You are on page 1of 15

‫األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ | 2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬

‫قوائم احملتويات متاحة على ‪ ASJP‬املنصة اجلزائرية للمجالت العلمية‬


‫األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‬
‫الصفحة الرئيسية للمجلة‪www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/552 :‬‬

‫التحوالت الوظيفية ملساجد الزوايا واألضرحة بني األمس واليوم‬


‫دراسة أنثروبولوجية بالزيبان وجنوب األوراس‬
‫‪Job shifts to the mosques of the zawiya and shrines between‬‬
‫‪yesterday and today‬‬
‫‪Anthropological study in Zyban and South Aures‬‬
‫‪* ،1‬‬
‫سليم درنوني‬
‫‪ 1‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ -‬الجزائر‪.‬‬
‫‪Key words:‬‬ ‫‪Abstract‬‬
‫‪The mosque‬‬
‫‪The central thesis that this research work seeks to defend, illuminate its marks and reveal its‬‬
‫‪the Zawiya‬‬ ‫‪manifestations, is to stand on the active functions of the mosques zawiyas and shrines, and‬‬
‫‪The shrine‬‬ ‫‪monitor their transformation and profound impact on social and cultural life, to emphasize that‬‬
‫‪these sacred spaces made our history, and tattooed in our memory, and ongoing In our lives, it has‬‬
‫‪the shift‬‬ ‫‪a luminous presence in our present, despite the material currents that surround us against spiritual‬‬
‫‪Function.‬‬ ‫‪phenomena, and thus the Holy Holy State is part of our being, as a token of our civilization and‬‬
‫‪existence.‬‬

‫ملخص‬ ‫معلومات املقال‬


‫تاريخ املقال‪:‬‬
‫األطروحة المركزية التي يسعى هذا العمل البحثي إلى الدفاع عنها‪ ،‬وإضاءة عالماتها‬ ‫اإلرسال ‪2019-12-03 :‬‬
‫والكشف عن تجلياتها‪ ،‬تتمثل في الوقوف على الوظائف الحيوية لمساجد الزوايا‬ ‫املراجعة ‪:‬‬
‫واألضرحة‪ ،‬ورصد تحوالتها وتأثيرها العميق في الحياة االجتماعية والثقافية‪،‬‬ ‫القبول ‪2020-01-16 :‬‬
‫للتأكيد على أن هذه الفضاءات المقدسة صنعت تاريخنا‪ ،‬وموشومة في ذاكرتنا‪،‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪:‬‬
‫ومستمرة في حياتنا‪ ،‬ولها حضور مشع في راهننا‪ ،‬رغم ما يحيط بنا من تيارات‬
‫المسجد‬
‫مادية مناوئة للظواهر الروحية‪ ،‬ومن ثم فإن المقدس الولوي جزء من كينونتنا‪،‬‬
‫الزاوية‬
‫وعربون حضارتنا ووجودنا‪.‬‬ ‫الضريح‬
‫التحول‬
‫الوظيفة‬

‫مظاهر قداسة هذه الفضاءات‪ ،‬ومألوا الفراغ الروحي والعلمي‬ ‫‪ -1‬مقدمة‬


‫يف املاضي‪ ،‬وال زالوا يشعون بكثري من اجلوانب الروحية‪ ،‬بل‬
‫عرفت منطقيت الزيبان واألوراس مجلة وافرة من املساجد وهناك حنني لكثري من مظاهر التدين الشعيب اليت كانت‬
‫األثرية والتارخيية اليت بنيت يف فضاءات الزوايا وبها أضرحة سائدة يف املاضي‪ ،‬األمر الذي وفر هلا الظروف املالئمة إلحيائها‬
‫الشيوخ واألولياء وأهل الصالح‪ ،‬الذين شكلوا جزءا هاما من وانبعاثها من جديد‪.‬‬
‫‪* Corresponding author at: University of Biskra - ALGERIA‬‬
‫‪Email : anthropders@gmail.com‬‬
‫‪199‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬

‫الشعبية عن الزوايا وما ارتبط بها من ممارسات‪ ،‬أم أن القوة‬ ‫وبالرغم مما كتب حول هذه الفضاءات املقدسة سواء من‬
‫الكامنة فيها واالجنذاب الرمزي والشعيب التلقائي للممارسات‬ ‫طرف اإلثنولوجيا الكلونيالية‪ ،‬أو من طرف الباحثني احملليني‬
‫الطقوسية السائدة يف أوساطها تعطيها قوة االستمرار‬ ‫زمن االستقالل‪ ،‬فإنها إىل أمس احلاجة إىل دراسة مونوغرافية‬
‫واالنتشار‪ ،‬وعودة الظهور واالنتعاش‪ ،‬وذلك حبسب الظروف‬ ‫تنكب على التعريف بها‪ ،‬واستجالء وظائفها‪ ،‬وحتليل أعماهلا‪،‬‬
‫والتحوالت اليت يشهدها اجملتمع بأسره؟ ما هي التحوالت‬ ‫ومقاربة حضورها يف الثقافة على سبيل التفاعل والتوظيف‪...‬‬
‫اليت طرأت على وظائف مساجد الزوايا على غرار وظائفها‬ ‫وهو ما حاولت هذه الدراسة القيام به يف ظل عمل جامعي ويف‬
‫التقليدية ووظائفها؟ أال تشكل مساجد الزوايا واألضرحة‬ ‫نطاق اشتغال أكادميي‪.‬‬
‫الفضاء اخلصب الذي ينمو فيه اإلرث الثقايف والديين حماوال‬ ‫لذلك فإن األطروحة املركزية اليت يسعى هذا العمل البحثي‬
‫التأقلم مع احلداثة وفق التقاليد اإلسالمية؟‬ ‫إىل الدفاع عنها‪ ،‬وإضاءة عالماتها والكشف عن جتلياتها‪ ،‬تتمثل‬
‫‪ .3‬مفاهيم الدراسة‬ ‫يف الوقوف على الوظائف احليوية ملساجد الزوايا واألضرحة‪،‬‬
‫‪ .1 .3‬املسجد‬ ‫ورصد حتوالتها وتأثريها العميق يف احلياة االجتماعية‬
‫والثقافية‪ ،‬للتأكيد على أن هذه الفضاءات املقدسة صنعت‬
‫َس ُج ُد سجوداً وضع جبهته‬ ‫"س َج َد ي ْ‬ ‫جاء يف لسان العرب‪َ :‬‬ ‫تارخينا‪ ،‬وموشومة يف ذاكرتنا‪ ،‬ومستمرة يف حياتنا‪ ،‬وهلا‬
‫الـمسجد الذي يسجد‬ ‫باألرض‪ ،‬وقوم ُس َّج ٌد سجود‪...‬واملَ ْس َج ُد‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫حضور مشع يف راهننا‪ ،‬رغم ما حييط بنا من تيارات مادية‬
‫والـخ ْم َر ُة الـمسجود علـيها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الس َّجا َد ُة‬
‫والـم ْس َج َد ُة ‪َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫فـيه‪،‬‬ ‫مناوئة للظواهر الروحية‪ ،‬ومن ثم فإن املقدس الولوي جزء‬
‫والـم ْس َج ُد بالفتـح جبهة الرجل حيث يصيبه َن َد ُب السجود‪.‬‬ ‫َ‬ ‫من كينونتنا‪ ،‬وعربون حضارتنا ووجودنا‪.‬‬
‫وقوله تعالـى‪:‬وأن الـمساجد لل؛ قـيل ‪ :‬هي مواضع السجود‬
‫اإلنسان الـجبهة واالنف والـيدان والركبتان والرجالن ‪.‬‬ ‫‪ .2‬إشكالية الدراسة‬
‫من ِ‬
‫وقال اللـيث فـي قوله عز وجلوأن الـمساجد لل  قال‪ :‬السجود‬ ‫البحث يف هذا اجملال ما هو إال قراءة لغوية وثقافية واجتماعية‬
‫مسجد‪ .‬وقال‪:‬‬
‫واألرض مساجد واحدها َ‬ ‫مواضعه من الـجسد َ‬ ‫لرتاث ديين ال زال له حضور ووجود يف أدبيات احلياة الدينية‬
‫فأما الـمسجد من‬ ‫الـمسجد اسم جامع حيث ُسجد علـيه وفـيه‪َ .‬‬ ‫للمجتمع املغاربي‪ ،‬وما الزخم الذي تشهده مساجد الزوايا‬
‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫األرض فموضع السجود نفسه"‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وزيارة األولياء واألضرحة مبنطقة الزيبان واألوراس يف‬
‫ما بني املسجد واجلامع من حيث االستعمال يف العرف واللغة‬ ‫السنني األخرية لدليل على إحيائها وانتعاشها من جديد‪ .‬وما‬
‫هناك ثالثة استعماالت‪:‬‬ ‫دفعنا هلذا املوضوع هو ذلك احلضور لألولياء واألضرحة بهذه‬
‫املنطقة اليت تقامسها املرابطني –األولياء‪ .‬فاملنطقة كما هي‬
‫األول‪ :‬االستعمال على سبيل الرتادف‪ ،‬كأن نطلق على املكان‬ ‫موزعة جغرافيا فهي موزعة أيضا عقائديا‪ .‬إذ ال يوجد دوار أو‬
‫اخلاص بالعبادة‪ ،‬تارة عنوان (املسجد)‪ ،‬وتارة عنوان (اجلامع)‪.‬‬ ‫وادي أو دشرة بدون حضور لزاوية أو لطريقة صوفية أو قبة‬
‫كما هو حاصل يف اجملتمعات اإلسالمية‪ ،‬ففي مناطق‬ ‫لضريح ولي كان ذات يوم هنا أو هناك‪...‬‬
‫كاخلليج واجلزيرة العربية يستعملون اسم املسجد‪ ،‬ويف‬
‫ومل تتوقف الزوايا واملساجد يف اجلزائر على غرار الدول مناطق بالد الشام والعراق ومشال إفريقيا يستعملون اسم‬
‫املغاربية عن احلضور الدائم واملستمر‪ ،‬وال ميكن جتاهل دورها‪ ،‬اجلامع‪.‬‬
‫غري أن هذا ال يكفي لتفسري الواقع السوسيو‪ -‬ديين يف اجلزائر‪،‬‬
‫وال ميكن أن نربط من جهة‪ :‬بني ما يسمى التدين الشعيب الثاني‪ :‬يقال املسجد اجلامع‪ ،‬مع األلف والالم يف لفظ املسجد‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والزوايا على أساس أنها متثل ذلك التدين‪ .‬ومن جهة أخرى واجلامع هنا نعت للمسجد ألنه عالمة لالجتماع‪.‬‬
‫بني ما يسمى بالتدين الرمسي واملساجد على أساس أن املسجد الثالث‪ :‬يقال مسجد اجلامع‪ ،‬من غري األلف والالم يف لفظ‬
‫املسجد‪ ،‬ويُراد من اجلامع هنا اإلضافة‪ ،‬كقولك‪ :‬احلق اليقني‬ ‫هو املؤسسة الرمسية الوحيدة اليت متثله‪.‬‬
‫الزاوية جزء من التدين الشعيب أو مظهر من مظاهره لكنها وحق اليقني‪ ،‬مبعنى مسجد اليوم اجلامع‪ ،‬وحق الشيء اليقني‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ليست التعبري الوحيد عنه؛ فما مييز الزوايا هي كونها جتمعات ألن إضافة الشيء إىل نفسه ال جتوز إال على هذا التقدير‪.‬‬
‫‪ .2 .3‬الزاوية‬ ‫حتيط نفسها بطقوس تنتمي إىل خليط من املعتقدات وتبين‬
‫اللفظ "زاوية" مشتق من الفعل انزوى‪ ،‬مبعنى اختذ ركنا من‬ ‫قوتها على الغموض والعالقات الوثيقة والتارخيية مع أركان‬
‫أركان املسجد لالعتكاف والتعّبد‪ .‬كما يطلق على الزوايا‬ ‫السلطة‪ .‬ويف غالب األحيان ال جند زاوية من الزوايا دون أن‬
‫لفظ‪ :‬اخلوانق‪ ،‬وهي مجع خانكاه‪ .‬كلمة فارس ّية تعين بيت‪،‬‬ ‫يالزمها ضريح أو مقام مؤسسها أو شيخ من شيوخها‪ ،‬كما‬
‫وأصلها خانقاه‪ ،‬وهي املوضع الذي يأكل فيه امللك‪.‬‬ ‫يؤسس فيها أو بالقرب منها مسجد أو جامع تؤدى فيه العبادات‬
‫وتقام فيه الشعائر واالحتفاالت‪...‬إخل‪ .‬هنا ينشأ التساؤل األول‬
‫ومسيت بذلك ألن الذي فكر يف بنائها أول مرة من املتصوفة‬ ‫إلشكالية الفضاءات املقدسة يف اجلزائر‪ :‬هل ختلت األوساط‬
‫‪200‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬

‫واملرابطني‪ ،‬اختاروا االنزواء مبكانها واالبتعاد حبثا عن اهلدوء إىل جنب ذلك بالوظائف اليت مارستها يف بداية نشأتها‪،‬‬
‫والسكون‪ ،‬ألنهما يساعدان على التأمل والرياضة الروحية‪ ،‬كمكان يستقبل عابري السبيل وطلبة العلم‪ .‬وتؤدي وظائف‬
‫ويناسبان جو الذكر والعبادة‪ )4(.‬وتعين عادة الركن من البيت‪ ،‬خمتلفة‪.‬‬
‫وتولدت هلا معاني كثرية مثل قوهلم انزوى الناس بعضهم ‪ .2 .3‬الضريح‬
‫(‪)5‬‬
‫لبعض أي تضامنوا وتآلفوا‪.‬‬
‫جاء يف لسان العرب‪ :‬الضريح شق يف وسط القرب‪ ،‬واللحد يف‬
‫ويقول الشيخ السنوسي‪« :‬إن كلمة الزاوية دال على معناها‪ ،‬اجلانب‪ ،‬وقال األزهري يف ترمجة حلد الضريح والضرحية ما‬
‫وهي من زوى‪ ،‬يزوي إذا مجع الشيء»‪ .‬وبالتالي فالزاوية كان يف وسطه يعين القرب‪ ،‬وقيل الضريح القرب كله‪ ،‬وقيل هو‬
‫جامعة‪ ،‬لكونها جتمع العباد على حب اهلل ورسوله‪ ،‬وذكره قرب بال حلد‪ ،‬والضرح حفرة الضريح للميت‪ ،‬وضرح الضريح‬
‫تعاىل‪ ،‬وكانت العرب تقول‪« :‬تزاوى القوم»‪ .‬أي تضامنوا‪ ،‬للميت يضرحه ضرحا‪ :‬حفر له ضرحيا؛ قال األزهري مسي‬
‫وحتلقوا يف بقعة لغرض ما من أغراض احلياة‪ .‬وكما هو ضرحيا ألنه يشق يف األرض شقا؛(‪ )11‬هذا املعنى اللغوي للكلمة‬
‫وجيتمعون ذاكرين اهلل أما املتعارف عليه فهو أوسع من القرب أو شق يف األرض‪ ،‬بل‬ ‫معروف أن أهل الزاوية يتحلقون‪،‬‬
‫(‪)6‬‬ ‫ّ‬
‫مشتق من الفعل انزوى‪.‬‬ ‫تعاىل‪ ،‬ومنه فاللفظ‬
‫يشمل القرب وكل املكان احمليط به‪ ،‬سواء أكان غرفة أو‬
‫لعل أقدم تعريف هلا هو ما ورد عن ابن مرزوق اخلطيب (ت بستانا‪ ،‬كما استعملت مصطلحات أخرى هلا نفس املدلول‬
‫‪781‬هـ = ‪1319‬م) يف كتابه «املسند الصحيح يف مآثر موالنا منها‪:‬‬
‫املواضع املعدة إلرفاق الواردين املشهد‪ :‬ويطلق على أضرحة الشهداء أو أهل البيت‪ ،‬املقام‪:‬‬ ‫أبي احلسن» يف قوله‪« :‬هي‬
‫وإطعام احملتاجني من القاصدين»‪ .‬ثم ذكر أن الزاوية هي املصطلح املتداول لدى الشيعة‪ ،‬الرتبة‪ :‬وهو املصطلح الذي‬
‫(‪)7‬‬

‫أستعمل يف العصر العثماني‪ ،‬إضافة إىل الروضة وهو مصطلح‬ ‫ما يعرف يف املشرق بالرباط‪.‬‬
‫مستنبط من احلديث النبوي الشريف الذي قال فيه الرسول‬ ‫على أننا يف دائرة املعارف اإلسالمية جند هلا تعريفا شامال‪:‬‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬إن القرب روضة من رياض اجلنة أو‬ ‫«يطلق هذا اللفظ يف مشال إفريقيا على جمموعة من األبنية‬
‫قطعة من اجلحيم " كما أطلق على املكان الذي اختاره ليدفن‬ ‫ذات طابع ديين‪ :‬غرفة للصالة‪ ،‬ضريح ألحد املرابطني أو ولي من‬
‫فيه مصطلح روضة وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ « :‬وضع منربي‬ ‫األشراف تعلوه قبة‪ ،‬غرفة قصرت على تالوة القرآن‪ ،‬مدرسة‬
‫على ترعة من ترعات اجلنة‪ ،‬ومابني بييت ومنربي روضة من‬ ‫لتحفيظ القرآن‪ ،‬غرفة خمصصة لضيوف الزاوية واحلجاج‬
‫رياض اجلنة»؛(‪ )12‬إن هذه املصطلحات ال تستعمل لعامة الناس‬ ‫واملسافرين‪ ،‬وغرف للطلبة‪ ،‬ويلحق بالزاوية عادة مقربة تشمل‬
‫بل فقط ألهل البيت أو الشهداء أو ولي صاحل أو إمام أو سلطان‬ ‫قبور أولئك الذين أوصوا يف حياتهم أن يدفنوا بها«‪.‬‬
‫أو أمري‪ ،‬أي الذين يكونون حمل زيارة من الناس‪ )13(،‬والضريح‬ ‫الزاوية بناية ذات طابع ديين يقيم فيها الشيخ الصويف ويقوم‬
‫غالبا ما يكون على شكل غرفة مربعة مغطاة بقبة‪ ،‬تبنى‬ ‫بتأدية الصالة والعبادة وتالوة األوراد‪ ،‬خيدمه متطوعون نذروا‬
‫من الطوب أو احلجارة مع استعمال الزخارف اجلصية على‬ ‫أنفسهم خلدمة الزاوية‪ ،‬وقد تطلق على مقر املرابط (الشيخ)‬
‫سطح القبة‪ ،‬ولقد استعملت القباب فوق األضرحة بعد فرتة‬ ‫يف حياته وبعد مماته‪ ،‬أم أن يكون قد أسسها بنفسه أو بنيت على‬
‫طويلة من ظهور اإلسالم لتعارض ذلك مع األحاديث النبوية‬ ‫(‪)8‬‬
‫ضرحيه من بعده من طرف األتباع‪.‬‬
‫الشريفة‪ ،‬فقد جاء عن جابر رضي اهلل عنه قال‪« :‬نهى رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن جيصص القرب وأن يعقد عليه وأن‬ ‫ويتناول إدوارد دونفو مصطلح الزاوية فيقول‪« :‬الزاوية هي‬
‫(‪)14‬‬
‫يبنى عليه»‪.‬‬ ‫عبارة عن مكان جتمع حوهلا بني عشرين وثالثني مسكنا‪...‬‬
‫وأحيانا تشمل مدينة بكاملها‪ ،‬وهي بناية مربعة الشكل تعلوها‬
‫‪ .4‬منهج الدراسة‬ ‫قبة تبنى تكرميا للمرابط»‪ )9(.‬وقد تكون مأوى للمتصوفني‬
‫حتتاج كل دراسة حقلية إىل املنهج أو املناهج املالئمة ملوضوعها‬ ‫والفقراء‪ )10(.‬ومن هذا املنطلق نرى أن الزوايا هي مراكز‬
‫والنتائج اليت تسعى إىل الكشف عنها‪ ،‬والنجاح يف اختيار املنهج‬ ‫ومقرات ملشايخ الطرق الصوفية‪ ،‬قد تكون تلقى فيه الدروس‬
‫املناسب هو جناح يف سلوك الطريق املناسب‪ .‬بناء على هذا ميكن‬ ‫للطلبة به مساكن خاصة هلم تتوفر فيه مجيع الظروف‬
‫لنا املواءمة بني العديد من االجتاهات املنهجية يف دراستنا هذه‬ ‫املادية والعلمية‪ ،‬وقد تكون ملجأ للطلبة أو العلماء املغرتبني‬
‫وذلك بالقدر الذي خيدم أهداف الدراسة والبحث‪ .‬وهي‪ :‬املنهج‬ ‫جيدون فيها املأوى جمانا وكذلك للفقراء وأبناء السبيل‪ ،‬وقد‬
‫التارخيي؛ حيث جند أن التغري الثقايف ال يتم إال من خالل إعادة‬ ‫تكون ضريح عامل أو رجل صاحل‪ ،‬ويف سائر احلاالت يوجد بها‬
‫بناء املاضي‪ ،‬وال نعين بذلك أي شيئ آخر غري تتبع املسارات‬ ‫مسجد للصالة والوعظ واإلرشاد واألذكار الصوفية‪.‬‬
‫واستقر مفهوم الزاوية فيما بعد على املكان الذي يلتقي فيه التارخيية لعنصر ثقايف معني( الزاوية واملسجد )‪ ،‬ويف منطقة‬
‫املتعبدون الراغبون يف احلياة مبعزل عن العامل‪ ،‬لكنها احتفظت حمددة (جمال إجراء الدراسة)‪ ،‬مبعنى أننا سنأخذ بالبعدين‬
‫الزمين واملكاني ملوضوع البحث والدراسة‪ ،‬فأهمية هذا املدخل‬
‫‪201‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬

‫معرفة كيف تعمل الشعائر والطقوس واألساطري الدينية‬ ‫تتمثل يف الرجوع إىل املاضي للتعرف على اخلصائص الثقافية‬
‫على متاسك اجملتمع واستمراره‪ ،‬وكيف تعطي للمشاعر‬ ‫املاضية ومقارنتها مبا هو قائم حاليا‪ ،‬أو رصد املتغريات احلالية‬
‫والعواطف فرصة التعبري اجلماعي دعما هلذا التماسك‪ .‬كما‬ ‫وحماولة التعرف على األوضاع السابقة اليت حتمل بذور هذه‬
‫ميكن لنا أيضا معرفة كيف تربط بعض النظم الثقافية‬ ‫املتغريات‪.‬‬
‫(االحتفاالت) بني اجلماعات البشرية يف جمال الدراسة يف‬ ‫إذا كنا قد أشرنا إىل أننا سنعود إىل اخلصائص الثقافية‬
‫حلقة من عمليات التبادل حتاط جبو شعائري وطقوسي‪.‬‬ ‫املاضية للظاهرة موضوع الدراسة ومقارنتها مبا هو قائم‬
‫كان لنظرية «تأويل الثقافات» اليت عرضها غريتز يف كتابه‬ ‫حاليا‪ ،‬فال يعين ذلك أننا سنعتمد يف دراستنا كلية على‬
‫وقع كبري يف عامل الفكر ويف حقل األنثروبولوجيا والدراسات‬ ‫الوثائق املكتوبة‪ ،‬ألننا جند أنفسنا حتما أمام ثقافة يف كثري‬
‫الرتاثية على وجه اخلصوص‪ .‬هذا املنهج اعتمده غريتز يف‬ ‫من جوانبها ثقافة شفوية‪ .‬هنا نأخذ بقول «كلود ليفي‬
‫امليداني يف إندونيسيا واملغرب يف‬
‫ّ‬ ‫مالحظاته ومراقباته يف عمله‬ ‫سرتوس»‪« :‬إن اإلثنولوجي يهتم اهتماما خاصا مبا هو غري‬
‫االجتماعي ‪ -‬سواء‬
‫ّ‬ ‫شكل أساس‪ .‬فالنظر يف األبعاد املم ّيزة للعمل‬ ‫مكتوب‪ ،‬ألن ما يهتم به خيتلف عن كل ما يفكر الناس عادة يف‬
‫كان ف ّناً أو ديناً أو عقيدة أو علماً أو قانوناً ‪ -‬يعين عدم إشاحة‬ ‫تثبيته على احلجر أو الورق»‪ )15(.‬لذلك كان لزاما علينا حسب‬
‫النظر عن اإلشكاالت الوجودية يف احلياة ملصلحة أشكال جامدة‬ ‫ما يقتضيه املنهج العلمي أن نركز اهتماماتنا وحبوثنا على‬
‫جلة هذه اإلشكاالت لتفسريها‬ ‫يف العلم‪ ،‬بل هي الغوص يف ّ‬ ‫احملتويات الثقافية واإلنسانية اليت حتافظ عليها الذاكرة‪،‬‬
‫األنثروبولوجي‬
‫ّ‬ ‫مهمة‬
‫وحتليلها من الداخل‪ .‬وبهذا تكون ّ‬ ‫إما الشخصية وإما اجلماعية‪.‬‬
‫التأويلي ليس تقديم إجاباته عن األسئلة العميقة يف الوجود‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يكاد يتفق علماء االجتماع أمثال «دوركايم» و«مارسال موس‬
‫‪ »Marcel Mauss‬وكبار األنثروبوجليني «إيفانز بريتشارد بل يف تقديم اإلجابات اليت قدّمها اآلخرون يف ثقافات أخرى‬
‫‪ »Edward Evan Evans-Pritchard‬على أن املقارنات اليت عن هذه األسئلة‪.‬‬
‫جترى يف نطاق ضيق أكثر جدوى من تلك اليت جترى يف ‪ .5‬الظروف التارخيية لتأسيس مساجد الزوايا واألضرحة‬
‫نطاق واسع‪ ،‬ومهما كانت االختالفات بني وجهات النظر بالزيبان واألوراس‬
‫بالنسبة الستخدام االجتاه املقارن يف األنثروبولوجيا فإنه ال توجد بني أيدينا مصادر أدبية أو أثرية حتدد لنا تاريخ‬
‫من املمكن القول بأنها تدور حول حماور ثالث هي‪ :‬أوال نوع تأسيسه‪ ،‬ولكن البكري قال‪...« :‬وقرب عقبة معروف مبدينة‬
‫الوحدات اليت جترى املقارنة بينها‪ ،‬وثانيا اهلدف من إجراء تهودا‪ )16(،»..‬وقال الورتالني‪« :‬ثم دخلنا لزيارته مع مجلة‬
‫هذه املقارنة‪ ،‬وثالثا الكيفية اليت تتم بها املقارنة‪ ،‬فمن الناحية وافرة من أصحابنا اصفرارا وقربه (أي عقبة) بالبسيط الذي‬
‫األوىل ميكن لنا إجراء املقارنة بني الزوايا واملساجد يف جمال حتت جبل أوراس الذي قتل به وهو مشهور يزار وعليه مسجد‬
‫(الزيبان واألوراس) من جهة ومقارنة عمارتها ووظيفتها يف عجيب وحوله قرية مجيلة يف وسط هذا البسيط ويف مسجده‬
‫مئذنة كبرية عظيمة متقنة البناء ويف أعالها عمود‪...‬‬ ‫املاضي واحلاضر من جهة أخرى‪.‬‬
‫ويف حجة سنة ‪ 96‬طلع إليها بعض أصحابنا كالقاضي‬ ‫وبالنسبة للهدف الثاني من املقارنة فنرى أنه ال ميكن لنا‬
‫سيدي أمحد بن إبراهيم املراكشي‪ ،‬والفقيه سيدي عبد اهلل‬ ‫التنقيب عن أي شيء آخر سوى توضيح التطور التارخيي‬
‫بن إبراهيم الساللي إمام مسجد طلحة وسيدي حممد ابن‬ ‫هلذا العنصر الثقايف وحماولة الكشف عن اجلوانب الفنية‬
‫العزيز السرموكي‪...‬وكذلك اإلمام شيخنا سيدي عبد اهلل‬ ‫وخلفياتها الثقافية لعمارة الزوايا واملساجد‪ ،‬ثم حماولة تتبع‬
‫العياشي‪ ...‬وغالب من دخل املسجد من احلجاج يكتب خطه‬ ‫التغريات اليت طرأت على الظاهرة موضوع الدراسة من الناحية‬
‫على أساطني املسجد وحيطانه ويكتب امسه‪ )17(.»...‬وهكذا‬ ‫الوظيفية‪.‬‬
‫اكتفى الرحالة واملؤرخون باإلشارة إليه دون البحث عن‬ ‫وبالنسبة ألسلوب املقارنة نالحظ أن كثريا من الدراسات‬
‫تاريخ تشييده‪)18(.‬وليس مسجد سيدي عقبة هو أقدم مسجد‬ ‫تقوم املقارنة فيها على أساس ذكر الشواهد اليت تؤيد القضايا‬
‫يف إفريقية كم ذكر لبون(‪)19(،)Le Bon‬بل هناك ما هو أقدم‬ ‫اليت يوردها الباحث يف معاجلته للموضوع‪ ،‬غري أننا نرى أنه‬
‫منه كجامع القريوان الذي بناه عقبة بن نافع بنفسه بعد‬ ‫من األجدى األخذ مبا يستلزمه نطاق البحث‪ ،‬فهو يستلزم منا‬
‫توليته على إفريقية سنة ‪ 50‬هـ‪670/‬م‪.‬‬ ‫املقارنة بني العنصر الثقايف الذي هو مدار البحث والدراسة يف‬
‫وحتى املصادر األثرية ال تعطينا فكرة واضحة عن تاريخ‬ ‫جمتمع الزيبان وجمتمع األوراس‪.‬‬
‫ويهتم املنهج الوظيفي يف األنثروبولوجيا بالتعرف على مدى تأسيس مسجد سيدي عقبة‪ ،‬حيث مل ينقش أي تاريخ على‬
‫التشابك والتفاعل القائم بني النظم اليت تؤلف حياة اجملتمع شاهد القرب املرصعة على جدار الضريح‪ ،‬واليت أوردها عدد‬
‫ككل ونصيب كل نظام منها يف احملافظة على متاسك ذلك من املؤرخني والباحثني يف مؤلفاتهم‪ )20(.‬ونوقشت هذه الكتابة‬
‫اجملتمع واستمرار وحدته وكيانه‪ .‬فهذا املنهج ميكننا من على احلجر حبروف كوفية‪ ،‬نصها‪« :‬هذا قرب عقبة بن نافع‬

‫‪202‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬

‫خدمات اجتماعية وثقافية‪ ،‬كالتوسط يف النزاعات وإقرار‬ ‫رمحه اهلل»‪.‬‬


‫أحكام الشريعة اإلسالمية والقيام بشؤون العبادات والتعليم‪،‬‬ ‫هكذا ويف خضم تضارب آراء وحتليالت املؤرخني‪ ،‬فإن املنطق‬
‫ويف مقابل ذلك كان هؤالء املرابطني حيرصون على تقديم‬ ‫العلمي واستقراء احلوادث التارخيية يفرض علينا أن نأخذ‬
‫خدمات لإلدارة الرتكية‪ ،‬مثل ما تقوم به زاوية بين عباس‬ ‫برأي حسني مؤنس الذي يقول عن مسجد سيدي عقبة ما‬
‫مبنعة اليت تقوم بتأمني الطريق عرب مضائق وادي عبدي حتى‬ ‫مضمونه‪« :‬ال نزاع يف أن هذا املسجد يعترب أقدم مساجد املغرب‬
‫تتمكن احلامية الرتكية يف بسكرة من جتديد أفرادها بعد‬ ‫بعد مسجد القريوان‪ ،‬فالراجح أنه نشأ أول األمر ضرحيا – أو‬
‫(‪)24‬‬
‫انتهاء مدة اخلدمة العسكرية‪.‬‬ ‫(‪)21‬‬
‫روضة – يف املوضع الذي استشهد فيه هذا الصحابي»‪.‬‬
‫بهذا تكون عوامل انتشار الطرق الصويف والزوايا يف منطقة‬ ‫هذا عن بعض النماذج األثرية بالزيبان‪ .‬أما املساجد األثرية‬
‫األوراس قد توفرت‪ ،‬خاصة يف القرن اخلامس عشر والسادس‬ ‫التابعة للزوايا واألضرحة املتواجدة باألوراس‪ ،‬فال تتوفر لدينا‬
‫عشر ميالدي‪ ،‬أين انتشرت الفوضى واالعتداءات يف منطقة‬ ‫معلومات تارخيية مضبوطة عن تاريخ بنائها او تأسيسها‪.‬‬
‫األوراس على املسافرين والقوافل التجارية وكذا احلجاج‪،‬‬ ‫فمثال زاوية سيدي عبد السالم حفيد القطب موالي سيدي‬
‫بسبب الفراغ اإلداري يف املغرب األوسط بعد االحتالل االسباني‬ ‫عبد السالم املشيشي‪ ،‬مل نعثر يف خمتلف مراكز على كتابات‬
‫لثغور مشال اجلزائري‪ .‬ووصلت الشكاوي إىل حكام األتراك‬ ‫تارخيية حوهلا سواء يف العهد الرتكي أو يف العهد االستعماري‬
‫ضد سكان األوراس خاصة قبيلة النمامشة‪ ،‬لذلك جلأ األتراك‬ ‫وال يف عهد االستقالل رغم السمعة اليت تتمتع بها يف األوراس‬
‫إىل البحث أساليب بسط السيطرة على املناطق الداخلية‬ ‫والزيبان‪ .‬هناك أمران ميكن لنا االستناد عليهما لتحديد ولو‬
‫خاصة منطقة األوراس‪ ،‬فأسسوا احلاميات العسكرية يف املدن‬ ‫بصورة تقريبية تاريخ بناء الزواية‪ .‬األمر األول هو ما وجدناه‬
‫القريبة من األوراس مثل تبسة وبسكرة‪ ،‬كما جلأ األتراك‬ ‫مكتوبا يف حمراب مسجد سيدي عبد السالم بدشرة تكوت‬
‫إىل تنصيب قبائل املخزن ملراقبة السكان مثل عشرية الزمول‬ ‫(تكوت القدمية)‪ ،‬حيث كتبت العبارة التالية‪ :‬على ميني‬
‫اليت تكلفت حبماية طريق بسكرة وعشرية لعشاش يف خنشلة‪،‬‬ ‫احملراب بسم اهلل الرمحن الرحيم وعلى يساره سيدي عبد‬
‫وعشرية بن داخية يف أوالد سلطان‪ ،‬وقاموا بتدعيم املشيخات‬ ‫السالم عام ‪1214‬هـ‪ .‬حوالي ‪ 1799‬ميالدي‪ .‬أما عن األمر‬
‫الوراثية املتعاملة مع البايلك مثل أوالد بوعزيز يف منطقة‬ ‫الثاني فيتمثل يف تاريخ ظهور الطرق الصويف يف اجلزائر‪ ،‬إذ‬
‫بلزمة‪ ،‬وأوالد عبدي يف منطقة منعة‪ ،‬وأوالد بوضياف يف‬ ‫بدأت تظهر منذ بداية القرن السادس عشر‪ ،‬وأخذت تنمو‬
‫األوراس وأوالد بلقاسم يف شيليا وابن قانة مبنطقة الزيبان‪.‬‬ ‫وتتسع حتى انتشرت على نطاق واسع يف النصف الثاني من‬
‫(‪ )25‬فهذا السند التارخيي يكشف لنا أن زاوية بين عباس مبنعة‬ ‫(‪)22‬‬
‫القرن الثامن عشر والربع األول من القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫تعترب أول زاوية قادرية تظهر باجلزائر حسب أكتاف ديبون‬
‫‪ OCTAVE DUPONT‬يف كتابه (الطرق الدينية يف اجلزائر)‪،‬‬ ‫لقد مت تأسيس زاوية مبنطقة تكوت كانت منارة علمية‬
‫فلعبد القادر اجليالني أخ يدعى إبراهيم هاجر إىل املغرب‪ ،‬وبعد‬ ‫مشعة اختذت منها الطريقة الشاذلية مقرا هلا تنظم به‬
‫ذلك اجته إىل األوراس لنشر تعاليم هذه الطريقة‪ ،‬قد يكون‬ ‫لقاءاتها وتستقطب أتباعها‪ ،‬والدال على ذلك تأسيس مسجد يف‬
‫هو الذي بنا هذه الزاوية أو أحفاده من بعده الذين أداموا نشر‬ ‫شكل جامعة يسمى «مسجد سيدي عمر بن عبد السالم» تعاقب‬
‫مذهبه وتعاليمه التطبيقية‪ )26(.‬كان انتقال هؤالء إىل املغرب‬ ‫على التدريس به جمموعة من املشايخ واألئمة‪.‬‬
‫أواخر القرن التاسع وبداية القرن العاشر للهجرة‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫كما تعد زاوية بين عباس مبدينة منعة من أوائل الزوايا اليت‬
‫انتقل بعضهم إىل الشرق اجلزائري ليستقروا باألوراس‪ ،‬منهم‬ ‫ظهرت باجلزائر أوائل العهد العثماني حسب بعض الروايات‬
‫الشيخ حممد بن إبراهيم بن موسى الذي أسس زاوية قادرية‬ ‫التارخيية‪ ،‬وذلك حني قدم الشيخ حممد بن سيدي ابراهيم‬
‫ببلدة منعة‪ )27(.‬كانت أسرة بين عباس هي املشرفة على هذه‬ ‫بن موسى من نواحي الساقية احلمراء‪ ،‬ليحط رحاله يف قرية‬
‫الزاوية وعلى الطريقة الصوفية‪ ،‬ونسب هذه األسرة ينتهي‬ ‫منعة باألوراس‪ .‬وتذكر نفس الروايات أن الشيخ حممد‬
‫إىل الشيخ إبراهيم حسب التسلسل التالي‪ :‬حممد الصغري بن‬ ‫بن موسى ينتسب إىل الشيخ عبد القادر اجليالني مؤسس‬
‫علي بن حممد بن بلعباس بن بوبكر بن حممد بن أمحد بن‬ ‫الطريقة القادرية املعروفة‪ .‬وتضيف بعض الروايات إىل أن‬
‫عمر ب بلقاسم بن عبد الرزاق بن علي بن عبد الرمحان بن‬ ‫سيدي إبراهيم صاحب الضريح املوجود عند مدخل مدينة‬
‫داوود بن إدريس بن ابراهيم بن عبد القادر اجليالني‪ )28(.‬وقد‬ ‫(‪)23‬‬
‫آريس يكون من أبناء الشيخ عبد القادر اجليالني‪.‬‬
‫اعترب "دوبون" هذه الزاوية تذكار حي للمرابطني ومعلم‬ ‫سعي األتراك بكل جهدهم للحصول على مباركة وتأييد‬
‫إسالمي للمغرب يف بالد الرببر‪ ،‬إذ بينت كيف كان إميان‬ ‫شيوخ الزوايا ومرابطي الطرق الصوفية‪ ،‬نظرا ملكانتهم‬
‫الصوفيني يف العامل اإلسالمي بواسطة هذه الطريقة‪ ،‬فهم‬ ‫ونفوذهم يف وسط السكان عن طريق منحهم االمتيازات‬
‫يغرسون يف طريقهم البذرة اليت ال متحى ملذهبه‪ )29(،‬أي مذهب‬ ‫واهلدايا واإلقطاعات هلؤالء ليكونوا واسطة بينهم وبني األهالي‬
‫عبد القادر اجليالني‪.‬‬ ‫الذين يكنون هلم االحرتام والتقدير ملا كانوا يقومون به من‬
‫‪203‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬

‫األم والزاوية الفرعية ولكن الشيء املالحظ هو أن الزاوية مهما‬ ‫‪ .6‬التحوالت الوظيفية ملساجد الزوايا واألضرحة يف الزيبان‬
‫كان حجمها أو مكانتها‪ ،‬ال تكاد ختلو من خزانة للكتب ‪،‬وهذا‬ ‫واألوراس‬
‫إن دل على شيء ‪ ،‬فإمنا يدل على ارتباط املمارسة الصوفية‬
‫بالعلوم الشرعية ارتباطا وثيقا‪ .‬فعندما زرنا زوايا الزيبان‬ ‫الزاوية مؤسسة دينية متارس فيها العبادات من صالة وتالوة‬
‫واألوراس وجدناها تزخر مبكتبات حتتوي رفوفها على كتب‬ ‫القرآن واألذكار ومن اعتكاف ومدارسة للعلوم‪ ،‬فهنالك تالزم‬
‫وخمطوطات نفيسة بقيت مطوية مليئة بالغبار يف بعض‬ ‫عميق وترابط وثيق بني الزاوية ووظيفتها الدينية والعلمية‪،‬‬
‫الزوايا بسبب اإلهمال‪ ،‬مثل ما وجدنا يف زاوية الشيخ صاحلي‬ ‫إذ تنطلق من تربية روحية ومعرفية يف آن واحد وتستهدف‬
‫بآريس‪ ،‬وبالعض اآلخر قام القيمون على املساجد برتتيبها‬ ‫يف املريد أن يقوي إميانه باهلل تعاىل ويتعلم شرع اهلل‪ ،‬فالزاوية‬
‫وتنظيمها ووضعها يف متناول الباحثني والطلبة مثل ما جند‬ ‫مل تفصل بني رسالتها الدينية ومهمتها العلمية‪ ،‬بل جعلت‬
‫يف زاوية طولقة والزاوية القادرية ببسكرة‪.‬‬ ‫من املهتمني معا صورة واحدة لإلسالم الصحيح الذي ال يقبل‬
‫التجزئة أو الفصل بني اإلميان والعلم والعمل‪.‬‬
‫حاليا أصبحت املساجد هي اليت تقوم بتثقيف اجملتمعات‬
‫احمللية‪ ،‬من خالل دروس املناسبات الدينية وخطبيت صالة‬ ‫لقد أدت التحوالت االجتماعية واالقتصادية وحتى السياسية‬
‫اجلمعة‪ .‬لكن التأليف والكتابة اليت كانت سائدة يف فضاءات‬ ‫إىل أفول جنم بعض الزوايا أو احنصار دورها مثل ما جند يف‬
‫الزوايا‪ ،‬مل تعد موجودة على اإلطالق‪ ،‬اللهم ما تقوم به الزاوية‬ ‫األوراس على وجه اخلصوص ويف الزاب الشرقي بدرجة أقل‪،‬‬
‫القامسية باهلامل ناحية بوسعادة‪ ،‬حيث أخذت على عاتقها‬ ‫حيث مل يعد لبعض الزوايا دور تقوم به‪ ،‬أو وظيفة من الوظائف‬
‫مهمة طبع املخطوطات اليت تزخر بها مكتباتها ووضعت هلذه‬ ‫اليت كانت تؤديها يف املاضي القريب‪ .‬وقد وجدنا من خالل‬
‫املخطوطات فهرسا خاصا‪ )32(،‬فدورها ال يتعدى اجلمع والطبع‪.‬‬ ‫املعاينة امليدانية أن املساجد التابعة هلا أو املتواجدة يف فضائها‬
‫هي اليت تؤدي أدوار الزوايا اليت أصبحت من التاريخ وتقوم‬
‫كان املسجد وال يزال يقوم بوظائف سامية يف اجملتمع‬ ‫بوظائفها‪.‬من بني هذه األدوار والوظائف اليت تقوم بها حتفيظ‬
‫اجلزائري خاصة ويف العامل اإلسالمي عامة‪ ،‬وهاته الوظائف‬ ‫القرآن الكريم ملن يرتاد هذه املساجد من أطفال ومريدين‬
‫مل تقتصر على اجملال التعبدي فقط‪ ،‬بل تعدى ذلك إىل القيام‬ ‫وطلبة‪ ،‬إذا كان األطفال يبدؤون يف سن مبكر حبفظ احلروف‬
‫بالوظائف االجتماعية اليت اشتهرت الزوايا بها يف املاضي يف‬ ‫اهلجائية حيفظون فاحتة الكتاب فسورة الناس‪ ،‬فسورة الفلق‪،‬‬
‫البالد املغاربية عموما وجمال الدراسة خصوصا‪ ،‬بإسهامها‬ ‫وال يزالون يوالون حفظ سور القرآن الكريم‪.‬كما متثلت عناية‬
‫الكبري يف التكافل االجتماعي مبختلف أنواعه ونورد هنا بعض‬ ‫املدارس القرآنية املتواجدة بهذه املساجد بالقرآن الكريم يف‬
‫مظاهره كاملساعدة على اإليواء وإطعام الطعام ويف هذا الصدد‬ ‫دراسة القراءات القرآنية وتعليم الرسم القرآني‪،‬وهكذا حيفظ‬
‫يقول الدكتور عبد اللطيف الشاذلي موضحا دور الزاوية يف‬ ‫املريد والطالب القرآن كتابة‪ ،‬رمسا وضبطا وحيفظ القراءات‬
‫هذا اجملال ‪«:‬متثل عمليات اإليواء واإلطعام عنصرا أساسيا يف‬ ‫وقواعد التجويد‪ ،‬ثم يشرع يف دراسة تفسري معاني القرآن‬
‫اجلهاز الصويف وخنرج من قراءة نص التشوف بانطباع واضح‬ ‫الكريم‪ ،‬مستعينا يف ذلك مبا حيفظه من متون كاألجرومية‬
‫قوامه أن حركة الصلحاء بشكل كبري وبأعداد كثرية‬ ‫واأللفية‪،‬كما يدرس أسباب النزول والناسخ واملنسوخ وغريها‬
‫ومظاهر تلك احلركة متنوعة كانتقال القروي إىل املدينة‬ ‫من علوم القرآن‪ .‬ومن الزوايا اليت ال زالت تقوم بهذا الدور على‬
‫أو انتقال احلضري من مدينة إىل مدينة فلو مل يكن األمن فيه‬ ‫أحسن وجه زاوية علي بن عمر بطولقة(‪ )30‬اليت تعد ركنا قويا‬
‫قائما وال االستقرار دائما ما كانت لتتم البنية االستقبالية‬ ‫(‪)31‬‬
‫يف نشر العلم‪.‬‬
‫اليت تهيء نظام اإليواء واإلطعام املرتبط جبهاز التصوف وهو‬
‫نظام تطوعي تكافلي مبين على التعامل باملثل بكيفية توفر لكل‬ ‫كانت بعض املساجد كمسجد سيدي عقبة تقوم بتدريس‬
‫مسافر من الصوفية إمكانية االستفادة من بنية استقبال يف‬ ‫الفقه املالكي ويتم التدرج باملريد والطالب يف دراسة املسائل‬
‫أي مكان ذهب إليه»‪ )33(.‬هاته الوظائف أصبحت بعض املساجد‬ ‫الفقهية من خالل املوطأ وشروحه والبيان والتحصيل‬
‫هي اليت تقوم بها عن طريق تقسيم بعض الصدقات على‬ ‫واملقدمات وغريها من األمهات‪ ،‬ويف الوقت احلاضر بين معهد‬
‫مستحقيها يف بعض املناسبات كاألعياد‪ ،‬حيث يتم توزيع بعض‬ ‫جبانب املسجد يقوم بكل هذه الوظائفاليت كان املسجد العتيق‬
‫املواد الغذائية على املعوزين عن طريق إمام املسجد أو القييمني‬ ‫يقوم بها‪ ،‬كما يتوىل وظيفة تكوين األئمة واخلطباء باملنطقة‬
‫عليه‪ ،‬وقد تكون هذه الصدقات أموال يتصدق بها األغنياء يف‬ ‫واملناطق اجملاورة كاألوراس والزيبان‪.‬‬
‫مناسبات أخرى مثل الدخول املدرسي حيث يتم تقسيمها‬ ‫قامت زوايا الزيبان واألوراس بدور مهم يف اجملال الثقايف‪ ،‬ولعل‬
‫على مستحقيها‪ ،‬أو القيام بشراء األدوات املدرسية الالزمة‬ ‫من أبرز الشواهد على هذا املستوى ما خلفته هذه الزوايا يف‬
‫والضرورية وإرساهلا يف حمافظ إىل من يتم حتديدهم عن‬ ‫خمتلف العصور من مكتبات زاخرة برتاث نفيس نادرا ال جند‬
‫(‪)34‬‬
‫طريق اللجنة الدينية للمسجد‪.‬‬ ‫مثيله يف املكتبات العاملية‪ .‬ثم إن حجم هذه املكتبات وقيمة‬
‫حمتوياتها ختتلف من زاوية إىل أخرى‪ ،‬وتتفاوت بني الزاوية‬
‫‪204‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬

‫يف كتابه (مؤسسة الزوايا باملغرب) عندما تتجسد يف شخص‬ ‫شكل ‪1‬‬
‫"الشريف احمللي" هي قوة روحية خارقة‪ ،‬ختوله القدرة على‬
‫(‪)37‬‬
‫عنوان الشكل‪ :‬وظائف الزاوية يف املاضي أصبح املسجد يقوم تغيري الكائنات واألشياء وحتقيق املعجزات‪.‬‬
‫جبزء منها‬
‫يقول األستاذ حممد املازوني يف مقال له نشر على موقع‬
‫األستاذ حممد عابد اجلابري متحدثا فيه عن وظائف الزوايا‬
‫يف املغرب‪« :‬تقوم وظيفة التحكيم على مبدأ املساملة‪ ،‬الذي ميز‬
‫نشاط الولي وقناعة املتنازعني يف االعرتاف له بهذه الصفة‪.‬‬
‫وهي الصفة اليت منحته قدرا كبريا من اجلرأة اليت رأى‬
‫فيها الكثري نوعا من املكاشفة يف أمور الدنيا‪ ،‬وهو ما يزكي يف‬
‫الغالب رأيه وجيعل كل األطراف تقبل وترضى بأحكامه‪ .‬وهي‬
‫يف منظورأصحابها كرامات ظاهرة تسهل حل ما استعصى‬
‫حله بطرق سلمية وحبكمة ربانية‪ ،‬وهو ما ميثل عنوان بركة‬
‫(‪)38‬‬
‫الولي اخلفية ومفتاح توفيقه»‪.‬‬
‫من أهم الوظائف اليت يقوم بها أئمة املساجد املتواجدة يف هذه‬
‫الفضاءات‪ :‬الصلح والتحكيم والوساطة‪ ،‬فهم يقومون بدور‬
‫التحكيم للفصل يف بعض املشاكل واخلالفات بني األفراد وبني‬
‫اجلماعات احمليطة باملناطق املتواجدين بها أو يأتون إليهم من‬
‫مناطق أخرى‪ ،‬نظرا ملا يرمز إليه الولي الصاحل أو اإلمام الذي‬
‫يطلق عليه يف الثقافة الشعبية اسم (الشيخ)(‪)39‬من جتسيد‬ ‫املصدر‪ :‬حممد ضريف‪ ،‬مؤسسة الزوايا‪ ،‬اجمللة املغربية لعلم اإلجتماع‬
‫للحقيقة واحلق والعدالة الدنيوية واألخروية‪ .‬ويتدرج عمل‬ ‫السياسي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬فاس‪ -‬املغرب‪ ،‬سنة ‪.1992‬‬
‫الولي و اإلمام الشيخ يف هذا اجملال من التوسط لتحقيق الصلح‬
‫بني األفراد إىل دور التوسط بني القبائل حلل مشاكلهم مع‬ ‫‪ 2-6‬وظيفة الصلح والتحكيم والوساطة يف مساجد الزوايا‬
‫(‪)40‬‬
‫ينتمي أئمة وخطباء مساجد الزوايا واألضرحة أو القيمون بعضهم البعض أو بني بعضهم مع ممثلي السلطة‪.‬‬
‫عليها إىل األسر اليت هلا انتماء إىل هذا الولي أو ذاك‪ ،‬كما مل ينحصر الدور التحكيمي هلؤالء يف قضايا األرض والعرض‬
‫حتتفظ الكثري من هذه األسر بشجرة نسبها اليت جتعل منها والشرف والقتل والديات‪ ،‬بل مشل كذلك أمور العلم والفقه‬
‫أسرة شريفة أو أسرة مرابطية‪ .‬ومن الوظائف األساسية اليت وأحيانا العلوم الشرعية‪ ،‬على قلة علم الكثري منهم ذلك أن‬
‫اضطلع بها هؤالء األئمة سواء يف املاضي القريب وظيفة مستواهم التعليمي متواضع‪ .‬ومل يكن هذا األمر سبيال للطعن‬
‫التحكيم الوظيفة اليت كان يقوم بها األولياء يف فضاء يف دورهم الذي ال يستهان به‪ ،‬فالكثري منهم يتميز بغزارة‬
‫الزاوية‪ ،‬واليت مل تكن أقل أهمية من باقي الوظائف السالفة‪ ،‬العلم واإلحاطة بعلوم الدين إحاطة تامة ووافية‪ ،‬نذكر على‬
‫(‪)41‬‬
‫بل لعل أكثرها حساسية وأفيدها لسلطة الزاوية‪ .‬فقد مكنت سبيل املثال ال على سبيل احلصر الشيخ عبدالقادر عثماني‬
‫مسات الولي الصاحل واإلمام الذي ينحدر من أسرة شريفة شيخ الزاوية العثمانية بطولقة‪ ،‬املرحوم الشيخ عبد اجمليد بن‬
‫أو مرابطية‪ ،‬كما مكنهما وضعهما االعتباري من جعلهما حبه (‪)42‬ببلدة سيدي عقبة بالزيبان‪ ،‬واملرحوم رمحاني الصادق‬
‫وسطاء مقبولني وحكاما ترتضي لوساطتهم كل األطراف‪ ،‬بل ببلدة تكوت‪ ،‬واإلمام اجلليل الشيخ حممد عالوي ببلدة‬
‫كان عامل وفاق وفصل يف كل ما كان ينشأ من نزاعات أو إينوغيسن باألوراس‪ .‬هؤالء كلهم هلم باع طويل يف والوساطة‬
‫خالفات قبلية حول املمتلكات و املراعي يف املاضي أو خالفات والتحكيم والصلح بني الناس‪ ،‬األمر الذي جعل الناس يتعلقون‬
‫سياسية وتقسيم املواريث حاليا‪ ،‬أضف إىل ذلك الكثري من بهم وحينون إليهم‪.‬‬
‫اخلالفات االجتماعية اليت لعب هؤالء دورا كبريا يف فضها‬
‫بالرجوع إىل دراسات االنرتوبولوجيني نالحظ أن وظيفة‬
‫وفق ما يستلزمه الشرع‪« .‬يتميز الشريف احمللي بكونه شخصا‬
‫التحكيم كانت إحدى القضايا اليت استوقفت نظرهم يف‬
‫مساملا يف مجيع األحوال والظروف‪ ،‬فهو بقدر ما يتجنب العنف‪،‬‬
‫وظائف الولي الصاحل واألئمة الذين يشتغلون يف هذه الفضاءات‬
‫بقدر ما يزداد احرتام الناس له‪ ،‬فهو ال ميتلك سلطة مسلحة‪،‬‬
‫الدينية‪ ،‬مما جعلهم يعملون على تشخيصها وضبط آلياتها إىل‬
‫وتأثريه ناتج عن نفوذه الروحي»‪ .‬هذا الطابع السلمي هو حد اعتبارها الوظيفة األكثر فاعلية يف أدوار الزاوية‪ ،‬باعتبار‬
‫(‪)35‬‬

‫الذي خيول الشريف احمللي القدرة على القيام بدور الوساطة‬


‫(‪)43‬‬
‫أثرها السياسي واملكاسب املرتتبة عليه لفائدة الزاوية‪.‬‬
‫والتحكيم‪ ،‬وجناحه يف القيام بالوساطة ما هو إال دليل على‬
‫«الربكة»‪ )36(.‬فالربكة على حد قول األستاذ حممد ضريف إن حتكيم املرابط والولي الصاحل يف السابق‪ ،‬وبعض الشرفاء‬
‫واألئمة النزهاء املشهود هلم بالعلم واملعرفة‪ ،‬يعترب شيئا‬
‫‪205‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬

‫زاوية من الزوايا بها مسجد يصلي فيه الطلبة الذين يزاولون‬ ‫مألوفا يف اجملتمع احمللي القائم على قاعدة التمايز القبلي‬
‫دراستهم بها‪ ،‬أو مساجد األضرحة وهي كثرية‪ ،‬إذ أنك ال جتد‬ ‫بسبب مكانة املرابط والشريف والولي سابقا‪ ،‬ومكانة الشيخ أو‬
‫بالتقريب قرية أو مدشرا ال يتواجد بها مقام أو ضريح ولي من‬ ‫اإلمام أو بعض األعيان املتشبعون بالثقافة الدينية ضمن اهلرم‬
‫األولياء أو فاتح من الفاحتني مثل ما جند يف بلدة سيدي عقبة‬ ‫االجتماعي العام‪ ،‬وعدم ارتباط املرابط والولي الصاحل ذوي‬
‫بالزاب الشرقي‪.‬‬ ‫النسب الشريف يف املاضي‪ ،‬ونزاهة الذين تولوا مهمة التحكيم‬
‫والصلح والوساطة حاليا أو باألمس القريب جمموعة قبلية لقد تبني لنا من خالل الدراسة احلقلية‪ ،‬ومن خالل استقراء‬
‫بعينها‪ ،‬كما أن دور كل هؤالء كان مرغوبا فيه وإىل اليوم الروايات اليت احتفظت بها الذاكرة اجلماعية للجماعات‬
‫احمللية أن جمال املساجد اليت تتواجد يف فضاء الزوايا أو اليت‬ ‫من طرف كل مكونات هذا اجملتمع‪.‬‬
‫بالرجوع دائما لـ‪( :‬النظرية االنقسامية)(‪)44‬كما يرى الكثري من بنيت على قبور األولياء‪ ،‬ظل جماال حرما ومالذا لكل معتصم‬
‫الباحثني الذين تناول املكونات الدينية جملتمعات املغرب العربي‪ ،‬مهما كانت دواعي التجائه أو اعتصامه حتى وإن كان جانيا أو‬
‫خاصة الباحثني احملليني مثل الباحث املغربي حممد املازوني‪ :‬جمنيا عليه‪ .‬كما آوت الزاوية حبرمها أمن الناس "جتاه كل‬
‫«نستشف البعد النمطي يف النظر للدور التحكيمي لألولياء‪ ،‬صروف اخلطر أو اخلوف أو اجلور‪ ،‬مهما كانت مصادرها‪:‬‬
‫ذلك أن توازن العنف وما تفرضه وظيفة التحكيم اليت يقوم جتاه الطبيعة واجلارح من احليوان أو البشر‪ .‬لكن أكثر أنواع‬
‫بها الصلحاء من االعتدال‪ ،‬هما العامالن الضامنان للنظام داخل احلماية وأشدها أثرا يف الناس هي تلك اليت تضع بني الفرد‬
‫(‪)49‬‬
‫اجملتمع االنقسامي ولقدر من األمن واالستقرار مما جيعل من وبني السلطة حجابا"‪.‬‬
‫هذه الوظيفة مكونا ضروريا يف جمتمع تنعدم فيه الرتاتبية واجملال املقدس أو احلرم يف عرف الزوايا ال يقتصر على ضريح‬
‫وتقسيم العمل‪ .‬كما أن نظام هذا اجملتمع الرئاسي ظل الولي‪ ،‬بل مشل كل حدود الزاوية وأحيانا جماالت نفوذها‬
‫االنقسامية ونفوذ الصلحاء وممتلكاتها يف املاضي‪ ،‬أما يف احلاضر فيشمل كل األوقاف‬ ‫ضعيفا‪ ،‬وبالتالي تعمل هذه البنية‬
‫التابعة للمساجد املتواجدة فيها أو يف حميطها إذا كانت هذه‬
‫(‪)45‬‬
‫على احلد من سلطة رئيس القبيلة»‪.‬‬
‫األوقاف أمالك عقارية كاألراضي الفالحية وبعض احملالت‬ ‫إن وجود الولي الصاحل والعامل الفقيه واإلمام التقي يف منأى‬
‫خاصة املساجد املتواجدة يف احلواضر‪ .‬إذا كان نظر شيوخ‬ ‫عن النزاعات االنقسامية جيعلهم ضامنني الستمرارية‬
‫الزوايا ملسألة احلرم يعترب من مكوناتها املقدسة‪ ،‬واليت ال جيب‬ ‫جمتمع مهدد باالنفجار من جراء تلك النزاعات‪ ،‬كما ميثل‬
‫خرقها‪ ،‬فإن للدولة يف احلاضر مربراتهما لفحص هذه النظرة‬ ‫هؤالء صلة وصل بني القبائل واجلماعة اإلسالمية‪ .‬ووفق‬
‫وأحيانا لتصحيح مدلوالتها الشرعية والسياسية كذلك‪.‬‬ ‫نفس النظرة‪ ،‬فإن األولياء هم الذين يضمنون االستقرار داخل‬
‫وعلى اعتبار أن اجملتمعات املغاربية ختضع لنفس املؤثرات‬ ‫بنية غري مستقرة وميتصون خمزون الالمساواة الكامن لدى‬
‫الثقافية‪ ،‬وتشكل ظاهرة انتشار الزوايا والطرق الصوفية‬ ‫فئات العوام‪.‬‬
‫وأضرحة األولياء الظاهرة اليت متيز هذه اجملتمعات عن غريها‬ ‫ارتبطت وظيفة التحكيم يف بعض صورها بقاعدة حرم الزاوية‪،‬‬
‫من جمتمعات العامل اإلسالمي‪ ،‬يورد لنا األستاذ أمحد التوفيق‬ ‫حيث كانت الزوايا يف الكثري من منطقة الدراسة خاصة‬
‫يف مساهمته عن دراسة اجملتمع املغربي مثاال عن رؤية املخزن‬ ‫(‪)47‬‬
‫األوراس متثل مراكز آمنة لتشييد املخازن اجلماعية‬
‫حلرم الزاوية أو جماهلا املقدس‪ .‬فهو يقول يف الصدد‪« :‬فاملوىل‬
‫وعقد األسواق األسبوعية(‪ )47‬ومرور املسالك التجارية‪ )48(،‬وهي‬
‫سليمان‪ ،‬ويف رسالة إىل سيدي علي بن أمحد احلسين الوزاني‪،‬‬
‫الوضعية اليت أهلتها لتبوء مركز وسط بني القبائل وامتالك‬
‫نبه إىل أن املغزى من حرم الزاوية واملقصد منه"(…) أني إمنا‬
‫سلطة معنوية لفض النزاعات احمللية أو ذات الطبيعة‬
‫أردت ملن يكون بزاوية وزان واقف مع الشرع املطاع‪ ،‬ويكون‬
‫التجارية‪ .‬كما كانت تسهر على ضمان حركة التنقل بني‬
‫كالشهاب حيميها من الشياطني (…) ال فارا خبربة أو حمدثا‬
‫جماالت الرحل واملستقرين‪ ،‬وكثريا ما اختذت بعض مواقعها‬
‫يأوي لتلك البقعة الطاهرة (…) وحقيقة الزاوية أن يلجأ إليها‬
‫نقاط متاس جغرايف بني الكتل القبلية‪ .‬وقد جلبت هذه األدوار‬
‫كل هارب إىل اهلل من ظامل‪ ،‬وليست مهربا للظاملني"‪ .‬ومثل هذا‬
‫للزاوية مسعة واحرتاما‪ ،‬وباعتبارها من األدوار اليت كانت‬
‫التنبيه غالبا ما كان مسوغا شرعيا لدحض حرم بعض الزوايا‪،‬‬
‫تدخل يف إطار التوازن العام للمجتمع‪ ،‬فقد متت مكافأتها على‬
‫ويف مناسبات كثرية اخرتقت السلطة هذا احلرم‪ ،‬خصوصا يف‬
‫ذلك لكونها مل تكن متارس مهمة التحكيم والوساطة باجملان‪.‬‬
‫(‪)50‬‬
‫حاالت املنازعات‪.»...‬‬
‫‪ .3.6‬اجملال املقدس لرمزية مساجد الزوايا واألضرحة‬
‫رغم ذلك ظلت الزاوية حتتفظ لنفسها بهذا احلق املكتسب‬
‫حتى بني األمراء املتنازعني‪ ،‬حيث آوت الكثري من أدعياء العرش‬ ‫أدت وظيفة التحكيم والصلح والوساطة اليت يقوم بها‬
‫أو الثائرين من األمراء‪ .‬واستثمرت على طول الوقت محايتها‬ ‫األولياء الصاحلني وبعض الشيوخ واألئمة الذين ذاع صيتهم‬
‫لتقوية نفوذها بالتشديد يف احلرص على جعل احلرم من‬ ‫وتألأل جنمهم يف الزيبان واألوراس إىل تشكل سلطة رمزية‬
‫مهامها األساسية‪ .‬وبفعل هذا احلرص رأى بعض املؤرخني‬ ‫عرب الزمن‪ ،‬وباملوازاة مع ذلك تشكل ما يسمى حبرم أو اجملال‬
‫املقدس للفضاء الذي يتواجد فيه املسجد‪ .‬قد يكون هذا الفضاء‬
‫‪206‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬
‫هَّ‬
‫اليت يقول فيها اهلل تعاىل‪  :‬أال ِإ َّن أَ ْولِ َيا َء ِ‬
‫الل ال َخ ْو ٌف َعلَيْ ِه ْم َوال‬ ‫أن مسألة حرم الزاوية شكلت واحدة من أهم وظائف اجلهاز‬
‫ُه ْم حَيْ َزنُونَ(‪ )55‬ويدللون بالتفسريات اليت ِتؤكد على أن زيارة‬
‫الصويف وأكثرها خطرا‪ ،‬بل تبقى يف نظرهم رمزا ملمارسة‬
‫قبور وأضرحة األولياء والشهداء والعلماء وقبور سائر املؤمنني‬ ‫الزاوية لسلطة تنظيمية واضحة‪ ،‬خصوصا وأن هذه املمارسة‬
‫مأذون فيها ومرخص بها ومدعو إليها لكل من شاء من عباد‬ ‫استوجبت حبسب دور احلماية تنظيما حمكما‪ ،‬عربت عنه‬
‫اهلل لدخوهلا مجيعا يف عموم األمر النبوي الشريف‪« :‬نهيتكم عن‬ ‫التشريعات الرمسية نفسها‪ ،‬اليت ألزمت بتمكني الزاوية من‬
‫(‪)56‬‬ ‫تلك الوظيفة على األقل لكونها كانت ختدم دور السلطة يف‬
‫زيارة القبور أال فزوروها فإنها تذكر اآلخرة»‪.‬‬
‫الكثري من املنازعات عرب توفري ظهائر التوفري واالحرتام‪ ،‬وما‬
‫كان يرتتب على اكتسابها من نفوذ ومتثل لسلطة فعلية يف تستقطب األضرحة الطقوس االحتفالية اليت تنظمها‬
‫الشرائح يف املناسبات االجتماعية والدينية‪ ،‬فيتحول املزار إىل‬ ‫(‪)51‬‬
‫نطاق الزاوية‪.‬‬
‫جمال فستيفالي تشتغل يف نطاقه ممارسات غنائية ومشاهد‬
‫حركية‪ ،‬جتمع بني ما هو فردي وما هو مجاعي‪ ،‬ويلتقي فيه‬ ‫‪ .4.6‬من العبادة باملسجد إىل التربك بضريح الولي الصاحل‬
‫تنتشر ظاهرة مواسم الزوايا أو مواسم الوالة الصاحلني يف مشال الفعل السمعي بالفعل البصري‪ ،‬إضافة إىل إشراك حاسة‬
‫إفريقيا بصورة ملفتة لالنتباه‪ ،‬وغدت بذلك ظاهرة ثقافية الذوق (الطعام‪ ،‬املشروبات)‪ ،‬والشم (الطيب‪ ،‬البخور‪ ،‬ماء الورد‬
‫واجتماعية ممكنة الدراسة‪ ،‬حيت يكون هناك موسم(‪ )52‬لكل والزهر املقطر‪)..‬‬
‫ولي "صاحل" كان قد عاش حقبة زمنية حمدّدة تاركا بعد ويأخذ االحتفال بالضريح منعرجات متباينة تشتق وجاهتها من‬ ‫ٍ‬
‫األهمية املعطاة للحفل ذاته‪ ،‬ويأتي يف طليعة هذه االحتفاالت‬ ‫بعض‬ ‫له‬ ‫تنسب‬ ‫و‬ ‫جيل‪،‬‬ ‫بعد‬ ‫جيال‬ ‫له‬ ‫ُشهد‬‫ي‬ ‫صاحلا‬ ‫عمال‬ ‫موته‬
‫األمراض اليت احتفال السادس والعشرين من رضمان كل سنة بضريح "النيب‬ ‫ِ‬ ‫األمور مثل جلب الربكة أو الشفا ِء من بعض‬
‫استعصى عالجها على أمهر األطباء‪ ،‬و غري ذلك‪ ...‬تقام هذه سيدي خالد" كما يعرب عنه لدى السكان احملليني‪ ،‬هذا االحتفال‬
‫املواسم بشكل سنوي و يف فرتة حمدّدة ويرأسها أناس يطلقون الذي سيأتي احلديث مفصال عنه يف الفصل الثامن من هذا‬
‫على أنفسهم اسم الشرفاء وهم من يتولون تنظيم هذه املواسم‪ .‬العمل‪ .‬واحتفال املولد النبوي الشريف الذي اضطلعت الزاوية‬
‫العثمانية بطولقة بإحيائه كل سنة أيضا‪ ،‬والذي سيفصل يف‬ ‫ال تشذ منطقة الدراسة اليت نقوم بها –الزيبان واألوراس‪ -‬عن‬
‫احلديث أيضا يف الفصول الالحقة واحتفال عيد اخلريف يف‬ ‫غريها من مناطق املغرب العربي‪ .‬إذ تنتشر فيها الكثري من‬
‫حرم الولي سيدي عبد السالم املشيشي بتكوت‪ .‬هذه االحتفاالت‬ ‫املساجد التابعة للزوايا املتضمنة لقبور األولياء وشيوخ الزوايا‪،‬‬
‫حتمل يف أحشائها كما يرى األستاذ املغربي عبد اإلله لغزاوي‬ ‫كما تتوزع عرب السهول واجلبال واملناطق الصحراوية قباب‬
‫يف كتابه «مونوغرافية املقدس مبدينة مكناس» دالالت عميقة‬ ‫كثرية يرقد حتتها أولياء جاءوا من مناطق خمتلفة ويف‬
‫رمزية‪ ،‬ألنها تشكل الفضاء الزمين القدسي لتجديد العهد مع‬ ‫ظروف تارخيية خاصة استقروا هنا أو هناك‪ ،‬وبعد وفاتهم‬
‫األضرحة والقباب واملزارات احملرتمة‪ )57(.‬فهذه األمكنة اليت‬ ‫بنيت على قبورهم هذه القباب‪ ،‬ثم بنيت جبنبها بعد ذلك‬
‫تزار خبشوع ترتدي حلة سرياء من اجلمال والبهاء‪ ،‬إذ خيف‬ ‫مصليات تضاهي املساجد مثل ما جند يف سيدي خالد‪ ،‬حيث بين‬
‫النظار إىل جتديد فراشها وتزويدها باإلنارة الكافية فتصبح‬ ‫جبنب ضرحيه مصلى واسع بكل مرافقه اليت تسع الستقبال‬
‫فتنة للناظرين‪ ،‬ويؤمها الزوار من كل فج عميق‪ ،‬مصلني‬ ‫زواره الذين يأتون من كل حدب وصوب لالحتفال بليلة القدر‬
‫بها‪ ،‬ومرتمحني على املوتى املدفونني يف تربتها‪ ،‬وموقدين‬ ‫يف شهر رمضان كل سنة‪ .‬ومن أمثلة املواسم اليت حيتفل‬
‫الشموع‪ ،‬ومطعمني الطعام‪ ،‬ومنكبني على تالوة القرآن‪ ،‬يظهر‬ ‫الناس بها ويزورون ضريح الولي الصاحل يف املاضي‪ ،‬وبصورة‬
‫ذلك جبالء يف مجيع األضرحة واملزارات اليت تتواجد بالزيبان‬ ‫تكاد تنعدم حاليا‪ ،‬موسم عيد اخلريف مبنطقة تكوت باألورس‪،‬‬
‫واألوراس حسب الروايات اليت حتتفظ بها الذاكرة اجلماعية‪،‬‬ ‫املوسم الذي يقام يف حرم الولي الصاحل سيدي عبد السالم‬
‫ويظهر ذلك جبالء أيضا من خالل االحتفاالت اليت الزالت تقام‬ ‫(‪)53‬‬
‫املشيشي‪.‬‬
‫يف األضرحة اليت احتفظت حبيويتها ونشاطها إىل يومنا هذا يف‬
‫إذا حاولنا الكشف عن دالالت الزيارة كما يقول الباحث‬
‫الزيبان خاصة‪ ،‬كضريح سيدي أحممد بن موسى باحلوش‪،‬‬
‫التونسي حممد حلول يف مقال بعنوان (الزوايا والطرق‬
‫ضريح خالد بن سنان العبسي بسيدي خالد‪ ،‬الزاوية العثمانية‬
‫الصوفية يف البالد التونيسية –منطقة دوز عينة‪ ،‬فإنها تكشف‬
‫بطولقة‪ ،‬الزاوية القادرية ببسكرة‪...‬‬
‫عن داللتني‪ :‬األوىل يسميها داللة االنتماء‪ ،‬واألخرى داللة‬
‫االنزياح‪ .‬سواء تناولنا الداللة األوىل أو الثانية ال ميكن لنا طقوس الزيارة كما الحظنا باملساجد اليت بها أضرحة األولياء‬
‫الفصل من خالهلما بني البعدين الديين واالجتماعي‪ ،‬فالعالقة مثل مسجد ''سيدي عقبة" الذي يوجد به ضريح عقبة‬
‫بن نافع‪ ،‬وضريح "سيدي علي بن عمر" بطولقة‪ ،‬وضريح‬ ‫(‪)54‬‬
‫بينهما متينة وثابتة‪.‬‬
‫مصلى "سيدي خالد" مبدينة سيدي خالد‪ ،‬وكما لدى غالبية‬
‫ففيما خيص داللة االنتماء يفسر الزائرون لألضرحة والزوايا‬
‫األضرحة تشمل قراءة بعض آيات القرآن الكريم وذكر بعض‬
‫ما يقومون به على انه تأكيد لإلميان احلقيقي‪ ،‬فهم يدرجون‬
‫األدعية ثم الطلب من اهلل ومتوسلني بالرسول الكريم وأصحاب‬
‫سلوكهم ضمن اإلسالم "النص"‪ ،‬ويستشهدون باآلية الكرمية‬
‫‪207‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬

‫إن املوسم بهذه املواصفات يشكل ظاهرة غنية بدالالتها الرمزية‪،‬‬ ‫هذه القبور لقضاء حاجياتهم‪ .‬والزائر يلجأ هلذا الضريح بغية‬
‫وجيسد فضاء خصبا للممارسات الطقوسية والفرجوية‪،‬‬ ‫قضاء املصاحل االجتماعية كالزواج وطلب االبن الذكر‪...‬‬
‫ويساهم يف حتريك احلياة اإلقتصادية‪ ،‬ومتتني الروابط‬ ‫أو طبية كالشفاء من بعض األمراض (حيث يغسل املريض‬
‫االجتماعية‪ ،‬وحيق لكل مدينة أن تزدهي مبوسم وليها‪ .‬واليوم‬ ‫برتاب الضريح)‪ ...‬أو اقتصادية لتيسري العمل والتجارة والربح‪...‬‬
‫مل تعد كذلك بقدر ما أصبحت مناسبة للتسوق واالستهالك‪،‬‬ ‫أو نفسية كالوسواس واالكتئاب وعدم الراحة النفسية‬
‫وقد كانت مؤسسة الضريح من ذي قبل مؤسسة اقتصادية‪.‬‬ ‫إضافة إىل احلمق واهللوسة وبعض ضحايا املخدرات‪ ...‬أو‬
‫فقط بغرض السياسة وهناك من يعترب هذه الزيارة تقليدا عن ‪ .5.6‬صالة اجلمعة وخطبتيها يف مساجد الزوايا واألضرحة‬
‫آبائهم وحمافظة على الرتاث الشعيب واملعتقدات الشعبية‪.‬‬
‫جاء يف لسان العرب أن الذين قالوا اجلمعة ذهبوا بها إىل صفة‬
‫نالحظ اليوم تزايد االهتمام باألضرحة واملساجد اليت تتواجد اليوم أنه جيمع الناس‪...‬واجلمعة وهو يوم العروبة‪ ،‬مسي بذلك‬
‫بها يوما بعد يوم‪ ،‬ومن سنة إىل أخرى‪ ،‬إذ نسجل مؤخرا تزايد الجتماع الناس فيه‪ ،‬وجيمع على مجعات ومجع‪ ،‬وقيل‪ :‬اجلمعة‬
‫حضورها واالهتمام بها من طرف الطبقة السياسية‪ ،‬وال على ختفيف املعة واجلمعة ألنها جتمع الناس كثريا‪)60( .‬روي‬
‫جند إال القليل منها على اهلامش وهي تلك اليت ال أهمية هلا عن ابن عباس‪ ،‬رضي اهلل عنهما‪ ،‬ألنه قال‪ :‬إمنا مسي يوم اجلمعة‬
‫يف املكان والزمان يف حني ما زال الكثري حاضرا وبقوة‪ ،‬وهي ألن اهلل تعاىل مجع فيه خلق آدم‪ ...‬وقال أقومل‪ :‬إمنا مسيت‬
‫وسيلة جيلب بها اجملتمع احمللي انتباه السياسي‪ ،‬كما يتم اجلمعة يف اإلسالم وذلك الجتماعهم يف املسجد‪ ...‬ومجع الناس‬
‫(‪)61‬‬
‫توظيف هذه الفضاءات اليت تتواجد فيها األضرحة من طرف جتمعا‪ :‬شهدوا اجلمعة وقضوا الصالة فيها‪.‬‬
‫السياسي‪ ،‬ومن طرف بعض النافدين ورجاالت الدولة الذي‬
‫تشكل هلم األضرحة وسيلة المتطاء وحتقيق اجملد السياسي‪ .‬تستشف مشروعية صالة اجلمعة من النص القرآني الذي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫سورةاجلمعة‪:‬يَا أي ُّ َها الَّذِ َين آ َمنُوا ِإ َذا نُودِ َ‬ ‫هّ‬
‫ووسيلة لربح أصوات الناخبني يف مناطقهم من خالل االهتمام يقول اهلل عز وجل يف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الل َو َذ ُروا ال ْ َبيْ َع َذلِك ْم َخ رْ ٌي لَك ْم ِإ ْن‬ ‫ك ِر ِ‬ ‫لص اَل ِة ِم ْن ي َ ْو ِم جْال ُم َع ِة فَ ْ‬
‫اس َع ْوا ِإ ىَل ذِ ْ‬ ‫باألضرحة واإلنفاق عليها ومالزمة حضور موامسها وتقديم لِ َّ‬
‫َ‬ ‫أْ‬
‫لص اَلة ُ فَان ْ َت ِش ُروا يِف ال ْر ِض َواب ْ َت ُغوا ِم ْن فَ ْض ِل‬ ‫ُ‬
‫كنْت ْم تَ ْعلَ ُمو َن فَ ِإ َذا ق ِض َي ِت ا َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫هّ‬ ‫َ‬ ‫الذبائح هلا وبالقرب أيضا من مصادر القرار ولفت نظر َهّ‬
‫ارةً أَ ْو هَلْوًا ان ْ َف ُّضوا‬‫َ جِ َ‬
‫ك ِث ًريا ل َ َعلَّك ْم ت ُ ْف ِلحُ و َن َو ِإ َذا رأَ ْوا َ‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫الل‬ ‫وا‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ْ‬
‫اذ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫الل‬
‫ِ‬
‫َهّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َهّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫السلطان ووضع منطقة ضمن املناطق الواجب أخذها بعني‬
‫ار ِة َوالل َخ رْ ُي‬ ‫ج‬ ‫ت‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫رْ ٌ ِ َ ْ ِ َ ِ َ ِ َ َ‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ي‬‫خ‬‫َ‬ ‫الل‬
‫ِ‬ ‫ْد‬
‫َ‬ ‫ن‬‫ع‬ ‫ا‬
‫َ ِ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ًا‬‫م‬‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫وك‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫االعتبار‪ ،‬ضمن رسم خريطة التوازنات القبلية والعشائرية ِ ْ َ َ َ‬
‫(‪)62‬‬
‫از ِقنيَ‪.‬‬ ‫للدولة حيضر هذا البعد لدى كثري من السياسيني الذي ا َّلر ِ‬
‫يربعون براعة مطلقة يف استغالل تاريخ االحتفال بصاحب النص مبنطوقه ومفهومه حسب الدكتور‪ :‬حممد أمري ناشر‬
‫الضريح‪ .‬وهنا ال يعدم أمثال هؤالء الوسائل للتغلغل يف وسط النعم يشري إىل املهمة التعبدية املرجوة من صالة اجلمعة‪،‬‬
‫اجملتمع املقهور وتقديم أشخاصهم كأبطال قادرين على تغيري وهذه املهمة تكتنفها وظيفتان‪ :‬وظيفة تربوية وجدانية‪،‬‬
‫الواقع ومترير خطاباتهم أنهم النموذج منبع للرمحة والعطاء ووظيفة فكرية علمية أو تعليمية‪ .‬وتندمج هاتان الوظيفتان‬
‫يف (املوعظة احلسنة) اليت تسد فراغا كبريا‪ ،‬ومساحة عظيمة‬ ‫(‪)58‬‬
‫دون حدود‪.‬‬
‫ساهمت األضرحة بشكل متميز يف صون واحلفاظ على التصوف مل تكن لتمأل لوالها‪ ،‬فهي صوت الدين‪ ،‬ونداء اإلميان الذي‬
‫واهلندسة املعمارية والزخرفة واخلط والقراءة القرآنية يعلو املآذن كل يوم مجعة‪ .‬هذا فيما خيص منطوق النص‪ .‬أما‬
‫املتميزة للقران وبعض األوراد‪ .‬كما كانت تنتعش خالل الظروف احلافة به‪ ،‬فإنها حتمل يف طياتها داللة وبعدا سياسيا‪.‬‬
‫املوسم ''احللقة'' أو املسرح القبلي وهذا االنتعاش يصاحبه إبداع فصالة اجلمعة وإن كانت عبادة مرتبطة بوجود اجلماعة‬
‫يف التأليف واحلكي وإنتاج الفرجة‪ ،‬وكانت ''الفروسية'' أروع املسلمة أوال إال أننا نرى أن النص مل يتنزل إال بعد حتقق‬
‫منتوج ثقايف يالزم موسم الضريح من خالل تاريخ انعقاده(‪ .)59‬الدولة املسلمة‪ ،‬فهي عبادة مرعية من قبل الدولة والدولة‬
‫شرط هلا كما هو مقرر يف بعض املذاهب الفقهية‪« .‬لذا ظلت‬
‫شكلت مناسبة االحتفال باألضرحة وزيارتها متنفسا للسكان صالة اجلمعة بالنسبة إىل الفقهاء رمزا للوحدة السياسية‬
‫(‪)63‬‬
‫يف موسم عيد اخلريف بتكوت منطقة األوراس‪ ،‬واحتفال ‪ 26‬واالجتماعية للجماعة يف الوطن الواحد»‪.‬‬
‫رمضان بسيدي خالد‪ ،‬قصد تصريف بضائعهم وممارسة‬
‫التجارة‪ ،‬وقد كان املوسم السنوي للضريح مناسبة اقتصادية صالة اجلمعة‪ ،‬هي صالة تقام كل يوم مجعة بعد دخول‬
‫هامة تفنن أهل الزيبان واألوراس يف املاضي لالستعداد هلا‪ ،‬وقت صالة الظهر يف منتصف النهار‪ ،‬وتتكون من خطبة قبل‬
‫حيث يتحول املوسم إىل ظاهرة اقتصادية متميزة‪ ،‬فتنتشر الصالة تسمى خطبة اجلمعة ثم صالة ركعتني بعد االستماع‬
‫األسواق‪ ،‬ويكثر الباعة املتجولون بقياطينهم وعرباتهم‪ ،‬للخطبة‪ ،‬وهي صالة جهرية (الصالة اجلهرية الوحيدة يف‬
‫وخيتصون يف بيع احللوى واملالبس واحللي والعطور والعقاقري وضح النهار دون بقية الصلوات اخلمس)‪ ،‬وهي صالة فرض‬
‫واألعشاب والبخور والتوابل‪ ،‬كما تكثر أشكال فرجوية أخرى عني على كل املسلمني الذكور األحرار البالغني املقيمني‬
‫املستوطنني يف أبنية إن كانوا غري معذورين‪ .‬واختلف الفقهاء‬ ‫يأتي يف طليعتها حلقات املداحني والفروسية‪..‬‬
‫اإلسالميون حول حتديد أقل عدد جتب به صالة اجلمعة‬
‫‪208‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬

‫فمنهم من قال إن كان يف بلدة من البلدات أربعون ممن تنطبق فيهم بعض رواد املسجد‪ ،‬أو طلبة مبتدئون يف حفظ القرآن‬
‫عليهم الشروط السابقة فتجب عندها صالة اجلمعة ومنهم الكريم‪.‬‬
‫من أوجبها بأقل من ذلك العدد وهناك من قال إنها من املمكن وقد حتدثنا مع بعض شيوخ املنطقة عن هذه العادة فكانت‬
‫الشخص الذي عدة روايات يف املوضوع‪ .‬منهم من يقال بأن اإلمام ابن باديس‬ ‫أن تعقد مبصليني اثنني‪ .‬خطيب اجلمعة هو‬
‫أعجب بهذه الطريقة عندما قام بزيارة البلدة لتفقد حال‬
‫(‪)64‬‬
‫يلقي اخلطبة على املسلمني قبل صالة اجلمعة‪.‬‬
‫الناس بها وزيارة بعض أهل العلم يف املنطقة أمثال الشيخ‬ ‫صالة اجلمعة جتمع شعيب أسبوعي ال توجه حلضوره الدعوات‬
‫حممد يكن الغسريي وهو يزور املدرسة القرآنية الكائنة‬ ‫وال تعبأ جللب الناس إليه احلافالت‪ ،‬كما حيدث مع بعض‬
‫بواحة خويف‪ .‬إذ به يسمع تالوة القران يف كل مسجد مير‬ ‫املهرجانات واالحتفاالت أو التجمعات‪ .‬الناس يذهبون طواعية‬
‫به فسأل عن األمر فقيل له إن هذه تسمى احلزب الراتب‪،‬‬ ‫ال يبتغون غري مرضاة اهلل‪ ،‬لكنهم غالبا ما يصاب كثري منهم‬
‫فأعجب باألمر واستحسنه وعلق على املوضوع «كيف لي أن‬ ‫خبيبات أمل تظل حبيسة الصدور‪ .‬عموما‪ ،‬ال خترج خطبة‬
‫اعلم أناس هم متعلمون»‪ ...‬وقد فسروا له أسباب جلوئهم إىل‬ ‫اجلمعة يف بيئة الدراسة عن أمرين أثنني‪ :‬واحدة تدعو‬
‫هذه الطريقة يف تالوة القران اليت تزيد من احلفظ وتساعد‬ ‫للحاكم وتثين عليه وتزين له أعماله حتى لكأنك تظن أنها‬
‫طالب العلم على تدارك أخطاء التالوة ومعرفة التالوة‬ ‫تتحدث عن أحد اخللفاء الراشدين‪ .‬الثانية جتدها تغرق يف‬
‫الصحيحة لكتاب اهلل‪.‬‬ ‫الويل والثبور والتحذير من عظائم األمور ومتعن يف الرتهيب‬
‫من يوم احلشر وعذاب القرب حتى خيرج اإلنسان وهو مذعور وما يلفت انتباهنا أن تالوة القران يف هذه املساجد ال ختص‬
‫وقلق مما ينتظره يوم القيامة‪ .‬األوىل شائعة كثريا يف مساجد أشخاصا معينني فقط وإمنا أي شخص حيسن التالوة أو‬
‫حيفظ القرآن ميكنه أن يتقدم مع اجملموعة ويتلو معهم‬ ‫الزوايا‪ ،‬أما الثانية فهي نادرة فيها عكس املساجد األخرى‪.‬‬
‫وقد الحظنا خالل زيارتنا هلذه املساجد أيام اجلمعة حضور القرآن‪ ،‬ويف بعض األحيان ال جتد اجملموعة السابقة اليت‬
‫شرائح خمتلفة من املصلني‪ :‬الصغار والكبار واملثقفني رايتها البارحة إال اإلمام وهو أمر يثبت أن الكثري من سكان‬
‫ومن دونهم من يصلي بانتظام مجيع الصلوات‪ ،‬ومنهم من الزيبان واألوراس هلم جذورهم وعالقة وطيدة بالقرآن الكريم‬
‫ال يصلى يف املسجد إال يوم اجلمعة فقط‪ ،‬وكذا أصحاب وتالوته‪.‬‬
‫األفكار املختلفة حتى اليساري منها ويشمل احلضور املنتمون واحلزب الراتب يكون عبارة عن تالوة حزبني من كتاب اهلل‬
‫للتيارات السياسية املتناقضة ما عدا التيارات السلفية والتيارات كل مساء وتكون التالوة سريعة نوعا ما ويف شهر رمضان‬
‫الراديكالية‪ .‬وجدنا يف هذه املساجد اجلد واألب واحلفيد كما تتغري مواقيت التالوة يف بعض املساجد ويف بعض املساجد‬
‫وجدنا املعلم والطالب‪ ،‬واجلامعي والعامل‪ .‬هذا احلشد من األخرى بقيت احملافظة على التوقيت القديم فهناك مساجد‬
‫ً‬
‫احلضور املتباين ال يوجد غالبا يف أي حفل أو جتمع علمي كانت ترتل القرآن بعد صالة املغرب‪ ،‬لكن يف شهر رمضان‬
‫يتحول التوقيت إىل ما قبل املغرب بساعة واحدة ‪.‬‬ ‫وتربوي إال يف املسجد يوم اجلمعة‪.‬‬

‫ال تكاد مجعة متضي إال واجلمعة األخرى على األبواب‪ ،‬ويعد احلزب الراتب إرثا وتراثا دينيا ورثه أهل املنطقة أبا عن‬
‫واألحكام هي هي‪ ،‬وجوب احلضور وفرض السعي لذكر اهلل‪ ،‬جد ويرفضون التخلي عنه رغم حماولة بعض األشخاص‬
‫وهذا مينح اخلطيب فرصة كبرية لنقل أفكاره هلذا اجلمهور القضاء على هذا النوع من التالوة وحماربتها حبجة أنها بدعة‪.‬‬
‫الذي ال يأتي متطوعاً‪ ،‬وباملقارنة مع أي منرب إعالمي جند أن‬
‫منرب املسجد هو ذو احلظ األوفى عدداً ونوعاً واستعداداً نفسياً‪ .‬وقد حضرنا صالة العصر بأحد املساجد مبنطقة آريس‬
‫باألوراس وهو مسجد زاوية صاحلي الكائن بالدشرة احلمراء‪،‬‬
‫وما أن سلم اإلمام حتى ارتفعت أصوات جمتمعة وعلى نغمة‬ ‫‪ .5.6‬قراءة احلزب الراتب‪( :‬التكرار)‬
‫تتميز منطقة املغرب العربي يف املاضي القريب بكثري واحدة‪ ،‬بتالوة آيات من القرآن الكريم‪ ،‬ال تسمع من بني أصوات‬
‫من العادات والتقاليد اليت متيزها عن باقي مناطق العامل هؤالء القارئني صوتا زائغا عنها‪ ،‬أو خارجا عن أصوات اجلماعة‪،‬‬
‫اإلسالمي‪ ،‬من بني ابرز هذه العادات جند‪'' :‬قراءة احلزب''‪ ،‬أو تتفاوت نربات أصواتهم وسعة أنفاسهم‪ ،‬وخيتلفون يف تطويل‬
‫ما يسمى بـ‪'' :‬احلزب الراتب''‪ .‬فهي تسمية لعرف قرآني يطبع املدود وتقصريها‪ ،‬ويف مواضع الوقف‪ .‬وقد يضطر القارئ‬
‫أجواء املساجد والزوايا يف مجيع األحناء املغاربية‪ ،‬يف القرى فيهم إىل التنفس واستمرار رفقائه يف القراءة‪ ،‬تفوته كلمات‬
‫واملدن واألرياف‪ ،‬حيث تتم القراءة اجلماعية اليومية جلزأين يف حلظات تنفسه‪ ،‬لكن سرعان ما ينضم صوته إىل األصوات‬
‫من القرآن الكريم بنغمة واحدة تسمى حمليا (باحملمول)‪ )65(،‬اجلماعية اليت كانت تتلو آيات القرآن عن ظهر قلب دون‬
‫يف أوقات معلومة قد تكون بعد صالة الصبح أو بعد صالة انقطاع‪ ،‬يف حلقات ''احلزب الراتب''‪ ،‬اليت يداوم على قراءته أهل‬
‫املغرب‪ ،‬أو قبيل صعود اخلطيب إىل املنرب من يوم اجلمعة‪ ،‬ويف األوراس والزيبان باملساجد العتيقة والزوايا‪ .‬وفيها يتحلق قراء‬
‫رمضان بعد صالة العصر‪ .‬فيتم ختم القرآن الكريم كل شهر منتظمون يالزمون قراء احلزب‪ ،‬جبانب احملراب بعد العصر من‬
‫بهذه الطريقة‪ ،‬يقرأ اإلمام جهرا ويتبعه احلضور يف القراءة‪ .‬كل يوم‪.‬‬
‫‪209‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬

‫وتنتشر هذه الظاهرة (ظاهرة مساجد الزوايا واألضرحة) يف‬ ‫كانت قراءة ''احلزب الراتب'' من مهام إمام املسجد التلقائية‬
‫مدن وقرى الزيبان واألوراس‪ ،‬فأينما ميمت وجهك تعرتضك‬ ‫اليت ال حتتاج إىل تذكري عند إسناد اإلمامة إليه‪ ،‬فإذا ما‬
‫قبة ولي‪ ،‬ومزارة صاحل‪ ،‬وزاوية شيخ‪ ،‬وضريح عابد‪ ،‬بعضهم‬ ‫فرط يف احلفاظ على ذلك‪ ،‬ينظر إليه على أنه خمل بواجباته‬
‫معروف التاريخ وجمهول املزار‪ ،‬وبعضهم ال تعرف له ترمجة‬ ‫الوظيفية‪ ،‬وقد يكون ذلك سببا يف استبداله بإمام آخر به يقوم‬
‫ومشهور الضريح‪ .‬وختضع جغرافية املقدس للتنوع والتعدد‪،‬‬ ‫بقراءة احلزب‪ .‬هكذا حتدث إلينا الكثري من شيوخ الزيبان‬
‫فالفضاءات اليت نتحدث عنها‪ ،‬توجد عند جماري الوديان‪،‬‬ ‫واألوراس‪ .‬أما اليوم فقد أصحت هذه العادة حمصورة وحمدودة‬
‫والبساتني احمليطة باملدن والقرى‪ ،‬وفوق التالل‪ ،‬وعند أبواب‬ ‫يف العديد من املساجد اليت ما زال أئمتها من احملافظني أو من‬
‫األسوار‪ ،‬ويف األحياء والدروب‪ ،‬وباملنازل والدور والزوايا‪ ،‬والكثري‬ ‫املنتمني إىل الزاوية أو األسر املسماة باملرابطية أو اليت تدعي‬
‫من املساجد األثرية حتمل أمساء األولياء الذين دفنوا بها‪.‬‬ ‫بالنسب الشريف‪.‬‬
‫وقد تفاعلت خمتلف الشرائح االجتماعية مع املساجد املتواجد‬ ‫تتباين رؤية اجلمهور املتعامل مع قراءة القرآن مجاعة‪ ،‬بني‬
‫يف فضاءات الزوايا‪ ،‬أو املساجد املبنية على أضرحة ومقامات‬ ‫من يعتربها سنة حممودة‪ ،‬ونافلة ال ختلو من فائدة‪ ،‬فرأوا‬
‫األولياء والشيوخ والصلحاء‪ ،‬فركزت اهتمامها على زيارتها‪،‬‬ ‫مقاصدها يف حفظ القرآن ودوام مساعه‪ ،‬مبا يدفع إىل إجازة‬
‫والتمسح بها‪ ،‬والطواف حول أضرحتها‪ ،‬واالغتسال مبائها‪،‬‬ ‫تعليم الناس وتعويدهم على القراءة السليمة‪ ،‬وشغلهم عن‬
‫واالستشفاء برتبتها وفق أزمنة خمصصة‪ ،‬وقدمت هلا اهلدايا‪،‬‬ ‫اللغو يف املسجد‪ ،‬وذكروا أن كل من يرى فيها بدعة‪ ،‬يضيع‬
‫ووقفت هلا األحباس‪ ،‬وسعت إىل تأثيثها‪ ،‬وإقامة املواسم فيها‪.‬‬ ‫على الناس فضلها‪ ،‬خاصة إذا مل يتيسر للفرد قراءة ورده‬
‫إنها ظاهرة ديناميكية‪ ،‬ذات فعالية خاصة‪ ،‬متارس تأثريها‬ ‫اليومي فرديا‪ ،‬ولذا فيجب عدم حرمان الناس منها‪ ،‬ألنه فيها‬
‫على كل اجلوانب احمليطة بها‪ ،‬ال سيما يف احلياة االجتماعية‪،‬‬ ‫من التشجيع على احلفظ والتنافس يف التالوة وعمارة املساجد‬
‫فكثري من السلوكات واملعتقدات والعوائد ميكن حل شفرتها‬ ‫بقراءة القرآن فيها باستمرار ما يدعو إىل إقرارها‪.‬‬
‫وفهم أسرارها بردها إىل أصوهلا القدسية‪ ،‬يف تفاعلها الدينامي‬ ‫وبني من يتحفظ على القراءة اجلماعية‪ ،‬كونها مل تثبت عن‬
‫مع ظاهرة مساجد الزوايا واألضرحة‪ ،‬فاجملتمع احمللي ال زال‬ ‫الرسول الكريم صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وأنها ختل مبعاني القرآن‪،‬‬
‫متمسكا مبوروثه الديين من خالل ممارسة الطقوس‪ ،‬واحلفاظ‬ ‫وال يتحصل معها معنى التدبر‪ ،‬مع ما يالحظ على القراءات‬
‫على التقاليد‪ ،‬مع تسجيل بعض الفتور لدى البعض‪ ،‬واالنقطاع‬ ‫اجلماعية من تعذر التوافق بني القارئني فيها‪ .‬وأن التشجيع‬
‫بالكلية لدى البعض اآلخر‪.‬‬ ‫والتنافس يف التالوة وعمارة املساجد بها‪ ،‬يكون أكرب إذا ما قرأ‬
‫‪ .5‬خامتة‬ ‫الواحد وأنصت الباقون‪ ،‬أو تداولوا على القراءة‪...‬‬
‫صفوة القول إن االهتمام باملساجد األثرية املتواجد معظمها يف‬ ‫ويعلق عبد أحد املبحوثني الذين تعاملنا معهم أثناء زياراتنا‬
‫فضاءات الزوايا أو التابعة للطرق الصوفية أو تلك اليت حتتوي‬ ‫املتكررة إىل مساجد الزوايا واألضرحة ببيئة الدراسة‪،‬‬
‫على أضرحة ومقابر األولياء وأسرهم الشريفة‪ ،‬يف حياتنا‬ ‫على أن القراءة اجلماعية باملساجد يف املاضي‪ ،‬حيقق غاية‬
‫الراهنة ضرورة حتمية من أجل ختليدها‪ ،‬وتكريم أعالمها‪،‬‬ ‫استظهار حفاظ القرآن حلفظهم وتثبيته يف الصدور‪ ،‬كما أنه‬
‫وملا ال بعثهم من جديد‪ ،‬ألنهم يشكلون الذاكرة احلية للمدن‬ ‫كان يساعد املقبلني على قراءة القرآن الكريم‪ ،‬على املواظبة‬
‫والقرى اليت تتواجد فيها هذه الفضاءات املقدسة‪ ،‬صنعوا جزءا‬ ‫ومواكبة حلقة احلزب مبا حيفظ هلم قراءة سليمة من أي‬
‫من تارخيها العريق‪ ،‬ويتم هذا االهتمام بصيانة عمرانها‪ ،‬وإغناء‬ ‫حلن‪ ،‬مؤكدا معرفته جملموعة من املواظبني على قراءة احلزب‬
‫البحث العلمي من حوهلا‪ ،‬واحملافظة على تأثيثها وجتهيزها‪،‬‬ ‫الراتب متكنوا من حفظ القرآن مساعا بشكل سليم وهم أميون‪.‬‬
‫وإخصاب وظيفتها‪ ،‬باختاذها معاهد للتدريس ومنتدى‬ ‫وذكر أن هذه الطريقة وسيلة من وسائل إعمار املساجد‬
‫للتثقيف‪ ،‬ومعاقل للرتبية والتكوين الروحية‪ ،‬وربطها مبشروع‬ ‫واجتماع القراء املتفرقني يف وقت خمصوص لتعهد حفظهم‬
‫التنمية املستدمية‪ ،‬ال سيما يف احملافظة األثرية والسياحة‬ ‫لكتاب اهلل‪ ،‬مضيفا أن هذه العملية تساعد على كشف أنواع‬
‫الثقافية‪ ،‬مثل ما مت يف مسجد سيدي عقبة بالزيبان‪.‬‬ ‫التلف الذي يكون ببعض املصاحف أو بعض األخطاء املطبعية‪.‬‬
‫إن إجناز هذه اخلامتة ال يعين أن البحث حول موضوع املساجد‬ ‫‪ .7‬مناقشة النتائج‬
‫األثرية‪ ،‬خاصة تلك اليت تتواجد يف فضاءات الزوايا بها أضرحة‬ ‫يؤكد املقدس ذاته عرب ظاهرة "الزوايا واألضرحة والطرق‬
‫األولياء والشيوخ والصلحاء مبنطقيت الزيبان واألوراس قد‬ ‫الصوفية والوالية والصالح"‪ ،‬فهذه الفضاءات حتضى بتقديس‬
‫استنفد طاقته‪ ،‬فهذا أمر شاق وصعب‪ ،‬فتعقد الظاهرة الدينية‬ ‫الناس‪ ،‬ويزدمحون عليها اللتماس الربكة‪ ،‬وتهب خمتلف‬
‫والقدسية‪ ،‬وتشابك معطياتها‪ ،‬وسعة جمال الدراسة‪ ،‬وعراقة‬ ‫الشرائح االجتماعية لزيارتها من أجل حتقيق األماني‪،‬‬
‫املنطقة تارخييا وحضاريا خاصة يف جمال املقدس‪ ،‬يستعصي‬ ‫ويعقدون للتربك به احتفاالت ومواسم تأخذ طابعا كرنفاليا‬
‫عن الشمول‪ ،‬ويتأبى عن اإلستغراق‪ ،‬ويتطلب إجناز دراسات‬ ‫متتزج فيها ممارسة الطقوس الفرجة املقدسة يف مكان‬
‫علمية أخرى موازية حتاصره يف كل اجتاه‪ ،‬وتقاربه من‬ ‫مقدس‪ ،‬ويف زمان مقدس‪.‬‬
‫‪210‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬
‫‪funéraires, Revue Africaine, Année 1923, p. 455‬‬ ‫خمتلف اجلوانب بطرق موضوعية دقيقة‪ ،‬ومبناهج حديثة‪،‬‬
‫‪19-Le Bon G., La Civilistion des Arabes, Italie 1969, p. 196.‬‬ ‫حتى نرد االعتبار لرتاثنا‪ ،‬ونزيل الغنب عن ثقافتنا‪ ،‬ونفهم‬
‫‪20- Marçais G., Le Tonbou de Sidi Oqba, Annales de l’institut d’études‬‬ ‫أسرار ماضينا لنبين حاضرنا‪ ،‬ونصنع مستقبلنا‪ ،‬وحسبنا أننا‬
‫‪orientales, n° v, p. 10.‬‬
‫أضأنا جانبا أساسيا من هذا املوضوع‪ ،‬وكشفنا الغطاء عن بعض‬
‫‪ -21‬حسني مؤنس‪ ،‬املساجد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.230‬‬ ‫حقائقه وجتلياته‪ ،‬وعرفنا ما الثابت فيه وما املتحول وظيفيا‬
‫‪ -22‬فياللي املختار الطاهر‪ :‬نشأة املرابطني والطرق الصوفية وأثرهما يف اجلزائر‬ ‫معماريا‪ ،‬حبسب الظروف واملؤثرات الثقافية واحلضارية‬
‫خالل العهد العثماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫اإلقليمية والعاملية‪ ،‬وبذلك نكون قد مهدنا السبيل ألعمال‬
‫‪ -23‬العقيب صالح مؤيد‪ ،‬الطرق الصوفية والزوايا باجلزائر‪ ،‬دار الرباق‪ ،‬بريوت‪-‬‬
‫لبنان‪ ،‬سنة ‪ ،2002‬ص ‪.772‬‬
‫أخرى أتية ال ريب‪ ،‬ستعمق املعرفة به‪ ،‬وتعمل على سرب أغواره‪،‬‬
‫يف اجتاه استجالء أعماقه وأسراره‪.‬‬
‫‪ -24‬ناصر الدين سعيدوني‪ ،‬دراسات وأحباث يف تاريخ اجلزائر يف العهد العثماني‪،‬‬
‫املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬سنة ‪ ،1980‬ص ‪.272‬‬ ‫تضارب املصاحل‬
‫‪ -25‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.227‬‬
‫* يعلن املؤلف أنه ليس لديه تضارب يف املصاحل‪.‬‬
‫‪26- OCTAVE DU PONT et COPPOLANIE, Les Confréries religieuses‬‬
‫‪musulmans, alger, ajordan, 1897, p 312.‬‬
‫اهلوامش‬
‫‪ -27‬عبد الباقي مفتاح‪ ،‬أضواء على الشيخ عبد القادر اجلالني وانتشار طريقته‪ ،‬دار‬
‫اهلدى‪ ،‬عني مليلة‪-‬اجلزائر‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪.286‬‬ ‫‪ -1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬اجمللد الثالث‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬بريوت – لبنان‪( ،‬ب س ن)‪،‬‬
‫ص ‪.1940‬‬
‫‪28- OCTAVE DUPONT, op.cit, p 311.‬‬
‫‪ -2‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.680‬‬
‫‪29- OCTAVE DUPONT, ibid, p 312.‬‬
‫‪ -3‬حسني مؤنس‪" ،‬املساجد"‪ ،‬سلسلة عامل املعرفة‪ ،‬رقم ‪ ،37‬الكويت‪ ،‬سنة ‪،1978‬‬
‫‪ -30‬الشيخ علي بن عمر بن أمحد بن عمر بن املوفق بن عمر بن أمحد و ينتهي‬ ‫ص ‪.13‬‬
‫نسبه إىل إدريس األصغر بن إدريس األكرب بن عبد اهلل الكامل بن حممد احلسن‬
‫السبط بن علي بن أبي طالب ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬كما جاء يف‬ ‫املث ّنى بن احلسن ِّ‬ ‫‪ -4‬صالح مؤيد‪ ،‬الطرق الصوفية والزوايا يف اجلزائر‪ ،‬تارخيها ونشاطها‪( ،‬ب ط)‪،‬‬
‫كتاب ( الدّر املكنوز ) للشيخ عبد الرمحن بن احلاج‪.‬‬ ‫دار الرباق بريوت – لبنان‪ ،‬سنة ‪ ،2002‬ص ‪.301‬‬
‫‪ -31‬أنظر علي رضا احلسيين‪ ،‬زاوية علي بن عمر‪ -‬طولقة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬الدار‬ ‫‪ -5‬اعمرياوي أمحيدة‪ ،‬من امللتقيات التارخيية اجلزائرية‪ ،‬ط ‪ ،02‬دار اهلدى‬
‫احلسينية‪ ،‬تونس‪ ،2002 ،‬ص ‪.111‬‬ ‫للطباعة والنشر‪ ،‬عني مليلة – اجلزائر‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -32‬أنظر فهرس خمطوطات املكتبة القامسية (زاوية اهلامل ببوسعادة‪ ،‬حاضرة‬ ‫‪ -6‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬اجمللد الثالث‪ ،‬ص ‪.1894‬‬
‫املسيلة‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت – لبنان‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬ ‫‪ -7‬حممد ابن مرزوق التلمساني‪ ،‬املسند الصحيح يف مآثر وحماسن موالنا أبي‬
‫‪ -33‬الشاذلي (عبد اللطيف)‪ ،‬التصوف واجملتمع‪ ،‬مناذج من القرن العاشر اهلجري‪،‬‬ ‫احلسن‪ ،‬دراسة وحتقيق ماريا خيسوس بيغريا‪ ،‬تقديم حممود بوعياد‪( ،‬ب ط)‪،‬‬
‫مطابع سال‪ ،‬سال‪ ،1989 ،‬املغرب‪ ،‬ص ‪.125‬‬ ‫الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬سنة ‪ ،1981‬ص ‪.410‬‬
‫‪ -34‬تقوم اللجان الدينية يف بعض املساجد بنشاطات اجتماعية حتاول من خالهلا‬ ‫‪ -8‬فياللي املختار الطاهر‪ ،‬نشأة املرابطني والطرق الصوفية وأثرهما يف اجلزائر‬
‫حتقيق التكافل االجتماعي‪ ،‬مثل شراء املالبس واللوازم املدرسية للمتمدرسني‪،‬‬ ‫خالل العهد العثماني‪ ،‬ط ‪ ،01‬دار الفن للطباعة‪ ،‬باتنة – اجلزائر‪ ،‬سنة ‪،1976‬‬
‫مجع األموال لشراء األضاحي لذوي الدخل احملدود‪ ،‬مساعدة املرضى خاصة‬ ‫ص ‪.27‬‬
‫ذوي األمراض املزمنة على السفر للعالج أو شراء األدوية هلم‪ ،‬وقد قامت بعض‬ ‫‪ -9‬إيدوارد دونفو‪ ،‬اإلخوان دراسة إثنولوجية حول اجلماعات الدينية عند مسلمي‬
‫اجلمعيات الدينية على املستوى الوطين بتنظيم حفل زفاف مجاعي مليسوري احلل‬ ‫اجلزائر‪ ،‬ترمجة كمال فياللي‪( ،‬ب ط)‪ ،‬دار اهلدى‪ ،‬عني مليلة – اجلزائر‪ ،‬سنة‬
‫باملساجد‪ ،‬كما تقوم مجعيات أخرى بتنظيم محالت التربع بالدم للمرضى‪ ،‬أو‬ ‫‪ ،2003‬ص ‪.26‬‬
‫بتنظيم محالت تطوعية للتنظيف احمليط‪.‬‬
‫‪ -10‬صالح مؤيد‪ ،‬الطرق الصوفية والزوايا يف اجلزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.302‬‬
‫‪ -35‬حممد ضريف‪ ،‬مؤسسة الزوايا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬سنة ‪.123 ،1992‬‬
‫‪ -11‬ابن منظور‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬اجمللد الثاني‪ ،‬ص ‪.526‬‬
‫‪ -36‬الربكة‪ :‬كما ورد يف لسان العرب هي النماء والزيادة‪ .‬والتربيك‪ :‬الدعاء‬
‫لإلنسان أو غريه بالربكة‪ .‬تربكت به أي تيمنت به‪ ،‬واملبارك هو الذي يأتي من‬ ‫‪ -12‬حمي الدين أبي زكريا حيي بن شرف النووي‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪،‬‬
‫قبله اخلري الكثري‪ ،‬وتبارك بالشيء أي تفاءل به‪ .‬الربكة يف الفكر ما قبل اإلسالمي‪،‬‬ ‫مكتبة األميان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ب ت‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.134‬‬
‫خصوصا الفكر البدوي‪ ،‬هي صفة خفية ومستورة‪ ،‬تضاف إىل الكائنات واألشياء‪،‬‬ ‫‪ -13‬زكي حممد حسن‪ ،‬فنون اإلسالم‪ ،‬دار الرائد العربي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،1981 ،‬‬
‫حاملة معها اخلريات واحلسنات‪ .‬فهي اليت تعطي اخلصب وتكاثر الوالدات وتوفر‬ ‫ص ‪.155‬‬
‫النجاح؛ إنها الوفرة يف الربية‪ ،‬والنماء يف القطيع‪ ،‬وروح الشفاء‪ .‬ميكنها أن تزداد أو‬
‫تنقص حسب الظروف أو حسب سلوك أوالئك الذين تنعم عليهم حبضورها‪ .‬إنها‬ ‫‪ -14‬حمي الدين أبي زكريا حيي بن شرف النووي‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪،‬‬
‫طالع فأل وخري‪ ،‬نعمة خترج من البيت الذي تضربه التعاسة أو تصيبه اللعنة‪.‬‬ ‫ج‪ ،4‬ص ‪.51‬‬
‫سببها جمهول‪ ،‬لكنها تعزى يف آخر املطاف إىل هذه القوة اخلفية اليت يبدو أن‬ ‫‪ -15‬كلود لبفي سرتوس‪" ،‬األنثروبولوجيا البنيوية‪ ،‬ترمجة مصطفى صاحل‪( ،‬ب‬
‫حياة العامل متوقفة عليها‪ :‬القدسي‪ .‬غري أن تبعتها اجتاهه‪ ،‬مهما كانت مطلقة‪،‬‬ ‫ط)‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة واإلرشاد القومي‪ -‬دمشق‪ ،‬سنة‪ ،1977‬ص ‪.45‬‬
‫ال تسمح بأي حال من األحوال باخللط بينهما‪ .‬الواقع أن الربكة هي غري املقدس‬
‫وغري املدنس‪ .‬فمجال احملظور حياذيها دون أن يستوعبها‪ .‬وهي مثله‪ ،‬تؤثر مبا‬ ‫‪ -16‬أنظر البكري أبو عبد اهلل‪ ،‬املغرب يف ذكر بالد إفريقية واملغرب‪( ،‬ب ط)‪،‬‬
‫متلك من مزاياه الكربى‪ ،‬خصوصا بطريق اللمس أو اإلتصال‪ ،‬ومتارس فعاليتها‬ ‫اجلزائر ‪ ،1957‬ص ‪.74‬‬
‫على غرار طاقة تطال الكائنات واألشياء مجاعيا أو فرديا‪ ،‬وألمد مديد أو عابر‪.‬‬ ‫‪ -17‬احلسني بن حممد السعيد الورتالني‪ ،‬نزهة األنظار يف فضل علم التاريخ‬
‫لكنها بال ضرر‪ ،‬خالفا للحرام‪ ،‬وهو احملظور تعريفا‪ ،‬وكل ما ال يستطيع الكائن‬ ‫واألخبار( الرحلة الورتالنية)‪ ،‬مطبعة بيار فنتانا‪ ،‬اجلزائر‪ ،1908 ،‬ص ‪.104‬‬
‫الدنيوي‪ ،‬املدنس‪ ،‬اإلقرتاب منه بال عقاب‪ ،‬وأن اكتساب الربكة‪ ،‬املنشودة واملأمولة‬
‫دائما‪ ،‬ال يستلزم أيا من تلك الشعائر اإلنتقالية‪ ،‬الضرورية لكل إنسان يرغب يف‬ ‫‪ -18‬أنظر أيضا‪Cauvet, Les Marboutspetits monuments :‬‬

‫‪211‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬
‫‪Paris vie, 2000, pp 177-179.‬‬ ‫اخرتاق جمال القدسي‪.‬‬
‫‪ -49‬الشاذلي (عبد اللطيف)‪ ،‬التصوف واجملتمع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.189‬‬ ‫أما اإلسالم الذي تأثر باجملتمع اإلرواحي العربي‪ ،‬فهو موسوم أيضا بهذه السمة‪.‬‬
‫إال أن عقلنته للقدسي جنم عنها رد كل القوى اخلفية‪ ،‬داخل األرض أو خارجها‪،‬‬
‫‪ -50‬التوفيق (أمحد)‪ ،‬مساهمة يف دراسة اجملتمع املغربي يف القرن التاسع عشر‬
‫إىل اهلل‪ .‬فال يستطيع أي خملوق اإلدعاء ببعض اإلمتيازات‪ ،‬اللهم إال اإلمتيازات‬
‫(إينولتان ‪ ،)1912 – 1850‬البيضاء‪ ،‬منشورات كلية اآلداب بالرباط‪ ،1978 ،‬ج‬
‫اليت منحها اهلل خللقه‪ .‬لذا فإن الربكة ال تعود متحدرة من القدسي إىل اجملهول‪،‬‬
‫‪ ،2‬ص ‪.92‬‬
‫وتغدو من امتيازات اهلل‪ ،‬الواحد األحد‪ .‬وال شك أنها حتتفظ بسماتها الرئيسية وال‬
‫‪ -51‬أنظر بيان وزارة الشؤون الدينية واألوقاف الصادر بتاريخ‪2003/08/21 ،‬‬ ‫تتوقف عن كونها خرية وحسنة‪ .‬ولكنها تبدو من اآلن وصاعدا على عالقة وثيقة‬
‫عقب زيارة السيد الوزير لتيزي وزو لزاوية سيدي (بالو)‪ ،‬جملة رسالة املسجد‪،‬‬ ‫بالقداسة‪ ،‬فيما كان انتشارها يف الكائنات واألشياء ال خيضع مظهريا ألي قانون‪.‬‬
‫العدد الثاني‪ ،‬رجب ‪1424‬هـ‪2003/‬م‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪ -37‬يوسف شلحد‪ ،‬بنى املقدس عند العرب قبل اإلسالم وبعده‪ ،‬دار الطليعة‬
‫‪ -52‬جاء يف قاموس املعاني أن "موسم" مجع مواسم له عدة معان‪ :‬اسم مكان من‬ ‫للطباعة والنشر‪ ،‬بريوت – لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬سنة ‪ ،1996‬صص ‪.41-40‬‬
‫وسم‪ ،‬اسم زمان من وسم‪ ،‬حفل‪ ،‬جممع كثري من الناس‪ ،‬معرض‪ ،‬سوق مومسية‪،‬‬
‫‪ -38‬حممد املازوني‪ ،‬وظائف الزوايا املغربية (مدخل تارخيي)‪ ،‬مقال منشور على‬
‫وقت ظهور الشيء أو اجتماع الناس له‪ ،‬حلول الوقت املناسب أو املعتاد لزراعة معينة‬
‫موقع أنفاس من أجل الثقافة واالنسان ‪،‬تاريخ النشر‪ ،2011/10/01 :‬متت زيارة‬
‫أو جلين غلة‪ ،‬زمن معني ملمارسة دينية أو فنية‪.‬‬
‫املوقع بتاريخ‪ ،15/11/2019 :‬على الرابط التالي‪https://anfasse.org/ :‬‬
‫‪53- Germaine Tillion, Il était une fois l'ethnographie, op.cit, pp 177-179.‬‬ ‫‪branding/xmkbs6599/4551.html‬‬
‫‪ -54‬حممد حلول‪ ،‬الزوايا والطرق الصوفية بالبالد التونسية (منطقة دوز عينة)‪،‬‬ ‫‪ -39‬الشيخ يف املعاجم هو الذي استبانت فيه السن وظهر عليه الشيب‪ .‬أي من أدرك‬
‫جملة الثقافة الشعبية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬شتاء ‪ ،2009‬البحرين‪ ،‬ص ‪.65‬‬ ‫الشيخوخة‪ ،‬وهي غالبا عند اخلمسني‪ ،‬وهو فوق الكهل ودون اهلرم‪ .‬ومن الناحية‬
‫الرمزية يطلق اسم الشيخ على ذو املكانة من علم أو فضل أو رياسة‪ ،‬فشيخ البلد‬
‫‪ -55‬سورة يونس‪ ،‬اآلية ‪.62‬‬
‫من رجال اإلدارة يف القرية أو البلدية‪ ،‬وهو دون العمدة‪ .‬والشيخ عند املسلمني هو‬
‫‪ -56‬علي بن سلطان حممد القاري‪ ،‬مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح‪ ،‬اجلزء‬ ‫رجل الدين‪ ،‬فهو كل كبري املقام‪" ،‬شيخ العقل" عند الدروز‪ :‬هو رئيس مذهبهم‬
‫الرابع‪ ،‬باب زيارة القبور‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬سنة ‪ ،2002‬ص ‪.1256‬‬ ‫وزعيمهم الروحي ورئيس جملسهم املذهيب‪" .‬شيخ العلماء"‪ :‬كبريهم وتطلق على‬
‫‪ -57‬عبد اإلله لعزاوي‪ ،‬مونوغرافية املقس مبدينة مكناس (مقاربة لظاهرة‬ ‫العامل وكبري الطريقة‪ ،‬ومن يكون له مقام أو فضل أو علم بني اجلماعة‪ ،‬كأن‬
‫األولياء يف جتلياتها الثقافية واألدبية ودراسة آليات اشتغال الكتابة)‪ ،‬اجلزء األول‪،‬‬ ‫نقول "شيخ اإلسالم" وهو لقب يعطى ألعلم وأفقه أهل زمانه منهم ابن تيمية يف‬
‫دار ابي رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬الرباط‪ -‬املغرب‪ ،‬ص ‪.374‬‬ ‫عصره‪" .‬شيخ األزهر" وهو أعلى مسئول يف األزهر الشريف‪ .‬الشيخ الرئيس وهو‬
‫لقب ابن سينا‪ ،‬الشيخان‪ :‬أبو بكر وعمر من الصحابة‪ ،‬والبخاري ومسلم من علماء‬
‫‪ -58‬سجلنا يف منطقة الزيبان وبالتحديد بالزاب الشرقي قيام أحد األغنياء‬ ‫احلديث‪ .‬شيخ املرأة‪ :‬زوجها‪ ،‬شيخ النار‪ :‬إبليس امللعون‪.‬‬
‫ووجهاء والية بسكرة مببادرة‪ ،‬تتمثل يف ترميم مسجد زاوية سيدي الصادق‬
‫بلحاج املسماة بزاوية تيربماسني خالل عام ‪. 2013‬‬ ‫‪ -40‬مصطفى عبد الكريم اخلطيب‪ ،‬معجم املصطلحات واأللقاب التارخيية‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ -‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬سنة‪ ،1996‬ص ‪.278‬‬
‫‪ -59‬يشكل احتفال ‪ 26‬رمضان بسيدي خال املناسبة املهمة اليت جند فيها كل‬
‫املظاهر االحتفالية كالتنكييت والفروسية واملسرح واإلنشاد والسوق‪...‬‬ ‫‪ -41‬أنظر الرتمجة الوظيفية للشيخ عبد القادر عثماني‪.‬‬

‫‪ -60‬لسان العرب‪ ،‬اجلزء الثاني‪ ،‬ص ‪.681‬‬ ‫‪ -42‬إمام ومدرس سابق مبسجد سيدي عقبة‪ .‬الشيخ عبد اجمليد بن حبة السلمي‬
‫فقيه ومؤرخ وحمدث واديب وشاعر ولد سنة ‪ 1911‬م مبدينة سيدي عقبة‬
‫‪ -61‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪..682‬‬ ‫بوالية بسكرة وبها حفظ القرآن الكريم وتلقى العلم على اشهر علماء املنطقة‬
‫‪ -62‬سورة اجلمعة‪ ،‬اآليات‪.09-11 :‬‬ ‫بعد متكنه من العلوم الشرعية تصدر للفتوى والتدريس بسجد الصحابي عقبة‬
‫بن نافع حيث ختم فيه تفسري القرآن الكريم تدريسا ما بني سنة ‪1940‬ـــ‪1952‬م‬
‫‪ -63‬حممد أمري ناشر النعم‪ ،‬خطبة اجلمعة بني الواقع واملثال‪ ،‬جملة رسالة‬ ‫ويف ‪ 1952‬م انتقل اىل بلدة املغري واستقر هناك اىل ان وافته املنية يف ‪ 21‬سبتمرب‬
‫املسجد‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬رجب ‪ 1424‬هـ‪ /‬سبتمرب ‪2003‬م‪ ،‬ص ‪.39‬‬ ‫‪ 1994‬م ترك عدة خمطوطات اهمها ‪:‬عقبة بن نافع القائد املظفر‪ ،‬تذكرة اولي‬
‫‪ -64‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.40‬‬ ‫االلباب مبلخص بسكرة والزاب‪ ،‬قيد االوابد من حياة خالد‪ ،‬اهلمة يف ما ورد يف‬
‫العمة‪.‬‬
‫‪ -65‬احملمول‪ :‬هي طريقة من طرق القراءة اجلماعية للقرآن اليت كانت وال تزار‬
‫يف مساجد الزوايا واألضرحة اليت تقوم األسر الشريفة عليها تسهر على رعايتها‪.‬‬ ‫‪ -43‬ليليا بن سامل وآخرون‪ ،‬األنثروبولوجيا والتاريخ (حالة املغرب العربي)‪،‬‬
‫ترمجة عبد األحد السبيت وعبد اللطيف الفلق‪ ،‬دار طوبقال‪ ،‬الدار البيضاء‪-‬املغرب‪،‬‬
‫قائمة املراجع‬ ‫ص‪.36‬‬

‫املراجع باللغة العربية‬ ‫‪ -44‬ارتبطت املقاربة اإلنقسامية أساسا باألنثروبلوجية األجنلوسكسونية‬


‫اليت اهتمت بدراسة التشكيلية االجتماعية السياسية املغربية منذ احلرب‬
‫ابن منظور‪ .)2008( .‬لسان العرب (اجمللد ‪ .)03‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ :‬دار املعارف‪.‬‬ ‫العاملية الثانية‪ ،‬ويصح القول بأن النظرية اإلنقسامية قد مارست تأثريا مغريا‬
‫إرنيست غيلنر‪ .)2000( .‬املغرب مرآة اإلنسان‪ .‬جملة االجتهاد(‪ ،)48-47‬صفحة‬ ‫على الباحثني واعتربت اجملتمع القبلي املغربي منوذجا حيا لتطبيقها‪ ،‬ويبدو أن‬
‫‪.190‬‬ ‫"دوركايم" هو أول من استعمل مفهوم النظرية االنقسامية لدراسة اجملتمعات‬
‫وتطورها‪ ،‬ثم عرف املفهوم يف السنوات األخرية تداوال واسعا على يد الباحثني‬
‫اعمرياوي أمحيدة‪ .)2007( .‬من امللتقيات التارخيية اجلزائرية (اإلصدار ‪.)02‬‬ ‫األنكلوسكسونيني كما جتلى ذلك يف أعمال" إرنستكيلنر"‪ " ،‬دافيد هارت" و‬
‫عني مليلة‪ ،‬اجلزائر‪ :‬دار اهلدى للطباعة والنشر‪.‬‬ ‫"واتريوري"‪.‬‬
‫البكري أبو عبد اهلل‪ .)1957( .‬املغرب يف ذكر بالد إفريقية واملغرب‪ .‬اجلزائر‪،‬‬ ‫‪ -45‬حممد املازوني‪ ،‬وظائف الزوايا املغربية (مدخل تارخيي)‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫اجلزائر‪.‬‬
‫‪46- M. Faublée-Urbain : Magasins collectifs de l'Oued el Abiod (Aurès). In:‬‬
‫التوفيق أمحد‪ ،) .)1978( .‬مساهمة يف دراسة اجملتمع املغربي يف القرن التاسع‬ ‫‪Journal de la Société des Africanistes. 1951,tome 21 fascicule 2. pp. 139-‬‬
‫عشر (إينولتان ‪( )1912 – 1850‬اجمللد ‪ .)02‬منشورات كلية األداب بالرباط‪،‬‬ ‫‪150.‬‬
‫املغرب‪ :‬البيضاء‪.‬‬ ‫‪ -47‬أرنيست غيلنر‪ ،‬املغرب مرآة لإلنسان‪ ،‬ترمجة أبو بكر باقادر‪ ،‬جملة اإلجتهاد‪،‬‬
‫احلسن بن حممد السعيد الورتالني‪ .)1908( .‬نزهة األنظار يف فضل علم التاريخ‬ ‫العدد ‪ ،48-47‬دار اإلجتهاد – بريوت – لبنان‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬ص ‪.190‬‬
‫واألخبار (الرحلة الورتالنية)‪ .‬اجلزائر‪ ،‬اجلزائر‪ :‬مطبعة بيار فانتانا‪.‬‬ ‫‪48- Germaine Tillion, Il était une fois l'ethnographie, éditions du seuil,‬‬

‫‪212‬‬
‫س ‪.‬درنوني | األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ |2021 ،01‬القسم (ج) اآلداب و الفلسفة‪ ،‬ص‪،‬ص‪213 - 199 :‬‬
‫يوسف شلحد‪ .)1996( .‬بنى املقدس عند العرب قبل االسالم وبعده (اإلصدار ‪.)01‬‬ ‫الشاذلي عبد اللطيف‪ .)1989( .‬التصوف واجملتمع متاذج من القرن العشرين‪.‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪ :‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪.‬‬ ‫سال‪ ،‬املغرب‪ :‬مطابع سال‪.‬‬
‫املراجع باللغة األجنبية‬ ‫العقيب صالح مؤيد‪ .)2002( .‬الطرق الصوفية والزوايا باجلزائر‪ .‬بريوت‪ ،‬لبنان‪:‬‬
‫‪Bon, G. L. (2010). La civilisation des Arabes. (A. Bustane, Éd.) p. 196.‬‬
‫دار الرباق‪.‬‬

‫‪Cauvet. (1923). Les Marabouts petits monuments funéraires. Revue‬‬ ‫إيدوارد دونفو‪ .)2003( .‬اإلخوان‪ :‬دراسة إثنولوجية حول اجلماعات الدينية عند‬
‫‪Africaine, 67, p. 455.‬‬ ‫مسلمي اجلزائر‪ .‬عني مليلة‪ ،‬اجلزائر‪ :‬دار اهلدى‪.‬‬
‫‪COPPOLANIE, O. D. (1897). Les confréries religieuses musulmans. Aler.‬‬ ‫حسني مؤنس‪ .)1978( .‬املساجد (اجمللد ‪ .)37‬الكويت‪ ،‬الكويت‪ :‬سلسلة عامل املعرفة‪.‬‬
‫‪Faublée-Urbain, M. (1951). Magasins collectifs de l'Oued el Abiod (Aurès).‬‬ ‫زكي حممد حسن‪ .)1981( .‬فنون االسالم‪ .‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ :‬دار الرائد العربي‪.‬‬
‫‪Journal des Africanistes, 139-150.‬‬
‫صالح مؤيد‪ .)2002( .‬الطرق الصوفية والزوايا يف اجلزائر‪-‬تارخيها ونشاطها‪.‬‬
‫‪G. Marçais. (1939-1941). Le Tonbou de Sidi Oqba. Annales de l'institu‬‬ ‫بريوت‪ ،‬لبنان‪ :‬دار الرباق‪.‬‬
‫‪.‬صفحة ‪d'études orientales، 07، 10‬‬
‫عبد االله لعزاوي‪ .)2010( .‬عبد اإلله لعزاوي‪ ،‬مونوغرافية املقس مبدينة مكناس‬
‫‪Tillion, G. (2000). Il était une fois l'ethnographie. Paris, France: éditions‬‬ ‫(مقاربة لظاهرة األولياء يف جتلياتها الثقافية واألدبية ودراسة آليات اشتغال‬
‫‪du seul.‬‬ ‫الكتابة) (اإلصدار ‪ ،01‬اجمللد ‪ .)01‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ :‬دار ابي رقراق للطباعة والنشر‪.‬‬
‫عبد الباقي مفتاح‪ .)2008( .‬أضواء على الشيخ عبد القادر اجليالني وانتشار‬
‫طريقنه‪ .‬عني مليلة‪ ،‬اجلزائر‪ :‬دار اهلدى‪.‬‬
‫علي بن سلطان حممد القادري‪ .)2002( .‬مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح‬
‫كيفية اإلستشهاد بهذا املقال حسب أسلوب ‪APA‬‬ ‫(اإلصدار ‪ ،01‬اجمللد ‪ .)04‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ :‬دار الفكر‪.‬‬

‫علي رضا احلسيين‪ .)2002( .‬زاوية علي بن عمر‪-‬طولقة‪ .‬تونس‪ ،‬تونس‪ :‬الدار املؤلف سليم درنوني (‪ ،)2021‬التحوالت الوظيفية ملساجد الزوايا‬
‫احلسينية‪.‬‬
‫واألضرحة بني األمس واليوم دراسة أنثروبولوجية بالزيبان‬
‫فهرس خمطوطات املكتبة القامسية‪ .)2006( .‬زاوية اهلامل ببوسعادة حاضرة وجنوب األوراس‪ ،‬جملة األكادميية للدراسات االجتماعية‬
‫املسيلة‪ .‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ :‬دار الغرب االسالمي‪.‬‬
‫واإلنسانية‪ ،‬اجمللد‪ ،13‬العدد ‪ ،01‬جامعة حسيبة بن بوعلي‬
‫فياللي املختار الطاهر‪ .)1976( .‬نشأة املرابطني والطرق الصوفية وأثرهما يف‬
‫بالشلف‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص‪،‬ص‪213-199:‬‬ ‫اجلزائر خالل العهد العثماني (اإلصدار ‪ .)01‬باتنة‪ ،‬اجلزائر‪ :‬دار الفن للطباعة‪.‬‬
‫كلود ليفي سرتوس‪ .)1977( .‬األنثروبولوجيا البنيوية‪ .‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ :‬منشورات‬
‫وزارة الثقافة واإلرشاد القومي‪.‬‬
‫حلول حممد‪ .)2009( .‬الزوايا والطرق الصوفية بالبالد التونيسية (منطقو دوز‬
‫عينة)‪ .‬جملة الثقافة الشعبية(‪ ،)04‬صفحة ‪.65‬‬
‫ليليا بن سامل وآخرون‪ .)1988( .‬األنثروبولوجيا والتاريخ (حالة املغرب العربي)‬
‫(اإلصدار ‪( .)01‬عبد األحد السبيت وعبد اللطيف الفلق‪ ،‬املرتمجون) الدار البيضاء‬
‫‪ ،‬املغرب‪ :‬دار طوبقال‪.‬‬
‫حممد املازوني‪ 01( .‬أكتوبر‪ .)2011 ,‬وظائف الزوايا املغربية (مدخل تارخيي)‪.‬‬
‫تاريخ االسرتداد ‪ 2019‬نوفمرب‪ ،15 ,‬من موقع أنفاس من أجل الثقافة واالنسان‪:‬‬
‫‪https://anfasse.org/branding/xmkbs6599/4551.html‬‬
‫حممد أمري ناشر النعم‪( .‬سبتمرب‪ .)2003 ,‬خطبة اجلمعة بني الواقع واملثال‪.‬‬
‫جملة رسالة املسجد(‪ ،)02‬صفحة ‪.39‬‬
‫حممد بن مرزوق التلمساني‪ .)1981( .‬املسند الصحيح يف مآثر وحماسن موالنا‬
‫أبي احلسن‪ .‬اجلزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫حممد ضريف‪ .)1992( .‬مؤسسة الزوايا (اإلصدار ‪ .)01‬فاس‪ ،‬املغرب‪ :‬مكتبة‬
‫طريق العلم‪.‬‬
‫حمي الدين أبي زكريا حيي بن شرف النووي‪ .)1981( .‬صحيح مسلم بشرح‬
‫النووي (اجمللد ‪ .)05‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬مكتبة اإلميان‪.‬‬
‫مصطفى عبد الكريم اخلطيب‪ .)1996( .‬معجم املصطلحات واأللقاب التارخيية‬
‫(اإلصدار ‪ .)01‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ :‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫ناصر الدين سعيدوني‪ .)1980( .‬دراسات وأحباث يف تاريخ اجلزائر يف العهد‬
‫العثماني‪ .‬اجلزائر‪ :‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪.‬‬
‫وزارة الشؤون الدينية ‪ -‬اجلزائر‪ .)2003 ,1( .‬بيان وزارة الشؤون الدينية واألوقاف‪.‬‬
‫جملة رسالة املسجد‪ ،‬صفحة ‪.95‬‬
‫وزارة الشؤون الدينية ‪-‬اجلزائر‪ 21( .‬أوت‪ .)2003 ,‬زاوية سيدي (بالو)‪ .‬جملة‬
‫رسالة املسجد(‪ ،)02‬صفحة ‪.95‬‬

‫‪213‬‬

You might also like