية‪ ،‬وكل الثقاكفات هي منتوج لعنف أصلي مت جتاوزه عن طريق سن طقوس التضحية‪ ،2‬وجتدر‬
‫االشارة إىل أن هذه الطقوس كانت منحسرة يف بعض املناطق اجلبلية يف األطلس الكبري وبدأت يف االختفاء‬
‫تدرجييا مع انتشار اإلسالم يف املنطقة‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬عاشوراء‪ 3‬والزمن المتجدد‪.‬‬
‫يعترب أول حمرم بداية السنة اهلجرية عند املسلمني وهو يوم مقدس كونه يعلن عن بداية زمن جديد‪ ،‬جتري كفيه‬
‫التطجريات لطرد الذنوب‪ ،4‬عاشوراء تكون يف اليوم العاشر من هذا الشجر‪ ،‬وحيتل هذا اليوم مكانة مقدسة يف‬
‫جمتمع املغرب األوسط على غرار باقي املسلمني لكن خصوصية االستعداد القبلي لليلة عاشوراء ختتلف وإن كانت‬
‫بعض العادات تعد رواسب تعلقت بذهنيات بعض الناس من كفرتة وجود الفاطميني باملغرب األوسط (‪-109‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز‪ ،‬كفراح‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .222‬كما ساد االعتقاد قدميا بأن التضحية الدموية اليت يستجل هبا الفالح مومسه‪ ،‬كانت هتدف إىل ضمان‬
‫خصوبة األ رض اليت تستعيد قوهتا من خالل حنر احليوان‪ ،‬الذي حيرر دمه املراق تلك الطاقة اليت تعطي احلياة لألرض والنبات‪ ،‬كفنجضة احلقل ليست من‬
‫صنع اهلل وإمنا من صنع روح احلقل نفسجا‪Emle, Looust: Mots et choses Berberes Notes de linguistique et .‬‬
‫‪dethnographie .Dialectes du Maroc, paris: Augustin challamel Éditeur, 1920 p 38‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪- René, Girard: la violence et le sacré, paris: Albin Michel Litterature Collection pluriel, 1990,‬‬
‫‪p144‬‬
‫‪ -3‬عاشوراء هو اليوم العاشر من شجر حمرم احلرام‪ ،‬ميزه اهلل بأحداث تارخيية مجمة وكفضائل‪ ،‬منجا أنه اليوم الذي تاب كفيه اهلل على آدم‪ ،‬وجنا كفيه نبيه‬
‫موسى من كفرعون وجنوده‪ ،‬وهو اليوم الذي استوت كفيه سفينة نوح على اجلودي وجناه اهلل ومن معه من الطوكفان‪ ،‬وهو كذلك يوم يرتبط عند املسلمني‬
‫بالصوم‪ ،‬لكون الرسول ﷺ ملا قدم املدينة وجد اليجود يصومونه كفسأهلم عن ذلك كفقالوا إنه اليوم الذي جنا كفيه اهلل سيدنا موسى من بطش كفرعون‪ ،‬كفقال‬
‫رسول اهلل ﷺ ‪" :‬حنن أوىل بصيامه"‪ ،‬كفصامه وأمر بصيامه‪ ،‬صيح مسلم‪270/1 :‬؛ حىت يتميز املسلمون عن اليجود أمر الرسول ﷺ بصيام اليوم التاسع‬
‫والعاشر‪ ،‬وش جد هذا اليوم اختالكفا وتباينا يف طرق االحتفال به‪ ،‬إال أن صوم هذا اليوم يبقى القاسم املشرتك الذي يوحد سكان املغرب اإلسالمي‪ .‬زين‬
‫الدين أيب الفرج عبد الرمحان بن أمحد ابن رجب (ت ‪ 791‬هـ) يف كتاب لطائف املعارف كفيما ملواسم العام من الوظائف ‪ ،‬تح‪ :‬ياسني حممد السواس‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دمشق‪ -‬بريوت‪ :‬دار ابن كثري‪ 2999 ،‬م‪ ،‬ص ‪.222-201‬‬
‫‪ -4‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.02-01‬‬

‫‪169‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫‪211‬ه‪909-901 /‬م)‪ ،‬كفقبل طلوع مشس اليوم العاشر تبدأ مرحلة االستحمام باملاء البارد‪ ،‬حيث يتحول ماء‬
‫الربك واآلبار إىل ماء مقدس يبطل كل أشكال السحر والنحس وسوء احلظ والطالع‪ ،1‬كفالرجال ال حيلقون رؤوسجم‬
‫والنساء خيضنب أيديجن باحلناء‪ ،2‬ورغم أن استعمال احلناء ساري يف مجيع أيام السنة‪ ،‬لكن التخضيب ليلة‬
‫عاشوراء يضفي عليجا نوعا من القداسة‪ ،‬كفتصبح طقسا لسيقا هبذا اليوم‪.‬‬
‫ويصف ابن اخلطيب (ت‪770‬هـ‪2201/‬م) مظاهر االحتفال هبذا اليوم يف قوله‪« :‬كانت عاشوراء من بني‬
‫املناسبات اليت احتفل هبا الناس يف تلك الفرتة‪ ،‬واستمر حىت أيامنا‪ ،‬واقرتن أكل الدجاج هبذه املناسبة‪ ،‬وهذا اليوم‬
‫كان يوم صوم وإحسان‪ ،‬وهناك من اعتربه يوم هلو وترويح كفتشبه الرجال بالنساء‪ ،‬وحىت اليجود والنصارى وضربوا‬
‫آالت اللجو على أشكاهلا‪.»3‬‬
‫نستنتج من خالل هذا النص أن هذه املناسبة هي كفرصة الجتماع أكفراد األسرة على موائد العشاء لتناول وجبة‬
‫الدجاج اليت تعد خصيصا هلذا اليوم‪ ،‬وكذلك العزف والغناء‪ ،‬باإلضاكفة إىل التخضيب باحلناء‪ ،‬جند عادة االكتحال‬
‫واالستياك والتزين والتجمل‪ ،‬واستعمال البخور وأكل الفاكجة اجملففة‪ ،‬وهي عادات دالة على الفرح‪ ،4‬وغريها من‬
‫العادات اليت اشرتك كفيجا املسلمون مع غريهم من األقليات اليت تعيش ضمن جمتمع املغرب األوسط يف إطار من‬
‫التسامح الديين‪.‬‬
‫يف املقابل هناك من الناس من كفضل ختصيص ليلة عاشوراء ملمارسة أكفعاهلم الشيطانية‪ ،‬باللجوء إىل اقتناء مواد‬
‫السحر والشعوذة‪ ،‬اعتقادا منجم بأن ليلة عاشوراء هلا تأثري بالغ يف إبطال أو حتقيق مفعول السحر‪ ،‬ومن األمور‬
‫األخرى اليت حييي هبا املغاربة هذه الليلة "إشعا ل النار اللجب املقدس" وصب املاء‪ ،‬كعادة ضمن االحتفال هبذه‬
‫الليلة العتقادهم بأن املاء تفيض منه الربكة كما تفيض على مجيع األمكنة واألشياء‪ ،‬وخاصة ماء الضريح والذي‬

‫‪ - 1‬عبد الغين منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 222‬‬


‫‪ -2‬حممد‪ ،‬بن رمضان شاوش‪ :‬باقة السوسان‪.27-20 /1 ،‬‬
‫‪ -3‬اإلحاطة‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪ - 4‬عبد الغين منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .222‬ميكن تسجيل بعض املظاهر األخرى كزيارة املقابر واألضرحة والقيام ببعض الطقوس اليت ال متت‬
‫لإلسالم بأي صلة‪ ،‬كعادة خروج األطفال جلمع النقود‪ ،‬وهم حيملون عظم كبش واملسمى عندهم ب "عيشور‪ -‬عيشوري"‪ ،‬والذي حيتفظ به من عيد‬
‫األضحى‪ ،‬مث يدكفن هذا العظم يف طقوس احتفالية خاصة هبم‪ ،‬مث عادة قص شعر الفتيات ليلة عاشوراء اعتقادا منجن بربكة عاشوراء‪ ،‬إن الفكرة اجلوهرية‬
‫اليت ميكن استخالصجا هنا أن األساطري واملعقدات القدمية متت احملاكفظة على جزء منجا وتعايشت مع الوجود اإلسالمي باملنطقة‪ ،‬وهو ما منح الطقوس‬
‫والسلوكات شرعيتجا ما أسجم يف جتذر اخلراكفة‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫يصري يف اعتقادهم ماءا مطجرا شاكفيا‪ ،‬أما تراب الضريح كفيصبح معاجلا ورادا لكل سوء‪ ،1‬لقد سبقت اإلشارة إىل‬
‫ظاهرة التشايف برتاب القبور واألضرحة يف الفصل األول‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬المولد النبوي‪.‬‬
‫بدأت ظاهرة االحتفال باملولد النبوي يف املغرب اإلسالمي أيام الدولة الفاطمية مبصر‪ ،‬منذ عجد اخلليفة املعز‬
‫لدين اهلل الفاطمي (‪201-222‬هـ‪971-912/‬م) الذي سن للمجتمع املصري االحتفال بستة مواليد وهي‪:‬‬
‫مولد النيب ﷺ يف الثاين عشر من شجر ربيع األول‪ ،‬ومواليد آل البيت رضي اهلل عنجم‪ ،2‬وأول من سن هذه املبادرة‬
‫يف املغرب اإلسالمي هو أمري سبتة الشيخ الفقيه احملدث أبو العباس أمحد بن حممد بن أمحد بن أمحد العزيف‬
‫اللخمي السبيت (‪022-117‬هـ‪2121-2202/‬م)‪ ،3‬وألف يف ذلك كتاب بعنوان "الدر املنظم يف مولد النيب‬
‫املعظم"‪ 4‬لكنه تويف قبل إكماله كفأمته ابنه من بعده‪ ،‬وهو الشيخ أبو القاسم حممد (‪077-022‬هـ‪-2110/‬‬
‫‪2171‬م)‪ ،‬وعلل سبب مبادرته لالحتفال هبذا املولد ملشاركة وتقليد مسلمي األندلس للمسيحيني يف كثري من‬
‫مظاهر حياهتم واحتفاالهتم‪ ،‬من ذلك عيد املسيح وامتداد هذه الظاهرة ملدن العد َوة األندلسية‪.5‬‬
‫انطالقا من تعلق سكان املغرب األوسط بدين اإلسالم وتصديقجم بالرسول احلبيب ألِفوا ختليد ذكرى‬
‫مولده بطقوس ختتلف من منطقة إىل أخرى‪-‬على أن هذه االحتفاالت كانت منكرة وغائبة يف احلجاز‪ ،-‬معتربين‬
‫الثاين عشر من ربيع األول عيدا رمسيا ال جيوز االشتغال كفيه‪ ،‬كفرتاهم يستعدون لقدومه بأيام من خالل كنس الدور‬

‫‪ -1‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪09‬؛ حنان‪ ،‬محودا‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪ - 2‬حسن‪ ،‬السندويب‪ :‬تاريخ االحتفال باملولد النبوي من عصر اإلسالم األول إىل عصر كفاروق األول‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ :‬مطبعة االستقامة‪ ،2921 ،‬وهي‬
‫مواليد علي ابن أيب طالب(‪ 12‬قبل اهلجرة‪000/‬م)‪ ،‬احلسن بن علي(‪2‬هـ‪012/‬م)‪ ،‬احلسني بن علي(‪2‬هـ‪011/‬م)‪ ،‬كفاطمة بنت الرسول ﷺ (‪ 27‬قبل‬
‫اهلجرة‪ 001/‬م)‪ ،‬وآخر هذه االحتفاالت مولد اخلليفة الفاطمي احلاضر‪ .‬تقي الدين‪ ،‬أبو العباس أمحد بن علي املقريزي (ت‪121‬هـ‪2222/‬م)‪ :‬كتاب‬
‫املواعظ واالعتبار بذكر اخلطط واآلثار املعروف باخلطط املقريزية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة األوكفست‪ :‬مؤسسة احلليب وشركاؤه ‪( ،‬د‪.‬ت)‪290،292/2،‬؛ عبد‬
‫العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪.171-172 /2 ،‬‬
‫‪ - 3‬العزيف صاحب سبتة هو الذي سن ذلك يف بالد املغرب‪ ،‬وأتى بزلفى تدينه إىل اهلل وتقرب واقتفى الناس سنته‪ ،‬وتقلدوا منه تعظيما للجانب الذي‬
‫وجب له السمو والعلو‪ .‬املقري‪ :‬أزهار الرياض يف أخبار عياض‪ ،‬تح‪ :‬مصطفى السقا وآخرون‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة جلنة التأليف والرتمجة والنشر‪2929 ،‬م‪،‬‬
‫‪122/2‬؛ « أول من أحدث ليايل املولد يف املغرب ما وضعه العزيف يف ذلك واختاره وتبعه يف ذلك ولده الفقيه أبو القاسم» الونشريسي‪ :‬املعيار‪،‬‬
‫‪121/1‬‬
‫‪ - 4‬جتدر اإلشارة إىل وجود مؤلفات حول املولد النبوي واالحتفال ب قبل هذا الكتاب كفقد ألف أبو احلسن أمحد بن عبد اهلل البكري‬
‫(ت‪110‬هـ‪102/‬م) كتاب‪ :‬األنوار ومفتاح السرور واألكفكار يف مولد النيب املختار ﷺ‪ ،‬وكان يقرأ يف سوق الكتبيني املقريزي‪ :‬مصدر سابق‪.292/1 ،‬‬
‫‪ - 5‬صابرة‪ ،‬خطيف‪ :‬كفقجاء تلمسان والسلطة الزيانية‪ ،‬ط‪ ،02‬جسور للنشر والتوزيع‪ :‬اجلزائر‪1022،‬م‪،‬ص‪122، 120‬؛ حممد‪ ،‬املنوين‪ :‬ورقات عن‬
‫حضارة املرينيني‪ ،‬ط‪ ،2‬الرباط‪ :‬منشورات كلية اآلداب ‪ -‬الدار البيضاء‪ :‬مطبعة النجاح اجلديدة‪1000 ،‬م‪ ،‬ص ‪ 112‬؛ عبد اهلادي‪ ،‬التازي ‪" :‬ملاذا‬
‫عيد املولد يف الغرب االسالمي"‪ ،‬جملة دعوة احلق‪ :‬اململكة املغربية‪ ،‬ع ‪ ،2919 ،177‬ص‪.10‬‬

‫‪171‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫وطالء اجلدران واقتناء الطعام‪ ،‬وتتناكفس النساء يف إعداد احللويات من خمتلف األشكال واألذواق بل هناك من‬
‫يسارع لشراء مالبس جديدة لألطفال واألهل حىت صارت مظجرا من مظاهر التباهي بني األسر‪.‬‬
‫وجرت العادة ببعض املناطق باملغرب األوسط أن يبدأ االحتفال منذ حلول مغرب ليلة املولد حيت تتداخل‬
‫أهازيج الفرحة برتاتيل األذكار واألدعية‪ ،‬إذ جيتمع الرجال باملساجد لتالوة بعض سور القرآن والتذكري بالسرية‬
‫النبوية واستحضار قصائد الربدة واهلمزية وقصائد القاضي عياض‪ ،‬وغريها وكان االحتفال يستمر إىل غاية الفجر‪،‬‬
‫بينما كانت بعض النسوة جتتمعن بإحدى الدور وبعد تذكري إحداهن خبصال النيب وبعض من مالمح سريته‪ ،‬كن‬
‫يشرعن يف اإلنشاد والذكر بشكل مجاعي وباستعمال آالت موسيقية كالبنادير والتعاريج وغريها‪.1‬‬
‫ميكن القول أن الناس اكفرتقوا يف هذا األمر إىل كفريقني‪ :‬كفريق ينكر االحتفال وينكر على من يفعله‪ ،‬لعدم كفعل‬
‫السلف إياه وال جميء أثر يف ذلك‪ ،‬ومن املنكرين الونشريسي(ت‪922‬هـ‪2109/‬م) يف معياره‪ ،‬وكفريق يراه جائزاً‬
‫لعدم النجي عنه‪ ،‬ولكل حجته يف هذا‪ ،‬وال أنسى هنا أن التأثري املريين كان واضحا‪ ،‬ومع هذا تبىن كفقجاء تلمسان‬
‫مبادرة االحتفال باملولد النبوي الشريف ومنجم الفقيه املتصوف أيب احلسن التنسي(ت‪199‬هـ‪2292/‬م) الذي‬
‫خرج من تلمسان يف سفارة أليب يعقوب يوسف أيام حصاره لتلمسان‪ ،‬وحضر االحتفال باملولد النبوي وباليوم‬
‫السابع منه بناءً على رغبة السلطان‪ ،2‬ومنجم ابن عباد الذي أباح عمل املولد وابن مرزوق‪ ،‬بدليل تأليفه كتاب‬
‫أمساه جنا اجلنتني يف شرف الليلتني‪.3‬‬
‫وهناك الفقيه أبو موسى عيسى بن اإلمام وهو من كبار كفقجاء ومدرسي تلمسان وممن دخل يف خدمة أيب‬
‫العباس‬ ‫أيب‬ ‫مبادرة‬ ‫استحسن‬ ‫ممن‬ ‫كفجو‬ ‫املريين(‪729-722‬هـ‪2221-2222/‬م)‪،‬‬ ‫احلسن‬
‫العزيف(ت‪022‬هـ‪2121/‬م) وابنه أيب القاسم (ت‪077‬هـ‪2171/‬م) ردا على من أنكروا ذلك من كفقجاء‬
‫املغرب‪.4‬‬
‫لقد حتدث الفقيه ابن مرزوق اخلطيب(ت‪712‬هـ‪2279/‬م) بإعجاب حول عناية أيب احلسن‬
‫املريين(‪729-722‬هـ‪2221-2222/‬م) الشديدة باملولد النبوي‪ ،‬كفجو من املؤيدين واملداكفعني عن االحتفال‬

‫‪ - 1‬للمزيد ينظر حممد‪ ،‬أديوان‪ :‬الثقاكفة الشعبية املغربية (الذاكرة واجملال واجملتمع)‪ ،‬الرباط‪ :‬مطبعة سلمى‪1001 ،‬م‪ ،‬ص ‪ 220‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -2‬صابرة‪ ،‬خطيف‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫‪ -3‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.171/22 ،‬‬
‫‪ -4‬صابرة‪ ،‬خطيف‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬

‫‪172‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫باملولد النبوي الشريف ويكفي دليال عنوان مصنفه «جىن اجلنتني يف شرف الليلتني» ويقصد هبما ليلة القدر وليلة‬
‫‪1‬‬
‫املولد النبوي‪.‬‬
‫وحيتج منكري هذا االحتفال ممن يقولون بعدم جوازه واعتباره من البدع احملرمة شرعا‪ ،‬حبديث النيب ﷺ‪« :‬من‬
‫أحدث يف أمرنا ما ليس منه كفجو رد»"‪2‬وقوله‪« :‬كل حمدثة بدعة وكل بدعة ضاللة وكل ضاللة يف النار‪،»3‬‬
‫باإلضاكفة إىل وجود اختالف يف تاريخ مولده ﷺ إذ ال يستطيع أحد أن جيزم بأن مولد الرسول عليه الصالة‬
‫والسالم يف الثاين عشر من ربيع أول‪ ،‬كفقد كان العرب يؤرخون باحلوادث‪ ،‬والثابت أن النيب ﷺ ولد يوم االثنني من‬
‫ربيع أول عام الفيل‪ ،‬ولكن تاريخ والدته عليه السالم خمتلف كفيه واملوثوق كفيه واملؤكد هو تاريخ وكفاته يف الثاين عشر‬
‫من ربيع أول‪ ،‬ألن املذاهب املخالفة للسنة النبوية هي من ابتدعت االحتفال باملولد النبوي‪.‬‬
‫وهناك كفريق آخر أجاز االحتفال باملولد النبوي بصورة مقبولة أو حماكفظة كمجرد ذكرى طيبة يف شجر ربيع‬
‫األول‪ ،‬يتم كفيجا دراسة سرية النيب الكرمي ﷺ والتقرب إىل اهلل تعاىل ببعض الطاعات ومنجا صوم ذلك اليوم‪ ،‬دون‬
‫تشجيع على االحتفاالت املنكرة اليت يتم كفيجا ارتكاب بعض املخالفات‪ ،‬من مدح مبالغ كفيه للنيب ﷺ‪ ،‬وركفعه كفوق‬
‫منزلة العبودية أو النبوة‪ ،‬ومن وقوع االختالط املذموم واملنكرات‪ ،‬والرقص واستعمال آالت املالهي وغري ذلك من‬
‫مظاهر صارت مشجورة ومعروكفة تقام كل عام‪ ،‬وأجازوا اختاذه يوم شكر وعبادة وصالة على النيب والذكر وهو من‬
‫القربات املشروعة يف مجيع األوقات‪ ،4‬ويستدل أصحاب هذا االجتاه حبديث الرسول ﷺ إجابة ملن سأله عن صيام‬
‫يوم االثنني كفقال‪" :‬ذلك يوم ولدت كفيه وأحب أن أبعث كفيه"‪.5‬‬
‫ِ‬
‫أما من عارض كفقد حاجج بأنه لو كان يف االحتفال خرياً ملا قال الرسول ﷺ‪" :‬ال تطر ِوين َك َما أَطَرت الن َ‬
‫َّص َارى‬
‫يسى اب َن َمرَميَ"‪ ،‬ورغم مواكفقة بعض علماء تلمسان على احتفاالت املولد النبوي وتفضيل هذه الليلة على ليلة‬ ‫ِ‬
‫ع َ‬
‫القدر‪ ،‬كما ذهب إىل ذلك اخلطيب ابن مرزوق (ت‪712‬هـ‪2279/‬م)‪ ،‬كفإن علماء آخرين عارضوا بعض‬
‫السلوكات املصاحبة هلذه االحتفاالت‪ ،‬واعترب املفيت أمحد الونشريسي (ت‪927‬هـ‪2101/‬م) اختاذ الطعام‬
‫خمصوص من املولد النبوي يف بعض االحتفاالت بدعة من البدع‪ ،‬وأنكر اجتماع النساء والرجال به‪. 6‬‬

‫‪ -1‬ابن مرزوق‪ :‬املسند‪ ،‬ص ‪.212 ،211‬‬


‫‪ - 2‬البخاري‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.1097‬‬
‫‪ - 3‬مسلم‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.107‬‬
‫‪ -4‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪110/22 ،‬؛ ابن مرزوق‪ :‬املسند‪ ،‬ص ‪.212 ،212‬‬
‫‪ -5‬مسلم‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.2201‬‬
‫‪ -6‬الونشريسي‪ :‬املصدر السابق‪ 110/22،‬و ‪.229 /1‬‬

‫‪173‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫ورغم ما أثاره االحتفال من تعارض بني الفقجاء إال أن سالطني املغرب األوسط اعتادوا االحتفال باملولد النبوي‬
‫يف قاعة كربى من قصر املشور‪ ،‬وجيلس السلطان وقرابته وحاشيته يف أمجل مالبسجم كفيستمعون للمدائح الدينية‬
‫وقراءة القرآن‪ ،1‬كما اعتاد الناس هبذه املناسبة اخلروج والزغردة كفوق األسطح ساعة من الزمن‪ ،‬أما الرجال كفأهنم‬
‫جيتمعون بعد صالة العصر أو املغرب باملساجد اجلامعة حول مجاعة من الطلبة الذين ينشدون منظومة الشيخ‬
‫العروسي (ت‪177‬هـ‪2272/‬م) يف مدح النيب ﷺ وعادة ما تدوم أربعة وعشرون يوما ألن املنظومة مقسمة من‬
‫أربعة وعشرين جلسة وتدوم القراءة مصحوبة بالتصلية على النيب ﷺ ساعة من الزمن‪.2‬‬
‫كما نظموا القصائد واملدائح لالحتفال‪ ،‬وهو املنعطف التارخيي والثقايف الذي شجد ظجور قصيدة الربدة‪،3‬‬
‫واجتماع الناس يف املسجد واالنشاد بالقراءة اجلماعية للقرآن الكرمي واألمداح وحبلقات الذكر‪ ،‬والتوجه إىل قرية‬
‫العباد‪ ،4‬ويعترب أمرا ال بد منه ألصحاب الزوايا لزيارة ضريح الشيخ أيب مدين بن شعيب (ت‪192‬هـ‪2291/‬م)‪،‬‬
‫وهم يذكرون بأصوات عالية ذهابا وإيابا‪ ،‬كفتثري إعجاب الناس بكثرة وخاصة إذا ما ميز ذلك قرع الطبول‬
‫واستخدام املزامري للعزف‪ ،5‬إضـاكفة إىل إشعال الشموع وترديد الشعر الذي عرف باملولديات أو املديح النبوي‪،‬‬
‫وهو كفن أديب نشأ يف البيئات الصوكفية‪ ،6‬أما الصبيان كفيشرتون الشمع ويقدمونه ملؤدبيجم يف الكتاتيب‪ ،7‬وبدأ هذا‬
‫التقليد يف تلمسان منذ عجد السلطان أيب محو موسى الثاين(‪791-700‬هـ‪2219-2217/‬م)‪ ،‬وحسب صف‬
‫التنسي(ت ‪199‬هـ ‪2292 /‬م) يف نظم الدر حول هذا االحتفال قال‪ «:‬وحيتفل هلا مبا كفوق سائر املواسم‪،‬‬
‫يقيم مدعاة حيشد هلا األشراف والسوقة»‪ ،‬وتبدو مظاهر االحتفال يف تلمسان من خالل الزينة والشموع واملرشات‬

‫‪ - 1‬ابن األمحر‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.10-29‬‬


‫‪ - 2‬حممد‪ ،‬بن رمضان الشاوش‪ :‬باقة السوسان‪.29-27 /1 ،‬‬
‫‪ - 3‬شرف الدين‪ ،‬أيب عبد اهلل حممد بن سعيد الصنجاجي البصريي (ت‪090‬هـ‪2190/‬م) ديوان البصريي‪ ،‬تح‪ :‬حممد سيد الكيالين‪ ،‬ط‪ ،2‬مصر‪:‬‬
‫مطبعة مصطفى البايب احلليب‪2911 ،‬م‪ ،‬ص‪ . 229-227‬وقد ساهم التصوف يف ذيوع قصيدة الربدة ويف انتشارها بني اخلاصة والعامة‪ ،‬وهي القصيدة‬
‫املعروكفة اليت نظمجا يف مدح النيب ﷺ ‪ ،‬وعنواهنا الكامل "الكواكب الدرية يف مدح خري الربية" وهلا اسم آخر هو الربوة قيل ألنه برء يجا من علته‪،‬‬
‫باإلضاكفة إىل قصائد أخرى أمهجا‪ :‬ذخر املعاذ وتقديس احلرم من تدنيس الضرم ‪ ،‬ومن بني الشروح الكثرية اليت خصصجا علماء املغرب األوسط هلذه‬
‫القصيدة نذكر ثالثة شروح البن مرزوق احلفيد الشرح األكرب‪ -‬الشرح األوسط‪ -‬الشرح األصغر‪ .‬حممود‪ ،‬بوعياد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ -4‬مبارك‪ ،‬بن حممد امليلي‪ :‬مرجع سابق‪.212/1 ،‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪.10 /1 ،‬‬
‫‪ - 6‬زكي مبارك‪ :‬املدائح النبوية يف األدب العريب‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الشعب ‪2972 ،‬م‪ ،‬ص ‪ 22‬ـ ‪. 21‬‬
‫‪ - 7‬املعيار‪ 171/22 :‬و ‪ . 29-21/21‬اعترب ايقاد الشمع ليلة املولد وسابعه وما يف ذلك من أنواع املفاسد‪ ،‬وقد تصدى لتغيري ذلك أبو عبد اهلل‬
‫حممد بن مرزوق كفانقطعت تلك املفاسد من تلمسان طول حياته مث عادت مبوته بل زادت‪ .‬نفسه ‪.271-272/1‬‬

‫‪174‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫يف الشوارع واألطفال احلاملني للمباخر‪ ،‬أما داخل قصر املشور كفتلبس أثواب احلرير وتضاء الشموع والثريات‪،1‬‬
‫ويدور األطفال باملباخر واملرشات على احلضور حىت تفوح الرائحة الزكية وتعرض على احلضور ميقاتة املنجانة‬
‫الشجرية أو املنكانة‪ ،2‬اليت تدق كلما مرت ساعة من الليل‪.3‬‬
‫وكمظجر آخر لالحتفال باملولد النبوي كثرت السري واآلداب الشعبية اليت ختاطب الوجدان‪ ،‬ويضم هذا الفضاء‬
‫الوجداين كتب املرائي النبوية ومعراجات األولياء واألنبياء والبطوالت املأثورة عن الصحابة أو اخللفاء الراشدين‪،‬‬
‫وظجرت لنا املولديات‪ 4‬واليت احتلت مكانة هامة يف الشعر الزياين خاصة شعر أيب محو الثاين(‪-700‬‬
‫‪791‬هـ‪2219-2217/‬م) وقد أورد منجا صاحب بغية الرواد إحدى عشر قصيدة نظمجا أبو محو‬
‫بينسنيت(‪772-700‬هـ)‪ ،5‬كما أشار مؤرخي الدولة الزيانية باملغرب األوسط‪ ،‬إىل اهتمامه باالحتفال بليلة املولد‬
‫الشريف شأنه يف ذلك شأن بين األمحر باألندلس وبين مرين بفاس وغريهم من السالطني‪.6‬‬
‫قال التنسي(ت ‪199‬هـ‪2292 /‬م)‪ «:‬كان أبو محو‪ -‬موسى الثاين ( ‪791-700‬هـ‪2219-2217/‬م)‬
‫يقوم حبق ليلة مولد املصطفىﷺ وحيتفل هلا مبا هو كفوق سائر املواسم يقيم مدعاة حيشر هلا األشراف والسوقة‬

‫‪ - 1‬التنسي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪201‬؛ وابن مرزوق‪ :‬املسند‪ ،‬ص‪.212‬‬


‫‪ -2‬املنجانة أو املنقانة أو امليقاتة أو املنغالة أو املنكانة‪ :‬كلمة املنجانة أو املنقانة أو املنكة معناها الساعة والكلمة حسب دوزي أصلجا بنكان كلمة‬
‫كفارسية معناها آلة كان القدماء يقيسون هبا الزمن وعند أهل تلمسان تعين ساعة احلائط الكبرية‪ ،‬جاء يف املقتبس البن حيان‪ « :‬وعمل عباس بن كفرناس‬
‫(ت‪172‬هـ‪117/‬م) اآللة املسماة املنقالة ملعركفة األوقات كفأحكمجا وركفعجا إىل األمري حممد بن عبد الرمحان ونقش كفيجا هذه األبيات‪:‬‬
‫ِ‬
‫صالَة‬
‫اب َعنكم َوقت ك ِّل َ‬ ‫أالَ إن َّين للدِّي ِن َخيـر أ ََداة *** إذ َغ َ‬
‫ك الظلم ِ‬
‫ات‬ ‫وَمل تـر َمشس بالنـَّجا ِر ومل تنِر *** َكواكِب لَيل حالِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صالَة »‪ .‬أيب مروان ابن حيان القرطيب‪ :‬املقتبس يف أخبار بلد األندلس‪ ،‬تح‪ :‬عبد الرمحان علي‬ ‫َّ‬ ‫بِيم ِن أم ِري املسلم َ‬
‫ني حمَ َّمد *** َجتَلت َع ِن األوقَات ك ُّل َ‬
‫حجي‪ :‬بريوت‪ :‬دار الثقاكفة للنشر والتوزيع‪2901 ،‬م‪ ،‬ص‪ . 210‬وورد يف البغية‪ :‬أن من اخرتعجا هو العامل الرياضي أبا احلسن علي بن أمحد املعروف‬
‫بابن الفحام(ت‪711‬هـ‪2217/‬م)‪ ،‬هو خمرتع هذه الساعة الدقاة ويقول عنه حيي بن خلدون‪ :‬أعرف أهل زمانه بفنون التعاليم سبط سلف صاحل ظجر‬
‫على يديه من األعمال اهلندسية املنجانة املشجورة باملغرب‪10/1 ،‬؛ التنسي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ -3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.201‬‬
‫‪ -4‬حول شعر املولديات أنظر‪ :‬مقال "حركة الشعر املولدي يف تلمسان يف عجد أيب محو الثاين" لعبد امللك مرتاض‪ ،‬جملة األصالة‪ ،‬مج‪ ،22‬ع‪،10/‬‬
‫اجلزائر‪ :‬منشورات وزارة الشؤون الدينية واألوقاف‪1022 ،‬م‪ ،‬ص ص‪.221-222‬‬
‫‪ - 5‬قال التنسي ملا حتدث عن شعر أبو محو‪ ،‬وما قاله املوىل أبو محو وقيل كفيه من الشعر كثري ال حيتمله هذا اجملموع وحنن جنمعه إن شاء اهلل يف كتاب‬
‫خيتص به بعد كفراغنا من هذا اجملموع‪ .‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ . 271‬ومعناه يوجد كتاب آخر يف األمداح والقصائد عنوانه‪ :‬راح األرواح كفيما قاله املوىل أبو‬
‫محو من الشعر وقيل كفيه من األمداح وما يواكفق ذلك حسب االقرتاح مفقود‪ .‬نقل عنه املقري يف نفح الطيب ‪121-122/0‬؛ أزهار‬
‫الرياض‪ . 122-122/2،‬وقد أورد عبد احلميد حاجيات مجيع هذه القصائد حتت عنوان الشعر الديين يف مؤلفه عن أبو محو من ص ‪ 222‬إىل‬
‫ص‪.212‬‬
‫‪ -6‬املقري‪ :‬نفح الطيب ‪ 121-121/9:‬وأنظر أيضا أزهار الرياض‪.121-122/2 :‬‬

‫‪175‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫وأعيان احلضرة على مراتبجم‪ ،‬تطوف عليجم ولدان قد لبسوا أقبية اخلز امللون‪ ،‬وبأيديجم مباخر ومرشات ينال منجا‬
‫كل حبضه‪ ،»1‬وملا جاء مولد ‪ 21‬ربيع األول ‪701‬هـ‪ 12 /‬جانفي ‪2202‬م‪ «:‬أمر أبو محو الثاين بإقامة هذه‬
‫الليلة الشريفة املخصوصة باألسرار اللطيفة‪ ،‬كفضاعف كفيجا اإلنفاق وزاد بزيادة امللك من كل ما حسن وراق‪،‬‬
‫كفكانت ليلة را ئقة اجلمال بديعة االحتفال‪...‬أكفاد املرائح الشعراء وواسى املزمزين الفقراء‪ ،‬وتليت األمداح صورا على‬
‫الشادين ونثرت دررا بصناعة األستاذين‪.»2‬‬
‫ميكن القول أن الطقوس االحتفالية باملولد النبوي الشريف بعد أبو محو موسى الثاين (‪-700‬‬
‫‪791‬هـ‪2219-2217/‬م) مل ختتلف كثريا إذ واصل أبنائه األمراء الزيانيني على سنة والدهم كفيما كان خيصصه‬
‫هلذا االحتفال‪ ،3‬كففي يف عجد أيب تاشفني الثاين (‪791-791‬هـ‪2212-2219/‬م) كفكان حيتفل لليلة مولد‬
‫املصطفى من دوحته يوليه حماربة األعداء‪ ،4‬واستمر االحتفال باملولد النبوي يف املغرب األوسط كحدث مقدس‬
‫باهى كفيه السالطني يف التوسعة يف الطعام والشراب وتوزيع اهلدايا ملدة سبع ليايل متواصلة‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬يوم الجمعة‪.‬‬
‫وصالهتا واحلث على أدائجا واحلفاوة هبا من اغتسال وطيب وتبكري إليجا‪ ،‬ولكن من غــري‬
‫عين اإلسالم بيوم اجلمعة َ‬
‫غلو وال إكفراط‪ ،‬ولذا جند أن سكان املغرب األوسط وكعادهتم يف االحتفاء بأيام خمصوصة لقداستجا عندهم‪،‬‬
‫كفاهتمامجم بيوم اجلمعة اعتقادا منجم أنه يــوم آدم عليه السالم كففيه خلق‪ ،‬وكفيه خلقت الروح‪ ،‬وكفيه أسكن اجلنة‪،‬‬
‫يب عليه‪ ،‬ومن التقاليد اليت أحدثت يف يوم اجلمعة واليت اعتربت من البدع‪ ،‬قراءة‬ ‫ِ‬
‫وكفيه أنزل إىل األرض‪ ،‬وكفيه تـ َ‬
‫القرآن مجاعة‪ ،5‬واحلقيقة أهنا مباحة إذا كانت سليمة غري حمركفة‪ ،‬وكذا بقراءة "احلزب" الذي َّ‬
‫رمسته الدولة املوحدية‬
‫واليت استمر بعدها‪ ، 6‬وقد اعتاد الناس يف هذا اليوم أهنم خيصصون يوم اجلمعة بعد الصالة على الزيارات ومبا‬

‫‪ -1‬التنسي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.201‬‬


‫‪ -2‬نفسه‪ ،‬ص‪.291‬‬
‫‪ -3‬أوصى أبو محو موسى الثاين ( ‪791-700‬هـ‪2211-2211/‬م) ويل عجده السلطان أبو تاشفني الثاين ( ‪791-791‬هـ‪2291-2211/‬م)‬
‫بإقرار هذه الشعرية بقوله‪ « :‬يا بين عليك بإقامة شعائر اهلل عز وجل وابتجل إليه يف مواسم اخلري وتوسل واتبع شأننا يف القيام بليلة مولد النيب عليه‬
‫السالم واستعد هلا ما تستطيع واجعله سنة مؤكدة يف كل عام »‪ ،‬أبومحو موسى‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.207‬‬
‫‪ - 4‬التنسي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ - 5‬للمزيد حول موقف املذهب امللكي من هذه البدعة ينظر‪ :‬مصطفى‪ ،‬باحو‪ :‬علماء املغرب ومقومتجم للبدع واملتصوكفة والقبورية واملواسم‪ ،‬ط‪،02‬‬
‫جريدة السبيل‪ :‬تونس‪1007 ،‬م‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -6‬وهو من البدع املستحسنة حسب ما ورد يف املعيار‪.202/1 ،‬‬

‫‪176‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫تقتضيه هذه املناسبة العظيمة يف نفوسجم كفقد كانت هلا قدسية خاصة‪ ،‬كفأبو عبد اهلل حممد بن حممد بن أيب بكر‬
‫ابن مرزوق كان يزور إخوانه يف اهلل بعد صالة اجلمعة مبسجد تلمسان القدمية‪.1‬‬
‫من خالل دراسيت ملظاهر املقدس يف الطقوس االحتفالية باملغرب األوسط‪ ،‬تبني يل أهنا كانت حتظى مبكانة‬
‫خاصة يف نفوسجم‪ ،‬رغم ما شاهبا من طقوس جانبت مبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬لكن عكست يف جمملجا‬
‫متسكجم بإحياء املناسبات الدينية وبكل ما يصاحبجا من عادات وتقاليد وأعراف‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬دورة الحياة وطقوسها‪.‬‬
‫عرف جمتمع املغرب األوسط جمموعة من الظواهر الطقوسية ذات اخلصوصيات االجتماعية واألنثروبولوجية‪،‬‬
‫واليت ترتبط بدورة احلياة من والدة وعقيقة وختان وخطبة وزواج واملوت وغريها‪ ،‬واليت غالبا ما ارتبطت بتحوالت‬
‫بيولوجية يف احلياة واليت أحدثت حتوالت يف الوضعية االجتماعية وأحيانا يف العالقات االجتماعية للشخص املعين‬
‫هبا ‪ ،2‬وتعد هذه الطقوس مكونا رئيسيا من مكونات اهلوية والذهنية اليت ميزت اجملتمع‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الوالدة‪.‬‬
‫الوالدة هي التحول األول الذي ي طرأ على اإلنسان‪ ،‬إذ ينتقل مبوجبه من عامل ما قبل احلياة إىل عامل احلياة‪،‬‬
‫والذي يعرب عن اهلوية اجلماعية للمجموعة البشرية اليت ينتمي إليجا املولود اجلديد‪ ،‬وميثل كفيجا قطع احلبل السري‬
‫الذي يربط بني املولود وأمه بداية طقوس العبور‪ ،‬ويصنف هذا الفعل ضمن طقوس اإلنفصال‪ ،3‬كفالوالدة والوضع‬
‫مها التجربة الكونية الصغرى لعمل منوذجي مكتمل باألرض‪ ،‬وكانت العادة عند بعض األسر بوضع الوليد اجلديد‬
‫على األرض‪ ،‬كفاملولود ما أن يولد ويقمط حىت يوضع حاال على األرض ( على األرض األم) وبعدئذ يركفع من قبل‬
‫األب بإشارة اعرتاف‪ ،4‬هذا األمر يف األصل كان سابق إلسالم ساكنة جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬وتعرب تلك‬
‫الطقوس كممارسات اجتماعية عن عمق هويتجم وثقاكفتجم‪.‬‬
‫شجدت طقوس الوالدة يف املغرب األوسط استعدادات خاصة الستقبال املولود اجلديد‪ ،‬وجتدر اإلشارة إىل أن‬
‫الزوج كان حيبذ إجناب الذكور على اإلناث إلعانتجم له على أعباء احلياة يف املستقبل‪ ،‬هذا ما كان شائعا يف‬
‫اعتقادهم ذلك الوقت‪ ،‬وهلذا الغرض استخدم الناس طرق بسيطة وبدائية لتحديد جنس املولود‪ ،‬كالقول حبركة‬

‫‪ -1‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.211‬‬


‫‪ -2‬عبد احلميد‪ ،‬بوهاها‪ :‬طقس العبور‪ ،‬ص ‪22‬؛ براهم عصام و زازوي موكفق‪ " :‬جدلية الذكورة واألنوثة يف العائلة التقليدية من خالل طقوس العبور"‪،‬‬
‫جملة املواقف للبحوث والدراسات يف اجملتمع والتاريخ‪ ،‬جملد‪-22‬ع‪ /01‬جوان ‪ ،1029‬ص‪ ،.201-11‬ص ‪.92‬‬
‫‪ -3‬عمار‪ ،‬بن طوبال‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪20‬‬
‫‪ - 4‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص ‪.200‬‬

‫‪177‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫اجلنني الذكر قبل األنثى‪ ،‬وبتموضع الذكر من ججة اليمني أما األنثى كفتتموقع ججة اليسار‪ ،‬باإلضاكفة إىل أنه‬
‫خالل كفرتة احلمل عمل الزوج على تلبية رغبات زوجته‪ ،‬وخاصة ما تشتجيه من مأكوالت حىت لو كان أمر جلبجا‬
‫صعبا‪ ، 1‬وتدعى هذه الفرتة بفرتة الوحم أو الوحام‪ ،‬وعند ازدياد املولود حيتفل أهله‪ ،‬كفتذبح الشاة لليوم السابع بعد‬
‫الوالدة وتسمى "العقيقة"‪ ،2‬ومن عادات هذا اليوم ختضيب يد املولود باحلناء‪ ،3‬وسنتعرف على العادات االحتفالية‬
‫مبناسبة العقيقة بشكل موسع يف العنصر املوايل‪.‬‬
‫قصدت بعض النساء ممن استعصت عليجن الوالدة األضرحة والزوايا‪ ،‬العتقادهن بقدرهتا على التخفيف من‬
‫أآلم املخاض وتسجيل عملية الوالدة‪ ،‬وكذلك كان أن مؤدب الكتاب يقوم بإرسال الصبيان يطلقون رداءً ميسكون‬
‫بأطراكفه ويتجولون يف طرق املدينة مرددين بعض الدعوات‪ ،‬وأثناء قيامجم هبذا العمل يلقي أصحاب الدكاكني‬
‫واملارة التني والبيض والدراهم‪ ،4‬ومير الصبية بأضرحة الصاحلني باملدينة ويغطسون الرداء يف السواقي والصجاريج‬
‫حىت تنكسر بيضة أو عدد من البيض املوجود يف الرداء‪ ،‬كفيعتقدون أن احلامل قد وضعت وختلصت من أوجاعجا‬
‫كفيعودون‪ ،‬ويستحوذ املؤدب على ما كفيه من مواد ودراهم‪.5‬‬
‫بعد الوالدة يبدأ أول طقس قويل (اآلذان) يف أذن املولود اليمىن محاية له من األذى وإبعاد األرواح الشريرة‪،‬‬
‫وتبدأ بعدها وكفود املجنئني بالقدوم للمباركة وإبداء الفرحة باملولود اجلديد‪ ،‬واعتاد الناس هبذه املناسبة تقدمي اهلدايا‬
‫ألهل املولود‪ ،‬وكانت بعض األسر تتعامل مع ميالد الذكور عكس ميالد اإلناث كما سبقت اإلشارة‪ ،‬ومنه كفميالد‬
‫الذكر كان مدعاة الفرحة والسرور يف األسرة أكثر من ميالد األنثى‪ ،6‬ومبناسبة االحتفال مبيالد األطفال مت إعداد‬
‫حلوى املدائن الكبرية اليت حتتوي على أصناف من الفواكه وهذا النوع من احللويات صنع يف األسر الثرية دون‬
‫غريها‪.‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم‪ ،‬القادري بوتشيش‪ :‬املغرب واألندلس‪ ،‬ص‪.22-22‬‬


‫‪ -2‬جتدر االشارة هنا إىل أن االعتقاد السائد يف املخيال اجلمعي أن انقطاع النفساء عن أداء العبادات لنجاسة دم النفاس‪ ،‬والذي يعد مصدرا للمرض‬
‫والشر ذلك أنه مدنس والنفساء مجددة باملوت يف كفرتة النفاس‪ ،‬كفجناك قول مأثور شائع االستعمال هو‪ :‬أن النفساء قربها مفتوح يف حماولة لوصف‬
‫املرحلة اليت تكون كفيجا النفساء على عكس دم أضحية العقيقة اليت ترمز إىل احلياة والربكة والطجارة‪.‬‬
‫‪ - 3‬حممد‪ ،‬رمضان شاوش‪ :‬باقة السوسان‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -4‬إبراهيم‪ ،‬القادري بوتشيش‪ :‬املغرب واألندلس‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 6‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.222/1 ،‬‬

‫‪178‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العقيقة‪.1‬‬
‫تعد الوالدة كطقس مركزي يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬لكن تلحق به طقوس أخرى ال تقل أمهية‪ ،‬واليت هتدف‬
‫لدمج املولود داخل اجملتمع بعد والدته بتحنيكه واختيار امسه وصوال إىل طقس العقيقة وحلق شعر الرأس‪ ،‬وتبدأ‬
‫هذه الطقوس يف اليوم السابع "السبوع" والذي عادة ما يكون هو اليوم الذي يسمى كفيه املولود اجلديد‪ ،2‬كفعندما‬
‫يولد الطفل ال ميلك سوى وجود طبيعي كفلم يعرتف به بعد من قبل العائلة ومل يقبل من اجلماعة‪ ،‬والطقوس‬
‫امللحوظة مباشرة بعد الوالدة هي اليت تضفي على الوليد اجلديد حالة "احلي" مبعىن الكلمة وبفضل هذه الطقوس‬
‫كفقط يدخل يف مجاعة األحياء‪ ،3‬من هذه الطقوس جند طقس العقيقة وهي عادة إسالمية هلا مكانة متميزة يف‬
‫سلم األعراف والعادات االجتماعية إمتزج كفيجا الثقايف بالديين‪.4‬‬
‫ظجرت يف بالد املغرب عادة احتفال الناس مبولودهم حيث يعدون العقيقة لذلك‪ ،‬وتتكون من خروف أو أكثر‬
‫ونوع من احللوى ي سمى العصيدة‪ ،‬ويطعم من ذلك الفقراء وأقارب أسرة املولود‪ ،‬ويكون االحتفال عند قص أول‬
‫خصلة من شعر الطفل‪ ،‬وتكون غالبا يف اليوم السابع من والدته‪ ،5‬كما هي السنة على األرجح‪ ،‬ويف هذا قال‬
‫الونشريسي(ت‪922‬هـ‪2109/‬م)‪ «:‬ويف ذلك اليوم تقص خصلة من شعر املولود‪ ،6‬مث يؤذَّن له يف أذنيه بقدر ما‬
‫يَسمع‪ ،‬وقد تلجأ األمجات لوضع بعض التمائم واحلروز اليت تعلق يف أعناق أوالدهن ِحفظاً هلم من العني‪ ،‬وتقام‬
‫الوليمة يف العقيقة بذبح خروف وحتضر العصيدة من الشعري ويطعم منجا األهل والفقراء من الناس‪ ،»7‬إن العادات‬

‫‪ -1‬العقيقة‪ :‬معناها لغة القطع‪ ،‬أما شرعا كفتعين الذبح عن املولود‪ ،‬وحكمجا شرعا سنة مؤكدة لقوله ﷺ وكفعله‪ ،‬أما قوله‪ :‬كفجو ما أخرجه البخاري يف‬
‫صحيحه عن سلمان الضيب قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ مع الغالم عقيقة كفأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه األذى‪ ،‬أما كفعله‪ :‬كفلحديث ابن عباس أن رسول اهلل‬
‫ﷺ عق عن احلسن واحلسني كبشا وكبشا‪ ،‬ويف رواية أخرى عن أنس كبشني ‪.100/1.‬‬
‫‪ -2‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬جدلية الذكورة‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ - 3‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ - 4‬عبد احلميد‪ ،‬بوهاها‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ - 5‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪212‬؛ ويف موضع آخر ذكر التاديل أن املتصوف أبو يلخيت األسود (ت ‪001‬هـ‪2101 /‬م) أهدى أحد الفقراء‬
‫ثورا ليطعمه أهله ألن زوجته نفست ومل جيد ما يطعمجا إياه أو يقيم به حفل العقيقة‪ ،‬النص دليل واضح على أن العديد من األسر يف املغرب األوسط‬
‫كانت تويل احتفال العقيقة أمهية خاصة‪ ،‬كما يدل على الدور البارز للمتصوكفة ومسامهتجم يف احلياة االجتماعية وتفاعلجم معجا‪ .‬ص‪ .217‬جاء يف‬
‫موطأ اإلمام مالك أن كفاطمة بنت رسول اهلل ﷺ وزنت شعر حسن وحسني وزينب وأم كلثوم كفتصدقت بزنته كفضة‪ .‬ص‪.200‬‬
‫‪ -6‬الونشريسي‪:‬املعيار‪ 11/2،‬؛ ارتبطت احلالقة يف الالوعي اجلمعي الذكوري باعتباره كفعل تطجريي ينطوي على جزء خارجي جسدي وجزء داخلي‬
‫روحي‪ ،‬كحماية من اخلطر الذي يرمز إليه الشعر حني حيلق‪ ،‬وعن الرغبة يف انتزاع الطفل من العامل األنثوي بأسرع وقت ممكن‪ ،‬لتطعيمه بالقيم الذكورية‬
‫كما أن حلق الشعر عالمة على الرغبة يف حتديد هوية املولود ودجمه يف عامل الرجولة ‪ .‬زازوي موكفق‪ :‬جدلية الذكورة‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -7‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪ .11/2،‬وكانت بعض األسر تقوم بعد ذبح بأخذ جلد الذبيحة إىل األم اليت تقوم بإدخال املولود يف جوف اجللد الذي مل يفقد‬
‫حرارته بعد مث يأيت محام املولود‪ .‬عمار‪ ،‬بن طوبال‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪179‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫املتعلقة بتعليق التمائم واحلروز ل تجنب العني احلاسدة وحلماية املولود ظلت من املعتقدات املجمة جدا واملصاحبة‬
‫للعقيقة لزمن طويل‪ ،‬إذ تركت آثارها يف بعض املناطق اليت كانت تابعة للمغرب األوسط يف العصر الوسيط إىل‬
‫يومنا هذا‪.‬‬
‫أما عن موقف الفقه من االحتفال بالوالدة والعقيقة وما صاحبجما من طقوس وعادات كفقد أجازوه واستحبوا‬
‫وب‪»1‬‬ ‫اق يـَعق َ‬ ‫اق َوِمن َوَر ِاء إِس َح َ‬ ‫اها بِِإس َح َ‬
‫ضح َكت كفَـبَشَّرنَ َ‬
‫البشارة باملولود اجلديد لقوله تعاىل‪ «:‬وامرأَته قَائِمةٌ كفَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ص ِّدقًا بِ َكلِ َمة ِم َن اللَّ ِه َو َسيِّ ًدا‬ ‫ِ‬
‫َن اللَّهَ يـبَشِّرَك بيَح ََي م َ‬
‫وقوله‪ «:‬كفَـنَ َادته الم َالئِ َكة وهو قَائِم يصلِّي ِيف ال ِمحر ِ‬
‫اب أ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٌ َ‬ ‫َ‬
‫ني‪ »2‬باإلضاكفة إىل ما سبق كفقد استحبوا حتنيكه عندما يولد مبضغ مترة مث يدلك هبا حنك‬ ‫وحصورا ونَبِيًّا ِمن َّ ِِ‬
‫الصاحل َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ً َ‬
‫املولود ملا يف الصحيحني من حديث أيب موسى رضي اهلل عنه قال‪« :‬ولد يل غالم كفأتيت النيب ﷺ كفسماه إبراهيم‬
‫وحنكه بتمرة» ‪ ،‬أما عن موقف الفقجاء من االحتفال بإقامة العقيقة للمولود كفأهنم استدلوا بقول اإلمام مالك‬
‫بوجوهبا واستحباب العمل هبا كما بني شروط الشاة اليت يعق هبا‪ ،3‬لكنه كره طعام العقيقة للصانع إذا كان من‬
‫أجل السمعة والفخر بشرط مواكفقته لليوم السابع‪ ،‬وأجاز طعامه وأكله حالل للمصنوع له‪ ،‬أما ما كان منه قبل‬
‫ذلك أو بعده كفال كراهة كفيه ألنه ال يعتد به عقيقة وال جيزئ عنجا‪ ،4‬لذا جند أن الزيانيني تناكفسوا يف إقامتجا احتفاال‬
‫منجم مبواليدهم ذكرانا كانوا أو إناث‪.‬‬
‫وإذا كان الرقم سبعة يف ثقاكفة جمتمع املغرب األوسط اليت يتجاوز كفيجا الديين واألسطوري‪ ،‬كفإن اختيار اليوم‬
‫السابع للقيام بالعقيقة وما يصاحبجا من طقوس ليس أمرا عفويا بل راجع للذهنية الدينية املرتبطة بالرقم سبعة كما‬
‫سجلناه يف ا الحتفال باملولد النبوي والذي استمر لسبع أيام‪ ،‬وجد كذلك يف طقوس العبور لسبوع املولود‪ ،‬وسبوع‬
‫العروسة‪ ،‬وسابع امليت وغريها‪ ،‬وهو نفس الشيء مع الرقم أربعني إذ يعترب اليوم األربعني آخر يوم تغلق كفيه‬
‫الطقوس املقدسة للوالدة واحتفاليتجا حيث تنجي األم النفساء ارتباطجا بالعامل السماوي‪ ،‬وحسب ما يعتقد يف‬
‫املخيال االجتماعي حول النفساء كفجي يف هذه املرحلة تقف على عتبة املقدس وتكون منتمية إىل عاملني عامل‬

‫‪ - 1‬سورة هود‪ ،‬اآلية ‪.72‬‬


‫‪ - 2‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية ‪.29‬‬
‫‪ -3‬قال اإلمام مالك‪ « :‬األمر عندنا يف العقيقة أن من عق كفإمنا يعق عن ولده بشاة شاة الذكور واإلناث وليست العقيقة واجبة ولكنجا يستحب العمل‬
‫هبا وهي من األمر الذي مل يزل عليه الناس عندنا كفمن عق عن ولده كفإمنا هي مبنزلة النسك والضحايا ال جيوز كفيجا عوراء وال عجفاء وال مكسورة وال‬
‫مريضة وال يباع من حلمجا شيء وال جلدها ويكسر عظامجا» مصدر سابق‪ ،‬ص‪.207‬‬
‫‪ - 4‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪21/1 ،‬؛ املازوين‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬

‫‪180‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫علوي مالئكي كفأبواب اجلنة مفتوحة أمام دعواهتا طيلة األربعني يوما وهي مدة النفاس‪ ،‬وعامل دنيوي ترجع كفيه إىل‬
‫حياهتا العملية أين تكون يف حالة خصوبة من جديد‪.1‬‬
‫ثالثا‪ :‬الختان‪ 2‬وإكتمال الذكورة‪.‬‬
‫اخلتان طقس مرور أساسي يتم بفضله بناء اهلوية الرجولية‪ ،‬والشروع يف استيعاب النصوص الثقاكفية املرتبطة‬
‫بالقيم الذكورية‪ ،‬وتأكيد األصل األبوي من خالل عملية غرس قيم اهلوية الذكورية ومشاعرها‪ ،‬والدمج يف عامل‬
‫الرجولة وحصول الولد على شيء من السلطة‪ ،‬وبداية التفوق على كل نساء العائلة‪ ،3‬كفاخلتان بكل ما حيمله من‬
‫دالالت اجتماعية ورموزية مباركة من طرف التصورات الدينية اليت تربطه على املستوى الشعيب الذهين باإلسالم‬
‫حصرا‪ ،‬ويتمظجر كداللة على العبور من حالة الطفولة إىل حالة البلوغ‪ ،‬ومن مثة االستعدادات للتكليف واملسؤولية‬
‫والفاعلية يف إطار اجملتمع الذي سيعيش كفيه‪.4‬‬
‫وملا كان اخلتان من سنن الفطرة لقوله ﷺ‪« :‬الفطرة مخس اخلتان واالستحداد وقص الشارب وتقليم األظاكفر‬
‫ونتف اإلبط» ‪ 5‬ولقوله ﷺ للرجل الذي أتاه كفقال‪« :‬قد أسلمت يا رسول اهلل قال ﷺ ألق عنك شعر الكفر‬
‫واختنت»‪ ، 6‬كفإن سكان املغرب األوسط كغريهم من املسلمني كانوا خيتنون أبنائجم ويقيمون هلذا احلدث احتفاالت‬
‫باهرة‪ ،‬وهناك من كان يبالغ كفيجا خاصة من الطبقة اخلاصة والسالطني‪ ،‬إذ كانت تصرف أموال مجة ويستدعى‬
‫املغنون‪ ،‬وهو ما أنكره بعض الفقجاء‪ ،‬لكن هناك منجم من حضر ملثل هذه االحتفاالت‪ ،‬باعتبارها أهم طقوس‬
‫عبور يف حياة اإلنسان‪.‬‬

‫‪ - 1‬موكفق زازوي‪ :‬جدلية الذكورة‪ ،‬ص‪.91‬‬


‫‪ -2‬اخلتان‪ :‬كفاخلنت هو قطع بعض خمصوص من عضو خمصوص‪ ،‬ويقال له‪ :‬اخلتان بالنسبة لل ذكر واألنثى‪ ،‬كفما يقطع من الذكر يقال له‪ :‬ختان‪ ،‬والقطع‬
‫من األنثى يقال له‪ :‬ختان‪ ،‬إال أن القطع من األنثى يقال له‪ :‬اإلعذار واخلفض‪ ،‬عبد احلميد‪ ،‬بوهاها‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪220‬؛ واختلف الباحثون حول‬
‫أصل اخلتان كفمنجم من أرجعه إىل الفراعنة وهناك من أرجعه إىل األصل اليجودي‪ ،‬بينما يرى مارسي إلياد أن طقس اخلتان هو طقس إعدادي شبه كوين‬
‫منتشر على نطاق واسع ولدى عدة شعوب عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ..201‬للمزيد حول املوضوع ينظر‪ :‬سامي‪ ،‬الديب‪ :‬ختان الذكور‬
‫واإلناث عند اليجود واملسيحني واملسلمني‪ -‬اجلدل الديين‪،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬رياض الريس للكتب‪1000 ، ،‬م ‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪ - 3‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬جدلية الذكورة‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ - 4‬عبد احلميد‪ ،‬بوهاها‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪222‬؛ عمار‪ ،‬بن طوبال‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 5‬القريواين‪ :‬جامع السنن‪ ،‬ص‪.109‬‬
‫‪ - 6‬ابن تيمية‪ :‬مصدر سابق‪.22/2 ،‬‬

‫‪181‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫هلذا ع َد طقس ختان األطفال لدى جمتمع املغرب األوسط من أهم مظاهر الفرجة االحتفالية‪ ،‬وبدأ التحضري‬
‫له مبجرد وصول الطفل إىل م رحلة البلوغ‪ ،‬هذا إذا مل يكن قد خنت يف صغره مبناسبة العقيقة‪ ،‬وأطلق على هذه‬
‫املناسبة‪" :‬ا َخلتَان" و"الطّجارا" و"اإلعذار"‪ ،1‬وكان اخلتان يف العرف مرحلة كفاصلة تظجر كفيجا الذكورة‪ ،‬وتعرب رمزية‬
‫الوالدة الثانية عن نفسجا حبركات ملموسة كفقبل أن جيرى اخلتان يكون الطفل موضع احتفال‪ ،‬ويضحي األب‬
‫خبروف‪ ،2‬أو أكثر حسب استطاعته‪ ،‬ويف نفس الوقت حتقيق هذا الفعل الذي يعترب سنة مؤكدة‪ ،‬ومن خصال‬
‫الفطرة اليت يكتمل هبا منو اإلنسان‪.‬‬
‫تعامل سكان املغرب األوسط مع عملية اخلتان حبفاوة كبرية‪ ،‬كفأقاموا هلا احتفاالت كفاخرة‪ ،‬وغالبا ما كان الوقت‬
‫الذي خينت كفيه الصبية هو بلوغجم سن اخلمس سنوات أو ما يقرب منجا مما يعين لزوم ختانه‪ ،‬ومن الطقوس‬
‫املصاحبة للختان " طقس احلَ َمام" كفيبدأ اعداد الطفل للمرور إىل عامل الطجارة والتمييز اجلنسي مث إلباس الصيب‬
‫ثياب خاصة‪ ،‬أين يراعى كفيجا وجود اللونني األبيض واألخضر‪ ،‬وتدل هذه األلوان على الطابع الديين هلذا الطقس‪،‬‬
‫كفاألبيض واألخضر يرمزان إىل الصفاء والطجارة‪ ،3‬أما طقس" ليلة احلناء" كفيتم كفيه وضع احلناء يف يد وِرجل الصيب‬
‫على خالف‪ ،‬وتضعجا عادة اجلدة أو إحدى العجائز لنيل الربكة‪ ،‬وختلو ليلة احلناء يف العادة من أي حضور‬
‫ذكوري‪ ،‬عكس ذلك يف حلظة اخلتان أين يفصل الصيب عن عامل النساء كفال حيضر عملية اخلتان إال الرجال‪.‬‬
‫يأيت احلَ َجام‪ ( 4‬الطجار) إىل الدار ويباشر العملية حبضور املدعوين الذين يقدمون للطفل نقودا لتشجيعه على‬
‫ما يقاسيه من أمل‪ ،‬وعادة ما يتم دعوة األهل واألقارب إىل حفل موسيقي لتلك الليلة‪ ،‬وحتضر جمموعة من‬

‫الع ِذير‪ ،‬ولعل أصله من‬ ‫‪ -1‬اإلعذار يف اللغة العربية هو االسم الذي يطلق على الطعام الذي يقدم يف هذه املناسبة‪ ،‬ومسوه كذلك ‪ :‬العِذار و ِ‬
‫العذيرة و َ‬
‫َ‬
‫العذرة اليت هي قلفة الصيب‪ ،‬وكذلك العذرة اليت هي البكارة‪ ،‬ومنجا وصفت البنت البِكر بالعذراء‪ ،‬وعلى هذا األسلوب يف التسمية أطلقوا على وليمة‬
‫الزواج "العرس"‪ ،‬وعلى طعام الوالدة‪" :‬اخلرس"‪ ،‬وعلى طعام القادم من السفر‪" :‬النقيعة"‪.‬‬
‫ِ‬
‫اخلرس و اإلع َذار و النَّق َيعة‬ ‫وقد مجع معظمجا يف هذا البيت‪ :‬ك ُّل الطَّعاَم تَشتَ ِجي َر َ‬
‫بيعةَ‬
‫‪- 2‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪229‬؛ عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬
‫‪ - 3‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.200-201‬‬
‫وحجوم ‪ .‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪.27/2 ،‬‬ ‫اص ِه كفَ ِم املِحجمة وقد حجم َحي ِجم حجما ِ‬
‫‪ -4‬احلجام املصاص يقال للحج ِام مصاص المتِص ِ‬
‫وحاجم َ‬‫َ ً َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ََ ََ‬
‫واحلجم املص واحلجام املصاص ويدخل ضمن وظائفه اخلتان‪ ،‬والشراط حمرتف الشراطة وهو أخذ الدم من اجلسم بآلة تسمى املشرط ويرادكفجا احلجام‬
‫والشالط‪ .‬أبو احلسن علي بن حممد التلمساين‪ ،‬اخلزاعي (ت‪719‬ه‪ 2217/‬م)‪ :‬خمتصر الدالالت السمعية على ما كان يف عجد رسول اهلل ﷺ من‬
‫احلرف والصنائع والعمالت الشرعية‪ ،‬ط‪ ،2‬إعداد‪ :‬أمحد مبارك البغدادي‪( ،‬د‪.‬م)‪ :‬مكتبة السندس‪2990 ،‬م‪ ،‬ص‪212‬؛ أبو العباس‪ ،‬أمحد بن سعيد‬
‫اجمليلدي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪91-92‬؛ وردت نازلة عن جدة ألم أتت حبفيدها إىل احلجام يوم سابعه كفختنه كفمات‪ .‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.222/1 ،‬‬

‫‪182‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫األطعمة يف شكل وليمة هلذه املناسبة أطلق عليجا كما سبق الذكر "الطجارة"‪ ،1‬وقد يكون استعمال مفردة الطجارة‬
‫كنقيض للنجاسة‪ ،‬وم نه ختليص الطفل من الدنس والنجاسة اليت كانت تصاحبه يف صغره‪ ،‬ونقله اىل مرحلة أخرى‬
‫يكون كفيجا ملتزما أكثر‪.‬‬
‫واجلدير بالذكر أن طقس اخلتان كطقس عبور يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط مل يكن مبعزل عن االعتقادات‬
‫الشعبية املتعلقة بالربكة والكرامة واملرتبطة بآيام ذات داللة‪ ،‬هلذا اعترب يوم السابع والعشرون من رمضان أو ليلة‬
‫عاشوراء أكفضل األوقات خلتان األطفال ملا حتمله هذه الليايل من هالة أسطورية متعلقة بتحقيق األماين والتطجر عرب‬
‫احلصول على الغفران‪ ،‬هلذا مت توظيف كل هذه املعاين الرمزية وشحذها من أجل مد اخلتون بالربكة‪ ،‬اليت تراكفق ما‬
‫يؤديه اخلتان من وظيفة اجتماعية مرتبطة بالتحول الذي يطرأ على الفرد ويسم انتقاله من وضع أدىن إىل وضع‬
‫أرقى‪.2‬‬
‫حاول بعض املؤرخني املستشرقني الطعن يف مدى التزام سكان املغرب األوسط بالتعاليم اإلسالمية يف حماولة‬
‫إلرجاع كل طقوسجم ملا قبل إسالمجم‪ ،‬وقوهلم بأن الطقوس املمارسة يف مشال إكفريقيا تعود إىل أصول رومانية ناكفني‬
‫كل جتذر للمقومات اإلسالمية يف ثقاكفة شعوب املغرب اإلسالمي‪ ،‬ومن بني هؤالء جند السوسيولوجي إدوارد‬
‫مونيت الذي أورد يف كتابه "املقدسات اإلسالمية يف الشمال اإلكفريقي"‪ 3‬أن هناك جمموعة من القبائل الرببرية‬
‫ميارسون طقوس اخلتان‪ ،‬حبيث أهنم غري منسجمني مع املسلمني على مستوى سلوكاهتم‪ ،‬وعلى الرغم من أنه كان‬
‫يقصد الفرتة احلديثة وليس الفرتة الوسيطة‪ ،‬إال أن احلقيقة التارخيية أثبتت حسن إسالم سكان املغرب األوسط‬
‫واجتجادهم يف اتباع تعاليم الشريعة اإلسالمية وكفق نصوص القرآن والسنة النبوية‪ ،‬وهو ما يؤكد امتداد حسن‬
‫إسالمجم إىل الفرتة اليت مشلتجا الدراسة مما يفند طرحه‪.‬‬

‫‪ - 1‬بسام‪ ،‬كامل عبد الرزاق شقدان‪" :‬تلمسان يف العجد الزياين( ‪ 901-022‬هـ‪2111 – 2121 /‬م)"‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪،‬‬
‫(نابلس – كفلسطني) ‪1001 ،‬م‪ ،.‬ص‪ 200‬؛ حممد بن رمضان شاوش‪ :‬باقة السوسان‪12 /1 ،‬؛ زازوي موكفق‪ :‬جدلية الذكورة‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫‪ - 2‬عمار‪ ،‬بن طوبال‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 21‬عن عبد احلميد‪ ،‬بوهاها‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪3-Edourd‬‬ ‫‪Montet: Le culte des saints Musulmanes dans L’Afrique de Nord- et plus spécialement‬‬
‫‪au Maroc.Librairie Georg et Cie Genève, 1909.p 105.‬‬

‫‪183‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الزواج‪.‬‬
‫اعترب الزواج رمزا للتعفف وجتنب الوقوع يف الرذيلة‪ ،‬لذا نظر اجملتمع إىل راكفضيه نظرة ريب وشك يف أخالقجم‬
‫وسلوكياهتم‪ ،‬يف املقابل جند أن الزواج طقس عبور من مجاعة اجتماعية دينية إىل أخرى‪ ،‬كفاملتزوج شاب يرتك مجاعة‬
‫الع َذاب ليساهم منذئذ مع مجاعة أرباب العائلة‪ ،‬وكل زواج يقتضي توترا وخطرا ويثري أزمة وهلذا ينجز بطقس‬
‫العبور‪ ،1‬وال تكاد عادة الزواج يف املغرب األوسط ختتلف عما كان موجودا يف البالد اإلسالمية حبكم التواصل‬
‫واالحتكاك‪ ،‬باإلضاكفة خلضوعجم لنفس العادات والتقاليد‪.‬‬
‫إذا وقع اختيار شاب على كفتاة ورضيجا زوجة له أرسل وكفدا خاصا خلطبتجا من ويل أمرها‪ ،‬غري أن املصاهرة‬
‫كانت ختضع للطبقية‪ 2‬يف أكثر األحيان‪ ،‬كفرتى األسر العريقة تتقدم إىل مثيلتجا يف اجلاه واملال والعلم أو النسب‬
‫الشريف‪ ،‬ومثال ذلك زواج أبو عبد اهلل حممد بن مرزوق (ت‪012‬هـ‪2111/‬م) جد اخلطيب بابنة الفقيه أيب عبد‬
‫اهلل الكتاين الذي كان من كبار أعيان مدينة تلمسان ماال وجاها‪ ،3‬بينما الطبقات الفقرية أو املعدومة كفكانت هي‬
‫األخرى تتصاهر كفيما بينجا‪ ،‬إذ سجلت لنا بعض النوازل ألن هناك نساء يف البوادي والقرى ممن وصفن بأهنن من‬
‫أهل الدناءة والفساد يف قدرهن‪ ،‬إذا أردنا الزواج ومل يكن هلن ويل كفإهنن كن يقصدن إمام مسجد القرية ليتوىل‬
‫تزوجيجن‪ ،‬بغرض إصالح حاهلن وشأهنن عن طريق الزواج‪.4‬‬
‫تعد اخلطبة أوىل خطوات الزواج‪ ،‬وال تتم هذه املرحلة إىل مبساعدة اخلاطبة‪ ،‬وال يلجأ للخاطبة إذا كان‬
‫أهل العريس على معركفة أو قرابة بالعروس كما كفعل الشيخ الفقيه أبو إسحاق إبراهيم التنسي(‪010‬هـ‪2112/‬م)‬
‫عندما أوصى بأن تزف ابنته خدجية أليب العباس أمحد بن مرزوق والد اخلطيب(ت‪722‬هـ‪2222/‬م)‪ ،5‬وأحيانا‬
‫أخرى مل يكن يلجأ للخاطبة‪ ،‬وبعد االنتجاء يتم التفاوض حول املجر‪.6‬‬
‫وبعد مرحلة اخلطبة تأيت مرحلة اإلعالن‪ ،‬وطوال كفرتة اخلطوبة كان الزوج يقدم العديد من اهلدايا لعروسه‪.7‬‬

‫‪ - 1‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.221‬‬


‫‪ -2‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪111/2،‬؛ خمتار‪ ،‬حساين‪ :‬تاريخ الدولة‪ ،‬ص‪212‬؛ خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬الدولة الزيانية‪ ،‬ص‪.197‬‬
‫‪ -3‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬املرجع السابق‪.119/2 ،‬‬
‫‪ - 4‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.291-212/2 ،‬‬
‫‪ -5‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪19‬؛ خالد‪ ،‬بلعريب‪ :‬الدولة الزيانية‪ ،‬ص‪.191-197‬‬
‫‪ - 6‬مؤلف جمجول‪ :‬خمطوط سرية زواوة‪ :‬املكتبة الوطنية‪ ،‬احلامة‪ -‬اجلزائر‪ ،‬رقم‪ ، 2012 :‬ورقة‪.1‬نقال عن مفتاح خلفات‪ :‬قراءة يف خمطوط هذه كيفية‬
‫زواوة ‪ ،‬جملة العلوم اإلنسانية‪ ،‬ع‪1022 ،21‬م‪.117-172 ،‬‬
‫‪ -7‬غالبا ما كانت اهلدايا بسيطة عبارة عن حناء وصابون وكفاكجة وغريها‪ ،‬والشائع أن يقدم اخلاطب لعروسه أحيانا عصفر لصبغ الثياب وقصب الذهب‬
‫وثوبان من احلرير وعقد جوهر وقطيفتان وجوربان‪ ،‬وهناك مناسبات أخرى إلهداء العروس وحىت يف يوم يناير‪ ،‬كان اخلاطب يجدي خمطوبته طيفورا‬
‫(سلة) مملوءا بالثمار واحللويات ويسمى بالقطانية‪ .‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪ 90/2،‬و‪ ،220-219/2‬حممد‪ ،‬بن رمضان شاوش‪ :‬باقة السوسان‪.12 /1 ،‬‬

‫‪184‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫من بني العادات والطقوس املصابة إلعالن الزواج مرحلة تزيني العروس‪ ،‬حيث كانت حترص على أن تكون يف‬
‫أهبى حلتجا‪ ،1‬وليست هي كفقط من يعمل على ذلك‪ ،‬كفكل النسوة اللوايت حيضرن العرس حيرصن على ذلك‪ 2‬كما‬
‫استعملت النسوة وسائل كثرية للتزيني كفكانت املاشطة تشرف على تصفيف شعورهن‪ 3‬وكانت تقوم أحيانا بتقطيع‬
‫شعر إحداهن وتعطيه ملن ال شعر هلا وتعمل هلا سالفا لتزيينجا‪ ،4‬كما رمسن على أجسامجن مبا يعرف بالوشم‪،5‬‬
‫تزينا كما اختذ لالحتماء من العني واألرواح الشريرة‪ ،‬وأشركفت على هذه العملية امرأة عركفت بالوامشة‪ ،‬واليت كانت‬
‫تقوم بشق اجللد مث حتشوه أي اجلرح بالكحل حىت خيضر‪.6‬‬
‫وهكذا لو تتبعنا أشكال ورموز الوشوم على أجساد النساء‪ ،‬والعادات والطقوس يف أعراس املغرب‬
‫األوسط‪ ،‬أللفينا كفيجا أثرا من آثار املعتقدات واملقدسات اليت عركفجا املغاربة يف العجود القدمية‪ ،‬واليت احندرت إليه‬
‫من املشرق يف الغالب‪ ،‬حيث وجدت يف البيئة املغربية جماال خصبا لرعايتجا وتثبيتجا يف النفوس‪ ،‬وهي بطبيعتجا بيئة‬
‫تساعد على تغذية ختيل اإلنسان ملا وراء الكون املنظور‪.‬‬
‫استمرت بعض العادات واملمارسات الطقوسية املقدسة هبذه املناسبة‪ ،‬واستمرت معجا النسوة يف االجتجاد على‬
‫إبراز مجاهلن يف األعراس حىت لو اقتضت احلاجة استعارهتن للحلي حلضور الزكفاف‪ ،‬ومن كانت تفتقر إىل كسب ما‬
‫تذهب به حلفل الزكفاف من احللي كانت تستعري ما يلزمجا من صديقاهتا‪ ،7‬وعلى كل كفإن النسوة احلاضرات كن‬
‫يتميزن باألناقة واجلمال‪ ،‬حىت كان يصعب التفريق بينجن وبني العروس‪ ،‬لوال التاج الذي كانت تضعه العروس على‬
‫‪8‬‬
‫رأسجا‪ ،‬بينما تشرتك مع باقي النسوة يف التحلي بسوار الذهب وخالخل الفضة وعقود اجلواهر‪.‬‬

‫‪ - 1‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.171/2 ،‬‬


‫‪ - 2‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ -3‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.221/22-171/2 ،‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪.221/22 ،‬‬
‫‪ - 5‬للمزيد حول تزيني اجلسد بالوشم ينظر‪ :‬أبو حممد عبد اهلل بن حممد اهلبطي‪ :‬كتاب األلفية السنية يف تنبيه العامة واخلاصة على ما أوقعوه من التغيري‬
‫يف امللة اإلسالمية‪ ،‬إعداد وتقدمي‪ :‬حممد أستيتو‪ ،‬وجدة‪ -‬املغرب‪ :‬منشورات جامعة حممد األول (كلية اآلداب والعلوم االنسانية) ‪ ،2997 ،‬ص ‪-21‬‬
‫‪.27‬‬
‫‪ - 6‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪221/22 ،‬؛ يف إشارة للوزان (ت‪919‬هـ‪ 2112/‬م) حول نساء القبائل العربية اليت تعيش يف حميط املغرب األوسط‪ ،‬ذكر أن‬
‫التخضيب باحلناء كان من األمور املستحسنة عندهن‪ ،‬وهي عادة انتقلت إل يجن بعد انتقاهلن إىل بالد املغرب وجماورهتن للرببر‪ ،‬إذ مل تكن هذه الزينة‬
‫معروكفة لديجن من قبل‪ ،‬كما ذكر أن بعض نساء العائلة كن يتخضنب باحلناء‪ .‬املناقب‪،‬ص‪. 200‬‬
‫‪ -7‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪ - 8‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪ 227/20 ،‬و ‪.027/21‬‬

‫‪185‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫أما عن جانب اللجو واملوسيقى كفقد كان حاضرا بقوة كفقد استعمل سكان املغرب األوسط آالت الطرب‬
‫والغناء‪ ، 1‬كما استعملوا املغنيني وكانت أكثر احتفاالهتم جماال للغناء هي األعراس‪ ،‬واستعان املغنون مبجموعة من‬
‫األدوات مثل الشبابة املزمار البوق القانون الطسوت‪ ،2‬كما مت استدعاء املغنون واملغنيات وغالبا ما كانوا من‬
‫السودان الشتجارهم بالرقص والضرب على الدكفوف‪ ،3‬ومل يقتصر األمر عليجم كفقد احرتف آخرون هذا العمل‪،‬‬
‫كفالعديد من الزهاد قبل اعتزاهلم حلياة اللجو واجملون كانوا يغنون يف األعراس‪.4‬‬
‫ِوالشتمال حفالت الزواج على الكثري من املناكر واملفاسد كفإن الفقجاء قد دعوا إىل جتنب احلضور إىل مثل‬
‫هذه املناسبات‪ ،‬وذكر لنا الونشريسي(ت‪922‬هـ‪2109/‬م) صفة العرس الذي عارض الفقجاء احلضور إليه‬
‫قائال‪ «:‬صفة العرس أن حيضر املزامري‪...‬كفيجتمع مع الفساق وخيرجوا هلم إىل موضع واسع‪ ،‬كفيجلبون اخلمر‬
‫ويشربوهنا‪ ،‬وإن كان الليل حيضرون النساء والزواين خمتلطات معجم‪ ،‬وجتمع أهل املوضع الرجال معجم النساء كفوق‬
‫أسقاف الديار وعلى اجلدران والطرق‪ ،» 5‬وألن الناس استعملوا الغناء واملوسيقى يف إقامة أكفراحجم واحتفاالهتم‪،‬‬
‫كفإن الفقجاء نددوا هبذه الظاهرة وانتشارها باملغرب األوسط‪ ،‬ويؤكد لنا هذا الطرح تنديد القاضي أبو الفضل قاسم‬
‫العقباين (ت‪ 112‬هـ‪2210/‬م)‪ ،‬باجتماع النساء على احتفال أو تزيني كفيحلقن دائرة على رجل غري حمرم يغنيجن‬
‫ويطرهبن‪ »6‬ويف تنديده أيضا «باجتماعجن للمالهي والرقص‪ 7‬ويف منع استعمال البوق والعود‪.8‬‬
‫ومعروف أن الرقص كان عند سكان املغرب األوسط كما كان عند اجملتمعات القدمية قبلجم وعرب عن نشاط‬
‫اإلنسان يف حياته العقدية والعملية ‪ ،‬ورمزا للنمو واالزدهار‪ ،‬وارتباطه باحلركة واإلشارة يوحي مبا له من عالقة‬

‫‪ -1‬وأما الغناء كفجو نسب األصوات ومظجر مجاهلا لألمساع هذه الصناعة هي تلحني األشعار املوزونة بتقطيع األصوات على نسب منتظمة معروكفة يوقع‬
‫كل صوت منجا توقيعا عند قطعة كفيكون نغمة مث تلف تلك النغم بعضجا إىل بعض على نسب متعاركفة كفيلذ مساعجا ألجل ذلك التناسب ابن خلدون‪:‬‬
‫املقدمة‪ ،‬ص‪ 111‬و ‪.109‬‬
‫‪ -2‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.170‬‬
‫‪ - 3‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.112/2 ،‬‬
‫‪ -4‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ .207‬أبو إسحاق إبراهيم ابن عبد الصمد الصنجاجي (ت‪190‬هـ) كان سبب توبته أنه كان يف حداثته حمبا للجو‬
‫يغين يف األعراس ويضرب الدف كفخرج يوما مع مجاعة من الشباب يغين هلم ويضرب دكفه هلم كفأبصروا أبا شعيب أيوب السارية وهو مقبل إىل ججتجم‬
‫كففروا حياء منه وبقي وحده كفوصل إليه أبو شعيب ودعا له كفنفعه اهلل بدعوته‪ ،‬ص‪ 222‬وكذلك أبو علي منصور الصنجاجي كان مسركفا على نفسه يغين‬
‫يف األعراس ويلعب كفيجا مث نزعت به إىل اهلل مهة عالية كفلحق بالصاحلني وتوجه من بلده إىل مكة كرمجا اهلل على قدميه ثالث مرات‪.‬ص‪.229‬‬
‫‪ - 5‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.112/2 ،‬‬
‫‪ -6‬العقباين‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ - 7‬نفسه‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ - 8‬العقباين‪ :‬مصدر سابق ‪ ،‬ص‪.99‬‬

‫‪186‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫بطقوس قدمية‪ ،‬وكان اجلسد الراقص يف االحتفاالت يعد جسدا مقنعا بأالعيب طقوسية وإيقاعات موسيقية ال يتم‬
‫استنباطجا وكفك تسنيناهتا‪ ،‬إال مبا يتولد عن هذا اجلسد من هزات وإمياءات تعطيجا حضرة الطقس وحرارة الرقص‬
‫واملوسيقى وطبيعة الفضاء ونوعية الزمان كمظجر آخر جيعلجا تلعب دور قناة للعبور من البعد اخلفي إىل الظاهر‬
‫واجللي‪ ،‬الذي جيدد جوهره مالمح الكيان العرقي لألقليات الثقاكفية اليت حتن إىل استعادة أصوهلا‪.1‬‬
‫ومن العادات األخرى يف أعراس املغرب األوسط عادة الوليمة‪ ،‬واليت تعد طقسا مجما إذ ال ميكن أن يقام‬
‫الزكفاف بدوهنا‪ ،‬لذا جند أن اليوم األول من العرس خيصص لذبح اخلراف والشياه بينما يكون اليوم الثاين خمصصا‬
‫الستقبال الضيوف وإطعامجم‪ ،‬ويف الليل يقام حفل الزكفاف والذي انقسم إىل حفلني واحد يقام يف النجار للرجال‬
‫والثاين يقام ليال للنساء‪ ،2‬وكان من املتعارف عليه أن يقوم الزوج بإرسال هدية من جزور أو حلم إىل بيت والد‬
‫العروس كي يعدوا طعاما يأكل منه أقارب العروسني ليلة الزكفاف‪ ،‬ويف العرس استخدم الطجاة لطجي الطعام وهتيئ‬
‫احللويات الالزمة للعرس‪.3‬‬
‫االحتفاالت اليت تقام مبناسبة الزواج تكون على شكل وليمة كبرية لألهل واألصدقاء‪ ،‬وتسمى وليمة‬
‫العرس‪ ،‬تذبح كفيجا الذبائح وتقدم هبا األطعمة للمدعوين‪ ،‬والواقع أن وليمة العرس وليمتان إحدامها للنساء وتقام‬
‫يف بيت العروس واألخرى يف بيت العريس‪ ،‬ورمبا أقيمت الوليمتان يف بيت واحد‪ ،4‬وأكرب وليمة قدمت يف عرس‬
‫هي وليمة زواج بنت املوىل أيب تاشفني عام (‪702‬هـ‪2202/‬م) وقال عنجا صاحب زهر البستان‪ « :‬كفكانت‬
‫ركبة مل تصنع إال ألبناء جنسجا‪ ،‬وحاشى أن يكون عرس قبل عرسجا‪ ،‬ذحبت كفيه األبقار واألغنام وجرى األسبوع‬
‫بالشراب والطعام‪.»5‬‬
‫ومن العادات يف بعض مناطق املغرب األوسط عند خروج العروس من بيت أبيجا تصحبجا النسوة وال تبقى‬
‫معجا إال واحدة من أهلجا‪ ،‬وإذا مضى ثلث الليل تصحبجا إىل غركفة زوججا حاملة معجا كيس من التمر واجلوز‬
‫وبيض مسلوق تقدمه كجدية له ليعطيجا هو بدوره ألحد مراكفقيه ليوزعجا على أصحابه‪ ،‬ومن عاداهتم أيضا أن‬
‫تقدم العجوز املصاحبة للعروسة إناء من املاء وتصب منه يف كفيجا ليشرب منجا العريس مث تعيد نفس العملية مع‬

‫‪ -1‬عبد القادر‪ ،‬حممدي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ -2‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.112/2،‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم‪ ،‬القادري بوتشيش‪ :‬املغرب واألندلس‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -4‬ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ - 5‬جمجول‪ :‬زهر البستان‪ ،‬ص‪.110‬‬

‫‪187‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫العروس‪ ،‬لكن يقوم بإكفراغه يف الصحن وذلك لتكون كلمتجا أدىن من كلمة الرجل‪ ،‬مث يقوم العريس ليصلي ركعتني‬
‫ويضع يده على ناصيتجا ويدعو اهلل‪.1‬‬
‫أما احملطة األخرية من مراحل االحتفال يف العرس هي ليلة الدخول بالعروس‪ « ،‬وكانت عملية الدخول تقع‬
‫وكفق طقوس خاصة‪ ،‬يدخل العريس يف جو من اخلشوع والقداسة‪ ،‬يدخل برجله اليمىن ويغلق الباب برجله‬
‫اليسرى‪ ،‬ويتأكد من أن العروس ال حتمل معجا أي طلسم أو متيمة إىل غريها من التحويطات الطقوسية‪ ،‬ليختلي‬
‫بعروسه يف غركفة من غرف املنزل الذي يقام كفيه احلفل خمصصة هلذا الطقس‪ ،‬وجتلس امرأة إىل جانب باب الغركفة‬
‫تنتظر إعالن كفض بكارة العروسة ‪ ، »2‬ويعترب هذا الطقس املقدس من أهم طقوس املرور بالنسبة للجنسني معا‬
‫كفجذا الطقس دليل على عذرية املرأة وشرف عائلتجا ويف املقابل دليل على كفحولة الرجل‪.3‬‬
‫ويستمر االحتفال بالزواج سبعة أيام متتالية‪ ،‬وعرف اليوم األخري بسابع العروسة‪ 4‬وكفيه يعود إليجا أهلجا‬
‫ويلبسوهنا حزاما من احلرير‪ ،‬ويبارك هلما احلضور من أهلجا وأهل العريس مبا يقدمونه من الدراهم كل حسب‬
‫طاقته‪ ،5‬واختلف عادات لبس احلزام من منطقة إىل أخرى‪ ،‬إال أهنا محلت نفس الدالالت‪ ،‬ويرمز احلزام إىل احلزم‬
‫والعزم‪ ،‬مبعىن أن املرأة أصبحت مستعدة للقيام باملجام العائلية‪ ،‬وبذلك يشكل طقس احلزام خامتة كفرتة راحة العروس‬
‫واالخنراط يف احلياة اليومية العادية‪. 6‬‬
‫ويف األخري ميكن اإلشارة إىل أن نكاح الكتابيات من أهل الذمة‪ 7‬يف املغرب األوسط إذا تزوجت مسلما مل خيتلف‬
‫كثريا يف طقوسه‪ ،‬أما كفيما خيص الويل كفإن مل يكن هلا ويل كفيتوىل أخ هلا أو األسقف تزوجيجا إذا طلبت منه ذلك‪،‬‬
‫على أن تلتزم الكتابية باالغتسال وجتتنب أكل كل ما هو حمرم‪ ،‬وأن ال تقرتب مما يكرهه زوججا املسلم ويشجد‬
‫على عقد القران مسلمني‪ ، 8‬أما كفيما خيص باقي العادات االحتفالية كفال توجد الكثري من االختالكفات حبكم‬
‫التداخل والتجاور‪.‬‬

‫‪ -1‬مفتاح‪ ،‬خلفات‪ :‬قبيلة زواوة ‪ ،‬ص ‪121 ،122‬نقال عن مؤلف جمجول‪ :‬سرية زواوة‪ ،‬ورقة‪.2-2‬‬
‫‪ -2‬الوزان‪ :‬مصدر سابق‪.100-299/2،‬‬
‫‪ -3‬نور الدين‪ ،‬طواليب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪29‬؛ موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬جدلية الذكورة‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪ -4‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.201/2،‬‬
‫‪ -5‬مفتاح خلفات‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،121‬نقال عن مؤلف جمجول‪ :‬سرية زواوة‪ ،‬ورقة‪.2‬‬
‫‪ -6‬زازوي موكفق‪ :‬جدلية الذكورة‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫‪-7‬لفظ "الذمة" يعين حق املواطنة واحلرمة واألمان وحرية املعتقد وأهل الذمة هم املعاهدون من اليجود والنصارى‪ .‬كفياليل‪ ،‬عبد العزيز‪" :‬األقلية املسيحية‬
‫يف املغرب األوسط ( اجلزائر) منوذج حلياة السلم والتسامح"‪ ،‬ص‪:72-12‬ضمن كتاب‪ :‬دراسات يف تاريخ اجلزائر والغرب اإلسالمي‪ ،‬عني مليلة –‬
‫اجلزائر‪ :‬دار اهلدى‪1021 ،‬م‪.‬ص‪.12‬‬
‫‪ -8‬مجال‪ ،‬أمحد طه‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪188‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬االحتفال بيناير‪ 1‬وبداية السنة الزراعية‪.‬‬


‫جيمع العاركفون بتاريخ منطقة املغرب أن االحتفال بـموسم يناير يضم عدة أبعاد‪ ،‬كففي اجملال الزراعي تتعلق‬
‫املناسبة باحلرث والبذر وغرس األشجار‪ ،‬وعلى هذا األساس ووكفق هذه املفاهيم اليت تتعلق بالزراعة يتم تقسيم‬
‫الفصول يف السنة الرببرية‪ ،‬وحتي بعض العائالت الزيانية باملغرب األوسط هذه املناسبة بعادات وطقوس خاصة‬
‫توارثتجا على مر العصور‪ ،‬كفاملوسم كاحتفال قروي وحضري غارق يف القدم‪ ،‬وهو كما تدل على ذلك تسميته‬
‫يرتبط بدورة زمنية حتيل على موسم احلصاد أو موسم احلرث‪ 2‬كطقس عبور‪.‬‬
‫ويعد االحتفال بيناير من بني األعياد اليت احتفل هبا بعض سكان بالد املغرب األوسط‪ ،‬وجرى االحتفال به وكفقا‬
‫للعرف‪ ،‬وتَـ َع َوَد الناس عليه يف كل سنة مشسية ويدعونه برأس العام‪ ،‬ويقع املوسم يف اليوم الثاين عشر والثالث عشر‬
‫من شجر جانفي ويسمى األول يوم نفقة الكرموس أي التني‪ ،‬واليوم الثاين يوم نفقة اللحم كففي اليوم األول تعجن‬
‫األمجات ألوالدهن قرصا من اخلبز‪ ،‬وتثبت كفوق كل قرصة بيضة تشبكجا بالعجني حىت ال تسقط‪ ،‬باإلضاكفة إىل‬
‫إعداد مأكوالت أخرى ختصص هلذا اليوم مثل الفطائر واإلسفنج ويشرتي اآلباء من السوق الثمار اليابسة من‬
‫الكرموس والتمر واجلوز واللوز‪ ،‬ويف اليوم التايل تعد أطباق من اللحم‪ ،3‬وكما جرت العادة مع اقرتاب هذه املناسبة‬
‫تبدأ ربات البيوت بالتحضري هلا مسبقا‪ ،‬عن طريق اقتناء بعض احلاجيات كالدقيق والسميد لصنع بعض‬
‫املعجنات‪ ،‬وتقوم بعض العائالت بوضع الطفل الصغري يف جفن أوڤصعة‪ ،‬مث تصب عليه خمتلف أنواع احللوى على‬
‫رأسه‪ ،‬ليتم توزيعجا بع د ذلك على احلاضرين من ضيوف أو أكفراد العائلة كفأل خري عليه حبلول سنة جديدة حلوة‬
‫ملئجا اخلري والربكة‪.4‬‬
‫رغم إمجاع جل املؤرخني املستشرقني على أن األغلبية الكبرية لسكان املغرب كانوا وثنيني ومل تكن هلم أكفكار معينة‬
‫عن اإلله أو عن مصري اإلنسان‪ ،‬وأن الذين كانت هلم معتقدات كفلم خترج عن املعتقدات املعروكفة لدى اجملتمعات‬
‫البسيطة يف ثقاكفتجا وحضارهتا‪ 5‬واليت دارت يف جمملجا حول عبادة الشمس‪ 1‬والقمر‪ 2‬واألصنام‪ 3‬كما أشار إىل‬

‫‪ - 1‬يعود التاريخ األمازيغي ‪ -‬حسبما تداولته الكتب التارخيية ‪ -‬إىل ‪ 910‬قبل امليالد‪ ،‬أين قاد امللك األمازيغي شاشناق معركة ضد الفراعنة وانتصر‬
‫كفيجا‪ ،‬ليكون أول ملك يف عصره يقجر الفراعنة ويرتأس مملكة األمازيغ يف مصر‪ ،‬ومنذ ذلك احلني بدأت الرزنامة اخلاصة باألمازيغ يف عد أيامجا‪.‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرحيم‪ ،‬العطري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .220‬كما أن للموسم مسميات أخرى كالزردة – الطعم – املعروف‪ -‬الوعدة – الركب وهي مسميات‬
‫ملسمى واحد هو االحتفال الذي يقام بشكل سنوي أو دوري حول ضريح ويل صاحل معني‪ .‬نفسه ‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ -3‬العقباين‪ :‬مصدر سابق ‪ .11 /1،‬هذه العادات واملم ارسات ضلت تتوارثجا األجيال لعدة قرون وبقاء بعضجا إىل يومنا هذا يؤكد هذا الطرح‪.‬‬
‫‪ -4‬العقباين‪ :‬مصدر سابق ‪.12/1 ،‬‬
‫‪ - 5‬مجيل‪ ،‬محداوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.0-2‬‬

‫‪189‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫ذلك ابن خلدون (ت‪101‬هـ‪2201/‬م)‪ ،4‬وأن اإلسالم كسائر الديانات الكربى احتفظ يف خزانته مبكانة خاصة‬
‫للطقوس االستمطارية اليت اختزهلا يف صالة عادية تسمى صالة االستسقاء‪ ،‬واليت مل يستطع اإلسالم حسب‬
‫رأيجم من إلغاء أشكاهلا االستمطارية األخرى واليت ظلت تكشف عن أصوهلا الوثنية رغم أسلمتجا وإحلاق إسم اهلل‬
‫هبا‪ ، 5‬لكن احلقيقة التارخية أكدت دائما على أن اعتناق سكان مشال إكفريقيا للدين اإلسالمي بدد بل حمى وأزال‬
‫مجيع املعتقدات الوثنية واستبدهلا مبعتقدات وطقوس إسالمية‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬السلطان والمقدس‪.‬‬
‫صورت املصادر التارخيية الوسيطة سالطني املغرب األوسط والذين ينتمون لبين زيان يف صورة السلطان الذي‬
‫ميارس سلطة كفوق الطبيعة‪ ،‬كفجميع ما يصدر عنه من أكفعال وأقوال ال ميكن الطعن كفيجا‪ ،‬حىت أن هناك مصنفات‬
‫أكفردت لوصف السالطني املغرب األوسط ووصف اخلصال والسجايا واملزايا اجلسدية والذهنية اليت يتميزون هبا‪،‬‬
‫كبغية الرواد ليحي بن خلدون ونظم الدر للتنسي‪.‬‬
‫كذلك خصصت املدونة الوسيطة جزءاً كبريا منجا حملاولة إثبات النسب الشريف للسالطني لكي تضفي عليجم‬
‫صفة القداسة الدينية حتت املضلة السياسية‪ ،‬مما ساهم يف منح السلطان احلق يف سن قوانني وإعطاء األوامر‬
‫والنواهي دون اعرتاض من الرعية‪ ،‬ذلك أنه يف اعتقاد الناس الشخص الوحيد املالك حلق "املنح" أو "املنع" كفجو‬
‫وحده له احلق يف منح شعبه العطايا وتوزيع الصدقات على الناس وإظجار كرمه يف كل مناسبة خاصة الدينية‬
‫كاالحتفال باملولد النبوي واألعياد وغريها‪ ،‬وكدليل على مكانة اثبات النسب الشريف أذكر بيت شعري يف مدح‬

‫‪ -1‬عبدت الشمس ألهنا يف اعتقادهم تكشف طريقة أخرى للوجود‪ ،‬كفجي دوما يف حركة وتبقى ال متغرية وشكلجا نفسه دوما كفالتجلي الشمسي يرتجم‬
‫القيم الدينية لالستقاللية والقوة والسيادة والذكاء حسب‪ .‬الياد مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪ .220‬حيث كانت عبادة الشمس حاضرة يف الطقوس‬
‫الدينية األمازيغية أكثر من الديانات الوثنية األخرى كعبادة الكبش مثال‪ ،‬رغم تالقي العبادتني وتوحدمها لدى بعض القبائل األمازيغية اليت كانت تقدس‬
‫الكبش والشمس معا من خالل اإلله "آمون" املمثَّل بقرين كبش تتوسطجما مشس‪ ،‬وهو ما تدل عليه النقوش اليت مت العثور عليجا بسوق أهراس باجلزائر‬
‫مكتوبا كفيجا "الشمس العظيمة"‪ ،‬باإلضاكفة إىل نقوش صخرية جتسد اإلله يف صورة كبش مستدير الوجه حتيط به أشعة الشمس الساطعة‪ ،‬ورضخ االنسان‬
‫هلذه القوة ووجد نفسه جمربا للتقرب منجا‪ .‬مجيل‪ ،‬محداوي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪0-2‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفراح‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪ -2‬الياد مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪ . 221‬بفضل الظواهر القمرية أي والدته وموته وقيامته‪ ،‬شعر البشر يف آن واحد بطريقة تكوهنم اخلاص يف‬
‫الكون‪ ،‬وبأملجم باستمرارية احلياة أو إعادة الوالدة‪ ،‬وبفضل الرمزية القمرية توصل اإلنسان املتدين لتقريب جمموعات من الوقائع املتباعدة بدون عالقة‬
‫ظاهرة بينجما‪ ،‬كفبفضل الرمزية القمرية أمكن وضع وقائع متغايرة يف عالقة ويف تضامن مثل‪ :‬الوالدة‪ ،‬املصري‪ ،‬املوت‪ ،‬البعث‪ ،‬احلياة‪ ،‬املرأة‪ ،‬النباتات‪،‬‬
‫اخلصب‪ ،‬اخللود‪ ،‬الظلمات الكونية‪ ،‬احلياة قبل الوالدة‪ ،‬والوجود بعد القرب‪ ،‬متبوعا بعد والدة من منوذج قمري ( ضوء خارج الظلمات) النسيج رمز‬
‫(خط احلياة) الزمنية املوت‪...‬اخل‪ .‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪220‬‬
‫‪ .- 3‬مجيل‪ ،‬محداوي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.0-2‬‬
‫‪ -4‬العرب‪.229/0 ،‬‬
‫‪ - 5‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬‬

‫‪190‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫أبو محو موسى الثاين (‪792-700‬هـ‪2211-2219 /‬م) جاء كفيه‪ « :‬كفالبيت علوي املنتسب *** وامللك بني‬
‫املوروث واملكتسب»‪ ،1‬معىن القول أن السالطني الزيانيني حاولوا إثبات نسبجم الشريف بإحدى الطريقتني‪ ،‬إما‬
‫عن طريق التتبع الساليل للشرف أو صناعته يف حالة غياب االتصال مع البيت النبوي‪.‬‬
‫باإلضاكفة ملا سبق كفإن البعد الديين الذي يتمتع به سكان املغرب األوسط وتبنيجم للمذهب املالكي الراكفض‬
‫للخروج عن السلطان أضفى هو اآلخر على السلطان صفة القداسة السياسية‪ ،‬ومما زاد يف ترسيخجا وتثبيتجا التزام‬
‫سالطني املغرب األوسط مبجموعة من املقتضيات السلوكية اليت أصبغت عليجم هيئة ورهبة وقوة‪ ،‬وال أدل على‬
‫ذلك من النصائح اليت قدمجا السلطان أبو محو موسى الثاين ( ‪792-700‬هـ‪2211-2219 /‬م) البنه يف‬
‫واسطة السلوك‪.‬‬
‫إن اضفاء صفة القداسة على السالطني يف العصر الوسيط مل تكن حكرا على سالطني املغرب األوسط‪،‬‬
‫كفنفس اهلالة من التقديس حضي هبا سالطني املغربني األدىن واألقصى‪ ،‬وهو ما أكدته املدونة الوسيطة لكال‬
‫املغربني‪ ،‬كففي حديث ابن بطوطة عن بداية رحلته من املغرب األقصى قال‪ «:‬وكان ارحتايل يف أيام أمري املؤمنيني‬
‫‪ ...‬اإلمام املقدس أيب سعيد بن موالنا أمري املؤمنني وناصر الدين ‪ ...‬اإلمام املقدس ابن يوسف بن عبد احلق‬
‫جدد اهلل عليجم رضوانه وسقى ضرائحجم املقدسة‪ ،»2‬إن إرداف ذكر السلطان أو األمري باملقدس يدل على شيوع‬
‫استعمال هذه التسمية بني الناس كرمز للمكانة السياسية واالجتماعية اليت حظي هبا السالطني واألمراء‪ ،‬وهو ما‬
‫يؤكد على استعمال مثل هذا املصطلح لدى سكان بقية املغارب يف حديثجم عن سالطينجم‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الموت‪ 3‬وطقوس الجنازة‪.‬‬
‫تعامل سكان املغرب األوسط مع املوت بشيء من القداسة لعظم هذا األمر ووقعه يف نفوسجم‪ ،‬خاصة زمن‬
‫اجلوائح والطواعني أين كثر املوتان يف الناس‪ ،‬ويعترب املوت أهم حدث مير به اإلنسان وممثل منوذجي ملفجوم العبور‪،‬‬
‫كفثمة انتقال من عامل األحياء إىل عامل األموات‪ ،‬إذ يعترب املوت أكثر الظواهر البيولوجية "ميتاكفيزيقية"‪ ،‬وذلك ملا‬
‫يثريه يف نفس اإلنسان من خوف وهلع وغموض وتساؤل‪ ،‬وعملت كل الثقاكفات واألديان‪ 4‬على احتواء هذا‬

‫‪ - 1‬املقري‪ :‬نفح الطيب‪.227/1 ،‬‬


‫‪ - 2‬ابن بطوطة‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.20-9‬‬
‫‪ - 3‬من أمسائه‪ :‬املنون‪ ،‬املنا‪ ،‬املنية‪ ،‬الشعوب‪ ،‬السام‪ ،‬احلمام‪ ،‬احلني‪ ،‬الردى‪ ،‬اهلالك‪ ،‬الثكل‪ ،‬الوكفاة‪ ،‬اخلبال‪ ،‬أمحد‪ ،‬سليمان كفخري‪ :‬أمساء املوت يف‬
‫القرآن الكرمي دراسة داللية‪ ،‬جملة الرتبية والعلم‪ ،‬جامعة املوصل‪ ،‬مج ‪ -21‬ع‪1022 ،2‬م‪ ،‬ص ص ‪.211-209‬صفحات متعددة‪.‬‬
‫‪ - 4‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .217‬وحول اجلانب العقدي والفقجي للموت كتب كفقجاء املغرب األوسط بكثري من الشرح والتفسري‬
‫واالطناب والتعليل‪ ،‬حول الطقوس والشعائر املتعلقة باملوت وكفق الشريعة اإلسالمية ومن هذه املصنفات أذكر‪:‬‬
‫‪ -‬أبو عثمان سعيد العقباين‪ :‬الوسيلة بذات اهلل وصفاته‪ ،‬تح‪ :‬نزار محادي‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬مؤسسة املعارف للطبع والنشر‪1001 ،‬م‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫اخلوف‪ ،‬بسن جمموعة من الطقوس اليت هتدف إىل تدبري هذا احلدث املثري للقلق‪ ،‬وإكفراغ التوترات وتصريف‬
‫االنفعاالت الناجتة عنه‪.1‬‬
‫إن املوت موضوع صعب كفجو ينطوي على الكثري من املفارقات واملتناقضات‪ ،‬كما أنه موضوع كريه ومزعج ال‬
‫يشجع على التفكري أو احلديث‪ ،‬كفطبيعة املوت هي الكلية املطلقة‪ ،‬كفجميع البشر كفانون‪ ﴿ ،‬ك ُّل نـَفس ذَائَِقة‬
‫المو ِ‬
‫ت مثَّ إِلَيـنَا تـر َجعو َن﴾‪ ،2‬إن اهلدف من دراسىة املوت هنا هو التعرف على املعتقدات والطقوس اليت كانت‬ ‫َ‬
‫سائدة يف جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬واليت وصلت إىل تقديس بعض املمارسات أثناء اجلنائز‪ ،‬على الرغم من أن‬
‫اإلشارات املتعلقة واملتصلة باملوت يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط‪ ،‬كلجا مرتبطة بفكرة الرجوع إىل اهلل‪ ،‬وذلك‬
‫راجع لتكوينجم الديين وإمياهنم الراسخ مبا جاء به النص القرآين يف كثري من آياته‪.3‬‬
‫إن احلديث عن الطقوس والشعائر املمارسة عند موت األشخاص من اجلانب الفقجي ال خالف كفيجا‪ ،‬ذلك‬
‫أن املدونة الفقجية الوسيطة‪ ،‬قد بينت وحددت الشروط الواجب اتباعجا يف اجلنائز‪ ،‬بدءاً من تلقني الشجادة وصوال‬
‫إىل االنتجاء من عملية الدكفن‪ ،‬لكن احلديث عن املوت واملعتقدات الذهنية اليت سادت جمتمع املغرب األوسط‬
‫الغرض من ورائجا هو تتبع العادات اجلنائزية " كطقس عبور " وكيف سامهت يف تشكيل عقليته‪ ،‬كفالطقوس‬
‫اجلنائزية للموت موجودة لدى كاكفة الشعوب واحلضارات االنسانية‪ ،‬كففي الرتاث الشعيب يعترب املوت كفاجعة للناس‬
‫قاطعا حلبل الرباط بني اإلنسان وأهله وأصدقائه‪ ،‬ونظرا ملا له من األمهية كفقد كثرت املعتقدات حوله منذ اللحظة‬
‫األوىل اليت شعر الناس كفيجا بأمر املوت‪ ،‬وحىت بعد الدكفن بأيام وأسابيع وسنني‪.4‬‬
‫كانت الطقوس أكثر تعقيدا إذا ما تعلق األمر باملوت‪ ،‬كفجي ال تتعلق بظاهرة طبيعية ترك احلياة أو الروح‬
‫للجسد‪ ،‬وإمنا بتغيري نظام انطولوجي واجتماعي معا‪ ،‬كفبالنسبة لإلنسان املتدين ال يضع املوت حدا هنائيا للحياة‪،‬‬

‫‪ -‬أبو عبد اهلل‪ ،‬حممد بن ي وسف السنوسي‪ :‬عمدة التحقيق والتسديد يف شرح عقيدة التوحيد( شرح العقيدة الكربى)‪ ،‬تح‪ :‬أمحد بوكعرب بلكرد‪،‬‬
‫بوسعادة‪ -‬اجلزائر‪ :‬دار كردادة للنشر والتوزيع‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬املقري (ت ‪711‬هـ‪2217/‬م) الكليات الفقجية‪ ،‬تح‪ :‬حممد أبو االجفان‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار ابن حزم‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الونشريسي‪ :‬عدة الربوق يف مجع ما يف املذهب من اجلموع والفروق‪ ،‬تح‪ :‬أمحد كفريد املزيدي‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ 1-‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪ - 2‬سورة العنكبوت‪ :‬اآلية‪.17 ،‬‬
‫‪ - 3‬من بني هذه اآليات‪ :‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬واتـَّقوا يـَوًما تـر َجعو َن كفِ ِيه إِ َىل اللَّ ِه مثَّ تـ َو َّىف ك ُّل نـَفس َما َك َسبَت َوهم َال يظلَمو َن﴾ سورة البقرة‪ :‬اآلية‪،112 ،‬‬
‫مج ًيعا كفَـيـنَبِّئكم ِمبَا كنتم كفِ ِيه َختتَلِفو َن﴾ ‪.‬سورة‬
‫وقوله تعاىل‪ ﴿ :‬هو حييِي وميِيت وإِلَي ِه تـرجعو َن﴾‪ .‬سورة يونس‪ :‬اآلية‪ ،10 ،‬وقوله‪ ﴿ :‬إِ َىل اللَّ ِه مرِجعكم َِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫املائدة‪ :‬اآلية‪.21 ،‬‬
‫‪ -4‬طه‪ ،‬نضال كفخري‪ :‬الطقوس واملعتقدات الشعبية يف األدب الشعيب‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬ختصص أدب عريب‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس‬
‫(كفلسطني)‪1000 ،‬م‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪192‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫كفاملوت ليس سوى حالة للوجود البشري‪ ،1‬والطقس اجلنائزي من وججة نظر معظم األنثروبولوجيني طقس مرور‬
‫بامتياز‪ ،2‬إذ يعرب عن انتقال املتوىف جسدا وروحا من عامل األحياء إىل عامل األموات‪.‬‬
‫عملية البحث يف موضوع املوت وما يتعلق به من ممارسات وطقوس مقدسة‪ ،‬نشأت حسب حممد حبيدة عند‬
‫نقطة التقاء الدميغراكفيا التارخيية وتاريخ العقليات‪ ،3‬ويف هذا الصدد يرى الباحث مارك بلوك بأن التاريخ علم‬
‫إنساين واحد جيمع بني دراسة األموات واألحياء‪ ،4‬لكن مثل هذا النوع من الدراسات كان مغيبا يف تاريخ املغرب‬
‫األوسط‪ ،‬إال ما ورد ضمن دراسة اجلوائح والطواعني أو احلروب‪.5‬‬
‫ال حمالة كفامل وت يتبع سياسة متساوية مع اجلميع‪ ،‬ومل يأخذ معيار التفاوت الطبقي كمعطى ألخذ أحد على‬
‫حساب اآلخر‪ ،‬كفاجلميع سواسية خنبة وعامة‪ ،‬علماء‪ ،‬ججال‪ ،‬أولياء‪ ،‬متصوكفة‪ ،‬سالطني‪ ،‬مجمشني‪ ،‬وإن اختلفت‬
‫ظروف عيشجم وطرق موهتم‪ ،‬كفكل منا البد أن ميوت وحده‪ ،‬والبد أن ميوت هو نفسه‪ ،‬وال ميكن ألحد أن ميوت‬
‫نيابة عن اآلخر أو بدال منه‪ ،‬وجتدر اإلشارة أن معظم الدراسات يف التاريخ اليت تطرقت للموت‪ ،‬اهتمت بقدر‬
‫كبري مبا بعد املوت أو اخللود‪ ،6‬حىت نسجت حوله الكثري من األساطري‪.7‬‬
‫أوال‪ :‬أسباب كثرة الموتان في المغرب األوسط‪.‬‬
‫امياناً بأن املوت حق وامياناً بالقضاء والقدر شكل املوت مشجدا متكررا تنوعت أسبابه‪ ،‬إال أن بعض األسباب‬
‫ضاعفت من عدد املوتى‪ ،‬منجا انتشار اجملاعات واألوبئة واألمراض وانتشار الفنت واحلروب‪ ،‬واليت أسجمت يف‬

‫‪ -1‬نفسه‪ ،‬ص ‪209-201‬‬


‫‪ -2‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.217‬‬
‫‪ - 3‬حممد‪ ،‬حبيدة‪ :‬تاريخ املوت ضمن كتاب كتابة التاريخ قراءة وتأويالت‪ ،‬املغرب‪ :‬دار أيب الرقراق للطباعة والنشر‪1022 ،‬م‪ ،‬ص‪ .12‬كفقد اهتم‬
‫املؤرخون خالل اخلمسينات والستينات بالنظام الدميغرايف للمجتمعات األوربية ما قبل الصناعية‪ ،‬من والدات ووكفيات وأمد احلياة‪ ،‬وكشفوا باألرقام عن‬
‫النسب املرتفعة للوكفيات‪ ،‬سواء منجا وكفيات األوقات العادية أو وكفيات األزمة‪ ،‬وأمهيتجا يف حتديد البنيات الدميغراكفية واالجتماعية‪ ،‬ويف مرحلة ثانية يف‬
‫السبعينات باألساس حتول االهتمام من ما هو كمي ورقمي إىل ما هو كيفي وسلوكي‪ ،‬أي من دراسة البنيات إىل دراسة العقليات‪ ،‬إذ انكبت الدراسات‬
‫على األنساق الثقاكفية والسلوكيات واملواقف اجتاه احلياة واملوت‬
‫‪ - 4‬حممد‪ ،‬حبيدة‪" :‬من أجل تاريخ إشكايل‪ ،‬ترمجات خمتارة"‪ ،‬حممد حبيدة‪ ،‬املعرب‪ :‬منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية القنيطرة ‪ ،‬ص‪17.‬‬
‫‪ - 5‬هناك بعض الدراسات املغربية اليت كان هلا السبق يف دراسة موضوع املوت جندها يف كتاب حممود حبيدة من أجل تاريخ إشكايل‪ ،‬أما الدراسات‬
‫احمللية جندها يف امللتق ى الوطين األول حول املوت يف املمارسات الثقاكفية يف اجلزائر يوم ‪ 21-22‬كفيفري ‪1020‬م‪ ،‬جبامعة معسكر وهي بداية جيدة‬
‫للتطرق إىل مثل هذه املواضيع اليت طلما غيبت عن جمال البحث والدراسة‪.‬‬
‫‪ - 6‬جاك‪ ،‬شورون‪ :‬املوت يف الفكر الغريب‪ ،‬تر‪ :‬كامل يوسف حسن‪ ،‬مر‪ :‬إمام عبد الفتاح إمام ‪ ،‬الكويت‪ :‬اجمللس الوطين للثقاكفة والفنون واآلداب‪،‬‬
‫‪2912‬م‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 7‬مل تكن األساطري حول املوت ختص جمتمعا إنسانيا دون سواه‪ ،‬كفجناك بعض األساطري اليت ترجع لألصل اليوناين وجدت هلا منفذا يف جمتمعات‬
‫املشرق وانتقلت إىل املغرب‪ .‬للمزيد حول هذه األساطري ينظر جاك‪ ،‬شورون ‪ :‬املوت يف الفكر الغريب‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪193‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫تدهور املنحى الدميغرايف للمغرب األوسط وتراجعه‪ ،‬والشيء املؤسف أن املصادر الوسيطة مل تعطنا صورة واضحة‬
‫املعامل عن حجم الكوارث الدميغراكفية واخلسائر البشرية الناجتة عن األزمات واحلروب‪ ،1‬لكنجا رمست لنا صورة عن‬
‫الوضع الدميغرايف الذي كان سائدا أنذاك‪ ،‬كفلو أخذنا نص ابن زرع الفاسي(ت ‪720‬هـ‪2227/‬م) حول حصار‬
‫املرينيني وأنه أضعف أهل تلمسان بشدة احلصار حىت أشركفوا على اهلالك‪ ،2‬وأن مدة احلصار جتاوزت الثمانية‬
‫سنوات‪ ،‬لقلنا أنه هلك أكثر من ثلث السكان‪ ،‬كفاحلروب املتكررة للدولة الزيانية باملغرب األوسط مع جرياهنا‬
‫املرينيني واحلفصيني‪ ،‬أشاعت حالة من الالستقرار والألمن‪ ،‬أثرت مباشرة يف نفسية سكان املغرب األوسط‪ ،‬الذين‬
‫وجدوا يف زيارة األولياء والتربك هبم هروبا من تلك الصراعات‪ ،‬وإجابة عن حاالت القلق اليت كانت ختيم عليجم‬
‫باستمرار‪.3‬‬
‫شجد املغرب األوسط تغريات مناخية حادة تنوعت بني اجلفاف والفيضانات والرياح وغريها‪ ،‬وتنوعت معجا‬
‫معتقدات السكان حول أسباهبا الغيبية‪ ،‬يف حماولة منجم الحتواء ما تركته هذه الكوارث من وكفيات ال حتصى‪ ،‬وهو‬
‫ما أسجم يف ترسيخ التفسريات امليتاكفيزيقية اليت منحت بعض األشخاص كاألولياء مكانة مقدسة داخل تراتبية‬
‫اجملتمع‪.‬‬
‫من صور هذه التغريات املناخية وما خلفته من إهالك للزرع والضرع واألرواح يف كفرتة الدراسة ما حفظه لنا ابن‬
‫الزيات يف قوله‪ « :‬أرسل اهلل املزن املثقل عشارها‪ ...‬وكادت تدك اجلبال دكا ‪...‬وتزامنت أيدي الرياح بكل عارض‬
‫كفما كان بأسرع من إحندار السيول الرواعب ‪ ،»4‬وهناك نص آخر جاء كفيه‪ «:‬جماعة عظيمة نتجت عن إعصار‬
‫عظيم أهلك زرع صائفة تلمسان وحيواهنا‪ ،‬كفأكل الناس بعضجم بعضا واكفتقروا إىل ما يف يد السلطان‪ ،»5‬ومل تكن‬
‫هذه اجملاعة آخر ما حل باملغرب األوسط من الكوارث اليت أهلكت احلرث والنسل إذ حفظت لنا النصوص‬
‫التارخيية ذكر العشرات من اجلوائح والطواعني والكوارث‪.6‬‬

‫‪ - 1‬خبتة‪ ،‬خليلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬


‫‪ - 2‬أنس الفقري‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ -3‬مفتاح‪ ،‬خلفات‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،202‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪ ،290/ 1،‬عبيد‪ ،‬بوداود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.277‬‬
‫‪ - 4‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ - 5‬حيي‪ ،‬بن خلدون‪ :‬مصدر سابق‪.22/1 ،‬‬
‫‪ -‬للمزيد حول الكوارث اليت سببت ارتفاع هائل يف عدد الوكفيات ينظر امللحق رقم‪.01 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪194‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫أما عن أهم أسباب كثرة الوكفاة باملغرب األوسط يف العصر نظرا لعدد الوكفيات اليت خلفجا على االطالق هو‬
‫تفشي وباء الطاعون‪ 1‬األسود (‪729-721‬هـ‪2229-2221 /‬م)‪ ،‬إذ أمجعت املصادر التارخيية على صعوبة‬
‫الوضع الصحي واالجتماعي وحىت الدميغرايف املرتتب عن هذا الوباء‪ ،‬كفقد انقلبت أحوال املغرب يف منتصف املائة‬
‫الثامنة من الطاعون اجلارف الذي حتيف األمم‪ ،‬وذهب بأهل اجليل وطوى كثريا من حماسن العمران‪ ،2‬وال يذكر‬
‫الطاعون اجلارف ( األسود) إال مقرونا باملوت‪ ،‬وكأن كرامات األولياء والوصفات اليت قدموها ملواججة األمراض‬
‫تنحصر يف األمراض غري الوبائية‪ ،‬وورد يف هذا السياق َوص َفة أعدها املتصوف ابن عباد ألحد األشخاص أصاب‬
‫الطاعون األسود أبناءه الثالثة‪ ،‬وكانت مكونة من املاء واحلناء‪ ،‬غري أهنا مل جت ِد نفعا أمام اكتساح الوباء وخطورته‪.3‬‬
‫مل يكن األمر ليختلف يف باقي مناطق املغرب اإلسالمي‪ ،‬إذ كان الضعفاء جيتمعون إىل باب سلم أحد أبواب‬
‫القريوان كفتحفر هلم أخاديد ويدكفن املائة واألكثر يف األخدود الواحد‪ ،‬كفمات من طبقات الناس وأهل العلم والتجار‬
‫والنساء والصبيان ما ال حيصى عددهم إال خالقجم تعاىل‪ ،‬وخلت املساجد وتعطلت األكفران واحلمامات‪ ،‬وقيل أن‬
‫أهل البادية أكل بعضجم بعضا‪ ،4‬وهو نفس الوضع يف املغرب األوسط أين وصل األمر بالناس ألكل جيف‬
‫املوتى‪ ،‬وال أدل على ذلك من اجملاعة اليت أصابت تلمسان سنة (‪770‬هـ‪2272/‬م)‪.5‬‬
‫كثرية هي القرائن اليت تؤكد حصاد اآلالف من األرواح البشرية بدون استثناء‪ ،‬عند حدوث األوبئة والطواعني‬
‫احلادة يف مجيع بالد املغرب االسالمي ألن الطواعني واألوبئة تتخطى احلدود اجلغراكفية والسياسية للدول كفابن أيب‬

‫‪ -1‬الطاعون نوع من الوباء وهو عند أهل الطب ورم رديء قتال‪ ،‬خيرج معه تلجب شديد مؤمل جدا‪ ،‬ويصري ما حوله يف األكثر أسود أو أخضر‪ ،‬ويتبع‬
‫ذلك قيء‪ ،‬ويؤول أمره إىل التقرح سريعا‪ ،‬ويف األ كثر حيدث يف اإلبط وخلف األذن‪ .‬يوسف بن حممد بن مسعود السرمدي احلنبلي(ت‪770‬هـ)‪" :‬ذكر‬
‫الوباء والطاعون" خمطوط رقم ‪ 1770‬مبكتبة باريس‪ 22 ،‬ورقة‪ ،‬ورقة ‪ 2‬وجه‪ ،‬ويعركفه ابن اخلطيب(ت ‪770‬هـ‪2201/‬م) بأنه‪ :‬مرض حاد حار‬
‫السبب‪ ،‬مسي املادة‪ ،‬يتصل بالروح بدءا بوساطة اهلواء‪ ،‬ويس ري يف العروق كفيفسد الدم وحييل رطوبات إىل السمية‪ ،‬وتتبعه احلمى ونفث الدم أو يظجر‬
‫منه خراج‪ .‬مقنعة السائل‪ ،‬ص‪ .01‬ويتفق معه جالل الدين أيب الفضل عبد الرمحان ابن مجال الدين السيوطي يف تعريف الطاعون ويضيف بأنه يأخذ‬
‫أهل البيت من البلد بأمجعجم‪ ".‬ما رواه الواعون يف أخبار الطاعون" ‪ ،‬نسخة مصورة عن خمطوط رقم ‪ ،2122‬ورقة ‪ 201‬ظجر؛ ويضيف أمحد بن علي‬
‫بن حممد ابن حجر العسقالين أن األطباء من أوهلم إىل آخرهم عجزوا عن أن يدكفعوا الطاعون عن بلد من البالد‪".‬بذل املاعون يف كفضائل الطاعون" ‪،‬‬
‫خمطوط رقم ‪ ،110‬باجلامعة االسالمية باملدينة املنورة‪ 270 ،‬ورقة‪ ،‬ورقة ‪ 01‬وجه‪.‬‬
‫‪ - 2‬ابن اخلطيب‪ :‬مقنعة السائل‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -3‬ابن عباد‪ ،‬الرندي‪ :‬الرسائل الكربى‪ ،‬كفاس‪ -‬املغرب‪ :‬طبعة حجرية‪2210 ،‬هـ‪ ،‬ص‪.102‬‬
‫‪ -4‬خبتة‪ ،‬خليلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪ -5‬اضطر ابن قنفذ القسنطيين (ت‪120‬هـ‪2207/‬م) أن يقيم يف تلمسان النعدام األمن يف املسالك والطرق بسبب هذه اجملاعة لذا قال يف هذا الشأن‪:‬‬
‫« ويف هذه السنة كانت اجملاعة العظيمة باملغرب وعم اخلراب به‪ ،‬كفوردت تلمسان واحلالة هذه‪ ،‬وأقمت هبا قرب شجر غري واجد للطريق‪...‬وكان أمر‬
‫الطريق يف اخلوف واجلوع ما مقتضاه أن كل من يقع قدومنا يتعجب يف وصولنا ساملني ‪ ،‬مث يتأسف علينا عند ارحتالنا‪ ،‬حىت أن منجم من يسمعنا ضرب‬
‫األكف حتسرا علينا »‪ .‬أنس الفقري‪ ،‬ص ‪.201‬‬

‫‪195‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫زرع (ت ‪720‬هـ‪2227/‬م) نقل لنا صورة عن احلالة اليت وصلوا إليجا يف طاعون سابق قوله‪ «:‬كفكانت املوتى‬
‫حتمل اثنني وثالث وأربعة على املغتسل‪ ،»1‬أما الزركشي (ت‪122‬هـ‪2271/‬م)‪ :‬يف وصفه لطاعون الحق قال‪:‬‬
‫« يف ذي القعدة ابتدأ الوباء بتونس ومل يزل يتزايد إىل شوال من عام ‪172‬هـ‪2201/‬م حىت بلغ ألفا كل يوم‪ ،‬مث‬
‫ارتفع يف ذي احلجة مكمل العام‪ ،»2‬وأضيف أن ابن أيب دينار (ت‪2220‬هـ‪2091/‬م) وصف شدة هول الوباء‬
‫يف قوله‪ «:‬ويف سنة ثالث وسبعني كثر الوباء حىت انتجى عدد األموات إىل أربعة عشر شخص يف كل يوم‪.»3‬‬
‫ونقل لنا ابن اخلطيب (ت ‪770‬هـ‪2201/‬م) صورة مقربة عن عدد الوكفيات يف الغرب االسالمي ككل‬
‫بسبب هذا الطاعون كفقال‪ « :‬هلك كفيه يف يوم بطول هذه املدة حنو سبعني نسمة باألندلس يف اليوم‪ ،‬وقد بلغنا‬
‫على ألسنة الثقات أنه هلك يف يوم واحد بتونس ألف نسمة ومائتا نسمة وتلمسان سبع مائة نسمة ونيف‪،‬‬
‫‪...‬وكذلك كان األمر بسائر البالد صغريها وكبريها‪.»4‬‬
‫كما سبق الذكر كفإن اجلوائح والطواعني مل تعرتف باحلدود اجلغراكفية والسياسية للدول‪ ،‬وهو ما جعل العصر‬
‫الوسيط يف مجيع الدول تقريبا يشجد تراجعا دميغراكفيا كبريا أثر على مجيع نواحي احلياة بدون استثناء‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬طقوس الموت‪.‬‬
‫عند اإلنسان املتدين ال يضع املوت حدا هنائيا للحياة‪ ،‬كفاملوت ليس سوى حالة للوجود البشري‪ ،5‬وما حتول‬
‫اجلسد احلي إىل جثة هامدة‪ ،‬إال حمطة يف رحلة العبور‪ ،‬ولقد وردت العديد من النصوص الدينية يف اخلطاب‬
‫اإلسالمي حملاولة ترتيب إن مل أقل تقنن الطقوس اجلنائزية بدءاً مبرحلة االحتضار والوكفاة‪ ،‬مث جتجيز امليت بتطجري‬
‫جسده وتطييبه وتكفينه والسري به‪ ،‬مث الصالة عليه ودكفنه حسبما تقتضيه الشريعة اإلسالمية‪ ،6‬وسأحاول يف‬
‫األسطر التالية تتبع هذه املراحل والطقوس املقدسة اليت هتدف إىل حماولة مسايرة حدث املوت كحدث غريب‬
‫خميف وحمزن ومبجم وذو هيبة خاصة‪.‬‬

‫‪ -1‬ابن أيب زرع‪ :‬األنيس املطرب‪ ،‬ص‪. 120-129‬‬


‫‪ -2‬حممد‪ ،‬بن أمحد الزركشي‪ :‬تاريخ الدولتني املوحدية واحلفصية‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد ناضور‪ ،‬ط‪ ،01‬تونس‪ :‬املكتبة العتيقة‪2900 ،‬م‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ -3‬حممد بن أيب القاسم ابن أيب دينار الرعيين القريواين‪ :‬املؤنس يف أخبار اكفريقية وتونس‪ ،‬ط‪ ،02‬تونس‪ :‬مطبعة الدولة التونسية‪ 2110 ،‬ه‪ ،‬ص‬
‫‪.227‬‬
‫‪ - 4‬مقنعة السائل‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 5‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.209-201‬‬
‫‪ - 6‬حول هذه املراحل من الناحية الدينية ينظر‪ :‬حم مد‪ ،‬مرتضى احلسيين الزبيدي‪ :‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬تح‪ :‬مصطفى حجازي‪ ،‬الكويت‪:‬‬
‫مطبعة حكومة الكويت‪2909 ،‬م‪.271/2 ،‬‬

‫‪196‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫‪ /3‬االحتضار‪:‬‬
‫يعد االحتضار أول حمطات الوكفاة ونسجت حوله الكثري من الكرامات‪ ،‬وأصله احتضر بالبناء للمججول‬
‫ضر‪ ،‬أي عندما يشرف الشخص على املوت‪ ،‬يالحظ كفيه شحوب‬ ‫ضر احتِضاراً‪ ،‬الرجل حضره املوت كفجو حمتَ ِ‬
‫َحيتَ ِ‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫للوجه وحناكفة اجلسم وتثاقل اللسان‪ ،1‬وكلجا عالمات تدل على بداية النزاع ومفارقة الروح للجسد‪ ،‬وقد ختتلف‬
‫أمارات االحتضار من شخص آلخر‪ ،‬كفقد ساد االعتقاد يف املغرب األوسط‪ ،‬بأن سكرات املوت اخلفيفة تنبأ‬
‫حبسن خامتة املتوىف‪ ،‬كما يعدها أهل امليت بشرى مليتجم باجلنة‪ ،‬على عكس من تطول مدة احتضاره وتصعب‬
‫عليه نزعات املوت‪ ،‬إذ يكون أهله يف حرية وقلق لذا يستعينون بالقراء لقراءة القرآن لتخفيف سكرات املوت على‬
‫حمضرهم‪.2‬‬
‫من بني الطقوس اليت ينشغل هبا الناس قبيل حلول املوت‪ ،‬اإلحاطة باحملتضر بالتخفيف عنه والدعاء له‬
‫حىت ال يصيبه اجلزع وال يواجه هول املوت مبفرده‪ ،‬ويساهم االلتفاف باحملتضر يف جعل األهل يتبنون حدث‬
‫املوت‪ ،‬ويتفاعلون معه بطريقة اجيابية ويبنون عليه بناءً دينيا‪ ،‬ويضفون عليه القداسة من خالل القيام باألدعية‬
‫واألذكار وتالوة القرآن وتلقني امليت الشجادة وتوجيجه للقبلة‪ ،3‬وكلجا طقوس متعارف عليجا ال خالف كفيجا‪ ،‬لكن‬
‫تلقني الشجادة يعد من أمهجا‪ ،‬إذ ساد االعتقاد بان النطق هبا دليل على حسن اخلامتة كما سبق الذكر‪ ،‬لذا اجتجد‬
‫أهل املتوىف قبل خروج الروح إىل أن يكون آخر اتصاله بالدنيا هو نطق الشجادة‪ ،‬كفمحمد بن يوسف‬
‫السنوسي(ت‪191‬هـ‪2219/‬م) توىل تلقني ابن أخيه الشجادة قبل وكفاته‪ ،4‬ومنه استبشر أهله حبسن خامتة ابنجم‬
‫ألنه نطقجا‪.‬‬
‫‪ /0‬كرامة معرفة وقت الموت‪:‬‬
‫حدث املوت جعل كل ما يتعلق به من جزئيات مجما ومقدسا ومبجال‪ ،‬إذ نسجت حوله الكثري من‬
‫املعتقدات املقدسة يف ذهنية اجملتمع‪ ،‬منجا كرامة معركفة وقت الوكفاة بالنسبة جملموعة من الناس بعينجم دون سواهم‬
‫ملا هلم من كرامات ومناقب‪ ،‬كفشكلت كرامة معركفة وقت الوكفاة لدى املتصوكفة واألولياء باملغرب األوسط مادة دمسة‬

‫‪ -1‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪ 21-27‬؛ جدلية الذكورة‪ ،‬ص‪202‬؛ عبد الغاين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ - 2‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪120/0 ،‬؛ من أكثر السور املستحب قراءهتا عند االحتضار هي سورة يس وقراءة سورة الفاحتة على روح امليت بدعة‪ .‬ناصر‬
‫الدين‪ ،‬حممد ناصر الدين األلباين‪ :‬تلخيص أحكام اجلنائز وبدعجا‪ ،‬ط‪ ،02‬الرياض‪ :‬مكتبة املعارف‪2991،‬م‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ -3‬املازوين‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪229‬؛ أمال‪ ،‬قرامي‪ :‬االختالف يف الثقاكفة العربية اإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار املدار اإلسالمي‪1007 ،‬م‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪ - 4‬حممد‪ ،‬بن إبراهيم بن عمر التلمساين املاليل‪ :‬املواهب القدوسية يف املناقب السنوسية‪ ،‬حتقيق‪ :‬عالل بوربيق‪ ،‬بوسعادة‪-‬اجلزائر‪ :‬دار كردادة‪،‬‬
‫‪1022‬م ص‪.110‬‬

‫‪197‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫لكتب املناقب‪ ،‬كفال يكاد خيلو مؤلف من ذكر كرامات من توقعوا بل وحتضروا ملغادرة احلياة الدنيا‪ ،‬يف حماولة‬
‫للتغلب على ما خيلفه حدث املوت من خوف يف نفوس الناس‪ ،‬وإن كانوا على يقني بنزوله هبم‪.‬‬
‫وتواتر احلديث عن هذه الكرامات من ذلك أن أبو عمر عثمان ابن علي بن احلسن التلمساين األصل‬
‫(ت ‪121‬هـ‪2221/‬م) ملا كان وحده يف الصحراء يف الطريق إىل احلجن وبينه وبني سجلماسة مسرية يوم مسع‬
‫هاتفا يف أذنه يقول‪« :‬أدرك دكفن والدتك كفإهنا قد ماتت‪ ،‬كفرجع من سفره مسرعاً‪ ،‬كفوجد جنازة أمه قد وضعت‬
‫على شفري القرب كفصلى عليجا ودكفنجا » ‪ ،1‬قد يبدو للوهلة األوىل أن اخباره بوكفاة والدته أمر طبيعي‪ ،‬لكن أن‬
‫يصله اخلرب من مصدر غري معروف وهو وحده يف الصحراء يسمع صوتا خيربه بوكفاهتا كفجذا أمر كفيه اختالف بني‬
‫من أنكره وبني من أقره‪ ،‬ولكل حججه ال أرى داعيا للتفصيل كفيجا هنا غري أهنا تذكرنا حبادثة "سارية واجلبل"‪.2‬‬
‫ساد االعتقاد يف املغرب األوسط بكرامة األولياء يف معركفة وقت موهتم والتحظري له‪ ،‬وال أدل على ذلك‬
‫مما حدث يف بيت أيب عبد اهلل حممد الثاين ابن مرزوق اجلد (ت‪712‬هـ‪2279 /‬م) حلظة وكفاته‪ ،‬كفعندما أحس‬
‫بدنو أجله‪ - ،‬قد يكون احساسه بعد مرض عضال أصابه‪ ،‬أو قد يكون كما روجت لذلك كتب املناقب من أنه‬
‫ملك من الكرامات ما مكنه من معركفة دنو أجله‪ ،‬وهو أمر كفيه نظر وسنفصل كفيه الحقا ‪ -‬طلب حضور بعض‬
‫األقارب واألصدقاء كفتجمعوا حوله يقرؤون القرآن وهو يستمع إليجم‪ ،‬كفعركفت النساء من خالل ذلك دنو أجل‬
‫الشيخ‪ ،‬كفبدأن بالبكاء‪ ،‬وهو األمر الذي جعل كبري العائلة يف هذه اللحظة يتنقل بني احلاضرين من القراء‬
‫واألصدقاء وبني النساء ليجون عليجن‪ ،3‬وتعترب القراءة اجلماعية للقرآن حول امليت أو بعد وكفاته سواء يف بيته أو‬
‫عند قربه كرأمسال للثواب يقدمه األحياء لألموات ‪.‬‬
‫من أجل هذا عمل الكثري من األولياء الصاحلني على التججز ملالقاة خالقجم‪ ،‬حيث كانوا يقومون باالغتسال‬
‫والتزين والتطيب قبل موهتم‪ ،4‬ومن النصوص اليت حفظتجا لنا كتب املناقب واليت يؤكد أصحاهبا معركفة بعض‬
‫الصاحلني لوقت وكفاهتم‪ ،‬أذكر على سبيل املثال ال احلصر‪:‬‬

‫‪ - 1‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬


‫‪ - 2‬حول تفاصيل هذه احلادثة ينظر ابن حجر العسقالين‪ :‬اإلصابة يف متييز الصحابة‪ ،‬تح‪ :‬عادل امحد عبد املوجود وعلي حممد معوض‪ ،‬ط‪،02‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪2991 ،‬م‪.0-1/2 ،‬‬
‫‪ -3‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪207-200‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪.191/2 ،‬‬
‫‪ -4‬ابن أيب زرع‪ :‬األنيس املطرب‪ ،‬ص‪.72‬‬

‫‪198‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫الصفحة‬ ‫املصدر‬ ‫أمساء بعض من تنبأو بوقت موهتم‬


‫ص‪.211‬‬ ‫‪ « -‬عرف حممد بن مرزوق (ت‪012‬هـ‪2111/‬م) وقت ابن مرزوق‪ :‬املناقب‬
‫موته»‪.‬‬
‫ص ‪100‬‬ ‫« عرف أبو عبد اهلل بن النجار (ت‪710‬هـ‪2229/‬م) ابن مرزوق‪ :‬املناقب‬
‫بوقت موته »‪.‬‬
‫ص‪-297-200‬‬ ‫« عرف التنسي(ت‪070‬هـ‪2217/‬م) رائحة السفرجل ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪.‬‬
‫‪.110‬‬ ‫كفقال‪ :‬هذه روائح اجلنة كفمات من يومه»‪.‬‬
‫ص‪.77-70‬‬ ‫« أبو احلسن علي بن أمحد احلسن بن إبراهيم احلرايل الغربيين‪ :‬مصدر سابق‬
‫(ت‪021‬هـ‪2121/‬م) قال ألصحابه إذا كان يوم الثاين‬
‫عشر من شعبان نساكفر عنكم كفقرب الشجر ومل يروا عليه‬
‫أهبة السفر‪ ،‬كفتعجبوا من ذلك وكان به مرض كفلما كان ليلة‬
‫الثاين عشر من شعبان دعا خواص أصحابه وأمرهم أن‬
‫حيضروا عنده وأن يوقدوا الشمع ويؤنسوه بالقرآن‪ ،‬ويؤتوه‬
‫مباء زمزم كفشرب‪ ،‬ويف الصباح أمرهم أن يأتوه بكفن على‬
‫وكفق السنة كفأتوه به‪ ،‬وأمرهم أن حيفروا قربه يف موضع‬
‫اختاره‪ ،‬مث قال إذا أذن العصر أموت‪ ،‬كفكان كما قال‬
‫كفأوصاهم بأن حيمله الفقراء»‬
‫إن القول مبعركفة اإلنسان وقت وكفاته يتعارض والعقيدة اإلسالمية اليت آمن هبا سكان املغرب األوسط‪ ،‬واليت‬
‫تقر بأن معركفة وقت ومكان الوكفاة من باب علم الغيب الذي ال يعلمه إال اهلل‪ ،‬ودليل ذلك قول اهلل تعاىل‪َ ﴿ :‬وَما‬
‫يم َخبِريٌ﴾‪.1‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س بِأ ِّ‬ ‫ِ‬
‫َي أَرض َمتوت إ َّن اللَّ َه َعل ٌ‬ ‫تَدري نـَف ٌ‬
‫‪ /1‬اإلعالن عن الوفاة‪:‬‬
‫بعد الوكفاة يسكت املقرئون عن تالوة القرآن‪ ،‬ويقومون بتغطية امليت وتسجيته‪ ،2‬مث يتقدمون لتعزية‬
‫األقارب ومواساهتم يف كفقيدهم بتقبيل رؤوسجم‪ ،3‬أما عن طرق اإلعالن عن الوكفاة يف املغرب األوسط كفقد اعتاد‬

‫‪ - 1‬سورة لقمان‪ :‬اآلية ‪ . 22‬خص اهلل نبيه الكرمي مبعركفة بعض األمور الغيبية كرامة له‪ ،‬كأنه سيموت يف مرضه الذي مات كفيه‪ ،‬وأن كفاطمة أول أهله‬
‫حلاقا به وأهنا سيدة نساء اجلنة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬يسجى امليت بأن يغطى قبل الغسل‪ ،‬والغرض منه صيانة امليت عن االنكشاف وسرت صورته املتغرية عن األعني‪ ،‬وتكون التسجية بعد نزع ثيابه اليت‬
‫تويف كفيجا لئال يتغري بدنه بسببجا‪ .‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪21‬‬
‫‪ -3‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪ 191/،2 ،‬كان ابن مرزوق هذا قد الم زوجته عشية الوكفاة عندما الحظ يديجا ورجليجا خمضبتني باحلناء املنقوشة‬

‫‪199‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫الناس عندما يصيبجم جلل يف أحد األقارب على البكاء‪ ،‬وال سيما النساء الالئي كن يكثرن من العويل والنواح‪،‬‬
‫ويقوم أهل امليت بإشعار األقارب واألصدقاء‪ ،1‬من ذلك ما ذكر الونشريسي ( ت‪922‬هـ‪2109/‬م) بأن من‬
‫عادات كثري من املواضع يف املغرب عندما يتوىف أحد األشخاص‪ ،‬يكون اإلعالن بأن يصعد أحدهم إىل منار‬
‫مئذنة اجلامع‪ ،‬ويقرأ شيئا من القرآن ويذكر االبتجاالت كما يفعل املؤذن قبل آذان الفجر‪ ،‬مث يدور يف املنار معلنا‬
‫وكفاة كفالن وجنازته يف كذا‪ ،2‬ويشكل هذا اإلعالن صدمة هتتز هلا النفوس وينتشر خرب املوت بسرعة كفائقة بني‬
‫الناس‪ ،‬األمر الذي جيعل أقارب امليت ممن تلقوا اخلرب يدخلون يف حالة من احلزن‪.‬‬
‫وقد تكون وسيلة اإلعالن عن الوكفاة عن طريق النواح‪ 3‬والعويل من نساء بيت املتوىف‪ ،‬كفالنسوة حتطن‬
‫بامليت تندبنه وتبكني عليه‪ 4‬وتصحن بآهازيج خاصة‪ ،5‬وهو ما ع َد من البدع املستحدثة يف اجلنائز كفعن حيي بن‬
‫عمر أن‪ « :‬من بِ َد ِع أهل املغرب عند الوكفاة قيام النساء بالبكاء على امليت بالصراخ ولطم اخلدود‪ ،‬وإحضار‬
‫النوائح النوادب‪ ،‬كما كن خيرجن وراء اجلنازة من البيت إىل املقربة‪ ،‬ويف أيديجن مناديل ي ِشر َن هبا إىل النعش‪،»6‬‬
‫وكره اجتماع النساء للبكاء على امليت سرا أو عالنية ‪ 7‬وأنكر الونشريسي اجتماعجن يف املقابر واجلبانات‪.8‬‬
‫ومجما كانت األسباب كفالصراخ والنياحة يعدان صراعا مع كائن عدائي‪ ،‬ومها نوع من الدكفاع بصورة أساسية‬
‫ذات جذور بدائية‪ ،‬ذلك أن الطقس يف التحليل النفسي هو عبارة وضع القوى اليت تتحرك يف الالوعي موضع‬
‫العمل على الصعيد االجتماعي‪ ،9‬وتوصف النياحة بأهنا نعيق الشيطان‪ ،‬ويعتقد أن إبليس هو أول من ناح وصاح‬
‫حني أخرج من اجلنة‪ ،‬وقد هني عن اتباع اجلنائز بالنياحة‪.10‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪ 197/2 ،‬نقل على الوزان ‪101/2‬‬


‫‪ - 2‬ك ِرَه النداء للجنازة من املسجد ‪.‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪.219/2 ،‬‬
‫‪ -3‬كفالنياحة من الناحية األنثروبولوجية الثقاكفية متثل عملية اتصال‪ ،‬واليت من خالهلا تنقل رسالة ما تتضمن جمموعة من األكفكار واملعاىن إىل كفرد أو‬
‫جمموعة من األكفراد اآلخرين بدرجة من الوضوح‪ ،‬جتعلجم يستقبلون هذه األكفكار واملعاين ويفجموهنا على النحو الذي كان يقصده صاحب الرسالة‪.‬‬
‫موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ -4‬ابن قنفذ‪ :‬أنس الفقري‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ - 5‬التنبكيت‪ :‬نيل االبتجاج‪ ،‬ص‪.299‬‬
‫‪ - 6‬حيي‪ ،‬بن عمر‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ 92‬؛ الونشريسي‪ :‬املعيار‪210-229/1 ،‬‬
‫‪ - 7‬رسالة أمحد بن عبد اهلل بن عبد الرؤوف‪ :‬يف آداب احلسبة واحملتسب‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ - 8‬املعيار‪.299/1 ،‬‬
‫‪ -9‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪. 222‬‬
‫‪ - 10‬رسالة أمحد بن عبد اهلل بن عبد الرؤوف‪ :‬يف آداب احلسبة واحملتسب‪ ،‬ص‪.77-70‬‬

‫‪200‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫وجتدر اإلشارة إىل أن عادة النواح يف جمتمع املغرب األوسط يصعب استبداهلا أو تغيريها‪ ،‬ذلك أن بعض‬
‫العادات ال ميكن استبداهلا بسجولة كمظاهر احلداد‪ ،‬حبيث ميكن القول أنه ليست هناك عقيدة أو قانون أخالقي‬
‫أو دليل علمي ميكن أن يداين يف سيطرته على الناس سطوة االعتياد على عمل معني تالزمه مشاعر وحاالت‬
‫ذهنية شبوا عليجا منذ طفولتجم األوىل‪ ،‬ومل تقتصر النياحة على اجلنازات إذ ورد ذكر نوع آخر من النواح مل يكن‬
‫مستججنا بنفس القدر أال وهو نوح بعض املتصوكفة‪ ،‬كفأناشيدهم كانت على طريقة النوح والبكاء واليت مساها الربزيل‬
‫‪1‬‬
‫يف نوازله "بالتغبري"‬
‫‪ /0‬تغسيل الميت‪:‬‬
‫الغرض من تغسيل امليت هو تطجريه من أي جناسة علقت به‪ ،‬أو يـيَ َم َم اجلسد يف حالة انعدام املاء أو خماكفة‬
‫تقطع اجلسد باملاء أو تفسيخه‪ ،‬كفالغرض من هذه املمارسة الطقسية كما سبق الذكر هو تطجري امليت وإزالة دنس‬
‫العالق به‪ ،2‬كفاملاء رمز الطجارة ورمز احلياة اجلديدة‪ ،‬وأوردت لنا مصادر الفرتة املدروسة أن هناك من ترك وصية‬
‫يذكر كفيجا من يغسله‪ ،‬ومثال ذلك أن أبو حممد عبد اهلل املليجي أوصى أن يغسله عبد اجلليل‪.3‬‬
‫إن ما ساد املغرب األوسط من طواعيني وجوائح كثر كفيجا املوتان‪ ،‬جعل طقوس تغسيل امليت وتكفينه من‬
‫الصعوبة مبكان‪ ،‬ذلك خماكفة انتقال العدوى يف الطاعون‪ ،‬أو لكثرة العدد يف احلروب واجلوائح‪ ،‬أين اختفت طقوس‬
‫تغسيل امليت كمرحلة من مراحل طقوس العبور املتعارف عليجا‪ ،‬كفكان الدكفن أهم طقس إذ أمهلت باقي الطقوس‬
‫اليت سبقته أو تلته‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل شيوع بعض املعتقدات لدى بعض ساكنة املغرب األوسط مفادها أن األدوات اليت‬
‫استعملت يف تغسيل امليت وتكفينه ودكفنه‪ ،‬تصري منبعا لقوى سحرية وذات مفعوالت كفوق طبيعية‪ ،‬قادرة على‬
‫إحداث الضرر بالناس‪ ،‬وهو األمر الذي جعل بعض الناس يلجئون إىل دكفن هذه األدوات التقاء شرها‪ ،‬ولعدم‬
‫توظيفجا يف األغراض السحرية ذلك أن بعض الفئات األخرى عملت على دكفع مبالغ ضخمة أو تقدمي هدايا‬
‫غالية مقابل احلصول على أحد هذه األغراض‪ ،‬كل هذا بسبب الذهنية السحرية اليت طغت على هذه الفئات‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫وهناك كفئات يف املغرب األوسط جلأت لتغسيل قرب الرجل الصاحل وهو ما عد بدعة مستحدثة ومنكرة‬

‫‪ - 1‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪.217/0 ،‬‬


‫‪ -2‬حول صفة تغسيل امليت وما جاء كفيجا من نوازل ينظر‪.‬املازوين‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪212‬؛ ‪.219‬أورد الونشريسي يف نوازله جواب ابن‬
‫مرزوق(ت‪121‬هـ‪2229/‬م) حول قضية ما جيوز ملسه من أعضاء امليت عند غسله‪.272-201/2 .‬‬
‫‪ -3‬ابن الزيات‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪212‬‬
‫‪ - 4‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.290/1 ،‬‬

‫‪201‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫‪ /1‬تكفين الميت‪:‬‬
‫يقصد بتكفني امليت إدراجه يف الكفن‪ 1‬والكفن هو الثوب الذي يسرت جسده‪ ،‬ويكون نظيفا أبيض‬
‫اللون‪ ،2‬وجيمر ويبخر ويطيب‪ ،‬كفالرجل يكفن يف ثالث لفائف‪ ،‬بينما املرأة تكفن يف مخس ( قميص‪ ،‬ومئزر‪،‬‬
‫ولفاكفة‪ ،‬مقنعة‪ ،‬وخامسة تشد هبا كفخذاها)‪ ،‬وترد طرف اللفاكفة العليا على شقه األمين مث يرد طركفجا اآلخر على‬
‫شقه األيسر‪ ، 3‬وعملية تكفني امليت هي عملية مقدسة وهلا خصوصية لدى مجيع املسلمني إىل درجة أن هناك من‬
‫كفضل شراء الكفن يف حياته من ماله اخلاص‪ ،‬كما عمل آخرون على إحضاره معجم أثناء ذهاهبم للحج‪ ،‬كون‬
‫احلج ركن مقدس ومكة مكان مقدس ومنه قدسية الكفن بقدسيتجما‪ ،‬وتعدى األمر إىل وجود بعض العرائس ممن‬
‫أخذت الكفن ضمن ججازها‪.‬‬
‫أشار الونشريسي (ت‪922‬هـ‪ 2109/‬م) إىل بعض العادات والتقاليد املتصلة باجلنائز والوكفاة‪ ،‬منجا عادة الذكر‬
‫اجلجوري والتجليل أمام اجلنازة‪ ،‬كفيقوم الناس يف جنائزهم عند محلجا بالتجليل والتصلية والتبشري والتنذير على صوت‬
‫واحد‪ ،4‬وأثناء إخراج امليت من بيته تتبارى النساء بالبكاء والنواح وتصدرن صيحات مزعجة‪ ،‬وهي صيحات‬
‫الوداع األخري‪ ،‬أين خيتلط الرجال بالنساء يف هذه اللحظة املؤثرة ويف حماولة للتخفيف عليجن‪ ،‬ويقرأ القرآن على‬
‫اجلنازة يرتله مجاعة من حفظته بنغمة واحدة ‪ ،5‬ويبدو أن عادة العويل ولطم اخلدود كانت معروكفة عند نساء مدينة‬
‫تلمسان عاصمة املغرب األوسط‪ ،‬ألن كتب احلسبة تشري إىل ذلك وتذم هذه الظاهرة الغريبة عن اإلسالم وتنجاهن‬
‫عنجا‪ ،6‬إال أن األعيان والوججاء وأسر الفقجاء والصلحاء ال يندبن وال يلطمن خدودهن‪ ،7‬وهناك من اختذن من‬
‫الزغاريت وسيلة لتوديع امليت‪ ،‬لذا هنى الفقجاء عن هذا الفعل وعدوه بدعة جيب قطعجا‪ ، 8‬ويذكر‬

‫‪ -1‬الوزان‪ :‬مصدر سابق‪.101/2 ،‬‬


‫‪ -2‬يرمز البياض يف العقلية الشعبية للفضيلة والتقوى‪ ،‬وهو دليل التقشف يف امللبس‪ ،‬إنه خالصة األلوان وميكن أن يوحي بلون القمر واألبعاد املبجرة‪ ،‬إنه‬
‫صورة النور والنقاوة ‪.‬موكفق‪ ،‬زاوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪ 229‬؛ عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.219‬‬
‫‪ - 3‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪ . 10-29‬تطرق الونشريسي إىل قضية سرت املوتى باحلرير أين أكفىت بتحرميجا‪ ،‬معتربا إياها من البدع احلادثة يف‬
‫تلمسان واملغرب اإلسالمي‪ .‬املعيار‪.110-100/2 ،‬‬
‫‪- 4‬نفسه‪.271/1 ،‬‬
‫‪ - 5‬الوزان‪ :‬مصدر سابق‪. 101/2 ،‬‬
‫‪ - 6‬حيي‪ ،‬بن عمر ‪ :‬مصدر سابق‪.91-92 ،‬‬
‫‪ - 7‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪. 197/2 ،‬‬
‫‪ - 8‬الربزيل‪ /‬مصدر سابق‪.101/2 ،‬‬

‫‪202‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫الونشريسي(‪922‬هـ‪2109/‬م) أن من عادات أهل املغرب عند وكفاة الرجل خروج نساء أهله وأقاربه ومعجن نساء‬
‫اجلريان إىل املقربة‪ ،‬كما أن املرأة اليت ميوت زوججا أو ولدها تعاهد قربه كل يوم مجعة‪.1‬‬
‫ثالثا‪ :‬الموكب الجنائزي والصالة على الميت‪.‬‬
‫بعد االنتجاء من التكفني‪ ،‬يوضع امليت على النعش ويغطى بلحاف يسرته‪ ،‬كفيقدم رأسه عند إخراجه من البيت‬
‫ليوضع دائما باجتاه القبلة‪ ،‬وعادة ما حيمل كفوق أكتاف أربعة رجال من أقاربه‪ ،2‬ومن العادات اليت أثبتت حضورها‬
‫طلي نعش امليت بالزعفران‪ ،3‬وسادت ببعض مناطق املغرب األوسط ظاهرة التمسح بالنعش والتربك به‪ ،4‬السيما‬
‫إذا كان املتوىف من األولياء والزهاد واملتصوكفة‪ ،‬من ذلك تزاحم الناس يف جنازة أمحد الغماري‬
‫(ت‪172‬هـ‪2201/‬م) على نعشه بغية التربك به‪ ،‬كفمنجم من سعى إىل ملس النعش أو مسح ثوبه به‪ ،‬وكذلك‬
‫األمر مع نعش احلسن بن أبركان (ت‪117‬هـ‪2212/‬م)‪ ،‬أين تزاحم الناس يف جنازته بغية الوصول إىل النعش‬
‫والتربك به‪ ،5‬وحدث نفس الشيء مع نعش الشيخ السنوسي ( ت‪191‬هـ‪2219/‬م)‪ ،6‬وغريهم كثريون ممن تسابق‬
‫الناس يف حضور جنائزهم وملس نعوشجم لنيل الربكة‪ ،‬ذلك أن االعتقاد السائد عندهم بأن النعش الذي حيمل ولياً‬
‫صاحلا قد صبِ َـغ بربكة ذلك الويل‪ ،‬ومن ملسه ستنتقل إليه تلك الربكة‪ ،‬وهو نفس األمر الذي سجل يف التمسح‬
‫باألضرحة‪.‬‬
‫ومن الطقوس املتعاركفف عليجا واليت ال اختالف كفيجا الصالة على اجلنازة‪ ،‬إما يف املسجد حيث يكون يف‬
‫انتظاره بعض الناس‪ ،‬أو يصل املوكب إىل املقربة كفيصلى على اجلنازة كفيجا‪ ،‬بعدها يوضع امليت على جانبه األمين‬
‫داخل القرب ويوارى الثرى‪ ،‬بعد أن يغطى مبجموعة من األحجار املسطحة‪ ،‬وتوضع حجرة عند رأس امليت تسمى‬
‫الشاهدة إذا كان رجال‪ ،‬وتضاف حجرة أخرى عند أرجل امليت إذا كان املتوىف امرأة وتصبح شاهدتان‪ ،‬وتعترب‬
‫الشاهدة رسم حلدود القرب والتمييز بني قبور الرجال والنساء‪ ،‬كما أن وجود الشاهدة على رأس امليت الذكر‬
‫واختفائجا عند قدميه تعرب عن الفضاء املفتوح أمام الرجال‪ ،‬وحضورها عند أرجل املرأة تعرب عن انغالق الفضاء‬

‫‪ - 1‬املعيار‪ 210 -229/0 ،‬؛ حيي‪ ،‬ابن عمر‪ :‬مصدر سابق‪91-92 ،‬؛ ابن صعد‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.221‬‬
‫‪ - 2‬عبد الغين‪ ،‬منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪219‬؛ موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬جدلية الذكورة‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ -3‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.212/1 ،‬‬
‫‪ -4‬حممد‪ ،‬حقي‪ :‬املوقف من املوت يف املغرب واألندلس يف العصر الوسيط‪ ،‬املغرب‪ :‬مطبعة مانيال‪1007 ،‬م‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪ - 5‬ابن صعد‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪122-221‬؛ ابن مرمي ‪ :‬مصدر سابق‪.92-72 ،‬‬
‫‪ -6‬حممد‪ ،‬املاليل‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪222‬‬

‫‪203‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫أمام املرأة يف القرب‪ ،1‬ويعزى أهل امليت‪ ،‬ويسعى الناس ملواساهتم‪ ،‬ويقدم بعض ذوي املوتى الطعام للمعزين‬
‫واملعزيات‪.2‬‬
‫اختلف عدد ومكانة الناس الذين حضروا الصالة على اجلنازة حسب مكانة املتوىف‪ ،‬كفإن كان حدث املوت‬
‫كطقس عبور واحدا مع اجلميع ويف مجيع مراحله‪ ،‬إال أن اإلنسان تعامل مع بعض حمطاته بنوع من التفرقة واليت‬
‫جتلت يف عملية تشييع اجلنازة‪ ،‬وكذا تزيني القبور أين يربز االختالف يف وجاهة ومكانة املتوىف ومن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫املصدر‬ ‫احلضور يف اجلنازة‬
‫سابق‪،‬‬ ‫مصدر‬ ‫حضر وكفاة الشريف التلمساين (ت‪772‬هـ‪2209/‬م) العلماء والفقجاء التنسي‪:‬‬
‫ص‪.210‬‬ ‫والطلبة والصلحاء‪.‬‬
‫حيي بن خلدون‪ :‬مصدر سابق‬ ‫كفاحتفل الناس يف حضور جنازته‪.‬‬
‫البغية ‪/2‬‬
‫ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪،‬‬ ‫احتفل الناس جبنازته‪.‬‬
‫ص‪221‬‬
‫كانت جنازته من اآليام املعدودة واحملاضر املشجورة امتألت السكك ابن صعد‪ :‬مصدر سابق‪-221 ،‬‬
‫‪122‬‬ ‫والشوارع مبن حضرها‪.‬‬

‫التنبكيت‪ :‬مصدر سابق‪-22/1 ،‬‬ ‫حضر السلطان‪ ،‬جنازة أبو الفضل العقباين ( ت‪112‬هـ‪2210 /‬م)‪.‬‬
‫‪-271‬‬
‫الغربيين‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪11‬‬ ‫كان له مشجد عظيم‪.‬‬
‫سابق‪،‬‬ ‫مصدر‬ ‫ابن صعد‪:‬‬ ‫حيضرها الرجال والنساء‪.‬‬
‫ص‪221‬‬
‫ابن صعد‪ :‬مصدر سابق‪221 ،‬‬ ‫أما أهل البلد كفما ختلف منجم أحد‪.‬‬
‫ابن مرزوق احلفيد (ت‪121‬ـ‪2229/‬م) وأبو الفضل العقباين صلى عليجما ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‬
‫‪121‬‬ ‫باملسجد األعظم بتلمسان‪.‬‬
‫سابق‪،‬‬ ‫مصدر‬ ‫التنبكيت‪:‬‬ ‫وكانت جنازات األولياء كثرية احلشود‪.‬‬
‫ص‪.222‬‬

‫‪ - 1‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬جدلية الذكورة‪ ،‬ص ‪.200‬‬


‫‪ - 2‬الوزان‪ :‬مصدر سابق‪101/2 ،‬؛ عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪. 197/2 ،‬أما عن صفة اجلنازة ينظر اإلمام مالك‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬

‫‪204‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫‪ /3‬عادة دفن الجنازة‪:‬‬


‫الدكفن هو آخر طقس يتعلق باملتوىف‪ ،‬ويف نفس الوقت هو احملطة األخرية يف طقوس العبور‪ ،‬كفالغرض من الدكفن‬
‫أن يوارى امليت يف حفرة حتجب رائحته ومتنع احليوانات والطيور عنه‪ ،‬وهذا نظرا حلرمته وقداسة جثته‪ ،‬وعلى هذا‬
‫األساس ينبغي تعميق القرب قدر قامة‪،‬وهو من نشاط واختصاص احملتسب‪ ،‬الذي يأمر حاكفري القبور أن يعمقوها‬
‫قدرا حسنا‪ ،‬حبيث ال تظجر روائحجم‪ ،‬وال تتمكن السباع والكالب من نبشجم‪ ،‬وأن يسرتوا ما خرج هلم من عظام‬
‫املوتى يف الرتاب وال يرتكونه ظاهرا‪ ،1‬ومنه جاء تعريف القرب على أنه مدكفن اإلنسان‪.2‬‬
‫وعادة ما يكون الدكفن الطقوسي وحده هو من يؤكد املوت‪ ،‬زد على ذلك أن موت أحدهم غري معرتف‬
‫بصحته إال بعد إكمال الطقوس اجلنائزية‪ ،3‬كفبعد إدخال امليت للقرب‪ ،‬جيعل وججه للقبلة‪ ،‬بعدها حتل أربطة‬
‫الكفن‪ ،‬ومن كان بالقرب من القرب حيثو ثالث حاثيات من الرتاب‪ ،‬وإن كان امليت امرأة كفيطلب سرت قربها بثوب‬
‫لتكون حمجوبة عن أعني الناس حىت توارى بالرتاب‪ ،‬هذا ما يفسر حرمة املرأة ومكانتجا حىت يف القرب‪ ،‬ويستحب‬
‫ركفع القرب قدر شرب عن ظجر األرض ويكون مسنما أي على شكل سنم اجلمل‪ ،4‬كما أن هناك من اعتقد بقدرة‬
‫تراب القرب على منح قدرة عالجية وشفاء بعض األمراض حسب درجة صالح الشخص املدكفون‪ 5‬وهو ما كفصنا‬
‫كفيه يف التشايف برتاب األضرحة يف الفصل الثاين‪.‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل ظاهرة سادت بعض ججات املغرب األوسط وهي ظاهرة نبش القبور إلعادة الدكفن هبا أو‬
‫لتوسعة ما‪ ،‬ذكر الونشريسي (ت‪922‬هـ‪2109/‬م) أنه سنة ‪170‬هـ‪2272/‬م أباح بعض الفقجاء حفر مقربة‬
‫ونبشجا إلنشاء سور أو بروج وهو ما مل جيزه وحرمه‪ ،‬كما سأل ابن مرزوق عن مقربة يزيد عمرها عن مثانني سنة‪،‬‬
‫هل جيوز إعادة الدكفن كفيجا بعد نبش القبور القدمية وهو ما ركفضه وحرمه‪.6‬‬
‫عكست قداسة املوت يف ذهنية جمتمع املغرب األوسط صورة النسوة املسنات خاصة من أقارب امليت‪ ،‬كفبعد‬
‫دكفنه تذهنب يف الغد صباحا إىل قربه للقيام بطقس "املصاحبة" ووردت بالصبحة عند األلباين‪ ،7‬وهناك من تضع إناء‬
‫به ماء عند رأس القرب‪ ،‬القصد منه أن يكون صدقة جارية لصاحب القرب إذا شربت منه الطيور‪ ،‬ومن غاب من‬

‫‪ -1‬موسى‪ ،‬لقبال‪ :‬احلسب ة املذهبية يف بالد املغرب العريب ( نشأهتا وتطورها)‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ :‬اجلزائر‪2972 ،‬م ‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 2‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -3‬الياد‪ ،‬مارسي‪ :‬املقدس واملدنس‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 4‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 5‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪221،222 ،219‬؛ هني عن أخذ تراب القرب يف كفتوى الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪.101/2 ،‬‬
‫‪ - 6‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.219/2 ،‬‬
‫‪ - 7‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬

‫‪205‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫أهل امليت عن طقس املصاحبة الموا عليه كأنه ترك كفرضا معينا ‪ ،1‬كما أحدثوا عادة القراءة على القرب وتكرار‬
‫زيارته‪ ،2‬ملا شاهدوه من زيارة الصلحاء واملتصوكفة للمقابر كفابن مرزوق (ت‪012‬هـ‪2111/‬م) كان يزور املقابر يف‬
‫أيام خمصوصة‪.3‬‬

‫باإلضاكفة إىل ظاهرة تقديس قبور األولياء والعناية بقبور السالطني والوججاء اليت أشرت إليجا يف الفصل السابق‪ ،‬إال‬
‫أن العادة جرت عند بعض األسر وخاصة الغنية منجا أن تقوم ببناء القرب وجتميله‪ ،‬مثل ما حدث يف بيت أيب عبد‬
‫اهلل حممد الثاين ابن مرزوق‪ ،4‬وأكثر املواد املستعملة يف البناء على القبور وجتميلجا مادة الرخام املشوي‪ ،‬حيث‬
‫توجد العشرات من شواهد القبور احملفوظة مبتحف تلمسان واملصنوعة من الرخام املشوي‪ ،‬واليت أوردها الباحث‬
‫وليام مارسي يف كتابه "مقتنيات متحف تلمسان" كفنجد العديد من القطع األثرية األخرى واليت تعود ملقابر‬
‫وأضرحة املغرب األوسط خاصة حاضرة تلمسان‪ ،‬واليت حوت معلومات مجمة عن بعض األمور املتعلقة باجلنائز‬
‫واملقابر‪ ،‬منجا بناء السقائف والقباب والروضات‪ ،‬يف حني زينت بعض القبور‪ ،‬واختذت بعضجا شواهد من املرمر‬
‫ونقش عليجا اسم املتوىف وتاريخ وكفاته‪.5‬‬
‫كانت تقتطع أراضي واسعة وختصص لبناء املقابر‪ ،‬إذ حبس بعض األغنياء أراضي واسعة هلذا الغرض‪،6‬‬
‫كما كانت بعض األسر التلمسانية تفضل شراء قطع من األرض لدكفن أكفراد العائلة ‪ ،7‬وخصصت بعض املقابر‬
‫الستقبال الوججاء واألعيان من رجال الدولة وأكفراد أسرهم دون سواهم‪ ،8‬كما كانوا يقيمون مقابرهم خارج املدينة‬
‫أو جبوار مداخلجا وأبواهبا‪ ،9‬ومن أمثلة هذه املقابر أذكر‪:‬‬

‫‪ -1‬ابراهيم‪ ،‬القادري بوتشيش‪ :‬املغرب واألندلس‪ ،‬ص‪.201‬‬


‫‪ -2‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.210-211/1 ،‬‬
‫‪ - 3‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪ .212‬ابن صعد‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ -4‬أنكر الفقجاء البناء على القبور وجتصيصجا وشد الرحال إىل زيارهتا‪ ،‬وقالو إنه من البدع واستدلوا حبديث الرسول عليه السالم‪ « :‬إذا طني القرب مل‬
‫يسمع صاحبه األذان‪ ،‬وال الدعاء وال يعلم من يزوره كفال تطينوا قبور موتاكم‪ ،‬دعوهم يسمعون الذكر‪ ،‬وال يزال تراب القرب يسبح اهلل ما مل يطني القرب‬
‫كل يوم عشر مرات حىت يغفر اهلل لصاحبه»‪ .‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.211/22 ،‬‬
‫‪ -5‬مجال‪ ،‬أمحد طه‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ -6‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪100‬‬
‫‪ -7‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪. 119/2 ،‬‬
‫‪ -8‬املراكشي‪ ،‬ابن عذارى‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -9‬نفسه‪ ،‬ص‪. 112‬‬

‫‪206‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫مقربة القاضي‪ :‬الواقعة على حاكفة الطريق املؤدي إىل مزار أيب مدين شعيب (‪192‬هـ‪2291/‬م)حيث‬ ‫‪-‬‬
‫توجد شواهد قبو أكفراد أسرة املقري وأكفراد أسرة العقباين‪.1‬‬
‫مقربة لفئة الربجوازية‪ :‬والدليل شواهد القبور لفئة الربجوازية من أهايل مدينة تلمسان واملوجودة مبتحف‬ ‫‪-‬‬
‫تلمسان‪.2‬‬
‫مقربة ملكية‪ :‬حوت رخام موشوي خمتلف األشكال‪ ،‬أ ِخذ من القبور امللكية الزيانية املوجود مبتحف‬ ‫‪-‬‬
‫تلمسان ‪.3‬‬

‫‪ /0‬التعزية‪:‬‬
‫التعزية وهي تصبري أهل امليت وعوهتم الحتساب األجر عند اهلل وختفيف حزهنم وهتوين املصيبة عليجم‪،4‬‬
‫وتعترب التعزية سلوكا اجتماعيا يقوم به األهل واجلريان واألحباب جتاه أسرة امليت‪ ،‬حلثجم على الصرب والثبات عند‬
‫الصدمة األوىل‪ ،‬كفجذا احلدث اجللل قد خيلق يف النفس تصادما وتعارضا‪.‬‬
‫ومن بني الرسائل األدبية جند رسائل التعزية‪ ،‬واليت تصف حالة النفس وتأثرها عند مساعجا بفقدان أحد األقرباء‬
‫أو األصدقاء‪ ،‬وأحيانا متتزج التعزية بالتجنئة خاصة إذا كان املتويف سلطانا كفَـيـ َع ِزى ويل العجد ويجنئه يف نفس الوقت‬
‫باعتالء العرش‪ ،‬وأمثلة ذلك كثرية منجا الرسالة اليت وجججا ابن اخلطاب التلمساين إىل األمري أيب سعيد عثمان بن‬
‫يغمراسن بن زيان (‪077-022‬هـ‪2112-2129/‬م)مبناسبة وكفاة والده واعتالئه سدة احلكم جاء كفيجا‪ «:‬وقد‬
‫كان من وكفاة موالنا السلطان أيب حيي والدكم‪ ،‬ما جرى به القدر وشاب ألهله صفو احلياة الكدر‪ ،‬ومأل القلوب‬
‫حزنا وصري سيل العزاء وعرا حزنا‪ ،‬كفياله رزءا كفادحا وثكال جرى بنا يف ميدان األسى جاحما‪ ،‬ونفض العيش وعلم‬
‫احلليم الوقور الطيش‪ ،‬وصار شجا يف الصدر معرتكفا كفلوقا ومته نفوسنا لفديناه هبا عن طلوع من ورضا‪... ...‬هنأ‬
‫اهلل موالنا هذا الصنع الذي نسخ‪ ،‬كل كرب وأدخل النور يف كل قلب وأجل الصنائع موقعا وأنورها مطلعا ما‬
‫أهدى اجلدل إىل الصدور وحما أثر احلزن منجا بيد السرور وأعقب التعزية التجنئة كما عقب الظالم النور‪.»5‬‬

‫‪ - 1‬وليام‪ ،‬مارسي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 4‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪.11‬قال ابن القيم اجلوزية ‪ :‬كان من هديه ﷺ تعزية أهل امليت‪ ،‬ومل يكن من هديه أن جيتمع للعزاء ويقرأ له‬
‫القرآن ال عند قربه وال غريه‪ ،‬وكل هذا بدعة حادثة مكروهة‪ .‬زاد املعاد يف هدي خري العباد‪ ،‬تح‪ :‬شعيب األرناؤوط وعبد القادر األرناؤوط‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫الكويت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪2991 ،‬م‪ 0 ،‬جملدات‪.101/2 ،‬‬
‫‪ - 5‬كفصل اخلطاب يف نثر أيب بكر بن اخلطاب خمطوط حتت رقم د‪ 772 /‬ورقة ‪ 21-22‬وأبو بكر بن اخلطاب ت ‪010‬هـ‪2117/‬م‪.‬نقال عن عبد‬
‫العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪201/2 ،‬‬

‫‪207‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫وهناك خطاب تعزية آخر وججه ابن اخلطاب التلمساين إىل أخ الفقيد ( أيب عبد اهلل حممد الثاين ابن‬
‫مرزوق) جاء كفيه‪ « :‬وقد بلغين ما جرى به القدر من وكفاة أخيكم كفقد صدع مصابه كبدي‪ ،‬ونقض عرا صربي‬
‫وجلدي‪ ،‬وأطال مدى حزين وكمدي وكفقدت به عديت وعددي كفنومي ناكفر ودمعي ماهر‪...‬ولو قبل كفيه الفداء‬
‫كفديته مبا لدي من نفس ومال‪...‬وله أنه جيل عن الفداء لفديته بالنفس وحللت بدال منه يف ذلك الرمس‪.»1‬‬
‫يعد واجب العزاء سنة محيدة خيفف هبا الناس عن أهل املتوىف مصيبتجم يف كفقده‪ ،‬على أن ال يطيل الناس‬
‫املكوث عند أهل امليت وال يتصدون للعزاء ألن ذلك بدعة مكروهة حسب رأي الفقجاء املالكية‪.2‬‬
‫‪ /1‬نهاية الحداد‪:‬‬
‫يعترب احلداد من الطقوس التبعة للوكفاة وإن اختلفت مدته حسب عالقة كل واحد باملتوىف كفجناك من ال جيوز له‬
‫أن حيد كفوق ثالثة أيا م وهناك من وجب عليجا لبس ثوب احلداد طوال كفرتة العدة إن كان املتوىف ترك زوجة‪،‬‬
‫وكغريه من الطقوس اجلنائزية السابقة‪ ،‬يعرف احلداد بدوره نوعا من التباين بني الثابت الديين واملتغري الشعيب‪ ،‬كففي‬
‫الوقت الذي يركز كفيه الثابت الديين على ضرورة الصرب أثناء الفاجعة والرتكيز على االحتساب‪ ،‬وأن احلزن على‬
‫امليت جيب أن يكون يف سكينة وصمت‪ ،‬ويرتك اجملال األكرب للعربة والدعاء للميت وأهله‪ ،‬إال أن املتغري الشعيب‬
‫يربز بعض املمارسات‪ ،‬كشق الصدر وندب الوجه والضرب على اجلسم وتقطيع الشعر‪ ،3‬وهي أمور مستججنة‬
‫على قلتجا يف اجملتمع‪ ،‬ألن عامل الرتبية الدينية والروحية وتنشئة بعض األسر يف املغرب األوسط عملت كحاجز‬
‫ملنع أهل املتوىف من جتاوز حدود الشرع يف التعبري عن احلزن‪.‬‬
‫‪ /0‬الوصية‪:‬‬
‫حتضى الوصية اليت يرتكجا امليت مكتوبة أو منطوقة مبكانة خاصة لدى أقارب امليت‪ ،‬إذ جيب تنفيذها دون‬
‫نقاش أو اعرتاض خاص ة إذا مل ختالف الشرع‪ ،‬ومن بني أهم الوصايا اليت حفظتجا لنا املدونة الوسيطة باملغرب‬
‫األوسط أن السلطان يغمراسن بن زيان (‪012-022‬هت‪2111-2122/‬م) قد أوصى بأن يدكفن جبانب ابن‬
‫مرزوق (ت‪012‬هـ‪2111/‬م)‪ ،4‬وهو ما حدث كفعال بعد وكفاته‪ ،‬وكثريون هم من تركو وصية كي يدكفنوا مبقربة‬
‫العباد لقدسية املكان نظرا الحتوائه على أضرحة األولياء‪ ،‬وعلى رأسجم ضريح أيب مدين شعيب‬

‫‪ - 1‬كفصل اخلطاب ورقة‪ ،20‬نقال عن عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪.191/2 ،‬‬


‫‪ - 2‬الونشريسي‪ :‬املعيار‪.212/22 ،‬‬
‫‪ -3‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪220‬؛ جدلية الذكورة‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ - 4‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‪.270‬‬

‫‪208‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫(ت‪192‬هـ‪2291/‬م) لدرجة أن أبو اسحاق التنسي ( ت‪070‬هـ‪2217 /‬م) أوصى ابن القطان بأن يشرتي له‬
‫موضعا يف العباد يعده مدكفنا له لرؤية يف منامه‪.1‬‬
‫وهناك وصايا أخرى حيث أوصى أحدهم بشراء كفن وقـلَة وقدح قبل وكفاته‪ ،‬وأمر أبو مور الدكايل أن تكون‬
‫مصاريف جنازته من الدراهم اليت تركجا حتت كفراشه‪ ،‬وهو مثن املصحف الذي باعه‪ ،‬وكذلك أوصى باالحتفاظ‬
‫بقلنسوته اليت حج هبا أربع وعشرين سنة ‪ ،2‬أوصى الويل الصاحل أبو عمر ميمون السرغيين بأن يدكفن معه مكتوب‪،‬‬
‫وهو عبارة عن أمساء طلبته الذين ختموا عنده القرآن وعددهم ستون طالبا‪ ،3‬كما أوصى أبو احلسن علي بن حممد‬
‫الزواوي أوالده حني بكوا عليه بقوله‪ « :‬ال عليكم مجما أصابكم أمر أو عارض كفأتوا إىل قربي وأذكروا وأشكوا‬
‫مهكم وسألوا اهلل يفرج عنكم»‪.4‬‬
‫كثرية هي األمثلة اليت حفظتجا لنا املدونة الوسيطة حول أنواع وحمتويات الوصايا اليت تركجا أصحاهبا لذويجم بغية‬
‫تنفيذها‪ ،‬إذ تعاملوا معجا بكثري من اجلدية وطبقوا حمتواها كأهنا نصوص ملزمة‪ ،‬ملا له من أثر نفسي يف نفوسجم‬
‫بأهنم حققوا ملوتاهم مبتغاهم وهو ما سيحقق هلم نوع من السكينة والطمأنينة‪.‬‬
‫‪ /1‬طقس السبوع وأربعينية الميت‪:5‬‬
‫لطاملا شكلت األرقام رموزا مقدسة لبعض سكان املغرب األوسط خاصة أيام األكفراح‪ ،‬ومنجا العدد سبعة الذي‬
‫احتل مكانة مرموقة يف املخيال الشعيب‪ ،6‬وقد يعود ذلك إىل التأثر بالنصوص الدينية خاصة القرآن الذي ذكر‬
‫العدد سبعة أكثر من مخسة عشر مرة‪ ،7‬منجا أن األراض والسماوات واألحبر وأبواب اجلنة وأبواب النار كلجا‬
‫سبعة‪ ،‬كفيوم العقيقة يصادف اليوم السابع من الوالدة‪ ،‬وهناك سابع العروسة‪ ،‬وسبوع امليت‪ ،‬باإلضاكفة إىل اليوم‬
‫الثالث واليوم األربعني بعد الوكفاة‪.‬‬

‫‪ - 1‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪.112 ،‬‬


‫‪ -2‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪202-110-217-221‬‬
‫‪ -3‬ابن مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص ‪200‬‬
‫‪ -4‬الغربيين ‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪222.‬‬
‫‪ - 5‬رمبا هذه الظاهرة مستمدة من املصريني القدماء الذين حينطون اجلثة ملدة أربعني يوما‪ .‬حممد‪ ،‬خري الدين األسدي‪ :‬موسوعة حلب املقارنة‪ ،‬تنقيح‪:‬‬
‫حممد كمال‪ ،‬حلب‪ -‬سوريا‪ :‬مجعية العاديات‪1009 ،‬م‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ - 6‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪ - 7‬زازوي‪ ،‬موكفق‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص ‪.221‬األراضي والسماوات واألحبر وأبواب اجلنة وأبواب النار كلجا سبعة‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫أشار الونشريسي(ت‪922‬هـ‪2109/‬م) إىل عادة سابع امليت‪ ،‬يف حديثه أن أهل املتوىف يف اليوم السابع للوكفاة‬
‫يصنعون طعاما للقراء والفقراء واألقارب للرتحم على امليت وصلة لألرحام‪ ،‬ويسمى هذا الطعام بعشاء القرب‪،1‬‬
‫وذكر أنه من املستحب أن يرسل اجلريان واألقارب الطعام ألهل امليت‪،2‬كما كانوا يضربون يف هذا اليوم الفسطاط‬
‫(نوع من البناء) على قرب املتوىف‪ ،‬ويستأجرون أحد القراء لتالوة ما تيسر من القرآن على القرب‪ ،‬وذلك على الرغم‬
‫من حث الفقجاء على نبذ تلك العادة اليت اعتربت من البدع ومما أحدثه الناس‪ ،3‬وكان أهل تلمسان ال يطفئون‬
‫املصباح يف املنزل مدة سبع ليايل كاملة‪ ،4‬كما كان من عادهتم يف هذا اليوم أن يتصدقوا بثياب امليت وكفرشه وما‬
‫كان يتناول كفيه من آنية وغري ذلك للفقراء واملساكني‪ ،5‬على نية أن يلحقه أجر الصدقة إذا ما استعملت أغراضه‪.‬‬
‫أما بعد مضي أربعني‪ 6‬يوما من الوكفاة‪ ،‬كان يقام "طقس األربعني" لتذكر امليت‪ ،‬كفيصنع أهله طعاما‬
‫يتصدقون به ويدعون له بالرمحة واملغفرة‪ ،‬ويذهبون إىل قربه ويوضحون حدوده ويعلموهنا بعالمات كنصب بعض‬
‫األحجار واليت تدعى بالشواهد بتلمسان وضواحيجا‪ ،7‬ويعترب طقس األربعني رمزا كفاعال يف إنتاج املظاهر املتصلة‬
‫باملوت كآخر يوم حزن ألهل امليت‪ ،‬أين تبقى األرملة وحدها يف حالة احلداد إذا كان املتوىف زوججا‪ ،‬ويقوم أهل‬
‫امليت ب "طقس اخلتمة" أين تتم قراءة وختم القرآن على نيه أن ينال املتوىف األجر‪.‬‬
‫‪ /0‬التكلم مع الموتى‪:‬‬
‫مل يتوقف اعتقاد سكان املغرب األوسط يف ما حيدثه املوت من خوف وكفزع وهالة‪ ،‬وما يقومون به من طقوس‬
‫ومماراسات الحتواء هذا احلدث‪ ،‬بل تعدى األمر اعتقادهم يف قدرة بعض الناس على التكلم مع املوتى حىت أن‬

‫‪ - 1‬املعيار‪ 227 /2 :‬وهو عبارة عن طعام يعده أهل امليت لألقارب واملعزين على نية الصدقة باسم املتوىف‪ ،‬وعادة ما يكون الطعام من مال امليت‬
‫ويشرتط كفيه األضحية‪ ،‬إذ هي واسطة بني املتوىف واألحياء‪ ،‬أين يصبح هذا العشاء عشاءا مقدسا‪ ،‬قال جرير بن عبد اهلل البجلي‪ :‬كنا نعد االجتماع إىل‬
‫أهل امليت وصنعة الطعام من النياحة‪ .‬األلباين‪ :‬تلخيص أحكام اجلنائز ‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ - 2‬رسالة أمحد بن عبد اهلل بن عبد الرؤوف‪ :‬يف آداب احلسبة واحملتسب‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ - 3‬الربزيل‪ :‬مصدر سابق‪121/2 ،‬؛ املعيار‪ 227/2 :‬؛ وذكر ابو املودة أنه من الضالل الفضيع واملنكر الشنيع والشماتة البينة واحلماقة غري اهلينة‬
‫تعليق الثريات وإدامة القجوات يف بيوت األموات واالجتماع كفيجا للحكايات وتضييع األوقات يف املنجيات مع املباهات واملفاخرات‪ .‬مصدر سابق‪،‬‬
‫‪.100/2‬‬
‫‪ - 4‬الونشريسي‪ ،‬املعيار‪.229-227/2 ،‬‬
‫‪ 5‬عبد العزيز‪ ،‬كفياليل‪ :‬تلمسان‪.191/2 ،‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اها بِ َعشر كفَـتَ َّم مي َقات َربِّه أَربَع َ‬
‫ني‬ ‫‪6‬‬
‫ني لَيـلَةً َوأَمتَمنَ َ‬
‫وسى ثََالث َ‬
‫اعدنَا م َ‬ ‫‪ -‬الرقم أربعون ذكر أربعة مرات يف القرآن الكرمي كفميعاد موسى كان ألربعني يوما ﴿ َوَو َ‬
‫س َعلَى ال َقوِم‬ ‫ض كفَ َال تَأ َ‬ ‫ني َسنَةً يَتِيجو َن ِيف األَر ِ‬ ‫ِ‬
‫ال كفَِإنـ ََّجا حمََّرَمةٌ َعلَي ِجم أَربَع َ‬
‫لَيـلَةً﴾ سورة األعراف‪ ،‬اآلية ‪ 221،‬ونفي إسرائيل كان أربعني سنة﴿ قَ َ‬
‫ني﴾ سورة املائدة‪ ،‬اآلية ‪.10‬‬ ‫ِِ‬
‫ال َفاسق َ‬
‫‪ - 7‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪.222-221‬‬

‫‪210‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫ابن الزيات قال‪ « :‬مسعت بعض املريدين يقولون إهنم يكلمون املوتى وجييبوهنم يف قبورهم كفقال يل‪ :‬هذا صحيح‬
‫إن هلل تعاىل عباد لو تكلموا مبا استفادوا من مواهب اهلل تعاىل ألكفىت هؤالء الفقجاء برمججم‪ ،»1‬ومعناه أن هناك من‬
‫الناس من استصعب األمر ومل يصدقه وهو األمر الذي ركفضه الفقجاء‪ ،‬ومن النصوص الكثري اليت وردت عند ابن‬
‫الزيات يف التشوف أن هناك من حتدث مع أحد أصحابه من املوتى‪ ،2‬كما أشار إىل حوار مطول بني أحد‬
‫األولياء واملرأة صاحبة القرب اليت أرسلته لطلب العفو من زوججا‪.3‬‬
‫ومن الروايات الغريبة أن امليت إذا كان صاحلا ودكفن يف مقربة شفع جلميع املوتى كفيجا‪ ،‬وهو ما أكده ابن الزيات يف‬
‫التشوف من أن كفتاة كانت جتيء لوالدها يف منامه تشكو إليه أهنا تتعذب بسبب دكفن أحد العصاة جبوارها إذ‬
‫قالت له‪ «:‬أنا وجرياين من املوتى يف هم عظيم من أجل رجل من أهل النار يدكفن جبوارنا‪ ،‬كفادكفعه عنا ما‬
‫استطعت‪ ، »4‬لكن شفاعة املدكفون اجلديد وهو أحد األولياء الصاحلني قد خلصت سكان املقربة‪ ،‬كفريوي أهنا‬
‫جاءت لوالدها مرة أخرى يف املنام وقالت له‪ « :‬دكفن حبوارنا رجل صاحل كفأشفعه اهلل يف كل من جياوره من أمامه‬
‫ومن خلفه وعن ميينه وعن مشاله بأربعني ذراعا‪ ،‬كفكنت أنا ممن حازته األربعون ذراعا كفغفر اهلل يل بذلك‪،»5‬‬
‫التحدث مع املوتى كان حسب ما ورد يف املصادر يف حالة اليقظة ويف حالة النوم كفشكل رؤى وأحالم‪.‬‬
‫‪ /7‬العدة طقس عبور األرامل‪:‬‬
‫تعترب العدة لدى النساء املسلمات سواء املطلقة أو املتوىف عنجا زوججا طقس عبور بامتياز‪ ،‬بكل ما متله من‬
‫طقوس وعادات ومقدسات واليت ال ميكن اخلروج عنجا‪ ،‬ذلك أن العدة متثل حالة خروج من وضع له متطلباته‬
‫وإكراهاته االجتماعية‪ ،‬كفاملرأة الزوجة ت نتقل ملرحلة املطلقة أو األرملة يف زمن العدة‪ ،‬لتدخل بعدها يف وضع جديد‬
‫بعد انقضاءها تتمكن خالله من إعادة بناء حياهتا سواء عن طريق الزواج أو ممارسة نشاطاهتا العادية‪.‬‬
‫ضر كفيه املمارسات والسلوكيات اليت‬
‫إن مرحلة الفصل اليت تعيشجا املرأة يف مدة العدة تتم بشكل طقوسي حت َ‬
‫تتسم بطابع رمزي من حيث داللته على كفعل الفصل يف بداية دخول العدة‪ ،‬وذلك من خالل االمتناع عن القيام‬
‫جبملة من األمور اليت كان مسموحا للمرأة القيام هبا من قبل كالتزين واخلروج من البيت طوال املدة احملددة شرعا‪،‬‬
‫وميكن القول أن العدة هي املنطقة الفاصلة بني وضع سابق ووضع الحق‪.6‬‬

‫‪ - 1‬ابن الزيات‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.192‬‬


‫‪ - 2‬املصدر سابق‪ ،‬ص‪.219‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪222-221 ،‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 6‬عمار‪ ،‬بن طوبال‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪211‬‬
‫الفصل الثالث ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انعقاد الموسم والمظاهر الطقوسية‪.‬‬

‫كفالعدة هي منطقة حرة تتجمع كفيجا أوليات قد تكون غريبة أو حتوالت أخرى تستخدم كفيجا وسائل رمزية‬
‫متنوعة‪ ،1‬كفجي يف كفرتة حداد مما يوجب عليجا ترك ما تتزين به من احللي والكحل واحلرير والطيب واخلضاب‪ ،‬كما‬
‫وجب على الزوجة ذلك مدة العدة اليت حددت يف الشريعة اإلسالمية بأربعة أشجر وعشرا من أجل الوكفاء للزوج‬
‫ومراعاة حلقه‪ ،2‬أما بعد انقضاء العدة الشرعية كفيمكن أن ترتدي األرملة ثياب جديدة ملونة‪ ،‬وتتزين بطالء احلناء‬
‫يف يديجا ورجليجا‪ ،‬وتضع قليال من الكحل والسواك‪ ،‬وترمز هذه الزينة إىل املرور من عامل احلداد الضيق املثقل‬
‫باحملرمات واملقيد باحملظورات إىل العامل االعتيادي الفسيح املنشرح‪ ،3‬وتعتقد الكثري من النسوة أن ثياب احلداد‬
‫حتمل نفحات قدسية جتعل منجا ترياقا كفعاال ضد العنوسة وتأخر الزواج‪ ،4‬ورغم قساوة املوت وما خيلفه من آثر‬
‫نفسية أليمة إال ان اهلل منح اإلنسان القدرة على االستمرار والتعمري يف األرض‪.‬‬

‫‪ - 1‬املرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫‪ -2‬موكفق‪ ،‬زازوي‪ :‬الطقوس اجلنائزية‪ ،‬ص‪ .12‬قال رسول اهلل ﷺ‪ :‬ال حتد امرأة على ميت كفوق ثالث إال على زوج‪ ،‬كفإهنا حتد عليه أربعة أشجر وعشرا ‪،‬‬
‫وال تلبس ثوبا مصبوغا إال ثوب غضب وال تكتحل وال تلمس طيبا وال ختتضب وال متشط إال إذا طجرت‪ ،‬ال متس نبذة من قسط أو إضفار ‪.‬ابن تيمية‪:‬‬
‫مصدر سابق‪.190/12 ،‬‬
‫‪ - 3‬عبد الغين منديب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.201‬‬

‫‪212‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‪ :‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الخاتمة‬
‫يتضح من خالل دراسة املـ َق َدس يف ذهنية ساكنة املغرب األوسط بني املعتقدات والطقوس (ق‪9-7‬هـ‬
‫‪/‬ق‪21 -13‬م)‪ ،‬أن موضوع امل ـ َق َدس يف البحوث األكادميية التارخيية اجلزائرية شبه غائب‪ ،‬إال بعض اإلشارات أو‬
‫املقاالت اليت برزت مؤخرا‪ ،‬يف املقابل كان السبق يف دراسته ضمن ميدان األنثروبولوجيا كفجناك العديد من‬
‫الدراسات اجلادة واجليدة اليت اشتغلت على املقدس أو أحد عناصره يف اجملتمع اجلزائري يف الفرتة احلديثة‪ ،‬وقد‬
‫يكون السبب وراء هذا العزوف هو غياب آليات التعامل مع املدونة الوسيطة‪.‬‬
‫اإلنسان يتغري باستمرار هلذا ميكنين القول أن الثقاكفات البشرية مل تتوقف على مدى زمن طويل من ممارسة‬
‫التقديس وإنتاج أنواع من املقدس‪ ،‬وبالتايل من الصعب مبكان حصر مفجوم املقدس داخل حقل معريف معني‪ ،‬كفجو‬
‫أثبت وجوده يف خمتلف حقول املعركفة اإلنسانية‪ ،‬كما ال ميكن حصره يف نشاط معني‪ ،‬وعليه وجب علينا كباحثني‬
‫االستفادة من خمتلف العلوم لدراسة الظاهرة اإلنسانية هبدف اخلروج بقراءات جديدة للتاريخ بصفة عامة‪ ،‬وتاريخ‬
‫املغرب األوسط على وجه اخلصوص‪.‬‬
‫ومما ميكن استخالصه أيضا أن اهلدف الذي سعت املدرسة االستشراقية إليه هو نسب مقدسات سكان املغرب‬
‫األوسط إىل األصل الوثين‪ ،‬وكفق خلفيات إيديولوجية مستوحاة من املشروع االستعماري الذي كان يأطرها‪ ،‬لذا‬
‫استعملت من الناحية التحليلية النظريات واألدوات املفاهيمية اليت كانت سائدة وقتجا‪ ،‬ومنه نستنتج أن أعمال‬
‫املستشرقني قد اصطبغت مبنجج تأويلي واضح‪ ،‬يف حماولة منجم إلثبات كيفية أسلمة كل الطقوس اليت تطرقوا إليجا‬
‫بالدراسة من خالل تركيزهم على البقايا الوثنية‪ ،‬اليت مل تتعرض لعملية األسلمة كما مسوها‪.‬‬
‫جمتمع املغرب األوسط جمتمع مسلم وكفق املذهب املالكي وهو شيء معروف وال خالف كفيه‪ ،‬هذا األمر جعل‬
‫املقدس ال خيرج من إطار الدين يف ثنائية احلالل واحلرام واملسموح واملمنوع‪ ،‬إال أن احلقائق التارخيية وما حفظته‬
‫لنا األستوغراكفيا الوسيطة من معلومات حول املوضوع وعلى قلتجا‪ ،‬قد أثبتت أن هناك مرحلة وصل كفيجا العرف‬
‫لدرجة القداسة وأي انتجاك له ع َد انتجاكا للمقدس‪ ،‬حيث أصبح اإلنسان هو من يصنع مقدساته وخيتلقجا‪ ،‬ومينع‬
‫املساس هبا أو نقدها أو الطعن كفيجا‪ ،‬وهذا دليل على ختطي املقدس يف املغرب األوسط للمساحة اخلاصة بالعقل‬
‫يف التفسري واإلدراك والتربير‪ ،‬وقفزت إىل املساحات الالعقالنية والغيبية‪.‬‬
‫مت الكشف من خالل هذه الدراسة عن أنواع املعتقدات املقدسة اليت كانت سائدة‪ ،‬واليت كشفت عن‬
‫الذهنية االستسالميه لبعض سكان املغرب األوسط‪ ،‬واليت نتجت عن ضعف الوعي الديين وتدين مستوى اإلدراك‬
‫العلمي‪ ،‬مقابل التعلق بأحكام التنجيم والسحر والعراكفة‪ ،‬لذا َو َجدت أن املعتقدات اليت كانت سائدة تشابكت‬
‫جمموعة من العناصر النفسية واالجتماعية والتارخيية والطبيعية يف إنتاججا‪.‬‬
‫‪215‬‬
‫الخاتمة‪ :‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعل من أبرز املعتقدات الشعبية انتشارا وتقديسا ورصداً‪ ،‬هو االعتقاد بالتنبؤ والتكجن باملستقبل والتطلع ملعركفة‬
‫الغيب‪ ،‬بالتوسل إىل األولياء واألضرحة عن طريق التقرب إليجم بالقرابني واألضاحي والنذور والزيارة‪ ،‬كما كشفت‬
‫الدراسة يف خمرجاهتا أن املمارسات الطقوسية مل ختتلف كثريا باختالف املستويات الثقاكفية واالجتماعية لساكنة‬
‫املغرب األوسط‪ ،‬ومل تغفل عن إثبات أن املعتقدات واملمارسات الطقوسية لصيقة بكل األكفعال االجتماعية‪.‬‬
‫ال يفوتين هنا التنويه إىل الدور الذي قامت به املنظومة الفقجية يف مواججة بعض املعتقدات والطقوس‪ ،‬اليت‬
‫أضحت مقدسة اجتماعيا رغم خروججا عن إطار الدين كما أبانت عن كيفية التعامل مع معتقديجا‪.‬‬
‫ميكنين القول أنه مل خيل زمن من األزمنة عرب تاريخ املغرب األوسط‪ ،‬إال وسجل ججودا ودعوات حملاربة واستئصال‬
‫العادات واملعتقدات الفاسدة والطقوس الوثنية اليت ال متت لإلسالم بأي صلة‪ ،‬واتضح من خالل االستقراء‬
‫التارخيي لبعض الكوارث الطبيعية اليت مر هبا املغرب األوسط‪ ،‬مدى متكن الفكر اخلرايف والغييب والتفسري‬
‫امليتاكفيزيقي للظواهر الطبيعية‪ ،‬وهو ما عكس مستوى التفكري يف ذهنية اجملتمع مبختلف طبقاته وطوائفه‪.‬‬
‫شكلت العوامل االجتماعية واالقتصادية والسياسية واليت ظجرت يف القرن ‪9-7‬ه‪21-22/‬م أرضية خصبة‬
‫ساعدت على تشبع ذهنية ساكنة املغرب األوسط ببعض املعتقات‪ ،‬اليت عكس وجودها وانتشارها مدى تغلغل‬
‫الفكر الغييب يف تفسري بعض الظواهر خاصة لدى الفئات املجمشة‪.‬‬
‫األشخاص املقدسون واملبجلون ظجر تقديسجم يف شخصية الويل الصاحل صاحب الكرامات واخلوارق‪ ،‬أما‬
‫األشخاص املدنسون يف اجملتمع ظجر تدنيسجم يف صورة السحرة واملشعوذين وضاريب الرمل ممن امتجنوا عقول‬
‫العوام ليحققوا مكاسب مادية أو اجتماعية‪.‬‬
‫استغل األولياء مكانتجم داخل الرتاتب ية االجتماعية كفمنم من سخر نفسه خلدمة الناس وتلبية حاجاهتم‪ ،‬ومنم‬
‫من اعتزل الناس وجترد‪ ،‬وحظي كالمها هبالة من القداسة منحت هلم من طرف السالطني والناس وذلك خلوكفجم‬
‫من حرماهنم من الربكة‪.‬‬
‫أقيمت الطقوس باملغرب األوسط للعديد من األغراض‪ ،‬كعيد الفطر وعيد األضحى واملناسبات الدينية‪ ،‬أو‬
‫إلشباع بعض احلاجات الروحية والعاطفية للمؤدين كطقوس اإلستمطار‪ ،‬أو لتعزيز الروابط االجتماعية كمراسم‬
‫اخلتان والزواج‪ ،‬أو كدليل على االحرتام والطاعة للويل أو صاحب الضريح‪ ،‬أو كمؤشر لبداية بعض األحداث‬
‫كموسم الزرع أو احلصاد مثال‪ ،‬وجمتمع املغرب األوسط يف العصر الوسيط أحد هذه اجملتمعات اإلنسانية اليت‬
‫أردت تسليط الضوء على تفاعله مع مقدساته عن طريق ممارسة بعض املراسم والطقوس اليت حتمل خصوصية هذا‬
‫اجملتمع‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫الخاتمة‪ :‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وأخريا ورغم اجلجد املبذول يف سبيل مجع شتات املادة اخلربية املبعثرة يف ثنايا املدونة الوسيطة للمغرب األوسط‬
‫والعمل على استنطاقجا‪ ،‬إال أن دراسة املقدس ظاهرة أبدية موجودة يف احلياة البشرية‪ ،‬وإحدى البىن العميقة يف‬
‫الوعي والالوعي البشري يف التاريخ الفكري‪ ،‬وما تاريخ املغرب األوسط الوسيط إال جزء ال يتجزأ من هذه املعادلة‬
‫وعليه كفالبحث يف املقدس وعالقته بالذهن يات واألكفكار اليت تبناها جمتمع املغرب األوسط يبقى دائما جماال خصبا‬
‫للبحث والتقصي‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫المالحق‬
‫الملحق رقم ‪ :01‬دائرة احلروف‪.‬‬
‫الملحق رقم ‪ :10‬الرموز السحرية للكواكب وما يواكفقجا من معادن وخبورات‪.‬‬
‫الملحق رقم ‪ :11‬أمساء النساء يف شواهد القبور‪.‬‬
‫الملحق رقم ‪ :10‬أمساء أهم األضرحة واملقابر باملغرب األوسط‪.‬‬
‫الملحق رقم ‪ :11‬جدول عن بعض اجلوائح والكوارث والطواعني اليت مست املغرب األوسط يف القرن‬
‫( ‪9-7‬هـ‪21-22 /‬م)‪.‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ملحق رقم‪01:‬دائرة احلروف‪.‬‬


‫الحروف النارية‪ :‬أ‪ -‬هـ‪ -‬طـ‪ -‬م‪ -‬ف‪ -‬ش‪ -‬ذ‪.‬‬
‫الحروف الهوائية‪ :‬ب‪ -‬و‪ -‬ي‪ -‬ن‪ -‬ض‪ -‬ت‪ -‬ظ‪.‬‬
‫الحروف الترابية‪ :‬ج‪ -‬ز‪-‬ك‪ -‬ص‪ -‬ق‪ -‬ث‪ -‬غ‪.‬‬
‫الحروف المائية‪ :‬د‪ -‬ح‪ -‬ل‪ -‬ع‪ -‬ر‪ -‬خ‪ -‬س‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬أمحد بن علي البوين‪ :‬مشس املعارف‪ ،‬ص‪.127‬‬

‫‪220‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ملحق رقم‪02. :‬‬


‫الرموز السحرية للكواكب السعبة وما يواكفقجا من معادن وخبورات‪.‬‬

‫املصادر املستعملة يف اجناز اجلدول‪:‬‬


‫‪ -‬غاية احلكيم ص‪207-200‬‬
‫‪ -‬مشس املعارف‪ ،‬ص ‪.12-11-12-10‬‬
‫‪ -‬أمحد بن غالم اهلل بن أمحد الريشي شجاب الدين اللمعة يف حل الكواكب السبعة ق‪21‬هـ عدد األوراق‬
‫‪27‬‬

‫‪221‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ملحق رقم‪. 03‬‬


‫أسماء النساء في شواهد القبور من خالل مؤلف وليام مارسي‪:‬‬
‫الصفحة‬ ‫تاريخ الوكفاة‬ ‫االسم‬ ‫نوع الشاهد‬
‫ص ‪12‬‬ ‫(ت ‪770‬هـ‪2201 /‬م )‬ ‫مشسة بنت مومن الزواغي‬ ‫رخام مستطيل‬
‫ألمة الرمحان بنت عمر بن يعقوب بن‬
‫ص ‪12‬‬ ‫(ت ‪121‬هـ‪2221 /‬م )‬ ‫رخام موشوري‬
‫أيب محو موسى بن طلحة بن غمرسان‬
‫تاحضريت بنت أيب محو موسى بن‬
‫ص ‪11‬‬ ‫( ت‪129‬ه‪2220 /‬م )‬ ‫يعقوب بن أيب زيد بن أيب زكريا حيي‬ ‫رخام موشوري‬
‫بن يغمراسن بن زيان‬
‫االسم مطموس بنت أيب محو موسى‬
‫ص ‪11‬‬ ‫( ت‪112‬ه‪2221 /‬م )‬ ‫بن يغقوب بن أيب زيد بن أيب زكريا بن‬ ‫رخام موشوري‬
‫يغمراسن بن زيان‬
‫رقية بنت أمة احلق بنت موالي عبد‬
‫ص ‪11‬‬ ‫(ت ‪112‬هـ‪2210 /‬م )‬ ‫رخام موشوري‬
‫الواحد بن موالي أيب محو‬
‫ملوكة بنت الشيخ عثمان بن مشعل‬
‫ص ‪11‬‬ ‫(ت‪107‬هـ‪2201 /‬م )‬ ‫رخام مستطيل‬
‫زوجة السلطان أيب عبد اهلل حممد‬
‫ص ‪12‬‬ ‫(ت‪171‬ه ‪2270 /‬م )‬ ‫ملوكة بنت الشيخ يعقوب‬ ‫رخام مستطيل‬
‫ص ‪12‬‬ ‫(ت‪170‬هـ ‪2272 /‬م )‬ ‫احلاجة املرابطية يامسني‬ ‫رخام مستطيل‬
‫الزهرة بنت السلطان أيب عبد اهلل حممد‬
‫ص ‪12‬‬ ‫(ت ‪910‬هـ ‪2110 /‬م )‬ ‫رخام مستطيل‬
‫بن حممد الثابيت‬
‫عائشة بنت السلطان موالي أيب عبد‬
‫ص ‪12‬‬ ‫(ت‪910‬هـ‪2122 /‬م )‬
‫اهلل حممد‬ ‫رخام مستطيل‬
‫ألمة الواحد بنت السلطان أيب عبد‬
‫ص ‪12‬‬ ‫سنة الوكفاة مطموسة‬ ‫رخام مستطيل‬
‫اهلل حممد بن حممد الثابيت‬
‫حجر رملي‬
‫ص ‪11‬‬ ‫(ت ‪110‬ه‪2212 /‬م )‬ ‫أمة العلي بنت موالي حممد‬
‫مستطيل‬
‫أمة احلق بنت القاضي أيب حيي‬ ‫حجر رملي‬
‫ص ‪10‬‬ ‫(ت‪917‬ه‪2110 /‬م )‬
‫العقباين‬ ‫مستطيل‬
‫ص ‪10‬‬ ‫(ت‪912‬هـ‪2127 /‬م )‬ ‫كفتوحة أمة أصبحت أم ولد عن طريق‬ ‫حجر رملي‬
‫‪222‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أيب العباس العقباين‬ ‫مستطيل‬


‫حجر رملي‬
‫ص ‪17‬‬ ‫(ت ‪902‬هـ‪2110 /‬م )‬ ‫أمة احلق بنت أيب العباس العقباين‬
‫مستطيل‬
‫رمحونة بنت أيب عبد اهلل حممد بن‬ ‫حجر رملي‬
‫ص ‪17‬‬ ‫(ت ‪972‬هـ ‪2101 /‬م )‬
‫القاضي أيب حيي العقباين‬ ‫مستطيل‬
‫حجر رملي‬
‫ص ‪17‬‬ ‫( ت‪979‬هـ‪2172 /‬م )‬ ‫لعوايل بنت أيب العباس أمحد العقباين‬
‫مستطيل‬
‫زهرة بنت أيب العباس أمحد بن اإلمام‬
‫حجر رملي‬
‫ص ‪17‬‬ ‫( ت‪990‬هـ‪2111 /‬م )‬ ‫اخلطيب أيب عبد اهلل حممد بن إبراهيم‬
‫مستطيل‬
‫العقباين‬
‫زينب بنت الفقيه أيب العباس أمحد بن‬ ‫حجر رملي‬
‫ص ‪17‬‬ ‫( ت ‪992‬ه‪2112 /‬م )‬
‫أيب حيي العقباين‬ ‫مستطيل‬
‫حجر رملي‬
‫ص ‪11‬‬ ‫(ت ‪2010‬هـ‪2022 /‬م )‬ ‫شاشة بنت حممد العقباين‬
‫مستطيل‬
‫حجر رملي‬
‫ص ‪11‬‬ ‫( سنة الوكفاة غري مقروءة)‬ ‫ميينة بنت الفقيه أمحد بن مرزوق‬
‫مستطيل‬
‫حجر رملي‬
‫ص ‪19‬‬ ‫(ت ‪900‬هـ‪2992 /‬م )‬ ‫العالية بنت بلفضل بن الفقيه‬
‫مستطيل‬
‫حجر رملي‬
‫ص ‪19‬‬ ‫(ت ‪2021‬هـ‪2002 /‬م)‬ ‫علولة بنت الفقيه أمحد العقباين‬
‫مستطيل‬
‫كفاطمة بنت موالي حممد بن سليمان‬ ‫حجر رملي‬
‫ص ‪19‬‬ ‫(ت ‪997‬ه‪2119 /‬م )‬
‫األندلسي‬ ‫مستطيل‬
‫املصدر‪ :‬وليام مارسي‪ :‬مقتنيات متحف تلمسان‪ ،‬صفحات متعددة‬
‫مالحظة‪ :‬جاء ترتيب الشواهد حسب ورودها يف صفحات الكتاب وليس حسب تواريخ الوكفاة‪ ،‬وهناك عدد غري‬
‫قليل من شواهد قبور النساء لكنجا خارج اإلطار الزمين للدراسة‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ملحق رقم‪4:‬‬
‫أهم األضرحة واملقابر باملغرب األوسط يف القرن (‪ 9-7‬هـ‪21-13 /‬م)‬
‫املصدر‬ ‫مالحظة‬ ‫اسم املقربة‬ ‫اسم الضريح‬ ‫اسم الويل‬
‫حيي‪ ،‬بن خلدون‪:‬‬ ‫مقربة العباد قربه معمر مشجود وحوض‬ ‫ضريح سيدي‬ ‫أبو مدين شعيب‬
‫مصدر سابق‪،‬‬ ‫مورود والدعاء عند مستجاب‪.‬‬ ‫أبو مدين‬ ‫(ت‪192‬هـ‪/‬‬
‫‪201/2‬؛ الغربيين‪:‬‬ ‫قربه مزور حمجوج من مصر‬ ‫‪2291‬م)‬
‫والشام والعراق والسوس األقصى مصدر سابق‪،‬‬
‫صفحات متعددة؛‬ ‫والدعاء عند قربه مستجاب‬
‫ابن صعد‪ :‬مصدر‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪.290‬‬
‫قربه معروف بإجابة الدعوة عند حيي‪ ،‬بن خلدون‪:‬‬ ‫العباد‬ ‫مسجد الرمحة‬ ‫أبو علي‬
‫مصدر سابق ‪/2 ،‬‬ ‫ضرحيه‪.‬‬ ‫املديوين(ت‪721‬هـ‪ /‬من العباد الفوقي العلوي‬
‫‪207‬؛ ابن مرمي‪:‬‬ ‫‪2222‬م)‬
‫مصدر سابق ‪ ،‬ص‬
‫‪17‬؛ ابن مرزوق‪:‬‬
‫املسند‪ ،‬ص‪72‬‬
‫ابن مرمي‪ :‬مصدر‬ ‫مقربة بطريق تقع بطريق العباد وكفيجا دكفن‬ ‫مقربة زاوية‬ ‫حممد بن أيب عبد‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.202‬‬ ‫العباد‬ ‫التميمي‬ ‫اهلل التميمي‬
‫(ت‪710‬ه‪/‬‬
‫‪2211‬م)‬
‫حيي‪ ،‬بن خلدون‪:‬‬ ‫‪ ،‬مزار شجري معروف بإجابة‬ ‫العباد‬ ‫أبو إسحاق إبراهيم جممع العباد‬
‫مصدر سابق‪،‬‬ ‫الدعاء‪ ،‬قيل انه اضطجع أربعة‬ ‫الطيار( ت قبل‬
‫‪222/2‬‬ ‫وعشرون سنة قائما بالليل‬ ‫‪700‬هـ‪2200/‬م)‬
‫صائما بالنجار‪.‬‬
‫حيي‪ ،‬بن خلدون‪:‬‬ ‫مزار مقصود‬ ‫باب وهب‬ ‫وهب بن منبه من ضريح سيدي‬

‫‪224‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مصدر سابق‪،‬‬ ‫وهب‬ ‫التابعني‬


‫‪.227/2‬‬
‫حيي ابن خلدون‪:‬‬ ‫معروف بإجابة الدعاء عنده‬ ‫باب وهب‬ ‫قربه مشجور‬ ‫أبو يعقوب‬
‫مصدر سابق‪،‬‬ ‫مشجور ظاهر متربك به‪ ،‬من‬ ‫ظاهر بأغادير‬ ‫التفريسي‬
‫‪207/2‬؛ ابن‬ ‫األولياء العظام الزهاد يقرئ‬ ‫(ت‪012‬هـ)‬
‫اإلنس واجلن أحاديث كرامته ال صعد‪ :‬مصدر‬
‫سابق‪ ،‬ص‪220‬؛‬ ‫حتصى‪.‬‬
‫ابن مرزوق‪ :‬املسند‪،‬‬
‫ص‪.102‬‬
‫حيي‪ ،‬بن خلدون‪:‬‬ ‫قربه معروف‬ ‫باب وهب‬ ‫قربه معروف‬ ‫أبو عثمان سعيد‬
‫مصدر‬ ‫مشجور‬ ‫بن إسحاق‬
‫سابق‪207/2،‬‬
‫ابن مرزوق‪:‬‬ ‫دكفن جبواره يغمراسن بن زيان‬ ‫تلمسان‬ ‫اجلامع األعظم‬ ‫أبو عبد اهلل بن‬
‫املناقب‪ ،‬ص‪.207‬‬ ‫تربكا‪.‬‬ ‫مرزوق (ت‪012‬هـ)‬
‫حيي‪ ،‬بن خلدون‪:‬‬ ‫مزار مقصود‬ ‫تلمسان‬ ‫باب املعلى‬ ‫أبو العباس بن‬
‫مصدر سابق‪،‬‬ ‫مرزوق( ت‪722‬هـ)‬
‫‪.201/2‬‬
‫مستجاب الدعوة مزار مقصود‪ ،‬حيي‪ ،‬بن‬ ‫باب اجلياد‬ ‫قربه ما بني‬ ‫أبو يوسف‬
‫خلدون‪:‬مصدر‬ ‫يقصده الناس للدعاء والتربك‬ ‫األسوار باملرج‬ ‫يعقوب علي‬
‫سابق‪.229/2 ،‬‬ ‫خارج باب‬ ‫الصنجاجي‬
‫اجلياد قرب‬
‫احلفري‬
‫حيي‪ ،‬بن خلدون‪:‬‬ ‫دكفن قرب ضريح أيب يعقوب‬ ‫دكفن قرب ضريح املدرسة‬ ‫أبو عبد اهلل‬
‫مصدر سابق‪،‬‬ ‫تربكا جبواره‬ ‫اليعقوبية‬ ‫أيب يعقوب‬ ‫الشريف‬
‫‪.210/2‬‬ ‫التلمساين(ت‬

‫‪225‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪772‬هـ)‬
‫قربه بإزاء قرب السلطان يغمراسن حيي بن خلدون‪:‬‬ ‫تلمسان‬ ‫روضة ملوك بين‬ ‫أبو احلسن بن‬
‫مصدر سابق‪،‬‬ ‫بن زيان قصد التربك له جبوازه‬ ‫زيان باجلامع‬ ‫النجارية‬
‫‪.211/2‬‬ ‫األعظم‬
‫حيي بن خلدون‪:‬‬ ‫مزار مقصود مبارك جماب‬ ‫خارج باب على مشال شرق‬ ‫أبو عبد اهلل‬
‫مصدر سابق‪،‬‬ ‫الدعوة من البستان‬ ‫تلمسان‬ ‫الشوذي احللوي‬
‫‪217/2‬؛ ابن مرمي‪:‬‬
‫‪ :‬مصدر سابق ‪،‬‬
‫ص ‪.70-01‬‬
‫حيي بن خلدون‪:‬‬ ‫قربه معروف‬ ‫تلمسان‬ ‫خارج باب‬ ‫أبو زكريا حيي بن‬
‫مصدر سابق‪،‬‬ ‫العقبة‬ ‫الصقيل‬
‫‪201./2‬‬
‫حيي بن خلدون‪:‬‬ ‫قربه معروف مزار‪ ،‬روضتجم‬ ‫تلمسان‬ ‫أبو العباس أمحد بن خارج باب‬
‫مصدر سابق‪،‬‬ ‫معروكفة هبم إىل اآلن‪.‬‬ ‫منصور ابن صاحب العقبة‬
‫‪220/2‬؛ ابن‬ ‫الصالة‬
‫مرزوق‪ :‬املسند‪،‬‬
‫ص‪202‬؛ ابن مرمي‪:‬‬
‫‪ :‬مصدر سابق ‪،‬‬
‫ص‪.77‬‬
‫ابن قنفذ‪ : :‬مصدر‬ ‫من أصحاب أيب مدين لبس‬ ‫العباد‬ ‫بالل احلبشي خدمي‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪.92‬‬ ‫اخلرقة من عنده‪ ،‬مزاره جماب‬ ‫أبو مدين‬
‫الدعوة‪.‬‬
‫ابن مرزوق‪ :‬املسند‪،‬‬ ‫قربه معروف ومشجور‪ ،‬مبحاذاة‬ ‫قرب من باب‬ ‫أبو مجعة الكواشي‬
‫ص ‪.72‬‬ ‫ضريح احلاج عامر‬ ‫كشوط‬ ‫املضغري‬
‫جمجول‪ :‬زهر‬ ‫دكفن السلطان أبو محو الثاين‬ ‫دار أيب عامر‬ ‫السلطان أبو‬

‫‪226‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫البستان‪ ،‬ص‪.112‬‬ ‫والد بدار أيب عامر واختذها‬ ‫يعقوب‬


‫مقربة من املقابر‪ ،‬قبل أن ينقل‬
‫جثمانه إىل املدرسة اليعقوبية‬
‫ابن مرمي‪ : :‬مصدر‬ ‫قربه مشجور‬ ‫تلمسان‬ ‫قربه بروضة‬ ‫أمحد بن حممد ابن‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪.12‬‬ ‫الشيخ السنوسي‬ ‫زكري (ت‪199‬هـ)‬
‫التنسي‪ : :‬مصدر‬ ‫قربه مشجور بإجابة الدعاء‪،‬‬ ‫تلمسان‬ ‫دكفن خبلوته‬ ‫أمحد بن احلسني‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪.122‬‬ ‫وروضته ال ختلو من زائر يتلو‬ ‫شرقي اجلامع‬ ‫الغماري التلمساين‬
‫املاليل‪ :‬مصدر‬ ‫القرآن ويجدي له الثواب‪ ،‬كثري‬ ‫األعظم‬ ‫(ت‪172‬هـ)‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪229‬‬ ‫الواردين‪.‬‬
‫البويل‪ :‬مصدر سابق‬
‫‪ ،‬ص‪227‬؛ ابن‬
‫مرمي‪ : :‬مصدر‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪21‬؛‬
‫احلفناوي‪ : :‬مصدر‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫شديد الرغبة يف بذل الصدقات‪ ،‬التنسي‪ : :‬مصدر‬ ‫تلمسان‬ ‫عني وانزوتة‬ ‫روضة الشيخ‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪279‬‬ ‫وبناء ما خرب من املساجد‪،‬‬ ‫السنوسي(ت‪191‬ه خارج باب‬
‫ويقتات مبا يلتقطه من الطعام‬ ‫اجلياد‬ ‫ـ‪2219/‬م)‬
‫الذي يتساقط بالطرقات‬
‫كان صاحب الغماري مالزما له التنسي‪ :‬مصدر‬ ‫تلمسان‬ ‫خارج باب‬ ‫روضة سيدي أيب‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪.102‬‬ ‫القرمادين‬ ‫سعيد‬
‫املاليل‪ :‬مصدر‬ ‫قربه معروف‬ ‫خارج باب‬ ‫أبو يعقوب يوسف‬
‫سابق ‪ ،‬ص ‪.21‬‬ ‫اجلياد‬ ‫السنوسي والد‬
‫السنوسي‬
‫املاليل‪ :‬مصدر‬ ‫قربه معروف هنالك وكان حممد‬ ‫خارج باب‬ ‫نصر الزواوي‬

‫‪227‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫سابق ‪ ،‬ص ‪10‬‬ ‫بن يوسف السنوسي يكثر من‬ ‫اجلياد‬


‫زيارة قربه‬
‫قربه معروف كان السنوسي يكثر املاليل‪ :‬مصدر‬ ‫خارج باب‬ ‫أبو احلجاج يوسف‬
‫سابق ‪ ،‬ص ‪12‬‬ ‫زيارته‬ ‫اجلياد‬ ‫الشريف‬
‫املاليل‪ :‬مصدر‬ ‫قربه معروف‬ ‫العباد‬ ‫ابن العباس العبدي‬
‫سابق ‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫(ت‪172‬هـ)‬
‫جماب الدعوة مشجور الربكة قربه ابن قنفذ‪ :‬أنس‬ ‫جبال الشلف‬ ‫أبو السعود بن‬
‫الفقري ‪.202،‬‬ ‫يزار ويتربك به‬ ‫عريف‬
‫حيي بن خلدون‪:‬‬ ‫جماب الدعوة قربه مشجور‬ ‫تلمسان‬ ‫درب السنسلة‬ ‫حممد بن أيب حيي‬
‫مصدر سابق‪،‬‬ ‫سيدي احلباك‬
‫‪101-211/2‬‬ ‫(ت‪170‬هـ‪/‬‬
‫‪2201‬م)‬
‫ابن مرزوق‪:‬‬ ‫جماب الدعوة‬ ‫تلمسان‬ ‫الكائنة بدويرة‬ ‫روضة آل زيان‬
‫املناقب‪ ،‬؛ ابن مرمي‪:‬‬ ‫يف اجلامع‬
‫مصدر سابق ‪،‬‬ ‫األعظم حبديقة‬
‫ص‪.00‬‬ ‫مسجد سيدي‬
‫إبراهيم‬
‫املصمودي‬
‫ابن مرمي‪ :‬مصدر‬ ‫جماب الدعوة له كرامات كثرية‬ ‫املدرسة اليعقوبية تلمسان‬ ‫ضريح إبراهيم بن‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪،00‬‬ ‫موسى املصمودي (‬
‫احلفناوي‪ :‬مصدر‬ ‫ت‪101‬هـ)‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪-27‬‬
‫‪.29-21‬‬
‫ابن مرزوق‪ :‬املسند‪،‬‬ ‫قربه مشجور مشجود‬ ‫خارج باب‬ ‫عني وانزوتة‬ ‫أبو يعقوب بن‬
‫ص ‪.197‬‬ ‫اجلياد‬ ‫يوسف بن عبد‬

‫‪228‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الواحد املغراوي‬
‫ابن مرزوق‪ :‬املسند‪،‬‬ ‫قربه مشجور وجماب الدعوة‬ ‫شرق باب‬ ‫أبو سعيد الشريف‬
‫ص ‪.71‬‬ ‫القرماديني‬ ‫احلسين‬
‫مالحظة‪ :‬هناك مقابر عامة مجاعية قرب أبواب املدن مثل مقربة القصارين‪ ،‬واملقربة القدمية ومقربة مسند صاحل‪،‬‬
‫ومقربة العباد العلوي ومقربة عني السراق‪ ،‬ومقربة املسيحني واليجود‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ملحق رقم‪05:‬‬
‫جدول عن بعض اجلوائح والكوارث والطواعني اليت مست املغرب األوسط يف القرن ( ‪9-7‬هـ‪21-22 /‬م)‬
‫املصدر‬ ‫نتائججا‬ ‫مكان الكارثة‬ ‫نوع الكارثة‬ ‫تاريخ الكارثة‬
‫ارتفاع األسعار وموت الكثري ابن عذارى‪ :‬مصدر‬ ‫املغرب األوسط‬ ‫جماعة‬ ‫‪-020‬‬
‫سابق‪،‬‬ ‫من الناس‬ ‫‪027‬هـ‪ -2129/‬وجفاف‬
‫ص‪107 ،100‬؛ابن أيب‬ ‫‪2110‬م‬
‫زرع‪ :‬مصدر سابق ‪،‬‬
‫ص‪172‬‬
‫انتشار اجلراد والقحط والغالء ابن أيب زرع‪ :‬مصدر‬ ‫جماعة عظمى املغرب األوسط‬ ‫‪027‬هـ‪/‬‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪، 172‬‬ ‫الشديد‬ ‫‪2110‬م‬
‫‪172‬؛ السالوي‪ :‬مصدر‬
‫سابق‪120/1 ،‬‬
‫السالوي‪ :‬مصدر سابق ‪،‬‬ ‫أتى على احملاصيل‬ ‫بالد املغرب‬ ‫اجلراد‬ ‫‪012‬هـ‪/‬‬
‫‪102/1‬؛ ابن أيب زرع‪:‬‬ ‫واجملاعة‬ ‫‪2111‬م‬
‫مصدر سابق‪ ،‬ص ‪172‬‬
‫ابن أيب زرع‪ :‬مصدر‬ ‫أكل الشجر ومل يرتك أخضر‬ ‫بالد املغرب من‬ ‫‪ 021-020‬هـ‪ /‬عاد اجلراد‬
‫سابق ‪ ،‬ص ‪201‬؛‬ ‫على وجه األرض كما‬ ‫اقصى الشرق إىل‬ ‫‪-2121‬‬
‫السالوي‪ :‬مصدر سابق ‪،‬‬ ‫انعدمت األقوات ونقصت‬ ‫اقصى الغرب‬ ‫‪2122‬‬
‫الغالت وعمت اجملاعة‬
‫‪102/1‬‬
‫ابن أيب زرع‪ :‬مصدر‬ ‫نشفت البشرات وأثنت‬ ‫مجيع بالد املغرب‬ ‫اجلفاف‬ ‫‪021‬هـ‪/‬‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪170‬؛ ابن‬ ‫اجللود‬ ‫والريح‬ ‫‪2127‬م‬
‫صعد‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‬
‫‪02‬؛ ابن اخلطيب‪:‬‬
‫نفاضة اجلراب‪ ،‬ص‪.02‬‬

‫‪230‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫عبد الرمحان بن خلدون‪:‬‬ ‫قلة األقوات‬ ‫حصار تلمسان‬ ‫حصار وقلة‬ ‫‪020‬هـ ‪/‬‬
‫العرب‪209-201 /7 ،‬؛‬ ‫األقوات‬ ‫‪2121‬م‬
‫ابن األمحر‪ :‬مصدر‬ ‫تكرر احلصار يف‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬ ‫‪070‬هـ‪/‬‬
‫‪2172‬م‬
‫ابن أيب زرع‪ :‬مصدر‬ ‫الريح العظيم املغرب من الشرق األمراض الكثرية واتالف‬ ‫‪079‬هـ‪/‬‬
‫احملاصيل وقتل البجائم والبشر سابق ‪ ،‬ص‪201‬‬ ‫ملدة ستة‬ ‫‪2110‬م‬
‫أشجر‬
‫السالوي‪ :‬االستقصاء‪،‬‬ ‫مل ير الناس قطرة ماء‬ ‫قحط شديد مجيع املغرب‬ ‫‪011‬هـ ‪/‬‬
‫‪19/2‬؛ العبدري‪ :‬مصدر‬ ‫‪2119‬م‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫ابن أيب زرع‪ :‬مصدر‬ ‫هلك أغلبجم من اجلوع‬ ‫‪091‬هـ‪2199/‬م جماعة بسبب تلمسان‬
‫سابق ‪ ،‬ص‪210‬؛ ابن‬ ‫احلصار‬ ‫استمر إىل غاية‬
‫مرزوق‪ :‬املناقب‪ ،‬ص‬ ‫‪700‬هـ‪2200/‬م املرينيي‬
‫‪292‬م؛ ابن األمحر‪:‬‬
‫مصدر سابق‪ ،‬ص ‪02‬‬
‫ابن خلدون ‪ :‬العرب‪،‬‬ ‫‪ -‬ذهب بأهل اجليل‬ ‫شرق وغرب‬ ‫الطاعون‬ ‫‪729‬ـ‪-‬‬
‫‪12/7‬‬ ‫‪ -‬طوى كثريا من حماسن‬ ‫املغرب األوسط‬ ‫‪712‬هـ‪ -2221/‬اجلارف أو‬
‫ابن اخلطيب‪:‬نفاضة‬ ‫العمران‬ ‫الطاعون‬ ‫‪2211‬م‬
‫اجلراب‪10 ،02/2 ،‬؛‬ ‫األسود‬
‫‪ -‬انقضى عمران األرض‬
‫‪ -‬خربت األمصار واملصانع ابن قنفذ‪ :‬الوكفيات‪،‬‬
‫ص‪211‬؛ الوزان‪ :‬مصدر‬
‫‪ -‬كثرة املوت‬
‫سابق ‪.01/2 ،‬‬
‫‪ -‬قضى على خلق كثري من‬
‫الناس‬
‫اقرضت بعض العوائل بسبب‬

‫‪231‬‬
‫المالحق ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الوباء القاتل كعائلة العامل‬


‫التفريسي انقرضت كلجا‪.‬‬
‫النمريي‪ :‬مصدر سابق ‪،‬‬ ‫عصفت بأرياف املغرب‬ ‫املغرب األوسط‬ ‫كفيضانات‬ ‫‪711‬هـ‪/‬‬
‫ص‪110‬‬ ‫األوسط‬ ‫‪2217‬م‬
‫حيي بن خلدون‪ :‬مصدر‬ ‫هلك الزرع واحليوان‬ ‫‪770‬هـ‪2272/‬م جماعة عظيمة تلمسان‬
‫سابق ‪210/1 ،‬‬ ‫أكل الناس بعضجم بعضا‬ ‫وضواحيجا‬ ‫بسبب‬
‫ابن قنفذ‪ :‬أنس الفقري‪،‬‬ ‫غالء األسعار‬ ‫اإلعصار‬
‫ص‪201‬؛ ابن مرمي‪:‬‬
‫مصدر سابق ‪.272 ،‬‬
‫ابن مرمي‪ :‬مصدر سابق ‪،‬‬ ‫‪ -‬أتى على الصغار‬ ‫املغرب األوسط‬ ‫اجملاعة‬ ‫‪842-‬‬
‫ص‪.22‬‬ ‫والضعفاء‬ ‫خاصة تلمسان‬ ‫‪845‬هـ‪ 1440-/‬شديدة‬
‫‪ -‬تويف به ابو العباس‬ ‫والطاعون‬ ‫‪1442‬‬
‫امحد بن عبد‬
‫الرمحان املغراوي‬
‫املشجور ابن زاغو‬

‫‪232‬‬
‫الفهارس‬
‫كفجرس اآليات القرآنية‬ ‫‪-2‬‬
‫كفجرس األحاديث النبوية‬ ‫‪-1‬‬
‫كفجرس األشعار‬ ‫‪-2‬‬
‫كفجرس األعالم‬ ‫‪-2‬‬
‫كفجرس الشعوب والقبائل والدول والطوائف‬ ‫‪-1‬‬
‫كفجرس األماكن‬ ‫‪-0‬‬
‫كفجرس املوضوعات‬ ‫‪-7‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -3‬فهرس اآليات القرآنية‪:‬‬


‫الصفحة‬ ‫رقمجا‬ ‫سورهتا‬ ‫نص اآلية‬
‫ِ‬
‫‪1‬‬ ‫اآلية ‪1‬‬ ‫ني َحيث َو َجدمتوهم سورة التوبة‬ ‫﴿ كفَِإذَا ان َسلَ َخ األَشجر احلرم كفَاقـتـلوا المش ِرك َ‬
‫صد ﴾‬ ‫َوخذوهم َواحصروهم َواقـعدوا َهلم ك َّل َمر َ‬
‫‪1‬‬ ‫اآلية‪2‬‬ ‫سورة املائدة‬ ‫الصي ِد َوأَنـتم حرٌم إِ َّن اللَّ َه َحيكم َما ي ِريد﴾‬ ‫﴿ َغيـَر ِحملِّي َّ‬
‫الصي َد َوأَنـتم حرٌم﴾‬ ‫َّ ِ‬
‫‪1‬‬ ‫اآلية ‪91‬‬ ‫املائدة‬ ‫ين َآمنوا َال تَـقتـلوا َّ‬ ‫﴿ يَا أَيـُّ َجا الذ َ‬
‫‪21‬‬ ‫اآلية ‪.20‬‬ ‫سورة النمل‬ ‫الرِحي ِم ﴾‬‫الرمحَ ِن َّ‬ ‫﴿ إِنَّه ِمن سلَي َما َن َوإِنَّه بِس ِم اللَّ ِه َّ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪29‬‬ ‫اآلية‬ ‫﴿ َوَّد َكثريٌ من أَه ِل الكتَاب لَو يـَرُّدونَكم من بـَعد إميَانكم كف ً‬
‫َّارا سورة البقرة‬
‫ِ ِِ ِ ِ ِ‬
‫‪209‬‬ ‫ني َهلم احلَ ُّق كفَاعفوا َواص َفحوا‬ ‫َح َس ًدا من عند أَنـفس ِجم من بـَعد َما تَـبَـ َّ َ‬
‫َح َّىت يَأِيتَ اللَّه بِأَم ِرهِ إِ َّن اللَّ َه َعلَى ك ِّل َشيء قَ ِد ٌير ﴾‬
‫‪29‬‬ ‫اآلية ‪12‬‬ ‫آل سورة النساء‬ ‫َّاس َعلَى َما آتَاهم اللَّه ِمن كفَضلِ ِه كفَـ َقد آتَـيـنَا َ‬ ‫﴿أَم َحيسدو َن الن َ‬
‫يما﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِبـر ِاه ِ‬
‫اب َواحلك َمةَ َوآتَـيـنَاهم مل ًكا َعظ ً‬ ‫يم الكتَ َ‬ ‫َ َ‬
‫‪29‬‬ ‫اآلية ‪21‬‬ ‫وها ذَرونَا نـَتَّبِعكم سورة الفتح‬ ‫ِ‬
‫﴿سيـقول المخلَّفو َن إِذَا انطَلَقتم إِ َىل مغ ِ‬
‫اِن لتَأخذ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ال اللَّه ِمن قَـبل‬ ‫ي ِريدو َن أَن يـبَدِّلوا َك َال َم اللَّ ِه قل لَن تَـتَّبِعونَا َك َذلِكم قَ َ‬
‫كفَ َسيَـقولو َن بَل َحتسدونـَنَا بَل َكانوا َال يـَف َقجو َن إَِّال قَلِ ًيال ﴾‬
‫‪29‬‬ ‫اآلية ‪.1‬‬ ‫سورة الفلق‬ ‫اسد إِذَا َح َس َد﴾‬ ‫﴿ وِمن َشِّر ح ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪22‬‬ ‫اآلية ‪222‬‬ ‫وسى سورة األعراف‬ ‫﴿كفَإذَا َجاءَتـجم احلَ َسنَة قَالوا لَنَا َهذه َوإن تصبـجم َسيِّئَةٌ يَطَّيَّـروا مب َ‬
‫َوَمن َم َعه أََال إَِّمنَا طَائِرهم ِعن َد اللَّ ِه َولَ ِك َّن أَكثَـَرهم َال يـَعلَمو َن﴾‬

‫‪22‬‬ ‫اآلية ‪27‬‬ ‫ال طَائِركم ِعن َد اللَّ ِه بَل أَنـتم قَـوٌم سورة النمل‬ ‫ك قَ َ‬ ‫﴿ قَالوا اطَّيَّـرنَا بِ َ‬
‫ك َوِمبَن َم َع َ‬
‫تـفتَـنو َن﴾‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪22‬‬ ‫اآلية ‪-21‬‬ ‫اب سورة يس‬ ‫﴿ قَالوا إِنَّا تَطَيَّـرنَا بِكم لَئن َمل تَـنتَـجوا لَنَـرمجَنَّكم َولَيَ َم َّسنَّكم منَّا َع َذ ٌ‬
‫‪.29‬‬ ‫يم (‪ )21‬قَالوا طَائِركم َم َعكم أَئِن ذ ِّكرمت بَل أَنـتم قَـوٌم مس ِركفو َن﴾‬ ‫ِ‬
‫أَل ٌ‬
‫ِ‬ ‫﴿ع ِ‬
‫‪22‬‬ ‫اآلية ‪10‬‬ ‫سورة اجلن‬ ‫َح ًدا﴾‬ ‫ب كفَ َال يظ ِجر َعلَى َغيبِه أ َ‬ ‫امل الغَي ِ‬ ‫َ‬
‫‪20‬‬ ‫اآلية ‪2‬‬ ‫سورة الفلق‬ ‫ات ِيف الع َق ِد﴾‬ ‫﴿وِمن َشِّر النـَّفَّاثَ ِ‬
‫َ‬
‫‪20‬‬ ‫ني الن ِ‬
‫َّاس َواستَـرَهبوهم َو َجاءوا سورة األعراف اآلية‪:‬‬ ‫ال أَلقوا كفَـلَ َّما أَل َقوا َس َحروا أَع َ‬
‫﴿ قَ َ‬
‫‪،220‬‬ ‫بِ ِسحر َع ِظيم﴾‬

‫‪235‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪20‬‬ ‫اآلية‪.00 :‬‬ ‫صيُّـجم خيَيَّل إِلَي ِه ِمن ِسح ِرِهم أَنـ ََّجا سورة طه‬ ‫ال بل أَلقوا كفَِإذَا ِحباهلم و ِع ِ‬
‫َ َ‬ ‫﴿ قَ َ َ‬
‫تَس َعى﴾‬
‫‪20‬‬ ‫اآلية ‪201‬‬ ‫السحَر َوَما أن ِزَل َعلَى سورة البقرة‬ ‫َّاس ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني َك َفروا يـ َعلمو َن الن َ‬‫﴿ َولَك َّن الشَّيَاط َ‬
‫وت﴾‬ ‫ني بِبَابِ َل َهار َ‬
‫وت َوَمار َ‬ ‫الملَ َك ِ‬
‫َ‬
‫‪20‬‬ ‫الس َحَرة كفِر َعو َن قَالوا إِ َّن لَنَا سورة األعراف اآلية‬
‫احر َعلِيم (‪َ )221‬و َجاءَ َّ‬ ‫وك بِك ِّل س ِ‬
‫َ‬ ‫﴿ يَأت َ‬
‫ِ‬
‫‪-221‬‬ ‫ني (‪﴾)222‬‬ ‫َألَجًرا إِن كنَّا َحنن الغَالبِ َ‬
‫‪222‬‬
‫‪17‬‬ ‫اآلية ‪09‬‬ ‫سورة طه‬ ‫احر َحيث أَتَى﴾‬ ‫﴿وَال يـفلِح َّ‬
‫الس ِ‬
‫َ‬
‫‪01‬‬ ‫اآلية ‪19‬‬ ‫﴿و ِعن َده َم َفاتِح الغَي ِ‬
‫ب َال يـَعلَم َجا إَِّال ه َو َويـَعلَم َما ِيف البَـِّر َوالبَح ِر سورة األنعام‬ ‫َ‬
‫ض َوَال‬‫ات األَر ِ‬ ‫وما تَسقط ِمن ورقَة إَِّال يـعلَمجا وَال حبَّة ِيف ظلم ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬
‫َرطب َوَال يَابِس إَِّال ِيف كِتَاب مبِني﴾‬
‫ِ‬ ‫﴿ع ِ‬
‫‪01‬‬ ‫اآلية ‪10‬‬ ‫سورة نوح‬ ‫ب كفَ َال يظ ِجر َعلَى َغيبِه أ َ‬
‫َح ًدا﴾‬ ‫امل الغَي ِ‬ ‫َ‬
‫ضى أَمًرا كفَِإَّمنَا يـَقول لَه كن سورة البقرة‬ ‫السماو ِ‬ ‫ِ‬
‫‪01‬‬ ‫اآلية ‪227‬‬ ‫ض َوإِذَا قَ َ‬ ‫ات َواألَر ِ‬ ‫﴿ بَديع َّ َ َ‬
‫كفَـيَكون﴾‬
‫‪01‬‬ ‫اآلية ‪9‬‬ ‫الرس ِل َوَما أَد ِري َما يـف َعل ِيب َوَال بِكم إِن سورة‬‫﴿ قل َما كنت بِد ًعا ِم َن ُّ‬
‫ِ‬
‫األحقاف‬ ‫يل َوَما أَنَا إَِّال نَذ ٌير مبِ ٌ‬
‫ني﴾‬ ‫وحى إِ ََّ‬ ‫ِ‬
‫أَتَّبِع إَّال َما ي َ‬
‫‪12‬‬ ‫اآلية ‪2‬‬ ‫سورة العلق‬ ‫﴿علَّ َم بِال َقلَّم﴾‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫َّك بِال َواد الم َقد ِ‬
‫‪87‬‬ ‫اآلية ‪21‬‬ ‫سورة طه‬ ‫َّس ط ًوى﴾‬ ‫ك إِن َ‬ ‫ك كفَاخلَع نـَعلَي َ‬‫﴿إِ ِّين أَنَا َربُّ َ‬
‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ ُّ ِ ِ‬ ‫﴿ اللَّه وِ ُّ َّ ِ‬
‫‪209‬‬ ‫اآلية ‪110‬‬ ‫ين َآمنوا خي ِرججم م َن الظل َمات إ َىل النُّور َوالذ َ‬
‫ين َك َفروا سورة البقرة‪،‬‬ ‫يل الذ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬‫أَوليَاؤهم الطَّاغوت خي ِرجونـَجم ِم َن النُّوِر إِ َىل الظُّل َمات أولَئِ َ‬
‫أَص َحاب النَّا ِر هم كفِ َيجا َخالِدو َن﴾‬
‫‪209‬‬ ‫اآلية ‪.17‬‬ ‫ين ي ِقيمو َن َّ‬
‫الص َال َة َويـؤتو َن سورة املائدة‪،‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َِّ ِ‬
‫ين َآمنوا الذ َ‬ ‫﴿ إمنَا َوليُّكم الله َوَرسوله َوالذ َ‬
‫الزَكا َة َوهم َراكِعو َن﴾‬ ‫َّ‬

‫‪209‬‬ ‫اآلية ‪01‬‬ ‫سورة يونس‬ ‫﴿ أََال إِ َّن أَولِيَاءَ اللَّ ِه َال َخو ٌ‬
‫ف َعلَي ِجم َوَال هم َحيَزنو َن﴾‬
‫‪220‬‬ ‫سورة األعراف اآلية ‪290‬‬ ‫ني﴾‬‫﴿إِ َّن ولِيِّي اللَّه الَّ ِذي نـََّزَل ال ِكتَاب وهو يـتَـوَّىل َّ ِِ‬
‫الصاحل َ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫َ َ‬
‫‪236‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫‪222‬‬ ‫ني سورة األحزاب اآلية ‪21‬‬
‫ني َوالمؤمنَات َوال َقانت َ‬ ‫ني َوالمسل َمات َوالمؤمن َ‬ ‫﴿ إِ َّن المسلم َ‬
‫ِِ‬ ‫الصابِ ِرين و َّ ِ‬ ‫الص ِادقِني و َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الصابَِرات َواخلَاشع َ‬
‫ني‬ ‫الصادقَات َو َّ َ َ‬ ‫َوال َقانتَات َو َّ َ َ‬
‫ات‬‫الصائِم ِ‬ ‫ات و َّ ِ ِ‬ ‫ات والمتصدِّقِني والمتص ِّدقَ ِ‬ ‫اشع ِ‬
‫ِ‬
‫ني َو َّ َ‬ ‫الصائم َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ َ ََ‬ ‫َواخلَ َ‬
‫ات أ ََع َّد‬‫الذاكِر ِ‬
‫َّ‬ ‫الذاكِ ِر َّ ِ‬ ‫واحلاكفِ ِظني كفـروججم واحلاكفِظَ ِ‬
‫ات َو َّ‬
‫ين اللهَ َكث ًريا َو َ‬‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يما ﴾‬‫اللَّه َهلم َمغفَرةً َوأَجًرا َعظ ً‬

‫‪221‬‬ ‫اآلية ‪12‬‬ ‫﴿إِذ يـَتَـنَ َازعو َن بـَيـنَـجم أَمَرهم كفَـ َقالوا ابـنوا َعلَي ِجم بـنـيَانًا َربـُّجم أَعلَم هبِِم سورة الكجف‬
‫َّخ َذ َّن َعلَي ِجم َمس ِج ًدا﴾‬ ‫ال الَّ ِذين َغلَبوا علَى أَم ِرِهم لَنَت ِ‬
‫َ‬ ‫قَ َ َ‬
‫‪201‬‬ ‫اآلية ‪1-2‬‬ ‫سورة القدر‬ ‫﴿إِنَّا أَنـَزلنَاه ِيف لَيـلَ ِة ال َقد ِر (‪َ )2‬وَما أَد َر َاك َما لَيـلَة ال َقد ِر﴾‬
‫‪207‬‬ ‫اآلية ‪1-2‬‬ ‫سورة الكوثر‬ ‫ك َواحنَر﴾‬ ‫اك ال َكوثـَر (‪ )2‬كفَ ِ‬ ‫﴿إِنَّا أَعطَيـنَ َ‬
‫ص ِّل لَربِّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪210‬‬ ‫اآلية ‪72‬‬ ‫اق َوِمن َوَر ِاء إِس َح َ‬
‫اق سورة هود‬ ‫اها بِِإس َح َ‬‫ضح َكت كفَـبَشَّرنَ َ‬
‫﴿وامرأَته قَائِمةٌ كفَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫وب﴾‬ ‫يـَعق َ‬
‫‪210‬‬ ‫آل اآلية‪29‬‬ ‫َن اللَّ َه يـبَشِّرَك سورة‬
‫اب أ َّ‬‫﴿ كفَـنَ َادته الم َالئِ َكة وهو قَائِم يصلِّي ِيف ال ِمحر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ٌ َ‬ ‫َ‬
‫ني﴾ عمران‬ ‫بِيحَي مص ِّدقًا بِ َكلِمة ِمن اللَّ ِه وسيِّ ًدا وحصورا ونَبِيًّا ِمن َّ ِِ‬
‫الصاحل َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ ََ ً َ‬ ‫َ َ َ‬
‫‪291‬‬ ‫اآلية ‪17‬‬ ‫سورة‬ ‫ت مثَّ إِلَيـنَا تـر َجعو َن﴾‬ ‫﴿ ك ُّل نـَفس ذَائَِقة المو ِ‬
‫َ‬
‫العنكبوت‬
‫‪292‬‬ ‫اآلية‪112‬‬ ‫﴿واتـَّقوا يـَوًما تـر َجعو َن كفِ ِيه إِ َىل اللَّ ِه مثَّ تـ َو َّىف ك ُّل نـَفس َما َك َسبَت َوهم سورة البقرة‬
‫َ‬
‫َال يظلَمو َن﴾‬
‫‪292‬‬ ‫اآلية ‪10‬‬ ‫سورة يونس‬ ‫﴿ه َو حييِي َوميِيت َوإِلَي ِه تـر َجعو َن﴾‬
‫‪292‬‬ ‫اآلية ‪21‬‬ ‫سورة البقرة‬ ‫مج ًيعا كفَـيـنَبِّئكم ِمبَا كنتم كفِ ِيه َختتَلِفو َن﴾‬‫﴿إِ َىل اللَّ ِه مرِجعكم َِ‬
‫َ‬
‫يم َخبِريٌ﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س بِأ ِّ‬ ‫ِ‬
‫‪100‬‬ ‫اآلية ‪22‬‬ ‫سورة لقمان‬ ‫َي أَرض َمتوت إ َّن اللَّ َه َعل ٌ‬ ‫﴿وَما تَدري نـَف ٌ‬‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪122‬‬ ‫اآلية ‪221‬‬ ‫اها بِ َعشر كفَـتَ َّم مي َقات َربِّه أَربَع َ‬
‫ني سورة األعراف‬ ‫ني لَيـلَةً َوأَمتَمنَ َ‬
‫وسى ثََالث َ‬
‫اعدنَا م َ‬ ‫﴿ َوَو َ‬
‫لَيـلَةً﴾‬
‫ِ‬
‫‪122‬‬ ‫اآلية ‪10‬‬ ‫ال كفَِإنـ ََّجا حمََّرَمةٌ َعلَي ِجم أَربَع َ‬
‫ني َسنَةً سورة املائدة‬ ‫ونفي إسرائيل كان أربعني سنة﴿ قَ َ‬
‫ني﴾‬ ‫ِ ِِ‬ ‫يَتِيجو َن ِيف األَر ِ‬
‫س َعلَى ال َقوم ال َفاسق َ‬ ‫ض كفَ َال تَأ َ‬

‫‪237‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فهرس األحاديث النبوية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫الصفحة‬ ‫احلديث‬
‫‪20‬‬ ‫«س ِحر يف مشط وم َشاطَة وجف طَل َعة ذَكر ووضع السحر يف بئر ذروان»‬

‫‪01-02‬‬ ‫بعني يَوماً»‬


‫صالة أَر َ‬
‫صدقه مل تقبل لَه َ‬
‫كفسأله كفَ َ‬
‫« َمن أتى َعراكفاً َ‬
‫‪00‬‬ ‫«من اقـتبس عِلماً ِمن النجوم اقـتبس شعبةً ِمن ِ‬
‫السحر َز َاد َما َزاد»‬ ‫ََ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫َخاه كفَـليف َعل»‬ ‫« أَع ِرضوا علَي رقاكم كفَـلَما عرضوا قَال‪ :‬الَ أَرى بأساً ِمن ِاستطَ ِ‬
‫‪77‬‬ ‫اع منكم أَن يـَنـ َف َع أ َ‬‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ َ‬
‫‪77‬‬ ‫وشرطَة حمَ ِجم‪ ،‬وَكيةً بِنَار‪ ،‬وأَهنِي أ َميت َعن ال َكي»‬ ‫الش َفاء يف ثَالثَة‪َ ،‬شربَةَ َع َسل َ‬ ‫« ِ‬

‫وعلَى‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪77‬‬ ‫الذين الَ يَسرتقون والَ يتَطَريون والَ يَكتَوون َ‬ ‫« يَدخل اجلَنَة من أميت َسبـعو َن ألفاً بغري ح َساب هم َ‬
‫َرهبم يَتوَكلون»‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫الطرية والطَرق من اجلبت‪ ،‬وكفيه إبطَال َلدالئل النبـ َوات وتَك ِذيب لآلَيات املنَـَزالَت»‬ ‫« العيَاكفَة و َ‬
‫ِ‬
‫‪202‬‬ ‫صاحل يَدعو له »‬ ‫صدقَة َجا ِرية أو علم ينت َفع به أو َولَد َ‬ ‫ات ابن آدم انقطَع َعمله إالَ من ثَالث‪َ :‬‬ ‫« إذا َم َ‬
‫‪201‬‬ ‫اخر»‬ ‫« أرى رؤياكم قد تواطأت يف السبع األواخر كفَمن َكان متح ِريجا كفليتحراها يف السب ِع األو ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪202‬‬ ‫ني يـَل َقى َربَه»‬ ‫للصائ ِم كفَـر َحتَان كفَـر َحة ح َ‬
‫ني يـَفطر وكفَـر َحة ح َ‬ ‫« َ‬
‫‪271‬‬ ‫يس منه كفجو ِرد »‬
‫ث يف أمرنَا َما لَ َ‬
‫«من أح َد َ‬
‫‪271‬‬ ‫ضاللَة يف النَار»‬
‫ضاللَة وكل َ‬ ‫«كل حمدثَة بد َعة وكل بِ َ‬
‫دعة َ‬
‫‪279‬‬ ‫«مع الغالَِم عقيقة كفأهريِقوا عنه دماً و ِأميطوا َعنه األَذى»‬
‫‪210‬‬ ‫كفسماه إبراهيم وحنكه بتمرة»‬ ‫«ولد يل غالم كفأتيت النيب ﷺ َ‬
‫‪212‬‬ ‫الشارب وتقليم األظاكفر ونَتف اإلبط»‬ ‫«الفطرة َمخس اخلِتان واالستح َداد وقَص َ‬
‫‪212‬‬ ‫«قد أسلمت يا رسول اهلل قال ﷺألق عنك شعر الكفر واختنت»‬
‫‪107‬‬ ‫« إذا طني القرب مل يسمع صاحبه األذان‪ ،‬وال الدعاء وال يعلم من يزوره كفال تطينو قبور موتاكم‪ ،‬دعوهم‬
‫يسمعون الذكر‪ ،‬وال يزال تراب القرب يسبح اهلل ما مل يطني القرب كل يوم عشر مرات حىت يغفر اهلل‬
‫لصاحبه»‪.‬‬
‫‪122‬‬ ‫«ال حتد امرأة على ميت كفوق ثالث إال على زوج‪ ،‬كفإهنا حتد عليه أربعة أشجر وعشرا ‪ ،‬وال تلبس ثوبا‬
‫مصبوغا إال ثوب غضب وال تكتحل وال تلمس طيبا وال ختتضب وال متشط إال إذا طجرت‪ ،‬ال متس نبذة‬
‫من قسط أو إضفار»‬

‫‪238‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -1‬فهرس األشعار‪:‬‬
‫ص‬ ‫البحر‬ ‫البيت الشعري‬
‫‪22‬‬ ‫حبر بسيط‬ ‫كب الل َجة يف كفَصل الشتَا *** َوقَد طَغَى املوج َعلَيه َو َعتَا‬
‫َوَر َ‬
‫احلجا‬
‫الر َجا *** يَا َعربة قَد د َهيت منـ َجا َ‬‫طب األسطول وانبت َ‬ ‫كفَـ َع َ‬
‫‪10‬‬ ‫حبر بسيط‬ ‫واخل ِط و ِ‬
‫السح ِر َمن أَبَـانَه‪.‬‬ ‫ومنع من اشتَـغَل بِ ِ‬
‫الك َجانَة‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫‪02‬‬ ‫حبر بسيط‬ ‫الس َماء‬
‫يَا َراصداً اخلنَس اجلَـ َـواري *** َما كفَـ َعلت َهذه َ‬
‫(خمَلـَع‬ ‫دراء‬
‫َوالَ نـََرى َغريَ زور قـَـول *** آَ َذ َاك َججل أَم از َ‬
‫البسيط)‬ ‫اقتضاء‬
‫الوَرى َ‬
‫س تَـقضى*** َوَما َهلَا يف َ‬
‫يـَقضي َعلَ َيجا َولَي َ‬
‫ضلَت عقول تَـَرى قَدمياً *** َما َشأنه اجلرم وال َفنَاء‬ ‫َ‬
‫‪02‬‬ ‫حبر بسيط‬ ‫ضا كفَلِلمحتَ ِسب التَم ِزيق *** َوال َكسر َوا ِإل َراقَة َوالتَخ ِريق‬ ‫أَي ً‬
‫الذي يعِيب‪.‬‬ ‫والضرب والطَواف بِاملضروب *** ويـتـلَف الشيء ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫َ‬
‫‪221‬‬ ‫حبر الطويل‬ ‫ش َعيب َويل اهلل ِسر ِعبَ ِادهِ *** أَبو َمدين مغ ِين اآلنَ ِام بَِفخ ِره‬
‫اشًرا ِعل َم ا ِإل ِله بِأَم ِره‬
‫كفَـيا جنَةَ املأوى ويا علَم اهل َدى *** ويا نَ ِ‬
‫ََ‬ ‫َ َ َ ََ َ َ‬
‫ب طوِره‬ ‫نت يف ك ِل جبَانِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َومل تَغب *** َوَما ك َ‬
‫ِ‬
‫ت َومل َحتضر َوغب َ‬ ‫ضر َ‬ ‫َح َ‬
‫اس إِط َفاءَ نوِره ‪.‬‬ ‫َحد يف النَ ِ‬ ‫ِ‬
‫كفَـنورَك نور اهلل يـَجدي لَه َوَهل *** َعلَى أ َ‬
‫‪212‬‬ ‫حبر بسيط‬ ‫ص ِفيَة‬ ‫ِ ِ‬
‫الس َادة الصوكفيَة *** َم َقالَة َجلية َ‬
‫ال بـَعض َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫وق َم ِاء البَح ِر قَد يَ ِسري‬
‫ت َرجالً يَ ِطري *** أَو كفَ َ‬‫إِذاَ َرأَي َ‬
‫الشرِع *** كفَإنَه مستَدرج وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دعي‬ ‫ََ‬ ‫ند حدود َ‬ ‫َومل يَقف ِع َ‬
‫‪212‬‬ ‫حبر البسيط‬ ‫الَ تَس َرتب يف َكَر َامات خيَص هبَا *** َمن اتَـ َقى اهلل يف سر وإعالَن‬
‫الزهر يف حسن أَنـ َفاس َوأَلوان‬ ‫مثَ إ َن ال َكَر َامات أَنـ َواعٌ إذَا نَظََرت *** َك َ‬
‫َمش ٌي َعلَى املاء أَو يف اجلَو قَد نقالَ *** َو َشبع ذي شعب أَو ري ظَم َآن‬
‫*** َوَك ــم اعثيـت َويل عنـ َـد إذ َعــان‬ ‫يل حيـ ـ َـن َدع َوته‬
‫ـب َو ٌ‬
‫َوَكـم أجيـ َ‬
‫*** يـغَيَب َعن َدرك أَمساَع وأَج َفان‬ ‫َوكفَـجـم َمـن جي ــيبــه اجلَ َمــاد َوَمن‬
‫َومنـجم َمن يَرى املختَ َار من َملَك *** َوَمن جيَالسجم يف َحال إخ َوان‬
‫ف َسعيجم *** املرء يَك َسب إح َساناً بإح َسان‬ ‫صفوا كفَصفوا َونَالوا ضع َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫وس دو َن أَب َدان‬
‫يف َعيش أَرَواحجم َماتَت نـفوسجم *** َوقَد َمتــوت نـف ٌ‬
‫‪239‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪160‬‬ ‫حبر الكامل‬ ‫الوِيل‬


‫اك كفَ َحبَ َذا ذَ َاك َ‬ ‫العا ِر َ‬
‫كفني ش َعيبَـ َجا *** زره هنَ َ‬ ‫اج َ‬ ‫ض ِريح تَ ِ‬‫َو َ‬
‫ك تَـن َجلِي‬
‫ك َوكروب َ‬
‫ِ‬
‫كفَ َمـ َـزاره للــدي ـ ـ ِن َوالـدنـيَـا َمـعـاً *** َمت ِحي ذنوبَ َ‬
‫ِ‬
‫‪271‬‬ ‫حبر الطويل‬ ‫صالَة‬‫اب َعنكم َوقت ك ِّل َ‬ ‫أالَ إن َّين للدِّي ِن َخيـر أ ََداة *** إذ َغ َ‬
‫ات‬‫ك الظلم ِ‬ ‫وَمل تـر َمشس بالنـَّجا ِر ومل تنِر *** َكواكِب لَيل حالِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صالَة »‪.‬‬ ‫بِيم ِن أم ِري املسلم َ‬
‫ني حمَ َّمد *** َجتَلَّت َع ِن األوقَات ك ُّل َ‬
‫ِ‬
‫‪211‬‬ ‫حبر الرجز‬ ‫َّقيعة‬
‫اخلرس و اإلع َذار و الن َ‬ ‫ك ُّل الطَّعاَم تَشتَ ِجي َر َ‬
‫بيع َة‬

‫‪240‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فهرس األعالم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬


‫«أ»‬
‫إبراهيم بن حممد بن علي التازي أبو سامل‪.211 – 207‬‬ ‫‪-‬‬
‫إبراهيم املصمودي ‪.222‬‬ ‫‪-‬‬
‫أمحد بن إدريس األيلويل الزواوي ‪.92‬‬ ‫‪-‬‬
‫أمحد بن احلسن الغماري ‪.102 -211 -220 -222‬‬ ‫‪-‬‬
‫أمحد أبو العباس حفيد سيدي حممد بن مرزوق ‪.101 -212 -211‬‬ ‫‪-‬‬
‫أمحد بن عيسى الورنيدي الزكوطي ‪.211‬‬ ‫‪-‬‬
‫أمحد بن منصور صاحب الصالة اخلزرجي التلمساين ‪.211‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬أمحد الغماري ‪.211 -220‬‬
‫أبو إسحاق إبراهيم اخلياط ‪.200-92‬‬ ‫‪-‬‬
‫أيب إسحاق إبراهيم بن خيلف بن عبد السالم التنسي ‪.102 -299-221-221 -211 -222‬‬ ‫‪-‬‬
‫أم عصفور تبعزات بنت حسني اهلنتيفي ‪.221‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ب»‬
‫أبو بكر اجلصاص ‪.22‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو بكر ابن العريب املالكي ‪.21‬‬ ‫‪-‬‬
‫أيب البيان واضح ‪.219-202 -200 -91‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ت»‬
‫تاحضريت بنت عمر بن يعقوب بن أيب محو موسى بن طلحة بن غمرسان ‪.227‬‬ ‫‪-‬‬
‫ابن تومرت حممد ‪.12 -12 -11 -72‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ج »‬
‫جابر بن حيان ‪.27‬‬ ‫‪-‬‬
‫جعفر الصادق ‪.11‬‬ ‫‪-‬‬
‫اجلنيد ‪.221 -200‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ح »‬
‫احلسن رضي اهلل عنه ‪207‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪241‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫احلسن بن خملوف أبركان ‪.102 -219 -222 -202‬‬ ‫‪-‬‬


‫كفأبو احلسن علي بن إمساعيل ابن حممد بن عبد اهلل بن حرزهم ‪219‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو احلسن علي بن أمحد احلسن بن إبراهيم احلرايل ‪299‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو احلسن الفقيه ‪.79‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبا احلسن املريين ‪.271 -221 -91 -71 -71 -72 -22 -22‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو احلسن ابن النجارية ‪.92‬‬ ‫‪-‬‬
‫احلسني رضي اهلل عنه‪.207‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو حفص عمر بن مسيكسو الدغدوغي ‪212‬‬ ‫‪-‬‬
‫محزة بن أمحد املغراوي ‪.227‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو محو موسى الثاين ‪271.227-272 - -92‬‬ ‫‪-‬‬
‫«خ »‬
‫ابن خلدون ‪-11 -10 -21 -22 - 22-20‬‬
‫«ر»‬
‫رمحونة بنت أيب عبد اهلل حممد بن القاضي أيب حيي العقباين ‪.227‬‬ ‫‪-‬‬
‫رقية بنت امة احلق بنت موالي عبد الواحد بن موالي أيب محو ‪.227‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ز»‬
‫أليب زكريا حيي بن عمر ‪.19‬‬ ‫‪-‬‬
‫أيب زكريا حيي الزواوي ‪.92‬‬ ‫‪-‬‬
‫أيب زكريا احلفصي ‪.222‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو زكريا حيي بن الصيقل ‪.220‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو زكريا حيي بن حممد اجلراوي األقرع ‪.219‬‬ ‫‪-‬‬
‫أيب زكريا حيي بن موسى املليجي ‪.219 -217 -222‬‬ ‫‪-‬‬
‫أيب زكريا يوهان الصنجاجي ‪.219‬‬ ‫‪-‬‬
‫الزهرة بنت السلطان أيب عبد اهلل حممد بن حممد الثابيت ‪.227‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو زيان حممد بن عثمان حفيد يغمراسن بن زيان ‪.221‬‬ ‫‪-‬‬
‫أيب زيد عبد الرمحان بن يعقوب بن علي ‪.211 -92‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪242‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫زينب بنت الشيخ الصاحل أيب إسحاق إبراهيم بن حممد الداليل ‪221‬‬ ‫‪-‬‬
‫«س »‬
‫ستم بنت الشيخ أيب علي حسني بن اجلالب ‪.200‬‬ ‫‪-‬‬
‫أيب سعيد الشريف احلسين ‪202‬‬ ‫‪-‬‬
‫سوط النسا والدة يغمراسن بن زيان ‪-222‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ش »‬
‫اإلمام الشاكفعي ‪222‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ع»‬
‫أبو عبد اهلل الشامي ‪211‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو عبد اهلل القوري ‪10‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد اهلل بن علي املنجم بن احملفوف ‪.02‬‬ ‫‪-‬‬
‫السلطان أبو عبد اهلل حممد الثالث ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو عبد اهلل حممد بن علي اللجام ‪212‬‬ ‫‪-‬‬
‫أيب عبد اهلل حممد بن عيسى ‪200 -91‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن أيب بكر بن مرزوق ‪277 -92‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبا عبد اهلل حممد ابن موسى اليجري البجائي ‪.22‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو عبد اهلل حميو اهلواري ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو عبد اهلل بن سعيد العقباين ‪10‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد اهلل بن العباس ‪10‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد اهلل بن منصور ‪212‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو عبد اهلل ابن مرزوق ‪221 -222‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد الرمحان السنوسي ‪.102 -220 -220‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد الرمحان الوغسيلي ‪97‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو العباس أمحد بن حممد بن أمحد بن أمحد العزيف اللخمي السبيت ‪272‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد القادر اجليالين ‪200‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد املؤمن بن علي الكومي ‪207‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪243‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أبو العباس أمحد العطار ‪.12‬‬ ‫‪-‬‬


‫أبو العباس أمحد بن مرزوق ‪.202 -92‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو العباس الزواوي ‪.200‬‬ ‫‪-‬‬
‫أيب العباس السبيت ‪29‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو العباس ابن القطان ‪.90 -22‬‬ ‫‪-‬‬
‫علي بن أيب طالب رضي اهلل عنه ‪207 -11‬‬ ‫‪-‬‬
‫عقبة بن ناكفع ‪.210 -19‬‬ ‫‪-‬‬
‫أيب عمر تاشفني بن علي ‪.22‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن أبو عمر عثمان ابن علي بن احلسن التلمساين ‪.291‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو عنان كفارس املريين ‪92‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ف »‬
‫كفاطمة رضي اهلل عنجا ‪207‬‬ ‫‪-‬‬
‫الفخر بن اخلطيب ‪21‬‬ ‫‪-‬‬
‫ابن كفرغوس ‪.202‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ق»‬
‫الشيخ أبو القاسم حممد بن أبو العباس أمحد بن حممد بن أمحد بن أمحد العزيف اللخمي السبيت ‪272‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو القاسم العقباين ‪.79‬‬ ‫‪-‬‬
‫ابن قدامة املقدسي ‪.90 -21‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ك»‬
‫الكامل حممد بن العادل السلطان األيويب ‪222‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ل »‬
‫اللة تركية ‪.222‬‬ ‫‪-‬‬
‫اللة رويا ‪221 -222‬‬ ‫‪-‬‬
‫اللة سييت ‪222‬‬ ‫‪-‬‬
‫اللة غريبة ‪221‬‬ ‫‪-‬‬
‫اللة مغنية ‪222‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪244‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫«م »‬
‫حممد التنسي ‪222‬‬ ‫‪-‬‬
‫حممد الدوادي ‪212‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو حممد صاحل ‪.19‬‬ ‫‪-‬‬
‫حممد بن عمر اهلواري ‪222 -210 -220‬‬ ‫‪-‬‬
‫حممد بن حممد بن أيب بكر بن مرزوق– ‪299.221‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو حممد عبد اهلل املليجي ‪.101‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو حممد مع اهلل ابن حيي بن جياتن الزنايت ‪212‬‬ ‫‪-‬‬
‫حممد املكي الناصري ‪211‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو مدين شعيب ‪.109 -101 -272 -202-212 -221-222 -212-210 -72‬‬ ‫‪-‬‬
‫ابن مرزوق ‪202 -22 -22‬‬ ‫‪-‬‬
‫مرمي بنت يوسف بن عبد اهلل ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫مسلمة بن أمحد اجملريطي‪27‬‬ ‫‪-‬‬
‫املعز لدين اهلل الفاطمي ‪.272‬‬ ‫‪-‬‬
‫معمر بن عالية ‪212‬‬ ‫‪-‬‬
‫ملوكة بنت الشيخ عثمان بن مشعل زوجة السلطان أيب عبد اهلل حممد ‪227‬‬ ‫‪-‬‬
‫املجدي بن تومرت ‪207‬‬ ‫‪-‬‬
‫«و»‬
‫الوزان ‪-21‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو الوليد ابن رشد اجلد ‪211‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ي»‬
‫أبو يزيد ابن اإلمام ‪-72‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو يعزى يلينور بن ميمون‪202‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو يعقوب التفرييت ‪.21‬‬ ‫‪-‬‬
‫يعقوب املالري ‪99‬‬ ‫‪-‬‬
‫يغمراسن بن زيان ‪.212 -221-221 -202-200 -92 -91‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪245‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فهرس الشعوب والقبائل والطوائف‬ ‫‪-1‬‬


‫«أ»‬
‫األمازيغ ‪.211 -201 -229-211-210‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ب»‬
‫بنو زيان ‪-22‬‬ ‫‪-‬‬
‫بين عبد الواد ‪-22‬‬ ‫‪-‬‬
‫الرببر ‪229 -210 -19-11 -11 -27‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ت»‬
‫التيجانية ‪200‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ح »‬
‫احلسنيون من بين إدريس ‪207‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ز»‬
‫الزراقني ‪.02‬‬ ‫‪-‬‬
‫زناتة ‪.21 -20‬‬ ‫‪-‬‬
‫الزيانيني ‪.91 -22 -17‬‬ ‫‪-‬‬
‫«س »‬
‫السالجقة ‪.222‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ش »‬
‫الشركفاء ‪.207‬‬ ‫‪-‬‬
‫الشيعة ‪.211‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ص»‬
‫صنجاجة ‪.20‬‬ ‫‪-‬‬
‫الصوكفية ‪-221 – 11 -17‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ع»‬
‫عجيسة ‪.20‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪246‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫العرب ‪.20 -21‬‬ ‫‪-‬‬


‫العلويني ‪.207‬‬ ‫‪-‬‬
‫«غ»‬
‫الغرباء ‪.91 -92‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ف »‬
‫الفاطميني ‪.272-270‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ق»‬
‫قبائل املور ‪.12‬‬ ‫‪-‬‬
‫القبائل اهلاللية ‪.90‬‬ ‫‪-‬‬
‫القديسني ‪.211‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ك»‬
‫الكبشيني ‪.201‬‬ ‫‪-‬‬
‫كتامة ‪.20‬‬ ‫‪-‬‬
‫«م »‬
‫املذهب املالكي ‪.212 -71‬‬ ‫‪-‬‬
‫املرابطني ‪.211 -90 -11‬‬ ‫‪-‬‬
‫املسلمني ‪-209 -200 -201 -201 -202 -200 -219 -211 -90 -19 -79-21‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.270‬‬
‫املسيحية ‪.201 -211 -1‬‬ ‫‪-‬‬
‫املوحدين ‪.221‬‬ ‫‪-‬‬
‫«و»‬
‫الوثنية ‪.290 -201 -212 -210 -01-07 -11‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ي»‬
‫اليجود ‪.270-211 -1‬‬ ‫‪-‬‬
‫اليجود اهلارونيني ‪.79‬‬ ‫‪-‬‬
‫اليونانية ‪.12 -21‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪247‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فهرس الدول واألماكن‪.‬‬ ‫‪-0‬‬


‫«أ»‬
‫أغادير ‪.212 -200‬‬ ‫‪-‬‬
‫األطلس ‪.209 -200 -20‬‬ ‫‪-‬‬
‫مشال إكفريقيا( إكفريقيا الشمالية) ‪.290-212 -211 -71 -29-27 -20-11‬‬ ‫‪-‬‬
‫األندلس ‪.271 -272 -27‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ب»‬
‫باب اجلياد ‪212‬‬ ‫‪-‬‬
‫باب الزاوية ‪212‬‬ ‫‪-‬‬
‫باب الضحية ‪.207‬‬ ‫‪-‬‬
‫باب العقبة ‪212‬‬ ‫‪-‬‬
‫باب القرمادين ‪.202 -212‬‬ ‫‪-‬‬
‫باب كشوط ‪212‬‬ ‫‪-‬‬
‫البحر املتوسط ‪.27‬‬ ‫‪-‬‬
‫جباية ‪.221 -20‬‬ ‫‪-‬‬
‫بين حلوان ‪202‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيت املقدس ‪.201‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيزنطة ‪.12‬‬ ‫‪-‬‬

‫«ت»‬
‫تادلة ‪.219‬‬ ‫‪-‬‬
‫تلمسان ‪-221 -221 -219 -221 -207 -99 -91-92 -19 -10 -71 -72 -21‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.207 -202 -201 -200-212-211‬‬
‫تونس ‪.222 -12‬‬ ‫‪-‬‬
‫تيجرت ‪.20‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ج »‬
‫‪248‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اجلامع األعظم‪.200 -19‬‬ ‫‪-‬‬


‫اجلامع الكبري ‪.207‬‬ ‫‪-‬‬
‫جبل الورنيد ‪.21‬‬ ‫‪-‬‬
‫جبل الونشريس ‪10‬‬ ‫‪-‬‬
‫اجلزائر ‪.11‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ح »‬
‫احلجاز ‪.201272‬‬ ‫‪-‬‬
‫محام سيدي مسيد ‪.21‬‬ ‫‪-‬‬
‫«خ »‬
‫الدولة احلفصية ‪.222‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ر»‬
‫رباط أيب مروان ‪19‬‬ ‫‪-‬‬
‫رباط شاكر‪.211 -19‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ز»‬
‫الزاب ‪.20‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدولة الزيانية ‪.271 -11‬‬ ‫‪-‬‬
‫زاوية ابن البنا ‪.91‬‬ ‫‪-‬‬
‫الزاوية املالرية ‪.99‬‬ ‫‪-‬‬

‫«س »‬
‫سجلماسة ‪.291‬‬ ‫‪-‬‬
‫السودان ‪.27 -27‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ش »‬
‫شرشال ‪.19 -20‬‬ ‫‪-‬‬
‫الشلف ‪.91‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ص»‬

‫‪249‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -‬الصحراء ‪.209‬‬
‫«ض »‬
‫ضريح احللوي ‪222‬‬ ‫‪-‬‬
‫ضريح اللة سييت ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ع»‬
‫العباد ‪.120 -272 -202-220-222 -99 -92‬‬ ‫‪-‬‬
‫العراق ‪.21‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ف »‬
‫‪ -‬كفلسطني ‪.201‬‬
‫«ق»‬
‫‪ -‬قصر املشور ‪.272 -207‬‬
‫‪ -‬القريوان ‪.290‬‬
‫«ك»‬
‫الكعبة ‪.99‬‬ ‫‪-‬‬
‫«م »‬
‫مازونة ‪202‬‬ ‫‪-‬‬
‫املدينة املنورة ‪.201‬‬ ‫‪-‬‬
‫مسجد إبراهيم املصمودي ‪222‬‬ ‫‪-‬‬
‫مسجد أيب مدين ‪.92‬‬ ‫‪-‬‬
‫مسجد احللفاوين ‪222‬‬ ‫‪-‬‬
‫مسجد احللوي ‪221 -92‬‬ ‫‪-‬‬
‫مسجد اخلليل ‪201‬‬ ‫‪-‬‬
‫مسجد الشيخ عبد الرمحان السنوسي ‪92‬‬ ‫‪-‬‬
‫املشرق ‪.221 -19 – 11 -21 -27‬‬ ‫‪-‬‬
‫مرسى اخلرز ‪.19‬‬ ‫‪-‬‬
‫مصر ‪.272-209 -11-27‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪250‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املغرب ‪-221 -201 -200 -99 -91 -19 -79-71 -21 -20 – 17- 10 -11‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.201 -221-221-220 -210‬‬
‫املغرب اإلسالمي ‪.272-219 -158- -212-229 -210-211‬‬ ‫‪-‬‬
‫املغرب األقصى ‪.27 -20‬‬ ‫‪-‬‬
‫املغرب األوسط ‪-22 -20 -10 -11 -12 -12 -11 -10 -20 -21 -22 -0 -1 -2‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-12 -12 -11 -10 -21 -22 -22 -21 -22-29 -27 -20 -21 -22 -22 -21‬‬
‫‪-90 -19 -12 -12 -11 -12 -10 -79 -71 -70 -72-71 -72 -09 -19 -11‬‬
‫‪-227 -220 -222 -221 -220 -207 -207 -201 -202 -200-99 -91 -92‬‬
‫‪-211 -211-212-229 -220 -222 -227 -222 -222 -221 -219 -210 -212‬‬
‫‪-272 -271 -272 -270 209 -207 -200 -201 -202 -201 -202 -200 -219‬‬
‫‪-297 -292 -292 -292 -219 -211 -210 -211 -212 -210 -277 -270 -271‬‬
‫‪.122 -101 -290 -292 -212 -277 -272 -120.271 -109 -100 -101 -299‬‬
‫مقربة باب اجلياد ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫مقربة اخلفري ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫مقربة باب الدباغني ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومقربة باب العقبة ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫مقربة القاضي ‪.101‬‬ ‫‪-‬‬
‫مقربة عني وانزوتة ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومقربة باب القرمادين ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومقربة باب كشوط ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫مقربة املرج ‪ 220‬مقربة مسند صاحل بباب زيري ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫مقربة باب وهب ‪220‬‬ ‫‪-‬‬
‫مكة ‪.201‬‬ ‫‪-‬‬
‫«ه »‬
‫هنني ‪.19‬‬ ‫‪-‬‬
‫هوارة ‪.79 -20‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪251‬‬
‫الفهارس‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫«و»‬
‫واد تانسيفت ‪.211‬‬ ‫‪-‬‬
‫واد رهيو ‪.219‬‬ ‫‪-‬‬
‫واد الشلف ‪.20‬‬ ‫‪-‬‬
‫واد ملوية ‪.20‬‬ ‫‪-‬‬
‫وهران ‪210 -19 -20‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪252‬‬
‫قائمة المصادر‬
‫والمراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أوال‪ :‬المحررات باللغة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬القرآن الكريم ( رواية ورش عن ناكفع)‪ :‬دمشق‪ :‬دار الريادة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1021 ،2‬م‪.‬‬
‫‪ /3‬المصادر‪:‬‬
‫أوال‪ :‬المصادر المخطوطة‪:‬‬
‫السبيت‪ ،‬اهلواري عبد اهلل بن عبد الرمحن ابن احلارث بن مهام أيب العباس (ت‪002‬ه‪2102 /‬م)‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫مناقب أبي العباس السبتي‪ ،‬خمطوط رقم ‪ ،2291‬مكتبة امللك عبد اهلل بن عبد العزيز‪ 11 ،‬ورقة‪.‬مكتبة رقمية‪.‬‬
‫السرمدي‪ ،‬احلنبلي( ت‪770‬هـ‪2272/‬م)‪ :‬يوسف بن حممد بن مسعود خمطوط "ذكر الوباء‬ ‫‪-0‬‬
‫والطاعون"‪ ،‬رقم‪ ، 1770 :‬مكتبة باريس‪ 22 ،‬ورقة‪.‬‬
‫السيوطي‪ ،‬جالل الدين أيب الفضل عبد الرمحان ابن مجال الدين‪ ،‬خمطوط " ما رواه الواعون في أخبار‬ ‫‪-1‬‬
‫الطاعون" ‪ ،‬نسخة مصورة عن خمطوط رقم‪ ،2122 :‬ورقة ‪.201‬‬
‫العسقالين‪ ،‬أمحد بن علي بن حممد ابن حجر‪ ،‬خمطوط "بذل الماعون في فضائل الطاعون" ‪ ،‬خمطوط‬ ‫‪-0‬‬
‫رقم ‪ ،110‬باجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة‪ 270 ،‬ورقة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المصادر المطبوعة‪:‬‬
‫ابن األثري‪ ،‬جمد الدين أبو السعادات املبارك (ت‪000‬هـ‪2120 /‬م)‪ :‬النهاية في غريب الحديث‬ ‫‪-2‬‬
‫واألثر‪ ،‬حتقيق‪ :‬طاهر أمحد الزاوي وحممود حممد الطنايب‪ ،‬ط‪ ،01‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪2910 ،‬م‪.‬‬
‫األمحر‪ ،‬أبو الوليد إمساعيل بن يوسف اخلزرجي األنصاري (ت‪107‬هـ‪2201 /‬م)‪ :‬تاريخ الدولة الزيانية‬ ‫‪-1‬‬
‫بتلمسان ‪-‬مقتطف من كتابه " النفحة النسرينية في الدولة المرينية"‪ ،‬حتقيق‪ :‬هاين سالمة‪ ،‬ط‪ ،2‬بور سعيد –‬
‫مصر‪ :‬مكتبة الثقاكفة الدينية للنشر والتوزيع‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتتتـ ـ ـ ‪ :‬مستودع العالمة ومستبدع العالمة‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد الرتكي التونسي‪ ،‬الرباط‪:‬منشورات‬ ‫‪-1‬‬
‫املركز اجلامعي للبحث العلمي‪(،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫اإلدريسي‪ ،‬الشريف ( ت‪101‬هـ ‪2200 /‬م)‪ :‬نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق‪ ،‬اجلزائر‪ :‬هنري‬ ‫‪-2‬‬
‫برييس‪2917 ،‬م‪.‬‬
‫األصفجاين‪ ،‬أبو القاسم احلسني بن حممد الراغب (ت ‪101‬هـ‪2201/‬م)‪ :‬المفردات في غريب‬ ‫‪-1‬‬
‫القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬مركز الدراسات والبحوث مبكتبة نزار مصطفى الباز‪ ،‬مكة‪ -‬السعودية‪ :‬دار عامل الكتب للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪1009 ،‬م‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -0‬األدكفوي‪ ،‬كمال الدين أبو الفضل جعفر بن ثعلب املصري (ت ‪721‬ـ‪2110 /‬م)‪ :‬الموفى بمعرفة التصوف‬
‫والصوفي‪ ،‬تح‪ :‬حممد عيسى صاحلية‪ ،‬ط‪،02‬الكويت‪ :‬مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫الباديسي‪ ،‬عبد احلق بن إمساعيل (ت‪010‬هـ‪2111 /‬م)‪ :‬المقصد الشريف والمنزع اللطيف في‬ ‫‪-7‬‬
‫التعريف بصلحاء الريف‪ ،‬حتقيق‪ :‬سعيد أعراب‪ ،‬ط‪ ،01‬الرباط‪ :‬املطبعة امللكية‪2992 ،‬م‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن إمساعيل بن إبراهيم بن بردزبة اجلعفي ( ت‪110‬هـ‪109 /‬م)‪ :‬صحيح‬ ‫‪-1‬‬
‫البخاري‪ ،‬ط‪ ،02‬تعليق‪ :‬حممد بن صاحل العثيمني‪ ،‬باب الواد‪ -‬اجلزائر‪ :‬دار اإلمام مالك للكتاب‪1020 ،‬م‪،‬‬
‫‪1‬أجزاء‪.‬‬
‫الربزيل أيب القاسم بن أمحد البلوي التونسي(ت ‪122‬هـ‪2221/‬م)‪ :‬فتاوى البرزلي جامع مسائل‬ ‫‪-9‬‬
‫األحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حبيب اهليلة‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪1001 ،‬م‪ 0 ،‬أجزاء‪.‬‬
‫‪ -20‬ابن بطوطة‪ ،‬حممد بن عبد اهلل بن حممد (ت ‪779‬هـ‪2277/‬م)‪ :‬رحلة ابن بطوطة في غرائب األمصار‬
‫وعجائب األسفار‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبد الرحيم‪،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪1009 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬البلوي‪ ،‬أيب القاسم بن أمحد التونسي ( ت‪021‬هـ‪2122 /‬م)‪ :‬فتاوى البرزلي جامع مسائل األحكام‬
‫لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حبيب اهليلة‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي ‪،‬‬
‫‪1001‬م‪7 ،‬جملدات‪.‬‬
‫‪ -21‬البكري‪ ،‬أبو عبيد اهلل بن عبد العزيز (حي حوايل ‪200‬هـ‪2009/‬م) ‪ ،‬حتقيق‪ :‬البارون دوسالن‪ .‬المغرب‬
‫في ذكر افريقية والمغرب‪ ،‬بغداد‪ :‬مكتبة املثىن‪2901 ،‬م‪.‬‬
‫البلوي‪ ،‬أبو جعفر (ت ‪921‬هـ‪2121/‬م)‪ :‬ثبت البلوي‪ :‬حتقيق‪ :‬عبد اهلل العمراين‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪:‬‬ ‫‪-22‬‬
‫دار الغرب اإلسالمي‪2912 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬البوين‪ ،‬أمحد بن علي (ت‪011‬هـ‪2111/‬م)‪ :‬شمس المعارف الكبرى ولطائف العوارف‪ ،‬ط‪،01‬‬
‫بريوت‪ :‬مؤسسة النور للمطبوعات‪1000،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬البيدق‪ ،‬أبو بكر الصنجاجي (ت أواخر ق‪0‬هـ‪21/‬م)‪ :‬أخبار المهدي بن تومرت وبداية دولة‬
‫الموحدين‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الوهاب بن منصور‪ ،‬الرباط‪ :‬دار املنصور للطباعة والوراقة‪2972 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬البيصري‪ ،‬شرف الدين أيب عبد اهلل حممد بن سعيد (ت‪990‬هـ‪2190/‬م)‪ ،‬ديوان البويصري‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫حممد سيد الكيالين‪،‬ط‪ ،2‬مصر‪ :‬مطبعة مصطفى البايب احلليب‪2911 ،‬م‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -27‬التنبكيت‪ ،‬أمحد بابا(ت‪2020‬هـ‪2010/‬م)‪ :‬نيل االبتهاج بتطريز الديباج‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد احلميد عبد اهلل‬
‫اهلرامة‪،‬ط‪ ،01‬طرابلس‪ -‬ليبيا‪ :‬دار الكتاب‪1000 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬التنسي‪ ،‬حممد بن عبد اهلل (ت ‪199‬هـ ‪2292 /‬م)‪ ،‬تاريخ بني زيان ملوك تلمسان مقتطف من كتاب‬
‫نظم الدر والعقيان في بيان شرف بني زيان ‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممود بوعياد‪ ،‬اجلزائر‪ :‬املكتبة الوطنية اجلزائرية‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -29‬ابن تيمية تقي الدين أمحد احلراين (ت ‪711‬هـ‪2211/‬م)‪ :‬مجموعة الفتاوى‪ ،‬ط‪ ،02‬املنصورة‪ -‬مصر‪:‬‬
‫دار الوكفاء للطباعة والنشر والتوزيع‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬ـ ـ ــ‪ :‬شرح العقيدة الواسطية‪ ،‬شرح‪ :‬حممد بن صاحل العثيمني‪ ،‬ط‪ ،0‬السعودية‪ :‬دار ابن اجلوزية للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬الثعاليب‪ ،‬أبو زيد عبد الرمحان بن حممد (ت‪171‬هـ‪2270/‬م)‪ ،‬العلوم الفاخرة في النظر في أحوال‬
‫اآلخرة‪ ،‬مطبعة حجرية‪2199 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬اجلرسيفي‪ ،‬عمر بن عثمان بن العباس (ت‪2122‬هـ‪2100/‬م)‪ :‬رسالة في الحسبة ضمن ثالث رسائل‬
‫أندلسية في آداب الحسبة والمحتسب‪ ،‬حتقيق‪ :‬ليفي بروكفنسال‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة املعجد العلمي الفرنسي لآلثار‬
‫الشرقية‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬اجلصاص‪ ،‬أبو بكر أمحد بن علي الرازي ( ت‪270‬هـ‪912/‬م)‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد صادق‬
‫القمحاوي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار إحياء الكتب العربية – مؤسسة التاريخ العريب‪ 1 ،2991 ،‬جملدات‪.‬‬
‫‪ -12‬اجلوهري‪ ،‬إمساعيل بن محاد أبو نصر (ت ‪212‬هـ‪2001/‬م)‪ :‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪،‬‬
‫مراجعة‪ :‬حممد تامر‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار احلديث للطباعة والنشر والتوزيع‪1009 ،‬م‪ 1،‬جملدات‪.‬‬
‫‪ -11‬أبو حامد‪ ،‬حممد العريب ( ت‪911‬ـ‪2011/‬م)‪ :‬مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد محزة الكتاين‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ :‬مطبعة النجاح اجلديدة‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬أبو محو‪ ،‬موسى بن زيان العبد الوادي (ت‪791‬هـ‪2219/‬م)‪ :‬كتاب واسطة السلوك في سياسة‬
‫الملوك‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد بوترعة‪ ،‬ط‪ ،02‬اجلزائر‪ :‬دار الشيماء‪ -‬دار النعمان‪1021 ،‬م‪.‬‬
‫احلموي أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الرومي (ت‪010‬هـ‪2111/‬م)‪ :‬معجم البلدان‪ ،‬بريوت‪ :‬دار‬ ‫‪-17‬‬
‫صادر‪2977 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬احلمريي حممد بن عبد املنعم الصنجاجي (ق‪1‬هـ‪22/‬م)‪ :‬الروض المعطار في أخبار األقطار‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫إحسان‪ ،‬عباس‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬مطابع هيلدبرغ‪2912 ،‬م‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -19‬أيب مروان ابن حيان القرطيب (ت ‪202‬هـ‪972/‬م)‪ :‬المقتبس في أخبار بلد األندلس‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد‬
‫الرمحان علي حجي‪ :‬بريوت‪ :‬دار الثقاكفة للنشر والتوزيع‪2901 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬اخلزاعي‪ ،‬أبو احلسن علي بن حممد التلمساين (ت‪719‬هـ ‪2217/‬م)‪ :‬مختصر الدالالت السمعية‬
‫على ما كان في عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم من الحرف والصنائع والعماالت الشرعية‪ ،‬إعداد‪:‬‬
‫أمحد مبارك البغدادي ‪ ،‬ط‪( ،2‬د‪.‬م)‪ :‬مكتبة السندس‪2990 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬اخلطايب‪ ،‬أبو سليمان بن حممد بن إبراهيم ( ت‪211‬هـ‪911/‬م)‪ :‬معالم السنن‪ ،‬ط‪ ،02‬حلب‪ :‬املطبعة‬
‫العلمية‪2921 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬ابن اخلطيب‪ ،‬لسان الدين حممد بن عبد اهلل (ت‪770‬هـ‪2201/‬م)‪ :‬رقم الحلل في نظم الدول‪،‬‬
‫تونس‪ :‬املطبعة العمومية‪2191 ،‬م‪.‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪ :‬اإلحاطة في أخبار غرناطة‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبد اهلل عنان‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬مكتبة اخلاجني‪،‬‬ ‫‪-22‬‬
‫‪2977-2972‬م‪2 ،‬أجزاء ‪.‬‬
‫‪ -22‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ‪ :‬مقنعة السائل عن المرض الهائل‪ ،‬حتقيق وتقدمي‪ :‬حياة قارة‪ ،‬ط‪ ،02‬الرباط‪ :‬دار األمان‪،‬‬
‫‪1021‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ‪ :‬نفاضة الجراب في عاللة االغتراب‪ ،‬حتقيق وتقدمي‪ :‬السعدية كفاغية‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪:‬‬
‫مطبعة النجاح اجلديدة‪2919 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬ابن خلدون‪ ،‬عبد الرمحن (ت‪101‬هـ‪2201/‬م)‪ :‬كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب‬
‫والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكبر‪ ،‬مراجعة‪ :‬سجيل زكار‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر للطباعة‬
‫والنشر‪1020،‬م‪1 ،‬أجزاء ‪.‬‬
‫‪ -27‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ‪ :‬المقدمة‪ :‬بريوت‪ :‬منشورات دار ومكتبة اهلالل للطباعة والنشر‪2990 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪ :‬التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد بن تاويت الطنجي‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -29‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪ :‬شفاء السائل وتهذيب المسائل‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد مطيع احلاكفظ‪ ،‬ط‪ ،02‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪-‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الفكر‪2990 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬ابن خلدون‪ ،‬أبو زكريا حيي بن حممد(ت‪710‬هـ‪2271/‬م)‪ :‬بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد‬
‫الواد‪ ،‬ج‪ ،2‬حتقيق‪ :‬عبد احلميد حاجيات‪ ،‬اجلزائر‪ :‬املكتبة الوطنية‪2910 ،‬م؛ ج‪ ،1‬حتقيق‪ :‬بوزياين الدراجي‪،‬‬
‫اجلزائر‪ :‬دار األمل للدراسات والنشر والتوزيع ‪1007 ،‬م‪.‬‬
‫‪257‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -22‬ابن خلكان‪ ،‬أيب العباس مشس الدين أمحد بن بكر ( ت‪012‬هـ‪2111/‬م)‪ :‬وفيات األعيان وأنباء أبناء‬
‫الزمان‪ ،‬حتقيق‪ :‬إحسان عباس ‪ ،‬بريوت‪ :‬دار صادر‪.‬‬
‫‪ -21‬ابن دريد‪ ،‬أبو بكر حممد بن احلسن (ت‪212‬هـ‪922 /‬م)‪ :‬جمهرة اللغة‪ ،‬حتقيق‪ :‬رمزي منري‬
‫بعلبكي‪،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار العلم للماليني‪2917 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬الرازي حممد‪ ،‬بن أيب بكر مشس الدين (ت‪000‬هـ‪2102 /‬م)‪ :‬حدائق الحقائق‪ ،‬حتقيق‪ :‬سعيد عبد‬
‫الفتاح‪ ،‬ط ‪ ،2‬القاهرة‪ :‬مكتبة الثقاكفة الدينية ‪1001،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬ابن رجب‪ ،‬زين الدين أيب الفرج عبد الرمحان بن أمحد (ت ‪791‬هـ‪2291 /‬م)‪ :‬كتاب لطائف المعارف‬
‫فيما لمواسم العام من الوظائف‪ ،‬حتقيق‪ :‬ياسني حممد السواس‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪ -‬بريوت‪ :‬دار ابن كثري‪2999 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬ابن رشد اجلد أيب الوليد ( ت ‪110‬هـ‪2210/‬م)‪ :‬كتاب مسائل أبي الوليد ابن رشد‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫احلبيب التجكاين‪ ،‬ط‪ ،01‬بريوت‪ :‬دار اآلكفاق اجلديدة‪ ،‬جزءان‪.‬‬
‫‪ -20‬الرصاع‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن القاسم األنصاري (ت ‪192‬هـ‪2219 /‬م)‪ :‬فهرست الرصاع‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫حممد العنايب‪ ،‬ط‪ ،2‬تونس ‪ :‬املكتبة العتيقة‪2907 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -27‬الرندي‪ ،‬ابن عباد‪ :‬الرسائل الكبرى‪ ،‬كفاس‪ -‬املغرب‪ :‬طبعة حجرية‪2210 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -21‬الزبيدي‪ ،‬مرتضى احلسيين (ت ‪2101‬هـ‪2790/‬م)‪ :‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫مصطفى حجازي‪ ،‬الكويت‪ :‬مطبعة حكومة الكويت‪2909 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -29‬ابن أيب زرع‪ ،‬أبو احلسن علي بن عبد اهلل الفاسي (ت ‪720‬هـ‪2227/‬م)‪ :‬األنيس المطرب بروض‬
‫القرطاس في أخبار المغرب وتاريخ مدينة فاس‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الوهاب ابن منصور‪ ،‬الرباط‪ :‬دار املنصور للطباعة‬
‫والوراقة‪2971 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬الزرهوين‪ ،‬حممد الفضيل بن القاضي الشبيجي ( ‪2221‬هـ‪2900 /‬م)‪ :‬الفجر الساطع على الصحيح‬
‫الجامع‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الفتاح الزنيفي‪ ،‬ط‪21 ،2‬مج‪ ،‬بريوت‪ ،‬مكتبة الرشيد‪22 ،1009 ،‬جملد‪.‬‬
‫‪ -12‬الزخمشري أبو القاسم حممود بن عمر (ت ‪111‬هـ‪2222 /‬م)‪ :‬تفسير الكشاف‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد مرسي‬
‫عامر‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار املصحف‪2977 ،‬م‪ 0 ،‬أجزاء‪.‬‬
‫‪ -11‬ابن الزيات‪ ،‬أبو يعقوب يوسف بن حيي بن عيسى بن عبد الرمحان التاديل (ت‪027‬ه‪2110/‬م)‪:‬‬
‫التشوف إلى رجال التصوف وأخبار أبي العباس السبتي‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد التوكفيق‪ ،‬ط‪ ،2‬الرباط‪ :‬منشورات كلية‬
‫اآلداب والعلوم اإلنسانية‪1020 ،‬م ‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -12‬السنوسي‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن يوسف(ت ‪191‬هـ‪2290/‬م)‪ :‬عمدة التحقيق والتسديد في شرح‬
‫عقيدة التوحيد( شرح العقيدة الكبرى)‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد بوكعرب بلكرد‪ ،‬بوسعادة‪ -‬اجلزائر‪ :‬دار كردادة للنشر‬
‫والتوزيع‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬ابن سيده املرسي‪ ،‬أبو احلسن علي بن إمساعيل األندلسي ( ‪211‬هـ‪2001 /‬م)‪ :‬المخصص‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫بوالق‪2900 ،‬م‪ 0 ،‬أجزاء‬
‫‪ -11‬ابن سريين‪ ،‬أبو بكر حممد عبد الغين النابلسي (ت ‪220‬هـ‪719/‬م)‪ :‬معجم تفسير األحالم‪ ،‬إعداد‪:‬‬
‫باسل الربيدي‪ ،‬ط‪ ،2‬دمشق‪ -‬بريوت‪ :‬اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬ابن سينا أيب علي احلسني بن عبد اهلل(ت‪217‬هـ‪2027/‬م)‪ :‬تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات‪،‬‬
‫ط‪ ،01‬القاهرة‪ :‬دار العرب للبستاين‪(،‬د‪.‬ت) ‪.‬‬
‫‪ -17‬الشاكفعي‪ ،‬شجاب الدين‪ ،‬أيب حممد عبد الرمحان بن إمساعيل بن إبراهيم املكىن بأيب شامة ( ت‪001‬هـ‪/‬‬
‫‪2100‬م) ‪ :‬الباعث على إنكار البدع والحوادث‪ ،‬ط‪ ،1‬مكة‪ :‬مطبعة النجضة احلديثة ‪2912 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬الشاطيب‪ ،‬أيب إسحاق إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي ( ت‪790‬هـ‪2211/‬م)‪ :‬االعتصام‪ ،‬تدقيق‪:‬‬
‫حممد رشيد رضا‪ ،‬مصر‪ :‬املكتبة التجارية الكربى‪ -‬مطابع شركة اإلعالنات الشرقية‪2922 ،‬م‪ ،‬جزءان‪.‬‬
‫‪ -19‬الشطنويف نور الدين (ت‪722‬هـ‪2222/‬م)‪ :‬بهجة األسرار ومعدن األنوار‪ ،‬حتقيق‪ :‬مجال الدين كفاحل‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬مصر‪ :‬مؤسسة مصر مرتضى‪. 1002 ،‬‬
‫‪ -00‬ابن صاحب الصالة‪ ،‬عبد امللك حممد الباجي ( كان حيا ‪192‬هـ‪2291/‬م)‪ :‬تاريخ المن باإلمامة على‬
‫المستضعفين بأن جعلهم اهلل أئمة وجعلهم الوارثين‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد الوهاب التازي‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار األندلس‬
‫للنشر‪2902 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -02‬ابن صعد‪ ،‬حممد بن أمحد بن أيب الفضل األنصاري التلمساين (ت ‪902‬هـ‪2290/‬م)‪:‬روضة النسرين‬
‫في التعريف باألشياخ األربعة المتأخرين‪ ،‬حتقيق‪ :‬حيي بو عزيز‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬منشورات ‪،‬املؤسسة الوطنية‬
‫لإلشجار‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -01‬ـ ـ ـ ــ‪ :‬النجم الثاقب فيما ألولياء اهلل من مفاخر المناقب‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد أمحد الديباجي‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪:‬‬
‫دار صادر‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -02‬الطربي أبو جعفر حممد بن جرير (ت‪220‬هـ‪912 /‬م)‪ :‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد‬
‫حممد شاكر وأمحد حممد شاكر‪ ،‬ط‪ ،02‬مصر‪ :‬دار املعارف‪.211/7 ،2910،‬‬

‫‪259‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -02‬الطرطوشي‪ ،‬حممد بن الوليد ابن الوليد أيب بكر (ت ‪110‬هـ‪2019/‬م)‪ :‬كتاب الحوادث والبدع‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبد اجمليد تركي‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪2990 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -01‬العبدري ‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن علي بن أمحد بن مسعود احلاحي (حي سنة ‪700‬هـ‪/‬‬
‫‪2200‬م)‪ ،‬الرحلة المغربية ‪ -‬ماسما إليه الناظر المطرق في خير الرحلة إلى بالد المشرق‪ ، -‬حتقيق‪ :‬علي‬
‫إبراهيم الكردي‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪ :‬دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -00‬ابن عذارى‪ ،‬أبو العباس أمحد بن حممد املراكشي ( ت بعد ‪721‬هـ‪2209/‬م)‪ :‬البيان المغرب في‬
‫أخبار األندلس والمغرب‪ -‬قسم الموحدين‪ -‬حتقيق‪ :‬إبراهيم الكتاين وآخرون‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫‪2911‬م‪.‬‬
‫‪ -07‬بن عريب‪ ،‬حممد بن علي حمي الدين (ت ‪021‬هـ‪2120 /‬م)‪ :‬أهل المراتب واألحوال‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫عبد الرمحان الشاغول‪ ،‬ط‪ 2،‬القاهرة‪ :‬دار جوامع الكلم‪1009 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -01‬ابن العريب املالكي‪ ،‬حممد بن عبد اهلل أيب بكر ( ت‪122‬هـ‪2221 /‬م)‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫عبد القادر عطا‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1002 ،‬م‪ 2 ،‬جملدات‪.‬‬
‫‪ -09‬العسقالين‪ ،‬أمحد بن علي ابن حجر (ت ‪111‬هـ‪2221 /‬م)‪ :‬فتح الباري بشرح صحيح اإلمام عبد‬
‫اهلل محمد بن إسماعيل البخاري‪ ،‬إشراف و حتقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الرسالة العاملية‪،‬‬
‫‪1022‬م‪ 10 ،‬جملد‪.‬‬
‫‪ -70‬العقباين‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن قاسم بن سعيد التلمساين (ت ‪ 172‬هـ‪2207/‬م)‪ :‬كتاب‬
‫تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر‪ ،‬حتقيق‪ :‬علي الشنويف‪ ،‬دمشق‪ :‬املعجد الفرنسي‬
‫بولتان للدراسات اإلستشراقية ‪2907،‬م‪.‬‬
‫‪ -72‬العقباين‪ ،‬أبو عثمان سعيد بن حممد (ت ‪122‬هـ‪2201/‬م)‪ :‬الوسيلة بذات اهلل وصفاته‪ ،‬حتقيق‪ :‬نزار‬
‫محادي‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬مؤسسة املعارف للطبع والنشر‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -71‬بالعمري شجاب الدين‪ ،‬أيب العباس أمحد بن حيي بن كفضل اهلل العدوي املعروف (ت‪729‬هـ‪2229/‬م)‪:‬‬
‫مسالك األبصار في ممالك األمصار‪ ،‬حتقيق‪ :‬محزة‪ ،‬أمحد عباس وآخرون‪ ،‬أبو ظيب‪ -‬اإلمارات العربية املتحدة‪:‬‬
‫منشورات اجملمع الثقايف‪ ،‬السفر الرابع‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -72‬عياض ابن موسى السبيت ( ت‪122‬هـ‪2229 /‬م)‪ :‬تهذيب الشفا بتعريف حقوق المصطفى‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫سامي اجلزار‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار احلديث‪1002 ،‬م‪ 2 ،‬أجزاء‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -72‬الغربيين أبو العباس أمحد (ت‪702‬هـ‪2202/‬م)‪ :‬عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة‬
‫السابعة ببجاية‪ ،‬حتقيق‪ ،‬حممد بن أيب شنب‪ ،‬ط‪ ،02‬اجلزائر‪ :‬دار البصائر‪1007 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -71‬الفراهيدي‪ ،‬اخلليل بن أمحد( ت‪270‬هـ‪710/‬م)‪ :‬كتاب العين‪ :‬حتقيق‪ :‬عبد احلميد هنداوي‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1001 ،‬م‪1 ،‬مج‪.‬‬
‫‪ -70‬بن الفضل‪ ،‬أبو القاسم احلسني بن حممد‪ :‬االعتقادات‪ ،‬حتقيق‪ :‬مشران العجلي‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار‬
‫األشراف للتجارة والطباعة والنشر والتوزيع‪.2911 ،‬‬
‫‪ -77‬أبو الفضل‪ ،‬خملوف حممد( ‪2200‬هـ‪2922/‬م)‪ :‬شجرة النور الزكية في طبقات المالكية‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫لبنان‪ :‬دار الكتاب العريب‪2920 ،‬م‬
‫‪ -71‬الفكون‪ ،‬عبد الكرمي‪ (:‬ت‪2072‬هـ‪2001/‬م)‪ ،‬منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم‬
‫والوالية‪ ،‬حتقيق‪ :‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪2917 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -79‬القرطيب مشس الدين أبو عبد اهلل حممد بن كفرج األنصاري اخلزرجي (ت ‪072‬هـ‪2171 /‬م)‪ :‬تفسير‬
‫القرطبي‪ -‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد الربدوين وإبراهيم أطفيش‪ ،‬ط‪ ،01‬القاهرة‪ :‬دار الكتب املصرية‪،‬‬
‫‪2902‬م‪ 12 ،‬جملد‪.‬‬
‫‪ -10‬القشريي‪ ،‬أيب القاسم عبد الكرمي بن هوزان(ت‪201‬هـ‪2071/‬م)‪ :‬الرسالة القشيرية في علم التصوف‪،‬‬
‫مصر‪ :‬مطبعة التقدم العلمية‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬القلصادي‪ ،‬أبو احلسن علي بن حممد القرشي األندلسي ( ت‪192‬هـ‪2210/‬م) ‪ :‬تمهيد الطالب‬
‫ومنتهى الراغب إلى أعلى المنازل والمناقب‪ ،‬طبع باسم‪ :‬رحلة القلصادي‪ ،‬حتقيق ‪ :‬حممد أبو األجفان‪،‬‬
‫تونس‪ :‬الشركة التونسية للتوزيع‪2971 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬ابن قنفذ‪ ،‬أبو العباس أمحد بن حسن بن علي بن اخلطيب ( ت‪120‬هـ‪2200/‬م)‪ ،‬أنس الفقير وعز‬
‫الحقير‪ ،‬نشر‪ :‬حممد الفاسي و أدولف كفور‪ ،‬الرباط‪ :‬منشورات املركز اجلامعي للبحث العلمي‪2901 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬أبو العباس أمحد القسنطيين ابن قنفذ ( ت ‪120‬هـ‪2207/‬م)‪ :‬الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية‪،‬‬
‫تقدمي وحتقيق‪ :‬حممد الشاذيل النيفر وعبد اجمليد الرتكي‪ ،‬تونس‪ :‬الشركة التونسية للفنون‪2901 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬ـ ـ ـ ـ ــ‪ :‬الوفيات‪ ،‬حتقيق‪ :‬عادل نويجض‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار اآلكفاق اجلديدة‪2912 ،‬م‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -11‬القريواين‪ ،‬أبو حممد عبد اهلل بن أيب زيد (ت ‪210‬هـ‪990/‬م)‪ :‬جامع في السنن واآلداب والمغازي‬
‫والتاريخ‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد أبو األجفان وآخرون‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬تونس‪ :‬املكتبة العتيقة‪،‬‬
‫‪2912‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬القريواين‪ ،‬ابن أيب دينار الرعيين (ت‪2222‬هـ‪2090/‬م)‪ :‬المؤنس في أخبار افريقية وتونس‪ :‬تونس‪:‬‬
‫مطبعة الدولة التونسية‪2110 ،‬ه‪.‬‬
‫‪ -17‬ابن القيم اجلوزية‪ ،‬مشس الدين حممد بن أيب بكر أيوب الزرعي أبو عبد اهلل (ت‬
‫‪712‬هـ‪2210/‬م)‪:‬مفتاح دار السعادة ومنشور والية أهل العلم واإلرادة‪ ،‬تقدمي‪ :‬علي بن حسن ‪ ،‬مراجعة‪:‬‬
‫بكر بن عبد اهلل‪،‬ط‪ ،2‬السعودية‪ :‬دار ابن عثمان للنشر والتوزيع‪2990 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬ـ ـ ـ ــ‪ :‬إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حامد الفقي‪ ،‬ط‪ ،01‬بريوت‪ :‬دار املعركفة‪2971،‬‬
‫م‪2 ،‬أجزاء‪.‬‬
‫‪ -19‬ـ ـ ـ ــ‪ :‬زاد المعاد في هدي خير العباد‪ ،‬حتقيق‪ :‬شعيب األرناؤوط وعبد القادر األرناؤوط‪ ،‬ط‪ ،2‬الكويت‪:‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪2991 ،‬م‪ 0 ،‬جملدات‪.‬‬
‫‪ -90‬ابن ماجه حممد بن يزيد القزويين ( ت‪172‬هـ‪110/‬م)‪ :‬السنن‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد كفؤاد عبد الباقي‪ ،‬بريوت‪:‬‬
‫مطبعة دار اإلحياء للكتب العربية‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫‪ -92‬املغيلي املازوين أبو زكريا حيي بن موسى بن عيسى ( ت‪112‬هـ‪2271/‬م)‪ :‬مناقب صلحاء الشلف‪،‬‬
‫تح‪ :‬عبد القادر بوباية‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬مكتبة الرشاد‪1027 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -91‬ـ ـ ـ ــ‪ :‬الدرر المكنونة في نوازل مازونة‪ ،‬حتقيق‪ :‬حتقيق‪ :‬ماحي قندوز ‪ ،‬جامعة وهران‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -92‬مالك بن أنس (ت‪279‬ه‪791/‬م)‪ :‬الموطأ‪ ،‬ط‪ ،02‬ختريج‪ :‬صدقي مجيل العطار‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪1001،‬م‪.‬‬
‫‪ -92‬اجملريطي‪ ،‬أيب القاسم مسلمة بن أمحد(ت ‪291‬هـ‪2007/‬م)‪ :‬غاية الحكيم في األرصاد الفلكية‬
‫والطالسم الروحية والتنجيم‪ ،‬حتقيق‪ :‬هريرت‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار اجملة البيضاء‪.1001 ،‬‬
‫‪ -91‬جمجول‪ :‬زهر البستان في دولة بني زيان (‪700 –701‬هـ‪3101 – 3119/‬م)‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد بن‬
‫أمحد باغلي‪ ،‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ :‬األصالة للنشر والتوزيع‪ 1021 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -90‬جمجول‪ :‬االستبصار في عجائب األمصار‪ ،‬تعليق‪ :‬سعد زغلول عبد احلميد‪ ،‬بغداد‪ :‬دار الشؤون‬
‫الثقاكفية‪( ،‬د‪.‬ت)‬

‫‪262‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -97‬جمجول‪ :‬جفر الجامع والنور الالمع‪ ،‬تح‪ :‬حسن الربي‪ ،‬البحرين‪ :‬مكتبة كفارس حسن الساعدي‪،‬‬
‫‪2170‬م‪.‬‬
‫‪ -91‬جمجول‪ :‬الحلل الموشية واألخبار المراكشية‪ ،‬حتقيق‪ :‬سجيل زكار وعبد القادر زمامة‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار‬
‫البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار الرشاد احلديثة‪2979 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -99‬اجمليلدي‪ ،‬أبو العباس أمحد بن سعيد (ت ‪ 2092‬هـ ‪2012 /‬م )‪ :‬كتاب التسيير في أحكام‬
‫التسعير‪ ،‬حتقيق ‪ :‬موسى لقبال ‪،‬اجلزائر ‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪2972[ ،‬م]‪.‬‬
‫‪ -200‬املدجن‪ ،‬ابن الصباح عبد اهلل (ت النصف األول من ق‪1‬هـ)‪ ،‬أنساب األخبار وتذكرة األخيار‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫حممد بن شريفة‪ ،‬الرباط‪ -‬املغرب‪ :‬دار أيب الرقراق‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -202‬املراكشي عبد الواحد حمي الدين بن علي التميمي( ت‪027‬هـ‪2110/‬م)‪ :‬المعجب في تلخيص أخبار‬
‫المغرب‪ ،‬تعليق‪ :‬حممد سعيد العريان وحممد العريب العلمي‪،‬ط‪ ،02‬القاهرة‪ :‬مطبعة االستقامة‪2929 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -201‬ابن مرزوق‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد التلمساين (ت‪712‬هـ‪2279/‬م)‪ :‬المناقب المرزوقية‪ ،‬حتقيق‪ :‬سلوى‬
‫الزاهري‪ ،‬ط‪ ،2‬الرباط‪ -‬املغرب‪ :‬منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -202‬ـ ـ ـ ــ‪ :‬المسند الصحيح الحسن في مآثر ومحاسن موالنا أبي الحسن‪ ،‬حتقيق‪ :‬ماريا خيسوس بيغريا‪،‬‬
‫اجلزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪2912،‬م‪.‬‬
‫‪ -202‬بن مرزوق‪ ،‬احلفيد حممد (ت‪121‬هـ‪2210/‬م)‪ :‬إسماع الصم في إثبات الشرف لألم‪ :‬دراسة وحتقيق‪:‬‬
‫مرمي احللو‪ ،‬ط‪ ،1‬وجدة‪ :‬املغرب‪ ،‬مطبعة الشرق‪1000 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -201‬ابن مرمي‪ ،‬أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن أمحد(حي ‪2022‬هـ‪2001/‬م)‪ :‬البستان في ذكر األولياء‬
‫والعلماء بتلمسان‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد بن أيب شنب‪ ،‬اجلزائر‪ :‬املطبعة الثعالبية‪2901 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -200‬مسلم أيب احلسن بن احلاج القشريي النيسابوري‪ :‬صحيح مسلم‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد كفؤاد عبد الباقي‪ ،‬ط‪،02‬‬
‫‪2992‬م‪ ،‬جزءان‪.‬‬
‫‪ -207‬املفضل‪ ،‬أبو القاسم احلسني بن حممد‪ :‬االعتقادات‪ ،‬حتقيق‪ :‬مشران العجلي‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار األشراف‬
‫للتجارة والطباعة ‪2977 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -201‬املقدسي‪ ،‬عبد اهلل حممد ابن مفلح‪ :‬اآلداب الشرعية‪ ،‬ت حتقيق‪ :‬شعيب أرناؤوط وعمر القيام‪ ،‬ط‪،02‬‬
‫بريوت‪ :‬الرسالة للنشر والتوزيع‪2999 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -209‬ـ ـ ـ ــ‪ :‬الكافي في فقه اإلمام أحمد بن حنبل ‪ ،‬تح‪ :‬حممد كفارس ومسعد عبد احلميد السعدين‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪2992 ،‬م‪ 2،‬جملدات‪.‬‬
‫‪263‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -220‬املقري ‪ ،‬أمحد بن حممد التلمساين (ت‪ 2022‬هت‪2022/‬مـ) ‪ ،‬نفح الطيب من غصن األندلس‬
‫الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين ابن الخطيب ‪،‬حتقيق ‪ :‬إحسان عباس‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتاب العريب ‪1 ،‬‬
‫أجزاء ‪.‬‬
‫‪ -222‬ـ ـ ـ ـ ــ‪ :‬أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض‪ ،‬حتقيق‪ :‬مصطفى السقا وآخرون‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة جلنة‬
‫التأليف والرتمجة والنشر‪2929 ،‬م‪ 01 ،‬جملدات‪.‬‬
‫‪ -221‬ـ ـ ـ ــ‪ :‬الكليات الفقهية‪ ،‬تح‪ :‬حممد أبو األجفان‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار ابن حزم‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -222‬املقريزي‪ ،‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن علي (ت ‪121‬هـ‪2222 /‬م)‪ :‬كتاب المواعظ واالعتبار‬
‫بذكر الخطط واآلثار المعروف بالخطط المقريزية‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد زينجم القاهرة‪ :‬مطبعة االوكفست‪ -‬مؤسسة‬
‫احلليب وشركاؤه‪( ،‬د‪.‬ت)‪1 ،‬أجزاء‪.‬‬
‫‪ -222‬املاليل‪ ،‬حممد بن إبراهيم بن عمر التلمسان ي( حي ‪197‬هـ‪2292/‬م)‪ :‬المواهب القدوسية في‬
‫المناقب السنوسية‪ ،‬حتقيق‪ :‬عالل بوربيق‪ ،‬بوسعادة‪-‬اجلزائر‪ :‬دار كردادة‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -221‬ابن منظور أيب الفضل مجال الدين حممد بن مكرم اإلكفريقي املصري(ت‪722‬هـ‪2222/‬م)‪ :‬لسان‬
‫العرب‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‪ -‬مؤسسة التاريخ العريب‪ :‬بريوت‪2999 ،‬م‪ 21 ،‬جزء‪.‬‬
‫‪ -220‬أبو املودة‪ ،‬خليل أيب إسحاق بن موسى بن شعيب اجلندي ضياء الدين‪ :‬شرح منح الجليل على‬
‫مختصر العالمة خليل‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عليش‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬دار الفكر للطباعة والتوزيع ‪2912 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -227‬النمريي إبراهيم بن احلاج (‪701‬هـ‪2200/‬م)‪ :‬فيض العباب وإفاضة قداح اآلداب في الحركة‬
‫السعيدة إلى قسنطينة والزاب‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد بن شقرون‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪.2990 ،‬‬
‫‪ -221‬النووي ‪ ،‬أبو زكريا حيي بن شرف( ت ‪070‬هـ‪2177/‬م)‪ :‬شرح رياض الصالحين من كالم سيد‬
‫المرسلين‪ ،‬شرح‪ :‬حممد بن صاحل العثيمني‪ ،‬مصر‪ :‬دار العقيدة للرتاث‪ 2 ،‬أجزاء‪.‬‬
‫‪ -229‬اهلبطي‪ ،‬أبو حممد عبد اهلل بن حممد‪ :‬كتاب األلفية السنية في تنبيه العامة والخاصة على ما أوقعوه‬
‫من التغيير في الملة اإلسالمية ‪ ،‬إعداد وتقدمي‪ :‬حممد أستيتو‪ ،‬وجدة‪ -‬املغرب‪ :‬منشورات جامعة حممد األول‬
‫(كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية) ‪2997 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -210‬الوزان‪ ،‬احلسن بن حممد الفاسي(ت‪919‬هـ‪2112/‬م)‪ :‬وصف إفريقيا‪ ،‬ترمجة‪ ،‬حممد حجي وحممد‬
‫األخضر‪ ،‬ط‪ ، 1‬بريوت‪:‬دار الغرب اإلسالمي‪2912 ،‬م‪.‬جزءان‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -212‬الوسياين‪ ،‬أبو الربيع سليمان بن عبد السالم( حي يف ‪117‬هـ‪2202 /‬م)‪ :‬سير الوسياني‪ ،‬حتقيق‪ :‬عمر‬
‫بن لقمان‪ ،‬مسقط‪ :‬وزارة الرتاث والثقاكفة‪1009 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -211‬الونشريسي‪ ،‬أبو العباس أمحد بن حيي (ت ‪922‬هـ‪2101/‬م)‪ :‬المعيار المعرب والجامع المغرب عن‬
‫فتاوى علماء إفريقية واألندلس والمغرب‪ ،‬أشرف على حتقيقه‪ :‬حممد حجي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫‪2912‬م‪.‬‬
‫‪ -212‬ـ ـ ـ ــ‪ :‬وفيات الونشريسي ضمن ألف سنة من الوفيات‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حجي‪ ،‬الرباط‪ :‬مطبوعات دار‬
‫املغرب للتأليف والرتمجة والنشر‪2970 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -212‬ـ ـ ـ ــ‪ :‬عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد كفريد املزيدي‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬المراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫‪ -2‬أمحد طه‪ ،‬مجال‪ :‬الحياة االجتماعية بالمغرب األقصى في عصري المرابطين والموحدين‪ ،‬اإلسكندرية‪:‬‬
‫دار الوكفاء لدنيا الطباعة والنشر‪1000 ،‬م‪.‬‬
‫أديوان‪ ،‬حممد‪ :‬الثقافة الشعبية المغربية ( الذاكرة والمجال والمجتمع)‪ ،‬الرباط‪ :‬مطبعة سلمى‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪1001‬م‪.‬‬
‫أركون‪ ،‬حممد‪ :‬معارك من أجل األنسنة في السياقات اإلسالمية‪ ،‬ترمجة‪ :‬هاشم صاحل‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫دار الساقي‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫ـ ـ ـ ــ‪ :‬الفكر اإلسالمي نقد واجتهاد‪ ،‬ترمجة‪ :‬هاشم صاحل‪ ،‬ط‪ ،0‬بريوت‪ :‬دار الساقي‪1021 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫األسدي‪ ،‬حممد خري الدين‪ :‬موسوعة حلب المقارنة‪ ،‬تنقيح‪ :‬حممد كمال‪ ،‬حلب‪ -‬سوريا‪ :‬مجعية‬ ‫‪-1‬‬
‫العاديات‪1009 ،‬م‪.‬‬
‫األشقر‪ ،‬عمر سليمان‪ :‬عالم السحر والشعوذة‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار النفائس للنشر والتوزيع‪1001 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-0‬‬
‫أكفندي‪ ،‬جنيب‪ :‬علم قراءة اليد‪ ،‬ط‪ ،2‬ترمجة‪ ، :‬مصر‪ :‬مطبعه اهلالل ‪ 2902،‬م‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫‪ -1‬األلباين‪ ،‬ناصر الدين حممد‪ :‬تلخيص أحكام الجنائز وبدعها‪ ،‬ط‪ ،02‬الرياض‪ :‬مكتبة املعارف‪2991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬ـ ـ ـ ـ ــ‪ :‬ضعيف الترغيب والترهيب‪ ،‬ط‪ ،02‬الرياض‪ -‬السعودية‪ :‬مكتبة املعارف للنشر والتوزيع‪1000 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -20‬األلفي‪ ،‬أبو صاحل ‪ :‬الفن اإلسالمي‪-‬أصوله‪ ،‬كفلسفته‪ ،‬مدارسه‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار املعارف املصرية ‪،‬‬
‫‪2972‬م‪.‬‬
‫‪265‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -22‬بدوي‪ ،‬عبد الرمحان‪ :‬شهيدة العشق اإللهي رابعة العدوية‪ ،‬ط‪ ،01‬القاهرة‪ :‬مكتبة النجضة املصرية‪،‬‬
‫‪2901‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬بلعريب‪ ،‬خالد‪ :‬الدولة الزيانية في عهد يغمراسن بن زيان( ‪ 013-011‬هـ‪3010-3011/‬م) ‪-‬‬
‫دراسة تاريخية وحضارية‪ ،-‬ط‪ ،2‬قسنطينة‪ :‬دار األملعية للنشر والتوزيع‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬بلغيث‪ ،‬حممد األمني‪ :‬فصول في تاريخ الجزائر بالغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،02‬اجلزائر‪ :‬أنرتسيين‪،‬‬
‫‪1007‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬بلوط‪ ،‬عمر‪ :‬فنادق مدينة تلمسان الزيانية – دراسة أثرية–‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬مؤسسة الضحى للنشر‬
‫والتوزيع‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬بوبريك‪ ،‬رحال‪ :‬بركة النساء – الدين بصيغة المؤنث‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬إكفريقيا الشرق‪،‬‬
‫‪1020‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬بوحوش‪ ،‬عمار وحممد حممود الذنيبات‪ :‬مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪:‬‬
‫ديوان املطبوعات اجلامعية‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -37‬بوداود‪ ،‬عبيد‪ :‬ظاهرة التصوف في المغرب األوسط ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين‬
‫(ق‪31-31‬م)‪ ،‬دراسة في التاريخ السوسيوثقافي‪ ،‬اجلزائر‪:‬دار الغرب اإلسالمي للنشر والتوزيع‪1002،‬م‪.‬‬
‫‪ -31‬بوريبة‪ ،‬رشيد‪ :‬الكتابات األثرية في المساجد الجزائرية‪ ،‬ترمجة‪ :‬ابراهيم ربوح‪ ،‬اجلزائر‪ :‬الشركة الوطنية‬
‫للنشر والتوزيع‪2979 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -39‬بوزياين‪ ،‬الدراجي‪ :‬نظم الحكم في دولة بني عبد الواد الزيانية‪ ،‬اجلزائر‪:‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪،‬‬
‫‪2992‬م‪.‬‬
‫‪ -01‬بوطارن‪ ،‬مبارك‪ :‬الموروث اإلسالمي لتلمسان‪ ،‬ط‪ ، 2‬اجلزائر ‪ :‬طبع بدعم من وزارة الثقاكفة‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -03‬بوعزيز‪ ،‬حيي‪ :‬تلمسان عاصمة المغرب األوسط‪ ،‬اجلزائر‪ :‬منشورات وزارة الثقاكفة والسياحة‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -00‬ـ ـ ـ ـ‪ :‬موجز في تاريخ الجزائر القديمة والوسيطة‪ ،‬ط‪ ،01‬اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات‪1007 :‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬بوعياد‪ ،‬حممود ‪ :‬جوانب من الحياة في المغرب األوسط في القرن التاسع الهجري‪ /‬الخامس عشر‬
‫ميالدي‪ ،‬اجلزائر ‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬بوقلي‪ ،‬مجال الدين حسن ‪ :‬ابن يوسف السنوسي في الذاكرة الشعبية وفي الواقع‪ ،‬اجلزائر‪ :‬املؤسسة‬
‫الوطنية لالتصال واإلشجار‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -11‬بوهاها‪ ،‬عبد الرحيم‪ :‬طقوس العبور في اإلسالم‪ -‬دراسة في المصادر الفقهية‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬مؤسسة‬
‫االنتشار العريب‪1009 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬البياض‪ ،‬عبد اهلادي‪ :‬الكوارث الطبيعية وأثرها في سلوك وذهنيات اإلنسان في المغرب‬
‫واألندلس(ق ‪ 1-0‬هـ‪ 30-30/‬م)‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الطليعة للنشر والتوزيع‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -17‬التليدي‪ ،‬عبد اهلل‪ ،‬بن عبد القادر‪ :‬المطرب في مشاهير أولياء المغرب‪ ،‬ط‪ ،2‬الرباط‪ -‬املغرب‪ :‬دار‬
‫األمان للطباعة والنشر‪1002،‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬اجلياليل‪ ،‬عبد الرمحن بن حممد‪ :‬تاريخ الجزائر العام‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الثقاكفة‪ 2910 ،‬م‪ ،‬جزءان‪.‬‬
‫‪ -19‬اجلوهري‪ ،‬حممد‪ :‬الدراسات العلمية للمعتقدات الشعبية‪ ،‬ط‪ ،2‬االسكندرية‪ ،‬دار املعركفة اجلامعية‪،‬‬
‫‪2992‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬ـ ـ ـ ــ‪ :‬علم الفلكور‪ ،‬ط‪ ،02‬القاهرة‪ ،‬دار املعرة اجلامعية‪2991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬حاجيات‪ ،‬عبد احلميد‪ ،‬أبو حمو موسى الثاني ‪ -‬حياته وآثاره‪ ،-‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر‬
‫والتوزيع‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬حامد‪ ،‬خالد‪ :‬منهجية البحث في العلوم االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬جسور للطباعة‬
‫والنشر‪.1001 ،‬‬
‫‪ -22‬حبيب‪ ،‬ركفيق‪ :‬المقدس والحرية‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ :‬دار املعارف‪2991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬حبيدة‪ ،‬حممود‪ :‬تاريخ الموت ضمن كتاب كتابة التاريخ قراءة وتأويالت‪ ،‬املغرب‪ :‬دار أيب الرقراق‬
‫للطباعة والنشر‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬حجي‪ ،‬حممد‪ :‬نظرات في النوازل الفقهية‪ ،‬ط‪ ،2‬املغرب‪ :‬منشورات اجلمعية املغاربية للتأليف والرتمجة‬
‫والنشر‪.2999 ،‬‬
‫‪ -20‬احلريري‪ ،‬حممد كفتحي‪ :‬كرامات األولياء بين الوهم والحقيقة‪ ،‬السعودية‪ :‬دار الفيصل الثقاكفية‪،‬‬
‫‪2992‬م‪.‬‬
‫‪ -27‬حزقل‪ ،‬املاجدي‪ :‬بخور اآللهة دراسة في الطب والسحر واألسطورة والدين‪ ،‬ط‪ ،2‬عمان‪ -‬األردن‪:‬‬
‫دار األهلية للنشر والتوزيع‪2991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬حساين‪ ،‬خمتار‪ :‬تاريخ الدولة الزيانية ‪،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬دار احلضارة للطباعة والنشر والتوزيع ‪1007،‬م‪،‬‬
‫‪2‬أجزاء‪.‬‬
‫‪ -29‬ـ ـ ـ ــ‪ :‬موسوعة تاريخ وثقافة المدن الجزائرية‪ ،‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ :‬دار احلكمة‪1007 ،‬م‪2.‬ج‪.‬‬
‫‪267‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -20‬احلصري‪ ،‬ساطع‪ :‬أحاديث في التربية واالجتماع ‪ ،‬بريوت‪ :‬دار العلم للماليني‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬احلفناوي‪ ،‬أبو القاسم حممد‪:‬تعريف الخلف برجال السلف‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد أبو األجفان وعثمان بطيخ‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة– تونس ‪ :‬املكتبة العتيقة ‪2911 ،‬م‪ ،‬جزءان‪.‬‬
‫‪ -21‬حقي‪ ،‬حممد ‪ :‬الموقف من الموت في المغرب واألندلس في العصر الوسيط‪ ،‬املغرب‪ :‬مطبعة‬
‫مانيال‪1007 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬ابن محادي‪ ،‬صاحل‪ :‬دراسات في األساطير‪ -‬المعتقدات الشعبية‪ ،-‬ط‪ ،1‬تونس‪ :‬بوسالمة للطبع‪،‬‬
‫‪2912‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬أبو محام‪ ،‬مطور عزام‪ :‬الفلكلور والتراث الشعبي ( الموضوعات ‪ ،‬األساليب‪ ،‬المناهج)‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫عمان‪ :‬دار أسامة للنشر والتوزيع ‪1007 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬احلمد‪ ،‬أمحد بن ناصر بن حممد‪ :‬السحر بين الحقيقة والخيال‪ ،‬ط‪ ،2‬مكة‪ -‬السعودية‪ :‬دار‬
‫الرتاث‪2911،‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬محداوي‪ ،‬مجيل‪ :‬جهود ماكس فيبر في مجال السوسيولوجيا‪ ،‬ط‪ ،2‬الرياض‪ -‬السعودية‪ :‬دار األلوكة‬
‫للنشر‪1021 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -27‬احلمودي‪ ،‬عبد اهلل‪" :‬الضحية وأقنعتها – بحث في الذبيحة والمسخرة بالمغارب"‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبد الكرمي‬
‫الشرقاوي‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار توبقال للنشر‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬محيدو التلمساين‪ ،‬عبد احلميد‪ :‬السعادة األبدية ألبي مدين شعيب فخر الديار التلمسانية‪ ،‬كفاس‪-‬‬
‫اململكة املغربية‪ :‬املطبعة اجلديدة‪2921 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -29‬حوى‪ ،‬حممد سعيد‪ :‬التأصيل لمفهوم البدعة ورأيه في توحيد األمة‪ ،‬جامعة مؤتة‪ :‬قسم أصول الدين‬
‫كلية الشريعة‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬خان حممد‪ ،‬عبد املعيد‪ :‬األساطير العربية قبل اإلسالم‪ ،‬القاهرة‪ :‬جلنة التأليف والرتمجة والنشر‪،‬‬
‫‪2927‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬اخلربوطلي‪ ،‬علي حسين‪ :‬أبو عبد اهلل الشيعي مؤسس الدولة الفاطمية‪ ،‬مصر‪ :‬املطبعة الفنية احلديثة‪،‬‬
‫‪.2971‬‬
‫‪ -11‬اخلضريي‪ ،‬حممد بن عبد العزيز‪ :‬خطر التطير والتشائم‪ ،‬الرياض‪ -‬السعودية‪ :‬دار الوطن للنشر‪(،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫‪ -12‬اخلطيب‪ ،‬حممد‪ :‬األنثروبولوجيا الثقافية‪،‬ط‪ ،1‬عمان‪ -‬األردن‪ :‬دار عالء الدين للنشر والتوزيع والرتمجة‪،‬‬
‫‪1001‬م‪.‬‬
‫‪268‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -12‬خطيف‪ ،‬صابرة‪ :‬فقهاء تلمسان والسلطة الزيانية‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬جسور للنشر والتوزيع‪1002،‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬خلفات‪ ،‬مفتاح‪ :‬قبيلة زواوة بالمغرب األوسط ما بين القرنين(‪9-0‬هـ‪31-30/‬م)‪ ،‬تيزي وزو‪-‬‬
‫اجلزائر‪ :‬دار األمل للطباعة والنشر والتوزيع‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬خليفة‪ ،‬حاجي‪ :‬كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون‪ ،‬بريوت‪ :‬دار إحياء الرتاث العريب‪( ،‬‬
‫د‪.‬ت)‪.‬‬
‫‪ -17‬أبو خليل‪ ،‬شوقي‪ :‬اإلسقاط في مناهج المستشرقين والمبشرين‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الفكر املعاصر‪،‬‬
‫‪2991‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬دراز‪ ،‬حممد عبد اهلل‪ :‬الدين‪ -‬بحوث ممهدة لدراسة تاريخ األديان‪ -‬الكويت‪ :‬دار القلم‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -19‬دهينة‪ ،‬عطا اهلل‪ :‬الحياة االقتصادية واالجتماعية لدولة بني زيان‪ ،‬اجلزائر‪ :‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬‬
‫‪2912‬م‪.‬‬
‫‪ -00‬الديب‪ ،‬سامي‪ :‬ختان الذكور واإلناث عند اليهود والمسيحين والمسلمين‪ -‬الجدل الديني‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫بريوت‪ :‬رياض الريس للكتب‪1000 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -02‬الركفاعي‪ ،‬عبد اجلبار‪ :‬إنفاذ النزعة اإلنسانية في الدين‪ ،‬ط‪ ،1‬بغداد‪ :‬مركز دراسات كفلسفة الدين‪ -‬دار‬
‫التنوير‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -01‬الروضان‪ ،‬عبد عون‪ :‬موسوعة تاريخ العرب‪ -‬تاريخ ممالك‪ -‬دول‪ -‬حضارة‪ ،‬ط‪ ،2‬األردن‪ :‬األهلية‬
‫للنشر‪ ،1009 ،‬جزءان‪.‬‬
‫‪ -02‬زارو‪ ،‬عبد اهلل‪ :‬الشيخ والمريد‪ -‬البنية المارقة‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬نشر إكفريقيا الشرق‪،‬‬
‫‪1022‬م‪.‬‬
‫‪ -02‬الزاوي‪ ،‬الطاهر أمحد‪ :‬ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البالغة‪،‬‬
‫ط‪(،1‬د‪.‬م)‪ :‬دار الفكر‪2970 ،‬م‪ 1 ،‬أجزاء‪.‬‬
‫‪ -01‬الزاهي‪ ،‬نور الدين‪ :‬المقدس اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،02‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار توبقال للنشر‪1001،‬م‪.‬‬
‫‪ -00‬ـ ــ‪ :‬المقدس والمجتمع‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار إكفريقيا الشرق ‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -07‬الزاهي‪ ،‬كفريد‪ :‬الجسد والصورة والمقدس في اإلسالم‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار إكفريقيا الشرق‪،‬‬
‫‪2999‬م‪.‬‬
‫‪ -01‬زيعور‪ ،‬علي‪ :‬الكرامة الصوفية واألسطورة والحلم ‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الطليعة ‪2997 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -09‬زبيس‪ ،‬مصطفى سليمان‪ :‬آثار المغرب العربي‪ ،‬ط‪ ،2‬تونس‪ :‬املطبعة العصرية‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪269‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -70‬زهري احلريري‪ ،‬حممد‪ :‬السحر بين الحقيقة والخيال‪ ،‬ط‪ ،2‬دمشق‪ -‬بريوت‪ :‬دار اإلميان‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -72‬السعيد‪ ،‬حممد‪ :‬ظاهرة زيارة األولياء واألضرحة في منطقة تلمسان وأبعادها االجتماعية والنفسية‪،‬‬
‫وهران‪ -‬اجلزائر‪ :‬مطبوعات الكراسك ‪2991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -71‬السندويب‪ ،‬حسن‪ :‬تاريخ االحتفال بالمولد النبوي من عصر اإلسالم األول إلى عصر فاروق األول‪،‬‬
‫ط‪ ،02‬القاهرة‪ :‬مطبعة االستقامة‪2921 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -72‬السواح‪ ،‬كفراس‪ :‬دين اإلنسان بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني‪ ، -‬ط‪ ،02‬سوريا‪ :‬دار‬
‫عالء الدين‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -72‬ـ ـ ــ‪ :‬األسطورة والمعنى‪ -‬دراسات في الميثولوجيا والديانات الشرقية‪،‬ط‪ ،2‬دمشق‪ :‬منشورات دار‬
‫عالء الدين‪2997 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -71‬ـ ـ ــ‪ :‬مغامرة العقل األولى ( دراسة في سوريا وبالد الرافدين)‪ ،‬ط‪ ،2‬دمشق‪ :‬دار عالء الدين‪،‬‬
‫‪2990‬م‪.‬‬
‫‪ -70‬السجيلي‪ ،‬حسن وحممد توكفيق‪ :‬المعتقدات الشعبية في التراث العربي‪ ،‬ط‪ ،2‬دمشق‪ :‬دار اجلليل‪.‬‬
‫‪ -77‬السيد‪ ،‬عبد العزيز سامل‪ ،‬سحر‪ :‬أضواء على مصحف عثمان بن عفان ورحلته شرقا وغربا‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫مصر‪ :‬مؤسسة شباب اجلامعة‪2992 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -71‬الشاذيل‪ ،‬عبد اللطيف‪ :‬التصوف والمجتمع نماذج من القرن العاشر الهجري‪ ،‬سيال‪ -‬املغرب‪:‬مطبعة‬
‫سال‪.2919 ،‬‬
‫‪ -79‬الشامي‪ ،‬حيي‪ :‬تاريخ التنجيم عند العرب وأثره في المجتمعات العربية واإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪:‬‬
‫مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر‪2992 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬شاوش ‪ ،‬حممد بن رمضان والغوثي بن محدان‪ :‬باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة‬
‫دولة بني زيان‪ ،‬ط‪ ،1‬اجلزائر ‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪،‬جزءان‪2991،‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬ـ ـ ــ‪ :‬إرشاد الحائر إلى أثار أدباء الجزائر‪ ،‬ط‪ ،1‬تلمسان‪ -‬اجلزائر‪ :‬داود بريسكي للنشر‪ ،‬مج‪/2‬ج‪،1‬‬
‫‪1001‬م‪.‬‬
‫شغموم‪ ،‬امليلودي‪ :‬المتخيل والقدسي في التصوف اإلسالمي – الحكاية والبركة‪ ،‬ط‪،2‬مطبعة‬ ‫‪-11‬‬
‫كفضالة‪ :‬احملمدية‪2992 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬شليب‪ ،‬أمحد‪ :‬أديان الهند الكبرى الهندوسية الجينية البوذية‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ :‬مكتبة النجضة‬
‫املصرية‪2912،‬م‪.‬‬
‫‪270‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -12‬شلق‪ ،‬علي‪ :‬الفن والجمال‪ ،‬بريوت‪ :‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والتوزيع‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬الشماع‪ ،‬عيسى‪ :‬مدخل إلى علم اإلنسان ( األنثروبولوجيا)‪ ،‬دمشق‪ :‬منشورات احتاد كتاب العرب‪،‬‬
‫‪1002‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬ـ ـ ـ ــ‪ :‬مدخل‪ /‬التربية العامة‪ ،‬ط‪ ،2‬دمشق‪ -‬سوريا‪ :‬كلية الرتبية‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -17‬الشنقيطي‪ ،‬حممد األمني‪ :‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن‪ ،‬إشراف‪ :‬بكر بن عبد اهلل بوزيد‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬جدة‪ :‬دار عامل الفوائد للنشر والتوزيع‪( ،‬د‪.‬ت)‪2 ،‬ج‬
‫‪ -11‬صاحل‪ ،‬عبد احملسن‪ :‬اإلنسان الحائر بين العلم والخرافة‪ ،‬الكويت‪ :‬اجمللس الوطين للثقاكفة والفنون‬
‫واآلداب‪2991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -19‬صقر‪ ،‬عطية‪ :‬الدين العالمي ومنهج الدعوة إليه‪ ،‬األزهر‪ -‬مصر‪ :‬جممع البحوث اإلسالمية‪ ،‬الكتاب‬
‫اخلامس‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -90‬أبو طالب‪ ،‬عبد القادر‪ :‬عالج الحاسد والمحسود والعائن والمعيون‪ ،‬الدمام‪ -‬السعودية‪ :‬مكتبة‬
‫املتنبئ‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫طلعت‪ ،‬عيسى حممد‪ :‬مدخل علم االجتماع‪ ،‬بريوت‪ :‬دار املعارف‪2910 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-92‬‬
‫‪ -91‬الطمار‪ ،‬حممد بن عمرو‪ ،‬تلمسان عبر العصور ودورها في سياسة وحضارة الجزائر‪ ،‬اجلزائر‪ :‬املؤسسة‬
‫الوطنية للفنون املطبعية ‪2912 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -92‬طواليب‪ ،‬نور الدين‪ :‬الدين والطقوس والتغيرات‪ :‬ترمجة‪ :‬حسن البعيين‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات‬
‫اجلامعية‪2919 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -92‬الطوخي‪ ،‬عبد الفتاح السيد عبده‪ :‬منبع أصول الرمل المعروف بالدرة البهية في العلوم الرملية‪،‬‬
‫بريوت‪ :‬املكتبة الشعبية‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫‪ -91‬أبو الضيف‪ ،‬مصطفى‪ :‬أثر القبائل العربية في الحياة المغربية خالل عصر الموحدين وبني مرين‬
‫‪170-100‬هـ‪3070-3311/‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب ‪ :‬مطبعة دار النشر املغربية ‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -90‬بن عاشور‪ ،‬حممد الطاهر‪ :‬تفسير التحرير والتنوير‪ ،‬تونس‪ :‬الدار التونسية للنشر‪2912 ،‬م‪ 20 ،‬مج‪.‬‬
‫‪ -97‬العامري‪ ،‬نيلي سالمة‪ :‬الوالية والمجتمع‪ -‬مساهمة في التاريخ الديني واالجتماعي إلفريقية العهد‬
‫الحفصي‪ ،‬منوبة‪ -‬تونس‪ :‬منشورات كلية اآلداب‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫عبده‪ ،‬حممد‪ :‬تفسير القرآن الكريم‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ :‬مطبعة املنار‪2917 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-91‬‬

‫‪271‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -99‬العروي‪ ،‬عبد اهلل ‪ :‬مفهوم التاريخ ‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء ‪ -‬املغرب‪ :‬املركز الثقايف العريب‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -200‬ـ ـ ـ ـ ـ ‪ :‬مجمل تاريخ المغرب‪ ،‬ط‪ ،1‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬املغرب‪2990 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -202‬العشا حسوين‪ ،‬عبد القادر عركفات‪ :‬األحاديث القدسية مع شرحها وما صح عن أحاديث المالئكة‬
‫الكرام والجان‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر للطباعة‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -310‬عقون‪ ،‬حممد العريب‪ :‬االقتصاد والمجتمع في الشمال اإلفريقي القديم‪ ،‬دار اهلدى عني مليلة‪-‬‬
‫اجلزائر‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -202‬العطري‪ ،‬عبد الرحيم‪ :‬بركة األولياء‪ -‬بحث في المقدس الضرائحي‪ ،-‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ :‬شركة‬
‫النشر والتوزيع املدارس‪1022،‬م‪.‬‬
‫‪ -202‬عطية‪ ،‬عاطف‪ :‬المجتمع الدين والتقاليد‪ -‬بحث في إشكالية العالقة بين الثقافة والدين والسياسة‪،‬‬
‫بريوت‪ :‬جروس برس للنشر‪2992 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -201‬عماد‪ ،‬عبد الغاين‪ :‬سوسيولوجية الثقافة المفاهيم واإلشكاليات من الحداثة إلى العولمة‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫بريوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪1000 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -200‬العمراين‪ ،‬حممد‪ :‬الشرف والمجتمع والسلطة ( الشمال المغربي نموذج) من القرن ‪ 31‬إلى ‪31‬‬
‫هـ‪39-30/‬م‪ ،‬الرباط‪ :‬دار أيب الرقراق للطباعة والنشر والتوزيع‪1021 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -207‬كفتحة حممد‪ :‬النوازل الفقهية والمجتمع – أبحاث في تاريخ الغرب اإلسالمي من القرن ‪ 0‬إلى‬
‫‪9‬هـ‪31-30/‬م‪ ،‬سلسلة األطروحات والرسائل‪ ،‬منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ‪ -‬جامعة احلسن الثاين‪،‬‬
‫عني الشق‪ -‬الدار البيضاء ‪2999 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -201‬كفراح‪ ،‬عبد العزيز‪ :‬تلمسان المدينة المحراب‪ ،‬ترمجة‪ :‬إنعام بيوض وآخرون‪ ،‬اجلزائر‪ :‬منشورات‬
‫أبيك‪1022،‬م‪.‬‬
‫‪ - -209‬كفجد‪ ،‬توكفيق‪ :‬العجيب والغريب في إسالم العصر الوسيط‪ ،‬ترمجة و تقدمي‪ :‬حممد أركون وآخرون‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬املغرب‪ -‬الدار البيضاء‪1001 :‬م‪.‬‬
‫‪ -220‬كفجيم حسني‪ :‬قصة األنثروبولوجيا – فصول في تاريخ علم اإلنسان‪ -‬الكويت‪ :‬إصدار اجمللس الوطين‬
‫للثقاكفة والفنون واآلداب‪ ،‬عامل املعركفة ع ‪ ،91‬كفيفري ‪2910‬م‪.‬‬
‫‪ -222‬بن كفوزان‪ ،‬صاحل‪ :‬البدعة‪ -‬تعريفها – أنواعها – أحكامها‪،‬ط‪ ،2‬الرياض‪ -‬السعودية‪ :‬املكتب التعاوين‬
‫للدعوة واإلرشاد‪ 1002 ،‬م‪.‬‬

‫‪272‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -221‬كفياليل‪ ،‬عبد العزيز‪ :‬تلمسان في العهد الزياني‪ -‬دراسة سياسية‪ ،‬عمرانية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬ثقافية‪، -‬‬
‫اجلزائر‪ :‬املؤسسة الوطنية للفنون املطبعية والنشر والتوزيع ‪ ،1001 ،‬جزءان‪.‬‬
‫‪ -222‬القادري‪ ،‬إبراهيم بوتشيش‪ :‬حركة المتنبئين والسحرة في الغرب اإلسالمي‪ ،‬اإلسالم السري في‬
‫المغرب العربي‪ ،‬سينا للنشر‪ ،‬القاهرة‪2991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -222‬ـ ـ ـ ـ ــ‪ :‬المغرب واألندلس في عصر المرابطين – المجتمع – الذهنيات‪ -‬األولياء‪ ،‬ط‪ ، 02‬بريوت‪:‬‬
‫دار الطليعة للطباعة والنشر‪2992 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -221‬القادري‪ ،‬بوتشيش إبراهيم‪ :‬المهمشون في تاريخ الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،02‬القاهرة‪ :‬دار رؤية للنشر‬
‫والتوزيع‪1002،‬م‪.‬‬
‫‪ -220‬ـ ـ ـ ـ ــ‪ :‬الخطاب االجتماعي في الكرامة الصوفية بالمغرب خالل عصري المرابطين والموحدين ضمن‬
‫جوانب من التاريخ االجتماعي للبدان المتوسطة خالل العصر الوسيط‪ :‬جامعة موالي إمساعيل‪ :‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬مكناس‪.2992 ،‬‬
‫‪ -227‬قرامي‪ ،‬أمال‪ :‬االختالف في الثقافة العربية اإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار املدار اإلسالمي‪1007 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -221‬بن قربة صاحل‪ :‬تاريخ الجزائر من خالل المصادر‪ ،‬اجلزائر‪ :‬منشورات املركز الوطين للدراسات والبحث‪،‬‬
‫[‪ 1007‬م]‪.‬‬
‫‪ -229‬قنوايت‪ ،‬شحاتة ‪ :‬تاريخ الصيدلة والعقاقير في العهد القديم والعصر الوسيط‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬أوراق‬
‫شرقية للطباعة والنشر والتوزيع‪2990 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -210‬الكيالين‪ ،‬عاصم إبراهيم‪ :‬الوالية والولي عند السادة الصوفية في الشريعة والطريقة والحقيقة‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الكتب ناشرون‪1020 ،‬م‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -212‬لطفي‪ ،‬عيسى‪ :‬مدخل لدراسة مميزات الذهنية المغاربية خالل القرن السابع عشر‪ ،‬تونس‪ :‬سراس‬
‫للنشر‪2992 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -211‬لطفي‪ ،‬عيسى‪ :‬كتاب السير – مقاربات لمدونات المناقب والتراجم واألخبار ‪ ،-‬ط‪ ،2‬تونس‪ :‬دار‬
‫املعركفة للنشر‪1007 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -212‬املاجدي‪ ،‬خزعل‪ :‬متون سومر‪ ،‬ط‪ ،2‬عمان‪ :‬األهلية للنشر ‪2991 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -212‬مبارك‪ ،‬زكي‪ :‬المدائح النبوية في األدب العربي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الشعب‪2972 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -211‬مربوك‪ ،‬علي‪ :‬ما وراء تأسيس األصول‪ -‬مساهمة في نزع أقنعة التقديس‪ ،‬ط‪ ،02‬القاهرة‪ :‬دار رؤية‬
‫للنشر والتوزيع‪1007 ،‬م‪.‬‬
‫‪273‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -210‬جمموعة مؤلفني‪ :‬موسوعة دائرة المعارف اإلسالمية‪ ،‬ج‪ ،02‬ديب‪ :‬مركز الشارقة لإلبداع الفكري‪،‬‬
‫‪2991‬م‪.‬‬
‫‪ -217‬حممد إمساعيل‪ ،‬زكي‪ :‬في الدين والمجتمع‪ -‬سلسلة اإلسالم والعلوم اإلنسانية‪ ،-‬اإلسكندرية‪ :‬دار‬
‫املطبوعات اجلديدة‪2919 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -211‬حممدي‪ ،‬عبد القادر‪ :‬أنثربولوجيا الجسد األسطوري بحث في الهوية واالمتداد‪ ،‬املغرب‪ :‬مطبعة كفاس‬
‫بريس‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -219‬املزيدي‪ ،‬أمحد كفريد‪ :‬جمع المقال في إثبات كرامات األولياء في الحياة وبعد االنتقال‪ ،‬ط‪،02‬‬
‫بربلي‪ -‬سرييلنكا‪ :‬دار اآلثار اإلسالمية‪1000 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -220‬املشعيب‪ ،‬عبد اجمليد بن سامل بن عبد اهلل‪ :‬التنجيم والمنجمون وحكمه في اإلسالم‪،‬ط‪ ،02‬الطائف‪-‬‬
‫السعودية‪ :‬مكتبة الصديق‪2992 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -313‬املعسكري أيب راس الناصر‪ :‬لقطة العجالن في شرف الشيخ عبد القادر بن زيان وأنه من بني زيان‬
‫ملوك تلمسان‪ ،‬دراسة وحتقيق‪ :‬محدادو بن عمر‪ ،‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ :‬منشورات دار قرطبة‪1021 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -221‬مفتاح‪ ،‬حممد‪ :‬الخطاب الصوفي في الغرب اإلسالمي مقاربات وظيفية ‪ ،‬القاهرة‪ :‬رؤية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪1022‬م‪.‬‬
‫‪ -222‬منديب‪ ،‬عبد الغين‪ :‬الدين والمجتمع – دراسة سوسيولوجية للتدين بالمغرب‪ ،-‬ط‪ ،01‬املغرب‪:‬‬
‫إكفريقيا الشرق‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -222‬ـ ـ ـ ـ ـ ــ‪ :‬سوسيولوجيا التدين بالمغرب‪ ،‬ط‪ ،1‬املغرب‪ :‬إكفريقيا الشرق‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -221‬املنوين‪ ،‬حممد‪ :‬ورقات عن حضارة المرينيين ط‪ ،2‬الرباط‪ :‬منشورات كلية اآلداب ‪ -‬الدار البيضاء‪:‬‬
‫مطبعة النجاح اجلديدة‪1000،‬م‪.‬‬
‫‪ -220‬مجدي‪ ،‬حممد القصاص‪ :‬علم االجتماع الديني‪ :‬املنصورة‪ -‬مصر‪ :‬دار النشر‪1001‬م‪.‬‬
‫‪-227‬‬
‫‪ -221‬موساوي‪ ،‬عبد املالك‪ :‬دور الزخرفة في الحياة الحضارية بتلمسان‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ :‬دار السبيل للنشر‬
‫والتوزيع‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -229‬امليلي‪ ،‬مبارك بن حممد‪ :‬تاريخ الجزائر في القديم والحديث‪ ،‬تقدمي‪ :‬حممد امليلي‪ ،‬اجلزائر‪ :‬مكتبة‬
‫النجضة اجلزائرية [‪1002‬م] جزءان‪.‬‬

‫‪274‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -220‬الناصري حممد املكي‪ :‬كتاب التسيير في أحاديث التفسير‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ط‪،02‬‬
‫‪2912‬م‪ 0 ،‬جملدات‪.‬‬
‫‪ -303‬النبجاين‪ ،‬يوسف بن إمساعيل‪ :‬جامع كرامات األولياء‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬املكتبة املصرية‪1002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -300‬نبيل‪ ،‬بن حممد حممود‪ :‬تيسير الرحمان في عالج السحر والمس والعين وأمراض الجان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫بريوت‪ :‬دار العاملية للنشر والتوزيع‪.1002 ،‬‬
‫‪ – -222‬واعراب مصطفى‪ :‬المعتقدات والطقوس السحرية في المغرب‪ ،‬ط‪ ،02‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار‬
‫احلرف للنشر والتوزيع‪1007 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -222‬وهيب‪ ،‬أيب كفاضل‪ :‬موسوعة عالم التاريخ والحضارة – حضارات العالم القديم‪ ،-‬ط‪،2‬بريوت‪:‬‬
‫نوبليس‪ 20 ،‬جملدات‪ ،‬ص‪272‬‬
‫رابعا‪ :‬دراسة ضمن كتاب‪:‬‬
‫بونايب‪،‬الطاهر‪ " :‬خطاب الشرف في المغرب األوسط خالل العصر الوسيط‪ -‬مقاربة في مستوياته‬ ‫‪-2‬‬
‫ضمن نص النوازل والمناقب والتاريخ"‪ ،‬ص ص ‪ ،212-222‬ضمن كتاب‪ :‬المغرب األوسط في العصر‬
‫الوسيط من خالل كتب النوازل‪ ،‬تنسيق بوبة جماين‪ ،‬هباء الدين للنشر والتوزيع‪1022 ،‬م‪ ،‬منشورات خمرب‬
‫البحوث والدراسات يف حضارة املغرب اإلسالمي جامعة منتوري قسنطينة ‪.‬‬
‫كفياليل‪ ،‬عبد العزيز‪" :‬األقلية المسيحية في المغرب األوسط ( الجزائر) نموذج لحياة السلم‬ ‫‪-1‬‬
‫والتسامح"‪ ،‬ص‪:72-12‬ضمن كتاب‪ :‬دراسات في تاريخ الجزائر والغرب اإلسالمي ‪ ،‬عني مليلة – اجلزائر‪:‬‬
‫دار اهلدى‪1021 ،‬م‪.‬‬
‫ـ ـ ـ ــ‪ :‬أبو العباس السبتي أحمد بن مرزوق التلمساني ( سيرته‪ -‬مناقبه‪ -‬رحلته إلى المشرق)‪ ،‬ص ص‬ ‫‪-2‬‬
‫‪،110-111‬ضمن كتاب دراسات في تاريخ الجزائر والمغرب اإلسالمي‪ ،‬عني مليلة‪ -‬اجلزائر‪ :‬دار اهلدى‪،‬‬
‫‪1021‬م‪،‬ص‪.122-120‬‬
‫ـ ـ ـ ــ‪" :‬الزاوية المالرية– تأثير شيوخها الروحي والديني على الدولة والمجتمع"‪ ،‬ص‪.‬ص‪،212-207‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ضمن كتاب‪ :‬دراسات في تاريخ الجزائر والغرب اإلسالمي‪ ،‬عني مليلة – اجلزائر‪ :‬دار اهلدى ‪1021،‬م‪.‬‬
‫ـ ـ ـ ــ‪" :‬المؤرخون الفرنسيون واألمن الفكري في المغرب الكبير"‪ ،‬ص‪.‬ص‪ ،11-9‬ضمن كتاب‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫دراسات في تاريخ الجزائر والغرب اإلسالمي‪ ،‬عني مليلة – اجلزائر‪ :‬دار اهلدى ‪1021،‬م‪.‬‬

‫‪275‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -0‬احلمودي عبد اهلل‪ :‬االنقسامية والتراتب االجتماعي والسلطة والقداسة‪ -:‬مالحظات حول أطروحات‬
‫كلينر‪ ،‬ضمن كتاب‪ :‬األنثروبولوجيا والتاريخ‪ ،‬ص‪.‬ص‪ ، 10 - 00‬حالة املغرب العريب‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبد األحد‬
‫السبيت وعبد اللطيف الفلق‪ ،‬الدر البيضاء‪ -‬املغرب‪ :‬دار توبقال للنشر‪ ،‬ط‪1007 ،1‬م‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬األطاريح والرسائل الجامعية‪:‬‬
‫أ‪ /‬رسائل الماجستير‪:‬‬
‫بلغيث‪ ،‬حممد األمني‪" :‬الربط بالمغرب اإلسالمي ودورها في عصر المرابطين والموحدين"‪ ،‬رسالة‬ ‫‪-3‬‬
‫ماجستري يف التاريخ‪ ،‬جامعة اجلزائر‪2917 ،‬م‪.‬‬
‫زازوي‪ ،‬موكفق‪" :‬الطقوس الجنائزية في مدينة تلمسان"‪ ،‬رسالة ماجستري يف األنثروبولوجيا‪ ،‬جامعة أيب‬ ‫‪-0‬‬
‫بكر بلقايد – تلمسان (اجلزائر)‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫سراج‪ ،‬جياليل‪" :‬زيارة األضرحة وأثرها في المعتقدات الشعبية ضريح سيدي يوسف الشريف‬ ‫‪-2‬‬
‫نموذجا"‪ ،‬رسالة ماجستري يف األنثروبولوجيا الثقاكفية واالجتماعية ‪ ،‬جامعة أيب بكر بلقايد (تلمسان‪-‬‬
‫اجلزائر)‪1021 ،‬م‪.‬‬
‫شقدان‪ ،‬بسام كامل عبد الرزاق‪" :‬تلمسان في العهد الزياني( ‪ 900-011‬هـ‪– 3011 /‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪3111‬م)"‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪( ،‬نابلس – كفلسطني) ‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫شقطي‪ ،‬هناء‪ " :‬الخطاب الفقهي والريف في المغرب األوسط من خالل الدرر المكنونة في نوازل‬ ‫‪-1‬‬
‫مازونة"‪ ،‬رسالة ماجستري يف التاريخ‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪(،1‬اجلزائر)‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫كفخري‪ ،‬طه نضال‪ :‬الطقوس والمعتقدات الشعبية في األدب الشعبي‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬ختصص أدب‬ ‫‪-0‬‬
‫عريب‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬نابلس (كفلسطني) ‪1000 ،‬م‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫مزدور‪ ،‬مسية‪" :‬المجاعات واألوبئة في المغرب األوسط ( ‪901-111‬هـ‪3101-3390/‬م) "‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫رسالة ماجستري يف التاريخ الوسيط‪ ،‬جامعة منتوري‪ -‬قسنطينة (اجلزائر)‪1009 ،‬م‪.‬‬
‫ب‪ /‬أطاريح الدكتورا‪:‬‬
‫‪ -2‬بلغريب‪ ،‬عبد القادر‪" :‬أسس القراءة وآليات التأويل في النص الصوفي – عفيف الدين التلمساني في شرح‬
‫مواقف النفري "‪ ،‬أطروحة دكتورا علوم يف اللغة واألدب العريب ختصص قضايا األدب ومناهج الدراسات النقدية‬
‫املقارنة‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح (ورقلة )‪ 1020 ،‬م‪.‬‬
‫بكاي ‪ ،‬عبد املالك‪" :‬الحياة الريفية بالمغرب األوسط من القرن ‪31-7‬هـ‪30-31/‬م"‪ ،‬أطروحة‬ ‫‪-1‬‬
‫دكتورا علوم يف التاريخ‪ ،‬جامعة باتنة‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫‪276‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بلبشري‪ ،‬عمر‪ :‬جوانب من الحياة االجتماعية واالقتصادية والفكرية في المغربين األوسط واألقصى‬ ‫‪-2‬‬
‫من القرن ‪ 0‬على ‪9‬هـ‪31-30/‬م – من خالل كتاب المعيار للونشريسي‪ ،-‬أطروحة دكتوراه يف التاريخ‬
‫الوسيط‪ ،‬جامعة وهران( اجلزائر)‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫ثياقة‪ ،‬الصديق‪" :‬المقدس والقبيلة – الممارسة االحتفالية لدى المجتمعات القصرية بالجنوب‬ ‫‪-2‬‬
‫الغربي الجزائري‪ -‬زيارة الرقاني نموذجا"‪ -‬أطروحة دكتوراه علوم يف علم االجتماع ‪ ،‬جامعة وهران ‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫خليلي‪ ،‬خبتة‪ " :‬الفقر بالمغرب اإلسالمي ما بين القرنين السابع والتاسع الهجريين ( ق ‪31-31‬م)‬ ‫‪-1‬‬
‫واقعه وآثاره"‪ ،‬أطروحة دكتورا علوم يف التاريخ‪ ،‬جامعة مصطفى اسطمبويل (معسكر) ‪1020‬م‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬ملتقيات‪:‬‬
‫جماين‪ ،‬بوبة ‪" :‬التغييرات االجتماعية في البلدان المغاربية عبر العصور" ضمن أعمال امللتقى دويل يف‬ ‫‪-3‬‬
‫التاريخ ‪ 12-12‬أكفريل ‪1002‬م‪ ،‬منشورات خمرب الدراسات التارخيية جامعة منتوري قسنطينة ‪ -‬عني مليلة‪:‬‬
‫اجلزائر‪ :‬دار اهلدى‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬المجالت و الدوريات‬
‫‪ -02‬باحو‪ ،‬مصطفى‪ :‬علماء المغرب ومقاومتهم للبدع والمتصوفة والقبورية والمواسم‪،‬ط‪ ،02‬جريدة‬
‫السبيل‪ :‬تونس‪1007 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -02‬براهم عصام و زازوي موكفق‪ " :‬جدلية الذكورة واألنوثة في العائلة التقليدية من خالل طقوس العبور"‪،‬‬
‫جملة املواقف للبحوث والدراسات يف اجملتمع والتاريخ‪ ،‬جملد‪-22‬ع‪ /01‬جوان ‪ ،1029‬ص‪.201-11‬‬
‫‪ -01‬الربكة‪ ،‬حممد‪ :‬الطوبونيميا والبحث التاريخي‪ ،‬دورية كان التارخيية‪ ،‬ع‪ ،12‬يونيو ‪ ،1022‬ص‬
‫ص‪.211-212‬‬
‫بريكي‪ ،‬كرمية‪" :‬في منابت التقديس وافاقه"‪،‬سلسلة ملفات حبثية الدين وقضايا اجملتمع الراهنة ‪،‬املغرب‪:‬‬ ‫‪-02‬‬
‫مؤمنون بال حدود للدراسات واألحباث‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -02‬بشري‪ ،‬عبد الرمحان‪" :‬المرأة المغربية في نوازل أبي القاسم البرزلي"‪ ،‬عصور اجلديدة‪ ،‬ع‪، 21-22‬‬
‫‪1022-1022‬م‪ ،‬جامعة وهران – اجلزائر ص‪.‬ص ‪221-212‬‬
‫‪ -01‬بلحاج‪ ،‬معروف‪ :‬المجمع المعماري العباد‪ ،‬دراسة أثرية مقارنة " حولية املؤرخ" املركز الوطين للدراسات‬
‫البحث يف احلركة الوطنية‪ :‬اجلزائر‪.‬‬
‫‪ -00‬بلجواري‪ ،‬كفاطمة‪" :‬النص النوازلي للغرب اإلسالمي أداة لتجديد البحث في تاريخ الحضارة‬
‫اإلسالمية"‪ ،‬جملة عصور(وهران ) ع‪/27‬جوان‪ -‬ديسمرب ‪1022‬م ‪ ،‬ص‪.97-12‬‬
‫‪277‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -07‬بورويبة‪ ،‬رشيد‪" :‬جولة عبر مساجد تلمسان"‪ ،‬جملة األصالة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ع‪2971 ،10‬م‪ ،‬ص ص‬
‫‪.211-272‬‬
‫‪ -01‬بوعقادة‪ ،‬عبد القادر‪ " :‬هل المغرب األوسط خرافة"‪ ،‬جملة عصور اجلديدة‪ ،‬ع ‪ ،11-12‬ماي‬
‫‪1020‬م‪ ،‬ص ص ‪.71-00‬‬
‫‪ -09‬بونايب الطاهر‪" :‬حركة المرابطين السنة في الزاب بين التصوف والرباط"‪ ،‬اجمللة اخللدونية‬
‫(بسكرة)ع‪ /9‬جانفي ‪1022‬م ‪ ،‬ص‪. 72-10‬‬
‫‪ -20‬التازي‪ ،‬عبد الوهاب‪ :‬لماذا عيد المولد في الغرب االسمي؟ جملة دعوة احلق اململكة املغربية ع‪،177‬‬
‫‪.2919‬‬
‫‪ -22‬ابن حاج عيسى‪ " :‬زناتة المغرب األوسط القبيلة والمجال"‪ ،‬جملة العرب للدراسات التارخيية واألثرية‪،‬‬
‫ع‪ ،2‬جملد‪ ،2‬جانفي ‪ ،1010‬ص ص ‪.291-272‬‬
‫‪ -21‬محودا‪ ،‬حنان‪" :‬الماء كمنشط أنثروبولوجي إلنتاج الطقوس بواحة سكورة جنوب المغرب"‪،‬جملة‬
‫إضاكفات (جامعة حممد اخلامس الرباط)‪ ،‬ع‪ / 22-22‬شتاء ربيع ‪ ،1020‬ص ص ‪.210-222‬‬
‫‪ -22‬خالدي‪ ،‬عبد القادر‪ :‬أبو مدين الغوث دفين تلمسان (‪190-101‬هـ‪3397-3300/‬م)‪ ،‬جملة‬
‫األصالة‪ ،‬ع ‪2971 ،10‬م‪ ،‬ص ‪.190-112‬‬
‫‪ -22‬اخلويلدي‪ ،‬زهري‪" :‬الفلسفة الدينية بين تحديات القدسي واستجابات السرد" سلسلة ملفات حبثية‬
‫الدين وقضايا اجملتمع الراهنة ‪،‬املغرب‪ :‬مؤمنون بال حدود للدراسات واألحباث‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬بن داود‪ ،‬نصر الدين‪" :‬الشرفاء في المجتمع المغربي خالل القرنين ‪9-1‬هـ‪31-30 /‬م) من خالل‬
‫كتاب إسماع الصم في إثبات الشرف من قبل األم للمراكشي القسنطينس األكمه و إسماع الصم في‬
‫إثبات الشرف لألم البن مرزوق الحفيد التلمساني"‪ ،‬جملة املعارف للبحوث والدراسات التارخيية‪ ،‬عدد‪ ،10‬ص‬
‫ص ‪.220-201‬‬
‫‪ -20‬دواق‪ ،‬احلاج أمحنة‪" :‬المقدس والسرديات الكبرى" سلسلة ملفات حبثية الدين وقضايا اجملتمع الراهنة‬
‫‪،‬املغرب‪ :‬مؤمنون بال حدود للدراسات واألحباث‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -27‬سعيدي‪ ،‬حممد‪ " :‬ظاهرة االعتقاد في اإلصابة بالعين بين المقدس والدنيوي"‪ ،‬جملة الثقاكفة الشعبية‪،‬‬
‫ع‪ 2‬سنة ‪ ،2990‬معجد الثقاكفة الشعبية تلمسان‪ ،‬ص ص‪.72-11‬‬
‫‪ -21‬سليمان كفخري‪ ،‬أمحد‪ :‬أسماء الموت في القرآن الكريم دراسة داللية‪ ،‬جملة الرتبية والعلم‪ ،‬جامعة‬
‫املوصل‪ ،‬مج ‪ -21‬ع‪1022 ،2‬م‪ ،‬ص ص ‪211-209‬‬
‫‪278‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -29‬بن عامر‪ ،‬معاذ‪ :‬السرديات الكبرى من الكبريات األنطلوجية إلى الصغريات األخالقية سلسلة‬
‫ملفات حبثية الدين وقضايا اجملتمع الراهنة ‪،‬املغرب‪ :‬مؤمنون بال حدود للدراسات واألحباث‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬عبد زيد‪ ،‬الوائلي عامر‪ :‬تجديد العالقة مع المقدس رهان تفكيك رغبة الموت ‪ :‬سلسلة ملفات حبثية‬
‫الدين وقضايا اجملتمع الراهنة ‪،‬املغرب‪ :‬مؤمنون بال حدود للدراسات واألحباث‪1020 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬عبيدي نوارة ومخيسي كفوزية‪ :‬المعتقدات الشعبية في األسرة الجزائرية من طقوس الوالدة حتى نمو‬
‫الطفل ‪ :‬جملة تاريخ العلوم عدد‪ 9‬سبتمرب ‪1027‬م‪ ،‬جامعة الطارف‪ ،‬ص ص ‪.222- 221‬‬
‫‪ -11‬القادري بوتشيش "النوازل الفقهية وكتب المناقب والعقود العدلية مصادر هامة لدراسة تاريخ الفئات‬
‫العامة بالمغري اإلسالمي ( ق‪0-1‬هـ‪31-30/‬م)"‪ ،‬جملة التاريخ العريب ‪ (،‬الرباط)‪ ،‬جملد ‪،7‬ع‪1001/11‬م‪،‬‬
‫ص ص ‪.171-127‬‬
‫‪ -12‬القادري‪ ،‬إبراهيم بوتشيش‪ :‬الفكر السحري والعرافة بالمغرب واألندلس خالل عصر المرابطين‪،‬‬
‫ضمن ملتقى الدراسات املغربية األندلسية‪ ،‬تيارات الفكر يف املغرب واألندلس‪ ،‬رواكفد ومعطيات‪ ،‬منشورات كلية‬
‫ندوات ‪ ، 1‬جامعة امللك السعدي‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ‪ ،‬تيطوان ‪ ،2992‬أكفريل ‪ ،17-10‬ص‬
‫‪.220‬‬
‫‪ -12‬بن طوبال‪ ،‬عمار‪ " :‬الطقوس وتمثالت الهوية الجمعية في رواية مملكة الزيوان للصديق حاج أحمد‬
‫مقاربة انثروبولوجية"‪ ،‬جملة النص‪ ،‬ع‪ ،12‬اجلزائر‪،1027 ،‬‬
‫‪ -11‬طه مكي‪ ،‬مجدي‪ ":‬التقديس والمقدسات دراسة في فلسفة الدين" جملة العلوم اإلنسانية ( كلية الرتبية‬
‫والعلوم اإلنسانية)‪ ،‬جملد‪-11‬ع‪/2‬مارس‪1021‬م‪ ،،‬ص‪.‬ص‪. 70-11‬‬
‫موسى‪ ،‬لقبال‪ " :‬زناتة واألشراف الحسنيون في جال تلمسان والمغرب األوسط"‪ ،‬جملة األصالة‪،‬‬ ‫‪-10‬‬
‫اجلزائر‪ ،‬ع‪2971 ،10‬م‪ ،‬ص ص ‪.91-92‬‬
‫‪ -17‬احملواشي‪ ،‬منصف‪ :‬الطقوس وجبروت الرموز‪ -‬قراءة في الوظائف والدالالت ضمن مجتمع متحول‪،‬‬
‫جملة إنسانيات‪ ،‬كراسك‪ ،‬وهران‪ :‬اجلزائر‪ ،‬عدد‪1020 ،29‬م‪ ،‬ص ص ‪.22-21‬‬
‫‪ -11‬مرتاض‪ ،‬عبد املالك‪ " :‬حركة الشعر المولدي في تلمسان في عهد أبو حمو الثاني" جملة األصالة‬
‫(وزارة الشؤون الدينية واألوقاف)‪،‬جملد‪-22‬ع‪1022/10‬م‪ ،‬ص‪.221-222‬‬
‫‪ -19‬املستاري‪ ،‬اجلياليل‪ " :‬الجسد والمقدس – قراءة في الخطاب الفقهي البن قيم الجوزية" جملة‬
‫إنسانيات العدد ‪ ،22‬جانفي مارس ‪1000‬م‪ ،‬مركز البحث يف األنثروبولوجيا االجتماعية والثقاكفية ‪ -‬وهران‪،‬‬
‫ص‪.‬ص ‪.01-21‬‬
‫‪279‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -20‬مفتاح خلفات‪ :‬قراءة في مخطوط هذه كيفية زواوة‪ ،‬جملة العلوم اإلنسانية‪ ،‬ع‪1022 ،21‬م‪-172 ،‬‬
‫‪.117‬‬
‫‪ -22‬مناد‪ ،‬صاكفية‪ " :‬أثر المقدس والديني على ذهنية الفرد والمجتمع واستعماالت السلطة"‪ ،‬جملة‬
‫متون(كلية العلوم االجتماعية واإلنسانية جامعة الدكتور موالي الطاهر‪ -‬سعيدة)‪ ،‬جملد‪ -21‬ع‪ /01‬أوت‬
‫‪1010‬م‪ ،‬ص ص‪.19-70‬‬
‫‪ -21‬املنصوري‪ ،‬الشيباين املربوك‪":‬جماليات الجسد وطقوسه االحتفالية في األعياد في شمال إفريقيا" جملة‬
‫دراسات أندلسية ( مركز حتقيق تراث العامل اإلسالمي يف مشال إكفريقيا ‪ -‬تونس)‪،‬جملد ‪،12‬ع‪1000 ،2‬م‪ .‬ص‬
‫ص ‪.92-72‬‬
‫‪ -22‬نشاط‪ ،‬مصطفى‪" :‬الديمغرافية التاريخية في الرحلة الزيارية بالمغرب الوسيط" جملة كنانيش الدميغراكفيا‬
‫التارخيية‪ ،‬جامعة حممد األول كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬ع‪1002-2‬م ص ص ‪-12‬إىل ‪.22‬املغرب‪ :‬دار‬
‫املنظومة‪ ،1010 ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -22‬موحن‪ ،‬وليد‪" :‬مدرسة الحوليات الفرنسية ظروف النشأة وأهم األفكار" جملة ليكسوس يف التاريخ‬
‫والعلوم اإلنسانية‪ ،‬ع‪ ،22‬مارس‪1027 ،‬م ص ص‪.277 -270‬‬
‫ثامنا‪ :‬المعاجم والقواميس‪.‬‬
‫إيكة‪ ،‬هولتكرانس‪ :‬قاموس مصطلحات األنثروبولوجيا والفلكلور‪ :‬تر‪ :‬حممد اجلوهري وحسن الشامي‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ط‪ –،1‬مصر‪ -‬القصر العيين‪ :‬اهليئة العامة للقصور الثقاكفية ‪2971 ،‬م‪.‬‬
‫بدوي‪ ،‬أمحد زكي‪ :‬معجم مصطلحات العلوم االجتماعية‪ ،‬ط‪ ،1‬لبنان‪ :‬مكتبة لبنان‪2911 ،‬م‪12 ،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫جملد‪.‬‬
‫البعلبكي‪ ،‬منري والبعلبكي‪ ،‬رمزي‪ :‬قاموس المورد الحديث‪ ،‬لبنان‪ :‬دار العلم للماليني‪ 1022 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أبو حاقة‪ ،‬أمحد‪ :‬معجم النفائس الكبير‪ ،‬ط‪ ،2‬األردن‪ :‬دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪1007‬م‪.‬‬
‫أبو الذهب‪ ،‬أشرف طه‪ :‬المعجم اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ :‬دار الشروق‪1001 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫رواسب قلفدجي‪ ،‬حممد وصادق تينيخي‪ ،‬حممد‪ :‬معجم الفقهاء‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار النفائس للنشر‬ ‫‪-0‬‬
‫والتوزيع‪2911 ،‬م‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -7‬الفريوز أبادي‪ ،‬جمد الدين حممد بن يعقوب (ت‪127‬هـ)‪ ::‬القاموس المحيط‪ ،‬حتقيق‪ :‬مكتب حتقيق‬
‫الرتاث يف مؤسسة الرسالة‪ ،‬إشراف‪ :‬حممد نعيم العرقسوسي‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر‪،‬‬
‫‪1001‬م‪.‬‬
‫القشاين‪ ،‬عبد الرزاق‪ :‬معجم اصطالحات صوفية‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد العال شاهني‪ ،‬ط‪ ،02‬القاهرة‪ :‬دار‬ ‫‪-1‬‬
‫املنار‪2991 ،‬م‬
‫شاكر‪ ،‬مصطفى سليم‪ :‬قاموس األنثروبولوجيا‪ ،‬ط‪ ،02‬الكويت‪ :‬جامعة الكويت‪2912 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -20‬أبو احلسني‪ ،‬أمحد بن كفارس ابن زكريا الرازي القزويين‪ :‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬حتقيق‪ :‬إبراهيم مشس‬
‫الدين‪ ،‬مج‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬جملدان‪1001 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬صليبا‪ ،‬مجيل‪ :‬المعجم الفلسفي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتاب اللبناين‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المراجع باللغة األجنبية‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬المراجع المترجمة‪:‬‬
‫ألفرد بل‪ :‬الفرق اإلسالمية في الشمال اإلفريقي من الفتح العربي حتى اليوم‪ ،‬ط‪ ،02‬ترمجة‪ :‬عبد‬ ‫‪-2‬‬
‫الرمحان بدوي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي ‪2917 ،‬م‪.‬‬
‫أوليفيه‪ ،‬روا‪ :‬الجهل المقدس‪ -‬زمن بال ثقافة‪ ،-‬ط‪ ،02‬ترمجة‪ :‬صاحل األمشر‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الساقي‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪1021‬م‪.‬‬
‫بيار‪ ،‬بونت وميشال ايزار وآخرون‪ :‬معجم االثنولوجيا واالنثربولوجيا‪ ،‬ترمجة‪ :‬مصباح حممد‪ ،‬بريوت‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪1000 ،‬م‪.‬‬
‫جورج كفرايزر‪ ،‬جيمس‪ :‬الغصن الذهبي دراسة في السحر والدين‪ ،‬ترمجة‪ :‬نايف اخلوص‪ ،‬دمشق‪-‬‬ ‫‪-2‬‬
‫سوريا‪ :‬نشر دار الفرقد للطباعة والنشر والتوزيع‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫روجيه باستيد‪ :‬مبادئ علم االجتماع الديني‪ ،‬تر‪ :‬حممود قاسم‪ ،‬ط‪ ،2‬مصر‪ :‬املكتبة االجنلوسكسونية‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪2912‬م‪.‬‬
‫روجيه‪ ،‬كايوا‪ :‬اإلنسان والمقدس ‪ ،‬ترمجة‪ :‬مسرية باشا‪ ،‬ط‪ ،02‬بريوت‪ :‬املنظمة العربية للرتمجة‪،‬‬ ‫‪-0‬‬
‫‪1020‬م‪.‬‬
‫سيغمون كفرويد‪ :‬الطوطم والتابو‪ ،‬ترمجة‪ :‬بوعلي ياسني ومراجعة‪ :‬حممود كبيبو‪ ،‬ط‪ ،2‬الالذقية‪ -‬سوريا‪:‬‬ ‫‪-7‬‬
‫دار حوار للنشر والتوزيع ‪2912 ،‬م‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬شورون‪ ،‬جاك‪ :‬الموت في الفكر الغربي‪ ،‬ترمجة‪ :‬كامل يوسف حسن‪ ،‬مراجعة‪ :‬إمام عبد الفتاح إمام ‪،‬‬
‫الكويت‪ :‬اجمللس الوطين للثقاكفة والفنون واآلداب‪2912 ،‬م‪.‬‬
‫غوستاف‪ ،‬لوبون‪ :‬اآلراء والمعتقدات‪ ،‬ترمجة‪ :‬عادل زعيرت‪ ،‬ط‪ ،02‬مصر‪ :‬منشورات مؤسسة هنداوي‬ ‫‪-9‬‬
‫للتعليم والثقاكفة‪1022،‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬كازنييف جاك وآخرون‪ :‬عشرة مفاهيم كبرى في علم االجتماع‪ ،‬البلد‪ :‬دار املنظومة‪ -‬نشر معجد‬
‫اإلمناء العريب‪ ،‬مج‪ /0‬ع‪.21-27‬‬
‫‪ -22‬غويتيصولو خوان‪ :‬أضرحة وزوايا وطوائف طقوس زيارة األولياء في اإلسالم المغربي‪ ،‬ترمجة‪ :‬إبراهيم‬
‫اخلطيب‪ ،‬جملة املناهل العدد ‪ ،12/10‬السنة ‪ ،19‬وزارة الثقاكفة املغربية‪1007 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬الالند‪ ،‬أندريه‪ :‬موسوعة الالند الفلسفية‪ ،‬تعليق‪ :‬خليل أمحد خليل‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت – باريس‪ :‬منشورات‬
‫عويدات‪ ،1002 ،‬مج ‪.2‬‬
‫‪ -22‬برونيسالف لينوكفسكي‪:‬السحر والعلم والدين‪ ،‬تر‪ :‬كفيليب عطية‪ ،‬القاهرة‪ :‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‪،‬‬
‫‪.2991‬‬
‫‪ -22‬كلود‪ ،‬ليفي سرتاوس‪ :‬األسطورة والمعنى‪ ،‬ترمجة‪ :‬صبحي حديد‪ ،‬ط‪ ،2‬احملمدية‪ :‬دار امللتقى للنشر‬
‫والتوزيع ‪.1000 ،‬‬
‫‪ -21‬مارسي‪ ،‬الياد‪ :‬المقدس والمدنس ‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبد اهلادي عباس احملامي‪ ،‬ط‪ ،02‬دمشق‪ :‬دار دمشق‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪2911 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬ـ ـ ــ‪ :‬المقدس الدنيوي – رمزية الطقس واألسطورة‪ -‬ترمجة‪ :‬هناد خياطة‪ ،‬دمشق‪ :‬العريب للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪2917 ،‬م‪.‬‬
‫مارسي‪ ،‬وليام‪ :‬مقتنيات متحف تلمسان ‪ ،‬تعريب وتقدمي‪ :‬أرزقي شرقي‪ ،‬اجلزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر‬ ‫‪-2‬‬
‫والتوزيع اجلزائر‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫مارسيل‪ ،‬ماوس‪ :‬الهبة وطقوس البوتالنش‪ ،‬ترمجة‪ :‬املولدي األمحر‪ ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬مركز الدراسات‬ ‫‪-1‬‬
‫الوحدة العربية ‪1022 ،‬م‪.‬‬
‫هنري‪ ،‬برغسون‪ :‬منبعا األخالق والدين‪ ،‬ترمجة‪ :‬ساسي األوريب‪ ،‬ط‪ ،02‬مصر‪ :‬مكتبة النجضة‪(،‬د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ياروسالف‪ ،‬ستيتكيفيتش‪ :‬العرب والغصن الذهبي‪ -‬إعادة بناء األسطورة الذهبية‪ ،-‬ترمجة‪ :‬سعيد‬ ‫‪-4‬‬
‫الغامني‪ ،‬ط‪ ،2‬الدار البيضاء‪ -‬املغرب؛ بريوت‪ -‬لبنان‪ :‬نشر املركز الثقايف العريب‪1001 ،‬م‪.‬‬

‫‪282‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

:‫ المراجع بلغتها األصلية‬:‫ثانيا‬


1- Alfred, Bel: La Religion Muslmen en Berberie: Paris, librairie
oriental Poul Genthner, 1938.
2- Andzian, Sossie: Femmmesd et religion en islam un couple
mauait clio femmes, Genre Histoire, N2, 1995, accessd on 12-09
2018 .
3- Barges, Labbé: vie célèbre Marabout Sidi – Abou- Medienne
autrement vie Bou-Medienne, paris: larousse librairie.
4- Barges: Telemcen ancienne capital du Royaume de ce nom,
Paris, 1859.
5- Basset, Henri: Le Culte Des Grottes au Maroc, maison
Bastide, jourdan jules carbonel, 1920.
6- Basset, René :Recherchessur la Religion des Berberes: Revue
de l histoir des Religions, Paris: Ernest lerouxEditeur, 1910.
7- Battaille, Geroges: théorie de la religion, Gallimard:
paris,Tome 7, 1976.
8- Balandier, Geroges: Societe traditionnelle in societes de
lanimal a lhomme sou la direction de phlipe Brenot
lharmathan, paris: 1980 .
9- Jacques Berque: Ulémas Fondateurs insurges du Maghreb
xvii siècle, Paris: la Bibliothèque Arabe Editions sindbed, 1982.
10- Berque, Jacques : Structures socials du Haut Atlas, paris:
Presses Universtaires de France, 1955.
11- Berque, jaques: Dépossession du Monde, paris: Éditionsseuil,
1964.
12- Berque, Jacques: l'Algerie terre D'art et D'histoire,Alger 1937.
13- colonna, fanny: les versets de linvincibilite, "permanence et
changements dans l Algérie contemporaine", paris: press de
sciences, Biblioger gloss index,1995.
14- Bouzina, Oufriha Fatima Zohra : Tlemcen – Capital
Musulmane Le Siècle D'or du Maghreb Central , Alger: Dalimen ,
2011

283
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
15- Carrier, Michel: et Daniel Vidal: Penser Le Sacre Les Sciences
Humaines et L invention Du Sacre, les Archives de sciences
sociales des religions, n 136,éditions EHESS, Montrel libre , 2005.
16- Caillois, Roger: Lhomme et le sacré, Gallimrd, paris, 1951.
17- cazneeuve Jen: Sociologie du rite (tabou- magie- sacré),
éditions Presses Universtaires de France, paris, 1971.
18- chelhod, joseph: Structure du sacré chez les Arabes, paris:
maisonneuve et larose, 1964.
19- Chevalier, Jean et, Alain Gheerbrant: Dictionnaire des
syinboles, Édition Robert lafont, paris,1986.
20- colonna, fanny: les versets de linvincibilite, "permanence et
changements dans l Algérie contemporaine", paris, press de
sciences, Biblioger gloss index,1995
21- davan, mauris: dictionaire du francais, Presses Universtaires de
France, Paris, 1976.
22- Dermenghne, Emile: le culte des saints dans l’islam
Maghrébine, paris: Édition Gallimard, 1954.
23- Dundes, Alan: The Meaning Of Folklore: The Analytical
Essays Of Alan Dundes, university press of colorado: 1984.
24- Edmond doutté - Magie et Religion dans l’Afrique du Nord :
Alger : typographe Adoulphejourdan Imprimeur- libraire- Éditeur
1909.
25- :Les Marabouts extrait de Revue d'histoire des Religions 1900
26- : Notes surLislamMaghribein- Marabous:Extrait de la Revue
de l histoire des Religion: Tomes xi et xii, paris: ernestlerouxEditer
,1900.
27- l islam Algerien en l an 1900 , Alger: Giralt, 1900
28- Emile, Darkheim: les formes élémentaires de la viereligieuse,
éditions Presses Universtaires de France, paris, 1968.
29- . Ferrie, Jean Nöel: « Lanthropologie du Maroc sitation
artuelle et perspectives » annuiare de LAfrique du Nord, 1991,
CNRS, paris, 1993, pp 1069-1077

284
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
30- .Gieryn Thomas: Aspace for in sociology, Annual Review of
Sociology, Vol.26, (2000), Édition Puplihed by Annulal
Rreviews, 1975, p 463-496.
31- Gresle, francois: dictionnaire des sciences humaines
anthropologie, sociologie, psychologie, sociale,paris: édition nathan,
1994.
32- Gsell stiven: Histoir Ancienne de l'Afrique du Nord, liberairie
Hachette, Paris, 1926, en 8 tom.
33- René, Girard: la violence et le sacré, paris: Albin Michel
Litterature Collection pluriel, 1990.
34- Laoust, Emle: Mots et choses Berberes Notes de linguistique
et dethnographie .Dialectes du Maroc, paris: Augustin
challamel Éditeur, 1920.
35- levé Makarius, Laura,les sacré et la violation des interdits,
paris: éditions payot,1974.
36- Mircea, Eliade:Aspects Du Mythe, paris: Librairie Gallimard,
1963.
37- maisonneuve, jean: : les conduits rituelles,paris: Presses
Universtaires de France, 2eme édition, 1995.
38- Malinowski Bronislaw Robert Redfield: Magic Science And
Religion and other Essays, With An Introduction By Wareland
Press,1954,
39- Marcais, Georges :Tlemcen Viele et D’histoire, paris: édition
laurens collection, 1950.
40- Marcais Georges et William : Les Monuments Arabes de
Tlemcen, Paris: Albert Fontemoing Editeur, 1903.
41- Mauss, Marcel: Sociologie Et Anthropologie, precede par
claude levestrauss 13 édition quadrige 2013 p 32-143.Essai Sur Le
Don Forme et raison de léchange dans les sociétés archaiques in
sociologie et anthropologie, paris, puf quadrige édition, 1989
42- Montet, Edourd: Le culte des saints Musulmanes dans
L’Afrique de Nord- et plus spécialement au Maroc.Librairie
Georg et Cie Genève, 1909.

285
‫قائمة المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
43- Rinne Louis : Marabouts et Khouans-étude sur L’islam en
Algérie, Adolphe jourdan libraire : éditeur, 1884
44- Rossi Catherine: Les Cornets de Tlemcen, Alger: édition
dalimen , 2011. p 96

286
‫فهرس‬
‫الموضوعات‬
‫فهرس الموضوعات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فهرس الموضوعات‬
‫املقدمة ‪.............................................................................................................‬خطأ! اإلشارة المرجعية غير ّ‬
‫معرفة‪.‬‬

‫والعالئقب‬ ‫الفصل التمجيديأاملقدس حبث يف املاهية‬


‫واملدنس‪1 .................................................................................................................. .‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬املقدس‬
‫العربية‪1 ..................................................................................................................... .‬‬ ‫أوال‪ :‬املقدس يف املدونة‬
‫املقدس‪1 .................................................................................................................................... .‬‬ ‫ثانيا‪ :‬ماهية‬
‫اللغوي‪1 .................................................................................................................................. .:‬‬ ‫‪ /2‬التعريف‬
‫االصطالحي‪1 ........................................................................................................................... :‬‬ ‫‪ /7‬التعريف‬
‫األديان‪6 ............................................................................. .‬‬ ‫ثالثا‪ :‬مفجوم املقدس عند علماء االجتماع وعلماء‬
‫امل َدنَس‪17 ..................................................................................................................................:‬‬ ‫رابعا‪ :‬ماهية‬
‫املدنس‪17 ................................................................................................................................... :‬‬ ‫‪ /1‬تعريف‬
‫املقدس ‪11 ...............................................................................................‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬موقع الطقس يف جمال‬
‫الطقس‪11 .................................................................................................................................. :‬‬ ‫أوال‪ :‬ماهية‬
‫لغة‪11 .............................................................................................................................................. :‬‬ ‫الطقس‬
‫اصطالحا‪11 .................................................................................................................................... :‬‬ ‫الطقس‬
‫لغة‪11 .................................................................................................................................. :‬‬ ‫ثانيا‪ :‬األسطورة‬
‫اصطالحا‪11 ................................................................................................................................. :‬‬ ‫األسطورة‬
‫باالعتقاد ‪71 ......................................................................................‬‬ ‫املبحث الثالث ‪ :‬رمزية الطقوس وعالقتجا‬
‫الرمز‪71 ............................................................................................................................................... :‬‬ ‫أوال‪:‬‬
‫أمنوذجا)‪77 .................................................... :‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أنواع الرموز املقدسة ( الرمزية املائية وتقديس العيون املائية‬
‫املعتقد‪71 ............................................................................................................................................ :‬‬ ‫ثالثا‪:‬‬
‫االخرتاق‪71 ..................................................................................... .‬‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬االستشراق ونظرية مقدس‬
‫الفصل األول‪ :‬المعتقدات الشعبية والمقدس‪.‬‬
‫الطقوسية‪17 ............................................................................. :‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬املعتقدات الشعبية واملمارسات‬
‫اجلن‪11 .................................................................................................................... :‬‬ ‫أوال‪ :‬االعتقاد يف سلطة‬

‫‪288‬‬
‫فهرس الموضوعات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫واحلسد‪11 ................................................................................................................. .‬‬ ‫ثانيا‪ :‬االعتقاد يف العني‬


‫والفأل‪11 ................................................................................................................................... :‬‬ ‫ثالثا‪ :‬التطري‬
‫والشعوذة‪11 .............................................................................................................. :‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬السحر‬
‫السحر‪11 ..............................................................................................................................................‬‬ ‫أوال‪:‬‬
‫الشعوذة‪11 .......................................................................................................................................... .‬‬ ‫ثانيا‪:‬‬
‫والكرامة‪11 .................................................................................. .‬‬ ‫ثالثا‪ :‬التفريق بني السحر والطالسم واملعجزة‬
‫والسحر‪11 ................................................................................................................................. :‬‬ ‫‪ /1‬املعجزة‬
‫االستشراقية‪16 .............................................. .‬‬ ‫‪ /7‬السحر يف املغرب األوسط بني أحكام الشريعة ورأي املدرسة‬
‫والسحر‪11 ..................................................................................................................‬‬ ‫‪ /1‬التداخل بني الدين‬
‫والتنجيم‪61 ............................................................................................................................. .‬‬ ‫رابعا‪ :‬الكجانة‬
‫والعراكفة‪61 .................................................................................................................................. :‬‬ ‫‪ /1‬الكجانة‬
‫(التنجيم)‪67 .....................................................................................................................:‬‬ ‫‪ /7‬صناعة النجوم‬
‫بالسحر‪66 ................................................................................................................ :‬‬ ‫‪ /1‬وجه إحلاق التنجيم‬
‫واجملتمع‪61 ........................................................................ :‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬البدع واخلراكفات وتأثريها على الفرد‬
‫البدعة‪61 ................................................................................................................................. :‬‬ ‫أوال‪ :‬تعريف‬
‫البدع‪21 ............................................................................................................................... .‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مناذج من‬
‫التمائم‪21 .............................................................................................................................:‬‬ ‫‪ /1‬بدعة تعليق‬
‫التحية‪22 .......................................................................................................................................:‬‬ ‫‪ /7‬بدعة‬
‫األوسط‪21 .....................................................................................:‬‬ ‫‪ /1‬ظجور احلركات الدينية املتطركفة باملغرب‬
‫الرمل‪10 ..........................................................................................................................................:‬‬ ‫‪ /1‬علم‬
‫الكف‪17 ....................................................................................................................................... :‬‬ ‫‪ /1‬قراءة‬
‫الكتف‪11 .................................................................................................................................:‬‬ ‫‪ /6‬النظر يف‬
‫الفصل الثاني‪:‬المقدس المدفون وبركة الزيارة‪.‬‬
‫مقدس‪11 ........................................................................................................... .‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬الزاوية قطب‬
‫ونشأهتا‪11 ....................................................................................................................... .‬‬ ‫أوال‪ :‬تعريف الزاوية‬

‫‪289‬‬
‫فهرس الموضوعات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أنواعجا‪17 ........................................................................................................................................... :‬‬ ‫ثانيا‪:‬‬


‫املقدسة‪11 ................................................................................................................................. :‬‬ ‫ثالثا‪ :‬الزيارة‬
‫الزاوية‪107 ................................................................................................................................. :‬‬ ‫رابعا‪ :‬وظيفة‬
‫الشرف‪106 ................................................................................................................:‬‬ ‫خامسا‪ :‬الزاوية وظاهرة‬
‫واألولياء‪101 ................................................................................................................ :‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬الوالية‬
‫الوالية‪101 ........................................................................................................................................... :‬‬ ‫أوال‪:‬‬
‫الوالية‪110 ................................................................................................................................... :‬‬ ‫أ‪ /‬درجات‬
‫الوالية‪117 ................................................................................................................................... :‬‬ ‫ب‪ /‬أسس‬
‫الويل‪112 ............................................................................................................................................. :‬‬ ‫ثانيا‪:‬‬
‫الربكة‪111 ................................................................................................................................................ :‬‬ ‫أ‪/‬‬
‫الكرامة‪111 ........................................................................................................................................... :‬‬ ‫ب‪/‬‬
‫األولياء‪171 ................................................................................................................................ :‬‬ ‫ج‪ /‬تقديس‬
‫الكرامة‪176 .............................................................................................................................. :‬‬ ‫د‪ /‬مناذج عن‬
‫النساء‪110 ......................................................................................................... :‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬األولياء من‬
‫والدناسة‪110 .............................................................................................................. :‬‬ ‫أوال‪ :‬املرأة بني القداسة‬
‫والسرت‪111 ......................................................................................................................... :‬‬ ‫ثانيا‪ :‬اسم النساء‬
‫احملدق‪116 ................................................................................................................. :‬‬ ‫ثالثا‪ :‬املرأة ذلك اخلطر‬
‫وأنواعجا‪112 .................................................................................................... .‬‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬نشأة األضرحة‬
‫األضرحة‪112 ............................................................................................................................... .‬‬ ‫أوال‪ :‬نشأة‬
‫العتبة‪111 ............................................................................................................................................ :‬‬ ‫ثانيا‪:‬‬
‫الضريح‪110 ................................................................................................................................ :‬‬ ‫ثالثا‪ :‬مقدم‬
‫األوسط‪111 ................................................................. .‬‬ ‫رابعا‪ :‬الضريح وعالقته باجملال السوسيولوجي يف املغرب‬
‫األضرحة‪111 ............................................................................................... .‬‬ ‫خامسا‪ :‬موقف الفقجاء من زيارة‬
‫األضرحة‪111 ............................................................................................................... :‬‬ ‫سادسا‪ :‬أهداف زيارة‬

‫‪290‬‬
‫فهرس الموضوعات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفصل الثالث‪:‬انعقاد املوسم واملظاهر الطقوسية‬


‫األوسط‪111 ...................................................................................... .‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬احلقل الطقوسي باملغرب‬
‫رمضان‪111 ...................................................................................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬شجر‬
‫الفطر‪167 ..................................................................................................................... .‬‬ ‫ثانيا‪ :‬االحتفال بعيد‬
‫احلج‪161 .................................................................................................................................. .‬‬ ‫ثالثا‪ :‬موكب‬
‫وطقوسجا‪166 ....................................................................................................................... .‬‬ ‫رابعا‪ :‬األضحية‬
‫املتجدد‪161 ............................................................................................................. .‬‬ ‫خامسا‪ :‬عاشوراء والزمن‬
‫النبوي‪121 ...............................................................................................................................‬‬ ‫سادسا‪ :‬املولد‬
‫اجلمعة‪126 .................................................................................................................................. .‬‬ ‫سابعا‪ :‬يوم‬
‫وطقوسجا‪122 ........................................................................................................ .‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬دورة احلياة‬
‫الوالدة‪122 ............................................................................................................................................‬‬ ‫أوال‪:‬‬
‫العقيقة‪121 ......................................................................................................................................... .‬‬ ‫ثانيا‪:‬‬
‫الذكورة‪111 ................................................................................................................. .‬‬ ‫ثالثا‪ :‬اخلتان وإكتمال‬
‫الزواج‪111 ............................................................................................................................................‬‬ ‫رابعا‪:‬‬
‫الزراعية‪111 ........................................................................................... .‬‬ ‫خامسا‪ :‬االحتفال بيناير وبداية السنة‬
‫واملقدس‪110 ...................................................................................................................... .‬‬ ‫سادسا‪ :‬السلطان‬
‫اجلنازة‪111 ..................................................................................................... .‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬املوت وطقوس‬
‫األوسط‪111 ............................................................................................. .‬‬ ‫أوال‪ :‬أسباب كثرة املوتان يف املغرب‬
‫املوت‪116 ................................................................................................................................ .‬‬ ‫ثانيا‪ :‬طقوس‬
‫االحتضار‪112 ........................................................................................................................................ :‬‬ ‫‪/1‬‬
‫املوت‪112 .................................................................................................................... :‬‬ ‫‪ /7‬كرامة معركفة وقت‬
‫الوكفاة‪111 ............................................................................................................................ :‬‬ ‫‪ /1‬اإلعالن عن‬
‫امليت‪701 ................................................................................................................................... :‬‬ ‫‪ /1‬تغسيل‬
‫امليت‪707 .................................................................................................................................... :‬‬ ‫‪ /1‬تكفني‬
‫امليت‪701 ................................................................................................ .‬‬ ‫ثالثا‪ :‬املوكب اجلنائزي والصالة على‬

‫‪291‬‬
‫فهرس الموضوعات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫اجلنازة‪701 .............................................................................................................................. :‬‬ ‫‪ /1‬عادة دكفن‬


‫التعزية‪702 ............................................................................................................................................. :‬‬ ‫‪/7‬‬
‫احلداد‪701 ......................................................................................................................................:‬‬ ‫‪ /1‬هناية‬
‫الوصية‪701 ............................................................................................................................................ :‬‬ ‫‪/1‬‬
‫امليت‪701 ..............................................................................................................:‬‬ ‫‪ /1‬طقس السبوع وأربعينة‬
‫املوتى‪710 .............................................................................................................................. :‬‬ ‫‪ /6‬التكلم مع‬
‫األرامل‪711 ................................................................................................................. :‬‬ ‫‪ /2‬العدة طقس عبور‬
‫اخلامتة ‪711 .....................................................................................................................................................‬‬

‫املالحق ‪711 ..................................................................................................................................................‬‬

‫الفجارس ‪711 .................................................................................................................................................‬‬

‫واملراجع ‪711 .............................................................................................................................‬‬ ‫قائمة املصادر‬

‫‪292‬‬
:‫ملخص األطروحة‬
‫ تَـتَبَـ َعت الدراسة بداية ماهية املـ َق َدس وداللة‬،‫هذه الدراسة هي حبث يف التاريخ االجتماعي وتاريخ الذهنيات واألكفكار‬
‫ خاصة ما تعلق باالعتقاد يف سلطة‬،‫ ورصدت الدراسة أهم املعتقدات السائدة واليت مشلت حيزا واسعا ضمن ذهنية اجملتمع‬،‫املصطلح‬
‫ ومدى تغلغل ظاهريت السحر والشعوذة يف جمتمع املغرب‬،‫ وكذلك االعتقاد يف الفأل والطالع وغريها‬،‫ واإلصابة بالعني واحلسد‬،‫اجلن‬
،‫ وكانت عرضا ملختلف العوامل املتحكمة يف ترسيخ ظاهرة زيارة الزوايا واألضرحة وتقديس األولياء واليت انتشرت بشكل كبري‬،‫األوسط‬
‫ حيث رمست لنا يف‬،)‫ سواء يف جمال ال َفرح أو ال َقرح (احلزن‬،‫لقد كان جمتمع املغرب األوسط يويل اهتماما خاصا بطقوس العبور املقدسة‬
.‫جمملجا صورة مقربة عن الذهنيات السائدة يف جمتمع املغرب وكيف تعامل معجا الفقجاء املالكية‬
.‫ الضريح املوت – طقوس العبور‬- ‫ الزاوية‬- ‫ الويل‬-‫ التنجيم‬- ‫السحر‬- ‫ املدنس‬- ‫ املقدس‬:‫الكلمات المفتاحية‬
Abstract:
This study is a research in social history and the history of mentalities and ideas The study
traced the beginning of the essence of the sacred and the significance of the term, determined
the most important prevalent beliefs, which included a wide space within the mentality of the
community, especially with regard to the belief in the power of the jinn and the devil and the
envy, as well as the belief in foresights and omens, etc as well as the extent of the spread of
the phenomena of witchcraft and charlatanism in the society of the Middle Maghreb, beliefs
as much as it was a presentation of the various factors controlling the consolidation of the
phenomenon of visiting of Zawias and shrines and sacralization for saints, which has spread
widely.
The Middle Maghreb society was paying special attention to the sacred rites of passage,
whether in the field of joy or ulcers (sadness). in its entirety, reflects for us a close picture of
the prevailing mentalities in Maghreb society and how the Maliki jurists dealt with it.
Key words: the sacred- the légend- Magic- Zawias- the death- the rites of passage.

Résumé :
La présente étude est une recherche dans l'histoire sociale et l'histoire des mentalités et des
idées L'étude a suivi le début de l’essence du sacré et la signification du terme et a cherché sa
connotation dans l’écrit médiateur, l'étude a déterminé les plus importantes croyances
répandues qui ont inclus un large espace au sein de la mentalité de la société notamment en ce
qui concerne la croyance dans le pouvoir du Djinn et l'envie ainsi que les croyances dans le
présage, la voyance, etc. ainsi que l'ampleur de la propagation des phénomènes de la
sorcellerie et du charlatanisme dans la société du Maghreb moyen,
les plus importantes qu'un exposé des différents facteurs contrôlant la consolidation du
phénomène de la visite des Zaouia et des sanctuaires et la sacralisation des saints, qui s'est
largement répandu.
Par ailleurs, la société du Maghreb Moyen a donné une grande importance aux rituels sacrés
de passage dans le domaine du bonheur ou du deuil (la tristesse). dans leur ensemble une
image rapprochée des mentalités répandues dans la société du Maghreb et comment les
juristes Malikites y ont fait face.
Mots clés: le sacre- la légende- la Magie- Zaouia – la mort- rite de passage.

You might also like